الحمد لله الذي رزق قلوبنا برد اليقين وركب فينا من القدر والمواهب ما يوصل الى الحق ويبين واشهد ان لا اله الا الله الواحد المتعالي واشهد ان محمدا عبده ورسوله صفوة الخلق في الاقوال والافعال. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما مديدا اما بعد فان وصف طريق العلم من اهم المهمات واثقل الامانات فبه يعرف الله وبه يعرف امره والمتكلم فيه مؤتمن على امر عظيم فهو قائم مقام الانبياء في ارشاد الادلاء فان اصاب انتفع بصوابه خلق كثير. وان زل زل بخطئه جم غفير ولقد اخذ ايضاح طريق العلم مسالك عدة في كلام مشايخ الوقت من جملتها بيان الطرق المنهجية لبحث المسائل العلمية الذي سرني اهتمام الاخوان هنا في جامع عثمان رضي الله عنه بتوجيه الانظار اليه. اذ عقدوا يوما علميا تدوم محاضراته حول طرق البحث في علوم عدة. هي الحديث والفقه والتفسير والعقيدة. واحسن اختيارا اذ ختموا برنامجهم بمحاضرة عن الهمة في طلب العلم لتوقف النبوغ في البحث على همة عالية وعزيمة نافذة. ولما خطبت بالمشاركة في محاضرات هذا اليوم لالقاء محاضرة عن طرق البحث في الحديث بينت للاخوان ضيق الوقت عن الاحاطة بالمقصود فالامر الى الاقتصار على فرد من افراد طرق البحث في الحديث وهو كيف تدرس حديثا سندا ومثنا وما ظهر من تسميتها في بعض الاعلانات باسم كيف تخرج حديث فلا علم لي به ولا تبعة علي فيه وقد تفضل القائمون جزاهم الله خيرا على تنسيق هذا الملتقى العلمي فوضعوا محاور عدة يحسن الحديث عنها في كل واحدة من هذه المحاضرات. وهي تنتظم في السياق الاتي. اولا اهمية الفن الذي سيدرس منهج البحث فيه. ثانيا طرق البحث العلمي في هذا الفن. ثالثا اهم المصنفات في هذا الفن. وكيفية التعامل معها. رابعا محاذير ومعوقات في طريق النبوغ في الفن المقصود. خامسا تنبيهات مهمة في هذا الفن. وقد اوجب علي فقه التعليم ان ازحزح الكلام عن اهمية في فن الحديث وبيان فضله وشرف حملته ونقلته واصحابه اهتماما بجمع الوقت على الانفع لكم واستغناء بظهور لذلك وسهولة الوقوف عليه لمن اراده. ويكفي الطالب فيه كتاب شرف اصحاب الحديث للخطيب البغدادي رحمه الله تعالى فانه قد اتى على المقصود واوجبت علي النصيحة في الدين ايضا ان استفتح محاضرتي بتمهيد عام يقف به المتلقي على البحث واهميته وسبيل معرفة طرقه. وكان جديرا بهذا اليوم ان تكون طبيعة محاضراته. محاضرة تفي بالمراد لان ما سأذكره سيكون مختصرا مع اغفال جوانب عدة تتعلق بهذا الشأن. وامعانا في تقريب الفائدة. وحرصا على ملئ قلوبكم بنفائس العلم وذخائره استحسنت صياغة مخارج القول التي رغب فيها القائمون على تنسيق هذا اليوم العلمي مقرونة بما يتممها ناظما جميع ذلك في مقدمة ومقصد وخاتمة. فاما المقدمة ففيها الحديث عن تعريف طرق البحث وبيان اهمية البحث وكيفية تنمية ملكة البحث في النفس وسبيل معرفة طرق بحث مع ذكر الية مقترحة لمسالك البحث في مسائل الاحكام الشرعية واما المقصد ففيه تفصيل القول عن كيفية دراسة الحديث سندا ومثنى. وهو الفرد الذي اختصرنا عليه من طرق البحث في الحديث واما الخاتمة فسنتكلم فيها عن اهم المصنفات في الحديث وكيفية التعامل معها ثم نذكر محاذير ومعوقات في طريق النبوغ في الفن المقصود ونختم بجملة من التنبيهات المهمة في هذا الفن واكمال ذلك موكول الى صبركم وقواكم فان تجلدتم اتينا على المقصود والا حقكم ملل لطول الوقت اكتفينا بما سمعت ويكفي من القلادة ما احاط بالعنق نسأل الله لنا ولكم علما نافعا وعملا صالحا وصبرا جميلا. طليعة المقدمة تعريف طرق البحث التي خصت بالعناية في هذا اليوم والسبيل الى تعريفها منحصر في امرين احدهما تعريف كل كلمة بمفردها فتعرف كلمة طرق اولا ثم تعرف كلمة البحث ثانيا والاخر تعريف الطرق البحث لاعتبار كونها لقبا على فن معين وموجب هذا هو التركيب الاضافي في جملة طرق البحث وما كان مركبا تركيبا اضافي فانه يدرك معناه على هذا النحو الذي ذكرنا في عرف مفرداه ابتداء ويعرف تركيبه الاضافي ختاما والى هذا اشرت بقولي والمفرد المضاف ان تركب مع غيره حتى اتم لقب فحده يكون بالافراد لكل واحد لدى النقاد ثم يعاد ثانيا مركبا اذ لقبا لديه متركبا. وحين اذ يقال ان الطرق هي جمع طريق وهو في لسان العرب فعيل راجع الى اصل عندهم هو الطاء والراء والقاف. وهذا الاصل قد وضع في لسان العرب لعدة معاني. المناسب منها لهذا المحل السهولة والاسترخاء لان الجواد المسلوكة في الارض سهلت على الاقدام واسترخت لها فسميت حينئذ طرقا اما معناه الاصطلاحي فان الطريق عند اهل الحديث هو بمعنى الاسناد والسند والسند والاسناد عندهم هو حكاية طريق المتن وهذه الحكاية تتضمن شيئين احدهما سلسلة الرواة والاخر صيغ الاداء المذكورة بينهم لكن المعنى الاصطلاحي للطريق غير مراد في هذا المحل وانما يراد معناه في لسان العرب اما البحث في لسان العرب فهو دال على اثارة الشيء وفي قراءة ابن مسعود التي ذكرها الطبري والسمعاني وابن عطية في المحرر الوجيز افلا يعلم اذا بحث ما في القبور يعني اثير وحرك وقد وجدت البحث يطلق في كلام اهل العلم على ثلاثة معان الاول هي طلاق كلمة بحث بمعنى محل تأمل ونظر ومنه قول الحافظ ابن حجر بالتلخيص الحمير لما ذكر قول البيهقي وابنه قطان فيما رواه خالد بن معدان عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انه مرسل قال الحافظ وفيه بحث يعني نظر وتأمل الثاني اطلاق كلمة بحث بمعنى موضوع ومنه قول الصديق حسن خان في الحطة وفي الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة يعني كتاب الشوكاني بحث ثالث في ذكر الوضاعين المشهورين بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم فمعنى قوله بحث ثالث يعني موضوع ثالث فيستعملون كلمة بحث للدلالة على الموضوع فيقولون مثلا بحث الناسخ والمنسوخ عوض قولهم موظوع الناسخ والمنسوخ ويقولون بحث الاحاد عوضا عن قولهم موضوع الاحاد الثالث اطلاق كلمة بحث بمعنى التفتيش ومنه قول البعلي بالمطلع عن تسمية صدقة الفطر بالفطرة قال فهذا ما وجدته في هذه اللحظة بعد بحث كثير انتهى كلامه. يعني بعد تفتيش كثير وظاهر كلامه ان اطلاق اسم الفطرة على زكاة الفطر مولد ليس بعربي وان كان القياس العربي لا يأباه كما ذكر وقد تضاف كلمة بحث الى القراءة فيقال قراءة بحث وهي ارفع انواع القراءة على الشيوخ عند المتأخرين ومن ذلك ما جاء في خبر علي ابن عبد الواحد الانصاري انه قرأ صحيح البخاري على شيخه محمد ابن ابي بكر نحو احد عشر مرة في غضون ملازمته له ثلاثا وعشرين سنة كلها قراءة بحث وتحقيق وكشف وتدقيق كلها سماعا من لفظه مع شروحه وحواشيه لابن حجر والكرماني والقسط اللاني وزكريا والسيوطي والدمامين والزركشي والمشانق لعياظ والاستيعاب والى هذه القراءة الاشارة بقولهم في كتب التراجم بحث عليه كذا وكذا ويسمون كتبا والمراد انه قرأ هذه الكتب على شيخه قراءة بحث وتدقيق كما في ترجمة ابي حيان الاندلسي من طبقات الشافعية انه قرأ الفقه على ابن بنت العراق قراءة بحث وتحقيق بحث عليه المحرر للرافع ومختصر المنهاج للنووي اي قرأه قراءة تحصن وتدقيق وابانة وتحقيق لمعانيه. واذا خلت القراءة من هذا الامر سموها سرد كما في ترجمة ابن جنين المغربي من الوافي بالوفيات انه قرأ كتاب الشفاء لابن على شيخه الشمس الاصفهاني قراءة سرد يعني دون بحث وتحقيق وتدقيق لمقاصد الكتاب ومحل هذه القراءة ينبغي ان يحصر في المطولات الاصيلة ذات المعاني الجليلة التي تحتاج الى طول فكر وادمان نظر وينتفع بها المنتهون من الطلبة. اما المبتدئون والمتوسطون فهي مضرة بهم. لانها تشتمل على شبهات وذكر اشكالات وربما تركت الشبهة فلم تدفع واغفل الاشكال فلم يحل. ومن هنا يأتي الخوف على المبتدئ. فربما بقلبه شبهة لم تدفع او وقر في قلبه اشكال لم يحل والقلوب ضعيفة والشبه خطافة كما كان السلف رحمهم الله تعالى يقولون اما تعريف البحث وفق ما استقر عليه العرف الاصطلاحي فيمكن الوصول الى تعريف له عقب الوقوف على مقاصده عند من تكلم على تعريفه. وجماع ذلك اولا ان البحث عملية فكرية. ثانيا ان تلك العملية تقوم على الاستقصاء والتتبع. ثالثا ان ذلك الاستغفار موصوف بالدقة والنظام رابعا ان الاستقطاع يشتمل على جمع الشواهد والادلة المتصلة لموضوع البحث. خامسا انه يهدف الى اضافة معارف خافية. واكتشافها سادسا ان تلك المعارف المطهورة بها عرظة للقبول او الرد عند سترها واختبار صحتها هذا مجموع ما ينتزع من كلام القوم من اهل الاسلام وغيرهم ويمكن ان يصاغ منه التعريف الاتي للبحث فيقال ان البحث استقصاء مخصوص في مسألة ما يفضي الى نتيجة تحتمل القبول او الرد قولنا استقصاء مرده الى الوضع اللغوي لكلمة بحث لان الاثارة توجب استقصاء وتتبعا وقولنا مخصوص هو ما وصف بالدقة والنظام وفق طريقة علمية منضبطة. قولنا مسألة ما ليدل على العموم قولنا يوصل الى نتيجة هي الغاية من البحث قولنا تحتمل القبول او الرد اي بالنظر الى صحة الدليل والاستدلال الذين بني عليهما البحث وحيث امكن مما تقدم تعريف المفردين سهل الان ان نعرف المركب الاضافي وهو طرق البحث فنقول ان طرق البحث هي جادة تسهل الوصول الى استقصاء مخصوص في مسألة ما يفضي الى نتيجة تحتمل القبول او الرد. والعبارات التي يدل بها على هذا المعنى تتنوع. فتارة يقال وطرق البحث وتارة يقال مناهج البحث وتارة يقال البحث العلمي وتارة يقال علم البحث وكيف ما قلبت العبارة فهي متضمنة لما تقدمت اليه الاشارة والتأصيل العلمي للبحث عند علماء الشريعة محله كتاب الاجتهاد في اصول الفقه ومن افراده الاجتهاد الجزئي في مسألة بعينها وهو المكافئ لبحث مسألة مخصوصة فيستفاد تأصيل هذا الفن باصطلاحه المعاصر من تقعيد الاصوليين والفقهاء رحمهم الله تعالى كما ان الفقهاء قد رتبوا في ابوابهم مسائل تتعلق بالبحث ليس هذا محل تفصيل القول فيما يحتاج اليه من تقعيد هذه المسألة وان كانت الحاجة اليها عظيمة لان عامة من كتب في هذا الباب فانما اجتر ما كتبه الغربيون في تقرير قواعد البحث ولم يرفع رأسه الى التأصيلات العلمية لهذا الفن لاصطلاحه المعاصر الموجودة في كتب الشريعة وفي هذا بيان تام ان الشريعة اصلا وفرعا بما وردت من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وبما استنبطه منها العلماء الراسخون كافية في انتفاع اهل الاسلام بالعلوم التي تفيدهم في الدنيا والاخرة وقبل الخوض في سبيل معرفة طرق البحث ينبغي تعريف المستمعين بان البحث منزلة من منازل العلم ورتبة شريفة من مراتبه يقوى بها عود المتعلم ويتأصل علمه وتتسع دائرة معارفه ومن لم يفز بنيل هذه المرتبة وقف دون بلوغ رتبة تحقيق العلم وتدقيق مسائله وكلما تزايد حظ المتعلم من البحث تزايد حظه من اسم الاجتهاد تقييدا واطلاقا. وصار له ملكة يدرك بها حقائق الامور ومقاصد وهذا الامر يحتاج الى نية خالصة وهمة عالية. ومتى تلقحت النية الخالصة بالهمة العالية؟ ان تجد خير الدنيا والاخرة كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الفوائد وما احسن التذكير هنا بالمأثور عن علي رضي الله عنه في وصيته لكميل ابن زياد لما ذكر العلم فقال والبحث عنه جهاد فان هذه الجملة اللطيفة كاشفة عما يلقاه الباحث في العلم من عنت ومشقة فيسليه كونه قائم بامر الجهاد فيسليه كونه قائما بامر الجهاد عما يكابده من مشقة وعنت وارفع الجهاد هو جهاد العلم والحجة والبيان. كما ذكر ابن القيم في مفتاح دار السعادة لان القائم به نزر يسير والمساعد عليه قريب وتنمية ملكة البحث في النفس يقوم على اصلين اثنين اولهما الاستعدادات الفطرية النفسية في شخص الباحث والاخر الكفاءة العلمية والخزينة المعرفية له فبلا استعداد فطري نفسي لبابه الصبر والتلذذ بالعلم والقوة الذهنية جمعا وتحليلا مع وجود مخزون علمي وحصيلة مؤهلة للبحث ومعراج الصعود الى منزلة البحث يكون بالاحاطة بطرق البحث ومعرفة السبيل الموقف عليها ويطيب لي هنا قبل ان اذكر ما سأذكره ان اذكر كلاما حسنا لصاحب كتاب البحث الادبي يقول فيه العلم بالشيء وحده لا يكون باحثا قد يكون المرء علامة في الادب وفي اللغة ولا ذلك ولكن ذلك لا يعني حتما انه يستطيع ان يكتب بحثا منهجيا ولا ينفعه مع علمه ما له من صبر وتتبع وحافظة وان زاول البحث في الكتب بالكتب والمصادر مرارا انه يبقى حيث هو والسبب معروف ذلك ان المقدرة على التنظيم امر لا يستهان به ولا يستغنى عنه وما كل امرئ بمستطيع تبويب مادة وتوحيد اجزائها ووضع كل منها في مكانه اللائق به بقدره المناسب بعد طرد ما هو تافه هو خارج عن الموضوع انتهى كلامه واذا وعيت ما قد قيل لك فاعلم ان معرفة الطرق المسلوكة في البحث تحصل بامرين اثنين لا ينفك احدهما عن الاخر اولهما شيخ مجرب يتخرج به طالب العلم في هذا الباب. ويتمرن بارشاداته حتى يتقن البحث والعلم كله لا يقوم الا بارشاد شيخ كما اشار الى ذلك الزبيدي في الفية السند اذ قال فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن سنة لحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد الناصح فقوله رحمه الله تأخذه على مفيد ناصح يعني شيخ متمكن في العلم عارف بطريق ايصاله وهذا الذي قصدناه بوصف المجرب في قولنا شيخ المجرب وهؤلاء الشيوخ المجربون العارفون بمسالك البحث قلة والاكرمون قليل وجمهورهم قد غرزوا ركابهم في رحاب المجامع الاكاديمية كالجامعات ومراكز البحث ولهم فيها مآثر تحمد ولا تجحد اما المجامع الشرعية الخيرية كالمساجد فيندر وجود امثالهم في صف المتصدين للافادة والتعليم فيها. فمن حبي الدراسات الاكاديمية العليا فما دونها فليجتهد بالتلقي عنهم ومن كان خارجا عنها فلا يحرم نفسه ورود معين ومن وجد من الشيوخ بهذا الوقف في المجامع الشرعية الخيرية كالمساجد فاولى بالطالب ان يلازمه والاخر الية واضحة ومنهج بين المعالم اذا سلكه الطالب ابلغه مأمنه وبلغه امنيته وقد شهدت الحياة المعاصرة للمدارس المعرفية في شتى بقاع العالم نهضة سريعة في رسم طرق البحث. وكل مدرسة تنزع من مصادرها وتضع ما يناسب لمعارفها. ولما كانت المدرسة الاسلامية واحدة من تلك المدارس فقد بسيل القوم ووجهت غالب همتها وقودها لابنائها لوضع مناهج البحث المناسبة للعلوم الاسلامية اصولا وفروعا فكتب جماعته في هذا الباب حتى تميز تبعا للحياة المعرفية المعاصرة باسم علم البحث لكن المتكلمين من اهل الاسلام في هذا الباب لم يتفطنوا الى اصل عظيم تفترق فيه الطرق ذلك ان كتب من كتب من رواد المدارس المعرفية في غير الاسلامية في طرق البحث ومناهجه كان محط نظرهم هو الاحكام الكونية القدرية دون احكام الشرعية الدينية ولهذا تجدهم يقررون خطوات البحث في صياغة قد يتباينون في شرحها لكنهم يجتمعون في ارادتها فاول تلك الخطوات عندهم تحديد المشكلة وثانيها جمع البيانات المتعلقة بدراستها وثالثها وضع الفروض الممكنة لحلها ورابعها اختبار تلك الفروض وخامسها الوصول الى النتيجة وهذه الخطوات تنفع في بحث الاحكام الكونية القدرية ومسائلها. اما الاحكام الشرعية الدينية فلا تنفق فيها لان الاحكام لان الاحكام الكونية القدرية وضعت على قوانين خفيت علينا فتستكشف اما الشريعة فوضعت على سنن ظاهرة لنا فتستشرف ويعلم تقرير هذا الموضع مما يذكره علماء الاعتقاد من الفرق بين النظر في الحكم القدري والنظر في الحكم الشرعي وايضاح هذه الجملة المهمة يحتاج الى بسط يضيق عنه المقام. لكن ينبغي ان يغرس في نفوس علماء الشريعة واساتذة وطلابها الخبر بان ما يصلح في بحث الاحكام الكونية القدرية قد لا يصلح في بحث الاحكام الشرعية الدينية بنية بل ينبغي ان توضع للاحكام الدينية الشرعية الية خاصة مناسبة لعلوم اهل وهو امر لم يقم به قائم حتى هذا اليوم. ومع اختلاف الاليات الممارسة لبحث الاحكام الشرعية الدينية وانما قلت الممارسة لانه لا يوجد شيء منها قد وضع مقررا ولكنه يمارس في ميادين البحث في الدراسات الاكاديمية وغيرها. فانه يمكن بتتبع هذه الممارسات رد طرق البحث فيها الى طريقين اثنين احدهما الطريق العام الذي يتمثل في قراءة كتاب او اكثر من اوله الى اخره لكن نتيجة البحث تأتي متأخرة زمنية والزمن ضرب الانتاج وقد يفوت وقت الحاجة فلا ينتفع بالبحث بعد تدوينه ولا سيما مع ضعف الهمم عن سرد المطولات وطي المجلدات بالقراءة وقد كان من سبق عندهم من الصبر والجلد ما يمكنهم من ذلك وقد ذكر السيوطي رحمه الله تعالى في تخريج الشفاء لما ذكر حديثا منسوبا الى سنن ابن ماجة قلد فيه بعض اهل العصر شيخه الكافيدي قال السيوطي وقد قرأت سنن ابن ماجة ثلاث مرات ابحث عن هذا الحديث فلم اجده وفي تيسير العزيز الحميد للعلامة سليمان ابن عبد الله ابن محمد ابن عبد الوهاب رحمة الله على الجميع في باب ما جاء في الذبح لغير الله لما ذكر امام الدعوة رحمه الله تعالى حديثا منسوبا الى طارق ابن شهاب معزوا الى احمد ذكر العلامة سليمان ابن عبد الله انه قد تتبع مسند طارق بن شهاب في مسند الامام احمد حديثا حديثا فلم يقف على هذا الحديث وهذا الطريق الكؤود الشاق ينبغي ان يستغنى عنه بالطريق الخاص وهو الطريق الثاني المشتمل على وصف محدد للمسالك التي ينبغي التعويل عليها في البحث للوصول الى المقصود ومنها ما عقد لاجله هذا اليوم العلمي. اذ سيتحدث فيه المشايخ وفقهم الله عن طرق البحث في جملة من العلوم الشرعية ونتيجة الفكر في هذه المسألة ابراز سبعة مسالك لبحث المسائل الشرعية وما التحق بها ويمكن الاستفادة من هذه المسالك ايضا في البحوث المتعلقة بميادين الحياة العامة. فان هذا شيء جربناه في هذا هذا فحصل به نفع عظيم. وساذكر هذه المسالك واحدا واحدا مع ضرب مثال واحد يتصل بعلم الحديث علما بان كل مسلك يحتاج الى محاضرة مفردة بل اكثر لكن مطيتنا ها هنا الاختصار بلا احلال نسأل الله الاعانة والتوفيق للجميع. المسلك الاول اثارة الذاكرة لمحاولة الوصول الى مظنة المسألة ومعرفتها فاذا احتاج طالب العلم الى بحث مسألة اجال فكره عسى ان يجد ما يساعده على مقصوده وهذا المسلك له ركنان احدهما صحة الاثارة اي الترتيب الذهني لسدر مظانيها دون مجرد ارسال الفكر بلا روية فلا بد من كيفية صحيحة لاثارة الذاكرة للوصول الى المقصود كأن تتذكر وجود هذه المسألة في الكتب التي قرأتها اخيرا او وجودها في كتب قرأتها على الشيوخ او وجودها في كتب قررت عليك في الدراسة النظامية او وجودها في كتاب تصفحته او بصرت به في مكتبة عامة او خاصة فبسلوك كيفية صحيحة للاثارة تنشط الذاكرة تنشط الذاكرة فيصل الباحث الى المقصود ثانيهما اعني الركن الثاني قيمة الذاكرة فكلما كانت الذاكرة البشرية للباحث قيمة وصل الى المقصود من اثارة الذاكرة وتتوقف قيمة الذاكرة على ثلاثة اشياء من رغب في تحصيل ذاكرة قيمة فعليه بالاخذ بها اولها حسن تلقي العلم من اصوله بالتدرج فيه وتلقيه عن شيوخه وفق التربية العلمية كما ذكر الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات ثانيها سعة الاطلاع على الكتب وغيرها من مصادر البحث ومراجعه ثالثها تقييد الفوائد كتابة في كناش او بطاقات او تررر كتب مثال هذا المسلك معنى سكوت ابي داود في قوله وما سكت عنه فهو صالح فاثارة الذاكرة الان تفيد بان الكلام على سكوته يوجد عند الكلام على نوع الحسن من انواع الحديث في مبسوطات كتب المصطلح كالنكت على ابن الصلاح لابن حجر وفتح المغيث في السخاوي وتدريب الراوي في السيوطي بالاضافة الى مقدمات شروح سنن ابي داود داود او الدراسات المتعلقة بالسنن او مصنفها الحافظ ابي داود السجستاني فانك بتحريكك لذاكرتك واثارتك اياها للتفتيش عن مسألة مخزونة فيها اسفر بحدها عن هذا المعنى الذي ذكرنا وكلما ازداد ترويض الانسان لذاكرته على الاثارة السريعة كلما كان تريع الانتباه حاضر الذهن موفور العلم وكلما عودت الذاكرة على التلبس وارسال الذهن بلا روية في لخبطة ذهنية فان الانسان ينقطع من المعاني الشريفة التي ذكرناها في نعت الذاكرة القيمة وبيان وصول الذاكرة اثارة وفهما وتلقيا هي مقررة في مدونات اهل العلم قبل ارباب البرمجة العصبية بما كتبه العلماء في ابواب حفظ العلم واصول فهمه وكيفيات نقله وتلقيه عن اهله فانهم قد ذكروا في ذلك قواعد اصيلة ومعالم شريفة هي غنمة لمن عقلها عنهم والانتفاع بها اكثر من الانتفاع بغيرها وكل امر ينتفع به الناس يظهر في زمن من الازمان في علم امة من الامم فان انفع منه واكثر هو في علوم الامة الاسلامية لان علمها وحي متلقى من رب عليم كريم حليم فلا يمكن ان يترقى احد فوق علومهم وهذا اصل قد قرره جماعة من اهل العلم كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يحتاج الى بسط ليس هذا محله وانما قلت ذلك تحذيرا من الاغترار بزيت العلوم المتلقاة عن المدارس الغربية او الشرقية الذي بهت به كثير من الناس لقلة علومهم وظعف عقولهم المسلك الثاني السؤال عن هذه المسألة وهذا المسلك له ثلاثة اركان اولها المسؤول والثاني السائل والثالث السؤال وكل ركن من هذه الاركان الثلاثة له شروط واداب تطلب من مظانها اكدها ان يكون السائل مسترشدا لا متعنتا والمسؤول اهلا صالحا للافادة والسؤال واضحا بينا لا غموض فيه ومطمع الباحث في سؤاله امران احدهما معرفة اختيار المسؤول لجلالة قدره وغزارة علمه والثاني طلبوا افادته بالارشاد الى مواقع المسألة في المصنفات والكتب مثال ذلك اني سألت الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة عن الظل المضاف الى الله في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله فقال هو ظل العرش كما ورد في الحديث فقلت له فان قيل احسن الله اليكم ان الحديث الوارد المبين لهذا الظل وانه ظل العرش ضعيف فما الجواب فقال هو اذا ظل يخلقه الله يوم القيامة المسلك الثالث الكشف عن المسألة في مظانها العامة المتعلقة بالفن ومظانها الخاصة المتعلقة بالمسألة نفسها مما صنف فيها وهذا المسلك له ركنان الاول معرفة المظان التي يرجى وجود المسألة فيها والثاني احسان التعامل مع هذه المظان والعون على ادراك هذين الركنين هو كثرة القراءة وتكرار زيارة المكتبات العامة والخاصة فكلما كثرت قراءة الباحث وتكررت زيارته للمكتبات الخاصة والعامة توسعت دائرة معارفه في مظان المسائل خصوصا وعموما مثال ذلك مسألة سماع الحسن البصري من الصحابة رضوان الله عليهم مضنتها عند المبادرة الى اعمال هذا المسلك هو الكتب المفردة في تحقيقها كالقول الجري في تحقيق سماع الحسن من علي لاحمد الغماري وكتاب ابي الخير العطار المكي المطبوع في الهند كما ان ترجمة الحسن البصري في كتب الجرح والتعديل كتهذيب الكمال وفروعه وكتب المراسيل كمراتيل ابن ابي حاتم تزخر بكلام كثير حول هذه المسألة المسلك الرابع استعمال الفهارس على اختلاف انواعها فالفهارس مفاتيح الكتب كما كان الاستاذ عبد الفتاح الطماحي رحمه الله تعالى يقول وكلما كثرت فهارس الكتاب كلما كثرت مفاتيحه وهذا المسلك له ركنان الاول معرفة الفهارس التي وضعها الناس قديما وحديثا الثاني توظيفها بوضعها في مواضعها واولى الفهارس بالعناية مع قلتها وكثرة الغفلة عنها هي فهارس الموضوعات فان اكثر الباحثين يعتنون بفهارس المفردات ولا يعتنون بالكشف عن فهالت الموضوعات واحسن ما صنف فيها هو معجم الموضوعات المطروقة للاستاذ عبدالله الحبشي احد الباحثين المختصين بالتراث والمخطوطات في البلاد اليمنية وقد طبع كتابه غير مرة افضل طبعاته هي الطبعة الاخيرة التي صدرت عن مركز زائد الثقافي بدولة الامارات العربية المتحدة مثال هذا المسلك مسألة اختيارات علماء الدعوة الاصلاحية بنجد في المسائل الحديثية فان الباحث يقف امام قدر كبير من كتبهم في انواع مختلفة من العلم وهو يحتاج الى طريق سريع يوصله الى اختياراتهم الحديثية وبمراجعة تهوى في مجموع الرسائل والمسائل النجدية المطبوع مفردا وضمنا نقف بسرعة على جملة حسنة من هذه المسائل فاستعمالنا لهذا الفهرس سهل لنا الوصول الى كثير من الاختيارات التي ذكروها رحمهم الله تعالى في ثنايا كتبهم المسلك الخامس فحص مقيدات الفوائد التي دونها العلماء لانها تشتمل على خلاصة قراءة كثيرة ومطالعة طويلة حفظت في قالب فوائد متناثرة كانها رؤوس المواضيع وهذا المسلك له ركنان الاول معرفة الكتب التي نسجت على هذا المنوال والثاني ايجاد تصنيف لفوائدها لان عامتها تفتقد الى ذلك فلإستكمال فائدتها لابد من ايجاد بهرة واضح لها يحدد فوائدها يضعه الباحث على نسخته مثال هذا المسلك مسألة معنى اهل الحديث اذا اطلق فاذا نظرت في التذكرة التيمورية للعلامة المتفنن احمد تيمور باشا رحمه الله تعالى تجد فيها نقلا نفيسا عن طبقات الشافعية الكبرى للسبكي يبين ان هذا اللقب اي لقب اهل الحديث اذا اطلقه اهل خرسان فيعنون به الشافعية وهنا اود التنبيه الى اهمية هذه الجوامع كالتذكرة التيمورية وكناشة النوادر لعبدالسلام هارون ومجموع الفوائد لابن سعد رحمهم الله مضمومة الى صنوها وهو الرحلات العلمية خاصة كرحلة ابن رشيد والعبدلي وغيرهما والرحلات التاريخية عاما كرحلة ابن جبير وابن بطوطة فان كتب الرحلات العلمية الخاصة والرحلات التاريخية العامة التي دونها علماء الاسلام كثيرة النفع وفيها كثير من المسائل التي لا توجد في كتب التاريخ سواء التاريخ العلمي او التاريخ الاجتماعي وهذا اصل يغفل عنه الباحثون عند الحديث عن عطل عالم من العلماء. فتجدهم يكتفون بالرجوع الى كتب التواريخ ككامل ابن الاثير او البداية والنهاية لابن كثير ويغفلون عن توجيه الانظار الى كتب الرحلات التاريخية لان كتب الرحلات التاريخية تشتمل على وصف دقيق لاحوال الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية نية في الزمن الذي قيدت فيه بخلاف كتب التاريخ فانها لو دونت على هذا النحو لوقعت في مئات المجلدات فيحتاج المؤرخ الى اختصارها كي يقع التاريخ شاملا بحقبة طويلة من الزمن وفي هذا الكلمة المنقولة عن امام المؤرخين المسلمين ابي جعفر ابن جرير الطبري اذ قال هل ينشطون في كتابة التاريخ فقيل في كم؟ فقال في ثلاثين الف ورقة. فاستعظموا ذلك في ثلاثة الاف ورقة فانه على الوضع الاول سيشتمل على وصف دقيق لميادين الحياة عند المسلمين في دولهم في احوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والخلقية الى اخرها. اما بالوضع المختزل فان انه يشتمل على وصف مجمل لاوضاع هذه الدول في هذه الميادين. وهذه الماحة للاستغناء رأى في هذه الرحلات عن اضاعة الوقت في الرحلات التي وضعها المؤرخون الغربيون التي ابتلي المسلمون بترجمتها والابتلاء بالترجمة في هذا العصر كالابتلاء بالترجمة في زمن المأمون فان تاريخ الترجمتين يجتمع في اصول منها ضعف المسلمين وقلة معرفتهم بدينهم وغلبة غيرهم عليهم ويفترق في امور مما يوجب التنبه الى خطورة الكتب التي كثر تداولها في الاسواق ووجدت دور تتصدى لطباعة وهي الكتب المترجمة. وهذه الكتب لا ينبغي لطالب العلم المبتدئ. ولا المتوسط ان يقرأ فيها. وانما تصلح ان صلحت لمنته او عالم كامل القوى في علمه وعقله. فان الورود عليها ورود على مورد يخترق فيه الحابل والنابل والغسل والثمين والنتن والطيب فربما كرع منه ناهله سيئا فاصيب ففي دينه او دنياه المسلك السادس مراجعة مراكز البحث العلمي وقواعد المعلومات كمركز الملك فيصل لدراسات اسلامية هنا في الرياض لان هذه المراكز تعين الباحث على جمع شتات المادة العلمية المطلوبة. ومما يؤسف عليه ندرة هذه المراكز وضعف الاداء العام لها ولا سيما اذا قورنت بمراكز البحث في الشرق والغرب حيث تفتقد الحياة العلمية للمسلمين اليوم وجود مركز علمي قوي ذو اثر بارز في تنمية المعارف الشرعية وخدمتها وهذا المسلك له ركنان الاول معرفة هذه المراكز والقواعد المعلوماتية. الثاني اختيار الاسلوب الامثل للاستفادة منها مثال هذا المسلك مسألة تسمية ابن حجر لكتابه النكت بالافصاح من ذكرها فان هذا الكتاب قد طبع باسم النكت على ابن الصلاح والحق ان اسمه كتاب الافصاح فبسؤال احد المراكز العلمية عن هذه المسألة قام العاملون فيه بجمع مراجعها كفتح الباري فانه صرح باسم هذا الكتاب في موضع ابنه بالاضافة الى رسائل العلامة حسين ابن محسن الانصاري احد كبار محدثي القرن الماضي من العرب الذين انتقلوا من بلادهم واستقروا في القارة الهندية. وهذا العالم من العلماء الذين هضم حقهم ولم يعرف قدرهم وقد انتفع به كثير من علماء البلاد النجدية ممن اجتمع به من اشهرهم العلامة سعد ابن حمد ابن عتيق رحمه الله تعالى المتوفى سنة تسع واربعين بعد الثلاث مئة والالف فانه لقيه في رحلته الى الهند ومنهم العلامة اسحاق بن عبدالرحمن ال الشيخ فانه لقيه هناك واقام في في بوبال بصحبته وصحبة الملك صديق حسن خان ست سنوات. واوقف العلامة اسحاق بن عبد الرحمن ال الشيخ. كثيرا من كتبه هناك بعد خروجه منها وانتقاله مرة اخرى الى الرياض. وكان هذا الرجل استطرادا في حاله تعريفا لطلاب العلم به كان كما ذكر تلميذه شيخ شيوخنا حيدر حسن الطونكي الهندي كان يحفظ فتح الباري والمراد حفظ هنا قوة الاستظهار ويعرف هذا من قرأ رسائل الرجل فان رسائله رحمه الله تعالى فيها من الفوائد الباهرة والتحقيقات التي لا يوجد لها نظير في عصره تحق فيه قول تلميذه عبدالحي الكتاني انه رأس محدث القرن الماضي. ومن فوائده انه سمى في غير رسالة كتابا لحجر للافصاح بالنكت عن ابن الصلاح المسلك السابع الاستفادة من وسائل استقامة الحديثة كاجهزة الحاسوب والشبكة العنكبوتية والاقراص المضغوطة وقد تهيأ بهذه الوسائل بحمد الله غزارة المعلومات واختصار الاوقات لكنها تحتاج الى مهارات عدة لتسهيل الاستفادة منها باكبر قدر مع الحذر من اغاليق النسخ المدخلة فيها مثال هذا المسلك وقبل ذلك هذا المسلك له ركنان الاول الخبرة بوسائل المعاصرة وامية العصر الجهل بهذه الوسائل وان كنا لا نبالغ في تعظيمها لان الانسان يبقى هو اصل العلم وكم من وسيلة من هذه الوسائل لا نعيبها وظهر عطبها ومما يناسب هذا المحل ما ذكره لي شيخ بكر ابو زيد شفاه الله ان احدى الشركات الكبرى التي كانت اول الشركات الواظعة لبرامج حاسوب العلمية وهي شركة مشهورة لها برنامج مشهور. جاءت بنسخة من هذا البرنامج الى معاليه لكسب تأييده فقال تروحا ابحثوا عن كلمة اللحيف قواعد المعلومات في هذا القرص فادخلوا هذه الكلمة فلم يجدوها وهي في صحيح البخاري الذي ادخل في هذا القرص كما ان احد هذه الاقراص بقي مدة وفيه باب في صحيح مسلم باب الدخول الى المرأة الانجليزية الدخول على المرأة الانجليزية وهو تصحيف لباب الدخول على المرأة الاجنبية فصحفها المدخل بذهنه الى هذا اللفظ الذي تقدم فينبغي الحذر من هذه الوسائل وعدم الاتكاء عليها بمفردها الثاني امتلاك مهارات التعامل معها استخراجا وتوثيقا فلا بد من معرفة كيفية الاستفادة من هذه الوسائل والطرق المؤدية اليها. كما انه ينبغي معرفة الطريق الى توثيقها لما سبق ذكره. مثال هذا المسلك تخريج حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال من عادى لي وليا الحديث فعند ادارة محرك البحث في برنامج حرف مثلا وهو اتقن البرامج الحديثية حتى الان وان كان فيه بعض ما فيه نجد هذا الحديث في البخاري ونتأكد ايضا انه من افراده عن مسلم فلم يخرجه مسلم بل انفرد به البخاري ومن مارس صناعة العلم يعلم ضيق وقت اليوم كله عن ايراد بيان شاف لايضاح هذه المسالك والتطبيق عليها في علوم الشريعة كالتفسير والحديث والعقيدة والفقه وشرح طرق البحث في الحديث خاصة بناء على ما تقدم لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله. ولما وكل الي امانة الحديث اليكم عن طرق البحث في الحديث رأيت ان انفع جوانبه واولاها بالاهتمام هو بيان كيفية دراسة حديث سندا ومثنا. وهذا الامر هو فرد من افراد طرق البحث في الحديث وانما اخترته لانه هو الاصل الاصيل الذي ينبغي الاخذ به فان المقصود من في طرق البحث في حديث الوصول الى نهاية هذا الامر وهو دراسة الاحاديث باسانيدها ومتونها. وهذا ما يشتمل عليه مقصد هذه المحاضرة. فاقول التوفيق ان الحديث النبوي مؤلف من سند ومتن واليه ما يرجع موضوع الحديث وبهما تتعلق غايته فموضوع علم الحديث هو الراوي والمروي وغايته هو معرفة المردود والمقبول رواية ودراية قال السلطان عبد الحفيظ المغربي احد الملوك العلماء في تحفة الانوار في نظم شمائل النبي المختار قال موظوعه الراوي والمروي غايته المردود والمرضي يعني علم الحديث وقوله الراوي اشارة الى سند الحديث وقوله المروي اشارة الى متن الحديث والغاية المؤمل بلوغها فيه معرفة المردود منه هو المقبول وذلك شامل لما يقبل او يرد رواية من التصحيح والتضعيف وما يقبل او يرد دراية من الاستنباط والفقه وهنا انبه الى ان المقصود فيما يستقبل بقول رواية يعني نقل الحديث. وبقول دراية يعني فقه الحديث وهذا هو المعروف عند علماء الحديث المتقدمين وممن قرره ابو عبد الله الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث. اما اطلاق دراية الحديث على مصطلحه فهذا شيء انشأه ابن الاكفان الطبيب في كتاب له تكلم فيه عن انواع العلوم ومقاصدها ثم نقله بعض من نقله الى كتب الاصطلاح ثم اشتهر ان الحديث دراية اذا اطلق فالمراد به مصطلحه وهذا امر ليس بصحيح من الذي عليه من تقدم ان دراية الحديث هي فقهه وهي نوع من انواع علوم الحديث لم يذكره من صنف في انواع علوم الحديث تدوينا كابن الصلاح ومن تبعه بالزيادة بالملقن والسيوطي وبناصر الدين. بينما تجد ابا عبدالله الحاكم في معرفة علوم قد افرد له نوعا كاملا وسنرتب المقصد في مقامين طلبا للايضاح فنقول المقام الاول دراسة الاثنان والمقصود بها قبول الحديث او رده رواية ولهذا المقام مرحلتان المرحلة الاولى الدراسة المقيدة باعتبار مخرج خاص وينظر فيها الى مطلب وجودي مركب من شيئين احدهما حال الرواة والاخر اتصال الاثنان فبالنسبة لمعرفة حال الرواة فانها تتوقف على شيئين ايضا الاول تعيين الراوي الذي يراد الكشف عن حاله هل هو فلان ابن فلان ام فلان ابن فلان والثاني الحكم عليه تعديلا وتجريحا وتوثيقا وتضعيفا ويفزع في تعيين الراوي المذكور في سند ما الى نوعين من المصادر ونعني بالتعيين بيان هذا الراوي المهمل فمثلا اذا وجدت مسلمة ابن الحجاج يقول حدثنا سويد قال حدثنا عبد الله فمن سويد هذا اهو سويد بن نصر ام سويد بن سعيد والمبدأ في تعيين الراوي المذكور على وجه الاهمال في سند ما الى نوعين من المصادر احدهما المصادر الخاصة احدهما المصادر الخاصة التي ذكرت ذلك الاثنان وهي انواع فالنوع الاول الكتب التي خرجت هذا الحديث فقد يقع الراوي غير المعين في اسناد ما مسمى في مصدر اخر خرج الحديث بذلك الاثنان فقد تجد راوي مهمل فقد تجد راو مهملا في سند الحديث الوارد عند الترمذي وعند تخريج هذا الحديث لهذا الاسناد تجد الراوية قد سمي في سنن ابن ماجة النوع الثاني كتب الاطراف اعني اطراف الحديث كتحفة الاشراف بالمز واسحاب المهرة لابن حجر العسقلاني وهما انفع ما في الباب فان المصنفين بكتب الاطراف من الحفاظ اجتهدوا في تعيين الرواد المهملين لوضع حديث كل راو في محله فمثلا السند الوارد في صحيح مسلم وفيه حماد عن ثابت عن انس عماد هذا هل هو ابن سلمة ام ابن زيد يمكن بالرجوع الى مسند انس من تحفة الاشراف ثم الكشف عن رواية ثابت البناني عنه ان نبحث هذا الحديث اهو وارد فيما جعل من رواية حماد ابن زيد عن ثابت ام هو وارد فيما جعل من رواية حماد ابن سلمة؟ عن ثابت فنتبين بتصرف مصنف الاطراف تسمية الراوي وتعيينه النوع الثالث روايات الختام الذي ورد فيه الراوي غير المعين ونسخه المختلفة وهذا يقع كثيرا في روايات صحيح البخاري ونسخه فكم من راو لم يعين في رواية الكشميهني وقد عين في غيرها فقد تجد في رواية الكشميهني مثلا قول البخاري حدثنا محمد وتجد تعيينه في رواية كريمة بنت احمد المروذية رحمها الله اذ وقع فيها حدثنا محمد بن سلام وهو محمد بن سلام اللي كان لي شيخ البخاري او محمد بن سلام البيكندي على اختلاف اهل العلم رحمهم الله تعالى في تشديده وتخفيفه وان كان الصحيح هو تسديده وليس في رواة الكتب الستة من يخفف ممن اسمه فاللام الا والد عبدالله ابن سلام الصحابي رضي الله عنه وما عدا ذلك فهو مشدد اما النوع الاخر من المصادر فهو المصادر العامة التي لم تخرج ذلك الحديث بالاسناد نفسه ولكنها مصادر تتعلق برواته وهي انواع النوع الاول طبقة الراوي ويستفاد مما صنف من كتب الطبقات فمعرفة طبقة الراوي تعين على تعيينه فمثلا قول ابن ماجة حدثنا الحسن ابن علي هل يحتمل ان يكون شيخ ابن ماجة في هذا الاسناد هو الحسن بن علي بن ابي طالب ام لا لا الجواب لا يحتمل لماذا لان ابن ماجة متأخر جدا قد توفي في القرن الثالث والحسن ابن علي احد اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد توفي في القرن الاول النوع الثاني معرفة الراوي غير المعين بدلالة شيوخه وتلاميذه فمثلا اذا وجدت في سنن ابي داوود حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا حماد عن ثابت فهل حماد هذا حماد فهل حماد هذا؟ حماد بن سلمة؟ ام ابن زيد جوابه حماد بن سلمة لان موسى ابن اسماعيل التبوذكي لم يروي عن حماد ابن زيد فعرفنا ان شيخه حماد غير المعين هنا هو حماد بن سلمة واستفدنا هذا من معرفة التلميذ وهذه المعارف المتعلقة بتعيين الشيخ الراوي غير المعين بالنظر الى شيوخه وتلاميذه يرجع فيها الى كتب التراجم النوع الثالث متن الحديث وسنده متن الحديث وسنده فان متن الحديث وسنده قد يكون مصدرا يعين فيه الراوي. فمثلا حديث اختصام ادم وموسى عليهما الصلاة والسلام الذي رواه الشيخان من حديث ايوب عن يحيى ابن ابي كثير فان ايوب هذا الذي وقع مهملا غير مبين هو ايوب ابن النجار وعرفنا ذلك لمعرفة حديثه لان حديث مخاصمة النبيين ادم وموسى عليهما الصلاة والسلام مما شهر ان ايوب ابن النجار لم يروي حديثا عن يحيى ابن ابي كثير سمعه منه الا هذا الحديث فعرف بطريق المتن ان هذا من حديثه وقد يعرف بطريق الاسناد ان هذا ليس من حديث هذا الراوي كما اخرج ابو نعيم في الحلية باسناده عن احمد ابن حنبل في روايته لحديث من عمل بما علم اورثه الله علم ما لم يعلم مرويا بالثقات فوق احمد بن حنبل وهذا السند لا يحتمل ان يكون من حديث احمد فانه في غير مسنده. ولا روي هذا الحديث من رواية السيقاة قط. وانما الصقه بعض الكذابين برواية الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى بسند ركبه من كيده النوع الرابع القواعد المنقولة عن الحفاظ والعلماء والرواة فمثلا اذا اتفق لك في اسناد قول ابي داوود مثلا حدثنا عفان قال حدثنا حماد فاي الحماديين هذا الحماد هو ابن سلمة لماذا لان عفان ابن مسلم رحمه الله تعالى قال اذا قلت لكم اخبرنا حماد انما هو ابن سلمة وهذه القواعد عظيمة النفع ولم يجمعها جامع وقد كان من شيوخ العصر رجل اتقن هذه القواعد اتقانا كبيرا لكثرة اقرائه للكتب الستة فقد درسها ازيد من ثلاثين سنة هو شيخنا محدث مكة محمد ابن عبد الله الصومالي رحمه الله تعالى رحمة واسعة ولم ينقل عنه في ايدي الناس الا جزء طبع الاسم القواعد المفيدة في معرفة رواة البخاري. ذكر فيه ضربا كثيرا من قواعد معرفة الرواة في صحيح البخاري وقد شرحناه في بعض مجالس الدروس وهو موجود في موقع البث الاسلامي لمن شاء الاستفادة منه كما ان احد تلاميذه الذين صحبوه مدة طويلة قد قيد كثيرا من هذه القواعد ارجو ان تجد طريقها الى النشر قريبا بعد تعيين الراوي ومعرفته ينظر في الحكم عليه بالتفتيش عن عدالته وظبطه ويفزع في الحكم على الراوي في سند ما الى نوعين من المصادر احدهما المصادر الخاصة وهي حديث الراوي فينظر فيه من اربع جهات الجهة الاولى جمع وجوه حديثه بحيث يعرف اتقانه لحديثه او اضطرابه فيه على وجوه متعددة فانك اذا جمعت حديث راوي من الرواة وجدته تارة يروي حديثا واحدا بعدة اسانيد مما يدل على اضطرابه وربما لن تجد ذلك منه فيستدل بهذا على اتقانه. الجهة الثانية كشف رعايته لمقام الرواية. اهو مجل معظم لها ام لا؟ ويندرج في هذا تدريسه واختلاطه وارساله الجهة الثالثة معارضة حديثه بحديث غيره من الرواة الذين شاركوه في شيوخه حتى ينظر هل وافقهم في علم ضبطه واتقانه او يكون كثير المخالفة لهم فيعرف كثرة خطأه. الجهة التنبه الى تفرداته التي انكرها الحفاظ. والقيام بهذا الشأن ليس لكل احد فليس كل الباحثين يستطيع ان يستقرئ حديث الراوي ليحكم عليه فاننا نجد في كلام بعض الائمة ان فلانا من الرواة له كذا وكذا حديثا الاعمش عن انس فقد ذكر ابن حبان ان له ثلاثين حديثا عن انس فاذا فتشت ما فتشت لن تجمع اكثر من عشرة احاديث. فاين البقية؟ مما يدل على ان تتبع حديث الراوي فضلا عن دراسته للحكم عليه من خلاله لا يستطيعه كل احد والدنجلة التي ظهرت اخيرا من الدعوة الى الحكم على الرواة لاستقراء احاديثهم زندنة من لم يعرف هذا العلم حق وانما يتكلم تنظيرا من غير ممارسة والبخاري رحمه الله تعالى مرة تأمل في الرواة الذين يعرفهم عن ابي هريرة فوجد في قلبه اكثر من ثمان مئة راو وهؤلاء الذين يريدون اليوم ان يعيدوا دراسة احوال الرواة من خلال احاديثهم لا يعرف احدهم كم من الرواة في الكتب الستة يروي عن ابي هريرة رضي الله عنه وانما قلت هذا تنبيها الى خطورة هذا المسلك وانه مسلك وان كان عظيم النفع لكنه ليس مسلكا يروج له بين طلبة العلم فضلا عن الباحثين المختصين فضلا عن من هم فوقهم وانما يوكل هذا الى جهابذة الفن في هذا وهم لا يتجاوزون اصابع اليد الواحدة. وانما قلت لكم هذا اعني ذكر هذه المسالك ليتعرف الطالب الى الطريق الذي يحكم به على الراوي وانه يحكم عليه من خلال حديثه من الجهات التي ذكرنا اما النوع الاخر من المصادر فهو المصادر العامة ويراد بها كلام المزكين من الحفاظ المتكلمين في تعديل الرواة وتجريحهم. وللذهبي رحمه الله تعالى كتاب مفرد في عدهم وقد شرحناه في بعض مجالس الدرس وهو موجود في الموقع المذكور انفا. وينظر في هذا النوع من المصادر من سبع جهات الجهة الاولى ثبوت ما نقل عن الائمة من تعديل او جرح في الرأي في الراوي والتأليف بينما تعدد منها فاذا وجدت احدا من الرواة يذكر فيه ان ابن معين قال ضعيف فانظر في ثبوت هذه الكلمة عن ابن نعيم فانها قد لا تصح ومن هنا عظمت العناية بالمصادر الاصلية لكتب الجرح والتعديل. فابن معين مثلا من اراد ان يحقق اقواله فلا يرجع الى تهذيب وفروعه وانما يرجع الى روايات اصحابه عنه كابن الجنيد والدوري وغيرهما. كما ان كلام الناقد اذا تتعدد وجب التأليف بينه فانه قد ينقل عن عن الناقد قولان او ثلاثة في في راو واحد فيقال فيه تارة ضعيف ويقول تارة لا بأس بحديده ويقول تارة ليس بقوي فلا بد ان ان تعرف مواقع القول عنده الجهة الثانية ثبوت صدور كلامه مقصودا به ذلك الراوي المعين. فاذا تحققت ان ما نقل عن ذلك الناقد صحيح عنه فلا لابد من تحري ثبوت صدور كلامه في هذاك الراوي الذي تطلب ترجمته فقد تجد كلاما في راو تبحث عنه فتجد