اعظم النفع للمسلمين فهي دعوة الى الخير وكلمة طيبة ونصيحة مرشدة قال تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير في الصحيحين من حديث عبد الرزاق بن همام عن معمر ابن راشد عن همام ابن منبه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الكلمة الطيبة صدقة وفي صحيح مسلم من حديث سفيان بن عيينة عن سهيل بن ابي صالح عن عطاء بن يزيد عن تميم الداري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم ومن ابواب هداية المسترشدين ودلالة الراغبين ما توجم عنه بعنوان هذه المحاضرة منارات في تأصيل العلوم الشرعية عند المتعلمين فهذا العنوان يجمع امورا ثلاثة اولها انها منارات مشتملة على شيء من الانارة لاولئك المسترشدين الراغبين وثانيها ان تلك المنارات مجعولة في تأصيل العلوم الشرعية لانها هي العلوم المخصوصة بالعناية وتعظيم المقام في شريعة الاسلام وثالثها ان محل التأصيل المراد بيانه هو ما يتعلق بالمتعلمين اذ تأصيل العلوم له جهتان احداهما العلم نفسه والاخرى المتعلم المتلقي تارة يعمد الى تأصيل علم ما فتأصيل علم الفقه او تأصيل علم الاصول او تأصيل علم النحو اي وضع اصوله بجمع ابوابه وترتيب احكامه ونظم مسائله ومن هذه البابة ما شهر عند المعاصرين من الاعتناء بتأصيل العلوم العصرية وفق الوضع الشرعي الذي تسمعه من قولهم التأصيل الاسلامي لعلم الادارة او التأصيل الاسلامي لعلم اجتماع ونظائر ذلك تهادى واشباهه مما يندرج في تأصيل علم ما واما فيما يتعلق بالمتعلم فان المراد جعل تلك العلوم ملكة راسخة في نفسه كما سيأتي بيانه وهذه المنارات التي جعلت للوفاء قدر المستطاع بما يناسب المقام في تحقيق هذا المراد عدتها عشرون منارة فالمنارة الاولى حقيقة التأصيل والتأصيل يراد به تأسيس مهمات العلم في نفس المتعلم ليشتمل قلبه على ما يلزمه وينفعه من علم ما قال الفيومي في المصباح المنير اصلته تأصيلا اي جعلت له اصلا ثابتا يبنى عليه انتهى كلامه فالمراد من التأصيل ان يجعل في نفوس المتعلمين اسس ثابتة جامعة لما ينفعهم من العلوم وهذا المعنى يخرج به معنيان مشهوران احدهما معنى واسع والاخر معنى ضيق فاما المعنى الواسع فهو منهج فلسفي من المناهج الفلسفية المتعلقة بصياغة حياة البشر ولا يختص بدين دون دين او عرق دون عرق او بلد دون بلد بل هو اطلاق يراد به مقابلة الحداثة والعصرنة فيقال الاصالة والتأصيل اي الرجوع الى الاصول القديمة المتعلقة بدين او عرق او بلد في مقابل ما ينشأ من الحداثة والعصرنة في ذلك الزمان او المكان واما المعنى الضيق فهي معان خاصة اطلقت في جملة من العلوم كالتأصيل في حساب الفرائض او التأصيل في بناء الكلمة عند النحات والصرفيين او التأصيل والتفريع عند علماء اللغة والادب فهذا المعنى وذاك غير مرادين في هذا المقام وهو مختص ببيان المعنى الذي شهر عند المتأخرين اطلاقه لارادة بيان الجادة المسلوكة الموصلة الى العلم وهي التي يذكر غالبا باسم التأصيل العلمي وان كان هذا اللفظ فضفاضا من جهة وضعه وموسعا من جهة متعلقاته في الاطروحات المعاصرة من غير وقوعه على هذا ولا ذاك مما لا يسع المقام لبيانه لكن المقصود ان تعلم ان البيان هنا يتعلق ببيان ما تعلق بوضع الاسس بنفوس المتعلمين لبناء ملكة علمية عامة او خاصة والمنارة الثانية منزلة التأصيل ان التأصيل درجة من درجات التحصيل العلمي واطلاق القول على انالة العلم وحيازته كله خاضعة لمعيار التأصيل غلب اذ التأصيل جزء من طلب العلم وتحصيله فثمة مدارك اخرى لتحصيل العلم لا تندرج في اسم التأصيل فمثلا سعة الاطلاع وكثرة القراءة والرحلة في العلم والبحث والتصنيف الى غير ذلك كلها من سبل تحصيل العلم لكنها ليست مندرجة في اسم التأصيل فالتأصيل درجة من درجات تحصيل العلم وهذه الدرجة تشتمل على اربعة امور اولها تصور العلم وذلك بان توجد صورته في قلب المتعلم فيكون له فيه ادراك وثانيها الاحاطة بمتعلقات ذلك العلم وتكون تارة دلائل وتارة مسائل وتارة تكون قواعد واصولا وثالثها تمكين تلك المتعلقات في النفس بان تكون مغروسة فيها ثابتة كتبات الشجرة اذا غرست في ارض ورابعها رفع البناء العلمي عليها والمنارة الثالثة اهمية التأصيل ان هذه الدرجة من درجات تحصيل العلم درجة لازمة لما تشتمل عليه من ابراز جادة يمكن سلوكها للوصول الى العلم فالعلم الذي يراد الوصول اليه لابد له من جادة توصل اليه وتلك الجادة يتكفل ببيانها نعت التأصيل العلمي وقد اشار النبي صلى الله عليه وسلم الى هذه الجادة في الحديث المخرج في صحيح مسلم من حديث سليمان الاعمش عن ابي صالح الزيات عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر حديثا وفيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة الحديث فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وجود طريق للعلم وهذا الطريق تارة يكون حسيا وتارة يكون معنويا وتختلف مشمولاته لكن المقصود الاعلام بان العلم له طريق يتكفل التأصيل بابرازه وبيانه ويتجلى فيه قول الله تعالى في سورة الملك افمن يمشي مكبا على وجهه اهدى امن يمشي سويا على صراط مستقيم وينتج من الاحاطة بهذه الاهمية دفع الاضرار الناشئة من الجهل بالتأصيل فما نراه من الشتات والفوضى والتعالم والفتور واشياء اخرى كلها ثمار سيئة لغياب التأصيل اما فهما وادراكا واما لحوقا وسلوكا والمنارة الرابعة اهداف التأصيل ان التأصيل يهدف الى امرين جامعين احدهما اشراب القلب حقائق العلم واحاطته بحال تجعله قابلا له فان القلب وعاء العلم ويفتقر القلب الى تهيئته حتى يكون قابلا للعلم فالمضي في التأصيل يجعل القلب مشبعا مشغبا بهذه الحقائق ممكنا من البناء عليها والحاق فائض العلم بعد ذلك بمواقعه المناسبة له من القلب والثاني حفظ النفس واحرازها من مواقع الخطأ والخلل والزلل والزيغ والشبهات والفتن فان هذه الامور التي تتخاطفنا يمنة ويسرة في حياتنا سواء كانت خطأ او شبهة او فتنة لا يتمكن المرء من دفعها عنه وجعل نفسه في حصن منها الا بوجود تأصيل صحيح للعلم في نفسه والمنارة الخامسة غاية التأصيل ان هذه الدندنة التي نسمعها حول التأصيل مع ارتفاع ضجيجها ينبغي الا تغيبنا عن ادراك الغاية من التأصيل وهي تحقيق عبودية الله والهداية الى الصراط المستقيم فهذا العلم الذي ندوق حوله هو من ميراث النبوة. والله عز وجل بعث الينا محمدا صلى الله عليه وسلم عبدنا له سبحانه وليهدينا الى الصراط المستقيم فينبغي ان نستحضر ان الغاية من التأصيل هو ان نكون عبادا لله تالكين صراطه المستقيم والمنارة السادسة فوائد التأصيل ان للتأصيل فوائد متنوعة من جملتها تمتين بدايات البناء العلمي وتثبيت بنيانه فبالتأصيل تكون بداية المتعلم متينة ويثبت اصل بنيانه العلمي الذي يبني عليه ومنها صحة الديانة وسلامتها فالتأصيل الصحيح للدين الصحيح يجعل دين العبد صحيحا ومنها توفير الجهد بالنفس والمال فسلوك التأصيل يوفر على العبد جهده بماله ونفسه ومنها حفظ الوقت واستثمار العمر فان الله عز وجل جعل لاحدنا في هذه الدنيا مدة محدودة هي عمره واعظم ما يستثمر فيه الانسان هو هذا العمر. ومما يساعدك على استثمار عمرك وحفظ وقتك سلوكك طريق التأصيل ومنها تسهيل الوصول الى المأمول من العلم. فبالتأصيل يسهل عليك ان تصل الى مطلوبك من العلم ومنها الرفق بالنفس في تحصيل مطلوبها فالعلم الذي تتوق النفوس اليه ان لم تسق فيه النفس بسياسة حكيمة والا حصل لها ضرر ربما يفضي الى غلو تارة او الى زيغ وجفاء تارة اخرى فينجي العبد من هذا التأصيل الذي يكون فيه المرء عند اخذه التأصيل حق الاخذ رفيقا بنفسه منقلا لها في مراتب الكمال الذي يؤمله ومن جملتها الوقاية من مواقع الخطأ وموارد الشبهات والوقوع في الزيت والمنارة السابعة تاريخ التأصيل ان التأصيل كمصطلح يراد به وضع اسس العلم لم يكن اصطلاحا مستعملا عند الاولين وان كانت حقيقته موجودة وهذه هي قاعدة المصطلحات غالبا فان المصطلحات تنبئ عن حقائق موجودة في الاعيان اما في زمان ومكان عام طول الحياة الدنيا واما في زمان ومكان خاص فمثلا هذا العلم المشهور عند الناس وهو علم اصول الفقه لو ابتغيت ان تجد في القرآن والسنة وكلام السلف اسم اصول الفقه فانك لا تجده ولكن مضامين هذا العلم موجودة في نفوسهم والى هذا المعنى اشار عبدالله بن ابراهيم الشنقيطي في مراقي ال سعود اذ قال اول من صنفه في الكتب محمد بن شافع المطلب وغيره كان له سليقة مثل الذي للعرب من خليقة اي ان سلقة الاصول كانت مركوزة في طبائع الاوائل وانما عبر عنها بالفاظ وجعل لها ترتيب سمي اصول الفقه عند من تأخر. فكذلك ما يسمى بالتأصيل هو موجود بمن سبق وان كان اللفظ مفقودا والى ذلك اشارات متنوعة منها ما جاء عن عامل الشعبي وهو احد التابعين انه قال العلم كثير والعمر قصير فخذوا ارواحه ودعوا ظروفه فقوله رحمه الله خذوا ارواحه يعني ارواح العلم المراد بها عيونه المهمة التي تجمع مقاصد العلم واصوله مما يتعلق بالدلائل او المسائل او القواعد واشار الى هذا المعنى العلامة علي بن الحسن ان نعمي المتوفى سنة سبع وستين والف اذ قال يمم هديت يمم هديت دروب السلف الاولى نشأوا على التفريع والتأصيل اخبر بان طريقة السلف الاوائل يمم هديت مدارج السلف الاولى نشأوا على التفريع والتأصيل. فاشار الى ان الجادة المسلوكة فيمن تقدم ملاحظة التأصيل ببناء اصول العلوم ثم التفريع عليها والمنارة الثامنة اركان التأصيل ان للتأصيل اركانا اربعة اولها المؤصل وهو المرشد الى هذه الجادة الدال عليها الاخذ بايدي الراغبين وهم الشيوخ والمعلمون وثانيها المؤصل المؤصل وهو الطالب او الطالبة المبتغي الوصول الى العلم بانزال نفسه هذه الدرجة. وثالثها المؤصل به وهو المتخذ وسيلة الى التأصيل من القرآن او السنة او الكتب المعتمدة عند اهل العلم ورابعها صفة التعصيب وهي الحال المحققة لنقل هذا التأصيل من مضامين هذه الكتب من المؤصل الذي هو العالم او او الشيخ الى الموصل وهو الطالب الملتمس ذلك. والمنارة التاسعة عماد التأصيل ان قوام التأصيل ونظامه على ساقين احدهما الحفظ والاخر الفهم فهذان الامران هما جماع قوة العلم وهما مبدأه قال ابن تيمية الحفيد رحمه الله في كلام له في اقتضاء الصراط المستقيم والعلم له مبدأ وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم انتهى كلامه فالحفظ والفهم هما القوتان اللتان يبنى عليهما العلم وهما قوتان متلازمتان لا غنى عن اعمال احداهما مع الاخرى فلا يكمل من اخذ بالحفظ دون الفهم ولا من اخذ بالفهم دون الحفظ فنحن مفتقرون بتأصيل علومنا الى حفظ وفهم ونحتاج ايضا الى حسن الملائمة بينهما فان من غلب الحفظ ربما اضر بالكهن ومن غلب الفهم ربما اضر بالحفظ والى هذا اشار بعض شراح الرحبية فيما نقله عنه الوشل في الثناء الحسن ولم يسمه ان من اعتنى بالحفظ دون الفهم اضر بالفهم ومن اعتنى بالفهم دون الحفظ اعتنى بالحفظ فهما قوتان متلازمتان في الوصول الى التأصيل جدرتان بالعناية بهما على حد تواب واما ترتيبهما فهذا يختلف باختلاف الناس والاحوال والازمنة والامكنة فتارة يقدم الحفظ ثم يتلوه الفهم وتارة يقدم الفهم ثم يتلوه الحفظ وتارة يقترنان فيحفظ ويتفهم وكل ذلك سائغ بحسب الحال الداعية اليه. فيمكن ان تبادر الى الحفظ مدة ولا سيما في حق الصغار وتؤخر الفهم ويمكن ان تقدم الفهم لوعورة الحفظ دون فهم في حق احد فاذا فهم امكنه ان يحفظ وربما يقترنان وهي الحال التي كانت غالبة فيما سبق انه يحفظ سيعرض على الشيخ ويشرح له الشيخ المعلم القدر الذي حفظه والمنارة العاشرة مفتاح التأصيل اذا اردنا ان نبحث عن مفتاح شيء فينبغي ان ننظر الى تاريخه وقد عرفت فيما سلف ان التأصيل ممتد في هذه الامة موجود في طبقاتها فينبغي لمن اراد ان يبحث عن المفتاح ان يتأمل في المبادئ التي تواطأ عليها الناس في هذه الامة على تقديمها في حق كل متعلم ومن سبر تاريخ المسلمين وجد ان هذه المبادئ ثلاثة اولها القراءة وثانيها الكتابة وثالثها الحساب فكل طبقة من طبقات الامة كان صغارها يبدأون بهذه المطالب الثلاثة بان يتعلموا القراءة والكتابة والحساب وكل واحد من هذه المبادئ الثلاثة له ثلاث مراتب فالقراءة مراتبها ثلاث المرتبة الاولى معرفة الحرف والمرتبة الثانية معرفة حركاته والمرتبة الثالثة معرفة مخرجه وصفته فيعرف هذا الحرف من حروف الهجاء كالدال والدال والراء والزاي ثم يعرف حركاته وهي المشهورة بالقاعدة البغدادية محركا ومسكنا كرا ري ار والمرتبة الثالثة معرفة مخرج الحرف وصفته وهي مراتب متتالية فالمقدم ان يعرف المتلقي الحرف ثم يعرف الافه في حركاته ثم يعرف مخرجه وصفته ويمتثل كل ذلك والكتابة ايضا لها ثلاث مراتب المرتبة الاولى معرفة رسم الحرف فيعرف كيفية كتابة حرف الدال او الدال او الراء او الزاي اللاتي تقدم ذكرهن ويعرف رسم الحرف مفصولا وموصولا فكيف يكتب قرف العين اذا كان موصولا بغيره ككلمة علم وكيف يكتب اذا كان مفصولا عن غيره ككلمة شرع وثانيها تحسين الخط وذلك بالاجتهاد بان يكون خطه حسنا مقبولا مستحسنا في اعين الناظرين وثالثها تجويد الخط بالارتقاء فوق مرتبة تحسين الخط الى اتقانه بمعرفة انواع الخطوط كالثلث او الناس اي الرقعة او غيرها من انواع الخطوط الاخرى والاعداد كذلك ثلاث مراتب اولها معرفة العدد وثانيها معرفة درجة العدد وثالثها معرفة العمليات الاربعة المتعلقة به فهو اولا يعرف العدد واحد اثنان ثلاثة الى اخر الاعداد. ثم ثانيا يعرف درجات العدد وهي الاربع الاحاد والعشرات والمئات والالوف ثم يعرف العمليات الاربع وهي الجمع والطرح والضرب والقسمة فهذه الجملة المتعلقة بالقراءة والكتابة والحساب هي مفتاح التأصيل فكل واحد منها مفتقر اليه فيما يستقبل من التأصيل. فكيف يرتقي الى طلب التأصيل من لا يعرف القراءة او لا يعرف الكتابة او لا يعرف العدد وهذا تي لم يعد ممكنا وكان مما ينبغي التنبيه اليه ان هذا القول الذي اذكره هو باعتبار ما انتهت اليه صناعة العلم عند الناس لا باعتبار ازمنة محددة فان لكل زمن جادة يوصل بها الى العلم فمثلا كان ادراك العلم في عهد الصحابة والتابعين واتباع التابعين على حال غير الحالة التي وقعت في القرن الرابع والخامس والسادس. وكذلك ما وقع بعد ذلك من السابع والثامن والتاسع والعاشر لها حال وهكذا فهذا الذي نذكره لا ينبغي ان يشوش عليه استجرار الحقب الزمنية الماضية والاحوال التي كانت عليها الناس فلا يأتي احد ويذكر عدم الحاجة الى الحساب مستدلا بالحديث الوارد في الصحيحين نحن امة امية لا نكتب ولا نحسب فهذا محدد بحال وزمان ومكان وحكم وليس اصلا كليا بل الاصل الكلي في الشريعة الامر بتعلم ذلك. وبيانه له مقام اخر والمنارة الحادية عشرة ادوات التعصيل سبق ان عرفت ان التأصيل عماده شيئان هما الحفظ والفهم وكل واحد منهما له ادوات لابد من وجودها للوصول الى المطلوب في الحفظ والفهم فاما ادوات الحفظ فهي عشر اولها تعيين المحفوظ بان يميز المحفوظ المراد وهذا التعيين يكون بمرشد يرشد اليه ودال خبير بالطريق يعرف به ومبتدأ الحفظ تعيين المحفوظ وثانيها افراده وتوحيده بان لا يخلق بغيره فعند عزمك على حفظ شيء عينته فلا ينبغي ان تخلطه بغيره هذه هي القاعدة الكلية. وقد يدعو زمان او مكان الى ملاحظة غيرها فمثلا اذا نظر الى هذه الاداة وهي افراد المحفوظ وتوحيده بخصوص القرآن فاذا كان المتلقي صغيرا تأكد التوحيد والتفريط بان لا يخلط بغيره اما ان كان كبيرا فلا وقد سئل الامام احمد الرجل يحفظ للقرآن ام يطلب العلم؟ فنظر الى السائل فوجده كبيرا فقال يطلب العلم لكن هذا لا يمحو القاعدة الاصلية في توحيد المحفوظ وتفريده لكون ذلك لوحظ فيه عارض اوجبت رعايته في حق تحقيق العبودية نقل العبد الى غيره ولداته الثالثة اختيار النسخة الصحيحة والتزامها فيختار له نسخة صحيحة يلتزم بها وهذا يجمع شيئين احدهما ان تكون النسخة صحيحة مجودة وثانيها ان يلزم هذه النسخة في كل حال. اي في بقية موجود في التربية المعاصرة وهو التصوير الذهني. وذلك ان ذهن تنطبع فيه صورة لما يحفظ او يفهم تبقى فيه ومما يعين عليها في الحفظ التزام النصرة المحفوظ منها ولا ذات الرابعة جعل المحفوظ اقساما بان يجعل هذا المحفوظ على مقادير ويجتهد في تقليلها فيقسمه اقساما فقد يكون المحفوظ عشرين مقدارا او ثلاثين مقدارا او مئتي مقدار بحسب حال المحفوظ وقدرة الحافظ لا ان يجعله مرسلا تبهللا ولا كما واحدا ومن الموارد النافعة في الحفظ عند الشناقطة ما يسمى بالاقفاث وهي عندهم جمع قف واصله من كفر بان ينتهي المتحفظ الى قدر يوقف عنده فيقال له قف فيكون هذا قفا اي مقدارا ثم يتبعه ثاني ثم يتبعه ثالث حتى يتم المتن وتجد ان نقل المحفوظ عندهم والاعتناء به اورث ان تكون هذه الاقفاف مشهورة غير مجهولة فمختصر خليل وهو متن مالكي مشهور هو عندهم ثلاثمائة وستون طفا اي مجعولا على هذه العدة من المقادير والاداة الخامسة تصحيح قراءة المحفوظ بان يصححه قبل حفظه لان لا يحفظ قطعا والاداة السادسة تحفظ المحفوظ اي طلب حفظه تحفظ المحفوظ اي طلب حفظه والناس اليوم يجعلون سنام التحفظ رفع الصوت به فهو اذا اراد ان يتحفظ مثلا سورة الاخلاص شرع يقول قل هو الله احد قل هو الله احد قل هو الله احد وهذا جزء من التحفظ وكمال التحفظ يرجع الى امور اربعة اولها كتابة المحفوظ وثانيها رفع الصوت به كما مثلنا وثالثها استماعه بان يسمعه من مخزون صوتي مسجل ورابعها صلة بعضه ببعض بان يرد هذا المقدار على الذي قبله وذاك المقدار بعدهما على المقدارين قبله وهكذا حسب الخطة الموضوعة له ولا ذاته السابعة تكرار المحفوظ بان يكرر المحفوظ كثيرا. والتكرار شيء زائد عن التحفظ ولا يشرع في التكرار الا بعد وجود الحفظ فهو لا يعد عندما يقول رافعا صوته قل هو الله احد قل هو الله احد قل هو الله احد ان هذا تكرارا. فهذا حال عفوا فاذا انتهى الى الحال التي يكون فيها المحفوظ في ذهنه فعند ذلك يطالب بالتكرار وكلما زاد التكرار عظم الانتفاع فقوة حفظك على قدر تكرارك ولا ينبغي ان يقل عن عشرين مرة فاذا امكنه ان يصل الى الخمسين فذلك خير واذا امكنه ان يصل الى المئة فذلك اعظم. وهذه ارقام قليلة ازاء ما شهر عن جماعة من تكرار محفوظهم خمسمائة مرة او الف مرة وذكر اكثر من ذلك ايضا والاداة الثامنة عرض المحفوظ. فلا يكفي ان تحفظ بل لا بد من عرظه على غيرك اما قرين مشارك او شيخ ملاحظ معتن. فاذا حفظت ذهبت اليه فعرضت محفوظك. والاداة التاسعة مذاكرة المحفوظ وهي تالية لعرضه على السيف بان تجتمع مع غيرك من اقرانك فتتذاكر هذا المحفوظ على وجه المداولة بينكم بان تقرأ بابا ويقرأ هو بابا اخر او بان تقرأ بابا ويقرأ هو الباب نفسه. والاداة العاشرة مراجعة المحفوظ وهذه المراجعة تارة تكون حال الحفظ فتراجع محفوظ اليوم الماظي او اليومين الماضيين او محفوظ الايام الثلاثة او الايام الاربعة بحسب الخطة الموضوعة لذلك وتارة تكون هذه المراجعة بعد الفراغ منه فاذا فرغت منه راجعته اما حالا قبل الاشتغال بمحفوظ اخر والا بان يبقى معك في وقت من السنة تراجع فيه اذى المحفوظ وامثله الاجازة الصيفية واما ادوات الفهم فهي عشر ايضا الاداة الاولى تعيين المفهوم والقول فيه كالقول فيما سبق من تعيين المحفوظ اي تمييزه ولدات الثانية افراده وتوحيده بان لا يجمع بينه وبين غيره وهذا هو الاصل فان تعذر تتغير الاحوال في زماننا وقلة المعلمين وكثرة الشواغل فلا بأس لكن ان امكنه ان يجمع نفسه على مفهوم واحد فهو افضل الولدات الثالثة اختيار النسخة الصحيحة والتزامها ليفهم فهما صحيحا فانه قد يقع الغلط في الفهم للغلط في النسخة ولدات الرابعة جعل المحفوظ جعل المفهوم اقساما وهو الذي يسمى بالدروس فهذه الدروس لابد منها للحصول على فهم متمكن وشواهده في الدراسة النظامية ان المرء لا يأخذ المقرر دفعة واحدة ولكنه يجعل له دروسا مفرقة. والاداء الخامسة تصحيح قراءة المفهوم قبل فهمه والاداة السادسة تفهم المفهوم قبل استشراحه وهو ان تعمد الى المفهوم الذي تريد استشراحه عند معلم او شيخ فتتفهم جمله وهذا من انفع ما يكون بتفتيق الاذهان وتقوية العقل فتأتي الى الجملة التي تريد ان تستشرحها ثم تنظر فيها دون شرح وانما بنظرك انت فتتفهم المعاني المذكورة وهذا يربي عندك ملكة الفهم ويجعلك قادرا على الاحاطة بما يلقى اليك من القول وينشئ في نفسك الايرادات والاشكالات ومنه تعرف الخطأ والصواب فانت ستعود الى شيخك الذي يشرح لك ثم تفهم ان بعض ما فهمته صواب وان بعض ما فهمته خطأ وهذا يؤول الى صفاء الذهن فيكون الذهن بعد ذلك صافيا قادرا على تمييز ما يلقى اليه من اسرع وهلة فالاجوبة الذكية التي تراها من بعض المفتين هي نتيجة من النتائج التي اوصلت اليها مثل هذه المهارة والاداة السابعة تلقي المفهوم بالشرح والايضاح فتتلقى هذا المفهوم عن معلم او شيخ يبين لك معانيه ولا يمكن ان يكون ذلك الاستشراح من كتاب فالكتاب صامت ولا يمكن ايضا ان يكون من مسجل وهو ما يسمى الشريط الصوتي او المخزون الصوتي على اختلاف اوعيته وهذا انما ينتفع به عند عدم وجود من تتلقى منه. لاختصاص هذه الامة بكون التلقي يكون فيها بالنقل المباشر ففي سنن ابي داوود باسناد قوي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم فهذا هو الاصل في تلقي العلوم في هذه الامة. والاداة الثامنة تقييد الشرح المتلقى وكتابته فالشرح الذي يلقى اليك لا تنتفع به الا مع التقييد بان تقيد كاتبا ما يلقى اليك هو الاداة التاسعة مذاكرة المفهوم بان تجتمع مع غيرك من اقرانك وتذاكر ما القي اليك من الشرح والاداة العاشرة مراجعة المفهوم بان تجعل هناك وقتا لهذا المفهوم الذي فهمته تراجع فيه ما القي اليك كيبقى راسخا ثابتا في نفسك والمنارة الثانية عشرة مسالك التعصيل ان التعصيل له مسلكان. احدهما مسلك عام وهو الطامح الى الجمع بين انواع العلوم. والاخر مسلك خاص وهو المقتصر على نوع من انواع العلوم فتارة يكون واضع هذا التأصيل معتنيا بالتأليف بين العلوم لارتباطها. فهو يرسم في خطته ما يتعلق بالاعتقاد ما يتعلق بالتفسير وما يتعلق بالنحو وما يتعلق باصول الفقه وهناك اخرون محسنون ايضا يرسمون مسلكا خاصا كتأصيل علم اصول الفقه او تأصيل علم القراءات او غير ذلك وهذا التأصيل يظهر لبعض الناس ان ما ينشر بينهم هو مسالك متعددة ففلان له مزك وفلان له مسلك وفلان له مسلك واطلاق القول هكذا مرسلا غلط فان هؤلاء يجتمعون غالبا في اشياء اختضتوها بالتأصيل فقد تجد لدي انا في مسلكي اذكر كتاب كذا وكذا وكذا وازيد وانقص واخر يذكر بعض ما ذكرته ويزيد وينقص يذكر بعض ما ذكرته ويزيد وينقص فالاصل ان المسالك اذا صدرت من متأهلين هي مجتمعة والخلاف بينها يسير ثم هذه المسالك الذي التي يتوهم بعضها بعض الناس انها بنات افكار فلان او فلان غلط شنيع فان ما يذكرونه للناس الاصل فيه انه موروث متلقى فهذا الذي سمعته مني مثلا في ادراك علم اصول الفقه بان تحفظ وتستشرح الورقات ثم المرافق او ملتقى الوصول هو شيء كان في من قبلنا وهكذا وانما يكون في بعض طبقات الامة من يتصدى لنعت هذا الطريق ويجتهد في ايصال الناس الى مقام اكمل الى مقام اكمله ما اتاه الله سبحانه وتعالى من السعة وهذه الجملة من القول لا تجعلنا نغظي عن وجود غير مؤهلين يرسمون مسالك للتعصيب فالراسمون مسالك التأصيل نوعان احدهما المؤهلون والاخر غير المؤهلين وهؤلاء المتطفلون على مائدة مسالك التأصيل موجودون قطعا ووجودهم لا يكون معتمدا لمن يغمز في التأصيل بوجود تباين واختلاف. فهؤلاء متطفلون على مائدة ينفون بابراز التأصيل الصحيح واثباته في الممارسة الواقعية العلمية العملية ولاجل هذا ينبغي ان يعرف المتلقي ان التأهيل لوضع مسالك التأصيل له شروط وهذه الشروط نوعان احدهما شروط صحة والاخر شروط كمال فاما شروط الصحة فاثنان احدهما المعرفة بالطريق لان يكون عارفا بالطريق والاخر سلوكه بالتلقي في ان يكون مشهورا بانه تلقى العلم كما قال عبدالله بن عون لا يؤخذ العلم الا عن من عرف بالطلب واما شروط الكمال فهي اثنان ايضا احدهما القدرة على بيانه اذ يمكن ان يوجد من يحسن رسم الطريق لكنه لا يحسن البيان عنه واشار الى هذا ابن تيمية في الجواب عن الاعتراضات على الحموية بان من الناس من له معرفة للحق لكن ليس عنده قدرة على بيانه والتعبير عنه. والاخر الممارسة ببنيانه بان يكون ممارسا للتأصيل ببثه في الناس والقيام عليهم فيه. والمنارة الثالثة عشرة مجالات التأصيل ان مجالات التأصيل التي اريدها هي المجالات المتعلقة بالعلوم الشرعية وهي مجالان احدهما مجال علوم المقاصد والغايات كالاعتقاد والتفسير والحديث والفقه والاخر مجال الوسائل والالات كالنحو واصول الفقه ومصطلح الحديث والقواعد الفقهية والمنارة الرابعة عشرة مقررات التأصيل ولا تلتمس مني الان ان احدثك عنها فهذا حديث طويل ولكن ينبغي ان اذكر لك ما يكون نورا تستضيء به في تمييز مراتب مسالك التعصيب وهو معرفة خصائص مقررات التعسيم فان المقررات التي تجعل للتأصيل ينبغي ان تكون ذات خصائص تدعو الى الاعتداد بها وتقديمها فاول تلك الخصائص جمع مقاصد علم ما بان يجمع ذلك المقرر مقاصد علم ما اما بدلائله واما في مسائله واما في قواعده والثاني قلة المباني وغزارة المعاني بان تكون الالفاظ قليلة وتكون المعاني كثيرة والثالث احكام صياغتها وحسن وحسن ترتيبها بان يكون هذا المقرر حسن الصياغة ومحكم الترتيب. ورابعها اخلاقها مما لا يحتاج اليه غالبا فان الاشغال بما لا يحتاج اليه يورث الضعف والانقطاع ولذلك تجد جماعة من اهل العلم نبهوا الى ان هذا المقرر اخلي من غيره. فمثلا الفية ابن مالك تعرفون ان اسمها ايش الخلاصة فهي سميت خلاصة لاخلاعها مما لا يحتاج اليه. وابن عاصم في في مرتقى الوصول ذكر نظمه قائلا حاشيتها من ومنطق حرصا على ايضاح اهدى الطرق. وخامسها سهولة حفظها وامكان فهمها. بان تكون سهلة الحفظ ويمكن فهمها بلا مشقة. والمنارة الخامسة عشرة قواعد التأصيل ان التأصيل الذي نريد ايصال الناس اليه له قواعد. يحملنا نحن قبل ان تحمل الناس على الاعتداد بها. وينبغي ان الناس ان هذه القواعد لابد من اعمالها. وان الذي يريد ايصال الناس دون ملاحظة هذه القواعد فقد يضر بهم. فالقاعدة الاولى رعاية اقامة العبودية بان يكون الرائن تأصيل الخلق ملاحظا اقامة العبودية فيهم فمن الغلط حينئذ ان تغفل عما يحتاج اليه المتلقي في عبوديته بان تأتي مثلا الى راغب في العلم فتحمله على ما تميل اليه بان تقرئه النحو او الاصول او المنطق وتتركه حسيرا جاهلا فيما يتعلق باعتقاده وادبه واذكاره وطهوره وطهوره وصلاته فهذه غفلة عظيمة عن مقصد جليل من التعصير كما وتقدم وهو تحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى. والقاعدة الثانية شمولية التلقي في مجموع العلوم او في علم واحد فينبغي ان يحرص بالتأصيل على الاحاطة بمجموع العلوم وفق المقدور عليه. ومن اراد ان يطلب علما دون غيره ان يحيط بذلك العلم على وجه نافع والقاعدة الثالثة ملاحظة مراتب العلوم. فان العلوم متفاوتة المراتب. ولا اعني تفاوتها فيما يتعلق باقامة العبودية بل تفاوتها في نفسها. فمثلا علم العربية يعد عند اهله كم علم اثنا عشر علما في المشرق وقيل ثلاثة عشر وقيل غير ذلك فهو معدود عنده في اثني عشر علما اولها عندهم علم على مذهب العجم وليس مذهب العرب النحو وهذا كما قلت للاخ للفائدة هذا على مذهب العرب واما على مذهب العجم هم يبدأون بالصرف الحاجة اليه في اصلاح السنتهم المقصود انهم يبدأون بالنحو من جملة العلوم التي تعد في علوم العربية علم الانشاء الذي يسمونه عندنا يشعل تعبير هذا علم الانشاء ليس من المستحسن ان تقدمه على علم النحو. القاعدة الثالثة الاخذ باطراف العلم. ابتداء توسطا وانتهاء فينبغي ان يلاحظ هذا في ترقية المتعلمين. والقاعدة الخامسة البداءة بالمختصرات. فملاحظة اطراف العلم لا يحمل على نقل المتعلمين الى الانتهاء. وهذا من الغلط لكن يبدأ بالمختصرات لان النفوس عليها اقوى والقاعدة السادسة الترقي في تحصيل اسس العلم بان يأخذها شيئا فشيئا فيبتدي بالعلم الاهم ثم المهم ثم ما بعده. والقاعدة السابعة الاتقان والاحكام بان يكون مصاحبا للتأصيل في الحفظ والفهم الاحكام والاتقان لما يحفظ ويفهم المنارة السادسة عشرة محاضن التأصيل ان هذا التأصيل الذي نذكره له محاضر هي التي يسمونها بالبيئة وهذه البيئة من مجملاتها الموضع الذي يكون فيه التأصيل وهو نوعان احدهما موضع الاصل والاخر موضع فلا فالموضع الاصلي هو المسجد فانه ابتداء التعليم النبوي وفي صحيح مسلم من حديث الاعمس عن ابي صالح عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم واما النوع الثاني وهو ما صار بعد ذلك محلا للعلم مثل المدارس والجامعات والمعاهد والكليات والبيوت كل هذه محاضن له. ونشأ متأخرا محضن ثالث وهو ها يعني العالم الافتراضي العالم الافتراضي في شبكة الانترنت على اختلاف القنوات المؤدية اليها سواء كان تويتر او فيسبوك او غيرها. وهذا عالم خاص هو عندي اوهن من بيت العنكبوت فالبناء الشبكي عبر الالقاء بالغيب فيه ضعف لكنه فيه نفع لكن من قدر على الاول فهو يقدمه ثم بعده الثاني واما الثالث فهذا بمنزلة الضرورة اذ لابد من تلق مباشر المنارة السابعة عشرة باقي على ذلك فمنارة السابعة عشرة مدة التأصيل. يجول في خاطر كل واحد يسمع هذا الكلام او مثله السؤال عن المدة التي ينقضي فيها التأصيل فمن المقطوع بك كما تقدم ان التأصيل ليس هو التحصيل فالتأصيل جزء من تحصين وانت في تحصيل العلم تحتاج الى سعة اطلاع ورحلة ولقاء اهل العلم وغير ذلك من الادوات الموصلة لتحصيل العلم لكن حتى لا تستوحش انت انت كم تبقى كي تتصل الى التعليم العالي تم اثنا عشر سنة الانتقال من التعليم الاول الى التعليم العالي وهو الجامعي وما وراءه في مجموع العالم يحتاج الى اثني عشر سنة هي الابتدائي المتوسط والثانوي فلا تستوحش المدة لانه لا بد منها فكما ان تلك تسمى الشهادات العليا من البكالوريوس والماجستير والدكتوراة باللسان المعاصر كما يقال. فكذلك الوصول الى التحصين لابد له من هذه المدة لا تقل عن خمس سنوات لشديدي الذكاء وتكون سبعا او عشرا وقد تصل الى اثني عشر سنة. وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان والحال والافراد. لكن ينبغي ان تعلم ان المدة طويلة فلا بد ان تنفق زمانك فيما تطلب وهذه المدة التي تذكرها هي تشيد ما وراءك من العلم الذي ستناله بالقراءة لقاء اهل العلم والرحلة فيه والبحث والتصنيف لا يمكن ان تكون باحثا متميزا وانت لم تكن مؤصلا ولا كذلك قارئا نهما ولا ولم تكن مؤصلا على الوجه الذي تنتفع به من ذلك المنارة الثامنة عشرة مزالق التأصيل هذا التأصيل الذي يأخذ بالبابنا وقلوبنا متبادلين للخير وناشرين له وبكم ايضا كمحبين للعلم وراغبين فيه ينبغي ان تعلموا انه يشتمل على مزالة فمن جملة تلك المزالق اهمال تزكية النفس فاللهث وراء المعلومة جعل لنا جعلنا نقصر في تزكية انفسنا بالاعمال الصالحة والاكثار مما يقربنا من الله سبحانه وتعالى. فصار الزهد والرقائق والاخلاق والسلوك شيئا بعيدا عن اسم التأصيل ولا يمكن التأصيل الا بوجودها كما ذكر ابن تيمية الحديث في كلام الله ان القلب اذا كان لينا سهلا امكنه ان يحفظ العلم ويفهمه وان يزكو فيه العلم ويثمر ويصل الى ما يريد بناء المعاني النافعة. نكمل بعد الاذان ان شاء الله المزلق الثاني سيطرة الفكرة ووهنوا الانجاز فتجد مبتغي التأصيل تسيطر عليه فكرته دون انجاز فيه فيستسلم للفكرة دون احراز شيء من الانجاز فيعظم الفكرة دون ملاحظة التنفيذ والانجاز فيبقى يردد التأصيل التأصيل دون وجوده في الواقع والمزلق الثالث اعمال القاعدة العامة والغفلة عن ملاحظة الافراد فتجد من الناس من يجعل مسالك التأصيل قاعدة كلية لكل الافراد. ويغفل عن انه قد يوجد في فرض لشخص او زبان او مكان ما يستدعي ملاحظته فهذه المسالك موضوعة كخطوط عامة كما يقال ولابد من ملاحظة احوال الافراد. فتارة قد تنعت في تأصيل النحو متونا محددة وتجد طالبا ضعيف الفهم فيحتاج الى تقوية فتزيده اما متنا واما تدريبا واعرابا. وتارة تجد طالبا قويا فتحمله على الانفع له من الاجتهاد فالمسالك توضع باعتبار العموم لكن لا تكون قاعدة مسلطة على كل احد. والمزلق الرابع التعسير والتنفير. فان من الناس من يجعل التأصيل اغلالا تقيد الخلق بتعسيرها عليهم وتنفيرهم منها بانه لا يقدر على هذا الا كذا وان قد تعبت انا حتى حصلت كذا ويكون في كلامه ما ينفر الناس عن تأصيل العلم والمزلق الخامس القياس على النوابغ بان ينظر علية الناس في البحث في الحفظ والفهم ويجعل معيارا للتأصيل. وهذا غلط. فان النوابغ استثناء من القواعد وخروج عن الاصل فلا يجعلون اصلا ولا قاعدة مستمرة والمزلق السادس اللهث وراء الظواهر المجتمعية. فتجد من يكون مشتغلا بالتأصيل ثم تبرز في مجتمع ظاهرة ايا كان نوعها فتجده يهمل مسلك التأصيل الذي اختط له ثم يلهث وراء هذه الظاهرة فتارة يلهث وراء الظاهرة وظاهرة العناية بالتربية ثم يموت هذا فيه وفي الناس. ثم ينتقلون الى ظاهرة اخرى وهي ظاهرة الاعتناء بالمدارس الفكرية ثم تموت فيه وفي الناس وتظهر ثالثة فيتبعها وهذا يجعله عليلا كليلا. ان كل ما يتعلق بالتربية والاصلاح وفهم الافكار مرده الى فهم الاصول الموجودة في العلوم الشرعية واللغوية. ومتى كان الانسان ممتلئا بها فهو القادر على التربية. وهو القادر على الاصلاح وهو القادر على محاربة الافكار. ولذلك تجد علمائنا في القرن الماضي ابلوا بلاء حسنا في محاربة الفكر وهم علماء ربما لم يقرأوا كتابا واحدا لمدرسة فكرية ما مما يتسارع اليه الناس اليوم. ولكن عندما ينشأ فكر يمكنهم نقده ولذلك ذلك صنف الشيخ ابن باز رحمه الله في نقد القومية العربية وصنف الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ صالح العيدان حفظه الله في الشيوعية وصنف العلامة ابن سعدي في نقد الالحاد. ان اولئك لم يكونوا قادرين على مقارعة الفكر بسيف العلم واذا اردنا ان نقارع هذه الافكار او ان نربي الناس فلا نبحث في مخرجات اخرى بعيدة عن الاصول التي ننشأ عليها في مدارك الشرع وما تلقتها هذه الامة في طبقاتها طبقة بعد طبقة والمزلق السابع وهم الامتلاء. وهم الامتلاء بان يعمد الانسان الى سلوك طريق التأصيل ويحفظ ويفهم. ثم يتوهم انه صار ممتلئا من العلم. وينسى ان التأصيل جزء من تحصيل العلم. والمزلق الثامن توهم انتهاء التحصيل اليه بان يظن ان تحصيل العلم غايته هو التأصيل والمزلق التاسع اعمال التنزيل بان ينتقل من التأصيل الى اعمال هذه القواعد تنزيلا بالافتاء او التعليم او التأليف مع عدم وجود الاهلية وهو يسلك مسلكا حسنا في تأصيل نفسه. لكن انتقاله الى التنزيل دون وجود الالية يضر به. وهذا هو الواقع في حال كثير من المتعلمين ينتقلون الى تنزيل التأصيل اما بمؤلف او ببحث واما بتعليم او افتاء فيقعون على امهات رؤوسهم وربما اوقعوا الناس. والمزلق العاشر تكفير المقررات في المقصد الواحد دون حاجة اليها. او تقليلها مع الحاجة اليها فتجد مثلا اذا اردنا ان نتكلم عن اللغة ستجد ان علوم اللغة كثيرة جدا. واذا اردنا ان نجعل هناك تأصيل في كل علم من علم اللغة سيعمد الانسان الى المترادفات والى كذا والى كذا ويجعل لها متنا يحفظ ويفهم وهذا تكثير لا حاجة له. وتارة يقلل كما يدعو بعض الناس الى ان تقتصر على مطول دون ملاحظة المختصرات. وهذا ايضا خطأ. من جملة المزالع ايضا وهو المزلق الحادي عشر تغيير مسلك التأصيل دون داع موجب. بان يعمل مسلكا يسير عليه هو او من يصحبه ثم يغيره دون داع موجب. فالاصل بقاء هذه المسالك كما هي. لكن لا يعني انها قرآن منزل لا تتغير. هي قابلة للتطويل بحسب ما تدعو اليه الحاجات المتعلقة بالمعلم او بالمتعلمين. ففرق بين مطلق التغيير وبين تغيير لداع موجب معتمد عند المغيب. والمزلق الثاني عشر شخصنة المسلك. بان يعمد احدهم الى رسم مسلك للتأصيل ثم يجعله ميدانا لافكاره. فيجعل له متن في اصول الفقه ومتن في المصطلح في النحو ممثل في العقيدة الى اخر ذلك. وهذا غلط لان هذه العلوم لها اصول معتمدة عند الناس قد تتابعوا عليه لكن ينبغي ان نميز بين المسلك وامداد المسلك بما يغذيه. فتارة يحتاج الناس الى الزيادة ويدعو اليها امران احدهما سد الاحتياج والاخر تقديم العون. فتارة تجد ان المسلك التأصيلي يحتاج الى سده. في شيء لا يوجد ما يناسبه فمثلا شيخ شيوخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله صنف منظومة في القواعد الفقهية معروفة ومشهورة. وهذه المنظومة صنفها لاجل سد الاحتياج لان الحنابلة ليس عندهم منظومة سهلة يحفظها الطلاب فهو صنفها لسد الاحتياج. لا يقال حينئذ ان ابن سعدي رحمه الله شخصن مسلكه وحمل طلابه على حفظ منظومته وانما هو عمد الى هذا لاجل نفع الطلبة واما تقديم العون فتارة يحتاج الطلبة الى معونتهم لادراك علم وهذا ما يمارسه المشايخ المعلمون ومنهم عبدالرحمن بن سعدي العلامة عبد الرحمن بن سعدي والعلامة حافظ الحكمي لا يأتي إنسان ويقول هؤلاء وضعوا مسالك ما كانت عند من قبلهم هم وضعوها للحاجة فمثلا عمد رحمه الله الى انشأت الطلبة عند بعض تلاميذه وهما الشيخ علي الصالحي وصاحبه الشيخ المطوع رحمهم الله على كتابين له. احدهما القول السديد على كتاب التوحيد والاخر منهج السالكين. والحامل له تقديم العون للطلبة. لان الزمن تغير. فاحتاجوا الى تذليل العلم وتقريبه فصنف لهم هذا وذاك في الفقه والاعتقاد المنارة التاسعة عشرة مفسدات التأصيل. ان التأصيل الذي نقتحم مهازته ونروم ادراك طلبتنا فيه تحيط به مفاسد ان نعرفها ونحذر منها. فمن تلك المفسدات له فساد النية بان تفسد نية الانسان واذا فسدت النية فسد ما بعدها. فينبغي ان يصحح المتلقي ابتغاءه التأصيل بنية صحيحة ومن تلك المفسدات ضعف الايمان بان يظعف ايمان العبد وينقص وهو يدعي انه يؤصل نفسه ومما يقوي تأصيلك النفسي كما تقدم رعايتك لتزكية نفسك. وثالثها العجلة والتطلع لما بعد ذلك من درجات تحصيل العلم فهو مستعجل في التأصيل ويتطلع الى ما بعد ذلك ويدعوه ذلك الى تحميل نفسه ما تحتمل فينقطع والمفسد الرابع التسويف وهو ان يسوف ويأمل بانه سوف وسوف يفعل يحفظ ويفهم. ومن جملتها دنو الهمة ضعفها وعدم ارتفاعها والاستسلام للنقص. والمفسد السادس الكبر ومحبة رؤية مقام النفس فيتكبر الانسان عن هذا التأصيل بعد ان يمضي فيه مدة ويحب ان يرى مقامه فهو الذي امضى سنتين او ثلاث او اربع او خمس في طلب العلم علم فاين مقامه بين بين الناس؟ وهذا لا يتوجه الى المتلقين فقط بل ايضا المعلمون ينالهم شيء من هذا المفسد فتجد احدهم يتكبر عن ان يشرح ثلاثة الاصول او القواعد الاربع او الاربع النووية وان هذه كتب مبادئ شوفوا الشيوخ اللي توهم في التدريس خلوهم يشرحونه وهذا غلط بل ينبغي ان يجعل الانسان من عبوديته لزوم هذه الاصول وتعليم المبتدئين والحاجة الى تعليم المبتدئين اعظم من الحاجة الى تعليم المنتهيين. لان الاخذ بمن لا بيد من لا يدل الطريق افضل بالاخذ بانسان عرف الطريق ويمكنه ان يسير فيه وحده. المفسد السابع التنقل والفوضى وعدم منازعة العوائد والعوائق والعلائق فتجد الانسان يتنقل يبدأ هنا حفظ ثم ينتقل الى هنا يبدأ هنا فهم ثم ينتقل الى هنا ويصير في في حياته وينقطع بسبب ذلك ويستسلم للعوائد والعوائق والعلايا. والمفسد الثامن الاستقلالية بان يجعل نفسه مستقل فلا يلتزم بشيخ ولا قرين معيد. معين فيكون مستقلا بنفسه وهذا مفسد له لا يمكن التلقي بالتأصيل الصحيح خلاله. والمفسد التاسع الاخلال بالشمولية. بان يكون الانسان مقتصرا على شيء دون شيء مع ان التأصيل يدعو الى ارتباط العلم بعضه ببعضه. والمفسدة العاشرة النفرة من علم ما تجد الانسان يهمل تأصيل شيء من العلوم لوجود نفرة ربما اصطنعها لنفسه. فتجد بعضهم يستصحب كلام القاسم بن مخيبرة لما قال في النحو النحو اوله شغل واخره بغي. فهو يقول نحن لا نطلب النحو. ما لنا ومال النحو؟ هو القاسم قالها في سياق معين. لا يصلح ان تكون متكئا اعتمد عليه في الدفع في صدر النحو لكن هو عنده نفرة اما طبعية واما على وجه المدافعة لانسان تورط في الصلة معه في التعليم بان جعل النحو مكروها مبغضا عنده والمفسد العاشر اليأس بان ييأس الانسان من ان يكون مؤصلا ويضعف سيره وينسى ان سيره ابتغاء من الله سبحانه وتعالى وان من ابتغى الكريم اعطاه سبحانه وتعالى. المنارة العشرون وهي اخر المنارات نجاح التأصيل. كيف يكون التأصيل ناجحا سواء للمعلم المتصدي لتأصيل العلم في الناس او لاولئك المتعلمين الراغبين في تأصيل العلم ويمكن ان يرجع هذا الى امور منها الاخلاص. ان تخلص لله سبحانه وتعالى. ومنها الاستعانة به سبحانه وتعالى. فملكاتك في حفظ وفهمك ومنطقك ليست منك وانما هي من الله فانت مفتقر الى الاستعانة به سبحانه وتعالى. ومنها دعاؤه عز وجل فينبغي ان تكثر من دعاء الله ان يعينك على العلم حفظا وفهما ومنها حسن الظن بالله والتوكل عليه بان تظن بربك الظن الحسن وانك انت ايها سائر مبتغيا من الله ان يرزقك العلم الذي هو ميراث النبوة متوكلا عليه سيعطيك الله سبحانه وتعالى اذا كنت صادقا مخلصا له. ومن جملتها ايضا اصلاح العمل بان يجتهد الانسان في اصلاح عمله المحافظة على والاكثار من النوافل والتوبة الى الله سبحانه وتعالى ليلا ونهارا. ومن جملتها صدق الطلب وبذل الوسع والاجتهاد حسب الطاقة ومنها جمع النفس والزامها السير وفق المسلك المعتمد. فيجمع نفسه على هذا المسلك ويسير فيه. ولا لا يصغي الى قطاع الطريق فقطاع الطريق كثيرة. واذا التفت اليهم قطعوك كما قال ابن القيم رحمه الله. ومن جملتها الملائمة بين التأصيل متطلبات النفس الاخرى فالنفس لها متطلبات اخرى. اقل ما يكون منها الراحة. فالنفس تتوق الى الراحة ولابد ان تعطيها حظها من الراحة او حظها من الترويح بالنزهة او غيرها فلابد ان تلائم بين مسيرتك في التأصيل وبين متطلبات النفس. وكذلك لابد من الملاءمة بين حق الله وحقوق عباده التأصيل لا يمنعك من المحافظة على الصلوات الخمس. التأصيل لا يمنعك من الاكثار من قراءة القرآن وذكر الله. التأصيل لا ينبغي ان يمنعك من بر والديك. التأصيل لا ينبغي ان يمنعك من صلة ارحامك. التأصيل لا ينبغي ان ان يمنعك من الاحسان الى جيرانك. ومنها توقي مزالك مزالك قيل وافاته بان يحرص الانسان على النجاة من الافات التي تقدم ذكرها والمزالق السابقة فيما يتعلق بالتأصيل. وبعد هذه المنارات هل سننجح في التأصيل لانفسنا وللناس في هذا القرن المزدحم بالاحداث؟ نعم. سننجح سننجح باذن الله سبحانه وتعالى. لاننا لا نطلب من الناس شيئا وانما نطلب من الله سبحانه وتعالى. وعطاء الله لا يقيده له زمان ولا مكان. والمرء يسير في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ببث العلم ونشره وطلبه والتماسه اذا كنت سائرا الى الله متبعا رسوله صلى الله عليه وسلم هل تظن ان هذا الزمن لن يخرج احدا من العلماء سيخرج ويخرج ويخرج والزمن الماضي قريبا في الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية مرت بالبلاد العربية والاسلامية ظروف لعلها اشد من الظروف الحالية على اختلاف وجوهها. ومع ذلك ظهر النواب في كل بلد وهؤلاء الذين ذكرناهم قبل الشيخ عبد الرحمن بن سعدي او الشيخ محمد الامير الشنقيطي او الشيخ محمد ابن ابراهيم ال الشيخ او غيره من العلماء هم نشأوا في ظروف اسوأ من الظروف التي نعيش فيها بجميع المقاييس فلا يكون الزمان والمكان عذرا بانه لا يمكن التأصيل. سيمكن التأصيل وسننجح في التأصيل اذا توكلنا على الله وسرنا على الطريق الصحيح فالله اكرم كريم وعطاؤه اوسع عطاء وهو سبحانه وتعالى يعطي لمن يسأله ويقبل على من يقبل هذه عشرون منارة من المنارات التي تتعلق ببيان التأصيل بما يناسب المقام وهي تحيط به على وجه الاختصار النافع وتكون مفاتيح للتوسع في كل منارة ذكرناها مما تقدم. نجيب على بعض الاسئلة بحسب ما يسع له المقام ونقتصر على الاسئلة المتعلقة موضوع المحاضرة. هذا سائل يقول اشغلتنا الحياة عن العلم. وكلما رأيت الكتب زاد الحزرتي ماذا تنصحوني ننصحك ان تخلع ثوب الكسل والعجز. وان تقبل على الشروع في طلب ما ينفعك. وان تستوصي بوصية النبي صلى الله عليه وسلم. اذ قال في عهد ابي هريرة في صحيح مسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز يقول هل هناك ضابط او مقدار لطالب العلم القراءة اليومية القراءة اليومية هذه ليست من متعلقات التأصيل هذا امر زائد من مراتب التحصيل له مقام اخر يقول اغلب دروس العلم لا يتناسب وقتها مع وقت الشغل ما هو الحل لادرس العلم؟ وجزاكم الله خيرا. الحل اذا لم تتمكن من تطويع وقتك للاوقات المتاحة لطلب العلم ان تلتمس اوقاتا اخرى وستجد ستجد انسان يقرئك بعد الفجر او يقرئك بعد العشاء او غير لكن اذا اجتهدت وبحثت ستجد باذن الله سبحانه وتعالى يقول ضاع شيء من عمره في عدم التأصيل وانا الان قادم فبما توصيني اوصيك في الحديث السابع استعن بالله ولا تعجز وكثير من اهل العلم طلبوه بعد الاربعين والخمسين والستين والثمانين ومع ذلك نبغوا وبرعوا. العلم ليس له عمر وانما جد واجتهاد واقبال واعتناء يقول كم يحتاج طالب العلم من متن يحفظه لكي يتميز؟ لا يحتاج ان يتميز ما المراد بان يتميز؟ ان يعلو عن الخلق وان يستعلي على الخلق؟ لا هذا هذا لفظ تجاري التميز انما المعيار الصحيح هو ان يصل الى رتبة الاحسان ان يصل الى عظم الصلة بالله سبحانه وتعالى وان يكون من عباد الله المحسنين. قل كما احتاج من المتون احفظ وافهم كي اكون من عباد الله المحسنين. هذا هو المقام الاعظم. لا يحجبنا اهل الدنيا بحجبهم التي وضعوها. ونستجرها الى الاوضاع العلمية والشرعية. لان الاوضاع العلمية والشرعية اشرف واعلى من ان تدنس بمطالب الدنيا ورغبات اهلها يقول كيف ادرك العلماء الكبار معاني في برامج علمية لا استطيع المداومة معهم؟ ادركوا بالجد والاجتهاد والسير على طريق واحد هذا يدركون به وتدرك ان شاء الله تعالى تدرك هم ليسوا بشرا جاءوا من المريخ ولا ملائكة استخلصهم الله دون الناس. هم بشر مثلنا فينبغي ان تعرف انك تقدر اذا اجتهدت واعتنيت وسرت بسيرهم ستلحقهم وفي اخبار الحسن البصري رحمه الله انه وعظ الناس وذكرهم فقال له رجل يا ابا سعيد انك ذكرت قوما مضوا على خيل دهم بهم واننا على حمر عرج يعني انت الان تذكر لنا الصحابة او كبار التابعين وهذولا مضوا على ايش ليش؟ على خير دهن بهم يعني قوية ونحن بعدهم نمشي على حمر عرج يعني حمير وايضا تعرج فقال من سار على طريق القوم ادركهم اللي يبي يسير على طريق العلماء ويهتدي بهديهم سيصل باذن الله سبحانه وتعالى. ولذلك انا اوصيكم بالحرص بالسير على اهل العلم واتباعهم والاستماع الى نصائحهم. واجدها فرصة للدعوة الى سماع محاضرة نادرة ربما قل من سمعها منكم وهي محاضرة بعنوان التأصيل العلمي عند السلف الصالح للشيخ صالح بن فوزان بن فوزان وهذه المحاضرة القاها الشيخ يوم خمسة وعشرين اثنعش الف واربع مئة وواحد وعشرين. وهي من احسن المحاضرات في هذا الباب. وينبغي ان يسمعها الطالب عدة مرات لمزيد نفعها وادراك المعاني المظمنة فيها. وبه تعرف طريق العلماء وان غير ذلك مما يظهر ويبهرج انه يزول ويذهب وانما يبقى هذا الطريق الذي اوصل من اوصل من الناس الى الخير الكثير اسأل الله سبحانه وتعالى ان يبارك لنا اجمعين وان يتولانا في الصالحين. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم اكرمنا ولا تهنا واعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا ولا تنقصنا واقبلنا ولا تردنا. اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين وتولنا في الصالحين والحمد لله رب العالمين