السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا حمدا والشكر له ثوانيا وذكرا. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم بكرة واصيلا. وعلى آله وصحبه ومن اتخذه اماما وجليلا اما بعد فهذا المجلس السابع بشرح الكتاب الاول من برنامج الكتاب الواحد وهو كتاب فتح مجيد لشرح كتاب التوحيد للعلامة عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب التميمي رحمه الله وقد انتهى بنا البيان الى قوله قوله وان محمدا عبده ورسوله اي وشهد بذلك هاه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين. قال الشيخ عبدالرحمن بن قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في فتح المجيد قوله وان محمدا عبده ورسوله اي وشهد بذلك وهو معطوف على ما قبله على نية تكرار العامل ومعنى العبد هنا المملوك العابد اي انه مملوك لله تعالى والعبودية الخاصة وصفه كما قال تعالى الله بكاف عبده فاعلى مراتب العبد للعبودية خاصة والرسالة فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم اكمل الخلق في هاتين الصفتين الشريفتين واما الربوبية والالهية فهما حق الله تعالى لا يشركه في شيء منها ملك مقرب ولا نبي مرسل وقوله عبده ورسوله اتى بهاتين الصفتين وجمعهما دفعا للافراط والتفريط فان كثيرا ممن يدعي انه من امته اخاطب الغلو قولا وفعلا وفرط بترك متابعته واعتمد على الاراء المخالفة ما جاء به وتعسف في تأويل اخباره واحكامه بصرفها عن مدلولها. والصدف عن الانقياد لها مع اقتراحها. فان شهادة ان محمدا عبده ورسوله تقتضي الايمان به. وتصديقه فيما اخبر وطاعته فيما امر والانتهاء عما انه زجر. وان بما امره ونهيه ولا يقدم عليه قول احد كائنا من كان. والواقع اليوم وقبله ممن ينتسب الى العلم من القضاة خلاف ذلك فالله المستعان. وروى الدارمي في مسنده عن عبد الله ابن سلام رضي الله عنه انه كان يقول انا تجد صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للاميين. انت عبدي ورسولي سميته المتوكل. ليس بفضل ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق ولا يجزي بالسيئات مثلها. ولكن يعقوب ويتجاوز لن اقبضه حتى يقيم الملة المعوجة حتى يقيم الملة المتعوجة بان يشهد ان لا اله الا الله يفتح بها اعينا واما واذى يفتح بها اعيانا اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا. قال عطاء ابن يسار رحمه الله واخبرني ابو واقض الليث بانه سمع كعبا يقول مثلها ما قال ابن قوله ان عيسى عبد الله ورسوله خلافا لما يعتقده النصارى انه الله او ابن الله. او ثالث ثلاثة تعالى الله مما يقولون علوا كبيرا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله فلابد ان يشهد ان عيسى عبد الله ورسوله على علم ويقين بانه مملوك لله. خلقه من ذكر من انثى بلا ذكر. كما قال تعالى ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقهم من تراب ثم قال له كن فيكون. فليس ربا ولا اله سبحان الله عما يشركون. قال تعالى فاشارت اليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال اني عبد الله اتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا اينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا. الاية وقال عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم اليه جميعا. ويشهد المؤمن ايضا ببطلان قول اعدائه اليهود انه ولد بغي الله لعنهم الله تعالى فلا يصح اسلام احد حتى يتبرأ من قول الطائفتين جميعا. حتى يتبرأ من قول الطائفتين جميعا في عيسى عليه السلام ويعتقد ما قاله الله تعالى في انه عبد الله ورسوله علو كلمته انما سمي عيسى عليه السلام كلمته لوجود بقوله تعالى كن كما قاله السلف من المفسرين. قال الامام احمد في الرد على الجهمية الكلمة التي القاها الى حين قال له كن فكان عيسى بكن وليس عيسى هو كن ولكن كان بكم فكن من الله تعالى قولا وليس كن مخلوقا وكذب النصارى والجهمية على الله في امر عيسى انتهى. وقل هو القائل مريم. قال ابن كثير رحمه الله الله خلقه بالكلمة التي ارسل بها جبريل عليه السلام الى مريم فنفخ فيها من روحه بامر ربه عز وجل فكان عيسى باذن الله عز وجل فهو ناشئ عن الكلمة التي قال له كن فكان روحي التي والروح التي ارسل بها هو جبريل عليه السلام. قوله وروح منه قال ابي ابن كعب رضي الله عنه عيسى روح من الارواح التي خلقها الله تعالى واستنطقها بقوله الست بربكم قالوا بعثه الله الى مريم فدخل فيها رواه عبد ابن حميد وعبدالله ابن احمد في زوائد المسند وابن جرير وابن ابي حاتم وغيرهم قال الحافظ رحمه الله ووصفوا بانه منه المعنى انه كائن منه كما قال كما في قوله تعالى قال لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا من فالمعنى انه كائن منه كما ان معنى الاية الاخرى انه سخر هذه ان اشياء كائنة منه اي انه مكون ذلك وموجده بقدره وحكمته. قال شيخ الاسلام رحمه الله المضاف الى الله تعالى اذا كان معنى لا يقوم بنفسه ولا بغيره من المخلوقات وجب ان يكون ان يكون صفة لله تعالى قائمة به ان تكون اضافتها الى اضافة مخلوق مربوط. فاذا كان المضاف عينا قائمة بنفسها كعيسى وجبريل عليهما السلام بني ادم امتنع ان تكون صفة لله تعالى لان ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره لكن الاعيان المضافة الى الله تعالى على وجهه احدهما ان تضاف اليه لكونه خلقها وابدعها. فهذا شامل لجميع المخلوقات. كقولهم سماء الله وارض الله جميع المخلوقات عبيد الله وجميع المال مال الله الوجه الثاني ان يضاف اليه لما خصموا به من معنى يحبه وهو من معنى يحبه ويأمر به ويرضاه كما خص البيت العتيق بعبادة فيه لا تكون في غيره. وكما يقال عن مال الخمس والفيئ هو مال الله ورسوله ومن هذا الوجه فعباد الله هم الذين عبدوه واطاعوا امره فهذه اضافة تتضمن الوهيته وشرعه ودينه وتلك اضافة تتضمن ربوبيته وخلقه انتهى ملخصا وقوله والجنة حق وقوله والجنة حق والنار حق. ايها الشهد ان الجنة التي اخبر بها تعالى في كتابه انه اعدها للمتقين اي ثابتة لا شك فيها وشهد ان النهر التي اخبر بها تعالى في كتابه انه اعدها للكافرين حق كذلك ثابتة كما قال تعالى سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للذين امنوا بالله ورسله ذلك ففضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم. وقال تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين. وفي الآيتين ونظائرهما دليل على ان الجنة والنار مخلوقات مخلوقتان الآن. خلافا مبتدئة وفيهما الايمان قوله وادخله الله الجنة على ما كان من العمل. هذه الجملة جواب شرط. وفي رواية ادخله الله الجنة من وبالجنة الثمانية شاء. قال الحافظ رحمه الله ومعنى قوله على ما كان من العمل اي من صلاح او فساد. لكن اهل التوحيد لابد قلت لهم من دخول الجنة ويحتمل ان يكون معنى قوله على ما كان من العمل ان يدخل اهل الجنة الجنة على حسبها ما لكل منهم في الدرجات انتهى قال القاضي عياض رحمه الله ما ورد في حديث عبادة يكون خصوصا لمن قال ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وقرن بالشهادتين حقيقة الايمان والتوحيد الذي ورد في حديثه فيكون له من الاجر ما ما يرجح على سيئاته ويوجب له المغفرة والرحمة ودخول الجنة لاول وهلة. قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى والمقصود ان كلمة التوحيد اذا شهد بها المؤمن عارفا معناها وحقيقته نفيا واثباتا متصفا بموجبها متصفا بموجبها قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته فهذه الكلمة من هذا الشاهد اصلها ثابت واسخ في قلبه وفروعها متصلة في السماء. وهي وهي مخرجة لثمرتها كل وقت بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احد مفرداتها فقوله تصعد الستين بعد المئة دفعا للافراط الافراط مجاوزة الحج المأذون فيه مجاوزة الحج المأذون فيه وقوله التفريط التقصير عن الحد المأذون فيه التقصير عن الحد المأذون ب فالافراط والتفريط صفتان متقابلتان وقوله افرط بالغلو الغلو مجاوزة الحد المأذون فيه بالزيادة مجاوزة الحد المأذون فيه بالزيادة وقوله وتعسف التعسف التكلف وتحميل الشيء ما لا يحتمل التعسف التكلف وتحميل الشيء ما لا يحتمل قوله عنه زجر الذجر النهي والطرد الزجر النهي والطرد فليس نهيا مجردا بل نهي مغلظ وقوله حرزا للاميين اي حسنا وحفظا وقوله ليس بفظ الفضاوة الفظاظة القساوة والاساءة قوله ولا سخاب بالسين وتجيء بالصاد ايضا وهذه قاعدة العرب في كل تين او صاد خلفتها خاء انها تجوز بالوجهين معا والثخب والصخب الضجيج والصياح والصخب الصخب الضجيج والصياح قوله الملة المتعوجة اي المائلة المنحرفة وقوله في الصفحة الحادية والستين بعد المئة وقلوبا غلفا اي محاطة بغطاء فالغلاف الغطاء فالغلاف الغطاء وقوله في الصفحة الثالثة والستين بعد المئة في زوائد المسند هي زياداته على مسند ابيه هي زياداته على مسند ابيه فان عبد الله روى المسند عن ابيه الامام احمد ثم زاد فيه اشياء قعره بالزوائد والزيادات ومزيد عبد الله ابن الامام احمد في كتاب ابيه نوعان احدهما زيادات اسانيد لا متون زيادات اسانيد لا متون بان يسند الحديث الذي ذكره ابوه عن شيخ له اخر بان يسند الحديث الذي رواه ابوه عن شيخ له اخر وثانيها زيادات متون واسانيد زيادات متون واسانيد بان يسند حديثا لم يروه ابوه في المسند بان يسند حديثا لم يروه ابوه في المسند والحديث المذكور من النوع الثاني وهو الذي يخص غالبا باسم الزوائد هو الذي يخص غالبا باسم الزوائد فان النوع الاول يقال فيه رواه احمد وابنه عبدالله فان النوع الاول يقال فيه رواه احمد وابنه عبد الله اما النوع الثاني فيقال فيه رواه رواه عبدالله ابن احمد في زوائده او زياداته ومن اهل العلم من يخص اسم الزوائد بالحديث الذي زاده باصله من يخص اسم الزوائد بالحديث الذي زاده باصله كندا ومتنا ويجعل اثم الزيادات لما رواه بعد روايته عن ابيه عن شيخ اخر لما رواه بعد روايته عن ابيه عن شيخ اخر والامر فيهما واسع وقوله فاذا كان المضاف عينا المراد بالعين الذات في الصفحة نفسها الثالثة والستين في اوسطها فاذا كان المضاف عينا العين الذات وقوله في الصفحة الرابعة والستين عمال الخمس والفي الخمس باسكان الميم وتحرك بالضم فيقال الخمس وهو خمس الغنيمة فان الغنائم تخمث وقوله والفيض هو ما غنمه المسلمون بلا حرب ما غنمه المسلمون بلا حرب ولا قتال وقوله في الصفحة الخامسة والستين بعد المئة متصفا بموجبها اي ما يقتضيها اي ما يقتضيها فالموجب المقتضي فالموجب المقتضي واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى لا يزال يأخذ في بيان حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه الذي ذكره جده في هذا الباب من كتاب التوحيد وكان من بيانه ان قال قوله وان محمدا عبده ورسوله اي وشهد بذلك وهو معطوف على ما قبله على نية تكرار العامل اي الفعل المذكور مع سابقه وهو شهد فهو يشهد ان لا اله الا الله ويشهد ان محمدا عبده ورسوله وهاتان الشهادتان هما اصل الشهادة المفروضة على العبد واجلها ثم قال ومعنى العبد هنا المملوك العابد اي انه مملوك لله تعالى وهو ايضا عابد له ثم قال المصنف في تحقيق هذه العبودية المذكورة نعتا لمحمد صلى الله عليه وسلم قال والعبودية الخاصة وصفه كما قال تعالى اليس الله بكاف عبده فاعلى مراتب العبد العبودية الخاصة والرسالة والمراد بالعبودية الخاصة عبودية الاقران بالالوهية فان عبودية الخلق لله نوعان تقدما احدهما عبودية عامة وهي عبودية الاقرار بالربوبية فيخضع الخلق كافة لله ربوبية فيشترك في هذه العبودية المؤمن والكافر والبر والفاجر والاخر عبودية خاصة وهي عبودية الاقرار بالالوهية عبودية خاصة وهي وهي عبودية الاقرار بالالوهية وتختص بالمؤمنين دون غيرهم فذكره ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابو عبد الله ابن القيم في صدر مدارج السالكين ومن العبودية الخاصة عبودية محمد صلى الله عليه وسلم وهو اعلى الخلق في درجاتها فان المؤمنين في تحقيق ما امروا به من الوهية الله عز وجل متفاوتون واعلاهم قدرا واعظمهم من اقرار الالوهية حظا هو محمد صلى الله عليه وسلم ونعته بخليل الله دال على عظم مبلغه ومقامه في تأليه الله عز وجل لا يشاركه فيه احد غيره واختص صلى الله عليه وسلم بلقب العبد في ايات عدة كقوله تعالى وانه لما قام عبد الله يدعوه وقوله تعالى سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى في ان اخر ووقعت العبادة ووقع ذكر العبودية الخاصة في القرآن لغيره كهذه الاية ففي القراءة الاخرى اليس الله بكاف عباده على الجمع فالاية في قراءة هي لمحمد صلى الله عليه وسلم وفي قراءة اخرى للمؤمنين وهي من جنس قوله تعالى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم وقوله تعالى قل ان قوله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان فهذه الايات في عبودية المؤمنين الخاصة لله عز وجل في اقرار الالوهية والتوحيد ثم قال المصنف رحمه الله تعالى فاعلى مراتب العبد العبودية والرسالة اي ارفع المقامات التي العبد ويبلغها ان يكون من اهل العبودية الخاصة ويمنه الله عز وجل عليه ويتفضل فيكون من اهل الرسالة فيبعثه الله عز وجل رسولا فيكون عبدا لله رسولا منه الى خلقه فيكون اقباله على الله سبحانه وتعالى له طرفان احدهما طرف العبودية بالتأليه والتوحيد طرف العبودية بالتأليه بالتأليه والتوحيد والاخر. طرف الرسالة بالتبليغ والبيان طرف الرسالة بالتبليغ والبيان. والطرف الثاني اختص النبي صلى الله عليه وسلم به في هذه الامة فاما الطرف الاول فان المؤمنين بالله سبحانه وتعالى من هذه الامة هم من اهل العبودية الخاصة صلى الله عليه وسلم ارفعهم فيها فهو امامهم المقدم وهم مشاركون له في اصل العبودية الخاصة واما الطرف الثاني وهو الرسالة فليس في الامة رسول من الله سبحانه وتعالى اليها الا يا محمد صلى الله عليه وسلم وفي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انما انا عبد الله ورسوله طوله وقولوا عبد الله ورسوله ثم قال المصنف فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم اكمل الخلق في هاتين الصفتين الشريفتين اي اعلى الخلق مقاما واعظمهم منهما حظا فاعظم الخلق في العبودية الخاصة هو محمد صلى الله عليه وسلم واعظم الرسل الذين ارسلهم الله عز وجل الينا هو محمد صلى الله عليه وسلم. فالنبي صلى الله عليه بلغ الغاية في الطرفين المذكورين للمقامين السابقين. فهو اعظم الخلق لله عبادة وهو اجل الرسل الذين ارسلهم الله سبحانه وتعالى الينا ثم قال واما الربوبية والالهية فهما حق لله فهما حق الله تعالى لا يشركه في شيء منها ملك مقرب ولا نبي مرسل. وهذا تبيين لانحطاط المرتبة السابقة من العبودية والرسالة عن مرتبة الربوبية والالهية لان المرتبة المتقدمة ذكرها تتعلق بالمخلوق دون الخالق. واما رتبة الربوبية والالوهية فتتعلق بالخالق دون المخلوق. فليس للعبد ان يجعل ما لله لغيره لان الربوبية والالوهية حق لله عز وجل. والله لا يرضى الشركة في حقه قال الله تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. اي لا تعبدوا مع الله احدا. والله الله سبحانه وتعالى عبد باستحقاقه بالربوبية. فهاتان الصفتان لا تكونان لغيره. ولا يجوز ان يشرك معه فيهما احد ولو بلغ ما بلغ من المقامات الحميدة عند الله كالملائكة المقربين والانبياء المرسلين سليم فان الملائكة المقربين من اهل السماء والانبياء المرسلين من اهل الارض ليس لهم من الربوبية والالوهية قدر انملة لتمحضهما حقا خالصا لله عز وجل. فلا يجوز ان يجعل فشيء منهما لسواه والخلق في تمييز حق الخالق عن المخلوق متفاوتون والموفقون الى سلوك الصراط المستقيم هم الذين يعرفون الحق لمن هو له ويجعلونه له دون غيره فان الحقوق المتعلقة بهذا المقام حقان احدهما حق الله عز وجل احدهما حق الله عز وجل والآخر حق المعظمين من الخلق حق المعظمين من الخلق كالانبياء والرسل والصالحين كالانبياء والرسل والصالحين فلا يخلط بين الحقين ولا يجعل ما لاحدهما للاخر بل يختص كل ذي حق منهما بحقه دون زيادة ولا نقص والناس في القيام بحقوق المعظمين من الخلق على ثلاثة اقسام والناس في حقوق المعظمين من الخلق على ثلاثة اقسام احدها من يبخس هؤلاء المعظمين حقهم من يبخس هؤلاء المعظمين حقهم ولا يقوم بما يجب لهم ولا يقوم بما يجب لهم فيمنعهم ما جعل الله عز وجل لهم فيمنعهم ما جعل الله عز وجل لهم وهؤلاء هم اهل الجفاء وهؤلاء هم اهل الجفاء وثانيها من يقوم لهم بحقهم من يقوم لهم بحقهم ويأتي به على وجه مبالغ فيه لم تأذن به الشريعة ويأتي به على وجه مبالغ فيه لم تأذن به الشريعة وهؤلاء هم اهل الغلو وهؤلاء هم اهل الغلو وثالثها من يؤدي اليهم حقهم وفق ما توجبه الشريعة من يؤدي اليهم حقهم وفق ما تأذن به الشريعة وهؤلاء هم اهل الصراط المستقيم وهؤلاء هم اهل الصراط المستقيم فانهم يعرفون للمعظمين حقوقهم فيجعلونها لهم وفق ما اذنت به الشريعة دون افراط ولا تفريط اشار الى هذه الاقسام اجمالا شيخ شيوخنا عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى وتبيين هذه القسمة في نحو حال رسولنا صلى الله عليه وسلم فان النبي صلى الله عليه وسلم من معظم الخلق في هذه الامة. بل هو اعظم الخلق على الخلق حقا فيها فمن الناس من يبخس النبي صلى الله عليه وسلم حقه كحال من يقدم غير النبي صلى الله عليه وسلم على حكمه او يقدم او يقدم قول غير النبي صلى الله عليه وسلم على قوله او يرد شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بمحض بمحض عقله او رأيه او هواه او ذوقه او غير او ذوقه او غير ذلك من الدواعي فان هؤلاء من اهل الجفاء المقصرون فيما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم من الحق. ويقابل هذه الطائفة طائفة اخرى تجعل للنبي صلى الله عليه وسلم ما له من حق مع الزيادة ما اذنت به الشريعة كتعظيمه صلى الله عليه وسلم فانك عظيمه صلى الله عليه وسلم مأمور به الا ان الزيادة على المأمور به بما يخالف الشرع منهي عنها. لان الله عز وجل جعل للاحكام حدودا لا يجوز تجاوزها وتعديها. قال الله سبحانه وتعالى تلك حدود الله فلا تعتدوها اي لا تتجاوزوها. فمن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم مثلا الصلاة عليه صلى الله عليه كلم عند ذكره والاتيان بهذه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم على ما يخالف شريعة لزيادة تدل على الغلو كأنواع صيغ الصلوات التي تجعل فيها للنبي صلى الله عليه وسلم اوصاف ليست له بل هي لله سبحانه وتعالى فهذا من فعل اهل الغلو وبين الطائفتين طائفة تعرف للنبي صلى الله عليه وسلم حقه وتقديره حق قدره. فتؤدي اليه صلى الله عليه وسلم ما له من حق وفق ما توجبه الشريعة. فهم لا يمضون في اداء الحقوق اهواءهم ولا ارائهم ولا عقولهم ولا اذواقهم ولا مواجيجهم بل يرجعون في تعيين الحق الذي يكون للنبي صلى الله عليه وسلم الى خطاب الشرع فما جاء في كلام الله او في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم او جرى عليه اجماع السلف فانهم يبذلون للنبي صلى الله عليه وسلم حقه ولا يحرمونه صلى الله عليه وسلم ما جعل الله عز وجل له. وهؤلاء هم الموفقون الى الصراط المستقيم. الملازمون لحكم الشريعة وخذ في هذا الامر سيرك تجد افتراق احوال الناس فيما يتعلق بالقيام بحقوق المعظمين. اذا نظرت في الصالحين او العلماء او الشهداء او الاولياء او الملائكة تجد الخلق مفترقين على هذه الانحاء الثلاثة. والناجون هم السالكون الصراط المستقيم فيما يتعلق بحقوق المعظمين من الخلق ثم قال المصنف رحمه الله وقوله عبده ورسوله اتى بهاتين الصفتين وجمعهما دفعا الافراط والتفريط اي ان دلالة الاقتران مرادة هنا للتنبيه الى ما يجب في حق النبي صلى الله عليه وسلم ان الواجب سلوكه معه هو استعمال الوسطي الذي هو الصراط المستقيم. بين طرفي الامر وهما الافراط والتفريط وقد عرفت تلفا ان الافراط مجاوزة الحد المأذون فيه. وان التفريط التقصير عن الحد المأذون فيه والجادة السالمة بينهما هو ان يأخذ الانسان في الامر دون زيادة ولا نقص طن والى هذا اشار فالح الظاهري في قوله في منظومته في المصطلح خير الامور الوسط الوسيط وشرها الافراق والتفريق خير الامور خير الامور الوسط الوسيط وشرها وشرها الافراط والتفريط والوسط هو العدل الخيار الكائن بين الافراط والتفريط قال الله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا. اي عدولا خيارا ثم قال المصنف في تبيين دفع الافراط والتفريط فان كثيرا ممن يدعي انه من امته افرط بالغلو قولا وفعلا. وفرط بترك متابعته. واعتمد على الاراء المخالفة لما جاء به وتعذب في تأويل اخباره واحكامه بصرفها عن مدلولها والصدف عن الانقياد لها مع اطراحها فمن الخلق من ينتسب الى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ويقع منه الافراط بالغلو فيه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ويتجلى مع هذا الافراط تفريطه في ترك متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فلا تجده يرفع رأسا الى معرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدي ولا يحرص على امتثاله. ويتجلى هذا في اعتمادهم على الاراء المخالفة لما جاء به الاباء والاجداد واذواق الشيوخ والصالحين ويبين اكثر فاكثر في تعسفهم في تأويل اخباره واحكامه اي في صرفها عن وجوهها وهو المذكور في قوله بصرفها عن مدلولها اي ما دلت عليه من المعاني والصدف عن الانقياد لها مع اضطرار والمراد بالصدف الميل والاعراض عنها في عرض عنها ولا ينقاد لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع اقتراحها ويدعي اولئك دعاوى من ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك او فعله تواضعا او خوفا على امته من ان يولهوه ويرفعوه الى رتبة الرب سبحانه وتعالى. فاذا ذهبت تلك الاحتمالات صاغ ما يفعلونه من غلو لم يأذن به الشرع الحكيم. وما ترك امرئ ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم الا اذا وقع في الاهواء المضلة والبدع المفسدة. ثم قال المصنف فان شهادة ان محمدا عبده ورسوله تقتضي الايمان به. وتصديقه فيما اخبر وطاعته فيما امر. والانتهاء عما عنه زجر. وان يعظم امره ونهيه ولا يقدم عليه قول احد كائنا من كان. وهذه الافراد المذكورة كلها مندرجة تحت ما ينتظم في الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة في قول العبد اشهد ان محمدا عبده ورسوله. فان هذه الشهادة تدل بالمطابقة على افراد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الامة بالرسالة كما ان شهادة ان لا اله الا الله تدل على افراد الله عز وجل بالعبادة. فالله عز وجل مفرد بالعبادة والتوحيد ومحمد صلى الله عليه وسلم في هذه الامة مفرد بالاتباع والابتداء ينتظم في ذلك الامر وهو الشهادة له صلى الله عليه وسلم بالرسالة ان يؤمن العبد به وان يصدق خبره فلا يكذب بشيء منه. وان يطيعه في ما امر فيبادر الى امتثاله لينتهي عما عنه زجرا فلا يواقع شيئا مما حضره النبي صلى الله عليه وسلم وان يتلقى امر النبي صلى الله عليه وسلم بالاجلال والتعظيم فان شأن امره صلى الله عليه وسلم عظيم جليل. لانه هو المخبر عن الله سبحانه وتعالى وارتفاعه الى هذه الرتبة يصير تلقي امره ونهيه صلى الله عليه وسلم حقيق بالحفاوة والجلالة والعظمة فانه صلى الله عليه وسلم اختص من هذه الامة بنزول لله سبحانه وتعالى عليه. فكان له من حظ البلاغ عن الله عز وجل لامره ونهيه الم يجعل لغيره من هذه الامة وبلوغه صلى الله عليه وسلم هذه الرتبة واختصاص الله عز وجل له بها يوجب في قلوب المؤمنين ان يعظم امره ونهيه صلى الله عليه وسلم. فلا امره كامر غيره ولا نهيه صلى الله عليه وسلم كنهي غيره. واعتبر هذا في احوال الصحابة رضي الله عنهم في تلقي امر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه. واول مطالع تعظيمهم ما كانت عليه احوالهم في مجلسه صلى الله عليه وسلم. فروى ابو داوود من حديث اسامة بن شريك باسناد صحيح انه قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم واذا اصحابه كان على رؤوسهم الطير فكانوا بهذه المنزلة من التعظيم لانهم يتلقون في مجلسه صلى الله عليه وسلم امرا ونهيا نظرا حقيقا للاجلال والتعظيم. ومن بواكير تلقيه بالاجلال والتعظيم ان يكون العبد بين يديه صلى الله عليه وسلم حاضر القلب منصتا مستمعا لما يصدر منه صلى الله عليه وسلم. ولما مات الله عليه وسلم كان من شعار اهل الحديث اعظام حديثه صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيح ان عمر لما سمع رجلين يرفعان صوتهما بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم اراد ان يعلوهما بالدرة لكنه ترك ذلك لانهما لم يكونا من اهل المدينة. فكانوا لا يجترئون على رفع اصواتهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم اعظاما لقدره. وكان من شعار ائمة السلف في مجالس الحديث الخشية والخشية توعوا وحضور القلب فكانوا لا يرضون بان تقع فيه المخالفة وكان وكيع بن الجراحي اذا سمع في صوت في مجلسه صوتا مرفوعا او برئ قلم قام وترك المجلس عظاما لحديث النبي صلى الله عليه وسلم وهذا طرف من احوال السلف رحمهم الله تعالى في تلقي امر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه بالتعظيم وخوفهم من ان يقع منهم شيء على خلاف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فكان احدهم اذا استمالت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم ترك ما كان عليه من قول او عمل اجلالا واعظا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا التعظيم يقتضي الا يقدم على قول النبي صلى الله عليه وسلم قول احد كائنا من كان مهما بلغ في نفوس الخلق من سلطنة الحكم او ولاية الصلاح والعلم فانه لا يقدم قوله على قول النبي صلى الله عليه وسلم لما حبى الله عز وجل به نبيه من رتبة النبوة والرسالة التي ليست لغيره. وهذا امر واسع لا ينتهي القول فيه عند منتهى فظلا عن ان تنتهي مراحل القلوب في الوصول اليه الى منتهى لكن اذا نقل العبد قلبه في مراتب الاتباع لم يزل مترقيا في درجاتها حتى لا يكون في نفسه شيء احب اليه مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن اخبار العلامة نذير حسين ابن جواد علي الجهلوي رحمه الله المتوفى سنة عشرين بعد الثلاث مئة والالف انه كان مشهورا بالتقدم في العلم فكان يدرس برهة من من عمره في اول زمانه كتب الفقه والعربية والحديث والتفسير. ثم انصرف الله تعالى الى تدريس القرآن والسنة فقط. لما وجد في ذلك من اللذة. فمتعه الله عز وجل بعمره وعاش مئة سنة كانت منها ستون سنة خالصة في تدريس الكتاب والسنة ثم قال رحمه الله تعالى والواقع اليوم وقبله ممن ينتسب الى العلم من القضاة والمفتين خلاف ذلك فالله المستعان. اي من اناس ينسبون انفسهم الى العلم ثم يقدمون على قول الرسول صلى الله عليه وسلم قول غيرهم غير كأن يقدموا قول امام من الائمة المتبوعين او فقيها من الفقهاء المعظمين قال المصنف رحمه الله تعالى في هذا الموضع في قرة عيون الموحدين وقد وقع من التفريط في المتابعة وتركها وقد وقع من التفريط في المتابعة وتركها وتقديم اقوى لمن يجوز عليهم الخطأ وتقديم اقوال من يجوز عليهم الخطأ على قوله صلى الله عليه وسلم على قوله صلى الله عليه وسلم لا سيما من العلماء كما لم كما لا يخفى. لا سيما من العلماء كما لا يخفى انتهى كلامه ثم اورد المصنف رحمه الله تعالى اثرا عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه رواه الدارمي في مسنده واسناده حسن واصله في البخاري من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فيشهد له ويرقيه الى رتبة في الصحة وهو ايضا مروي عنده عن كعب الاحبار فان عطاء ابن يسار راويه عن عبد الله ابن سلام قال واخبرني ابو واقض لليثي انه سمع كعبا يقول مثلما قال ابن سلام وكعب هو كعب ابن ماتع الحميري المعروف بكعب الاحبار احد علماء التابعين من علماء اهل الكتاب الذين اسلموا فحسن اسلامهم وما يوجد من الطعن في بعض الكتب فيه جراءة قبيحة فانه ممن عرف بحسن اسلامه لما فدخل فيه وانما يطعن فيه اقوام تلقفوا طعن المستشرقين في كعب كراهتهم دخوله في الاسلام وتصديقه به وذكره ما جاء في كتب اهل الكتاب مما هو خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن اتباعه وعن دينه مما بعضه في هذا الخبر فان هذا الخبر جاء عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه وجاء عن كعب الاحبار رحمه الله. وجاء ايضا في البخاري عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله الله عنهما وفي وفي الحديث المذكور عن عبد الله ابن سلام رضي الله عنه انه قال انا لنجد صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في كتاب اليهود وهو التوراة انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للاميين. اي حصنا للاميين وفي صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انا امان لامتي انا امان لامتي ثم قال انت عبدي ورسولي سميته المتوكل. فمن اخص صفات النبي صلى الله عليه وسلم انه كان متوكلا على الله عز وجل مفوضا امره اليه. ومن مشاهده في سيرته صلى الله عليه وسلم لم ما عظم به الخطب واشتد عليه الكرب وادلهمت الامور وتنمر اعداءه عليه في طلبه لما خرج مهاجرا الى المدينة فحصل له ما حصل فكان يقول لصاحبه وهما في الغار لا تحزن ان الله معنا وهذا من شواهد كمال توكله صلى الله عليه وسلم وتفويضه امره الى الله عز وجل. ثم قال في ليس بفظ اي قاس ولا غليظ اي شديد ولا سخاب اي طياح ذا ضجة بالاسواق ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويتجاوز لن اقبضه حتى يقيم الملة اي حتى يظهر ملة الاسلام ويرد الناس الى ما كانوا عليه. فان الناس كانوا على الحنيفية ثم اجتالتهم الشياطين فصرفتهم عن ملة الحنيفية فبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم يردهم اليها ثم قال في بيان كيفية اقامة الملة المتعوجة بان يشهدوا ان لا اله الا الله. فاعوجاج الملة بترك التوحيد واقامتها باظهار التوحيد والدعوة اليه. ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم الى مشرك العرب جاء الى اقوام يذكرون الله ويحجون ويتصدقون ولكنهم كانوا يشركون بالله عز وجل فكان من شعارهم في التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم بابطال ما هم عليه من الشرك. ودعاهم الى توحيد الله عز جل وافراده بالعبادة. وقال لهم قولوا لا اله الا الله تفلحوا. ثم ذكر اثار صلى الله عليه وسلم فقال يفتح بها اي بتلك الدعوة اعينا عميا اي اصابها العمى فلم تعد ترى الحق واذانا صما اي اصابها الصمم فلم تعد تسمع الحق وقلوبا غلفا اي ذات غطاء لم تعد تعقل الحق. وليس المراد نفي الادراك عنها فليس المراد نفي البصر عن الاعين. ولا نفي السمع عن الاذان. ولا نفي العقل عن قلوب ولكن المراد هو نفي الانتفاع بتلك المدارك فهم لهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها ولهم قلوب لا يعقلون بها اي لا يحصل ادراكهم لما ينفعهم اي لا يحصل ادراكهم لما ينفعهم فالمسموع يصل الى اذانهم ولا ينتفعون به والمرئي يصل الى ابصارهم فلا ينتفعون به. والمعقول يصل الى قلوبهم فلا ينتفعون به فلهم الة ادراك لهذه القوة. لكن لا منفعة لهم منها لانها لا تصل الى غايتها. ولهذا ليس الشأن ان يجعل للعبد قوة ولكن الشأن ان ينتفع بهذه القوى وهو الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عند الترمذي وغيره عند ختم المجلس واسناده صحيح وفيه اللهم متعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا واجعله الوارث منا. والتمتيع هو حصول الانتفاع بها بان تبقى قوية موردة لما ينفع العبد. اما من جعل له سمع وبصر وعقل ولم ينتفع بهذه القوة فانه لا يمتاز بهذه القوى عن البهائم العجماء الا في اتصافه بها دون اتصاف البهائم العجماء. ويشتركان في عدم الانتفاع بهذه القوى. واذا لم يحصل انتفاع العبد بقواه بتوفيق الله عز وجل وعونه فانه لا يتمدح بها. فكم من حافظ لم ينتفع بحفظه وكم من ذكي لم ينتفع بذكائه ولا ينبغي للعاقل ان يتكل على هذه القوى مهما بلغت. فان من ركن الى قواه خذل. ومن فوظ امره الى الله عز وجل واستعان به امده الله سبحانه وتعالى بانواع من الفتح والتسديد والتوفيق لا يبلغها غيره وانما يحصل ذلك بزكاة النفس وطهارتها. فاذا زكى المرء نفسه علمي والايماني والعملي والاقتداء والاهتداء متعه الله عز وجل بقوى ليست عند غيره بل هو في نفسه ان هذه القوى تتزايد بحسب ما يزيد في اقباله على الله سبحانه وتعالى واشتغاله بعبادة الله عز وجل فيكون ذلك سببا في حصول الانتفاع بالقوة. فان سلب هذا سلب منفعة كتلك القوى وهذا معنى ما ذكره ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في اخر الحموية لما ذكر علماء اهل الكلام فقال في وصفهم اوتوا ذكاء ولم يؤتوا زكاء واعطوا فهوما ولم يعطوا علوما. وجعل الله لهم سمعا وابصارا وافئدة. فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء الى اخر كلامه رحمه الله تعالى فينبغي الا يغتر الملتمس للعلم بما عنده من قوة العرض او الفهم فان الا تغني عنك شيئا الا ان يعينك الله سبحانه وتعالى فيوفقك للانتفاع بها. وكم من ضعيف حفظ بليد فهم صدق الله سبحانه وتعالى فصدقه الله عز وجل واعانه وسدده ووفقه الى طلب العلم اذا علم منه صدق النية وكانت نفسه صالحة لحمل العلم. ثم قال المصنف بعد ذلك قوله وان عيسى عبد الله ورسوله اي خلافا لما يعتقده النصارى انه الله او ابن الله او الف ثلاثة تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله فان هذه الاعتقادات باطلة عاضلة ينقض اساسها ويحل دعواها قوله صلى الله عليه وسلم وان عيسى الله ورسوله والرتبة التي جعلت له عليه الصلاة والسلام هي العبودية والرسالة. قال المصنف فلا بد ان يشهد ان ان عيسى عبد الله ورسوله على علم ويقين بانه مملوك لله خلقه من انثى بلا ذكر كما قال تعالى ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ثم قال فليس ربا ولا اله سبحان الله عما يشركون. ثم ذكر اين في اثبات عبودية عيسى عليه الصلاة والسلام وانه لم يكن الها ولا ابنا للاله ولا ثالث ثلاثة ثم قال رحمه الله تعالى ويشهد المؤمن ايضا ببطلان قول اعدائه اليهود انه ولد بغي لعنهم الله تعالى فلا يصح اسلام احد حتى يتبرأ من قول الطائفتين جميعا في عيسى عليه السلام. ويعظ ويعتقد ما قاله الله تعالى فيه انه عبد الله ورسوله. فالجملة المتقدمة عبد الله ورسوله ترد على طائفتين الطائفة الاولى اولياء عيسى من النصارى اولياء عيسى من النصارى الذين يزعمون انه الله او ابن الله او ثالث ثلاثة والطائفة الثانية اعداء عيسى من اليهود اعداء عيسى من اليهود الذين يزعمون انه ولد بغي لعنهم الله وتعالى الله سبحانه وتعالى عما يقول المبطلون فقوله صلى الله عليه وسلم وانه عبد الله وان عيسى عبد الله ورسوله يرد على هذه الطائفة وعلى هذه الطائفة وبسط المصنف رحمه الله تعالى القول في رد هذا الحديث على النصارى قال قوله وان عيسى عبد الله ورسوله فيه بيان الحق الذي يجب اعتقاده كما في الايات المحكمات وما فيها من الرد كفار النصارى وهم يعني النصارى ثلاث طوائف. طائفة قالوا ان عيسى هو الله وطائفة قالوا انه ابن الله وطائفة قالوا ان الله ثالث ثلاثة يعنون عيسى وامه فبين الله تعالى في كتابه الحق وابتر والباطل فقال يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق. انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم الى تمام ما ذكره رحمه الله تعالى من الاية في الرد على النصارى في قرة عيون الموحدين في الصفحة الخامسة عشرة بعد المئة والسادسة عشرة بعد المئة. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى معنى قوله في الحديث وكلمته فقال قوله وكلمته انما سمي عيسى عليه السلام كلمته لوجوده بقوله تعالى كن كما قاله السلف من المفسرين فسمي بكلمة الله لانه وجد بها. لا انه هو كلمة الله فعيسى عليه الصلاة والسلام وجد بكن وليس هو كن فعيسى عليه الصلاة والسلام وجد بكن لا انه هو كن فان عيسى مخلوق وكلمة الله عز وجل ليست مخلوقة لكن بامر الله عز وجل وقع الخلق قال الله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فمنه فبامره سبحانه وتعالى كن يكون ما شاء الله سبحانه وتعالى ومما ينبه اليه من الغلط الجاري على السنة الناس قولهم في تعظيم الله يا من امره بين الكاف والنون يا من امره بين الكاف والنون. فان هذا محدث من القول وانما امره بعد الكاف والنون لقوله انما امره اذا اراد ان يقول انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فذكر كن تامة ثم ذكر تحقق وقوع ما فيها من التكوين في قوله فيكون ثم نقل عن الامام احمد رحمه الله تعالى في الرد على الجهمية انه قال الكلمة التي القاها الى مريم حين قال له كن فكان عيسى بكن وليس عيسى هو كن. ولكن كان بكن فكن من الله تعالى قولا وليس كن مخلوقا. وكذب النصارى والجهمية على الله في امر عيسى انتهى كلامه وقال في قرة عيون الموحدين مزيد فائدة قال ففيه اثبات صفة الكلام لله تعالى خلافا للجهمية ايضا ففيه اثبات صفة الكلام لله تعالى خلافا للجهمية ايضا. ثم قال المصنف وقوله القاها الى مريم. قال ابن كثير خلقه التي ارسل بها جبريل عليه السلام الى مريم فنفخ فيها يعني جبريل يعني جبريل من روحه بامر ربه عز وجل. فكان عيسى باذن الله عز وجل فهو ناشئ عن الكلمة التي قال له كن فكان الروح التي ارسل بها هو جبريل عليه السلام. فارسل جبريل عليه السلام بالروح من الله عز وجل نفخ فيها فكان عيسى. فجبريل عليه الصلاة والسلام روح ارسل الى مريم بروح وروح لانه هو الذي ينزل على الانبياء بما فيه حياة قلوب الخلق من الوحي. وبعثه الله عز وجل وارسل به الى مريم بروح منه هي روح عيسى عليه الصلاة والسلام فنفخ فيها جبريل فكان عيسى وهذا هو المذكور بعده في قوله وروح منه قال ابي ابن كعب عيسى روح من الارواح التي خلقها الله تعالى واستنطقها بقوله الست بربكم؟ قالوا بلى بعثه الله الى مريم فدخل فيها اذاعة تلك الروح الى مريم فدخل فيها رواه عبد ابن حميد وعبدالله ابن احمد في زوائد المسند وابن جرير وابن ابي حاتم وغيرهم واسناده حسن واستنكر ابو عبد الله ابن القيم في كتاب الروح قوله في هذا الحديث بعثه الله الى مريم فدخل فيها وذلك ان جبريل عليه الصلاة والسلام نفخ في تلك الروح لا ان تلك الروح ارسلت الى مريم فاستنكروا وابن القيم رحمه الله تعالى هذه الجملة خلافا لشيخه ولا نكرة فيها بل يمكن الجمع بينهما بان تكون هذه الروح ارسلت الى مريم ووقع نفخ جبيل عليه الصلاة والسلام فيها ثم قال بعد ذلك قال الحافظ وهو ابن حجر على ما تقدم من اصطلاح اصل الكتاب وهو تفسير العزيز الحميد قال ووصفه بانه منه المعنى انه كائن منه يعني من الله كما في قوله وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه. فالمعنى انه عين منه كما ان معنى الاية الاخرى انه سخر هذه الاشياء كائنة منه اي انه مكون ذلك وموجده بقدره وحكمته. فمعنى كونه من الله عز وجل اي مخلوق من ربنا عز وجل مكون مقدر منه ثم ذكر كلاما نفيسا لابي العباس ابن تيمية الحفيد في في بيان انواع مضاعفات الى الله عز وجل. تلخيصه ان المضاف الى الله عز وجل نوعان ان المضاف الى الله عز وجل نوعان احدهما اضافة المعاني احدهما اضافة المعاني مما لا يقوم بنفسه ولا بغيره مما لا يقوم بنفسه ولا بغيره من المخلوقات فهو حينئذ صفة لله قائمة به فهو حينئذ صفة لله قائمة به ولا تكونوا تلك الاضافة اضافة مخلوق مربوب ولا تكون تلك الاضافة اضافة مخلوق مربوب والاخر اضافة الاعيان اضافة الاعيان وهي ما قام بنفسه وهي ما قام بنفسه فيمتنع حينئذ ان يكون صفة لله فيمتنع حينئذ ان يكون صفة لله لان ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره لان ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره وهذا النوع اثنان وهذا النوع اثنان الاول ان يضاف الى الله اضافة عامة ان يضاف الى الله اضافة عامة هي اضافة الخلق ان يضاف الى الله اضافة عامة هي اضافة الخلق كقولهم سماء الله وارض الله والثاني ان يضاف الى الله اضافة خاصة ان يضاف الى الله اضافة خاصة تتضمن تشريفه ورفعته تتضمن تشريفه ورفعته ومن هذا الاثم اضافة عيسى عليه الصلاة والسلام ومن هذا القسم اضافة عيسى عليه الصلاة والسلام في كونه روحا من الله بكونه روحا من الله فاضافته اليه اضافة تشريف فاضافته اليه اضافة تشريف كبيت الله فاضافته اليه اضافة تشريف كبيت الله وهذه قاعدة جليلة تنحل بها اشكالات كثيرة فما رأيت فيه اضافة فخلص تلك الاظافة في نوعها يتبين لك الحق فيها فتعرف كونها صفة ام غير صفة واضح طيب نظرب امثلة قوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفه سبحان ربك رب العزة عما يصفون ما نوع الاظافة هنا ها يا عبد الله اضافة اضافة صفة اضافة صفة لماذا؟ لان العزة لا تقوم بنفسها لان العزة لا تقوم بنفسها فيكون معنى الاية رب العزة اي المتصف بالعزة لكن كلمة الرب تتعلق مربوط صفته كلمة الرب تتعلق بمربوب. فكيف يكون رب العزة التي هي الصفة الالهية هاه ما معناها؟ يعني الربوية هنا بمعنى ايش طيب ما فيها وسعدنا ها بمعنى الربوبية هنا معنى صاحب لان الرب في كلام العرب ايش ارجع الى السيد والمالك قائم للشيء المصلح له والملك والربوبية هنا ملك اتصاف وربوبية هنا ملك اتصاف للاستحقاق فيكون معنى الاية صاحب العزة فهي صفة من صفاته وهذه الاية من غوامض الاية حتى ذهب بعض اهل العلم الى ان معنى سبحان ربك رب العزة اي العزة التي تكون للخلق وجعلها بعض المفسرين عزة الكافرين لان الله وهذا ابطال قولهم فنزه نفسه عما وصفه هؤلاء فقال سبحان ربك رب العزة عما يصفون واضح طيب مثال اخر ورب القرآن ورب القرآن هل يجوز اطلاقه ام لا يجوز ايش ايوا على معنى صاحب القرآن يجوز اطلاقه لان القرآن كلام الله فيكون رب القرآن يعني صاحبه وهذه الصحبة صحبة اتصاف ولا يراد بالقرآن المصحف الذي هو مكتوب من ورق وحبر وانما المراد بالقرآن عند المقسمين به في قولهم ورب القرآن القرآن الذي هو كلام الله عز وجل فهو صفة من من صفاته فارجح الوجهين في ذلك ان هذا القسم جائز لانه قسم بصفة من صفات الله سبحانه وتعالى طيب مثال اخر ان الله خلق الرحمة لما خلقها مئة جزء الحديث في الصحيحين فذكر ان رحمة الله مخلوقة وهذا من باب الاظافة فكيف وجه هذا الحديث نعم احسنت تحريرها ان يقال ان الرحمة المضافة الى الله نوعان احدهما رحمة هي وصفه وهي المذكورة في قوله تعالى وسع كل شيء رحمة وعلما والاخر رحمة هي خلقه وهي المذكورة في هذا الحديث وهي المذكورة في هذا الحديث فعقل هذه القاعدة عظيم النفع في ابواب الدين وله عند اهل العلم تصرفات في مقامات شتى وعقل المرء قاعدة من قواعد الدين عظيم النفع له. ومن الناس من في معرفة القواعد ولا يأبه بها ولا يعتني برعايتها فلا تنضبط علومه. وكان من طرائق التعليم في هذه البلاد عند الاوائل من العلماء رحمهم الله تعالى وحفظ بقاياهم انهم كانوا يرغبون عن تطويل القول ويكتفون ببيان جوامعه بذكر قواعده فيعقلون من معرفة الدين ما يتمكن به المتلقي من رد المشكلات والمشتبهات الى تلك القواعد فتكون علومهم صحيحة. ولما اختلط الناس بكثرة الكتب وقلت معرفتهم بقواعد الدين واشتغلوا بالهذر وتكفير الكلام وتطويل النقول صارت معرفتهم بالقواعد قليلة قد كثر المتشابه بينهم صارت مقالات لهم في ابواب الاعتقاد او الدين او الاحكام لم يكن عليها اهل العلم في هذه البلاد. وليس بها فرحون بعلم جديد لم يعلمه اولئك الراسخون ولكن اولئك الراسخون يعلمون مواقع القول في هذه المشكلات والمتشابهات فلا يأبهون بها. واما غيرهم فانه اذا وجد مثل هذه المقالات فرح بها واظهرها او ظنها علما جديدا ربما عقد عليها الولاء والبراء ونفخ في نار فتنة يمتحن الناس فيها اجابة الى قوله الذي لا يجهله العلماء الراسخون فليحذر طالب العلم من ان تجترفه مثل هذه الامور التي تغر يكن راسخ القدم في اللياب بالعلماء الراسخين فان العلم الذي انتهوا اليه علم ظهر نفعه وبانت بركته ولم يزل الناس عليه في خير مذعرفوهم. والله اعلم ان لم يستخلف الله امثالهم ما يكون عليه لقد كثر المشبهون والمضلون والداعون الى البدع والضلالات المروجون للمقالات العاطلة والاقوال المشكلة المشتبهة والله عز وجل لا يضيع دينه. ولكن الخوف على احدنا ان يضيع هو. ثم قال المصنف بعد ذلك وقوله والجنة حق والنار حق اي وشهد ان الجنة التي اخبر بها تعالى في كتابه انه اعدها للمتقين حق اي ثابتة لا شك فيها. فاصل الحق الثابت واللازم. وشهد ان النار التي اخبر بها تعالى في كتابه انه اعدها للكافرين حق كذلك ثابتة فالاخرة تنتهي الى دارين احدهما دار الجزاء بالحسنى وهي الجنة جعلنا الله واياكم من اهلها والاخرى دار الجزاء بالسوء وهي النار اعاذنا الله واياكم منها ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ايتين في ذلك ثم قال وفي الايتين ونظائرهما دليل على ان الجنة نرى مخلوقتان الان خلافا للمبتدعة فمن عقائد اهل السنة والحديث انهم يعتقدون ان الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الان اعدهم الله عز وجل لا لاهلهما فالجنة دار اوليائه والنار دار اعدائه. ثم قال وفيهما اي في الايتين الايمان بالمعاد اي بالرد والمصير الى الله سبحانه وتعالى في يوم القيامة. ثم قال قوله ادخله الله الجنة على ما كان من العمل هذه الجملة جواب الشرط اي في قوله من شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الى تمام الجملة ادخله الله الجنة على ما كان من العمل. فصدر الجملة فعل الشرط واخرها المذكور في قوله ادخله الله الجنة جواب الشر وهو الذي يسميه من يسميه من النحاة جزاء الشرط اي اذا وقع ذلك الفعل المشروع تحقق الجزاء الذي شرط له ثم قال وفي رواية ادخله الله الجنة من اي ابواب الجنة الثمانية شاء. متفق عليه بهذا اللفظ وفي هذا اللفظ مزيد اظهار لفضل الله سبحانه وتعالى. لان الله يدخله الجنة ثم يخيره من اي ابواب الجنة الثمانية شاء دخلها ثم قال قال الحافظ يعني ابن حجر ومعنى قوله على ما كان من العمل اي من صلاح وفساد لكن اهل لابد له من دخول الجنة ويحتمل ان يكون معنى قوله على ما كان من العمل ان يدخل اهل الجنة الجنة على حسب اعمال كل منهم في الدرجات انتهى ففي معنى قوله على ما كان من العمل قولان ففي معنى قوله على ما كان من العمل قولان احدهما اي على اي شيء كان عليه من العمل اي على اي شيء كان عليه من العمل طالحا او فاسدا طالحا او فاسدا والاخر ان درجته في الجنة على ما وجد منه من العمل ان درجته في الجنة على ما وجد منه من العمل ثم ذكر عن القاضي عياض انه قال في شرح مسلم ما ورد في حديث عبادة يكون خصوصا اي مختصا لمن قال ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وقرن بالشهادتين حقيقة الايمان والتوحيد الذي ورد في حديثه فيكون له ومن الاجر ما يرجح على سيئاته ويوجب له المغفرة والرحمة ودخول الجنة لاول وهلة وحصول ذلك يكون مجتمعا فيتحقق للعبد الجزاء المذكور فيه وهذه الجملة عند القاضي عياض مبنية على جملة قبلها بين فيها مراتب حظ الناس من لا اله الا الله قولا وفعلا وانها في حال لقوم وفي حال اخر لقوم اخرين. ثم اتبع ذلك بالنقل عن العلامة ابن القيم انه قال والمقصود ان كلمة التوحيد اذا شهد بها المؤمن عارفا لمعناها وحقيقته نفيا واثباتا متصفا بموجبها قائما قلبه لسانه وجوارحه بشهادته فهذه الكلمة من هذا الشاهد اصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة في السماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت انتهى كلامه وهو كلام نفيس في بيان قدر كلمة التوحيد وعظيم لمن عرف معناها وحقيقتها وجاء بما توجبه بقلبه ولسانه وجوارحه وقد قال المصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين عند هذا الحديث في اخره قال فتدبروا وهذا الحديث فانه عظيم فتدبر هذا الحديث فانه عظيم انتهى كلامه تعريفا بقدر هذا الحديث. وحاجة العبد الى التفقه فيه ومعرفة معانيه واستخراج العلم المستكن فيه. فان جوامع العلم هي القرآن والسنة ومن جوامع السنة هذا الحديث. ومن نور الله قلبه رأى في الاحاديث النبوية ما تحاروا معه العقول ما يحير العقول فان عقل العبد المؤمن اذا نظر في شيء من المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم اشتد عجبه منه ومن هذا قول ابن الجوزي رحمه الله تعالى في حديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس يا غلام قال تأملت هذا الحديث فكدت اطيش اي لما فيه من المعاني العظيمة المعرفة بجوامع من احكام الدين في ابواب الخبر وابواب الحكم نعم احسن الله اليكم يقول رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وله ما في حديث عتبان فان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله. قوله ولهما اي للبخاري ومسلم في صحيحيهما بكماله. وهذا طرف من حديث طويل اخرجه الشيطان وعتبان لكسر المهملة بعدها مثناة فوقية ثم موحدة ابن مالك ابن عمر ابن العجلان الانصاري من بني سالم ابن عوف صحابي مشهور مات في خلافة معاوية رضي الله عنه. واخرجه البخاري في صحيحه بسنده عن قتادة قال حدثنا انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحم. قال يا معاذ بن جبل قال لبيك يا رسول الله وسعديك. قال يا معاذ لو قال لبيك يا رسول الله وساديك. قال يا معاذ قال لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثا. قال ما من احد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صدقا من قلبه الا حرمه الله تعالى على النار. قال يا رسول الله انا افلا اخبر به الناس فيستبشروا قال اذا يتكل فاخبر بها معاذ عند موته تهكما. وساق بسند اخر قال حدثنا معتمر. قال انا معتمر الذي معه نسخة الشيخ عبد الله بن حسن وساق بسبب اخر ايش بعدها حدثنا من معتبر نفس الشيء نعم هنا في سقط هنا سقط لان البخاري لا يروي هذا الحديث ثلاثيا وانما وساق بسند اخر حدثنا مسدد قال حدثنا معتمر لكن هكذا بالنسخة التي بايدينا نعم احسن الله اليكم. يقول رحمه الله تعالى وساق بسند اخر قال حدثنا معتمر قال سمعت ابي. قال سمعت انسا قال ذكر لي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ ابن جبل رضي الله عنه من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة قال الا ابشر الناس قال لا اني اخاف ان يتكلوا. قلت فتبين بهذا السياق معنى شهادة ان لا اله الا الله. وانها تتضمن ترك تركي لمن قالها بصدق ويقين واخلاص. قال شيخ الاسلام وغيره في هذا الحديث ونحوه. انها فيمن قالها ومات عليها كما جاء مقيدة بقوله خالص من قلبه ارشاك فيها بصدق ويقين فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح الى الله تعالى جملة فمن شهد ان لا اله الا الله خالصا من قلبه. دخل الجنة. لان الاخلاص هو انجذاب القلب الى الله تعالى بان يتوب من الذنوب توبة نصوحا فاذا ماتا على تلك الحال نال ذلك فانه قد تواترت الاحاديث بانه يخرج من النار من قال لا اله الا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرا وما يزن وخردلة وما يزن ذرة وتواترت بان كثيرا ممن يقول لا اله الا الله يدخل النار ثم يخرج منها وتواترت بان الله حرم على النار ان تأكل اثر السجود من ابن ادم. فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله. وتواترت بانه على النار من قال لا اله الا الله ومن شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال واكثروا من يقولها لا يعرف الاخلاص واكثر من يقولها انما يقولها تقليدا او عادة ولم يخالط الايمان بشاشة قلبي غالب من يفتن عند الموت وفي القبور امثال هؤلاء. كما في الحديث سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. وغالب اعمالها هؤلاء انما هو تقليد واقتداء بامثالهم وهم من اقرب الناس من قوله تعالى انا وجدنا اباءنا على امتي وانا على اثارهم وحينئذ فلا منافاة بين الاحاديث فانه اذا قالها باخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرا على ذنب فان كمال اخلاصه ويقينه يوجب ان الله احب اليه من كل شيء. فاذا لا يبقى في قلبه ارادة لما حرم الله ولا كراهة لما امر الله وهذا هو الذي يحرم على النار وان كانت له ذنوب قبل ذلك فان هذا الايمان وهذا الاخلاص وهذه التوبة وهذه المحبة وهذا اليقين لا يترك لمحه الليل والنهار. فاذا قال على وجه الكمال المانع من الشرك الاكبر والاصغر فهذا غير مصر يغفر له وينهى. وان قالها على وجه خلص به من الشرك الاكبر دون الاصغر ولم يأتي بعدها بما يناقض ذلك فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من السيئات. فيرجح بها ميزان الحسنات كما في حديث البطاقة فيحرم على النار ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ذنوبه. وهذا بخلاف من رجحت سيئاته بحسناته ومات مصرا على ذلك فانه يستوجب النار وان قال لا اله الا الله وخلص بها من الشرك الاكبر لكنه لم يمت على ذلك بل اتى بعد ذلك بسيئات رجحت على حسنة توحيده فإنه في حال قولها كان مخلصا لكنه اتى بذنوب او آنت ذلك التوحيد والإخلاص فأضاعفت وقويت نار الذنوب حتى احرقت ذلك بخالد خلاف مخلص مستيقن فان حسناته لا تكون الا راجحة على سيئاته ولا يكون مصرا على سيئاتهم فان مات على ذلك دخل الجنة وانما يخاف على المخلص ان يأتي بسيئة راجحة فيضعف ايمانه فلا قولها باخلاص ويقين مانع من جميع السيئات ويخشى عليه من الشرك الاكبر والاصغر. فان سلم من الاكبر بقي معه من الاصغر فيضيف فذلك سيئات تنضم الى هذا الشرك فيرجح جانب السيئات. فان السيئات تضعف الايمان واليقين. فيضعف قول لا اله الا الله فيمتنع الاخلاص بالقلب فيصير المتكلم بها كالهادي او النائب. او من يحسن صوته باية من القرآن من غير ذوق طعم وحلاوة فهؤلاء لم يقولوها بكمال الصدق واليقين بل يأتون بعدها بسيئة تنقص ذلك بل يقولونها من غير يقين وصدق ويموتون على ذلك ولهم سيئات كثيرة تمنعهم من دخول الجنة واذا كثرت الذنوب ثقل على اللسان قولها وقسى القلب عن قولها وكره العمل الصالح وثقل عليه سماع القرآن. واستبشر بذكر غيره واطمئن الى الباطل واستحلى الرفث ومخالطة اهل الباطل وكره مخالطة اهل الحق فمثل هذا اذا قالها قالها فمثل هذا اذا قالها قال بلسانه ما ليس في قلبه وبفيه ما لا يصدقه عمله. قال الحسن رحمه الله تعالى ليس الايمان بالتحلي ولا بالتمني ولا مما وقر في القلوب وصدقته الاعمال. فمن قال خيرا وعمل خيرا قبل منه ومن قال خيرا وعمل شرا لم يقبل منه وقال بكر بن عبدالله المزني رحمه الله ما سبقهم ابو بكر رضي ولكن بشيء وقر في قلبه. فقال لا اله الا الله ولم يقل بموجبها بل اكتسب مع ذلك ذنوبا. وكان صادقا في قولها موقنا بها. لكن له ذنوب اضعفت صدقه ويقينه. واضاف الى ذلك الشرك الاصغر العملي رجحت هذه السيئات على هذه الحسنة ومات مصرا على الذنوب بخلاف من يقولها بيقين وصدق فاما فانه اما لا يكون مصرا على سيئة اصلا او يكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجع حسناته والذين يدخلون النار ممن يقولها اما انهم لم يقولوها بالصدق واليقين التامين. المنافيين للسيئات او لرجحانها او قالوا ما واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم. ثم ضعف لذلك صدقهم ويقينهم. ثم لم يقولوها بعد ذلك بصدق قيل انت لان الذنوب قد اضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم. فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى لا فترجح سيئاتهم على حسناتهم انتهى ملخصها وقد ذكر هذا كثير من العلماء كابن القيم وابن رجب وغيرهم قلت ومن باب ما قرره شيخ الاسلام رحمه الله تجتمع الاحاديث قال وفي الحديث دليل على انه لا يكفي في الايمان النطق من غير اعتقاد وبالعكس وفيه تحريم النار على اهل التوحيد الكامل وفيه ان العمل لا ينفع الا اذا كان خالصا لله تعالى. تنبيه قال القرطبي رحمه الله تعالى في تذكرته قوله في الحديث من ايمان اي من اعمال الايمان التي هي من اعمال الجوارح فيكون فيه دلالة على ان الاعمال الصالحة من الايمان والدليل على انه اراد بالايمان ما قلناه ولم يرد مجرد الايمان الذي هو التوحيد ونفي الشركاء والاخلاص بقول لا اله الا الله لما في الحديث نفسه من قوله اخرجوا ثم بعد ذلك سبحانه قبضه فيخرجوا قوما لم يعملوا خيرا قط يريد بذلك الا التوحيد المجرم من الاعمال انتهى ملخصا من شرح سنن ابن ماجة بيان هذه الجملة من جهتين فالجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله ولهما بالتثنية وهو اصطلاح مطرد عند علماء الحديث. ان ذكر التثنية ينصرف الى البخاري كما قال الشارح اي للبخاري ومسلم في صحيحيهما فاذا وردت التثنية اظمارا بشبه جملة كقولهم ولهما او بفعل فاعل كقولهم اخرجاه فالمراد بذلك البخاري ومسلم وكذا قولهما وكذا قولهم الشيخان فان الشيخين عند اهل الحديث في العزو والتخريج هما البخاري ومسلم. واصطلاح الشيخين يقع عند ارباب العلوم على مناح عدة فهو عند الحنفية مثلا علم على صاحبي ابي حنيفة وهما ابو يوسف القاضي ومحمد ابن الحسن الشيباني وعند علماء رسم المصحف علم على ابي عمر الداني ابي داود نجاح صاحبي الرسمي المعروف وعند غيرهما من ارباب او عند غيرهم من ارباب العلوم يقع على اصطلاحات معروفة عند اصحابها وقوله بكسر المهملة الحرف المهمل هو الغفل من النقطة الحرف المهمل هو الغفل من النقد كالحاء والعين وقوله مثناة فوقية اي بنقطتين اثنتين اي بنقطتين اثنتين ثابتتين فوقا ثابتتين فوقا تمييزا عن الياء فان الياء يقال فيها مثناة تحتانية وقوله ثم موحدة اي بنقطة واحدة وهي للباء وقوله بسنده تقدم ان هذا اختصار بسند الحديث فهي كلمة يؤتى بها لحكاية ما وقع من اختصار وقوله ومعاذ رديفه تقدم ان الارداف هو الاتباع فالرديف التابع للمرء على دابته وقوله على الرحل الرحل مركب يشد على ظهر البعير مركب يشد على ظهر البعير يستوي عليه الراكب وقوله في الصفحة السابعة والستين بعد المئة في اخر سطر منها انجذاب الروح اصل الجذب التحويل عن الموضع اصل الجذب التحويل عن الموضع فاذا حوله عن موضعه واماله اليه سمي جذبا وقوله في الصفحة الثامنة والستين بعد المئة توبة نصوحا اي خالصة فالنصوح هو الخالص من كل شائبة يقال لبن ناصح اي خالص عن الشوائب المكدرة له وقوله تواترت الاحاديث تقدم ان المتواتر ما روي من طرق بلا حصر وافاد بنفسه العلم بصدقه ماوية من طرق بغير حصر وافاد بنفسه العلم بصدقه وقوله ان تأكل اثر السجود اي علامته وموقعه في جبين المصلي وقوله بشاشة قلبه اصل البشاشة صفة للوجه اصل البشاتة صفة للوجه ثم استعيرت للقلب يقال بش فلان اذا تهلل وجهه فرحا البشاشة تهلل الوجه بالفرح تهلل الوجه بالفرح وقوله في الصفحة التاسعة والستين بعد المئة لم يكن في هذه الحال مصرا الاصرار الاقامة على الشيء ولزومه الاصرار الاقامة على الشيء ولزومه وقوله فيها قبل اخرها بثلاثة اسطر كما في حديث البطاقة اصل البطاقة رقعة صغيرة تعلق في الثمن في الثوب رقعة طغيرة تعلق في الثوب لبيان ثمنه رقعة تغيرة تعلق بالثوب لبيان ثمنه ثم استعملت في كل ما كان صغيرا تثبت فيه كتابة ثم استعملت بما كان في كل ما كان صغيرا تثبت فيه كتابة وقوله في الصفحة السبعين بعد المئة في اوسطها فيصير المتكلم بها والهادي هو المتصف بالهديان والهذيان كلام غير معقول لا يفهم والهذيان كلام غير معقول لا يفهم قوله واستحلى الرفث الرفث اثم للمعاصي والفواحش اسم للمعاصي والفواحش وربما خص بما يتعلق بالجماع وربما خص بما يتعلق بالجماع وقوله في الصفحة الحادية والسبعين بعد المئة ليس الايمان بالتحلي التحلي اتخاذ الحلية الظاهرة وهي الزينة التحلي اتخاذ الحلية الظاهرة وهي الزينة وقوله بالتمني اي ما يظهر من القول ما يظهر من القول ادعاء اي ما يظهر من القول ادعاء وقوله ما وقر اي رسخ ما وقر اي رسخ واما نظم سياقها واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين معنى حديث عتبان الذي ذكره امام الدعوة في هذا الباب وابتدأ بيانه بقوله قوله ولهما اي للبخاري ومسلم في صحيحيهما بكماله اي بكمال هذه الجملة. فالجملة المذكورة متفق عليها. لا ان الحديث عندهما هو بتمامه بهذا اللفظ لقوله بعد وهذا طرف من حديث طويل اخرجه الشيخان فيكون قد انتصر على بعضه اختصارا. وبين في قرة عيون الموحدين وجهه فقال اختصره المصنف وذكر منه ما يناسب الترجمة اختصره المصنف وذكر منه ما يناسب الترجمة ثم ذكر طرفا من ترجمة راويه من الصحابة وهو عتبان فقال وعتبان بفصل المهملة بعدها مثناة فوقية ثم موحدة على ما قدم من معانيها ابن مالك وكان حقيقا به ان يأتي بضمير الفصل للتنبيه على ابتداء جملة فيقول وعتبان بكسر المهملة بعدها متناة فوقية ثم موحدة هو ابن مالك ابن عمرو ابن العجلان الانصاري من بني سالم ابن عوف اي من الانصار صحابي مشهور مات في الخلافة معاوية رضي الله عنه اي بين الاربعين والستين. ثم ذكر تخريج البخاري له بايراده بعض الفاظه باختصار اسناده في الاول. وفي الثاني قال وساق بسند اخر حدثنا معتمر. وكان ينبغي فوقه من اوله فان البخاري اسنده عن شيخه مسدد ابن مسرهد فقال حدثنا مسدد قال حدثنا معتمر الى تمام اسناده. ثم قال المصنف رحمه الله تعالى بعد ذكر هذا اللغم اوتوا فتبين بهذا السياق معنى شهادة ان لا اله الا الله وانها تتضمن ترك الشرك لمن قالها بصدق ويقين واخلاص لقوله في الحديث من لقي الله لا يشرك به شيئا. مع قوله في الرواية السابقة ما من احد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صدقا من قلبه. فلا تكون الشهادة لله متحققة الا بترك الشرك ولا تكون شهادة الا اذا كانت بصدق ويقين واخلاص ثم ذكر رحمه الله تعالى نقلا مطولا على وجه التخليص والتلخيص عن شيخ الاسلام وغيره. فقال قال شيخ الاسلام وغيره في هذا الحديث ونحوه انها اي هذه الكلمة وهي لا اله الا الله تكون نافعة في من قالها ومات عليها. كما جاءت مقيدة بقوله خالصا من قلبه غير شاكر فيها بصدق ويقين. فان حقيقة التوحيد انجذاب الروح الى الله تعالى جملة اي تحول روحي من هواها الى امر الله سبحانه وتعالى. فان مقصد الشرع اخراج العبد من هواه الى طاعة الله. ذكر الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات ومعينها على اخراجها من الهوى اقبالها على الله سبحانه وتعالى جملة. فمن شهد ان لا اله الا الله خالصا من قلبه قال الجنة لان الاخلاص هو انجذاب القلب الى الله تعالى بان يتوب من الذنوب توبة نصوحة اي حقيقة الاخلاص في موته على التوحيد ان تكون توبته ان تكون توبته لله عز وجل خالصة لله ناصحة روى ابن جرير في تفسيره باسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه انه قال التوبة النصوح ان يتوب من الذنب ثم لا يعود اليه. التوبة النصوح ان يتوب من الذنب ثم لا يعود اليه والتائب على هذه الصفة صادق في توبته مخلص فيها لان قلبه اقبل على الله اقبالا تاما من فلم يرجع الى سابق عهده فيما وقعه من ذنبه. ثم قال فانه قد تواترت الاحاديث بانه يخرج من النار من قال لا اله الا الله كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة وما يزن خردلة وهي الحبة الصغيرة وما يزن ذرة وتواترت بان كثيرا ممن يقول لا اله الا الله يدخل النار ثم يخرج منها. وتواترت بان الله حرم على النار ان تأكل اثر خلود من ابن ادم فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله وتواترت بانه يحرم على النار من قال لا اله الا الله ومن شهد ان لا لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واراد بما ذكر من الاحاديث التعريف بمنفعة لا اله الا الله انها تخرج من النار وان من يدخلها ممن يدخلها ثم يخرج منها فانه بذنوب اصابها فاخذ بها لرجحان سيئاته بحسنة هذه فكان من اهل النار. او يكون من الخلق من لم يلتزم بلا اله الا الله فهذا كونوا من اهل النار. فالقائلون لا اله الا الله ممن يدخل النار طائفتان فالقائلون لا اله الا الله ممن يدخل النار طائفتان الاولى طائفة اتت بالقول والعمل طائفة اتت بالقول والعمل. الذي تقتضيه شهادة ان لا اله الا الله لكن رجحت سيئاتهم بحسناتهم فدخلوا النار لكن رجحت سيئاتهم بحسناتهم فدخلوا النار. ثم يخرجون منها والطائفة الثانية طائفة تقول لا اله الا الله بلسانها وتكذبها باعمالها طائفة تقول لا اله الا الله بلسانها وتكذبها باعمالها فهؤلاء لا تنفعهم لا اله الا الله لانهم لم يلتزموا ما اقتضته من معنى وما دعت اليه من عمل. ثم قال رحمه الله واكثر من يقولها لا يعرف الاخلاص. واكثر من يقولها انما يقول تقليدا او عادة ولم يخالط الايمان بشاشة قلبه. اي لم يستوي في قلبه كمال اليقين بهذه كلمة فوجد لذتها وحلاوتها ثم قال وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور امثال هؤلاء كما في الحديث سمعت الناس يقولون شيئا فقلته في قول الرجل الفاجر او المنافق او المرتاب اذا سئل عن هذه الكلمة فانه يقول انما قلت انما سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فلن تصدر منه عن يقين واخلاص ثم قال وغالب اعمال هؤلاء انما هو تقليد واقتداء بأمثالهم وهم من اقرب الناس من قوله تعالى انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون وحينئذ فلا منافاة بين الاحاديث ثم بين وجه دفع المنافاة بقوله فانه اذا قالها باخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرا على الذنب فان كمال اخلاصه ويقينه يوجب ان يكون الله احب اليه من كل شيء. فاذا لا يبقى في قلبه ارادة لما حرم الله ولا كراهة لما امر الله وهذا هو الذي يحرم على النار وان كانت له ذنوب قبل ذلك. فان هذا الايمان وهذا الاخلاص وهذه التوبة وهذه المحبة وهذا اليقين لا يتركون له ذنبا الا محي عنه كما يمحو الليل النهار. فاذا قالها على على وجه الكمال المانع من الشرك الاكبر والاصغر فهذا غير مصر على ذنب اصلا. فيغفر له ويحرم على النار وهؤلاء هم اهل التوحيد الكامل جعلنا الله واياكم منهم فان هؤلاء كمل التوحيد في قلوبهم بالاخلاص وهم لا ينفكون عن ذنوب يصيبونها بما كتب الله عز وجل على ابن ادم حظه من الذنب لكنهم لا يصرون عليها فيكون من حسناتهم واعظمها حسنة التوحيد ما يمحو تلك الذنوب عنه فترجح بهم الحسنات واعظمها حسنة التوحيد فيحرمون على النار تحريما ابديا ثم قال وان قالها على وجه خلص به من الشرك الاكبر دون الاصغر ولم يأتي بعدها بما يناقض ذلك فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من فيرجح بها ميزان الحسنات كما في حديث البطاقة فيحرم على النار ولكن تنقص درجته في الجنة بقدر ائذنوا به فمن خلصه الله سبحانه وتعالى من شبكة الشرك الاكبر وان وقع في الاصغر انه يكون هذا الشرك الاصغر في ميزان سيئاته ويقابل ذلك ميزان حسناته فاذا رجحت بسيئاته دخل الجنة وحرم على النار. وان لم يغفر له الشرك الاصغر كما سيأتي بيانه في بابه ثم قال ذاكرا نوعا ثالثا وهذا بخلاف من رجح السيئات بحسناته ومات مصرا على ذلك انه يستوجب النار وان قال لا اله الا الله وخلص بها من الشرك الاكبر لكنه لم يمت على ذلك بل اتى بعد ذلك بسيئات ارجحت على حسن توحيده فانه في حال قولها كان مخلصا لكنه اتى بذنوب اوهنت ذلك التوحيد والاخلاص فاضعفته قويت نار الذنوب حتى احرقت ذلك اي فصار ممن يدخل النار ثم يخرج منها ثم قال بخلاف المخلص المستيقظ فان حسناته لا تكون الا راجحة على سيئاته. ولا يكون مصرا على سيئاته فان مات على ذلك دخل الجنة وان انما يخاف على المخلص ان يأتي بسيئة راجحة فيضعف ايمانه فلا يقولها باخلاص ويقين مانع من جميع ويخشى عليه من الشرك الاكبر والاصغر فان سلم من الاكبر بقي معه من الاصغر فيضيف الى ذلك سيئات تنضم الى هذا الشرك ارجح جانب السيئات فان السيئات تضعف الايمان واليقين ويضعف قول لا اله الا الله فيمتنع الاخلاص بالقلب فيصير يكلم بها كالهادي او النائم او من يحسن صوته باية من القرآن من غير ذوق طعم وحلاوة الى اخر ما ذكر مما فيه بال شؤم الذنوب وانها تثقل بالعبد حتى تمنعه من كمال تحقيق التوحيد فان الامر كما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين انه لا يكاد يكون العبد مدمنا الكبائر او على الصغائر ثم يسلم من الشرك. بل يكون في قلبه من رجاء غير الله وخوف غير الله والتعلق بغير الله عز وجل ما هو معدود من شركه الذي حمله عليه ذنبه الذي ركن اليه وتهاون به بمواقعته فصار من اثاره سلب التوحيد الكامل. وهذا موجب الخوف من الذنوب. فان العبد اخشى على نفسه من ذنبه ان يتايع فيه ويستكثر منه حتى يسلبه توحيده. فان حفظ التوحيد ادنى حصونه ابتعاد العبد عن السيئات. لان العبد اذا حفظ نفسه واحرزها من من السيئات حصنا منيعا بحفظ توحيده. اما الذي يتسايع الى المعاصي ويواقعها ويستكثر منها فانه ربما كرع من نتنها ومستنقعها حتى حيل بينه وبين لا اله الا الله بسبب ذنوبه وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في جواب الكافي اخبارا تشيب لها مفارق الصادقين من احوال اناس لما خاتمتهم فاريد على قول لا اله الا الله حيل بينها حيل بينهم وبينها فذكر ان رجلا كان مسرفا على نفسه لما لقن لا اله الا الله عند موته قال اني اجدها على لساني اثقل من الجبال فهذا الرجل انما حبس لسانه عن لا اله الا الله وثقل عنه لان ذنوبه قيدت قلبه والقلب اللسان وانما يغرف اللسان مما في القلب. فلما كان القلب اسودا مربادا كالكوز مجخيا بالخطايا والعظائم والموبقات المهلكات ثقل عليه ان يجري عليه لا اله الا الله وربما خرج العبد من الاسلام بهذه المعاصي فان المعاصي تفضي الى الشرك. واعظم من ذلك البدع فانها بريد الكفر فانها تخطف الناس بحبائل ابليس حتى توصلهم الى الوقوع في الكفر. ومن وعى هذا خاف على نفسه ان تثور عليه كمائنها فتحول بينه وبين كمال الوصول الى الله سبحانه وتعالى قال ابن القيم رحمه الله تعالى واحذر كمال نفسك اللاتي متى خرجت عليك كسرت كسرا وفي اخبار سفيان الثوري انه لما ركب جمله يقصد الحج بكى بكاء عظيما فقال له صاحبه ابن ابي رواد يا ابا عبد الله اتخشى ذنوبك؟ فاخذ قطعة من هشيم الارض كانت على ظهر بعير فقال والله لذنوبي اهون علي من هذا ولكني اخشى ان اسلب التوحيد يعني اخاف ان اسلب توحيد الله سبحانه وتعالى وقد ذكر في اخبار بعض من مضى ممن زين له الشيطان اتباع الشيوعيين انه ركب رأسه وتمادى في هذا المذهب وامن به وادعى اليه ودعا اليه ونافح عنه حتى اذا حضره الموت جاءه بعض قرابته عله يظفر منه بكلمة يرده بها الى الاسلام فجاءه ووعظه ونصحه ومد اليه مصحفا عسى ان يقرأه فيرعوي ويرجع الى الدين ويموت على التوحيد فقال ذلك المحروم المخذول اني كافر بما في هذا الكتاب ومات على هذه الكلمة وهذا الرجل انما افضى به الى هذه الحال الذنوب التي لمعت بين عينيه من الدعاوى الفاسدة ثم اخذت بقلبه وقرع في نتني الشيوعية وشرب من كأسها فخرج من توحيد الله سبحانه وتعالى. فيخاف العبد على فيخاف العبد على نفسه ان يكون له من الذنوب ما يدمنه ويصر عليه فيتمكن من قلبه ثم ينأى به عن جادة التوحيد والسنة حتى يخرجه منها فيضعف في قلبه توحيد الله واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم ثم يزيده في الشر رتبة فينخلع من دين الاسلام. في الحالة التي صار عليها بعض شبيبة المسلمين في هذه الازمنة نظير ما كان قبل عقود من الحادهم وكفرهم بالله سبحانه وتعالى. فان هؤلاء انبهروا بما عليه الكفار واغتروا بظاهر الحياة الدنيا واعجبوا به فنظروا الى دين الله سبحانه وتعالى بعين المغط والنقص واستولت عليهم ذنوبهم واهوائهم فخرجوا من دين الاسلام فليخشى المرء على نفسه ان يصاب بهذه الابدة العظيمة والداهية المدهية ولا يظن المرء انه اذا اطلق لحيته وقصر ثوبه او انه في امان من ذلك بل لا يزال الشيطان يطلب للمرء حبالة يوقعه فيها ولا يسلك العبد طريق خير الا كان الشيطان بين يديه ينصب له الحبائل ويطلب له ما يجره به الى مهلكة من المهالك. فلا يزال العبد شاهدا بقلبه الجهاد في امر الله سبحانه وتعالى. قال الله الا والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فاحدنا يحتاج الى جهاد في مدخله وجهاد في مخرجه وجهاد في مقعده وجهاد في قيامه وجهاد مع نفسه وجهاد مع زوجه وجهاد مع ولده وجهاد مع معلمه وجهاد مع متعلمه وجهاد مع اميره وجهاد مع سائر الناس فلا تزال حياته مقلبة بين انواع كثيرة من افراد الجهاد فهو في كل لحظة مفتقر الى عون الله عز وجل وهدايته. ولهذا صار من اعظم دعائه قوله في كل صلاة اهدنا الصراط المستقيم فانه مفتقر الى هذه الهداية في كل تحريكة وكل تسكينة. نسأله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم من الهادين المهتدين وان يحفظ علينا ديننا واسلامنا وسنتنا. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى اثرين عن الحسن البصري وبكر بن عبدالله المزني في التنويه العمل في الايمان فقال قال الحسن ليس الايمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب ما وقر في القلوب وصدق الاعمال فمن قال فمن قال خيرا وعمل خيرا قبل منه ومن قال خيرا وعمل شراء لم يقبل منه. وهذا اثر صحيح عن الحسن يروى عنه من غير وجه ومعنى قوله ليس الايمان بالتحلي ولا بالتمني اي ليس الايمان ثابتا للعبد بما يظهره من حلية الظاهرة اي ليس الايمان ثابتا للعبد بما يظهره من الحلية الظاهرة. ولا بما يدعيه من الاقوال الجارية ولا بما يدعيه من الاقوال الجارية. بل حقيقة الايمان ما رسخ في قلبه من التصديق الجاد وصدقته الاعمال على جوارحه واركانه قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد في معنى هذا الاثر في كتاب الايمان الكبير قال ليس هو ما يظهر من القول ولا من الحلية الظاهرة ليس هو ما يظهر من القول ولا من الحلية الظاهرة ولكن ما وقر في القلب وصدقته الاعمال. ولكن ما وقر في القلب وصدقته اعمال انتهى كلامه ثم اتبعه باثر عن بكر ابن عبد الله المزني انه قال ما سبقهم ابو بكر رضي الله عنه بكثرة قيام ولا صلاة ولكن بشيء وقر في قلبه. رواه الامام احمد في فضائل الصحابة وغيره واسناده صحيح وهذا الاثر معروف عن بكر ابن عبد الله وكان بعض علمائنا يذكره عن ابي بكر ابن عياش وهو مشهور عند علماء نجد عن ابي بكر ابن عياش وهم مقتدون في ذلك بنسبة ابي العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم هذا الاثر اليه فانه وقع في كلام تيمية وابن القيم نسبة هذا الاثر الى ابي بكر ابن عياش ثم تبعهما من تبعهما من علماء بلادنا واظنه وهما منهما رحمهما الله تعالى فانه لا يوجد مرويا صورة الا عن بكر ابن عبد الله المزني فتتابع في السهو وتبعهما من تبعهما. ومن ملح الافادات فائدة عظيمة توجد في غير مظنتها في تفسير هذا الاثر. ذكرها ابو الفرج ابن رجب في كتاب جامع الفوائد في كتاب جامع العلوم والحكم فانه ذكر هذا القول عن بكر ابن عبد الله المزني ثم قال قال اسماعيل ابن علية قال اسماعيل ابن علية الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل والنصيحة في خلقه فبكر بن عبدالله المزني اراد الاشادة بمقام ابي بكر وان سبق ابي بكر لم يكن بالاعمال الظاهرة فقط بل بالاعمال الظاهرة مع اليقين الكامل الذي كان في قلبه. وهذا المعنى هو الذي اوضح او ابن علية في قوله الذي كان في قلبه الحب لله والنصيحة لخلقه. فكان قلبه منطويا على اعظم ما يكون لله واعظم ما يكون لخلقه. فاعظم ما يكون لله هو حبه. لان حب الله عز وجل هو اصل عبادته فان اصل كل حركة في الوجود الحب والارادة. ذكره ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والعبادة دائرة على ثلاثة اركان هي الحب والخوف والرجاء والعبادة دائرة على ثلاثة اركان هي الحب والخوف والرجاء. والحب هو مقدمها وبلا حب لا تكون عبادة ده وهذه الاركان للقلب بمنزلة الرأس والجناحين للطائر بل حب الرأس والخوف والرجاء جناحان. فالحب الرأس والخوف والرجاء جناحان. ذكره ابو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى ثم قال ابو العباس ابن تيمية في تتميم كلامه فمن قال لا اله الا الله ولم يقم بموجبها بل اكتسب مع ذلك ذنوبا وكان صادقا في قولها موقنا بها لكن ذنوبه اضعفت صدقه ويقينه وانضاف الى ذلك الشرك الاصغر العملي رجحت هذه السيئات على هذه الحسنة ومات مصرا على الذنوب بخلاف من يقولها بيقين وصدق فانه اما الا يكون مصرا على سيئة اصلا او يكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته ثم قال والذين يدخلون النار ممن يقولها اما انهم لم يقولوها بالصدق واليقين التامين المنافيين للسيئات او برجحانها او قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم. ثم ضعف لذلك صدقهم ويقينهم. ثم لم يقولوها بعد ذلك صدق ويقين وتام لان الذنوب قد اضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى على محو السيئات فترجح على حسناتهم انتهى ملخصا اي من كلامه وهو قول جامع في التأليف بين الاحاديث التي جاء فيها ان لا اله الا الله تنفع اهلها وبين الاحاديث التي جاء فيها ان من اهل لا اله الا الله من يدخل النار. ثم قال وقد ذكر هذا كثير من العلماء ابن القيم وابن رجب وغيرهم ثم قال المصنف قلت وبما قرره شيخ الاسلام رحمه الله تجتمع الاحاديث واعمال الكلام كله اولى من لبعضه وترك بعضه ومن المقاصد العظمى فيما يتوهم تعاضده من الادلة ان يعمد الناظر فيها الى التأليف والجمع بينها كالذي سلف من ابي العباس ابن تيمية. ثم قال قال يعني الشارع وفي الحديث وهو الشيخ سليمان وفي الحديث دليل على انه لا يكفي الايمان لا يكفي في الايمان النطق من غير اعتقاد لانه ذكر الشهادة والشهادة تكون منتظما يكون منتظما فيها علمه ويقينه مع تكلمه واعلامه على ما تقدم في دوران الشهادة على اربعة اصول ذكرناها في درس فجر هذا اليوم عن ابي عبد الله ابن في مدارج السالكين ثم قال وفيه تحريم النار على اهل التوحيد الكامل وتحريم التوحيد اهله على النار نوعان وتحريم التوحيد اهله على النار نوعان احدهما تحريم دخول تحريم دخول وهو في حق من كمل توحيده وهو في حق من كمل توحيده ولم يكن مصرا على ذنب او كانت له ذنوب رجحت حسناته بها او كان له ذنوب رجحت حسناته بها. والاخر تحريم خلود تحريم خلود وهو حظ من مات على التوحيد وكانت له ذنوب اوجبت دخوله النار وهو حظ من مات على التوحيد وكانت له ذنوب اوجبت دخوله النار فيدخلها ثم يخرج منها ثم قال وفيه ان العمل لا ينفع الا اذا كان خالصا لله تعالى لان من شروط قبول العمل ان يكون خالصا لله عز وجل والخالص من العمل هو المقرون بالاخلاص والخالص من العمل هو المقرون بالاخلاص وتقدم ان الاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله ثم ختم المصنف رحمه الله تعالى هذه ختم هذا البيان في شرح هذا الحديث بتنبيه نقله عن القطبي في تذكرته انه قال قوله في الحديث من ايمان اي اخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان اي من اعمال الايمان التي هي من اعمال الجوارح. فيكون فيه دي لا دلالة على ان الاعمال الصالحة من الايمان فالعمل الصالح فرض من الافراد المندرجة في الايمان فلا ايمان بلا عمل. فان العمل عند اهل السنة ينطوي على غد وقول وعمل والعطب بين الايمان والعمل هو من باب عطف اختلاف الصفات لا اختلاف الجواب كقوله تعالى ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات فليس العمل الصالح خارجا عن حقيقة الايمان بحيث تكون الذوات متغايرة وانما هذا لاجل اختلاف الصفات. فان الاصل في صفة الايمان ان اصله تصديقا باطنا. والاصل في العمل ان يكون ظاهرا بالجوارح والاركان. ثم قال بعد والدليل على لانه اراد بالايمان ما قلناه اي من وجود التصديق والاقرار والعمل. ولم يرد مجرد الايمان الذي هو التوحيد ونفي الشركاء والاخلاص بقول لا اله الا الله اي دون عمل لما في الحديث نفسه من قوله اخرجوه. فقوله اخرجوا جاء فيه اخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان وهو موجه لمن بقي من اهل النار مميزا باثر الصلاة وهي عمل وشعار للمؤمنين. ثم بعد ذلك يقبض سبحانه قبضة قوما لم يعملوا خيرا قط. يريد بذلك الا التوحيد المجرد من الاعمال وقوله الا التوحيد المجرد من الاعمال المراد بذلك التوحيد المتضمن قدرا زائدا من العمل الصالح لا التوحيد الفارغ من العمل. فان العبد لا يكون موحدا الا بعمل فان العبد لا يكون موحدا الا بعمل وهذه الجملة من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي سعيد الخدري فيخرج قوما لم يعملوا خيرا قط مما اشكلت عند اهل العلم للادلة الظاهرة من القرآن والسنة واجماع السلف على ان العمل من جملة الايمان تقريره في شرح اصول الايمان من كتاب الابانة الكبرى لابن بطة والمتحصل من ادمان النظر وازالة الفكر في هذه الجملة؟ الجواب عنها من ستة وجوه الجواب عنها من ستة وجوه احدها ان عمل الخير المنفي ان عمل الخير المنفي هو العمل الزائد عما ثبت به ايمانهم هو العمل الزائد عما ثبت به ايمانهم اذ لا بد من حظ من العمل يتحقق به الايمان اذ لا بد من حظ من العمل يتحقق به من الايمان وهذا المعنى غير مستبعد غير مستبعدة ارادته وهذا المعنى غير مستبعدة ارادته حملا على الادلة الاخرى لانه يقطع ها هنا بانه في قوله لم يعملوا خيرا قط بامتناع تجويز كونهم مشركين بامتناع تجويد كونهم مشركين فلا يمكن ان يقول احد عرف التوحيد وادلته ان هؤلاء الذين يخرجون ولم يعملوا عملا وخيرا قط انهم قوم يكون وهذا النفي يمكن ان يكون مرادا في قوله لم يعملوا خيرا قط فان المشرك لم يعمل خيرا قط فكل ما له من عمل يجازى به في الدنيا لكن اهل العلم مجمعون ان هذا الحديث في الموحدين. فاذا جاز اثبات شرط الاسلام لهم كان من جملة ما يثبت معه اثبات قدر من العمل تبعا للادلة الاخرى. والثاني ان يكون معنى قوله لم يعملوا خيرا قط اي على وجه الكمال والتمام اي على وجه التمام والكمال بل عملوا بل عملوا عملا ناقصا بل عملوا عملا ناقصا والعرب تجوز نفي الشيء اذا لم يكمل. والعرب تجوز نفي الشيء اذا لم يكمل كقوله في حديث الرجل الذي لم يحسن صلاته ارجع فصلي فانك ايش لم تصلي ارجع فصلي فانك لم تصلي مع كونه ادى الصلاة لكنها لما كانت ناقصة نفاها واختار هذا ابو بكر ابن خزيمة في التوحيد وابن عبدالبر في استبشار واختار هذا ابو بكر ابن خزيمة في التوحيد وابو عمر ابن عبد البر في الاستذكار وثالثها ان هؤلاء كان لهم عمل من الصالحات ان هؤلاء كان لهم عمل من الصالحات واذهبته سيئاتهم واذهبته سيئاتهم فكأنهم لم يعملوا ان هؤلاء لهم عمل من الصالحات اذهبته سيئاتهم اي تسلطت عليه هذه السيئات فازالته واذهبته عند المحاسبة فكأنهم لم يعملوا خيرا قط ورابعها ان هذا الحديث يتعلق لباب القدر في الجزاء ان هذا الحديث يتعلق بباب القدر في الجزاء فانه خبر عن جزاء قدره الله لبعض خلقه فانه خبر عن جزاء قدره الله ببعض خلقه. وخبر الشرع ان الايمان لابد فيه من عمل وخبر الشرع ان الايمان لابد فيه من عمل وخبر الشرع مقدم على موجب القدر وخبر الشرع مقدم على موجب القدر وخامسها جواز ان يكون الحديث في حق من لم يكن من هذه الامة جواز ان يكون هذا الحديث في حق من لم يكن من هذه الامة. اما هذه الامة فانها مضطرة في تصحيح ايمانها الى وجود العمل. اما هذه الامة فانها مضطرة في تصحيح ايمانها الى وجود العمل وسادسها ان الحديث في حق من له عذر يمنعه ان الحديث في حق من له عذر يمنعه وهذا هو المشهور عند مشايخنا وهذا هو المشهور عند مشايخنا كابن عثيمين رحمه الله وابن فوزان رحمه الله وحفظه الله وامد في عمره لكنهما اختلفا في تعيين العذر المانع من العمل فاختار ابن عثيمين رحمه الله ان العذر المانع من العمل هو عدم معرفة العبد به ان العذر المانع من العمل هو عدم معرفة العبد به وهي الحال التي يكون عليها الناس اذا درس الاسلام ولم يبقى الا لا اله الا الله كما في حديث حذيفة واختار الشيخ صالح بن فوزان ان المانع هو عدم تمكن العبد من العمل ان المانع هو عدم تمكن العبد من العمل فيكون ناطقا بالشهادة بصدق لكن لم يتمكن من العمل احترام المنية له بالموت والقتل وهذه الوجوه الستة من انفع ما سمعت في هذا المجلس لشدة الحاجة اليها. فاحرص على وعيها وادراكها واعلم ان مثل هذه المسائل من المسائل التي لا ينبغي لمن لم ترسخ قدمه في العلم ان يترشح للقطع فيها والكلام دون ملاحظة قول اهل السنة والجماعة ورد ذلك الى اصولهم فان كون العمل من الايمان اصل عظيم عند اهل السنة والجماعة ودواوين الاعتقاد المسندة مليئة بتقرير هذا العصر فما اشكل عليه وجب رده الى المحكم في الباب. ومن لم يعقل معناه وجب عليه ان يرده الى العلماء منهم وما يجري على قواعد اهل السنة واصولهم وهي الاوجه الستة التي ذكرتها لك. والمتكلمون في هذه المسألة ليسوا على حد ان سواء فمنهم طائفة زائغة تتبع المتشابه وهؤلاء هم الذين قصدهم شيخنا ابن فوزان في مسائل الايمان فاغلى القوم وان هؤلاء زائغون يتبعون المتشابه وطائفة اخرى مجتهدة تريد الحق من اهل السنة والجماعة فتكلم بما تكلموا به واذا اردت السلامة فعليك بغز العلماء والزم طريقة العلماء الراسخين واذا اختلفوا عليك بجمهورهم وسوادهم وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته باذن الله بعد صلاة المغرب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين