السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين يسرا بلا حرج. والصلاة والسلام على محمد المبعوث بن حنيفية السمحة دون عوج. وعلى اله وصحبه ومن على سبيلهم درج اما بعد فهذا شرح الكتاب السادس من المرحلة الاولى من برنامج تيسير العلم في سنته الثانية وهو كتاب كشف الشبهات في التوحيد لامام الدعوة الاصلاحية في جزيرة العرب الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي بن عبدالوهاب التميمي رحمه الله المتوفى سنة كست بعد المائتين والالف. وهو الكتاب السادس في التعداد العام لكتب البرنامج. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا وللمؤمنين. قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. رحمك الله ان التوحيد هو افراد الله عز وجل بالعبادة. وهو دين الرسل الذي ارسلهم الله به الى عباده. فاولهم نوح عليه السلام ارسله الله الى قومه لما غلوا في الصالحين. والدين واع ويؤوس ويعوق ونسى. واخر رسل محمد صلى الله عليه وسلم. وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين ارسله الله الى اناس يتعبدون ويحجون ويتصدقون ويذكرون الله كثيرا. ولكنهم يزعلون بعض المخلوقين وسائطهم بينه وبين الله عز وجل. يقولون نريد منهم التقرب الى الله تعالى ونريد شفاعتهم عنده مثل الملائكة وعيسى وعيسى ومريم واناس غيرهم من الصالحين. فبعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم يجدد لهم دينهم ابراهيم ويخبرهم ان هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله تعالى. لا يصلح منه شيء لغيره. لا لملك مقرب ولا نبي مرسل فضلا عن غيرهما. والا فهؤلاء المشركون الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون ان الله هو الخالق وحده لا شريك له ولا يدبر الامر الا وان جميع السماوات السبع ومن فيهن والاراضين السبع ومن فيهن كلهم عبيد وتحت تصرفه وقهره ابتدأ المصنف الله تعالى ببيان حقيقة التوحيد. فقال التوحيد هو افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة. والتوحيد له معنيان شرحا له معنيان شرعا احدهما عام وهو احدهما عام وهو افراد الله بحقوقه والاخر خاص وهو افراد الله بالعبادة. وهذا المعنى الثاني هو المعهود شرعا. ولاجل هذا اقتصر عليه المصنف فخصه بالذكر دون بقية انواعه فيكون قوله التوحيد وهو افراد الله بالعبادة اقتصار على المعهود شرعا فان التوحيد اذا اطلق في خطاب الشرع اريد به توحيد الهية المتعلق بافراد العبادة. ثم بين ان التوحيد الذي هو افراد الله بالعبادة هو دين الرسل جميع فان الرسل لم يأتوا لاقوامهم ليقروا بتوحيد الربوبية. لانه مغروس في الفطرة فالمنازع في الربوبية قليل بل نادر. ولم يعرف هذا الا في مذاهب والملاحدة وهم خلق قليل بالنسبة الى عموم الخلق. بل اتوهم يدعونهم الى توحيد العبادة كما قال الله سبحانه وتعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وقال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. واول اولئك الرسل هو نوح عليه هو نوح عليه الصلاة والسلام واستدل المصنف رحمه الله تعالى لاوليته في رسالة ثلاثة الاصول وادلتها لله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده. ودلالتها على ما ذكره من اولية نوح عليه الصلاة والسلام بالرسالة هي في تقديمه على غيره في ذكر نداء الايحاء والايحاء الذي قدم فيه نوح عليه الصلاة والسلام هو ايحاء الرسالة لانه قد قدمه غيره في ايحاء النبوة وهو ابوه ادم عليه الصلاة والسلام اجماعا وادريس في القول الصحيح من اقوال اهل العلم رحمهم الله تعالى فحينئذ يكون الدليل الذي تدلى به المصنف رحمه الله تعالى في ثلاثة الاصول على اولية نوح في الرسالة التي اعادها هنا صحيح واصلح منه في الدلالة على المقصود كما تقدم ما ثبت في حديث الشفاعة الطويل في الصحيحين من حديث انس وفي ان الناس يأتون ادم عليه الصلاة والسلام فيقول لهم ائتوا نوحا اول رسول اول رسول ارسله الله الى اهل الارض. وقد ارسل الله سبحانه وتعالى الى قومه لما غلوا بالصالحين والدين سواع ويغوث ويعود ونسر ونسر والغلو هو مجاوزة الحد المأذون به شرعا فان احكام الشرع لها حدود تنتهي اليها يشار اليها بقول الله سبحانه وتعالى فلا تعتدوها كقوله تلك حدود الله الا تعتدوها اي لا تتجاوز ما اذن الله سبحانه وتعالى لكم به. ومن الغلو الغلو في الصالحين بمجاوزة الحد المأذون به في الانتفاع بهم كصحبته واستنصاحهم والتوسل بدعائهم فيجاوز هذا من يجاوزه ويرفعونهم فوق المأذون به حتى يبلغوا بهم ان يتخذوهم اربابا من دون الله يعتقدون فيهم نفعا والضر كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله. ومن جملة الصالحين الذين وقع الخلق الغلو فيهم فيهم هؤلاء الصالحون المذكورون في قوم نوح عليه الصلاة والسلام فانهم كانوا رجالا صالحين ولما ماتوا حزن الناس عليهم. فزين لهم الشيطان ان يصوروهم ليشوقوهم الى عبادة الله عز وجل خذوا لهم تماثيل تذكرهم اولئك الصالحين ليقتدوا بطريقتهم. فلما طال عليهم الامد ونسي العلم عبدوهم من دون الله كما جاء هذا في حديث ابن عباس رضي الله عنه موقوفا عند البخاري في صحيحه وتقدم في كتاب التوحيد. ولما هلك قوم نوح ان درست هذه الاصنام الى ان جاء عمرو بن لحي الخزاعي وكان سيد خزاعة وكانت خزاعة هي التي هي التي تلي سلطان الحجاز فخرج الى الشام قرأ اهله قد اتخذوا اصناما يعبدونهم ويدعونهم ويستغيثون بهم ويزعمون انها تجيبهم وتغيثهم فحبب اليه هذا ووقع في قلبه فنقل عبادة الاصنام الى الحجاز كما ذكره ابن اسحاق وابن هشام في السيرة. وذكر بعض قالت السيرة ان عمرا هذا جل على مواقع اصنام هؤلاء وانه كان له قرين من الجن فدله الى مواقع هؤلاء الخمسة الذين كانت تعبدهم قوم نوح وانهم على جانب بحر جدة قد سفت عليهم الشوافي فاستخرجهم عمرو بن لحي الخزاعي وفرق هذه الاصنام بين قبائل العرب شاع في قبائل العرب عبادة الاصنام من دون الله وتركوا ملة ابراهيم عليه الصلاة والسلام فلما انتهوا الى هذه الحال بعث الله اليهم محمدا صلى الله عليه وسلم وهو اخر الرسل كما قال الله سبحانه وتعالى ما كان محمد اذى احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فبعثه الله سبحانه وتعالى اليهم. وكان لهم اعمال صالحة وهم يتصدقون ويحجون ويذكرون الله كثيرا وكانوا يظهرون الفخر بحج بيت الله الحرام. فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ليجدد لهم دين ابيهم ابراهيم فان العرب ذريته وكانت تفتخر بالانتساب اليه لكنها غيرت وبدلت فجاءهم النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرهم ان هذا التقرب وهو الاعتقاد محض حق لله تعالى لا يصلح منه شيء لغير الله كائنا من كان ولو كان ملكا مقربا او نبيا مرسلا. وكان هؤلاء يشهدون ان الله هو الخالق لا شريك له وانه سبحانه وتعالى هو الرازق فلا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يمنع ولا يعطي الا هو وان من في السماوات ومن في الارض كلهم عبيده وتحت قهره وتصرفه فهم مقرون بتوحيد الربوبية فدعاهم محمد صلى الله عليه وسلم الى التوحيد وابطال عبادة الاصنام وانكر عليهم انكارا شديدا ولم يزل يبدئ ويعيد في دعوتهم وجهادهم باللسان والسنان حتى نصره الله سبحانه وتعالى الا عليهم وفتح مكة على يديه في السنة الثامنة فكسر تلك الاصنام التي اتخذها عرب الجاهلية حول الكعبة وكانت عدتها ستين وثلاث مئة صنم كما ثبت ذلك عند البخاري. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بها وهو يطوف ويزج بها ويزج فيها بعصا فتسقط على وجوهها متحطمة فظهر الحق وزهق الباطل ان الباطل كان تفوق نعم. احسن الله اليكم. فاذا اردت الدليل على ان هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد بهذا فاقرأ عليه الميت ويخرج الميت من الحي. ومن يدبر الامر فسيقولون الله الاية. وقوله تعالى قل لمن الارض ومن فيها الى قوله فانى تسحرون. وغير ذلك من الايات العظيمة الدالة على ذلك. اقام المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة الدليل على ان هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بتوحيد الربوبية. فذكر من الاي ما يدل على ان هؤلاء كانوا يعتقدون ان الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت ووجه دلالة هؤلاء الايات على اقرارهم بتوحيد الربوبية ان المشركين كانوا اذا عن فرد من افرادها الى من ينسب نسبوه لله عز وجل. كما قال تعالى يقولون الله اي انهم يقرون بان الخلق والرزق والملك والتدبير كله لله سبحانه وتعالى. واقرارهم هذا يقتضي انهم مقرون الربوبية وهذا الاقرار منهم هو اقرار على الاجمال للتفصيل. كما ان عقائد في توحيد الربوبية لم تخلو من اعتقادات فاسدة تخل بحقيقة الاقرار بالربوبية بخلاف اقرار الموحدين بالربوبية فظهر ان بين اقرار الموحدين بالربوبية واقرار المشركين فرقان. احدهما ان اقرار الموحد تفصيلي به على حقائق افرادها مع الايقان بها اما اقرار المشركين فهو اقرار جمالي يعتريه الجهل ببعض افرادها مع عدم الاحاطة بحقائق تفاصيلها. والاخر ان اقرار الموحدين بالربوبية لا يعتريه شيء من العقائد الفاسدة بل هو سالم منها. بخلاف اعتقاد المشركين المقرين بالربوبية فان لهم عقائد فان لهم عقائد فاسدة في ابواب منه. كما كانوا يعتقدون في الشمس والقمر الكواكب والانواء والرقى والتمائم وغيرها. نعم احسن الله اليكم. اذا تحققت انهم مقرون بهذا وانه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعت اليه الرسل ودعاهم اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت ان التوحيد الذي جحده هو توحيد العبادة الذي يسمي المشركون في زماننا الاعتقاد كما كانوا يدعون الله عز وجل ونهارا ثم منهم من يدعو الملائكة لاجل صلاحهم وقربهم من الله عز وجل ليشفعوا لهم او يدعوا رجلا صالحا مثل او نبيا مثل عيسى وعرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك ودعاهم الى اخلاص عبادة الله وحده لا شريك له كما قال الله تعالى والذين يدعون من يدعونه لا يستجيبون لهم بشيء. وتحققت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدين قولوا لله والدعاء كله لله والذبح كله لله والنذر كله لله والاستغاثة كلها بالله وجميع انواع العبادة لله وعرفت ان اقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الاسلام وان قصدهم الملائكة او الانبياء او لا يريدون شفاعتهم والتقرب الى الله بذلك هو الذي احل دماءهم واموالهم. عرفت حينئذ التوحيد الذي دعت اليه الرسل وابى عن الاقرار به المشركون ذكر المصنف رحمه الله تعالى مقدمات سبع مقدمات سبعا رتب عليهن نتيجة جليلة فاول تلك المقدمات في قوله اذا تحققت انهم مقرون بهذا اي مقرون بتوحيد الربوبية ثانيها في قوله انه لم يدخلهم في التوحيد الذي اليه الرسل ودعاهم اليه الرسول صلى الله عليه وسلم. فاقرارهم بالربوبية لم يدخلهم في التوحيد الذي جاءت به الانبياء والرسل. وهو توحيد العبادة المتضمن افراد الله بافعال العباد وثالثها في قوله وعرفت ان التوحيد الذي هو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا الاعتقاد كما كانوا يدعون الله سبحانه وتعالى ليلا ونهارا ثم منهم من يدعو الملائكة لاجل صلاحهم بهم من الله عز وجل يشفع لهم او يدعو رجلا صالحا مثل اللات او نبيا مثل عيسى. فالتوحيد الذي جحدوه هو المتعلق بافراد الله بالقرب. الذي يسميه متأخر المشركين بالاعتقاد. اذ يذكرون ان فلانا معتقد فيه وان للناس فيه اعتقاد حسن. ومرادهم بذلك تعلم قلوبهم به. فيما يتوقعون من الضر والنفع فهم يعتقدون فيه ان له تأثيرا في التصرف. ولاجل لذلك يرجون نفعه ويخافون ضرره. واوجب لهم ذلك ان يصرفوا اليه شيئا من العبادات فصاروا يذبحون لهؤلاء مين؟ ويدعونهم وينزرون لهم ويستغيثون بهم في مات فشابهوا مشركي اهل الجاهلية الاولى وكان اهل الاولى يدعون الله ليلا ونهارا. فلهم عبادات يتقربون بها الى الله. لكن لكنهم يشركون فيها معه غيره. فيجعلون لله عز وجل دعاء ولغيره دعاء ويذبحون لله ويذبحون لغيره لله وينذرون لغيره وقد وقع متأخر المشركين في مضاهاتهم عبادات يتقربون بها الى الله. لكنهم يجعلون له شريكا يعتقدون دون فيه كالحسن والحسين او البدوي او الرفاعي او الجيلاني او غيرهم من المعظمين. ولا يعتقدون ان هؤلاء يخلقون او يرزقون او يحيون او يميتون فلا يعتقدون فيهم خلقا ولا تدبيرا. ولا ولا اماتة ولكنهم يعتقدون ان لهم تأثيرا في التصرف بالنفع والضر ولذلك جعلوهم شفعاء ووثائق يتوسطون بهم عند ربهم في قضاء حوائجهم وكشف كرباتهم واسعاف لهفاتهم. وكان المشركون الاولون متفرقون في عباداتهم فمنهم من يدعو الملائكة ومنهم من يدعو الصالحين كلات ومنهم من يدعو الانبياء كعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وضاهاهم هؤلاء المشركون المتأخرون وهم متفرقون في مألوهاتهم. فمنهم من يعظم الحسين. ومنهم من يعظم البدن ومنهم من يعظم الجيداني فيتخذونهم شفعاء يشفعون لهم عند الله عز وجل الشرك هو الشرك الذي وقع فيه مشرك العرب حذو القذة بالقذة بحبر وذراعا بذراع. ورابعها في قوله وعرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك. ودعاهم الى اخلاص العبادة لله وحده لا شريك له كما قال تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. وقال تعالى له ودعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء. فاولئك المشركون من اهل الجاهلية مع ما كانوا عليه من العبادة لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم هذا ولا نفعتهم عبادتهم بل كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلهم على هذا الشرك ودعاهم الى اخلاص العبادة لله وحده لا شريك له. ومن دلائل ذلك ايتان ذكرهما المصنف رحمه الله في الاية الاولى قول الله عز وجل وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا والمساجد هنا يجوز ان يراد بها المعنى العام وهي افعال العبادة. ويجوز ان يكون المراد مواضعها فالاية صالحة لهذا وهذا. لكن الاول اولى لعموم به بخلاف الثاني فانه يختص بشيء دون شيء. فتكون اية دالة على ان جميع الاعمال والاقوال المتقرب بها لا تكون الا لله وحده لا شريك له ثم اردف هذا الامر بالنهي عن عبادة غيره فقال فلا تدعوا مع الله احدا فنهى الله سبحانه وتعالى عن عبادة غيره ودل على العبادة بلفظ الدعاء لان الدعاء يقع اسما للعبادة كلها. كما روى اصحاب السنن بسند من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء قوى العبادة ثم ان الله سبحانه وتعالى حقق عموم النهي وذلك بمجيء النكرة في قوله تعالى احد في سياق النهي. فالنكرة اذا وردت في ثياب بالنهي دلت على العموم فمعنى قول الله تعالى فلا تدعوا مع الله احدا اي لا تعبدوا مع الله احد كائنا من كان لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا فضلا عن من هو دونهم في المنزلة والاية الثانية قول الله تعالى له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء فمعنى قوله تعالى له دعوة الحق اي العبادة الصحيحة كما دل على ذلك قوله تعالى الا لله الدين الخالص اي الذي لا يشرك فيه مع الله احد فان الخالص هو الشيء المنفرد الذي لا تشوبه شائبة. فالدين الحق في بعبادة الله هو ان يوحد الله هو ان يوحد الله ولا يشرك به شيء. وقوله تعالى والذين يدعون من دونه عام في كل من دعي من دون الله. وجل على العموم بقوله الذين فان هذه الكلمة موضوعة في لسان عربي دلالة على العموم فكل من يدعى من دون الله لا يستجيب لداعيه بشيء ولو كان يدعوه الى يوم القيامة فهم لا يستجيبون لدعائهم كما قال تعالى من اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وخامسها في قوله وتحققت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل ليكون الدين كله لله. والدعاء كله لله والذبح كله لله والنذر كله لله والاستغاثة كلها لله وجميع انواع العبادة كلها لله. فلا يقبل الله من العبد تشريكا في العبادة بان يدعو الله ويدعو غيره وينذر لله وينذر لغيره. ويذبح لله ويذبح لغيره. ويحج لله ويحج لغيره من لا يقبل الله من العمل الا ما كان خالصا. ودين المشركين لا يقبل الله عز وجل منه شيئا وخامسها وسادسها في قوله وعرفت ان اقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخل هم في الاسلام فاقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم دين الاسلام الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعصم دماءهم ولا اموالهم ولا اعراضهم والفرق بين هذه المقدمة والمقدمة الثانية ان المنفي هناك عام وهو ودين الانبياء والرسل جميعا. والمنفي هنا خاص وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم والخاص مندرج في العام. لكن المراد آآ تعديد الوجوه بما يزيدها ايضاحا. وسابعها في قوله وان قصدهم الملائكة والانبياء والاولياء او او الانبياء او الاولياء شفاعتهم والتقرب الى الله بذلك هو الذي احل دماءهم واموالهم. فلم يكن قصدهم من الملائكة او الانبياء او الاولياء اعتقاد استقلالهم للخلق والرزق والاحياء والاماتة كلا بل كانوا يعتقدون ان هؤلاء لا يخلقون ولا يرزقون ولا يحيون ولا يميتون. ولكنهم اتخذوهم شفعاء ليقربوهم الى الله سبحانه وتعالى. فانه ان كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. ويقولون ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله طاه زلفاء وهاتان الايتان دالتان على امرين عظيمين احدهما ان الشرك كان واقعا فيهم. فكان مع ما كانوا عليه من اعمال يتقربون بها الى الله مشركين في لعبادته والاخر ان الشرك الواقع فيهم هو اتخاذهم الشفعاء والشركاء وسائط عند الله. واذا كان هذا شركا قاتل النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه فان من وقع في مشابهتهم هو مشرك يجب على المسلمين الموحدين ان يقاتلوه وهذا هو الشرك الذي وقع فيه المتأخرون في الاضرحة والمزارات والمشاهد فانهم زعموا ان هؤلاء شفعاء ووثائط كما زعمه الاولون في باصنامهم انها تشفع لهم وتقربهم الى الله عز وجل زلفى. ثم ذكر المصنف النتيجة المرتقبة والثمرة المنتظرة من ادراك المعارف السابقة المنتظمة في المقدمات بقوله عرفت حينئذ التوحيد الذي دعا اليه الرسل وابى عن الاقرار به المشركون. اي علم بهذا ان التوحيد الذي اريد من وطالبوا به ليس الا توحيد العبادة. وهو افراد الله سبحانه وتعالى بنذرهم وذبحهم ودعائهم واستغاثتهم وتوكلهم وجميع قربهم. وهو التوحيد الذي الذي دعت اليه الانبياء والرسل وهو الفارق بين المسلم الموحد وبين المشرك الكافر افل فمن لم يأت بهذا التوحيد فانه لا يدخل دين الاسلام ولا يعصم دمه ولا ماله ولا عرضه. نعم. احسن الله اليكم. وهذا التوحيد هو معنى قولك لا اله الا الله فان الاله عندهم هو الذي يقصد لاجل هذه الامور سواء كان ملكا او نبيا او وليا او شجرة او قبرا او جنيا. لم يريدوا ان الاله هو الخالق الرازق المدبر فانهم يعلمون ان ذلك لله وحده كما قدمت لك وانما يعمل بالاله ما يعني به المشركون في زماننا سيدك فاتاهم النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم الى كلمة التوحيد وهي لا اله الا الله. والمراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها والكفار الجهال يعلمون ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة وافراد الله تعالى التعلق والكفر بما يعبد من دونه والبراءة منه. فانه لما قال لهم قولوا لا اله الا الله. قالوا وجعل الالهة اله واحدا ان هذا لشيء عجاب. بين المصنف رحمه الله ان توحيد العبادة الذي دعت اليه الرسل هو معنى لا اله الا الله. فان الاله هو المعبود فاذا قلت لا اله الا الله اقتضى ذلك ان يكون المعبود الحق هو الله وحده. وان تكون والعبادة كلها لله. وهذا هو توحيد العبادة الوهية وهو الذي وقعت فيه الخصومة بين الانبياء والرسل. وهو الذي وقعت فيه خصومة بين الانبياء واقوامهم فان الاله عندهم هو الذي يقصد الحاجات وتفريج الكربات واغاثة اللهفات. وليس الاله عندهم هو الذي ان يخلقوا ويرزقوا ويدبروا ويحيي ويميت. سواء كان ملكا او نبيا او صالحا او شجرا او حجرا او قبرا او جنيا او غير ذلك ولم يكونوا يعتقدون في معبوداتهم من الاصنام شيئا من افعال الربوبية. فانهم يعلمون ان ذلك لله وحده. وانما يعنون بالاله ما يعني به المشركون في زماننا بلفظ السيد وهو المعتقد. فيه النفع والضر والسيد في عرف المتأخرين هو بمعنى الاله في عرف المتقدمين فاولئك قد نصبوا اصناما وعظموا من عظموا من الملائكة والانبياء والصالحين والاولياء والاشجار والاحجار وجعلوها معبودات هؤلاء المتأخرون جعلوا من جعلوا من الصالحين وغيرهم بمنزلة من كان يعظمه اهل الجاهلية الاولى ولقبوهم باسم السيد جعلوا لهم من عباداتهم حظا فتجدهم في السنتهم لا يذكرونه الا باسم السيد فيقولون السيد البدوي او السيد الرفاعي او السيد الجيداني ويريدون بلفظ السيد ما اراده الاولون بلفظ الاله وهو من يعتبر فيه النفع والضر ويرجى منه الخير ويخاف منه الشر. وقد اتى النبي النبي صلى الله عليه وسلم اولئك المعتقدين الاولين المعظمين لمألوهاتهم فدعاهم الى كلمة التوحيد لا اله الا الله واراد منهم ما تضمنته من المعنى نفيا واثباتا فلا اله تنفي جميع المعبودات والا الله تثبت العبادة لله وحده لا معبود حق الا الله. ولم يكن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من دعوتهم الى هذه الكلمة ان يقولوا بالسنتهم مكتفين باللفظ دون المعنى بل كان مراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يقروا بها وعملا والكفار الجهال يعلمون ان مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه كلمة هو افراد التعلق بالله عز وجل. والكفر بما يعبد من دونه البراءة منه وهذا يستلزم ابطال عباداتهم وترك معبوداتهم على الله وحده لا شريك له. ولهذا لما ادركوا هذا المعنى وفهموه ابوا ان يجيبوا صلى الله عليه وسلم فانه لما قال لهم قولوا لا اله الا الله قالوا اجعل الالهة اله واحدة ان هذا لشيء عجاب. اي جعل من يعتقد فيه الضر والنفي ويرجى منه الخير ودفع الشر الها واحدا ان هذا شيء ان هذا لشيء عجاب وانما عجبوا منه لمناثرته ما كانوا عليه من تعدد مألوهاتهم مع الله سبحانه وتعالى فهم علموا مقصود النبي صلى الله عليه وسلم منها. نعم. احسن الله اليكم. فاذا عرفت ان جهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب ممن يدعي الاسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرف جهال الكفار بل يظن ان ذلك هو بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني. والحاذق منهم يظن ان معناها لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر امر الا الله وحده فلا خير في رجل جهال الكفار اعلم منه بمعنى لا اله الا الله بين المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ما سبق ذكر من ان الكفار الاولين كانوا يعرفون معنى لا اله الا الله وانها تتضمن ابطال معبوداتها والبراءة والبراءة منها ولكنهم ابوا ان يجيبوا النبي صلى الله عليه وسلم اليها وممن ينتسب الى الاسلام من المتأخرين من لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفرة الاولين كابي جهل واضرابه. فتجدهم يقولون لا اله الا الله ثم يدعون غير الله ويذبحون لغير الله وينذرون لغير الله ويستغيثون لغير الله فهؤلاء قالوها بالسنتهم ولم يعوها ولا فهموها حق الفهم. فظنوا ان المراد هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من معانيها ولا التزامه بمقتضاها بل يظن انه من قال لا اله الا الله صار مسلما. وان فعل ما فعل. فصاروا يقولون لا اله الا الله ويجعلون شيئا من عباداتهم لغير الله سبحانه وتعالى. ومن اهل الحذق كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى من المتأخرين من يزعم ان معناها لا يخلق ولا يرزق ولا ويدبر الامر الا الله. وان معنى الاله هو القادر على الاختراع. فهو المحيي المميت الخالق المدبر ويفسرون كلمة التوحيد لا اله الا الله ان معناها لا خالق والارازق ولا محيي ولا مميتة الا الله. فيجعلون التوحيد الذي دعت اليه الرسل طولب به الخلق هو الاقرار بالربوبية. وانما نشأت هذه الاقوال لما قلت علوم السلف وزهد الناس في الكتاب والسنة وفزعوا الى علوم العقل والمنطق التي لا تحق حقا ولا تبطلوا باطلا الا تبعا للشريعة. ولا يزال الامر يتزايد في هذا حتى ولد معان للا اله الا الله لم تكن في عرف المشركين الاولين فصار الناس من يظن ان معنى لا اله الا الله اي لا حاكم الا الله. وليس هذا معناها وانما هو لازم من لوازمها فان الحكم بما انزل الله عز وجل مما تلزمه كلمة التوحيد وتتضمنه. لكنه ليس تفسيرا لها وشتان بين تفسير الشيء بما وضع له وبينما يتبعه تضمنا او لزوما. والعرب انما تفسر الاشياء بما تجعل له وجاءت الشريعة على هذا القانون. فمن اراد ان يفسر شيئا من حقائقها فانه يفسرها بحسب الوضع الشرعي والوضع الشرعي للاله انه المعبود. فتكون كلمة التوحيد لا اله الا الله معناها لا معبود الا الله فمن فسرها بغير ذلك فمن يقول ان معناها لا خالق الا الله او لا حاكم الا الله او غير ذلك فكله من الغلط في فهم ما وضعت له شرعا. وفشوه هذا في ادعياء الاسلام من المتأخرين مما يلحق المرء منه العجب. اذ كيف يدعي الاسلام ويكون الجهول الكافر اعلم منه بتلك الكلمة. او يظن ان المراد بتلك الكلمة هو التلفظ او ان معناها شيئا سوى ما ذكرناه مما وضعته الشريعة فلا خير في رجل جهال الكفار اعلم منه بمعنى لا اله الا الله كما قال المصنف رحمه الله بانه اعمى عن الحق اما اهل الجاهلية فانهم عرفوا الحق لكنهم استنكفوا عنه واستكبروا. واما هذا فانه لم بالحق ومع ذلك يدعيه ويزعم انه مسلم وهو يجعل شيئا من عبادته لغير الله احسن الله اليكم اذا عرفت ما قلت لك معرفة قلب وعرفت الشرك بالله الذي قال الله فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وعرفت دين الله الذي بعث به الرسل من اولهم الى اخرهم الذي لا يقبل الله من احد دينا سواه وعرفت ما اصبح غالب الناس عليه من الجانب هذا افادك فائدتين. الاولى الفرح لله ورحمته كما قال الله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وكذلك ايضا الخوف العظيم فانك اذا عرفت ان الانسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه دون قلبه. وقد يكونها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل وقد يقولها وهو يظن انها تقرب الى الله زلفى كما ظن الكفار. خصوصا ان خصوصا ان الهمك الله ما قص عن قوم موسى عليه السلام مع صلاحهم وعلمهم انهم اتوه قائلين اجعل لنا الها فما لهم الهة فحين اذ يعظم خوفك وحرصك على ما يخلصك من هذا وامثاله. ذكر المصنف رحمه الله تعالى مقدمات اربعا اخرى رتب عليها نتيجة تنجليلة ثانية فاول تلك المقدمات في قوله اذا عرفت ما قلت لك معرفة قلب. وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث في قوم يقرون بان الله هو الخالق الرازق المحيي المميت. ويدعون الله ويعبدونه ليلا ونهارا. الا انهم يدعون الله ويدعون غيره ويذبحون لله ويذبحون لغيره وينذرون لله وينذرون لغيره. وقد علم هؤلاء اي ان قولهم لا اله الا الله يقتضي الا معبود حق الا الله. فلما عرفوا هذا معرفة طالبين ابوا ان يستجيبوا للنبي صلى الله عليه وسلم. وثانيها في قوله وعرفت الشرك لله الذي قال الله فيه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. والشرك الذي وقع فيه المتقدمون من اهل الجاهلية كان هو شرك العبادة ولم يكن شرك الربوبية. فانهم يقرون بالربوبية ايمانا كما سبق. واما الالوهية واما الالوهية فانهم يشركون مع الله سبحانه وتعالى والشرك في الشرع يطلق على معنيين. احدهما عام وهو وجعل شيء من حقوق الله لغيره والاخر خاص وهو جعل شيء من افعال العباد المتقرب بها لغيره وتقييد افعال العباد بالتقرب لاخراج ما لا يرجع الى هذا القصد كالاحكام القدرية من اكلهم وشربهم فلا بد من تقييد المفعولة هنا بان تكون على وجه القربة فتختص بما يتقرب به وانما عدل عن تعبير بعضهم في حد الشرك بالصرف الى الجعل لامرين احدهما ان الجعل هو المعبر به في الخطاب الشرعي كما في قوله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. وقوله صلى الله عليه وسلم ان تجعل لله ندا وهو خلقك متفق عليه والاخر ان الجعل فيه معنى تألف القلب واقباله وهذا غير موجود في كلمة صرف. لان انها موضوعة لغة لتحويل الشيء عن وجهه دون التزام مقصود ان في المحول اليه وذكر المصنف رحمه الله تعالى معرفة شرك تنبيه منه الى انه كما تجب معرفة التوحيد فانه تجب الشرك لان العبد لا يمكن ان يحقق توحيده حتى يكون عالما بالشرك ليحذره. كما كان حذيفة رضي الله عنه يسأل الناس يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة ان يقع فيه كما في الصحيح. ولا توجب هذه المعرفة ان يعتني الانسان بمعرفة تفاصيل حوادث الشرك ووقائعه فان حوادثه ووقائعه لا تتلاهى الى حد. ولكن المقصود ان يعرف الاصول التي متى تقارفها الانسان وقع في الشرك. وهذا اصل من فهم الشرع يغلق فيه الناس فان من الناس من لا تكون له عناية بمعرفة ابواب الشرك مع ان دلائل الشرع توجب العلم بها للحذر منها وقد روى البزار بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال الشرك بضعة وسبعون بابا وهذا دال على كثرتها ويقابل هؤلاء من يظن ان العلم بالشرك يطلب فيه الاطلاع على مصير احوال الامم الكافرة والمشركة ومخالطتهم لمعرفة اديانهم. وليس هذا من العلوم النافعة ولا ينبغي للانسان ان يولج نفسه في ابواب الفتن بل عليه ان يفر من منها ليحفظ دينه ومن عرظ دينه على اديان المشركين متعرفا تفاصيل احوالهم في اديانهم مما لا نفع له به ربما اضر به. وثالثها في قوله وعرفت دين الله الذي بعث به الرسل من اولهم الى اخرهم الذي لا يقبل الله من احد دينا سواه الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام جاءوا بالاسلام والاسلام الذي جاءت به الرسل هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له الطاعة والبراءة من الشرك واهله. ولا يقبل الله من احد سواه. كما قال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين. ورابعها في قوله وعرفت ما اصبح غالب الناس عليه من الجهل بهذا اي الجهل بالتوحيد والشرك فيجعلون التوحيد والشرك اسماء لما لم يسمه الشرع بذلك. ومنهم من يجعل التوحيد شركا والشرك توحيدا فوقع الناس في الضلالات خرافات والمحدثات ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى النتيجة المرتقبة والثمرة منتظرة من ادراك المعارف السابقة المنتظمة في المقدمات الاربع فقال افادك فائدتين الاولى الفرح بفضل الله ورحمته. كما قال تعالى قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وافادك ايضا الخوف العظيم. فافادك الفرح بفضل الله عليك. حين جعل لك من البصيرة والهداية ما تميز به بين التوحيد والشرك والحق والباطل والضلال والهدى كما قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وما حصل لك من البصيرة الهادية هو محض فضل الله عليك ورحمته اياك وافادك ايضا الخوف العظيم من الشرك. ان تقع فيه. لان الانسان اذا عرف ذلك عظم خوفه ان يقع في الشرك وهو لا يدري. واذا كان ابو الانبياء ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يدعو ربه خائفا من الشرك فيقول واجنبني وبني ان نعبد الاصنام وهو الذي كسرها فما الظن بغير ابراهيم؟ واي حال تنبغي له من الخوف من الشرك؟ قال ابراهيم رحمه الله من يأمن البلاء بعد إبراهيم رواه ابن جرير وغيره فلا يؤمن البلاء على احد بعد خوف ابراهيم عليه الصلاة والسلام من الشرك. ومما يقوي الخوف من ان الانسان قد يكفر بكلمة يخرجها من لسانه فيتكلم بها لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا كما ثبت في الصحيح. وقد يحبط الله سبحانه وتعالى عمله ويغضب عليه ويدخله النار بتلك الكلمة. كما وقع هذا من الطائفة المنافقة في غزوة في تبوك الذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ارغب بطونا ولا اكذب السنا ولا اجبن عند اللقاء الى اخر ما قالوا فاكثرهم الله بمقولتهم تلك وقال لهم قد كفرتم ومما يزيد الانسان خوفا انه قد يقول تلك الكلمة كما ذكر المصنف رحمه الله وهو جاهل فلا يعذر بالجهل. لقيام الحجة عليه وتمكنه من معرفة الحق مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفة الحق. فهذا هذا هو الذي نفى الله سبحانه وتعالى التعذيب عنه حتى تقوم حجة رسل كما ذكره ابن القيم في طريق الهجرتين واصول الدين العظام الجسام لا يسع مسلما الجهل بها. لانتشار العلم بها وقيام الحجة عليها في بلاد المسلمين. اما المسائل التي قد تخفى لغموضها فهذه يعذر الجهل يعذر فيها بالجهل. ومن لم تقم عليه الحجة ولم يبلغه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيعذر بجهله في اصول الدين ومسائل الملة الكبار ويكون حكمه حكم اهل الفترة وهذا هو الذي تقتضيه الادلة واختاره جماعة من المحققين منه من اشياخنا عبد العزيز ابن باز وصالح ابن فوزان وبكر ابو زيد رحم الله الميت واطال في عمر الحي على طاعة وبذل واظحة المسألة؟ خلاصتها يعني. خلاصتها ان لذلك حالان الاولى ان تكون في حق من لم تبلغه الحجة الرسالية فمن لم تبلغه الحجة الرسالية فهذا يعذر في اصول الدين العظام ومبانيه الجسام ويكون حكمه حكم اهل الفترة. والحال الثانية ان تكون قد بلغت الحجة الرسالية مع تمكنه من معرفتها فمثل هذا لا يعذر بالجهل به في اصول الدين الكبار. لانتشارها في بلاد ووقوفهم عليها بحيث لا يجهل احد منتسب الى الاسلام ان الاسلام هو ان تعبد الله وحده وان تستقبل القبلة وان يكون رسولك هو محمد صلى الله عليه وسلم. واما المسائل التي تخفى وهي مسائل التي لا يظهر دليلها فهذه يعذر بالجهل بها. فمثلا الانسان في الرياض يمسك في رمضان عند الاقامة. يعني اذا لا يمسك عن عن الاكل والشرب حتى يؤذن حتى يقيم في صلاة الفجر فهذه المسألة من اي باب من الكبار او من المسائل التي تخفى ما الجواب؟ من الكبار وش رايك؟ من الكبار اليس كل المسلمون يعرفون ان الصيام يبدأ من الفجر؟ هذا شيء منتشر. صح؟ لكن لما ذكرنا المسائل الكبار ماذا قلنا؟ ماذا قلنا؟ مع تمكنه من معرفة الحق فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن امرأة كبيرة في السن في الرياض بقيت مدة تمسك على ظن ان الامساك يكون مع الاقامة. فرأى انها تعذر بجهلها في مثل هذا لانها امرأة كبيرة في السن قد يخفى عليها مثل هذا ولا تتمكن من معرفة الحق لانها امية جاهلة. واما فاذا كان انسان في الرياض يدعو غير الله سبحانه وتعالى او يستغيث بغير الله سبحانه وتعالى وهو قد ولد في الرياض وترعرع في الرياض فمثل هذا في مسألة اصلية ام في مسألة خفية؟ في مسألة فمثل هذا لا يعذر. اما من لم تبلغه الحجة الرسالية فلم يسمع بالاسلام ولا عرف ان هناك رسولا اسمه محمد صلى الله عليه وسلم وكان وجوده بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا يكون مثل اهل الفترة. وهذا يوجد الى اليوم في بعض البلاد في نواحي الارض فيكون فيها كما في بعض ادغال افريقيا او اقاصي المشرق والمغرب من الارض من لم يسمع اسلام ولا سمع ان نبيا بعث اسمه محمد صلى الله عليه وسلم ولان هناك كتابا هو القرآن فهذا هو الذي لم تبلغه الرسالية وهذه المسألة العظيمة وهي مسألة العذر بالجهل عظم المصاب بها لان المتكلمين فيها لا يتكلمون فيها على وجه الاستقلال. بل يعتقد احدهم عقيدة سابقة ثم ينزل فهم هذه المسألة وفق العقيدة السابقة التي اعتقدها. ولذلك اضطربوا فيها بل ربما تجد احدهم قولا ثم تجد له بعد حلول فتنة قولا اخر. وهذا كله من ضعف الرسوخ في الدين فمثل هذه المسائل ينبغي ان يعود الانسان فيها على اهل العلم الراسخين كمن سمينا من طبقة مشايخنا او من تقدمهم ولا ينبغي ان يكون من دأب طالب العلم الاشتغال بالطبوليات. بل اذا طبل الناس لمسألة فليلتزم الصمت فيها فان نياتا فان نيات الناس حينئذ لا تخلو من مقاصد خفية وقد يكون في فلتات من يرشد النبي وقد تخفى على اكثر الخلق. فيقع الناس في الفتنة في امثالها. وذكر المصنف ثم المصنف رحمه الله تعالى ابدة ثانية من اوابد من يتكلم بكلمة لا يلقي لها هابالا فتخرجه من الملة وهو انه يقولها وهو يظن انها تقربه الى الله كما كان الكفار يظنون فيقولون في تلبيتهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك الا شريك هو لك تملكه وما ملك. فهم يقولون هذه الكلمة يقصدون التقرب بها الى الله. ثم ذكر المصنف الله واقعة من الوقائع التي تثمر الخوف في القلوب من الوقوع في الشرك وهي ما قص الله عن قوم موسى عليه الصلاة والسلام مع صلاحهم وعلمهم واتباعهم انهم مروا على قوم يعكفون على اصنام لهم فاعجبهم حالهم فاتوه قائلين اجعل لنا الها كما لهم الهة. واذا كان هذا واقعا في حال اهل علم وتقوى وصلاح في زمن من اولي العزم معه فما الظن بغيرهم في غير ذلك الزمان ممن تأخر وبعد عن عهد وانطمست كثير من معالم الرسالة فالخوف في حقهم اكد والمصاب فيهم اوقع واشد. فينبغي ان يعظم خوفك وحرصك على ما يخلصك من هذا وامثاله. نعم. احسن الله اليكم. واعلم ان الله سبحانه من حكمته لم يبعث نبيا بهذا التوحيد الا جعل له اعداء. الا جعل له اعداء كما قال الله تعالى وكذلك وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن. وقد يكون لاعداء التوحيد علوا كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ذكر المصنف رحمه الله تعالى امرين عظيمين. احدهما ان الله سبحانه الالم يبعث نبيا الا جعل له اعداء من المشركين. كما قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من شياطين الانس عدوا من المجرمين شياطين الانس والجن. وفي الصحيح في قصة ورقة ابن نوفل ان ورقة ابن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا ليتني كنت فيها جدعا لانصرك اذا اخرجك قومك فقال او مخرجي هم فقالا نعم انه لم يأتي احد انه ما جاء احد بمثل ما جئت به الا اودي. والاخر ان دعاة الباطل يكون عندهم علوم وكتب وحجج يجادلون بها كما قال تعالى فلما جاءتهم رسلهم بالاناد فرحوا بما عندهم من العلم. وما عندهم من العلم انما هو وصورة له مدعاة. والا فليس لهم علم صحيح. وهم يتعلقون بهذه الصورة التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم ليردوا دعوة الانبياء والرسل. والعلم انما هو النور الذي يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. وليس العلم بكثرة الكتب. قال شيخ الاسلام ابن تيمية الحفيد في الوصية الصغرى ومن لم يجعل الله له نورا لم تزده كثرة الكتب الا حيرة وضلالا. انتهى كلامه فدعاة الباطل عندهم علوم كثيرة وحجج متنوعة الا انهم لا تزيده الا انها لا تزيد الا حيرة وضلالا لانها ليست من العلم الصحيح ولا الحجج البينة بل حجتهم عند الله وعند داحضة. نعم. احسن الله اليكم. اذا عرفت ذلك وعرفت ان الطريق الى الله لابد له من اعداء قاعدين عليه. اهل في فصاحة وعلم وحجج فالواجب عليك ان تعلم من دين الله ما يصنع سلاحا تقاتل به هؤلاء الشياطين. الذين قال امامهم لربك عز وجل ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين. ولكن ان اقبلت الى الله تعالى واصيت الى حجج الله يناجي فلا تخاف ولا تحزن ان كيد الشيطان كان ضعيفا. والعامي من الموحدين حين يغلب الفا من علماء هؤلاء المشركين كما قال تعالى وان جهودنا لهم الغالبون. فجند الله تعالى هم الغالبون واللسان كما انه مغالبون بالسيف والسنان. وانما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح. وقد من الله يصنف رحمه الله ان الانسان اذا عرف ما يفرح به من توحيد الله وما طافه من الشرك وان الطريق لابد له من اعداء القاعدين عليه اهل فصاحة وعلم وحجج من مدعي علمي واولي الفصاحة المزخرفة وجب عليه ان يتخذ سلاحا يدفع به عن نفسه. وكما ان ويقتني سلاحا ينبغي ان يتخذ سلاحا يدفع به عن قلبه. فكما ان المرء يتخذ سلاحا ان يدفع به عن نفسه ان تهلك فاولى له ان يقتني سلاحا يدفع به عن قلبه فيخلصه من واردات الشهوات والشبهات ويقاتل به هؤلاء الشياطين الذين قال امامهم ومقدمهم ربنا عز وجل لاقعدن لهم صراطك المستقيم. الاية ومما تطمئن به قلوب الموحدين هو ان هؤلاء القاعدين على الطريق الموصل الى الله من المضيين الذين يروجون الشبهات باطل ما هم فيه وحابط ما كانوا يعملون. فان اولياء الشيطان مخذولون. وان الشيطان مهما بلغ في نفسه فان كيده ضعيف كما قال الله عز وجل ان كيد الشيطان كان ضعيفا فلا تخف ولا تحزن. واذا كان العبد مقبلا على ربه مصغيا الى حجج الله وبيناته جعل الله له من النور ما يخرج به من ظلمة الغواية الى نور الهداية. كما قال الله سبحانه وتعالى الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور وعلم قليل مع تأييد من الله يحصل به خير كثير. وعلم كثير مع خذلان لا يحصل به الخير ابدا. ومن هذا جنس حجج وشبه الادعياء المضلين الذين ينسبون الى العلم فانه مهما بلغت حججهم في الظاهر من القوة فهي شبه واهية ضعيفة ساقطة كما قال الخطابي رحمه الله تعالى في وصفها فاحسن حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور. اي كل واحد منها اذا كسر فانه منكسر وكلها زائد ومما تقوى به عزائم الموحدين ان العامي منهم يغلب الفا من علماء هؤلاء المشركين وهذه الغلبة منشأها الفطرة التي لم تتكدر بشائبة من شوائب الشرك فالمرء اذا تخلفت عنه دلائل الشرع وفاتته فقمين ان تسعفه فطرته فتكونا مبرئة له من الوقوع في نجاسة الشرك. وموجب انتصار العامي الموحد على الف من علماء الموسيقين انه من جند الله. وقد قال الله وان جندنا لهم الغالبون. واضافة اليه دليل على اختصاصهم به. وفي هذا رفعة بمقامهم وتشريف لاحوالهم وتضمين لقلوبهم ان النصر معهم لان من كان الله معه فان النصر حليفه. ومتى كان العبد جنديا من جند الله فهو الغالب بالحجة واللسان وهو الغالب بالسيف والسنان. ثم ذكر المصنف ان الخوف انما هو على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح اي من العلم يدفع به عن قلبه. فان العبد اذا لم يكن معه علم راسخ عن يقين وصبر ثابت متين اعترت عساكر الشهوات والشبهات فاضعفته حتى تبعده عن ربه. وقول المصنف والعامي من الموحدين يغلب الفا من علماء هؤلاء المشركين لا يعارض قوله وانما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح. فان الجملة الاولى توهم ان العامي بتوحيده مكفي ذلك عن ضلالات المضلين والجملة الثانية تدل على ان من كان على تلك الحال فانه يخشى عليه انه اكتفى بما معه من التوحيد دون تعلم. بل تعويده على الفطرة. ولا تعارض بينهما. فالمصنف رحمه الله تعالى نظر الى شيئين احدهما المأخذ الكوني والاخر المأخذ الشرعي. فاما الاول ففي قوله والعامي من الموحدين يغلب الفا من علماء هؤلاء المشركين. وهذا حق وقد وقع مرارا في قدر الله فيقوم عامي موحد يبهت المشبهين بحق ويغلبهم على دعواهم. واما الثاني ففي قوله وانما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح فالانسان مأمور شرعا ان يتعلم من الدين ما يكون له سلاحا يدفع به عنه شر الشرك ومن لم يكن كذلك فانه يخاف فانه يخاف عليه. فالجملة الاولى منشأها قدري كوني. والجملة الثانية منشأها ديني شرعي. نعم. احسن الله اليكم. وقد من الله علينا بكتابه الذي جعله تبيانا لكل لشيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. فلا يأتي صاحب باطل بحجة الا وفي القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها كما قال تعالى ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا قال بعض المفسرين هذه الاية عامته في كل حجة يأتي بها اهل الباطل الى يوم القيامة. ذكر المصنف رحمه الله في هذه الجملة السلاح الاكيد في ابطال الشرك والتنديد وهو كتاب الله عز وجل فانه لا يأتي صاحب باطل بحجة ان متوهمة الا وفي القرآن الكريم ما ينقضها. ويبين بطلانها وضلالها. كما قال الله عز وجل ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. فكل دعوة تدعى على خلاف فان في القرآن ما يبطلها. واولى من هذا واكد في نصرة الحق بالقرآن انه لا يستدل صاحب باطل بشيء من كتاب الله على باطله الا وما استدل به عائد على مقالته بالابطال. فدليله الذي تعلق به ينقض قوله ذكر هذا المعنى الامام ما لك رحمه الله ثم اخذه عنه وشيد مبانيه ابو العباس ابن تيمية الحفيد في مواضع متفرقة من كتبه. نعم. احسن الله اليكم. وانا اذكر لك اشياء مما ذكر تعالى في كتابه جوابا لكلام لكلام احتج به المشركون في زماننا علينا. فنقول جواب اهل الباطل من طريقين في مجمل ومفصل اما المجمل فهو الامر العظيم والفائدة الكبيرة لمن عقلها وذلك قوله تعالى عليكم الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال اذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم. لما بين المصنف رحمه الله ان وانا كاف في ابطال الحق في ابطال الباطل واحقاق الحق. شرع يذكر في كتابه هذا جوابا بكلام احتج به المشركون في زمانه على دعوة التوحيد. فبين ان الرد على تلك الاقوال مبطلة يقع من طريقين احدهما طريق مجمل والاخر طريق مفصل. والمراد بالطريق المجمل القاعدة العامة التي يضطرد اعمالها في كل شبهة. القاعدة العامة التي يضطرد اعمالها في كل شبهة. واما الجواب المفصل فهو الرد على كل شبهة مفردة على حدة. وبدأ رحمه الله بالجواب المجمل لانه الكلي. وهو الامر والفائدة الكبيرة من عقلها واستدل على تحقيقه باية سورة ال عمران التي قال الله فيها والذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهة الاية. فان الله بين ان من القرآن ما هو ومحكم وان منه وما هو متشابه. والاحكام والتشابه المتعلق بالقرآن يقع على معنيين اولهما الاحكام والتشابه الكلي. كقوله تعالى كتاب احكمت اياته وقوله كتابا متشابها. ووصف القرآن في الاولى بالاحكام كله ووصفه بالدانية انه كله متشابه. والمراد بالاحكام هنا اتقان والتجويد فهو محكم متقن مجود المراد بالتشابه هنا هو تصديق بعضه بعضا ايات الكتاب يصدق بعضها بعضا وليس بينها اضطراب وثانيهما الاحكام والتشابه الجزئي وفيه هذه الاية التي اوردها المصنف الدالة على ان بعض القرآن محكم. وبعضه والمحكم والمتشابه هنا يراد بهما في باب الخبر ما استأثر الله بعلمه انه هو المتشابه. ما استأثر الله بعلمه انه هو المتشابه وما لم يستأتي الله بعلمه فهو المحكم اما في باب الطلب فالمتشابه فيه فهو ما لم يتضح معناه اما في باب الطلب فالمتشابه فيه فهو ما لم يتضح معناه والمحكم هو الذي اتضح معناه وفائدة هذا الجواب المجمل ان اعلم ان ما اورد من الشبه فهو من جهة المتشابه. فيترك لاجل ويفزع الانسان الى المحكم فيتمسك به. هذا مراد الشيخ بالجواب المجمل وسيبينه فيما يستقبل من المثال. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر المصنف انه قال اذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم متفق عليه من حديث عائشة الحذر من هؤلاء يجمع شيئين. احدهما الحذر من اشخاصهم فلا والاخر الحذر من مقالاتهم فيقبل الانسان عليها ولا يتشاغل بها. نعم. احسن الله اليكم. مثال ذلك اذا قال لك بعض الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. او ان الشفاعة حق او ان الانبياء لهم جاه عند الله او ذكر كلاما للنبي صلى الله عليه وسلم يستدل به على شيء من باطله وانت لا تفهم معنى الكلام الذي ذكره فجاودوا بقولك ان الله تعالى ذكر لنا في كتابه ان الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه اذكرت لك من ان الله ذكر ان المشركين يقرون بالربوبية وانه كفرهم بتعلقهم على الملائكة او الانبياء او الاولياء مع هؤلاء شفعاء نعيم عند الله. وهذا امر محكم لا يقدر احد ان يغير معناه. وما وما ذكرته لي ايها المشرك من القرآن او كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اعرف معناه ولكن اقطع ان كلام الله لا يتناقض وان كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالف كلام الله عز وجل الا من وفقه الله تعالى ولا تستهونه فانه كما قال تعالى وها الا ذو حظ عظيم. لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان جواب الشبه المدعاة في باب التوحيد يكون من طريقين اثنين احدهما طريق مجمل والاخر طريق مفصل والمراد بالجواب المجمل كما فسبق القاعدة الكلية التي ترد اليها تفاصيل المسائل والمراد بالجواب المفصل الجواب الجواب المباشر تعلقوا بالشبه واحدة واحدة باعتبار افرادها شرع يبين مثالا يتضح به طريق الجواب اجمل ومخرج الجواب المجمل كما سبق هو رد الامر الى الاحكام وترك ما تشابه. فاذا استدل عليك احد بالدعاوى الباطلة في باب توحيد العبادة او غيره. وجاء بكلام متشابه فقال الشفاعة حق والانبياء لهم عند الله او ذكر كلاما يستدل به وانت لا تفهم هذا الكلام فان الجواب القاطع لتلك الشبهة ايا كانت ان تقول ان احكام القرآن دل على ان المشركين الاولين مقرون بالربوبية. وان الله سبحانه وتعالى كفرهم تعلقهم بالملائكة والانبياء والاولياء. اذ جعلوهم شفعاء ووسائط وبين الله سبحانه وتعالى هذا بيانا تاما فهو امر بين محكم لا يترك ابدا. وما ذكره لك هذا المشبه فهو كلام كما قال المصنف حاكيا لا اعرف معناه ومعنى قوله لا اعرف معناه يحتمل شيئين. احدهما لا اعرف معناه الذي تدعيه وتذكره وتستدل به. والثاني لا اعرف معناه الذي ذكره اهل العلم فيكون نفي معرفة المعنى عاما في كل انواع كل لافراد المعرفة فهو لا يعرف ما ذكر هذا المدعي ولا يعرف كذلك ما ذكره اهل العلم ولكنه يجزم بان كلام والله لا يتناقض ان كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالف كلام الله. فهذا جواب مجمل كاف في دفع كل الردية في باب التوحيد او غيره من ابواب الديانة. نعم. احسن الله اليكم. واما الجواب المفصل فان اداء الله لهما كثيرة على دين الرسل يصدون بها الناس عنه. منها قولهم نحن لا نشرك بالله شيئا بل نشهد انه لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يدبر والامر ولا ينفع ولا يضر الا الله وحده لا شريك له وان محمدا صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فظلا عن ابيه القادر او غيره ولكن انا المذنبة والصالحون لهم جاه عند الله واطلب من الله دين. فجاوبوا بما تقدم وهو ان الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بما ذكرت لي ايها المبطل. تدبر شيئا وانما ارادوا ممن قصدوا الجاه والشفاعة وقع عليه ما الله في كتابه ووضحه لما فرغ المصنف رحمه الله من ذكر طريق الجواب المجمل وضرب له مثالا يتبين به شرع يبين شبه المشبهين من المبطلين في توحيد العبادة على وجه التفصيل. وابتدأها بشبه ثلاث اوردها واحدة واحدة ثم الحق بكل شبهة ما ينقضها ويبطلها. وهذه الشبه الثلاث هي اكبر ما عندهم. واول هذه شبه انهم يقولون نحن لا نشرك بالله بل نشهد انه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضر الا الله وان محمدا الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا. فضلا عن من هو دونه. ولكنهم مذنبون والصالحون لهم جاه فهم يطلبون من الله به. هذه هي شبهتهم الكبرى. والجواب عن هذه الشبهة من وجوه ثلاثة اولها ان هذه المقالة هي مقالة المشركين الذين الى كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلهم. فما انتم واقعون فيه قد وقع فيه قوم سبقوكم وثانيها ان الجاه الذي يكون للصالحين هو جاه يتعلق بهم لا يلزم منه سؤالهم والاستغاثة بهم بل لهم جاه وقدر عند الله وانت لك عملك. فلست اذونا بان تطلب من هؤلاء الصالحين من اجل ما لهم من الجاه. بل انت مأمور بالعمل وجاه الصالحين لا ينفعك. وثالثها ان العبد المذنب لم يؤمر في خطاب الشرع ان وقعت منه زلة او ارتكب سيئة ان يفزع الى الصالحين كي يطلبوا له من الله المغفرة والرحمة بل هو مأمور بالاستغفار والتوبة فيستغفر الله ويتوب اليه. نعم. احسن الله اليكم فان قال ان هؤلاء الايات نزلت في من يعبد الاصنام ونحن لا نعبد الاصنام. كيف تزالون الصالحين مثل الاصنام؟ كيف تجعلون الانبياء اصنام فجاوبه بما تقدم. فانه اذا قرر ان الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله وانهم ارادوا مما قصدوا الا ولكن اراد ان يفرق بين فعلهم وفعله لما ذكر فاذكر له ان الكفار منهم من يدعو الاصنام ومنهم من يدعو الاولياء الذين قال الله اولئك الذين يدعون الى ربهم وسنة اي هم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ربك كان محظورا ويدعون عيسى ابن مريم وامه وقد قال الله تعالى بل المسيح ابن مريم الا رسول قد خلت من قبل وامه صديقة واذكر له قوله تعالى ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول الملائكة اياكم كانوا يعبدون. وقوله تعالى واذ قال الله يا عيسى ابن مريم الله كبر من قصد الاصنام وكفر ايضا من قصد الصالحين وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر المصنف رحمه الله شبهتهم الثانية. وهم يزعمون ان هذا متحقق في من يعبد الاصنام. ونحن لا فنعبد الاصنام افتجعلون الاولياء كالاصنام؟ والجواب عن هذه الشبهة ان يقال ان هذا الذي زعمتم متحقق في عبدة الاولياء. لان النبي صلى الله عليه وسلم لما انكر قال عبدة الاصنام رفع صلى الله عليه وسلم صوته بالنكير على كل من دعا غير الله سواء دعا نبيا او وليا او صالحا او شجرا او حجرا. فكما ان النبي صلى الله عليه وسلم ابطل بدعوته عبادة الاصنام ودعوتها من دون الله فكذلك افطر صلى الله عليه وسلم عبادة الانبياء والاولياء والصالحين ودعوتهم من دون الله عز وجل. نعم. احسن الله اليكم. فان قال الكفار يريدون منهم النفع والضر وانا اشهد ان الله هو النافع الضار المدبر لا اريد الا منه. والصالحون ليس هم من الامر شيء ولكن اقصدهم ارجو من الله شفاعتهم. فالجواب ان هذا قول سواء بسواء فاقرأ عليه قوله تعالى والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. قوله تعالى ويقولون هؤلاء شفعاء عند الله. واعلم ان هذه الشبهة الثلاثة هي اكبر ما عندهم فاذا عرفت ان الله وضحها في كتابه فهما جيدا فما بعدها ايسر منها. ذكر المصنف رحمه الله شبهتهم الثالثة وهي قولهم الكفار يريدون منهم. وانا اشهد ان الله هو النافع الضار المدبر لا اريد منهم لا اريد الا منه والصالحون ليس لهم من الامر شيء ولكن اقصدهم ارجو من الله سبحانه وتعالى شفاعتهم عن هذه الشبهة من وجهين. احدهما ان هذه الدعوة هي دعوة الذين كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلهم. فكما زعمتم ان معظميكم شفعاء لكم عند الله فكذلك زعم اهل الجاهلية الاولى ان من يعظم هم شفعاء لهم عند الله. والاخر ان الشفاعة ملك. محض لله فلا اتطلب من غير الله؟ كما قال الله سبحانه وتعالى قل لله الشفاعة جميعا فالشفاعة كلها من كل لله ولا تطلب الا من الله سبحانه وتعالى. ولا تنفع شفاعة عنده الا لاهل التوحيد. فاذا سأل العبد غير الله الشفاعة فانه يسأله شيئا لا يملكه. فمن سأل نبيا او ملكا او وليا او صالحا الشفاعة فقد سأله شيئا لا يملكه ومن سأل شيئا لا يملكه وان ما يملكه الله سبحانه وتعالى فقد وقع في الشرك. وهذا اخر شرح هذه الجملة كتاب على نحو مختصر يفتح موصده ويبين مقاصده. اللهم انا نسألك علما في يسر او يسرا في علم وبالله التوفيق والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين