الحمدلله الذي اكمل لنا الدين واتم علينا النعمة ورضي لنا الاسلام واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة اليقين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله خاتم المرسلين. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله وابتغوا رضاه واتبعوا رسولكم صلى الله عليه وسلم. وتمسكوا بهداه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم. ايها ان يومنا هذا هو يوم عرفة. وقد وافق من سنتنا يوم الجمعة فوافقا في تاريخهما ويومهما موقف محمد صلى الله عليه وسلم. في العاشرة في حجة الوداع فقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وكان يوم جمعة من السنة العاشرة للهجرة وفي ذلك الموقف العظيم انزل على النبي صلى الله عليه وسلم اية واي اية وهي قول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. لقد ذكر الله عز وجل فيها ثلاثة من افعاله. هي اكماله واتمامه النعمة ورضاه الاسلام لنا دينا. وامتن الله سبحانه وتعالى بها علينا فانه قال اليوم اكملت لكم دينكم. ثم قال واتممت عليكم نعمتي. ثم ثم قال ورضيت لكم الاسلام دينا. فهذه الافعال الثلاثة معلقة بهذه الامة ان بل وامتنانا وتفضلا واكراما. فاكمل الله عز وجل لنا ديننا. فلا نقص فيه وكل شيء يفتقر اليه الناس في احوالهم فبيانه في دين الاسلام فان دين الاسلام كامل الله عز وجل علينا النعم الباطنة والظاهرة بما يجده المؤمنون من الحياة الطيبة التي لا زعزعوها غنا ولا فقر ولا صحة ولا مرض. فحقيقتها سكينة القلب وركونه الى الله سبحانه وتعالى وايمانه بوعده ووعيده. فاذا عمر القلب بذلك كان في نعيم طيب دائم لا يتغير بالاحوال الظاهرة التي يجدها الناس من غنى او فقر او صحة او مرض حقيقة النعمة التامة ان يجد العبد في قلبه سكينة وطمأنينة لا تتغير بتغير هذه الاحوال ورضي الله عز وجل لنا الاسلام دينا. فان الاديان كلها مسخوط عليها سوى دين الاسلام قد رضيه الله لنا دينا كما قال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في من الخاسرين فكل الاديان سوى دين الاسلام هي ديان مسخوط على اهلها مبغوضة من ربنا سبحانه وتعالى فاذا عقل العبد ان يومنا هذا يوم الجمعة وهو يوم عرفة كان فيه هذه الاية على النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم من السنة العاشرة للهجرة علم قدر هذه الاية العظيمة وان الله عز وجل اختصها بذلك المقام العظيم لما فيها من المعاني الجليلة اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. اقول ما تسمعون واستغفروا الله العظيمة لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم. الحمدلله حمدا حمدا والشكر له متواليا وتترا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له معبودا صدقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله حقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد ايها المؤمنون ان جلالة هذه الاية ادركها من ادركها من اليهود فقال يهودي يوما لامير المؤمنين عمر رضي الله عنه يا امير المؤمنين ان في بالله اية تقرأونها لو علينا انزلت معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال عمر اية اية؟ فقال اليهودي اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. فقال عمر رضي الله عنه اني لاعلم اليوم الذي انزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي انزلت فيها عشية عرفة يوم جمعة. فعرف هذا اليهودي جلالة هذه الاية وانه يبلغ من عظمتها والقيام بحقها ان لو اتخذ اليوم الذي انزلت فيه عيدا فمن عرف ذلك وجب عليه ان ينظر الى ما في هذه الاية من العظمة والجلالة لان الله عز وجل علينا انعاما وتفضلا منه بما ذكر فيها اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. فاذا كان ذلك منه سبحانه وتعالى فان المتعلق بهمنا واجبة علينا هو العلم بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من ربه. والعمل بذلك. فتعلموا دين الاسلام واعملوا به واعرفوا قدر ما اكمل الله لكم به الدين. واتم عليكم من النعمة ورضي لكم الاسلام دينا واعلموا رحمكم الله ان هذه الاية التي انزلت في اخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم جعلت ختاما فلم ينزل بعدها شيء من الحلال والحرام. ومات النبي صلى الله عليه وسلم بعدها وثمانين يوما لتكون اية مكرمة معظمة يرددها المسلمون للاقرار بانعام الله وفضله ويستذكر بها المسلمون عظيم نعمة الله عليهم اذ اكمل لهم دينهم واتم عليهم نعمته ورضي لهم الاسلام دينا فاعرفوا قدر هذه النعم الجليلة والالاء العظيمة التي امتن الله سبحانه وتعالى بها عليكم وتمسكوا بدينكم وارضوا بما رضي الله لكم به فان الذي رضي الله عز وجل لكم من دينه قد اكمله سبحانه فلم يتركه ناقصا ولا يفتقر الى تكميل احد من الخلق. وبه تمت علينا النعم ظاهرة والباطنة فاي فضل اعظم من ذلك؟ واي نعيم اجل من ذلك؟ اللهم احينا على الاسلام والسنة وتوفنا على الاسلام والسنة. اللهم احفظنا بالاسلام قائمين، واحفظنا بالاسلام قاعدين، واحفظنا بالاسلام نائمين اللهم احينا على خير حال وامتنا على خير حال واقلبنا جميعا الى خير المآل. اللهم احينا حياة سعيدة وتوفنا وفاة حميدة. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم فرج كرب المكروبين ونفس هموم المهمومين. واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين. اللهم وفق ولي امرنا بتوفيقك وايده بتأييدك. وارزقه البطانة الصالحة وجنبه بطانة السوء