السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا حمدا والشكر له تواليا وتترا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم بكرة واصيلا. وعلى آله وصحبه ومن اتخذه اماما ودليلا اما بعد فهذا المجلس الرابع في شرح الكتاب الاول من برنامج الكتاب الواحد والكتاب المقروء فيه هو كتاب فتح مجيد لشرح كتاب التوحيد للعلامة عبدالرحمن بن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب التميمي رحمه الله تعالى وقد انتهى بنا البيان الى قوله قال المصنف رحمه الله وقوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا الآية الاخ عبد الله موجود عبد الله الظاهري بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين قال المصنف الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وقوله تعالى وقضى ربك الا تعبدون. صفحة ثلاثة وعشرين ومئة وقوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. الاية قال الشارح الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى قال الامام ابن كثير رحمه الله تعالى في هذه الاية موسى على عباده بعبادته وحده لا شريك له فانه الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه. المتفضل على خلقه في جميع الحالات وهو المستحق منهم من يوحدوه ولا يشركوا به شيئا من مخلوقاته. انتهى. وهذه الاية هي التي تسمى اية الحقوق العشرة وفي بعض النسخ المعتمدة من نسخ هذا الكتاب تقديم هذه الاية على اية الانعام ولهذا قدمتها لمناسبة كلام كلام ابن مسعود رضي الله عنه الاتي لاية الانعام ليكون ذكره ليكون ذكره بعدها انسب بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله العماد تقدم انه اختصار للقب المشهور عماد الدين وسلف بيان حكم الالقاب المضافة الى الدين وقوله وهذه الآية هي التي تسمى اي تلقب لان من اي القرآن ما له اسم مخصوص عرف به واشهره مما ورد في الاحاديث والاثار اية الكرسي والاصل فيما سمي من القرآن تسمية السور ووقعت تسمية جمل من الايات باسماء اختصت بها تعظيما لتلك الاية وتعريفا بما تضمنته من المعاني وقوله النسخ المعتمدة اي المعتد بها وهي الثابتة الموثوق بخبرها فان نسخ التأليف تتنوع وتنقسم الى نوعين جامعين احدهما النسخ المعتمدة وهي المتقنة المضبوطة والآخر النسخ غير المعتمدة وهي النسخ التي لم تضبط ولم تتقن واول مقاصد بيان معاني متن ما هو تصحيحه ذكره ابن المواق في سنن المهتدين وغيره فمن رام بيان معاني متن ما من المتون لزمه ابتداء ان يسعى باعتماد نسخة صحيحة. وان يجتهد في تصحيح مباني الكلام لئلا يقع في الغلط على على المشروح كلامه فان مما وقع عند جماعة من الشراح الغلط على المصنفين لغلط النسخة التي اعتمدوها من كتبهم التي قصدوا شرحها واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين معنى قوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا الذي ذكره امام الدعوة بادلة هذا الباب وابتدأ بيانه بالنقل عن ابن كثير رحمه الله تعالى ومن عادة علماء الدعوة الاصلاحية في جزيرة العرب العناية بنقل تفسير القرآن عن كتاب ابن كثير لانه كتاب معتمد موافق طريقة السلف بالاعتقاد مع حسن تلخيصه وجمال تخليصه فهو بمنزلة المقتصر لتفسير الطبري مع زيادات وافية وافادات كافية وهو احد العمد الثلاث التي كانت في قطرنا في علم التفسير فان عنايتهم في درس التفسير كانت تدور على ثلاثة كتب احدها تفسير ابن كثير وثانيها تفسير البغوي وثالثها تفسير ابن جرير فهذه التفاسير كانت هي المحظوظة بالنظر في مجالس الدرس عندهم. ويرتبون اخذها على هذا النحو وكان عامة من يتصدر للاقراء والافتاء ويشار اليه بالامامة في العلم في البلاد النجدية لا ينفك عن تدريس هذه التفاسير الثلاثة واحدا بعد واحد بين اذان العشاء واقامته وكانوا يمدون الوقت بينهما. فمن من اقرأها العلامة محمد ابن ابراهيم وقبله اقرأها شيخه عبد الله ابن عبد اللطيف وكانت هذه عادتهم الدارجة التي اخذوها عن من قبلهم وما عدا هذه التفاسير فربما قرئ منه شيء يسير لاستفادة معنى فيه او قرأ ولم يتمم بعدم الاقبال عليه. هذا هو الذي كان عليه علماء نجد في العارض خاصة. واما في بعض نواحيه فانهم ربما اعتنوا بتفسير الجلالين على قلة ممن اخذ ذلك عن علماء الازهر لما درس عندهم كبعض علماء القصيم من اهل عنيزة غيرها والمقصود ان تعرف ان امتلاء كتبهم بالنقل في التفسير عن ابن كثير موجبه المعنى الذي ذكرناه من حسن كتاب ابن كثير ووفائه ببيان معاني القرآن الكريم مع الترخيص والتخليص لما يلزم من ذلك دون اطالة ولا بثق لا حاجة اليه فمن جملة المنقول عندهم عنه ما ذكره المصنف في هذه الاية اذ قال في بيان معناها قال العماد ابن كثير رحمه الله في هذه الاية يأمر تعالى عباده بعبادته وحده له لا شريك له لقوله فيها واعبدوا الله فان الفعل صريح بالامر لمجيئه على زنته المعروفة عند علماء العربية فهو امر بعبادة الله عز وجل موضوع للايجاب في العرف الشرعي ثم زاد ابن كثير بيانا بالتعليل فقال فانه الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الحالات اي ان موجب الامر بعبادة الله عز وجل وحده هو اتصافه بالربوبية باختصاصه بالربوبية كان هو المستحق للعبادة للعبادة. وهذه طريقة القرآن كما تقدمت الاشارة اليها واهل العلم رحمهم الله تعالى ينوهون بالربوبية بذكر اعظم افرادها كالخلق والرزق والانعام والفضل وجمهور المذكور من افراد الربوبية مما تكرر في القرآن الكريم اربعة احدها الخلق وثانيها الملك وثالثها الرزق ورابعها التدبير الذي هو تصريف الامور فهذه الافعال الاربعة ابلغ ما يذكر من افعال الربوبية واكثرها دورانا بالذكر في القرآن الكريم. لجلالتها وعظم قدرها في توحيد الربوبية ولا ينحصر توحيد الربوبية فيها لان حقيقة توحيد الربوبية شرعا هي افراد الله بذاته وافعاله. فكل ما ينطوي في هذا المعنى هو من جملة توحيد الربوبية لكن الافعال الاربعة المذكورة هي رؤوس الافعال الالهية العظمى ثم قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تتميم كلامه المتفضل على خلقه في جميع الحالات اي في جميع الاحوال على تقلبها والحالات جمع حالة واختلف في فصاحتها على قولين اصحهما انها فصيحة لكن استعمالها قليل والمشهور عند العرب ترك تأنيثها لفظا مع وقوعه معنى فيقولون هذه الحال فهم يذكرونها باللفظ ويؤنثونها بالمعنى والحال جمعه احوال. واما الحالات فجمع حالة وهي مختلف في في نصاحتها بخلاف الحال فمتفق على فصاحتها ثم قال ابن كثير وهو المستحق منهم ان يوحدوه اي لاجل ربوبيته. ولا يشرك به شيئا من مخلوقاته ومتعلق النكرة شيئا المبين قول ابن كثير من مخلوقاته تفسير للعموم في قوله شيئا فان شيئا نكرة في سياق النهي ومن مواقع العموم عند علماء المعاني والاصول مجيء النكرة في سياق النهي فيكون قوله ولا تشركوا به شيئا عاما اي شيء كان لا ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولا رجلا وليا صالحا ولا غير لذلك فهو عام في نفي جميع الانداد والشركاء عن الله سبحانه وتعالى فهذه الاية المذكورة جمعت بين امرين احدهما الامر بعبادة الله والاخر النهي عن الشرك به وهما متلازمان فلا يقع احدهما الا لوقوع الاخر ثم قال المصنف رحمه الله تعالى وهذه الاية يعني قوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا هي التي تسمى ما اية الحقوق العشرة؟ اي جعل لها لقب من القاب الايات القرآنية فسميت اية الحقوق العشرة لانتظام عشرة حقوق فيها فالحق الاول حق الله والحق الثاني حق الوالدين والحق الثالث حق ذي القربى والحق الرابع حق اليتامى والحق الخامس حق المساكين والحق السادس حق الجار القريب والحق السابع حق الجار الجنب اي البعيد فاصل المجانبة المباعدة والحق الثامن حق الصاحب بالجنب وهو المقارن للعبد كالزوج ورفيق السفر والحق التاسع حق ابن السبيل والحق العاشر حق ملك اليمين فانتظم في الاية المذكورة هذه الحقوق العشرة والحقوق التي استفاض بيانها في القرآن هي اعظم الحقوق التي تنبغي رعايتها والمؤمنون مستغنون بما جاء في القرآن والسنة من بيان الحقوق عن بيان احد من الخلق فالله سبحانه وتعالى بهم اعلم وحكمه فيهم اعدل. ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه اخبر فالاخذ بما جاء في مكان القرآن والسنة من بيان الحقوق والتعريف بذلك والاشادة به. والدلالة عليه من العلم اللازم اذا مردت العهود واختلط الحابل بالنابل كالواقع في زماننا ممن يجري على لسانه تعظيم ما جاء في مواثيق المنظمات الارظية الطاغوتية حتى صار لهجوا بها في السنتهم اكثر من اللهج بما جاء من الحقوق في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه الا وهذا مشهد من مشاهد معفي التوحيد فان العارف بتوحيد الله عز وجل لا يرضى في الحقوق ببيان سوى بيان الله. ولا يهتدي فيها بهدي سوى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم. واذا تتايع الى ذلك الدهماء والاغمار. والممسوسون بهوى او بدعة فان الموحد السني يجب ان يذم نفسه ويحفظ قلبه لسانه وجوارحه عن موافقة اولئك ومواضعتهم في دعاويهم وليحذر الطبوليات يمد الناس اليها اعناقهم فرحا بما فيها مما يظن ان فيه علالة من نفع يصل الى الناس وباطنه السم الزعاف. ولا ادل على ذلك مما وقع في بلاد المسلمين من هذه الاحوال التي اضطراب بها نظام امنهم وامانهم ودينهم فاثر على جميع احوالهم في واموالهم واخلاقهم وكل ذلك تحت مظلة دعوى الحقوق المدنية التي وضعتها الدساتير الطاغوتية الارضية ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى انه في بعض النسخ المعتمدة من نسخ هذا الكتاب تقديم هذه الاية على اية الانعام اي الاتية بعدها ولهذا قدمتها لمناسبة كلام ابن مسعود الاتي لاية الانعام ليكون ذكره بعد لها ان تب فدعاه الى اعتماد هذا الترتيب ملاحظة ما بين اية الانعام وبين كلام ابن مسعود رضي الله عنه الذي امام الدعوة بعده فلوجود المناسبة التامة وقع الترتيب على ما اتفق في بعض نسخ كتابي التوحيد وسبق ان ذكرت لكم ان المصنف رحمه الله تعالى احد ثلاثة نقلوا عن نسخ من كتاب التوحيد هي بخط المصنف ووقع في كتاب قرة عيون الموحدين للمصنف رحمه الله تعالى زيادة بيان في ايضاح معنى هذه الاية فقال رحمه الله تعالى عند هذه الاية في قرة عيون الموحدين في الصفحة السابعة والتسعين وهذه الاية تبين العبادة التي خلقوا لها ايضا. فانه تعالى قرن الامر بالعبادة التي فرضها بالنهي عن الشرك الذي حرمه وهو الشرك في العبادة. فدلت هذه الاية على ان اجتناب الشرك شرط في صحة العبادة فلا تصح بدونه. الى اخر ما ذكر رحمه الله تعالى في تأييد هذا المعنى وعزله وبقي مما يفتقر الى البيان مما اهمله المصنف رحمه الله تعالى الاعلام بموقع قول امام الدعوة بعد ذكره للاية المذكورة الاية فان المراد بذكر هذه الكلمة عقب اية قرآنية او قولهم اذا بعد حديث نبوي تتميم المذكور منهما بان الاستدلال بهذه الاية او ذلك الحديث وقع بطرف منه فتستكمل بقيته من موضعه من القرآن او السنة النبوية واختلف النحات في موضع الاية والحديث المذكورين بعد طرفهما من الاعراب على اقوال اربعة احدها النصب لفعل محذوف تقديره اكمل الاية او الحديث او اقرأ الاية او الحديث وثانيها الرفع خبرا لمبتدأ محذوف او مبتدأ لخبر محذوف فالرفع اما على الابتداء او الخبرية وثالثها الجر على مذهب من يجيز بقاء حكم الخفض مع حذف مذهبه مع حذف موجبه على مذهب من يجيز بقاء الخفض مع حذف موجبه وهو قول بعض الكوفيين فتقديره الى اخر الاية وحذف موجب الخفض وبقي حكمه ورابعها الاسكان بالوقف عن الحكم كالاعداد المسروجة الاسكان بالوقف عن الحكم كالاعداد المسرودة فتقول الاول الثاني الثالث دون تحريك لوقفها عن الحكم لعدم دخول عامل مؤثر عليها نعم احسن الله اليكم قال المصنف الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وقوله تعالى قل تعالى واتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وهو بالوالدين احسانا. الايات قال الشارح رحمه الله تعالى قال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله وحرموا ما رزقهم الله. تعالوا واي هلموا واقبلوا اتل ما حرم ربكم احد مع نسخة اخرى غير نسخة دار الفرقان قل لهؤلاء او بعدها قل يا محمد ما في اقول يا محمد طبعة ايش هذي اسلامية دار ايش معين قل يا محمد لهؤلاء المشركين. مكتوب في اخرها انتهى تصحيحه في اخذ الكتاب على نصرة عبد الله بن حسن مغيرين فيها هذه نسخة الشيخ عبدالله بن حسن رحمه الله التي صححها سنة اثنين وستين وثلاث مئة والف وهي التي كانت معتمدة في القراءة لكن دخل فيها التحريف لكن اه تلك النسخة القديمة قل يا محمد لهؤلاء وهي من احسن النسخ وهي التي كانت معتمدة في الدرس في البلاد النجدية. النسخة التي صححها عبد الله بن حسن وطبعتها وزارة معارف السعودية مرارا فيما سلف لما كان هذا الكتاب مقررا. اما الطبعات الحديثة لنسخة عبد الله بن حزم وقد دخلها تحريف وتغيير نعم احسن الله اليكم قال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المشركين الذين غير الله وحرموا ما رزقهم الله. تعالوا ان يلموا واقبلوا اتل ما حرم ربكم عليكم اي اقص عليكم ما حرم ربكم عليكم لا تخرسا ولا ظنا بل وحي منه وامر من عنده. الا تشركوا به شيئا. وكأن في الكلام محذوفا دل عليه السياق وصاكم الا تشركوا به شيئا. ولهذا قال في اخر الاية ذلكم وصاكم به انتهى. قلت فيكون المعنى حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الاشراك به. وفي المغني لابن هشام في قوله تعالى الا تشركوا به شيئا. سبعة اقوال احسنها هذا الذي ذكره ابن كثير ويليه بين لكم ذلك لئلا تشركوا فحذفت الجملة من احدهما وهي وصاكم ذو الجر وما قبله من الاخرى. ولهذا اذا سئلوا عما يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول ابائكم كما قال ابو سفيان الهرقل كما قال ابو سفيان له رأي وهذا هو الذي فهمه ابو سفيان وغيره من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم قولوا لا لا اله الا الله تفلحوا. وقوله وبالوالدين احسانا. قال القرطبي رحمه الله تعالى. الاحسان الى الوالدين برهم وحفظهما وصيانتهما وامتثال امرهما وازالة الرق عنهما وترك السلطنة عليهما واحسان نصب على المصدرية اي وناصبه فعل مضمر من لفظك وناصبه فعل مظهر من لفظه تقديره واحسنوا بالوالدين احسانا وقوله ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم الاملاق الفقر اي لا تئذوا بنات بناتكم كونوا خشية العيلة والفقر فاني رازقكم واياهم وكان منهم من يفعل ذلك بالاناث والذكور خشية الفقر ذكره القطبي. وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قلت يا رسول والله يا ايها الذنب اعظم عند الله اي الذنب اعظم عند الله؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك. قلت اي؟ قلت ثم اي؟ قال انت تقتل ولدك خشية ان يطعم معك. قلت ثم اي؟ قال ان تزاني حليلة جارك. ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق. الآية قوله ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. قال ابن عطية نهي عام عن جميع انواع الفواحش وهي المعاصي وظهر روى بطن حالتان تستوفيان اقسام ما جعلتا له من الاشياء. انتهى. وقوله ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة. قوله ذلكم وصاكم لعلكم تعقلون. قال ابن عطية ذلكم اشارة الى هذه المحرمات والوصية الامر المؤكد المقرر. وقوله لعلكم تعقلون لعل للتعليم اي ان الله وصانا بهذه الوصايا ليعقلها عنه ونعمل بها. وفي تفسير الطبري الحنفي ذكر او ولن تعقلون ثم تذكرون ثم تتقون لانهم اذا عقلوا تذكروا فاذا تذكروا خافوا واتقوا الممالك. قوله ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ شدة. قال ابن بقي هذا نهي عام عن القرب الذي يعم وجوه التصرف وفيه سد الذريعة ثم استثنى ما يحصل وهو السعي في نماء قال مجاهد التي هي احسن التجارة فيه. وقوله حتى يبلغ اشده. قال مالك وغيره هو الرشد. وزوال السفه وروي نحو هذا عن زيد بن اسلم والشعبي وربيعة وغيرهم قوله واوفوا الكيل والميزان بالقسط قال ابن كثير رحمه الله تعالى يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء قوله لا نفسا الا وسعها اي من اجتهد باداء الحق واخذه فان فان اخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده لا حرج عليه قوله واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى هذا امر بالعدل في القول والفعل على القريب والبعيد. قال الحنفي رحمه الله تعالى العدل في القول في حق الولي والعدو لا يتغير في الرضا والغضب بل يكون على الحق والصدق. وان كان ذا قربى فلا يميل الى الحبيب والقريب. قوله تعالى ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى قوله وبعهد الله او فوقان ابن جرير رحمه الله وبوصية الله تعالى التي وصاكم بها فاوفوا وانقادوا لذلك لان تطيعوه فيما امركم به ونهاكم عنه وتعملوا بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وذلك هو الوفاء بعهد الله. وكذا قال غيره. قوله وصاكم به لعلكم تذكرون اي تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه. قوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم ان قال قال القرطبي رحمه الله تعالى هذه اية عظيمة عطفها على ما تقدم فانه لما نهى وامر حذر عن اتباع غير سبيله على ما بينته الاحاديث الصحيحة واقاويل السلف وان في موضع نصب اي يتلو ان هذا صراطي عن الفراء والكساء. قال الفراء ويجوز ان يكون خظاء اي وصاكم بي وبان هذا صراطي قال والصراط الطريق الذي هو دين الاسلام قوله مستقيما نصب على الحال ومعناه مستويا مستويا قوي من لا اعوجاج فيه. فأمر باتباعه فأمر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ونهايته الجنة وتشعبت منه طرق فمن سلك الجادة نجا ومن خرج الى تلك الطرق افضت به الى النار. قال الله تعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله اي تميل انتهى. وروى الامام احمد والنسائي والدارمي وابن ابي حاتم والحاكم وصححه ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الاعتصام بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال هذا سبيل الله مستقيما. ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله. ثم قال وهذه السبل ليس من لا سبيل الا وعليه شيطان يدعو اليه ثم قرأ وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكما من سبيله وعن مجاهد ولا قوله ولا تتبعوا السبل قال البدع والشبهات. قال العلامة ابن القيم رحمه الله ولنذكر في الصراط المستقيم قولا وجيزا فان الناس قد تنوعت عباراتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته وحقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا لهم اليه. ولا طريق اليه سواه. بل الطرق كلها كلها مشدودة على الخلق الا طريقه الذي نصبه على السن رسله وجعله موصلا لعباده اليه. وهو افراده وافراد رسوله بالطاعة فلا يشرك به احد في عبوديته. ولا يشرك برسوله صلى الله عليه وسلم احدا في فيجرد التوحيد ويجرد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا كله مضمون شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فأي شيء فسر به الصراط المستقيم فهو داخل هم في هذين الاصلين ونكتة ذلك ان ان ونكتة ذلك ان تحبه بقلبك وترضيه بجهدك كله. فلا يكون في قلبك كموضع الا معمورا بحبه ولا يكون لك ارادة الا متعلقة بمرضاته. فالاول يحصل بتحقيق شهادة لله يحصل بتحقيق شهادة ان محمدا رسول الله وهذا هو الهدى ودين الحق وهو معرفة الحق والعمل به وهو معرفة ما بعث الله به رسوله والقيام به فقل ما شئت من العبارات التي التي اخيتها وقطب رحاها قال وقال سهل ابن عبد الله عليكم بالاثار والسنة فاني اخاف ان سيأتي عن قليل زمان اذا ذكر انسان النبي اذا ذكر انسان النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع احواله ذموه ونفروا عنه وتبرأوا منه وتبرأوا منه واذلوه واهانوه بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احد مفرداتها والجهة الثانية نوم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها. فقوله قال العماد تقدم انه عماد الدين باسقاط الاضافة ووضع الموضعها على ما تقدم ايضاحه وقوله لا تخرصا التخرص التخمين والتوقع فالتخلص التخمين والتوقع قال تعالى قتل الخراصون اي المتصفون بذلك وقوله وكأن في الكلام محذوفا اي متروكا لم يذكر ومن سنن الاعرابي العرب في كلامها الحذف والتقدير وقوله دل عليه السياق السياق هو مسرد الكلام ومجراه هو مسرد الكلام ومجراه وقوله وفي المغني اختصار باسمه التام فان نسمع التام مغني اللذيذ عن كتب الاعاليب والخبر عن اسماء الكتب اختصارا جائز بشرطين والخبر عن اسماء الكتب اختصارا جائز بشرطين احدهما امن وقوع الايهام امن وقوع الايهام بعدم ذهاب الظنون الذهنية الى كتاب وارادة اخر كقول القائل مثلا قال تزداد فان هذا الاسم يذهب فيه الدهن الى ارادة كتاب زاد المستقنع فهو المشهور في قطرنا بارادة هذا الاختصار ويكون الناقل ناقلا عن كتاب زاد المعاد لابن القيم وكتاب زاد المعاد لابن القيم اذا اختصروا ذكره سموه الهدي وربما قالوا الهدي النبوي فهو يعرف عند اهل العلم باسم كتاب الهدي لما فيه من بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ابواب الديانة والآخر الا يوقع في مستقبل القول ومستبشعه الا يوقع في الا يوقع في مستقبل القول ومستشنعه كقول القائل قال في النصب على ارادة نصب الرأي كقول القائل قال في النصب على ارادة نصب الراية فان هذا مستقبح من القول ينبغي ان يتجافى ولا يذكر به كتاب من كتب اهل العلم لما صار في عرف الناس من معنى فاسد له فاذا وجد الشرطان جاز ذكر اسماء الكتب اختصارا والمصنف رحمه الله تعالى هنا لما اقتصر اثم كتاب مغن لبيب جاء بما يرفع الايهام عنه بذكر مصنفه فانه لو قال وفي المغني في قوله تعالى ذهبت اوهام الناس الى ارادة كتاب المغني لابن قدامة. لانه هو المشهور عند اصحابه الحنابلة لكن لما ابانا عن مصنفه فقال لابنه هشام علم انه اراد مغني لبيب عن كتب الاعاريب وقوله قال ابو سفيان هو ابو سفيان صخر بن حرب القرشي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله له هرقل هرقل لقب لمن يكون ملكا على الروم لقب لمن يكون ملكا على الروم والامم المتقدمة شهرت ملوكها بألقاب عرفوا بها فكبروا الرومي وعظيمها يلقب به هرقل وكبير فارس يلقب بقيصر وكبير الحبشة وعظيمها يلقب بالنجاشي وكبير مصر وعظيمها يلقب بالمقوقص وكبير العرب يلقب بايش ها ما يلقب لم يكن العرب يجعلون لعظمائهم لقبا يختص به فلم يكونوا يسمونهم ملوكا ولا امراء وانما ابلغ ما كان عند الجاهلية انهم يسمون مقدمهم سيدا فيقولون سيد ال فلان سيد قريش او سيد الخزرج او سيد الاوس لما جبل عليه العرب من الانفة والايباء وقوة الشكيمة حتى انهم كانوا يفتخرون بمخالفة كبرائهم ولا يأبهون بطاعتهم وهي احدى المسائل الكبار التي خالفت ففيها النبي صلى الله عليه وسلم هدي اهل الجاهلية فامر بطاعة الامراء وان جاروا ذكره امام دعوة في مقدمة مسائل الجاهلية فهي احدى المسائل الثلاث الكبار التي جعلها في صدر مسائل الجاهلية وقوله وازالة الرق عنهما الرق هو الملك لهما من يد فوقهما الملك لهما من يد فوقهما فيكون ان ومملوكا لغيره قوله وترك السلطنة السلطنة اظهار الغلبة والتحكم والسلطنة اظهار الغلبة والتحكم قوله لا تئدوا بناتكم الوأد القتل الوأد القتل وقوله في الصفحة الثالثة والعشرين بعد المئة وفي الصحيحين علم على كتاب البخاري ومسلم اذا اجتمعا فان الصحاح من كتب اهل الحديث عدة واختص كتاب البخاري ومسلم باسم الصحيحين اذا اتفقا. فاذا وقع اطلاقه لم يرد به سواهما وفي الصحيحين لا يريد قطعا صحيح ابن خزيمة وصاحبه ابن حبان وانما يريد صحيح البخاري وصحيح مسلم وقوله ان تزاني المزانة مفاعلة دالة على الموافقة المزاناة مفاعلة دالة على الموافقة والمطاوعة بالمواقعة فالفعل واقع منهما جميعا لا من واحد دون الاخر وقوله في الصفحة السابعة والعشرين بعد المئة لعل للتعليم المراد بالتعليل الكشف عن العلة المراد بالتعليل الكشف عن العلة وهو الوصف الظاهر المنضبط الذي علق به الحكم وهو الوصف الظاهر المنضبط الذي علق به الحكم وقوله وفي تفسير الطبري الحنفي زيد ذكر الحنفي تمييزا عن ابن جرير الطبري صاحب جامع البيان اما الطبري الحنفي فهو احمد بن الحسين المروزي يعرف بالطبري وابن الطبري قوله شد الذريعة الذريعة الوسيلة المفضية الى الشيء الوسيلة المفضية الى الشيء قوله وزوال السفه السفه ضعف العقل اما الجهة الثانية وهي نظموا تياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين ما ذكره امام الدعوة من جليل في هذا الباب وهو قوله تعالى قل تعالوا اتوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا الايات وابتدأ بيانه بالنقل عن ابي الفداء ابن كثير على ما تقدم من التنويه برتبته عندهم فقال ناقلا عنه يقول تعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل وهذا الفعل مباشر به النبي صلى الله عليه وسلم. فهو متوجه اليه ووقع هذا الفعل في القرآن في موضعين احدهما باوائل السور احدهما في اوائل السور المعروفة بالقواطل في اوائل السور المعروفة في القواقل كسورة الجن في قوله قل اوحي الي وفي سورة الاخلاص قل هو الله احد وفي سورة الفلق قل اعوذ برب الفلق وفي سورة الناس قل اعوذ برب الناس والاخر في اثناء السور في اين من القرآن الكريم وتوجيه الامن فيها الى النبي صلى الله عليه وسلم تعريف بمبلغ المذكورات من العظمة والجلال فما بوشر به النبي صلى الله عليه وسلم من الامر ارفع مقاما مما بشر به غيره وسياق الاوامر الالهية بالقرآن وقع على ثلاثة انحاء احدها ما جعل الامر فيه للنبي وغيره ما جعل الامر فيه للنبي وغيره كقوله تعالى يا ايها النبي اتق الله وقوله يا ايها الناس اتقوا ربكم وتانيها ما بوشر به الامر للنبي صلى الله عليه وسلم لقوله قل هو الله احد وثالثها ما بوشر به الامر موجها الى الخلق ما بوشر به الامر موجها الى الخلق لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام وليس المراد بالمباشرة بالامر ان يكون مختصا باحدهما دون الاخر بل الامر له صلى الله عليه وسلم هو امر لنا والامر لنا هو امر له صلى الله عليه وسلم لكن المراد التعريف بان ما جمع فيه بين الامر للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ثم اذا الامر به للخلق كافة اعظم قدرا وارفع شأوا مما وقع على الموقعين الاخرين ومما ينبه اليه ان جما غفيرا من المفسرين اذا تكلموا في بيان معاني هذه الايات او السور المبدوءة بقوله تعالى قل قالوا بعد ذلك يا محمد فتجد احدهم يقول قل يا محمد كذا وكذا وهذا مما لا ينبغي سلوكه فالاكمل مخاطبته صلى الله عليه وسلم بما جعل الله عز وجل له من الرسالة والنبوة بان يقول قل يا ايها الرسول او قل يا ايها النبي كهذه الاية فاذا اريد بيان معناها لم يستحسن ان يقل قل يا محمد لهؤلاء المشركين بل يقول القائل قل يا ايها الرسول لهؤلاء المشركين اشار الى هذه الدقيقة من العلم العلامة عبدالحميد ابن باديس رحمه الله تعالى في مجلس من مجالس تفسيره افرد بالطبع باسم الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم قال ابن كثير قل لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله وحرموا ما رزقهم الله تعالوا اي هلموا واقبلوا اكل ما حرم ربكم عليكم اي اقص عليكم واخبركم عن الله سبحانه وتعالى بان اتلو عليكم ما امرني به وهو المذكور في قوله ما حرم ربكم عليكم حقا اي جزما لا تخرصا ولا ظنا اي لا تخمينا وتوقعا واحتمال بل وحي منه وامر من عنده. لان خبره صلى الله عليه وسلم متلقن عن به عز وجل فما يخبر به هو خبر عن الله عز وجل. قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وجاء في هذا الخبر قوله تعالى الا تشركوا به شيئا قال ابن كثير وكأن في الكلام محذوفا اي متروكا لم يذكر دل عليه السياق اي مسرد الكلام مجراه ودلالة السياق من اعظم وجوه الانباء عن المعاني المرادة فان السياق يبين المجملات ويحل الاشكالات ذكر هذا المعنى ابو محمد ابن عبد السلام في كتاب الامام ورعاية السياق من اعظم موارد فهم معاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن في التفسير قطع فهم معنى اية عن السياق الذي انتظمت فيه خاصة او عن السياق القرآني عامة. فاذا اردت ان تفهم اية من ايات القرآن الكريم كان من احسن النظر ان تقدم رعاية السياق الذي وردت فيه وابلغ من ذلك ان تراعي السياق القرآني في هذه الكلمة فمثلا قوله تعالى وثيابك فطهر علم بدلالة السياق ان المقصود بذلك تطهير الاعمال مما نهى الله عز وجل من شرك وبدعة من وغير ذلك لان سياق الايات في ذلك فلا يحسن جعل معنى الاية طهر ثيابك بتنظيفها من القاذورات والاوساخ بان تجعل الثياب الملابس التي تتخذ على البدن فان هذا معنى اجنبي عن سياق الايات فعلم تفسير هذه الاية برعاية السياق. وعلى هذا التفسير جمهور السلف ووراء ذلك نظر ابعد غورا واتم فكرا وهو رعاية السياق القرآني كله فمثلا اسم النفير فيما اشكل من ايات القرآن كقوله تعالى فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة يعلم حل الاشكال فيه بان السياق القرآني الواقع في ايات عدة للنفير وما تصرف منه مختص باسم الجهاد والقتال في سبيل الله عز وجل وهذه الجماعة للاعتداده بدلالة السياق ترشد الى ما وراءها وهو واد افيح في الفهم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ثم ارشد ابن كثير الى المحذوف الذي دل عليه السياق فقال تقديره وصاكم الا تشركوا به شيئا. ولهذا قال في اخر الاية ذلكم وصاكم به انتهى فجاء بالمحذوف مستفادا من المذكور في اخر الاية وهو الامر بذلك وصية من الله سبحانه وتعالى فيكون تقدير الكلام قل تعالوا اتلوا ما وصاكم به ربكم الا تشركوا به شيئا او اتوا ما حرم ربكم عليكم وصاكم الا تشركوا به شيئا قال المصنف رحمه الله تعالى قلت فيكون المعنى حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الاشراك به وفي المغني لابن هشام في قوله تعالى الا تشركوا به شيئا سبعة اقوال احسنها هذا الذي ذكره ابن كثير اي بتقدير المحذوف على هذا الوجه وصاكم الا تشركوا به شيئا ويليه ابين لكم ذلك لئلا تشركوا. هكذا هو في كتاب مغن لبيب. ابين لكم ذلك بان لا تشرك ووقع في بعض نسخ فتح المجيد بين لكم ذلك لئلا تشركوا. والاول هو الموافق لما في مغني اللبيب ثم قال المصنف فحذفت الجملة من احدهما يعني من القول الاول وهي وصاكم كما تقدم تقديره عن ابن كثير وحرف الجر وما قبله من الاخرى. يعني في القول الثاني وعبارة مغري اللبيب اوفى بالدلالة على المقصود فان القول الثاني عند ابن هشام ان تقدير الكلام اوصيكم بالا تشركوا. ان تقدير الكلام اوصيكم بالا تشركوا. ثم قال ابن كثير فحذفت الجملة وحرف الجر فحذفت الجملة وحذف وحرف الجر فصارت الا تشركوا به شيئا وكان قبلها اوصيكم بان لا تشركوا به شيئا. فحذفت الجملة الفعلية مع وفي الجر فبقي الكلام الا تشركوا به شيئا ثم قال المصنف رحمه الله ولهذا اذا سئلوا عما يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يقولوا اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول اباؤكم كما قال ابو سفيان بهرقل يعني لما سأله في الحديث المخرب في الصحيحين عما يدعوهم اليه الرسول صلى الله عليه وسلم فاخبره انهم يأمرهم بعبادة الله وينهاهم عن عبادة الاصنام فهو امر لهم بان يعبدوا الله وحده ولا لا يشرك به شيئا وفي ذلك ترك لما كان يقول اباؤهم فان ابائهم كانوا مشركين بالله سبحانه وتعالى جاعلين له اندادا فامرهم صلى الله عليه وسلم بترك دين الاباء والاجداد افراد الله عز وجل بالعبادة. ثم قال وهذا هو الذي فهمه ابو سفيان وغيره من قول رسول الله صلى الله الله عليه وسلم لهم قولوا لا اله الا الله تفلحوا. فهذا الامر المذكور في قوله صلى الله او عليه وسلم لما كان يدعو في محافل الموسم قائلا قولوا لا اله الا الله تفلحوا هو المعنى المراد بقوله اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فان كلمة التوحيد متضمنة الامر بعبادة الله سبحانه وتعالى وحده وابطال عبادة غيره. وذكر المصنف رحمه الله تعالى في بقرة عيون الموحدين بيانا الخص واخلص مما ذكره ها هنا في بيان معنى قوله اذ على قل تعالوا اتلوا ما حرم ربكم عليكم. فقال رحمه الله تعالى وقوله قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا اي حرم عليكم الشرك الذي نهاكم عنه بقوله الا تشركوا به شيئا فالشرك اعظم ذنب عصي الله به اكبره واصغره. انتهى بلفظه في الصفحة الثامنة والتسعين ثم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله وبالوالدين احسانا وتقدم نظير هذه الجملة من الاية في موضع متقدم من هذا الكتاب وهو في الصفحة العشرين ومئة فقال المصنف وقوله تعالى وبالوالدين احسانا اي وقضى ان تحسنوا بالوالدين احسانا فما قضى بعبادته وحده لا شريك له الى اخر ما ذكر فيكون واقعا فيما عاب به كتاب تيسير العزيز الحميد. فان من الموارد التي جعلت المصنف يختصر تيسير العزيز الحميد ما ذكره اولا بانه وقع فيه تكرار فيه بذكر البعض عن غيره. ومن مواقعه التي قذفه فيها تكراره لبيان معنى وبالوالدين احسانا. فكان حقيقة به ان يكتفي بالبيان المتقدم وينقل ما فزاد عليه في هذا الموضع الى ذاك فان هذا ابلغ في تحصيل التكبير والتقريب والتهذيب الذي واشاد به في مقدمة كتابه. وان كانت اعادة العلم مرة بعد مرة اكمل في ادراكه وتحصيله لكن لكل مقام والمناسب في التصانيف التنويه برده الى المقام الاول لان لا يطول الكتاب فاذا تكرر هذا المعنى اكتفي بما وقع من ايضاحه في المقام الاول ورد غيره اليه وذكر المصنف في هذا الموضع الثاني نقلا عن القرطبي في معنى الاحسان الى الوالدين فقال قال القرطبي الاحسان الى الوالدين برهم وحفظهما وصيانتهما وامتثال امرهما وازالة الرق عنهما اي رفع ملك اليمين عنهما اذا كان مملوكين وترك سلطنة عليهما اي اجتناب اظهار الغلبة والتحكم فيهما وتقدم ان الاحسان الى الوالدين يرجع معناه الى كل ما نسب اليه عرفا. فان الاحسان من الاحكام المتعلقة بحقوق الخلق وحقوق الخلق موكول تقديرها اليهم رعاية لاعرافهم في ازمنة وامكنتهم واحوالهم وتقدم ذكر ذلك في موضعه. ثم بين وجه نصب فقال واحسانا وقوله احسانا نصب على المصدرية والمراد بالمصدرية هنا المفعولية فهو مفعول مطلق ثم بين ناصبه فقال وناصبه فعل مضمر من لفظه تقديره واحسنوا بالوالدين احسانا ثم ذكر تفسير قوله تعالى ولا تقتلوا اولادكم من املاق قال الاملاق الفقر اي لا بناتكم بقتلهن خشية العيلة. والعيلة هي الحاجة والعوز وهي من هذه المفردات التي بات ذكرها. فكان من العرب من يقتل ابنه خشية حاجته وعوضه ثم قال المصنف فاني رازقكم واياهم اي رزقكم انتم واياهم واقع على الله سبحانه وتعالى الا قال الله تعالى ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقال تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها. فكل ما يدب على الارض من صغير وكبير رزقه على الله سبحانه وتعالى وجيء بضمير دال على العظمة وهو قوله نحن نرزقكم لمناسبة رفع ما توهموه من ذهاب ارزاقهم اذا تركوا فيها فتعريفا بان وقوع الرزق على الله عز وجل لم يؤتى به بخبر على وجه الافراد بل جيء للدلالة على ان بذل الرزق وايصاله الى الخلق مكفول من الله سبحانه وتعالى. ثم قال المصنف وكان منهم يعني من العرب من يفعل ذلك بالاناث والذكور خشية الفقر اي يقتلهم مخافة ان يشركوه في رزقه ذكره القرطبي في تفسيره ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين اي الذنب اعظم وفيه ان تقتل ولدك خشية ان يطعم معك اي مخافة ان يشاركك في طعامك في ضيق رزقك عليك ثم ذكر في تفسير قوله تعالى ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن نقلا عن ابن عطية صاحب الوجيز انه قال نهي انه قال في الاية نهي عام عن جميع انواع الفواحش وهي المعاصي واسم الفحش يرجع الى الزيادة المستقبحة فاصل الفحش في الشيء الزيادة فيه. فاذا كان مستردلا مستقبحا تأكد اسم الفحش فكل معدود من القبائح والرزائل فهو من الفواحش. لكن يقارنه في النفس اعظام قبحه واجلال ضوئه ثم قال ابن عطية في التعريف بها وهي المعاصي. لانها جميعا قبائح مرذولة لكن ربما خص اسم الفواحش بالكبائر منها لبشاعتها وعظم قبحها والنهي الوارد في الاية ليس القول السواء فيه ان يقال كما قال ابن عطية نهي عام عن جميع انواع الفواحش فان هذا لازم المعنى. اما المعنى المذكور في الاية فهو نهي عن قربان جميع الفواحش والنهي عن القربان شيء اخر غير النهي عن الفواحش فان النهي عن الفواحش يتضمن النهي عن مواقعتها. واما النهي عن قربانها فانه يتضمر يتضمن امرين احدهما النهي عن مواقعتها والاخر النهي عن الوسائل المفضية اليها النهي عن الوسائل المفضية اليها فذكر النهي عن القرب ابلغ من مجرد النهي. ولهذا وقع في اي عدة عند ذكر عظائم وقبائح من الذنوب ثم قال ابن عطية وظهر وبطن حالتان تستوفيان اقسام ما جعلتا له من الاشياء اي ان ان الظهور والبطون ليجتنبوا جميع الاقسام التي تدور فيها الفواحش فالفاحشة اما ان تكون ظاهرة واما ان تكون باطنة. وفي تعيين ظهورها وبطونها اقوال لاهل العلم منها ان الظاهر من الفواحش ما جرت به الجوارح ان الفاحش ان الفاحشة ان الظاهر من الفواحش ما ما جرت به الجوارح او اللسان والباطن ما وقع في القلب والباطن ما وقع في القلب. وثانيها ان الظاهرة من الفواحش ما كان بين اظهر الناس ان الظاهر من الفواحش ما كان بين اظهر الناس والباطل منها ما كان عند انفراد العبد بنفسه وكلا المعنيين مندرج في اسم الظهور والبطون فلا يختص باحدهما فالظهور يعم المعنيين المذكورين فيه والبطون يعم المعنيين المذكورين فيه ثم ذكر تفسير قوله تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق بايراد حديث ابن مسعود وفيه لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث الحديث واللفظ لمسلم وفيه ذكر وجه الحق الذي تنتهك به النفس المعصومة. فان معنى قوله تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله اي التي عصم الله عز وجل الا بالحق اي الا وجه المأذون به شرعا وهو المذكور في هذا الحديث وهذا الحديث جمع اصول ما تنتهك به حرمة النفس المعصومة القتل فلا يختص بهذه الافراد بل اصول تلك الافراد المذكورة هي التي ترجع اليها جميع كرات في الشرع مما يتعلق بازهاق النفس بوجه ثابت شرعا وبيان ذلك مستوفى ذكرناه في شرح الاربعين النووية. ثم قال المصنف قوله ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون. قال ابن عطية ان قال ابن عطية ذلكم اشارة الى هذه المحرمات ووقعت الاشارة بما يدل على البعد تعظيما فان المذكورات من المحرمات قريبة الذكر لكن لم يقل هذا وصاكم به لعلكم تعقلون بل قيل ذلكم وصاكم به رفعة للمذكورات. فالتبعيد ثم قال ابن عطية والوصية الامر المؤكد للمقرر وهو معنى ما ذكرناه انفا من ان الوصية اسم لما عظم شرعا او عرفا. ثم ذكر ان قوله تعالى لعلكم تعقلون ان لعل للتعليل اي للكشف عن العلة اي الوصف الظاهري المنضبط الذي علق به الحكم فالوصية بهذه الامور المحرمة اريد بها تحقيق غاية هي المذكورة في قول المصنف اي ان الله وصانا بهذه الوصايا لنعقدها عنه ونعمل بها فامرنا بما في هذه الايات طلبا لحصول العقل. والعقل انما يدرك بامتثال ما امر الله عز وجل به او امر به رسوله صلى الله عليه وسلم. وابلغوا علامة العقل لزوم الامر الشرعي. وابلغ وعلامة السفه مخالفة الامر الشرعي. قال الله تعالى ومن يرغب عن ملة ابراهيم فقد نفسه اي من حاد وماله عن ما جاء به ابراهيم عليه الصلاة والسلام فقد سفه نفسه اي اتصف بالسفه. فاكبر موارد العقل العلم بالشرع والعمل به. وتعلم ان العقل الكامل هو في العلم الكامل وهو علم الكتاب والسنة. فالذكاء والفطنة والنباهة والالمعية مردودة الى خطاب الوحي. ولا يكون في غير هذه العلوم الا شيء يسير. ومن يظن ان علوم الاذكياء هي علوم الطب والهندسة والرياضيات واشباهها فان هذا لا يفهم حقيقة الوحي الذي ارسله الله سبحانه وتعالى وانزله الينا. فان العلم الجامع للعقل الكامل هو علوم الانبياء واما العلوم الاخرى فانها وان وقع فيها ما وقع مما يدل على ذكاء وفطنة لكنها لا نسبة لها بالنسبة الى علوم الانبياء ومن اراد ان يعرف حقيقة ذلك فحصا فلينظر الى ما وقع في كلام المتكلمين في معاني كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم من وجوه الاستنباط بما يظهر العقول ويحير الافهام كالمذكور في ترجمة ابي بكر ابن المنذر انه صنف كتابا في شرح حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم فاورد فيه الفا فائدة ونظيره قول ابن القيم رحمه الله تعالى الجواب الكافي وفي قصة يوسف عليه الصلاة والسلام الف فائدة. فان هذه الاعداد من مدارك الفهم واقع الادراك الدالة على النباهة والذكاء لا يجيء عشر معشارها عند المعادلات الرياضية والتفاعلات الكيميائية مهما بلغ جذرها وقدرها سواء هذه العلوم الذي ائتلف عليها اذكياء هذا الزمان او علوم من مضى من اذكياء اليونان التي هذه العلوم فرع عن بعض علوم اليونان التي كانت عندهم فانها مأخوذة في الاصل عن ثم توسعت مع توارد الامم عليها فلا يزهد العبد في علم الكتاب والسنة تحت دعوى ان الاذكياء والنبهاء ينبغي ان يجعلوا عقولهم ومداركهم فيما ينفع الامة من الطب والهندسة والفلك والجوز والفضاء وغير ذلك من العلوم الحادثة والمعارف الجديدة فان هذه علوم فيها نفع لكن النفع الاكبر للامة امة العلم بالكتاب والسنة وهداية الخلق الى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فان قوام هذه الامة رفعتها وعلو شاويها في الدنيا والاخرة مناط بمعرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وامتثاله والدعوة اليه فبقدر ما يكون فيهم من هذا الوجود تكون رفعتهم وقوتهم وبقدر ما يذهب عنهم من الفهم للشرع يذهب عنهم من القوة والعلو والرفعة بقدر ما يتسلط به الاعداء عليهم كالواقع في فليست البلية الكبرى اننا لا نملك صاروخا ولا غواصة ولا غير ذلك مما بهر به الناس وانما البلية العظمى ان عامة المسلمين لا يملكون دينهم. فهم يتخبطون تيها وجهلا وضلالا في معرفة الدين الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال بعد ذلك نقلا عن الطبري الحنفي ابن الحسين المروزي قال وفي تفسير الطبري الحنفي ذكر اولا تعقلون ثم تذكرون ثم تتقون يعني في نظام الايات لانهم اذا عقلوا تذكروا فاذا تذكروا خافوا واتقوا المهالك. فاذا ثبت للعبد العقل تذكر وتدبر وتفطن لما ينبغي عليه ان يذكره ويرعاه ويلاحظه تذكر حصل له خوف من فوات شيء امر به او وقوعه في شيء نهي عنه فحصل له طلب التقوى ثم ذكر تفسير قوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ اشده ناقلا عن ابن عطية قوله هذا نهي عام عن القرب الذي يعم وجوه التصرف. وهذه الاية في مبدأها نظير الاية المتقدمة ولا تقربوا الفواحش. وقد قال ابن عطية في تلك الاية نهي عام عن جميع انواع الفواحش وقال في هذه الاية هذا نهي عام عن القرب وعبارته في الموضع الثاني ادق وابلغ في البيان من عبارته في الموضع الاول على ما تقدم تقريره. ثم قال نهي عام عن القرب الذي يعم وجوه التصرف اي التدبير للمال. وفيه سد الذريعة اي صلة المفضية ثم استثنى ما يحسن وهو السعي في نماءه وذلك في قوله الا بالتي هي احسن. فاذن لهم التصرف في مال اليتيم بالوجه الاحسن ثم قال قال مجاهد التي هي احسن التجارة فيه. ثم قال وقوله حتى يبلغ اشده. قال ما ليكون وغيره هو الرشد وزوال السفه يعني ضعف العقل مع البلوغ روي نحو هذا عن زيد بن اسلم والشعبي ربيعة وغيرهم وهو المشهور عند السلف. قال ابن عطية وهو اصح الاقوال. ويدل على تقديمه قول الله تعالى وابتلوا اليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا اليهم اموالهم. فجعل دفع مال اليتيم اليه موقوفا على ثلاثة امور احدها ابتلاؤه اي اختباره في حسن تصريفه مصالحه اي اختباره في حسن تصريفه مصالحه وثانيها بلوغه الحلم بلوغه الحلم اي مصيره بالغا لقوله حتى اذا بلغوا النكاح وانما يثوق الى النكاح ويتعلق به من كان بالغا وثالثها ايناس الرشد منه ايناس الرشد منه اي وجود العقل وزوال السفه عنه فاذا وجدت هذه الامور الثلاثة دفع اليه ما له الذي كان امانة عند وليه ثم قال وقوله واوفوا الكيل والميزان بالقسط. قال ابن كثير يأمر تعالى في اقامة العدل في الاخذ والاعطاء. اي امر الله سبحانه وتعالى عباده ان يقوموا بالعدل في الاخذ والعطاء مما يكون بالمكاييل والموازين فقوله بالقسط يعني بالعدل ويكون العدل بترك التطفيف فيها. ويكون العدل بترك التطفيف فيها اي عدم ملازمة ما يجب من العدل في الميزان والكي اي عدم ملازمة ما يجب من العدل في الميزان والكي بالنقص لغيره والزيادة لنفسه بالنقص لغيره والزيادة لنفسه قال الله تعالى ويل للمطففين الذين اذا اغتالوا على الناس يستوفون واذا كالوهم او وزنوهم يخسرون اي اذا كانوا لانفسهم استوفوا حقهم. واذا كانوا للناس بخسوهم حقهم ونقصوهم. ثم قال لا نكلف في قوله لا نكلف نفسا الا وسعها اي من اجتهد باداء الحق واخذه فان اخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه. وهذا لازم معنى الاية. اما معناها الذي وضعت له فمعنى قوله تعالى لا لا نكلف نفسا الا وسعها اي لا نعلق بذمة العبد الا ما كان في طاقته لا نعلق في ذمة العبد الا ما كان في طاقته فاصل التكليف التعليق فاصل التكليف التعليق. ومنه سمي ما يعلق بالوجه كلفا ومنه سمي ما يعلق بالوجه كلفا وليس التكليف هو على المعنى المذكور عند الاصوليين ومن يفسر هذه الاية ونظائرها بمعناه عند الاصوليين فمن تفسير القرآن بالمصطلح الحادث ومن قواعد التفسير ان القرآن لا يفسر بالمصطلح الحادث وهذا المصطلح حادث على ما تقدم بيانه من دعوى ان التكليف الزام ما فيه مشقة. اما معنى المراد في القرآن فهو التعليق فقوله لا نكلف نفسا الا هو الا وسعها اي لا نعلق بها في ذمتها الا وسعها والوسع هو الطاقة والقدرة. فلا ينيط الله عز وجل بذمم الخلق مما يأمرهم به او ينهاهم عنه الا ما كان في وسعهم وقدرتهم. ولازموا هذا المعنى الذي ذكرناه ما ذكره ابن كثير ان من اجتهد باداء الحق واخذه بين اخطاء بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه ثم قال في قوله تعالى قوله واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى هذا امر بالعدل في القول والفعل على القريب والبعيد. وليس في الاية الا الامر بالعدل في القول. لانه قال واذا قلتم فاعدلوا لكن لما كان الفعل ملازما للقول عادة ذكر الفعل في تفسير هذه الاية فالاقوال تقارنها الافعال غالبا وربما تخلفت عنها. قال الله تعالى لما تقولون ما لا تفعلون؟ والله سبحانه وتعالى امر بالعدل في القول في هذه الاية واذا قلت قم فاعدلوا وامر بالعدل في الفعل في مثل قوله تعالى واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل وفي قوله ان الله الله يأمر بالعدل والاحسان وفي قوله ولا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعجلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى فالعدل في هذه ايات التلات يعم العدل في القول والفعل. وانما وقع في هذه الاية الاقتصار بالامر بالعدل في القول لان اكثر الجور فيه فان امضاء الحكم بالفعل ليس لكل احد وانما يكون هذا بايدي والامراء فهم الذين يمرون الافعال على الخلق اما عدلا واما ظلما فدوران الفعل في جريانه على الخلق قليل واما القول فانه كثير شائع بينهم فامر بالعدل في القول لعمومه وكثرة الابتلاء به بخلاف تعلقه بالفعل بالقضاة والامراء غالبا. ثم نقل عن الحنفي وهو الطبري المتقدم ذكره احمد ابن اثنين انه قال العدل في القول في حق الولي والعدو. والمراد بالولي الصاحب الناصر واصل الموالاة المحبة لا يتغير في الرضا والغضب. بل يكون على الحق والصدق وان كان ذا قربى فلا يميل الى الحبيب والقريب. ولا يجرمن لكم شنئان قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى اي لا يحملنكم بغض قوم على الا تعدلوا معهم. بل اعدلوا هو اقرب للتقوى اي اصح في مواقعة التقوى وموافقة وفيها ثم قال في قوله تعالى وبعهد الله اوفوا ناقلا عن ابن جرير قال ابن جرير وبوصية الله تعالى التي وصاكم بها فاوفوا وانقادوا لذلك بان تطيعوه فيما امركم به ونهاكم عنه وتعملوا بكتابه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك هو الوفاء بالعهد. وكذا قال غيره اي كذا قال غيره من المفسرين وابلغوا البيان لما انطوى في هذه الاية هو ما ذكره شيخ شيوخنا ابن عاشور رحمه الله تعالى في التحرير والتنوير وترتيب كلامه ان يقال ان الاضافة في قوله تعالى بعهد الله تقع على ثلاثة مواقع ان الاضافة في قوله بعهد الله تقع على ثلاثة مواقع. احدها انها من اضافة المصدر الى فاعله انها من اضافة المصدر الى فاعله اي ما عاهدكم الله عليه اي ما عاهدكم الله عليه وثانيها انها من اضافة المصدر الى مفعوله انها من اضافة المصدر الى مفعوله اي ما عاهدتم انتم الله عليه اي ما عاهدتم انتم الله عليه وثالثها انها تتعلق بادنى مناسبة للاضافة انها تتعلق بادنى مناسبة للاضافة فيندرج في ذلك العهد الذي يكون بين الخلق بعضهم مع بعض فيندرج في ذلك العهد الذي يكون بين الخلق بعضهم مع بعض فالاية باعتبار تياقها تعم هذه الانواع الثلاثة فيندرج فيها عهد الله الينا وعهدنا اليه وعهد بعضنا الى بعض وهذا العموم المذكور في الاية وان كان باعتبار الوضع اللغوي صحيح لكن السياق ربما اراد تخصيص واحد منها واشار الى ذلك العلامة سليمان ابن عبد الله في تيسير العزيز الحميد فقال ما نصه والظاهر ان الاية فيما هو اخص كالبيعة والذمة والامان فهذا هو المقصود بالاية وان كانت شاملة لما قالوا بطريق العموم والظاهر ان الاية فيما هو اخص كالبيعة والذمة والاماني فهذا هو المقصود بالاية وان كانت شاملة لما قالوا بطريق العموم انتهى كلامه فاختياره رحمه الله ان العهد المأمور بوفائه في هذه الاية عهد خاص وهو اي العهود وهو العهد الذي يكون بين الخلق بعضهم مع بعض من اين جاء به رحمه الله من اين جاء بهذا التقصير نعم جاء بهذا التخطيط من سياق الايات لان ما تقدمه قوله تعالى واوفوا الكيل والميزان بالقسط. واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وهما امران يتعلقان فيما يجري بين الخلق فناسب ان يكون الثالث متعلقا فيما يجري بين الخلق ايضا وهذا من شواهد ما تقدم تقريره من رعاية السياق في تفسير كلام الخلاق وهو من دلائل نفوذ نظر العلام دام سليمان ابن عبد الله وشدة ذكائه وقوة فهمه وكان موصوفا بذلك هو ومصنف الكتاب رحمه الله تعالى حتى ان مصنف الكتاب يذكر عند اهل نجد بما يستبعده بعض القلق. فقد ذكر حفيده محمد ابن ابراهيم ابن ابن عبد اللطيف ابن عبد الرحمن ابن حسن انه اشتهر عندهم ان العلامة عبدالرحمن بن حسن كان يذكر وضاعه من ثدي امه كان يذكر وضاعه من ثدي امه وهو كائن حينئذ ابن السنتين فاقل. فكان يذكر ذلك منامه وهو من دلائل ذكائه وفطنته رحمه الله تعالى وله وللشيخ سليمان ابن عبد الله اخبار في ذلك شواهدها في تصانيفهم رحمهم الله الله تعالى ثم قال رحمه الله قوله وصاكم به لعلكم تذكرون اي تتعظون وتنتهون نعم ما كنتم فيه فان المرء اذا تذكر اتعظ فالمقصود من الذكرى حصول العظة بان يمتثل العبد المرأة ويجتنب النهي ثم قال وقوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله قال قال القرطبي هذه اية عظيمة عطفها على ما تقدم اي ردها على ما تقدم بالواو والواو هو رأس حروف العطف عند النحاس فانه لما نهى وامر حذر عن اتباع غير سبيله على ما بينته الاحاديث الصحيحة واقاويل السلف. وستأتي فيستقبل ثم ذكر رحمه الله تعالى نقلا عن القرطبي خلافا في موضع ان في قوله وان هذا تراضيه هو على قولين احدهما ان قوله وان هذا صراطي في موضع نصب على تقدير واتلوا انت ان هذا صراطي فتكون في محل نصب على المفعولية والاخر انها في موضع خفض انها في موضع خفض بالعطف على الضمير المذكور في قوله تعالى وصاكم به فتقدير الكلام وصاكم به وبان هذا صراطي. وهما قولان متجهان الاول عن الفراء والكتاء وذكر الثاني الفراء وحده ثم ذكر ثم ذكر القرطبي رحمه الله ان قوله تعالى مستقيما نصب على الحال اي حال كون ذلك الصراط مستقيما وقد ذكر بعض اهل العربية ان الصراط لا يكون الا مستقيما وان اطلق بعض اهل العربية ان الصراط هو الطريق فيعم المستقيم وغيره. لكن الاظهر في تصرف القرآن وما نقل من اشعار العرب ان الصراط عندهم هو الطريق الذي لا اعوجاج فيه فيكون بين الصراط والطريق عموم وخصوص. فالطريق اسم كل ما يسلك من الجواد. فالطريق اسم كل ما يسلك من الجواد والسبل واما الصراط فيختص بما كان مستقيما منها واشار الى هذا الاختصاص بنوع تلميح ابو هلال عسكري في كتاب الفروق. فذكر ان الصراط اخص باعتبار انه الطريق اي الطريق الذي يكون سهلا في سلوكه. ومن جملة السهولة التي تندرج فيما ذكره ابو هلال العسكري كونه مستقيما لان اسرع الطرق هو مستقيمها وان طال بخلاف المعوج منها وان توهم انه اقصر وفي جمهرة ابن جريج ما يشير الى ذلك فانه لما ذكر الصراط قال هو الطريق القاصد اي الطريق عدل ويكون عدلا لاستقامته. فالاشبه ان الاستقامة وصف ملازم للصراط فلا يكون الصراط الا مستقيم من قال ومعناه مستويا قويما لا اعوجاج فيه. فامر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ونهايته الجنة. وتشعبت منه طرق فمن سلك الجادة نجى ومن خرج الى تلك طرق افضت به الى النار. قال الله تعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله سبيله اي تميل انتهى فسمى الله عز وجل طريقه في الاية صراطا مستقيما. فقوله تعالى قل هذه سبيلي يفسرها قوله تعالى وان هذا صراطي مستقيما فسبيله صلى الله عليه وسلم الصراط المستقيم واما فسبيله هو المذكور في قوله تعالى ولا تتبعوا السبل فلم يجعل الله عز وجل لها وصف الصراط وانما عدها اي طرقا مائلة عن الصراط المستقيم. وهذه الطرق المائلة عن الصراط المستقيم غايتها التي توصل اليها هي التفريق والابعاد عن سبيل الله عز وجل. قال الله تعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم انتبه اي تنأى بكم عن سبيله. وصح عن ابي عالية الرياح رحمه الله تعالى عند ابن وضاح وغيره انه قال ان هذه الاهواء تلقي بين الناس عداوة والبغضاء ان هذه الاهواء تلقي بين الناس العداوة والبغضاء وهو الذي جيش فيه الشيطان جيشه عذب حزبه وجمع خيله ورجله. فالقى بين اهل الاسلام الاهواء التي فرقتهم ونصبت العداوة والبغضاء بينهم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى حديثا في هذا المعنى رواه احمد والنسائي في الكبرى وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال هذا سبيل الله مستقيما ثم خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله فخط النبي صلى الله عليه وسلم بيده خطا مستقيما قال هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا قصارا عن يمينه وعن شماله. وقال وهذه السبل ليس منها سبيل الا وعليه شيطان يدعو اليه. فالداعي الى سبيل الله في واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده انما يكون بدعوته. واما السبل المخالفة صلى الله عليه وسلم فدعاتها كثر وعلى رأس كل سبيل منها شيطان يدعو اليه وهذا الشيطان اما ان يكون شيطانا انسيا واما ان يكون شيطانا جنيا. واما ان يجتمع على الدعوة اليها شياطين الانس والجن فان من شياطين الانس ما يكون نائبا قائما عن شياطين الجن فيدعو بدعوتهم بدعوتهم الى الباطل. ثم قرأ وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتورق بكم عن سبيله وهو حديث صحيح يروى عن ابن مسعود من غير وجه من حديث جماعة عن ابي وائل عن ابن مسعود رضي الله عنهم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى عن مجاهد انه قال ولا تتبعوا السبل قال البدع والشبهات رواه ابن جرير وغيره واسناده صحيح وهو مكتف في ذكر هذا الاثر جده امام الدعوة في ذكره اياه في كتاب فضل الاسلام. فانه ذكر هذا الحديث بعد ذكر هذه الاية وذكر البدع والشبهات تنويه بفرض من افراد السبل لا على ارادة حصر السبل فيها فان السبل ينتظم فيها كل ما خالف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. واعظم ذلك سبل الكفر فان سبل الكفر القديمة والحديثة كاليهودية والنصرانية او العلمانية والليبرالية والشيوعية هذه اشد حالا من البدع والشبهات وهي من جملة السبل المفرقة عن سبيل الله سبحانه وتعالى لكن ذكر مجاهد رحمه الله تعالى البدع والشبهات جار على جادة السلف في التفسير فانهم ربما ذكروا من افراد العامي واحدا لا على ارادة الحصر المعنى فيه. بل لاعظامه واجلاله. فالسبل لا تختص بالبدع والشبهات لكن من اعظم ما يكون من السبل البدع والشبهات وانما عظمت البدع التبوهات في التفريق والصد عن سبيل الله لاجل امرين احدهما انها المروجة الشائعة الذائعة بين المسلمين انها المروجة الشائعة الذائعة بين المسلمين فان المسلمين لا يرضون سبيل يدعوا الى الكفر الا على وجه الندرة فان المسلمين لا يرضون بسبيل يدعوا الى الكفر على وجه الا على وجه الندرة. اما البدع والشبهات فانها ربما راجت وذاعت بينهم. وتانيها ان البدع والشبهات الى النفوس اسرع وهي بالقلوب اوصاف ان البدع والشبهات الى النفوس اسرع وهي بالقلوب اوصخ. فعلوق الشبه والبدعة بالنفس سريع فكم من شبهة رمى دعاتها شباكها فاختطفوا به من اختطفوا من اهل الاسلام فرجت عليهم تلك البدعة والشبهة وصاروا من اهلها فهذا مورد تفسير مجاهد للسبل بقوله البدع والشبهات ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى كلاما عن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في تفسير الصراط المستقيم قال فيه ولنذكر في الصراط المستقيم قولا وجيزا اي مختصرا فان امر الصراط المستقيم عظيم فان الناس قد تنوعت عباراتهم عنه ايوه تلف كلامهم في التعريف به وموجب ذلك هو قوله بحسب صفاته ومتعلقاته اي ان الخبر عنه تنوع لاختلاف ما من صفاته ومتعلقاته. وهذا الاختلاف الجاري في خبر الناس من الصحابة والتابعين واتباع اتباعهم هو من جنس اختلاف التنوع الذي تذكر فيه بعض افراد العام او يخبر عنه بلفظ عند احدهم وبلفظ اخر عند غيره. ثم قال ابن القيم وحقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلا لهم اليه ولا طريق اليه بسواه بل الطرق كلها مسدودة. على الخلق الا طريقه الذي نصبه على السن رسله. اي الذي اقامه على السن رسله في خبرهم عنه وجعله موصلا لعباده اليه. وهذا الطريق الذي نصبه الله جاء في حديث النواس ابن سمعان عند احمد واسناده حسن ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل فالصراط الاسلام فيكون الصراط المستقيم المعمور بسلوكه هو الاسلام واصل الحديث عند الترمذي وابن ماجه باسناد ضعيف فقدم ذكر احمد في روايته لحسن اسناده وهذا الصراط المذكور في الحديث مما تقدم ذكره في القرآن وفسر بالاسلام تعلقوا بالصراط الذي يكون في الدنيا فان الصراط المنعوت في خطاب الشرع نوعان فان الصراط المنعوت في خطاب الشرع نوعان احدهما صراط في الدنيا صراط في الدنيا وهو الاسلام والاخر صراط في الاخرة وهو الجسر المنصوب على متن جهنم وهو الجسر المنصوب على متن جهنم ثبت هذا في الصحيحين من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ثم قال ابن القيم مبينا ما جاء في حديث النواس من ان الصراط الاسلام قال وهو افراده بالعبودية قبر رسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة. فلا يشرك به احد في عبوديته ولا يشرك برسوله صلى الله عليه وسلم احد في طاعته فيجرد التوحيد ويجرد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذان الامران هما قوام الاسلام. فان الله سبحانه وتعالى امرنا بشيئين احدهما ان نعبده ولا نشرك به شيئا والاخر ان نعبده بما شرع لا بالاهواء والبدع. فالاول يرجع الى افراد الله بالعبادة والثاني يرجع الى افراد الرسول صلى الله عليه وسلم بالطاعة مما سماه بعض العلماء توحيد الاتباع وهذان الامران يرجعان الى اصل جامع فرضه الله على الخلق وهو هجرة قلوبهم ان الهجرة الشرعية نوعان فان الهجرة الشرعية نوعان. احدهما هجرة الابدان. وهي التي يذكرها الفقهاء في كتبهم احدهما هجرة الابدان وهي التي يذكرها الفقهاء في كتبهم والآخر هجرة القلوب والاخر هجرة القلوب وهي التي يرجع اليها ما ذكره المصنف ها هنا وهي نوعان ايضا احدهما الهجرة الى الله عز وجل بالعبادة والتوحيد الهجرة الى الله عز وجل بالعبادة والتوحيد وثانيهما الهجرة الى الرسول صلى الله عليه وسلم بالاقتداء والاتباع. الهجرة الى الرسول صلى الله عليه وسلم بالاقتداء والاتباع ذكر هذا ابو عبد الله ابن القيم في الرسالة التبوكية وطريق الهجرتين والشافية الكافية فاذا تقرر هذا الاصل عندك تبين لك قول المصنف وهذا كله مضمون شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. لان شهادة ان لا اله الا الله تتضمن الشهادة لله عز وجل بالعبادة وشهادة ان محمدا رسول الله تتضمن الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة وهي تلازم طاعته واتباعه دون غيره. ثم قال ابن القيم فاي شيء فسر به الصراط المستقيم؟ فهو داخل في هذين الاصلين. ونكتة ذلك اي سره ومأخذه ومورده ان تحبه بقلبك وترضيه بجهدك كله. فلا يكون في قلبك موضع الا معمورا بحبه. ولا يكون لك الا متعلقة بمرضاته. فالاول يحصل بتحقيق شهادة ان لا اله الا الله. والثاني يحصل بتحقيق شهادة ان محمدا رسول الله فلا فكاك للعبد في طلب نجاته ولا سبيل له والى تخليص نفسه الا بالدوران مع هذين الاصلين العظيمين فلا يكون في قلبه شيء يتعلق بالعبادة والوحدانية الا لله ولا شيء يتعلق بالاتباع والاقتداء الا برسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال ابن القيم ابلاغا في البيان وهذا هو الهدى ودين الحق اي الذي ذكره الله في قوله هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق يفسره قوله وهو معرفة الحق والعمل به. فالهدى هو معرفة الحق ودين الحق هو العمل بذلك الهدى بمعرفة ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم والقيام به. ثم قال ابن القيم رحمه الله الله تعالى فقل ما شئت من العبارات التي هذا اخيتها وقطب رحاها والاخية هو وتد يغرس في حائط من جانبيه وسد يغرس في حائط من جانبيه. لتربط به دابة وغيرها. فيكون بهذه الصفة بان يكون الحائط منصوبا ثم يغرس الوتد هكذا. فتكون له كالعروة التي تربط بها حبل او غيره. وقطب الرحى هو العمود المنصوب فيها الذي تدور عليه ومعنى كلامه اي تكلم بما شئت من قول وراء هذا فمرده وجماعه ولبابه غايته ومنتهاه هو ما ذكرت لك انفا يعني في كلام ابن القيم رحمه الله تعالى ثم قال خاتما هذا المقام وقال سهل ابن عبد الله وهو التستري عليكم بالاثر والسنة. فاني اخاف انه سيأتي عن قليل زمان اذا ذكر انسان النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع احواله ذموه ونفروا عنه برأوا منه واذلوه واهانوه. وهذا تصديق ما سبق ذكره في تفسير قول الله سبحانه وتعالى ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله. فان الناجي من هذه السبل هو من يتمسك بالاثر والسنة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وصح عن ابن سيرين عند الللكاء وابن بطة انه كان انه كان يقول كانوا يرون ان الرجل على الطريق ما دام على الاثر كانوا يرون ان الرجل على الطريق ما دام على الاثر اي لا يزال العبد سالكا الصراط المستقيم ما تمسك بالاثار وتعرف الى ما جاء عن صلى الله عليه وسلم من الاخبار واعمله في نفسه واجراه على جميع احواله في سرها وعلنها وباطنها وظاهرها وهذا اعظم ما يكون من الاقتداء والاتباع بالحرص على اقتفاء النبي صلى الله عليه وسلم السلفي رحمهم الله تعالى في ذلك اخبار واحوال دالة على تعظيم هذا الشأن مما هو مذكور في كتب العقائد المسندة ككتاب اصول اعتقاد اهل السنة والجماعة الالكاء والابانة الكبرى لابن بطة وذم الكلام اهله وذم الكلام واهله للهروي والشريعة للاجر. ووقع في كلام المصنف رحمه الله والله تعالى كلام مليح في التعريف بعدول الناس عما كانوا عليه من السنة والسبيل والاثر في توحيد الله عز وجل. وهذا اعظم ما ينبغي التعريف به من انحراف الخلق عن اثار فانحراف الخلق عن الاثار في التوحيد اعظم من انحرافهم عن الاثار في السنة. اذ حق الله سبحانه وتعالى الا اعظم وكما يرشد الناس الى الاثار المرشدة الى طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه فانهم يرشدون الى الاثار المعرفة بتوحيد الله سبحانه وتعالى وما جرى على الناس من ترك تلك الاثار والعدول عنها قال رحمه الله تعالى في كلام لملاحته وجزالته نقله عنه تلميذه حمد بن عتيق في ابطال التنديد قال وقد وقع الاكثر قال في قرة عيون الموحدين وقد وقع الاكثر من متأخري هذه الامة في هذا الشرك الذي هو اعظم المحرمات كما وقع في الجاهلية قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد القبور والمشاهد والاشجار والاحجار والطواغيت والجن كما عبد اولئك اللاتي والعزى ومناة وهبل وغيرها من الاصنام والاوثان واتخذوا هذا الشرك دينا ونفروا اذا دعوا الى التوحيد اشد نفرة واشتد غضبهم لمعبوداتهم كما قال تعالى واذا ذكر الله وحده اذت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة. واذا ذكر الذين من دونه اذاهم يستبشرون. وقال تعالى واذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على ادبارهم نفورا. فقال تعالى انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون. فيقولون ائنا اتاركوا الهتنا لشاعر مجنون علموا ان لا اله الا الله تنفي الشرك الذي وقعوا فيه وانكروا التوحيد الذي دلت عليه لا اله الا الله فصار اولئك المشركون اعلم بمعنى هذه الكلمة لا اله الا الله من اكثر متأخري هذه الامة لا سيما اهل العلم منهم الذين لهم دراية في بعض الاحكام وعلم الكلام فجهلوا توحيد العبادة وانكروه فوقعوا في الشرك المنافي له وزينوه وجهلوا توحيد الاسماء والصفات وانكروه وقعوا في نفيه ايضا وصنفوا فيه الكتب لاعتقادهم ان ذلك حق وهو باطل. وقد اشتدت غربة الاسلام حتى عاد المعروف منكرا والمنكر معروفا نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة. وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة. قالوا ومن هي يا رسول الله؟ قال من كان على مثل ما انا عليه اليوم وهذا الحديث قد صح من طرق كما ذكره العماد ابن كثير وغيره من الحفاظ وهو في السنن وغيرها. ورواه محمد بن نصر في كتاب اعتصام وقد وقع ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بعد القرون الثلاثة. فلهذا عم الجهل بالتوحيد. الذي هو اصل دين دين الاسلام فان اصله الا يعبد الا الله والا يعبد الا بما شرع. وقد ترك هذا وصارت عبادة الاكثرين مشوبة بالشرك والبدع لكن الله تعالى ولله الحمد لم يخلي الارض من قائم له بحججه وداع اليه على بصيرة لكي لا تبطل الله وبيناته التي انزلها الله على انبيائه ورسله فله الحمد والشكر على ذلك. انتهى بنصه في الصفحة الثامنة والتسعين الى الصفحة الواحدة بعد المئة. وهذا الكلام يبين لك مقدار ما كان عليه الناس من الشرك في هذه البلاد فضلا عن غيرها مما بعد عن الحرمين ثم لما كتب الله ما كتب من هذه الدعوة الى توحيد الله عز وجل حصل للناس خير كثير بمعرفة توحيد الله عز وجل والاطلاع على مسائله والوقوف على دقائقه وهي اجل النعم التي وصلت اليهم. فليست النعمة العظمى ما اثروا فيه من رغد العيش وحسنه وملذاته ولكن النعمة العظمى هو ما اوصله الله عز وجل الينا من معرفة التوحيد لكن لا ينقض عرى الاسلام عروة عروة الا من نشأ فيه وهو لا يعرف الجاهلية. حتى صار المتهوكون الحمقى يزعمون ان الناس كانوا في هذه البلاد على التوحيد الا اشياء يسيرة من المنكرات فيه كانت عند بعض في اطراف الجهال من البوادي وغيرهم فهذا مقال مقال من لم يشم رائحة العلم ولا ادرك لذة التوحيد ولا عرفه معرفته والا فان من رأى كلام ائمة الدعوة بل كلام غيرهم ممن كان بعيدا عن ديارهم كالجبرت في مصر والصنعاني والشوكاني في اليمن وغيرهم من علماء المسلمين رأى شدة ما كان عليه الناس من الجاهلية في توحيد الله عز وجل ممن اراد ممن مما اذا اراد العبد ان يقف عليه لم يكن الا ان يسافر الى بعض النواحي فيرى الشكر الشرك الصراح من النذر لغير الله والذبح لغير الله والطواف بغير الكعبة ومهابة وتعظيم والتوكل الى غير الله سبحانه وتعالى. وكل هذا يقوي في النفس محبة التوحيد. وان الدعوة الى توحيد الله عز وجل هي دين الله الذي اراده الله سبحانه وتعالى منا. واذا شغل الناس بدعوة الخلق الى بعض مبادئ الاسلام. فان اكمل الشغل ان ان يشغل العبد بالدعوة الى اصل الاسلام. فان بقية الاحكام من الحلال والحرام وتهذيب الاخلاق والاذكار وغيرها. لا تساوي شيئا اذا كان العبد متلطخا متلوثا بنكن الشرك واوحال الجاهلية فيه. فاعرفوا يا طلاب العلم جلالة هذه دعوة وشدة الحاجة اليها وانها نفس انفاسنا ولذة اعمالنا وجلاء همومنا وذهاب همومنا وان بها نبقى فان ذهبت هذه الدعوة من نفوسنا وغابت عن احوالنا فاننا والله موتى بين الاحياء ونشير الانسان الى في علم النحو او علم الحديث او علم الفقه او علم التصريف او علم التفسير او او التصغير او غيرها من العلوم مع الجهالة بعلم توحيد الله سبحانه وتعالى فاي علم ينفعك؟ واي لذة يكون فيها؟ واي حال يكون عليه قلبه؟ فان مفخرة التوحيد انك تكون بالله مع الله لله لا تريد من الخلق شيئا ولا تخاف منهم شيئا ولا تلتمس منهم شيئا ولا تبتغي منهم شيئا ولا ترضى منهم سيئة لان توكلك كله على الله واستعانتك استعانتك كلها بالله وامرك كله الى الله تبين الحق للخلق تبيانه فان رضوه وامنوا به واتبعوه فذلك غاية المراد. وان صدوا عنه واستغنوا عنه بغيره واشتغلوا باشياء لا تغني عنهم جوعا ولا تسمنوا ولا تصدهم عما يكونون فيه من حال ناقصة فانك قد اديت ما اوجب الله سبحانه وتعالى عليك. اما الذي اريد بدعوته الجموع والدموع والتقديم والرئاسة. ثم يسلك غير طريق الدعوة الى توحيد الله عز وجل. فان وروده على ملك عظيم جعل الدعوة المدخرة في الارض لمن اراد ان يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم هي الدعوة الى التوحيد. فالقائمون بها هم اهل ميراث النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا جميعا من اهل توحيده وان الشرك والتنديد به سبحانه. نعم احسن الله اليكم قال المصنف الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قال ابن مسعود من اراد ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى قل تعالى واتلوا ما حرم ربكم عليكم الى قوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوا الاية قال الشارح رحمه الله تعالى قوله ابن مسعود هو عبد الله ابن مسعود ابن غافل بمعجمة وفاء ابن حبيب الهذلي ابو وعبدالرحمن صحابي جليل من السابقين الاولين واهل بدر واحد والخندق وبيعة الرضوان ومن كبار علماء الصحابة امره عمر على الكوفة ومات سنة اثنتين وثلاثين رضي الله عنه وهذا الاثر رواه الترمذي وحسنه وابن المنذري وابن ابي حاتم والطبراني بنحوه. وسبب هذا القول والله اعلم. ما رواه البخاري في صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه وجعه لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم رجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تختلفوا لا تختلفوا بعده لا تختلفوا بعده. قال عمر ان صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع عندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط. قال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازل فخرج ابن عباس رضي الله عنهما يقول ان الرازية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه. الحديث قال بعضهم ما لا من اراد ان ينظر الى الوصية التي كانها كتبت وختم عليها فلم تغير ولم تبدل فليقرأ قلتها لو الى اخر الايات شبهها الكتاب الذي كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص. فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصي الا بكتاب الله كما قال فيما مسلم واني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله. وقد روى عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايكم يبايعني ايكم يبايعني على هذه الايات الثلاث ثم تلا قوله قل تعالى واتلوا ما حرم ربكم عليكم حتى فرغ من ثلاث الايات ثم قال من وفى بهن فاجره على الله ومن انتقص منهن شيئا فادركه الله في فادركه الله في الدنيا كانت عقوبته ومن اخره الى الاخرة كان الى الله شاء اخذه. وان شاء رواه ابن ابي حاتم والحاكم وصححه ومحمد ابن نصر في الاعتصام. قلت ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصي امته الا وصاهم الله تعالى به على لسانه وفي كتابه الذي نزل تبيانا لكل شيء وهدى ورحمته وبشرى للمسلمين وهذه الايات وصية الله تعالى ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها. فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله غافل بمعجمة وفاء المعجمة اسم لما كان ذا نقض من الحروف فالمراد بالاعجاب هنا حرف الغين. فيقال في الغين معجم. وفي الخاء معجم وفي الدار معجم تمييزا له عما كان مجردا غير منقوت. والمجرد غير المنقوت يسمى مهملا وانما احتيج الى تمييزه بقوله بمعجمة وفاء لئلا يظن انه ابن عاقل بمهملة وقوله جليل اي موصوف بالجلالة والعظمة وهي وصف لمن اختص بالتقدم في الدين والسابقة في الاسلام من الصحابة وقوله من السابقين الاولين اي المتقدم اسلامهم ممن امن واسلم وهاجر قديما من المهاجرين والانصار. قال الله تعالى والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار وقوله الرضوان بكثر الراء وتضم. فيقال الرضوان ولا تفتح فلا يقال الرضوان المذكور في كتب العربية الكسر والضم. وسميت هذه البيعة بيعة الرضوان لتحقق تبوغي رضا الله سبحانه وتعالى بمن بايع فيها. قال الله تعالى فقد رضي الله عن المؤمنين يبايعونك تحت الشجرة وقوله رواه الترمذي وحسنه اي حكم بحسنه وذلك في قوله حديث حسن فما قال فيه الترمذي حديث حسن او حسن غريب يقال فيه حسنه الترمذي والتحسين عند الترمذي ليس كالتحسين عند غيره. فان الاصل في التحسين عند الترمذي ارادة الحسن لغيره. على ما شرحه في اخر في كتابه في كتاب العلل من جامعه وربما اطلق اسم الحسن مريدا الحسن لذاته لكنه استعمله ولم ينوه به في خاتمة كتابه. ذكر هذا المعنى ابن دقيق العيد ابن سيد الناس في شرح جامع الترمذي المسمى النفع الشري وقوله وكثر اللغط اللغط هو اختلاط الكلام فيريد بذلك وقوع الكلام المختلط الذي لا يتميز ولا يتبين بعضه عن بعض وقوله ان الرزية الرزية هي المصيبة واصلها الهمز الرزيئة ثم ابدلت فقيل الرزية وقوله في الصفحة الرابعة والثلاثين بعد المئة والحاكم وصححه اي حكم بصحته والاصل في كون الحاكم صححه ان يكون اورده في كتاب المستدرك على الصحيحين فانه قصد فيه جمع الحديث الصحيح. فالاصل ان ما كان فيه صحيح الا ان يتبرأ من عهدته فيشير الى ضعفه وهو تارة يحكم عليه بانه صحيح على شرط البخاري ومسلم او على شرط احدهما وكتابه مما عيد واستبعد وقوع الاستدراك منه على الصحيحين كما في كلام ابن رجب في كتاب الرد وفي اخبار الحافظ الدار قبلي لما ذكر له كتاب المستدرك قال كالمتهكم يستدرك عليهما حديث الطير. وحديث الطير حديث باطل ادخله الحاكم في كتاب المستدرك واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين معنى الاثر الذي اورده امام الدعوة عن ابن مسعود انه قال من اراد ان ينظر له وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى قل تعالوا اتوا ما حرم ربكم عليكم الاية وابتدأ بيانه بذكر طرف من ترجمة عبد الله ابن مسعود لان الوقوف على تراجم الرواة يعرف باقدارهم فينشأ من ذلك تعظيم ما اخبروا به من العلم. واقتصر على طرف من خبر سيرته فبين انه عبد الله ابن مسعود ابن غافل بمعجمة الوفاء ابن حبيب الهدى لي نسبة الى قبيلة هذيل هي ابو عبدالرحمن صحابي جليل اي من الجلة المعظمين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو من السابقين الاولين اي المتقدمين في اسلامهم واهل بدر واحد والخندق فكان اسلامه قديما وشهد هذه المشاهد العظيمة بدرا واحدا والخندق وبيعة الرضوان. ومن كبار علماء الصحابة فهو من الصحابة الذين رجع اليهم العلم والفتيا عمره عمر على الكوفة اي جعله اميرا. والصحابة رضي الله عنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم هم كمل فكمل الامراء في هذه الامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هم اصحابه رضي الله عنهم ممن امرهم النبي صلى الله عليه وسلم في المغازي والسرايا او من امره كبار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومات سنة اثنتين وثلاثين رضي الله عنه. ثم ذكر ان هذا الاثر رواه الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن ابي واطلاق العدو الى الاخيرين ينصرف الى تفسيريهما. وان كان كل واحد منهما له كتب. لكن اذا قيل اخرجه ابن المنذر فالمراد في تفسيره او قيل اخرجه من ابي حاتم فالمراد في تفسيره. وكذا اخرجه الطبراني واطلاق العزم الى الطبراني يراد به المعجم ايش الكبير لان له ثلاثة معاجم الكبير والاوسط والصغير واطلاق العزو في اصطلاح اهل العلم مصروف الى المعجم الكبير وكلها مطبوعة مع نقص بالمعجم الكبير. وهذا الاثر اثر ثابت عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه. اما صحيح واما على اختلاف اهل العلم في تعيين داوود الاودي هل هو داوود ابن يزيد الازدي الضعيف او داوود بن عبدالله الاودي الثقة ان كان الثقة فحديثه صحيح وان كان داوود ابن يزيد الاودي الضعيف فانه يحتمل منه الموقوفات وقد حثنا اهل العلم له والقول في الموقوف غير القول في المرفوع. ثم ذكر رحمه الله تعالى سبب هذا القول انه ما رواه البخاري في صحيحه وكذا مسلم عن ابن عباس انه قال لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لا تختلف بعده قال عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع اي صار في حال شديدة عليه من الكرب وعندنا كتاب الله حسبنا اي كافينا وقال هذا باعتبار ما علمه من وصية النبي صلى الله عليه وسلم فان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى في كتاب الله عز وجل كما قال واني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله. رواه مسلم ثم قال وكثر اللغط اي الكلام المختلط فقال قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول ان الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه. والمراد بالحيلولة بينه وبين كتابه ان يقيد ذلك مكتوبا لا ان يعلمهم شيئا لم يكن عندهم فان الذي اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يوصيهم به هو ما تقدم منه الوصية به وهو كتاب الله سبحانه وتعالى. لكن اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يبقى عندهم كتاب مقيد بهذه الوصية لان الكتاب حجة منقولة لا قلب بخلاف القول فقد يطرأ عليه الغلط والوهم والتصديق والتكذيب. ثم قال نقلا عن من بعضهم قال بعضهم معناه ولم اعرف من هذا البعض المعمى بالابهام وكذا سبقه الى ذلك الشيخ سليمان ابن عبد الله ومن الطرائق الدقيقة لعلماء نجد رحمهم الله تعالى انهم ربما نقلوا عن مغموس في البدعة فابهموه فلا يذكرونه رغبة عن اشتهاره بين الناس. مع الانتفاع بما ذكره من العلم. كالمنقول في مواقع عن تيسير العزيز الحميد وغيره في تفسير الاية قال بعضهم يريد به الزمخشرية في الكشاف لكنه لم ينوه به ولم تصرح اماتة لبدعته ورغبة عن اشهاره بين الناس. وهذه من دقائق طرائقهم رحمهم الله تعالى في العلم. ومدرستهم رحمهم الله تعالى في العلم لها اصول وقواعد ومسالك ومراتب ومآخذ وموارد ونقل ودرجات لا اليها الا العارف بها ولا يتشرف بها الا من اخذ العلم عن اهلها. اما الذي يأخذ علمه عن الكتب ثم ينسب نفسه له الى طريقة علماء نجد وانه كان على طريقة علماء الدعوة الاصلاحية فهذا تكذبه الوقائع التي تكون منه فان الطريقة التي كانت كانوا عليها كانت جامعة بين العلم والعمل وفيها من انواع تقديم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه والسير على طريقة السلف ما لم يضارعه طريق غيرهم في زمانهم رحمهم الله تعالى وهو الذي رفع الله عز وجل به ذكرهم واعلى منارهم ورفع اقدارهم فصار لهم بين الناس ذكر حسن مشهور. هم لم يكتسبوا ذلك بسلطان الولاية فان سلطان الولاية ضعف في نجد مرارا انفلات الامر وذهاب دولة ال سعود مرة بعد مرة ولا نالوه بان ولا احسابهم ولا اموالهم فكم من انسان منهم لا يشار اليه بنسب متين ولا كانت بايديهم اموال عظيمة بل لحقهم من الفقر والعوز والحاجة ما يشهد به من عرف احوال نجد نقلا عن ابائه واجداده لكن لما كان في قلوبهم تقديم الشرع واعظامه والدعوة اليه رفعهم الله سبحانه وتعالى بهذا. وربما يوجد في الخلق من مدارس العلم ما يكون قريبا من هذه الحال كمدرسة نذير حسين الدجلوي المتوفى سنة عشرين وثلاث مئة والف الا انها وان شاركت الدعوة النجدية حتى نسبت اليها في ابواب فقد خالفتها في ابواب ليس هذا مقامها ولكن المقصود ان تعرف ان لهم رحمهم الله تعالى مسالك يتميز بها من يأخذ العلم تلقيا عن الاشياء ومن يأخذه عن الصحف والكتب والاوراق والشاشات والمواقع الانترنتية قال في نقله قال بعضهم معناه من اراد ان ينظر الى الوصية التي كانها كتبت وختم عليها فلم تغير ولم تبدل فليقرأ قل تعالوا الى اخر الايات شبهها بالكتاب الذي كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص اي ان هذا الكلام على وجه التشبيه اعلى ارادة الحقيقة المتكررة. وقال المصنف نفسه في قرة عيون الموحدين شبه هذه الوصية بوصية كتبت فختمت اي لم تغير ولم تبدل. ثم قال كما ثم قال فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصي الا بكتاب الله كما قال فيما رواه مسلم واني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله. ثم اتبعه بحديث في بيان هذا معنى عن عبادة ابن الصامت في وقوع الوصية بهؤلاء الايات في البيعة عليها في الحديث الذي رواه ابن ابي حاتم وغيره واسناده ضعيف. ثم قال المصنف قلت ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصي امته الا بما وصاهم الله تعالى به على لسانه وفي كتابه الذي نزله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. وهذه الايات وصية الله تعالى ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم وبه تعلم اصلا جامعا في اختلاف خبر الصحابة عن وصية النبي صلى الله عليه وسلم فان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم اخبروا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اوصى باشياء يتوهم اختلاف وصيته المرادة بينها لكن جماعها ان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى بالقرآن وان من افراد ما جاء في القرآن الكريم ما اوصى به النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الاحاديث فاخبر كل واحد من الصحابة بما انتهى اليه علمه من افراد وصية النبي صلى الله او عليه وسلم وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله في المجلس القادم بعد صلاة المغرب الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين