السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا حمدا والشكر له تواليا وتترا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم بكرة واصيلا وعلى اله وصحبه ومن اتخذه اماما ودليلا اما بعد فهذا المجلس الرابع عشر بشرح الكتاب الاول من برنامج الكتاب الواحد وهو كتاب فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد اجعل لامة عبد الرحمن ابن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب التميمي رحمه الله وقد انتهى بنا البيان الى قوله باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه تاريخه وللمسلمين يا رب العالمين. قال المصنف رحمه الله تعالى باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله اراد المصنف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة وما سيق بعدها من الآيات من حديث ان يزيد هذا المقام بيانا وايضاحا والا فقد تقدم في الايات والاحاديث ما يفسر لا اله الا الله. وما دلت عليه من التوحيد ونفي الشرك والتنديد. قلت هذا من عطف الدال على المدلول. فان قيل قد تقدم في اول الكتاب من الايات ما يبينه على لا اله الا الله ما تظمنته من التوحيد كقوله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وسابقها ولاحقها وكذلك ما ذكره في الابواب بعدها فما فائدة هذه الترجمة؟ قيل هذه الايات المذكورات في هذا الباب فيها مزيد بيان بخصوصها لمعنى كلمة الاخلاط وما دلت عليه من توحيد العبادة وفيها الحجة على من تعلق على الانبياء والصالحين يدعوهم ويسألهم لان فهو سبب نزول بعض هذه الآيات كالآية الأولى. اكثر المفسرين على انها نزلت في ان يعبدوا المسيح وامه والعزير والملائكة. وقد نهى الله عن ذلك اشد النهي كما في هذه الآية من التهديد والوعيد على ذلك وهذا يدل على ان دعوته من دون الله شرك بالله ينافي التوحيد وينافي شهادة ان لا اله الا الله. ومضمون هذه الكلمة نفي الشرك في العبادة والبراءة من عبادة كل ما عبد من دون الله. فان التوحيد الا يدعى الا الله وحده. وكلمة الاخلاص نفت هذا الشرك لان دعوة غير الله تأله ابن عبادة له. والدعاء مخ العبادة. وفي هذه الآية ان المدعو لا يملك لداعيه كشف ضر ولا لا تحمله من مكان الى مكان ولا من صفة الى صفة. ولو كان المدعو نبيا او ملكا. وهذا يقرر بطلان دعوة كل مدعو المهم من دون الله كائنا من كان. لان دعوته تكون داعيه احوج ما كان اليها. لانه اشرك مع الله من لا ينفعه ولا يضره وهذه الاية تقرر التوحيد ومعنى لا اله الا الله. وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون بين ربهم الوسيلة ايهم اقرب يبين انها لا سبيل الانبياء والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين. قال قتادة تقربوا اليه بطاعته والعمل فيما يرضيه وقرأ ابن زيد اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب. قال العماد ابن كثير رحمه الله وهذا لا خلاف فيه بين المفسرين. وذكرهم عن عدة من ائمة التفسير. قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى هذه الاية ذكر المقامات الثلاث الحب وهو ابتغاء القرب اليه والتوسل اليه بالاعمال الصالحة والرجاء والخوف وهذا هو التوحيد وهو حقيقة دين الاسلام كما في مسند عن بهزي ابن حكيم عن ابيه عن جده انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم والله يا رسول الله ما اتيتك الا بعد ما حلفت عدد اصابعي هذه الا آتيك فبالذي بعثك بالحق ما بعثك به الاسلام قال وما الاسلام؟ قال ان تسلم قلبك وان توجه وجهك الى الله وان تصلي الصلوات المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة واخرج محمد ابن نصر من حديث خالد ابن معدن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للاسلام صوا ومنارا كمنار الطريق. من ذلك ان تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا معنى قوله تعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن وقوله تعالى ان البراء مما تعبدون الا الذي فقرني فانه سيهدين. وجعلها كلمة ما باقيتان اي لا اله الا الله فتدبر كيف عبر الخليل عليه السلام عن هذه الكلمة العظيمة بمعناها الذي دلت عليه ووضعت له من البراءة من كل ما يعبد من دون الله من المعبودات الموجودة في الخارج كالكواكب والهياكل والاصنام التي طورها قوم نوح على صور الصالحين والدين وسواع ويغوث ويعوق ونثر وغيرها من الاوثان والانداد التي كان يعبدها المشركون باعيادها. ولم يستثني من جميع الا الذي فطره وهو الله وحده لا شريك له. فهذا هو الذي دلت عليه كلمة الاخلاص مطابقة كما قال الله تعالى ذلك بان الله هو الحق وانما دونه هو بالباطل. فكل عبادة يقصد بها غير الله من دعاء فهي باطلة وهي الشرك الذي لا يغفره الله تعالى. قال تعالى ثم قيل لهم اينما كنتم تشركون من دون لله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا. كذلك يضل الله الكافرين. وقوله الا اتخذوا احبارهم لربانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم. وفي الحديث الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية على عهدهم حاتم الطائي فقال يا رسول الله لسنا نعبدهم قال صلى الله عليه وسلم ويحرمون ما احل الله فتحرمونه. قال بلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم الطاعة في المعصية عبادة لغير الله وبها اتخذوا مربابا. كما هو الواقع في هذه الامة. وهذا من الشرك الاكبر المنافي للتوحيد الذي هو مدلول شهادة ان لا اله الا الله فتبين بهذه الاية ان كلمة الاخلاص نفت هذا كله لمنافاته لمدن هذه الكلمة. فاثبتوا ما نفته من الشرك وتركوا ما اثبتته من التوحيد. وقوله تعالى بالله فكل من اتخذ ندا لله يدعو من دون الله ويرغب اليه ويرجوه لما يؤمله منه من قضاء حاجاته وتفريج كرباته عن عباد القبور والطواغيت والاصنام فلا بد ان يعظموهم ويحبوهم لذلك فانهم احبوهم مع الله. وان كانوا يحبون الله تعالى ويقولون لا اله الا الله ويصلون ويصومون. فقد اشركوا بالله في المحبة بمحبة غيره وعبادة غيره فاتخاذهم الانداد يحبونهم كحب الله يبطل كل قول يقولونه وكل عمل يعملونه. لان المشرك لا يقبل له عمل ولا يصح منه هؤلاء وان قالوا لا اله الا الله فقد تركوا كل قيد قيدت به هذه الكلمة العظيمة. من العلم بمدلولها لان المشرك جاهل بمعنى ومن جهله بمعناها جعل لله شريكا في المحبة وغيرها وهذا هو الجهل المنافي للعلم بما دلت عليه من الاخلاص. ولم يكن صادقا في قولها لانه لم ينفي ما نفته من الشرك ولم يثبت ما اثبتته من الاخلاص. وترك اليقين ايضا لانه لو عرف بمعناها وما دلت عليه لانكره شك فيه ولم يقبل هو هو الحق. ولم يكفر بما يعبد من دون الله كما في الحديث بل امن بما يعبد من دون الله باتخاذه الند ومحبته له وعباده اياه من دون الله. كما قال الله تعالى والذين امنوا اشد حبا لله. لانهم اخلصوا لهم الحب فلم يحبوا الا يحبون من احب ويخلصون اعمالهم جميعا لله. ويكفرون بما عبد من دونه. فبهذا يتبين لمن وفقه الله تعالى لمعرفة الحق وقبوله دلالة هذه الآيات العظيمة على معنى شهادة ان لا اله الا الله. وما نفته من الشرك والمحبة احبتي مع الله كما هو الواقع من عباد القبور واخلاص المحبة وغيرها من انواع العبادة. وعلى التوحيد الذي هو معناها وهو الذي اليه جميع المرسلين فتدبر بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها اما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله في الصفحة الخامسة والاربعين بعد المئتين ان للاسلام طوى الصوى هي الاعلام الموصوبة من الحجارة هي الاعلام المنصوبة من الحجارة في الصحراء واحدها قوة كقوة وحيدتها قوة كقوة ينصبها الناس على ما يقصدون العناية به ينصبها الناس على ما يقصدون العناية به ليتميز بالاشارة الى جادة ينبغي سلوكها بالاشارة الى جادة ينبغي سلوكها او ميت مدفون او ميت مدفون لحفظ كرامته من الامتهان لحفظ كرامته من الامتهان بمشي او جلوس وقوله ومنارا يا منار الطريق اي علامة كعلامات الطريق الدالة عليه الهدية اليه ونظيره في زماننا اللوحات الارشادية للطرق وقوله في الصفحة الثالثة والاربعين بعد الميتين الفواكه والهياكل الهياكل بيوت العبادة الهياكل بيوت العبادة مما كان عند الامم السابقة مما كان عند الامم السابقة من اهل الكتاب وغيرهم من اهل الكتاب وغيرهم فالديرة والبيع يسمى هياكل الاديرة والبيع تسمى هياكل واماكن العبادة عند الوتينيين واماكن العبادة عند الوثنيين تسمى هياكل عظام يسمى ايا كلا ايضا واما الجهة الثانية وهي نظموا ثياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين من طوعى تحت ترجمة هذا الباب الذي عقده جده لقوله باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله مستفتحا بيانه بقوله اراد المصنف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة وما سبق بعدها من الايات والاحاديث ان يزيد هذا المقام بيانا وايضاحا والا فقد تقدم في الايات والاحاديث ما يفسر لا اله الا الله. وما دلت عليه من التوحيد ونفي الشرك معربا عن موقع هذه الترجمة من كتاب التوحيد موضحا ان الحامل للمصنف رحمه الله تعالى في عقدها وادراجها في جملة كتاب التوحيد هو زيادة هذا المقام وهو مقام تأييد التوحيد وابطال التنديد بيانا وايضاحا ومناسبات تراجم كتاب التوحيد نوعان ومناسبات تراجم كتاب التوحيد نوعان احدهما مناسبة ترجمة فيه لايرادها الكتاب مناسبة ترجمة منه لايرادها في الكتاب والاخر مناسبة ترجمة لما قبلها مناسبة ترجمة لما قبلها فمريد الابانة عن مناسبات التراجم ينبغي ان يرعى هذا وذاك. والمصنف رحمه الله تعالى طورا اعمل هذا وطورا اخر اعمل ذاك فانه في الباب السابق افتتح بيانه بذكر مناسبة ترجمة باب الدعاء الى شهادة ان لا اله الا الله بالنسبة الى الابواب التي قبله فذكر ان موجب ذكره بعد ما تقدمه ان المصنف رحمه الله لما بين حكم التوحيد وفضله وخوف مما يناقضه وينافيه وهو الشرك ارشد الى ان الكمال الا يقتصر العبد على ما ينتهي اليه من علم ذلك بل ينبغي ان يقوم به داعيا الى الحق مرشدا للخلق وفي هذه وفي هذا الموضع بين مناسبة هذه الترجمة باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله بالنسبة الى كتاب التوحيد وكشف عن موجب ادخالها في جملة تراجمه فهو يعمل احد مولدي مناسبات التراجم مرة ويعمل الاخر مرة اخرى في موضع دال فمن اراد ان يستوفي البيان بمناسبات تراجم التوحيد فحقيق به ان يرعى هذا وذاك فانه اكمل بالكشف عن مقاصد هذا الكتاب وابين في الارشاد لمن تظم فيه من نصر التوحيد وعزره والارشاد اليه وكبت الشرك وابطاله والتحليل منه ثم قال المصنف رحمه الله تعالى قلت هذا من عصر الدال على المدلول مبينا نوع العطف الواقع بين قوله تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله فالمدلول هو التوحيد والدال هو شهادة ان لا اله الا الله فانها تدل عليه وترفد اليه. فاذا ذكرت شهادة ان لا اله الا الله كانت دالة دلالة مطابقة على التوحيد فان حقيقة التوحيد كما تقدم افراد الله بحقه وشهادة ان لا اله الا الله يتبطنها نفي واثبات. فالنفي نفي جميع الالهة غير الله سبحانه وتعالى والاثبات اثبات العبادة لله وحده. وهذا مطابق لما فتقرب من ان التوحيد هو افراد الله بحقه. واعظم حقه حقه في الوهيته وبين المصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين وجه عطف الدال على المدلول قريبا مما ذكرنا فقال رحمه الله تعالى وقوله وشهادة ان لا اله الا الله من عطف الدال على المدلول. لان ان التوحيد هو معنى هذه الكلمة العظيمة وذلك يتبين بما ساقه من الاحاديث والايات بما فيها من زيادة البيان وكشف ما اشكل من ذلك واقامة الحجة على من غالط في معنى لا اله الا الله من اهل الجهل والالحاد انتهى كلامه فالمراد بالتوحيد المبتغى تفسيره هو توحيد العبادة فقال في قوله التوحيد عهدية تختص بنوع هو اجل انواعه وهو توحيد العبادة فتقدير الكلام باب تفسير توحيد العبادة وشهادة ان لا اله الا الله لان توحيد العبادة هو المقصود بالذات في تصنيف الكتاب لان توحيد العبادة هو المقصود بالذات في تصنيف الكتاب افاده ابن قاسم العاصمي في حاشيته ثم قال المصنف رحمه الله تعالى سائقا ايرادا فان قيل قد تقدم في اول الكتاب من الايات ما يبين معنى لا اله الا الله. وما تضمنته من التوحيد لقوله تعالى وقضى ربك الا تعبدوا الا الاية وسابقها ولاحقها وكذلك ما ذكره في الابواب بعده فما فائدة هذه الترجمة اي شيء تزيده هذه الترجمة؟ لم يأتي فيما سبق من الكتاب ثم اجاب عنه بقوله قيل هذه الايات المذكورة في هذا الباب فيها مزيد بيان بخصوصها. بمعنى كلمة قيمة الاخلاص وما دلت عليه من توحيد العبادة. وفيها الحجة على من تعلق على الانبياء والصالحين يدعوهم ويسألهم ففائدة هذه الترجمة من جهتين الجهة الاولى زيادة البيان لتقوية الايقان في ايضاح توحيد العبادة زيادة البيان بتقوية الايخان في توضيح العبادة ففي الايات المذكورات في الباب مزيد ايضاح لمعنى كلمة التوحيد وما دلت عليه من افراد الله سبحانه وتعالى وهذا المقام مما يزيده التكرار بيانا وهذا المقام وهو مقام التوحيد مما يزيده التكرار بيانا فيحتاج الى اعادة البيان تقوية لاظهار الحق وكشفه فيحتاج الى اعادة البيان تقوية لاظهار التوحيد وكشفه ذكره ابو العباس ابن تيمية الحفيد في كلام له وهو مأخذ شرعي معتد به فان الله سبحانه وتعالى فرض علينا الصلاة وركنها الاعظم قراءة الفاتحة وهي من سور التوحيد البينة في القرآن الكريم. وفرضها في الصلاة بان يقرأها المسلم في كل ركعة يؤديها في صلاته تقرير لهذا المعنى وان العبد يعيد على نفسه مرة بعد مرة بيان توحيد الله عز وجل لتألفه نفسه ويطمئن به قلبه فيشبع قلبه محبة التوحيد وامتثال به اما الغفلة عن ذلك وترك تكراره ومنافرة ذلك والاشتغال بما دونه من العلوم فانه يحدث بالنفس غفلة عن التوحيد وقلة مبالاة به. فلا يعرف قدر التوحيد وما يخدش فيه الا من قوي الفه له واستحكمت معرفته في قلبه. ومن الطرائق المؤدية الى استحكام تلك المعرفة. تكرار معانيه مرة بعد مرة وهذا هو الذي قصده المصنف بهذه الترجمة ولم يزل المصنف رحمه الله تعالى يبدي في ذلك ويعيد ويرد الاخر على الاول حتى صار والكتاب اخذا بعضه برقاب بعض في بيان توحيد الله عز وجل واشق شيء يدل على دقة نظره في الاعتداد بهذا الاصل انه جعل اول ترجمة في الكتاب مبينة موجب وجود التوحيد وجعل اخر ترجمة فيه مبينة موجب زوال التوحيد. فالترجمة الاولى فيها بيان موجب التوحيد وهو موجب وجود التوحيد وهو قوله واجبا. والترجمة الاخيرة وهي باب قول الله تعالى وما قدروا الله حق قدره مبينة موجب ذهاب التوحيد وهو عدم تقدير الله عز عز وجل وترك اجلاله واعظامه. والامر الثاني ان هؤلاء الايات فيها الحجة القاطعة على من تعلق على الانبياء والصالحين يدعوهم ويسألهم ففيها مأخذ اخر في نصرة التوحيد فوق المتقدم من البيان وهو تعيين الرد والابطال للمقالات العاطلة فيما يخالف توحيد الله عز وجل من الشرك المتمثل في التعلق بالانبياء والصالحين بدعوتهم وسؤالهم من دون الله سبحانه وتعالى ثم استطرد المصنف رحمه الله تعالى في تبيين كيفية اقامة الحجة من هؤلاء الايات المذكورة في الباب فقال لان ذلك هو سبب نزول بعض هذه الايات كالاية الاولى قل ادعوا الذين قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فوقوعها في مساق سبب يتعلق وبالغاية المذكورة قوا ايرادها في هذا الباب تحقيقا لاقامة الحجة وايضاح حجة في ابطال التنديد ونقضي ما ينافي التوحيد. ثم قال فاكثر المفسرين كما في نسخة من الكتاب هي امثل واظهر فاثبات الفاء اقوى. فاكثر المفسرين على انها نزلت في من يعبد المسيح وامه والعزير والملائكة وقد نهى الله عن ذلك اشد النهي كما في هذه الاية من التهديد والوعيد على لان الله سبحانه وتعالى قال لهم قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الظر عنكم ولا وتهويل مهددا متوعدا بيان مبينا عز اولئك المدعوين ان يجيبوهم فيما يسألونهم فيه من كشف الضر وتحويله. ثم قال وهذا يدل على ان دعوتهم من دون الله شرك ينافي التوحيد وينافي شهادة ان لا اله الا الله فان الزعم يطلق وغالبا على ما يبطل فان الزعم يطلق غالبا على ما يبطل وربما اطلق على مجرد القول فيقال زعم فلان اي قال فلان ويغلب ذكره لارادة ابطال القول المجيد معه ثم قال المصنف ومضمون هذه الكلمة نفي الشرك في العبادة والبراءة من عبادة كل ما عبد من دون الله. اي مضمون كلمة التوحيد لا اله الا الله نفي الشرك في العبادة والبراءة من عبادة كل ما عبد من دون الله. لان نسقها لا اله الا الله صدره ابطال الالهية عن جميع المعبودات سوى ربنا عز وجل وهو والله فلا اله الا الله تدل دلالة تضمن على نفي الشرك في العبادة والبركة من عبادة غير الله عز وجل. ثم قال المصنف فان التوحيد الا يدعى الا الله وحده فلا يكون العبد موحدا اذا دعا غير الله عز وجل ولو زعم انه يدعو الله عز وجل معه فان التوحيد حق محض خالص لله لا يقبل الشرك. فاذا دخلته الشركة سقط كونه لله سبحانه وتعالى وقوله في هذه الاية ونظائرها من دونه له موقعان عند اهل العلم بالتفسير له موقعان عند اهل العلم بالتفسير احدهما ان قوله احدهما ان قوله من دونه معناه مع الله ان قوله من دونه معناه مع الله فتصير الاية قل ادعوا الذين زعمتم مع الله فيكونون داعين الله عز وجل وغيره فيكونون داعين الله عز وجل وغيرهم والاخر ان موقع من دونه على معنى غير الله على معنى غير الله فيكون تقدير الكلام ويدعو الذين زعمتم غير الله قل ادعوا الذين زعمتم غير الله فيكونون داعين غير الله وحده. فيكونون داعين غير الله وحده فالفرق بينهما الفرق بينهما ان الاول يدعو الله ويدعو غيره ان الله ان الاول يدعو الله ويدعو غيره. والثاني لا يدعو الله بل يدعو غيره والثاني لا يدعو الله بل يدعو غيره وكلاهما من اهل الشرك والتنديد وكلاهما من اهل الشرك والتنديد. لا فرق في كون الفعلين لا فرق في كون الفعلين شركا لا فرق في كون الفعلين شركا لان الداعي اذا دعا غير الله معه صار مشركا لان الداعي اذا دعا غير الله معه صار مشركا لتمحض الدعاء وغيره لله وحده لتمحض الدعاء وغيره لله وحده. وارذل منه من يترك دعاء الله عز وجل فيدعو غير الله وارذل منه من يدعو غير الله عز وجل فيترك دعاء الله سبحانه وتعالى بالكلية ولا يرفع اليه راسا ولا يعتني به اساسا ثم قال المصنف وكلمة الاخلاص نفت هذا الشرك اي كلمة لا اله الا الله نفت هذا الشرك وعلل هذا النفي بقوله لان دعوة غير الله بتأله وعبادة له والدعاء مخ والدعاء مخ العبادة فقول القائل لا اله الا الله يتضمن نفي عبادة غير الله عز وجل فلا يدعو احدا دون الله عز وجل دعاء تأله وعبادة فتقدم ان التأله هو ما ينجمع عليه القلب من الحب والخضوع. فبادلوا الدعاء خاضعا محبا لمن يتوجه اليه بالدعاء مؤلف له ففعله عبادة لله عز وجل. والدعاء هو اشرف العبادة واساسها ورأسها ولبها هذا معنى قول المصنف والدعاء مخ العبادة اي خالصها فحقيقة العبادة ترجع الى فحقيقة العبادة ترجع الى الدعاء فهو لب العبادة وخالصها وموقع الدعاء من العبادة ورد في الاحاديث النبوية على اربعة اضرب وموقع الدعاء من العبادة وقع في الاحاديث النبوية على اربعة اضرب احدها ان الدعاء مخ العبادة احدها ان الدعاء مخ العبادة اي لبها وخالصها وثانيها ان الدعاء اشرف العبادة ان الدعاء اشرف العبادة اي ارفعها واعلاها اي نرفعها واعلاها وثالثها ان الدعاء افضل العبادة وثالثها ان الدعاء افضل العبادة اي انبلها واعلاها قدرا. اي انبلها واعلاها قدرا. ورابعها ان الدعاء هو العبادة ان الدعاء هو العبادة اي حقيقتها واصلها اي حقيقتها واصلها والاحاديث المروية في الاضواء الثلاثة الاولى لا يصح منها شيء والاحاديث المروية في الاضرب الثلاثة الاولى لا يصح منها شيء والرابع صح فيه حديث النعمان ابن بشير والرابع صح فيه حديث النعمان ابن بشير رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه كلم قال الدعاء هو العبادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة. رواه الاربعة من حديث ذر ابن عبد الله عن يوسع ابن معدان عن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما واسناده صحيح ووقع في بعض رواياته الدعاء هي العبادة. وقع في بعض رواته الدعاء هي العبادة على تقدير متعلق مؤنث على تقدير متعلق مؤنث كصنيعة الدعاء هي العبادة او فعيلة الدعاء هي العبادة. ورواية التذكير اشهر واذكر رواية التذكير اشهر واذكر. والاضرب الثلاثة وان صحت وان اضرب الثلاثة الاولى وان ضعفت رواية صحت دراية والاضرب الثلاثة الاولى وان ضعفت رواية وان ضعف رواية صحت دراية. فما ذكر فيها من مقام الدعاء من العبادة صحيح فما ذكر فيها من مقام الدعاء من العبادة صحيح فان الدعاء هو خالص العبادة فان الدعاء هو خالص العبادة ولبها وعظمها وجمهورها وعظمها وجمهورها وهو ايضا اشرفها واعلاها رتبة وهو ايضا افضلها واسماها قدرا واكثرها بركة فهي معان صحيحة ملحوظة في خطاب الشرع وان كانت الاحاديث المصرحة بتلك الالفاظ لا يثبت منها شيء ثم شرع المصنف رحمه الله تعالى يبين ما اوضحته الآيات المذكورة في الباب ايضاحا اجماليا فتكلم عما اورده المصنف في الباب على وجه الاجمال واعاد البيان مرة طفرا بعد كل اية باعتبار موقعها من ادلة هذا الباب. وتقديم الاجمال قبل التفصيل للتشويق والتعريف بما يأتي وتقديم الاجمال قبل التفصيل للتشويق والتعريف بما يأتي ومن عادة اهل العلم ومن عادة اهل العلم وطرائقهم في ايضاحه وطرائقهم في ايضاحه ان يذكروا بابا من العلم مجملا ثم يعودون اليه بالتفصيل ان يذكروا بابا من العلم مجملا ثم يرجعون اليه بالتفصيل. وحاملهم على تقديم الاجمال التشويه لما يذكر فيه والترغيب فيه التشويق لما يذكر بعد والترغيب فيه التشويق لما يذكر بعد والترغيب فيه. فان الشيء اذا ذكر مجملا تشوفت النفوس الى معرفة تفصيله فان الشيء اذا ذكر مجملا تشوفت النفوس الى معرفة تفصيله فيأتي التفصيل موقعه والنفوس متطلعة الى معرفته متشوفة الى الاحاطة به متشوقة للعلم بمضامينه وكان مما قاله المصنف رحمه الله تعالى في بيان معاني هذه الايات على وجه الادمان ما قاله مما يتعلق بقول الله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الظر عنكم ولا تحويلا. قال وفي هذه الاية ان المدعو لا يملك لداعيه بكشف ضر ولا تحويله من مكان الى مكان ولا من صفة الى صفة فالكشف يكون بالرفع والتحويل يكون بالنقل فالكشف يكون بالرفع والتحويل يكون بالنقل فلما حل عن النبي صلى الله عليه وسلم سحره كشف ضره لرفعه عنه فلما حل عن النبي صلى الله عليه وسلم سحره كشف ضره لرفعه عنه ولما نقلت حمى المدينة الى مهيعة وهي الجحفة كان هذا نقلا للضر من مكان الى مكان وهؤلاء المدعوون من دون الله عز وجل لا يملكون هذا ولا ذاك. فلا يملكون كشف الظر ولا له ولو كان المدعو نبيا او ملكا اي مهما بلغت رتبته عند الله عز وجل. ولو كان نبيا مرسلا او ملكا مقربا فانه لا يملك لداعيه كشف ضره ولا تحويل له من مكان الى مكان ولا من صفة الى صفة. لان ملك ذلك انتهى الى الله عز وجل. قال الله تعالى وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وهذه الاية قاطعة في لكشف الضر بالله عز وجل فليس لاحد مكنة من كشف الظر ولا رفعه عن احد من الخلق ثم قال المصنف وهذا يقرر بطلان دعوة كل مدعو من دون الله كائنا من كان ان اي يظهر بطلان دعوة كل من يدعى من دون الله سبحانه وتعالى كائنا من كان كان اي بالغا ما بلغ من رتبة منيفة ومقام عظيم عند الله. وعلمه بقوله لان دعوته تخون داعيه احوج ما كان اليها لانه اشرك مع الله من لا ينفعه ولا لا يضره فتكون دعوته راجعة عليه بالخسران. قال الله تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء آآ وكانوا بعبادتهم كافرين. وهذه الاية ابلغ ما يكون في القرآن الكريم في تصوير بحال من دعا غير الله سبحانه وتعالى والكشف عن شدة ضلاله فانا ضلاله ظاهر للحال الذي فهو يدعو من دون الله سبحانه وتعالى من لا يستجيب له دعاءه وهو عن دعائه غافل غير ابهم به ولا مقبل عليه. ثم اذا انتهى الخلق الى يوم القيامة كفروا وتبرأوا منهم واستنكروا ما كانوا يفعلونه معكم فهذا ظاهر في ضلال اولئك الداعين غير الله سبحانه وتعالى. ثم قال المصنف وهذه الاية تقرر التوحيد ومعنى لا اله الا الله لان الله سبحانه وتعالى ابطل منك غيره كشف الضر عنه وتحويله. وهذا الابطال كان في مقام تزييف دعوتهم كما قال قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فهؤلاء المدعون زيفت دعوتهم لانهم لا يملكون شيئا من افراد الربوبية. ومن لا يصلح ان يكون ربا لا يصلح ان يكون معبودا فالذي لا يملك ولا يقدر ولا يخلق ولا ولا يخلق ولا يرزق وانتفت عنه الربوبية حقيق بان تنتهي عنه الالوهية كما ان من خلق ورزق وملك ودبر حقيق بان يكون هو المألوه المعبود. قال الله تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء. الاية فذكر هذه الافراد من الربوبية بعد الامر بالعبادة تنويه بموجبها وان الله سبحانه وتعالى مستحق للعبادة لما له سبحانه وتعالى من الربوبية التامة الكاملة ثم انتقل المصنف رحمه الله تعالى الى اية اخرى من ايات الباب التي تأتي فقال وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب يبين ان هذا سبيل الانبياء والمنصرين ومن تبعهم من المؤمنين فانهم يدعون الله سبحانه وتعالى ويبتغون الى ربهم الوسيلة اي الحاجة فيرفعون حاجاتهم الى الله عز وجل متسابقين اليه ايهم اقرب من الله سبحانه وتعالى. وطلبهم القربى منه دليل محبتهم. وطلبهم القربى من دليل محبتهم ثم قال الله عز وجل ويرجون رحمته ويخافون عذابه ويرجون رحمته ويخافون هنا عذابه فهم دائرون مع المحبة والخوف والرجاء. ويأتي في كلام ابن القيم الاعلام ذلك ثم قال المصنف قال قتادة تقربوا اليه بطاعته والعمل فيما يرضيه وقرأ ابن زيد اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب وهذا السياق لا يتبين به المراد مما نقل عن ابن زيد. وبيانه ما عند ابن جرير ولفظ كما في الحاشية قال ابن زيد في قوله وابتغوا اليه الوسيلة قال المحبة تحببوا الى الله وقرأ اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب فهذه قراءة ابن وزيد كقراءة الجماعة واراد المصنف رحمه الله تعالى ما وقع فيها من تفسيره لابتغاء الوسيلة وتقدم ان ابن زيد اذا اطلق في كتب التفسير فهو من عبد الله فهو عبدالرحمن بن زيد بن اسلمة من علماء المدنيين في التفسير فانه كان رأسا فيه اخذ التفسير عن ابيه زيد ابن اسلم صاحب عبدالله ابن عمر واخذه عن عبد الرحمن ابن زيد ما لك وهذا هو عن مالك عبد الله بن وهب وغيره كما يعلم في نقل التفسير عند المدنيين من اهل الحجاز ثم قال المصنف قال العماد ابن كثير وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين وذكره بين المفسرين وذكره عن عدة من ائمة التفسير ان اولئك الذين كانوا يدعون من دون الله هم يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويأتي زيادة بيان فيما يستقبل عند هذه الاية. ثم نقل رحمه الله تعالى عن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى قوله في هذه الاية يعني قوله اولئك الذين يدعون ذكر المقامات الثلاثة الحب وهو ابتغاء القرب اليه والتوسل اليه بالاعمال الصالحة والرجاء والخوف فالحب في قوله تعالى يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب. والرجاء في قوله تعالى رحمته والخوف في قوله تعالى ويخافون عذابه. قال ابن القيم وهذا هو التوحيد وهو حقيقة الاسلام اجتماع هذه الامور الثلاثة هي حقيقة الاسلام والتوحيد فان المرأة لا يكون موحدا عابدا لله حتى تدور عبادته على هذه الاركان الثلاثة. واولها الحب ثانيها الرجاء وثالثها الخوف. فمتى اجتمع في قلبه قطب هذه المعاني الثلاثة ودار ضحى عبادته عليه فقد صار موحدا مسلما لان المحبة هي المحركة الى الامتثال. قال ابو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اصل كل حركة في الوجود الحب والارادة. اصل كل حركة في الوجود الحب والارادة. انتهى كلامهما العبد لا يتوجه الى شيء مريدا له الا بحب يحمله على ذلك فالحب هو الاصل الذي نشأت منه عبادة الله سبحانه وتعالى. وهذا الحب لا يقف عند منتهى المشروع الا بتقييده برجاء وخوف فان الحب اذا تتسايع معه صاحبه ربما اوصله الى الجراءة على الله عز وجل تحت دعوى محبته فان كثيرا من المتهتكين الى في مواقعة المحرمات يزعمون ان فرط محبتهم لله سبحانه وتعالى حمله عليها فكان من الناس من يشرب الخمر او يخادل النساء والمردان ويزعم ان ذلك محبة لله عز وجل لان سكرته بالخمر توصله الى غيبة يكون فيها شاهدا الله سبحانه وتعالى شهودا يفنى به عن غيره ويزعم ان صحبة ما تلتذ بالنفوس بصحبته يجعل في قلبه ولعا بالمحبة وشوقا محرقا يحمله على القرب من الله سبحانه وتعالى. فكثير من ملاحدة الخلق من المتصوفة وغيرهم اوقعهم في ذلك ما يزعمون من فرط المحبة التي لم تقيد بقيد الخوف والرجاء. فصار احدهم يتهتك في المحرمات ويتسايع فيها ويستكثر منها تحت اسم محبة الله سبحانه وتعالى. ذكر هذا المعنى والفرج ابن رجب في استنشاق نسيم الانس. واما خرج فان العبد اذا لم يكن له في قلبه طمع وامل لربه ضعف سيره. فالامل بالله عز وجل والطمع في تحقيق المطلوب مما يرجى عنده يحرك النفس الى العبادة ويقوي القلب عليها. واما الخوف فان المرأة ربما ضعفت نفسه في سيرها الى الله فان لم يكن يعلوها بصوت الخوف والا ركنت الى الطمع وتوسعت في امل حصول المقصود فغلبت الرجاء فوقع اتغلبها الرجاء بها في مهاوي الردى من تضييع الواجبات وانتهاك المحرمات اعمى للرغبة فيما عند الله سبحانه وتعالى والامل في سعة رحمته عز وجل. فلا يكتمل سير العبد الى الله عز وجل الا بحب ورجاء وخوف. ومثل ذلك في كلام ابن رجب وغيره بالطائر الذي له رأس وجناحان. فالرأس المحبة والجناحان الخوف والرجاء. فاذا قطع الراس مات الطير. واذا ذهبت محبة الله سبحانه وتعالى من قلب العبد انقطع سيره واذا كان الراس موجودا والجناحان مكسوران فان الطائر لا يستطيع الطيران ويكون القلب عاجزا عن التحليق فيما اراده الله عز وجل منه من العبادة فلا مكنة له على التحليق فيه والاسترسال فيما اراد الله عز وجل منه من العبادة الا بمحبة وخوف ورجاء. واذا زاد قدر واحد منها عما اوذي به شرعا وقع العبد في المحظور الافراط في المحبة يوقع في الالحاد الذي ذكرنا طرفا منه فيما سلف مما ذكره ابن رجب في استنشاق نسيم الانس والافراط في الرجاء يوقع في مذهب المرجئة والافراط في الخوف يوقع في مذهب هذه الخوارج فلا عبودية تكمل لله عز وجل الا باستيفاء جمع هذه المعاني الثلاثة في القلب وفق ما اراده الله سبحانه وتعالى واذن به. فكل واحد من هذه الاصول الثلاثة ينتهي الى قدر مأذون به. وبه تعلم ان للعبادات التي امرنا بها حدود تنبغي معرفتها ليقف العبد عندها ولا يقصر دونها ولا يتجاوزها فاذا غابت هذه الحدود وجهلها العبد لم يمكنه اقامة العبادة. فمن اهم مقاصد ما تنبغي معرفته حقائق العبادات والمقادير المفروضة منها شرعا فتعرف حقيقة العبادة ثم تعرف الواجب عليك منها. وتبين ذلك ان من العبادات المذكورة هي ركن من اركان العبادة الخوف. فينبغي ان تعرف حقيقته الشرعية اولا ثم تعرف الواجب منه شرعا فاما حقيقته الشرعية فتقدم ان الخوف شرعا ايش فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا. فرار قلب العبد الى الله ذعرا وفزعا. فمن لم يحط بهذه الحقيقة علما كيف يمكنه ان يكون قائما بعبادة الخوف لله سبحانه وتعالى. ومن عقل هذه الحقيقة امكنه وان يؤديها العارف ان حقيقة العبادة كونها فرار القلب ذعرا وفزعا الى الله يقوى في في نفسه اداؤها لاحاطته علما بحقيقتها فهو يميز هذه العبادة عن غيرها من عبادات وفي ادراكه معنى هذه العبادة على الوجه الشرعي في اول كلمة ما يدل على امكان الامتثال لها ومن لا يفرق بين هذه الكلمة وغيرها يقع منه نقص في معرفة حقيقة عبادة الخوف فان عبادة الخوف ليست هروب القلب من الله ذعرا وفزعا. لان الهروب لا يقع موقع الفراق. فان ان الهروب يكون نأي بالقلب عما يذعره لا ينتهي به الى طمأنينة. واما الفرار فانه ينتهي به الى طمأنينة ولذلك قال الله ففروا الى الله اني لكم منه نذير مبين. ولم يقل اهربوا الى الله لان الهروب يحصل به البعد عن المخوف. لكن لا يحصل به الطمأنينة والامان. فالهارب ابقى بعيدا عن مخوفه لكن لا يبقى قلبه ساكنا بالطمأنينة. واما الفار فانه بمن انعم مع تجرعه وتلبسه الطمأنينة والامان. فالخائف من الله عز وجل حقا هو فار اليه قال بعض السلف من خاف شيئا فر منه ومن خاف الله فر اليه. فمن لم يعي هذه الحقيقة شرعية للخوف لم يمكنه امتثالها. ووراء هذا الامر الثاني وهو معرفة القدر الواجب المفروض على العبد فان الله عز وجل كما خاطبك بالصلاة والصيام والزكاة والحج فجعل لها اقدارا وجعل الصلاة المفروضة عليك خمس صلوات باليوم والليلة وجعل الصيام المفروض عليك صوم شهر رمضان في السنة وجعل الزكاة المفروضة عليك هي المعينة باقدارها في الاموال المعروفة. وجعل الحج المفروض عليك هو قصد مكة لاداء نسك معلوم في العمر مرة واحدة فانه فرض عليك محبته وخوفه ورجاءه والتوكل عليه والاستعانة به والاستغاثة به سبحانه وتعالى. وهذه العبادات منها قدر واجب لا ابو الاتيان به ووراء ذلك قدر يكون نافلة فاعظم ما ينبغي الاعتناء به معرفة القدر الواجب في العبادة المفروضة عليك مما ذكرنا ويبينه ما ذكره ابن رجب رحمه الله تعالى في التخويف من النار ان الواجب عليك من الخوف هو ما حجزك عن الحرام وحملك على اداء الفرائض وما حجزك عن الحرام وحملك على اداء الفرائض فهذا هو الخوف المفروض عليك الذي ينبغي منك امتكاله فان لم تجده في قلبك فانك لم تأتي بما وجب عليك من خوف الله سبحانه تعالى وقل سائر القول المذكور في وقل كسائر كسائر وقل كالقول المذكور في سائر في سائر هذه الابواب المذكورة وبتقرير هذا المعنى تعرف قدر ما عند الناس من معرفة الله عز وجل فإن كثيرا من الناس يزعم معرفة التوحيد والعلم به والإحاطة بمسائله ويذكر ان الناس في التوحيد وان البلد على توحيد. فاذا حققته في بعض هذه المسائل وفشلت ما عنده من التقرير رأيت خوطا وخبطا واذا رأيت ذلك بين اظهر الناس فيما يتعلق بعلم التوحيد والعمل به رأيت خظا وخوضا اعظم واعظم مما يدلك على شدة الحاجة الى تعلم التوحيد وانه علم لا عنه العبد البتة فهو نفس انفاسه ولذة قلبه وراحة فؤاده. فمتى قصر العبد عنه لحقه نقص بقدر ما ينقص من عنايته بالتوحيد فتلحقه غصة وقلق واضطراب لجهله بما ينبغي عليه من التوحيد ومن امتلأ قلبه بمعرفة توحيد الله سبحانه وتعالى صار اسعد الناس. فقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله ابو هريرة في الصحيح من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه فيه ايضا اعلام بان اسعد الناس في الدنيا هو من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه فالذي يمتلئ قلبه بتوحيد الله سبحانه وتعالى ولا يبقى في قلبه التفات الى غيره هو اسعد الناس. لانه لا نريد من الناس شيئا ولا يرجو منهم شيئا ولا يخاف منهم شيئا فامره كله لله وبالله والى الله وبلوغ هذه مرتبة يحتاج الى دوام مجاهدة وكمال صلة بالتوحيد علما وتعلما وتعليما وعملا وارشادا وهذا هو السر في ان كبار العلماء مهما بلغوا من العلم لا يستنكفون عن تدريس المتون المختصرة فيه. فلا يزالون يدرسون هذه المتون بشدة حاجتهم هم اليها قبل حاجة الناس فهم محتاجون اليها والناس محتاجون اليها فاجزوا احدهم يدرس فتجد احدهم يدرس هذه المتون مرة بعد مرة حتى ان شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى ذكر في اخباره انه درس متن ثلاثة الاصول في بلدة الدلم لما كان قاضيا فيها اكثر من مئة مرة. واذا جئت الى بعض الناس الذين يشار اليوم اليهم الاصابع فسألته كم مرة درست ثلاثة الاصول؟ فقال درسناها بحمد الله مرة واحدة في خمس سنوات لم نترك فيها شيئا الا بينا معانيه. وهذا في الحقيقة لا يدري معاني ثلاثة الاصول. فان معاني ثلاثة الاصول ليست لتطويل العبارات والاستكثار من المنقولات ولكن بيان معاني ثلاثة الاصول بتشييد التوحيد في نفوس الناس والاكثار منه فتكريرها مرة بعد مرة ابلغ في نفع الناس من بيان يطول هذه السنوات الخمس او السنوات الثلاث ثم لا يبقى في نفس المتكلم فضلا عن من تلقى عنه في خمس سنوات ان وجد واحد لزمه في هذه السنوات الخمس استوفى هذا الكتاب لا يبقى فيه ما ينبغي من التوحيد. ثم قال المصنف رحمه الله تعالى في تتمة نقله عن ابن وهذا وهو حقيقة دين الاسلام اي التوحيد المذكور من الحب والخوف والرجاء هو حقيقة دين الاسلام كما في المسند عن بث ابن حكيم عن ابيه عن جده وهو مهز بن حكيم ابن معاوية ابن حيدة رضي الله عنه وجده معاوية ابن حيده صحابي معروف انه قال صلى الله عليه وسلم والله يا رسول الله ما اتيتك الا بعد ما حلفت عدد اصابعي هذه الا آتيك فبالذي بعثك بالحق لما بعثك به قال الاسلام قال وما الاسلام؟ قال ان تسلم قلبك وان توجه وجهك الى الله وان تصلي الصلوات. الحديث واسناده حسن. والحديث المذكور مبين حقيقة الاسلام لان الاسلام كما عندما الاستسلام لله سبحانه وتعالى. وهذا الاستسلام المذكور في الحديث نوعان. وهذا اسلام المذكور في الحديث نوعان احدهما استسلام الباطن احدهما اسلام الباطل في قوله ان تسلم قلبك في قوله ان تسلم قلبك والاخر استسلام الظاهر في قوله ان توجه وجهك الى الله. والثاني استسلام الظاهر في قوله ان توجه وجهك الى الله. فلا يبلغ العبد ما يراد منه من اسلام الا بالاستسلام الكامل باطنا وظاهرا المعرب عنه في هذا الحديث بان الباطن يكون بان تسلم قلبك فلا يكون في قلبك شيء لغير الله سبحانه وتعالى فلا محبة ولا رجاء ولا خوف الا من الله سبحانه وتعالى. ويلزمك ايضا ان توجه وجهك الى الله. فليس في وجهك قبلة تتوجه اليها وتقبل عليها في مطالبك الا الى الله سبحانه وتعالى. ومن استحكم وفي قلبه هذا المعنى من الاستسلام حصل له الاسلام الصحيح وكماله على حسب كمال هذه المعاني في قلبه فخلص الخلق يكون فيهم من اسلام القلب الباطن واسلام الظاهر ما بيؤك عن شدة ديانتهم ومكانة معرفتهم بالله سبحانه وتعالى. في ظهر من احوال اقوالهم واقوالهم ما يخبرك عن كمال اسلامهم. في ظهر من احوالهم وافعالهم واخبارهم ما يدلك على كمال اسلامهم كما قال ربعي ابن عامر لرستم اتيتم لتخرجون من ملكنا فقال اتينا لنخرج الناس من عبادة غير الله الى عبادة الله وحده. فالمقصود ممن يعرف الاسلام في مبتغاه الذي يريده من الناس هو ان يخرج الناس من ذل الدنيا الى عز الدنيا والاخرة ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والاخرة وذلك باخراجهم من عبادة غير الله عز وجل الى عبادة الله عز وجل وحده. فكمال معرفته بالاسلام باطنا وظاهرا جعله يبين بهذه العبارة. لرستم في مقصودهم من الجهاد والقتال فهم لا يقاتلون ليريقوا الدماء. ولا ليحوزوا الاموال ولا ليجمعوا ما اتسعوا الى الاراضي الى املاكهم بل هم يقاتلون الخلق لتحصيل اسلامهم وايمانهم وتوحيدهم لله وتعالى ثم قال ثم قال ابن القيم رحمه الله تعالى فيما نقله عنه المصنف قال واخرج محمد ابن نصر المروزي من حديث خالد بن معدان عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للاسلام صوا يعني اعلاما تدل عليه ومنارا كمنار الطريق من ذلك ان تعبد الله ولا تشرك به فيه شيئا وتقيم الصلاة الى اخر ما ذكر. فدين الاسلام ليس دعوا عاطلة. فدين الاسلام ليس دعوا عاضلة ولا مقالة تروج لا حقيقة لها. بل دين الاسلام له اعلام تدل عليه وعلامات ترشد اليه وهو ما امر الله عز وجل به من الفرائض امتثالا وما نهى عنه كفا وترك فلا يكون العبد مسلما الا بتحصيل هذا الاصل. والحديث المذكور روي من وجوه يشد بعضها بعض ويقضي بتحسين هذا الحديث. ثم قال وهذا معنى قوله تعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الامور. فقوله تعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو هو محسن يدل على اسلام الباطن واسلام الظاهر. فاسلام الباطن في قوله الى الله فاسلام الباطن في قوله الى الله لان الباطن خفي لا يطلع عليه فلا يتميز الا بتوجه الى الله فاذا صار الباطل متوجها الى الله صار محققا لما ينبغي من استسلامه. واما الظاهر ففي قوله وهو محسن لان العمل الظاهر لا يكون موافقا للاسلام حتى يكون صاحبه محسنا باتيانه بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا معنى تفسير الجماعة السلف لقوله وهو محسن باتباع النبي صلى الله عليه وسلم لانه لا يكون مسلما كما ينبغي منه الا بان يكون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا تحقق هذا تحقق قوله فقد استمسك بالعروة الوثقى فهي جواب الشرط المذكور في فعله ومن يسلم فالمسلم ظاهرا وباطنا لله عز وجل يكون مستمسكا بما اتى بالعروة الوثقى اي متعلقا بشيء قوي وثيق وهو توحيد توحيد الله سبحانه وتعالى وهذا معنى قول جماعة من السلف بالعروة الوطقى لا اله الا الله لان من كان على هذه الالحان كان محققا للا اله الا الله ثم قال وقوله تعالى وهذه اية اخرى تأتي في الباب واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه. اي لا اله الا الله. ثم قال المصنف فتدبر كيف عبر الخليل السلام عن هذه الكلمة العظيمة بمعناها الذي دلت عليه ووضعت له من البراءة من كل ما يعبد من دون الله من معبودات الموجودة في الخارج يعني في الاعيان عند الخلق كالكواكب والهياكل والاصنام التي صورها قوم نوح على صور الصالحين ود وصواع ويغوث ويعوق ونثر وغيرها من الاوثان والانداد التي كان يعبدها المشركون باعيانها فقول ابراهيم وجعلها كلمة باقية في عقبه بعد قوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني ينتظم فيه بعض معنى لا اله الا الله وهو نفي غير الله سبحانه وتعالى من المعبودات. ويتم المعنى بما ذكره بعد بقوله ولم يستثني من جميع المعبودات الا الذي فطره وهو الله وحده لا شريك له فهو الذي جل عليه كلمة الاخلاص مطابقة كما قال تعالى ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه هو الباطل وفي الاية الاخرى ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه الباطل. فابراهيم عليه الصلاة والسلام ذكر المعنى اولا ثم ذكر الكلمة. فالمعنى في قوله انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني. ثم ذكر كلمة فقال وجعلها كلمة باقية في عقبه وهذه الاية من اكمل ما تفسر به كلمة التوحيد لان ابراهيم اشار اليها بقوله وجعلها كلمة باقية في عقبه يعني لا اله الا الله وهذا الجعل كائن بمن في قوله انني براء مما تعبدون الا الا الذي فطرني من النفي والاثبات. فقوله انني وامي ما تعبدون نفي كالنفي في قولك لا اله وقوله الا الذي فطرني اثبات كالاثبات في قولك الا الله وسيأتي هذا في كلام المصنف رحمه الله تعالى. وقوله في هذه الاية وجعلها كلمة باقية في عقبه يعني التوحيد فلا يزال التوحيد في عقب إبراهيم عليه الصلاة والسلام حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهذه الاية هي اصل الاحاديث المروية في بقاء الطائفة المنصورة والفرقة الناجية فانهما اصدقاء فان الاحاديث المذكورة مصدقة لما في القرآن الكريم من بقاء التوحيد في ذرية ابراهيم عليه الصلاة والسلام. ثم قال المصنف رحمه الله فكل عبادة يقصد بها غير الله من دعاء وغيره فهي باطلة لانها جعلت لمن ليست له. والشيء اذا جعل لما لمن ليس له كان باطلا. لان الموافق للحق ان اجعل الشيء لمن هو له والعبادة حق لله عز وجل. قال الله تعالى وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا فاذا جعلت العبادة بغير الله كان ذلك باطلا كما قال الله تعالى وانما يدعون من دونه هو الباطل. ثم قال رحمه الله تعالى وهي اي جعل العبادة لغير الله الشرك الذي لا يغفره الله عز وجل لبشاعته وشناعته وقبحه وتقدم في باب الخوف من الله ذكر سبعة امور توجب قبح الشرك ما ثبته توجب قبح الشرك في باب الخوف من الشرك تبين قبح الشرك وسوء ومذمته وعظم كونه ظلما فيما يتعلق بحق الله سبحانه وتعالى. قال المصنف قال تعالى ثم قيل لهم اينما كنتم تشركون من نجوم الله؟ قالوا ضلوا عنا. بل لم يك بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا. كذلك يضل الله الكافرين ان يبلغوا من ضلالهم في عدم معرفتهم حينئذ وبرائتهم منهم ان يكون الحال كأنهم لم يدعوهم من دون الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر معنى اية اخرى تأتي في الباب وهي قوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم. فقال وفي الحديث الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية على عدي ابن حازم الطائي فقال يا رسول الله لسنا نعبدهم قال اليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه ويحرمون ما احل الله فتحرمونه؟ قال بلى فقال النبي صلى الله عليه وسلم فتلك عبادتهم قال فصارت طاعتهم في المعصية عبادة لغير الله عز وجل. لانهم اجابوهم الى ما دعوهم اليه والطاعة تكون لله سبحانه وتعالى فيما امر به. واما طاعة غيره في المعصية فهي من اتخاذه ربا وتكون تارة مخرجة له من الملة وتكون تارة منقصة لتوحيده كما سيأتي بيانه في كلام المصنف نقلا عن ابي العباس ابن تيمية. ثم قال كما هو الواقع في هذه الامة. من طاعة من يطيعونه في معصية الله سبحانه وتعالى بان يجعلوا لهم ما لله عز وجل ويعتقدوا في امرهم ما يعتقدون في امر الله سبحانه وتعالى. فيكون الامر الذي حرمه الله عز وجل عند هؤلاء المطيعين الحل والامر الامر الذي حرمه الله عز وجل معتقد الحل. والامر الذي احله الله عز وجل معتقد التحليل معتقد التحليل وهذا من الشرك الاكبر المنافي للتوحيد الذي هو مدلول شهادة ان لا اله الا الله. ثم قال فتبين بهذه الاية ان كلمة الاخلاص نفت هذا كله لمنافاته لمدلول هذه الكلمة فاثبت ما نفته من الشرك وتركوا ما اثبتته من التوحيد. ثم ذكر اية اخرى من ايات الباب تأتي فقال وقوله تعالى ومن جنة من يتخذ من دون الله اندادا يحبونه فحب الله. فكل من اتخذ ندا لله يدعوه من دون الله ويرغب اليه لما يؤمله منه من قضاء حاجاته وتفريج كرباته كحال عباد القبور والطواغيت والاصنام فلا بد ان يعظموهم لذلك فانهم احبوهم مع الله وان كانوا يحبون الله تعالى فيقولون لا اله الا الله ويصلون ويصومون فقد اشركوا بالله في المحبة بمحبة غيره وعبادة غيره فاتخاذهم الانداد يحبونه كحب الله يبطل كل قول يقولونه وكل عمل يعملونه لان ان المشرك لا يقبل له عمل ولا يصح منه فاعمالهم كائنة هباء منثورا لاتخاذهم اندادا من دون الله سبحانه وتعالى. وتقدم ان الند في لسان العرب ما جمع معنيين. وتقدم ان الند في لسان العرب مما جمع معنيين احدهما الشبه والمماثلة. احدهما الشبه والمماثلة. والاخر الضبع دول مخالفة والاخر الضد والمخالفة. ثم قال وهؤلاء وان قالوا وهؤلاء وان قالوا لا اله الا الله فقد تركوا كل قيد قيدت فيه هذه الكلمة العظيمة من العلم بمدلولها. لان المشرك جاء بمعناها الذي يقتضي افراد الله بالعبادة. ومن جهله بمعناها جعل لله شريكا في المحبة فيها وهذا هو الجهل المنافي للعلم بما دلت عليه من الاخلاص. ولم يكن صادقا في قولها لانه لم ينفي ما نفته من الشرك ولم اثبتته من الاخلاص وترك اليقين ايضا لانه لو عرف معناها وما دلت عليه لانكره او شك فيه اي لانكر ما وشك فيه ولم يقبله وهو الحق ولم يكفر بما يعبد من دون الله كما في الحديث بل امن بما يعبد من دون الله اي باتخاذه الند ومحبته له وعبادته اياه من دون الله كما قال الله تعالى والذين امنوا اشد حبا لله لانهم اخلصوا له الحب فلم يحبوا الا اياه يعني محبة عبادة وتأليف ويحبون من احب من الذوات والاعمال التي يحبها الله الله سبحانه وتعالى ويخلصون اعمالهم جميعا لله ويكفرون بما عبد من دونه. فحقيقة محبتهم لله الا يكون شيء من عملهم لغير الله فهم مطيعون لله عز وجل لا يعصونه في ما امرهم والذين يزعمون محبة الله عز وجل وهم يعصونه كاذبون في دعوى المحبة. واذا كانت تلك الدعوة في معصية الله عز وجل هي الشرك كان كذبها ظاهرا. قال الشاعر ونسب الى العدوية تعصي الاله وانت تزعم حبه هذا لعمري في القياس بديع. لو كان حبك صادقا لاطعته. ان المحب لمن يحب مطيع فالذين يشركون بالله ويزعمون انهم يحبون الله كاذبون في دعوى المحبة لان دعوة والمحبة تتضمن تجريد التوحيد لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله. تعلق صدق محبته سبحانه وتعالى لا على طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم اعظمها طاعته في توحيد الله. قال ابن القيم رحمه الله تعالى لما كثر المدعون للمحبة طلبوا باظهار الحجة واظهار الحجة قوله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله انتهى كلامه وكان الحسن البصري يسميها اية المحنة لان الله عز وجل امتحن ان الخلق بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي امتحانهم بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. امتحان بمحبتهم لله عز وجل فيما دعاهم اليه النبي صلى الله عليه وسلم من توحيد الله عز وجل وفيه صحيح مسلم انما بعثتك ليبتليك وابتلي بك واعظم الابتلاء له صلى الله عليه وسلم في بعثه بشيرا ونذيرا وجعله رسولا. واعظم الابتلاء به صلى الله عليه وسلم هو في دعوته الخلق الى توحيد الله عز وجل وافراده بالعبادة. ثم قال المصنف فبهذا يتبين لمن وفقه الله تعالى لمعرفة الحق وقبوله دلالة هذه الايات العظيمة التي ذكرها المصنف في هذا الباب وبين الشارح معانيها اجمالا قال في هذا الموضع قال دلالة هذه الايات العظيمة على معنى شهادة لا اله الا الله وما نفته من الشرك والمحبة مع الله كما هو الواقع من عباد القبور واخلاص المحبة وغيرها من انواع وعلى التوحيد الذي هو معناها وهو الذي دعت اليه جميع المرسلين. فتدبر اي فتأمل هذا الكلام وما يؤول اليه مما يجب من اخلاص التوحيد لله عز وجل ونفي الشرك عن غير الله عز وجل وفي كلام الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في موضع من الدرر السنية عند قوله سبحانه وتعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه الاية قال فرحم الله عبدا تدبر هذه الاية العظيمة وعرف ما نزلت انتهى كلامه واذا كان هذا في اية واحدة من هذه الايات تعريفا بعلو شأنها وجلالة ما فيها من معاني من توحيد الله فكيف بمنتظم في هذا الباب من ايات تبين العناية بالتوحيد وتكشف عن حقيقته وتدل عليه فكيف بما في كتاب الله عز وجل من التوحيد المبين ما يجب لله سبحانه وتعالى من الحق ومن عرف ما في القرآن الكريم من بيان حق الله عز وجل عظمت محبته للقرآن الكريم وزاد الفه له بما يجد فيه من بيان اعظم حق وتعريف العبد باعظم ما تصلح به حياته ويستقيم به امره به عيشه ويتحقق فلاحه ونجاته في الدنيا والاخرة. فتعظم محبته للقرآن الكريم. ومن اعظم ما يوفق الله عز وجل به العبد في اخذ القرآن الكريم ان ان يكون محبا له فرحا به فرحا به ولما سئل الشيخ عبدالرحمن الدوسري رحمه الله تعالى عن الة المفسر وكيف يكون المرء مفسرا؟ قال اول ذلك فرحه بالقرآن الكريم. اي ان يكون في قلبه من الاقبال الى القرآن. واهتبال الفرص في النظر في معانيه وادمان قراءته ما يدل على تعلق العبد على تعلق قلب العبد بهذا الكتاب. فيكون هذا تعلق معينا على بروز هذه المعاني بين ناظريه وقربها من قلبه فيعرب عنها بلسانه. وهو الذي كان من احوال سلف كالمذكور في اخبار مالك ابن انس في مقدمة الجرح والتعديل عن عبد الله ابن وهب انه قال كنا نعجب من نزع مال من القرآن اي في وجوه ما يستنبطه من المعاني في القرآن. كنا نعجب من نزع مالك من القرآن فسألنا عن اخته عن شغله اذا دخل بيته فقالت انه اذا دخل بيته لم يكن له شغل الا القرآن. فلما كانت هذه حاله بالاقبال على القرآن الكريم كان عنده من كمال العلم والمعرفة بالقرآن الكريم ومعانيه ما ليس لغيره من اضرابه وشركائه في العلم رحمهم الله تعالى. ومن ذلك قول الله عز وجل قل بفضل الله و وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. فان مما يندرج في الفرح المأمور به في هذه الاية القرآن الكريم فانه من فضل الله عز وجل ورحمته ثم شرع المصنف بعد هذا البيان المجمل الى في تبيين الايات المذكورة بيانا مفصلا من اكمل العلم وسائقه اليه شدة المحبة لبيان توحيد العبادة فان المرء ربما يقول ان ادراج هذا الكلام في مواضعه انسب واجمع للعلم. وهذا يقوله من يجري على الظواهر لكن من يجري مع البواطن فيعرف قدر التوحيد يعلم ان تكرار هذه المعاني مرة بعد مرة امكن وانفع كما ذكره ابو العباس ابن تيمية في كلام له لا احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة هم اقرب الاية. قال الشارح رحمه الله تعالى يتبين معنى هذه الاية بذكر ما قبلها وهي قوله تعالى قم يا دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا. الآية قال ابن كثير رحمه الله تعالى يقول تعالى قل يا للمشركين الذين عبدوا غير الله ادعوا الذين زعمتم من دونه من الاصنام والاندان والربو اليهم فانهم لا يملكون كشف الضر عنكم اي بالكلية ولا تحويلا اي ولا ان يحولوه الى غيركم. فان الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له. قال العوفي وعن ابن رضي الله عنهما في الاية كان اهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون وروى البخاري في آيتان ابن مسعود رضي الله عنه قال ناس من الجن قال قال ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا وفي رواية كان ناس من الانس يعبدون ناسا من الجن فاسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم وقول ابن مسعود رضي الله عنه هذا يدل على ان وهو كذلك على كلا القولين. وقال الله عنهما في الاية قال عيسى وامه وعزير. وقال مغيرة عن ابراهيم كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول في هذه الآية هم عيسى وعزير والشمس والقمر. وقال مجاهد رحمه الله تعالى عيسى وعزير ابن الملائكة. وقوله تعالى ويرجون رحمته ويخافون عذابه لا تتم العبادة الا بالخوف والرجاء. فكل داع دعاء عبادة او باستغاثة لابد له من ذلك فاما ان يكون خائفا واما ان يكون راجيا واما ان يجتمع فيه الوصفان. قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى في هذه الآية لما ذكر اقوالا المفسرين وهذه الاقوال كلها حق فان الاية تعم من كان معبوده عابدا لله سواء كان من الملائكة او من الجن او من البشر والسلف في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالاية على نوع التمثيل كما يقول الترجمان لمن سأله ما معنى الخبز فيريه رغيفا افاقوا هذا. فالاشارة الى نوعه الى عينه وليس مرادهم بذلك تخصيص نوع دون نوع مع شمول الاية. فالآية خطاب لكل من دعا من دون الله مدعوا وذلك المدعو يبتغي الى الله الوسيلة ويرجو رحمته ويخاف عذابه. فكل من دعا اذا اوغى فكل من دعا ميتا او غائبا من الانبياء والصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة او غيرها فقد تناولتهم هذه الاية. كما من دعا الملائكة والجن فقد نهى الله عن دعائهم وبين انهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين ولا تحويله لا يرفعونه بالكلية ولا ويحولونه من موضع الى موضع فتغيير صفته او قدره ولهذا قال ولا تحويلا فذكر نكرة تعم انواع التحويل فكل من دعا ميتا او غائبا من الانبياء والصالحين اودع الملائكة فقد دعا من لا يغيثه ولا يملك كشف الضر عنه ولا تحويله انتهى وفي هذه الاية رد على من يدعو صالحا ويقول انا لا اشرك بالله شيئا. الشرك عبادة الاصنام بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها. والجهة الثانية نظم سياقها. فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله في الصفحة الثانية والخمسين بعد المائتين ولا تحويلا التحويل نقل الشيء التحويل نقل الشيء حسا او معنى. نقل الشيء حسا او معنى فمن نقله حسا تغيير موضعه فمن نقله حسا تغيير موضعه ومن نقله معنى تغيير صفته او قدره تغيير صفته او قدره واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشارح رحمه الله تعالى شرع يبين ما ذكره جده من ادلة هذا الباب في قوله وقوله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب الاية؟ فقال الشارح يتبين معنى هذه الاية بذكر ما قبلها وهي قوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا الاية. قال ابن كثير رحمه الله يقول على قل يا محمد وتقدم ان الاكمل هو مخاطبته في النداء بما خاطبه الله عز قال الله تعالى يا ايها النبي اتق الله فيخاطب النبي صلى الله عليه وسلم باسم النبوة او باسم الرسالة ادبا معه صلى الله عليه وسلم ذكر هذا المعنى كما تقدم ابن باديس في مجالس التفسير في رسالة افردت منه تتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكره عند هذا الموضع من حاشيته محمد حامد الفقي في حاشيته على فتح المجيد واقره شيخنا ابن باز فان حاشية الفقيه قرأت كاملة على الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى فاقر ما فيها وما كان محتاجا الى التنبيه علق عليه بنجمة مفردة وهذه الجملة مما اقره دون تعليق فيكون مما توارد عليه هؤلاء الثلاثة تنبيها في الادب الواجب مع النبي صلى الله عليه وسلم بندائه بما ناداه به الله عز وجل كقولك يا ايها النبي او يا ايها الرسول قل يا محمد للمشركين الذين عبدوا غير الله ادعوا زعمتم من دونه من الاصنام والانداد وارغبوا اليهم فانهم لا يملكون كشف الضر عنكم اي بالكلية ولا تحويلا اي ولا ان يحولوه الى غيركم فان الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له. قال العوفي وعن ابن عباس بالاية كان اهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون والعوف هو ابن سعد العوفي عطية بن سعيد العوفي احد رواة التفسير عن ابن عباس وفيه ضعف لكن نقله التفسير يشبه ان هنا نسخة كالنسخ المنقولة عن ابن عباس. فالاصل فيها القبول الا ان يكون فيها ما يستنكر مما يخالف المنقول عن ابن عباس والقول في اسانيد المفسرين غير القول في اسانيد الاحاديث النبوية ولبيان هذا مستوفا قوم اخر ثم قال وروى البخاري في الاية عن ابن مسعود قال ناس من الجن كانوا يعبدون فاسلموا وفي رواية كان ناس من الانس يعبدون ناسا من الجن فاسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم اي صار اولئك المدعوين اولئك المدعوون من دون الهي يدعون الله عز وجل وحده وصار اولئك وبقي اولئك الذين يدعونهم يدعونهم من دون الله عز وجل. والفرق بين القولين ان القول الاول وهو قول ابن عباس جعل ذلك متعلقا بالملائكة والمسيح وعزير والقول الثاني جعل متعلقه اولئك الجن الذين اسلموا وبقي من يدعوهم من الانس وكلاهما ثابت في القرآن فان المسيح دعي من دون الله سبحانه وتعالى. قال الله تعالى واذ قال الله يا عيسى ابن واذ قال الله اانت التي فيها انت قلت للناس قال الله تعالى واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله فهذا فيه اعلام بوقوع دعاء عيسى وامه من دون الله سبحانه وتعالى وكذلك في القرآن التصريح بدعاء الملائكة وعزير من دون الله سبحانه وتعالى. فهذا في الناس موجود وذاك في الناس موجود فكلا المذكورين في هذين الخبرين صحيح باعتبار الواقع. ثم قال وقول ابن مسعود هذا يدل على ان الوسيلة هي الاسلام. اي انهم باسلامهم تقربوا الى الله عز وجل. فقوله فاسلم الجن اي ابتغوا الوسيلة الى الله عز وجل بالاسلام وهو كذلك على القولين يعني حتى على القول الاول فان الملائكة والمسيح وعزيرا يدعون الله سبحانه وتعالى ويبتغون اليه الوسيلة. ثم ذكر اقوالا وترجع الى ما تقدم وتشاركه فقال وقال السدي عن ابي صالح عن ابن عباس في الاية قال عيسى آآ وامه وعزير والسدي من علماء التفسيرين المشهورين واسمه اسماعيل ابن عبدالرحمن السدي ويقال له السدي الكبير تمييزا له عن السدي الصغير واسمه مروان ابن محمد والسد الصغير هو راوي التفسير المعروف بالمقباس عن ابن عباس ويسمى ايضا بنون الارتباس عن ابن عباس وهي نسخة مشهورة عن ابن عباس مدارها عن السدي الصغير وهو شديد الضعف اما السدي الكبير فهو من علماء التفسير وهو حسن الحديث. وهذا الاسناد من اسانيد التفسير السدي عن ابي صالح وهو باذان ويقال ما دام مولى امي هانئ عن ابن عباس من اية المذكورة وابو صالح لم يسمع من ابن عباس وكأنه نسخة وابن ابو صالح لم يسمع من ابن عباس وكأنه نسخة وهذا كثير فيما ينقل عن ابن عباس اصله من النسخ المنقولة التي كتبت عنه رضي الله عنه في التفسير ثم رويت من وجوه معروفة مضبوطة كرواية ابي صالح عنه ورواية علي ابن ابي طلحة عنه فان عليا لم يسمع من ابن عباس لكنه اخذ نسخة تفسيره عن مجاهد بن جبر وعن غيره ومع وقوع هذه العلة فيه فان في روايته فان تفسيره كان معتمد البخاري في صحيحه فاكثر من ايراده معلقا وقال الامام احمد في مصر رحلة في مثل نسخة يوحل اليها يعني نسخة معاوية بن صالح عن ابي صالح معاوية بن صالح عن علي بن ابي طلحة عن ابن عن ابن عباس وكان راويها عن معاوية بن صالح عبدالله بن صالح وعنه رواها الكبار كابي حاتم الرازي واحمد بن حنبل وغيرهما. ثم قال وقال مغيرة عن إبراهيم كان ابن عباس يقول في هذه الاية هم عيسى وعزير والشمس والقمر وقال مجاهد عيسى وعزير والملائكة هذه الاقوال كلها ترجع الى اصل واحد كما سيأتي فان هؤلاء المدعوين جميعا من دون الله هم عباد بالله عز وجل كائنون تحت قهره وسلطانه سبحانه وتعالى. ثم قال وقوله ويرجون رحمته ويخافون عذابه لا تتم العبادة الا بالخوف والرجاء. فتقدم بيان هذا ثم قال فكل داع دعا. فكل داع دعاء عبادة او استغاثة لابد له من ذلك. والمراد بالاستغاثة دعاء السؤال. لان الدعاء ينقسم الى قسمين احدهما دعاء العبادة. لان الدعاء ينقسم الى قسمين. احدهما دعاء العبادة. وحقيقته امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع وحقيقته امتثال خطاب الشرع المقترن بالحب والخضوع وثانيهما دعاء مسألة دعاء مسألة وحقيقته سؤال العبد ربه العبد ربه حصول ما ينفعه ودوامه طلب العبد ربه حصول ما ينفعه ودوامه ودفع ما يضره او رفعه ودفع ما يضره او رفعه. قال فكل داع دعاء عبادة او استغاثة يعني مسألة لابد مد له من ذلك فاما ان يكون خائفا واما ان يكون راجيا واما ان يجتمع فيه الوصفان. فاما ان يكون قلبه منجمع على على الذعر والفزع واما ان يكون قلبه منجمعا على الامل والطمع فيكون في الاول خائفا وفي الثاني راجيا واما ان يجتمع فيه الوصفان وهذا اكمل فاذا قارنتهما المحبة فهذا اكمل واكمل قال شيخ الاسلام رحمه الله في هذه الاية لما ذكر اقوال المفسرين فهذه الاقوال اي المتقدمة كلها حق فان الاية تعم من كان معبوده عابدا لله سواء كان من الملائكة او من الجن او من البشر. والسلف في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالاية على نوعه تمثيل ان يذكرون فردا من الافراد المنتظمة فيه على ارادة التمثيل له. كما يقول الترجمان اي لي الكلام من لغة الى اخرى اي الناقل الكلام من لغة الى اخرى فان الترجمة هي تفسير لغة بلغة فان الترجمة هي تفسير لغة بلغة والى ذلك اشرت بقولي تفسيرهم للغة بلغتي في عرفهم يدعونه بعرفهم يسمى بالترجمة تفسيرهم للغة بلغة في عرفهم يسمى في عرفهم يسمى بالترجمة. قال كقول الترجمان لمن سأله ما معنى الخبز فيريه نظيفا فيقول هذا فالاشارة الى نوعه الى عينه لا الى عينه وليس مرادهم بذلك تخصيص نوع دون نوع مع جمل الاية فان انواع ما يرجع الى الخبز لا تختص الرغيف. فاراد الاشارة الى نوعه لا الى عينه وكذلك المتكلمون بما تكلموا به في هذه الاية ليس مرادهم تخصيص عزير دون غيره او الملائكة دون غيرهم او الجن الذين اسلموا دون غيرهم مع شمول الاية لاولئك. قال فالاية خطاب لكل من دعا من دون الله مدعوا. وذلك المدعو يبتغي الى الله الوسيلة ويرجو رحمته ويخاف عذابه فكل من دعا ميتا او غائبا من الانبياء والصالحين سواء كان بلفظ الاغاثة او غيرها فقد تناولته الاية كما تتناول من دعا الملائكة والجن. فقد نهى الله عن دعائهم وبين انهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين ولا تحويله لا يرفعونه بالكلية ولا يحولونه من موضع الى موضع كتغيير صفته او قدره لهذا قال ولا تحويل فذكر نكرة تعم انواع التحويل ووجه عمومها وقوعها في سياق نفي ووجه عمومها وقوعها في سياق نفي فان النكرة في سياق النفي تفيد العموم ثم قال فكل من دعا ميتا او غائبا من الانبياء او الصالحين او دعا الملائكة فقد امن لا يغيثه ولا يملك كشف الضر عنه ولا تحويله ولا تحويله. فيكون واقعا في الشرك داعيا لما قائل تحته انتهى كلامه ثم قال المصنف وفي هذه الاية رد على من يدعو صالحا فيقول انا لا بالله شيئا الشرك عبادة الاصنام اي ابطال لمقالة من زعم ان الشرك الذي يستنكر هو عبادة الاصنام ودعائها. وان الانسان لو دعا رجلا صالحا فانه لا يكون مشركا. وهذا من ابطل الباطل لان الاية المذكورة جاءت في دعاء من يدعو اناسا صالحين كعزير وعيسى وامه ومن اسلم من الجن. وللمصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين. زيادة بيان في معنى هذه الاية باعرابه عن ذلك بنفسه وهذا هو الغالب عليه في كتاب قرة عيون الموحدين فانه ويتكلم من قبل نفسه ويقل نقله عن غيره. قال قوله وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم وسيلة ايهم اخاف اي اولئك الذين يدعوهم اهل الشرك ممن لا يملك كشف الضر ولا تحويله من الملائكة والانبياء الصالحين كالمسيح وامه والعزير. فهؤلاء دينهم التوحيد. وهو بخلاف دين من دعاهم من دون الله. ووصفهم بقوله يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب؟ فيطلبون القرب من الله بالاخلاص له وطاعته فيما امر وترك ما نهاهم عنه واعظم القربات التوحيد الذي بعث الله به انبيائه ورسله. واوجب عليهم العمل به. والدعوة اليه وهو الذي يقربهم الى الى الله اي الى عفوه ورضاه ووصف ذلك بقوله ويرجون رحمته ويخافون عذابه. فلا يرجون احدا سواه تعالى ولا يخافون غيره ذلك هو توحيده لان ذلك يمنعه من الشرك ويوجب لهم الطمع في رحمة الله والهرب من عقابه والداعي لهم والحالة هذه قد انعكس الامر وطلب منهم ما كانوا ينكرونه من الشرك بالله في دعائهم لمن كانوا يدعونه من دون الله ففيه معنى قوله ويوم القيامة بشرككم وقوله واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وفيه الرد على من ادعى ان شرك المشركين انما هو بعبادة الاصنام. وتبين بهذه الاية ان الله انكر على من دعا معه غيره من الانبياء والصالحين ومن دونهم وان دعاء الاموات والغائبين لجلب نفع او دفع ضر من الشرك الاكبر الذي لا يغفره الله وان ذلك ينافي ما دلت عليه كلمة الاخلاص فتدبر هذه الاية العظيمة يتبين لك التوحيد وما ينافيه من الشرك والتنديد فانها نزلت فيمن يعبد الملائكة والمسيح وامه والعزير فهم المعنيون بقوله قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كسب الضر منكم ولا تحويلا ثم بين تعالى ان هؤلاء المشركين قد خالفوا ما كانوا من كانوا يدعونه في دينه فقال اولئك الذين يدعون الى ربهم الوسيلة وقدم المعمول يعني في قوله الى ربهم لانه يفيد الحصر وتقدير الكلام يبتغون الوسيلة الى ربهم لكن وقع التأخير لارادة الحصر. قال وقدم المعمول لانه يفيد الحصرة يعني يبتغون الى ربهم الوسيلة لا الى غيره واعظم الوسائل الى الله تعالى التوحيد الذي بعث الله به انبياؤه ورسله وخلق الخلق لاجله الى اخر ما ذكر في الصفحة السابعة والسبعين بعد المئة الى اخر الصفحة التاسعة والسبعين بعد المئة من قرة عيون الموحدين نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء منك اما تعبدون الا الذي فطرني. الاية قال الشارح رحمه الله تعالى قال ابن كثير رحمه الله يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسله وخليله امام الحنفاء ووالد من بعث بعده من الانبياء الذي تنتسب اليه قريش في نسبها ومذهبها انه تبرأ من ابيه وقومه في عبادتهم الاوثان. فقال مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين. وجعلها كلمة باقية في عقبه. اي هذه الكلمة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الاوثان. وهي لا اله الا الله جعلها في ذريته يقتني به فيها من هداه الله من ذرية إبراهيم عليه السلام لعلهم يرجعون اي اليها. قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم في قوله وجعلها كلمتان باقيتان في عقبه يعني لا اله الا الله لا يزال في ذريته من يقولها وروى ابن جرير من قتل رحمه الله تعالى في قوله ان البراء مما تعبدون الا الذي فقرني. قال انهم يقولون ان الله رب ان الله هنا ولئن سألتهم ممن خلقهم ليقولن الله فلم يبرأ من ربه رواه عبد ابن حميد وروى ابن جرير وابن المنذر عن قتادة وجعلها كلمة باقية في عقبه. قال الاخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده. قلت فتبين ان معنى لا اله الا الله توحيد الله باخلاص العبادة له. والبراءة من عبادة كل ما سواه. قال المصنف رحمه الله تعالى وذكر سبحانه ان هذه البراءة وهذه الموالاة هي شهادة ان لا اله الا الله. وفي هذا المعنى يقول العلامة الحافظ ابن القيم رحمه الله الله تعالى في الكافية الشافية. بيان هذه الجملة من جهتين احداهما احاد مفرداتها والاخرى نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله امام الحنفاء الحنفاء سمعه حنيف الحنفاء جمع حنيف واصل الحنفي الاقبال. واصل الحنفي الاقبال فالحنيف المقبل واعظم الاقبال الاقبال على الله واعظم الاقبال الاقبال على الله ولازمه الميل العبادة ما سواه ولازمه الميل عن عبادة ما سواه. وتقدم ان الحنيفي ان الحنيفية نوعان الحنيفية لها معنيان احدهما عام احدهما معنى عام وهو الاسلام والاخر معنى خاص وهو الاقبال على الله بالتوحيد معنى خاص وهو الاقبال على الله بالتوحيد ولازمه الميل عن الشرك ولازمه الميل عن الشرك وعد ابراهيم امام الحنفاء لان الله عز وجل امر باتخاذه قدوة وعد ابراهيم امام لان الله عز وجل امر من بعده ان يتخذه قدوة ومن ذلك قوله تعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا الاية ووقع في القرآن الكريم اضافة الحنيفية الى ابراهيم. ووقع في القرآن اضافة الحنيفية الى إبراهيم عليه الصلاة والسلام دون غيره مع كونها دين الأنبياء جميعا الى ابراهيم عليه الصلاة والسلام دون غيره مع كونها دين الانبياء جميعا بامرين لامرين احدهما ان الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ان الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم عموما انهم من ذرية ابراهيم. يزعمون انهم من ذريتي ابراهيم. وانهم على ارث ان اذ به وانهم على ارث من ارثه واظهر شيء كان عندهم من ارثه هو الحج. واظهر شيء كان عندهم من ارثه هو الحج فاجدر بهم ان كانوا صادقين في انتسابهم فاجدر بهم ان كانوا صادقين في اليه ان يكونوا حنفاء لله غير مشركين به ان يكونوا حلفاء لله غير مشركين به. كابيهم ابراهيم عليه الصلاة والسلام. كابيهم ابراهيم عليه الصلاة والسلام فمن شابه اباه فما ظلم فمن شابه اباه فما ظلم. والاخر ان الله جعل ابراهيم اماما للانبياء الذين بعده ان الله سبحانه وتعالى جعل ابراهيم اماما للانبياء الذين بعده ان يقتدوا به. ان يقتدوا به ذكر هذا ابن جرير الطبري في تفسيره ذكر هذا عن الثاني ابن جرير الطبري في تفسيره فناسب حينئذ ان تنسب الحنيفية اليه لان ما بعده مأمور باتباعه عليه فيها لان من بعده مأمور باتباعه فيها واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان المصنف رحمه الله تعالى شرع يبين دليلا اخر ذكره جده في هذا الباب فقال قوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه ان لي براء مما تعبدون. الا الذي فطرني الاية وابتدأ بيانه نقضي عليه بكثير قائلا قال ابن كثير يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وخليله امام الحنفاء ووالدي من بعث بعده من الانبياء الذين تنتسب اليه قريش في نسبها ومذهبها. انه تبرأ من ابيه وقومه في عبادتهم الاوثان. فقال براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه. اي هذه الكلمة وهي عبادة عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الاوثان وهي لا اله الا الله وذكر المصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون في قرة عيون الموحدين المناسبة بين اول فيما ذكره ابراهيم واخره فقال وقد عبر عنها الخليل بمعناها وقد عبر عنها الخليل بمعناها الذي اريد بها ووضعت له. الذي اريد بها ووضعت له. فعبر عن المنفي بها بقوله انني براء مما تعبدون. فعبر عن المنفي بها بقوله انني براء مما وعبر عن ما اثبتته بقوله الا الذي فطرني وعبر عما اثبتته بقوله الا الذي فطرني فقصر العبادة على الله وحده فقصر العبادة على الله وحده ونفاها عن كل ما سواه ونفاها عن كل كل ما سواه ببراءته من ذلك ببراءته من ذلك. فما احسن هذا التفسير لهذه الكلمة وما اعظمه فما احسن هذا التفسير لهذه الكلمة وما اعظمه انتهى كلامه. ثم قال المصنف جعلها في يقتدي به فيها من هداه الله من ذرية ابراهيم عليه السلام لعلهم يرجعون اي اليها ثم قال قال عكرمة شهدوا وضحكوا وقتالته السدي وغيرهم في قولهم وجعلها كلمة باقية في عقبه يعني لا اله الا الله لا يزال في ذريته من يقولها وهذا معنى ما ذكرته لكم من كونها مطابقة لما جاء به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من احاديث الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ثم قال ورواه ابن جرير عن قتادته انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني قال انهم يقولون ان الله ربنا ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فلن يبرأ من ربه وتبرأ من رواه عبد ابن حميد ثم قال روى ورواه ابن جرير وابن المنذر عن قتادة وجعلها في قوله تعالى وجعلها كلمة باقية في عقبه. وما كان على هذه الصورة من المرويات فانه يقرأ باثبات هذه الجملة التي ذكرت. فتكون وروى ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله تعالى وجعلها كلمة باقية في عقبه قال الاخلاص فهذه الجملة وقع طيها في مواضع من كتب الرواية ووقع ذكرها في مواضع من كتب الرواية في الصحيح وغيره فيستفاد من البيان في تعيين المطوي في الاجمال. فاذا قرأ احد كتابا في التفسير او في الحديث او في الاعتقاد حسن ان يقول كما كانوا يقولون وروا ابن جرير ابن منذر عن قتادة في قوله تعالى وجعلها كلمة باقية في عقبه قال الاخلاص والتوحيد لا يزال في ذريته من يعبد الله وحده. ثم قال قلت فتبين ان معنى لا اله الا الله توحيد الله باخلاص العبادة له والبراءة من عبادة كل ما سواه. لان هذين المعنيين ينتظمان في خبر ابراهيم انني براء مما تعبدون. الا الذي فطرني. فهو متبرأ من غير الله عز وجل مخبر عن اخلاصه العبادة لله عز وجل وهذا معنى لا اله الا الله. ثم قال قنفوا رحمه الله وذكر سبحانه هذه البراءة وهذه الموالاة هي هي شهادة ان لا اله الا الله اي ان براءته من عبادة غير الله وموالاته لله في عبادته في قوله الا الذي فطرني هي شهادة ان لا اله الا الله اي حقيقة الشهادة لله بان يتولى الله وحده بالعبادة ويتبرأ من عبادة غير الله. قال المصنف وفي هذا المعنى يقول العلامة الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في الكافية الشافية واذا تولاه امرؤ دون الورى كرا تولاه العظيم الشأني اذا اقبل عليه عبد بافراد العبادة له وحده سبحانه وتعالى دون سائر الخلق فان الله سبحانه وتعالى يتولاه. قال الله تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وقال تعالى اليس الله او بكاف عبده فتحصر الكفاية للعبد بقدر ما عنده من تولي الله عز وجل بالمحبة و التوحيد وقوله طرا من احادي المفردات التي وهلت عنها ومعناها في لسان العرب جميعا ومعناها في لسان العرب جميعا وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل رقيته بعد صلاة العصر باذن الله تعالى ومن الاسئلة التي رفعتموها مما نجيب عليه اليوم ثم نستكمل بقية اسئلتكم غدا مقتصرين على ما يتعلق بالدرس دون غيره رعاية لمقامه فان من تمام العقل رعاية المقام يقول هذا السائل ذكرتم وفقكم الله ان طلب الدعاء لم يقع من كبار الصحابة رضي الله عنهم فما توجيه الطلب عمر رضي الله عنه الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ايلائه من ازواجه ومن اويس القرني بامر النبي صلى الله عليه دلما وجوابه ان يقال ان الذي ذكرناه من ان طلب الدعاء لم يقع من كبار الصحابة هو الذي ذكره ابو العباس ابن تيمية في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة وغيره من اهل العلم رحمهم الله تعالى. ومرادهم بذلك ولعهم ولهجهم بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء. ولم يقع منهم شيء الا وله مقتض اقصد اقتضاه كالذي ذكره السائل من استغفار من سؤال عمر استغفار سؤال عمر النبي صلى الله عليه وسلم ان يستغفر له في قصة ايلائه من ازواجه لما خشي ان يكون مبادرته ومجيئه الى النبي صلى الله عليه وسلم ظلما منه لنفسه فسأل النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ لموجب وداع اقتضى لا مطلقا دون قليلة دعت اليه. واما امره صلى الله عليه وسلم عمر ان يستغفر له اويس. فالمراد المنفعة العظمى لاويس رحمه الله تعالى والمنفعة العظمى لاويس بسؤال عمر له منه الاستغفار من وجهين. احدهما في اعلامه خبر النبي صلى الله عليه عنه في اعلامه خبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه الذي يزيده يقينا الذي يزيده يقينا وايمانا وقوة في عمل الصالح الذي مدح لاجله وهو بره بامه. والاخر ان في استغفار اويس لعمر رضي الله عنه حصول لمنفعة هذا الاستغفار من ملائكة لاويس كما ثبت في صحيح مسلم من حديث ام الدرداء عن ابي الدرداء ان النبي صلى الله عليه وسلم من دعا اخيه بظهر الغيب قالت الملائكة له ولك بمثل فالذي يدعو لاخيه يحصل له من الخير ايذاء ما يحصل ما اراد ايصاله الى اخيه وتقدم ان الشرع لما اذن لما وقع فيه الدعاء طلب الدعاء من غير النبي صلى الله عليه وسلم كان المقصود هو حصول المنفعة لهم. كما في حديث اسألوا لي اسألوا الله لي قيل ثم قال فانه من سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي فالمنفعة الواصلة الى الداعي اعظم من المنفعة الى المدعو وكذلك ما يصل الى اويس بسؤال عمر منه الاستغفار هو اعظم مما يصدر لاويس من مجرد الاستغفار دون لنفسه دون استغفاره لعمر فاشبه وما تكون هذه المذكورات بقضايا اعيان لا عموم لها فهي تختص باحوال دعتها. وهذه القضايا العينية لا تقدح في الاصل الكلي. وهذه القضايا العينية لا تقدح في الاصل الكلي. من ترك كبار الصحابة سؤال النبي صلى الله عليه وسلم دعاء الله لهم واجل ذلك واجل شيء على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح ان بايع جماعة من اصحابه على الا يسألوا الناس شيئا فكان احدهم يسقط صوته وهو على ظهر فرسه فلا يسأل احدا ان يرفعه اليه. فان مبايعتهم على هذا الاصل نزع محبة الناس ورجائهم والاقبال عليهم بالسؤال فيما ابيح فكيف فيما كان فيه نوع اقبال كامل في سؤال الدعاء لله عز وجل منهم ثم هذا السائل يقول ما الفرق بين طاغوت الطاعة وطاغوت الاتباع؟ الفرق بينهما ان طاغوت الطاعة يكون في اتباعه نوع الزام يكون في اتباعه نوع الزام كالامراء اما طاغوت الاتباع فانه لا يكون في اتباعه نوع الزام كالعلماء فان العلماء لا يلزمونه خلق بقول وانما الذين يلزمونهم الامراء. فاذا وقعت مجاوزة الحد في هذا او ذاك تحققت الطاغوتية سواء كانت طاغوتية طاعة او او طاغوتية اتباع فالذي يتعلق بطاغوتية الطاعة يقع فيه الاذعان يكون مزعلا منضادا والذي تتحقق به طاغوتية الاتباع يكون قابلا مقرا. فالفرق بينهما كالفرق بين القبول والانقياد فالقبول ترجع اليه الطاغوتية الاتباع. والانقياد ترجع اليه طاغوتية الطاعة لان القبول ادعان والانقياد امتثال ويقول ما معنى قوله اوفق للوجود؟ يعني موافقا للوجود في كون فعل الله عز وجل قبل فعل العبد في كون فعل الله عز وجل قبل فعل العبد. فالقائل اقرأ باسم الله في القراءة واقع بعد فعل الله في تقدير ذلك عليه ازلا يقول هذا السائل اشكل علي قولكم ان تسمية اسم عبد الاله لا يجوز ورفع الاشكال ان تعلم ان ليس علما على المعبود بحق. بل هو اسم جنس يتناول المعبود بحق او بغير حق فالله عز وجل يسمى الها واللات والعزى ومناه تسمى الهة فالاله يقع على هذا هذا فاذا عبد العبد للا اله الا الله صار معنى عبد الاله اي عبد معبودي بقطع النظر عن كون ذلك المعبود المعبودا بحق او بغير حق. ومثل هذا لا يصلح بالاسماء لان تعبيدها يكون لله عز وجل فيقول الانسان في اسم عبدالله او عبدالرحمن او عبدالكريم او عبداللطيف لانه او تعبيد لاسماء الهية. فاذا قال عبد الاله فهو كقولهم عبد المقصود او الموجود فان هذين الاسمين تعبيد لما يتناوله اسم جنس. فالمقصود يعم الله وغيره والمطلوب يعم الله وغيره. وجهل هذا الاصل هو الذي اوقع في هذه الاسماء. فلما كان الاله اسم جنس تناولوا كل معبود بحق او بغير حق لم يحسن ان يكون التعبيد له في اصح قولي اهل العلم الله تعالى ومما ينبه اليه ان مما يقع فيه الغلط في الاسماء المعبدة لله عز وجل ايقاعها لا على وجه التعبير. فوجه التعبيد في قولك عبد الله او عبد الكريم متحقق بالاضافة فعبد مضاف والاسم الاحسن الله او الكريم مضاف اليه فيتحقق التعبير. اما ما يبدر من بعض الناس من قولهم العبد الكريم او العبد اللطيف او العبد الرحيم فهذا يرتفع ترتفع فيه بالاضافة ويكون وصفا والوصف بمثل هذه الاوصاف باطل فانه لا يصح ان يكون العبد هو الله. فان هذا جار على المذهب المرذول لاهل وحدة الوجود كما قال امامهم المقدم عندهم العبد رب والرب عبد يا ليت من المكلى فالموافق للشرع ان يقول عند ارادته الخبر عن اهل بيته ال عبدالله او سؤال عبدالكريم او ال عبد اللطيف فان هذا هو الذي تقتضيه الشريعة واللغة وفشو الغلط فيه لا يعني كونه صواب يقول هذا القائل انكم ذكرتم في حديث عبد الله ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رضا الرب في رضا الوالدين انه من قبيل الوقوف وله حكم الرفع لان مثله لا يقال من قبل الرأي. اليس عبدالله بن عمر ممن اصاب زاملتين يوم الرموك؟ واخذ بالرخصة التحديث عن اهل الكتاب فكيف التوجيه في المسألة؟ ما ذكره السائل من ان الموقوف الذي لا يقال الرأي يكون مرفوعا اذا كان صحابي غير معروف بالاخذ عن اهل الكتاب هو حق قال العراقي رحمه الله تعالى وما اتى عن صاحب بحيث لا يقال رأي الحكم والرفع على ما قال في المحصول نحو من اتى فالحاكم الرفعاني هذا اثبت وقلت في احمرار الالفية لكن ما اطلقه العراقي مقيد في شبه الاتفاق بكون قائل لا يعرف عقد له عن الكتاب فاعرفه. فشرطه الا يكون ذلك المتكلم به معروفا بالاخذ عن اهل الكتاب. لكن هذا الامر الذي ذكره اهل العلم قرينة وليس امرا مطردا يهجم به على كل من قول عن الصحابة يقال في كل ما تكلم به صحابي من قبل الرأي ينظر هل هو ممن يأخذ عن اهل الكتاب ام لا؟ لكن يقال هل يقال هل يؤهل هو ممن ينقل عن اهل الكتاب؟ ويوجد هذا في حديثه المذكور ام لا وهذا الحديث اصله في الشرع وليس امرا لا يعرف الا من طريق اهل الكتاب. فاخبار عبد الله ابن عمر التي لا تعرف في خطاب الشرع وانما تعرف في كتب اهل الكتاب كمنقولاته عن تاريخ الامم من بني اسرائيل وغيرهم او خبره عن الفتن والملاحم وما يتعلق بجن سليمان واشباه ذلك القرينة في كونه مما اخذه عن اهل الكتاب فيقال حينئذ انه يتوقف في جعله مرفوعا حكما لاجل قوة القرينة. اما اذا ضعفت كهذا الحديث لم يكن لهذا القول مقاما. وفي الرواية الواردة في ان الله اصابه زاملتين فحدث بهما ضعف لكن اخذه عن اهل الكتاب صحيح ثابت في غير وجه ثم قال هذا السائل اشكل علي قولكم بان الشرك الاصغر لا يغفر مهوب قولي هذا هذا قول جمهور اهل العلم وقول ائمة الدعوة لكن لعله يقصد يعني قولكم انكم ذكرتموه لان الشرك الاصغر لا يغفر مع ذكركم بعد ذلك انه ان كان له حسنات كثيرة ماحية غفر. ما قلنا انه اذا كانت له حسنة ماحية كثيرة ماحية غفر. لا يغفر يبقى في ديوان السيئات. لكن ترجح الحسنات بالسيئات فيدخل الجنة. فتوضع الحسنات في كفة وتوضع السيئات ومنها الشرك الاكبر اصغر الذي لم يغفره الله عز وجل ابدا ولو قدر انه عنده شرك اصغر ولا سيئة عنده الا هو اثبتت هذه السيئة وهي الشرك الاصغر في ديوان السيئات فدخلت الموازنة. فان رجحت الحسنات كان من اهل الجنة ولم يدخل النار فان رجحت السيئات دخل النار ثم عذب فيها ثم اخرج الى الجنة. قال لانني ظننت ان من لازم انه لا يغفره انه لا تكفره نعم لا تكفره الحسنات لكنها رجحت به ولابد ان يعذب به ابدا من الدهر اذا رجحت الحسنات لم يعذب به لكن اذا لم ترجح عذب به وهذا حل الاشكال. هذا السائل يقول هل تفسير لا اله الا الله بلا خالق الا الله ولا مخترع الله يعد خرما لشرط العلم من شروط الشهادة فهو خرم في الشهادة نفسها نعم اذا كان له اثر في العمل فالذي يقول لا اله الا الله ويزعم ان معناها لا خالق الا الله. عنده غلط في علم التوحيد. لكن ان وجد اثره في عمله صارت ناقضة كلمة لا اله الا الله كأن يقول لا قادر الا الله ثم ينذر لغير الله اذا قيل له قال ان لا اله الا الله لا قادر الا الله فانا لا اعتقد في هذا الذي انذر له القدرة فهذا قد حرم توحيده وانتقض بما اتاه من فعل يعود على لا اله الا الله بالابطال ثم قال في سؤال اخر كيف الجمع بينما استنكره ابن القيم في كتاب الروح وبين ارسال جبريل عليه السلام لينفخ في مريم عليه السلام؟ الجمع بينهما في ان يكون الارسال بان يكون ارسال تلك الروح الى مريم وقع ثم جاء جبريل فنفخ عليه الصلاة والسلام في تلك الروح فاجتمع الامراني معا. يقول هل يوجد فرق بين رب العزة وبين رحمة الله عليكم اهل البيت في قاعدة يعني اضافة لا فرق بينهما على ان العزة صفة الله والرحمة صفة الله. لكن العزة اضيفت الى رب والرحمة اضيفت الى الله كلمة الرب في الاصل موضوعة للربوبية وكلمة الله في الاصل موضوعة للالوهية. فلا يبدر من الاشكال على قوله رحمة الله عليكم اهل البيت رحمة الله عليكم اهل البيت ما يبدر من الاشكال على رب العزة يقول هذا السائل كيف توجيه كلام من نقل الاجماع على ان الايمان في اللغة التصديق توجيهه بان يقال ان اطلاق من اطلق من اهل اللغة الاجماع على ان الايمان التصديق وعلى ارادة التصديق المعتد به وهو والتصديق الجازم لا على مطلق التصديق. واهل العلوم يرجع اليهم في اعرافهم. قال اهل العلم تراعى الاعتبارات في العبارات. تراعى الاعتبارات في العبارات. اي ليس لكل احد ان يفسر العبارة دون ملاحظة الاعتبار الذي يختلفها. فالذي يريده اهل العربية من التصديق تصديقا معتدا به معتبرا عندهم. يصح عليه تصديق وهذا الذي يصح عليه اسم التصديق هو التصديق الجازم ونظيره كقائل قام فقال ايها المسلمون الصلاة ايها المسلمون صلوا فيلحقه احدهم ويقول انك شددت على الناس فاطرقت عليهم الامر بالصلاة والقيام بالصلاة والله عز وجل لم يفرض عليهم الا خمس. وانت توهمهم انه يجب عليهم ان يصلوا كل صلاته هذا المعترض يغفل عن اعتبار الشرع لاقامة الصلاة. فان اقامة الصلاة اذا انفقت في الشرع تتناول ايش الصلوات الخمس المكتوبة في اليوم والليلة فيكون هذا الاعتبار مرعيا سواء في كلام الخطاب الشرعي او في كلام اهل العلم ككوننا فيما تقدم ان كمال الايمان اذا اطلق كان المراد به الواجب لانه هو المراد المطلوب من جميع الخلق. اما المستحب فانه امر ونافذة على عن ذلك يقول فيها في هذا السؤال وهو اخر الاسئلة في الجواب السادس لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ان يعملوا خيرا قط ان الحديث في حق من له عذر يمنعه السؤال ما صورة توجيه العلامة بن فوزان لذلك؟ صورة توجيهه ان يكون قائلها قالها صادقا من قلبه لا لكن لم يتمكن من فمات واقتربته المنية قبل التمكن من العمل. وادخل النار عقوبة له على التفريغ وادخل النار عقوبة له على التفريط فيكون القول واضحا حينئذ وهذا اخر جواب عن هذه الاسئلة ونستتم بقية الاسئلة غدا بعد الفجر ونستكمل ما بقي من الباب في المجلس القادم بعد صلاتي الفجر وفق الله الجميع في المسجد القادم بعد صلاة العصر وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته