السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي بعث الينا الصادق الامين فاخرجنا من ظلمات الهوى والشك الى نور الايمان واليقين احمده سبحانه واشهد انه وحده الحق المبين واشهد ان محمدا عبده ورسوله الموضح للنهج المستبين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وسلم تسليما مزيدا امين امين اما بعد فان الدنيا دار ابتلاء وفتنة ومركب اختباء ومحنة يميز الله بها الخبيث من الطيب ويظهر المحق من المبطل ويفصل بين الصادق والكاذب قال الله تعالى احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين وقال تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة فقال تعالى اولا يرون انهم يفتنون في كل عام مرة او مرتين لقد كتب الله على عباده انهم يفتنون فلا يتركون مهملين بل يفتنون بالابتلاء بالخير والشر قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة. قال نبتليكم بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام والطاعة والمعصية والهدى والضلالة. اخرجه ابن جرير وغيره فيجري على العبد فنون متعددة والوان متنوعة من الابتلاء بالمتقابلات الشدة والرخاء السراء والضراء الصحة والسقم القوة والضعف الفقر والترف السعة والضيق الحلال والحرام الطاعة والمعصية الهدى والضلالة والابتلاء بهذه الفتن لا ينتهي الى امد محدود او اجل مضروب بل تتتابع فتن الابتلاء بالخير والشر على العبد كما قال تعالى اولا يرون انهم يفتنون في كل عام مرة او مرتين. فيختبرون في كل عام مرة او مرتين بما يكون زاجرا لهم عن غيهم. ورادعا لهم عن مفاسدهم ومساوئهم ومن محكم التقدير الالهي ان جعل الله الناس بعضهم لبعض فتنة قال الله تعالى وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصبرون. قال الحسن البصري رحمه الله جعلنا الغني فتنة للفقير والفقير فتنة للغني. رواه ابن جرير والخطابي في العزلة واللفظ له فاحدنا يقلب بين الفتن ويعرض على نارها ويختبر معدنه. فليس في الدنيا الا دار البلوى والفتن اختبار والمحن ولم يبقى منها الا بلاء وفتنة. قال ابن ماجة حدثنا غياث ابن جعفر الظحبي قال اخبرنا الوليد ابن مسلم قال سمعت ابن جابر يقول سمعت ابا عبد ربه يقول سمعت معاوية رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم يبق من الدنيا الا بلاء وفتنة. واسناده جيد وبوب عليه ابن ماجة باب شدة الزمان وبعد هذا الخبر الموثوق عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فما المنتظر من الدنيا المبهرجة المزخرفة قال ابو موسى الاشعري رضي الله عنه ما ينتظر من الدنيا الا كل محزن او فتنة تنتظر. رواه وكيع في اهدي بسند صحيح وان اردت ان تعرف قدر الفتن المنتظرة فانظر الى الارض اذا وقع عليها قطر المطر كم تعد من حبات المطر وزخاته عليها؟ قال البخاري رحمه الله حدثنا علي قال حدثنا سفيان عن ابن شهاب قال اخبرنا عروة قال سمعت اسامة يعني ابن زيد رضي الله عنهما يقول اشرف النبي صلى الله عليه وسلم على اطم من اقام المدينة ثم قال هل ترون ما ارى؟ اني لارى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر. ورواه مسلم في حديث سفيان بن عيينة به نحوه فمواقع الفتن بيننا كمواقع القطر على ارضنا وهي تتساقط خلال بيوتنا اهل الاسلام فليست خارجة عنها ولا بائنة منها بل هي متوسطة لها. قال معاذ بن جبل رضي الله عنه انكم لن تروا من الدنيا الا بلاء وفتنة ولن يزداد الامر الا شدة. ولن تروا من الائمة الا غلظة. ولن تروا امرا يهولكم عليكم الا حقره بعد ما هو اشد منه. رواه البغوي في معجم الصحابة. والخلال في السنة. بسند صحيح ومثله لا يقال من قبل الرأي ولما حدث به الامام احمد فيما رواه الخلال عنه قال الامام احمد اللهم ربنا يمد بها صوته مرتين او ثلاثة فالدنيا دار بلاء وفتنة والامر مزداد شدة ولن نرى من الائمة الا غلظة ولن نرى امرا يهون الا جاء بعده ما حقره لهوله وعظمه. فاذا سكنت فتنة فما هي الا مديدة فتتبعها فتنة اخرى قال حذيفة رضي الله عنه ان للفتنة بعثات ووقفات فان استطعت ان تموت في وقفاتها فافعل. رواه ابن ابي شيبة والحاكم بسند صحيح. وزاد الحاكم عن زيد بن وهب قال سئل حذيفة ما وقفاتها؟ قال اذا غمد السيف قيل وما بعثاتها؟ قال اذا سل السيف واذا انبعثت فتنة بعد فتنة خمدت كان من بعث واستجد اقوى مما مضى وخمد قال حذيفة رضي الله عنه والله لا يأتيهم امر يضجون منه الا ردفهم امر يشغلهم عنه. رواه ابن ابي شيبة في مصنفه واعتبر هذا في بلد واحد في نحو ثلاثين سنة فقد هال اهل هذه البلاد كائنة انتهاك الحرم الشريف مطلع القرن فظجوا منها حتى اذا تراجع اليهم امرهم جهمتهم فتنة الثورة الايرانية التي ارادت ان تمد مخالبها الى مواقع مختلفة من ارضنا من البحر الى البحر. ابتداء بالساحل الشرقي وانتهاء بالحرم المكي. فضج الناس منها حتى اذا تراجع اليهم امرهم دهمتهم فتنة البعث العراقي فضجوا منها حتى اذا تراجع اليهم امرهم جهمتهم فتنة حنين فضجوا منها لكن الله ثبت دعاتها واطفأ نارها ببروز الالفة الدينية واللحم الوطنية لكنها لن تكون اخر جمرة من النار. بل الجمر تحت الرماد يتوهج. وكلما تأخر الزمان وبعد العهد عن زمن النبوة وقربة الساعة كثرت الفتن وتتابعت. قال مسلم بن الحجاج حدثنا زهير بن حرب واسحاق بن ابراهيم قال اسحاق اخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الاعمش عن زيد ابن وهب عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت على عبد الله دخلت المسجد فاذا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فذكر حديثا طويلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قصة وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وسيصيب اخرها يعني هذه الامة وسيصيب اخرها بلاء وامور تنكرونها وفتنة يرقق وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا. قال قاضي عياض في شرح مسلم ومعناه يسبب بعضها بعضا ويشير اليه. فالفتن حلقات متصلة يوطأ بعضها لبعض تكون تقدمة له فلا تزال الفتن في تناسل وتكاثر ترغب الفتنة في اختها وتدعو الفتنة الام الى بنتها وهذا معنى قول ابن الاثير في النهاية عند شرح هذا الحديث يرقق بعضها بعضا قال اي تشوق بتحسينها وتسويدها وحينئذ ينخدع الناس بدعاتها ويجيبون الى وهج نارها حتى تفيضوا حتى تفيض الأرض ملأى من شدة قال حذيفة رضي الله عنه ليوشكن ان تصب عليكم الشر ليوشكن ان يصب عليكم الشر من السماء حتى يبلغ الفيافي. قيل وما الفيافي يا ابا عبدالله؟ قال الارض اي البراري والصحاري رواه ابن ابي شيبة في مصنفه. ومن الفتن المكتوبة على الخلق. فتنة الدين. وهي الفتنة التي تتعلق به وترجع اليه فهي تتصل بامر متعلق به لا خارج عنه. فلا يراد بفتنة الدين ما ينقصه ويضعفه. فكل كل الفتن تجري امتحانا للعبد فربما اثرت نقص دينه او زادته. قال الله تعالى ان هي الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ففتنة الدين ما يعرض للعبد فيه فيتعرض للاضلال ويخشى عليه من الفساد فهي جامعة لامرين احدهما انها متعلقة بالدين. والاخر ان العبد يرد فيها على مولد يفسد دينه. فربما ظل وتسمى في الخطاب شرعي فتنة الدين وفتنة الشبهات والفتن المضلة والخوض في الباطل والاهواء والاختلاف. ويتعين الحديث عنها لعظيم خطرها وخوف سوء عاقبتها على العباد والبلاد ففتنة الدين كما سبق اما ان تفسد دين العبد او تزيد ايمان من سلم من شررها وقليل هم. قال مطرف ابن رحمه الله تعالى ان الفتنة لا تجيء تهدي الناس ان الفتنة لا تجيء تهدي الناس ولكن لتقارع المؤمن عن دينه. رواه ابن بطة في الابالة الكبرى. والغالب ان فتن الدين تفسد دين تفسد دين الخلق ولهذا جعلت سببا للاضلال لانها تؤدي اليه. قال الله تعالى وحسبوا الا تكون فتنة فعموا وصموا وقال كلما ردوا الى الفتنة اركسوا فيها وقال وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة فالعمى والصمم عن الحق والاركاس بالفتنة وخسارة الدنيا والاخرة من الاثار المتولدة عن فتنة الدين قال مسلم ابن الحجاج حدثنا محمد ابن عبد الله ابن نبير قال حدثنا ابو خالد يعني سليمان ابن حيان عن سعد ابن طارق عن عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فاي قلب اشربها اي قبلها نكت فيه نكتة سوداء واي قلب انكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين. على ابيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والارض والآخر اسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الا ما اشرب من هواه ابو خالد يعني سليمان ابن حيان الاحمر احد رواته فقلت لسعد يا ابا ما لك ما اسود مربادا؟ قال شدة البياض في سواد. قال قلت فما الكوز مجخيا قال منكوسا قال ابن القيم رحمه الله تعالى لما ذكر فتنة الدين وهذه الفتنة مآلها الى الكفر والنفاق وهي فتنة المنافقين وفتنة اهل البدع على حسب مراتب بدعهم. انتهى كلامه ومنفعة الحديث عنها ايقاف الخلق على حقيقتها. وكشف الاستار عن خطرها وتوجيه النفوس الى توقيها تحصين القلوب بما يقيها. فان التبصر يورث البصيرة والتوقي يقي شرورها المغيرة. فالفتن تذهب العقول تحير الحليم وتذهل الحكيم. فيقع السفه والطيش موضع الرشد والحكمة. عن حذيفة رضي الله عنه قال ما الخمر صرفا؟ يعني خالصا؟ ما الخمر صرفا؟ باذهب بعقول الرجال من الفتن. رواه ابن ابي شيبة. فاذا وقعت الفتن اذهبت عقول الحكماء والبصيرة النافعة والوقاية المانعة هي المستمدة من من اهل الشرع وموارد الادلة. فدائرتها القرآن والسنة اذكرها من اقوال الناس الصحابة وائمة السنة فليست مضامين الكلام الاتية منحوتة من الاراء والاهواء بل هي كلة من خزانة الشريعة مملوءة بدلائلها المصدقة وجوه الاستدلال فيها بالاثار الجلية عن الصحابة والتابعين وائمة المسلمين وهذه الجادة من الرجوع الى خزانة الشريعة والاكتفاء بها. هي السابلة المأمونة التي لم يزل علماء هذه البلاد يسيرون عليها ويدعون اليها غير ابهين بالغماز اللماز المنفر عنها بما يفتري عليها فتارة عندهم دين الحكام والملوك. وعلماؤها هم علماء السلطان. وتارة هي الفقه البدوي. وتارة هي اسلام البترول وتارة هي المرجعية التقليدية. واخيرا هي ثقافة محمومة. ومن عرف الحق لم يخفه الباطل. ومن تحلى بنور الوحيين لم يرق له الجيد العاطل مقابلا السيئة بالحسنة مقبلا على شانه ساعيا في اصلاح الناس ودعوتهم لا يقول شططا ولا يتفوه غلطا. فوراث النبوة والرسالة لا يسيئون الكلمة والمقالة وعند الله تجتمع الخصوم ولن يكون الحديث الليلة حاويا جميع متعلقاتها. لكنه يحوي نبذة لطيفة تعرف بجملة من المهمات وتنطوي على طرف حسن من البينات لا تشار فيها اصابع الاتهام الى احد ولا تجعل سهام الحق مسددة الى فرض معين. لكنها لا تلجلج عن ابانة الحق وازهاق الباطل. وبيان الصواب ونفي عسى ان تكون تبصرة وتذكرة تهدي ولا تهذي وتبني ولا تجني. ويدور فلكها حول الشأن السعودي ليس غيره. لان لكل بلد حالها ولكل مقامة مقالها ولكل دولة رجالها فلا ينبغي تعميم كل ما فيها على كل احد لكن فيها من التأصيل والاستدلال ما يبصر جميع المسلمين. ويعول في كل دولة على علمائها وشيوخها المعروفين بالعلم والافتاء من الاتقات الاثبات ان وجدوا ايها المؤمنون ان فتنة الدين تتبدى في مظاهر مختلفة تجلل اصحابها فيعرفون وتحيط بهم فيتميزون ويتجلى الفرقان بين المفتونين في دينهم وبين الراسخين من الثابتين ان من مظاهر الفتنة في الدين احداث اصول فقهية يبنى عليها الاحكام الشرعية لا تجد لها عند الاصوليين والفقهاء ذكرا. ولا تسمع لها ركزا كالاستدلال بما اتفق الناس عليه وجرى عملهم به زرافات ووحدانا صغارا وكبارا. فان هذه اليوم باتت حجة مدوية فالثورات الشعبية تكتسب بهذا الدليل عند اربابه الصبغة الشرعية. لانها ارادة الجماهير. فلا تعيقوها ودعوها الى النصر تسير وما اشبه الليلة بالبارحة وما اصدق قول القائل التاريخ يعيد نفسه. فقد روى ابن ابي شيبة في مصنفه عن ابي صالح الحنفي قال جاء رجل الى حذيفة والى ابي مسعود الانصاري رضي الله عنهما وهما جالسان في المسجد وقد طرد اهل الكوفة سعيد ابن العاص اميرهم فقال ما يحبسكم وقد خرج الناس فوالله انا لعلى السنة فقالا رضي الله عنهما وكيف تكونون على السنة وقد طردتم ام امامكم والله لا تكونون على السنة حتى يشفق الراعي وتنصح الرعية فقال له رجل فان لم يشفق الراعي وتنصح الرعية فما تأمرنا؟ قال نخرج وندعكم فانظر الى هذا الرجل كيف برز الى الصحابيين الجليلين؟ حذيفة بن اليمان وابي مسعود الانصاري رضي الله عنهما وعاب عليهما القعود وقد خرجت الجماهير ولم تقف مجازفته عند هذا الحد من حلف بالله ان هذه الجماهير الهادرة والجموع المتوافرة هي على الحق فقال فوالله انا لعلى السنة فصاحا به وقذفا بالحق على الباطل دون ضغط السلطان الفار الهارب ولا ضغط الجماهير الساخط الضارب وقالا بلسان فصيح بريء من العمالة للسلطان وكيف تكونون على السنة؟ وقد طردتم امامكم والله اذا تكونون على السنة حتى يشفق الراعي وينصح الرعية ولا يقف اضفاء الشرعية على مجرد الاحتجاج بخروج الناس بل تنادى بعضهم بان حركتهم ممارسة سامية لشعيرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وروى ابن ابن ابي ان رجلا قال حينئذ لحذيفة رضي الله عنه الا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر؟ فقال حذيفة رضي الله انه لحسن ولكن ليس من السنة ان ترفع السلاح على امامك ومن الغلط في فهم احكام الشريعة. الظن بان الخروج المنهي عنه هو الخروج المقترن برفع السلاح. بل المقصود به شرعا المنازعة المناقضة للسمع والطاعة. ومن طالع كتب الفقهاء والتصانيف العقدية لاهل السنة والجماعة. وقف على حقيقة الامر وجليته وليست هي مقصودنا هنا لكن المراد هو الاعلام بان هدير الالاف المؤلفة من الجماهير الغاضبة اليوم او الراضية غدا ليس مصدرا مما التشريع الاسلامي ولا يعرف الفقهاء والاصوليون اعتدادا به البتة. وانما عندهم قاطبة الاجماع المنبثق من اتفاق الفقهاء على حكم شرعي في عصر ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وعند المال خاصة الاحتجاج بعمل اهل المدينة في الصدر الاول. وما عدا هذين فلا محل فيه عند الاصوليين والفقهاء لارادة الجماهير لان الحكم لله وليس لهم. قال الله تعالى ان الحكم الا لله يقص الحق وهو هو خير الفاصلين. وقال تعالى الا له الحكم وهو اسرع الحاكمين ونظير هؤلاء في تشييد اصول للاستنباط ومآخذ للاحكام لم يذكرها الفقهاء والاصوليون. من يجعل الحكم السلطاني مصدرا لشرعية امر ما فمجرد صدور الارادة السلطانية به يجعله حكما شرعيا لازما لكل احد دون نظر الى اصله. اهو مما فتقرر حكمه في الشرع على خلاف ما امر به الخلق ام انه ليس من ذلك القبيل؟ وهل يدخل فيما يجري فيه تصرف السلطان؟ في مصلحة الرعية ام لا واهل السنة والجماعة يدينون لله بطاعة ولاة امرهم طاعة في المعروف فما امروا فيه بمعصية لم يطيعوا احدا لان الطاعة العظمى هي لله وحده. وهم يبذلون النصيحة لهم عسى ان يكفوا عنه ولا ينزعون يدا من طاعة ويفون ببيعتهم ببيعتهم ديانة لله لا طمعا في الجاه والمنصب والرئاسة والدنيا ولا عمري ان لزماننا هذا نصيبا من قول ابن مسعود رضي الله عنه كيف انتم اذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة فاذا غيرت قالوا غيرت السنة قالوا ومتى ذلك يا ابا عبد الرحمن؟ قال اذا كثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت امراؤكم امنائكم والتمست الدنيا بعمل الاخرة. رواه الدارمي وغيره. ومن مظاهر الفتنة في الدين اضطراب منهج هذه الاستدلال واختلال تبين الحقائق الشرعية وابرازها وفق اسقاطات معينة ومن مطره الصارخة وامثلته الفاضحة ما تسمعه من دوي المشاركة الشعبية في ميادين الحياة كافة وانه حق كن مشروع كفلته الشريعة للناس ووفرت لهم الحريات وامنتهم على اموالهم ودمائهم واعراضهم من عمومات الادلة ما يجعل امر المسلمين مرتعا خصبا وساحة مفتوحة لكل الممارسات من جميع الناس دون تفريق بين السفيه والحكيم والبهيم والفهيم. ثم ما هي الا اويقات يسيرة فتسمع من كان يبني ذلك ويشيده بعمومات الادلة يهدمه بتوظيف الاحاديث النبوية الواردة في الرويبضة. في التحذير ممن لا يروق له. واحاديث الرويبضة احاديث حسان يشد بعضها بعضا وتتقوى فتكون من جملة الحديث الحسن. وحقيقة معناها ان الرويبضة هو الرجل التافه الذي يتكلم في شؤون المسلمين العامة. ومن كان كذلك فلا وجود له شرعا وليس وامثاله من اهل الحل والعقد المفزوع اليهم. وانك لتعجب ممن يضمه اليه تارة بالمشاركة الشعبية ويسقطه تارة اخرى عند الاختلاف والتنافر. والرويبضة عند الراسخين الممتثلين امر الله. رويبضة لا غير حكمه ولو كان له حق ثابت بطريق الشرع. ككونه جارا او ضيفا او غير ذلك. ومهما صدر منه من الاحسان الى راسخ فان حكم الشريعة فيه لا يتغير ومن هذا الجنس ايضا من يجعل عقيدة الولاء والبراء عقيدة موقوفة على الاعداء من الكفار اما الاصدقاء منهم فإن من الظلم عنده ان ندعو الى البراءة منهم ان ندعو الى البراءة منهم. اما الأصدقاء فبيننا وبينهم مرابطة يقويها التعايش الحضاري والالتقاء الانساني. وكأن عقيدة الولاء والبراء تضيق عن اقامة علاقات حسنة مع الكفار المسالمين. تبعا لقول الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوا سلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم. ان الله يحب المقسطين الولاء والبراء عقيدة لا تقوم على المصارمة والمقاطعة. بل تقوم على حفظ الايمان بالبراءة من دين الكفار عن مسالمهم ومحاربهم. لكنها لا تمنع تبادل المنافع. والتواصل مع المسالمين. وانما اوتي يا هؤلاء من الخلل في تبين الحقيقة الشرعية للولاء والبراء. فكيفوها حسب مداركهم بغضا ومصارمة جورا وعدلا ثم قلبوها على ما يريدون وفصلوها كما يشتهون. واما المدركون لحقيقة الولاء والبراء كما بينتها الشريعة فانك لا تجد في اقوالهم نشازا ولا في فتاويهم اختلافا. ومن مظاهر الفتنة في الدين تبديل الحقائق الشرعية وتحويلها عن وجهها ونقلها من المراد الشرعي الذي جعلت له الى معنى اخر اجنبي عنه فالتغيير مثلا وضع في الشريعة لمعنى واحد هو انكار المنكر وفيه حديث نبوي شهير اخرجه مسلم الحجاج في صحيحه من حديث قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فليغيره بلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان فالتغيير محصور شرعا في ازالة المنكرات وليس معنى فضفاضا يدخل فيه كل تحويل ولو كان من حسنة الى احسن ومن جيد الى اجود ويغلط من يفسر قول الله تعالى ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم لانه دعوة الى التغيير ان الاية تخبر عن حكم قدري لا حكم شرعي. وهو ان الله لا يحول الناس عما هم عليه من امر يلائمهم الى ضده. الا اذا تغيروا من طاعته الى معصيته. في غيرهم من الغنى الى الفقر ومن السعة الى الضيق ومن العزة الى الذل. وسياق الاية ناطق بهذا. فان الله قال له معقبات من من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. واذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال وقال تعالى ذلك بان الله لم يكن مغيرا نعمة انعمها على قوم حتى ايغيروا ما بانفسهم فالتغيير نوعان احدهما شرعي وهو انكار المنكرات والآخر قدري وهو تبديل الملائمات والثاني نوع من العقوبات الالهية. وكأن جريان الامر برفع شعار التغيير اليوم. فيه عناية الهية ورعاية ربانية للراسخين ترشدهم الى حقيقة الامر وان الواقع تغيير كما اريد له فهو تحويل من النظام الى الفوضى ومن الامن الى الخوف ومن الالفة الى الفرقة ومن المحبة الى البغضاء ان الحقيقة الشرعية التي ينبغي ان تجعل شعارا لاصلاح الناس هي التجديد فهي الحقيقة الموظفة شرعا لنقل الناس من سيء الى حسن ومن حسن الى احسن. وفي ذلك حديث نبوي صحيح رواه ابو داوود وغيره. والدعوة الى التجديد هي الدعوة الى احياء معالم الشريعة وحفظها في المسلمين. لكن العجز عنها وعدم امكان الوصول اليها جعل الناس يقلبون اليوم دعوة التجديد الى دعوة التغيير. والله العالم بالقدر القادم. وتضاهي هذه المقالة في تبديل الحقائق الشرعية وتحويلها عن وجهها. من يزعم كذبا ان الاختلاط مصطلح مفترى لم ترعاه الشريعة وانما نهت الشريعة عن خلوة الرجل بالمرأة ولم تنه عن اجتماع الرجال بالنساء ولا عمري ان لذلك لجهل عظيم بدلائل الشريعة وحقائقها. فدلائل الشرع متكاثرة على تحريم الاختلاط وحرمة امتزاج الرجال بالنساء وليس فيها ما يدل على خلاف ذلك. ولئن عجب علم المتفوهين بتلك عن دلائل القرآن والسنة فقبيح بهم الا ترشدهم عقولهم الى الذخيرة الوافرة من فتاوى المخولة بالافتاء في هذه البلاد وهي اللجنة الدائمة التي اصدرت عبر تاريخها فتاوى كثيرة في تحريم الاختلاط والتحذير منه تربوعا مجلد كبير ومن مظاهر الفتنة في الدين التلون في دين الله. وهو التقلب بين الاهواء والتغيير والتغيير للوجوه والمقاصد بين الفينة والفينة مع نسبتها جميعا الى الشريعة وهذه الابلة الفكرية والافة النفسانية التلون حقيقة بالافراد بدراسة ترصد المظاهر والاسباب وطرق الوقاية ومسالك العلاج وهي شقيقة الردة. وكلام السلف فيها كثير. وولد المتأخرون الفاظا لا تفي حقيقتها فسموها انتكاسة وسقوطا في الطريق والاسم الاصيل لها الوافي بتداعياتها هو التلون روى ابن ابي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه انه اوصى ابا مسعود البدري رضي الله عنه فقال له عليك بما تعرف واياك ذاك والتلون في دين الله ولا نعني بالتلون ان يقول الانسان اليوم قولا او قولين او عشرة يفتي بها ثم يرجع بعد عنها وتكون نسبة في فتاويه احادا او عشرات قليلة. فهذا الامام الشافعي رحمه الله يرجع من مذهبه العراقي القديم عن عشرة مسألة من مذهبه المصري الجديد. وهذا الامام احمد تحفظ عنه مسائل عدة رجع عنها. ولكن يبدو واضحا على من صار عنده اعداء الامس اصدقاء اليوم. وخصوم الدعوة الى الله شركاء خريطة الطريق. والحكام حكام الظلمة ولاة الرشد والحكومات المستبدة حكومات داعية الى الاصلاح لقد تحولت عنده المكاصلة الى مواصلة. والمقاطعة الى متابعة. والادب الفاجر الى انتاج فكري زاخر والثابت الى متحول والقطعي الى ظني. في سلسلة طويلة لا تنحصر في شخص او اتجاه بعينه بل يدركها البصراء لائحة بوضوح هنا وهناك. وليس المتلونون على درجة واحدة. ولا يتقاطعون دكة مشتركة بل منهم من يجعل التلون استراتيجية لادارة الحكومات والشعوب. ومنهم من يجعله شبكة يصطاد بها حطام الدنيا ومنهم من يجعله مواكبة للمرحلة. ومنهم من يجعله حصنا يتقي به غضب الحاكم او المحكوم. ومنهم قليل العلم ضعيف الارادة اينما هبت الريح مالت به ودار معها. ولا ينضب المعين الاثري عن تجرية التلون وفضح تاركه بما يفسره البيان المتقدم فقد روى ابن ابي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال ان الفتنة لتعرض على القلوب. فاي قلب اشربها نقط على قلبه نقط سود. واي قلب انكرها نقط على قلبه نقطة بيضاء فمن احب منكم ان يعلم اصابته الفتنة ام لا فلينظر فان رأى حراما ما كان يراه حلالا او يرى حلالا ما كان يراه حراما فقد اصابته الفتنة وتتنوع الاسباب الموقعة في الفتنة في الدين. الجالبة لها فمن تلك الاسباب ضعف العلم ونقص الايمان. لان من هو علمه ووهن ايمانه لم يكن له ما يتوقى به من موافقة جيش الشبهات. فيجيب داعيها. واصل الشرك في نشأ من قبل ضعف العلم ونقص الايمان. فان قوم نوح عليه الصلاة والسلام لما طال عليهم الامد غلوا في الرجال الصالحين والدين وسواع ويغوث ويعوق ونصرا. فعبدوهم من دون الله قال ابن عباس رضي الله عنهما لما ذكر صنيع قوم نوح فلما نسي العلم عبدوهم رواه البخاري وفي بعض في نسخ الصحيح فلما نسخ العلم يعني ذهب وزال عبدوهم من دون الله عز وجل قال ابن تيمية رحمه الله تعالى اكثر ما نجد الردة في من عنده قرآن بلا علم وايمان او من عنده ايمان بلا علم وقرآن فالعلم يتعلق بالإدراك والإيمان يتعلق بالإرادة فإذا فات احدهما وقع العبد فيما لا تحمد عقباه من ردة او غيرها. وقال ايضا الفتنة لها سببان. اما ضعف العلم واما ضعف الصبر. فان جهل والظلم اصل الشر وفاعلو الشر انما يفعله لجهله بانه شر. ولكون نفسه تريده. فبالعلم يزول الجهل وبالصبر يحبس الهوى والشهوة فتزول الفتنة انتهى كلامه واكثر ما تكون هاتان فتنتان واكثر ما تكون هاتان الآفتان ضعف العلم ونقص الإيمان في من اخذ من العلم بسبب لكن لم ترسخ قدمه له صورة اهل الايمان دون حقيقته. فبهؤلاء يحدث فساد الخلق ذكر الشوكاني رحمه الله في البدء الطالع في ترجمة علي ابن قاسم احد علماء اليمن انه كان يقول كلاما عجيبا سمعته منه الناس هو من محاسن كلامه كان يقول الناس على طبقات ثلاث فالطبقة العالية العلماء الاكابر وهم يعرفون الحق والباطل وان اختلفوا لم ينشأ من اختلافهم الفتن لعلمهم بما عند بعضهم بعضا والطبقة السافلة عامة على الفطرة. لا ينفرون عن الحق وهم اتباع من يقتدون به ان كان محقا كانوا مثله وان كان مبطلا كانوا مثله والطبقة المتوسطة هي منشأ الشر. واصل الفتن الناشئة بالدين. وهم الذين لم يمعنوا في العلم. حتى اتقوا الى الطبقة الاولى ولا تركوه حتى يكونوا من اهل الطبقة السافلة. فانهم اذا رأوا احدا من اهل من اهل الطبقة العليا يقول ما لا يعرفونه مما يخالف عقائدهم التي اوقعهم فيها القصور فوقوا اليه سهام التقريع ونسبوه الى كل قول شنيع وغيروا فطر اهل الطبقة السفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة فعند ذلك تقوم الفتن الدينية على ساقه قال الشوكاني بعد ذكره هذا معنى كلامه الذي سمعناه وقد صدق فان من تأمل ذلك وجده كذلك. انتهى كلامه ومن اسباب الفتنة في الدين اتباع الاهواء وتحكيم سوى الشرع فان الهوى يهوي بصاحبه في حمأة الشرور ونارها. قال الله تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك. وقال تعالى ومن اضل ممن اتبع هواه بعد هدى من الله فالهوى لا يعقم صاحبه الا الضلال. ولا يورثه الا الوبال. روى اللالكائي في شرح اصول اعتقاد اهل السنة والجماعة سند صحيح ان رجلا قال لعبدالله بن عباس الحمد لله الذي جعل هوانا على هواك فقال رضي الله عنه كل هوى ضلالة. ومن شعر ابن المبارك ومن البلاء وللبلاء علامة ان لا ترى لك عن هواك نزوع العبد عبد النفس في شهواتها والحر يشبع مرة ويجوع. ومن تسلط عليه هواه زين له سوء فرأى الباطل حقا والمنكر معروفا والضلالة هدى قال سليمان بن علي الربيعي لما كانت الفتنة يعني فتنة ابن الاشعث وهي قتاله للحجاج بن يوسف امير العراق لبني امية انطلق عقبة ابن عبد الغافر وابو الجوزاء واسمه اوس بن عبدالله الربيعي وعبدالله بن في نفر من نظرائهم يعني من كبراء العرب ورؤسائهم فدخلوا على الحسن وهو البصري احد علماء التابعين فقالوا يا ابا سعيد ما تقول في قتال هذا الطاغية يعني الحجاج ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام. واخذ المال الحرام وترك الصلاة وفعل وفعل. قال ذكروا من افعال الحجاج فقال الحسن البصري رحمه الله ارى الا تقاتلوه فانها ان تكن عقوبة من الله فما انتم برادي عقوبة الله باسيافكم. وان يكن بلاء فاصبروا حتى لا يحكم الله وهو خير الحاكمين فخرجوا من عنده وهم يقولون نطيع هذا العلج. قال وهم قوم عرب يعني انهم كانوا من رؤساء الناس من خلص العرب في قبائلها. وكان الحسن مع علمه وامامته رجلا اعجميا ليس له نسب في العرب. وانما هو مولى من مواليهم فاستنكفوا ان يقبلوا مقالته وخرجوا مع ابن الاسعد فقتلوا جميعا. قال مرارة بن ذباب ابو المعذل اتيت على عقبة ابن عبد الغافر احد اولئك النفر الذين سألوا الحسن قال اتيت على عقبة ابن للغافل وهو صريع في الخندق. يعني جريح بعد المعركة فقال يا ابا المعذر يا ابا المعدل لا دنيا ولا اخرة. رواه ابن سعد في الطبقات واذا انكشف طغيان الهوى وانكسرت سكرته ندم العبد ولا تحين مندم. قال مالك بن دينار لقيت معبدني وهني بمكة بعد ابن الاشعث يعني بعد فتنة ابن اسعد. وهو جريح وقد قاتل الحجاج في المواطن كلها. فقال قال لقيت الفقهاء والناس لم ارى مثل الحسن يا ليتنا اطعناه كانه نادم على قتال الحجاج رواه وابن عساكر في تاريخ دمشق قال حذيفة رضي الله عنه يوشك قال حذيفة رضي الله عنه مبينا عدم تمييز الناس بين الحق والباطل قال يوشك لو شئت لحدثتكم الف كلمة تصدقوني عليها وتتابعوني وتنصروني ولو شئت لحدثتكم بالف كلمة تكذبونني عليها وتجانبونني وتسبونني وهي صدق من الله ورسوله. رواه الطبراني في الكبير وابو نعيم الاصبهاني في كتاب الحلية واللفظ له. فالشرع لا يأتي دائما بما يلائم النفوس. بل في الشرع بما تكرهه وتأباه ومن اسباب الفتنة في الدين البحث عن الذات والغرام بما بما يجمع الناس. فالانسان مجبول على حب نفسه وفيها واستشراف الى ان يذكر الانسان ويرى مكانه. فان لم تقمع النفس بسلطان الشرع والعقل جنت على صاحبها فاوردته موارد الهلاك باحثا عن ذاته طالبا ان يرى مكانه وان يعرف شأنه لانه ابن ابيه وعنده ما ليس عند غيره. قال البخاري ومسلم واللفظ للبخاري حدثنا محمد ابن بشار زاد مسلم ومحمد بن مثنى قال حدثنا غندر عن شعبة عن عمر قال سمعت ابا وائل قال حدثني ابو موسى الاشعري رضي الله عنه قال قال اعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر ويقاتل ليرى مكانه في سبيل الله ليرى مكانه فمن في سبيل الله فقال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله فالمقاتلون كثير لكن المقاتل منهم في سبيل الله واحد والاخرون يقاتلون لحظوظ انفسهم ليذكر احدهم ثم يرى مكانه ومما يؤسف له ان البحث عن الذات والغرامة بما يجمع الناس صار مسوغا عند كثيرين تحت دعوى الثقة بالنفس والابداع ثم يحدثون بعد ذلك احوالا يقعون فيها بمخالفة الشريعة ويجرهم ذلك الى الابتداع. قال ابو داوود في سننه حدثنا يزيد ابن خالد ابن عبد الله ابن موهب الهمداني قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب ان ابا ادريس الخولاني عائد الله اخبره ان يزيد ابن عميرة وكان من اصحاب معاذ ابن جبل رضي الله عنه قال قال معاذ ان من ورائكم فتنا ان من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر فيوشك قائل ان يقول ما للناس لا يتبعوني ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن. ما هم بمتبعي. حتى ابتدع لهم غيره. فاياكم وما ابتدع فانما ابتدع ضلالة واسناده صحيح فانظر كيف يفضي الغرام بجمع الناس الى الوقوع في البدعة والصادق مع الله وخلقه. لا ترتفع نفسه الى البحث عن مقام لها. ولا يبتغي ان يحجز في لقلوب الناس مقعدا يطلب به حقه. وليس له ولع وغرام بجمع الناس بل يبين الحق وفق الامر الشرعي احب الناس ام كرهوا فان قبلوا فنعم مهي وان ردوه فان الامر لله والله يحكم ما يريد ومن اسباب الفتنة في الدين تعلم الغرائب قبل احكام الاصول. ذكره الشاطبي في كتاب الاعتصام فمن اعتنى بتتبع غرائب المسائل وافراد الاقوال دون احكام لمعرفة بالدين استولت على قلبه وسيراها اصولا وزيف اصولا شرعية ثابتة. فبدل ان تنصرف عنايته الى رد تلك الغرائب الى الاصول الشرعية المستقرة شرعا فانه يعكس الامر ويجعل الغرائب اصولا والشذوذ مقبولا ان الدين الحق المحتاج اليه ظاهر مشهور لا يحتاج الى اكتشاف. قال الله تعالى ثم جعلناك على من الامر فاتبعها. ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون. فالدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرة باهرة. قال علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رحمه الله. ليس العلم ما لا يعرف انما العلم ما عرف وتواطأت عليه الالسن. وقال مالك شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي رواه الناس وقال ابن المبارك العلم هو الذي يجيئك من هنا ومن هنا يعني لاشتهاره وظهوره وما اصدق كلام هؤلاء الائمة على حال خلق على حال الخلق اليوم اذ تجد فيهم من ينقب بطون الكتب ويقلب صفحاتها لعله يجد نصا يتكئ عليه لتسويغ ما ينشره على الملأ من ترهاته ومنهم من ابعد النجعة فلم ينتهي نظره الى كتب المسلمين بل تراه يغمر مستمعيه بسيل من النقول عن كتاب للشرق والغرب حاشدا لها كي تكون عمدة في تصحيح ما يذكره. وفيه ما يصادم الايات والاحاديث النبوية واقوى لاهل السنة والجماعة ومع تعدد مظاهر الفتنة في الدين وتكاثر اسبابها يتأكد البحث عن حصون الوقاية منها قبل الوقوع فيها سيذكر فيما يستقبل جملة من الاسباب التي يؤدي الاخذ بها الى السلامة من الفتنة في الدين. اذا نجم نجمها تضاير شرارها فمن تلك الحصون الواقية باذن الله تقوى الله عز وجل. قال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا. قال ابو عباس ابن تيمية الحفيد والمخرج هو موضع الخروج وانما يطلب الخروج من الضيق والشدة. ثم قال وقد فسروا اية بالمخرج من ضيق الشبهات بالشاهد الصحيح والعلم الصريح والذوق روى ابن بطة في الابانة الكبرى عن سليمان ابن عتيق قال لما وقعت الفتنة يعني فتنة ابن الاشعث مع الحجاج التي تقدم ذكرها لما وقعت الفتنة قال طلق ابن حبيب رحمه الله اتقوها بالتقوى. قالوا وما التقوى قال ان تعمل بطاعة الله على نور من الله رجاء ثواب الله وان تترك معصية الله على نور من الله خوف عقاب الله وما اخبر عنه طلق من اتقاء الفتنة بالتقوى. منتزع من الاية المتقدمة المتقدمة. ومن يتق الله يجعل له مخرجا وليست فرارا من الصدع بالحق وبيانه. كما يحب ان يلقبه الثائرون في الفتن. بل من دعا الى التقوى فقد دعا الى حكم الشرع وعين العقل وما زعموه صدعا للحق وبيانا له هو طيش وتهور. فالحق لا ينصر الا بالحق لا بالصعقة الغضبية ولا بالصيحة النارية ومن اسباب الوقاية من الفتنة في الدين. الحذر منها وتوقيها وصيانة النفس عن التسارع الى اجابة داعيها. وكراهية ومجانبة اهلها وعدم استخبار عنها بالبحث عن اخبارها. قال الله تعالى واحذرهم ان يفتنوا عن بعض ما انزل الله اليه وقال ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني وقال ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه قال الله عز وجل للحذر من الفتن ونفر عنها واخبر ان من ورد عليها فانه يفتن نفسه. روى الحاكم في المستدرك بإسناد صحيح خبرا عجيبا عن حذيفة ابن اسيد الغفاري عن حذيفة ابن اسيد الغفاري رضي الله عنه قال انا لغيري الدجال اخوف علي وعليكم انا لغير الدجال اخوف علي وعليكم. قال فقلنا ما هو يا ابا سريحة؟ وهي كنيته؟ قال فتن كأنها قطع الليل المظلم. قال فقلنا اي الناس فيها شر؟ قال كل خطيب مسقع لمسمع اخذ بقلوب الناس كل خطيب مسقع وكل راكب موضع. اي خارج يتطلبها. قال فقلنا اي الناس فيها خير؟ قال فكل غني خفي قال فقلت ما انا بالغني ولا بالخفي. قال فكن كابن اللبون يعني صغار الابل. كن اللابون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب. فان ابن الناقة الصغير لا يحتمل ركوبا ولا يرجى منه حليب وعند ابن ابي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال تكون فتن تقبل مشبهة اي تشتبه تشتبه على الناس تقبل مشبهة وتدبر منتنة. فان كان كذلك فالبدو لبود الراعي على عصاه خلف غنمه. لا يذهب بكم سيل وروى ابن بطة عن حذيفة رضي الله عنه قال اني لاعرف رجلا لا تضره الفتنة محمد بن مسلمة رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال فخرجنا من الكوفة فاذا فسطاط خارجا منها. واذا فيه محمد ابن مسلمة فأتيناه فسألناه عن ذلك فقال ما اريد ان يشتمل علي شيء من انصارهم يعني من بلدان المسلمين حتى تنجلي يعني الفتنة حتى تنجلي عن منجلت. ورواه ابن سعد في الطبقات عن عن بشير ابن عقبة قال قلت يزيد ابن عبد الله ابن الشخير ما كان مطرف يصنع اذا هاج في الناس هيج. قال يلزم قعر بيته ولا يقرب لهم ولا جماعة حتى تنجلي عمنجلت عنه. ورواه ابن بطة في الابانة الكبرى عن شريح قال ما اخبرت خبرا ولا استخبرت خبرا قال ما اخبرت خبرا ولا استخبرت خبرا مذ وقعت الفتنة ولا اصيب من مال رجل ولا من دينه ومن تطلع الى الفتن وارتفع لها اصابه ضررها ومسته نارها. قال مسلم ابن الحجاج حدثني عمرو وحسن الحلواني وعبد ابن حميد قال عبد اخبرني وقال الآخران حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم ابن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال حدثني ابن المسيب وابو سلمة ابن عبد الرحمن ان ابا هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستكون فتن ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم. والقائم فيها خير من الماشي. والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه. ومن وجد فيها ملجأ فليعد به. وبوب على هذا الحديث في كتاب الاحسان لابن بلدان ذكر البيان بان اختلاط الفتن بالمرء يكون على حسب استشرافه لها. يعني ان من تطلع اليها وخاض فيها اصابه شررها وضربها. والواجب على العبد عند بدو مظاهر الفتنة ان يأتئد ولا يعجل روى ابن ابي شيبة عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال انها ستكون هنات وامور مشتبهات فعليكم بالتؤدة كونوا تابعا في الخير خير من ان تكون رأسا في الشر. فليتباعد العبد عنها وليحذر من الاغترار بامنه من الفتنة فان من الناس من سيقدم على الدجال وهو مؤمن وحال الدجال ظاهرة ثم ينقلب على عقبيه فيتبعه لما رآه من الفتن. قال ابو داوود حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا جرير. قال حدثنا حميد بن هلال عن قال سمعت عمران ابن حصين رضي الله عنه يحدث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال من سمع بالدجال فلينأى عنه اي فليبعد عنه. فوالله ان الرجل ليأتيه وهو يحسب انه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات. او لما يبعث به من الشبهات. هكذا قال فاذا كان هذا في فتنة كفتنة الدجال يتبين الناس حقيقتها ويعرف الخلق مواردها فكيف تكون النجاة من فتن يشتبه فيها الامور بل امر بالبعد عنها والنأي بالنفس عن ضررها وشرها احق واولى. روى عبد الرزاق في مصنفه والحاكم في المستدرك عن حذيفة رضي الله عنه قال اياك والفتن لا يشخص لها احد اي لا يبرز لها احد لا يشخص لها احد فوالله ما شخص منها احد الا نسفته كما ينسف السيل الدما. انها مشبهة مقبلة حتى يقول الجاهل هذه تشبه مقبلة وتتبين مدبرة. فاذا رأيتموها فاجتمعوا في بيوتكم قم واكسروا سيوبكم واقطعوا قطعوا اوتاركم وغطوا وجوهكم. يعني طلبا لسلامة دين احدكم. ومن لطائف معلقات البخاري في صحيحه قوله في كتاب الفتن وقال ابن عيينة عن خلف ابن حوثب كانوا يستحبون ان يتمثلوا بهذه الابيات عند الفتن قال امرؤ القيس الحرب اول ما تكون فتية تسعى بزينتها لكل جهول حتى اذا اشتعلت وشب ولت عجوزا غير ذات حليل. شمطاء ينكر لونها وتغيرت. مكروهة للشم والتقبيل. وروى نعيم الاصبهاني في كتاب الحية عن مطرف رحمه الله قال اتى على الناس اتى على الناس زمان خيرهم في دينهم المتسارع وسيأتي على الناس زمان خيرهم في دينهم المتأني قال ابو احمد احد رواة هذا الاثر واسمه محمد ابن عبد الوهاب سألت علي بن عتام عن تفسير هذا الحديث فقال كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه اذا امروا بالشيء تسارعوا اليه. واما اليوم فينبغي للمؤمن ان يتبين. فلا يقدم الا على ما لا يعرف ومن عقل هذا الاصل واستعمله في نجاة نفسه ربما وقع على وجه يستغرب يستغربه الناس منه ربما ما وقعت منه حال يستغربها الناس منه. فقد روى ابن بطة عن عبد الله ابن طاووس عن ابيه طاووس ابن كيسان احد اصحاب عبد الله بن عباس قال لما وقعت فتنة عثمان رضي الله عنه قال طاووس لاهله قيدوني يعني بالحديد قيدوني فإني مجنون. فلما قتل عثمان قال لأهله حلوا عني القيد. الحمدلله الذي من الجنون وانجاني من فتنة عثمان. رواه ابن بطة في كتاب الابانة الكبرى. ومن اسباب الوقاية من الفتن الدعاء فمن دعاء المؤمنين في القرآن ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ومن اخبار حذيفة رضي الله عنه انه كان يقول يأتي على يأتي عليكم زمان يأتي عليكم زمان لا ينجوا من الفتن الا من دعا دعاء الغريق رواه ابن ابي شيبة وروى ابو نعيم في كتاب الحلية عن محمد ابن المنكدر قال ليأتين على الناس زمان لا يخلص ايه يعني من وهج الفتن لا يخلص فيه الا من دعاك دعاء الغريق الاذان ايها المؤمنون ان من اسباب الوقاية من الفتنة في الدين الدعاء ومن دعاء المؤمنين في القرآن ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين. ومن اخبار حذيفة رضي الله عنه في الفتن انه كان يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه الا من دعا دعاء الغريق. رواه ابن ابي شيبة وغيره. اي لا ينجو من نار الفتن الا من كان دعاؤه كدعاء الغريق الذي يستجدي النجاة من الغرق ويلتمسها. وروى ابو نعيم الاصفهاني في كتاب الحلية عن محمد بن المنكدر احد التابعين قال ليأتين على الناس زمان لا يخلص فيه الا من دعاك دعاء غريق ومن جوامع الدعاء المتعلقة بالفتن. ما رواه احمد في مسنده. قال حدثنا هاشم. قال حدثنا عبد الحميد. قال حدثني شهر ابن حوشب قال سمعت ام سلمة رضي الله عنها وهي اسماء بنت يزيد قالت قلت يا رسول الله الا تعلمني دعوة ادعو بها لنفسي؟ قال بلى قولي اللهم رب النبي اغفر لي ذنبي واذهب غيظ قلبي واذهب غيظ قلبي واجرني من مضلات الفتن ما احييته واسناده حسن والدعاء من اعظم ما اوصى به ائمة الهدى عند حلول الفتن روى الخلال في كتاب السنة عن ابي طالب المشكاني قال قيل لابي عبد الله قد يقولون نقاتلهم ونخرج عليهم يعني على الولاة الظلمة. فقال الامام احمد السيف لا نريده تكون فتنة يقتل فيها البريء. الدعاء عليكم به ولا يقولن احمق ان الفزع الى الدعاء حيلة العاجزين. والدعاء لا يرفع الظلم عن المظلومين. فهذا طعن على الشريعة وتنكب لما امر الله به واساءة للظن به سبحانه وتعالى. فان الله يقول وقال ربكم ادعوني لكم وما لا يقدر عليه الخلق يقدر عليه الله وحده قال غيلان ابن جرير حبس ابن اخ لمطرف ابن عبد الله فلبس خلقان ثيابه يعني قديم ثيابه فلبس خلقان ثيابه واخذ عكازا يده فقيل ما هذا؟ قال استكين لربي لعله ان يشفعني في ابن اخي. رواه ابن ابي الدنيا في كتاب مجاب وقال غيلان ابن جرير حبس الحجاج مورقا العجلي في السجن فطلبنا فاعيانا فلقيني مطرف بن عبدالله فقال ما صنعتم في صاحبكم؟ قلت محبوس. يعني عند قال تعالى حتى ندعوا فدعا مطرف وامنا على دعائه. فلما كان العشي خرج الحجاج وهو الامير قد فجلس واذن للناس فدخلوا عليه فدخل ابو مورق فيمن دخل فدعا الحجاج حرسيا يعني جنديا فقال اذهب اذهب بذلك الشيخ الى السجن فادفع اليه ابنه. قال خالد وهو ابن خداش احد رواة هذا الحديث من غير ان يكلمه فيه احد من الناس. رواه ابن سعد في كتاب الطبقات. واكثر غرور مفتونين في الاعراض عن الدعاء وعده حيلة وعده حيلة من حيل العاجزين هو اغترارهم بانفسهم. فان العبد اذا اتكل على نظره واستدلاله او عقله ومعرفته خذ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة كثيرا ما يقول اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ومن اسباب الوقاية من الفتنة في الدين العلم والاقبال على اصله وهو كتاب الله. فان اعظم فتنة وهي فتنة الدجال تنكسر على يد ذي علم قال مسلم بن الحجاج حدثني محمد بن عبدالله بن قهزاز من اهل مرو قال حدثنا عبد الله بن عثمان عن ابي حمزة عن عن قيم ابن وهب عن ابي الوداك عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه. فذكر حديثا طويلا في اخبار الدجال وفي ان رجلا مؤمنا يقول اذا رأى الدجال يا ايها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيأمر الدجال به فيسبح يعني يطرح على الارض فيقول خذوه وشجوه فيوسع ظهره وبطنه ضربا يقول اوما تؤمن بي؟ قال فيقول انت المسيح الكذاب. قال فيؤمر به فيؤسر بالمنشار. يعني يشق بالمنشار من مفلقه حتى يفرق بين رجليه. قال ثم يمشي الدجال بين القطعتين. ثم يقول له قم فيستوي قائما بعد مماته ثم يقول له اتؤمن بي؟ فيقول ما ازددت فيك الا بصيرة؟ فهذا الرجل ميز الدجال بما عنده من العلم بما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ولم تؤثر فيه تلبيسات الدجال بل زادته بصيرة لمعرفته بحقيقة الامر ولهذا جاءت الوصية بالاقبال على كتاب الله طلبا للنجاة من الفتن. قال ابو داوود حدثنا عبد الله ابن مسلمة نلقى نبي قال حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن حميد عن نصر بن عاصم قال اتينا اليشكري في رهط من بني ليث فقال قال من القوم؟ فقلنا بنو ليث اتيناك نسألك عن حديث حذيفة يعني في الفتن فذكر الحديث وفيه قال قلت يا رسول رسول الله هل بعد هذا الخير شر؟ قال فتنة وشر. قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الشر خير؟ قال يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه ثلاث مرار. وعند ابن حبان في صحيحه عن عبد الله ابن الصامت عن حذيفة قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير الذي نحن فيه من شر نحذره؟ قال يا حذيفة عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه خيرا لك وترجم عليه في ترتيب ابن بلبانة لصحيح ابن حبان ذكر الاخبار عما يجب على المرء من تعلم كتاب الله جل وعلا واتباع ما فيه عند وقوع الفتن خاصة قال العلامة عبداللطيف ابن عبدالرحمن ابن حسن رحمه الله في تبيين معنى الحديث السابق فتأمل ما ارشد اليه حذيفة ووصاه عند حدوث الفتن العظام التي لا يبصر اهلها الحق ولا يسمعون من الداعي والناصح وتكراره وتكريما الوصية بقراءة كتاب الله واتباع ما فيه. لان المخرج من كل فتنة موجود فيه مقرر. لكن لا يفهمه ويفهمه اهو الا من تعلم كتاب الله الفاظه ومعانيه ووفق للعمل بما فيه. فذلك جدير ان يهبه الله يمشي به في الناس ولا يخفى عليه ما وقع فيه الاكثر من الشك والريب والالتباس وهذا الصنف عزيز الوجود القراء ومن ينتسب الى العلم والطلب فكيف بغيرهم؟ اما الخيام فانها كخيامهم وارى نساء الحي غير نساء انتهى كلامه وقال ابوه العلامة عبد الرحمن ابن حسن في رسالة له فالذي اوصيكم به اصدقوا مع الله من العلم ما ينجيكم من شبهات اهل الشك والريب. فبالعلم واليقين تدفع الشبهات. انتهى كلامه. وعند ابن خبر مرفوع يشير الى ذلك ستكون فتن يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا الا من احياه الله بالعلم وفي اسناده ضعف شديد لكن معناه صحيح. وفي وصية علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لكميل ابن زياد عند ابي نعيم الاصبهاني في الحلية من اوصاف من لا يؤمن على العلم قال ينقدح الشك في قلبه لاول عارض من شبهة. قال ابن القيم في شرحها في مفتاحه عيدا للسعادة هذا لضعف علمه وقلة بصيرته اذا وردت على قلبه ادنى شبهة قدحت فيه الشك والريب بخلاف الراسخ في العلم لو لو وردت عليه من الشبه بعدد امواج البحر ما ازالت يقينه ولا قدحت فيه شك لانه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات بل اذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلوبة انتهى كلامه. وبعد ايها المؤمنون فهذه نصيحة محب مشفق. يتأكد العمل بها اتباع لمن طوت عليه من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ليتجنب الإنسان وهج الفتن ابتغاء سلامة دينه فان المرء موقوف بين يدي ربه ومسئول عن كل ما تفوه به من صغير او كبير في دقيق الامر او جليله يحرص العبد على امتثال امر الشريعة وليمرها على نفسه وليخرج نفسه من اسر هواها فان العبد لا يفلح حتى يكون عبدا خالصا لله عز وجل. فان صار عبدا في الصورة لله وهو في الحقيقة عبدا لشهوته وهواه فانه لا يفلح ابدا اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه اللهم انا نعوذ بك من مضلات الفتن اللهم انا نعوذ بك من مضلات البدع اللهم انا نعوذ بك من مضلات الفتن اللهم احيينا على الاسلام والسنة وتوفنا على الاسلام اللهم اعينا على خير حال وامتنا على خير حال وقلوبنا جميعا الى خير المآل. اللهم اصلح ذاك بين المسلمين وولي خيارهم وقهم شر شر شرارهم. اللهم آمن المسلمين في دورهم. اللهم آمن المسلمين في دورهم. واصلح ائمتهم وولاة امورهم اللهم وفق جميع حكام المسلمين للعمل بشريعتك والحكم بها واتباع سنة عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين