السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الذي خلق الانسان وجعل فيه عضو اللسان به يفصح الكلام ويوضح الحلال والحرام احمده حمد شاكر النعمته يخاف عذابه ويرجو رحمته. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اكمل الديانة واتم النعمة ورضي لنا الاسلام دينا. واشهد ان محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده صلى عليه الله ثم سلم ما غرد القمري او ترنم. صلى عليه الله ما صلى عليه المصلون وسلم عليه الله ما سلم عليه المسلمون. وعلى اله وصحبه الذين هم له متبعون وبه مقتدون. اما بعد ايها المؤمنون ان للقول في الشرع احكاما. رتب فيه ونظمت نظاما. ومن احكامه الامر بالقول الاحسن. تكلما واتباعا فالعبد مأمور اذا تكلم ان يتكلم بالقول الاحسن. واذا استمع الى كلام ان يتبع القول الاحسن منه وهذان الحكمان مذكوران في ايتين من القرآن تأمل اية الاولى فقوله تعالى وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن. ان الشيطان ينزغ اين هم؟ ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا. واما الاية الثانية فقوله تعالى فبشر عباد الذين يستمعون القول ثم يتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب. ففي الاية الاولى الامر قول الاحسن اذا تكلم العبد. وفي الاية الثانية الامر باتباع القول الاحسن اذا استمع العبد قولا وطريق الامر في الاية الاولى هو الفعل المضارع الذي دخلت عليه لام الامر فجزمته في قوله تعالى يقول فتقديره ليقولوا. فمعنى الاية وقل لعبادي ليقولوا التي هي هي احسن ومن صيغ الامر الصريحة الفعل المضارع المقرون الامر. قال شيخ شيوخنا حافظ الحكمي رحمه الله اربع الفاظ بها الامر دري افعل لتفعل اسم فعل مصدري. والمذكور في هذه الاية راجع الى قوله لتفعل. وذلك في قوله تعالى يقول اي ليقولوا القول احسنت. واما طريق الامر في الاية الثانية ففي مدح الله سبحانه وتعالى عباده الذين يستمعون القول ثم يتبعون احسنه. ومدح العامل دال على الامر بعمله. وهي من صيغ الامر غير الصريحة ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد والامير الصنعاني في شرح منظومته في اصول اولي الفقه. فالايتان المذكورتان كلاهما من باب الامر. لكنه تارة جاء الامر صريح كما في الاية الاولى. وتارة اخرى جاء الامر بطريق غير صريح كما في الاية الثانية وذكر العباد في الايتين للاعلام بان ملاحظة هذين الامرين من عبودية الله سبحانه وتعالى فمن كمال العبودية لله اذا تكلمت ان تتكلم بالقول الاحسن. واذا استمعت الى كلام ان تتبع القول الاحسن. ولهذا قال في الاية الاولى وقل لعبادي. وقالت الاية الثانية بشر عباد وفي قراءة ابي عمرو من طريق السوسي في طيبة النشر باثبات ياء الاضافة فبشر عبادي الذين يستمعون القول. وكلا الايتين فيهما اضافة العباد الى الله تشريفا قال القاضي عياض الصبري رحمه الله ومما زادني شرفا وتيها وكدت اطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وان صيرت احمد لي نبيا. فمن عبوديتنا لله اذا كلمنا ان نتكلم بالقول الاحسن. واذا استمعنا الى قول ان نتبع احسنه. ولما اكان محمد صلى الله عليه وسلم اكمل الناس عبودية كان له من ذلك القدر الاعلى ففي الصحيحين من حديث مالك عن الزهري عن انس رضي الله عنه انه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم احسن الناس ومن بلوغه صلى الله عليه وسلم الغاية في الحسن انه على هذا الامر فهو اذا تكلم صلى الله عليه تكلم بالقول الاحسن. واذا استمع قولا اتبع احسنه. فملاحظة هذين الامرين في الواحد منا هي من شواهد الصدق في عبوديته لله سبحانه وتعالى. وانه متجرد في قصد وارادته فليس في قلبه الا تحقيق عبوديته لله عز وجل. والداعي الى الامر بالقول الاحسن هو المذكور في قوله تعالى ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا فالعبد مأمور اذا تكلم ان يتكلم بالقول الاحسن لان العدول عنه يسلط الشيطان للوقت بين المؤمنين فيغري بعضهم ببعض. فحرصا على سد هذا الباب وايصاده امرنا اذا تكلمنا ان نتكلم بالقول الاحسن. لان لا يتسلل الشيطان من خلال كلامنا. فيلقي عداوة بيننا وعظم التحذير من هذا في المسلمين الذين يكونون في جزيرة العرب. ففي صحيح من حديث سليمان الاعمش عن ابي سفيان طلحة بن نافع عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب. ولكن في التحريش بينهم. فاذا كان العبد يتوقى الوقوع في غير القول الاحسن. ليحول بين المؤمنين وتسلط الشيطان عليهم في بلاد ما فان هذا الامر يتأكد في هذه البلاد لما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من ان من حبائل الشيطان وطرائق كيده للمسلمين في جزيرة العرب هو التحريش بينهم بعضهم ببعض. واما الداعي الى الامر بالقول الاحسن اتباعا فهو كون ذلك سبيلا لتحصيل بهداية الله وترقية الى كمالات العقول. كما قال تعالى اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب. فالذين يستمعون الى قول ما ثم يتبعون احسنه. يحصلون الهداية الربانية والعناية الرحمانية ويقع لهم من كمال العقول ونفاذ البصيرة ما لا يكون لغيرهم والقول الاحسن هو البالغ في الحسن غايته. فاذا ضممت شيئا من الاقوال فوازنت بينها في امر ما فرأيت واحدا منها مرتفعا عنها في الرتبة فهو حينئذ القول الاحسن منها والمرء اذا تكلم لا يخرج قوله عن مراتب ثلاث. المرتبة الاولى القول الاحسن المرتبة الثانية القول الحسن. والمرتبة الثالثة القول السيء. فاما المرتبة الاولى فهي المذكورة في هاتين الايتين وقد جعلها الله سبحانه وتعالى من شواهد صدق العبودية في الناس. ولاجل هذا خصت هذه الامة واما القول الحسن فهي مرتبة ادنى من المرتبة الاولى. ولنقص بني اسرائيل عن هذه الامة امروا بذلك. فقال الله تعالى واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل حتى قال وقولوا للناس حسنا. وفي القراءة الاخرى وقولوا للناس حسنا. فامرت بني اسرائيل بان تقول قولا حسن ونزلت رتبتهم عن هذه الامة التي خصت بحال اكمل وهي ان يتحروا القوم الاحسن تكلما واتباعا. واما القول السيء فهي مرتبة منخفضة الدرجة. ولذلك فالعبد منهي عنها ولم يؤذن عنها بها الا في مقام واحد. في قوله تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم. فالعبد ممنوع من ان يتكلم بسيء الكلام. الا في حال وقوع الظلم عليه فانه حينئذ يتكلم بالشكاية وذكر حال ظالمه او الدعاء عليه كما هو مبين في كتب التفاسير عند هذه الاية. والقول الاحسن نوعان. احدهما ما يكون بالغا الحسنى بالنظر اليه في ذاته. كقولنا لا اله الا الله او قولنا الحمد لله فهاتان الكلمتان هما من القول الاحسن بالنظر الى ذاتهما. وعند الترمذي وابن ماجة من حديث موسى ابن ابراهيم الانصاري باسناده عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حديث موسى ابن ابراهيم الانصاري عن طلحة بن خراس عن جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الذكر لا اله الا الله وافضل الشكر الحمد لله واسناده حسن والاخر ما يكون كذلك باعتبار ظرفه. اي ان الكلام يوصف بانه القول الاحسن ملاحظة لظرفه الزماني او المكاني. فاحتف به من داعي الزمان او المكان ما يجعل القول الاحسن ومنه ما اتفق في قصة موت النبي صلى الله عليه وسلم. فعند البخاري من حديث هشام كم ابن عروة عن ابيه عروة ابن الزبير عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم لما مات قام عمر فقال والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وليبعثن ولا ولا يبعثنه الله فلا يقطعن ايدي رجال وارجلهم. فجاء ابو بكر رضي الله عنه فحمد الله واثنى عليه ثم ثم قال من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فان محمدا قد مات. ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت. ثم تلا قول الله تعالى انك ميت وانهم ميتون وقوله تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين. فكان كلام ابي بكر رضي الله عنه في هذا المقام هو القول الاحسن. اذ بين حقيقة الحال التي انتهى اليها النبي صلى الله عليه وسلم من انه مات كما اخبر الله واما الله سبحانه وتعالى فانه حي لا يموت كما قال تعالى الله لا اله الا هو الحي قيوم. وقال تعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت. فمن كانت عبادته لله سبحانه وتعالى فانه يجب عليه ان يبقى عابدا الله سبحانه وتعالى. ويعرف كون كلام انه القول الاحسن بطريق الشرع او الفطرة او العقل او التجربة. فملاحظة موجبات الشرع او العقل او او التجربة ودواعيها يوصل العبد الى مرتبة القول الاحسن ابي بكر رضي الله عنه الذي تقدم عرف انه القول الاحسن بدليل الشرع فانه ذكر ايتين من كتاب هما قوله تعالى انك ميت وانهم ميتون. وقوله سبحانه وتعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل الاية وتارة يعرف كونه القول الاحسن بطريق العقل. ومنه ما ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك في ترجمة ابي بكر يحيى بن هديل الاندلسي انه لما كان صغيرا في المكتب اي عند معلمه الذي يعلمه مبادئ العلوم من القرآن وتهدي الحروف والحساب ظهرت عليه لوائح والذكاء فكان معلمه يعجب منه ويستغرب حاله وقدرته على تمكنه من قرض الشعر مع صغر سنه فدخل عليه يوما حكيم من حكماء ذلك الزمان فذكر له خبره فقال له الحكيم اي قال لابي بكر وكان صغيرا اجز اي اتم هذا البيت الذي ساذكر شطره فانت بشطر يتممه. فقال الحكيم لست من الشعر ولا صوغه. فقال ابن هديل سريعا فدع ما قال الشعر لا تبغه. فعجب الحكيم من ذلك وطلب اهله وقال من اعجب ما سمعت على البديعة على البديهة وصعوبة القافية فهذا الحكيم قال لابي بكر في صغره مختبرا فهمه قبل شعره. لست من الشعر ولا صوغه فاتم بيته وقال فدع مقال الشعر لا تبغيه. اي ان من لا يقدر على شيء من الامور فانه يتركه الى غيره اذ ليس هو في وسعه وقدرته. وشاهد العقل دال على ذلك. فان المرء ينبغي ان يدخل نفسه فيما يستطيع. فان ادخلها فيما لا يستطيع ازرى بنفسه وعرضها للهوان. فمن اراد ان يتكلم بالقول الاحسن تحفظ في لفظه وتقلل منه وراعى موجب الشرع والفطرة والعقل ومن كثر كلامه ولم يجمع في قلبه اعلام الشرع والفطرة والعقل والتجربة حيل بينه وبين القول الاحسن. وربما صدر منه قول حسن وربما صدر منه قول سيء. وبلوغ ابدي هذه الرتبة يحصل باسباب كثيرة اعظمها ثلاثة. اولها امداد القلب بما يقوي معرفة دواعي الشرع والفطرة والعقل والتجربة. فان القلب هو اصل مادة الانسان في قوته العلمية والعملية. واذا امد القلب بالاسباب التي تطلعه على حقائق الشرع والفطرة والعقل والتجربة صار هذا القلب بمنزلة المحرك للسان الذي لا ينبعث معه اللسان الا بالقول الاحسن. وثانيها صحبة الحائزين هذه الرتبة من كمل خلق الذين عرفوا بالقول الاحسن. فان المرء يقتدي بجليسه وقرينه فاذا اقتدى عبد بكمل الخلق الذين يتكلمون بالقول الاحسن جر هذه الخصيصة الى نفسه وانطبع وانطبعت بها روحه فصار مع الدربة وطول فصار مع الدربة وطول المدة يتكلم بكلام يشبه كلامهم. وثالثها بذل الجهد في تحري هذه المرتبة. ورياضة النفس على ذلك فالمرء اذا اراد ان يبلغ من نفسه شيئا رادها عليه شيئا فشيئا حتى تمكن منه فان الكمالات الانسانية لا تأتي دفعة واحدة في النفس. وانما تجذب مع الايام والليالي فاذا صار المرء يلاحظ في نفسه ترقيتها بانواع هذه الكمالات على اختلافها شيئا فشيئا فانه لا يزال يترقى حتى يصل تلك المرتبة. واذا تحرى المرء اصابة القول الاحسن في كلامه اذا تكلم لم يزل هذا التحري يعمل فيه ويعينه على بلوغ هذه المرتبة. واذا كان ابن الجزري يقول في بيان اثر دوام الرياضة على حسن المخارج واداء اللفظ وليس بينه وبين تركه الا رياضة امرئ الا رياضة امرئ بفكه. اي ان المرء اذا عود فكه في الكلام على المخارج للحروف وصفاتها قوي فكه على ذلك وصار متقنا مخارج الحروف وصفاتها وكذلك قالوا في المعاني فان المرء اذا راظ نفسه على تحري المعاني الصائبة وجاهد نفسه في بلوغ هذه المرتبة صار ممن يتكلم بالقول الاحسن. وتعظم الحاجة الى القول الاحسن اذا حارت الافهام وساءت الظنون وتخوف الشر كالذي اتفق في وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم الناس حينئذ محتاجون اشد الحاجة الى القول الاحسن. فان موت النبي صلى الله عليه وسلم فاجعة عظيمة اذ بموته صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي من السماء. وهو اخر رسل الله الى اهل الارض وقد عاش معه اصحابه رظي الله عنهم مدة مديدة يأكل ويأكلون معه ويشرب ويشربون معه ويجاهد ويجاهدون معه ويعلموا ويتعلمون منه وينزل عليه القرآن فيقرؤهم القرآن فلما مات صلى الله عليه وسلم كان لفضاحة المصاب وعظمه اثر بالغ حتى قال عمر قولته التي قال اذ قال والله ما مات محمد صلى الله عليه وسلم. فاحتاج الناس الى القول احسن وهو قول ابي بكر رضي الله عنه ان محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات. فمن كان يعبد محمدا فانه قد مات. ومن كان يعبد الله فان الله سبحانه وتعالى حي لا يموت. فكانت تلك القولة هي الترياق الشافي والجواب الكافي لنفوس المؤمنين. اذ انشرحت بها صدورهم واطمأنت نفوسهم وسكنت ارواحهم واذعنوا لامر الله سبحانه وتعالى وقدره وقضائه في النبي صلى الله عليه وسلم فمن القول الاحسن الذي يحتاجه الناس وينبغي ان يقال ان دين الله محفوظ بحفظ الله قال الله تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. وروى الدارقطني والبيهقي من حديث حشرج بن عبدالله بن حشرج عن ابيه عن جده عن عائد بن عمرو المزني رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاسلام يعلو ولا يعلى. وفي صحيح مسلم من حديث شعبة بن الحجاج عن ابن حرب عن جابر ابن سمرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة. وحفظ دين الله نوعان احدهما ورود ومتعلقه الادلة. والاخر حفظ وجود ومتعلقه العمل بالشرع من الاول قوله تعالى ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. وقوله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. ومن التاني الحديث المتقدم في بقاء هذا الدين عزيز بعصابة من المسلمين تقاتل عليه الى قيام الساعة. وحفظ الدين وجودا نوعان. احدهم حفظه في الابدان. والاخر حفظه في الاوطان. فحفظه في الابدان يكون بوجود وحفظه في الاوطان يكون بوجود بلاد تعمل بدين الله سبحانه وتعالى وتدعو اليه فهذا وهذا كلاهما من حفظ الله سبحانه وتعالى للدين وجودا. وان مما يذكر فيشكر الله سبحانه وتعالى عليه ان هذه البلاد المملكة العربية السعودية هي بالمحل الاعلى في الدين في الابدان والاوطان. فانه لا يوجد من يزاحمها في ذلك بما فيها من اهل الصلاح ولنبل والخير من الملوك والامراء والعلماء والزهاد والتجار وغيرهم. فتلك نعمة عظيمة تستوجب شكر الله سبحانه وتعالى عليها والسعي في حفظها. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان طريق حفظ الدين في الابدان والاوطان هو امتثال شرع الله سبحانه وتعالى والعمل به وفي سنن الترمذي من حديث قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احفظ الله يحفظك. احفظ الله تجده تجاهك. اي ان العبد اذا حفظ دين الله سبحانه وتعالى بامتثاله فان الله سبحانه وتعالى يحفظه. واذا حفظ الواحد والواحد بحفظ الله سبحانه وتعالى حفظت جماعة المسلمين. فالسعي في حفظ دين الله بالدعوة اليه والعمل به وامتثال شرع الله سبحانه وتعالى ونصرة دينه يحفظ به دين الناس وينصرون على عدوهم قال الله تعالى ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز. وقال تعالى يا ايها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم. فمن سعى في حفظ دين الله سبحانه وتعالى في نفسه وفي اهله وفي بلده بالعمل به فان الله سبحانه وتعالى يوفقه الى حفظ الدين به. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان رد الامر الى اهله امان وحصن واق من الشيطان. قال الله تعالى واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا. واولوا الامر هم اصحاب الامر وذووه هؤلاء في الاسلام طائفتان احداهما اهل الولاية والحكم وهم الامراء والاخرى اهل والعلم وهم العلماء. فالعبد مأمور عند تجدد حوادث الامن او الخوف ان يرد الامر الى داء والعدول عن ذلك هو من خطوات الشيطان. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى ولولا فضل الله عليكم لاتبعتم الشيطان الا قليلا. فمن اتباع الشيطان العدول عن هذا. والعادلون عن ذلك طائفتان ايضا احداهما طائفة تترك رد الامر اليهم فهي لا ترد الامر الى اهله من الامراء والعلماء والاخرى طائفة ترد الامر الى غيرهم كمن يرد الامر العام الى متكلم نصيح او من ليست له ولاية عامة في الناس او خطيب مسجد او امامه او غير ذلك ممن لا يعدون في الاسلام من اولي الامر الذين يرد اليهم الامر. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان تطرف الامام على الرعية منوط بالمصلحة. اي ان السلطان الذي يكون على الناس يعلق شرعا ان يكون تصرفه في الناس بالامر الاصلح لهم. والله سبحانه وتعالى اطلق يده في ذلك لانه استرعاه على الخلق. وفي الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث الزهري عن سالم ابن الله عن ابيه عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الامام راع وهو مسؤول عن رعيته. فللامام اي السلطان ان يتصرف في رعيته اذ جعل الله سبحانه وتعالى له هذه الولاية وهو مأمور في هذا التصرف بان يتصرف بالتصرف اصلح واذا تصرف فيهم بذلك فانه مأمور بطاعته. وانما وسع عليه لعظم وشدة السؤال الذي يكون عليه يوم القيامة. فان الواجب على من ولي امر المسلمين ان يجهد لهم وينصح لهم. فان كان كذلك اصاب خير الدنيا والاخرة. وان عدل عن ذلك فما اخوف قلوب المؤمنين من الحديث الذي رواه مسلم من حديث قتادة عن ابي المليح عن معقل ابن يسار رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من امير يلي امر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح الا لم ادخل معهم الجنة فوسع عليه تصرفا في الرعية بالاصلح لان قوام حالهم في امر والدنيا يكون باعطاء هذا الحق له. باعطاء هذا الحق له. وهذا الحق الذي اعطي له وراءه سؤال من الله سبحانه وتعالى. ومما ينبغي ان يتحراه العبد احسان الظن بملوك وامراء المسلمين الذين عرف عنهم الخير فمن عهد عنهم الخير وعرف منه ذلك احسن الظن به فان من احصاء من احسان الظن بالله سبحانه وتعالى. وتوخي الخير منه عز وجل. وان ملوك هذه قديما وحديثا هم ممن يرجى فيهم الخير ويظن. فالمرء اذا تصحف اذا تصفح احوالهم واقوالهم ولهم رجا فيهم الخير فهو يحسن الظن بهم. ويرجو ان يقع منهم ما يقع ابتغاء ان يكون تصرفهم في الرعية بما يحقق الامر الاصلح لهم. وهم غير معصومين فهم يصيبون هنا ويخطئون فيغتفر لهم ما يغتفر من خطأ ويذكر ما يذكر لهم من صواب ويناصحون كغيرهم من الناس ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان بذل النصح ميثاق نبوي وعهد شرعي وفي صحيح مسلم من حديث سهيل بن ابي صالح عن عطاء بن يسار عن تميم الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. وفي من حديث اسماعيل ابن ابي خالد عن قيس ابن ابي حازم عن جرير ابن عبد الله رضي الله عنه انه قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم. فينبغي ان يتحرى العبد القيام بالنصيحة لائمة المسلمين وعامتهم لما في ذلك من الاجر العظيم والخير العميم الذي يدرك به حسن المقام في الدنيا والاخرة. ومن حقيقة دين الاسلام ان يوصي المسلمون بعضهم بعضا بالخير وان يتعاونوا عليه. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان من النصح لولي الامر الدعاء له فان اهل العلم متفقون على استحباب الدعاء لولي الامر. ذكر النووي في المجموع. وتكاد عقائد اهل السنة التي قيدوها تذكر ان من شعار اهل السنة الدعاء لاهل الدعاء لولي الامر. ذكره ابو جعفر الطحاوي وابو عثمان صابون وابو بكر الاسماعيلي وابو العباس ابن تيمية في جماعة اخرين ممن كتبوا في قائد اهل السنة وهو من الدعاء للمسلم في ظهر الغيب الذي ترجى اجابته وفي صحيح مسلم من حديث صفوان بن عبدالله بن صفوان عن ام الدرداء وابي الدرداء رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوة المرء المسلم لاخيه بظهر الغيب مستجابة. فاذا كان دعاء المرء اخيه بالظهر الغيب مرجو الاستجابة فان من اعظم من ينتفع الناس باجابة دعاء باستجابة الله لدعائهم ان يصلح هو ولي الامر. ومن هنا جاء عن الفضيل ابن عياض و احمد ابن حنبل انهما كانا يقولان لو اعلم ان لي دعوة مستجابة لجعلتها للامام ووجه ذلك الامام اذا صلح صلح الناس بصلاحه فيدعى له بالصلاح والتوفيق والتسديد وهو طريقة اهل العلم قديما وحديثا. قد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية عن الامام احمد بن حنبل رحمه الله انه قال اني لادعو للخليفة بالتوفيق والتسديد بالليل والنهار فهو ملازم الدعاء له لما يرجى من بركة استجابة الله له. وكان شيخنا ابن باز رحمه الله يقول كما ذكره عنه سماعا منه تلميذه الشيخ خالد الهويسين انه قال انني منذ ثلاثين سنة ادعو لولي الامر كل ليلة لان صلاح ولي الامر يتحقق به خير كثير. فمن شعار اهل السنة ومما يرجى به الخير للناس ان احرصوا على الدعاء لولي الامر. والعائبون هذا طائفتان. احداهما طائفة تمنع منه بدعوى ان في ذلك اساءة له بانتقاصه والاشارة الى افتقاره الى الدعاء وهذا جهل بالغ فان خير الناس وهو محمد صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله لي الوسيلة. رواه البخاري فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس للدعاء اليه للدعاء له فغيره محتاج الى دعاء الناس له بالصلاح والعافية والتوفيق والتسديد. والطائفة الثانية طائفة تمتنع من بدعوى ان هذا من المدح المنهي عنه. وهذا غلط فان المدح شيء والدعاء شيء اخر فمن دعا لولي الامر لا يمدحه ولذلك تجد الصادقين يتحرون وقوعه في فاء كما يتحرون ذكره في العلن فانت سمعت حال الامام احمد وابن باز رحمهما الله وانه كانا يدعوان له في الليل والنهار وان هذا كان يدعو له كل ليلة. ومن القول الاحسن ان مسائل الشرع متفاوتة المراتب. فمنها مسائل قطعية قام الدليل عليها فلا يدخلها جهاد ومسائل اخرى ظنية لم يقم الدليل على تعين هذا الحكم دون غيره. فهي اجتهادية لعدم قيام الدليل الدال على القطع بالحكم فيها. فيختلف فيها العلماء المجتهدون بحسب ما يعرض لهم من اسباب الاختلاف. فتارة يختلفون باختلافهم في صحة الدليل وتارة يختلفون لاختلافهم في دلالة الدليل على مسألة ما وتارة يختلفون لقيام مانع يمنع من القول بهذا الدليل مما يعرف باسباب الاختلاف وقد بسطها ابن تيمية الحفيد في رفع الملام وولي الله الدهنوي في كتاب الانصاف في اسباب الاختلاف. وهذه الحال تعرض للمجتهد الواحد يجتهد الواحد قد يقول قولا ثم يجتهد. فيقول قولا اخر فيكون له اجتهاد تارة قول ويكون له اجتهاد تارة بقول اخر وعرض هذا لرؤوس الناس من الائمة المتبوعين من الائمة الاربعة كابي حنيفة ومالك والشافعي واحمد وغيرهم فتراهم يجتهدون ويقولون ثم يجتهدون ويقولون قولا اخرا. والعبد بين هذا وهذا مأجور. ففي الصحيح من حديث بس لابن سعيد عن ابي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا حكم الحاكم فاجتهد ثم اصاب فله اجران. واذا اجتهد ثم اخطأ فله اجر واحد ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال انه لا ينكر تغير الفتوى لامور تعرض لها من الزمان او المكان او غير ذلك. فهذا الامر واقع في الاحوال النبوية ثم في احوال الصحابة ففي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ادخار لحوم الاضاحي فوق ثلاث ثم اذن بذلك صلى الله عليه وسلم لما رأى حاجة الناس وفقرهم وعوزهم امر صلى الله عليه وسلم فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الادخار مع اذنه به من قبل اجر حال الناس التي ولما استفحل في الناس شرب الخمر ولما استفحل في الناس شرب الخمر في عهد عمر رضي الله عنه وكان النبي صلى الله عليه سلم جلد شرب الخمر اربعين ثم جلده ابو بكر رضي الله عنه اربعين ثم جعل عمر رضي الله عنه بمشورة الصحابة جلد شارب الخمر ثمانين جلدة لانه اقطع لفساده واروع في الناس لئلا يتجرأوا على هذه الكبيرة. ولاجل هذا تقرر عند اهل العلم القول بتغير الفتوى. قال ابن تيمية الحفيد رحمه الله قال الفتوى تتغير بتغير اهل الزمان وهذا صحيح على مذاهب العلماء من السلف والخلف. انتهى كلامه. وعقد ابن القيم فصلا ماتعا في الموقعين بين فيه تغير الفتوى. وموجبات التغير الفتوى هي اوصاف شرعية تعرض للامر فتجعل الحكم ينقل من شيء الى شيء كاختلاف الزمان او او العوائد او المآل او العلل او غير ذلك. وللدكتور وليد الحسين نفيس اسمه تغير الفتوى. بين تلك الموجبات التي تدعو الى تغير الفتوى وهذا الامر لا يزال اهل العلم قاطبة على الاعتداد به. فالموجب لتغير الفتوى هي دواع اذنت بها الشريعة ان تراعى. ومن ابين ذلك في فتاوى المتأخرين ان شيخنا ابن رحمه الله كان يرى تحريم الاستعانة بالكافر في القتال وبسط هذا في كتاب في نقد القومية العربية. ثم لما عرضت الحال المعروفة قبل سنين من احتلال الكويت افتى هو هو وسائر هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة بالكافر حينئذ لا يقول المرء كيف تغيرت الفتوى؟ لان تغيرها كان موجبه شرعيا ملاحظة المصالح والمفاسد دعت الى ذلك. والظن باهل العلم الذين هم اهل العلم على الحقيقة انهم يراعون في ذلك مدارك الشرع ومقاصده. فهم لا يراعون احدا من الخلق ولا يرغبون في شيء من الدنيا هذه الدنيا بقضها وقضيضها وزخرفها وزخرفها وان امتدت فهي خيال زائل. والمرء يجعل بين عينيه وقوفه بين يدي الله سبحانه وتعالى. وفي اخبار الامام ما لك رحمه الله انه كان يقول ان المسألة لتردوا علي فتمنعني الاكل والشرب والنوم. فالامر عظيم. والمرء يجتهد قدر وسعه بما يلاحظه من دواع تستدعي شيئا فيفتي فيه وفق ما يراه براءة لذمته عند الله سبحانه وتعالى. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان من اصول الشريعة رعاية المصالح والمفاسد فالمنافع التي تحصل للناس والضرر الذي يلحق بهم مؤثر في الاحكام ومنه قوله تعالى ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم. فنهى عن سب الهة الكافرين لانها توقعوا في سبهم الله سبحانه وتعالى وتقدير تلك المصالح والمفاسد موكول الى العلماء العارفين باثر تقديرها في حكم ما فيوكل هذا الامر اليهم ويظن بهم الظن الحسن. ومن القول الذي ينبغي ان يقال ان الكلام في المسائل الاجتهادية سائغ لمن ملك الة الاجتهاد وهم المجتهدون سواء كان مجتهدا مجتهدا مطلقا او كان مجتهد مذهب او كان مجتهد فتوى وغيرهم لا صلة لهم بذلك. قال تعالى ولا تقفوا ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك عنهم مسؤولا وقال تعالى ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذبة هذا حلال وهذا حرام. الاية وهؤلاء لهم صفات مذكورة في كتب اصول الفقه هي شروط المجتهد. ومن جملة شروط المجتهد التي تتعلق بقبول قوله عدالته. اي وصفه بالعدالة الدينية بان يكون مرضيا في دينه. واحسن ما قيل في انها غلبة طاعته على معاصيه. وهذا اختيار الشافعي وابي حاتم ابن حبان. فاذا عرف عنهم ذلك قبل منهم اجتهاده واحسن الظن به. وليس من وصف المجتهد كما يظنه بعض الناس ما يسمى استقلالية العالم. ويتوهمون عالما في فضاء خارجي غير موجود في الناس فان استقلالية العالم التي يتوهم الانسان انه يؤثر فيها حاكم فكذلك يؤثر فيها محكوم فمن الناس من يتوجه بقبلته الى حاكم ومن الناس من يتوجه بقبلته الى الناس يريد مدحهم وثناؤهم. وحقيقة استقلالية في العالم العالم التي تطلب منه هو كمال تعلقه بالله سبحانه وتعالى وملاحظة امره ونهيه وتكميله عدالته. فاذا كان كذلك فحين اذ هو موصوف بالعدالة التي تجعل اجتهاده مما يقبل عنه. ويظن به الظن الحسن. ومن القول الاحسن الذي ان يقال ان المجتهد له ان يقول قولا يخالفه فيه مجتهد اخر. فهذا له قول وهذا له قول ان حقيقة كون المسألة اجتهادية انها تقبل القول فيها من المجتهدين فهذا تارة يرى الشيء حراما وذاك يراه حلالا وكلا القولين اوجبه دليل شرعي ملحوظ عند هذا وذاك المجتهدين وان اختلفت فهي في دائرة الاجتهاد المقبولة شرعا لاسبابها التي دعت اليها. واذا تلف المجتهدون واختار ولي الامر السلطان قولا من اقوال المجتهدين نفذ قول حينئذ عملا ولم ينفذ علما. والمقصود بنفوذه عملا ان العمل يكون وفق الاجتهاد الذي ولي الامر. واما نفوذه علما فهو لا يعني ان القول الاخر للمجتهد الاخر قول غير صواب فان اهل العلم متفقون على ان اختيار السلطان قولا في مسائل اجتهادية لا يجعل هذا صوابا في نفسه وهذا لا يجعل هذا صوابا في نفسه ويجعل ذاك خطأ في نفسه. نقله ابن تيمية وغيره لكن ينفذ العمل بما اختاره ولي الامر من اقوال المجتهدين. فلو قدر اني انا او من فوقي كسماحة مفتي البلاد او معالي الشيخ صاحب الفوزان يختارون قولا واختار ولي الامر خلافه لاجل مفت مرضي في علمه ودينه. فانما اختاره ينفذ عملا. واما علما فلا يكون ذلك القول هو القول الصواب الذي يكون مقابله خطأ فان اولئك الذين يقولون بالقول الاخر هم متمسكون بادلة شرعية حملتهم على هذا القول. فهم يقولون به. ومن الغلط ما يذكره بعض الناس عند هذا من قولهم ان حكم الحاكم يرفع الخلاف. فان هذا مختص بقضاء القاضي بين المتداعين اي المختلفين فانه اذا حكم القاضي سواء كان اميرا او من ينوب عنه في ولاية الفصل في الخصومات بشيء فانه حين ينفذ حكمه في تلك المسألة المعينة. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان قال المجتهدين يحفظ قدرها ويعظم جنابها ولو ترك العمل بشيء منها ومن الخطأ الحكم على قول مجتهد قال قولا مقابل مجتهد اخر بانه قول خطأ فان المسألة اجتهادية وهذا الذي تراه انت صوابا يراه هو خطأ والعكس بالعكس. فحينئذ تحفظ لتلك الاقوال حرمتها فان مأذون شرعا لهم بالاجتهاد. فلا يستخف بها ولا يسعى في محوها من كتاب او غيره فان اقوال المجتهدين من صدر هذه الامة الى اليوم موجودة في دواوين الاسلام منقولة في حلق العلم فهي اقوال ونحن في هذه البلاد في القضاء على مذهب الامام احمد. ويوجد في محاكم التمييز كما كانت تسمى اشياء بها على خلاف مذهب الامام احمد وقد جمعت فيها رسالة اكاديمية خاصة. فحينئذ لا تمحى تلك الاحكام كاموا من كتب الحنابلة لان العمل جار عندنا على خلاف ذلك بل يكون العمل على شيء وتحفظ لتلك الاقوال حرمتها وقدرها ومهابتها. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان على المؤمنين ان يتعاونوا بينهم ويتحروا اسباب المحبة وما تقوى به صفوفهم به صدعهم. قال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى. وفي الصحيحين من حديث ابي بردة عن جده ابي بردة عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. وفي الصحيحين من حديث مالك عن الزهري عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كونوا عباد الله اخوانا. فينبغي ان يتحرى المرء ما به صفاء المحبة ودوام الالفة بين المسلمين. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان قال شدة الحاجة الى العلم الاصيل واهله العالمين بالله وامره. فيأخذ المرء العلم عمن يوثق بعلمه ودينه وهؤلاء لا يخفون فعند ابي داوود والترمذي وابن ماجة من حديث ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال علماء ورثة الانبياء. والله سبحانه وتعالى قد جعل للانبياء دلائل تدل على صدق نبوتهم. وكذلك يجعل من اعلام ام الحق ما يبين كون احد من الخلق عالما يؤخذ بعلمه ويقتدى بقوله فهم لا يخفون على الناس وان خالطهم الدخلاء والمتلبسون بصورة العلم واهله فان اهل العلم الذين هم اهله معروفون متميزون ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال ان مما يصلح به حال العبد والخلق هو الصبر وتعليم العلم ونشر الخير. قال تعالى فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. وقال تعالى فاصبر ان العاقبة للمتقين. وقال تعالى واصبر لحكم ربك فانك باعيننا وعند الترمذي من حديث حماد بن يحيى عن قتادة عن انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل امتي مثل المطر لا يدرى الخير في اوله او في اخره. وفي صحيح مسلم من حديث سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قال الرجل هلك الناس فهو اهلكهم او قال اهلكهم يعني فهو اشدهم هلاكا او هو من اسباب هلاكهم فينبغي للانسان ان يظن الخير بالناس وان يجتهد في تعليمهم. ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان قال تحريض الخلق على التمسك بدينهم والثبات عليه. قال تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم. وقال تعالى فتوكل على الله انك على الحق المبين. وقال تعالى الحق من ربك فلا تكن من الممترين. والمراد بالثبات على الحق هو الاستمساك بالدين والعمل به واتباعه ومن الخطأ توهم ان الثبات هو ان لا يتغير اجتهاد العبد او ان الثبات هو مشاغبة الحاكم او ان الثبات هو اثارة الناس والتشويش عليهم فهذا كله من الاحوال الرديئة ومن القول الاحسن الذي ينبغي ان يقال تعاهد المسلمين كافة بالدعاء لهم فانه من اعظم حقوق الاخوة. قال تعالى انما المؤمنون اخوة وهو نهج الانبياء وطريقة الاولياء. قال نوح عليه الصلاة والسلام رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات. وقال ابراهيم عليه الصلاة والسلام رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب. وقال الله تعالى قال لمحمد صلى الله عليه وسلم واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. فينبغي للمرء ان يجتهد في الدعاء لاخوانه المؤمنين كان من دعاء عمر رضي الله عنه في الوتر انه كان يقول اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات والف بين قلوبهم واصلح ذات بين دينهم وانصرهم على عدوك وعدوهم وبهذا نختم وندعو فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وان يؤلف بين قلوبهم ويصلح ذات بينهم وينصرهم على عدوه وعدوهم. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها. انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين وياه