احد المزكين قال الحسن ابن علي صحابي جليل وانت تبحث بترجمة الحسن ابن علي ابن عفان العامري شيخ ابن ماجة فاذا اخطأت وجعلت كلامه في الراوي الاخر فانك قد اخطأت في تعيين الراوي المقصود بالقول من الناقد. الجهة الثالثة ضبط عبارته وعدم حكايتها مجملة فان بعض الحفاظ المتأخرين لكثرة ما يريدون من كلام اهل الجرح والتعذيب ربما احتاجوا الى اجماله كما يقع في كلام الذهبي في ميزان الاعتدال وابن حجر في تهذيب التهذيب فلا بد من الكشف عن عبارته. لانه قد يفهمها احد من سبق من الحفاظ غلطا كما ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة سعيد ابن ابي هلال في تقريب التهديد ان الامام احمد ذكر انه اقترب وكلام الامام احمد لا يدل على هذا المعنى كما يبين في موضعه. والمقصود ان تفحص عن عبارات الائمة تفصيلا ولا تكتفي بالاجمال كقول الناقد المتأخر ضعفه فلان وفلان وفلان بل لا بد من الوقوف على عبارة التضعيف فانها قد لا تكون كذلك. الجهة الرابعة فهم مقصود كلامه. وهذا امر دونه خرط القتاد الا لاهل التام في علم الرجال فان الناقد قد يتكلم بكلام يكون له فيه اصطلاح كالثقة مثلا فان الثقة في قول ابن معين قد لا يراد بها المعنى المشهور. والشيخ فان الشيخ في كلام ابن سعد لا يراد بها المعنى المشهور واشباهي هذا واشد من هذا ايغانا النادر من الكلام جرحا وتعديلا. فان الالفاظ النادرة في الجرح والتعديل تحتاج الى مشقة في فهمها. فالقول في راو مثلا حية الوادي هل هو جرح ام تعديل والقول فيه مثلا شيطان هل هو جرح او تعديل والقول فيه مثلا طبل هل هو جرح ام تعديل؟ كما ان ما يطلقه الحفاظ رحمهم الله تعالى لا يكون مقصود كلامه من الجرح والتعذيب اذا فهم على غير هذا الوجه ظلم فيه الراوي فانه قد يقال شيء في الراوي لكن ليس على المعنى المشهور سواء قاله هو من كلامه ففهمه النقاد او قاله ناقد ففهمه من بعده فيه كاسماعيل بن عبدالله بن ابي اويس شيخ البخاري رحمه الله تعالى فانه قال كان اهل المدينة اذا اختلفوا وضعت لهم الحديث فرماه من رماه بالوضع في الحديث والكذب فيه وتجرأ من تجرأ من اهل العصر فزعم ان ابا عبدالله البخاري قد خرج في كتابه للوظاعين وضرب مثالا بهذا الراوي وقد اعتذر ابن حجر رحمه الله تعالى عن إسماعيل في مقدمة الفتحة المسماة بيد التاني بان هذا ربما كان منه اولا ثم تاب والراوي التائب من الكذب مقبولة على الصحيح ولعل البخاري جرى على هذا واحسن مما ذكره الحافظ ان يقال ان الوضع في كلام اسماعيل المراد به الابانة والاظهار ايضاح بالتصنيف او غيره. فمعنى قوله كان اهل المدينة اذا اختلفوا وضعت لهم الحديث يعني بينته لهم اما في وضع تصنيف اي كتابة فيه او بقول قول انقله مأثورا عمن قبلي مسندا اليه. فهذا وجه كلمة اسماعيل ابن عبد الله وهو رحمه الله تعالى بريء من الوضع في الحديث كما ان ابا عبد الله البخاري بريء من دعوى التخريج للوظاعين الخامسة معرفة مرتبة المزكي من حيث التشدد والتوسط والتساهل في النقد فان من النقاد من هو شديد ومنهم من هو متساهل ومنهم من هو بين بين. والحكم على ناقض بجعله في هذه المرتبة كذلك لا يمكن منه الا اهل الاستقراء التام. وما اقل هؤلاء في من تقدم؟ فكيف فيمن تأخر ولكن يستفاد من كلام المتأخرين في تعيين مراتب النقاد تشددا وتساهلا وتوسطا واخص منهم ابو عبد الله ذهبي فانه من اهل الاستقراء التام في علم الرجال كما وصفه ابن حجر في نزهة النظر. الجهة السادسة النظر في مؤثرات التي قد تعرض احيانا كالبلدية والقرنية والمذهبية فان الناقد بشر وقد يعرض عارض من عوارض البشرية بسبب كون الناقدي والراوي المزكى بلديان يعني من بلد واحد فيجامله او من بلدين بينهما منافرة فيجرحه او هما اقران فيتكلم كل واحد فيهما منهما في الاخر او بينهما اختلاف في المذهب وهذا النظر له قيود وضوابط. الجهة السابعة عدم التعويل على ما لم يبين مصدره من تعديل او تجريح. فقد يقال في ترجمة راو ضعف او وفق او ضعفه قوم. او وثقه معه ثم لا يبين هؤلاء فلا تعويل على مثل هذه المجملات المبهمة وهذه الجهات السبع جميعا لا الجهة السادسة فقط كلها لها قيود وضوابط ومعان ومقاصد تحتاج الى كشف طويل ولكنني انصح بكتاب الجرح والتعديل للعلامة المحدث عبد العزيز ال عبد اللطيف رحمه الله تعالى رحمة واسعة فان هذا الكتاب من احسن ما صنفه المتأخرون في هذا المعنى وقد استفاد منه من جاء بعده وبهذا نكون قد انتهينا مما يتعلق بحال الرواة وبقي النظر باتصال الاثنان الموضوع يا اخوان فيه طول هل تريدون منا الاختصار؟ رغم اننا مختصرون هل تريدون منا ان نترك كثير من الاشياء ام نواصل؟ نواصل واعانكم الله وهكذا كان العلم فقد كانت المدرسة الزبيدية في ذهن يبدأ درسها بعد صلاة الفجر جلسة واحدة الى صلاة الظهر ولهذا قرأوا الكتب الستة مرات ومرات ويمر الان سنين متطاولة لم يقرأ فيها صحيح البخاري في كثير من البلاد الاسلامية ولا سيما مثل الحرمين الشريفين اقول بهذا نكون قد انتهينا مما يتعلق بحال الرواة وبقي النظر في اتصال الاثنان والمنظور فيه هو صيغ الاداء بين الرواة حدثنا وعن ويكون النظر فيها من ثلاث جهات الجهة الاولى تحقيق صحتها فقد تجد في سند ما كلمة حدثنا ولكنها تكون وهما غير ثابتة فلا تغتر بوجود حدثنا في كل اسناد فتظن اتصاله فان مبارك بن فضالة مثلا كان يقول في احاديث الحسن التي يرويها عنه وعن شيوخه حدثنا فيجعل الحسن طواويا بصيغة بعيد عن الصحابة كابي هريرة وعمران بن حصين فيقول المبارك بن الفضالة حدثنا الحسن قال حدثنا عمران بن حصين وذكره للتحديث بين الحسن البصري وعمران بن حصين وهم كما نص عليه الحفاظ كاحمد بن حنبل رحمه الله تعالى الجهة الثانية فهم دلالة هذه الصيغة فان للصيغ دلالات ولا اعني بالفهم الفهم العام فقط كأن تعرف ان معنى حدثنا اي ذكر لهم الشيخ الحديث وهم في جماعة. وحدثني اذا حدثه الشيخ وحده وانما اعني ان هذه الصيغ قد يكون لها معان خاصة كاهل البصرة مثلا فانهم قد يقولون حدثنا ويسمون راويا ولا يريدون انه حدثهم انه حدث ذلك المحدث عنه بنفسه وانما حدث اهل بلده كما كان الحسن البصري يقول حدثنا ابن عباس وانما يريد انه حدث اهل البصرة فلا بد من معرفة معاني صيغ الاداء ودلالاتها الجهة الثالثة معرفة اثرها من الاتصال والانقطاع فمثلا اذا وجدت بين راويين حدثنا كقول البخاري رحمه الله تعالى حدثنا ادم ابن ابي اياس فان معنى هذا ان هذا نادى متصل واذا وجدت مالك ابن انس رحمه الله تعالى يقول في الموطأ بلغني عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانك تعرف ان هذه الصيغة دالة على عدم الاتصال بل الانقطاع فان الراوي لقد بلغني عن فلان فانه لم يرويه عن شيخ له بسند متصل اليه وانما بينه وبينه وسائق اسقطها كما فعل ذلك ما لك في مواضع موطأه. وانبه الى باب من الفهم مهم وهو ما يكون في معنى المتصل عند اهل الحديث فيقبلونه رواية او دراية. لان اهل الحديث لا يقبلون من الاخبار الا المتصل. لكن هناك مرتبة عندهم بين الاتصال والانقطاع. يسمون طولها في معنى المتصل. كما وقع ذلك في كلام ابي داوود السجستاني في رسالته الى اهل مكة في بيان سننه ومن هذا قول خالد الحزاء كل شيء قال محمد ابن سيرين نبئت عن ابن عباس فانما سمعه من لقيه ايام المختار بالكوفة. فاذا وجدت ابن سيرين يقول نبأت عن ابن عباس او ابن سيرين عن ابن عباس فاعلم ان هذا الاسناد وان كان صورته المنقطع لان ابن سيرين لم يرقى ابن عباس ولكن اعلم ام انه في معنى متصل لان الواسطة هنا معلومة وهو عكرمة مولى ابن عباس وابي عبد الله البربري الثقة فانه حدث محمد ابن سيرين بحديث شيخه ابن عباس. ومنه قول ابي زرعة لما سئل عن حديث حبيبنا ابي ثابت كان عمر لا يجيز نكاحا في سلف يعني حال مجاعة. ما ترى في هذا يعني في رواية حبيب عن عمر في هذا الاثر قال هو مرسل يعني منقطع بينهما. ولكن عن عمر اهابوا ان ارد قوله. فهذا مما اذا عندهم دراية وجامع ابي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى من اكثر الكتب التي بينت ما قبله اهل الحديث دراية وان لم يقبلوه ورواية وبهذا تعلم ان الاثر الذي جر اهل العصر الى رد كثير من السنن والعمل الماظي عن الائمة بدعوى ان الحديث ظعيف ان هذا مذهب مرزول مخالف لطريقة اهل الحديث فان اهل الحديث قد يعملون بحديث ضعيف لانه اقترن به ما يوجب قبوله دراية عند لهم وان ردوه رواية كاجماع الصحابة او قول كبارهم او قول واحد منهم او اجماع التابعين او موافقته القياس الصحيح او كونه اصح ما في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذه القرائن اعملها ابو عيسى الترمذي في كتاب الجامع بما لم يأت به غيره من اهل الحديث بعد هذه المرحلة من دراسة الاثنان يصل الماحث الى النتيجة الصغرى المتعلقة بهذا الاسناد بعينه ويخبر عنه باحد اطلاقين. الاول ما يدل على وصف للاسناد كقوله رجاله ثقات او اسناده متصل او رجاله موثوقون. الثاني ما يدل على حكم على هذا الاسناد وهو نوعان ثاني ما يدل على حكم على هذا الاسناد وهو نوعان احدهما حكم مطلق كقوله اسناد صحيح او اسناد حسن او اسناد ضعيف والثاني حكم مقيد كقوله اسناده صحيح على شرط الشيخين او صحيح على شرط البخاري او صحيح على شرط مسلم او غيرهما وهذا الخبر تحتاج تجريته الى مقام طويل ولا سيما اطلاق كونه على شرط شيخيه او احدهما او غيرهما والجمل متقدمة يطول بيانها لكن المقصود جعل المفاتيح في ايديكم ولتنظروا الان الى الانموذج رقم واحد من المذكرة التي بايديكم لنتعرف على حديث يدرس اسناده بالنظر الى حال رواته واتصال اسناده فقط فالمثال الاول قال البخاري حدثنا علي ابن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا ابو زناد عن الاعرج عن ابي هريرة قال قال ابو قاسم صلى الله عليه وسلم الحديث فهذا الاسناد اذا درست حال رواته واتصال اسناده وجدت ان رواته ثقات عدول فعلي ابن عبد الله هو ابن المدين وسفيان هو ابن عيينة وابو زناد وهو عبدالله ابن المدني والاعرج هو عبد الرحمن ابن هرمز الاعرج المدني وابو هريرة هو عبدالرحمن ابن صخر الدوسي فرواته ثقات معروفون واذا نظرت الى اتصال اسناده وجدته كذلك متصلا لان البخاري قال حدثنا علي وابن المديني وهو علي قال حدثنا سفيان وسفيان وهو ابن عيينة قال حدثنا ابو زناد وابو الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة نسخة مشهورة معروفة اكثر الشيخان وغيرهما من تخريج احاديثها فهذا الاسناد متصل فعرفنا الان ان هذا الاسناد بحال رواته واتصال اسناده ان ثقات وان اسناده مسترزق وهنا يمكن اما ان نخبر عن وصفه فنقول رجاله ثقة او نقول اسناده متصل او نحكم عليه بوصف معين بوصف مطلق فنقول اسناده صحيح او بوصف