السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا حمدا والشكر له ثوانيا وكثرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم بكرة واصيلا وعلى آله وصحبه ومن اتخذه اماما ودليلا اما بعد فهذا المجلس السادس بشرح الكتاب الاول من برنامج الكتاب الواحد وهو كتاب فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد لعلامة عبد الرحمن ابن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله وقد انتهى بنا البيان الى قوله باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه مشايخه وللمسلمين يا رب العالمين قال المصنف رحمه الله تعالى باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب. قال الشارح الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى باب قضوا مبتدأ محذوف تقديره هذا قلت ويجوز ان يكون مبتدأ خبره محذوف تقديره هذا وما يجوز ان تكون والعائد محذوف اي وبيان الذي يكفره من الذنوب. ويجوز ان تكون مصدرية اي وتكفيره الذنوب وهذا اظهر بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله والعائد محذوف المراد بالعائد عائد الصلة لان الاسم الموصول منتظم في الاسماء المبهمة التي تفتقر الى ما يبينها ومما يبين الاسم الموصول صلته وهي هنا الضمير المحذوف المقدر في قوله الذي يكفره وتقدم ان الحذف هو الترت وهو عمدة ان نحات فان عمدة علم النحو ملاحظة الحلف والتقدير حتى قيل لولا الحذف والتقدير لعلف النحو الحمير اي لست وفي ذلك الذكي الالمعي والفدم الاحمق الذي لا يعي فيتفاضل الخلق فيه بقدر معرفتهم بموارد الحج والتقدير في الكلام وما يجري عليها عند النوحات من الاحكام واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشارح رحمه الله تعالى ترعى يبين قول المصنف باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب وابتدأ ذلك بذكر الوجه الاعرابي المحتمل لقوله باب فذكر فيه حكما واحدا وهو الرفع على وجهين احدهما ان يكون مرفوعا لكونه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا والاخر ان يكون خبرا لكونه مبتدأ خبره محذوف تقديره هذا فالحكم في كليهما الرفع وهو دائر بين الرفع على الابتداء او على الخبرية وتقدير الكلام اما هذا باب بيان فضل التوحيد او باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب هذا ويجوز فيه ايضا النصب والجر والاسكان على ما تقدم من وجوهه بان يكون النصب على تقدير فعل محذوف اقرأ لا باب بيان فضل التوحيد او خذ باب بيان فضل التوحيد ويقدر الخفظ على عامل قابض محذوف مع بقاء حكمه على مذهب بعض نحات اهل الكوفة واما الاسكان فهو جار على قاعدة واكف الكلمة عن حكمها قبل تعلق عمل العامل النحوي فيها فان الكلمات تكون موقوفة قبل اجراء الحكم النحوي عليها. وعلامة الوقف عن الحكم الاسكان والاشكال عند النحات يكون تارة وقفا عن الحكم ويكون تارة حكما وهو هنا في مقام الوقف عن الحكم كالاعداد المشرودة الاول الثاني الثالث فانها تكون كذلك واهمل ان نصنف بفتح المجيد بيان معنى كلمة داب وهو الذي ذكره في قرة عيون الموحدين فقال الباب هو المدخل الى الشيء فقال الباب هو المدخل الى الشيء انتهى كلامه وهذا تتميم ما ينبغي ذكره بعد ذكر الوجه الاعرابي له فاذا فرغ مما يحتاج اليه من اعراضه حسن بيان معناه على ما ذكره في كتابه الاخر انه المدخل الى الشيء وجعلت تراجم كتب العلم ابوابا لانها مداخل الى مقاصد الفن فكل ترجمة من تراجم كتاب التوحيد هي مدخل لفهم مقصد من مقاصده المعتد بها التي ينبغي ادانتها واظهار معانيها الدالة عليها جزاك الله خير وهو حينئذ مستعمل في حقيقة عرفية ائتلف عليها اهل العلم فان الباب اصلا اسم لما يدخل فيه في دار ونحوه ثم استعمل في الاصطلاح العرفي للدلالة على الدخول في مقصد مما قاصد علم ما ورتبت كتب اهل العلم بابواب تقريبا للعلم وتسهيلا له وتنشيطا لاخره فان المرء يهون عليه قطع الطريق اذا رتب في مراحل اذا رتب في مراحل وهذا هو الواقع فيما يسلكه الخلق من طرق السفر فان طرق الاسفار اذا طالت رتبت في مراحل ليستريح المسافر بينها فيقوى نشاطه اذا قطع مرحلة للدخول في اخرى. فاذا قطع مرحلة ثانية نشط الى اخرى حتى يتم مراحل تفله واصل هذا التقسيم لموالد العلم في ابواب هو جعل القرآن الكريم هو جعل القرآن الكريم بسور وايات فان الله سبحانه وتعالى لم ينظم سلكه في سورة واحدة متتابعة من جعله صورا وايات للمقصد المذكور حتى تقوى نفوس الخلق في اخذه وتلقيه وتنشط في تعلم ما فيه وامتثاله بالعلم والعمل ثم ذكر رحمه الله تعالى بعد ذلك موقع ما في جملة بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب فذكر انها تحتمل وجهين احدهما ان تكون موصولة اثما موصولا بمعنى الذي وعائد الصلة محذوف فتقدير الكلام باب بيان فضل التوحيد هو بيان الذي يكفره من الذنوب والاخر ان تكون حرفية ان تكون ما حرفية تؤول مع ما بعدها في مصدر تقديره وتكفيره الذنوب فيكون سياق الكلام باب بيان فضل التوحيد وتكفيره الذنوب فهذان وجهان محتملان لما يتحرر بكل وجه منهما معنى قوى الآخر وذهب المصنف رحمه الله تعالى الى ترجيح الوجه الثاني فقال وهذا الثاني اظهر اي القول لكون ما حرفية تؤول مع ما بعدها مصدرا اظهروا وابينوا واليق ولم يذكر رحمه الله تعالى مأخذ الاظهرية الذي قضى به في ترجيح الوجه الثاني على الاول وهو مصرح به في اصله تيسير العزيز الحميد ولم يكن يحسن به اهمال مثل هذا فان ذكرى مأخذ الترجيح مما يحتاج اليه من العلم قال صاحب تيسير العزيز الحميد مبينا وجه الاظهرية لان الاول يوهم ان ثم ذنوبا لا يكفرها التوحيد وليس بمراد قال لان الاول يوهم ان ثم ذنوبا لا يكفرها التوحيد وليس بمراد انتهى كلامه اي ان الوجه الاول وهو جعل ما اسما موصولا بمعنى الذي يصير فيه تقدير الكلام وبيان الذي يكفره من الذنوب فيتطرق الى الاوهام ان من الذنوب ذنوبا لا يكفرها التوحيد وليس الامر كذلك بخلاف الوجه الثاني فانه يدل على عموم تكفير التوحيد للذنوب. اذ السياق فيه باب بيان فضل التوحيد وتكفيره الذنوب اي وما يكون منه في تكفير الذنوب واصل التكفير هو الستر والتغطية فان الكاف والفاء والراء اصل في كلام العرب للدلالة على التغطية والستر ومنه سمي المزارع كافرا لانه يستر بذور الزرع في الارض ثم يسقيها وينميها حتى تظهر تثمر فمن فضل التوحيد انه يستر الذنوب ويغطيها فيمحوها فتذهب عاقبتها الوخيمة وتزول عن العبد ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى المراد بالتوحيد في الترجمة هل فيه عهدية فتختص بنوع منه ام للاستغراق فتعم سائر انواعه وهو ما ابان عنه في قرة عيون الموحدين فقال والمراد بالتوحيد توحيد العبادة والمراد بالتوحيد توحيد العبادة انتهى كلامه فانتظم فهم هذه الترجمة وفق ما ذكره المصنف في كتابيه بان معناها باب بيان فضل توحيد العبادة وتكفيره الذنوب بقي من تمام البيان الاعلام بان كلمة بيان في الترجمة مما لم يرد في اكثر كتب في اكثر نسخ كتاب التوحيد فهو واقع في نسخة معتمدة لكن المشهور المتلقى الثابتة في اكثر نسخ كتاب التوحيد ان الترجمة باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب وهذا الذي ذكره المصنف هو ثابت في نسخة معتمدة لكن المشهور خلافه وسبق التنويه بان المصنف رحمه الله تعالى اعتنى بتمييز متن الكتاب بما ينقله من النسخ المعتمدة له نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وقول الله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. قال الشارح رحمه الله تعالى قال ابن جرير حدثني المسمى وساق بسنده عن الربيع ابن انس ثم قال الايمان الاخلاص لله وحده وقال ابن كثير في الاية اي هؤلاء الذين اخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا به شيئا هم الآمنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والآخرة وقال ابن زيد ابن اسحاق هذا من الله على فصل القضاء بين ابراهيم وقومه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال لما انزلت هذه الاية؟ قالوا فاينا لم يظلم نفسه؟ قال عليه السلام ان الشرك لظلم عظيم وساقه البخاري بسنده فقال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا ابي قال حدثنا الاعمش وقال حدثني ابراهيم عن علقمتان عبدالله رضي الله عنه قال لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قلنا يا رسول الله اينا لا يظلم نفسه قال ليس كما تقولون لم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بشرك. اولم تسمعوا الى قول لقمان مثله يا بني لا تشرك بالله الشرك لظلم عظيم. وهذا الحديث في الصحيح والمستدرك وغيرهما ولاحمد بن احمد عن عبد الله قال لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم شق ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله فأينا لا يظلم نفسه؟ قال انه ليس الذي كانون الم تسمعوا ما قال العبد الصالح يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. انما هو الشرك. وعن عمر رضي الله عنه انه فسره فيكون المعنى الامن من كل عذاب وقال الحسن والكلبي اولئك لهم الامن في الاخرة وهم مهتدون في الدنيا. قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى والذين شق عليهم ظنوا ان الظلم المشروط هو ظلم العبد نفسه. وانه لا امن ولا اهتداء الا لمن لم يظلم نفسه. فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما دلهم على ان الشرك ظلم في كتاب الله فلا يحصر الامن والاهتداء الا لمن لم يلبس ايمانه بهذا الظلم ان من لم يلبس ايمانه بهذا الظلم كان من اهل الامن والاهتداء. كما كان من اهل الاصطفاء في قوله تعالى الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه وهذا لا ينفي ان يؤاخذ احدهم بظلمه لنفسه بذنب اذا لم يتب. كما قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يرى ومن يعمل قال ذرة شرا يره. وقد سأل ابو بكر الصديق رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اي من الم يعمل سوءا؟ فقال يا ابا بكر الست تنفض الست تحزن؟ اليس يصيبك اللأوى كما تجزون به فبين ان المؤمن الذي اذا مات دخل الجنة قد يجزى بسيئاته في الدنيا بالمصائب. قال فمن سمع من اجناس الثلاثة الشرك وظلم من عباده وظلمه لنفسه بما دون الشرك كان له الامن التام والاهتداء التام. ومن لم يسلم من ظلمه نفسه كان له الامن والاهتداء مطلقا. بمعنى انه لابد ان يدخل الجنة كما وعد بذلك في الاية الاخرى. وقد هداه الله الى المستقيم الذي تكون عاقبته فيه الى الجنة ويحصل له من نقص الامن والاهتداء بحسب ما نقص من ايمانه بظلمه لنفسه. ليس النبي صلى الله عليه وسلم بقوله انما هو الشرك ان من لم يشرك الشرك الاكبر يكون له الامن التام والاهتداء التام. فان احاديث تكن كثيرة مع نصوص القرآن تبين ان اهل الكبائر معرضون للخوف لم يحصل لهم الامن التام والاهتداء التام. الذي يكونون به مهتدين الى الصراط المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم من غير عذاب يحصل لهم بل معهم اصل الاهتداء الى هذا الصراط وما هم اصل نعمة الله تعالى عليهم ولابد لهم من دخول الجنة. وقوله انما هو الشرك ان اراد الاكبر فمقصوده ان من لم يكن من اهله فهو وامن مما وعد به المشركون من عذاب الدنيا والاخرة. وان كان مراده جنس الشرك فيقال ظلم العبد نفسه كبخيل حب المال ببعض الواجب هو شرك كن هو شرك اصغر وحبه ما يبغضه الله تعالى حتى يقدم هواه على محبة الله شرك اصغر. ونحو ذلك فهذا فاته من الامن والاهتداء بحسبه. ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب في هذا الشرك بهذا الاعتبار. انتهى ملخصا. وقال ابن القيم رحمه الله تعالى تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. قال الصحابة رضي الله عنهم واينا يا رسول الله لم يلبث ايمانه بظلم؟ قال ذلك الشرك الم تسمعوا قول العبد الصالح ان الشرك ظلم عظيم. فلما اشكل عليهم المراد بالظلم فظنوا ان ظلم النفس داخل فيه وان من ظلم نفسه اي ظلم كان لم يكن امنا ولا مهتدية اجابهم صلوات الله وسلامه عليه بان الظلم الرافع للامن والهداية على الاطلاق هو الشرك. وهذا والله هو الجواب الذي يشفي علينا ويروي غليل. فان الظلم المطلق التام هو الشرك الذي هو وضع العبادة في غير موضعها. والامن والهدى المطلق هو الامن في الدنيا والاخرة. والهدى الى الصراط المستقيم. فالظلم المطلق التام رافع للامن والهدى المطلق التام لا يمنع ذلك ان يكون مطلق الظلم مانعا من مطلق الامن ومطلق الهدى. فتأمله فالمطلق للمطلق والحصة للحصة انتهى ملخص بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله في الصفحة الثامنة والاربعين بعد المئة في الاية البينة قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة الذرة هي النملة الصغيرة وقوله فيها في الحديث النبوي اليس يصيبك اللأواء اللأواء الشدة واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين معنى الاية الاولى التي ذكرها المصنف في ادلة باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب وهي قوله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون وابتدأ بيانه بما نقله عن ابن جديد في تفسيره فقال قال ابن جرير حدثني المثنى وساق بسنده عن الربيع ابن انس قال الايمان الاخلاص لله وحده وقوله فيه وساق بسنده ومن جملة ما يندرج في اسم اختصار الحديث فان اختصار الحديث نوعان احدهما اختصار سنده والاخر اختصار متنه ومن طرائق اختصار سنده ذكر طرفه من جهة شيخ المصنف ثم ترك بعضه والاشارة اليه بنحو قوله. وساق بسنده واهمل المصنفون في علم مصطلح الحديث ذكرى اختصار السند لان المقصود بالعناية عندهم اصلا هو المتن لما يحدثه اختصاره فيما يتخوف طورا وطورا من تغيير متن الحديث النبوي والوقوع في الغلط على النبي صلى الله عليه وسلم وربما كان اختصار السند تارة بالاحالة على متقدم كالذي يفعله البخاري من ذكر حديث باسناده ثم يتبعه بحديث اخر. يقول قبله وبه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فيذكر حديثا ومعنى قوله وبه اي وبالاسناد المتقدم قبله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر حديثا اخر وهذا الاثر الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى نقلا عن الربيع ابن انس رحمه الله تعالى بين فيه الايمان بقوله الايمان الاخلاص لله وحده بذكر فرض من اعظم افراده الايمان وهو اخلاص العبادة لله عز وجل فان الايمان لا ينحصر بالايمان بالله فاركانه العظام ومبانيه الجسام انتظروا فيما جاء في حديث جبريل المعروف في الصحيحين عن ابي هريرة وعند مسلم وحده عن عمر وفيه ذكر الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر قدر خيره وشره لكن السلف من طرائقهم في التفسير ذكر فرد من الافراد عظاما له وتعريفا بعلو قدره فلا يثبت ايمان العبد الا باخلاصه لله عز وجل فلو قدر اتيانه بسائر اركان الايمان دون الايمان بالله المتضمن اخلاص العبادة له وحده لا شريك له فان ذلك الايمان لا ينفع العبد والحقيقة الشرعية الجامعة للايمان انه التصديق الجازم بالله باطنا وظاهرا التصديق الجازم بالله باطنا وظاهرا تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة على مقام المشاهدة او المراقبة وهذا الحد المذكور هو الوعاء الجامع لحقيقة الايمان التي يقال فيها ان الايمان ويراد به الدين كله. فانه انما يكون كذلك على المعنى المذكور الجامعي بينما يتعلق وبالباطن والظاهر ولا ينبغي عند ذكر الايمان اطلاق القول بانه التصديق فقط فان الايمان تصديق خاص وهو التصديق الجازم الذي لا يخالطه ريب ولا شك فلا بد من زيادة الجزم للاعلام بان التصديق تصديق مستقر لا ينازعه شائبة من الشوائب ذكر هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية الحفيد في كتاب الايمان وغيره وهذا المعنى المذكور انفا هو معنى عام للايمان يستغرق الدين كله له وراءه معنى ثان وهو الاعتقادات الباطنة فان الايمان ربما مطلق واريد به الاعتقادات الباطنة وهذا المعنى هو المقصود اذا قرن الايمان بالاسلام والاحسان فتلخص من سابق القول ان الايمان شرعا يقع على معنيين احدهما معنى عام وهو التصديق الجازم باطنا وهو التصديق الجازم بالله باطنا وظاهرا وهو التصديق الجازم بالله باطنا وظاهرا تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم تعبدا له بالشرع المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم على مقام المشاهدة او المراقبة والاخر معنى خاص وهو الاعتقادات الباطنة وهذا المعنى هو المراد اذا قرن الايمان بالاسلام والاحسان وهذا المعنى هو المراد اذا قرن الايمان بالاسلام والاحسان ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى في بيان معنى الاية كلاما لكثير انه قال اي هؤلاء الذين اخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا به شيئا هم الامنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والآخرة وما ذكره ابن كثير في معنى الايمان يرجع الى ما سبق تقريره في توجيه ما ذكره الربيع بن انس في قوله الايمان الاخلاص لله وحده واما ما ذكره من الجزاء في قوله هم الامنون يوم القيامة المهتدون في الدنيا والاخرة فانه جامع بين اطلاق وثقيل فالاطلاق في قوله المهتدون في الدنيا والاخرة فجعل الاهتداء واقعا في الدارين واما التقييد ففي قوله هم الامنون يوم القيامة فجعل الامن مختصا بيوم القيامة والآية مطلقة غير مقيدة بيوم القيامة فالموافق تفسيرها باعتبار وضعها انهم الامنون في الدنيا والاخرة المهتدون في الدنيا والاخرة والدال على ارادة العموم حذف المتعلق اذ لم يذكر متعلق الامن والاهتداء انه يكون في حين دون دين فتركه مطلقا مرسلا دون تقييد يدل على ان الجزاء المذكور فيهما موفور في الدارين مع بمعنى الاية اولئك لهم الامن في الدنيا والاخرة وهم مهتدون في الدنيا والاخرة وخص من خص من اهل العلم الامن بيوم القيامة لانه اشد ما يكون الفزع فيه لانه اشد ما يكون الفزع فيه بل حاجة الى الامن حينئذ عظيمة فافتقار الناس الى الامن يوم القيامة اعظم من افتقارهم الى الامن في الدنيا لشدة فزعهم بما اقلعوا قلوبهم ويزلزل انفسهم اذا نصبت الموازين ونشرت الكتب واصطلم الناس مضطربين فيما يكون من احوال يوم القيامة ثم قال المصنف وقال ابن زيد وابن اسحاق وهدان وهاتان الكنيتان اذا اطلقتا فالمراد بالاول عبدالرحمن بن زيد ابن اسلم المدني والمراد بالثاني محمد ابن اسحاق ابني الثار المطلب مولاهم والاول كثير الكلام في التفسير مع ضعفه في الرواية وهو احد موارد تفسير ابن جرير فان ابن جرير يسند عنه كثيرا تفسير القرآن الكريم واما ابن اسحاق فتفسيره قليل وعامته مما يتعلق بالاخبار وسع وفيه اشياء مستجابة تكون اولى مما ذكره غيره كقوله في تفسير قول الله تعالى ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا فان قوله فيها من احسن الاقوال وهو الذي ذكره ابن كثير في تفسيره واختاره مرجحا قول ابن اسحاق رحمه الله تعالى والمذكور عن عبدالرحمن بن زيد ومحمد بن اسحاق هنا انهما قالا هذا من الله على فصل القضاء بين ابراهيم وقومه اي هذا حكم من الله فصل به القضاء في الخصومة بين ابراهيم عليه الصلاة والسلام وقومه في قوله فاي الفريقين احق بالامن في قوله فاي الفريقين احق بالامن فقضى الله سبحانه وتعالى بان الاحق بالامن هم المذكورون في قوله الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك هم اولئك لهم الامن وهم مهتدون ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى مما يحتاج اليه في هذا الموضع بيان معنى اللبس في قوله ولم يلبسوا ايمانهم وذكره في قرة عيون الموحدين فاحسن فقال اللبس هنا الخلط اللبس هنا الخلق فيكون معنى الاية الذين امنوا ولم يخلطوا ايمانهم بظلم وفي بيان الظلم ابتدأ المصنف معنى من جديدا في ايضاح الاية فقال وعن ابن مسعود رضي الله عنه لما نزلت هذه الاية قالوا فاينا لم يظلم نفسه قال عليه السلام ان الشرك لظلم عظيم اي اتفقا عند نزول الاية المذكورة اضطراب افئدة الصحابة هيدي شرط في حصول الامن والاهتداء ان يكون العبد مؤمنا ولم يخلط ايمانهم بظلم فتخوفوا على انفسهم ان لا يكونوا من الامنين المهتدين هذا دال على كمال علمهم وشدة حرصهم على امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم فانهم لم يكونوا يضطربون على ما يفوتهم من امن الدنيا في ارزاقهم قدر ما يضطربون بخوفهم على ما يفوتهم في اديانهم تخاف ان يفوتهم الجزاء الاوفر من الامن والاهتداء الذي يحصل به الخير الاكبر في الدنيا والاخرة فاشتكوا الى النبي صلى الله عليه وسلم قائلين فاينا لم يظلم نفسه اينا لم يقع في ظلم يتعلق بنفسه وهو ظلمها بالذنوب؟ فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما ان الظلم المراد في الاية هو الشرك بذكر قول لقمان ان الشرك لظلم عظيم والحديث في ذلك في الصحيحين عن ابن مسعود وساق المصنف احدى روايات البخاري له فقال وساقه البخاري بسنده فقال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا ابي قال حدثنا الاعمش قال حدثني ابراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه وهذا اسناد كوفي فرواته كلهم من اهل الكوفة والبخاري رحمه الله تعالى ذكر في كتابه جما غفيرا وطرفا حسنا من اسانيد الكوفيين لان منتهى عامتها الى عبد الله ابن مسعود حتى قيل كل اسناد كوفي اخره عبدالله فهو عبد الله ابن مسعود واستثنى الحازمي من ذلك حديث ابي وائل الكوفي عن عبد الله ابن عمر عن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا وارتقي الحديث فان عبد الله هنا ليس ابن مسعود على القاعدة المشهورة في اسانيد الكوفيين بل هو عبد الله ابن عمر ابن العاص رضي الله عنهم ماء فقال عبد الله لما انتهى اليه الحديث لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قلنا يا رسول والله اينا لا يظلم نفسه قال ليس كما تقولون اي ليس الامر كما تذهبون اليه وهذه الجملة استنبط منها السيوطي نوعا من انواع البديع التي زادها في طرح الفيته في البلاغة وهو نفي الموضوع وهو نفي الموضوع بان تذهب الاوهام الى شيء ثم ينفى كقولهم في هذا الحديث اينا لا يظلم نفسه فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ليس كما تقولون في احاديث اخرى في هذا المعنى كحديث المفلس وغيره ثم قال صلى الله عليه وسلم لم يلبسوا ايمانهم بظلم بشرك اولم تسمعوا الى قول لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم فصار المراد الظلم في هذه الاية هو الشرك لانه هو المراد عند الاطلاق لفداحته وقباحته. فجعل اسم الظلم المطلق اذا ذكر مصروفا اليه ويأتي تتميم البيان في كلام ابن تيمية وصاحبه ابن القيم ثم ابوك الله ثم وقع في هذه النسخة وهذا الحديث في الصحيح والمستدرك وغيرهما وانا على وجل من اثباتها لان المتقدم من كلام المصنف يغني عن ذكر اسم الصحيح فانه قال وساقه البخاري سنده فلا معنى لاعادته. زد على هذا قوله بعده والمستدرة فان الحديث ليس في المستدرك اصلا ولا حاجة الى ذكر المستدرك مع حديث اخرج في الصحيحين ففي ادراج هذه الجملة في هذا المحل نظر وان كانت ثابتة في نسخة من نسخ الكتاب فان هذا ربما يكون وقع في نسخة قديمة ثم ضرب المصنف على ذلك ورفعه وهو الواقع في سائل نسخ الكتاب فان هذه الزيادة وقعت في نسخة واحدة دون بقية نسخ الكتاب الخطية. فالاولى طرحها واهمالها وعدم الاعتدال بها وليس كل ما يكون بكل النسخ الخطية يثبت في الاصل اذ ما تقرر غلطه وجب اقتراحه وكان نسخة الشيخ عبد الله بن حسن تخلو من ذلك هل عنده نسخة بن حسن عندك يا خي هذي حقة الافتاء لفتة من لمهدتك فيها الجملة دي مثبتة ها موجودة نعم ثم قال المصنف ولاحمد بنحوه عن عبدالله قال لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم شق ذلك على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. اي عظم ذلك عليهم بما فيه من فوات الخير العظيم بوقوعهم في ظلم انفسهم. فقالوا يا رسول الله فاينا لا يظلم نفسه؟ قال انه ليس الذي تعنون. الم تسمعوا ما قال العبد الصالح يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. انما هو والشر فيكون الظلم في الاية معناه الشرك فتصير الاية الذين امنوا ولم يخلطوا ايمانهم بالشرك اولئك لهم الامن وهم مهتدون ومن قواعد التفسير ان البيان النبوي مغن عن غيره ذكر هذا ابن جرير في مواقع من تفسيره وذكره ايضا القرطبي وغيرهما فاذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير اية لم يحتج الى كلام غيره ثم ذكر قولا اخرا في تفسير هذه الاية فقال وعن عمر انه فسره بالذنب اي فسر قوله ولم يلبسوا ايمانهم بالذنب والذنب ان والذنب ربما اراد به شيئا مخصوصا وهو الذنب الاعظم الذي هو الشرك فيكون موافقا لما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم. وتكون الفه عهدية. اي الذنب المستقبح المستشنع وفوق غيره او تكون ال فيه استغراقية تدل على جنس الذنب فيندرج في ذلك الشرك وغيره ويكون فيه ما يزيل الايمان والاهتداء الكامل وهو الشرك الاكبر ويكون فيه ما يزيل بعضه على ما سيأتي تقريره في كلام ابي العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم قال المصنف فيكون المعنى الامن من كل عذاب. اي اذا قيل ان قوله تعالى ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بذنب تقرر حينئذ حصول الامن لهم من كل عذاب. لعدم وقوعهم في شيء من الذنوب. فانتفاء الذنوب يتحقق به الامن من كل سوء وضراء ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى في تفسير الاية كلاما عن الحسن والكلب والحسن عند الاطلاق هو الحسن البصري والكلبي هو محمد بن السائب الكلبي وهما امامان في التفسير. وان كان الاخير منهما وهي الحديث ساقط الرواية. لان كلامه في يذكر في كتبه وكم من رجل يقدم في علم ويكون في الرواية ضعيفا يا محمد ابن عبد الرحمن ابن ابي ليلى من الفقهاء وحفص ابن عاصم من القراء ومحمد بن السائب الكلبي من المفسرين فان هؤلاء من رؤوس هذه العلوم المذكورة وان كانوا في رواية ضعفاء والمقصود انهما قالا اولئك لهم الامن في الاخرة وهم مهتدون في الدنيا وهذا ذكر لبعض الافراد التي يتناولها الامن والاهتداء فالصحيح كما سلف ان معنى قوله اولئك لهم الامن اي في الدنيا والاخرة وهم مهتدون اي في الدنيا والاخرة لكنهما اقتصرا على احد النوعين لشدة الحاجة الى كل في مقامه فاشد ما تكون الحاجة الى الامن في الاخرة لان الفزع فيها عظيم واشد ما تكون الحاجة الى الاهتداء في الدنيا لان الاهتداء في الاخرة متوقف على الاهتداء في الدنيا فان وصول اهل الجنة الى الصراط اذا ضربت على الخلق الظلمة وجعل الله لهم انوارا يدبون بها الى الصراط فيمشون عليه ثم ينتهون الى الجنة فيقولون الحمد لله الذي هدانا انا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. فاهتداؤهم الذي وقع في الاخرة بالدلالة الى طريق الجنة وسلوك الصراط المستقيم متوقف على اهتداء متقدم وهو اهتداؤهم في الدنيا الى سلوك الصراط المستقيم فيها وهو دين الاسلام. فالتنويه بالامرين مذكورين في كلام الحسن وابن الكلب موجبه ملاحظة الحاجة العظمى الى كل في احد الدارين. واما الاية فانها تعم هذا وهذا. وما ذكروه جار على طريقة السلف في ذكر بعض الافراد التي تتناولها اية ما تعظيما لما ذكروه منها ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في بيان الحديث كلاما حسنا جامعا لابي العباس ابن تيمية الحفيد ثم اتباعه بكلام نظير له لصاحبه ابي عبد الله ابن القيم ابتغاء فسري معاني الحديث والكشف عنها فقال قال شيخ الاسلام وهو ابن تيمية وفق اصطلاح صاحب الاصل وهو تيسير العزيز الحميد على ما تقدم في مقدمة فتح المجيد قال والذين شق عليهم وظنوا ان الظلم المشروط هو ظلم العبد نفسه. وانه لا لا امن ولا اهتداء الا لمن لم يظلم نفسه. فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما دلهم على ان ظلم في كتاب الله. فلا يحصل الامن والاهتداء الا لمن لم يلبس ايمانه بهذا الظلم فان من لم يلبث ايمانهم بهذا الظلم كان من اهل الامن والاهتداء كما كان من اهل الاصطفاء لقوله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه. الآية وهذا لا ينفي ان يؤاخذ احدهم بظلمه لنفسه بذنب اذا لم يتب كما قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وقد سأل ابو بكر الصديق رضي الله عنه النبي صلى الله الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اينا لم يعمل سوءا؟ فقال يا ابا بكر الست تنصب؟ الست تحزن اليس يصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به. فبين ان المؤمن الذي اذا مات دخل الجنة قد يجزى بسيئاته في الدنيا بالمصائب. وحاصل ما سلف من كلام ابي العباس ابن تيمية رحمه الله ان النبي صلى الله عليه وسلم رفع عن الصحابة ما توهموه من اختصاص الظلم بالذنب الذي لا ينفك عنه العبد باعتبار الادمية. وهو وهو من اجناس الظلم فرفع النبي صلى الله عليه وسلم توهمهم واخبرهم بما يدلهم على ان الشرك ظلم في كتاب الله عز وجل وهو اعظم الظلم ولهذا قال لقمان لابنه ان الشرك لظلم عظيم فلا يحصل الامن والاهتداء الا لمن لم يلبس ايمانه بهذا الظلم. فاذا ارتفع عن العبد الانتساب الى هذا الظلم وهو الشرك حصل له الامن والاهتداء لمجيئه بهذا الشرط. فصار من اهل الامن والاهتداء كما هو من اهل الاصطفاء اي من العباد الذين اصطفاهم الله عز وجل على اختلاف مراتبهم لقوله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذي الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات فالمصطفين فالمصطفون يتفاوتون في مقاديرهم مما جعل الله عز عز وجل لهم من حظ الاخذ بالكتاب فهم على درجات متفاوتة فاعلاهم السابق بالخيرات ودونه تصل ودونه الظالم لنفسه. فهذه مراتب عباد الله. وكلها ترجع الى المؤمنين في اصح بقولي اهل التفسير فهذه الانواع الثلاثة ترجع الى جنس واحد وهم اهل الايمان. وتقدم تقرير هذه الجملة في شرح كتاب اهم المهمات للعلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى. ثم ذكر ابو العباس ابن تيمية ان جعل لهم من الامن والاهتداء لسلامتهم من الشرك لا ينفي ان يؤاخذ احدهم بظلمه لنفسه بذنب بن اذا لم يتب فان من دواوين الظلم ظلم العبد لنفسه بمواقعة الذنوب وهو ربما اخذ بها وحسب عليها كما قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره اي من يعمل مثقال ذرة وهي النملة الصغيرة من الخير فانه يراه اي يرى ذلك العمل مكتوبا في صحيفته ويرى جزاءه الرؤية شاملة هذا وذاك. ولا تختص برؤية الجزاء وحده ولا برؤية كتابة العمل في صحيفته وحدها بل يرى هذا وذاك ثم قال تعالى ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فربما اخذ الانسان على ما اقترفه من شر فرآه مكتوبا ورأى جزاءه في الاخرة. ثم اورد في هذا المعنى حديثا رواه احمد وغيره وهو حديث حسن بشواهده وفيه ان العبد يواقع الذنوب في الدنيا ثم يجزى بسيئاته في الدنيا بما يجري عليه من المصائب وهي فن من فنون تكفير السيئات في الدنيا فان الفنون والالوان التي تكفر عن العبد سيئاته انواع عدده ولابي عباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله رسالة في بيان مكفرات الذنوب ذكر فيها عشرة انواع من فنون ما تكفر به الذنوب وبسط ادلتها ثم قال ابن تيمية في تتميم كلامه فمن سلم من اجناس الظلم الثلاثة الشرك وظلم العباد وظلمه لنفسه بما دون الشرك كان له الامن والاهتداء الامن التام والاهتداء التام. ومن لم يسلم من ظلمه نفسه كان له الامن والاهتداء مطلقا. اي ان العبد في هذه الدنيا مقلب بين انواع من دواوين الظلم هي ثلاثة احدها الشرك وثانيها ظلم العباد بسلبهم حقوقهم وثالثها ظلم العبد نفسه بالذنوب التي هي دون الشرك فهذه الانواع الثلاثة هي دواوين الظلم وابوابه في الدنيا فمن سلم من هذه الدواوين الثلاثة حصل له الامن التام والاهتداء التام ومن لم يسلم من ظلمه نفسه بالذنوب كان له مطلق الامن والاهتداء فيحصل له امن واهتداء لكنه لا يكون تاما. فيفوته من تمام الامن والاهتداء بقدر ما يصيب من الذنوب ثم بين ابو العباس ابن تيمية معنى اثبات مطلق الامن والاهتداء له اذا لم يسلم من الذنوب فقال بمعنى انه لابد ان يدخل الجنة كما وعد بذلك في الاية الاخرى وقد هداه كما وعد بذلك في الاية الاخرى وقد هداه الله الى الصراط المستقيم الذي تكون عاقبته فيه الى الجنة ويحصل له من نقص الامن والاهتداء بحسب ما نقص من ايمانه بظلمه لنفسه فما يفوت العبد من الامن والابتداء مرده الى ما يتلطخ به من قذارة الذنوب فالمتلطف بقذارة الذنوب يحصل له فوات من الايمان والاهتداء من الامن والاهتداء بحسب هذه الذنوب. وهذا باب يخفى على كثير من المتكلمين في حفظ الامن مما يرجع الى تدبير الولاية السلطانية. فان كثير منهم يرد الامن الى قوة قبضة السلطنة واجراء النظام الذي يختلف عليه الخلق فيما يكون بينهم من الحقوق. واعظم الاودية المؤدية الى حفظ الامن هو حصول التوحيد وفصوله وانتشاره بين الناس وامتثالهم لما يقتضيه توحيد الله سبحانه وتعالى من البراءة من الشرك. فلا يكون للشرك ذكر ولا ظهور ولا وجود لا في قلوبهم ولا في الفاظهم ولا في اعمالهم. فيسبل عليهم من الامن والابتدائي بقدر ما يكون لهم من توحيد الله عز وجل. وهذا هو الذي اتفق للخلق في هذه البلاد فان الناس في هذه البلاد كانوا في حال شديدة من الخوف نزاع والفرقة والاختلاف والاقتتال ثم امنهم الله سبحانه وتعالى لا بسيف السلطنة وحدها. وانما بحجة التوحيد الذي امتلأت به قلوبهم. فاذعنوا لامر الله عز وجل وتبرأوا من الشرك وخلعوه من احوالهم كلها باطنا وظاهرا فوقع الامن فيهم فينبغي ان يشاد في تحصيل الامن بذكر توحيد الله عز وجل ولا امن بلا توحيد. ومن توهم ان ليكون مع عدم التوحيد فهذا اضل من حمار اهله. اذ هو تكذيب لهذه الاية المبينة ان مما يحقق الامن الوافر توحيد الله سبحانه وتعالى. في قول الله عز وجل الذين امنوا ولم لم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بشرك فكانوا حنفاء موحدين لله اولئك لهم الامن وهم مهتدون فاذا اريد اقامة الامن ونشره بين الخلق فاول الاسباب الموصلة الى تحقيق ذلك هو العناية بتوحيد الله سبحانه وتعالى. فلا يكون الامن قبل التوحيد قطعا لانه لا املأ الا بتوحيد فلا يحصل للناس امن الا بتوحيد وليس المراد بالامن جردوا كف الخلق بعضهم عن بعض بالبغي فان هذا امر ربما نفذ بالاحكام الظاهرة اذا قويت السلطنة. ولكن المراد ما يكون في نفوسهم من الامن بعضهم من بعض فانه ربما لا يقع في نفسه ان احدا يظلمه من جور عليه في نفسه او في ماله او في غير ذلك لانه يخاف من السلطنة لكن يبقى في نفسه قلقا جزعا متذبذبا لا يطمئن قلبه ولا تسكن روحه. وهذا المعنى لا يتحقق نزعه من النفوس الا بوجود التوحيد فيها فاذا وجد التوحيد فيها امن كل واحد من الموحدين غيره على نفسه واهله وماله ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ليس مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله انما هو الشرك ان من لم يشرك تلك الاكبر يكون له الامن التام والاهتداء التام فان احاديثه الكثيرة مع نصوص القرآن تبين ان اهل الكبائر معرضون للخوف لم يحصل لهم الامن التام والاهتداء التام الذي يكونون به مهتدين الى الصراط المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم من غير عذاب يحصل فهم بل معهم اصل الاهتداء الى هذا الصراط ومعهم اصل نعمة الله تعالى عليهم ولابد لهم من دخول الجنة ومراده ان من سلم من الشرك الاكبر لا يصير له لزوما الامن التام والاهتداء حكام بل يكون ذلك بحسب حاله فالمتلطف بالكبائر مثلا لا يقع له امن تام واهتداء تام لكن يكون معه اصل الامن والاهتمام وهذا هو الفارق بينه وبين غيره مما ممن يكون مشركا فان المشرك لا يكون له له امن ولا اهتداء بحال لكن من كان موحدا وله ذنوب كبائر فانه يكون معه اصل الايمان الاهتداء واصل الامن فيكون له حظ منهما. ثم قال وقوله انما هو الشرك يعني في تفسير الظلم ان اراد الاكبر فمقصوده ان من لم يكن من اهله فهو امن مما وعد به المشركون من عذاب الدنيا والاخرة اي يتحقق له الامن التام والاهتداء التام. وان كان مراده جنسا الشرك اي ما يكون منه وينسب اليه مما يرجع الى اصله وان لم يكن اكبر فيقال ظلم العبد نفسه كبخله لحب المال لبعض الواجب هو شرك اصغر وحبه ما يبغضه الله تعالى حتى يقدم هواه على محبة الله شرك اصغر ونحو ذلك. فهذا فاته من الامن والاهتداء بحسبه. يعني بقدر ما لحقه من الشرك الاصغر. ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب في هذا الشرك بهذا الاعتبار. اي باعتبار تقديم العبد حظ نفسه على امر الله سبحانه وتعالى. وهذا التقديم معصية قطعا. لكن اهل السنة لهم في هذا المقام قولان احدهما الجزم بان ذلك شرك اصغر فيحكمون على هذه الانواع بانها شرك اصغر والقول الثاني الامتناع عن الجزم بانها شرك والاتفاق بالحكم بانها معصية وذنب وربما وقع قل هو في ذلك بين اكابرهم الواقع بين مصنفي هذا الكتاب ومصنفي الاصل فانهما اختلفا فيمن يترك نهي الناس عن منكر خوفا منهم فقطع احدهما بانه شرك اخر اصغر وقطع الاخر بانه معصية وذنب ولا يكون شركا اصغر ولهذا نظائر في مواقع من مسائل العلم ثم اتبع المصنف كلام ابي العباس بكلام صاحبه ابن القيم فقال نقلا عن ابن القيم قوله تعالى الذين ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون قال الصحابة واينا يا رسول الله لم يلبس ايمانهم ايمانه بظلم. قال ذلك الشرك الم تسمعوا قول العبد ان الشرك لظلم عظيم. فلما اشكل عليهم المراد بالظلم فظنوا ان ظلم النفس داخل فيه. وان من ظلم نفسه واي ظلم كان يعني بالذنوب لم يكن امنا ولا مهتديا اجابهم صلوات الله وسلامه عليه بان الظلم رافعة للامن والهداية على الاطلاق هو الشرك ثم قال ابن القيم وهذا والله هو الجواب الذي يشفي العليل ويروي الغليل لانه جواب من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم ثم قال ابن القيم فان الظلم المطلق التام هو الشرك الذي هو وضع العبادة في غير لموضعها لان حقيقة الظلم في اعدل الاقوال انه وضع الشيء في غير موضعه ومن جملة ما يندرج في هذا في الحقيقة جعل العبادة لغير الله. فالمشرك ظالم اعظم الظلم لانه جعل حق الله لغيره ثم قال والامن والهدى المطلق هو الامن في الدنيا والاخرة والهدى الى الصراط المستقيم اي في الدنيا الاخرة ايضا ثم قال فالظلم المطلق التام رافع للامن والهدى المطلق التام ولا يمنع ذلك ان يكون مطلق الظلم مانعا من مطلق الامن ومطلق الهدى. اي لا يمنع ان هنا مطلق الظلم ومنه وقوع العبد في الذنب مانعا من مطلق الامن ومطلق الهدى فتأمله فالمطلق بالمطلق والحصة للحصة. اي القدر من الامن والاهتداء بحسب القدر من الظلم الذي يكون عند العبد انتهى ملخصا وللمصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين تلخيص حسن لمقاصد كلامهم ما دون سياق لفظهما فلخص رحمه الله تعالى قولهما في كتاب قرة عيون الموحدين وهو حاشيته على كتاب التوحيد بقوله اراد ان من لم يجتنب الشرك بقوله في بيان معنى حديث ابن مسعود اراد ان من لم يجتنب الشرك لم يحصل له امن ولا اهتداء بالكلية اما من سلم منه فيحصل له من الامن والاهتداء بحسب مقامه بالاسلام والايمان. فلا يحصل الامن التام والاهتداء التام الا لمن لم يلقى الله بكبيرة مصرا عليها. واما ان كان للموحد ذنوب لم يتب منها حصل له من الامن والابتداء بحسب توحيده وفاته منه بقدر معصيته. كما قال تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه الاية. فالظالم لنفسه هو الذي خلق عملا صالحا واخر قرأ سيئا فهو تحت مشيئة الله ان شاء غفر له وان شاء اخذه بذنبه ونجاه بتوحيده من الخلود في النار واما المقتصد فهو الذي عمل بما اوجب الله عليه وترك ما حرم الله عليه فقط فهذه حال الابرار. واما السابق فهو الذي حصل قال له كمال الايمان باستفراغه وسعه في طاعة الله علما وعملا. فهذان لهما الامن التام والاهتداء فهموا في الدنيا والاخرة. فالكل للكل والحصة للحصة لان كمال الايمان يمنع صاحبه من المعاصي وعقوبة ذاتها فلم يلقى ربه بذنب يعاقب به. كما قال تعالى ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم وهذا الذي ذكرته في معنى هذه الاية هو معنى ما قرره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وابن القيم رحمه الله او في معناها وهو الذي دل عليه القرآن وهو قول اهل السنة والجماعة خلافا لاهل البدع من الخوارج والمعتزلة ونحوهم كالمرجئة. انتهى بلفظه من قرة عيون الموحدين في الصفحة الثامنة بعد المئة والتاسعة بعد المئة نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل. اخرجه. قال الشارح رحمه الله هذا قوله عبادة هو ابن الصامت ابن قيس الانصاري الخزرجي وابو الوليد احد النقباء بدري المشهور مات بالرملة سنة اربع وله اثنتان وسبعون سنة وقيل عاش الى خلافة معاوية رضي الله عنه قوله من شهد ان لا اله الا الله وايمن تكلم بها عارفا لمعناها عاملا بمقتضاها باقنا وظاهرا فلابد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولهما كما قال تعالى فاعلم انه لا اله الا الله وقوله الا من شهد بالحق وهم يعلمون. اما النطق بها من غير معرفة بمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من نفع الشرك واخلاص القول والعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالاجماع قال القرخمي رحمه الله تعالى في المسلم على صحيح مسلم باب لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين بل لا بد من استيقان القلب هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة القائلين بان التلفظ بالشهادتين كاف في الايمان واحاديث هذا الباب تدل على فسادها بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها. ولانه يلزم منه تسميغ النفاق والحكم للمنافق بالايمان الصحيح وهو وباطن قطعا انتهى. وفي هذا الحديث ما يدل على هذا وهو قوله من شهد. فإن الشهادة لا تصح الا اذا كانت عن علم يقين واخلاص وصدق قال النووي رحمه الله تعالى هذا حديث عظيم جليل الموقع وهو اجمع او من اجمع الاحاديث المشتملة على العقائد فانه صلى الله عليه وسلم جمع فيه ما يخرج من ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم. فاقتصر صلى الله عليه وسلم في هذه على ما يباين به جميعهم انتهى ومعنى لا اله الا الله اي لا معبود حق الا الله وهو في مواضع من القرآن ويأتيك في قوله بقاعي صريحا. قوله وحده تأكيد للاثبات قوله لا شريك له تأكيد للنفي قاله الحافظ كما قال تعالى والهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم وقال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. وقال تعالى والى عاد اخاهم هودى قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره فأجابوا ردا عليه بقولهم اجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباءنا ذلك بأن الله هو الحق يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير. فتضمن ذلك نفيا الالهية عما سوى الله وهي العبادة اتى لله وحده لا شريك له والقرآن من اوله الى اخره يبين هذا ويقرره ويرشد اليه فالعبادة بجميع انواعها انما تصدر عن تألم القلب بالحب والخضوع والتذلل رغبا ورهبا. وهذا كله لا يستحقه الا الله تعالى كما ما تقدم في ادلة هذا الباب وما قبله. فمنصرف من ذلك شيئا من غير الله فقد جعله ندا لله فلا ينفعه مع ذلك قول ولا امل بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله احد النقباء النقباء جمع نقيب ونقيب القوم هو عريفهم اي مقدمهم الذي يرجعون اليه ويصدرون عن رأيه والنقباء هم اثنى عشر رجلا من الانصاري بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة ان يمنعوه مما يمنعون منه انفسهم واولادهم وقوله بدري اي من اهل بدر وهو ممن شهد تلك الغزاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاهل بدر من الخصوصية والرتبة ما اقتضى التنويه بهم وتمييزهم عن غيرهم من حتى عمد البخاري في صحيحه الى عجهم بتمامهم مع ان كتاب البخاري ليس لمثل هذه المعاني لكن لجلالة قدر اولئك الصحابة اتفق في فضائل الصحابة عد البخاري لهم باسمائهم واحدا بعد واحد. وتذكر هذه المنقبة لاحدهم بقولهم فلان بدري وربما وقعت النسبة الى بدر لاحد الصحابة دون ارادة شهوده بدر كالمذكور في ترجمة ابي مسعود البدري فانه نسب الى بدر لانه سكنها ولم يكن ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم واصل بدر موضع فيه بئر ثم كبر ذلك الموضع وصار منزلا وهو اليوم مدينة من مدن هذه البلاد واما الجهة الثانية وهي نظم تياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين معاني الدليل الثاني في الباب مما ذكره الدعوة وهو حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الحديث وابتدأ بيانه بذكر طرف حسن من ترجمة عبادة ابن الصامت رضي الله عنه فقال عبادة هو ابن الصامت وكان ينبغي كما تقدم البارحة ان يقول عبادة ابن الصامت هو ابن قيس لان ابتداء البيان يكون زائدا على ما في المتن والمذكور في المتن نسبته باسمه واسم ابيه. وتكون زيادة بعده فهو عبادة ابن الصامت ابن قيس الانصاري الانصاري الخزرجي ابو الوليد احد النقباء بدي مشهور اي بائع الصيت من الصحابة مات بالرملة وهي من بلاد فلسطين سنة اربع وثلاثين اي بعد وفاة عبد الله ابن مسعود بسنتين وقد تقدم في ترجمة ابن مسعود انه مات سنة اثنتين وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة وقيل عاش الى خلافة معاوية اي بعد الاربعين والمشهور الاول انه احترمته المنية قبل الاربعين ثم بين معاني هذا الحديث مبتدأ بقوله من شهد ان لا اله الا الله فقال اي من تكلم بها عارفا بمعناها عامل بمقتضاها باطنا وظاهرا فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولهما كما قال فتعالى فاعلم انه لا اله الا الله وقوله الا من شهد بالحق وهم يعلمون. اما النطق بها من غير معرفة بمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من نفي الشرك واخلاص القول والعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالاجماع. لان حقيقة الشهادة في كلام العرب ترجع الى العلم واليقين والاعلام والاخبار. فلا يكون المرء شاهدا بشيء حتى يكون عالما به متيقنا له مخبرا عنه معلما به. فاذا وجدت هذه المعاني في شيء وجدت الشهادة. والشاهد بشيء لا اشهد الا بعلم ولا يكون العلم بالغا من نفسه مبلغه حتى يكون يقينا ولا تحصل منفعة شهادته بشيء حتى يتكلم بتلك الشهادة فيظهرها ويخبر بها ولا يصدق بتلك الشهادة حتى يكون ممتثلا لما تقتضيه من امر. فمرد الشهادة الى اربعة اصول ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين احدها العلم بها وثانيها حصول اليقين بمضمنها حصول اليقين بمظمنها وثالثها التكلم بها وثالثها التكلم بها بالخبر عنها ورابعها وافقت ما تضمنته موافقة ما تضمنته والتزام ما اقتضته موافقة ما تضمنته والتزام ما اقتضته فمن شهد ان لا اله الا الله لا يكون متصفا بهذه الشهادة حتى تنتظر في شهادته هذه المعاني فيكون عالما بها غير جاهل متيقنا غير شاك مخبرا معلما غير كاتم عامل بمقتضاها غير مباين لما تقتضيه وما تستدعيه. فاذا وجدت هذه المعاني فيه صارت شهادته بلا اله الا الى الله حقا وصدقا وان كان يقولها بلسانه غير عارف بمعناها ولا متكلم به ولا عامل بمقتضاها فانه كاذب الدعوة في شهادته به بان لا اله الا الله وبهذا التقرير تعلم قدر ما يذكره ائمة الدعوة بان من الناس من يقول لا اله الا الله بلسانه فلا تنفعه لانه لم يحتوي على هذه الاصول على هذه الاصول الاربعة التي تختلف الشهادة فهو يقولها مع الجهل بها او عدم اليقين او لا يخبر بها ولا يدعو اليها او لا يلتزم فتتضمنه وتقتضيه فيكون حينئذ ذكره لها على لسانه غير نافع له لانه يقولها دون وجود حقيقتها فهو من جنس حال المنافقين الذين يجرون شيئا على السنتهم او اعمالهم الظاهرة او جوارحهم الظاهرة ثم يخفون في ضمائرهم الكفر بالله سبحانه وتعالى ثم نقل المصنف رحمه الله تعالى عن القرطبي ما يؤيد هذا المعنى فقال قال القرطبي وهو ابو العباس احمد ابن عمر الانصاري صاحب تلخيص مسلم وشرحه وهو شيخ القرطبي صاحب التفسير قال في المفهم على صحيح مسلم باب لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين بل لابد من القلب وهي ترجمة جعلها القرطبي لجملة من الاحاديث النبوية الواردة في مسلم. فانه ترجم للاحاديث في معشرها قال القرطبي هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة مرجئة القائلين بان التلفظ بالشهادتين كاف في الايمان واحاديث هذا الباب تدل على فساده بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة بمن وقف عليها ولانه يلزم منه تسويغ النفاق والحكم للمنافق بالايمان الصحيح وهو باطل قطعا من لها ومرده الى ما سبق تقريره من المعاني المنتظمة في معنى الشهادة. ثم قال المصنف وفي هذا الحديث ما يدل الا هذا وهو قوله من شهد فان الشهادة لا تصح الا اذا كانت عن علم ويقين واخلاص صدق فلا تنفع الشهادة قائلها حتى يمتثل ما تستدعيه من شروطها ومن وهذه تلك الشروط العلم واليقين والاخلاص والصدق. وذكرت هذه الشروط في قول الناظم علم يقين واخلاص وصدقك مع محبة وانقياد والقبول لها علم يقين واخلاص وصدق كمع محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما قوى الاله من الاوثان قد اله وزيد ثامنها الكفران منك بما سوى الاله من الاوثان قد اوليها لمن هذان البيتان سعد ابن حمد العثيمي نعم هذان البيتان للشيخ سعد ابن حمد ابن عتيق انشدنيها عنه محمد ابن احمد ابن سعيد وغيره ثم قال المصنف قال النووي هذا حديث عظيم جليل الموقع اي جليل القدر وهو اجمع او من اجمع الاحاديث المشتملة على العقائد فانه صلى الله عليه وسلم جمع فيهما يخرج من من الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم فاقتصر صلى الله عليه وسلم في هذه الاحرف على ما يباين به جميعهم انتهى اي ان هذا الحديث واف بالبراءة من الاقوال المخالفة عند طوائف مشتهرة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم هم ثلاث طوائف الطائفة الاولى اليهود والطائفة الثانية النصارى والطائفة الثالثة مشركوا والعرب فجاء هذا الحديث اصلا في الرد عليهم كما جاءت سورة البينة اصلا في القرآن في الرد عليهم فان سورة البينة في الرد على هذه الطوائف الثلاث الله تعالى لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة الى تمام السورة ثم قال المصنف ومعنى لا اله الا الله اي لا معبود حق الا الله وهو في مواضع من القرآن ويأتيك في قول البقاعي صريحا والبقاع بكسر الباء وتضم ايضا فيقال البقاعي فابانا رحمه الله في هذه الجملة عن معنى لا اله الا الله انها لا معبود حق الا الله. فقوله لا اله لا معبود وخبر لا النافية للجنس محذوف ومن القواعد النحوية ان خبر لا يشيع حذفه اذا علمت شهرته قال ابن مالك في الفيته وشاع في ذا الباب اسقاط الخبر اذا المراد من سقوطه اشتهر. فاذا كان الخبر معلوما فيستغنى بتلك الشهرة عن ذكره وخبر لا النافية للجنس تقديره هنا حق فانه هو الذي يقتضيه القرآن في مواضع منه قوله تعالى ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه الباطل. وفي الاية الاخرى وانما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير فالايتان تدلان على ان الخبر مقدر بقولنا حق او بقولنا بحق فاما ان يكون خبرا مفردا او خبرا بشبه جملة وهي هو المجرور والخبر بالمفرد ابلغوا وامكنوا من الخبر بشبه الجملة وغلط من غلط في هذا المقام فزعم ان الخبر تقديره موجود او ممكن وهذا جهل بما جاء في القرآن الكريم لا جهلا بما تقتضيه العربية فان الذي قالوه هو من جهة العربية صحيح لاحتمال تقدير الخبر لكن الشرع يأباه. فان الامكان والوجود لا يصلح معه وقوع الخصومة من المشركين فان المشركين لم يخاصموا انبيائهم في الوجود او الامكان فانهم كانوا يقرون بوجود الله ووجود غيره وامكان تأليه الله وتأليه غيره. كما قال الله تعالى اجعل الالهة الها واحدا ان هذا لشيء عجاب. وقال تعالى ومن الناس من يتخذ من نجوم الله اندادا يحبونهم كحب الله وهم يقولون بوجود الله ووجود غيره وبامكان تأليه الله وتأليه غيره فلم يكن هذا هو الذي زيفه الشرع الحكيم. وانما الذي زيفه الشرع الحكيم وابطله وابدى في ذلك واعاد هو احقية الهتهم بالعبادة. فابطلها الله سبحانه وتعالى ابطالا عظيما تقربوا منه ان الخبر المحذوف قطعا هو حق. في علم ان تقدير الخبر بقولنا حق موجبه امران احدهما موجب قدري احدهما موجب قدري وهو ان الخصومة الواقعة بين الانبياء واقوامهم لم تكن في وجود الله وغيره من الالهة او امكاني تأليه الله وغيره من الالهة بل كانت في احقية تلك الالهة بالعبادة والاخر موجب شرعي وهي الآيات القرآنية والاحاديث النبوية المبطلة عبادة غير الله وهو الايات القرآنية والاحاديث النبوية المبطلة عبادة غير الله سبحانه وتعالى ثم قال رحمه الله تعالى قوله وحده تأكيد للاثبات اي في قوله الا الله لا شريك له تأكيد للنفي اي في قوله لا اله قاله الحافظ يعني ابن حجر فهذه الجملة وحده لا شريك له بعد قولي لا اله الا الله تأكيد لمن تظم في كلمة التوحيد من النفي والاثبات على سبيل اللف والنشا فان وحده تتعلق باخر جملة لا اله الا الله ولا شريك له تتعلق باولها وهو لا اله وشاع في كلام جماعة من علماء نجد قولهم عند ذكر هذه الجملة قال الحافظ ابن حجر لا اله الا الله وحده لا شريك له تأكيد بعد تأكيد اهتماما بمقام التوحيد تأكيد بعد تأكيد اهتماما بمقام التوحيد وهذه الجملة ليست من كلام ابن حجر العسقلاني وانما هي من كلام ابن حجر الهيثمي ثم اسقط ذكر الهيثم فتوه بما انه ابن حجر العسقلاني. فعزيت الى ابن حجر العسقلاني وزاد في العذب من زاد فقال قال ابن حجر في فتح الباري ولا اعلم هذه الجملة في فتح الباري والله اعلم ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما يؤيد هذا المعنى ويبينه فقال كما قال تعالى واذا الهكم اله واحد لا اله الا هو الرحمن الرحيم. وقال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي لانه لا اله الا انا فاعبدون. وقال والى عاد اخاهم هودا قال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره جابوا ردا عليه بقولهم اجئتنا لنعبد الله وحده وندر ما كان يعبد اباؤنا وقال تعالى ذلك ان ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير. فهؤلاء الايات فهؤلاء الايات فدلوا على ان المقصود بالاله هو المعبود الحق ليس متعلق ذكره الامكان او الوجود قال المخنث مبينا ذلك فتضمن ذلك نفي الالهية عما سوى الله وهي العبادة واثباته ها لله وحده لا شريك له والقرآن من اوله الى اخره يبين هذا ويقرره ويرشد اليه. فالعبادة بجميع انواعها انما تصدر عن تأله القلب في الحب والخضوع والتذلل رغبا ورهبا وهذا كله لا يستحقه الا الله تعالى كما تقدم في ادلة هذا الباب وما قبله فمن صرف من ذلك شيئا لغير الله فقد جعله ندا لله فلا مع ذلك قول ولا عمل. وقال المصنف ايضا في قرة عيون الموحدين مبينا هذا الحديث قال قوله في الحديث وحده لا شريك له تأكيد لمعنى الا الله الذي دلت عليه ووضع ادله من باب اللف والنشر المقدم والمؤخر. اي من باب لف الكلام اي طيه ونشره تعليما وتأخيرا ثم قال وهو بيان لمعنى هذه الكلمة لانها دلت بجملتها على التوحيد فلا اله ينفي الشرك في العبادة قليله وكثيره. وبينه بقوله لا شريك له في الهيته وهي العبادة. وقوله وحده هو الا الله فهو الاله الحق وحده دون كل ما سواه من اهل السماوات والارض كما دلت على ذلك الايات المحكمات ومتواتر الاحاديث احاديث الصحيحات فتدبر هذا البيان يطلعك على بطلان قول من يقول بجواز دعوة غير الله والله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم فلا تدعوا مع الله الها اخر فتكون من المعذبين وغيرها من الايات الاتي ذكرها ان شاء الله تعالى. فقوله وحده تأكيد للاثبات وقوله لا شريك له اكيد للنفي انتهى كلامه في الصفحة الثالثة عشرة بعد المئة والرابعة عشرة بعد المئة نعم احسن الله اليكم قال الشارح رحمه الله تعالى ذكر كلام العلماء في معنى الاله قد تقدم كلام ابن عباس رضي الله عنهما وقاله شهادة ان لا اله الا الله يقتضي ان يكون الشاهد عالما بان لا اله الا الله كما قال تعالى فاعلم انه لا اله الا الله. قال واسم الله مرتفع بعد الا من حيث انه الواجب له الاله فهي فلا يستحقها غيره سبحانه. قال وجملة الفائدة في ذلك ان تعلم ان هذه الكلمة مشتملة على الكفر بالطاغوت والايمان فانك لما نفيت الالهية واثبت الايجاب لله سبحانه وان كنت ممن كفر بالطاغوت وامن بالله. وقال في البدائع ردا لقول من قال قال ان المستثنى مخرج من المنفي قال بل هو مخرج من المنفي وحكمه فلا يكون داخلا في المنفي اذ لو كان كذلك لم يدخل الرجل في الاسلام بقول لا لا اله الا الله قال وقال في البدائع ردا لقول من قال ان المستثنى مخرج من نسخة اخرى المستثنى منه غيروها اضربوا عليها هذا المعنى لا يصح البتة ان المستثنى مخرج من المستثنى منه قال بل هو مخرج من المستثنى منه وحكمه فلا يكون داخلا في المستثنى منه هكذا هو في بدائع الفوائد وبه يستقيم الكلام وهكذا وقع في بعض نسخ الكتاب نعم وقال في البدائع احسن الله اليكم وقال في البدائع ردا لقول من قال ان المستثنى مخرج من المستثنى منه؟ قال بل هو مخرج من المستثنى منه وحكمه فلا داخلا في المستثنى منه اذ لو كان كذلك لم يدخل الرجل في الاسلام بقول لا اله الا الله لانه لم يثبت الالهية لله تعالى هذه اعظم كلمة تضمنت نفيا الالهية عما سوى الله واثباتها له بنصف الاختصاص فدلالتها على اثبات الهيته اعظم من دلالة قولنا الله اله ولا يستنيب احد في هذا البتة انتهى بمعناه. قلت ولا ريب انه لم يدخل في المنفي اصلا لان المراد من هذه الكلمة افراده تعالى بالالهية في قلب الموحد وقوله وعمله. كما دلت عليه الايات المحكمة كما اخبر عن دعوة رسله ان يعبدوا الله من اله غيره فنحو الالهية عما سوى الله تعالى واثبتوها لله وحده فانه تعالى هو المتصف بتفرده بالالهية ازلا وابدا كما قال تعالى ذلك بان الله هو الحق دونه هو الباطل واخبر تعالى عن المشركين انهم قالوا اجئتنا لنعبد الله وحده ارادوا ان يدخلوه تعالى في جملة في العبادة وانكروا ان تكون العبادة له وحده مع معرفتهم ان لا اله الا الله ان لا اله الا الله تبطل ذلك. وتسمية الهتهم بالله في العبادة والشرك الاكبر الذي يوجب الخلود في النار. فالموحد مخالف للمشرك في قوله وفعله ونيته. وهذا ظاهر لا خفى به لله. وقال ابو عبدالله القرطبي في تفسير لا اله الا هو اي لا معبود الا هو وقال الزمخشري الاله من اسماء الاجناس كالرجل قال ابو عبدالله القرطبي. فقال ابو عبدالله القرطبي في تفسير قوله اله الا هو اي لا معبود الا هو وقال الدمخشري الاله من اسماء الاجناس كالرجل والفرس يقع على كل معبود بحق او بباطل ثم غلب على المعبود بحق. قال شيخ رحمه الله تعالى الاله والمعبود المطاع فان الاله هو المألوه والمألوه هو الذي يستحق ان يعبد وكونه يستحق ان يعبد تقف به من الصفات التي تستلزم ان يكون هو المحبوب غاية الحب المخضوع له غاية الخضوع وقال ابن القيم رحمه الله تعالى الاله هو الذي تألمه القلوب محبة واجلالا وانابة واكراما وتعظيما وذلا وخضوعا وخوفا ورجاء وتوكلا وقال ايضا رحمه الله تعالى فان الاله هو المحبوب المعبود الذي تألمه القلوب بحبها وتخضع له وتذل له وتخافه وترجوه اليه في شدائدها وتدعوه في مهماتها وتتوكل عليه في مصالحها وتلجأ اليه وتطمئن بذكره وتسكن الى حبه وليس ذلك الا واحدة ولهذا كانت لا اله الا الله واصدق الكلام وكان اهلها اهل الله وحزه والمنكرون لها اعداءه واهل غضبه ونقمته فإذا صحت صح بها كل مسألة وحال وذوق. واذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه واعماله وقال ابن رجب رحمه الله تعالى الاله هو الذي يطاع فلا يعصى هبة له وايلاما ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له ولا يصلح كله الا لله عز وجل. فمن اشرك مخلوقا في شيء من هذه الامور التي هي من خصائص الالهية كان ذلك قدحا في اخلاصه في قول لا اله الا الله وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك. وقال البقاعي رحمه الله لا اله الا الله انتفى انتفاءا عظيما ان يكون معبودا بحق غير الملك الاعظم فان هذا العلم هو اعظم الذكرى المنجية من اهوال الساعة. وانما يكون علما اذا كان نافعا انما يكون نافعا اذا كان مع الاذعان والعمل بما تقتضيه والا فهو جهل صرف. وقال الطيبي الاله فعال بمعنى مفعول. كالكتاب بمعنى المكتوب من اله الهة اي عبد اي عبد عبادة؟ قال الشارح هذا كثير جدا في كلام العلماء واجماع منهم ان الاله هو المعبود خلافا لما يعتقده عباد القبور وجهلوا المتكلمين من ان معناه هو الخالق او القادر على الاختراع او نحو ذلك. ويظنون انهم اذا قالواها فقد اتوا من التوحيد بالغاية القصوى ولو فعلوا ما فعلوا من عبادة غير الله كدعوة الاموات والاستغاثة بهم في القربات والنذر لهم في الملمات الى غير ذلك من انواع العبادات. وما شعروا ان مشرك وغيرهم يشاركونهم في الاقرار بهذا المعنى ويعتقدون ان الله هو الخالق القادر على الاختراع كما قال تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله وقال ولئن سألتهم من خلق السماوات والافضل يقولن خلقهن العزيز العليم. فاخبر تعالى عنهم انهم اتخذوا الاولياء من دونه وقالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. هؤلاء شفعاء عند الله. فتبا لمن كان ابو جهل ورؤوس الكفر من قريش وغيرهم اعلم من بمعنى لا اله الا الله. قال تعالى انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون. ويقولون على تارك الهتنا لشاعر مجنون. فعرفوا انها تدل على ترك عبادة معبوداتهم. قلت ودلالتها على هذا دلالة وان ذلك يقتضي اخلاص العبادة لله وحده. فدلالتها على نفع الالهية وعبادتها وافراد الله تعالى بالعبادة دلالة مطابقة فدلت لا اله الا الله على نفس الالهية عن كل ما سوى الله تعالى كائنا من كان واثبات الالهية لله وحده دون كل ما سواه. وهذا هو التوحيد الذي دعت اليه الرسل ودل عليه القرآن من اوله الى اخره. كما قال تعالى عن الجن قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا احدا. فلا اله الا الله لا تنفع الا من عرف مدلولها نفيا واثباتا. واعتقد ذلك وقبله وعمل به واما من قالها من غير علم واعتقاد وعمل. فقد تقدم في كلام علمائها ان هذا جهل صرف فهو حجة عليه بها ريب. فقوله في الحديث وحده لا شريك له تأكيد وبيان لمضمون معناها. وقد اوضح الله تعالى ذلك وبينه في قصص الانبياء والمرسلين في كتابه المبين فما اجهل عباد القبور بحالهم وما اعظم ما وقعوا فيه من الشرك المنافي لكلمة الاخلاص لا اله الا الله. فان مشرك العرب ونحوهم لا اله الا الله لفظا ومعنى وهؤلاء المشركون اقروا بها لفظا وجحدوها معنى فتجد احدهم يقولها وهو يهلك غير الله تعالى العبادة كالحب والتعظيم والخوف والرجاء والتوكل والدعاء وغير ذلك من انواع العبادة. بل زاد شركهم على شرك العرب بمراتب فان احدهم اذا وقع في شدة اخلص الدعاء لغير الله تعالى. ويعتقدون انه اسرع فرجا لهم من الله بخلاف حال المشركين الاولين فانهم يشركون في الرخاء واما في الشدائد فانهم يخلصون لله وحده. كما قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ما نجاهم الى البر اذا هم يشركون. الآية فبهذا يتبين ان مشركيان هذه الازمان يجهل بالله وبتوحيده من مشرك عربي وما قبلهم قوله بيان هذه الجملة من جهتين فالجهة الاولى احاد مفرداتها. والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي نظم سياقها فقوله بالصفحة الخامسة والخمسين بعد المئة الاله من اسماء الاجناس اسم جنسي عند اهل العربية ما دل على الماهية اي الذات ما دل على الماهية اي الذات دون الاعتداد بقلة او كثرة دون الاعتداد بقلة او كثرة كماء وزيت او دل على الكثرة وميز جمعه عن مفرده او دل على الكثرة وميز جمعه عن مفرده بالتاء او الياء بالتاء اولياء كتمر وتمرة وعرب وعربي كتمر وتمرة وعرب وعربي وقوله في الصفحة السابعة والخمسين بعد المئة في رأسها جهل طب الصرف هو المحض الخالص يقال ذهب سرق اي ذهب خالص لم يشب بشائبة من معدن اخر وقوله في الصفحة الثامنة والخمسين بعد المئة دلالة تضمن دلالة التضمن هي دلالة القول على بعض معناه هي دلالة القول على بعض معناه وقوله بعدها دلالة مطابقة هي دلالة القول على كل معناه دلالة القول على كل معناه وقوله بعدها باسطر جهل صرف اي محض خالص نظيرا المتقدم انفا واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى عقد ترجمة في شرح هذا الباب ترجمها بقوله ترجم لها بقوله ذكر كلام العلماء في معنى الاله لافتقار الخلق الى بيان معناه بما يكشف عنهم الغلط فيه فان الغلط في فهم معنى الاله شاع وذاع حتى وقع خلاف الحق في كلام جماعة ينتسبون الى العلم وانتصبوا للرد على دعوة التوحيد فكان مما يثبت قولهم ويوهنوا دعوتهم ويبطلوا مقالتهم جمع جيش اقوال العلماء هو تأليف عسكره في الرد على هؤلاء حتى يعلم ان ما دعوا اليه من حق في معنى لا اله الا الله ليس شيئا ابتدأه الداعي اليه في زمانهم وهو شيخ محمد ابن عبد الوهاب بل هو امر مقرر عند اهلي العلم وضمنا المصنف رحمه الله تعالى هذه الترجمة انواعا مختلفة وفنونا مؤتلفة من كلام اهل العلماء من كلام اهل العلم في ذلك وابتدأه بقوله قد تقدم كلام ابن عباس يشير الى كلامه المتقدم رحمه الله تعالى في الصفحة الواحدة بعد المئة انه قال الله ذو الالوهية والعبودية على خلقه اجمعين. فهذا هو كلام ابن عباس الذي اراده المصنف وتقدم انه عند بن جرير باسناد ضعيف الا ان معناه صحيح فان حقيقة كون ربنا هو الله انه متصف بالالهية والعبودية على خلقه جميعا فهم يتوجهون اليه بالتأليه والتعظيم والعبادة فقلوبهم تتأله له ثم اتبعه بنقل كلام الوزير ابي المظفر ابن هبيرة الحنبلي في الافصاح اذ قال قوله شهادة ان لا اله الا الله يقتضي ان يكون الشاهد عالما بان بالا اله الا الله كما قال تعالى فاعلم انه لا اله الا الله لما تقدم من ان احد اصول الشهادة العلم فلا تكون واقعة الا معه قال واسم الله مرتفع يعني مرفوع بعد الا من حيث انه الواجب له الالهية فلا يستحقها غيره سبحانه وهو مرفوع على البدلية من خبر لا وهو حق فالمعبود الحق هو الله ثم قال وجملة الفائدة في ذلك ان تعلم ان هذه الكلمة مشتملة على الكفر بالطاغوت والايمان بالله فانك لما نفيت الالهية واثبت الايجاب لله سبحانه كنت ممن كفر بالطاغوت وامن بالله لان الله قال في سورة البقرة فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فجمع بين النفي بالكفر بالطاغوت والاثبات بالايمان بالله وهذان واقعان في كلمة التوحيد لا اله الا الله. فانها متظمنة النفي والاثبات نفي الالهية عن غير الله واثبات الالهية لله وحده ثم ذكر نقلا ثالثا عن ابن القيم رحمه الله تعالى في بدائع الفوائد بمعناه لا بلفظه فان ابن القيم رحمه الله تعالى عقد في بدائع الفوائد فصلا في بيان ما يخرجه الاستثناء هل يخرج الاستثناء المستثنى من المستثنى منه ومن حكمه او يخرجه منه دون حكمه فبين ابن القيم رحمه الله تعالى انه يخرج المستثنى من المستثنى منه ومن حكمه على حد دواء وذكر المصنف كلامه بمعناه فقال بل هو مخرج من المستثنى منه وحكمه فيخرج منهما جميعا لا من المستثنى دون حكمه فلا يكون داخلا في المستثنى منه. ولا في حكمه اذ لو كان كذلك لم يدخل الرجل في الاسلام بقول لا اله الا الله اذ لو قيل انه لا يخرجه من حكمه لبقي النفي المذكور في صدر الجملة وانما يخرجه منه ومن حكمه فالنفي متعلق باوله دون ما يتعلق به الاثبات قال اذ لو كان كذلك لم يدخل الرجل في الاسلام بقول لا اله الا الله لانه لم يثبت الالهية لله تعالى. اذا قلنا بانه لا يخرجه من حكمه اما اذا قلنا بانه مخرج له من حكمه فعلم ان لا اله دالة على نفي الالهية عن غير الله والا الله مثبتة الالهية لله تعالى. ثم قال وهذه اعظم كلمة تضمنت نفيا الالهية عما سواه الله واثباتها له بوصف الاختصاص وتقدم ان الاختصاص ايش نعم احسنت اثبات الحكم للشيء وهو عند الاكثرين كالحصر والقصر وهو عند الاكثرين كالحصر والقصر المتظمن اثبات الحكم له ونفيه عن غيره ثم قال دلالتها على اثبات الهيته اعظم من جلالة قولنا الله اله. ولا يستريب احد في هذا البتة ان انتهى بمعناه لان قولنا الله اله يتضمن اثباتا لا نفي معه. واما قولنا لا اله الا الله فهو جامع بين النفي والاثبات الدال على الحصر والقصر وان الالهية منفية عن غير الله ثابتة ثابتة له وحده ثم قال رحمه الله كنت ولا ريب انه لم يدخل في المنفي اصلا لان المراد من هذه الكلمة افراده تعالى بالالهية في قلب الموحد. وقوله وعمله كما دلت عليه الايات المحكمة كما اخبر عن دعوة رسله ان اعبدوا الله ما لكم من اله غيره فنفع الالهية عما سوى الله واثبتوها لله وحده وهذا معنى قول امام الدعوة لا اله الا الله نفي جميع ما يعبد دون الله. فالنفي متسلط على هذه الجملة والاثبات مختص بالله سبحانه وتعالى. ثم قال فانه تعالى هو متصف بتفرده بالالهية ازلا وابدا. والازل اسم لما سبق من الزمان. والابد اسم لما بقي منه كما قال تعالى ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل واخبر تعالى عن المشركين انهم قالوا اجئتنا لنعبد الله وحده ارادوا ان يدخلوه تعالى في جملة الهتهم في العبادة وانكروا ان تكون العبادة له وحده مع معرفتهم ان لا اله الا ان لا اله الا الله تبطل ذلك. فامتنعوا منها لانهم اذا قالوا لزمهم خلع الهتهم وابطالها. ثم قال وتسوية الهتهم بالله في العبادة هو الشرك الاكبر الذي يوجب الخلود في النار وهذه التسوية لا باعتبار القدر بل باعتبار الاصل وهو جعل شيء من العبادة لله ولغيره فلما وجدت هذه الشركة وجد معنى التسوية. فلو جعل اكثر عبادته لله وبعضها لغير الله فهو مشرك. لا بالنظر الى قدر ما يجعل من العبادة بل نظري الى اصل جعلها وهو قد جعل من عبادته شيئا لله وشيئا لغيره فتساويا باعتبار جعل العبادة لكل واحد منهما لا بقدرها ثم قال فالموحد مخالف للمشرك في قوله وفعله ونيته وهذا ظاهر لا خفاء به بحمد الله لان الموحد يفرد الله عز وجل لان الموحد يفرد الله عز وجل بالعبادة فلا يجعل شيئا من عبادته لغيره. واما المشرك فهو مباين له. يشرك بالله سبحانه وتعالى ثم اتبعه بنقض كلام لابي عبدالله القرطبي في تفسير لا اله الا هو اي لا معبود الا هو لم يذكر الخبر المقدر حق لاستغنائه عن ذلك بظهوره اذ قد قال في اول تفسيره كما نقله عنه ناشر الكتاب قال لا اذا قال فالله اسم للموجود الحق الجامع للصفات الالهية المنعوت بنعوت الربوبية اياه المنفرد بالوجود الحقيقي لا اله الا هو سبحانه الى اخر كلامه فقوله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الالهية اي الصالح لان يكون معبودا فيكون معنى قوله لا معبود الا هو اي لا معبود حق الا هو ككلام غيره ولهذا ذكره المصنف رحمه الله تعالى منتظما في الاقوال التي حكاها في معنى الاله ثم اتبعه بذكر نقل عن الزمخسري في كتاب الكشاف وصرح به للحاجة الى قوله في مراغمة غيره فان كثيرا ممن نكب عن طريق الدعوة التوحيدية في ذلك كالزمان كان ممن يعظم هؤلاء كالبيضاوي والزمخشري ويقدموا تفاسيرهم على تفاسير غيرهم فكان من مراغمتهم والزامهم بكلام معظميهم ذكره مع التنويه باسمه وان كان ائمة الدعوة يطونه تارة فيبهمونه لارادة اماتة بدعته وصرح به لاجل الغاية المذكورة وهذا يوجد في كلام اهل السنة رحمهم الله تعالى فيراعون ويراعون ما تستدعيه الاحوال المقتضية التصليح والابهام ارادة نفع الناس فان الاصل فيما يعامل به الخلق من المؤلفة والمخالفة والمناصرة والمقاطعة هو استصلاح وردهم الى الحق قال الزمخشري الاله من اسماء الاجناس اي ما يصلح لكل احد كالرجل والفرس يقع على كل معبود بحق او بباطل فكل معبود يسمى الها سواء كان حقا او باطلا ثم غلب على المعبود بحق. اي غلب اسم الاله على المعبود بحق وهذا احد قولي اهل العربية فان اهل العربية مختلفون في الاله هل هو علم على المعبود الحق او علم على كل معبود واصح القولين ان الاله علم على كل معبود. واما العلم على المعبود الحق فهو الله. ليس الاله وبهذا الترجيح يمنع من تسمية عبد الاله لانها لا تقتضي ان يكون معبدا للمعبود الحق بخلاف عبد الله فان عبد الله تكون تعبيدا للمعبود الحق الذي هو ربنا سبحانه وتعالى. اما عبد الاله فانها اضافة الى المعبود سواء كان معبودا حقا او باطلا فالاولى تركها وهذا اصح قولي اهل العلم وممن بسط القول في تبيان ذلك واكثر من النقل فيه ابن الطيب الفاسي في شرح موطأة الفصيح ابن الطيب الفاتي في شرح موطأة الفصيح وكتاب موطأة الفصيح اصل في معرفة لغة العرب فهو نظم الكتاب الفصيح لثعلب مع زوائد ثم شرحه جماعة ومن احسن شروحه شرح ابن الطيب الفاسي وهو شرح حافل مليء بالفوائد. حقيق بتعجيل طباعته وتوجد منه نسخة خطية ضخمة في جامعة الامام محمد ابن سعود وحقق في عدة رسائل في مصر من سنين متقدمة ولم ينشر بعد. ومن القواعد النافعة في علم العربية ان كل كتاب لابن الطيب فيها فهو نافع فما وجدت من كتب ابن الطيب في علم العربية فخذه فانه اعلم المتأخرين بعد الالف بلسان العرب وكما قال الدار قطني لولا البخاري لما راح مسلم وما جاء ولا جاء فان الزبيدي صاحب تاج العروس الذي يعظمه الناس لولا ابن الطيب لما راح ولا جاء. وقد احتوى كتابه تاج العروس على شيخه ابن الطيب اضاءة الادموس برمتها مع ما استفاده منه من فوائد خارج تلك فانه به تدرج وتخرج في علم العربية ثم قال ناقلا نقلا اخر قال شيخ الاسلام يعني ابن تيمية الاله هو المعبود المطاع فان الاله هو اي الذي تتوجه اليه القلوب بالتأليف ثم قال والمألوف هو الذي يستحق ان يعبد اي لازم ما يكون من تأليهه ان تجعل احقية العبادة له ثم قال وكونه يستحق ان يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم ان يكون هو المحبوب اية الحب المخضوع له غاية الخضوع. فلما اتصف به ربنا سبحانه وتعالى من صفات الكمال حق ان يكون معبودا والله سبحانه وتعالى مستحق العبادة بامرين جامعين احدهما كماله الحاصل والاخر احسانه الواصل احدهما كماله الحاصل والاخر احسانه الواصل. والمراد بالاول بقولنا كماله الحاصل اي ما اتصف به سبحانه وتعالى من نعوت الجلال والجمال والعظمة والكبرياء ياي عز وجل والمراد بقولنا احسانه الواصل انعامه الذي يصل الى الخلق فان الله سبحانه وتعالى منعم عليهم بانواع كثيرة من النعماء. قال الله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله وقال وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. ومن الغلط الجاري في تفسير الحمد قول بعض المصنفين الحمد لله هو المستحق للحمد لانعامه هو المستحق للحمد لانعامه وهذا قول الاشاعرة فان حمد الله عز وجل ليس على انعامه فقط بل هو يحمد على انعامه ويحمد على على كماله ايضا نوه بهذا الغلط منبها عليه عبد اللطيف بن عبدالرحمن بن حسن او غيره من ائمة الدعوة فيما نقله عنه العنقري في حاشية الروض في صدرها واولها ثم قال ناقلا نقلا اخرا وقال ابن القيم الاله هو الذي تألهه القلوب. اي تتوجه اليه القلوب محبة وانابة واكراما وتعظيما وذلا وخضوعا وخوفا ورجاء وتوكلا. وهذه الافراد المعدودة هي من انواع معي الاعمال القلبية التي تحرك بها القلو الى من تعظمه واكمل من تعظمه بمن تجعل له تألها وعبادة هو الله سبحانه وتعالى وعده الذل في جملة ذلك فيه ما فيه على ما تقدم من ان الذل قدري كوني لا يتعبد الله سبحانه وتعالى به ثم قال وقال ايضا يعني ابن القيم فان الاله هو المحبوب المعبود الذي تلهه القلوب بحبها تخضع له وتذل وتذل له وتخافه وترجوه وتنيب اليه في شدائدها وتدعوه في مهماتها وتتوكل عليه في مصالحها وتلجأ اليه وتطمئن بذكره وتسكن الى حبه. وليس ذلك الا لله وحده. اي فان جوعة القلوب وضرورتها لا تسد الا بتوجه القلوب الى الله عز وجل وهذا اعظم معاني المذكورة في قول الله عز وجل يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله فاعظم فقرهم فقر قلوبهم الى من تألهه بحبها وتخضع له وتخافه وترجوه وتنيب اليه في شدائدها وتدعوه في ما فيها ومدلهماتها. ثم قال ابن القيم ولهذا كانت لا اله الا الله اصدق الكلام. وكان اهلها اهل الله وكان اهلها اهل الله وعزه والمنكرون لها اعداءه واهل غضبه ونقمته. فاذا صحت صح بها كل مسألة وحال واذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه واعماله. انتهى كلامه فمدار صلاح العبد وفساده على قدر ما معه من توحيد الله عز وجل واستكمله من معاني لا اله الا الله فان من امتلأ قلبه بحقيقة لا اله الا الله لم يكن فيه شيء لغير الله عز وجل فلا خوف الا من الله ولا رجاء الا لله ولا توكلا الا على الله ولا استعانة الا بالله. وهذا امر ربما تعرب عنه الالسنة بيانا لكن لا يتأتى ذوق حلاوته الا بقدر ما يكون في القلوب من حقيقة معناه. وقد تكلم ابن القيم في بعض مقامات التوحيد ثم اعتذر عن ذلك بان التعبير عنه كمال العبارة لا يكون الا لمن تم ذوقه ووصل الى هذه الحقائق. فهذه الحقائق لا يفصح اللسان عنها بالبيان. لانها احوال قلبية تتفاوت بين الخلق بحسب احوالهم والوصول اليها يكون بحسب ما يترقى اليه العبد في امتثال معاني التوحيد وقيامها في فالناس مستقل ومستكثر والواحد منهم تتفاوت احواله في توحيد الله سبحانه وتعالى فيزيد تارة وينقص توحيده تارة اخرى. لكن من امتلأ قلبه بتوحيد الله سبحانه وتعالى ذل بين يديه كل شيء وخرع له كل شيء وعظم قدره عند كل احد. وهذا معنى ما رواه ابن ابي شيبة في كتاب الايمان بسند صحيح عن عبيد ابن عمير الايمان هيوب اي ان الايمان يحدث في قلب صاحبه من الهيبة والجلال ما تظهر اثاره على محياه فيهابه الخلق بلا جند ولا مال ولا خدم ولا ولد فيكون له من السطوة الهيبة في قلوب الناس ما لا يكون للملوك ويكون لكلمته في نفوس الناس من الهداية والارشاد والدلالة والبيان ما لا يكون لكلام غيره. فالفرق بين الناس فيما يوصلونه الى غيرهم من النبع. لا باعتبار فصاحتهم او مكانتهم او انسابهم او مناصبهم او رئاساتهم. وانما بقدر ما يكون في قلوبهم من توحيد الله سبحانه وتعالى الا فمن عظم توحيده عظم نفعه وان كان غير معرب ومن قل توحيده قل نفعه وان كان معربا فصيحا وانظر الى قوم وصفوا بالفصاحة والرئاسة في اللغة كالزمخشري منهم وما كان من اثر كلامه في هداية الناس فانه كان منتهلا مذهبا رديئا من مذاهب الاعتقاد وهو مذهب الاعتدال. وكان في الموحدين قديما وحديثا من لم يبلغ بيانه وفصاحته لكن كان من اثره في هداية الخلق وارشاده وارشادهم ودعوتهم الى الحق ما لم يصل الدمخشري الى معشار ما وصل اليه من نفع الخلق بدعوته كالواقع بدعوة امام الدعوة محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله سبحانه وتعالى. فينبغي ان يرعى طالب العلم هذا المقام وان يطلبه في نفسه. وان يجتهد في اصيلة وان يملأ قلبه بتوحيد الله عز وجل وان يجدد عليه انواعه وان يتفنن في علمه وان يستكثر من القراءة فيه لان كذلك من اسباب قوته في نفسه فان من ادمن النظر فيه والفه والف قراءة كتبه قوي التوحيد في قلبه ومن عزل نفسه عن ذلك فاشتغل بكتب سوى كتب التوحيد قل قدر التوحيد من نفسه بقدر ما اوتوا من حضور معانيه في قلبه ومما يعين على حضور معانيه في قلبه قراءة كتب التوحيد. واكملها كتاب الله عز وجل فان القرآن كله توحيد من اوله الى اخره على ما تقدم معناه. فاذا قرأه المؤمن بلسان وحضور قلوبهم ظهر له من حجج التوحيد وبيناته واعلامه ومعالمه ما يقوى به توحيده ويزداد يقينه ثم اتبع هذا النقل بنقل عن ابن رجب انه قال الاله هو الذي يطاع فلا يعطى هيبة له واجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له ولا يصلح ذلك كله الا لله عز وجل. اي لا يصلح ان يكون في قلب العبد هيبة تعظيم واجلال هبة ومحبة ومحبة وخوف ورجاء وتوكل الا لله سبحانه وتعالى. فهو الجدير بالتوجه اليه في السؤال والاستمناح والدعاء. ثم قال فمن اشرك مخلوقا في شيء من هذه الامور التي هي من خصائص الالهية كان ذلك قدحا في اخلاصه في قول لا اله الا الله وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك انتهى كلامه فتمام صلاح العبد في جعل تأليهه قله لله سبحانه وتعالى لا يخلطه برق يكون لغير الله عز وجل فان العبد اذا مازج قلبه رفق سوى العبودية لله عز وجل ذل بقدر ذلك الرق. هذا ابن القيم رحمه الله تعالى هربوا من الرق الذي خلقوا له فبولوا برق النفس والشيطان اي هربوا مما امروا به من عبادة الله عز وجل الا فابتلوا بان جعلوا رقيقا عبيدا لاهوائهم وشياطينهم فاذا خرجت العبودية الكاملة من القلب او نقصت تغلغلت فيها عبودية غير الله عز وجل كعبودية الهوى او عبودية الشيطان. قال الله سبحانه وتعالى افرأيت من اتخذ الهه هواه وقال تعالى الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين. فاذا وقع العبد في عبودية غير الله عز وجل ضرب على قلبه رق لمن توجه اليه فاذا جعل هذا الرق في قلبه كان بمنزلة الغل في عنقه فهو يتحرك بحركته ويتوجه بامره ويتصرف بتدبيره فيكون مملوكا رقيقا مهانا دليلا لهواه وشيطانه ثم قال وقال البقاعي بكسر الباء وتضم نسبة الى البقاع ويقال البقاع من ارض لبنان قال لا اله الا الله اي انتفى انتفاء عظيما ان يكون معبود بحق غير الملك الاعظم. فان هذا العلم هو اعظم الذكرى المنجية من اهوال الساعة وانما يكون علما اذا كان نافعا وانما يكون نافعا اذا كان مع الاذعان والعمل بما تقتضيه والا فهو جهل صرف. ومعنى كلامه ان لا اله الا الله لا تنفع بمجرد لفظها وانما تنفع اذا كانت علما نافعا وكونها علما نافعا موقوف على الاذعان والعمل بما تقتضيه على ما تقدم من مراتب الشهادة. ثم قال وقال طيبي وهو شارح مشكاة المصابيح وشرحه شرح نفيس نقل عنه ابن حجر كثيرا في فتح الباري فانه يقول قال الطيبي يريد ما يذكره في شرحه على مشكاة المصابيح وهو مطبوع. قال الاله فعال اي على زنة فعال بمعنى مفعول كالكتاب بمعنى المكتوب. فالاله هو المألوف. اي المتوجه اليه بالتأليه. ثم قال عليها الهة اي عبد عبادة ثم قال المصنف رحمه الله تعالى خاتما هذه النقول قال الشارح يعني من صاحب تيسير العزيز الحميد الذي اختصره وهو الشيخ سليمان ابن عبد الله ابن محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله قال وهذا كثير جدا في كلام العلماء. واجماع منهم ان الاله هو المعبود. خلافا لما يعتقده عباد وجهلة المتكلمين من ان معناه هو الخالق او القادر على الاختلاط او القادر على الاختراع او نحو ذلك مما تقدم تزييفه في درس الفجر امس ويظنون انهم اذا قالوها فقد اتوا من التوحيد بالغاية القصوى ولو فعلوا ما فعلوا من عبادة غير الله كدعوة الاموات والاستغاثة بهم في الكروبات والنذر لهم في الملمات الى غير ذلك من انواع العبادات. وهذا هو الذي اظنه كثير من المتكلمين او المتصوفة الذين يظنون انهم اذا فنوا في هذا التوحيد باثبات الربوبية انهم وصلوا الى التوحيد الاعظم الخالص المراد منهم وهم غافلون عن ان المراد الاكبر ليس هو توحيد الربوبية بل هو توحيد الالهية ثم قال وما شعروا ان مشركي العرب وغيرهم يشاركونه في الاقرار بهذا المعنى فيعتقدون ان الله هو الخالق القادر على الاقتراع كما قال تعالى ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله وقال ولئن سألتهم من خلق السماوات ليقولن الله ليقولن خلقهن العزيز العزيز العليم. فاخبر تعالى عنهم انهم اتخذوا الاولياء من دونه فقالوا ما نعبدهم الا ليقربنا الى الله زلفى. وقالوا هؤلاء شفعاءنا عند الله. فهم باتخاذهم الانداد يتقربون بها الى الله يقرون بان الله عز وجل هو الخالق المالك الرازق المدبر وانما جعلوا هؤلاء معارج توصل اليه ومراقي تدل عليه ثم قال فتبا لمن كان ابو جهل ورؤوس الكفر من قريش وغيرهم اعلم منه بمعنى لا اله الا الله. لان اولئك لم يفهموا ان لا اله الا الله انه لا خالق او لا قادر على الاختراع او لا موجد الا الله. اذ لو كانوا يفهمون هذا لما امتنعوا منها ولم يقولوا وابيك الف كلمة فلما قال لهم قولوا لا اله الا الله قال ابو جهل الا هذه الكلمة وابو جهل واضرابه علموا ان معنى قول لا اله الا الله هو الاقرار بعبادة الله وحده ترك عبادة سواه. فامتنعوا من ذلك لما في ذلك الاقرار من ابطال الهتهم وتركهم. دين ابائهم واجدادهم ثم قال وقال تعالى انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون ويقولون ائنا لتاركوا الهتنا مجنون قال فعرفوا انها تدل على ترك عبادة معبوداتهم. ثم قال المصنف رحمه الله تعالى خادما ما تقدم من النقول عن اهل العلم في بيان معنى لا اله الا الله قال قوته وجلالتها على هذا دلالة تضمن اي دلالة لا اله الا الله على ابطال المعبودات. دلالة تضمن وان ذلك يقتضي اخلاص العبادة لله وحده فدلالتها على نفي الالهية وعبادتها وافراد الله تعالى بالعبادة دلالة مطابقة فلا اله الا الله تدل دلالة تضمني على ابطال عبادة غير الله. وهذا بعض معناها. وتدل مطابقة على افراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وترك ما سواه. فدلالة المطابقة لها كمال معناها اثبات العبادة لله وحده ونفيها عن غيره. ومن جملة ما يندرج في هذه الدلالة دلالة والتضمن لانها تدل على بعض معناها في نفي العبادة عن غير الله سبحانه وتعالى. وهاتان الدلالتان هما من انواع الدلالة اللفظية الوضعية فان دلالة اللفظ على معنى تكون على ثلاثة انواع احدها دلالة القول على كل معناه دلالة القول على كل معناه وتسمى دلالة مطابقة وتسمى دلالة مطابقة وثانيها دلالة القول على بعض معناه دلالة القول على بعض معناه وتسمى دلالة تضمن وثالثها دلالة القول على لازم معناه دلالة القول على لازم معناه وتسمى دلالة التزام واذا هذه الانواع الثلاثة اشار الاخضري في السلم المنورق فقال دلالة اللفظ على ما وافقه يدعونها دلالة المطابقة دلالة دلالة اللفظ على ما وافقه يدعونها دلالة المطابقة وجزئه تضمنا وما لزم وجزئه تضمنا وما لزم فهو التزام ام بعقل التزم وجزئه تضمنا وما لزم فهو التزام بعقل التزم ثم قال رحمه الله فدلت لا اله الا الله على نفي الالهية عن كل ما سوى الله تعالى كائنا من كان واثبات الالهية لله وحده دون كل ما سواه. وهذا هو التوحيد الذي دعت اليه الرسل. ودل عليه القرآن من اوله الى اخيه كما قال تعالى عن الجن قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا احدا. فلا اله الا الله لا تنفع الا من عرف مدلولها نفيا واثبات واعتقد ذلك وقبله وعمل به. واما من قالها من غير علم واعتقاد وعمل فقد تقدم في كلام ان هذا جهل صرف فهو حجة عليه بلا ريب. فقوله في الحديث وحده لا شريك له تأكيد وبيان مضمون معناها قد اوضح الله تعالى ذلك وبينه في قصص الانبياء والمرسلين في كتابه المبين فما اجهل عباد القبور في حالهم وما اعظم ما وقعوا فيه من الشرك المنافي لكلمة الاخلاص لا اله الا الله. ثم بين وجه قوع عباد القبور في الجهل الاعظم فقال فان مشرك العرب ونحوهم جهدوا لا اله الا الله لفظا ومعنى. وهؤلاء المشركون اقروا بها لفظا وجحدوها معنى فتجدوا هداهم يقول وهو يأله غير الله تعالى فتجد احدهم يقولها وهو يأله غير الله تعالى بانواع بانواع العبادة كالحب والتعظيم والخوف والرجاء والتوكل والدعاء وغير ذلك من انواع العبادة ومشركوا العرب جحدوا بلا اله الا الله لفظا ومعنى. واما هؤلاء المشركون المتأخرون فانهم جحدوا ولا اله الا الله معا معنى واثبتوها مبنا فهم يجرونها على السنتهم واخذ هذا الفرق عن المصنف تلميذه وابنه عبد اللطيف ابن عبد الرحمن ابن حسن ثم تلميذ ابنه سليمان ابن سحمان رحمهم الله تعالى ولهذا الفرق اثر في احوالهم فان المشركين الاولين لما جحدوا لا اله الا الله لفظ ظن ومبنى لفظا ومعنى اقروا على انفسهم بالشرك. فقالوا لو شاء الله ما اشركنا. فاثبتوا ان بترك لا اله الا الله مشركون. واما هؤلاء المتأخرون الذين يثبتونها لفظا لا معنى فانهم يزعمون انهم ليسوا بمشركين وهم واقعون في الشرك. ثم قال المصنف بل زاد شركهم على شرك العرب بمراتب. فان احدهم اذا وقع في شدة اخلص الدعاء لغير الله تعالى ويعتقدون انه اسرع فرجا لهم من الله بخلاف حال المشركين الاولين فانهم يشركون في الرخاء واما في الشدائد فانهم مخلصون لله وحده. كما قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما جاهم الى البذء اذا هم مشركون ثم وهذا الفرق اخذه المصنف من جده محمد ابن عبد الوهاب فانه ذكره في كشف الشبهات وفي القواعد الاربع ثم قال فبهذا يتبين ان مشركي اهل هذه الازمان اجهل بالله وبتوحيده من مشرك العربي ومن قبلهم فمشركوا العرب اعرف بالله وبتوحيده من المشركين المتأخرين وذكرنا ففي شرح القواعد الاربع ان بين شرك المتأخرين من الخلق وشرك العرب الاوائل عشرة فروق تدل على بشاعة شرع شرك المتأخرين وشناعة ما كانوا عليه. وللمصنف رحمه الله تعالى كلام في هذا المعنى ذكره في موضعين في قرة عيون الموحدين. فقال رحمه الله تعالى في الموضع الاول في الصفحة العاشرة بعد المئة. فكم ضل بسبب الجهل بمعناها من ضل وهم الاكثرون. فقلبوا حقيقة المعنى فاثبتوا الالهية المنفية لمن نفيت عنه من المخلوقين ارباب القبور والمشاهد والطواغيت والاشجار والاحجار والجن وغير ذلك واتخذوا ذلك دينا وشبهوا وزخرفوا واتخذوا التوحيد بدعة وانكروا على من دعاهم اليه فلم يعرفوا منها ما عرف اهل الجاهلية من كفار قريش ونحوهم. فانهم عرفوا معناها وانكروا ما دلت عليه من الاخلاص كما قال تعالى انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون ويقولون ائنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون والمشركون من اواخر هذه الامة انكروا ما انكره اولئك على من دعاهم الى ترك عبادة ما كانوا يعبدونه من دون الله من القبور والمشاهد والطواغيت ونحوها. فاولئك عرفوا هذا المعنى وانكروه. وهؤلاء جهلوا هذا المعنى وانكروه هذا تجده يقول لا اله الا الله وهو يدعو مع الله غيره. انتهى كلامه. ثم قال في الموضع الثاني وهو والصفحة الثانية عشرة بعد المئة وتاليتها قال قلت وهؤلاء المتأخرون جاهلوا معنى لا اله الا الله وقلبوا حقيقة المعنى الى معنى توحيد الربوبية وهو القدرة على الاختراع فاثبتوا ما نفته لا اله الا الله من الشر وانكر ما اثبتته من اخلاص العبادة لله جهلا منهم. وقد قال تعالى فاعبدوا الله مخلصا له الدين. قال محيي النووي رحمه الله اعلم ان باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع من ازمان متطاولة ولم يبق منه في هذه الازمان الا رسوم قليلة جدا. وهو باب عظيم به قوام الامر وملاكه. واذا كثر الخبث عم العقاب الصالح قوله ثم قال قوله في هذه الازمان يعني القرن الخامس والسادس واذا كان كذلك فما الظن بالقرن العاشر وما بعده قد استحكمت فيه الغربة ولشيخنا محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في تفسير هذه الكلمة كلام حسن بديع واضح لم لم يسبق الى مثله فليراجع لمسيس الحاجة اليه انتهى كلامه وهو يتكلم بلسان المستحضر شهود حال الناس الذي كانوا عليه ممن لا يعرفون من معنى لا اله الا الله الا انه لا قادر الاختراع او لا خالق الا الله سبحانه وتعالى. وكان هذا ذائعا مروجا بين الخلق. وبه يعلم ان ما وقع في كلام امام الدعوة وكلام اصحابه من جهل الخلق بمعنى لا اله الا الله حق ظاهر بين الواقع فانهم لم يكونوا يعلمون ان معنى لا اله الا الله ان لا معبود حق الا الله. ولهذا وقعوا في عبادة غير الله سبحانه وتعالى لانهم لم يعلموا معنى لا اله الا الله وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب وانوه بامور في ختام هذا المجلس احدها سيكون ان شاء الله تعالى في هذا المسجد في الاسبوع القادم برنامج علمي اسمه برنامج مثاني العلم وهو برنامج تشرح فيه جملة من المتون بسنتين مقسومة بين هذه السنة وتاليتها فسيشرح في هذه السنة في الاسبوع الثاني الاصول وادلتها وخلاصة تعظيم العلم وفضل الاسلام والمفتاح في الفقه والاربعين النووية والقواعد الاربع والمقدمة الفقهية الصغرى والعقيدة الواسطية والمقدمة الاجر الرامية يشرحها جماعة من المشايخ وطلاب العلم في هذا المسجد وتجدون انموذجا من هذا الاعلان موجودا عند العمودين في اخر المسجد وسنوزعه لاحقا في طباعته الكبيرة لكن هذا لتنتفعوا بخبره ولترشدوا غيركم اليه لينتفع بحضوره وسيكون في ستة ايام اولها السبت سادس من شهر شعبان واخرها الخميس الحادي عشر من شهر شعبان ويكون لي حينئذ برنامج في مدينة جدة وبرنامج اساس العلم ويشتمل على سبعة متون من هذه المتون لكن برنامج مثاني العلم فيه بضعة عشر متنا مقسوما بين سنتين قالوا في هذه السنة بعضها ثم يؤخذ في السنة القادمة بعضها. ثم يعاد في السنة الثالثة ثم يعاد في السنة الرابعة وهكذا في كل سنتين المرجو ان يبقى ما بقينا حتى يتوفانا الله سبحانه وتعالى ونرجو من الله عز وجل ان يبقيه بعدنا بمن يجري الله سبحانه وتعالى على يديه نفع الخلق من المستفيدين منه او من غيرهم. ثم يكون ان شاء الله تعالى بعده في هذا المسجد برنامج المطولات وهو في الدرر السنية واعلانه موجود منشور ثم يكون بعده في الاسبوع الرابع برنامج الدرس الواحد عشر في قسمه الثاني في اربعة ايام تبدأ السبت العشرين من شعبان وتنتهي في الثالث والعشرين من شعبان يشرح فيه جماعة من المشايخ وطلاب العلم جملة من الكتب لي فيها درس الثاني يوم السبت العشرين من شهر شعبان بعد الفجر مباحث في اصول الدين للعلامة ابن عثيمين ودرس اخر يوم الاثنين الثاني والعشرين من شهر شعبان بعد الفجر ايضا في شرح كتاب النصيحة للراعي والرعية للحافظ ابي الخير التبريزي ونموذج هذين الاعلانين موجود عند العمودين لتنتفعوا به فيما ترتب به من جدول زمن واما الامر الثاني فانبه الى ان للاسئلة مجالا هو بعد بعد صلاة الفجر اينما عنا بك سؤال عن لك سؤال فاكتبه ثم نجيب عليه بعد صلاة الفجر. وبعض الاخوة يسألونني وانا قائم امشي والمناسب ان اوصل حال جلوسي وتكون منفعة السؤال للجميع فيسمعه الجميع ويسمعون من جوابه فان هذا اكمل في الاجابة وادوم في الافادة فتنبغي ملاحظة هذا الاصل. فمن جملة الاسئلة التي رفعها بعض الاخوان قول احدهم اشكل علي وصف القرآن الصراط بالاستقامة. فاذا كان الصراط هو الطريق المستقيم فما الحاجة من وصفه بالاستقامة؟ الحاجة الى ذكر استقامة انها وصف كاشف لا يفيد تقييدا وانما يفيد خبرا كقوله تعالى وقتلهم الانبياء بغير حقا فان قوله بغير حق لا يقتضي ان قتل الانبياء يكون تارة بحق وتارة بغير حق بل قتل الانبياء كله بغير حق والصفة الكاشفة تكون مبينة مقوية للمعنى المذكور في سابقها وهذا هو الواقع في الصراط المستقيم السؤال الثاني يقول هل محبة الوالدين واجبة؟ واذا كانت واجبة فهل هذا من التكليف باعمال القلوب؟ نعم محبة الوالدين واجبة طبعا وشرعا فانها محبة طبعية سلكها الله عز وجل في قلوب الخلق طبعا وهي واجبة شرعا لانها في مقابلة الاحسان الواصل منهما الى ولدهما فانهما يحسنان الى ولدهما بانواع من الاحسان المقتضية محبتهما ويكون هذا من جنس اعمال القلوب التي فرضها الله سبحانه وتعالى على الخلق فان المحبة والرجاء والتوكلا كلها اه كلها من اعمال القلوب. وقد اوجبها الله عز وجل على الخلق هذا يقول في طبعة وزارة الشؤون الإسلامية المأخوذة عن نسخة الشيخ عبد الله بن حسن معاذ بن جبل هو ابن عمرو والتي في نسختنا ايش؟ معاذ هو ابن جبل وبينا ان الاولى ان تكون معاذ بن جبل هو ابن عمر. ونسخة الشيخ عبدالله بن حسن نسخة نفيسة وكانت معتمدة المشايخ لكن التابعين لما اعادوا صفها لعبوا فيها. فاحرصوا على الطبعة القديمة التي كانت تنشرها وزارة المعارف السعودية يقول اه هذا الاخ يقول اشكل علي قراءة القارئ حفظه الله فلا اجد الفرق في قراءته لكتاب الله وكلام البشر الا يشغل الا يشكل متفقين؟ الحمد لله لا يشكر لانها كلها كلام عربي. والكلام العربي يكون اداؤه واحدا الا ما اختص به القرآن. اما الذي يأتي في القرآن فيقرأ بالمخارج الصحيحة والصفات الكاملة للحروف. ثم اذا قرأ في الكتب او تكلم جاء بمخارج ضعيفة واهية للحروف فهذا لا يتكلم على سنن عربي. وكلام العرب اصله بمخارج وحروف. ثم صار للقرآن بعض الاحكام التي تختص به لا كل الاحكام. فان كلام العربي وقع القرآن على مطابقته في الاداء. كالادغام مثلا فان العربي الفصيح لا يقول من يؤمن ولا تجد عربيا فصيحا يقول هذا وانما يقول من يؤمن بهذا الكلام فهو يقع منه ادغاما جار على لسانه بما تقتضيه العربية. وكان اصل علم التجويد موجودا في كلام النحاة والصرفيين لانه من صنعة كلام العرب. ثم انفرد عنهم بعد ذلك عند تنوع العلوم وكثرة فالاصل في اداء كلام العرب ان يكون واحدا سواء كان في القرآن الكريم او في غيره. اما ما اختص به القرآن من احكام لا تكون الا له فهذا يختص بالقرآن الكريم. كبعض انواع المدود لا كلها. فان من انواع اي المدود ما هو كائن في كلام العرب كمد التعظيم فان الذين يقرأون بالقصر في طريقة طيبة كابن كثير يمدون للتعظيم كقولهم لا اله الا الله فان هذا مد للتعظيم وانت تسمع العربي الباقي على عربيته من كبار السن اذا مشى الى صلاة الفجر لما ادركنا واحدهم يقول لا اله الا الله لا اله الا الله ولا تجده يقول لا اله الا الله لان عربيته تقتضي ان تكون هذه الكلمة جارية على التعظيم بالمد. لكن الجهل بانواع العلوم العربية جعل بعض الناس يتوهم ان قراءة الكتب والعلم تكون بطريقة وقراءة القرآن تكون بطريقة اخرى. فباعتبار المخارج والصفات اصلها واحد. واما باعتبار بعض وجوه الاداء فيتميز القرآن بما يتميز به ومما انبه اليه في قانون العلم ان لا يعجل الانسان باستنكار شيء جرى عليه عمل المشايخ عملوا مشايخنا ومن قبلهم فاذا وجدتهم على عمل فلا تسارع بانكاره بل اسأل وتفحص عن ذلك حتى تكون على بينة فانك اذا رأيت عملهم علمت ان هذا هو من عمل العلماء والعلماء لا يعملون الا باصل مأخوذ عمن قبلهم كابتدائهم مجالسهم بقراءة القرآن الكريم. انهم كانوا يبتدئون مجالس العلم بقراءة القرآن الكريم. وكانت كل حلقة بهذه البلاد اول ما يبدأ فيها بقراءة كل طالب شيئا من القرآن الكريم اما حفظا واما نظرا منفردا بختمته فيقرأ وما يشاء الله له ان يقرأ ثم يبتدئ كل بعد ذلك في درسه فيقرأ احدهم في العربية والاخر في الفقه والثاني في التفسير او يجتمعون على وكان هذا الامر جاريا في حلقاتهم بل في حلقات غيرهم وقد حدثني بعض الشاميين عن رجلين من اصحاب العلامة الالباني القدامى ان درسه في دمشق كان على هذا النحو يبتدأ اولا بالقرآن الكريم تلاوة شيء منه ثم يقرأه بعد ذلك في كتب العلم كالروضة الندية وفتح المجيد وغيره وهو ممن درس فتح المجيد في دمشق كما ذكره ابن خميس في رحلته الى دمشق وحضر بعض تلك المجالس يقول هذا السائل نقل الشيخ عبد الرحمن بكتاب فتح المجيد عن الحافظ بن حجر قوله فمن كذب الله فهو مشرك فهل تكذيب الله تعالى من الشرك ام من الكفر؟ اصل تكذيب الله سبحانه وتعالى كفر به لان حقيقة الكفر شرعا ستر ايمان وهذه الحقيقة ينتظم فيها شيئان احدهما ستر اصله وهو الكفر الاكبر والاخر ستر كماله وهو الكفر الاصغر والشرك يتضمن اثبات شريك لله سبحانه وتعالى. وانما وقع في كلام ابن حجر رحمه الله تعالى ان المكذب لله مشرك باعتبار ما يقع منه من عمل يقابل هذا التكذيب فهو يكذب الله في امر توحيده فيقع في عبادة غيره فيكون مشركا بهذا الاعتبار. هذا هو الذي اراده ابن حجر اي بامر خارجي دين عن التكذيب لازم له. لا بالنظر الى نفس التثريب. وهذا اخر الجواب عن هذه الاسئلة ونجيب وعن بقيتها غدا باذن الله تعالى الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين ولقائنا ان شاء الله تعالى المجلس القادم بعد صلاة العصر وبالله التوفيق