اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم بكرة واصيلا وعلى اله وصحبه ومن اتخذه اماما ودليلا اما بعد فهذا المجلس الخامس عشر بشرح الكتاب الاول من برنامج الكتاب الواحد فهو كتاب فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد للعلامة عبدالرحمن بن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب التميمي رحمه الله وقد انتهى من البيان الى ما اورده امام الدعوة رحمه الله تعالى في باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الى الله انه قال وقوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولجميع المسلمين يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله تعالى في كتابه فتح المجيد قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الاية الاحبار هم العلماء والرهبان هم العباد. وهذه الاية قد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن حاتم رضي وذلك انه لما جاء مسلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه هذه الآية قال فقلت انهم لم اعبدوهم انهم لم يعبدوهم فقال بلى انهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم. فذلك عبادتهم اياهم رواه احمد والترمذي وحسنه. وعبده ابن حميد وابن ابي حاتم والطبراني من طرق قال الصديق رحمه الله استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ولهذا قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون فان الحلال ما احله الله والحرام ما حرمه الله. والدين ما شرعه الله تعالى. فظهر بهذا ان الاية دلت على ان من اطاع غير الله ورسوله واعرض عن الاخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله او تحريم ما احله الله واعطاه في معصية الله واتبعه فيما لم يأذن به الله فقد اتخذه ربا ومعبودا. وجعله لله شريكا. وذلك توحيد الذي هو دين الاسلام الذي دلت عليه كلمة الاخلاص لا اله الا الله. فان الاله هو المعبود وقد سمى الله تعالى طاعتهم عبادة لهم. وسماهم اربابا. كما قال تعالى ولا يأمركم ان تتخذوا والنبيين اربابا اي شركاء لله تعالى في العبادة. ايأمركم بالكفر بعد اذ امنتم فكل معبود رب وكل مطاع ومتبع على غير شر ما شرعه الله وكل مطاع ومتبع على غير ما شرعه الله قال ورسوله فقد اتخذه المطيع المتبع ربا ومعبودا كما قال تعالى في اية الانعام وان اطعتموهم انكم كون وهذا هو وجه مطابقة الاية للترجمة ويشبه هذه الاية في المعنى قوله تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين الم يأذن به الله؟ والله اعلم. قال شيخ الاسلام رحمه الله في معنى قوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله؟ قال وهؤلاء الذين اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا حيث اطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم احل الله يكونون على وجهين احدهما ان يعلموا انهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل. فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما احل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم انهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شرك وان لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه انه خلاف الدين هذا ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا مثل هؤلاء. الثاني ان يكون اعتقادهم وايمانهم بتحريم حلال وتحليل الحرام ثابتا لكنهم اطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد انها معاصي فهؤلاء لهم حكم امثالهم من اهل الذنوب. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال انما الطاعة في المعروف ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام ان كان مجتهدا قصده اتباع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الامر وقد اتقى الله ما استطاع فهذا لا يؤاخذه الله بخطأي بل يثيبه على اجتهاده الذي اطاع به ربه. ولكن من علم ان هذا اخطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطأه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله لا سيما ان اتبع في ذلك هواه ونصره باليد واللسان مع علمه بانه مخالف للرسول فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه ولهذا اتفق العلماء على انه اذا عرف الحق لا يجوز له تقليد احد في خلافه. وانما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال وان كان عاجزا عن اظهار الحق الذي يعلمه فهذا يكون كمن عرف ان دين الاسلام حق وهو بين النصارى فاذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه فلا يؤاخذ بما عجز عنه وهؤلاء كالنجاشي وغيره. وقد انزل الله في هؤلاء آيات من كتابه كقوله تعالى وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم وقوله واذا سمعوا ما انزل الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق. الآية وقوله ومن قوم يهدون بالحق وبه يعدلون واما ان كان المتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الحق عن التفصيل. وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد. فهذا لا يؤاخذ من اخطاء اما في القبلة واما ان قلد شخصا دون نظيره بمجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غير علم ان معه الحق فهذا من اهل الجاهلية وان كان متبوعه مصيبا لم يكن عمله صالحا. وان كان متبوعه مخطئا كان اثما. فمن قال في القرآن برأيه فان اصاب قد اخطأ وان اخطأ فليتبوأ مقعده من النار. وهؤلاء من جنس مانع الزكاة الذي الذي تقدم فيه الوعيد ومن جنس ومن جنس ومن جنس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة فان ذلك لما احب المال منعه عن عبادة الله وطاعته صار عبدا له وكذلك هؤلاء فيكون فيهم شرك اصغر ولهم من الوعيد بحسب ذلك. وفي الحديث ان يسير الرياء شرك. وهذا مبسوط عند النصوص التي فيها اطلاق الكفر والشرك على كثير من الذنوب انتهى. قال ابو جعفر ابن جرير رحمه الله تعالى في معنى قول الله تعالى وتجعلون له اندادا وتجعلون لمن خلق ذلك الامداد وهم الاكفاء وهم الاكف وهم الاكفاء من الرجال تطيعونهم في معاصي الله انتهى قلت كما هو الواقع من كثير من من عباد القبور بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله في الصفحة الخامسة والخمسين بعد المئتين من طرق اي من اسانيد والطريق عند المحدثين الاسناد. وذكرت لكم فيما سلف اربعة الفاظ تدور عند المحدثين هي بمعنى واحد احدها السند وثانيها الاسناد وثالثها الطريق ورابعها ايش الوجه ورابعها الوجه. فهذه الالفاظ كلها بمعنى واحد والاصل عند ذكر تعددها وقوعه كذلك. فاذا قيل في حديث ما يرويه البخاري ومسلم رواياه من طرق عن ابي هريرة فشرطه ان يكون عندهما مرويا من حديث جماعة من اصحابه عنه كعبدالرحمن الاعرج وسعيد ابن المسيب ومحمد ابن سيرين وغيرهم من اصحابه فان كانت تلك الطرق المتفرعة في اعلاها تجتمع في شيء في ادناها قيل اخرجوه من طريق فلان عن فلان عن فلان كهذا الحديث فهذا الحديث وجهوا هؤلاء من حديث عبد السلام ابن حرب عن عطيف ابن اعين عن مصعب بن سعد عن علي بن حاتم فمداره عندهم على مصعب افمداره عندهم على عبد السلام ابن حرب فلم يحسن حينئذ اطلاق القول من طرق الواقع في كلام المصنف وذكرت لكم فيما سلف ان جماعة ممن تقدم يطلقون هذا القول ثم اذا كشف عن تلك الطرق المعبر عنها بالجمع وجدت طريقا واحدة. كقوله النووي في غير موضع من اذكاره رواه فلان وفلان باسانيد جيدة او باسانيد صحيحة فان مما تعقب به النووي من ان الحديث الذي يذكره عند تلك المواضع يكون مرده الى طريق واحد. وقدمت لكم ان هؤلاء يعتذر لهم بانهم يريدون تعداد الطرق باعتبار مخارجها العليا من المصنفين يريدون تعداد الطرق باعتبار مخارجها العليا من المصنفين بان يكون مصنف ما او عدة مصنفين رووا هذا الحديث من طرق تتعدد من عند شيوخهم كما لو قيل حديث انما الاعمال بالنيات رواه البخاري من طرق فانه يحمل على انه مرة اخرجه فقال حدثنا عبد الله ابن الزبير الحميدي قال حدثنا تبيان عن محمد عن يحيى ابن سعيد الانصاري. ومرة قال حدثنا عبد الله ابن مسلمة القعنبي قال حدثنا ما لك قد اخبرنا يحيى ابن سعيد الانصاري. ومرة قال حدثنا مسدد قال حدثنا حماد ابن زيد وذكر اسنادا وجها اخر من روايته عن المدار عنده وهو يحيى ابن سعيد الانصاري. فحينئذ يصح ان يقال رواه البخاري من باعتبار اختلاف مخارجه عنده من جهة شيوخه. وان كانت هذه الاسانيد كلها تجتمع في ردها الى غير حل سعيد الانصاري عن محمد ابن ابراهيم التيمي عن علقمة ابن وقاص عن عمر رضي الله عنه وقوله استنصحوا الرجال اي طلبوا النصح منهم وقوله في الصفحة نفسها استنصحوا الرجال اي طلبوا النصح منهم. فان الالف والسين والتاء تدل على في اصلها تدل على الطلب في اصلها واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشارح رحمه الله تعالى شرع يبين ما ذكره جده رحمه الله من ادلة تفسير التوحيد وشهادة ان لا لا اله الا الله فقال قال المصنف وقوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. الاية وابتدع بيانه بتعيين الصنفين المذكورين في الاية وهم الاحبار والرهبان. فقال الاحبار هم العلماء والرهبان هم العباد وقيل للعلماء احبارا نسبة الى الحبل نسبة الى الحبر وهو مداد القلم نسبة الى الحبر وهو مداد القلم فيقال للعالم حظر بفتح الحاء وتكسر فيقال حبر ايضا وجمعه احبار. واما الصنف الثاني وهم الرهبان والمراد بهم العباد سموا رهبانا نسبة الى الرهبة التي في قلوبهم نسبة الى الرهبة التي في قلوبهم من الله سبحانه وتعالى وهذان الصنفان من اصناف اهل الكتاب في اليهود والنصارى لكن الاغلب في اليهود هم الاحبار. والاغلب في النصارى هم الرهبان. لكن الاغلب ففي اليهود الاحبار والاغلب في النصارى الرهبان. فان اليهود اهل علم لكنهم تركوا العمل به فغضب الله عليه والنصارى اهل عمل لكنهم تركوا طلب العلم اللازم عليهم في عملهم فظلوا فنقيصة هاتين الطائفتين تارة من ترك العمل بالعلم كما عند اليهود وتركت وتارة من بغير علم كما عند النصارى. قال الله عز وجل في اليهود لم تأمرون الناس بالبر وانتم تتلون الكتاب وانتم يعلمون وقال في النصارى ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم فالاولون عندهم علم لا يعملون به والاخرون عندهم عمل بدون علم ثم قال الشارح رحمه الله وهذه الاية قد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ابن حاتم وتقدم ان الحجة في التفسير اذا جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم سقط دونها كل قول فالتفسير النبوي مقدم على تفسير غيره صلى الله عليه وسلم. ذكر هذا المعنى ابن جرير في مواضع من تفسيره والقرطبي وابن كثير في اخرين ثم افصح عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للاية المذكورة الذي ذكره لعلي ابن حاتم فقال وذلك انه لما جاء مسلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الاية. قال فقلت انهم لم يعبدوهم فقال بلى انهم حرموا عليهم الحلال وحللوا لهم الحرام فاتبعوهم عبادتهم اياهم رواه احمد والترمذي وحسنه وعبد بن حميد وابن ابي حاتم والطبراني يعني في المعجم الكبير فهو عند الاطلاق وتقدم ما في قوله من طرق من نظر على ما بينا وجهه وافصحنا عن عذره. والحديث المذكور من هذا الوجه اسناده ضعيف. لكن روي قريبا منه موقوفا عن حذيفة رضي الله عنه انه عند ابن جرير في تفسيره وغيره واسناده ضعيف ايضا. ويمكن ان يحسن الحديث باجتماع الطريقين والى حسنه ذهب ابو العباس ابن تيمية في كتاب الايمان الكبير. ثم قال المصنف قال دي واطلاق اسم السد في التفسير يراد به ما اسمه اسمه المراد به السدي الكبير وهو اسماعيل ابن عبد الرحمن السدي وله كلام ورواية واسعة في التفسير قال استنصحوا الرجال اي طلبوا منهم النصح ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم. فانهم كما اخبر الله عنهم اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا. فجعلوا قبلة قلوبهم طلب النصيحة اي في الدين من الاحبار والرهبان. ونبذوا كتاب الله ورائهم ظهريا. كما اخبر الله عز وجل عنهم في سورة البقرة ثم قال المصنف ولهذا قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو عما يشركون. اي لما ذكر اتخاذهم الاحبار والرهبان اربابا من دون الله على ما تقدم من المعنيين المذكورين في من دون الله قال الله عز وجل عائبا فعلهم وما امروا اي ما خوطبوا بالوحي الا ليعبدوا اله واحدا. فان المقصود من بعثة الرسل والانبياء اليهم هو يريد التوحيد لله عز وجل لا ان يتوجهوا الى احد من الخلق يأخذون بقوله ويتركون شرعا الله عز وجل الذي جعل لهم وقوله سبحانه وتعالى الا ليعبدوا الها واحدا في بيان امرين احدهما ان الامر المراد منهم هو العبادة ان الامر المراد منهم هو العبادة والاخر ان العبادة التي تراد منهم تكون لاله واحد ان العبادة التي تراد منهم تكون لاله واحد وهذا الاله الواحد هو المذكور في قوله لا اله الا هو وهذا الاله الواحد هو المذكور في قوله لا اله الا هو والضمير فيه عائد الى الله سبحانه وتعالى فهو الاله الواحد الحق فتكون العبادة المرادة منهم هي التوحيد ثم لما بين الله عز وجل ما امروا به به نزه نفسه عن افعال اهل الشرك منهم فقال سبحانه عما يشركون. وهذه من سنن القرآن في بيان الحق فان الحق يذكر فيه ثم يتبرأ من ضده. فان الحق يذكر فيه ثم يتبرع من ضده قال الله تعالى قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله عما ولما ذكر الله عز وجل ما له من الكمال قال سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. في اية اخرى جرت هذا المجرى في تنزيل الله عز وجل عما يقوله الافاكون الذين ينسبون الى الله عز وجل النقائص والافات. وهذه الاية اصل في بيان ان اليهود والنصارى يعدون من جملة المشركين لان الله اخبر عنهم بفعلهم فقال اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. ثم اشار في اخر للاية الى حقيقة فعلهم منزها لله فقال سبحانه عما يشركون. فالشرك فيهم يندرجون باسم المشركين. ذكر هذا المعنى شيخ شيوخنا محمد الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى في رسالة مفردة. فاذا اطلق اسم المشركين دخل فيه اهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين بدلوا وغيروا دين انبيائهم فهم مشركون واذا عطف ذكر اهل الكتاب على المشركين لم يمنع هذا ان يكونوا مشركين وانما لتغليب صفة فيهم. كقوله تعالى لم يكن للذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة الآية. فإن العطف هنا ليس من عطف اختلاف الذوات وانما من عطف اختلاف الصفات فهم جميعا مشركون لكن عطف قوله تعالى والمشركين على ذكر اهل الكتاب للتفريق بين طائفتين من المشركين الطائفة الاولى طائفة مشركة تنتسب الى الانبياء طائفة مشركة تنتسب الى الانبياء وهم اليهود والنصارى انهم يزعمون انهم يعبدون الله فانهم يزعمون انهم يعبدون الله ولا يشركون به وهم كاذبون في دعواهم. والطائفة الثانية طائفة وثنية طائفة وثنية لا تنتسب الى دين نبي طائفة وثنية لا تنتسب الى دين نبي الا نسبة صورية الا نسبة طولية لا حقيقية ويقرون بانهم مشركون ويقرون بانهم مشركون. فيقولون لو شاء الله ما اشركنا نحن ولا اباء هنا وهم كفار العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال المصنف فان الحلال ما احله الله والحرام ما حرمه الله والدين ما شرعه الله تعالى. ثم قال في هذا ان الاية دلت على ان من اطاع غير الله ورسوله واعرض عن الاخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله او تحريم ما احله الله او اطاعه في معصية الله واتبعه فيما لم يأذن به الله فقد اتخذه ربا ومعبودا. وجعله لله شريكا. وذلك ينافي التوحيد الذي هو دين الاسلام الذي دلت عليه كلمة الاخلاص لا اله الا الله. لان افراد الله عز وجل بالعبادة يتضمن افراده سبحانه وتعالى من ربوبية بان لا يطاع غيره عز وجل والذي يطيع غير الله عز وجل في معصية الله ويتبعه فيما لم يأذن به الله فقد اتخذه ربا يطيعه طاعته له تفضي به الى الوقوع في عبادته. اما افضاء يخرج به العبد من الاسلام واما يكون به العبد في حال واهية من الدين على ما سيأتي في كلام ابي العباس ابن تيمية. ثم قال ان الاله هو المعبود وقد تم الله تعالى طاعتهم عبادة لهم وسماهم اربابا كما قال تعالى ولا يأمركم ان تتخذوا والنبيين اربابا عن شركاء لله تعالى في العبادة ان يأمركم بالكفر بعد اذ انتم مسلمون وذكرت لكم فيما سبق ان الاقرار بالربوبية والالوهية متلازمان. فمن اقر باحد بالربوبية لزمه ان يقر له بالالوهية. فان الذي يستحق ان يكون ربا هو الذي يستحق ان يكون معبودا قال المصنف فكل معبود رب وكل مطاع ومتبع على غير ما شرعه الله تعالى ورسوله فقد اتخذه المطيع المتبع ربا ومعبودا. لانه جعل له ما لا يصلح ان يجعل الا للمعبود كما قال تعالى في اية الانعام وان اطعتموهم انكم لمشركون وهذا وجه مطابقة الاية للترجمة هي ان وقوعهم في الشرك وقوعهم في طاعتهم على خلاف امر الله شرك بالله عز وجل ان وقوعهم في طاعتهم على خلاف شرع الله عز وجل وقوع في الشرك. لان حقيقة التوحيد ان لا لاحد دون الله عز وجل طاعة. الا من امر الله عز وجل بطاعته. فان النبي صلى الله عليه وسلم كما اطيع بان الله امر بطاعته والوالد والوالدين انما اطيعا لان الله سبحانه وتعالى امر وولي الامر انما اطيع لان الله سبحانه وتعالى امر بطاعته فلما ورد امر الالهي بطاعة هذه الافراد صارت طاعتها من جملة طاعة الله سبحانه وتعالى. فاذا جعل العبد الله عز وجل متصرفا فيما يجري عليه من الطاعة مما يجعله له او يكيفه بكيف ما صار هذا من اتخاذه ربا من دون الله عز وجل. قال المصنف ويشبه هذه الاية في المعنى قوله تعالى ام لهم شركاء شرع لهم من الدين ما لم يأذن به الله والله اعلم. اي ان هؤلاء الذين استنكر الله فعلهم جعلوا شرعاء جعلوا شركاء يشرعون لهم من دين الله ما لم يأذن به الله. فمن فعل ذلك فقد وقع في الشرك لان الله عز وجل قال ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله. وهذا هو المذكور عند العلماء باسم شرك الطاعة. ثم نقل عن ابي العباس ابن تيمية في معنى قوله على كلاما يبين انواع الافراد التي تقارف طاعة غير الله في تحليل ما حرمه وتحريم ما احله فقال قال شيخ الاسلام في معنى قوله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله قال وهؤلاء الذين اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا اي اشتركوا في ذلك جميعا حيث واطاعوهم وبين وجه الاشتراك فقال حيث اطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما احل الله في الصنفان الاتي ذكرهما يجتمعان في اتخاذ الاحبال والرهبان اربابا في طاعته في طاعتهم في تحرير ما حرم الله وتحريم ما احل الله الا انهم يفترقون في منزلة طاعة لاولئك من قلوبهم. قال يكونون على وجهين احدهما ان يعلم انهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على هذا التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما احل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم انهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شرك وان لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه انه خلاف الدين واعتقد كما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا مثل هؤلاء. فالعبد المتخذ غير الله عز وجل من الاحبار والرهبان وغيرهم اربابا في الطاعة بالتحليل والتحريم على خلاف امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم يكون واقعا في الشرك الاكبر المخرج من الملة اذا اعتقد صحة ما قالوا وجعله دينا. اذا اعتقد صحة ما قالوه وجعله دينا. فمن اطاع احدا بتحريم البيع وتحليل الربا يكون مشركا كافرا اذا اعتقد صحة ما قاله وجعل هذا دين فاحل الحرام وحرم الحلال ثم قال الثاني ان يكون اعتقادهم وايمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتا. فعلمهم الاول بتحريم الحلال وتحرير الحرام لم يتغير فهم يعتقدون حكم الله فيه كالمثال المتقدم فهم يريدون ان الله احل البيع وحرم الربا. قال لكنهم اطاعوهم في معصية الله. اي اجابوهم اذا ما دعوهم اليه فلو قدر ان احدا احل الربا وحرم الحرام ثم وحرم البيع ثم اجابه من اجابه وذلك المستجيب لدعوته يعتقد ان حكم الله هو تحريم الربا وحل البيع. فوقع في الموافقة الظاهرة مع بقاء اعتقاد الباطن ان الحكم ما حكم الله سبحانه وتعالى به. فهؤلاء لا يكفرون ولا يكونون من من المشركين. قال ابو العباس ابن تيمية كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي. التي يعتقد انها معاصي فهؤلاء لهم حكم وامثالهم من اهل الذنوب كما قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال انما الطاعة في المعروف فاذا وقعت الطاعة في المعصية كانت ذنبا مخالفا امر الله سبحانه وتعالى. قال ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام ان كان مجتهدا قصده اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن خفي عليه الحق في نفس الامر وقد اتقى الله ما استطاع فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي اطاعه الذي الذي اطاع به ربه. قال الله سبحانه وتعالى فاتقوا الله ما استطعتم فاذن الله سبحانه وتعالى للعبد ان تكون تقواه بما يستطيع ومن بذل جهده وانفق وسعه في طلب حكم الله عز وجل قاصدا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ثم خفي عليه الحق فاخطأ فهذا لا يؤاخذ بخطأه بل يثيبه الله على اجتهاده بما في الصحيحين من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا حكم الحاكم فاجتهد ثم اصاب فله اجران وان اخطأ فله اجر واحد. ثم قال ابو العباس ولكن من علم ان هذا اخطأ فيما جاء به الرسول اي من علم ان من حرم له الحلال او حلل له الحرام قال قد اخطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطأه وعدل عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله لا سيما ان اتبع في ذلك هواه ونصره باليد واللسان مع علمه بان انه مخالف للرسول فهذا شرك يستحق صاحبه صاحبه العقوبة عليه وشركه حينئذ شرك اصغر لان الامر في حاله ما قال ابو العباس مع علمه بانه مخالف للرسول فهو يعتقد في محرم الحلال ومحلل الحرام الذي اتبعه وعلم انه اخطأ يعتقد ان قوله الذي قاله ليس حكم الله انه اخطأ فيه لكنه اطاعه مع علمه بخطأه لما يرجوه من منفعة عاجلة او واجلة ثم قال ولهذا اتفق العلماء على انه اذا عرف الحق لا يجوز له تقليد احد في خلافه. لان الحق الثبان لم يكن لاحد ان يترك الحق المبين مما جاء به سيد المرسلين ثم يتبع ثم يتبع وغيرها لان الله سبحانه وتعالى امره باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته ولم يأذن له في طاعته اذا عرف الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال وانما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على استدلال اي انما تنازع اهل العلم في جواز التقليد لمن يقدر على الاستدلال اما مع فلا قال وان كان عاجزا عن اظهار الحق الذي يعلمه فهذا يكون كمن عرف ان دين الاسلام حق وهو بين النصارى. فاذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه. وهؤلاء كالنجاشي وغيره فمن كان عاجزا عن اظهار الحق الذي يعلمه لم يمنعه من ذلك مانع سوى العد فلم يكن ابيا ولا مستكبرا مستنكفا فهذا يكون كمن عرف ان دين الاسلام حق وهو بين النصارى لا قدرة له على الهجرة منه ولا قدرة له على اظهار عمله. فاذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه. قال الله تعالى الا يكلف الله نفسا الا وسعها اي لا يعلق بها من الامن والنهي الا ما كان في قدرتها وطاقتها ثم قال وقد انزل الله في هؤلاء ايات من كتابه اي في هؤلاء العاجزين عن اظهار الحق الذين الذي يعلمونه. في قوله تعالى وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم وقالوا اذا سمعوا ما انزل من الى الرسول ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق في اين اخر ثم قال واما ان كان المتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الحق عن التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله من اجتهاد في التقليد فهذا لا يؤاخذ ان اخطأ كما في القبلة وهذه حال من اتبع مجتهدا لعجزه عن معرفة الحق. وهذا اكثر وهذا حال اكثر الناس. ولا سيما في في الازمنة المتأخرة فانه احاط بهم من الجهل وعدم العلم في امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم مع فعلهم ما يقدرون عليه فان هؤلاء يسوغ لهم الاجتهاد ويكونون بعد ذلك في حالهم كما ذكر المصنف وقد فعل ما يقدر عليه مثله من اجتهاد في التقليد فهذا لا يؤاخذ ان لان هذا منتهى وسعه كما في القبلة اي كما لو اخطأ في تعيين جهة القبلة بعد بذل وسعه ثم قال واما ان قلد شخصا دون نظيره بمجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غير علم ان معه الحق فهذا من اهل الجاهلية لانه جعل اتباعه له ونصرته قوله حمية لم يحمل عليها طلب الحق وانما حمل عليها اتباع الهوى والموافقة في حال او بلد او صنعة او غير ذلك من موجبات التقليد في الخلق. ثم قال وان كان متبوعه مصيبا اي مصيبا للحق لم يكن عمله صالحا لان باعثه هو الهوى لا الهدى. فلما كان محركه الهوى كان وان اصاب فيما الى غير صالحي العمل لان قصده فاسد فهو خال من الاخلاص. قال وان كان متبوعه مخطئا اي ان كان معظمه الذي اتبعه مخطئا كان اثما. فالعصبية حملته على موافقته في قال كمن قال في القرآن برأيه فان اصاب فقد اخطأ وان اخطأ فليتبوأ مقعده من النار وانما عد المتكلم في القرآن برأيه مخطئا ولو كان مصيبا لانه تكلم بموجبه مجرد هواه فلم يتكلم بالبرهان البين والدليل الموضح بل تكلم بهوا جاء به من قبل نفسه فوافق الصواب فحينئذ يكون مخطئا لاجل باعث كلامه ومحركه قال وهؤلاء من جنس مانع الزكاة الذي تقدم فيه الوعيد ومن جنس عبد الدينار والدرهم والقطيفة الخميصة فان ذلك لما احب الماء لما احب المال منعه عن عبادة الله وطاعته صار عبدا له وكذلك هؤلاء اي صار اي صاروا عبيدا لمعظميهم لانهم متابعون لهم بالهوى. قال وكذلك هؤلاء يكونوا وكذلك هؤلاء فيكون فيهم شرك اصغر ولهم من الوعيد بحسب ذلك. ان يكون فعلهم في اتباع احد من الخلق بمجرد الهوى والعصبية له شرك اصغر لانهم جعلوا من الطاعة ما لا يجوز جعله على هذه الصورة. فان طاعة الله عز وجل لا تدرك بان يتعصب المرء حمية لاحد من الخلق دون غيره وانما يدرك ما امر الله عز وجل بما جاء في الكتاب والسنة ثم قال وفي الحديث ان يسير الرياء شرك. اي عد الواقع من الخلق في الرياء ولو كان يسيرا كركا فكذلك اذا وقع من العبد خلل في الطاعة على الوجه المتقدم ولو كان يسيرا لا يرجع على الاصل الكلي في طاعة الله بالنقض فان صاحبه يكون واقعا في الشرك الاصغر وتقدم ان ان الحديث المروي في هذا الباب وهو ان يسير الرياء شرك لا يثبت. وان تقييد كون الرياء شرك اليسر مرده الى الفاعل لا الى الفعل. اما الفعل فكله شرك اصغر ثم قال وهذا منصوب عند النصوص التي فيها اطلاق الكفر والشرك على كثير من الذنوب انتهى اي ان تلك النصوص الواردة في الكفر والشرك على كثير من الذنوب عدت شركا باعتبار ما يحتف بها من جعل الطاعة لغير الله سبحانه وتعالى والموافقة على خلاف امره مما لا يخرج به العبد من الملة لكنه يكون واقعا في الشرك الاصغر. ثم قال رحمه الله الله تعالى قال ابو جعفر اه قال ابو جعفر ابن جرير رحمه الله في معنى قول الله تعالى وتجعلون له اندادا اي وتجعلون لمن خلق ذلك الانداد وهم الاكفاء من الرجال. تضيعونهم في معاصي في معاصي الله والاكفاء بالتشديد جمع كفيف والاكفاء بالتشديد جمع كفيف فصوابها الاكفاء من الرجال اي المتصفون بالكفاءة وهي الاهلية. فهؤلاء الذين ذمهم الله سبحانه وتعالى جعلوا لمن خلق ذلك الانداد وهم الاكفاء من الرجال يطيعونه في معاصي الله وتقدم ان الند في لسان العرب يجمع معنيين هما هذي كلها واحد هذا فاشار بيده باغين يكتبون الأول الشبه والمماثلة والثاني الضد والمخالفة هو الأخ يقول الشبه والمماثلة والضد والمخالفة قال فلا ويحرك يده ودائم طالب العلم يجتهد في ان يعرب عن الحق باكمل عبارة ونحن في مجلس تعليم فاذا اردت ان تعلب عن الحق اعرب عنه بعبارة بينة ليقر في قلبك اولا ثم ينتفع به غيرك ثانيا. ثم قال المصنف رحمه الله تعالى الا قلت كما هو الواقع من كثير من عباد القبور الذين اطاعوا غير الله سبحانه وتعالى في معصية الله فصاروا مشركين شرك الطاعة ثم جعلوا من عبادتهم شيئا لغير الله عز وجل كالنذر والذبح والحلق والطواف على هذه القبور فعظم شركهم صار اعظم من شرك الاولين. وللمصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين توجع من هذه الحال التي انتهى اليها كثير من الخلق. فقال رحمه الله تعالى قال وقد عمت البلوى بالجهل به بعد القرون الثلاثة المفضلة لما وقع من الغلو في قبور اهل البيت وغيرهم وبنيت عليها المساجد وبنيت لهم المشاهد فاتسع الامر وعظمت الفتنة في الشرك المناسب للتوحيد لما حدث الغلو في الاموات وتعظيمهم بالعبادة فبهذه الامور التي وقع فيها الاكثر عاد المعروف منكرا والمنكر معروفا والبدعة سنة والسنة بدعة نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير وقد قال صلى الله عليه وسلم بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين حين يصلحون اذا فسد الناس وفي رواية يصلحون ما افسد الناس اخر كلامه في قرة عيون الموحدين في الصفحة الخامسة والثمانين بعد المئة وتاليتها يقول رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم تحبه الله والذين امنوا اشد حبا لله. قال العماد ابن كثير رحمه الله تعالى يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدنيا والاخرة حيث جعلوا لله اندادا اي امثالا ونظراء يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه. وفي الصحيحين عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي الذنب اعظم قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك وقوله والذين امنوا اشد حبا لله ولحبهم لله تعالى وتمام معرفة به وتوقيرهم وتوحيدهم لا يشركون به شيئا. بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه. ويلجأون في جميع امورهم اليه. ثم توعدت تعالى المشركين الظالمين لانفسهم بذلك فقال تعالى ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب ان القوة لله جميعا قال بعض تقدير الكلام لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ ان القوة لله جميعا اي ان الحكم ان اي ان الحكم له وحده لا شريك له فان جميع الشاي تحت قهره وغلبته وسلطانه وان الله شديد العذاب كما قال تعالى فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وثاقه احد قولوا لو علموا ما يعاينونه هنالك. يقول لو علموا ما يعاينونه هناك وما يحل به من الامر الفظيع المنكر الهائل على شركهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال ثم اخبر عن كفرهم باعوانهم وتبرء المتبوعين من التابعين فقال تعالى اذ تبرع اتبعوا من الذين اتبعوا تبرعت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون انهم كانوا يعبدونه في الدنيا فتقول الملائكة اليك ما كانوا ايانا يعبدون. ويقولون سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون والجن ايضا يتبرعون منهم ويتنصلون من عبادتهم لهم كما قال تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا او بعبادتهم كافرين انتهى كلامه وروى ابن جرير وروى ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى يحبونه كحب الله مباهاة ومباهاة للحق بالانداد. والذين امنوا اشد حبا لله. والذين امنوا اشد حبا لله اي من الكفار لاوثانهم قال المصنف رحمه الله تعالى ومن الامور المبينة لتفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله اية البقرة بالكفار الذين قال الله تعالى فيهم وما هم بخارجين من النار ذكر انهم يحبون اندادهم كحب الله فدل على انهم يحبون الله حبا عظيما. فلم يدخلهم في الاسلام فكيف بمن احب الند اكبر من حب الله؟ فكيف من لم يحب الا الند وحده انتهى ففي الاية بيان ان من اشرك مع الله تعالى في المحبة فقد جعله شريكا لله في العبادة واتخذه طول الدم من دون الله وان ذلك هو الشرك الذي لا يغفره الله تعالى كما قال تعالى في اولئك وما هم بخارجين من وقوله ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب. المراد بالظلم هنا الشرك كقوله ومن ولم ولم يلبسوا ايمانهم بظلم كما تقدمت. فمن احب الله وحده واحب فيه وله فهو مخلص ومن احبه واحب معه غيره فهو مشرك كما قال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ما معناه؟ فمن رغب الى غير الله في قضاء حاجة او تفريج كربة لازم ان يكون محبا له محبته ومحبته هي الاصل في ذلك انتهى. فكلمة الاخلاص لا اله الا الله تنفي كل شرك في اي نوع كان من انواع العبادة وتثبت العبادة وتثبت العبادة بجميع افرادها لله تعالى. وقد تقدم بيان ان الاله هو الذي تألهه القلوب بمحبة وغيرها وغيرها من انواع العبادة فلا اله الا الله نفذ ذلك كله عن غير الله واثبتته لله واثبتته لله وحده فهذا هو الذي دلت عليه كلمة الاخلاص مطابقة فلابد من معرفة معناها واعتقاده وقبوله به باطنا وظاهرا والله اعلم. قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى اعلم ان الشرك اعظم ذنب عصي الله به قال تعالى قال الله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وفي الصحيحين انه صلى الله عليه وسلم سئل اي الذنب اعظم؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك والند المثل قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. وقال تعالى وجعل لله اندادا كل عن سبيله فمن جعل لله اندادا من خلقه فيما يستحقه عز وجل من الالهية والربوبية فقد كفر باجماع الامة قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فتوحيد المحبوب الا يتعدد محبوبه اي مع الله تعالى بعبادته له وتوحيد الحج وتوحيد الحب الا يبقى في قلبه بقية حب حتى يبدو الالة. فهذا الحب وان سمي عشقا فهو غاية صلاح العبد ونعيمه قرة عينه وليس لقلبه صلاح ولا نعيم الا بان يكون الله ورسوله احب اليه من كل ما سواهما وان تكون محبته لغير الله تابعة من محبة الله فلا يحب الا الله ولا يحب الا لله كما في الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه الحديث ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من محبته ومحبة المرء ان كانت لله فهي من محبته وان كانت لغير الله فهي منقصة لمحبة الله تعالى مضعفة لها ويصدق هذه المحبة بان تكون كراهيته لابغض الاشياء الى محبوبه. وهو الكفر بمنزلة كراهته لالقائه في النار القائه في النار او اشد ولا ريب ان هذا من اعظم المحبة فان الانسان لا يقدم على محبة نفسه وحياته شيئا. فاذا قدم محبة الايمان بالله على نفسه بحيث لو خير بين الكفر وبين طهي بالنار لاختار ان يلقى في النار ولا يكفر كان احب اليه من نفسه وهذه المحبة هي فوق ما يجده العشاق المحبون من محبة محبوبهم بل لا نظير لهذه المحبة كما لا مثل لمن تعلقت به وهي محبة تقتضي تقديم المحبوب فيها على النفس والمال والولد وتقتضي كمال الذل والتعظيم والاجلال والطاعة والانقياد ظاهرا وباطنا وهذا لا نظير له في محبة مخلوق ولو كان المخلوق من كان ولهذا من شرك بين الله تعالى وبين غيره هذي المحبة الخاصة كان مشركا شركا لا يغفره الله كما قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله انجادا ان يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله. والصحيح ان معنى الاية ان الذين امنوا اشد حبا لله من اهل الامداد لاندادهم كما تقدم ان محبة المؤمنين لربهم لا يماثلها محبة مخلوق اصلا. كما لا يماثل محبوبهم غيره وكل اذى في محبته لغيره فهو نعيم في محبته وكل مكروه في محبة غيره فهو قرة عين في محبته. ومن ضرب بمحبته الامثال التي في محبة المخلوق للمخلوق كالوصل والهجر والتجني بلا سبب من المحب وامثال ذلك مما يتعالى الله عنه علوا كبيرا فهو مخطئ اقبح الخطأ وافحشه وهو حقيق بالابعاد والمخفي انتهى بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها. والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله اي امثال الامثال جمع مثل الامثال جمع مثل وهو الشبيه وقوله ونظراء النظراء جمع نظير. وهو السمي المكافئ جمع نظير وهو الثمي المكافئ المكافئ قوله في الصفحة الثانية والستين بعد المائتين وروى ابن جرير عن مجاهد في قوله تعالى يحبونهم كحب الله قوله مباهاة المباهاة المفاخرة المباهاة المفاخرة وقوله ومضاهاة المضاهاة المشابهة على وجه المقابلة المشابهة على وجه المقابلة وقوله في الصفحة السادسة والستين بعد المائتين كالوصل يعني الاقبال بالالف قال في محبة المخلوق للوصل اي الاقبال بالالف وقوله والهجر اي القطع بالمخالفة اي القطع بالمخالفة وقوله التجني تفاعل من الجناية تفاعل من الجناية والجناية اسم لما يحدث ويكتسب من الشر والجناية اثم لما يحدث ويكتسب من الشر وقوله في اخذها والمقت هو البغض وقوله الموت هو البغض واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشانح رحمه الله شرع يبين دليلا اخر من الادلة التي ساقها جده في هذا الباب وهو قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من نزول الله فقال قال المصنف رحمه الله وقوله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا ثم شرع يبين ناقلا كلام ابن كثير رحمه الله تعالى انه قال يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا ومآله هم في الدار الاخرة حيث جعلوا لله انذادا اي امثالا ونظراء يعبدونهم معه ويحبون كحب الله كحبه وهو الله لا اله الا هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه التي كانوا عليها في الدنيا هي اتخاذ الانداد وتقدم ان الند فيه معنى الشبه والمماثلة ومعنى الضد والمخالفة هؤلاء جعلوا اندادا يحبونهم كحب الله وهذا الذي اقترفوه تنديد لان حقيقة التنديد هي اتخاذ الند بجعل شيء لله اي لغيره لان حقيقة التنديد هي اتخاذ الند بجعل شيء لله لغيره. وتقدم بيان انواعه. ثم قال النخوة في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي الذنب اعظم؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك فجعل عبادة الله عبادة غير الله عز وجل اعظم الذنب وعبر عنها بجعل الند لله سبحانه وتعالى وعلل اعظمية الذنب بقوله وهو خلقك اي لانه خلقك فهو تعليل لقباحة الجعل برد الربوبية الى الله عز وجل. فكان معنى الحديث ان تجعل الالوهية لغير الله وهو الذي له الربوبية. ان تجعل الالوهية لغير الله وهو الذي له الربوبية وفعل ذلك من دليل على غمض الله حقه ومسبة عظيمة لله. فمن اعتقده ربا لزمه ان يعتقده معبودا فهو المستحق سادتي بربوبيته. ثم قال وقوله والذين امنوا اشد حبا لله ولحبهم لله تعالى وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيده لا يشركون به شيئا بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ويلجأون في جميع امورهم اليه. فمن عرف الله عز وجل بربوبيته واسمائه وصفاته جعل كل عبادة لله عز وجل فالحب لله والتوكل على الله والرجاء من الله وخوفه من الله سبحانه وتعالى ثم قال ثم توعد تعالى المشركين الظالمين لانفسهم بذلك فقال تعالى ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب ان القوة جميعا. وهذا انتقال الى بيان مآل المشركين في الدار الاخرة. فان ابى الفداء ابن كثير قال في صدر كلامه يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا ومآلهم في الدار الاخرة. فالايات المذكورة من سورة البقرة جمعت امرين فالايات المذكورة من سورة البقرة جمعت امرين احدهما بيان حال المشركين احدهما بيان حال المشركين في فضح شركهم في فضح شركهم والتشنيع عليهم بفعلهم بفضح فعلهم والتشنيع عليهم بشركهم وهي في قوله تعالى وهو في قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله ادادا يحبونه كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله والاخر بيان مآلهم في الاخرة. والاخر بيان مآلهم في الاخرة. وما يصيرون اليه من الشقاء التام وما يصيرون اليه من الشقاء التام الذي يبلغ بهم كفر بعضهم ببعض وبراءة بعضهم ببعض كما قال تعالى ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب ان القوة لله جميعا الى اخر الايات التي سيأتي بيانها وفي كلام ابي الفداء ابن كثير قال الفداء قال ابو الفداء ابن كثير قال بعضهم تقدير الكلام لو اينوا العذاب لعلموا حينئذ ان القوة لله جميعا فلو يرى الكافرون العذاب قطعوا ان القوة لله جميعا. والمراد باثبات القوة اثبات الحكم والمراد باثبات القوة اثبات الحكم. لان الحكم هو الذي يحصل به الفصل بين الخلق. لان الحكم هو الذي يحدث به الفصل بين الخلق فاثبات القوة لله اثبات ان الحكم لله عز وجل. قال الله عز وجل ان الحكم الا لله قال اي ان الحكم له وحده لا شريك له فان جميع الاشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه. قال الله لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار فيتمحض الملك والحكم يوم القيامة لله لا يشركه فيه دعي المدعي لزوال املاك الخلق والصغارهم واضطرارهم جميعا الى الله عز وجل مؤمنهم ومنافقهم وكافرينهم قال قوله وان الله شديد العقاب كما قال تعالى فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وثاقه احد. يقول لو ما يعاينونه هناك وما يحل بهم من الامر الفظيع المنكر الهائل على شركهم وكفرهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال. ثم اخبر عن كفرهم باعوانهم وتبرأ المتبوعين من التابعين. وقال تعالى اذ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا اي تبرأ المتبوعون من الذين اتبعوهم من الاتباع قال تبرأت منهم الملائكة الذي كانوا الذين كانوا يزعمون انهم كانوا يعبدونهم في الدنيا فتقول الملائكة تبرأنا اليك ما كانوا ايانا يعبدون ويقولون سبحانك انت ولينا من دونهم فتبرأ الملائكة مما ادعاه المشركون من عبادة غير الله عز وجل. وقالت الملائكة بل كانوا يعبدون الجن اكثر بهم مؤمنون وانما رد الملائكة ايمان هؤلاء الى الايمان بالجن لانهم يشاركون في كونهم عالما خفيا لانهم يشاركون الملائكة في كونهم عالما خفيا. فهم يزعمون انهم يعبدون من يعبدون من العالم الخفي ويجعلونه الملائكة وهو في الحقيقة عبادة الجن. وكان المشركون يعتقدون اتصالا بين الملائكة والجن ومناكحة وذرية فهم يزعمون انهم يعبدون الملائكة وهم في الحقيقة يعبدون الجن ثم قال والجن ايضا يتبرأون منهم. ويتنصلون من عبادتهم لهم. اي يطلبون المخرج من تلك العبادة التي ادعوها كما قال تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعاء غافلون غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. انتهى كلامه فيكون بين المتبوعين والاتباع من الكافرين يوم القيامة براءة وعداوة وكفر بعضهم اعضاء وهذا من دلائل قبح الشرك فان من دلائل قبحه انه يصدم المودة يوم القيامة بين اهله فلا تبقى بينهم مودة فلا تبقى بينهم لهم مودة ويتبرع كل واحد منهم من الاخر ولو كانت هذه العاصرة عاصرة امينة متينة لما وقعت هذه البراءة. لكن هؤلاء مكبر صنيعهم مكبر صنيعهم ثم كانوا يعملون ثم قال المصنف وروى ابن جرير عن مجاهد وهو ابن جبر المكي في قوله تعالى يحبونه كحب لله مباهاة ومضاهاة للحق بالانداد فهم يحبون تلك الانداد على وجه المفاخرة والمقابلة للمؤمنين في الدين للحق الذين يحبون الله عز وجل. ثم قال والذين امنوا اشد حبا لله من الكفار لاوثانهم. فالمؤمنون يحبون الله والمشركون يحبون الاوثان. والذين امنوا اشد حبا لله عز وجل من اولئك في حبهم لاوثانهم لان المؤمن صادق المحبة مع مألوهه الذي يعظمه فانه احبه بما في قلبه من تأليه من الخضوع. واما المشرك فانه يزعم محبته. مؤلهه ويكذب في ذلك كما جاء في اخبارهم انهم كانوا اذا عدموا صنما في سفر جعلوه من تمر فاذا جاعوا اكلوه في اخبار تدل على كذبهم في دعوى محبتهم اوتانهم فانهم لو كانوا صادقين في تلك المحبة لما صنعوا ما صنعوا ثم قال الشارح قال المصنف يعني امام الدعوة ومن الامور المبينة لتفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله اية البقرة في الكفار التي الذين قال الله تعالى فيهم وما هم بخارجين من النار. يعني الاية ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا. قال ذكر انهم يحبون اندادهم كحب الله. فدل على انهم يحبون الله حبا عظيما ولم فلم يدخله في الاسلام. فكيف بمن احب الند اكبر من حب الله؟ اي كيف بمن جعل حب التأله في قلبه للند اكبر مما يجعله من حب الله عز وجل في قلبه. ثم قال فكيف بمن لم يحب الا الند وحده اي كيف حال من محض حبه لغير الله عز وجل فاحبه من دونه وهذه الجملة انتظم فيها انواع المشركين في المحبة انتظم فيها انواع المشركين في المحبة وهي ثلاثة احدها من يحب منهم الند من يحب منهم الند ويحب الله. من يحب منهم الند ويحب الله فهو يحب معظمه من الانداد ويحب الله عز وجل. وثانيها من يحب الند اكبر من حب الله من يحب الند اكبر من حب الله. ففي قلبه حب الند وحب الله. ففي قلبه حب وحب الله وحب الند اكبر في قلبه. وحب الند اكبر في قلبه وثالثها من يحب الند وحده. من يحب الند وحده وهي دركات من الشرك فان هؤلاء كلهم مشركون. لكن قبح لكن قبح شركهم يتفاوت بحسب ما كونوا في افعالهم من قدر المحبة لله وللند او لله او للند وحده. ثم قال الشارح ففي الاية بيان ان من اشرك مع الله تعالى في المحبة فقد جعله شريكا لله في العبادة. واتخذه ندا من دون الله. وان ذلك هو الشرك الذي لا الله تعالى كما قال تعالى في اولئك وما هم بخارجين من النار. لان مدار العبادة الاعظم هو على المحبة كما تقدم تقريره في درس الفجر. ثم قال وقوله ولم يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب المراد بظلم من هنا الشرك كقوله ولم يلبسوا ايمانهم بظلم كما تقدم اذ فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالشرك فان الصحابة رضي الله عنهم لما جاءوه فقالوا اينا لم يظلم نفسه؟ قال ليس كما تقولون الم تسمعوا قول الرجل الصالح؟ يعني اللقمان ان بكاء ظلم عظيم متفق عليه. ففسر الشرك بالظلم والشرك اظلم الظلم كما تقدم بيان وجهه في مقدمة شرح باب الخوف من الشرك. ثم قال الشارح فمن احب الله وحده واحب فيه وله فهو مخلص. ومن احبه واحب معه غيره فهو مشرك. كما قال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الارض فراشا. والسماء بناء وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون فمن احب الله سبحانه وتعالى وجعل حبه غيره كائنا فيه وله فهو مخلص على الحقيقة ومن احبه واحب غيره فهو مشرك. لان الله عز وجل لما ذكر شواهد ربوبيته ومظاهر ملكه وسلطانه وقدرته في هؤلاء الايات من سورة البقرة قال فلا تجعلوا لله اذادا وانتم تعلمون ها هم اعظم النهي عن ان يجعلوا لله سبحانه وتعالى ندا. وهذه الاية من سورة البقرة وتاليتها جاء في طرفيها تحقيق العبادة لله عز وجل فالطرف الاول فيه الامر بها في قوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم فالطرف الاول الامر بها في قوله يا ايها الناس اعبدوا ربكم. والطرف الثاني في النهي عن الشرك. والطرف الثاني بنهيه عن الشرك في قوله فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون ثم قال المصنف قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ما معناه؟ فمن رغب الى غير الله في قضاء حاجة؟ او تفريج قربة لزم ان يكون محبا له ومحبته هي الاصل في ذلك انتهى. لان الامر في حركات والارادات مرده الى الحب. فبالحب يتحرك العبد اقداما واحجاما. فانه اذا اذا احب شيئا مال اليه ورغب فيه. واذا عدمت محبته من قلبه صد عنه ونفر منه ثم قال فكلمة الاخلاص لا اله الا الله تنفي كل شرك في اي نوع كان من انواع العبادة وتثبت العبادة جميع افرادها لله تعالى وقد تقدم بيان ان الاله هو المألوف الذي تألهه القلوب بالمحبة وغيرها من انواع العبادة فلا اله الا الله نفذ ذلك كله عن غير الله واثبتته لله وحده فهذا هو الذي دل عليه كلمة الاخلاص مطابقة فلابد من معرفة معناها واعتقاده وقبوله والعمل به باطنا وظاهرا والله اعلم ثم قال قال شيخ الاسلام رحمه الله اعلم ان الشرك اعظم ذنب عصي الله به. لانه لا يغفر قال الله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فالشرك موقوف عن وغيره من الذنوب على رجاء مغفرة ان شاء الله غفر لمن صرفه وان شاء عذبه. قال وفي الصحيحين انه سئل اي الذنب اعظم؟ قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك والند المثل وتقدم ان المثلية تقارنها ايضا الضدية والمخالفة فباعهما تكمن حقيقة الند في لسان العرب. قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اي اعداده وانتم تعلمون وقال تعالى وجعل لله اندادا ليضل عن سبيله فمن جعل لله اندادا من خلقه فيما ما يستحقه عز وجل من الالوهية والربوبية فقد كفر باجماع الامة. انتهى كلامه. ثم قال قال علامة ابن القيم رحمه الله فتوحيد المحبوب الا يتعدد محبوبه اي مع الله تعالى بعبادته وتوحيد الحب الا يبقى في قلبه بقية حب حتى يبذلها له. فالحب يضاف الى طرفين احدهما اضافته الى المفعول والاخر اضافته الى الفاعل فالحب يضاف الى طرفين احدهما اضافته الى المفعول والاخر اضافته الى الفاعل فاما اضافته الى المفعول ففي قوله فتوحيد المحبوب الا يتعدد محبوبه اي مع الله تعالى بعبادته له فحقيقة صدقه الا يكون له محبوب سوى الله سبحانه وتعالى. واما اضافة اعل ففي قوله وتوحيد الحب. يعني الحاب الباذل المحبة. يعني الحاب الباذل المحبة وتوحيد الحب الا يبقى في قلبه بقية حب حتى يبذلها له. فلا يكون في قلبه شيء من الحب معطلا عن المحبة الكاملة بل كل حبه هو لمحبوبه وهو الله سبحانه وتعالى قال فهذا الحب وان سمي عشقا اي في لهج بعظ المتكلمين في باب الرقائق والاحوال القلبية فهو غاية صلاح العبد ونعيمه وقرة عينه وليس لقلبه صلاح ولا نعيم الا بان يكون الله ورسوله احب اليه من كل ما سواهما وان تكون محبته لغير الله تعالى تابعة لمحبة الله تعالى فلا يحب لا لله ولا يحب فلا يحب الا الله ولا يحب الا لله كما في الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه الحديث وقول ابن القيم وان سمي عشقا لا يقتضي المسامحة في تسمية هذه العبادة بالعشق. لكنه اراد الانباه الى ان جريان هذا الامر في قلوب المتكلمين في هذا الباب وان سموه عشقا فان الامر صحيح هم باعتبار حقيقته فهو غاية صلاح العبد ونعيمه وقرة عينه. فهو في الشرع يسمى حبا لله حبا لرسوله صلى الله عليه وسلم. وحقيقة ما يوجد من معناه هو نظير ما يوجد من معنى العشق عند العشاق فان العاشقون التائهون في احد من الخلق المولعون به يجدون من كمال اللذة والاقبال على احواله والدوران معه في سكناته وحركاته ما يجعلهم في حبهم صادقين. فكذا ينبغي ان ان يكون الحب لله عز وجل واعظم بان يدعو العبد الى كمال الاقبال على الله سبحانه وتعالى وتمام المتابعة لامره وامر رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يبلغ من ذلك ما قال ابن القيم وان تكون محبته لغيره لله تابعة لمحبة الله تعالى. فليس في قلبه حب الا لله. او ما امر الله عز وجل بحبه. فلا الا الله ولا يحب الا لله كما في الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان وفيه ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. وان يحب المرء لا يحبه الا لله فحب التأليه كله لله عز وجل. واذا احب احدا فان حبه يكون تابعا لحب الله سبحانه وتعالى وهذا مقام عظيم يفتقر فيه العبد الى تخليص قلبه من كل التفات الى اسباب المحبة ان تحملوا عليها كالمؤانسة في المخاط مخالطة او او المشاكلة في الطباع او المرافقة في الاعمال او غير ذلك من الامور التي تنشئ المحبة فانه ينبغي تعطيلها الا ان يكون الحامل عليها هو الحب في الله سبحانه وتعالى. فان الدوران مع هذه الاسباب منقطع ان لم يكن الموجب لذلك هو محبة في الله سبحانه وتعالى. فمن احب احدا لانسه بطبعه ان لم يكن حبه لله سبحانه وتعالى مع انثه بطبعه وموافقته في حاله فان تلك المحبة تتصرم حبالها وتنقطع اخبارها. اما المحبة التي تكون لله سبحانه وتعالى فحقيقتها ان تبقى ثابتة لا تتغير ولو تغير من عقدت معه معه المحبة فيما يوصل اليك من الود. فحقيقة المحبة ان تزيد في طاعة الله. وتنقص بمعصية الله. اما تزيدها المؤلفة والمشاكلة والمرافقة مع وقوع المخالفة لامر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم فالدعوة المنعقدة بينهما دعوا ليست لله ولا في الله. ثم قال رحمه الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه كلم هي من محبته ومحبة المرء ان كانت لله فهي من محبته. لان الله امر بهما. فما امر الله عز عز وجل به راجع الى موافقة امره. فيكون من جملة محبته سبحانه وتعالى. قال وان كانت لغير فهي منقصة لمحبة الله تعالى مضعفة لها ويصدق هذه المحبة بان تكون كراهيته لابغض الاشياء الى محبوبها وهو الكفر بمنزلة كراهته لالقائه في النار او اشد ان يبينوا ان المحبة المذكورة صادقة ان كراهيته لابغض الاشياء الى محبوبه وهو الله ورسوله ذلك المبغض هو الكفر بمنزلة كراهيته لالقائه بالنار او اشد فهو يرى ان ما يصل الى القلب من الم حب غير الله عز وجل بالكفر اعظم مما يصل الى البدن بالم النار اذا القي فيها فلا يعدل بالم النار شيئا في مقابل الم الكفر فألم الكفر الذي يعتصر قلبه اذا احب غير الله سبحانه وتعالى اشد عند المؤمن خوفا على من ان يجعل في النار. لان من لان من امتلأ قلبه بمحبة غير الله تشتت شمله. وتفرقت وضعف سيره وانقطع اقباله كثرت الدواهي المدهية التي تسوم قلبه اشد العذاب. قال ابو عباس ابن تيمية اشد العذاب عذاب القلب. ولما كان هذا الامر هو الواقع حقيقة كانت النار اجل تعذيب القلوب اصلا فان الله سبحانه وتعالى قال وقد ذكر وصول النار الى الافئدة. قال سبحانه وتعالى ايش الاية ايش ايش اللي قبلها نعم تطلع على الافئدة فان اطلاعها على الافئدة يعني وصولها الى القلوب قال ابن القيم رحمه الله تعالى انما جعلت النار لاذابة القلوب القاسية. انما جعلت النار لاذابة القلوب القاسية وذكر في القرآن وصول العذاب الى القلب لامرين. وذكر في القرآن اصول العذاب الى القلب لامرين احدهما ان القلب ارق ما يكون ان القلب ارق ما يكون. فالمه بالعذاب شديد ان القلب ارق ما يكون فالمه بالعذاب شديد والاخر ان مبتدأ الارادة يكون منه ان مبتدأ الارادة يكون من فان حمل العبد على مخالفة امر الله يبدأ من القلب بارادة العبد. فيعذب العبد بذلك. فتكون هذه الحال المذكورة من الالقاء في النار اهون على العبد من ان يمزق قلبه بمحبة غير الله سبحانه وتعالى قال ولا ريب ان هذا من اعظم المحبة فان الانسان لا يقدم على محبة نفسه وحياته شيء فاذا قدم محبة الايمان بالله على نفسه بحيث لو خير بين الكفر وبين القائه في النار لاختار ان يلقى في النار ولا يكفر كان احب اليه من نفسه. وهذه المحبة هي فوق ما يجده العشاق المحبوبون المحبون من محبة محبوبيهم الا نظير لهذه المحبة كما لا مثل لمن تعلقت به. وهو الله سبحانه وتعالى. وهي محبة تقتضي تقديم المحبوب فيها النفس والمال والولد وتقتضي كمال الذل والخضوع والتعظيم والاجلال والطاعة والانقياد ظاهرا وباطنا وهذا لا نظير له في محبة مخلوق ولو كان المخلوق من كان فان القلوب لا تنقض لا تنقاد بهذه المثابة اتنعقد ازمتها بهذه الرتبة الا للخالق سبحانه وتعالى. فهذه المحبة التي تكون في القلوب لله تفعل من قلوب الافاعيل اذا صدقت في محبة الله سبحانه وتعالى. قال ولهذا من شرك بين الله تعالى وبين غيره في هذا هذه المحبة الخاصة كان مشركا شركا لا يغفره الله. كما قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونه كحب الله الذين امنوا اشد حبا لله ثم قال والصحيح ان معنى هذه الاية ان الذين امنوا اشد حبا لله من اهل الانداد لاندادهم وذكره الصحيحة اشارة الى الخلاف. فان اهل العلم مختلفون في معنى هذه الاية على قولين احدهما ان معنى هذه الاية ان الكفار يحبون ان الكفار يحبون الله كحبهم الهتهم الهتهم ان الكفار يحبون الله كحبهم الهتهم الهتهم. والاخر ان صار يحبون الهتهم مع الله. ان الكفار يحبون الهتهم مع الله والاول هو الصحيح ان الكفار يحبون الهتهم حبا عظيما ولكن الذين امنوا اشد حبا لله سبحانه وتعالى. فالمؤمنون اشد حبا لله من اهل الانجاد لاندادهم. كما تقدم ان محبة المؤمنين لربهم لا يماثلها محبة مخلوق اصلا كما لا يماثل حبوبهم غيره وكل اذى في محبة غيره فهو نعيم في محبته. وكل مكروه في محبة غيره فهو قرة عين في محبته. ومن ضرب لمحبته الامثال التي في محبة المخلوق للمخلوق كالوصل والهجر والتجني بلا سبب من المحب وامثال ذلك مما يتعالى الله عنه علوا كبيرا فهو مخطئ اقبح الخطأ وافحشه وهو حقيق بالابعاد والمقت. انتهى فان كثيرا من المتكلمين في محبة يبينون مواردها ويظهرون مناحيها بما يذكرونه من احوال المحبة بين المحبوبين من الخلق ويجرون في تعيين مقاديرها واحوالها ما جرى عليه عرف المحبوبين مع محبوبيهم في الدنيا من الخلق من وصل وهجر وشكاية وتجنن ونكاية وغير ذلك من دروب الاحوال وهذا مخطئ اقبح خطأي وافحشه لان محبة المخلوق مهما بلغت فانها لا تصل الى شيء من محبة الخالق سبحانه وتعالى فلا ينبغي اجراء هذه الالفاظ التي تكون في حب المخلوقين فيما يتعلق بحب الله عز وجل تعظيما لحب الله سبحانه تعالى واجلالا له. وللمصنف رحمه الله تعالى بعد نقل كلام ابن القيم في قرة عيون الموحدين بيان زائد فانه قال رحمه الله تعالى بعد ذكره كلام ابن القيم قال قلت وهو قول مجاهد يعني القول الصحيح الذي ذكره ابن القيم وهو قول مجاهد رحمه الله تعالى وقال ابن القيم رحمه الله الا في الكافية الشافية وحياة قلب العبد في شيئين من يرزقهما يحيا مدى الازمان. ذكر الاله وحبه من غير اشراك به وهما فممتنعان. من صاحب التعطيل حقا كامتناع الطائر المقصوص من طيران. ان يمتنعوا وجود محبة الله عز وجل عند من انتقصه من اهل التعطيل وغيرهم. ثم قال قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ما معناه فمن رغب الى غير الله بقضاء حاجة او تفريج كربة لزم ان يكون محبا له ومحبته هي الاصل في ذلك انتهى. قلت فمن احب مع الله غيره لم ينفي ما نفته لا اله الا الله من الشرك. ولم يثبت ما اثبتته من التوحيد بل قد جعل مع الله شريكا في الهيته الله فتبين ان الالهية هي العبادة فنفيها عما سوى الله واثباتها لله وحده بجميع انواعها هو معنى لا اله الا كما تقدم بيانه انتهى منه في الصفحة الثامنة والثمانين بعد المئة وتاليتها نعم يقول رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل. قوله في الصحيح اي صحيح مسلم عن ابي مالك الشيعي عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. وابو مالك اسمه سعد ابن طارق كوفي فقه. مات في حدود الاربعين ومئة وابوه طارق بن اشيم بالمعجمة والمثنى التحتية وزن احمر بن مسعود الاشيعي صحابي له احاديث قال مسلم لم يروي عن لم يروي عنه غير ابنه وفي مسند الامام احمد عن ابي مالك قال وسمعته يقول للقوم من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل رواه الامام احمد من طريق يزيد من طريق يزيد ابن هارون. من طريق يزيد ابن هارون. قال انبعنا ابو مالك الاشجعي عن ابيه ورواه الامام احمد عن عبد الله ابن ادريس قال سمعت ابا مالك؟ قال قلت لابي الحديث رواية رواية الحديث بهذا اللفظ يفسر لا اله الا الله. قوله من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دونه اعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم علق عصمة المال والدم في هذا الحديث بامرين. الاول قول لا اله الا الله علم ويقين كما هو مقيد في قولها في غير ما حديث كما تقدمت. والثاني الكفر بما يعبد من دون الله فلم يكتفي بمجرد يعني المعنى بل لا بد من قولها والعمل بها قلت وفيه معنى قوله فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى له لها. قال المصنف رحمه الله تعالى وهذا من اعظم ما يبين معنى لا اله الا الله. فانه لم يجعلني التلفظ بها عاصي للدم والمال بل ولا معرفة معناها مع التلفظ بها بل ولا الاقرار بذلك بل ولا كونه لا يدعو الا الله وحده لا شريك له بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف الى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله. فان شك او تردد لم يحرم ما له ودمه. فيا لها من مسألة ما اجلها ويا له من بيان ما اوضحه وحجة ما اقطعها للمنازع انتهى قلت وهذا هو الشرط المصحح لقول لا اله الا الله فلا يصح قولها بدون هذه الخمس التي ذكرها المصنف رحمه الله اصلا قال الله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنته ويكون الدين كله لله. وقال تعالى فقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد. فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم. امر بقتالهم حتى يتوبوا من الشرك ويخلصوا اعمالهم لله تعالى ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فانابوا عن ذلك او بعضه قتلوا اجماعا وذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى قد افلح من تزكى فقال قال الحافظ ابو بكر البزار قال حدثنا عباد ابن احمد وساق بسنده عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قوله قد افلح من قال من شهد ان لا اله الا الله وخلع الامداد وشهد اني رسول الله. الحديث وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله. ويؤمنوا بي وبما جئت به. فاذا ذلك اعظم مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله تعالى وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله وهذا عن الحديث ان تفسير الايتين اية الانفال واية براءة. وقد اجمع العلماء على ان من قال لا اله الا الله ولم يعتقد معناها ولم يعمل بمقتضى انه يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفس والاثبات. قال ابو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى في قوله امرت ان اقاتلا امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله معلوم ان المراد بالعباد معلوم ان المراد بهذا اهل عبادة الاوثان دون اهل الكتاب لانهم يقولون لا اله الا الله ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف. وقال القاضي عياض رحمه الله واختصاص عصمة المال والنفس بمن قال لا اله الا الله تعبير عن الاجابة الى الايمان وان المراد بذلك مشرك العرب واهل الاوثان فاما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفى في عصمته بقول لا اله الا الله ان كان يقولها في كفره انتهى ملخصا وقال النووي رحمه الله لابد مع هذا من الايمان بجميع ما جاء عنه الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية ويؤمن بي ما جئت به وقال شيخ الاسلام رحمه الله لما سئل عن قتال التتاري فقال كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الاسلام الظاهرة من هؤلاء القوم او غيرهم فانه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الاسلام وان كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين ملتزمين ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعضا شرائعه كما قاتل ابو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانع الزكاة وعلى هذا اتفق الفقهاء بعدهم قال فايما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات او الصيام او الحجة او عن التزام او عن التزام تحريم الدماء او الاموال او الخمر او الميسر او نكاح ذوات المحارم او عن التزام جهاد الكفار او غير ذلك من التزام واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لاحد في جحودها او تركها التي يكفر الواحد بجحودها فان الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وان كانت مقرة بها وهذا مما لا يعلم فيه خلافا بين العلماء كما قال وهؤلاء عند المحققين ليسوا بمنزلة البغاة بل هم خارجون عن الاسلام. انتهى قوله وحسابه على الله. اين الله تبارك وتعالى هو الذي يتولى حسابه فان كان صادقا جزاه بجنات النعيم وان كان منافقا عذبه العذاب الاليم واما في الدنيا فالحكم على الظاهر فمن اتى بالتوحيد ولم يأت بما ينافيه ظاهرا والتزم شرائع الاسلام وجب الكف عنه قلت وافاد الحديث ان الانسان قد يقول لا اله الا الله ولا يكفر ولا يكفر بما يعبد من دون الله ولم يأتي بما اعصموا دمه وماله كما دل على ذلك الايات المحكمات والاحاديث بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية والجهة الثانية نظم سياقها. فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله علق عصمة المال والدم اي حفظه وحراسته بالحرمة اي حفظه وحراسته بالحرمة واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشارح رحمه الله تعالى شرع يبين ما ذكره جده رحمه الله في اخر ادلة هذا الباب في قوله وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لا اله الا الله الحديث فابتدى تبينه بقوله قوله في الصحيح اي صحيح مسلم عن ابي مالك الاشعي عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره واحتيج الى تعيين المراد بالصحيح بما بينه بقوله اي صحيح مسلم لان قول اهل العلم في موضع ما في الصحيح يكتنفه معنيان يكتنفه معنيان احدهما ارادة جنسه ارادة جنسه اي الحديث المستجمع شروط الصحة الحديث المستجمع شروط الصحة فمتى جمع حديث شروط الصحة ساغ ان يقال في الصحيح اي في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم والاخر ارادة كتبه ارادة كتبه بتعيين نسبته الى كتاب بتعيين نسبته الى كتاب موصوف بالصحة بتعيين نسبته الى كتاب موصوف في الصحة. واستقر في عرف المحدثين ان الكتاب المنعوت بهذا النعت استقر في عرف المحدثين ان الكتاب المنعوت بهذا النعت هو صحيح البخاري وصحيح مسلم هو صحيح البخاري وصحيح مسلم اتفاقا او انفرادا. اتفاقا او انفرادا فلو قال قائل وفي الصحيح يريد جنس الكتب وكان الحديث عند البخاري ومسلم اتفاقا وعند احدهما انفرادا صح ذلك منه وساغ فان كان في كتاب اخر وصف بالصحة سواهما لم يكن فعله صحيحا لاختصاص اطلاق اسم الصحيح في عرف المحدثين عليهما. فلو قال قائل وفي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالنسلان وهذا الحديث عند ابن خزيمة عن جابر رضي الله عنه واسناده صحيح كان اطلاقه الصحيح على ارادة كتاب خطأ فان كان على ارادة اسمع استجماع شروط الصحة صح ذلك منه. فصارت هذه الكلمة تقع في مواقع مختلفة منها ما يكون مقبولا ومنها ما يكون غير مقبول باعتبار رده الى المعنيين بين فمثلا لو قال قائل وفي الصحيح اجرؤكم على الفتيا اجرؤكم النار فهذا كلامه صحيح ام غير صحيح لماذا ها لماذا لماذا ليس كلامه صحيحا لان لان الحديث غير صحيح قوله وفي الصحيح اجرأكم على الفتي اجرأكم على النار غير صحيح لان الحديث حديث ضعيف رواه الدارمي وغيره فلو قال مثلا وفي الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تضاغطوا لا تضاغطوا يقولون طيب ارجعوا انتم شوفوا هاللفظة عند من؟ حتى تستفيدون وستستفيدون فائدة عظيمة او قال وفي الصحيح ان الله لن يترك عملك ولو عملت وراء البحار هذي كلها الالفاظ في الصحيح كل الالفاظ في الصحيحين ثم قال وابو مالك اسمه سعد واشرت الى القاعدة المذكورة لظما بقول واشرت الى القاعدة المذكورة نظمن بقول ذكر الصحيح ربما ارادوا ذكر الصحيح ربما ارادوا من جنسه او كتبه تهادوا ذكر الصحيح ربما ارادوا من جنسه او كتبه يفاد. متفق عليه او منفرد متفق عليه او ما انفرد به محمد او مسلم منفردا به محمد او مسلم منفردا ومحمد هو البخاري فاسم محمد اسماعيل البخاري وفي صدر الفية عراقي اول من صنف في الصحيح محمد وخص للترجيح ثم ذكر طرفا من سيرة تابعي الحديث وصحابيه فقال وابو مالك اسمه سعد ابن طارق الكوفي ثقة مات في حدود اربعين ومئة وابوه طارق بن اشيم بالمعجمة والمثناة التحتانية وزن احمر. ابن مسعود الاشجعي صحابي له احاديث قال مسلم لم يروي عنه غير ابنه. وعادة المصنف رحمه الله تعالى الترجمة للصحابة واحتاج الى ترجمته للتابعي لان الحديث وقع عن ابي مالك الاشجعي عن ابيه فذكر طرفا من خبرهما ثم قال وفي مسند الامام احمد احمد عن ابي مالك قال وسمعته يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول للقوم من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل. رواه الامام احمد من طريق يزيد ابن هارون الى تمام باسناده ثم قال المصنف ورواية الحديث بهذا اللفظ ورواية الحديث بهذا اللفظ تفسر لا اله الا الله ورواية الحديث بهذا اللفظ تفسر لا اله الا الله لان الرواية الاولى وهي من قال لا اله الا الله وقعت في الرواية الثانية من وحد الله فعلم ان لا اله الا الله هي توحيد الله. والحديث المذكور فيه ثلاث روايات. والحديث المذكور فيه ثلاث روايات الاولى من قال لا اله الا الله والثانية من وحد الله والثانية من وحد الله والثالثة من اقر بتوحيد الله من اقر بتوحيد الله فالرواية الاولى عند مسلم وهي صحيحة قطعا. فالرواية الاولى عند مسلم وهي صحيحة قطعا. والرواية الثانية احمد والرواية الثانية عند احمد ورواتها ثقات ورواتها ثقات الا انه يحتمل ان تكون رواية بالمعنى الا انه يحتمل ان تكون رواية بالمعنى وثالثها وهم من بعض رواته. وثالثها وهم من عند بعض رواته عند ابي نعيم الاصفهاني في استخرج على صحيح مسلم وتتبع الروايات امر عظيم المنفعة لانه ربما تكون الرواية تزدهر عند الناس ولا تصح مثل حديث اذا مات ايش فمات ابن ادم والذي في صحيح مسلم واكثر كتب الحديث اذا مات الانسان اذا مات الانسان وذكرنا له ثلاثا وذكرنا له ثلاث روايات بينا رتبها في شرح تذكرة السامع متكلم فمن اراد الفائدة يرجع اليها هناك. ثم قال الشارح قوله من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله اعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم علق عصمة المال والدم في هذا الحديث بامرين. الاول قول لا اله الا الله في صدر الجملة عن علم ويقين كما هو مقيد في قولها في غير ما حديث كما تقدم فلا يراد مجرد القول بل لا بد من قول مخصوص وهو القول المقترن بالعلم واليقين والمحبة والاخلاص والانقياد والقبول الى تمام شروطها متقدمة والثاني الكفر بما يعبد من دون الله فلم يكتفي باللفظ المجرد عن المعنى بل لا بد من قولها والعمل بها. فلا يصح له عصمة في ماله ودمه حتى يتحقق الامران جميعا. فيقول لا اله الا الله علما قولا صحيحا ثابتا ويكفر بما يعبد من دون الله عز وجل فلو قدر انه قال لا اله الا الله بشروطها ومعرفة لكن لم يكفر بما يعبد من دون الله عز وجل فان اسلامه لا يصح. وهذا امر لا يكاد يوجد عند صحت منه لا اله الا الله. فمن صحت منه لا اله الا الله وجودها باكتمال شروطها فان نتيجتها هي الكفر بما يعبد من دون الله كما تقدم ان ان الشيخ سعد بن عتيق قال وزيد ثامنها الكفران منك بما سوى الاله من الاوثان قد اوليها وقلنا ان المذكور في البيت هو نتيجة تلك الشروط وانما نوه بالامرين لمجيئهما في الحديث ان العصمة معلقة على قول لا اله الا الله لا اله الا الله والكفر بما يعبد من دون الله اي سبحانه وتعالى قال المصنف قلت وفيه معنى فمن يكفر فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها فقوله من قال لا اله الا الله بمنزلة قوله تعالى ويؤمن بالله وقوله وكفر بما يعبد من دون الله في منزلة قوله فمن فمن يكفر بالطاغوت. ثم قال قال المصنف يعني الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهذا من اعظم ما يبين معنى لا اله الا الله فانه لم يجعل التلفظ بها عاصما الدم والمال بل ولا معرفة معناها مع التلفظ بها. بل ولا الاقرار بذلك. بل ولا كونه. لا يدعو الا الله وحده لا شريك له من لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف الى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله. فإن شك او تردد لم يحرم ما له ودمه لان اليقين الذي يقارن لا اله الا الله ينفي الشك والتردد. فاذا وجد علم انه لم يتيقن لا اله الا الله فيا لها من مسألة ما اجلها! ويا له من بيان ما اوضحه! وحجة ما اقطعها للمنازع انتهى كلامه واشرت الى هذا بقولي نظما لا يحرم المال ولا دم بما لا يحرم المال ولا دم بما يجري على اللسان عند العلماء يجري على اللسان عند العلماء من قول لا اله الا الله لو من قول لا اله الا الله لو معرفة المعنى واقرارا وعو من قول لا اله الا الله لو معرفة المعنى واقرارا وعون. كلا ولو دعا الله حتى الا ولو دعا الله حتى يبين كفره بما سواه بتا كلا ولو دعا الله حتى يبين كفره بما سواه بتا. يعني مقطوعا مجزوما به ثم قال الشارح قلت وهذا هو الشرط المصحح لقول لا اله الا الله فلا يصح قولها بدون هذه الخمس التي المصنف رحمه الله اصل ثم قال قال الله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وقال تعالى قال فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الاية. امر بقتالهم حتى يتوبوا من الشرك. ويخلصوا اعمالهم لله تعالى ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فان ابوا عن ذلك او بعضه قاتلوا اجماعا. ثم ذكر حديث عند البزار نقله من تفسير ابن كثير عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في قوله تعالى قد افلح من تزكى قال من شهد ان لا اله الا الله وخلع امداد الحديث واسناده ضعيف والمراد منه الاعلام بان شهادة ان لا اله الا الله لا تتم الا بخلع الانداد الذي هو الكفر بما يعبد من دون الله ثم ذكر حديثين فيما امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يقاتل عليه الناس. وفي الاول قوله امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي. وبما جئت به. رواه مسلم عن ابي هريرة. وبالتالي امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة الحجيج متفق عليه من حديث ابن عمر قال وهذان الحديثان تفسير الايتين اية الانفال واية براءة اي المتقدمتين. وقد اجمع العلماء على ان من قال لا اله الا الله ولم يعتقد معناها ولم يعمل بمقتضاها انه يقاتل حتى يعمل بما دلت عليه من النفي والاثبات قال ابو سليمان الخطابي في قوله امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله معلوم ان المراد بها اهل الاوثان دون اهل الكتاب لانهم يقولون لا اله الا الله ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف. وقال اختصاص عصمة المال والنفس ممن قال لا اله الا الله تعبير عن الاجابة الى الايمان وان المراد بذلك مشرك العرب واهل الاوثان فاما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفى بعصمته بقول لا اله الا الله اذا كان يقولها في كفره انتهى ملخصا لانه اذا فقال لا اله الا الله صار اتيا بالتوحيد لكن لا يكون كافيا في عصمته حتى يأتي بحق التوحيد وهو المذكور في قوله ويقيم الصلاة ويؤتوا الزكاة. فقوله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة حق التوحيد تتوقف عصمة المآل عنهم حتى يلتزموا ما تقتضيه لا اله الا الله فان العصمة كما سلف نوعان احدهما عصمة الحال وتكفي فيها لا اله الا الله. والاخر عصمة المآل ولابد فيها من الاتيان بما لا اله الا الله فيمتثلها عملا. وما ذكره المصنف رحمه الله تعالى عن ابي سليمان الخطابي والقاضي من ان المراد بذلك مشرك العرب واهل واهل الاوثان فيه نظر لامرين احدهما ان اهل الكتاب هم من جملة المشركين. ان اهل الكتاب هم من جملة المشركين وتقدم بيان ذلك. فتقدم بيان ذلك. والاخر ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا ان ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا قال له انك تأتي قوما من اهل الكتاب قال له انك تأتي قوما من اهل الكتاب فليكن ايش اول فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله. فامره بتقديم دعوتهم الى التوحيد للقطع بانهم اما يعرفون لا اله الا الله ولا يعملون بها او لا يعرفونها اصلا بعد التبديل والتحريف لاديان انبيائهم. ثم قال وقال النووي لا بد مع هذا من الايمان بجميع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الرواية ويؤمن بي وبما جئت به. لان هذا من حق لا اله الا الله ثم قال وقال شيخ الاسلام لما سئل عن قتال التتار فقال كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الاسلام الظاهرة من هؤلاء القوم او غيرهم فانه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الاسلام وان كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه فلو قدر انهم التزموا شعيرة دون شعيرة كان الحكم فيهم وجوب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الاسلام كله. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة اي ادخلوا في الاسلام كله. قال ابن كما قاتل ابو بكر والصحابة رضي الله عنهم مانع الزكاة. وعلى هذا اتفق الفقهاء بعدهم. قال فايما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات او الصيام او الحج او عن التزام تحريم الدماء او الاموال او الخمر او الميسر او نكاح ذوات المحرمات او التزام جهاد الكفار او غير ذلك من التزام واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لاحد في جحودها او تركها التي يكفر الواحد بجحودها فان الطائفة الممتنعة تقاتل عليها اي اذا تعصبوا واجتمعوا مريدين القتال دون ما امتنعوا عليه من شرائع الاسلام التي يجب عليها التي يجب عليهم التزامها. فان الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وان كانت مقرة بها اي ترى انها من دين الله لكن هي لا تلتزم بها في نفسها. وهذا مما لا اعلم فيه خلافا من العلماء قال وهؤلاء عند المحققين ليسوا بمنزلة البغاة بل هم خارجون عن الاسلام انتهى لانهم لم يلتزموا ما اقتضته لا اله الا الله من حق الله عز وجل. قال قوله وحسابه على الله اي الى الله تبارك وتعالى. هو الذي يتولى حسابه فان كان الجزاء بجنات النعيم وان كان منافقا عذبه العذاب الاليم واما في الدنيا فالحكم على الظاهر فمن اتى بالتوحيد ولم يأت بما ينافيه ظاهرا والتزم الاسلام وجب الكف عنه. قال المصنف قلت وافاد الحديث ان الانسان قد يقول لا اله الا الله ولا يكفوا بما يعبدون ومن دون الله ولم يأت بما يعصم دمه وماله كما دلت عليه كما دلت على ذلك الايات المحكمات والاحاديث ثمان للمصنف رحمه الله تعالى بيانا للمذكور هنا اورده في كتاب قرة عيون الموحدين قال في الصفحة التسعين بعد المئة قوله حرم ماله ودمه وحسابه على الله فيه قال قبل ذلك قوله من قال لا اله الا الله كفر بما يعبد من دون الله اعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم علق عصمة المال والدم في هذا الحديث بامرين الاول قول لا اله الا الله عن علم ويقين كما هو قيد في قولها في غير ما حديث والثاني الكفر بما يعبد من دون الله ان ذكرى لكن ذكر في هذا الحديث وكفر تأكيدا لما دلت عليه لان المقام مقام عظيم يقتضي التأكيد وقوله حرم ماله دمه وحسابه على الله فيه دليل على انه لا يحرم ماله ودمه الا اذا قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله فان قالها ولم يكفر بما اعبدوا من دون الله فدمه وماله حلال لكونه لم يمكن الشرك. ويكفر به ولم ينفه كما نفته لا اله الا الله. فتأمل هذا الموضع فانه عظيم النفع. ثم ذكر الكلام المتقدم في عن جده شهر الاسلام ثم قال قوله وحسابه على الله اي على الله تعالى هو الذي يتولى حسابهم. فان كان صادقا جازاه بجنات النعيم وان كان منافقا عذبه العذاب الاليم واما في الدنيا فالحكم على الظاهر اي باعتبار ما يظهر منه. ثم قال رحمه الله بعد كلام اخر في الصفحة الثانية والتسعين بعد المئة قال وهذا الحديث الصحيح هو معنى قول الله تعالى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله الرجل تمسك بالعروة مثقالا فصام لها وهي لا اله الا الله والطاغوت الشيطان وما امر به من عبادة غير الله قاله العباد ابن كثير وقال العلام ابن القيم الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع او مطاع فمن لم يكفر بالطاغوت لم يقل لا اله الا الله قولا ينفع لانه لم يستمسك بها وتقدم بيان معنى الطاغوت. ثم قال وقد تضمنت الجملة الاولى من لا اله الا الله نفي الطاغوت النافية لانها نفت الالهية عن كل ما سوى الله وهذا هو الكفر بالطاغوت اذا قاله الانسان عن علم ويقين كما تقدم بيانه وقوله ويؤمن بالله هو معنى الا الله لان الايمان هو الاخلاص كما قال تعالى الا لله الدين الخالص وقال هو الحي لا اله الا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين. ونحو هذه الايات يبين فيها اصل الايمان والاسلام. وهو نفي الشرك واخلاص العبادة لله وحده فدلت هذه الكلمة على نفي الشرك والبراءة منه واخلاص العبادة لله وحده كما تقدم في قول الخليل عليه السلام واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطر فانه سيهدين. ومعنى هذه الكلمة هو الذي دعت اليه الرسل من اولهم الى اخرهم. كما تقدمت الايات التي في اول الكتاب وغيرها. وقد اشتبه معنى هذه الكلمة العظيمة التي هي الفارقة بين الكفر والايمان. فظن الاكثر انها دلت على توحيد الربوبية وانه هو معناها كالاشعري وغيره من قالوا ان لا اله هو القادر على الاقتراع وهذا التوحيد قد اقر به المشركون من العرب الى اخر ما ذكر رحمه الله تعالى ومد القول في تقرير هذا المعنى مرة بعد مرة لشدة الحاجة اليه وعظم البلية به كما تقدم ذكره في مقام سابق نعم يقول رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الابواب. قلت وذلك ان ما بعدها من الابواب فيه ما التوحيد ويوضح معنى لا اله الا الله. وفيه ايضا بيان اشياء كثيرة من الشرك الاصغر والاكبر وما يوصل الى ذلك من الغلو والبدع مما تركه من مضمون لا اله الا الله فمن عرف ذلك وتحققه تبين له معنى لا اله الا الله وما دلت عليه من الاخلاص ونفي الشرك وبضدها تتبين الاشياء فبمعرفة نوع الاصغر من الشرك يعرف ما هو اعظم منه من الشرك الاكبر المنافي للتوحيد واما الاصر فانه انما ينافي كماله. فمن اجتنبه فهو الموحد حقا. وبمعرفة وسائل الشرك والنهي عنها. لتجتنب الغايات التي نهي عن الوسائل لاجلها فان اجتناب ذلك كله يستلزم التوحيد والاخلاص بل يقتضيه وفيها ايضا من ادلة التوحيد اثبات الصفات وتنزيه الرب تعالى عما لا يليق بجلاله وكل ما يعرف بالله من صفات كماله واذلة يدل على انه هو المعبود وحده وان العبادة لا تصلح الاله وان العبادة لا تصلح الاله وهذا هو التوحيد ومعنى شهادة ان لا اله الا الله بيان هذه الجملة من جهة واحدة وهي نظم سياقها. فان الشارح رحمه الله تعالى شرع يبين ما ختم به جده هذا الباب وهو قوله وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الابواب وابتدأ بيانه بقوله وقلت وذلك ان ما بعدها من الابواب فيه ما يبين التوحيد وضحوا معنى لا اله الا الله. فهذه الجملة ايذان بانتقال المصنف بعدها الى مقصد اخر وذلك ببيان ما يخالف التوحيد من الشرك. قال وفيه ايضا بيان اشياء كثيرة من الشرك والاكبر وما يوصل الى ذلك من الغلو والبدع مما تركه من مضمون لا اله الا الله. فمن عرف ذلك وتحققه تبين له معنى لا اله الا الله وما دلت عليه من الاخلاص ونفيه الشرك وبضجها تتبين الاشياء. كما قال المتنبي ونديمهم بهم عرفنا فضله وبضدها تتبين الاشياء. ويعرف هذا العجز في شعر غيره ايضا. لكنه مشهور عن المتنبي قال فبمعرفة نوع الاصغر من الشرك يعرف ما هو اعظم منه من الشرك الاكبر المنافي للتوحيد واما الاصغر فانه انما ينافي كما اله يعني ايش الواجب واطلقه للعلم به. احسنت واطلقه للعلم به فمن اجتنبه فهو الموحد حقا. وبمعرفة وسائل الشرك والنهي عنها لتجتنب تعرف الغايات التي نهي عنها عن الوسائل لاجلها فان اجتناب ذلك كله يستلزم التوحيد والاخلاص فليقتضيه. وفيها ايضا من ادلة التوحيد اثبات صفات وتنزيه الرب تعالى عما لا يليق بجلاله. وكل ما يعرف بالله من صفات كماله وادلة ربوبيته يدل على انه المعبود وحده وان العبادة لا تصلح الاله وهذا هو التوحيد ومعنى شهادة ان لا اله الا الله وزاد المصنف رحمه الله تعالى البيان بسطة. فقال في قرة عيون الموحدين في الصفحة السادسة والتسعين بعد المئة قوله وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الابواب فقد ذكر فيها رحمه الله ما يبين التوحيد وما ما ينافيه وما يقرب منه وما يوصل اليه من الوسائل وبيان ما كان عليه السلف من بعدهم عن الشرك في عبادة العبادة وشدة انكاره وجهادهم على ذلك وقد جمع هذا الكتاب على اختصاره من بيان التوحيد ما لا يعذر احد عن معرفته وطلبه باقبال وتدبر وكذلك الرد على اهل الاهواء جميعهم. فمن فمن حفظه واستحظره وجد ذلك واستغنى به عن غيره في الرد على كل مبتدع فتدبره تجد ذلك بينا وسيأتي التنبيه على ذلك ان شاء الله تعالى فيما يأتي من الابواب وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته ان شاء الله تعالى بعد صلاة المغرب. واود التنبيه الى تنبيه نبهني عليه احد الاخوان قبل يوم وهو اني ذكرت اخبارا تتعلق بالصحابي محمود وذهب وهلي الى محمود ابن الربيع وكان المذكور في الكتاب هو محمود ابن لبي. فمحمود ابن لبيد رجل من الصحابة ومحمود ابن الربيع رجل اخر. والذي عقل المجة في صحيح البخاري هو محمود ابن الربيع رضي الله عنه فيحول الكلام الى محمود ابن الربيع لا الى محمود ابن لبيد وان كان محمود ابن لبيد ايضا ثابت الصحبة في اصح قول اهل العلم وفق الله الجميع لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته