ان الحمد لله معبود المؤمنين. احمده سبحانه فالحمد لله رب العالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. شهادة اقر بها بالتوحيد. وابطل بها كل شرك وتنديد. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. المخصوص بانواع الشمائل الفضائل والمزيد. صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه الهدى الاجاويد. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله فانكم اليه راجعون. وانكم ومسؤولون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. فاتقوا الله عباد الله فان تقوى الله سفينة نجاتكم ومرسى ارباحكم وفلاحكم فان المتقين هم المفلحون في الدنيا والاخرة. ايها المؤمنون ان كمال احوال الخلق افراد وجماعات بقوة تنمي وحصون تحمي. فبتقوية القوى وتمكينها يحصل الكمال والزيادة. وبرعاية الحصون. تحصل الوقاية حماية وقد امرنا الله عز وجل بهذا وهدى. فاننا مأمورون بان ننمي قوانا كما قال الله تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة. ويندرج في ذلك جميع على اختلاف انواعها وتفرق احوالها وميادينها. ومأمورون بان نتخذ الحذر والحماية والوقاية. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا خذوا حذركم. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا الناس والحجارة فلا تستقيم احوالنا ولا تنعم نفوسنا في الدنيا والاخرة الا ملاحظة هذين الامرين بان نعتني جميعا افراد وجماعات بالقوى التي تستقيم بها فننميها ونزيدها ونعتني ايضا بالحصون التي تقينا. فنتعاهد ونقويها وعامة شغل الناس تتبع انواع القوى وطلب زيادتها مع التفريط في اتخاذ الحصون التي تحفظ بها منافع العبد في العاجل والاجل. واعظم الحصون ما حصلت به حماية اديان الناس واموالهم واعراضهم. وقد ملئت الشريعة الغراء بانواع من الحصون التي تحصل بها وقاية المهمات. فمن جملة ذلك حماية الاسلام بالتسليم للشرع. فان اسلامنا لا يحفظ الا بتسليمنا لله ورسوله الله عليه وسلم فلا يبقى اسلام احدنا مستقيما حتى يتربع في قلبه التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت. ويسلموا تسليما. وقال تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. فلا تثبت قدم الاسلام الا على ظهر التسليم والاستسلام واذا تسلل الى قلب احد من المسلمين منازعة الشريعة بانواع الاراء والاهواء فان ذلك يضعف دينه وربما سلب العبد دينه لمنازعته امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم فحصنوا اسلامكم بالتسليم لربكم سبحانه وتعالى. ومن جملة تلك الحصون نوافل الاعمال الصالحات. فتلك النوافل حصون واقية في بقاء قيام الفرائض فان احدنا لا يدوم له فعل الفرائض على الوجه الاتم حتى يحيطها بانواع نوافل ففي الحديث الالهي ان الله سبحانه وتعالى قال وما تقرب الي عبدي بشيء احب احب الي مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه. فالفرائض على اختلاف انواعها لا تبقى قوية في نفس احدنا. حتى يحميها باتيان النوافل. فهؤلاء الصلوات الخمس لا تبقى في قلب احدنا معظمة متمكنة حريصا على الاتيان بها على اكمل وجه يتعاهد نوافلها فالسنن الرواتب هي من جملة النوافل التي تحفظ بها الصلوات الخمس وقل مثل ذلك في انواع كثيرة من الفرائض حفتها الشريعة بانواع من النوافل ليكون النوافل حصنا تحمى به الفرائض. واذا فرط العبد في المحافظة على النوافل. فان ذلك الضعف خور يتسلل الى قلبه حتى يقع في التفريط في الفرائض. فاحموا رحمكم الله فرائض الاعمال بنوافلها المستحبة ومن جملة تلك الحصون حصن الالفة الذي تحمى به جماعة فان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم امرا بلزوم الجماعة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم مصرحا عليكم بالجماعة. وبه امتن الله عز وجل علينا. اذ قال واذكروا نعمة تالله عليكم اذ كنتم اعداء. فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا فمما تحفظ به جماعة المسلمين حصول الالفة بينهم. ومن جملة تلك الحصون حصن الاخوة بين المؤمنين فان الله جعله لنا حصنا. فقال انما المؤمنون اخوة. ولا يحفظ هذا الحصن الا بالمحبة. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتى تحابوا فاخوة المؤمنين لا تبقى الا بدخولهم في حصن المحبة بينهم واذا شاعت بينهم البغضاء واستحكمت بينهم العداوة انفصمت عرى المحبة فحصلت بينهم شرور عظيمة يستطال بها على الاديان والاموال والاعراض. وهو ظاهر لمن قلب ناظريه. في احوال المسلمين فاعرفوا رحمكم الله قدر ما رتبته الشريعة من الحصون. وتعاهدوها تحفظوا بها المهمات وتدخلوا بها الجنات. اقول ما تسمعون واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور غفور رحيم الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد. كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد ايها المؤمنون ان كثيرا من الناس اذا سمعوا اسم الحصون تبادرت الى اذهانهم الجدران وخفي على كثير منهم حصون الايمان. فتعاهدوا رحمكم الله حصون الايمان ممن انتظم في الشريعة مما تحفظ به مهمتها. ولا يتم لاحدنا الحصن الاعظم الا شعائر الاسلام كلها والحرص عليها. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان. فما بني حصن بمثل التزام شرائع الاسلام. وان يستكمل العبد ما امر به وما نهي عنه ثم يتوقى بعد ذلك اتباع خطوات الشيطان. فبذلك تحصل له الحماية التامة والوقاية العامة فيعيش محفوظ الدين ويموت محفوظ الدين ويبعث في عباد الله المؤمنين. اللهم نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف الغنى اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين. اللهم فرج كرب المكروبين ونفس هموم المهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين. اللهم وفق ولي امرنا وايده بتأييدك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة وجنبه بطانة السوء