السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي جعل للعلم اصولا وسهل بها اليه وصولا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ما بينت اصول العلوم وسلم عليه وعليهم ما ابرز المنطوق منها والمفهوم اما بعد فهذا المجلس الثاني في شرح الكتاب الاول من برنامج اصول العلم في سنته الخامسة سبع وثلاثين واربع مئة وثمان وثلاثين واربعمائة والف وهو خلاصة تعظيم العلم لمصنفه صالح ابن عبد الله ابن حمد العصيمي. وقد انتهى بنا البيان الى قوله المعقد الحادي يا معشر نعم احسن الله اليك الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولجميع المسلمين. قال المصنف وفقه الله ونفعنا بعلومه في الدار في كتابه خلاصة تعظيم العلم. المعقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة يخرمها من لم يصن العلم لم يصنه العلم. كما قال الشافعي رحمه الله ومن اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد سخف بالعلم فلم يعظمه ووقع في البطالة فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه قال وهب بن منبه رحمه الله لا يكون من الحكماء. وجماع المروءة كما قال ابن تيمية الجد الله في المحرر وتبعه حفيده وتبعه حفيده رحمه الله في بعض فتاويه استعمال ما يجمله وتجنب ما يدنسه ويشينه قيل لابي محمد سفيان ابن عيينة رحمه الله قد استنبطت من القرآن كل شيء فاين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. ففيه المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ومن الزم ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة. وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تخل بها كحلق لحيته او كثرة الالتفات في الطريق او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية او صحبة اراد والفساق والمجان والبطالين او مصارعة الاحداث والصغار ذكر المصنف وفقه الله المعقد الحادي عشر من معاقد تعظيم العلم وهو صيانة العلم عما يشين اي حفظه عما يقبح ومرده الى ما ذكره بقوله مما يخالف المروءة ويخدمها بين مخالفة المروءة وخرمها تؤول الى شين العبد وتضييع علمه واصل هذا المعقد مأخوذ من قول الشافعي رحمه الله من لم يصل العلم لم يصنه العلم اي من لم يقم بحفظ العلم في نفسه عارفا بحقه وقدره فان العلم لا يحفظه اذ يخل بمروءته ويقع فيما يشين مستخفا بالعلم في حال بينه وبين العلم فلا ينال منه مأوله فلا ينال منه مؤمله ويقع في البطالة اي في الفراغ من الشغل بما ينفع فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه. قال وهب بن منبه رحمه الله احد التابعين لا يكون قالوا من الحكماء وكان شحنون المالكي ينشد لا ينال العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر. لا ينال العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا من يألف البشر. ثم ذكر معنى المروءة فيما بينه ابن تيمية الجد ثم تبعه حفيده انها استعمال ما يجمله ويزينه وتجنب ما يدنسه ويشيله. فمدار المروءة على امرين احدهما استعمال ما يزين والاخر اجتناب ما يشين فانما يجذبه العبد الى نفسه هو بين شيء يجمله ويزينه وبين شيء يقبحه ويشينه ومقتضى المروءة ان تستعمل ما جملك وزينك وان تجتنب ما شأنك وقبحك ثم ذكر عن سفيان بن عيينة وكان رأسا في التفسير انه قيل له قد استنبطت من القرآن كل شيء اي قد اخرجت المعاني الدقيقة من القرآن الكريم فاين المروءة فيه فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين وهذه الاية هي اجمع اية في القرآن في مكارم الاخلاق ولذلك قال ففيه المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. فالاية امرة بان يلزم العبد العفو اخذا به وان يأمر بالعرف اي بالمعروف الذي اجتمع عليه الناس والفوه وقبلوه واي يعرض عن الجاهلين المنازعين للعرف التاركين لما امروا به من العفو ثم ذكر ان من الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة اي تخلقه وتزينه بها وما يحمل عليها اي يرغب فيها وتنكبه خوارمها اي اعراضه عما يخرم المروءة واصل الخرم هو الشق وخوارم المروءة هي ما تشق المروءة وتزيل اسمها عن العبد فانها اذا وردت عن العبد ووقع فيها اخلت بمروءته فمخلات المروءة تشق في كمالات الاخلاق وتزيل اسمها عن صاحبها كما تشق السكين اذا ادخلت في الجلد ونحوه فاذا تكاثرت هذه الخوارم على العبد ذهبت مروءته ثم ذكر طرفا مما يذهب بالمروءة فقال كحلق لحيته او كثرة الالتفات في الطريق بادارة رأسه يمنة ويسرة او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية فان من اجلال المجالس ترك مد الرجلين فيها الا ان دعت الى ذلك حاجة كطول مجلس او ضرورة كمرض ونحو ذلك او صحبة الاراذل والفساق والمجان والبطالين فان المرء يعدل بجليسه والمرء اذا كان على الحال الكملى ثم صحب اهل الفساد والمجون جر اليهم جر الى نفسه مجونهم وسفههم فصار مثلهم وكذلك مصارعة الاحداث والصغار. فان الانسان يترفع بنفسه عن مخالطتهم. وانما يخالط فيما ينفعهم كتعليم ونحوه ومثل هذا لا يرجع عليه ولا عليهم بالنفع بل يرجع عليه وعليهم بالمضرة فصار من خوادم المروءة المفسدة لها. نعم احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد الثاني عشر انتخاب الصحبة الصالحة له. اتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود. ولا يحسن بقاصد العلا الا انتخاب صحبة صالحة تعينه ان للخليل في خليله اثرا روى ابو داوود والترمذي رحمهما الله عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله ينظر احدكم من يخالل قال الراغب الاصفهاني رحمه الله ليس اعداء الجليس جليسه بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه. وانما وانما تختار للصحبة من يعاشر للفضيلة لا للمنفعة ولا للذة فان عقد المعاشرة يبرم على هذه المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة. ذكره شيخ شيوخنا محمد الخضر محمد الخضر محمد الخضر بن حسين رحمه الله في رسائل الاصلاح فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. وقال ابن مانع رحمه في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثانية عشرة من معاقد تعظيم العلم وهو انتخاب الصحبة الصالحة له اي اختيار رفقة طالحة تكون مع العبد في طلبه والداعي الى انتخاب الصحبة ما ذكره بقوله اتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق فان الانسان سمي انسانا لانه يأنس بغيره ومن الجاري في قواعد الاجتماع قولهم الانسان مدني بالطبع اي مفطور على طلب رفقة يصحبها ويأنس بها. ومن جملة تلك الرفقة الرفقة في العلم. قال فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه فالعلوم المطلوبة سواء كانت مما يتطوع به طالبها ممن يقبل على مجالس الدرس في المساجد او مما جرى علت عليه احوال الناس في دراساتهم التعليمية على اختلاف مراحلها مفتقرة الى زميل مساعد معين. قال والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود. اي اذا سلمت من العوادي المفسدة لها التي تعدو على المتصاحبين فتفسد صحبتهم. فان سلمت من هذه الغوائل فانها نافعة في الاعانة في الوصول الى المقصود. قال ولا يحسن بقاصد العلا الا انتقام صحبة صالحة تعينه. فان للخليل في خليل اثرا فالحامل على اختيار الصحبة الصالحة هو ان الخلة المنعقدة بين الخلق على اختلاف مقامات تلك ده يسري فيها الاثر بين المتصاحبين فالمترافقون في علم او عمل او تجارة او صناعة او غير ذلك تسري اخلاقهم بينهم لاجل ما بينهم من الرفقة والصحبة والاصل في ذلك حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. رواه ابو داوود والترمذي. فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الرجل وكذا المرأة فذكر الرجل خرج مخرج الغالب يكون على دين خليله اي يكون في دينه على الحال التي يكون فيها خله المقارن له فلينظر احدكم من يخالل اي فليتخير من يخالل من الخلق ثم ذكر كلام الراغب الاصفهاني ليس اعداء الجليس لجليسه بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه اي ليس ما ينقل بين المتجالسين من العدوى بخير او شر ساريا بالمقال والفعال بل يكون ايضا بالنظر اليهم. وهذه حال مشهودة مذكورة في تراجم جملة من السلف انهم كانوا اذا رؤوا ذكر الله منهم محمد ابن واسع فالنظر الى هؤلاء سرى منه الى الناظرين مطلب حسن. وهو ذكر الله سبحانه وتعالى. فكان نقل احوالهم الى غيرهم واقعا بالنظر اليهم فالخلة المنعقدة بين الناس لا يجري اثرها بينهم بقال او فعال فقط بل يجري بما هو اهون من ذلك عند الخلق وهو النظر الى بعضهم بعضا فان الناس منهم من ينظر الى صاحب الله يطيع الله فتحمله طاعته على طاعة الله. ومنهم من ينظر الى صاحب منهم يعصي الله فيحمله النظر عليه اليه على معصية الله عز وجل ثم قال وانما يختار للصحبة من يعاشر للفضيلة لا للمنفعة ولا للذة فان عقد المعاشرة يبرم على هذه المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة. وهذا خبر عن انواع الصدقات المنعقدة بين الناس انها تنعقد على مطلب من المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة فالمتعاشرون ثلاثة اقسام القسم الاول من يتصاحبون لاجل الفضيلة والقسم الثاني من يتصاحبون لاجل المنفعة والقسم الثالث من يتصاحبون لاجل اللذة ذكر معنى هذا محمد الخضر بن حسين في رسائل الاصلاح فاحدنا يعقد صحبته مع غيره تارة بالنظر الى فضيلة يتداعيان اليها وتارة تنعقد تلك تلك الصحبة لاجل منفعة يطلبها احدهما من الاخر. وتارة اخرى تنعقد تلك الصحبة لاجل لذة متحققة بينهما وهذه الانواع الثلاثة ينبل منها الصحبة لاجل الفضيلة. ولهذا قال فانتخب صديق الفضيلة زميلا. فان انك تعرف به لان الزمالة المنعقدة على منفعة او لذة تذهب بذهابهما فاذا حصل احدهما من الاخر منفعته او نال لذته زالت صحبته. واما زمالة الفضيلة فانها لا تزال قائمة سامقة منعقدة بينهما ما بقيت الفضيلة مطلبا لهما فهي اقوى ثبوتا وامتن اصلا وابقى ودا. ويجد العبد منفعتها في الدنيا والاخرة ثم ختم بقول ابن مانع وهو محمد ابن عبد العزيز ابن مانع رحمه الله شيخ شيوخنا انه قال في كتاب اب نافع له اسمه ارشاد الطلاب موصيا طلاب العلم قال ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة السمعة والاغبياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. انتهى كلامه وهو من اوجز البيان فانه بين المضرة الجامعة في صحبة هؤلاء وهي في قوله فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. فمن صحب سفيها او ماجنا او وقحا او سيء سمعة او غبيا او بليدا رجع عليه ذلك بالحرمان والشقاوة مأمور بان يفر من اسباب الحرمان والشقاوة وان يطلب اسباب التوفيق والسعادة. نعم سلام عليكم المعقد الثالث عشر بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه اذ تلاقيه يعني الشيوخ لا ينفع بلا حفظ ومذاكرة به وسؤال عنه. فهؤلاء تحقق في قلب في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به. فالحفظ خلوة بالنفس والمذاكرة جلوس الى القرين. والسؤال اقبال على العالم ولم يزل العلماء العلام يحضون على الحفظ ويأمرون به. سمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا قليلا وقرأنا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران. وقد امرنا بتعاهد الذي هو ايسر العلوم. رواه البخاري ومسلم رحمهما الله عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب بالقرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت. قال ابن عبد الهرير رحمه الله او في كتابه التمهيد عند هذا الحديث. واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعقلة. من تعاهدها امسكها كيف بسائر العلوم؟ وبالسؤال عن العلم تفتح؟ وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. فحسن المسألة نصف العلم والسؤال المصنفة كمسائل احمد المروية عنه. برهان جلي على عظيم منفعة السؤال. وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته. فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه فان تلقي العلم لا يكون بحبسه على اخذه عن الشيوخ فانه اذا لم يقرن بهؤلاء الثلاث لم تحصل منفعته كما قال اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ومذاكرة به وسؤال عنه ثم بين منزلة هؤلاء الثلاث اثرا فقال فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به فان المقبل على العلم حفظا له ومذاكرة به وسؤالا عنه يعظم اشتغاله به ويكمل التفاته اليه فتحصل له منفعته المرجوة من العلم. ثم بين مراتب هؤلاء الثلاث فقال فالحفظ خلوة بالنفس اي انفراد بالنفس في شغلها بما ينفع من العلم. ثم قال والمذاكرة جلوس الى القرين اي اجتماع مع زميل مقارن يتذاكر معه العلم ثم قال والسؤال اقبال على العالم اي الاستفهام عن العلم بعرض تلك الاستفهامات على اهله اقبال من المتعلم على العالم. ثم ذكر فمن حسنا في كل واحد من هذه الثلاث فقال بخصوص الحفظ ولم يزل العلماء الاعلام يحضون على الحفظ ويأمرون به. وذكر قول العلامة ابن عثيمين رحمه الله حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا ذلك ان المحفوظ راسخ في العلم راسخ في القلب فينمو فيه ويثمر. واما المقروء فانه يقل بقاؤه في القلب عادة فتقل سعته ثم ذكر ما يتعلق بالمذاكرة فقال وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس اقوى تعلقه بها اي بالمذاكرة يحصل دوام بقاء العلم غضا حاضرا في قلب العبد ويقوى تعلقه به كما قال المزي في بيت سيار له فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته. فادم للعلم مذاكرة فحياة العلم مذاكرته ثم بين المراد بالمذاكرة فقال والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران. اي ان يجتمع المشتغلون بتلقي العلم عن شيخ على الكتاب الذي يتلقونه عنه في مجالس متفرقة اثناء قراءتهم فيذكر بعضهم لبعض مسائل العلم التي ذكرها لا هو التي ذكرها لهم شيخهم. فيذكر احدهم الاخر ويفهم احدهم الاخر ويبصر احدهم الاخر فتتحكم منفعة العلم في قلوبهم. ثم ذكر ان اصل المذاكرة ما جاء من الامر بتعاهد القرآن الكريم الذي هو ايسر العلوم ففي حديث ابن عمر في الصحيحين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقل اي المقيدة ان عاهد عليها امسكها وان اطلقها ذهبت اي ان راقب قيدها ولاحظ بقيت معقولة محفوظة وان اهملها وترك تعاهد قيودها انطلقت تلك القيود فذهبت الابل. ثم ذكر كلاما حسنا لابن البر عند هذا الحديث انه قال واذا كان القرآن الميسر للذكر كالابل المعقلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم اي فهي اولى بالتعاهد فان القرآن يسر للخلق. ومن يسره تيسير حفظه وبقائه في القلوب. فاذا كان القرآن مفتقرا الى تعاهده ليبقى حيا غضا في قلوبنا فغيره من العلم اولى بالتعاهد ثم ذكر ما يتعلق بالسؤال وهو ثالثها فقال وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه اي تفتح دائن العلم قال فحسن المسألة نصف العلم. والسؤالات المصنفة كمسائل احمد المروية عنه برهان جلي كعظيم منفعة السؤال فان من العلم ما يستخرج بالسؤال. ومن شواهد ذلك التصانيف التي جمعها اصحاب الامام احمد وسموها المسائل كمسائل ابي داود لاحمد ومسائل اسحاق ابن هاني لاحمد ومسائل عبدالله ابن احمد واخيه صالح لابيهما الامام احمد رحمه الله. فان طالع هذه المسائل يرى انواعا من العلم لا توجد في غير هذه المقيدات. فمن طرائق استخراج العلم من اهله الاقبال عليهم بالسؤال. وقد يعرض لك يوما من الايام تردد عالم لاجل اجتماع او محاضرة او زيارة اقاربه على بلدك ولا يسعه ان يجلس لك لتقرأ عليه لكنه يسعه ان يجيب عن سؤال او سؤالين تسأله اياهما. فلو حرصت على هذا لاجتمع لك مع الايام والليالي سؤالات كثيرة فيها علوم وافرة استفدت هذه الطريق ومن جرب عرف ثم ختم بقوله وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته يدفع افته فالحفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته انتهى كلامه. فمراتب هذه الامور الثلاثة من العلم هي بحسب ما ذكر ان الحفظ غرس العلم فانك اذا حفظت شيئا غرزت الماء في قلبك فصار له اصل ثابت فيه. فاذا ذاكرت به غيرك كانت المذاكرة كالماء الذي يسقي هذا الزرع فينمو ويقوى. واما السؤال عنه فهي تنمية للعلم فان الذي يسأل عن العلم ويستخرج معانيه عند الشيوخ ينميه ويكثره ويثمنه فحقيق بطالب العلم ان يلاحظ هذه الامور الثلاثة في اخذه حفظا للعلم ومذاكرة به وسؤالا عنه نعم ما شاء الله عليك ان اذنت شيخنا هذه سيارة متسويشي باجير وابيض كقاف باء خمسة ستة ثمانية ثلاثة متسوبياشي باجيرو ابيظ نرجو من صاحبها يحركها حاء قاف باء خمسة ستة ثمانية ثلاثة احسن الله اليك المعقد الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم. ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل. لانهم اباء الروح فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب اب للجسد. فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب. قال شعبة ابن الحجاج رحمه الله كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي الادفوي رحمه الله فقال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد. قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون. ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه بذلك وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا فروى احمد في المسند عن عبادة بن صامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجلك ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ونقل ابن حزم رحمه الله الاجماع على توقير العلماء واكرامهم واكرامهم. فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم اما يدخل تحت هذا الاصل التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه. ومراعاة ادب الحديث معه واذا حدث عنه وعظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لان لا يشينه من حيث اراد ان يمدحه. وليشكر تعليمه ويدعو له ولا استغناء عنه ولا يؤذه بقول او فعل. وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة. ومما تناسب الاشارة هنا باختصار وجيز معرفة الواجب ازاء زلة العالم. وهو ستة امور الاول التثبت في صدور الزلة منه والثاني التثبت في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها والثالث ترك اتباعه فيها والرابع التماس العذر له بتأويل سائغ. والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف تشهير وسادس حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين ومما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء ما ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقير كالازدحام على العالم والتضييق عليه والجائه الى اعسر السبل ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو اكرام اهل العلم وتوقيرهم اي اجلالهم ثم ذكر في فاتحته ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل وعلله بقوله لانهم اباء الروح. فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب فان معلم الخير ينمي ارواح الخلق ويرقيها الى الكمالات. فهو بمنزلة الوالد لهم في اصلاح نفوسهم وتهذيب اخلاقهم وارشادهم الى الخير فهو اب للروح كما ان الوالدة اب للجسد. فالاعتراف بفظلهم حينئذ حق واجب كالاعتراف بفظل الوالد. ثم ذكر قول شعبة بن الحجاج كل من سمعت منه حديثا فاناله عبد. اي بمن زنة المملوك له لما له من الفضل علي. وما استعبد الناس بمثل الاحسان اليهم كما قيل. ومن اعظم الاحسان اليهم تعليمهم الخير فالمعلم الخير في عنقه منة لمن علمه حتى يكون بمنزلة المملوك له تعظيما لشأنه. ثم ذكر ان هذا المعنى من الابوة الروحية استنبطها من القرآن احد العلماء وهو محمد بن علي الادهوي انه قال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد قال الله تعالى واذا قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن مملوكا له اي لم يكن عبدا رقيقا مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه لذلك اي كان منه بمنزلة التلميذ الاخذ عنه المتبع له فجعله الله فتاه لاجل ذلك. ثم ذكر ان الشرع امر برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا فالحق الذي اثبت للعلماء من الاكرام والتوقير والاعزاز هو مما جاءت به الشريعة الاسلامية وليس شيئا استحسنه الناس او اخذوه عادة وعرفا وانما تواردت عليه دلائل الشرع فجعلت العلماء لهم رتبة وحق لانهم قراة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده في امته في دلالة الناس وارشادهم الى الخير. ثم ذكر حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امة من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه فقوله صلى الله عليه وسلم ويعرف لعالمنا حقه فيه فائدتان احدهما ثبوت حق للعالم فالعالم في هذه الامة له حق عليها. فالعالم في هذه الامة له حق عليها ثابت بطريق الشرع والاخر ان الخلق مأمورون بمعرفة حقه ان الخلق مأمورون بمعرفة حقه اي امتثالا له وقياما به. اي امتثالا له وقياما به فاحدنا يؤمر ان يعرف للعالم حقه كما يعرف لابيه وامه حقهما فيقوم بحقهما ذلك يقوم بحق العالم عليه. ثم ذكر ان ابن حزم نقل الاجماع على توقير العلماء واكرامهم ثم ذكر الوانا من الادب اللازم للشيخ على المتعلم. مما يرجع الى القيام بحقه. ومن ذلك التواضع له والاقبال عليه فاذا تكلم اقبلت عليه ولن تنشغل عنه كما قال وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه واذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لئلا يشينه من حيث اراد ان يمدحه فيذكره بخير لكن لا يبالي في ذلك حتى لا يقع في الغلو فيه. قال وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا تؤذه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة. فان المعلم لما بلغ قدره من العلم لا يخرج عن كونه بشرا. كتب عليه حظه من الخطأ والنسيان. فمن الادب معه اذا وقع في خطأ ان ينبه عليه بطريق لطيف ثم ذكر مما يناسب للمقام معرفة الواجب ازاء زلة العالم. فان الله لتحقيق كماله في و عصمة رسوله صلى الله عليه وسلم وحفظه جعل من الجار في قرون الامة وقوع الزلات من الخلائق وان ومنهم العلماء فكتب على كل واحد منهم حظه من الخطأ. فلكل جواد كبوة ولكل سهم نبوة ولكل عالم زلة فمما تجب ملاحظته في زلة العالم ستة امور الاول التثبت في صدور الزلة منه. فكم من شيء يعزى لاحد من اهل العلم ويعد زلة له وهو لم يصدر عنه ولا عرف من قوله ولا فعله. والثاني التثبت في كونها خطأ. اي التحقق من كون ما ذكر عنه خطأ محض وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها فان من نبل في العلم وبلغ مبلغ العالم فيه يغمض وقوع الخطأ منه الا على عالم راسخ يميز كون ذلك خطأ. واما الشادون في العلم الاخذون فيه فانهم ربما عدوا شيئا خطأ من الاخطاء وليس كذلك. والثالث ترك اتباعه ترك اتباعه فيها. فاذا تحقق كونها زلة فان من الواجب الا يتبع فيها والرابع التماس العذر له بتأويل سائغ. اي تطلب ما يعذر به بتأويل سائغ. اي له حسن بان يطلب له عذر بانه لاحظ كذا او كذا فوقع منه ذلك والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشهير. فان المقصود محو تلك الزلة من ديوان الامة فاذا قوبل الواقع فيها بالعنف والتشهير حمله على طبيعة الخلق على المكابرة اعادة فلم يتحقق المقصود من محو تلك الزلة ورده عن خطأه. والسادس حفظ جنابه اي مقامه ومكانته. فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين. ولا تتخذ الزلة جسرا للتشغيل عليه والتنفير عنه ثم ختم بقوله ومما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء ما صورته التوقير ومآله الاهانة تحقيقا فان من الناس من يسلك طرائق يروم بها ان يعظم عالما فيقع في ضد ذلك كالواقع في الازدحام على العالم والتضييق عليه والجاءه الى اعسر السبل فان المزدحمين عليه اعظامه واجلاله بسلام او بغيره. فوقع من ازدحامهم عليه الجاؤه الى محل ضيق حمله على سبيل عسيرة فيجتنب ما كان من هذا الجنس والاحسان الى العالم لا يقتصر على السلام عليه او تقبيل رأسه بل من الاحسان اليه الدعاء له وذكره بالخير وبث العلم الذي تلقي عنه واشاعة فضله في الناس ووجوه من هذه الالوان اعظم من مجرد السلام عليه وتقبيل رأسه نعم احسن الله اليك المعقد الخامس عشر رد مشكله الى اهله. فالمعظم للعلم يعول على دهاقنته والجهابذة من اهله لحل مشكلاته ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين فهو يخاف سخط الرحمن قبل ان يخاف صوت الصوت قال فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا. فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه تسع كما وسعهم ومن اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن والناجون من نار الفتن السالمون من المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم فطرح قوله بقولهم فالتجربة والخبرة هم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة فالسلامة لا يعدلها شيء وما احسن قول ابن عاصم رحمه الله في مرتقى الوصول وواجب في مشكلات الفهم تحسين الظن باهل العلم. ومن جملة يأتي رد زلات العلماء والمقالات الباطنة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون بينه في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم رحمهما الله. فالجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقول بهم فيها ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس عشر من معاقد تعظيم العلم وهو رد مشكله الى اهله فان من العلم ما يغمض ولا يطلع على جادة الصواب فيه. فمن تعظيم العلم ردوا ما كان من هذا الجنس الى اهل العلم كما قال فالمعظم للعلم يعول على دهاق وجهابذته من اهله لحل مشكلاته. والجهابدة اسم لمن بلغ الغاية في الخبرة والدراية فترد اليهم المشكلات ولا يعرض العبد نفسه لما لا تطيق. خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين فالحامل له على رد تلك المشكلات الى اهل العلم الراسخين فيه العارفين به انه يخاف من القول على الله بلا علم وان يقع في الافتراء على الدين. فحاله كما قال فهو يخاف سخطة الرحمن ان قبل ان يخاف صوت السلطان فهو يلاحظ ببصيرة قلبه ان الله سبحانه وتعالى سائل عما تكلم به فهو يخاف ان يتكلم في العلم والدين بشيء يكب به في وجهه على نار جهنم خوفه من الله عز وجل اعظم من خوفه من السلاطين. فان صوت عذاب السلطان وان امتد منقطع بالموت او واما عذاب الله فهو ابد الابدين وامد الابدين. فيتخوف العارف بالله من ان تكون التي يتكلم بها مزلة له في نار جهنم سبعين خريفا فهو لا يلاحظ الناس ببصره. وانما يلاحظ الله ببصيرته يقع له مع تلك الحال من التوفيق والاعانة والامداد الرباني ما لا يقع لمن يراقب الناس رعاة او رعية احكاما او محكومين فيما يقول. ثم قال فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا فالعلماء بين حالين بين كلام يتكلمون به وبين صمت يتصفون به كلامهم الذي يتكلمون به فالاصل انهم اذا تكلموا تكلموا بعلم. واما سكوتهم الذي يسكتون عنه فانهم اذا سكتوا فسكوتهم ببصر النافذ اي بعقل كامل. فان الناس يتفاوتون في من العقل مثل تفاوتهم في حظوظهم من العلم او اكثر. وكم من انسان يكون له علم ولا قال له فتكون المنفعة المرجوة من علمه قليلة لانه يفسد بقلة عقله كثيرا مما يحمله من العلم والعلماء الذين وعوا اصلاح الناس تعليما وافتاء ونصحا وارشادا عندهم من العلم الكامل والعقل الوافر ما يميزون به بين حال الكلام وبين حال السكوت. فاذا عرفت هذا وان الله لا ياتمن على دينه الخونة فلتكن حالك ما ذكر في قوله فان تكلموا في مشكل فتكلم كلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم. فان السكوت بيان كما ان الكلام بيان وللشاطبي كلام حسن في تقرير هذا المعنى في احدى مقدمات كتابه الموافقات. ثم ذكر ان من اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن. فهذه الفتن المدلهمة والنوازل محيطة بنا صباح مساء هي من اشق المشكلات التي تغمض على الخلق عادة. والناجون من نار الفتن السالمون من وهج المحن اي من حرارتها هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم. وان اشتبه عليه شيء من قولهم الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم. والحامل له على طرح قوله والاخذ بقولهم ما ذكره بقوله تجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها. فان اصلاح الناس بدلالتهم وارشادهم على الخير لا يقوم على ساق العلم فقط. ومن ظن انه ينبل في اصلاح الناس وهدايتهم وارشادهم بما معه من دون معالجة لهذا واقامة له. واثارة له بين الناس رعاة ورعية فانه لا كونوا له يد ممدودة في اصلاح الناس بخلاف من عانى هذا واجتهد فيه وسعى في اصلاح الناس وعاة ورعية تعليم والافتاء والنصح والارشاد فانه يعي من مواقع الحال ما يكون مركب نجاة له وللناس. ثم قال واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم فاذا تجاذبت انظار العلماء في فتنة ما او نازلة واقعة فان المرء مأمور ان يلزم قول جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة اي عند الله سبحانه وتعالى. فالسلامة لا يعدلها شيء فان الله سبحانه وتعالى يوفق الصادقين الناصحين العالمين به وبامره للوقوف على حكمه في الفتن والنوازل. واذا وقع بينهم خلاف فان جادة السلامة ان يوقف العبد القاصر عن النظر التام نفسه مع سوادهم وجمهورهم. فان الاصل في هذه الامة ان الخير في سوادها وجمهورها وكثرتها وليس المقصود مجرد العدد وانما كون ذلك السواد مشتملا على عيون الناس وكبرائهم من اهل العلم الراسخ والعقل الكامل ثم انشد بيتا لابن عاصم احسن فيه في ملتقى الوصول اذ قال وواجب في مشكلات الفهم تحسيننا الظن باهل العلمي اي ما غمض من المشكلات فيجب على العبد ان يحسن الظن باهل العلم لانهم محل له فانهم موقعون عن الله مخبرون عن حكمه والظن بهم انهم لا يعدلون بامر الله شيئا والله عز وجل لا يضع ذخائر العلم ودرره من الامانة التي ورثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم عند من يخونها. فان من خان الرسالة ذهب منه العلم جلس رجل الى ابي العباس ابن تيمية الحفيد وكان صاحب نقد اي مشتغلا بالعملة فقال اننا نقول من خالف الصرف سلبه الله معرفة النقد يعني الذي يخون في في الصرف هذا ريال مزيف ويصرف به فان الله يسلبه معرفة النقد. يعني يسلبه ان يميز بين المال المزيف والمال غير المزيف فقال ابن تيمية وكذلك من خان الرسالة فانه يسلب معرفة الحق. يعني الانسان الذي الدين ممن ينتسب اليه فان الله عز وجل يسلبه معرفة العلم. فالواجب على العبد ان يحسن الظن فيمن الله العلم وجعله مرجعا للناس فيه ويحمل كلامه على احسن ما يجد من المحامل ثم ذكر ان من جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون فان مما يشكل ويغمض الزلات التي يقع فيها العلماء او تلك المقالات التي تكون لبدعي او فما كان من هذا الجنس فالكلام فيه موقوف على العالم الراسخ وغيره تابع عنه له يخبر بما اخبر به ووجه ذلك كما ذكره الشاطبي وابن رجب ان الزلات واقوال اهل البدع من جنس المتشابه الذي لا يتمكن من فصل الحق فيه عن الباطل الا عالم راسخ. فامرنا حينئذ ان نرده اليهم ليتحقق هذا فانه ربما عمد الى رد تلك الزلات او ابطال تلك المحدثات من ليس راسخ القدم في العلم فيرد زل بزلة ويرد بدعة ببدعة. فلا يسلم من هذه المعرة الا من كان راسخا وغيره تابع له فمن نزل عن رتبة الرسوخ في العلم ينقل كلام اهل العلم الراسخين في رد زلات العلماء وابطال مقالات اهل البدع والمخالفين ثم قال ختما فالجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقوله فيها فانت مأمور فيما عرض لك منها المشكلات بامرين احدهما ان تعرضها على العلماء الراسخين والاخر ان تستمسك بقولهم فيها فبالنظر الى الاول ليس لك ان تعرضها على غير عالم راسخ فمن يعرض تلك المدلهمات والنوازل المقحمات على من يوصف بالعلم وليس من اهل الرسوخ او من له حظ من الخير كخطابة او امامة او وعظ او ارشاد او غير ذلك فقد وقع في محظور يرجع عليه بعاقبة وخيمة فان تمييز مراتب هذه المشكلات لا يتهيأ الا لعالم راسخ. ثم انت مأمور بعد بالنظر الى عرضها على ذلك العالم الراسخ اذا ارشدك الى قول ان تستمسك بقوله فيه. لان الذي ارشدك اليه من القول هو الحق الذي يدين به لله عز وجل. وهو فرض الله عليك في ذلك الوقت. وان كان الفرظ عليه او على هو خلاف ما عليك من الفرض. فهو يحملك على ما لك به شغل ويدعك مما ليس لك به شغل فليس لك ان تتطلع الى غير ما تشغل به وظيفتك في عبوديتك لله سبحانه وتعالى. كما ذكر الفقهاء ان السامعة للاذان يكون الافضل في حقه من الذكر ايش ان يردد معه وانه لو شغله بقرآن او غيره كان شغلا بالمفضول دون الفاضل فوظيفة العبودية حينئذ عند سماع الاذان هو الترداد وراء المؤذن. فكذلك مقامات بيان الدين وحمل الناس عليه تتفاوت بين الخلق باعتبار منازلهم فما يتعلق بالعالم في تلك النازلة غير ما يتعلق بك ما يتعلق بولي الامر فيها غير ما يتعلق بك فيجيبك العالم بما يتعلق بك انت دون ما يتعلق بغيرك فيحملك على ما لك دون ما لغيرك. فان اثقلت على نفسك بحملها على ما ليس لها فان ذلك كسر ظهرك. وهذا صادق الشهود في حوادث ايام فان من الناس من يرشده العالم الى شيء فيابى الا مناكفته ومجانبته والعدول عنه الى غيره مما ان فيه اقامة للدين واظهارا للحق. فيرجع عليك فيرجع عليه ذلك بفساد حاله وفساد دينه. فالواجب على المرء اذا استنصح عالما واستبصر بما يقول في شيء من الامور ان يأخذ بما يرشدك اليه. فان انه يرشدك الى النافع فيه. كما ان العالم مؤتمن فيما يبين للناس ومما اؤتمن به ان يخاطب الناس على قدر عقولهم وما يتعلق بذممهم فمثلا لو جيء الى انسان وسئل عن امر عظيم لا تعلق له به. وليس له فيه ناقة ولا جمل فحين اذ ليس من الحكمة عند المجيب ان يجيب السائل بما لا شغل له به. لان شغله بذلك اثقال كاهله بما ليس من وظيفته. وهذا امر صار شائعا في الناس باخرة. وهو من اكثر ما عطل وظائف العبودية في الناس ومثال ذلك في شواهد احوالنا طعامنا الذي نأكله او لباسنا الذي نلبسه فان مبتدأ ذلك من طعام او لباس عند خروجنا الى هذه الحياة اطفالا صغارا رضعا اننا كنا نتناول منها اشياء في الطعام والثياب. فلم نزل نترقى حتى صرنا على هذه التي نحن عليها اليوم. ولو ان احدا حدث نفسه انه يأكل الان او يلبس الان ما كان يأكل ويلبس حال كونه رضيع لكان ذلك سفها في العقل فلو ان احدا جاء بقنينة حليب من ثدي ام الى واحد منا وقال هذا حليب الرضاع لك ان تشرب منه او جاء له بثوب سعته شبر في شبر. وقال هذا ثوبك لما كنت رضيعا فحري بك ان تتذكر سابق ايامك فتلبسه. لكان نظر احدنا اليه شذرا مغضبا يراه سفيها في عقله. فكذلك حالنا فيما يتعلق بوظائف العبودية فان ذممنا مشغولة باشياء تناسب احوالنا واعمارنا. فاذا حملنا احوالنا واعمارنا على غير ذلك كان ذلك لنا مضرة في العبودية. وكما يكون هذا في القول لكم يكون في القول لمن تحقق بالعلم وصار فيه رأسا الكلمة فهذا يجب عليه من البيان والدلالة والارشاد والسعي في اصلاح الناس حكاما ومحكومين ورعاة ورعية ما لا يجب علينا وعليكم وهو مذموم ملوم اذا قصر فيه فالنجاة للعبد ان يعرف منزلته في وظيفة العبودية وان يقوم بها والا يشغل ذمته بغير ما به شرعا فان من اشغل ذمته بغير ما شغلت به شرعا رجع عليه ذلك بالضرر في العبودية وكل واحد منا يعرف من شاهد الايام اقواما تعلوا ما تحقق بهم من وظائف العبودية فرجع ذلك عليهم انسلاخ من الديانة فكنت تراه غاليا متشددا فصار بعد لا يركع لله سبحانه وتعالى ركعة. وانما جره الى ذلك انه لم يسر في الدين سير الذي يحبه الله ويرضاه. وحمل نفسه على غير ما يريده الشرع منه. وناكب طريق اهل الذي جعله الله عز وجل لهم دينا فاوقع نفسه في بلاء شديد وكل واحد منا يطلب نجاته وعند الله سبحانه وتعالى فاننا نحيا مدة مع بعضنا ويتسابق بعضنا بعضا الى الموت وننتقل الى حياة اخرى وكل واحد يملك لنفسه في هذه الدنيا من المخارج ما يطيقه من قول او فعل. فاذا صار الى الدار الاخرة فلا نجاة ولا مخرج وانما سؤال وحساب. فمن احسن العمل حمد ما يجده ومن اساء العمل ندم ولاة مناص. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يلهمنا رشدنا. وان يقينا شر انفسنا نعم احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد السادس عشر توقير مجالس العلم واجلال اوعيته فمجالس العلماء كمجالس الانبياء. قال سهل بن عبدالله رحمه الله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس يجيء الرجل فيقول يا فلان اي شيء تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول طلقت امرأته جيء اخر فيقول ما تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا فيقول ليس يحنث بهذا القول وليس هذا اله نبي او لعالم فاعرفوا لهم ذلك انتهى كلامه رحمه الله. فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها فيجلس فيها جلسة الادب الى الشيخ ناظرا اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا استند بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده ولا يكثر التنحنح والحركة. ولا يتكلم مع جاره واذا عطس خفض صوته واذا تثائب ستر فمه بعد رده جهده وينضم الى توقين مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها. وعمادها الكتب فاللائق بطالب العلم صون كتابه واجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه ولا يجعله بوقا واذا وضعه وضعه بلطف وعناية رمى اسحاق بن راهويه رحمه الله يوما بكتاب كان في يده فرآه ابو عبد الله احمد بن حنبل احمد بن حنبل رحمه الله فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار ولا يتكئ على الكتاب او يضعه عند قدميه واذا كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه المصنف وفقه الله المعقد السادس عشر اما عقد تعظيم العلم وهو توقير مجالس العلم واجلال اوعيته اي اجلال واكرام مجالس العلم واهله وتعظيم ما يحفظ فيه العلم من كتاب او نحوه والحامل على ذلك ما ذكره بقوله فمجالس العلماء كمجالس الانبياء لان المبثوث فيها هو ميراث النبوة فان العلماء لا يجلسون في مقاعد التعليم في مسجد او غيره يقسم بين الناس ما له وانما يقسمون اين هم ميراث النبوة من العلم النافع؟ فمجالسهم التي يقومون فيها هي بمنزلة مجالس الانبياء فالمبثوث فيها هو من ميراث النبوة. وذكر في تحقيق هذا المعنى قول سهل ابن عبدالله التستري رحمه الله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء لان المنشور فيها هو حكم الله كالمنشور في مجالس الانبياء كما ذكر ما يكون منهم من او طلاق او نحو ذلك مما يسأل عنه الناس. فيطلبون فيه حكم الله. فالعلماء يخبرون عن حكم الله كالانبياء الذين كانوا يخبرون عن حكم الله كما قال وليس هذا الا لنبي او لعالم فاعرفوا لهم ذلك ثم قال فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس العلم حقها اي ما يجب فيها فان كل مجلس له حق يجب فيه اما بطريق الشرع واما بطريق العرف فمجلس العالم له حق ومجلس الامير له حق ومجلس الوالدين له حق الى غير ذلك من انواع المجالس الثابت حقها بطريق الشرع او بطريق العرف فمجالس العلم لها حقوق ثابتة بطريق الشرع تارة وبطريق العرف تارة اخرى ومن ذلك ما ذكره بقوله فيجلس في جلسة الادب اي يكون في هيئة جلوسه متأدبا على ما يحمد من جنسات الادب الى الشيخ ناظرا اليه فلا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ان الشيخ المعلم لا يتكلم الى مجموع الناس بل يتكلم الى جميعهم. فالكلام الذي يصدر منه هو يكلم به هذا ويكلم به ذاك. ويكلم به الثالث وراءهما ويكلم به ذلك الاخير الجالس خلفهم فهو لم يأتي ليتحدث لواحد دون واحد فليس هذا من الدين ولا المروءة فيكون من حق المتحدث حينئذ في العلم ان يصغى اليه ويرفع المرء بصره نحوه. ولا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها. فاذا سمع سمع جلجلة او صخبا في طرف المسجد فلوى عنقه فانه قد انصرف عنه من العلم بقدر ما انصرف من عنقه. فان الجالس في حلقة يجلس الى معلم يعلمه وليس من الخلق الحسن الانصراف عنه بالالتفات ولا نحوه. ومن اخبار شيخ شيوخنا عبد الله ابن حميد رحمه الله انه كان جالسا للتعليم في مسجده في بريدة وكان كفيف البصر فدخلت بقرة فانصرف اليها الناس بابصارهم. وكان حاد الذكاء يعرف من احوال الجالسين اليه ما يعرف حال البصير الناظر وقد ادركت جماعة من هؤلاء يخاطبون مع كونهم عميانا المتكلم اليهم مخاطبة المبصر ناظري اليهم فادرك من حالهم انهم انصرفوا عنه لشيء التفتوا اليه. فلما تحقق منهم تلك الحال قام رحمه الله واخذ نعليه وترك الدرس وخرج من المسجد. فان من انصرف لبقرة لا يستحق من العلم لذيذ التقوى فان العلم اشرف من ان يصرف الى من ان يصرف الجالس الى اهله نظره اذا بقرة ثم يرضى صاحب العلم بان يقسم المتعلم نظره بينه وبين بقرة. وما ذلك الا ازراء بالعلم. وهظم لجنابه بمن يعرف قدر العلم ان ينصرف عن من هذه فعلته وهو الذي فعله رحمه الله تعالى فمن الادب الكامل الا التفت متلقي العلم الى ضجة او صخب يسمعه معرضا عن شيخه ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند وفي شيخه ولا يتكأ على يديه ولا يكثر التنحنح والحركة ولا يتكلم مع جاره واذا عطس خفض صوته واذا تثائب فستر فمه بعد رده جهده فان هؤلاء المذكورات من ادب مجلس الدرس الحقيقي بالامتثال والحرص عليه وبركة العلم بأدبه كما تقدم قول يوسف ابن الحسين بالادب تفهم العلم. ثم ذكر انه ينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به. فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه. اي لا يجعله بمنزلة الصندوق الذي كان يتخذه الناس ليحفظوا فيه ودائعهم فترى من الناس من قد انتفخ كتابه بكثرة ما يضعه فيه فهذه فاتورة وهذه ورقة مطالب للاهل وهذا قلم وتلك شأن رابع الى اخر ما وضعه حتى صار خزانة لا كتابا ومنهم كما قال ولا يجعله بوقا. فمن الناس من تراه صفيقا. يجلس في مقعد الدرس ثم يرد الكتاب بعضه وعلى بعض حتى يجعله بمنزلة البوق الذي ينفخ فيه. قال واذا وضعه وضعه بلطف وعناية اعظاما واجلالا له وذكر من الحكايات ان اسحاق ابن راهويه وهو احد اهل العلم المشاهير رمى يوما اب كان في يده فرآه ابو عبد الله احمد بن حنبل فغضب وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ اي اهكذا يطرح كتاب اب فيه كلام الابرار من الخلق واذا كانت هذه صعقة غضبية لاجل من رمى كتابا فيه كلام الابرار فكيف بمن رمى كتابا فيه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. قال ولا يتكئ على الكتاب او يضعه عند قدميه. واذا كان يقرأ فيه على شيء رفعه عن الارض وحمله بيديه اعظاما واكراما له واعلموا ان مكاسب العلم ومغانمه لا ينالها احدنا بما له من قوة حفظ او جودة فهم او ملازمة للشيوخ ما لم يزينها بالحقائق الشرعية. ومن اعظمها الاداب المرعية في العلم. فمن لم يتأدب بادب العلم فلا يتعنى فانه لا يناله فان الله يحب من اهل العلم كمال احوالهم بالاداب. فمن تأدب باداب العلم بارك الله له في قوته حفظا وفهما وادراكا وبثا وجعل الله عز وجل على يديه من الخير لنفسه ولغيره ما يسبق غيره ممن يوصف بكثرة العلم لكن لا يتحرى الادب لا في نفسه ولا في جلسائه. فان حرمة العلم تحمل صاحب على الاجتهاد في حمل الناس عليها. فان صاحب العلم لا يطلب لنفسه حقا. وانما يطلب الحق لما الله سبحانه وتعالى. فالحالة التي ذكرناها من حال شيخ شيوخنا ابن حميد رحمه الله مما الزمه بها الشرع فان غضب لحرمة العلم يستدعي منه تلك الحال. والا كان البقاء معهم استخفافا بتلك الحال التي امر بتعظيمها وكذلك الذي يرى بين يديه انواعا من المتعلمين احدهم يكلم بهاتفه والاخر يمد رجليه والثالث يمزح مع صاحبه ثم لا ينبه هذا ولا يزور ذاك ولا يفسد التالت فان هذا غير قائم بحق النصيحة لهم ولا مؤدن لما يستدعيه حمل الخلق على اداب الشرع ليتحققوا بها فان قليل العلم مع وفي للادب عظيم البركة. وان كثير العلم مع قلة الادب قليل البركة. فلا تغرنك كثرة ان لم تقترن بمحاسن الاداب فانها لا ترجع بالبركات. وان قليل العلم مع ادب واف يكون له من البركة العظيمة في نفسك من الانس بالعلم ومحبته واعظامه واجلاله والشوق الى الله والاستغناء به وتمام عبوديته سبحانه وتعالى ما لا يقتبس بغير هذه الطريق. فليحرص احدنا معلما او متعلما على اداب العلم. وليعرف ان هذا حق اوجبته الشريعة ودعت اليه وتحمل عليه الاعراف المرعية. واذا كنا نجتهد في معرفة الاداب التي يتحقق بها انسان في مجمع عام او مؤتمر او ندوة او مقام تعليمي او غير ذلك فاولى ان تكون معرفتنا باداب الشرع فيما يحبه الله سبحانه وتعالى اعظم واعظم اذا كان الناس يفاخرون بكثرة خلق في مشهد من مشاهد الخلق فنحن وان كنا قليلا نفاخر بان الله يباهي بمجالس العلم الملائكة وهذا شيء لا يناله مجمع غير هذا المجمع فهم ممن يعظمهم الله وحقيق بمن يعظمه الله ويباهي به ملائكته ان يكون على الحال التي يحبها الله ويرضاها. ولو ان احدنا جعل بين نظيريه عين ملك اي ملك من ملوك الارض يرقبه وينظر هديه وسمته ولباسه لرأيت من حسن هندامه وكمال حاله وعذوبة منطقه ولطف افعاله شيئا كثيرا. فكيف الناظر اليك هو رب العالمين واكرم الاكرمين. وارحم الراحمين. سبحانه وتعالى. فالتجمل له. والتحقق بما يحب اعظم واعظم في قلوب العارفين بالله المقبلين عليه الراغبين فيما عنده الراجين منه المقامات العالية في جنات عدن جعلنا الله واياكم من اهلها نعم احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه ان للعلم حرمة وافرة توجب الانتصار له اذا تعرض لجنابه بما لا يصلح وقد ظهر هذا الانتصار عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائن من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين ومنها هجر المبتدع ذكره ابو يعلى الفراء رحمه الله اجماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى المحدثين. ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او وظهر منه لا داد او سوء ادب. وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل كما كان يفعله شعبة رحمه الله ما عفانا ابن مسلم في درسه وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب قاله الاعمش رحمه الله ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله فربما سأله سائل عما لا ينفعه ترك الشيخ اجابته وامر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده ذكر المصنف وفقه الله المعقد السابع عشر وهو الذب عن العلم والذود عن حياضه اي الدفاع عن حماه لان للعلم حرمة وافرة توجب الانتصار له اذا تعرض لجنابه بما لا يصلح فان المرء اذا عدي على ماله او عرظه او غير ذلك انتصر له واعظم من ذلك للعلم والدين ثم ذكر ان هذا الانتصار ظهر عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف. فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين. ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض فاذا وقع من احد من اهل العلم خطأ رد عليه وشرطه كما ذكر ابن رجب اصابة الجواب واحسان الخطاب. وشرطه كما ذكر ابن رجب اصابة الجواب واحسان الخطاب فيكون رده على المخالف موافقا للحق قائما بادلته مع اقترانه بحسن الخطاب في بيان خطأه والرد عليه. ومنها هجر المبتدع اي مصارمته ومباعدته ومفارقته ذكره ابو يعلى الفراء اجماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى المحدثين. فالاصل الجامع في هذا انه لا يؤخذ عنهم العلم وملتمس العلم يأخذ علمه عن اهل السنة المتحققين بها ويسترشد بهم فيما يوصونه فيما تعلق بها ومن اخبار ذلك ما اتفق لشيخ شيوخنا سعد بن حمد ابن عتيق رحمه الله انه كان يقرأ في كتاب الزواجر لابن حجر الهيتمي انه كان يقرأ عليه صاحبه واحد تلاميذه وهو عبدالعزيز ابو حبيب الشتوي رحمه الله في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائد ابن حجر الهيثمي فوقع فيه كلام خلاف السنة من كلام اهل البدع. فلما قرأه قال له الشيخ سعد رحمه الله هذا من كلام اهل البدع وبين له وجهه. فقال له صاحبه الاخذ عنه اذا كان مشتملا على البدع فلم اقرأه عليك؟ فقال انت تقرأه علي وابين لك ما فيه من الحق وما فيه من الباطل لان الكتاب المذكور عمدة في معرفة الكبائر فهو اوسع كتاب في معرفة الكبائر ووقع من صاحبه كلام غير محمود في ابواب من الدين. فكان الانتفاع به وفق هذه الجادة التي ارشد اليها سعد ابن حمد ابن عتيق رحمه الله تعالى قال ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه اي تجاوز في بحثه او ظهر منه لدد اي خصومة او سوء ادب فيجزر عن ذلك حفظا لحرمة العلم وصيانة له. قال وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه اجرا له فليفعل كما كان يفعله شعبة رحمه الله مع عفان ابن مسلم في درسه. فقد كان ابن مسلم يشغب احيانا في مجلس شيخه شعبة ابن الحجاج فكان شعبة يأمره ان يخرج من مجلسه فيخرج منه ثم يرجع اليه عفان مرة اخرى لماذا يخرجه ليش يخرج شعبة لاجل ما عنده من شغب طيب ليش يرجع عفان ها لاجل احتياجه الى العلم لاجل احتياجه الى العلم فالمعلم يقوم بواجبه وهو ابعاد المشاغب عن العلم حتى يتأدب. فاذا عقل ورشد ورجع مرة اخرى استقبله فعلمه. والمتعلم نريد العلم النافع يحمل نفسه على الرجوع اليه لما جرى من منفعة ما يأخذه عنه من العلم فيكون هذا كمالا في حق العالم كمالا في حق المتعلم. وقد ذكر ان الاعمش رحمه الله زجر رجلا في مجلسه لما شغب وكان ممن يأخذ عنه العلم فانزجر من ذلك الاخذ عنه الصاحب له عما كان يقارفه من خطأ فلما انصرف عنه الاعمش قال جار له في المجلس لذلك الرجل لو زجرني كما زجرك لما جلست عنده يقول لو سجرني مثل ما زارتني ما جلست عنده. فسمعه الاعمش فقال له او تريد ان يكون احمق مثلك قال له لانه يصير احمق اذا انا بهديه وبرشده وبعلمه ويزعل ويخرج من الدرس فهذا يصير احمق مثلك لانه يرى هذا الرأي الاحمق ولذلك نحن نرى في القاعات الدراسية في الجامعات وغيرها ان الطالب يحصل منه زلل وخطأ فيعمد استاذه الى اخراجه من القاعة وفي الدرس المستقبل خلاص يغيب ولا يرجع يعود مرة اخرى يعود مرة اخرى واذا كان هذا في علم ينال به شيئا من الدنيا فالعلم الذي ينال به المراتب العظيمة عند الله عز وجل ينبغي ان يكون الحرص عليه واعظامه واجلاله وحفظه في اهله اعظم واعظم كما ذكر فيما يستقبل من انواع الزجر قال وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب قاله الاعمش اي قد يزجر الم تعلم بعدم الاقبال عليه فيسأل سؤالا ويسكت المسؤول فلا يجيب. او يصرف الكلام الى غير ما سأل عنه. قال ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن باز رحمه الله فربما سأله سائل عما لا ينفعه عما لا ينفعه فترك الشيخ اجابته وامر القارئ ان قراءته او اجابه بخلاف قصده. فتارة يسأل في اثناء القراءة فيصد الشيخ عن سؤاله ويقول للقارئ نعم اي اكمل قراءتك وتارة يسأل عن شيء فيجيبه الشيخ بخلاف قصده. اصلاحا له وكفا له عن غيه فالباذل العلم للخلق ينبغي ان يراعي هذا في حفظ حرمة العلم ويستصلحهم بما يستصلحون به وليس هذا مظهرا من مظاهر الجبروت وانما هو مظهر من مظاهر الرحمة للخلق فان ارحم الخلق وهو محمد صلى الله عليه وسلم وقع منه ما وقع في ذلك فغضب وزجر واعظم القول على اصحاب ذات انواط وسكت عن بعض السائلين فلم يجبهم كل ذلك ابتغاء استصلاحهم وهدايتهم الى ما ينفعهم. وهذا هو المطلب اللائق لصاحب العلم ان يكون الحامل له على ملازمة هذه حال هو ترقية الناس في مراتب الكمالات. وقد يعامل هذا بغير ما يعامل به ذاك وان كان خطأهم واحدا فان من الناس من يستصلح بشيء ومن الناس من يستصلح بشيء فمن الخلق من يستصلح بالبسمة ومن الخلق من يصفح يستصلح بغير ذلك. فمن الناس من هو لطيف الروح خفيفها. فاذا تبسمت اليه مشيرا الى خطأه لمح ذلك وتركه. ومن الناس من به كودنة لا يخرجها منه الا الضرب على رأسه فتجد بعض الناس تنبه الى شيء مرة ومرتين وثلاث فلا ينتبه لانه لا يرعى حرمة هذا الشيء وفي اخبار شيخنا محمد بن سليمان بن جراح رحمه الله انه رأى احد الجالسين اليه في درسه بعد الفجر ومعه كتاب مما يقرأ عليه. وقد رد طرفه بعضه على بعض اي تناهوا تنبهه الشيخ الى اصلاحه ثم امر القارئ ان يكمل القراءة ثم بعد هنيهة رفع الشيخ بصره فرآه عاد مرة اخرى الى فعله فنبهه مرة اخرى الى ان يتأدب مع كتابه وزاد في البيان شيئا ثم رجع الى ملاحظة القارئ ثم رفع بصره بعد هنيهة واذا به قد عاد الثالثة الى فعلته فقال له يا ولدي ان مجلسنا هذا يتعذر منك فاحظر عند غيري ولم يأذن له بحضور درسه لانه لم يستصلحه التنبيه مرة ولا ثانية ولا ثالثة فلا دواء له حينئذ الا بان يغلظ له باخراجه فان استرشد ورجع الى الرشد انتفع وان لم يرجع لم يتجاوز ضرره نفسه فان العاقل من المتعلمين اذا وقع في خطأ وغلظ له لم يصر على خطأه وفي اخبار احد المنظورين اليهم بالعلم اليوم في بلادنا هذه انه لما قدم على الرياض وجلس الى بعض علمائها وكان حصل علما حسنا في بلده فلما حضر مجلسا من مجالس احد العلماء بعد الفجر وتكلم فيه ذلك الشيخ بشرح حديث في بلوغ المرام فعارضه في كلامه فاستغرب الشيخ كلامه ولم يعرفه لانه حديث وصول اليه فلما رأى تلك الحالة منه قال له يا ولدي انت طالب علم تحضر عند غيرنا فمثلنا لا يصلح ان تحظر عنده فتفظل جزاك الله خير فخرج من المسجد فبقي عند باب المسجد حتى خرج ذلك الشيخ بعد طلوع الشمس تقبل رأسه واعتذر من خطأه وعرفه بنفسه فبين له الشيخ خطأه فاعترف هو بخطأه وانه حمله على ذلك الرغبة في معرفة الشيخ له لانه يريد ان يلزم حلقته فكان عاقلا رشيدا عرف خطأه واحسن معالجته احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد الثامن عشر التحفظ في مسألة العالم فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة العالم الشغب احسن الله اليك. فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة العالم. فان من السؤال ما يراد به التشغيب وايقاظ الفتنة واشاعة السوء. ومن انس فمنه العلماء هذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه. كما مر معك في زجر متعلم فلابد من فلابد من التحفظ في مسألة العالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم. فان من ساء قصده فان من ساء قصده في سؤاله فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم. ويمنع منفعته الاصل الثاني التفطن الى ما يسأل عنه. فلا تسأل عما لا نفع فيه. اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة فيها ومثله السؤال عما لم يقع او ما لا يحدث به كل احد. وانما يخص به قوم دون قوم الاصل الثالث الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا سيارته بل يتحين طيب نفسه الاصل الرابع تيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء الشيخ ويبجله في خطابه. ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته اهل السوق واخلاط العوام. ذكر المصنف ووفقه الله المعقد الثامن عشر وهو التحفظ في مسألة العالم اي الزام العبد نفسه ما يحفظ قوله وفعاله عند سؤال العالم. والحامل على ذلك هو الفرار من مسائل الشغب اي الاثارة و بعث الشر وهي بسكون الغين ولا تحرك فلا يقال الشغب. ومن اللحن الشائع عند الناس قولهم جاتو الشغب ومما يحمل على ذلك ايضا حفظ هيبة العالم فان من تحفظ في سؤاله عظم اهل العلم. قال فان من السؤال ما يراد به التشغيل وايقاظ الفتنة واشاعة السوء ومن انس منه العلماء هذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه كما مر معك في زجر المتعلم فلا بد من التحفظ في مسألة العالم ثم ارشد الى الجادة المحققة التحفظ في سؤال العالم. وهي الجامعة لاربعة اصول. اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من السؤال التفقه والتعلم اي طلب الفقه والعلم. لا التعنت والتهكم اي لا طلب المشقة والسخرية. فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم ويمنع منفعته الاصل الثاني التفطن الى ما يسأل عنه. فلا تسأل عما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها فان العبد يسأل عما ينفع وذلك الذي ينفع يكون تارة بالنظر الى حالك وتارة بالنظر الى ما تسأل عنه فاذا رأيت في سؤالك ما لا يناسب حالك او ما لا يكون صالحا لتلك المسألة فاعرض عنه. قال ومثله السؤال ما لم يقع او ما لا يحدث به كل احد وانما يخص به قوم دون قوم فمن السؤال الذي يسقط منه حق التحفظ؟ سؤال بعض الناس عن اشياء لم تقع فهم يسألون عن امور متصورة متوقعة ومثله كذلك من يسأل عن شيء لا يحدث به كل احد. وانما يخص به قوم دون قوم فان من حقائق الدين تخصيص بعض الناس بشيء منه دون اخرين لصلاحية الكلام فيه له لهم ومناسبته لحالهم دون غيرهم. فيطوى عن غيرهم ويبسط لهم رجاء المنفعة اذا سأل عنه من ليس من اهله كان ذلك من سلب التحفظ في المسألة. ثم ذكر الاصل الثالث وهو الانتباه الى صلاحية حال الشيخ. للاجابة عن سؤال فيلاحظ الحالة التي يكون عليها الشيخ عند مبادرته بالسؤال. فلا يسأله في حال تمنعه. ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا سيارته فليتحين طيب نفسه وفراغ امره ثم يسأله عما بدا له والاصل الرابع تيقظ السائل الى كيفية سؤاله. لاخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ كقوله احسن الله اليك ويبجله في الخطاب اي يعظمه ولا تكون مخاطبته له كمخاطبة فيه اهل السوق واخلاط العوام ان يترفعوا في خطابه معه فلا يخاطبه بخطاب يخاطب به دهماء الناس من اهل السوق اخلاط العوام فان هذا مما يجل العلم عنه. وانت ترى بعض الناس يهجم عليك فيبادرك بقوله انت تقول كذا وكذا فمثل هذا السؤال من مخاطبة اهل العلم بلسان يخاطب به اخلاط الخلق فاهل العلم يخاطبون بما يعظمون به فان الله هو الذي عظمه. ورسوله صلى الله عليه وسلم جعل من اللازم ذمم انا معرفة حقهم فمن معرفة حقهم مراعاة فنون الخطاب معهم بان تكون على وجه متأدب متأدب ابن معظم نعم احسن الله اليك قال المصنف وفقه الله المعقد التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه. فصدق الطلب له يوجب حبته وتعلق القلب به ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. وانما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله احدها بذل الوسع والجهد. وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص. ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب. ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوس كثيرة. وتبذل لاجلها اموال وفيرة دماء غزيرة. ولهذا كانت الملوك تتوق الى لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها قيل لابي جعفر المنصور الخليفة العباسي المشهور الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب. هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله فقال وهو مستو على كرسيه وسرير ملكه. بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة او لاصحاب الحديث اي طلاب العلم. فيقول المستملي من ذكرت رحمك الله يعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها بل تستحيل الالام لذة بهذه اللذة ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع عشر وهو شغف القلب بالعلم وغلبته عليه اي شدة محبته العلم حتى يبلغ حتى يبلغ شغاف قلبه اي باطن قلبه متحققا بمحبته. قال فصدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به. ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. ثم ترى ما تنال به لذة العلم منقولا عن ابن القيم رحمه الله وهو ثلاثة امور اولها بذل الوسع والجهد اي بذل في طلب العلم وثانيها صدق الطلب اي شدة الالحاح في اخذه والتماسه. وثالثها صحة النية والاخلاص. فيكون النية في ابتغاء العلم تقربا الى الله عز وجل مخلصا له بتصفية قلبه من الارادات الفاسدة ثم ذكر انه لا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب فلا بد ان تنفي عن قلبك المشغلات القاطعات لك عن مطلبك والا اقعدتك تلك الشواغل عن العلم ثم ذكر ما يبين عظمة لذة العلم وهو ان اعظم لذة يتصارع عليها الناس هي لذة السلطان والحكم. فتتطلع اليها نفوس كثيرة وتسفك لاجلها دماء عظيمة غزيرة وتدفع في سبيل نيلها. اموال وفيرة. ومع عظم هذه اللذة في نفوس الناس فان لذة العلم اعظم من تلك اللذة. وذكر قصة المنصور الخليفة العباسي ذي الممالك الواسعة شرقا وغربا انه لما سئل هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ فقال بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة اي مكان مرتفع كدرج او كرسي ونحوه. وحول اصحاب الحديث اي طلاب ابو العلم فيقول المستملي اي المستخرج حديث المحدث اي المستخرج حديث المحدث. من ذكرت رحمك الله اي من ذكرت من شيوخك الذين حدثوك قال يعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة فبقيت غصة في قلبي المنصور انه لم ينل هذه اللذة ثم قال ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات اي زالت عن النفس اللذات التي اعتادها الناس من مأكل ومشرب وملبس وغير ذلك وذهلت النفس عنها اي صرفت النفس عنها وقد لقيت مرة رجلا صحب الشيخ حافظا الحكمي رحمه الله خادما له. فحدثني بشيء من احواله وذكر منها انه كان يحضر اليه الطعام فيأخذه ويدفعه اليه ويقول قد جاء الطعام فيقول له خيرا ان شاء الله ثم يبقى في مطالعة الكتب مشغولا عن ذلك الطعام قال الخادم المذكور وكانت نفسي تتوق الى الطعام فانتظر ان اصيب مع الشيخ او اذا بقي شيء بعده لاكله فان الطعام في الناس قليل فيطول الامر ثم اقول له بعد مدة الطعام فينظر الي ثم يقول لا حاجة لي فيه. ان كنت تحب ان تأكله فكله قال فاكله باردا قد ذهب طعمه فهذا شغل بمحبة العلم بالمطالعة في الكتب عن اللذة التي اعتادها الناس في الطعام. ثم قال بل تستحيل لا ملذة بهذه اللذة اي تتحول الالام التي يجدها الانسان الى لذة بهذه اللذة التي يأنس بها فان من الناس من يحضر مجالس العلم ويعسر عليه الجلوس الطويل لكنه يجد لذة عارمة تحلق بقلبه في عليين وقد كنت اتردد على شيخنا سليمان السكيت رحمه الله واجلس معه الساعات الطوال فربما جلست معه في مجلس واحد اربع ساعات فكان يقول لي اني مصاب بمرض الادرار وهو غزارة البول فاذا جئت الي وحدثتني في العلم ذهب عني ذلك المرض كأنه لا شيء بي لما يجد من لذة العلم التي تحمل نفسه الى حال يذهل بها عما يجد من الالم فلا يجد ذلك الالم البتة. ومن جرر بالعلم ولذته ادرك ان لذة العلم تذهب بكل الم وان لذة العلم فوق كل لذة لكن لا يحصل تلك اللذة الا من امتد قلبه اليها وهو نرجوا الله والدار الاخرة واما اولئك الذين يريدون ان يصلوا بالعلم الى الرئاسات او المناصب او الشهادات او الذكر بين الناس فهؤلاء لا ينالون لذة العلم. وربما تجردوا من العلم اذا نالوا به ما ارادوا. فكم من امرئ باع مكتبته بعد نيله درجة الدكتوراة هو كان من امرئ نسي ما كان يعلم من العلم بعد ان تبوأ منصبا شغل به عما ينفعه. فهؤلاء لم يعلموا من لذة العلم اللذة الحقيقية التي يستغني بها العبد عن الناس. قال سفيان الثوري العالم مستغن عن الناس والناس محتاجون اليه انتهى كلامه ووجه استغنائه عن الناس انه لا يفتقر اليهم حتى في الانس بهم فهو مشغول بالانس العلم وبلذة عن كل لذة وانس يلتمسه الخلق نعم احسن الله اليك. قال المصنف وفقه الله المعقد العشرون حفظ الوقت في العلم قال ابن الجوزي رحمه الله قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته. فلا يضيع منه لحظة في غير قربة يقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل. انتهى كلامه رحمه الله. ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت. حتى قال محمد بن عبد الباق حتى قال محمد بن عبدالباقي البزاز رحمه الله ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب انتهى كلامه رحمه الله وقال ابو الوفاء ابن عقيل رحمه الله الذي صنف كتاب الفنون في ثمانمائة مجلد اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري انتهى كلامه رحمه الله وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء. فاحفظ ايها وقتك فلقد ابلغ الوزير الصالح بن هبيرة رحمه الله في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه اراه اسهل ما عليك يضيع ثمت الخلاصة والحمد لله رب العالمين ذكر المصنف المعقد العشرين من معاقد تعظيم العلم وهو حفظ الوقت فيه فان مما يحسن بالمرء ان يعرف قيمة وقته وشرف زمانه كما قال ابن الجوزي فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل ولتقرر هذا في نفوس اهل العلم عظمت رعايتهم للوقت حتى قال محمد بن عبدالباقي ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب. لشدة تحفظه من الوقوع في ذلك. اي بعد عقله حقيقة الامر في قيمة الزمان وان العبد مسؤول عنه وان ابا الوفاء ابن عقيل قال اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري فهو لا يرى حلالا في حقه لما كان عليه من نفاذ الفكر وكمال العلم ان يضيع ساعة من عمره. قال وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل اي وهم يأكلون بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء فيكون القارئ خارج الخلاء فهو ينتفع من امرار الكتاب اذا دخل شيخه دار الخلاء يمر الكلام المقروء وهو مباعد الخلاء مباين له حفظا للوقت واشغالا له بما ينفع. وثبت هذا عن ابن ابي حاتم مع ابيه وعن المجد ابن تيمية رحمهما الله. ثم ختم بقوله فاحفظ ايها الطالب وقتك. فلقد ابلغ الوزير الوزير الصالح بن هبيرة في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه اي اعظم واولى ما اعتنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. اي هو اسهل شيء يضيع فانه سريع التقضي ابيء التأتي فانه سرعان ما تتبع الدقيقة الدقيقة والساعة الساعة والليلة ايه ده واذا مضى منها شيء لم يرجع الى يوم القيامة. فاذا كانت تلك حال الزمان فحقيق بالانسان ان يعتني بحفظه وان يجتهد في ملأه بما ينفعه وبتمام هذا تمت الخلاصة. جعل الله الله نافعة لي ولكم اكتبوا طبقة السماع في الطبقة الاولى سمع علي جميعا لمن سمع الجميع ومن عليه فوت يكتب سمع علي كثيرا خلاصة تعظيم العلم وفي البياض الثاني في قراءة غيره. وفي البياض الثاني بقراءة غيره ما يقال الفراغ الثاني لان ما في العلم فراغ اسمه البياض الثاني لذلك مما ينبه اليه بعض الناس يتصل بك يقول يا شيخ انت فاضي هذا يذمك ما يمدحك من من سوء الادب المخاطبة بهذا لعالم او لغيره لكن يتلطف فيقول هل اجد عندك سعة من الوقت؟ او نحو هذه الكلمات اللطيفة فاهل العلم لا يقولون فراغ يسمونه بياض والبياظ حقيق بان يملى بما ينفع فالبياظ الثاني فيه في قراءة غيره. والبياظ الثالث صاحبنا يكتب اسمه تاما فلان ابن فلان ابن فلان يكتبه فتم له ذلك في مجلسين بالميعاد المثبت في محله من نسخته الميعاد المثبت محله من نسخته دائما عند بدء اي درس تكتب في المجلس الاول بداية المجلس الاول تسجل الوقت مثلا الدرس الاول كان بداية المجلس الاول ليلة الاربعاء كم؟ الرابع من شهر الله المحرم سنة سبعة وثلاثين ثمانية وثلاثين اربع مئة والف في الساعة الفلانية ثم نهاية المجلس يكتب نهاية المجلس ومدته كذا وكذا ثم في المجلس الثاني يفعل مثلها في بداية المجلس يكتب بداية المجلس الثاني ليلة الحادي عشر من شهر محرم ايت تمام التاريخ في الساعة الفلانية ثم في اخره يكتب اخر المجلس التاني ومدته كذا وكذا فهذا تقييد اهل العلم في حفظ مواعيد القراءة سواء في القرآن او في الحديث او في كتب اهل العلم او في غير ذلك فتجد في تراجم اهل العلم يقولون قرأ البخاري في ستين ميعادا ختم القرآن في ثلاثين ميعادا يعني ثلاثين مجلس فاحرص على هذا فانك تحفظ تاريخ اوقاتك المشرقة من الاوقات المشرقة في نفسك هذه الاوقات. ثم انك ان لم تحفظها تنساها فالامد الطويل في العلم لا تعرف ماذا قرأت وعلى من قرأت. ما لم تقيده على هذا النحو الذي ذكرناه. واجزت له روايته عني اجازة خاصة من معين لمعين في معين. من معين يعني المتكلم لمعين يعني احدكم صاحب النسخة منكم في معين يعني في الكتاب المذكور وهو الخلاصة والحمد لله رب العالمين صحيح ذلك وكتبه الصالح بن عبد الله بن حمد العصيمي يوم ولا ليلة ليلة بعد غروب الشمس خلاص ليلة اضربوا على كلمة يوم اضربوا هذي اللي يقولون ايش؟ اشطبوا والشطب ما يكون في كتب اهل العلم لان الشطب هو الشق القوي. اذا شطبت شقيت الكتاب ومنه يسمى الشق الذي في الجبل شطبا فاضربوا يعني ضعوا خطا لطيفا على كلمة يوم تبقى ليلة ليلة غدا ايش لا لا غدا الاربعاء ليلة الاربعاء في البياض الاول ثم الذي بعده الحادي عشر رقم احد عشر من شهر المحرم المحرم المتفق على صحتها لغة. واما محرم مختلف فيها والصواب عدم صحتها. فالشهر اسمه المحرم سنة ثمان وثلاثين واربع مئة والف في مسجد قادم او جامع يقولون عندكم في جامع خادم الحرمين بمدينة الخبر في جامع خادم الحرمين بمدينة الخبر. وهذا اخر المجلس. وانبه الى اربعة في امور فالامر الاول سيكون في الدرس القادم ان شاء الله اختبار في بايش في خلاصة تعظيم العلم والاختبار للجميع. لا اذى لاحد ان يقوم البتة. كما اني انا اجلس الى اخر الدرس فكذلك من حق المجلس اذا جلسنا نجلس جميعا واذا خرجنا نخرج جميعا اما الخروج بالاوزاع فهذا من الامور الحادثة التي تظعف هيبة الدين والعلم عند الخلق وثانيها ابتدأ من هذه الليلة التسجيل في حلقات حفظ المتون الستة المقررة فمن اراد ان يلتحق بها فلا يزال التسجيل مفتوحا في المكان المخصص له في اخر المسجد وامل منكم جميعا ان تهتبلوا فسحة اعمالكم لكم بحفظ هذه المتون في عرضها في الحلقات التي تعقد في هذا المسجد يوم الاربعاء بعد صلاة يوم الثلاثاء بعد صلاة المغرب فبكر للمسجد واعمر وقتك في بيتك او في غيره بحفظ شيء من هذه المتن شيئا فشيئا حتى تتمها. فانها من ابواب غير التي لا ينبغي ان تتأخر عنها وثالثها تكفل القائمون على هذا الدرس وهم مكتب هداية جزاهم الله خيرا بتوفير نقل من جامعة الدمام لطلابها وهم يأملون من الطلاب اما التسجيل الان في اخر المسجد او ان يراسلوهم على الهاتف المثبت في الاعلان اعانة منهم للطلاب على حضور هذه المجالس. ورجاء ان يكون هؤلاء الطلاب رسل خير يوصلون الى الناس في بلدانهم ما ينفعهم فان اهليكم انما ارسلوكم لتطلبوا العلم ومن انفع العلم العلم الذي اي يدلهم على ما يحبه الله ويرضاه. فاجعلوه من ذخائر ما ترجعون به الى اهليكم وبلدانكم. ورابعها ان مقام هذا الدرس هو للعلم والتعليم فما يتعلق بالاعلان عن شيء كالاعلان عن سيارة متوقفة ونحو ذلك هذا ليس من اختصاصنا ولا نريد ان نزاحم اهل الاختصاصات. فالذي امله منكم جميعا اذا وقف احدكم ان يقف في مكان حسن. ولاجل هذا اختير هذا المسجد لما من مواقف كثيرة والا يغرق على احد من المسلمين فان احتاج احد الى آآ الخبر عن سيارة فانه لا يتوجه الى مجالس الدرس فهي ليست لذلك. يتوجه الى ادارة المرور ياخذ رقم المرور ويتصل به يقول هناك سيارة قد اعاقتني واغلقت علي فهو يتصل عليها لانها الجهة المسؤولة عن هذا. واما مجالس الدرس محلا لهذا ولا لغيره فيجب ان تحرصوا انتم في انفسكم على ادب ذلك واذا وقع احد منه خلل فليعلم ان البرور وراءه. واذكر ان شيخنا ابن عثيمين رحمه الله خطب خطبة كان زور في نفسه ان يخطب الاولى عن شيء فخطب عنه. واما الخطبة الثانية فخطب عن سيارة قد اعترض وفي الطريق واغلقته على الناس ثم قال رحمه الله وقد حفظت رقمها. فان اعاد صاحبها بلغت الامارة زجرا له عن هذا الفعل لان هذا من اعظم الاذية للناس. وطلاب العلم ينفعون الناس ولا يؤذون الناس جعلنا الله واياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله واصحابه اجمعين. مع تحيات المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بالخبر. هداية هاتف رقم ثمانية ستة خمسة خمسة خمسة