مقيد فنقول اسناده صحيح على شرط الشيخين. وهذا الاسناد في البخاري ولكن المقصود التمثيل اما المثال الثاني وهو ما عند مسلم بن حجاج قد حدثنا التميمي وابو بكر بن ابي شيبة ومحمد بن علاء الحمداني واللفظ اليحيى قال يحيى اخبرنا وقال الاخران حدثنا ابو معاوية عن ابي صالح عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا ابي حاء وحدثناه نصر بن علي الجهظمي قال حدثنا ابو اسامة قال يعني عبد الله ابن ابن نمير وابا اسامة قال حدثنا الاعمش حدثنا ابن النمير عن ابي صالح يعني قال ابن نمير عن ابي صالح وفي حديث ابي اسامة حدثنا ابو صالح يعني قال ابن النمير في رواية عن الاعمش حدثنا ابو صالح عن ابي هريرة فاذا نظرنا الى حال رواته فرواة هذا الحديث كلهم ثقات معروفون مشهورون وابو معاوية الذي جاء مثنى هو محمد ابن خادم الظلير والاعمش هو سليمان ابن مهران الكاهري وابو صالح وذكوان الزيات المدني وابو اسامة هو حماد ابن اسامة ابو اسامة الكوفي مشهور بكنيته. وكل هؤلاء الرواة في قات اثبات اما اتصال اسناده فاذا جئنا الى استئصال اثنان وجدنا ان جميع طبقاته تجتمع الى الاعمش بالاتصال فمسلم فمن فوقه في السند الاول الى ابي معاوية اسناده متصل بصيغة حدثنا وكذلك في الاسناد الثاني الى الاعمى ولكن الكلام فيما بعد الاعمش. الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة هذا الاسناد الاول والاسناد الثاني في رواية ابن نمير هو الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة وفي رواية ابي اسامة الاعمش حدثنا ابو صالح عن ابي هريرة ومع هذا فان هذا الاسناد منقطع فان قول حماد ابن اسامة في رواية عن الاعمى حدثنا ابو صالح غلق وابو صالح والاعمش لم يسمع هذا الحديث من في صالح وانما رواه عن رجل عنه كما يعلم ذلك من تتبع طرقه والمقام لا يسع لذلك وعلى هذا نص كبار الحفاظ كابي زرعة الرازي وابي الفضل ابن الشهيد والدارقطني رحمهم الله تعالى. فنتج من هذا ان اتصال الاسناد غير موجود في هذا الاسناد. المرحلة الثانية الدراسة المطلقة للحديث بالنظر الى مخرجيه فتتبع طرقه وتجمع رواياته من بطون كتب الرواية وهو ما يسمى بالاعتبار اي تتبع الطرق للنظر فيها. وينظر في هذه المرحلة الى مطلب عدمي مركب من شيئين احدهما عدم الشذوذ والثاني عدم العلة فبالنسبة لعدم الشذوذ فحقيقته تفرد الراوي المقبول بحديث على وجه يستغرب سواء اقترن بالمخالفة ام لا والراوي المقبول هو احد رجلين الاول من كان ثقة فالاصل في تفرده القبول الا لقرينة توجب الرد. والثاني من كان صدوقا. فالاصل في تفرده الرد الا لقليلة توجب القبول وعلى هذا جرى اكثر الحفاظ كما يستفاد من كلام الخليل في الارشاد وبالصلاح في مقدمته في رجب في شرح العلل وادراك الشذوذ يحتاج الى ممارسة طويلة لحديث الرواة ومعرفة طبقاتهم عن المكثرين من الرواية وتمييز مروياتهم ومراتبهم ويستعان على ذلك بالنسخ الحديثية وطبقات الناقلين عن حافظ معين في طبقات الرواة عن نافع او ايوب او مالك بن انس ويمكن الاستعانة بالامور الاتية اولا تعيين مخرج الحديث وهو الراوي الذي تجتمع فيه الطرق كالاعمة مثلا بالاسناد الماضي فانه قد اجتمعت فيه الطرق اذ روي من ثلاثة اوجه عنه من رواية بنمير وابي اسامة حماد ابن اسامة وابي معاوية محمد ابن خازن فيسمى هذا مخرج الحديث او مجمع طرقه او مدار الحديث ثانيا الوقوف على حاله يرحم وتعديلا فاذا وقفت على هذي الراوي من الجرح والتعديل امكنك معرفة جذوره بالرواية من عدمه. ثالثا النظر الى طبقته في الرواة عن الشيخ. فان كل شيخ له رواة لكنهم ليسوا على درجة واحدة ففيهم الثقة الحافظ وفيهم الثقة وفيهم الصدوق المتقن وفيهم الصدوق الذي يخطئ وفيهم الضعيف وفيهم الكذاب الى اخر طبقاتهم رابعا معرفة صلته بشيخه لكونه من اهل بيته او كاتبه او لم يروي عنه الا حديثا واحدا او له عنه نسخة مثال ذلك حديث علي ابن مسعدة الباهلي عن قتادة عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون. فان مخرج هذا الحديث الذي رواه الترمذي واحمد وغيرهما هو علي ابن مسعدة الباهلي ففيه تجتمع الطرق وعلي ابن مشهدة صدوق له اخطاء واوهام ومرتبته في اصحاب قتادة دون كبار الحفاظ فان لقتادة قوات كثر مشاهير كهشام وسعيد بن ابي عروبة وليس علي هذا مختصا لقتادة فلم يكن كاتبا له ولا من اهل بيته ولا له عنه نسخة في علم حينئذ عند اهل الاتقان والحفظ ان هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو شاذ لتفرد علي ابن مسعدة به عن قتادة. فاين اصحاب قتادة الكبار كهشام وسعيد وغيرهما لم يروا هذا الحديث وهذا اصل يشب عنه تصرف الحفاظ وان لم يدركه كثير من الناس. وقد شرحه الامام مسلم ابن حجاج في مقدمة صحيحه ويغني عن هذا الحديث الحديث الصحيح في صحيح مسلم وهو حديث ابي ذر رضي الله عنه فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى انه قال يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم فهذا كاف في معناه وبهذا نكون قد انتهينا مما يتعلق بعدم الشذوذ وبقي النظر في عدم العلة ومعرفة الحديث المعلل من اغمض علوم الحديث وادقها كما قال ابن الحجر في نزهة النظر وقد ذكر ابن رجب في شرح العلل ان بساطه قد طوي منذ ازمان انتهى كلامه فكيف بهذا الزمان لكن لا يزال الخير في هذه الامة الى قيام الساعة. وما كلام ابن رجب رحمه الله الا نفذة مصدر يتخفف بها واول شيء يستعان به على ادراك العلة هو جمع طرق الحديث. كما صرح ابن المديني وابن معين وغيرهما فان الحديث اذا لم طرقه لم يتبين خلله لان العلة يكتنفها الغموض فهي سبب خفي قادح في صحة الحديث ويكشف هذا الغموض بتتبع الطرق ويمكن الوقوف على العلة باعتماد الامور الاتية اولا تعيين مخرج الحديث وهو الراوي الذي تجتمع فيه الطرق ويسمى ايش مدار الحديث كعلي بن مسعدة في الحديث الثالث وكالاعمش في الحديث المتقدم ثانيا الوقوف على حاله جرحا وتعديلا ثالثا حصر الرواة الناقلين للحديث عن مخرجه وهو مداره كما تقدم وبيان وجوه رواياتهم اتفاقا واختلافا فاننا مثلا نجد حديثا مداره على العلاء ابن عبد الرحمن عن ابيه عن ابي هريرة ثم نقف على حال العذاء وانه ثقة يخطئ وعندما نحصر الرواة لهذا الحديث عنه نجد ان منهم من رواه عن العلاء عن ابيه عن ابي هريرة ومنهم من رواه عن العلاء عن ابيه مرسلا ومنهم من رواه عن العلا عن ابيه عن ابي هريرة موقوفا لم يرفعه فهذا حصر للطرق التي تعددت عن الناقل في هذا الحديث وهو مداره ومعرفة وجوه الرواية لها اتفاقا واختلافا. رابعا التوفيق بين تلك الرواية ويأتي ان امكن فانه يحتمل ان يكون الحديث عند المحدث ولا سيما الحافظ على اكثر من وجه وبيان الراجح منها عند عدم امكان التوفيق باعتماد قرائه الترجيح وما اكثر هذه القرائن ككثرة العدد او قوة الحفظ والظبط او قولي للصحبة او غيرها من القرائن وتتبع هذه القوائم ينتج منها معرفة مسالك التعليم التي اعتنى بها الاصوليون والفقهاء واغفلها المحدثون في تنظيرهم لا في عملهم. فان المحدثين الاوائل كان لهم مسالك. يسلكونها في تعليل حديث ولكن هذه المسالك لم تستخرج من كلامهم ولم تقيد وتظرب عليها امثلة لتسهل علم العلل حتى الان فمثلا من مسالكهم في تعليل الخبر لزوم الجادة والمراد بالجادة يعني السند المعتاد فمثلا اذا وجدنا راويا روى حديثا عن العلاء ابن عبد الرحمن عن ابيه عن ابي هريرة خالفه راو اخر رواه عن العلاء ابن عبد الرحمن عن سعيد المسيب عن ابي هريرة كان الراجح غالبا من رواه عن العلاء عن المسيب عن ابي هريرة لان من رواه عن العلاء عن ابيه عن ابي هريرة لزم الجادة يعني النسخة المشهورة التي يسهل احالة الاحاديث عليها عند من لم يضمن فهذا مسلك واضح ها انتم عرفتموه. فاذا تكرر فهم الامثلة عند ذلك يمكن ان يطبق طالب العلم المتمكن اذا رسخ في هذا العلم هذا المسك من مسالك التعليم. والمقصد في ايضاحه اعلان مثل هذه المسالك وان اهل الحديث لهم مسالك في التعليم في تصرفاتهم لكنها لم تقيد واظحة حتى الان فخلاف مسالك التعذير عند الاصوليين بالقياس وغيره فهي مبينة واضحة واستعملها الفقهاء رحمهم الله تعالى في بناء الاحكام خامسا النظر في المروي عن الصحابي في هذا الباب. فلا بد ان تنظر الى ما روي عن الصحابي في هذا الباب. فانه قد يوجد منقولا عنه في هذا الباب غير هذا المروي الذي تقوي طرقه. كبعض الاحاديث المروية عن ابي هريرة بسند باسانيد فيها رواة صدوقون وظعاف عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين انه يوم وليلة مقيمة ثلاثة ايام للمسافر فهذا الحديث وان تعجلت طرقه عن ابي هريرة لا يصح لما ثبت باسناد صحيح ان ابا هريرة رضي الله عنه كان ينكر المسح على الخفين لانه لم تبلغه احاديثه والظن به انه لو بلغته لم يكن ليتركها فيستدل بهذا ان الاحاديث المروية عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المزح انها لا تثبت عن ابي هريرة وان ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث علي رضي الله عنه وغيره. وهذا الامر فيه منزع اصولي فقهي. وهو قولهم النظر الى رواية الراوي لا رأيه واهل الحديث قد يعملون هذا مرة وهذا مرة ولكل محله غير ان بسطه يحتاج الى مقام اخر والمقصود ان تعرف ان ما يذكره الاصوليون الفقهاء ليس على اطلاقه من له تقييدات عند اهل الحديث ويرجع في كل في كل فن الى اهله كما قال ابن عاصم وكل فن فله واجتهدوا عليه في تحديده يعتمد. سادسا النظر في المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب. فتنظر الى الاحاديث الاخرى التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب بعينه هل جاء فيها ما جاء في هذا الحديث؟ فمثلا حديث لا لمن لم يذكر اسم الله عليه. فان هذا الحديث روي باسانيد لا تخلو من ضعاف. ثم وجدنا الاحاديث المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب بعينه ليس فيها التسمية ابدا فقد روى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم عشرات الرواة لم يذكر احد ابدا في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم انه ذكر اسم الله عليه ولكن اهل الحديث الذين هم اهل الحديث وان ضعفوا هذا الحديث لكنهم يرون العمل به. جوازا لا سنة لذلك قال امامهم ابو عبد الله البخاري باب التثنية عند الوقاع وعلى كل حال واوردها في كتاب الوضوء. ليعلم الجواز ولا يعرف عن احد من اهل الحديث ابدا اعني الراسخين من الائمة المتقدمين انه رأى ان هذا الفعل بدعة او انه منع منه وانما اهل الحديث الذين هم اهل الحديث ان ضعفوا هذا الحديث لكنهم يرون جواز العمل به استصحابا لاصل كلي وهو والاستعانة بالله سبحانه وتعالى في كل حال. سابعا النظر في المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم عام. فمثلا ما جاء في حديث انس وهو مروي في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا دخل الخلاء قال اعوذ بالله من الخبث والخبائث وقد جاء في رواية عند المعملي في كتاب اليوم والليلة وغيره بسم الله. اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث او قال اعوذ بسم الله اعوذ من الخبث والخبائث. فهذا الحديث لا يصح حتى يدخل الجمل في سم الخياط. لماذا؟ لاننا لا نعلم ابدا في سنة واحدة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قدمت التسمية على الاستعاذة وهذا مخالف للنظر لان البسملة هي تحلية بالاستعانة والاستعاذة تخلية بطلب الطرد مقدمة على التحرية فلا يمكن ان تتقدم التحلية على التخلية فيقال بسم الله اعوذ بالله من الخبث والخبائث. ولذلك جاء في قراءة القرآن قال اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنقل القرآني وان لم بالنقل النبوي يعني الحديث المخصوص وهذا له محل اخر في التفريق بينهما. والكلام في علل الاخبار ومسالك النقاد فيها يحتاج الى ايام وليالي وجد واجتهاد وذهن وقاد. ولتنظر الان الى النموذج النموذج رقم اثنين. لنتعرف على حديث درسوا اسناده بالنظر الى سلامته من الشدود والعلة فقط. سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة. فقال شيطان يتبع شيطانه فهذا الحديث مداره محمد ابن عمرو ابن علقمة ابن وقاص الليثي وهو صدوق وتفرده بهذا الحديث محتمل لان له نسخة يرويها عن ابي سلمة عن ابي هريرة ولكن الرواة عنه اختلفوا فرواه حماد بن سلمة وابن ابي ذئب عن محمد عن ابي سلمة عن ابي هريرة على هذا الوجه. ورواه يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن عمرو عن ابي عن ابي هريرة ورواه شريك ابن عبد الله النخعي عن محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن عائشة فهؤلاء الرواة عن المدار قد اختلفت رواياتهم ولن تتفق وارجحها فيما يظهر والله اعلم رواية من رواه عن محمد ابن عمر عن ابي سلمة عن ابي هريرة موصولا واسناده جيد وقد رجح هذا الوجه البيهقي رحمه الله تعالى في سننه ولا اعلم احد من الحفاظ عل هذا الحديث فان وجد له علة فان معرفتنا علة حديث عندنا احب الينا من ان نروي ان نروي حديثا ليس عندنا كما قال ابن مهدي بعد هذه المرحلة من دراسة الاسناد باتصال سنده وحال رواته وسلامته من الشذوذ والعلة يصل الباحث الى النتيجة الكبرى للحكم على الحديث من طرقه ويخبر عنه بالالفاظ الدالة عليه فيقول حديث صحيح او حديث حسن او حديث ضعيف بخلاف ما تقدم انه يقول اسناد صحيح او اسناد حسن او اسناد ضعيف. ولتنظر الى الانموذج رقم ثلاثة. لنتعرف على حديث يدرس اسناده بالنظر الى لرواده واتصال سنده وسلامته من الشذوذ والعلة. فهذا الحديث اذا نظر الى حال رواته قواته كلهم ثقات وابو الغيث الذي لم يسمى هو سالم المدني مولى بن مطيع واسناده متصل. فكل واحد من الرواة قد سمع من فوقه وهو ايضا سالم من العلة والشذوذ بتتبع طرقه فان هذا الاسناد قد رواه غير واحد عن سليمان ابن بلال عن ثور ابن زيد المدني عن ابي الغيث سالم المدني عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبعة الموبقات. بعد هذا يجمل التعريف بامر تتعرض له عند الكلام عن اثنان لا يتعلق بالحكم عليه بل ملح تستخرج منه تسمى لطائف الاسناد كالعلو والنزول والتسلل التسلسل ورواية الاكابر عن الاصاغر والطبقة الواحدة عن بعض وهذا الشأن مما يتروح به طالب العلم ويزين علمه ويقربه الى نفوس الناس فان نفوس الناس تقبل الملح اكثر من الصلل. ولتنظر الان الى الانموذج رقم اربعة لنتعرف على اسناد تستخرج لطائفه وهو ما اخرجه البخاري في اول حديث منه حدثنا الحميدي عبد الله ابن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الانصاري قال اخبرني محمد ابن ابراهيم التيمي انه سمع القمة ابن وقاص اذ يقول سمعت عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات الحديث. فهذا الاسناد فيه ملح احد يذكر شيء منها رواية ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض وهم كحل بن سعيد الانصاري عن محمد ابراهيم تيمية عن علقمة ابن وقاص وقد ذكر هذا ابن حجر وغيره غيرها احسنت انه مسلسل بالتصريح بالحديث والسماع غيرها لا يترادف من هذه الاسناد يحتاج الى دليل هذا الاسناد فيه لطائف كثيرة ولكن الوقت يضيق وقد استخرجت منه احد عشر لطيفة ولكن اذكر لكم من غرائبها فاللطيفة الاولى ان البخاري لما اعرض عن ايراد خطبة لكتابه مستفتحة بالحمد استفتح كتابه في الرواية عن شيخ له يذكر لقبه بالحمد هو الحميري. فهمتم هذه اللطيفة البخاري لم يستفتح كتابه بخطبة يقول فيها الحمد لله. ويخطب فيها الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. اما بعد فهذا الكتاب وانما قال بسم الله الرحمن الرحيم كتاب بدء الوحي وقول الله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا ان نحيي النبي من بعده الى اخره فلما اعرض عن الافتتاح بخطبة مبدؤة بالحمد جعل اول رواية فيه روايته عن شيخ يذكر اسمه بالحمد وهو الحميري اللطيفة الثانية ان اسم شيخه وهذا من لطائف المستغربة ان اسم شيخه وافق اسم اول صحابي ولد من اولاد المسلمين في المدينة وهو عبد الله ابن الزبير ابن العوام رظي الله عنه استبشارا بظهور السنة ودفع ما يقدح فيها اذا هذا طائفة اخرى ليس هذا مقام ذكرها لان الوقت يضيق عن مثلها. اما المقام الثاني المتعلق بالمقصد فهو دراسة المتن والمراد بها قبول الحديث او رده دراية لان اهل الحديث قد يقبلون الحديث رواية ويصححونه لكنهم لا يقبلونه دراية اما لنسخه او لمخالفته للاجماع ترك العمل به او غيرها. وساضطر ها هنا للاختصار حرصا على جمع منفعة الجميع وعدم الاخلال بالطعام هذا المقصد له وان كان هذا اهم مما مظى. فان فقه الحديث وجرايته اهم من معرفة صحته اقول المقام الثاني المتعلق بالمقصد فهو دراسة المتن والمراد به قبول الحديث رواية او رده لرايته. وله مرحلتان المرحلة الاولى استيفاء المتطلبات وهذه المتطلبات المضمونة منها ما يرجع الى الفاظ الحديث ومنها ما يرجع الى معانيه وتظهر بعد فحص كلماته وجمله واذا كشفت هذه المتطلبات استوفيت الاحتياجات. وتتمثل هذه المتطلبات في ضبط كلمة او تفسير غريب او شرح جملة او اعراب مسك او معرفة ناسخ ومنسوخ او الجمع بين حديث وبين غيره او تعيين مبهم ونحو ذلك ولتنظر الان الى الانموذج رقم خمسة لنتعرف على حديث يراد استيفاء متطلباته مختفين لهذا في بيان هذه مرحلة وان كان كل واحد من المتطلبات يحتاج الى بيان. هذا الحديث هو عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة والحج وصوم رمضان رواه بخاري ومسلم ولفظ البخاري اذا نظرت الى هذا الحديث حاول الان ان تستخرج المتطلبات التي ينبغي الوفاء بها فمثلا لا تجد هنا كلمة غريبة تحتاج الى تفسير ولا تجد هنا راو مبهم يحتاج الى بيان ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ولكننا نجد بيئين اثنين احدهما ضبط كلمتي شهادة هل هي شهادة ان لا اله الا الله؟ او شهادة ان لا اله الا الله او شهادة ان لا اله الا الله وهي طالحة لكل ذلك بالجري بدلا والرفع خبرا لمبتدأ محذوف والنصب تقديرا لفعل يقدر اعدها كذا وكذا وكذا الا ان النصب نحوي غير مروي والمروي انما هو الرفع والجر كما يعرف من تصرف الشراح المتطلب الثاني كلمة الحج هل هي الحج ام الحج هذه كلمة تحتاج الى ضرب. الجواب انها بفتح الحاء وكسرها ولما غفل اهل العصر عن استيفاء متطلبات الحديث ولا سيما ظبطه وقعوا فيما نهى عنه السلف من اللحن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد ان يجتهد طالب العلم خاصة في حفظ الحديث مظبوطا المرحلة الثانية استخراج المعلومات وهذه المعلومات المستخرجة منها ما هو من صلب العلم ومنها ما هو من ملحق وتظهر بعد انتزاع فوائده ومعانيه واذا رصد الباحث هذه الفوائد شرع يعبر عنها بما يدل عليها وتتمثل هذه المعلومات في تقرير حكم او كشف شبهة او دفع توهم او تخصيص عام او تقييد مطلق او اثبات صحبة او غيرها ولتنظر الان الى الانموذج رقم ستة لنتعرف على حديث يراد استخراج معلوماته فقط. وهو عن عثمان رضي الله عنه. وهذا الحديث لان جامع الشيخ اسمه جامع عثمان بن عفان وايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه والاخوان هنا جزاهم الله خير لهم نشاط ملحوظ في تحفيظ القرآن الكريم فهذا الحديث اذا جئت لنستخرج معلوماته يعني العلوم المستنبطة منه في هذا الحديث عشرون فائدة مع انه خمس كلمات نذكر منها بعضها فمن تلك الفوائد ان مما تنال به الخيرية تعلم القرآن ومنها ان النبي صلى الله عليه وسلم هو خيرنا وافضلنا لانه اجل من تعلم القرآن وعلمه ومنها ان من اسباب الخير في هذه الامة تعلم القرآن وتعليمه ومنها انه ما بقي فينا تعلم القرآن وتعليمه ففينا سبب باق من اسباب الخيرية ومنها ان اخذ القرآن يحتاج الى مغالبة ومكابدة لقوله صلى الله عليه وسلم تعلم فهذا البناء موظوع عندهم لما يحتاج للتكلف والمشقة كما قال الكوهيجي في مبنى الصرف قال ورابع الابواب للتكلف نحو تعلمتوه وجئت مقتفي. فتعلمت وتكلمت وتحلمت وتفهمت تحتاج الى مغالبة كهذه الكلمة فاخذ القرآن يحتاج الى مغالبة. ومنها ان كل انه كلما زاد حظ العبد من تعلم القرآن وتعليمه زادت زادت خيريته ويفزع بعد رصد المتطلبات واستخراج المعلومات الى نوعين من المصادر احدهما المصادر الخاصة وهي جمع الفاظ الحديث ورواياته فهي تعين على هذا الامر. كما قال الامام احمد الحديث يفسر بعضه بعضا. والاخر المصادر العامة وهي المدونات التي كتبها العلماء في شرح الاحاديث اصولا وفروعا فاذا جئت الى حديث في صحيح البخاري البخاري او حديث في صحيح مسلم تراجع شروح صحيح مسلم ولتنظروا الان الى الانمود رقم سبعة لنتعرف على حديث يراد استيفاء متطلباته واستخراج معلوماته فهذا الحديث وهو عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من حج لله فلم يرفث ولم يفسق ساعة يوم ولدته امه فهذا الحديث فيه من المتطلبات مثلا ضبط كلمة يرفث هل هو يرفض او يرفث او يرفث وكلمة يفسق يفسق او يفسق وفيها ايضا مثل صدبات معنى الرفث ومعنى الفسق ومعنى رجع كيوم ولدته امه. فلابد من استيفاء هذه المتطلبات للرجوع الى نظامها واستخراج المعلومات فيه فضل الحج وفيه الامر بالاخلاص فيه لقوله صلى الله عليه وسلم من حج لله الى اخر المعلومات التي يضيق المقام عن ذكرها بعد هذا التطواف على عجل يتقرر في نفوسكم ان دراسة حديث ما سندا ومثنا تقع في مقامين الاول مقام مقام الاسناد ويدرس في مرحلتين الاولى الدراسة المقيدة باعتبار مخرج خاص والثانية الدراسة مطلقة بالنظر الى جميع مخرجيه المقام الثاني مقام المتن ويدرس في مرحلتين الاولى استيفاء المتطلبات الثانية استخراج المعلومات ولتنظروا الان الى الانمود رقم ثمانية لنتعرف على حديث يدرس اسناده ومتنه فمثلا هذا الحديث الذي يدرس اسناده ومتنه وهو قال احمد حدثنا ابن نمير عن مالك يعني ابن مغول عن محمد ابن سوقة عن نافع عن ابن عمر ان انا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول رب اغفر لي وتب علي الحديث فهذا الحديث تحتاج في دراسة اسناده الى النظر في امرين احدهما اتصال اسناده هو حل الرواة والثاني سلامته من الشذوذ الى العلة ولدراسة متنه تحتاج الى امرين شفاء متطلباته واستخراج معلوماته وليكن هذا الحديث تجربة خاصة لكم. فليقم كل واحد منكم بدراسة هذا الحديث سندا ومثنا من خلال مراحل التي ذكرناها ليسهل عليه الدربة في هذا الفن ويرسم في نفسه شخصية متكاملة ادراك شرح الحديث ودراسته سندا بقي من نافلة القول شيء نختم به على وجه الاختصار رعاية للحال وان كنا منذ اليوم لم ننزل باختصار وذلك لغزارة علم الحديث. واني لا اعرف علما في الاتساع كعلم الحديث الا علم اللغة فان هذين العلمين هي اوسع علوم اهل الاسلام على الاطلاق. ونذكر في هذه النافذة خاتمة تشتمل على اهم المصنفات في الحديث ومحاذير ومعوقات في طريق النبوغ في هذا الفن ونختم اخيرا بتنبيهات مهمة في هذا الفن فاهم المصنفات في الحديث اما اهم كتب الرواية فهي الكتب العشرة وهي الستة البخاري ومسلم داوود والترمذي النسائي وابن ماجه مزيدا عليها مسند احمد وموطأ مالك وسنن الدارمي وسنن البيهقي الكبرى. فان هذه الكتب العشرة هي اصول الاسلام في الرواية. اما اهم كتب احوال الرواة فهي تهذيب التهذيب هو ميزان الاعتدال ولسان الميزان. والكواكب النيرات في معرفة من اختلط من واهم كتب دراسة اتصال الاسناد تحفة التحصيل لابي زرعة العراقي وطبقات المدلسين لابن المعسلان واهم كتب العلل كتاب علل ابن ابي حاتم وعلل الدار قطني واهم كتب شروح الحديث هي كتاب التمهيد لابن عبد البر وقد عظم الثناء عليه قديما وحديثا وكتاب شرح مسلم للنووي وكان الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى يعده اجل كتب شرح الحديث وكتاب الاعلام شرح عمدة الاحكام لابن الملقن. وكتاب جامع العلوم والحكم لابن لابن رجب. وفتح الباري لابن حجر وهذا القول في الاهم مجمل مناسب للحاج. وكيفية التعامل معها تحتاج الى مقام اخر ولكن من مارس هذه الكتب وفتش فيها يدل باذن الله عز وجل من مقدماتها على مفاتيحها اما المحاذير التي ينبغي الانباه اليها في هذا المقام فاني احذر من امور تتصل بطلب علم الحديث. اولها الحذر من العدول عن جادة الطلب رواية وجراية حفظا وفهما فان قد طلب له جادة لم تزل منذ قرون واحداث غيرها يقل نفعه وهذا قد وقع عند الناس سواء في حفظ الحديث كمن صار يحفظ ما يسمى بحفظ الكتب الستة ولم يكن هذا من منهج اهل العلم وقد بينت ذلك في منظومة مفردة اسمها فصيحة التحديث في نصح متحفظ الحديث وبينت وجه خطأي هذا والطريق عند اهل العلم رحمهم الله تعالى او ما يتعلق بفهم الحديث فصاروا يقرأون في المطولات كفتح الباري والتمهيد من غير التفات الى تفسير هذه المتون ابتداء عن الشيوخ من اقوالهم ولو كان كلامهم قليلا ليستدل بها على ما ورائها ومما يحذر منه ايضا التحذير من اهمال العلوم الاخرى. وقد صار هذا صبغة للمشتغلين بالحديث في هذا العصر. فتجد احدهم لا ما يلزمه من علم الاعتقاد او الفقه او تفسير القرآن الكريم ومنهم من لا يرفع رأسا اذا علوم الفنون الاخرى كاصول الفقه والنحو والصرف والبلاغة ولا شك ان هذا خطأ كبير واهل العلم قاعدتهم ان يأخذ الانسان في كل فن مختصرا حتى يكون مطلعا على الاسرار كما قال ابن وردي من كل فن قدوة لا تعجز به فالحر مطلع على الاسرار. ومما احذر منه ايضا التحذير من ترك تحرير المسائل المتعلقة بالحديث من مصادرها فان من الناس من يأتي الى مسألة مذكورة في الحديث ثم لا يحررها من مصادرها وانما من كتب الشراء. فمثلا اخرجوا المشركين من جزيرة العرب تجد كثيرا من الناس يرجع في تعيين جزيرة العرب الى فتح الباري او غيره. وليس هذا تحرير المسألة بل تحرير المسألة الرجوع الى نوعين من الكتب احدهما كتب نعش وصف الارض وهي التي كتب فيها اهل العلم في معاجم البلدان وما يسمى اخيرا بالجغرافيا ممن سلف والثانية كتب والادب ففي كتب اللغة كلام كثير عن هذه المسألة. ومما يحذر منه ايضا احداث اقوال جديدة في مسائل بينها العلماء شافيا وقد صار هذا امرا شائعا عند المشتغلين بالحديث باخرة وفيه مخاطر عظيمة على هذا العلم. اما ما اذكره من المعوقات من معوقات النبوغ في هذا الفن ندرة العارفين بهذا الفن. وقد قيل للاعمش رحمه الله تعالى اليوم في خمسة الاف يطلبون الحديث فقال اذا كثر الملاحون غرقت السفينة. لان المتزيء بزيء الحديث وليس من اهله كثير. ولكن العارف المتقن هو قليل ومن المعوقات الغلط في تدريسه. فان من علوم الحديث ما لا تدرس لكل احد كعلم العلل. فان علم العلل لا يدرس في المساجد ولهذا اعني في الدروس العامة وانما يدرس للخاصة ولهذا كان ائمة الحديث يختصرون كلامهم فيه فيقولون وهم فلان اخطأ فلان جوابهم لمدرك لهذا الفن وكانوا ينهون عن وضعه عند غير اهله لانه شبه الكهانة كما عبروا عنه وانما المعنى فيه خفاء لا يستطيعه كل احد ولا يدركه كل عقل فعندما يتكلم في علة حديث رواه محمد ابن سلمة واختلاف الرواة عليه وهذا الجالس امامك لا يعرف من حماد ابن سلمة ولا هل هو ثقة او او ضعيف لا يدرك علم العلل. ومن معوقات دراسة علم الحديث عدم وجود مقررات علمية لكثير من فنونه. فمسالك التعليم مثلا ليس فيها مقرر الرجال ليس فيها مقرر الان اذا اردت ان تبتدي بدراسة شيء في علم الرجال لا يوجد هناك مقرر في علم الرجال وهلم جرة من المعوقات ايضا قلة العناية بتدريس علومه. ومنها اتساع دائرة علم الحديث ومنها ضعف الهمة. في سماع الحديث واسماعه فليس بمستغرب ان تطول مجالس الحديث وقد كانوا يطوون الايام في قراءة الحديث. والخطيب البغدادي قرأ صحيح البخاري على كلمة بنت احمد ابن الروزية في ثلاثة ايام ولكن كما قال ابن مبارك لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس صحيح اذا مسك المقعد مما انبه اليه من التنبيهات المهمة في هذا الفن اولا المبادرة اليه مع صغر السن واجتماع النشاط فينبغي ان يبادر طالب العلم الى دراسة علم الحديث في حفظه خاصة مع صيغة سنه واجتماع نشأ نشاطه فانه يحتاج الى تعب كثير ثانيا قطع الطمع عن زيت الالقاب الذي راد باخره. فما اكثر من رظاهم المحدث والحافظ والعلامة وهذه بلية سرت في هذه البلاد لم تكن فيها. والعرب بطبعهم اذهل الناس في الالقاب. وانما هذا شيء وقع عند العجب. فتجد عند العجب الحافظ ورئيس العلماء وسيد السادات وشيخ الاسلام مع انها القاب لا شيء تحتها. وقد ترى الينا باخرة خاصة بلاد نجد فلم يكونوا يطلقون اسم طالب العلم على كل واحد. والان صرنا نجد في الاعلانات العلامة العلامة العلامة هو المحدث المحدث الحافظ والحافظ الحافظ فعلى الحقيقة ليس شيء من ذلك وانما يعد افراد قريبون في العلم يكونون علامة ولم يكن يكتب قط في اعلانات العلماء البارزين كابن باز وابن عثيمين العلامة ولا ينبغي ان يكتب لمن هو دونهم مثل هذه الالقاب فضلا عن المحدث والحافظ ولذلك احذر طلاب العلم من اي بزيت هذه الاوقات او البحث عنها او التساهل في نعتها في كل احد ورحم الله الذهبي اذ يقول اين اهل الحديث؟ لا تراهم اذا في كتاب او تحت التراب. ايضا مما ينبه اليه التحريض على اقتناء النسخ المعتمدة لكتب الفن. فينبغي ان تعتني بالنسخ التي تشتريها بكتبك مما انبه اليه الحظ على ادراك الاكابر من اهل الحديث ممن لهم يد في فنونه فلا يفوتنكم الاكابر ولا ترون بالشباب وان بلغ حفظهم ما بلغ. ومن هؤلاء الاكابر مثلا العلامة عبد المحسن العباس. وله شروح بالكتب الحديثية مشهورة منها ما ينشر في اذاعة القرآن الكريم ومنها ما هو في تسجيلات الحرم. ومنهم الشيخ عبد الكريم الخضير في مدينة الرياض فينبغي ان يعتني طالب العلم بالاستفادة من هؤلاء قبل ان يفوتوا مما ينبه اليه ايضا الحرص على الحفظ والتكرار فلابد من الحفظ فالرحابي قال لا يلام احفظ وكل حافظ امام. ومما انبه اليه ايضا تجافي الزهد فيه. فان بعض الناس يقول علم الحديث علم المفاريس وهذا ليس بصحيح ولكن علم الحديث علم محبي النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك قال شاعرهم اهل الحديث هم اهل النبي لم يصحبوا نفسه انفاسه صحبوا واشرك بهذه الصحبة واكله. ايضا مما انبه اليه عدم الاخلاد الى دعوى نضج علم الحديث واحتراقه فان علم الحديث ما نضج ولا احترق. ايضا مما انبه اليه مجانبة العجلة في وهذي نتائج الدراسات فان بعض الباحثين ربما درسوا شيئا من مسائل علم الحديث ثم وصلوا الى نتيجة تخالف ما تقرر عند الحفاظ فيعادلون اخراجها من غير روية ولا اعظام لمن سبقهم من الحفاظ فيقعون على ام رؤوسهم كما يقال اذ يصلون الى نتائج يوقنوا العارفون بهذا الفن انها نتائج خاطئة حملهم عليها التسرع وعدم النضج في هذا العلم فهذا ما فتح الله سبحانه وتعالى به فيما يتعلق بطرق الحباحة في الحديث مقتصرين على كيفية دراسة حديث سندا ومثنا على وجه الاختصار سائلين الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا فعل الخيرات وحب الصالحات اللهم حبب الينا الايمان وزينه بقلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا اللهم من عبادك الراشدين اللهم ان الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه اللهم احينا على الاسلام والسنة وامتنا على الاسلام والسنة اللهم انا نسألك علما نافعا وعملا صالحا وايمانا زائدا ويقينا راسخا اللهم انا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم ازرع الفتنة عن بلاد المسلمين شاكرا من قبل ومن بعد لكم حضوركم وان صادكم وان صادكم وتحملكم مشقة سماع للحديث عن هذا الموضوع مع طول الوقت مجزيا الشكر مرة اخرى لاخوان القائمين على هذا الجامع وعلى رأسهم الشيخ يوسف المهوس سائلا للجميع ان يوفقهم الله سبحانه وتعالى وان يسددهم وان يرزقهم ما ينفعهم. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والاسئلة اظن نجعلها في محاضرة اخرى والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين. جزا الله فضيلة الشيخ خير الجزاء وجعلنا الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه. وتقبلوا تحيات اخوانكم في تسجيلات في الراية الاسلامية بالرياض والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته