ان الحمد لله نحمده احق الحمد واوفاه. ونستعين به ونبتغي رضاه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة تقينا من كل شرك وبدعة وهوى اشهد ان محمدا عبده ورسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى اله وصحبه اجمعين ومن تبعهم بالاحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها المؤمنون اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. وتمسكوا بالدين الحق المتين. والزموا جماعة المسلمين يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله. ان الله خبير بما تعملون يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ايها المؤمنون ان مدار صلاح العبد وفساده. بحسب اعتقاده. فمن صلح اعتقاده صلح حاله ومن فسد اعتقاده فسدت حاله. فمن صلحت اعتقاداته صلحت ايراداته اعماله على اختلاف انواعها. والى ذلك اشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله المؤمن خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف. فان اعظم قوته هي قوته بالايمان هو اصل الاعتقاد واسه ومداره. فاذا قوي اعتقاده وعظم تعلقه بالله سبحانه وتعالى كان مؤمنا قويا. واذا ضعف اعتقاده كان مؤمنا ضعيفا. والاعمال تابعة للارادات والارادات تابعة للاعتقادات. فينبغي ان يجتهد العبد في تقويته ايمانه وتصحيح امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى فاعبد الله مخلصا له الدين. وقوله سبحانه على فاعلم انه لا اله الا الله فانه لا يستقر العلم بها ولا يكون العبد مخلصا دينه عز وجل حتى يجتهد في تصحيح اعتقاده. ويرجع تصحيح اعتقاد احدنا الى اصلين عظيمين. احدهم امداد قلبه باسباب قوته من التعلق بالله عز وجل محبة ورجاء وخوفا وتوكلا وانابة واستغاثة واستعاذة واستعانة الى سائر ذلك من التوجهات القلبية. وثانيها الاعتقادات الفاسدة التي تعتلي القلوب. فتضعفها وتصدها عن اخلاص دينها لله. وعلمها ربها سبحانه وتعالى. فينبغي ان يكون المرء مجتهدا في تصحيح اعتقاده بتقويته بما يقويه من توكل على الله وانابة اليه واستعانة به وخضوع له وان يتعاهد نفسه بنفي الاعتقادات لان لا يسقي شيء منها الى قلبه فيفسد اليه اعتقاده. وما يرجع الى الاصل الاول هو منثور في الكتاب والسنة مبين صالح لكل زمان ومكان مستقر فيها لا يتغير. واما ثانيها فانه مجدد متعدد متغير فيستجد للناس مما يفسد عقائدهم في زمان ما لم يكن في زمان متقدم وربما خبى شره في زمان ثم رجع الى الناس في زمان اخر. ومن جملة ذلك ما شاع عند بعض الناس من التشاؤم في شهر صفر فان من الناس من يراه شهرا لنزول المصائب وحلول المكاره فيتشاءم منه تخاف حلول المكروه فيه ويبلغ الامر اوجه عندما يحتفل بعض الناس بخروج شهر سفر ويزعم ان هو فرج من الله عز وجل اذ خرج هذا الشهر ولم تقع به مصيبة. ويذكرون حديثا مكذوبا ينسبون الى النبي صلى الله عليه وسلم من بشرني بخروج سفر فله الجنة. وهو حديث مكذوب لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم وشهر سفر كسائر الشهور انما جعله الله ظرفا للاحوال والاعمال. قال الله تعالى اعدت الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض. فالشهور هي اثنا عشر شهرا ومن جملتها شهر صفر. وقد جعلها الله عز وجل ظرف زمان بما يكون فيها من الاحوال والافعال فهي لا تتجاوز هذا الحد ولا تشتمل على يمن ولا تشاؤم. ولا ينبغي ان يعلق المرء فيها بحلول مرغوب او فرار من مكروه مكروب. فان الايام هي الايام. وانما تجعل ظرفا لما يدخر فيها من حال او فعال لا يتجاوز العبد اعتقاده فيها هذا المعنى. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الاعتقاد الجاهلي في شهر صفر وقال صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا سفر والمراد بالنفي نفي ما كان يعتقد فيه من الاعتقادات الفاسدة ان شهر صفر شهر شؤم وانه محل لنزول المصائب وحلول المكروه بالخلائق ان ينفي العبد عن نفسه هذا الاعتقاد الذي ينفخ فيه بعض الجهال بتوهمهم وجود هذه المعاني بما يعرض لاحد من مصيبة قدرها الله سبحانه وتعالى في سفر. فان الذي قدرها في هذا الشهر يقدر غيرها لغيره في شهر اخر والمصائب والمكاره التي تحل بالناس مقسومة بين هذه الشهور الاثني عشر وليس لاحد منها خصيصة دون الاخر في كون المصائب والمكاره تحل فيه فاجعلوا شهر صفر كسائر الشهور لا يتعلق به شؤم ما لا يتعلق به يمن اقول ما تسمعون واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله حمدا حمدا والشكر له تواليا وتترا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له فلا معبود حق سواه واشهد ان محمدا عبده ورسوله ومصطفاه. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد ايها المؤمنون ان شهر صفر شهر كسائر الشهور ليس محلا لليمن ولا محلا للتشاؤم. وان نفي الاعتقادات الفاسدة التي تعتري بعض القلوب فيه هو من جملة تصحيح الاعتقاد الذي يتحقق به قول الله سبحانه وتعالى فاعبد الله مخلصا له الدين وقوله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله ومن حي كذلك فانه يموت كذلك. فمن صح اعتقاده في حياته صح اعتقاده في مماته. فمن اوقن انه لا اله الا الله عالما بذلك مات على ذلك. ومن مات على ذلك دخل الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من مات وهو يعلم ان لا اله الا الله دخل الجنة ولا يموت عالما انه لا اله الا الله الا من حي وهو يعلم انه لا اله الا الله. ومدار نفي الاعتقادات الفاسدة كمال التوكل على الله وتفويض الامر اليه. كما قال الله عز وجل الله لا اله الا هو وعلى الله فليتوكل بل المؤمنون فان الله لما ذكر وحدانيته بقوله لا اله الا هو بين اعظم ما تتحقق به هذه الوحدانية هو تفويض الامر الى الله سبحانه وتعالى واظهار العبد ضعفه له واعتماده عليه. كما قال الله عز وجل وعلى الله فليتوكل المؤمنون فتوكلوا على ربكم في حصول مطالبكم ولا تتخوفوا شيئا مما نفاه الله سبحانه وتعالى عنكم ولم يجاوز الله به حده كشهر صفر الذي هو شهر زماني جعله الله محلا للافعال والاحوال واجتهدوا في تصحيح اعتقاداتكم وحفظ ايمانكم فبذلك تسعدوا وتطيب حياتكم في دنياكم واخراكم. اللهم ات نفوسنا وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ثم حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين. اللهم احينا اعلى لا اله الا الله وامتنا على لا اله الا الله واحشرنا جميعا في حزب لا اله الا الله. اللهم احينا حياة سعيدة وتوفنا وفاة حميدة. اللهم احينا على خير حال وامتنا على خير حال. وقلنا جميعا الى خير المآل. اللهم اللهم فرج كرب المكروبين ونفس هموم المهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضنا ومرضانا ومرضى المسلمين