السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين مراتب ودرجات. وسير للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمر عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض يرحم من في السماء ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين. ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم. باقراء اصول المتون وتبيين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم. وهذا شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في سنته الخامسة خمس وثلاثين بعد الاربعمائة والالف فهو كتاب تعظيم العلم لمعد البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. نعم. بسم الله الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين قلتم احسن الله اليكم في مصنفكم تعظيم العلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ما عظمت معظم وسار اليه راغب متعلم. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. شهادة نبرأ بها من شرك الاشراك فتوجب لنا النجاة من نار الهلاك. واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. فبلغ رسالته اداها واسلم امانته وابداها. وانتصبت بدعوته اظهر الحجج. واندفعت ببيناته الشبهات واللجج فورثنا المحجة البيضاء والسنة الغراء لا لا يأتيه فيها ملتمس ولا يرد عنها مقتبل صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه عدد من تعلم وعلم. قوله رحمه الله واليه راغب متعلم السير الى الله هو لزوم طريقه وحقيقته سلوك الصراط المستقيم ذكره ابو الفرج ابن رجب في كتاب المحجة في سير الدلجة والة سير العبد الى الله عز وجل هي قلبه وهمته قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد فاعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه فاعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه انتهى كلامه فاذا ذكر السير الى الله فالمراد به سلوك الصراط المستقيم وقوله من شرك الاشراك الشرك بفتح الراء واسكانها ايضا وهو حبالة الصائد التي ينصبها لقنص صيده وهو حبالة الصائد التي ينصبها لقنص صيده ومن اعظم ما ينصبه الشيطان من الشرك للناس البدعة التي توصلهم الى الشرك ومن نوابغ كلم الادباء قولهم البدعة شرك الاشراك. اي الحبالة التي ينصبها الشيطان للناس فاذا دخلوا فيها جرهم الى الشرك بالله عز وجل وجعلهم مشركين به وقوله واندفعت ببيناته الشبهات واللجج اللجج بفتح اللام محركة لا بضمها وهو التمادي في الخصومة وهو التمادي في الخصومة نعم. اما بعد فلم يزل العلم ارثا جليلا تتعاقب عليه الاماكن جيلا جيلا. ليس لطلاب هم سواه ولا رغبة لهم في مطلوب عداه. وكيف لا وبه تنال سعادة الدارين وطيب العيشين وشرف الوجود ونور الاغوار والنجود وحية الاكابر ونزهة النواظر. من مال اليه نعم ومن جال به غنم ومن انقاد له سلم لو كان سلعة تباع لبذلت فيه الاموال العظام او صعد في السماء لسمت اليه اسو الكرام هو من المتاجر ارباحها وفي المفاخر اشرفها اكرم المآثر مآثره واحمد موارده فالسعيد من حض نفسه عليه وحث ركاب روحه اليه. والشقي من زهد فيه او زهد وابعد عنه او بعد انفه باريج العلم مزكوم. وختم القفا هذا عبد محروم والعلم يدخل قلب كل موفق من غير بواب ولا استئذان. ويرده المحروم من خذلانه لا تشقنا اللهم بالحرمان وان مما يملأ النفس سرورا ويشرح الصدر ويمده نورا اقبال الخلق على مقاعد التعليم وتلمسهم صراطه المستقيم. واجل دليل واصدقه تكاثر الدروس العلمية وتوالي الدورات التعليمية. حلاوة في قلوب المؤمنين. وشجا في حلوق الكفرة والمنافقين فالدروس معقودة والركب معكوفة. والفوائد شارقة والنفوس فائقة. الاشياخ يمثلون هنا درر العلم والتلامذة ينضمون عقده. قوله نور الاغوار والنجود الاغوار جمع غور والنجود جمع نجد والغور من الارض ما اطمأن وانخفض منها والغور من الارض مطمئن وانخفض منها والنجد منها ما ارتفع والنجد منها ما ارتفع وغور جزيرة العرب تهامة وكل ما ارتفع عنها الى العراق فهو نجد وغور جزيرة العرب تهامة وكل ما ارتفع عنها فهو نجد الى العراق وقوله حلية الاكابر اي زينتهم فالحلية اسم لما يتزين به به فالحلية اسم لما يتزين به وهي نوعان احدهما الحلية الباطنة والاخر الحلية الظاهرة والعلم من حلية الباطن وما يرى على الظاهر فهو من اثاره قوله ينسلون درر العلم ان يستخرجونها ينتلون درر العلم اي يستخرجونها فالنسل هو الاستخراج ومنه نثر الكنانة عند العرب اي استخراج السهام منها نعم. احسن الله اليكم. قلتم حفظكم الله وان من الاحسان الى هذه الجموع الصاعدة والاجيال الواعدة ارشادها الى سر حيازة العلم الذي يضفرها بمأمولها ويبلغها مأمنها. رحمة بهم من الضياع في صحراء الاراء وظلماء الاهواء واعمالا لهذا الاصل جمل الحديث ايها المؤمنون عن تعظيم لا علم فان حظ العبد من العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه وجلاله. فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم واجلاله صلح ان يكون محلا له. وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه. حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم لاحت انواره عليه. ووفدت رسل فنونه اليه الم يكن لهمته غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. وكأن ابا محمد الدارمي الحاكم رحمه الله لمح هذا المعنى فختم كتاب العلم من سننه المسماة بالمسند الجامع بباب في اعظام العلم واعون شيء على الوصول الى اعظام العلم واجلاله معرفة معاقد تعظيمه وهي الاصول الجامعة لعظمة العلم في القلب. فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له. ومن ضيعها فلنفسه ضاع ولهواه اطاع فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه. يداك اوكتا وفوك نفخ ومن لا يكرم العلم لا يكرمه العلم. وسنأتي بالقول باذن الله على عشرين معقدا يعظم بها العلم من غير لمباحثها فان المقام لا يحتمل. والاتيان على غاية كل معقد يحتاج الى زمن مديد. والمراد هنا التبصرة والتذكير وقليل يبقى فينفع خير من كثير يلقى في رفع. فخذ من هذه العاقد بالنصيب الاكبر تنل الحظ الاوفر من رياض الفنون وحدائق العلوم. واياك والاخلاد الى مقالة قوم حجبت قلوبهم وضعفت نفوسهم فزعموا ان هذه الاحوال غلو وتنطع وتشدد غير ومقنع فقد ضرب بينهم وبينها بسور له باب. باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب فليس مع هؤلاء على دعواهم من ادلة الشرع ما يصدقها. ولا من شواهد الاقدار ما يوثقها وانما هي عذر البليد وحجة العاجز. فاين الغلو والتنطع من شيء الوحي شاهده؟ والرعيل الاول سالكه فكل معقد منها ثابت باية محكمة او سنة مصدقة او اثار عن خير القرون ماضية فاذا وثقت بصدقها وعقلت خبرها وخبرها فلا تقعد همتك بخطبة الكسل والدواني تتسلل اليها وهي تجلجل هذه احوال من مضى من سلف الامة وخير الورى اين الثرى من الثريا؟ بل من سمت نفسه الى مقاماتهم ادركها. فتشبهوا ان لم تكونوا مثله ان التشبه بالكرام فلاح. فاشهد قلبك هذه المعاقد. وتدبر من قولها ومعقول واستنبط منطوقها ومفهومها فالمباني خزائن المعاني. مقصود هذه الجملة الاعلان بان نيل الطالب العلم موقوف على تعظيمه له فمن عظم العلم ناله. ومن لم يبالي بالعلم ولا عرف حرمته ولا قام له بما يجب من حقه فانه لا ينال من العلم شيئا. فمفتاح تحصيل العلم النافع ان تكون معظما للعلم واعون شيء للوصول الى اعظام العلم ان يترسم المتعلم معاقل تعظيمه وهي الاصول الجامعة الموصلة الى تعظيم العلم. فاذا ذكرت معاقد التعظيم فالمراد بها الاصول جامعة المحققة عظمة العلم في القلب. فمتى امتثلها ملتمس العلم؟ صار معظما له ناله وتلك المسالك متعددة كثيرة ومن جوامعها عشرون معقدا. مذكورة في هذه الرسالة على وجه متوسط بين الاطناب والايجاز. فان القليل الذي يبقى فينفع خير من الذي يلقى في رفع فاذا عقل ملتمس العلم ما في هذه الرسالة من اصول تعظيم العلم ثم اعملها في صار معظما له. فاذا صار معظما للعلم فانه يناله. ومن دقائق التماس العلم ان قد العلم ليس موكولا الى القوى الظاهرة من الذكاء والحفظ وجودة الفهم وكثرة الاقبال من العلم. كلا وانما يتعلق بذلك احوال كثيرة من صلاح الباطل. لان العلم ميراث النبوة. والنبوة اصطفاء واجتباء فكما ان النبوة اصطفاء واجتناب واجتباء فان ميراثها انما يكون بالاصطفاء والاجتباء. فمن اراد ان يستثني فتح التماسه للعلم فليحرص على ارتسام معاقد تعظيم العلم وان يتمثلها. ولهذا صار اقراء هذه الرسالة باكورة الكتب المشروحة في هذا البرنامج رجاء الانتفاع بها في تعظيم العلم. فان الذين يعظمون العلم تأملوا فيهم ان يدركوه واما اولئك الذين لا يعظمون العلم فانهم بمنأى عنه وان وقفوا مع صورته فان حقيقة علم ليست تلك المسائل الظاهرة ولا الشهادات الباهرة وانما حقيقة العلم ان ينتفع به الانسان فيؤنس من نفسه فهما اللي الشرع وعملا به لا يوجد عند غيره فانه اذا ادرك هذه الحال صار منتفعا بالعلم محصلا له ومتى غابت هذه الحال عنه فانه وان كان حشو قلبه عشرات المسائل فانه ليس واقفا على حقيقة العلم التي هي ميراث من ميراث نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. نعم. المعقد الاول تطهير عائل علم وهو القلب. فان لكل مطلوب وان وعاء العلم القلب ووسخ الوعاء يعكره ويغير ما فيه. وبحسب طهارة القلب يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. ومثل العلم في القلب كنور المصباح. ان صفا زجاجه شعت انواره وان لطخته اوساخ كشفت انواره. قوله كسفت انواره اي ذهبت قوله كسبت انواره اي ذهبت. والكسوف عند جمهور اهل اللغة ذهاب نور الشمس كله او بعض والكسوف عند جمهور اهل اللغة ذهاب نور الشمس كله او بعضه نعم. احسن الله اليكم. فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه من نجاسته. فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف. وطهارة القلب ترجع الى اصلين عظيمين. احدهما طهارته من نجاسة الشبه والاخر طهارته من نجاسة الشهوات ولما لطهارة القلب من شأن عظيم امر بها النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما امر في قوله تعالى في سورة المدثر وثيابك فطهر في قول من يفسر الثياب بالباطل وهو قول حسن له مأخذ صحيح. قوله وهو قول حسن له مأخذ صحيح. اي تفسير الثياب بالاعمال ظاهرة قول حسن له مأخذ صحيح. ومأخذه رعاية سياق الايات. ومأخذه رعاية سياق الايات فان سياق الايات المتتابع يدل على ان الثياب المذكورة ينبغي ان تتعلق بالاعمال فالعبد مأمور بان يطهر اعماله وبها امر النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما انزل عليه في قوله تعالى وثيابك فطهر. وعلى هذا جمهور السلف. وعلى هذا جمهور السلف ذكره ابو جعفر ابن جرير في تفسيره فتفسير الثياب في اية المدثر بالاعمال الملابسات اصح من تفسيرها من الثياب والحامل على تصحيح هذا هو ملاحظة سياق الايات. فان الايات تتعلق بالتخلي من الشرك والتنزه عنه والدعوة الى توحيد الله عز وجل. فالمناسب بين هذا وذاك ان يكون قوله تعالى وثيابك كمطهر اي طهر اعمالك من الذنوب والاثام واعظمها الشرك بالله سبحانه وتعالى. واصول نجاسة القلب ثلاثة انواع واصول نجاسة القلب ثلاثة انواع ذكرها ابن القيم في كتاب الفوائد احدها الشرك وثانيها البدعة وثالثها المعصية احدها الشرك وثانيها البدعة وثالثها المعصية. فيكون المأمور به في قوله تعالى الا وثيابك فطهر طهر اعمالك من هذه النجاسات الشرك والبدعة والمعصية طهر اعمالك من هذه النجاسات الشرك والبدعة والمعصية. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم هو الله واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك فاستحي من نظر الله الى قلبك. وفيه وبلايا وذنوب وخطايا. قال مسلم بن الحجاج حدثنا عمرو الناقد حدثنا كثير بن هشام. حدثنا جعفر بن عن يزيد الاصم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان الرسول صلى الله عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا انظروا الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم. في هذا الحديث العظيم بيان ان محل نظر الله من العبد شيئان احدهما قلبه والاخر عمله بهذا الحديث العظيم بيان ان محل نظر الله من العبد شيئان احدهما قلبه والاخر عمله ولا يخفى ما بينهما من الاتصال فالعبد مأمور بملاحظة نظر الله فيهما. اما الظاهر من الصور في الاجسام والاموال وغيرها فانها ليست محلا لنظر الله عز وجل. فينبغي ان يرعى العبد قلبه وعمله اعظم ومن رعايته ثيابه وماله ليفوز بانعام نظر الله سبحانه وتعالى عليه بما يرضي الله عز وجل عنه. نعم. واحذر كمائن نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهان. من طهر قلبه فيه العلم حل. ومن لم يرفع منه نجاسته ودعه العلم وارتحل. واذا تصفحت احوال طائفة من طلاب العلم في هذا المعقد رأيت خللا بينا. فاين تعظيم العلم من امرئ تغدو الشهوات والشبهات في قلبه تدعوه صورة محرمة وتستهويه مقالة مجرمة. حشوه المنكرات والتلذذ بالمحرمات. فيه غل فساد وحسد وعناد ونفاق وشقاق. انى لهؤلاء وللعلم ما هم منه ولا هو اليهم قال سهل ابن عبد الله رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل واصله في التنزيل قول الله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق واصله في التنزيل قوله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق قال سفيان ابن عيينة في تفسير هذه الاية احرمهم فهم القرآن. احرمهم فهم القرآن وقال محمد بن يوسف الفيابي امنع قلوبهم من التدبر في امري. امنع قلوبهم من التدبر في امري انتهى كلامه واتفق صرف قلوبهم عن فهم القرآن الكريم لما فيها من الكبر والعنت فوقعت العقوبة مناسبة لذنبهم. ذكره ابو الفداء ابن كثير رحمه الله في تفسيره. فان هؤلاء لما تكبروا في قلوبهم عاقب الله عز وجل قلوبهم بعقوبة عظيمة وهي الجهل وموجبه ما في قلوبهم من الكبر. فمن دخل قلبه شيئا من هذه العلل كالغل والحسد والغش كبر والحقد والضغينة فان الله عز وجل صارفه عن كتابه. وليس المراد بصرفه عن كتابه ان لا تكون له قدرة على حفظ القرآن الكريم. فان الامر كما ذكر ابن الحاج المالكي في المدخل اننا نرى كثيرا من متكبرين يحفظون القرآن ولكن المراد صرفهم عن الانتفاع به. فلا يكون لهم حظ من فهمه ولا حظ من العمل به. وبهذا يتأكد لك ما ذكرت سابقا. من ان حيازة العلم لا تكون بالقوى الظاهرة وانما تكون باحوال باطنة من من اكدها طهارة قلب العبد. فاذا تطهر قلب العبد من هذه العلل واعظمها الكبر فان الله عز وجل يفتح له بابا من الفهم لا يفتحه لغيره. واذا كان قلب العبد منطويا على شيء من هذه الخباثات القبيحة. فان الله عز وجل يحرمه النور. الذي يتسع به قلبه ويهنأ به عيشه. فينبغي ان يكون هم طالب العلم. ان ينور الله عز وجل قلبه. بالحقائق العلمية التي تنشأ من معرفته معاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وليس المقصود الفهم الظاهر منها بل المقصود ان يجد القلب لها لذة. واذا كان العشاق يلتذون بكلام من يعشقون ويحبون من الخلق او يلتذ الناس بكلام من يطربون بكلامه من الشعراء او الخطباء او الادباء. فان المقبلين على كتاب الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم اذا صحت قلوبهم يجدون من اللذة والنور ما لا يقارنه شيء من لذات الدنيا ولذلك فان العلم لا يفرح المرء به الا في امر واحد وهو انه يقرب من الله اكثر ليس شأن العلم ان يوصلك الى درجة في الدنيا. ولا الى شهادة منها ولا الى كرسي تجلس عليه. ولكن الشأن ان يوصلك العلم الى الله وانما يوصلك العلم الى الله اذا كان قلبك صالحا له. ومن جملة صلاحيته ان تتعاهده وبتطهيره من هذه النجاسات التي متى تأثلت فيه فانك محروم من العلم. وكم من امرئ تراه غاديا جامعا الى حلق العلم ومجالسه وكتبه. ولكنه في حقيقة امره لا يأنس نور العلم ولا يجد لذته. لان له حظا من قول الله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق والذين امتلأت قلوبهم باليقين بالله وامره اذا سمعوا هذه الاية خافوا ان يكون من اولئك الذين تصرف قلوبهم عن فهم كلام الله عز وجل ومراده. فينبغي ان يغتم طالب العلم على فوت العلم من نفسه لا لاجل ذهاب بمجلس من مجالسه ولا لتركه درسا من دروسه. ولكن الهم الاعظم الذي ينبغي ان يلحقه اذا اكتشف ان في قلبه شيئا من الدغل لم يتمكن بعد من تطهيره. فينبغي ان يجتهد طالب العلم في تطهير باطنه وان يتعاهده ليكون ذلك اعون شيء له على الوصول الى العلم. ولهذا ابتدأت هذه المعاقد العشرون بالاشارة الى تطهير وعاء العلم لانه اذا طهر وعاء العلم صلح ان يكون العلم في هذا المحل. واذا صار هذا الوعاء متنجسا فانه ربما زاحم تلك النجاسة العلم وربما افسدته بالكلية حتى يخرج العلم من قلب العبد. ولهذا كم نرى في الناس من كان مقبلا على العلم وصار منصرفا اليوم عنه. وان الله عز وجل اكرم الاكرمين. وارحم الراحمين وان الله عز وجل لا يصرف عبدا اقبل عليه. ولكن الحقيقة انه اقبل في الظاهر. واما في الباطن فانه في حال اخرى فهو يلتمس العلم لاجل المفاخرة او المباهاة او المكاثرة او مؤانسة خلق من الخلق نشأ معهم فصار يقبل على مجالس العلم. اما ان يكون اقباله على العلم ارادة وجه الله عز وجل. فانه لا يكون كذلك ابدا. فان من اقبل على الله قبله. ومن التمس من الله عطاه. ومن رجا الله عز وجل وسأله اكرمه. ولذلك لا ينبغي ان تنشغلوا كثيرا بالظواهر من حضور مجالس العلم والحفظ وغير ذلك. نعم هي شيء معين. ولكن اعظم الاعانة ما بينك وبين الله سبحانه وتعالى. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل لنا نورا وبصيرة في العلم والدين. وان يجعلنا جميعا من عباده المرحومين. امين. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. المعقد الثاني اخلاص النية فيه. ان اخلاص الاعمال اساس قبوله وسلم وصولها قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وقال البخاري في الجامع الصحيح ومسلم في المسند الصحيح واللفظ للبخاري حدثنا عبد الله بن مسلمة قال اخبرنا ما لك عن يحيى ابن سعيد عن ابن ابراهيم عن علقمة عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية ولكل لامرئ ما نوى وما سبق من سبق ولا وصل من وصل بنا السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين قال ابو بكر المروذي رحمه الله سمعت رجلا يقول لابي عبد الله يعني احمد بن حنبل وذكر له الصدق الاخلاص فقال ابو عبد الله بهذا ارتفع القوم وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم للمتعلم اذا قصدها. الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريف فيها ما عليها من العبوديات وايقافها على مقاصد الامر والنهي الثاني رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم. الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. الرابع العمل بالعلم. فالعلم شجرة والعمل ثمرة وانما يراد العلم للعمل. ذكر المصنف وفقه الله معقدا اخر من معاقد تعظيم العلم وهو اخلاص النية فيه والاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله هو تصفية القلب من ارادة غير الله والى ذلك اشرت بقول اخلاصنا لله صفي القلب من قرادة سواه فاحذر يا فطن. اخلاصنا لله صف القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن وقوله في اخر البيت واحذر فاحذر يا فطن انباه الى ضرورة التفطن لامر الاخلاص وان العبد يجد فيه مكابدة ومشقة والوصول اليه لا يكون بالاماني. وانما يكون بالمعاناة والتعب قال سهل ابن عبد الله التستري ومحمد ابن ادريس الشافعي لا يعرف الرياء الا المخلصون لا يعرف الرياء الا المخلصون. انتهى كلامهما لان المخلصين يتحرزون من الرياء خوفونا فهم في مجاهدة ومكابدة في خلوص اخلاصهم وشهودهم اخلاصا اخلاصهم سلامته من الغوائل يجعلهم في حذر من الرياء. فينبغي ان يتعهد المرء اخلاصه وان في صيانة نيته من كل ما يشوبها حتى يحقق حقيقة الاخلاص التي ذكرناها من انها تصفية القلب من ارادة غير الله عز وجل. وكل عمل من الاعمال التي يتقرب بها الى الله له نية فيها الاخلاص وقد تأسف ابن الحاج المالكي في المدخل على عدم قعود الفقهاء للناس في نيات اعمالهم. لان اعمال العبد على اختلافها في ابواب العبادات او المعاملات مفتقرة الى النيات كالطهارة والصلاة والزكاة والنكاح والبيع وغير ذلك وكل عمل من هذه الاعمال له نية متى فقهها صاحب العمل وصل الى مقصوده من العمل واجره الله سبحانه وتعالى عليه واذا غفل العبد عنها فاته حظ كثير. ولهذا فان من منافع العلم انه يوقف العبد على الاعمال على اختلافها ومن جملتها نية العلم. وقد ذكر المصنف وفقه الله ان نية العلم ترجع الى اربعة اصول متى اشهدها العبد قلبه واقامها في نفسه صار مخلصا في نيته في طلب بالعلم فاولها ان يقصد بالتعلم رفع الجهل عن نفسه فهو يريد ان يعبد الله عز وجل على فلا يكون جاهلا به وبامره وثانيها ان ينوي بالعلم رفع الجهل عن غيره. وانه متى حوى العلم وحاز منه حوظا؟ قام بالبلاغ وادى الرسالة وناب عن النبي صلى الله عليه وسلم في هداية الخلق فارشد الخلق وعلمهم وهداهم وبين لهم احكام الشرع. وثالثها ان ينوي حفظ العلم من الضياع لان العلم اذا لم يرعى باقامته وبثه في الناس فانه يذهب منهم والقائم بحفظ العلم من اعظم القائمين بحفظ الدين. ورابعها ان ينوي العمل بالعلم فهو يتعلم العلم ليعمل به ما يقربه الى ربه سبحانه وتعالى. وقد جمعت هذه الاصول الاربعة في بيتين قلت ونية للعلم رفع الجهل عن ونية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه فغيره من النسم. عن نفسه فغيره من النسم وبعده التحصين للعلوم من وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن. ضياعها وعمل به زكن ونية للعلم رفع الجهل عم عن نفسه فغيره من النسم وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن وقوله النسم يعني الخلق جمع نسمة وهي النفس. وقوله النسم يعني الخلق جمع نسمة وهي النفس. وقوله زكن اي ثبت نعم. قلتم احسن الله اليكم ولقد كان السلف رحمهم الله يخافون فوات الاخلاص في طلبهم العلم. فيتورعون الادعاء الى انهم لم يحققوه في قلوبهم فهشام الدستوائي رحمه الله يقول والله ما استطيع ان اقول اني ذهبت يوما نطلب الحديث اريد به وجه الله عز وجل. وسئل الامام احمد هل طلبة العلم لله؟ فقال لله عزيز. ولكنه هو شيء حبب الي فطلبته. ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها. دقيقها وجليلها سرها وعلنها. ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية. قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تتقلب عليه بل قال سليمان الهاشمي رحمه الله ربما احدث بحديث واحد ولينية فاذا اتيت على بعضه تغير غيرتني فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات. ذكر المصنف وفقه الله انه ينبغي لقاصد ان يتفقد هذا الاصل يعني الاخلاص في اموره كلها. ويحمله على هذا التفقد شدة معالجة نية فالوصول الى النية الخالصة لا يكون بالتمني وانما يكون بمكابدة ومشقة وذكر تصديق في قول سفيان الثوري ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تتقلب علي النية تتغير احوالها ومنشأ تقلبها ان محلها هو القلب. فلما كان محل النية هو والقلب من اوصافه التقلب صارت النية محلا للتقلب. قال الشاعر قد سمي قلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل. قد سمي القلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل. فوعاء النية القلب وهو متقلب. فالنية حينئذ لابد متقلبة فيحتاج قاصد السلامة ان يتعاهد نيته وان يرعاها. ثم ذكر ما هو اعظم مما ذكره سفيان الثوري وهو قول سليمان الهاشمي ربما احدث بحديث واحد ودينية اي نية صالحة فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي اي تحولت فاذا حديث الواحد يحتاج الى نيات. وكلام سليمان هذا يراد منه الانباه الى اصل عظيم وهو اصلاح النية والمراد به ردها الى المأمور به شرعا اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها ردها الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها. فهذه الحال تسمى اصلاحا للنية وقولنا ردها الى المأمور به اي المحكوم به شرعا وقولنا اذا عرض لها ما يغيرها اي ما يخرجها من قصد القربة الى قصد الاباحة المجردة اي اذا عرض لها ما يخرجها من قصد القربة الى قصد الاباحة المجردة وقولنا او يفسدها اي اذا عرض لها ما يخرجها من صلاحها الشرعي الى فسادها. اي اذا اي اذا عرض لها ما يخرجها من صلاحها الشرعي الى وبطلانها. فلابد ان يكون لقلب العبد عينان باصرتان تتلمسان نيته فانه تارة تخرج نيته بالتغير المجرد فتنتقل من القربة الى الاباحة تخرج من قصد القربة الى ان يكون ذلك وموقعا له في امر محرم كالتماس العلم فان المرء ربما شرع في التماس العلم قربة الى الله عز وجل. ثم يعرض له ما يغير نيته. فيخرجها من قصد الى الاباحة المجردة وهو ان يكون ملتمسا للعلم محبة للعلم فقط لا على ارادة كونه فانه يخرج من التعبد لله بطلب العلم الى استكثاره من امر مباح وهو محبة العلم والالتذاذ ارتداد به وربما يعرض له ما يخرج نيته في التماس العلم من صلاحها الديني الى ما يفسدها شرعا ان يطلب العلم للرياء او للجاه او للمكاثرة او للمنصب. فيرجع ذلك عليه بفساد نيته هذا امر لا يتأتى للعبد ان يخلي منه نفسه في اليوم واليومين والليلة والليلتين بل يحتاج الى مدة طويلة في تقويم نفسه واصلاحها وتهذيبها. قال بعض السلف جاهدت نفسي عشرين سنة على قيام الليل حتى استقامت لي. وقال بعض السلف بقيت في تعليم نفسي الصمت سنوات فاقامة النفس على الاخلاق الكاملة الفاضلة ومن جملتها الاخلاص يحتاج الى مكابدة ومشقة وطول مدة وتتأكد العناية بالاخلاص لانه مفتاح صلاح الاعمال ويتأكد ذلك اعظم في العلم لانه على قدر صلاح النية يكون العون من الله سبحانه وتعالى للعبد على اصابة العلم وكم من امرئ تراه ليس شديد الذكاء ولا قوي الحفظ ولا جيد الفهم الفهم لكنه يدرك في العلم سريعا من امرئ تراه فتصفه بشدة الذكاء وحدة الفهم وقوة الحفظ فيبقى مدة كمدة الاخر لكنه لا يصيب من العلم ما اصاب الاخر. لان الاول صلحت نيته فكملت حاله اخر نقصت نيته فساءت حاله. قال بعض السلف كم من عمل حقير عظمته النية؟ وكم من عمل عظيم حقرته النية فينبغي ان يجتهد طالب العلم في اصلاح نيته في اصلاح نيته لانه يستعين بصلاحها على اصابة العلم. روى ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال انما يحفظ الرجل على قدر نيته. انما يحفظ رجل على قدر نيته وجماع القول ان المرء انما يدرك من العلم على قدر نيته وليس ليس المراد بالادراك العلم الظاهر ولكن المراد هو حقيقة العلم من الفهم والعمل والقرب من الله سبحانه وتعالى. نعم. قلتم احسن الله اليكم المعقد الثالث جمع همة النفس عليه. فان شعت النفس اذا جمع على العلم التأم واجتمع واذا شغل به وبغيره ازداد تفرقا وشتاتا. وانما تجمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة امور او الحرص على ما ينفع. فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرص عليه؟ ثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. ثالثها ابو العاجز عن بلوغ البغية منه وقد جمعت هذه الامور الثلاثة في الحديث الذي رواه مسلم ابن الحجاج قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة وابن نمير قال حدثنا عبد الله بن ادريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فمن اراد جمع همة على العلم فليشعل في نفسه شعلة الحرص عليه. لانه ينفعه بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم. وليستعن بالله عليه ولا يعجز عن شيء منه. فانه حينئذ يدرك بويته ويفوز بما اجمله قال الجنيد رحمه الله ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله فان لم يله كله نال بعضه. الجد بالجد والحرمان بالكسل فانصبت صبعا قريب غاية الامل. ذكر المصنف وفقه الله ان من معاقل تعظيم العلم جمع همة النفس عليه ويكون ذلك بتفقد ثلاثة امور ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى اولها الحرص على ما ينفع وثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيل المطلوب. وثالثها عدم العجز بلوغ البغية منه. والجامع لهذه الثلاثة هو الحديث المذكور عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك وهذا دليل الاول ثم قال واستعن بالله وهذا دليل الثاني. ثم قال ولا تعجز وهذا دليل الثالث وذكر المصنف في طي ذلك قول الشاعر اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجنى يجني عليه اجتهاده وهو هو بيت سيار لا يعلم قائله تحقيقا. وان كان الراغب الاصفهاني ذكر في محاضرات الادباء نسبته الى علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لكن لا يعرف ذلك من وجه موثوق عنه وانما يذكر هذا عند اهل العلم ولهم رحمهم الله تعالى ابيات عدة في هذا المعنى. ثم ذكر المصنف بعد امرا جامعا فقال بل كل خير في دنيا والاخرة انما هو ثمرة من من ثمرات العلم. وبهذا صرح القرافي الفروق فانه ذكر ان اصل كل خير هو العلم. وبهذا صرح القرافي في الفروق. فانه ذكر وان اصل كل خير هو العلم. وفي كلام ابن القيم رحمه الله تعالى في اغاثة الله فان ما هو قريب من ذلك؟ فانه قال اصل كل خير العلم والعدل واصل كل شر الظلم والجهل انتهى كلامه. اصل كل خير العلم والعدل واصل كل شر الجهل والظلم. انتهى كلامه والعدل موقوف على العلم فان العبد اذا لم يكن له علم لم يمكنه ان يعدل في القضية ولا ان يحكم هو بالسوية فرجع الامر كله الى العلم على ما ذكره القرافي رحمه الله تعالى في الفروق. نعم قلتم احسن الله اليكم فانهض بهمتك واستيقظ من الغفلة فان العبد اذا رزق همة عالية فتحت له ابواب الخيرات تسابقت اليه المسرات. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة ورد قمر العزيمة اشرقت الارض بنور ربها. ومن تعلقت همته بمطعم او ملبس او مأكل او مشرب لم يشم رائحة العلم واعلم بان العلم ليس يناله من همه في مطعم او ملبس فاحرص لتبلغ فيه حظا وافرا واهجر كن له طيب المنام وغلسي. وان مما يعلي الهمة ويسمو بالنفس اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضين فابو عبدالله احمد بن حنبل كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به حتى يؤذن الناس او يصبحوا. وقرأ الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس اثنان منها في ليلتين من وقت صلاة المغرب الى صلاة الفجر. واليوم الثالث من ضحوة النهار الى صلاة المغرب ومن الى طلوع الفجر في تاريخ الاسلام وهذا شيء لا اعلم احدا في زماننا يستطيعه رحم الله ابا عبد الله كيف لو رأى همم اهل زاد الزمان ماذا يقول؟ هذا الذي ذكره الذهبي رحمه الله تعالى لا يراد منه القطع بعدم امكان ذلك. وانما هو خبر عن تعذره في حال فلناس ممن تأخر لان السلف الاوائل كان لهم من الهمم الصادقة في التقرب الى الله عز وجل ما لا احمهم فيه من كان بعدهم. فان من خبر احوالهم واطلع على سيرهم من الصحابة والتابعين واتباعهم. وائمة الهدى رأى فيهم من كمال الاقبال على الله عز وجل وصدق اللجاءة والتعلق به ما لا يكون عند غيرهم ممن جاء بعدهم لا افرادا يتشبهون بهم. فكان لكمال تلك الاحوال بدر منهم امور تصعب مزاحمة فيها كهذه الحال التي اتفقت للخطيب البغدادي انه قرأ البخاري في ثلاثة ايام فان البخاري في ذلك هي من الامر الذي يرجع وكله الى الله عز وجل فيما يهبه للخلق من القدر مواهب التي تمكنهم من هذه الافعال. واتفق لرجل من بعده محاذاته في ذلك وهو طولون فانه ذكر في الفيهست الاوسط انه قصد محاذاة الخطيب في فعله فقرأ صحيح البخاري في ثلاثة في ايام ايضا على احد اشياخه وهو من علماء القرن العاشر. فليس المقصود استحالة ذلك ولكن ان المقصود هو استبعاده للبون الشاسع بين حالنا وحالهم. فالامر كما ذكر ابن المبارك لا ان بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح اذا مشى كالمقعد. ولما ركن بعض الناس باخرة الى حال من يراه حول صار يستبعد تلك الاحوال قاطعا بنفيها وان ما يذكر من الاحوال الكامنة الكاملة في العلم والعبادة مما كان عليه السلف هو شيء ذكر على وجه المبالغة لا على وجه الحقيقة. فهو ينفي ان يكون احد منهم قرأ القرآن في ليلة وينفي ان يكون احد منهم صلى في ليلة ثلاث مئة ركعة وينفي ان هنا احد منهم قرأ البخاري في ثلاثة ايام. ومنشأ هذا عنده هو مقايسته بين حالنا وحالهم فهو يرى من وهن الحال وظعف القوى وقلة الرغبة شيء يجعله على الاوائل وهذا من الغلط. فقد كان لهم رحمهم الله تعالى من كمال الحال ما ليس لنا فصار لهم من مشاهد العلم والعمل والعبودية واللجاءة والقرب الى الله عز وجل ما هو في ظن بعظ الناس باخرة من ضرب الخيال ولكن من طالع احوالهم وعرف سيرهم ووثق باسانيد من نقل تلك الاخبار عنهم قطع بان تلك الاحوال وهبها الله سبحانه وتعالى لهم لكمال حالهم. وليس بمستكثر على الله عز وجل ان يجعل لاحد من بعدهم ما كان لهم من حال. ولكن الشأن هو في ملازمة احدنا ما كانوا عليه من كمال الاقبال على الله والصدق به معه التعلق به سبحانه وتعالى ومن سار على طريقهم وعظ الحسن البصري الناس يوما وذكر لهم ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم. فقال له رجل يا ابا سعيد انك ذكرت قوما مضوا على خير دهم بهم واننا على حمر عرج. فقال من سار على طريق القوم وصل فمن اخذ بطريق السلف رحمهم الله وتجمل باحوالهم واقتدى بفعالهم وتعلق بالله سبحانه وتعالى فان الله عز وجل يفتح له من ابواب العلم والعبادة والقرب منه ما كان يفتحه سبحانه وتعالى لمن مضى من الخلق نعم. قلتم احسن الله اليكم وكان ابو محمد ابن التبان اول ابتدائه يدرس الليل كله. فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة ويتظاهر بالنوم فاذا رقدت اخرج مصباحه اقبل على الدرس وقد رأيت في بعض المجموعات الخطية في مكتبة نجدية خاصة مما ينسب الى عبدالرحمن ابن حسن ال الشيخ صاحب فتح المجيد قوله رحمه الله شمر الى طلب العلوم ذيولا وانهض لذلك بكرة واصيلا وصل قال وكن هديت مباحثا فالعيب عندي ان تكون جهولا. فكن رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامة همته فوق الثريا سابقة ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة فان همة الصادق لا تشيب. قوله اشيب الهمة يقال في وصف الرجل اشيب. ولا يقال شايب في اصح قول اهل اللغة. نعم كان ابو الوفاء ابن عقيل احد اذكياء العالم من فقهاء الحنابلة ينشد وهو في الثمانين. ما شاب عزمي ولا حزم ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي. وانما اعتاد شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في قوله والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم. لان الشيب الهمة مظنة ضعف الروح لان شيب الهمة مظنة ضعف الروح واما شيب الشعر فانه مظنة ضعف البدن واما شيب الشعر فانه مظنة ضعف البدن واذا كانت الهمة قوية اضعفت البدن واذا كانت الهمة ضعيفة لم يمكن الانسان ان يدرك ان يدرك مطلوبه وان كان جسمه عظيما. فمدار الامر على همة الروح. فاذا كانت همة في الروح قوية فانه لا يضره بيضاض الشعر. وان كانت همته في روحه ضعيفة فانه لا ينفعه سواد الشعر ولذلك لما كانت همة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عالية وكانوا دخلوا في الاسلام كبارا اصلوا من كمالات الاحوال مع كبر السن ما لم يكن لغيرهم. قال ابو عبدالله البخاري في كتاب العلم وتعلم اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كبارا. انتهى كلامه. وكان جماعة منهم قد وخط الشيب لحاهم لكمال ارواحهم في علو هممهم في التصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه. نعم. قلتم احسن الله اليكم المعقد الرابع صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة. ان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وباقي العلوم اما خادم لهما فيؤخذ منه ما يتحقق به الخدمة او اجنبي عنهما فلا يضر الجهل به فالى القرآن والسنة يرجع العلم كله وبهما امر النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم. وهل اوحي الى ابي القاسم صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن والسنة من جعل علمه القرآن والسنة كان متبعا غير مبتدع ونال من العلم اوفره. قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليتوه القرآن فان فيه علم الاولين والاخرين. قوله فليثور القرآن اي ليبحث عن فهمه قوله فليثور القرآن اي ليبحث عن فهمه باجالة النظر للتدبر في اياته بازالة النظر للتدبر في اياته. نعم. احسن الله اليكم وقال مسروق رحمه الله ما نسأل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علمه في القرآن الا ان علمنا يقصر عنه. وينسب لابن عباس رضي الله عنهما انه كان ينشد جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجال. هذا الذي ذكره مسروق ونظم بعده في بيت ينسب لابن عباس تصديقه في القرآن الكريم ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. اي ايضاحا وتفصيلا لكل شيء. فكل علم نافع اصله في القرآن الكريم لكن الناس يتفاوتون في حظوظهم منه بحسب ما يفتح الله عز وجل لهم من ابواب فهمه وادراكه. نعم احسن الله اليكم وما احسن قول عياض ليحصو به في كتابه اجماع. العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحق علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبي. قوله عن الطريق اللاحب اي واضح اي الواضح فالزائغ عن الطريق الواضح لا يوفق الى اصل العلم فالزائغ عن الطريق الواضح لا يوفق الى اصل العلم وهو علم الكتاب والسنة فمن مسه ضرب الهوى ومال عن طريق الهدى فاته من فهم الكتاب والسنة بقدر ما اصابه من خبل الهوى ولهذا فان طهارة القلب من العقائد الفاسدة تعين على فهم العلم ومن الشائع عند علماء المنطق زعمهم ان علم المنطق الة تعصم الذهن من الغلط في فهم الكتاب والسنة واعظم من هذه الالة صحة العقيدة. فان المرء اذا صحت عقيدته حصل له من قوة الفهم ما لا يكون لزائغ العقيدة. وليس المراد بصحة العقيدة. انتساب المرء في الظاهر الى عقيدة السلف لكن المقصود هو تمثل تلك الحقائق الايمانية في القلب. فاذا استقرت تلك الحقائق الايمانية لاعتقاد السلف في القلب حصل للعبد من القوى شيء لا يفصح عنه لسان ولا بيان. ومن هذا الجنس قول ابن تيمية افيد من سره ان يكون اقوى الناس فليتوكل على الله. من سره ان يكون اقوى الناس توكل على الله انتهى كلامه. ومن جملة ما يسر العبد ان يكون اقوى الناس فيه العلم. فيكون من التك في قوتك في العلم ان تكون متوكلا على الله عز وجل. ولكن التوكل على الله عز وجل ليس دعوا مجردة تجري على اللسان لكنها حقيقة ايمانية قلبية متى استقرت في القلب وظهرت على جوارح العبد صار العبد متوكلا فحصل له من القوة في جميع ما يريد ما لا يكون لغيره. ولهذا ينبغي ان يحرص العبد على تصحيح اعتقاده عملا وعلما فيدرس عقيدة السلف ويتفهم طريقتهم ثم يمتثل ذلك في نفسه انه يحصل له من جودة الفهم في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يكون للزائغين لذلك فان الزائغ عن الحق لا يكون اماما في الدين. وانما الذي يكون اماما في الدين هو من كان مقيما نفسه على امر الله سبحانه وتعالى فان النفس فان العبد اذا اقام نفسه على ما يريد الله اقامه الله للخلق فان حيازة الامامة والتقدم في العلم ليس وصفا يعطيكي اياه الناس. ولكنه هبة الله عز وجل اياها وان الذي اعطاك اياها هو الذي يسلبك اياها. فاحسن ما بينك وبينه من معاملة خشية ان تسلب العلم. فان من طلاب العلم من يظن انه اذا حفظ وفهم صار مدركا ويغفل عن الخوف من سلب العلم ركب سفيان الثوري رحمه الله تعالى الجمل قاصدا الحج واخذ عبدالعزيز بن ابي رواد بركاب جمله فبكى سفيان بكاء شديدا فقال له ابن ابي رواد يا ابا عبد الله هل خفت ذنبك فاخذ شيئا من زرع الارض المتحطم كان على ذروة الجمل. فقال ان ذنوبي اهون علي من هذا ولكني اخاف ان اسلب التوحيد ويخاف على نفسه يسلب التوحيد وكذلك منه ان تخاف ان يسلبك الله عز وجل العلم. فينبغي ان يعتني العبد بملاحظة هذه الحقائق. التي هي الطريق الى الله عز وجل وهي السبيل الى العلم الذي يحبه الله سبحانه وتعالى. نسأل الله عز وجل ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح. نعم قلتم احسن الله اليكم واعلى الهمم في طلب العلم كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الفوائد طلب اي من الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله نفس المراد. وعلم حدود المنزل. وقد كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع. فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر. قال حماد بن زيد قلت لايوب السخطيان العلم اليوم اكثر او فيما تقدم. فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما تقدم اكثر. هذا الذي ذكره ايوب رحمه الله تعالى من اكثرية العلم في السلف نتاجه بركة كلامهم فان في كلامهم بركة لا تلفى في كلام غيرهم قال ابن ابي العز في شرح الطحاوية فلذلك صار كلام المتأخرين كثيرا قليل الفائدة بخلاف كلام المتقدمين. فانه قليل كثير الفائدة. انتهى كلامه. وذكر ابو عبد ابن القيم رحمه الله تعالى كلاما قريبا من هذا في مدارج السالكين. فكان في كلام السلف مع قلته فانتفع الناس بكلامهم. واما من تأخر عنهم فانه يطول في العبارات ويلوح بالاشارات مع فقد البركة في كلامه فيصير الكلام كثيرا والبركة قليلة فينتج ان الانتفاع حينئذ من كلامه قليل وانما حصل البون بين كلام الاوائل وكلام المتأخرين لتفاوت الفريقين في اغراضهما فان للاوائل من الكلام اغراظا صار خلافها عند المتأخرين. وفي ذلك كلمة سئل عنها حمدون القصار فقال لما قيل له ما بال كلام السلف انفع من كلامنا اكتبوا هذا السؤال واكتبوا جوابا قيل لحمدون القصار ما بال كلام السلف انفع من كلامنا. فقال لانهم تكلموا لعز الاسلام لانهم تكلموا لعز الاسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن لانهم تكلموا بعز الاسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن. ونحن تكلمنا لعزة النفس ونحن تكلمنا لعزة النفس وطلب الدنيا ورضا الخلق وطلب الدنيا ورضا الخلق رواه ابو نعيم الاصبهاني في كتاب حلية الاولياء والبيهقي في شعب الايمان. فاذا قايست بين اغراض السلف في كلامهم رأيت فيها انهم يتكلمون لعز الاسلام ونجاة النفوس من غضب الله عز وجل وطلب رضا ربنا عز وجل. واما غيرهم فانه يتكلم لعزة نفسه وطلب الدنيا الخلق فلما كانت هذه اغراض عامة من تأخر حصل البول الشاسع بين كلام المتأخرين وكلام المتقدمين فينبغي ان يرعى المرء اغراظ الكلام التي كان عليها السلف فيعملها في كلامه فانه يحصل له من الخير في نفسه ومع غيره ما لا يكون لاحد سواه. ومن تأمل ائمة الهدى الذين نبلوا في العلم بعد الصدر الاول كالامام احمد وغيره وجد انهم رزقوا السبق لانهم كانوا يرعون في كلامهم هذه الاغراض الشريفة التي كان عليها السلف. في رزقون مع قلة كلامهم كمال الانتفاع بما يقولون فينبغي ان يجتهد طالب العلم في امتثال هذا الاصل وان يصحح اغراضه في كلامه والا يتشبع من كثرة القول والا يتزيد ببسطه فان طريقة الشريعة جمع الكلام. ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى كلامه المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم في صور معدودة هي مئة واربع عشرة سورة وصار القرآن في كتاب يمكن لاحدنا ان يحمله في يده. فاذا كان هذا هو اصل العلم بهذه المنزلة فان غيره اولى ان يكون محاذيا له في جمعه والحرص على تقليل الكلام فيه فانه انفع للنفوس في ايصالها الى الخير. وعلى اذا كان من مظى فانهم كانوا يقللون الكلام مع صلاح النية فينتفع الطالب في مدة يسيرة. وصرنا اليوم نطول العبارات ونستكثر من المقالات فصار الانتفاع بمقال المتكلمين في العلم قليل. نعم. احسن الله واليكم قلتم حفظكم الله المعقد الخامس سلوك الجادة الموصلة اليه. لكل مطلوب طريق يوصل اليه فمن سلك جادة مطلوب اوقفته عليه ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. وان للعلم طريقا من اخطأها ضل ولم ينل المقصود. وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير. يقول الزرنجي رحمه الله في كتابه تعليم المتعلم. وكل من اخطأ الطريق ضل ولا ينال المقصود لاوجلت وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد الجهل بالطريق وافاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد ومرتضى ابن محمد الزبيدي صاحب تاج العروس في منظومة له تسمى الفية السند يقول فيها فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصح. فطريق العلم وجادته مبنية على امرين من اخذ بهما كان معظما للعلم. لانه يطلبه من حيث يمكن الوصول اليه فاما الامر الاول فحفظ متن جامع للراجح فلا بد من حفظ. ومن ظن انه ينال العلم بلا حفظ فانه يطلب محالا فالمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع للراجح اي المعتمد عند اهل الفن فلا ينتفع طالب يحفظ المغمور في ويترك المشهور كمن يحفظ الفية الاثاري في النحو ويترك الفية ابن مالك. واما الامر الثاني فيأخذه على الناصح فتفزع الى شيخ تتفهم عنه معانيه. يتصف بهذين الوصفين اولهما الافادة. وهي الاهلية في العلم فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك. فصارت له ملكة قوية فيه. والاصل في هذا ما اخرجه ابو داوود رحمه الله في سننه قال حدثنا زهير بن حرب وعثمان بن ابي شيبة قال حدثنا جرير عن الاعمش عن عبدالله بن عبدالله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون اسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم واسناده قوي. والعبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب. فلا يزال من عالم العلم في هذه الامة ان يأخذه الخالف عن السالف. اما الوصف الثاني فهو النصيحة وتجمع معنيين اثنين احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته والاخر معرفته بطرائق التعليم. بحيث تعليم المتعلم ويعرف ما يصلح له ويضره. وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات ذكر المصنف وفقه الله ان من معاقد تعظيم العلم سلوك الجادة الموصلة اليه. وجماع هذه الجادة امران احدهما حفظ متن جامع للراجح والمراد بالمتن الجامع للراجح المتن المعتمد. فلا بد من حفظ في طلب العلم. ولا ينتفع المرء فيما يحفظه حتى يكون ذلك المحفوظ معتمدا. ومن مثله ان يقبل ملتمس العلم على حفظ الفية ابن مالك في النحو ويعرض عما سواها كالفية الاثار او غيرها. لان المعتمد عند اهل العلم في مطولات المحفوظات في العربية هو الفية ابن مالك فيحفظ طالب العلم متنا معتمدا ومن الغوائل التي تضر بهذا الاصل شيئان احدهما ان يحفظ متنا غير معتمد. فيضيع عمره في ذلك والاخر ان يحفظ متنا معتمدا لحقه نقص ويتمثل هذا النقص في شيئين احدهما ان تكون نسخته غير مصححة. فمن اراد ان يحفظ شيئا لزمه ان يصحح ذلك المحفوظ على شيخ عارف وان يقتني نسخة وثيقة لان لا يغلق في حفظ شيء على غير وجهه والاخر ان ينأى بنفسه عن التماس النسخ المصلحة التي اعمل فيها بعض الناس اي بالتصرف فلا تقبل على متن معتمد قد عمد بعض الناس الى التغيير فيه. كأن تعمد الى ابن مالك فتحفظ الفية ابن مالك مع اصلاحات ابن غازي المكناسي فان ابن غازي له شرح على الفية ابن ما لك. ولا يكاد يغادر عدة ابيات حتى يقول ولو ان ابن ما لك اعرض عن هذا قال كذا وكذا لكان انسب. فيصلح من ابيات الالفية. فلو قصد احد الى حفظ الفية ابن مالك على هذا فانه لا ينتفع لانه يحفظ الفية ابن مالك مخلوطة بتصرف غيره ممن لا يبلغ مبلغ ابن مالك في العلم وانما يجمل الانتفاع بالاصلاح في الشرح. فاذا شرح معلم ما شيئا من هذه المتون امكنه ان يقول ولو قال كذا وكذا لكان انسب. لكن ليحذر من ان يحول ذلك الى تغيير في الاصل المعتمد فيعمل فيه يده ثم يحفظه الطلبة. فانهم حينئذ يحفظون شيئا ممزوجا كلام لا يسلم باعتماده. فاحرص ان تكون النسخة التي تحفظ منها نسخة مصححة لم يدخلها الاصلاح اي التغيير من غير مصنفها. ويصوغ التعويل على الاصلاح في مقام واحد ويسوء التعويل على الاصلاح في مقام واحد. وهو اذا كان محله خطاب الشرع من القرآن والسنة وهو اذا كان محله خطاب الشرع من الكتاب والسنة. كأن يكون المصنف اثبت الايات فيه على قراءة. فتثبت في بلد اخر على قراءة اخرى. فان هذا سائغ فان من مثل ذلك المشهورة العقيدة الواسطية. فان العقيدة الواسطية الايات في اصلها بقراءة ابي عمرو بن العلاء لان ابا العباس ابن تيمية كان يقرأ بهذه القراءة. ولما طبعها علماء هذه البلاد حولوها الى ما يوافق ورواية حفص عن عاصم فانتشرت كذلك فمثل هذا سائغ. وكذلك مثله فيما لو ارجع شيء من الفاظ النبوي في الاصول المجردة على ما هو في الاصول المسندة. كأن تجد حديثا معزوا الى البخاري او مسلم ثم انظروا في النسخ التي بيدك من البخاري ومسلم فتجد اللفظ الذي ذكره المصنف ليس موجودا فيها فتحول هذا المحفوظ الى ما وافقوا لفظ البخاري او مسلم فمثل هذا سائغ وما عدا ذلك فلا ينبغي ان تتشاغل بالنسخ المصلحة واما الامر الثاني من جادة العلم فاخذه على مفيد ناصح اي شيخ يجمع هذين الوصفين واولهما الافادة والمراد بها كما قال الاهلية في العلم. اي القدرة على تعليمه. فيكون له قدرة في تعليم ذلك العلم تلقى عنه واما الوصف الثاني فهو النصيحة. وتجمع معنيين احدهما صلاحيته للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته والهدي والدلو هو الهدي المتعلق بالصورة الظاهرة والدال هو الهدي المتعلق بالصورة الظاهرة والسمت هو الهدي المتعلق بافعال العبد اللازمة او المتعدية والسمت هو الهدي المتعلق بافعال العبد اللازمة او المتعدية والوصف الاخر معرفته بطرائق التعليم اي كيفية ايصال العلم الى المتعلمين. فالمراد بطرائق التعليم مسالك ايصاله للمتعلمين فتكون له يد في معرفة ما يصلح للمتعلم ويصلح به المتعلم مما يسمى بالتربية العلمية ومن هذا الجنس برنامج مهمات العلم. فان الناس عرض لهم من تغير احوالهم وضيق ازمانهم وكثرة اشغالهم ما يوجب ملاحظة هذا للاعانة على حفظ العلم كما انه لما احدثوا انواعا من الفساد احدثت لهم انواع من الزواجر. قال عمر بن عبدالعزيز يحدث للناس اقضية بقدر ما يحدثون من الفساد يحدث للناس اقضية بقدر ما يحدثون من الفساد. ومن هذا الجنس انه يحدث للناس سنن واحوال بقدر ما يتخوف من فواتهم من معرفة الدين. يحدث للناس سنن واحوال بقدر ما يتخوف من فوات عليهم من فوات الدين. فيطلعون على ما يأخذون به حظا من الدين يناسب احوالهم لان محاذاة الماظين تعذرت اليوم. فان الطالب كان يفرغ لشيخه طول يومه. واما اليوم فالطالب بين دراسة نظامية او وظيفة دنيوية وبين شواغل متكاثرة. فينبغي ان يعان على ذلك بما يهيئ له اصابة علم ومن جبن ومن جملته هذا المسلك في برنامج مهمات العلم الذي يعتنى فيه ببيان المقاصد الكلية والمعاني الاجمالية ابتغاء ان تسوق تلك المقاصد طالبها للاطلاع عليها تفصيلا فيقبل بالدرس على تلك المتون على وجه متأن يستفصل فيه تلك المسائل ويستوضحها. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السادس رعاية فنونه في الاخذ وتقديم الاهم فالمهم. ان الصورة المستحسنة تزيد حسنها بتمتع البصر بجميع اجزائها ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من اجزائها. والعلم هكذا مر على فنونه بالاخذ واصاب من كل فن حظا كملت الته في العلم. قال ابن الجوزي قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره جمع العلوم ممدوح من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار. ويقول شيخ شيوخنا محمد بن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب ولا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلم ولا يسوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويجري بعالمه. فان هذا نقص ورذيلة فالعاقل ينبغي له ان يتكلى بعلم او يسكت بحلم والا دخل تحت قول القائل اتاني ان سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفهن سهل علوما لو قرأها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل قوله ما قلاها اي ما ابغضها فالقلى هو البغض. قال الله تعالى ما ودعك ربك وما قلى. اي وما ابغض. نعم. قال قلت ما احسن الله اليكم وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم فالمهم مما يفتقر المتعلم في القيام بوظائف العبودية لله. سئل ما لك بن انس امام دار الهجرة عن طلب العلم. فقال حسن جميل ولكن انظر ليلزمك من حين تصبح الى حين تمسي فالزم. قال ابو عبيدة معمر ابن المثنى رحمه الله من شغل نفسه بغير المهم اضر المهم وقدم الاهم ان العلم جنب والعمر طيف زار او ضيف الم. والاخر ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق من الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليه فتبحر سواء كان فنا واحدا ام اكثر. اما بلوغ الغاية في كل فن والتحقق بملكته. فانما يهيئ له الواحد بعد الواحد في متطاولة ثم ينظر المتعلم فيما يمكنه من تحصيلها افرادا للفنون افرادا للفنون ومختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها والافراد هو المناسب لعموم الطلبة. ومن طيار شعر الشناقطة قول احدهم وان ترد فن تممه وعن سواه قبل التهائمه. وفي تراجف العلوم المنعجة ان توأمان استبقا لن يخرجا. قوله ومن طيار الشناقطة الشعر الطيار هو الذي لا يعلم قائله الشعر الطيار هو الذي لا يعلم قائله والى ذلك اشرت بقول شائع الابيات ان لم يعلم قائله الطيار بين الامم. شائع الاشعاري ان لم يعلمي قائله الطيار بين الامم وقوله ما كلمة زجر اي انتهي عن ذلك كلمة زجر وردع اي انتهي عن ذلك واتركه. نعم قلتم احسن الله اليكم ومن عرف من نفسه قدرة على الجمع جمع وكانت حاله استثناء من العموم. ومن نواقض هذا المعقد المشاهدة الاحجام عن تنوع العلوم والاستخفاف وبعض المعارف والاشتغال بما لا ينفع والولع بالغرائب وكان مالك يقول شر العلم الغريب وخير الظاهر الذي قد رواه الناس. وهذا اخر هذا المجلس ونستكمل بقيته بعد صلاة المغرب باذن الله. الحمد لله رب العالمين الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين