الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين. قلتم وفقكم الله ونفعنا بعلمكم. باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من يطع الامير فقد اطاعني. مقصود الترجمة بيان وجوب طاعة الامير. بيان وجوب طاعة الامير والامير اسم لمن يتولى امر الناس في السلطنة والحكم. والامير اسم لمن يتولى امر الناس في السلطنة والحكم. وهذا المعنى له اسماء اخر فيسمى حاكما وسلطانا وخليفة واماما فتلك الاسماء وان افترقت في المبنى فانها متحدة في المعنى. فتلك الاسماء وان افترقت في المبنى فانها متحدة في المعنى. فهي موضوعة في عرف الشرع لقبا على كل من يتولى امر الناس في تدبير السلطان والحكم ومن الغلط توهم ان اسم الخليفة يكون لمن يجمع ولاية الناس كلهم. وانه هو الذي له البيعة الشرعية وانه لا بيعة الا لخليفة فان اسم الخليفة في الشرع واللغة لقب لكل من ولي امر احد من الخلق في الحكم سواء كانوا جميع المسلمين ام بعضهم؟ سمي خليفة لانه يخلف من بعده. لمن قبله سمي خليفة لانه يخلف من قبله فمن انعقدت له الولاية على المسلمين كلهم او على قطر من اقطارهم سمي يا خليفة باعتبار كونه مسبوقا بغيره ممن تقدمه. ويسمى كما تقدم ايضا اميرا وحاكما وسلطانا واماما. فليس لهذه الاسماء من الشرعي لواحد ما ليس للاخر فانها مشتركة في دلالتها على معنى مت وهو من تولى تدبير شؤون الناس في السلطان والحكم فالذي يسمى اليوم ملكا او سلطانا او اميرا هو خليفة شرعا وعرفا وقابل هذا الغلط الزعم بانه ليس من مقام الاسلام نصب الخلافة. فان هذا غلط نشأ من مقابلة غلط. فان مما قاصدي الاسلام جمع الناس على من يدبر ولايتهم في السلطان والحكم بما يحفظ عليهم الدين والدنيا. بما يحفظ عليهم الدين والدنيا. وذلك المطلوب نصبه قد يسمى تارة خليفة وقد يسمى اميرا وقد يسمى سلطانا وقد يسمى يا من وقد يسمى حاكما. فتلك تلك الالفاظ فتلك الالفاظ متحدة في المعنى والسنة ان يكون المتولي امر المسلمين كلهم. في السلطنة والحكم واحد فان تعذر اقامة السنة صحت ولاية كل كل من انعقدت له ولاية السلطنة والحكم في القطر الذي تولى عليه. وهو الواقع في المسلمين من قرون طويلة من العهد الاول الى يومنا هذا. وانعقد الاجماع على صحة ولاية هؤلاء مع التفرق ممالكهم. ذكر اجماع اهل العلم جماعة منهم ابن تيمية الحفيد ومحمد ابن عبد الوهاب في اخرين. ومنشأ الغلط في تصوير هذه المسائل ومعرفة حكم الشرع فيها هو تسليط الواقع القدري على الحقائق الشرعية فصار الواقع القدري الذي يسيطر على عقول الخلق متحكما في تفعيمهم حقائق الشرع فصرت ترى في من ينتسب الى العلم من يتفوه بان الخليفة هو لقب لمن يلي لميناء جميعا وهذا غلط ظاهر فمن تتبع الاحاديث التي ورد فيها اسم الخليفة وجد فيها اثبات اسم الخلفاء لجماعة من المراء من الامراء مع تفرقهم وكذا سلطان اللغة يدل على هذا المعنى. وناهض هذا الغلط غلط قوم ظنوا ان المطالبين بهذا المعنى المذكور يرومون شيئا ليس من الاسلام اباحوا باعلان ان نصب الخلافة اي الامارة والولاية ليس من مقاصد الشرع. وهذا غلط ايضا فانه لا بد للناس شرعا وقدرا من احد يسوسهم. ويحكم امرهم فيما يتعلق بتدوير شؤونهم في تدبير شؤونهم حتى ينتظم امر دينهم ودنياهم. ودلالة الخلق الى الحق بالحق تهديهم اليه وتقربهم منه. وحملهم على الحق بغير الحق يؤدي بهم الى النفرة منه وهذا من الشائع بين الناس اليوم فان اشياء كثيرة من الحق يلقى على الناس بغير طريق الحق فتنفر نفوسهم منها وتؤول بهم الى الشر فهذا الاصل المترجم عليه من وجوب طاعة الامير ينتصب احد لبيانه بالدلائل الشرعية والبراهين النقلية والعقلية فيحسن اقامة الادلة والنقل عن الاجلة فيعظم هذا الاصل في نفوس الناس ويرونه دينا يدينون به لله لا يتعلق بامير دون امير ولا دون زمان ولا حاكم دون حاكم ولا باحسان دون اساءة فهم يرون هو يرى ان هذا الذي القاه للناس من دين الناس من دين الله وهم وعوا عنه بما ذكر لهم من الادلة ان هذا دين فيتقربون الى الله سبحانه وتعالى به. وترى في الناس من للناس لبيان هذا الاصل فيجري فيه على غير الحق. مزمجرا ومهددا ومتهما للناس بمنازعة السلطان والخروج عن الولاية فيفشي فيهم الظنون سيئة فينفرون من الكلام الذي زوقه وقاله لانه القى التهم عليهم مجازفة الناس انهم في هذا الاصل الشذر مدر غير قائمين به ولا وافين بالحق الشرعي الذي طلب منهم من الله سبحانه وتعالى. فيتشوش هذا الاصل في قلوبهم. ويزيد في الطنبول في رفع ملوك الزمان فوق ملوك العدل الذين تقدموا مما لا يقبله كل عاقل من في الازمنة المتأخرة. فعقلاء الولاة في الازمنة المتأخرة وان صلحوا لا يرون انفسهم يقعون موقعا اعلى ممن جاء بعد الخلفاء الراشدين من ولاة العدل كمعاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه او عمر ابن عبد العزيز رحمه الله الى غير هذين من ملوك المسلمين فمن اراد ان يبين الحقائق الشرعية في هذا الباب خاصة وفي غيره فانه لا بد ان يحسن معرفة مواقع هذه الاحكام في الشرع ثم يحسن طريق ايصالها الى الخلق ليهديهم الى الحق فانه اذا ادرك مقاصد الشرع في هذه المعاني التي ذكرنا ثم سلك طريق الشر رأف بالناس في هدايتهم اليه قبل الناس منه. واذا كان يفرق بين الخليفة والامير تارة موجبا الخلافة وتارة اخرى ملغيا الخلافة ثم يجري في هذا تارة بما ينفر الناس من ولاتهم وتارة بما ينفر الولاة من الناس فهذا طريق غير شرعي. واذا اردت ان تعرف من ولي هذا الامر فقام به على الطريقة الشرعية فانظر الى علماء الدعوة من اهل هذا القطر فان لهم في هذا الباب كلاما كثيرا يدينون به لله دينا وعبادة لا يتقربون به الى احد من الخلق فانهم لا يرون شيئا من الدنيا حقيقا بالنظر اليه فهم يفون لولاتهم بحقهم ويشيعون في الناس ذكرهم بالخير ترغيبا في اقامة هذا الاصل وحفظه واذا خلوا بولاتهم نصحوهم وحثوهم على الخير وذكروهم بما يجب عليهم من حق الناس وترى كثيرا مما يشفي غليلك ويرويه في اجوبة شيخنا احمد ابن عثيمين على الاسئلة التي كان يلقيها الطلبة حول هذا الامر في شرحه على العقيدة السفارينية. فالنسخة المطبوعة من شرح العقيدة السفارينية له المشتملة على الاسئلة والاجوبة المتعلقة بهذا تبين لك كثيرا من من الحق الحقيقي الذي ينبغي ان يكون في الناس وكثيرا من الزغل والباطل الذي ينبغي ان ينفى عن الناس سواء ممن يأخذ ذات اليمين تارة او ممن يأخذ ذات الشمال تارة اخرى. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله وقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه انه قال دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال في ما اخذ علينا من بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا الا ننازع الامر اهله الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان. متفق عليه. زاد في رواية له ما واللفظ لمسلم وعلى ان نقول بالحق اينما كنا لا نخاف بالله لومة لائم. وعن انس ابن مالك رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا واطيعوا وان استعمل عليكم حبشي كأن رأسه زبيبا. رواه البخاري. وعن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه سلم انه قال السمع والطاعة على المرء المسلم فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية فاذا امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. متفق عليه. وعن عوف ابن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال خيار ائمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم. ويصلون عليكم وتصلون عليهم ضرار ائمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قيل يا رسول الله افلا امنوا بالسيف فقال لا ما اقاموا فيكم الصلاة. واذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله. ولا تنزع يدا من طاعة رواه مسلم. وعن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم سترون بعدي اثرة وامورا تنكرونها. قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال ادوا اليهم حقا واسألوا الله حقكم متفق عليه واللفظ للبخاري وهنا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. الا تسبوا امرائكم ولا تعيبوهم. واتقوا الله واصبروا فان الامر قريب. رواه ابن ابي عاصم في السنة وابو نعيم الاصبهاني في تاريخ اصبهان. واللفظ له واسناده حسن. وقال ابو الدرداء رضي الله عنه اياكم ولعن الولاة. فان لعنهم الحانقة وبغضهم هم العاقرة قيل يا ابا الدرداء فكيف نصنع اذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال اصبروا فان الله اذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت. رواه ابن ابي عاصم في السنة ورجاله ثقات. وقال حذيفة ابن اليماني رضي الله عنهما امام مشى قوم الى سلطان الله في الارض ليضلوه. الا اذلهم الله قبل ان يموتوا. رواه يجامع واسناده صحح به الحاكم حديثا. ذكر المصنف وفقه الله لتحقيق مقصود الترجمة عشرة ادلة. فالدليل الاول قوله صلى الله عليه وسلم من يطع الامير فقد اطاعني وهو قطعة من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اطاعني فقد اطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله. ومن يطع الامير فقد اطاعني ومن يعصي الامير فقد عصاني متفق عليه. ودلالته على مقصود الترجمة من وجهين. احدهما في قوله من يضل الامير فقد اطاعني. فطاعة الامير من طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاخر في قوله ومن يعصي الامير فقد عصاني. فمعصية الامير من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم. وموقع الجملتين من الطاعة والمعصية باعتبار موافقة الشرع وموقع الجملتين من الطاعة والمعصية باعتبار موافقة الشرع. فلو دعاه امير الى معصية الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطعه. فان الرسول صلى الله عليه وسلم مقدمة على طاعة ذلك الامير في معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. والدليل الثاني قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول الاية دلالته على مقصود الترجمة في قوله واولي الامر منكم وهم اهل الولاية المتولون وهم اهل الولاية المتولون عليكم. الذين هم العلماء والامراء في اصح الاقوال الذين هم العلماء والامراء في اصح الاقوال. لان تدبير واهل الاسلام يكون في العلم والحكم. لان تدبير اهل الاسلام يكون في العلم والحكم ولكل اهله. والجامع بينهما هو اعلى اولي الامر. والجامع بين انهما هو اعلى اولي الامر كالرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فانه صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين كانوا بالمحل الاعلى. في ولاية العلم والحكم ثم ضعف الامر بعد ذلك حتى تفرق في الناس فصارت ولاية العلم العلماء وولاية الحكم للامراء. والجمع في قوله تعالى اولي الامر والجمع في قوله تعالى اولي الامر يراد به من يرد اليهم. يراد به من يرد من جماعة العلماء والامراء من جماعة العلماء والامراء ويصح ارادة واحد به. ويصح ارادة واحد به. اذا رد امر الناس في شيء منهما اذا رد اليه امر الناس في شيء منهما. فالاية تتناول من تولى الناس في الحكم وكان واحدا. فالاية تتناول من تولى الناس في الحكم وكان واحدا. ما الدليل ما الدليل الاية تتناول الواحد نعم لانها منه احسنت ففي الصحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان قوله تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم نزلت في عبد الله بن حذافة السهمي. نزلت في الله ابن حذافة السهمي. وكان خبر ذلك ان عبد الله بن حذافة رضي الله عنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على راسي سرية فوقع بينه وبين من معه شيء مما يقع بين الخلق عادة فغضب غضبا شديدا فامر نار فاوقدت ثم امرهم بان يلقوا انفسهم فيها ثم سكن غضبه. فنزلت هذه الاية في ذلك فيما وقع بينه وبينهم من بيان طاعة الامير ثم بيان النبي صلى الله عليه وسلم ان الطاعة تكون في المعروف كما سيأتي في الادلة المستقبلة. فالاية تصح في الواحد وتصح في جماعة من يرد اليهم الامر من العلماء والحكام. والدليل الثالث هو حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه انه قال دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه. الحديث متفق عليه ودلالته على مقصود الترجمة في قوله ام بايعنا على السمع والطاعة؟ وهي عقد البيعة للامير وهي حقيقة عقد البيعة للامير. فان بيعته هي عقد السمع والطاعة له فان بيعته هي عقد السمع والطاعة له. والسمع هو القبول والطاعة هي الانقياد. والسمع هو القبول والطاعة هي الانقياد. فعلى المسلم السمع والطاعة لولي الامر بالمنشط والمكره والعسر واليسر والاثرة اي ايخص الامير به نفسه ومن يحب من امر الدنيا. اي ما يخص به الامير نفسه ومن يحب من امر الدنيا والا ينازع الامر اهله ما لم يرى كفرا بواحا اي ظاهرا عنده من الله فيه برهان واللفظ الاخر عندهما وعلى ان نقول بالحق اينما كنا لا نخاف الله لومة لائم. يبين ان قول الحق لا يقدح في عقد السمع والطاعة تبين ان قول الحق لا يقدح في عقد السمع والطاعة. بشرط ان يكون بالحق بشرط ان يكون بالحق. فقول الحق بالحق من الدين الحق قول الحق بالحق من الدين الحق ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيعته التي بايع بها هؤلاء وعلى ان نقول بالحق اينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم فالخوف من الله اعظم من الخوف ممن سواه. فان حكم الله لا يزول حكم غيره يزول. وحكم الله ينفذ وحكم غيره لا ينفذ. لكن شرطه ان يكون قول الحق بالحق فمن اراد ان يقيم العهد الذي عهد به النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه في بيعة اولي الامر وجب عليه ان يقوم بالحق لا يخاف في الله لومة لائم بطريق الحق وطريق الحق هو الطريق الذي قدره الشرع. فما قدره الشرع بيان الحق كان من الحق. وما استحسنه الناس. واصطلحوا عليه ولم يأتي الشرع به فلا عبرة به وليس طريقا لنصب الحق. فمثلا لو ان احدا من الولاة صنع ما صنع فعمد اليه رجل مسموع الكلمة من العلماء او الامراء دونه او الوجهاء او غير هؤلاء فخلا به فنصحه ووعظه وذكره بالله سبحانه وتعالى فهل يكون هذا قادحا في سمعه وطاعته له ام غير قادح؟ الجواب قادح ويكون حينئذ قولا للحق بالحق ام بغير الحق؟ قولا بالحق بطريق الحظ فان عمد اخر بعد حدوث تلك البلية من الامير فانتصب في جمع من الناس مما من لا تدبير لهم في شيء من الامور ثم حدثهم بان ما صنعه هذا الامير شر لا خير فيه. وانه صادر من عدم تمام رؤية وتقدير حسن للامور. وانه يؤول بالناس الى شرور وشرور. فحينئذ يكون ما قال وان كان من الحق على تقدير ذلك مسلوكا به غير طريق الحق. لان الله قال واذا جاءهم امر من الامن او الخوف يعني ما يحدث في الامر العام للناس. اداءوا به. كفعل هذا ولو توبوا الى الرسول والى اولي الامر منهم. يعني من يتعلق بهم تدبير الشأن لعلمه الذين يستنبطونه منهم فالله عز وجل امرنا في مثل هذا ان يرد الى اهل الشام لا الى كل احد فلا يعمد المرء في جموع الخلق ممن لا يعي كل شيء فيدرك شيئا وتغيب عنه اشياء وهذا متعلقه كذا وذاك فمتعلقه كذا وهذا ابن عشر سنين وذاك ابن اربعين سنة. وذاك ابن ثمانين سنة. ثم يحدثهم بخطاب هائم لكل هؤلاء لا يستوون في ادراكه ولا يملكون شيئا في حله ووثاقه فحين يكون صنيعه الذي صنع من غير المأذون به شرعا. لانه لم يسلك في القيام بالحق طريق الحق واما من سلك بالحق طريق الحق فانه وان وقع له ما وقع فهو من اعظم عند الله عز وجل مقاما لان الصادق مع الله ومع خلقه هو من يبذل لهم نصيحة متقربا الى الله سبحانه وتعالى. لا يرجو من الخلق شيئا ولا يهاب من الخلق شيئا ان معاملته مع الله سبحانه وتعالى. فمثل هؤلاء هم انوار الدجى وشموس الهدى الذين ينتفع الناس بقيامهم بهذا الواجب. وتبرأ ذمم الخلق من حق القيام بالنصيحة لولي الامر فيستقيم بذلك امر الناس في دينهم ودنياهم. فمن الغلط الواقع في هذا هذه الجملة المذكورة قالت طائفتين. احداهما طائفة ترى ان كل قيام بالحق قادح في السمع والطاعة. وهذا غير صحيح. فانما يكون قادحا اذا كان بغير الحق. اما اذا قال الرجل بالحق في نصح ولي الامر فهذا من الحق. والطائفة الاخرى طائفة تقوم بحق بغير طريق الحق. فيكون ما يتولد من الشر عن اولئك عن هؤلاء واولئك شيء عظيم هو الذي يصطلي المسلمون في كثير من البلاد بناره ولهبه لما ضيعت الاصول الشرعية وسلك بها وسلكت بها طرق سوى الطرق المرعية عند من له الة العلم والعقل والتجربة. وتجد في احوال علماء هذه البلاد مما من خالطهم وعرف اخبارهم قديما وحديثا من رجاحة العقل وتمام النصح والصدق مع الله ومع خلقه ما كانوا به اسبابا من ثبوت الدين والدنيا في هذه البلاد. فكم من فتنة قديما وحديثا فكان القائمون بصدها والتحذير منها هم العلماء الصادقون في نصحهم لولاة امرهم ممن لا يخافون الا الله ولا يرجون الا الله سبحانه وتعالى. ولا يرون شيئا من الدنيا مطلوبا عندهم ولهم في ذلك اخبار كثيرة تدل على صدق دينهم وانهم نصحة لله ولكتاب ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولائمة المسلمين وعامتهم. ثم حدث في الناس احوال تخالف تارة من هذه الجهة وتخالف تارة من تلك الجهة. ومن اراد ان يسلم فعليه ان يقيم نفسه على الطريقة الشرعية ان يهتدي بهؤلاء فان من دلائل الحق لزوم الكتاب والسنة وظهور العقل في صحة التجربة في وقائع كثيرة سواء ممن ادركنا في سنوات قريبة او ما كان فيما تقدمنا قبل سنة وسبعين سنة وتسعين سنة من وقائع كانت كل واحدة كفيلة بان تصرم عقد الولاية هنا وان تفرق الناس وان يعودوا الى سالف ما كانوا عليه من الشر. لكن كان صمام الامان لزوم الطريقة الشرعية وبذل النصح للراعي والرعية والتقرب الى الله سبحانه وتعالى بذلك. والدليل الرابع حديث انس ابن رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا واطيعوا. الحديث رواه البخاري ودلالته على مقصود الترجمة في قوله اسمعوا واطيعوا. اي اسمعوا لمن كان اميرا اليكم واطيعوه ولو بلغت حال المتولي ان يأنف الاحرار حال الاختيار من ولايته. ولو بلغت حال المتولي ان يأنف الاحرار حال الاختيار من ولايته كالعبد الحبشي الذي يتولى على العرب كالعبد الحبشي الذي يتولى عن العرب فان العرب يرون في انفسهم فظلا عليه فان العرب يرون في انفسهم فضلا عليه اذا كسر ملاحظة هذا الفضل في نفوسهم بامرهم شرعا بان يطيعوه ولو كان عبدا حبشيا اذا تولى تدبير امرهم في السلطنة والحكم. والدليل الخامس حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال السمع والطاعة على المرء المسلم. الحديث متفق عليه. ودلالته على مقصود الترجمة في قوله السمع والطاعة على المرء المسلم. ايهما عليه لولي الامر. ايهما عليه لولي الامر فان اطلاقهما يتعلق به دون غيره. فان اطلاقهما يتعلق به دون غيره فيجب على العبد ان يسمع ويطيع فيما احب وكره الا في حال واحدة. وهي ان يؤمر بمعصية فاذا امر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. اي في تلك المعصية. فلا سمع ولا طاعة اي في تلك المعصية. ويبينه حديث عوف ابن مالك رضي الله عنه الاتي بعده. وفيه قوله صلى الله عليه وسلم فاذا رأيت رأيتم من غولاتكم شيئا تكرهونه فاكره عمله. ولا تنزعوا يدا من طاعة فمن دعا الى معصية الله من الامراء لم يطع في تلك المعصية وكره ذلك كمنه لكن لا تنزع البيعة بالسمع والطاعة منه لاجل تلك المعصية والدليل السادس هو حديث عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال خيار ائمتكم الذين تحبونهم يحبونكم الحديث رواه مسلم. ودلالته على مقصود الترجمة في قوله قيل يا رسول الله افلا ننابذهم بالسيف فقال لا ما اقاموا فيكم الصلاة. فاذا رأى المرء المسلم من اميره ما يكره فانه يحرم وعليه ان يشاقه بالخروج عليه بالقتال. ما بقي عليه اسم الاسلام. فان قوله صلى الله عليه وسلم لا ما اقاموا فيكم الصلاة اي لا ما بقي عليهم اسم الاسلام. ومن اعظم ما يثبت به بقاء اسم الاسلام الصلاة. فانها اعظم اركان الاسلام العملية. والدليل السابع حديث ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم سترون بعدي اثرة. الحديث متفق عليه واللفظ للبخاري ودلالته على مقصود الترجمة في قوله ادوا اليهم حقهم واسألوا الله حقكم فمن الحق الذي لهم علينا السمع والطاعة. فيجب على العبد ان يؤدي اليهم هذا الحق. وان رأى منهم اي اختصاصا لانفسهم ومن يحبون بشيء من الدنيا مهما عظم. فاذا رأى منهم العبد ذلك ورأى امورا ينكرها ادى اليهم حقهم من السمع والطاعة ولم ينازعهم في وسأل الله سبحانه وتعالى حقه. ومن وكل حقه الى الله فان الله كفيل له بحقه. فمن ضمن الله عز وجل له حقه فانه اتيه في او في الاخرة او فيهما معا فمن كان الله ضمينه وكفيله فويل لمن خالف امر الله سبحانه وتعالى فيه. ومن كان ذا بصر وديانة من الولاة عظم عليه شأنها فان السؤال عن حقوق الخلق عظيم. وقد ذكر ابو الفرج ابن رجب في اخبار عمر الخطاب رظي الله عنه انه رؤي بعد موته بتسع سنين فقيل له ما فعل الله بك يا ابن الخطاب فقال الان الان فرغت من الحساب. فاذا كان هذا عمر الذي يؤلمه عثرة بغلة في صنعاء او الكوفة بقي هذه المدة المذكورة في بهذه الرؤيا وهي تجري مجرى الاخبار التي توقظ في الناس الانتباه الى هذه المعاني قرر في الكتاب والسنة من ان سؤال الله عن حقوق الخلق شديد. هذا اذا كان ذو الحق فكيف اذا كانوا خلقا كثيرا؟ والدليل الثامن حديث انس رضي الله عنه انه قال نهانا كبراؤنا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تسبوا امرائكم. الحديث رواه ابن ابي عاصم في السنة وابو نعيم في تاريخ اصبهان واللفظ له واسناده حسن. ودلالته على مقصود الترجمة في قوله الا تبوا امرائكم ولا تعيبوهم. فمن حق الامير المندرج في طاعته عدم سبه. فمن حق المندرج في طاعته عدم سبه. وترك عيبه لما ينشأ عن ذلك من الشرور وما يتولد منه من الويل والثبور. فينهى العبد عن سب الامراء ولعنهم لسوء عاقبته فان قال قائل هذا الحديث الذي ذكرت ان اسناده حسن هو منكر لما تقدم في حديث عوف ابن مالك وهو في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وشرار ائمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم. وتلعنونهم ايش؟ ويلعنون فالخبر المذكور يدل على وقوع لعن الامراء من الرعية ما الجواب؟ انا شخصيا من باب الطلب نعم والجواب ان الحديث المتقدم عن عوف هو حكاية حال من باب الخبر. هو حكاية حال من باب الخبر لا تفيد جواز اللعن. والمذكور في حديث انس تقرير حكم وهو النهي عن لعن الامراء وعيبهم وسبهم. ويقدم الطلب على الخبر الطلب على الخبر وباب الخبر يستفاد منه ان لم ينازع دليل. مثل ايش؟ مثل ما حكم المنارة في المسجد الائمة وينهم تجدكم فيها منارات طيب وغير الائمة؟ المأمومين يفزعون للائمة يوجد حديث في النهي لا يوجد لكن جاء خبر في صحيح مسلم ان المسيح عيسى ابن مريم ينزل عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق فذكر ذلك على وجه الخبر من غير وجود ما ينازعه نهيا لا في الاحاديث ولا في الاثار عن الصحابة والتابعين واتباع التابعين يدل على جواز ذلك. والدليل التاسع حديث ابي الدرداء رضي الله عنه انه قال اياكم ولعن الحديث رواه ابن ابي عاصم في السنة ورجاله ثقات. ودلالته على مقصود الترجمة في قوله اياكم ولعن الولاة. فنهى عن لعنهم لما يجره. نقض السمع والطاعة لما اجره من نقض السمع والطاعة له فانه اذا فشى في الرعية لعن الولاة ال الامر الى بغض والنفور منهم. ثم قوى في الناس الخروج عليهم. وهو محرم شرعا وعلله بقوله فان لعنهم الحالقة وبغضهم العاقرة. والمراد بالحالقة المذهبة للخير والمراد بالحالقة المذهبة للخير الموجود. والمراد بالعاقرة المستأصلة للخير المطلوب فيما يستقبل المستأصلة للخير المطلوب فيما يستقبل. فالحلق اعدام الموجود فالحلق اعدام الموجود. والعقر قطع امل في وجود المفقود والعقر قطع امل في وجود المفقود. والدليل العاشر حديث حذيفة بن اليماني رضي الله عنهما انه قال ما مشى قوم الى سلطان الله. الحديث رواه معمر في الجامع. واسناده صحح به الحاكم حديثا. ودلالته على مقصود الترجمة في قوله الا اذلهم الله قبل ان يموتوا. فمن اذل سلطان الله في ارضه اذله الله فالتعدي على حق الامر في السمع والطاعة للامير يورث الذل. فالتعدي في حق الامر بالسمع والطاعة للامير يورث الذل. لانه تعد على حكم الله. لانه الدين على حكم الله يوقع في معصيته. ومن عصى الله ذل. يوقع في معصيته ومن عصى الله ذل وسلطان الله اسم لمتولي الحكم في المسلمين. وسلطان الله اسم لمتو للحكم في المسلمين. والاضافة فيه للتشريف. والاضافة فيه للتشريف. وعد تولي الحكم سلطان الله لامرين. وعد المتولي الحكم سلطان الله لامرين. احدهما ان الله عز وجل هو الذي وهبه السلطنة والحكم. ان الله هو الذي وهبه السلطنة فسيره على الناس اميرا وصيره على الناس اميرا والاخر ان الله هو الذي جعل له طريق الشرع حقا ان الله هو الذي جعل له بطريق الشرع حقا. فالاول من من باب القدر والثاني من باب الشرع. الاول من باب القدر والثاني من باب الشرع. فلما اجتمع المعنيان جعل للامير اسم سلطان الله في الارض والاظافة هنا من باب التشريف اي في نسبته الى الله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم. قلتم وفقكم الله في مسائلي. الاولى وجوب طاعة اولي الامر. الثانية على المسلم السمع والطاعة لولي الامر منا في المنشط والمكره والعسر واليسر والاثرة. وان يقول بالحق اينما كان لا يخاف في الله لومة لائم. الثالثة ان من تأمر منهم وجب له السمع والطاعة كائنا من كان. الرابع انها في المعروف فلا سمع ولا طاعة. قال وان يقول بالحق اينما كان لا يخاف في الله لومة لائم هذي كما تقدم في حديث من في حديث حديث عبادة من الصامت في البيعة قال لا يخاف لومة لائم ولو كان اقرب قريب. ولو كان اقرب قريب مما ذكر هذا لومة لائم سيكون في الخلق من يلومه. وربما انا هذا من اقرب الناس اليه. وقد وقع هذا في تراجم كثير من اهل من اهل العلم. ومن اخبار شيخ شيوخنا عبد الحميد بن باديس رحمه الله ان الحاكم الفرنسي استحضره بحضرة ابيه وكان ابوه من وجهاء الناس واثريائهم فانهم كانوا من بيت ملك لمن تقدم في القرون السابقة. ثم حثه الحاكم الفرنسي على ان يسمع ويطيع لاوامر فرنسا. والا يشغب بدعوة الناس الى دينهم ثم قال له وهذا ابوك يكلمك فتكلم ابوه بكلام يحظه على ترك للنظر عند هؤلاء والا يشغل نفسه بهذه الامور. فلما فرغ من ذلك التفت اليه الحاكم الفرنسي فقال له ما تقول؟ فقال ان ابي يعلم ان الله لا يرضى بان اعصيه سبحانه في طاعته هو فيما يقول. فلا اطيع ابي في معصية ربي. فهذا كان ابوه من اقرب الناس وكان ينهاه عن شيء من الحق فيما يتعلق تدبير الولاية في اصلاح المسلمين في ذلك القطر. ومثل هذا وقد اخبرني بهذه الحكاية عنه تلميذه عمار مطاطلة رحمه الله تعالى. نعم الثالثة ان من تعمر منهم وجب له السمع والطاعة كائنا من كان. الرابعة انها في المعروف فلا سمع ولا طاعة وفي معصية الله واذا رأى منه ما يكره كره عمله ولم ينزع ادم من طاعة. الخامسة الامر بالصبر على ما يكره منهم وان نؤدي اليهم حقهم ونسأل الله حقنا. فلا ننازع الامر اهله الا ان نرى كفرا بواحا وعندنا من الله فيه برهان السادسة الناهية عن سب الامراء وعيبهم ولعنهم. السابعة ان من اذل وسلطان الله في ارضه اذله الله