السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين مراتب ودرجات وسير للعلم به اصولا ومهمات واشهد ان لا اله الا الله حقا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمدا كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ فهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبدالله بن عمر عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون الرحمن ارحموا من في الارض. يرحمكم من في السماء. ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم. باقراء اصول المتون وتبيين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم يطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم وهذا المجلس الثالث في شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في سنته الخامسة خمس وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب تعظيم العلم لمعد البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي ويليه باذن الله الكتاب الثاني وهو القواعد الاربع لامام الدعوة الاصلاحية في جزيرة العرب في القرن عشر الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان التميمي المتوفى سنة ست بعد المئتين والالف رحمه الله رحمة واسعة وقد انتهى بنا البيان في الكتاب الاول الى قول المصنف المعقد الثامن عشر التحفظ في مسألة العالم نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله. المعقد الثامن عشر التحفظ في مسألة العالم. فرارا من مسائل الشر وحفظا لهيبة العالم. فان من السؤال ما يراد به التشغيب وايقاظ الفتنة واشاعة السوء. ومن انس منه العلماء هذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه كما مر معك في سجن المتعلم فلا بد من التحفظ في مسألة العالم قوله فرارا من مسائل الشغب بسكون الغين ولا تحرك فلا يقال الشغب والشغب بسكون الغين هو تهييج الشر وتحريكه والشغب بتسكين الغين هو تهييج الشر وتحريكه ومن اللحن الشائع قولهم احداث الشغب بتحريك الغين وانما تعرف في العربية بالاسكان. فيقال احداث الشغب نعم. قلتم احسن الله اليكم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول. اولها الفكر في سؤاله لماذا فيكون قصده من سؤاله التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم ويمنع او منفعته وفي الناس من يسأله وله في سؤاله قصد باطن يريد به التوصل به الى مقصود الله. فاذا غفل عنه المفتي بما يريد فرح به واشاعه واذا تنبه الى قصده حال بينه وبين مراده وزجره عن غيه. قال القرافي رحمه الله الله تعالى في كتابه الاحكام سئلت مرة عن عقد النكاح بالقاهرة هل يجوز ام لا؟ فارتبت وقلت له اي للسائل ما فحتى تبين لي ما المقصود بهذا الكلام؟ فان كل احد يعلم ان عقد النكاح بالقاهرة جائز. فلم ازل به حتى قال ان اردنا ان نعقد ان نعقده خارج القاهرة فمنعنا لانه استحلال يعني نكاح تحليل وهو نوع من الانكحة المحرمة فجئنا للقاهرة فقلت له لا يجوز. لا بالقاهرة ولا بغيرها ووقع مثل هذا لابن العباس ابن تيمية الحفيد في فتوى تتعلق باهل الذمة ذكرها تلميذه البار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الموقعين ردت عليه غير مرة في وجه غير الوجه السابق لها فكان يقول لا يجوز حتى قال في هي المسألة المعينة وان خرجت في عدة قوالب. اما الاصل الثاني فالتفطن الى ما يسأل عنه. فلا تسأل عما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها سأل رجل احمد بن حنبل عن يأجوج ومأجوج؟ امسلمونهم قال احكمت العلم حتى تسأل عن ذا. ومثله السؤال عما لم يقع او ما لا يحدث به كل احد وانما يخص به قوم ومن دون قوم اما الاصل الثالث فالانتباه الى صلاحية حال شيخ الاجابة عن سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه. ككونه مهموم او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا سيارته بل يتحيل طيب نفسه. قال قتادة رحمه الله سألت ابا الطفيل مسألة فقال ان لكل مقام مقالة. سأل رجل ابن المبارك عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقير العلم. وكان عبدالرحمن بن ابي لي لا يكره ان يسأل وهو يمشي اما الاصل الرابع فتيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه ولا يكون مخاطبته له كمخاطبته لاهل السوق واخلاق العوام. قال جعفر بن ابي عثمان كنا عند يحيى بن معين فجاءه رجل مستعجل فقال يا ابا زكريا حدثني بشيء اذكرك به؟ فقال يحيى اذكرني انك سألتني ان احدثك فلم افعل. واذا تأملت السؤالات المصنف وفقه الله في الجملة السابقة اصولا اربعة ينبغي ان يعملها طالب العلم عند ارادته عرض سؤاله على عالم. لان من ادب العلم ادب السؤال. وفي تأليف عدة ومن جميل المنثور المتفرق فيه ما ختم به الحبران الجليلان كتاب الموافقات وابن القيم كتاب اعلام الموقعين. فان في اخر هذين الكتابين كثيرا من احكام السؤال المتعلق بالعلم. ومن اهل العلم من افرد كتابا في ادب السؤال المتعلق بالعلم ومن جملة ذلك التحفظ في السؤال الذي يعرض على العالم وذلك باقامة اربعة اصول ذكرها المصنف اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل اي لاي شيء تحرك لسانه بهذا السؤال فان من حسن قصده رجيت له المنفعة من سؤاله. ومن ساء قصده وابتغى العنت او تهكم بالمسئولين فانه يجد عقاب سؤاله بحرمان بركة العلم ومنعه منفعته وثانيها ان يتفطن السائل الى ما يسأل عنه. فلا يسأل عن شيء لا نفعله فيه. اما بالنظر الى حاله وانه لم يتهيأ بعد لهذه المسائل او لا صلة له بها فليست من شأنه واما بالنظر الى عين مسألة وانه لا يترتب عليها كبير شيء كالرجل الذي سأل احمد بن حنبل عن يأجوج ومأجوج امسلمون فقال احكمت العلم حتى تسأل عن ذا. يعني عرفت العلم كله فلم يبق الا هذا لتسأل عنه ومن شواهد الاحوال في ولع الناس بسؤالهم عما لا نفع به ما ذكره السيوطي في مفحمات في الاقران في مبهمات القرآن ان كثيرا من الناس كانوا يسألونه عن ماء طوفان نوح اكان عذبا ام مالحا الى اخر ما ذكر عفا الله عنه. فان مثل هذه المسائل لا نفع فيها. وتارة يكون انعدام النفع بالنظر الى عدم تعلق المسألة المسؤول عنها بالسائل. وهذا شيء مشهور عند باخرة فانهم يسألون عن اشياء لا تتعلق بذممهم ولا عهدة لهم فيها فتجد ان احدهم يبتلي نفسه بالسؤال عما لا نفعله به. فان كان المسئول غير حكيم ربما تجارى معه فيما يضره وان كان حقا وان كان السائل حكيما صرفه الى ما ينفعه ولاجل هذا فان فتيا شيء اخر غير العلم. وكم من انسان تجده قادرا على التعليم والتدريس الا انه لا يصلح للفتوى لان الفتوى صناعة تحتاج الى الة زائدة عن مجرد العلم من الفطنة والذكاء والنباهة والفراسة ومعرفة مقاصد المتكلمين في كلامهم مع ما يهيئه الله سبحانه وتعالى للعبد من التوفيق وقد سئل الامام احمد رحمه الله تعالى عن من يسألون بعده. فقال اسألوا عبدالوهاب الوراق فقال له رجل ان غيره اعلم منه. فقال انه رجل مسدد يوشك ان يسأل فيسدد ويوفق وهذا من الة المفتي التي تجعله راجحا على غيره كما يرشد الى ذلك من سبقه من المفتين ومن عرف العلماء الكبار واشاراتهم الى من يسأل عنه بعدهم رأى انهم يشيرون الى اناس لهم حظ من هذا التوفيق والتسديد. وهذا اخذ برقبة ما تقدم ذكره. من ان العلم ليس امورا ظاهرة وقدرات باهرة بل العلم حقائق تتعلق بها المعاملة بين الله وبين عبده. ثم ذكر الاصل الثاني وهو الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة على سؤاله. فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا في سيارة او غير ذلك. وكان من اخبار شيخنا شيخ شيوخنا وهو من اساطيل العلم والاصلاح محمد ابن ابراهيم ال الشيخ رحمه الله انه كان لا يجيب وهو قائم يمشي وانما كان ينتظر حتى يجلس. فاذا جلس وجمع قوته وفكره اذن للسائل ان يسأل ثم عرض السائل عليه سؤاله حفظا لحرمة العلم وان المرء ولا سيما اذا كان كفيفا منشغل طريقه حال قطعه. فلا ينبغي له ان يقبل على السؤال وهو مشوش القلب. فاذا استجمع قوة قلبه سمع سؤالا السائل فينبغي ان يراعي السائل حال المسؤولين من مناسبة سؤاله لاحوالهم فلا يسألهم في حال هم فيها مشغولون بل يتخير اوقاتا تصلح للسؤال. ومن هذا الجنس سؤال المعلم حال قيامه الى الصلاة او حال انصرافه منها وجلوسه للاذكار. فان هذه احوال يكون المعلم مشغولا فيها بما هو اعظم هو الصلاة او الذكر التابع لها ثم ذكر الاصل الرابع وهو تيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في صورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في الخطاب كأن يقول احسن الله اليك وشبيه ذلك من الكلم الدال على التأدب ولا يخاطبه مخاطبة اهل السوق واخلاط العوام فيسأله سؤالا يريد ان يجيبه فيه على عجب فتجده يستفتح سؤاله ويقول سؤال صغير او سؤال وانت ماشي او سؤال على عجل او سؤال لا يأخذ منك وقتا فان كل هذه العبارات مما لا تناسب الادب فان الحكم على السؤال بانه صغير او انه لا او غير ذلك مما لا تعرف حقيقته. وكان الامام ما لك يكره ان يقال في العلم سهل. قال لان الدين ثقيل قال الله تعالى انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. ذكره ابو عمر ابن عبد البر في جامع بيان العلم فضله. نعم. قلتم احسن الله اليكم واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفساف الادب فترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع ايتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون في عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد بن اسلم رحمه الله ولما سأله رجل عن شيء فخلط عليه فقال زيد وكم هم المحتاجون اليوم الى مثل مقالة زيد ابن اسلم رحمه الله سفساف الادب اي رديئه سفساف الادب اي ردئه واستفسافوا من كل شيء رديؤه وما ذكره المصنف من خبر عن حال اكثر السؤالات الواردة اليوم مما يوجب على طالب العلم ان يتحفظ من ان تكون حاله كحالهم. فلا يسأل متهكما ولا يسأل محتقرا ولا يسأل عن ما لم يقع ولا يسأل عما وقع ولا نفع له فيه. ويتخير الوقت المناسب لعرض سؤاله. فان العدول عن ذلك ربما اوقع العبد فيما لا تحمد عقباه. فاما ان تكون تلك العاقبة التي لا تحمد عذابا يعذب الله عز وجل به قلبه فيمنعه العلم فان من اعظم العذاب عذاب القلب. قاله ابو العباس ابن تيمية ومن اشد في ذلك العذاب ان يبقى المرء فاغرا فاه تائها في جهله محروما من النور. ومن اسباب حرمانه ان يكون ممن لا يلازم الادب في سؤالاته فيعاقبه الله بذلك. وربما وفق الله عز وجل عالما قاضيا الى قمعه وقطعه عن شره. كما اتفق لجماعة من مثقف البحرين في القرن الماضي انهم كتبوا سؤالات يستشنعون بها احكاما في الشرع فوصلت هذه السؤالات التي كتبوها ونشروها في ناديهم الى قاضي البحرين العلامة قاسم ابن مهزع رحمه الله تعالى الا فامر بحبسهم جميعا. وهذا حق مثل هؤلاء ممن لا يعرفون هيبة العلم. ومن لم يرزق عالما قاضيا مؤدبا مؤدبا فربما رزق ما هو اشد من ذلك. وهو العقاب الذي يجعله الله عز وجل له في الاخرة. فان من يفلت من عذاب الدنيا ممن بالعلم ويتهكم فيه او يحتقر اهله او يريد فتح ابواب الفتن عليهم فان وراءه مقاما عظيما امام الله سبحانه تعالى واذا امكن للعبد ان يخرج من الخلق بكلمة فان المخرج من الله عز وجل شديد والمقام بين يدي لله عز وجل عظيم. ومن اتقى الله وقاه. ومن لم يبالي بحرمة العلم والدين. ولا حفظ حقوق علماء المسلمين. فان الله سبحانه وتعالى معاجله بالعذاب الاليم. فينبغي ان يتحرز المرء في حفظ الدين ومن جملة ذلك حفظه هيبة اهله بمعرفة كيفية سؤالهم باعمال هذه الاصول الاربعة التي ذكرناها في التحفظ في مسألة العالم وغيرها من اداب الملتحقة بها مما يتصل بادب السؤال. وقد ذكرت لكم كتابين فيهما مباحث منيفة تتعلق بهذا الادب نعم. شرف القلب بالعلم وغلبته عليه. فصدق الطلب له توجيه حبته وتعلق القلب به ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مفتاح دار السعادة ومن لم يغلب لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا انما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله في كتابه السالف احدها بذل الوسع والجهل وثانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص. ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل لما يشغل عن القلب. ذكر المصنف وفقه الله معقدا اخر من معاقد تعظيم العلم. وهو شغف القلب بالعلم والمراد بشغف القلب بالعلم بلوغه شغف القلب. بلوغه شغاف القلب وهو جاءه وغطاؤه وهو غشاؤه وغطاؤه ومنه قوله تعالى قد شغفها حبا اي ملأ حبه قلبها. حتى خالط باطنه وذكر المصنف بعد ان لذة العلم التي توصل الى كمال محبته تنال بثلاثة امور ذكرها ابن القيم. احدها بذل والجهد والوسع هو الطاقة وواوه تضم وتفتح وتكسر ايضا فهي مثلثة فيقال الوسع والوسع والوسع والمراد بها الطاقة. وثانيها الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص. والعطف بينهما من عطف الخاص على العام والعطف بينهما من عطف الخاص على العام فقد تقدم ان الاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله واما النية شرعا فهي ارادة القلب العمل تقربا الى الله واما النية شرعا فهي ارادة القلب العمل تقربا الى الله فالنية من اعمال القلب والاخلاص هي الصفة الشرعية المأمور بها للنية فالنية من اعمال القلب والاخلاص هو الصفة الشرعية المأمور بها في النية نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله ومن سدر هذه اللذة في احوال السابقين من علماء الامة رأى عجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند قد قيدت بفصاحة الالفاظ ومجالس فيها تحل سكينة ومذاكرات معاشر الحفاظ. ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوس كثيرة. وتبذل اجريها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة. بات ابو جعفر النسفي مهمولا من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال وقع في خاطره فرع من فروع مذهبه وكان رحمه الله حنفيا فاعجب به فقام يرقص في داره ويقول اين الملوك هو ابناء الملوك؟ اين الملوك وابناء الملوك؟ اذا خاض في بحر التفكر خاطري على درة من معضلات المطالب حقرت ملوك الارض في نيل ما حووا ونلت المنى بالكتب لا بالكتائب. ولهذا كانت الملوك تتكون الى لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها. قيل لابي جعفر المنصور الخليفة العباسي المشهور الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنم؟ فقال وهو مستو على كرسيه وسرير ملكه بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة وحولي اصحاب الحديث اي طلاب العلم فيقول المستملي من ذكرت رحمك الله يعني فيقول حدثنا قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث لمسنده. فانظر الى شدة افتقار هذا الخليفة الى لذة العلم وطلبه تحصيلها اليها ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها فلنضر بن جميل يقول لا يجد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه. بل تستحيل الالام لذة بهذه اللذة ومحمد بن هارون الدمشقي يقول لمحبرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق ورزمة كاغد في البيت عندي احب الي من عدل الدقيق. ولقمة عالم في الخد مني الذ لدي من بشرب الرحيق قوله رزمة كاغت الكاغد هو الورق فغينه تفتح وتكسر نعم قلتم احسن الله اليكم ولا تعجب فما هذه الاحوال الا مس عشق العين؟ فابن القيم يقول في روضة المحبين واما عشاق علمي فاعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه وكثير منهم لا يشغله عنه اجمل صورة من البشر. فاين انا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه. ويكون جلوسه الى السمار وشيوخه احب اليه من يعني زوجته. زوجة تسمى عرسا احسن الله اليكم فاين هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم حظه من عرسه على حظه من درسه ويكون جلوسه الى السماء وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء. وتقوى عزيمته للتنقل في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات وينهض نشيطا لقنص الطير ويرقد كسلا عن صيد الخير. فبا حظ هؤلاء وكثير هم ما حظهم من تعظيم العلم وقلوبهم مأسورة بمحبة غيره. قوله وشيوخ القمراء قال محمد بن عقبة الشيباني شيوخ القمراء شيوخ دهريون يجتمعون في ليالي القمر شيوخ دهريون يجتمعون في ليالي القمر فيتحدثون بايام الخلفاء فيتحدثون بايام الخلفاء ولا يعرف احدهم كيف يتوضأ ولا يعرف احدهم كيف يتوضأ. رواه الرامه هرمزي في المحدث الفاصل اي انهم شيوخ كبرت اسنانهم وطالت اعمارهم. فان الدهري منسوب الى الدهر فهؤلاء الشيوخ عمروا ومدت اعمارهم. ويجتمعون في ليالي القمراء اي الليالي المقمرة. التي ينتشر فيها ضوء القمر. ثم يقطع وقتهم بالحديث في ايام الخلفاء يعني في التاريخ واخبار الناس واحوالهم ولا يعرف احدهم كيف يتوضأ. اي اضاعوا ما ينفعهم ويلزمهم من العلم. واشتغلوا بما لا ينفعهم من العلم فهم شيوخ القمراء ليس الا فلا تظهر مكانتهم الا في ايام السمر التي تقطع بمثل هذا المقالات في اخبار الناس واحوالهم ذما لهم وعيبا لحالهم نعم قلتم احسن الله اليكم المعقد العشرون حفظ الوقت في العلم. اذا كان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجليد يذوب فعين العقل حفظ الوقت فيه والخوف من تقضيه بلا فائدة. والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة في عادي. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه الافضل فالافضل من القول والعمل. ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت حتى قال محمد بن عبدالباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في لهو او لعب. وقال ابو الوفاء ابن عقيل الذي صنف كتاب الفنون في ثمان مئة مجلد اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري وبلغت بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل فلقد كان احمد بن سليمان البلقاسي المتوفى عن ثمانية وعشرين سنة يقرأ في حال اكله خوفا من ضياع وقته في غيرها. فكان اصحابه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله ومشربه. بل كان يقرأ وعليهم وهم في دار الخلاء فكان ابن تيمية الجد رحمه الله اذا دخل الخلاء لقضاء حاجة قال لبعض من حوله اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك وتجلت هذه الرعاية للوقت عند القوم رحمهم الله فيما علم عدة لم تبلغها الحضارات الانسانية قاطبة. قوله لم تبلغوا وهل حضارات الانسانية الانسانية نسبة الى الانسان وهي اسم جنس يقع على الواحد والجمع ولا تفيد مدحا ولا ذما ولا تفيد مدحا ولا ذما وانما تهيد نسبة من وصف بها الى جنس الانسان وانما تفيد وصف من نسبة من وصف بها الى جنس الانسان. فاذا قلت ان هذا عمل الانسان فالمعنى عمل يصدر من احد منسوب الى الناس اما جعلها دالة على المدح فهذا ليس معنى من كلام العرب. وانما هو من اصطلاحات الفلاسفة القدامى فان الانسانية عندهم صفة محمودة وهي موافقة الكمالات النفسية وهذا المعنى لا تعرفه العرب في كمال كلامها وهو مما اندرج من الاصطلاح حتى دخل كلام الناس فظنوا ان معنى انساني انه موصوف بالخصال الحميدة وهذا معنى ليس من كلام العرب وانما اذا قلت انساني اي منصوف الى هذا اي منسوب الى هذا الجنس وهو جنس الانسان نعم. قلتم احسن الله اليكم منها كثرة دروسهم فقد كان النووي رحمه الله يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني رحمه الله صاحب نيل الاوطار تبلغ دروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسا. منها ما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنه تلامذته واربى محمود الالوسي صاحب التفسير عليهم جميعا فقد كان يدرس في اليوم اربعة وعشرين درسا ولم فاشتغل بالتفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا. ثم رأيت في ترجمة محمد بن ابي بكر لجماعة ان دروسه تبلغ في اليوم نحو خمسين درسا. ومنها كثرة مدروساتهم. فقد درس ابن التبان المدونة نحو الف مرة ربما وجد في بعض كتب عباس عباس ابن الفارسي بخطه درسته الف مرة. وكرر غالب بن عبدالرحمن المعروف بن والد صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبعمائة مرة. ومنها كثرة مكتوباتهم. فاحمد بن الدائم المقدسي احد شيوخ العلم من الحنابلة كتب بيده الفي مجلد ووقع مثله لابن الجوزي منها كثرة مقروءاتهم. فابن الجوزي رحمه الله طالع وهو بعد في الطلب عشرين الف مجلد. ومنها كثرة شيوخهم الذين جاوز عدد شيوخهم الالف كثير في هذه الامة واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه سبعة الاف لا في شيخ قال ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد وهذا شيء لم يبلغه احد. ومنها كثرة مسموعاتهم وقرآتهم شيوخهم من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع لابن السمعاني المذكور وصاحبه ابن عساكر في جماعة اخرين ومنها كثرة مصنفاتهم حتى عدت الف مصنف لجماعة من علمائه هذه الامة منهم عبدالملك بن حبيب عالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي. فاحفظ ايها الطالب وقتك. فقد ابلغ الوزير الصالح ابن في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. قول ما عنيت بحفظه بضم العين مبنيا للمفعول اي شغلت وقوله واراه اسهل يجوز في الهمزة الفتح تراه بمعنى العلم ويجوز ايضا الضم بمعنى ويجوز ايضا الضم بمعنى الظن فيصح ان تقول واراه اسهل ما عليك يضيع. اي واعلم قطعا انه اسهل ما عليك يضيع. ويجوز ان تقول واراه اسهل ما عليك فيضيع اي اظن انه اسهل شيء يضيع عليك. نعم قلتم احسن الله اليكم الخاتمة. الهنا بلغ القول التمام. وحسن قطع الكلام بالختام فيا شداة العلم وطلابه ويا قصاد الفقه واربابه. امتثلوا معاقد التعظيم وانتم تقبلون على ما اعد التعليم تجد نفعه وتحمد عاقبته واياكم والتهاون بها والعزوف عنها فانها مفتاح العلم قاتل الفهم فبها تجمع العلوم وتؤصل وبها تيسر الفنون وتحصل. قوله يا شداة العلم ذات جمع شاذ الشداة جمع شاذ والشادي في العلم من اصاب طرفا حسنا منه والشادي في العلم من اصاب طرفا حسنا منه. نعم فشمروا عن ساعد الجد ولا تشغلوا بميعة الجد. واحفظوا رحمكم الله. قول ابي عبد الله ابن القيم رحمه الله اه طالب النفوذ الى الله والدار الاخرة بل الى كل علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به يحتاج ان يكون شجاعا مقداما حاكما على وهمه غير مقهور تحت سلطان تخيله زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه اليه عارفا بطريق الوصول اليه. والطرق القواطع عنه. قوله من على وهمه بسكون الهاء وهو الظن بسكون الهاء فهو الظن اي ما يتوهمه ظنا واما بتحريكها الوهم فهو الغلط قلتم احسن الله اليكم مقدار الهمة ثابت الجأش لا يثنيه عن مطلوب ما قلت عن هذا قال رحمه الله تعالى هذا كان ابن القيم تابع لكلام ابن القيم نعم قال رحمه الله تعالى مقدام الهمة ثابت الجأش لا يثنيه عن مطلوبه لو ملائم ولا عزل عادل كثير السكون دائما الفكر غير مائل مع لذة المدح ولا الم الذنب قائما بما يحتاج اليه من اسباب معونته لا تستفزه المعارضة شعاره الصبر وراحته التعب محبا لمكارم الاخلاق حافظا لوقته لا يخالط الناس الا على حذر كالطائر الذي يلتقط الحب بينهم قائما على نفسه بالرغبة والرهبة طامعا في نتائج الاختصاص على بني جنسه مرسي شيئا من حواسه عبثا ولا مسرحا خاطره في مراتب الكون وملاك ذلك هجر العوائد وقطعوا لعلائق الحائلة بينك وبين المطلوب. انتهى كلامه رحمه الله. فما اجمله وتبصر قوله رحمه الله ملاك الامر بكسر الميم وفتحها اي قوام الشيء ونظامه وعماده وقد رد رحمه الله تعالى نظام تحصيل المطلوبات المعظمة الى اصلين عظيمين متى جمعهما الانسان حصل مطلوبه؟ فاصول الوصول الى المطلوبات العظيمة ثلاثة واصول تحصيل المطلوبات العظيمة ثلاثة. احدها هجر العوائد اي ترك ما جرت به عادة الناس والفوه اي ترك ما جرت به عادة الناس والفوه وثانيها قطع العلائق قطع العلائق اي الوشائج والصلات الحائلة اي الوشائج والصلات الحائلة بين العبد ومطلوبه وثالثها رفض العوائق وثالثها رفض العوائق ذكر هذه الثلاثة نسقا ابن القيم رحمه الله تعالى في موضع اخر من الفوائد ذكر هذه الاصول الثلاثة نسقا ابن القيم في موضع اخر من الفوائد فيكون هنا مقتصرا على اثنين في قوله وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلائق. ثم زاد في موضع اخر رفض والفرق بين العلائق والعوائق ان العلائق هي العوارض الداخلية ان العلائق هي العوارض الداخلية مما يعض المرء من تعلقات قلبية واما العوائق فهي التعلقات الخارجية واما العوائق فهي التعلقات فهي العوارض الخارجية واما العوائق فهي العوارض الخارجية مما يعرض للمرء خارجا عنه مما يعرض للمرء خارجا عنه فمن تحرى هجر العوائد وقطع العلائق ورفض العوائق اصاب مطلوبه المعظم وجمعت هذه الثلاثة في بيت واحد فقلت اهجر عوائدهم واقطع علائقهم اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلب. الشطر الثاني وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلب اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا طلب نعم قلتم احسن الله اليكم. اللهم يسر لنا تعظيم العلم واجلاله. واجعلنا ممن سعى له كذلك فناله. امين. اللهم انا نسألك علما نافعا. ونعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم علمنا اما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معصيتك. امين. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. امين. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا جعله الوارث منا. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا. ولا مبلغ علمنا ولا الى النار مصيرنا ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا. امين. وبهذا كونوا اتممنا بحمد الله عز وجل بيان معاني الكتاب الاول على ما يناسب المقام وشرط البرنامج اقرأ عبد العزيز. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قلتم حفظكم الله تعالى في مصنفكم خلاصة تعظيم العلم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله المعظم بالتوحيد. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد المخصوص باجل المزيد وعلى اله وصحبه اولي الفضل والرأي السديد. اما بعد فهذه من كتابي تعظيم العلم خلاصة اللفظ اعدت بالتقاطها لمقصد الحفظ. فاستخرج منه للمنفعة المذكورة اللباب. وجعل فيه الانموذج من كل باب ليكون في نفوس الطلبة شمس النهار. ويترشح بعده الى العمل فاسأل الله لي ولهم لزوم معاقد التعظيم والفوز بجوامع فضله العظيم. هم. وما بعده كله مما ورد في تعظيم العلم