الحمد لله الذي جعل عاشوراء يوما من ايامه الحميدة. وخلد فيه ايات ونعم الرشيدة اعز الله فيه موسى وشرف واهلك فيه فرعون وتلف واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له فهو المعبود حقا حقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا صدقا. صلى الله وسلم عليه وعلى من والاه واتبع سنته واهتدى بهداه. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله قولوا مع الصادقين. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن الا وانتم مسلمون. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ايها المؤمنون انقضى يوم عاشوراء قريبا. ومر علينا سريعا وقد خلد هذا اليوم في امتنا والامم قبلنا. لما فيه من ايات جليلة وعبر حكيمة نبيلة من استشرفها واطلع عليها قوي ايمانه وزاد ايقانه وعظم اقباله على الله عز وجل. فانه متعلق بموسى عليه الصلاة والسلام وعدو الله فرعون. وهذان الرجلان تكرر ذكرهما في القرآن كثيرا ولعله لم تأتي قصة من قصص الانبياء في القرآن مذكورة مكرورة مرة بعد مرة كما جاءت قصص نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام. وان من جملة من درج فيها من حكمة ما كان عليه موسى عليه الصلاة والسلام من كمال الاقبال على الله. والتعلق ودوام دعائه واللهج بربوبيته سبحانه وتعالى. فكان ما كان لما كان عليه موسى من الايمان والايقان. فكان لموسى عليه الصلاة والسلام دعوات خالدة تشتمل على امور عظيمة. فمن جملة ذلك دعاءه ربه. اذ قال ربي اني ظلمت نفسي فاغفر لي. اذ اقر عليه الصلاة والسلام بذنبه. وفزع الى ربه وسأله مغفرته وهذه حال التائبين صدقا. فانهم يقرون بذنوبهم ويعترفون لله بخطيئتهم ثم يسألون الله سبحانه وتعالى مغفرته. فان العبد اذا اقر بربه اذا به واظهره خاضعا له ملتمسا مغفرته غفر الله سبحانه وتعالى له ومن دعاء موسى عليه الصلاة والسلام قوله ربي اني لما انزلت الي من خير فقير فان هذا الدعاء على وجازته يكتنفه معنيان عظيمان احدهما اقرار العبد بانما له من نعمة هي من الله سبحانه وتعالى. فالخير كل الخير الذي يتفيأه احدنا هو فضل الله عز وجل والاخر الاقرار بافتقار العبد الى الله. فان فقر احدنا الى اه هو غناه كما ان استغناء احدنا عن الله هو فقره. وقد قال الله عز وجل يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله. والله هو الغني الحميد. فاذا اظهر العبد فقره لربه ان النعمة التي هو فيها هي محض فضله زاده الله عز وجل نعمة وفضلا. ومن دعاء موسى عليه الصلاة والسلام قوله رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من اهلي. وهؤلاء الكلمات الاربع فيهن من الخير الشيء الكثير. اذ دعا موسى عليه الصلاة والسلام ربه ان يشرح له صدره. لان انشراح الصدر تحصل به سعادة الدنيا والاخرة. فتطيب به الحياة في الدنيا. ويقوى العبد على الاعمال الصالحة التي يجد خيرها وبرها في الاخرة. ولا يتم للعبد استكمال حاله الا الله الامور له فهو محتاج الى سؤال الله ان ييسر له امره. اذ مهما بلغ من قدرة وقوة فانه لا تدبير له. الا بتيسير الله سبحانه وتعالى له. وسأل ربه عز وجل ان يرزقه بيانا ومنطقا فصيحا. ليفهم عنه المدعون ما يريد. وهكذا كل احد يريد وان يعي الناس عنه ويفهموا ما يريد ان يخاطبهم به فهو محتاج الى دعاء الله عز وجل ان يلهمهم القول السديد بالمنطق الفصيح. وهو ايضا محتاج في اموره. ولا سيما في دعوة الناس الى الحق الى معين له عليه واعظم ذلك ان يكون المعين من اهله. فدعا موسى عليه الصلاة والسلام بقوله واجعل لي وزيرا من اهلي ومن دعاء موسى عليه الصلاة والسلام قوله ربي نجني من القوم الظالمين فان للانسان اعداء اي اعداء. ومن اعظم اعداءه القوم الظالمون فاذا دعا بهذا الدعاء فزع الى ربه عز وجل سائله النجاة منهم. فانه لا منجي لاحد منا من كيد يكاد به ولا بلاء ينزل به الا بالفزع الى الله عز وجل وسؤاله ان ينجيه ولهذا قال موسى عليه الصلاة والسلام رب نجني من القوم الظالمين. ومن دعاء موسى عليه الصلاة والسلام قوله ربي بما انعمت علي فلن اكون ظهيرا للمجرمين. اي لن اكون معينا لاحد من اهل الباطل على معصيته. فان العبد مفتقر الى سؤال الله سبحانه وتعالى ذلك قياما بحق النعم التي انعم الله عليه بها. فاذا انعم الله عز وجل على احدنا بنعم كثيرة ولئن جسيمة فان من شكرها ان يكون معينا لاهل الحق على الحق. وان يستعيذ بربه من ان معينا للمبطلين فذلك من دعاء موسى عليه الصلاة والسلام النبي الذي خلد الله ذكره بيوم عاشوراء يوما نصر الله عز وجل فيه الحق واولياءه. وخذل فيه الباطل واولياءه اقول ما تسمعون واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله رب العالمين رب السماوات ورب الارض رب العرش العظيم. واشهد ان لا اله الا الله هو الحق المبين واشهد ان محمدا عبده ورسوله ورحمته المهداة للعالمين. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد ايها المؤمنون لقد كانت دعوات موسى عليه الصلاة والسلام قاتا بلغته المنازل العالية. والمقامات الشريفة عند ربه سبحانه وتعالى. وكل تلك الدعوات تدور على امرين احدهما توجهه الى الله وتعلقه به. والاخر توسله الى الله عز وجل بربوبيته. بقوله في كل دعاء ربه. واعلموا رحمكم الله ان الله كما وفى لموسى عليه الصلاة والسلام ما سأله واجاب دعاه فان احدنا ليس وبين ربه احد. وقد قال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم. فينبغي ان يلهمنا يوم عاشوراء تقوية صلتنا بالله سبحانه وتعالى بدعائه متوسلين اليه بربوبيته فان الله امرنا بالدعاء ووعدنا بالاجابة فادعوا ربكم ظهورا وخفيا واجتهدوا في دعائه سرا واعلانا. واعلموا ان قوام احوالكم واستقامة اموركم في دنياكم واخراكم بان يكون الله لكم مدعوا. ولا يتم ذلك الا بالبراءة من كل مدعو سواه ان دعاء غير الله عز وجل شرك اكبر. فالداعون الله سبحانه وتعالى هم الموحدون. والداعون غيره هم المشركون فتنعموا بتوحيد الله بدعائه وحده. واحذروا الشرك واهله. ولا تدعو غير ربكم سبحانه وتعالى. قال الله تعالى وان المساجد لله فلا تدعوا الله احدا فالله الله في دعاء الله فانه تمام احوالكم واستقامة اموركم وتحقيق مطالبكم فانه لا رب لكم سواه ولا قادر على ما تريدون عداه. اللهم نفوسنا تقواها وزكيها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والعفاف والغنى. اللهم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا. وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين. اللهم انا نسألك البركة في اعمالنا. ونسألك البركة في اعمارنا. ونسألك بركة في اقواتنا ونسألك البركة في قواتنا ونسألك البركة في نياتنا ونسألك البركة في ذرياتنا اللهم فرج كرب المكروبين ونفس هموم المهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين