السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا حمدا والشكر له تعاليا وجدا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم بكرة واصيلا وعلى آله وصحبه ومن اتخذه اماما وخليلا اما بعد فهذا المجلس الثامن والثلاثون في شرح الكتاب الاول من برنامج الكتاب الواحد في سنته الثالثة خمس وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وشك وثلاثين بعد الاربع مئة والالف وهو كتاب التوحيد وهو كتاب فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد للعلامة عبدالرحمن بن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب التميمي رحمه الله المتوفى سنة خمس وثمانين ومئتين والف وقد انتهى بنا البيان الى قوله باب قول الله تعالى انك لا تهدي من احببت نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالدينا ولجميع المسلمين قال المصنف رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى الاية قال الشارح رحمه الله سبب نزول هذه الاية موت ابي طالب على ملة عبد المطلب كما يأتي ذلك في حديث الباب قال ابن كثير رحمه الله تعالى يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم انك يا محمد لا تهدي من احببت اي ليس اليك ذلك انما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء. وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وقال تعالى خير الناس ولو حرصت بمؤمنين قلت والمنفي هنا هداية التوفيق والقبول فان فان امر ذلك الى الله وهو القادر عليه. واما الهداية المذكورة في قول الله تعالى وانك لتهدي الى صراط المستقيم فانها هداية الدلالة والبيان فهو المبين عن الله والدال على دينه وشرعه بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احاد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله على ملة الملة الدين واصل هذه المادة الميم واللام واللام انها اسم لمعتيد سلوكه انها اسم لما اعتيد سلوكه وبها سميت دين الملازم ملة وبها سمي الدين الملازم ملة لاعتياد العبد تلوكه لاعتياد العبد سلوكه وهي تضاف الى المخلوق وهي تضعف الى المخلوق فيقال ملة ابراهيم وملة عبدالمطلب والقرآن مملوء من الاول قوله البالغة اي القائمة على الخلق اي القائمة على الخلق الواصلة اليهم اي القائمة على الخلق الواصلة اليهم المنتهية الى احسن الوجوه المنتهية اذا احسن الوجوه قوله الدامغة اي المبطلة للدعاوى الزائفة اي المبطلة للدعاوى الزائفة مأخوذة من الدمغ مأخوذة من الدمغ وهو ضرب الدماغ وهو الضرب الدماغ وبه سميت وبه سميت الضربة القوية البالغة الدماغ دامغة وبه سميت الضربة الدامغة البالغة وبه سميت الضربة البالغة الدماغ دامرة واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشارح رحمه الله ترعى يبين معنى الترجمة التي عقدها المصنف وهي قوله باب قول الله تعالى انك لا تهدي من احببت واستفتح بيانه بذكر سبب نزول هذه الاية فقال سبب نزول هذه الاية موت ابي طالب على ملة عبدالمطلب كما يأتي بيان ذلك في حديث الباب انتهى كلامه وكون الاية نازلة في موت ابي طالب على الشرك امر متفق عليه نقله الزجاج وغيره وسيأتي في حديث المسيب ابن حزم رضي الله عنه التصريح بذلك وقدم المصنف ذكرى سبب النزول على تسجيل الاية لانه اعون على بيان معناها فان معرفة تفسير الاية يعين على فهمها ذكره ابن تيمية الحفيد في مقدمة اصول التفسير فاذا اطلع على السبب الذي نزلت لاجله الاية امكن فهمها على الوجه الاتم وكان ابين لمعناها واعرض الشارح رحمه الله عن الافصاح عن سبب ايراد المصنف هذه الترجمة في كتابه وهو الذي اشار اليه الشارح الاول سليمان بن عبدالله في تيسير العزيز الحميد بقوله اراد المصنف رحمه الله الرد على اهل القبور اراد المصنف رحمه الله الرد على اهل القبور الذين يعتقدون في الانبياء والصالحين الذين يعتقدون في الانبياء والصالحين انهم ينفعونا ويضرون انهم ينفعون ويضرون انتهى كلامه وتبعه عليه ابن قاسم العاصمي في حاشيته على التوحيد وسليمان ابن حمدان بالدر النضيد فابانوا جميعا عن الغاية التي لاجلها عقد المصنف هذه الترجمة في كتاب التوحيد وهو القصد الى ابطال ما يعتقده اهل القبور المتعلقون بدعاء الانبياء والصالحين من انهم ينفعون ويضرنا فانه اذا ابطل نفع خير الناس وهو محمد صلى الله عليه وسلم لعمه الذي هو من احب الناس اليه فلم يقدر على هدايته فغيره احرى الا يملك لغيره نفعا ولا ضراء وهذا المراد مقصود صحيح مناسب للترجمة وابلغ من هذا المراد ان يدرج في مراد كليا اكبر وهو ان المصنف قصد اقامة برهان توحيدي اخر وهو خلوص ملك الشفاعة لله وحده وهو قلوص ملك الشفاعة لله وحده ففي الترجمة المتقدمة قبل هذه بين ان ملك الشفاعة لله ثم اراد دفع توهم الشركة في ملكها وان الله عز وجل لا شريك له في ملك الشفاعة فملكها خالص له فعقد هذه الترجمة وقال باب قول الله تعالى انك لا تهدي من احببت لما في سبب نزول هذه الاية من منع النبي صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لعمه بعد موته على الكفر فلم يملك النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لعمه بعد موته على الكفر ونهاه الله سبحانه وتعالى اعن ذلك فلم يقدر على نفعه في الدنيا بهدايته ولا مكن في الاخرة من نفعه بالاستغفار له ثم لم يزل يرجو ربه ان يأذن له بنفعه بالشفاعة فاذن الله عز وجل له ان يشفع في تخفيف العذاب عن فاخرج بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم من غمرات النار الى ضحضاح فيها والضحضاح الموضع القريب من الارض اذا غمرته المياه والضحضاح الموضع القريب من الارض اذا غمرته المياه فاخرج من قعر جهنم الى ضح ضاح منها يصيبه من عذابها ما يغلي به دماغه نسأل الله العفو والمغفرة ثم نقل الشارح رحمه الله وقول ابن كثير في تفسير الاية فقال قال ابن كثير رحمه الله تعالى يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم انك يا محمد وتقدم ان هذا التركيب الشائعة عند المفسرين معدول عنه اذ لا ينبغي مخاطبته صلى الله عليه وسلم بمجرد اسمه بل يقال انك ايها الرسول ذكر هذا عبد الحميد ابن باديس في اخر تفسيره واعتذر عما بدر منه في اوله من انه جار صنيع المفسرين المكتفين بذكر هذا في الايات التي يخاطب بها النبي صلى الله عليه وسلم والاكمل جعلوا الخطاب له بالمقام الذي جعله الله له. وهو مقام الرسالة فعوض القول انك يا محمد يقال انك يا ايها الرسول ثم قال لا تهدي من احببت اي ليس اليك ذلك فلا تملكه ولا قدرة لك عليه ثم قال انما عليك البلاغة والله يهدي من يشاء فوظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم تبليغه ما ارسله الله عز وجل به ثم الله يقضي ما يشاء من الهداية والاضلال قال الشارح وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى ليس عليك هداهم ولا ان الله يهدي من يشاء. وقال تعالى وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين. انتهى كلامه فمن شاء الله هداه فضلا ومن شاء الله اضله عدلا فالامر اليه سبحانه وتعالى ثم ذكر الشارح كلاما يؤلف فيه بين الهداية المنفية عن النبي صلى الله عليه وسلم والمثبتة له فقال قلت والمنفي هنا هداية التوفيق والقبول فان امر ذلك الى الله وهو القادر عليه واما الهداية المذكورة في قول الله تعالى وانك لتهدي الى صراط مستقيم فانها هداية الدلالة والبيان هو المبين عن الله والدال على دينه وشرعه. انتهى كلامه فوقعت الهداية في القرآن مضافة الى النبي صلى الله عليه وسلم على وجهين احدهما اثباتها كقوله تعالى وانك لتهدي الى صراط مستقيم والاخر نفيها كقوله تعالى انك لا تهدي من احببت ولا تعارضا بين الايتين وما في معناهما فان الله اثبت له نوعا من الهداية ونفى عنه نوعا اخر فالهداية المثبتة له صلى الله عليه وسلم هي هداية الدلالة والارشاد والبيان والهداية المنفية عنه هي هداية التوفيق والإلهام والقبول فالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره يهدون الى الله عز وجل دالين مرشدين مبينين بما يقع منهم من البلاغ ولا ملك لهم في هداية الخلق فالتوفيق الى قبول الهداية والهام النفوس الرضا بها هذا امره الى الله عز وجل ومن عقل هذا اعلم ان وظيفة الداعي الى الله سبحانه وتعالى هو بيان دين الله ودلالة الخلق عليه وارشادهم فيه دون نظر الى ما يقع منهم من الاهتداء الى دين الله عز وجل لان ذلك الى الله فهو يحاسب نفسه على قيامه بوظيفة البيان والارشاد ولا يحاسب نفسه على قبول الخلق دعوته فالاول واجب عليه والثاني هو الى الله لا اليه وقد قال الله عز وجل لنبيه تسلية وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين فلا ينبغي ان يتبع مرء نفسه الخلق في تتبع هل اهتدوا ام لم يهتدوا فذلك الى الله لكن يفحص هدايته دلالة وارشادا وبيانا اهو قائم بها على الوجه الاكمل المرضي عند الله ام هو مقصر عن اداء امانة البلاغة نعم الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى في الصحيح عن ابن المسيب عن ابيه قال لما حضرت ابا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبدالله بن ابي امية وابو جهل فقال له يا عم قل لا اله الا الله كلمة احاج لك بها ما عند الله فقال له وترغب عن ملة عبد المطلب فاعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فاعاد فكان اخر ما قاله على ملة عبد المطلب وابى ان يقول لا اله الا الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفرن لك ما لم ينهى عنك. فأنزل الله عز وجل ما كان للنبي والذين آمنوا ان فاغفروا للمشركين وانزل الله في ابي طالب انك لا انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء آآ قوله عن ابن المسيب هو سعيد ابن المسيب ابن حزم ابن ابي وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي. احد العلماء والفقهاء من كبار السبعة من التابعين. اتفق اهل الحديث على ان مراسله اصح المراسيل. وقال ابن المديني في التابعين اوسع علما منه. مات بعد التسعين وقد جاهز الثمانين. وابوه المسيب صحابي بقي الى خلاف عثمان رضي الله عنه. وكذلك جده حزم صحابي استشهد باليمامة يا حضرة طالب الوفاة اي علاماتها ومقدماتها. قوله جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل ان يكون المسيب حضر مع الاثنين فانهما من بني مخزوم. وهو ايضا مخزومي وكانت ثلاثة اذ ذاك كفارا فقتل ابو جهل على كفره واسلم الآخران. قوله يا عم مناد هنا مضاف يجوز فيه اثبات الياء وحذفها. حذفت الياء هنا وبقيت الكسرة دليلا عليها. قوله قل لا اله الا الله امره ان يقولها لعلم ابي طالب بما دلت عليه من نفي الشرك بالله واخلاص العبادة له واحدة فان من قالها عن علم ويقين فقد برئ من الشرك والمشركين ودخل في الاسلام. لانهم يعلمون كما دلت عليه وفي ذلك الوقت لم يكن بمكة الا مسلم او كافر. فلا يقولها الا من ترك الشرك ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه الى المدينة كان فيها المسلمون الموحدون والمنافقون الذين يقولونها بالسنتهم وهم يعرفون معناها. لكن لا يعتقدونه لما في قلوبهم من العداوة والشك والريب فهم مع المسلمين بظاهر الاعمال دون الباطن وفيها اليهود وقد اقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر ووادعهم بان لا يخونوه ولا ظاهر عليه عدوا كما هو مذكور في كتب الحديث والسير. قوله كلمة قال القرطبي بالنصب على انه بدل من لا اله الا الله ويجوز الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اي هي كلمة. قوله احد قوله احاج لك بها عند الله. هو بتشديد الجيم من المحاجة والمراد بها. بيان الحجة بها لو قالها في تلك الحال وفي دليل على ان الاعمال بالخواتيم لانه لو قالها في تلك الحال معتقدا ما دلت فعليه مطابقة من النفي والاثبات لنفعته. قوله فقال له اترغب عن ملة عبد المطلب تراه الحجة الملعونة التي يحتج بها المشركون على المرسلين. كقول فرعون لموسى فما بال القرون وقوله تعالى وكذلك ما ارسلناك ما ارسلنا من قبلك من وكذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير منا قال مترفوها الا قال انا وجدنا ابائنا على امة وانا على اثارهم مقتدون فاعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فاعاد. فيها فيه معرفتهما معنى لا اله الا الله لانهما عرفا ابا طالب لو قالها لتبرأ من ملة عبد المطلب فان ملة عبد المطلب هي الشرك بالله في الهيته واما الربوبية فقد اقروا بها لله كما تقدم وقد قال عبد المطلب ابرهة انا رب الابل والبيت له رب يمنعه منك. وهذه المقالة منه ما عند النبي صلى الله عليه وسلم لعمه قل لا اله الا الله استكبارا عن العمل بمدلولها كما قال الله تعالى عنهما وعن امثالهما من اولئك المشركين. انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون يقولون ائنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون. فرد عليهم بقوله بل جاء تق وصدق المرسلين فبين تعالى ان استكبارهم عن قول لا اله الا الله لدلالته على نفي عبادتهم الالهة التي كانوا يعبدونها من دون الله. فان دلالة هذه الكلمة العظيمة على نفي ذلك دلالة ودلالتها عليه وعلى الاخلاص دلالة مطابقة. ومن حكمة الرب تعالى في عدم هداية ابي طالب الى الاسلام يبين لعباده ان ذلك اليه ليبين لعباده ان ذلك اليه وهو القادر عليه دون من سواه. فلو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو افضل خلقه من هداية القلوب وتفريج الكروب. ومغفرة الذنوب والنجاة من العذاب ونحو ذلك شيء لك كان احق الناس بذلك واولاهم به عمه الذي كان يحوطه. الذي كان يحوطه ويحميه وينصره فسبحان من بهرت حكمته العقول وارشد العباد الى ما يدلهم على معرفته وتوحيده واخلاص العمل له وتجريده. قوله فكان آخر ما قال. نسخة الشيخ عبد الله بن حسن اللي هي الافتاء طبعا في الافتاء اه الجملة السابقة فان دلالة هذه الكلمة العظيمة على نفي ذلك دلالة بعد ان عليه وعلى الاخلاص سلام عليكم قوله فكان آخر ما قال الأحسن فيه الرفع على انه اسم كان وجملته وهو ما بعدها الخبر. قوله هو على ملة عبد المطلب الظاهر ان ابا طالب قال انا تغيره الراوي استقباحا لللفظ المذكور. وهي من المتصرفات الحسنة قاله الحافظ قوله هذا ان يقولان هكذا عندك المتصرفات التصرفات وللمتصرفات اظنها التصرفات قوله ابى ان يقول لا اله الا الله قال الحافظ هذا تأكيد من الراوي في نفي وقوع ذلك من ابي طالب قال المصنف رحمه الله وفي الرد على من زعم اسلام عبدالمطلب واسلافه ومضرة اصحاب السوء على الانسان ومضرة تعظيم الاسلاف والاكابر. اي اذا زاد على المشروع بحيث تجعل اقوالهم حجة يرجع اليها عند تنازع قوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم ينهى عنك. قال النووي وفيه جواز الحلف من غير استخلاف وكأن الحنف هنا للتأكيد العزم على الاستغفار تطييبا لنفس ابي طالب. وكانت وفاة ابي طالب بمكة قبل الهجرة بقليل قال ابن فارس مات ابو طالب ولرسول الله صلى الله عليه وسلم تسع واربعون سنة وثمانية وثمانية اشهر واحدى عشر يوما. وتوفيت خديجة ام المؤمنين رضي الله عنها بعد موتها ابي طالب بثمانية ايام هكذا عندك في نسخة الشيخ بثمانية ايام نعم قوله فأنزل الله عز وجل ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قرب الاية اي ما ينبغي لهم ذلك وهو خبر بمعنى النهي والظاهر ان هذه لا يتنازلت في ابي طالب فان المفيدة للترتيب في قوله فأنزل الله بعد قوله لأستغفرن لك ما لم انهى عنك يوم يفيدك ذلك وقد ذكر العلماء لنزول هذه الايات اسبابا اخر. فلا منافاة اسبابا اخر فلا اسباب النزول قد تتعدد. قال الحافظ اما نزول الاية الثانية فواضح في قصة ابي طالب الاية التي قبلها ففيه نظر. ويظهر ان المراد ان نية متعلقة بالاستغفار نزلت بعد ابي طالب بمدة وهي عامة في حقه وحق غيره. يوضح ذلك ما يأتي في التفسير فأنزل الله بعد ذلك. ما كان النبي والذين امنوا ان يستغفروا للمشركين الاية ونزل في ابي طالب انك لتهدي من ثابت كله ظاهر في انه مات على غير مثله. ويضاعف ما ذكره السهيلي انه راى في بعض كتب لي انه اسلم لان مثل ذلك لا يعارض ما في الصحيح انتهى. وفيه تحريم الاستغفار للمشركين وموالاة ومحبتهم لانه اذا حرم الاستغفار لهم فموالاتهم ومحبتهم مولى بيان هذه الجملة من جهتين الجهة الاولى احد مفرداتها والجهة الثانية نظم سياقها فاما الجهة الاولى وهي احاد مفرداتها فقوله المسيب هو بفتح الياء وذكر كسرها ايضا المسيب والفتح اشهر ولم يثبت عن سعيد انه قال طيب الله من سيبني انكارا للفتح ولم يثبت عن سعيد انه قال سيب الله من سيبني انكارا للفتح فالكلمة به وبالكسر والفتح اشهر وقوله حزن هو بسكون الزاي المعجمة وبسكون الزاي المعجمة قوله عائذ هو بالذال المعجمة وهو المعروف في اسماء الاوائل من هذه الامة مفردا ومضافا الى الله فكانوا يسمون عائد وعائد الله لابي ادريس الخولاني ولا يعرف الاهمال عائد وشهر عند المتأخرين ولا يعرف الاهمال في اسمائهم وشهر عند المتأخرين قوله الفقهاء الكبار السبعة من التابعين المراد بهم سبعة رجال من اهل المدينة من تابعيهم اتفق وجودهم في زمن واحد فعرفوا بالفقهاء السبعة اولهم عبيد الله ابن عبد الله ابن عثمة ابن مسعود وثانيهم عروة ابن الزبير وثالثهم القاسم بن محمد بن ابي بكر القاسم بن محمد ابن ابي بكر والرابع سعيد ابن المسيب والخامس سليمان ابن يسار والسادس خارجة بن زيد بن ثابت خارجة ابن زيد ابن ثابت وهؤلاء الستة متفق عليهم واختلفا في السابع فقيل هو ابو بكر ابن عبد الرحمن وقيل هو ابو كلمتا ابن عبد الرحمن ابن عوف وقيل هو سالم ابن عبد الله ابن عمر هو الاول اشهر وجمعوا في قول ناظم اذا قيل من في العلم سبعة ابحر اذا قيل من في العلم تبعث ابحر روايتهم عن العلم ليست خارجة روايتهم عن العلم روايتهم ليست عن العلم خارجة. روايتهم ليست عن العلم خارجة فقل عبيد الله عروة قاسم فقل عبيد الله عروة قاسم قاسم سليمان ابو بكر فسعيد ابو بكر سليمان خارجه سعيد ابو بكر سليمان خارجه بعيد ابو بكر سليمان قارية قوله مراسله جمع مرسل والمرسل هو الحديث الذي اضافه التابعي الى النبي صلى الله عليه وسلم وحكمه ايش الظاهر وقد اشرت الى حده وحكمه في بيت واحد هو يا صالح تاني ومرسل الحديث ما قد وصف ومرسل الحديث ما قد وصف برفع تابع له وضعف لرفع تابع له وضعف قوله الريب هو ايش طيب كيف؟ يقول الشك والريب عبدالله هو قلق النفس واضطرابها هو قلق النفس واضطرابها ذكره جماعة من المحققين منهم ابن تيمية الحفيد وصاحبه ابو عبد الله ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب قوله اقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اي اثبتهم في منازلهم. وابقاهم في اي اثبتهم في منازلهم وابقاهم في ديارهم قوله ووادعهم اي صالحهم فالمواجهة المصالحة واصلها من الترك فالودع الترك قوله المحاجة قيم فاعلة من التدافع بالحجج مفاعلة من التدافع بالحجج فكل واحد ينصب حجته ويقيمها فكل واحد ينصب حجته ويقيمها قوله الدلالة تضمن هي دلالة القول على بعض معناه دلالة القول على بعض معناه قوله دلالة مطابقة هي دلالة القول على كل معناه دلالة القول على كل معنى وسبق بيان هذين النوعين مع ثالثهما وهو دلالة التزام فيما سبق قوله يحوطه ان يحفظه ويصونه من الاحاطة من الاحاطة وهي الادارة فكأنه ادار عليه حفظه فكأنه ادار عليه حفظه قوله انبهرت اي غلبت وظهرت الباهر هو الغالب الظاهر الباهر والغالب الظاهر يقال نور باهر اذا غلب الابصار وظهر عليها. يقال نور باهر اذا غلب الابصار صار وظهر عليها قوله للترتيب هو مجيء شيء بعد شيء قوله الترتيب في جملة الفاء المفيدة للترطيب هو مجيء شيء بعد شيء واما الجهة الثانية وهي نظم سياقها فان الشارحة رحمه الله شرع يبين معنى الدليل الثاني الذي ذكره المصنف في هذه الترجمة وهو قوله في الصحيح عن ابن المسيب عن ابيه انه قال لما حضرت ابا طالب الوفاة الحديث وابتدأ شرحه ببيان مخرج الحديث مقدما له لتقدم ذكره فيه. فقال قوله في الصحيح اي الصحيحين فالحديث مما اتفق عليه البخاري ومسلم ثم عطف ثانية يبين ترجمة واو الحديث فقال قوله عن ابن المسيب هو سعيد ابن المسيب ابني حزن لفتح الحاء وسكون الزاء كما سبق ابن ابي وهب ابن عمر ابن عائد بالذال المعجمة ابن عمران ابن مخزوم القرشي المخزومي احد العلماء والفقهاء الكبار السبعة من التابعين اي من اهل المدينة الذين عرفوا بهذا اللقب. ثم قال اتفق اهل الحديث على ان مراسيلهم اصح المراسيم والمقصود بقولهم اصح المراسيل انها اعدلها وامثلها واقربها الى الصحة اذ توجد غالبا مسندة لا انها في نفسها صحيحة فالحديث المرسل من جملة الحديث الضعيف وهذا البناء اصح عند المحدثين لا يقتضي صحة الحديث في نفسه لكن يفيد انه امثل من غيره فاذا قيل اصحها حديث فلان عن فلان فلا يعني انه صحيح في نفسه فقد يكون صحيحا وقد يكون ضعيفا. لكن مرادهم انه امثل الوجوه واحسنها ولا ريب ان هذا النعت يقتضي تقديمه على غيره ومن معارف جامع الترمذي اختصاصه دون دائر اصحاب الكتب الستة ببيان الاقوى في الباب. فانه يقول كثيرا وهذا الحديث اصح شيء في الباب او احسن شيء في الباب على الوجه المتقدم بيانه في معناه انه امثل المروي فيه وقد يكون صحيحا وقد يكون غير صحيح اشار الى هذا النووي وغيره ثم قال الشارح وقال ابن المديني يعني عليا لا اعلم في التابعين اوسع علما منه فكان رحمه الله واسع العلم بين الفضل عده الامام احمد وغيره افضل التابعين ثم قال الشارح مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين ثم قال الشارح وابوه المسيب صحابي بقي الى خلافة عثمان رضي الله عنه وكذلك جده حزن صحابي استشهد باليمامة فابوه وجده صحابيان وراوي الحديث منهما هو ابوه المسيب ابن حزم وقدم الشارح ترجمة ابن سعيد لانه مبتدأ روايته فيما ذكره المصنف فانه قال عن سعيد ابن المسيب عن ابيه انه قال لما حضرت ابا طالب للوفاة الحديث ثم قال الشارح قوله لما حضرت ابا طالب للوفاة اي علاماتها ومقدماتها فالاحتضار هي الحال التي تعتري الانسان عند قرب موته هي الحال التي يعتري الانسان عند قرب موته وهي دون مرتبة معاينته الموت وهي دون مرتبة معاينته الموت فان معاينة الموت بكشف الحجاب عن تكون قد نقلته من حال الاعتداد بقوله الى حال اخرى فالحال التي تنفعه فيها لا اله الا الله هي حال الاحتضار التي يعقل بها العبد الخطاب مع من عنده من الناس مع ظهور علامات الموت ومقدماته عليه ثم قال الشارح قوله جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتمل ان يكون المسيب حضر مع الاثنين يعني عبد الله ابن ابي امية وابا جهل فانهم من بني مخزوم وهم من قبيلة قريش قال وهو ايضا مخزومي وكانت ثلاثة اذ ذاك كفارا فقتل ابو جهل على كفره واسلم الاخرون قال فخبر المسيب عن تلك الواقعة يحتمل ان يكون شهدها او اتصل علمها به فان كان شهدها فان الداعي له الى شهودها هو كونه من بني مخزوم وهم قبيلة من قريش اسوة بالرجلين الاخرين الذين كانا حاضرين وهما عبد الله بن ابي امية وابو جهل فانهم كانوا جميعا من بني مخزومين. او يكون اتصل علم تلك الحكاية به. بنقلها اليه ممن حضرها من بني عمه المخزوميين وهما الرجلان المذكوران في القصة عبدالله وابو جهلين وهؤلاء الثلاثة قتل منهما قتل منهم واحد على الكفر وهو ابو جهل. واسلم عبدالله بن ابي امية والمسيب ابن حزم ابن حزم فالمذكورون في القصة وهم اربعة هم هؤلاء الثلاثة مع ابي طالب ابن عبد المطلب مات اثنان منهم على الكفر ومات اثنان منهم على الاسلام فمات المكنيان ابو طالب وابو جهل على الكفر ومات المسميان عبدالله والمسيب على الاسلام زاد الشارح الاول سليمان ابن عبد الله عند هذا الموضع من فوائد الحديث قوله فيه جواز عيادة المشرك لذا رجي اسلامه فيه جواز عيادة المشرك اذا رجي اسلامه وجواز حمل العلم اذا كان فيه مصلحة راجحة على عدمه. وفيه وجواز حمل العلم اذا كان فيه مصلحة راجحة على عدمه انتهى كلامه وتبعه ابن عتيق في ابطال التنديد وابن حمدان في الدر النضيب اخذا الاولى من قول المسيب جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوفد عليه النبي صلى الله عليه وسلم عائدا له في مرضه حال قرب وفاته. ففيه جواز عيادة مشرك اذا رجي اسلامه بان ينتفع بدعوة من يعوده واما الثانية وهي جواز حمل العلم اذا كان فيه مصلحة راجحة على عدمه فمن وروده صلى الله عليه وسلم عليه. فان العلم كان مع النبي صلى الله عليه وسلم لم وكان النبي صلى الله عليه وسلم مستغنيا به وعمه محتاجا اليه فننقله المستغني به الى المحتاج اليه لما في ذلك من مصلحة راجحة رجائي انتفاعه بالعلم الذي ينقل اليه بان يدخل في الاسلام ثم قال الشارع قوله يا عمي منادى مضاف يجوز فيه اثبات الياء وحذفها اي بان يقال يا عمي بلا ياء وبان يقال يا عمي باثبات الياء ثم قال الشارح حذفت الياء هنا وبقيت الكسرة دليلا عليها ثم قال الشارح قوله قل لا اله الا الله امره ان يقولها لعلم ابي طالب بما دلت عليه عليه من نفي الشرك بالله واخلاص العبادة له وحده. فكان ابو طالب يعقل معناها الذي يريده النبي صلى الله عليه وسلم منه وهو ان يبرأ من عبادة غيره لله وان يخلص العبادة لله وحده. ففيها كما تقدم نفي العبادة عن غير الله واثبات العبادة لله وحده. ثم قال الشارح فان من قالها عن علم ويقين فقد برئ من الشرك والمشركين ودخل في الاسلام لانهم يعلمون ما دلت عليه. وفي ذلك الوقت لم يكن بمكة الا مسلم او كافر. فلا يقولها الا من ترك الشرك وبرئ منه. ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه الى المدينة كان فيها المسلمون الموحدون والمنافقون الذين يقولونها بالسنتهم وهم يعرفون معناها لكن لا يعتقدونه لما في قلوبهم من العداوة الشك والريب فهم مع المسلمين بظاهر الاعمال دون الباطن. وفيها اليهود. وهم ممن يقولون لا اله الا الله وقد اقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اي اثبتهم في منازلهم وابقاهم في ديارهم لما هاجر ووادعهم اي صالحهم بالا يخونوه ولا يظاهر عليه عدوا كما هو مذكور في كتب الحديث والسير انتهى كلامه. والمقصود منه بيان ان هذه الكلمة في مكة وهي لا اله الا الله لم تكن تصدر الا من مسلم باطنا وظاهرا. فلم يكن في مكة اتى نفاق بل كان فيها فريقان احدهما مسلم يقول لا اله الا الله باطنا وظاهرا والاخر كافر يمتنع عن قول لا اله الا الله ظاهرا وباطنا. ثم لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة نجمت طائفة ثالثة. وهم المنافقون الذين كانوا يقولون لا اله الا الله الله ظاهرا ويعتقدون خلاف معناها باطنا ثم قال الشارح قوله كلمة قال القرطبي بالنص على انه بدل من لا اله الا الله ويجوز الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف اي هي كلمة انتهى كلامه وكلاهما وجه نحوي صحيح له ما يستدعيه. فاما ان بدلا له حكم النصب من المبدل منه. واما ان يكون خبرا محذوف يرفع على الخبرية وتقدر الجملة بقول هي كلمة او تلك كلمة ثم قال الشارح قوله احاج لك بها عند الله وبتشديد الجيم من المحاذ جهل والمراد بها بيان الحجة بها لو قالها في تلك الحال. واصل المحاجة مفاعلة من الحجاج وهو تدافع الحجج وهذا البناء المفاعلة يجري فيما كان بين اثنين فاكثر. وهذا البناء المفاعلة يجري فيما كان بين اثنين فاكثر. كالمقاتلة والمصابرة والمدافعة فاذا تنازع اثنان في اصل الفعل جيء بهذا البناء والمقصود من امره صلى الله عليه وسلم عمه بقولها ان تكون حجة له لو قالها في تلك الحال. فلو قال عمه لا اله الا الله لنفعته عند الله. وهذا معنى قوله احاج لك بها عند الله. اي اقيم بها الحجة عند الله على استحقاقك مغفرته ورحمته. لانك قلت لا اله الا الله فان رحمة الله ومغفرته هي لاهله التوحيد والحال التي طلب منه ان يقول فيها لا اله الا الله هي حال الاحتظاظ التي تظهر فيها مقدمات الموت وعلى ماتوا لا حال المعاينة التي يكشف فيها الحجاب ويتحقق وقوع الموت. فانه لو قالها في حال المعاينة لما نفعته ثم قال الشارح وفيه دليل على ان الاعمال بالخواتيم. يعني ان اعتبار للعبد من صلاح او فساد هو بالخاتمة التي انتهى اليها. وعلله بقوله لانه لو قال لها في تلك الحال معتقدا ما دلت عليه مطابقة اي بجميع المعنى من النفي والاثبات لنفعته وبين الشارح رحمه الله وجه نفعها له. لقوله في قرة عيون الموحدين اذ بها يدخل في الاسلام. اذ بها يدخل في الاسلام. انتهى كلامه. فاذا قال العبد لا اله الا الله دخل بها في الاسلام فنفعته زاد الشارح الاول سليمان بن عبدالله عند هذا الموضع قوله وان من انا كافرا يجحدها وان من كان كافرا يجحدها اذا قالها عند الموت اجريت عليه احكام الاسلام اجريت عليه احكام الاسلام فان كان صادقا من قلبه نفعته عند الله. فان كان صادقا من قلبه نفعته عند الله. فليس لنا الا الظاهر بخلاف من كان يتكلم بها حال كفره بخلاف من كان يتكلم بها حال كفره انتهى كلامه فمن قال من الكافرين عند موته لا اله الا الله حكم اسلامه واجريت عليه احكام الاسلام الظاهرة من تغسيل وتكفير ودفن مع مسلمين فاننا متعبدون بما يظهر لنا من حاله وان كان قوله لها صادقا من قلبه نفعته عند الله وان كان كاذبا لم تنفعه. وكان لنا منه الظاهر باجراء احكام الاسلام عليه؟ وما الحل هذا فيمن كان يجحدها اما من كان ما اما من كان لا يبالي بها فيقول لا اله الا الله مع بقائه عن كفره فهذا باق على اصل كفره. لا اطلاع لنا الا على ما ظهر منه من انه لم يكن يبالي بها ولا يراها فصلا بين الاسلام والكفر وهو في باطن الامر الى ربه فهو سبحانه وتعالى اعلم به ومما ينبه اليه ان من مات على ان من مات من الكافرين فالاصل انه مات كافرا. ان من مات من الكافرين فالاصل وانه مات كافرا استصحابا لاصل حاله. استصحابا لاصل حاله. فلا ينقل عنها الا بيقين فلا ينقل عنها الا بيقين فلا يقال لعله قال لا اله الا الله او وجدت اوراق تتعلق بدين الاسلام عنده او ترجمة للقرآن فلا عبرة بها والعبرة بظاهر حاله انه مات على الكفر. فاليقين كونه كافرا. ولا ينقل عن هذا اليقين الا بيقين مثله ثم قال الشارح قوله فقال له اترغب عن ملة عبد المطلب؟ ذكراه الحجة الملعونة التي يحتج بها تريكون على المرسلين وهي دين الاباء والاجداد. قال الشارع كقول فرعون لموسى فما بال القرون الاولى المتقدمة علينا وقوله تعالى فذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال وانا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون فكثير من الخلق ضل عاما وخاصا بتقليد الاباء والاجداد. والتعويل على ما كانوا عليه ولا عبرة بهذا فيما ظهر منه مخالفة الحق. وسيأتي هذا فيما يستقبل من كلام الشارح وزاد صاحب تيسير العزيز الحميد هنا ذكر المسألتين الثالثة والرابعة من كلام جده. فقال وفيه تفسير قوله صلى الله عليه وسلم قل لا اله الا الله بخلاف ما عليه اكثر من يدعي العلم وان ابا جهل ومن معه يعرفون مضاد النبي صلى الله عليه وسلم اذا قال للرجل قل لا اله الا الله فقبح الله من ابو جهل اعلم منه في اصل الاسلام. انتهى كلامه. ومراده لما ذكره جده ان المقصود من لا اله الا الله هو اثبات العبادة لله وحده ونفيها عن غيره فهذا هو تفسيرها لا معبود حق الا الله. وهذه الحقيقة تبطل عبادة غير الله. ولهذا ماذا قال المشركون؟ اجعل الالهة الها واحدا؟ ان هذا لشيء عجاب. وكان او جهل واضرابه من قريش يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم اذا قال للرجل قل لا اله الا الله انه يريد منه ان يبطل عبادة غير الله. ويثبت العبادة لله وحده فهم فهموها وجحدوها ففهموا معناها وجحدوا القول بها فلم يؤمنوا بخلاف المتأخرين الذين قبلوها وجهلوا معناها. ذكر عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن وتلميذه سليمان بن سحمان فالمتأخرون المتلطخون بالشرك المدعون انه من اهل الاسلام يقولون لا اله الا الله ولكنهم يدعون غير الله ويذبحون لغير الله ويتوجهون في رغباتهم لغير الله وينذرون لغير الله. فهم في الظاهر قابلون بلا اله الا الله اما في الحقيقة فهم مكذبون بها. لان من امن بانه لا اله الا الله علم ان العبادة كلها لله وان حبه خوفه وتوكله ورجاءه ودعائه ونذره وذبحه كله لله وحده لا شريك له ثم قال الشارح قوله فاعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فاعادا فيه معنى لا اله الا الله. لانهما عرفا ان ابا طالب لو قالها لتبرأ من ملة عبدي المطلب فان ملة عبد المطلب هي الشرك بالله في الهيته. واما الربوبية واما الربوبية فقد اقروا بها لله كما تقدم. وقد قال عبد المطلب لابرهة انا رب الابل والبيت له رب يمنعه منك. انتهى كلامه والمقصود بقول المسيب فاعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم اي كرر امره له بان لا اله الا الله وكرر الرجلان عبد الله ابن ابي امية وابو جهل تذكير ابي طالب بالبقاء على ملة ابائه المشركين فقال له اترغب عن ملة عبد المطلب اي اتعدل عنها الى غيرها واعادتهما القول بعد امره صلى الله عليه وسلم له بقول لا اله الا الله فيه كما ذكر الشارح معرفتهما معنى لا اله الا الله. لانهما عرفا ان ابا طالب لو قالها لتبرأ من ملة عبد المطلب فلو قدر ان ابا طالب قال لا اله الا الله لبطلت ملة عبد المطلب عنده فاعاد عليه حرصا على بقائه على ملة ابائه المشركين قال الشارح مبينا عقلهما معنى لا اله الا الله وانها يقصد بها أفراد الله بالعبادة فإن عبد المطلب فإن ملة عبد المطلب هي الشرك بالله في الوهيته وأما الربوبية فقد أقروا بها لله كما تقدم. فكان يتخوفان عليه ان يقر بافراد العبادة لله لوحده ولم يكن يخوفهما ان يقر بربوبية الله فان المشركين يقرون بالربوبية اجمالا وشاهده ما وقع من عبد المطلب لما اخذت ابنه من جيش الحبشة الذي غزا مكة فقال لقائدهم ابرهة انا رب الابل. اي صاحبها وما والبيت له رب يمنعه منك. اي له رب قائم على حفظه له الربوبية. وهو عليك مني ثم قال الشارح وهذه المقالة منهما عند قول النبي صلى الله عليه وسلم قل لا اله الا الله استكبارا عن العمل بمدلولها. كما قال الله تعالى عنهما وعن امثالهما من اولئك المشركين انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون ويقولون ائنا الهتنا لشاعر مجنون فرد عليهم بقوله بل جاء بالحق وصدق المرسلين. فبين تعالى ان استكبارهم عن قول لا اله الا الله لدلالتها على نفي عبادتهم الالهة التي كانوا يعبدونها من دون الله فان ان دلالة هذه الكلمة العظيمة على نفي ذلك دلالة دلالة تظمن ودلالتها عليها وعلى الاخلاص دلالة مطابقة اي ان اصرار دينك الرجلين على قولهما لابي طالب اترغب عن ملة عبدي المطلب وقع استكبارا منهما عن قول لا اله الا الله فهما عقلا معناها واستكبرا عن الاقرار بها. كما قال تعالى انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون. فيمتنع من قول لا اله الا الله والاقرار بمعناها وينسبون داعيهم اليها الجنون لانه جاء بامر يعجب منه كما قالوا ان هذا لشيء عجاب. فافطر الله عز وجل ما ادعوه من كون ذلك امرا عجابا تنصب ينسب صاحبه الى الجنون بقوله بل جاء بالحق وصدق المرسلين اي جاء بامر ثابت صحيح موافق لما كان عليه رسل الله الذين ارسلهم الله سبحانه وتعالى من قبله فبين تعالى ان استكبارهم عن قول تلك الكلمة لما فيها من ابطال الهتهم. واذا بطلت الهتهم ذهب ما كان لهم من الجاه والرئاسة والتقدم عند اقوامهم. ثم بين الشارح ان كلمة لا اله الا الله تدل على نفي عبادة غير الله دلالة تضمن ودلالة التضمن هي دلالة القول على بعض معناه فاصل دلالة لا اله الا الله اثبات العبادة لله وحده ويتضمن ذلك ان تبطل عبادة غيره. ثم قال ودلالتها عليها اي على ابطال عبادة غير الله وعلى الاخلاص دلالة مطابقة اي دلالة القول على جميع معناه فاصل هذه الكلمة انها تدل على افراد الله بالعبادة وابطال العبادة عن غير الله عز وجل وهما امران متلازمان. فلا يكون العبد صادقا في اثبات العبادة لله وحده حتى تبطل عبادة غيره. ثم قال الشارح ومن حكمة الرب تعالى في عدم هداية ابي طالب من الى الاسلام ليبين لعباده ان ذلك اليه وهو القادر عليه دون من سواه فلو كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو افضل خلقه من هداية القلوب وتفريج الكروب ومغفرة الذنوب والنجاة من العذاب ونحو ذلك شيء لكان احق الناس بذلك واولاهم به عمه الذي كان يحوطه ويحميه وينصره ويؤويه. فسبحان من بهرت حكمته العقول وارشد العباد الى ما يدلهم على معرفته وتوحيده واخلاص العمل له وتجريده. انتهى كلامه وفيه بيان الحكمة الالهية في عدم الهداية الربانية لابي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان له من المقام الكريم والتأييد العظيم لابن اخيه محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم اذ كان يحوطه ويحميه وينصره ويؤويه فهو القرب منه عظيم الحق عليه. فلم يقضي الله عز وجل بهدايته. ليعلم ان افضل الخلق عند الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم لا يملك لاحد من الخلق شيئا من دون لله عز وجل فلا سبيل له الى هداية القلوب. ولا تفريج الكروب ولا مغفرة الذنوب. ولا النجاة من من العذاب واذا كان هذا مسلوبا من خير الخلق صلى الله عليه وسلم ممتنعا عليه فغيره واولى بالسلب والمنع ان تكون له قدرة على هداية احد. والامر كله الى الله سبحانه وتعالى. فمن شاء الله عز وجل هداه. ومن شاء الله سبحانه وتعالى اضله. فان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن. فمن شاء اقامه اي جعله على الهدى. ومن شاء ازاره اي اماله عن الهدى. ثبتت بذلك الاحاديث الصحاح. واذا وقر هذا في قلب العبد علم انه مفتقر الى هداية الله عز وجل في كل حال. فلا يزال مستجديا ان يهديه اليها. ولهذا امر احدنا ان يقول في كل صلاة يصليها اهدنا الصراط المستقيم للاعلام بشدة الفاقة والحاجة الى هداية الله عز وجل. وان العبد مفتقر في كل تحريم وتسكينة الى ان يهديه الله الى ما فيه منافعه العاجلة في الدنيا والاخرة اخرة واذا حضر العبد هداية الله ومنع منها فانه لا سبيل له الى الى منافعه فان الانسان عاجز ضعيف لا علم له بشيء ولا قدرة له على شيء ولا احاطة له على شيء. فحقيقة عبوديته لله ادامته الافتقار اليه. في سؤال الهداية فلا يزال ناظرا الى نفسه بعين الحاجة والفاقة وانه ملتمس من الله عز وجل ان يمن عليه بالهداية ومهما اوتي العبد من القوى والقدر فانه لا سبيل له غيابي بمصالحه الا بمعونة الله عز وجل. قال الشاعر اذا لم يكن للمرء اذا لم يكن للعبد اذا لم يكن للفتى عون من اذا لم يكن من الله عون للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده ثم زاد المصنف رحمه الله تعالى في قرة عيون الموحدين عند هذه الجملة ذكر ما اورده جده من مسائل الباب فقال وفيه مضرة اصحاب السوء على الانسان. وفيه مضرة اصحاب السوء على الانسان وهي المسألة الثامنة. ثم قال والحذر منهم والحذر منهم والاستباع لهم ففيه معنى قول ناظم اذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم اذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الاردى اردى مع الردي ولا تصحب الارض فترضى مع الردي. انتهى كلامه ابو السوء من الكفرة والمبتدعة والفساق ضررهم وخيم على العبد فانهم ربما نقلوه الى السوء الذي هم عليه من كفر او بدعة او فسق بل السوية والطريقة المرضية هي مباعدتهم ومنافرتهم ليحوز العبد نفسه عنهم ويجعل الا بينه وبينهم حصنا. فلا يتسلل اليه سوءهم. فانك ترى الرجل صالحا سالما من الكفر او من البدعة او من الفسق. فاذا ركن الى قوم من الكفار او قوم من المبتدعة او قوم من الفساق وخالطهم صار دينه دينهم. فانقلب هذا بعد الاسلام كافرا وانقلب هذا بعد السنة مبتدعا. وانقلب ذاك بعد الهداية. ضالا ثم قال الشارح قوله فكان اخر ما قاله الاحسن فيه الرفع على انه اسم كان والجملة هو وما بعدها الخبر. وقوله الاحسن اشارة الى جواز وجه اخر. وهو الذي اختاره صاحب تيسير العزيز الحميد. وتبعه وابن قاسم في الحاشية ان اخر منصوب على الظرفية ان اخر منصوب على الظرفية وجوز رفعه ايضا. ثم قال الشارح قوله هو على ملة عبد المطلب الظاهر ان ابا طالب قال انا فغيره استقباحا لللفظ المذكور اي ان يكون من انشائه فكأنه يخبر عن نفسه بقوله انا وهو بريء منها. قال وهي من التصرفات او المتصرفات الحسنة قاله الحافظ يعني ابن حجر في الفتح فهو تغيير القول بما هو مستملح نقلا له مما هو مستقبح. فقول حاكي القصة انا على ملة عبدالمطلب يستقبح اذ يتوهم صدور ذلك منه. والاكمل ان يكون مخبرا عن غيره بان يأتي بهذا الضمير المنفصل فيقول هو على ملة عبدالمطلب. وقاعدة الشريعة لزوم الادب في الخطاب والعدول عما يستقبح. وهذا كثير في الكتاب والسنة. واظهره ذكر مستقبحات بالكنايات. واظهره ذكر المستقبحات بالكنايات. فيأتي ذكر ما يستقبح شرعا او عرفا اذا ذكر في القرآن والسنة بما هو كناية عنه هما فلا يصرح به رعاية للادب الكامل. وهذا هو اللائق بطلاب الكمالات وذوي المعالي من ملتمس العلم والعمل ان يحرصوا على سلوك هذه الجادة وان يقيموا السنتهم على العفاف. ولا يتساهلوا بنقل ما يستقبح من الكلام ولو كان خبرا عن غيرهم. فان من عف لسانه عف قلبه وزكى. ومن اعتاد لسانه قبائح انجرت تلك القبائح الى قلبه فوقع في الفضائح فاللسان من القلب الذي ينزع منه ويؤدي عنه. فاذا جرى تأديب اللسان اقامته على مستملح الكلام ومباعدته لمستقبحه ونفوره من شاذه المرجولي عند الله وعند خلقه واعتاد انتقاء الاطايب من الكلام تأدب الباطن فكان مطبوعا على هذه السجية. محبا للطيبات مبغضا للخبائث. واذا اكان الانسان متهتكا في جريان لسانه بالقبائح لا يبالي بها ولا يتحفظ من ايرادها تخوف عليه. ان يأنس لسانه بذكرها. ويميل اذا قلبه اليها فتصير تلك القبائح التي راض لسانه على قولها واكثر من ذكرها طبعا له قال صاحب تيسير العزيز الحميد عند هذا الموضع وقد رواه الامام احمد بلفظ انا فدل على ما ذكرناه. وقد رواه الامام احمد بلفظ انا فدل على ما ذكرناه اي بقول الراوي انا على اي بقول الراوي خبرا عن ابي طالب انا على ملة عبدالمطلب. والمحفوظ في الصحيحين هو قوله هو على ملة عبد المطلب ثم قال الشارح قوله وابى ان يقول لا اله الا الله. قال الحافظ هذا تأكيد من الراوي في نفي وقوع ذلك من ابي طالب. اي ان ابا طالب لم يقل تلك الكلمة ولم يخبر عنه الراوي بقوله فلم يقل لا اله الا الله. واخبر عنه بما يدل على امتنان وعدم قول لا اله الا الله فقال وابى ان يقول لا اله الا الله ثم ثم قال الشارع قال المصنف رحمه الله وفيه الرد على من زعم اسلاما عبد المطلب واسلاف ايه وعبد المطلب هو جد النبي صلى الله عليه وسلم. واسمه عبدالمطلب ابن هاشم. وكانت اليه رئاسة بني عبدي مناح ووجه ابطال دعوى انه كان مسلما انه ما قال اترغب عن ملة عبد المطلب؟ في مقابلة قوله صلى الله عليه وسلم قل لا اله الا الله فالذي دعاه اليه النبي صلى الله عليه وسلم هو الاسلام. والذي دعاه اليه الرجل ان عبد الله ابن ابو امية وابو جهل هو الكفر. فكان عبدالمطلب واسلافه كفارا. وبقي ابنه ابو طالب كافرا ايضا واسلم من اعمام النبي صلى الله عليه وسلم اما رجلان هما حمزة ابن عبد المطلب والعباس ابن عبد المطلب رضي الله عنهما قال ومضرة اصحاب السوء على اللسان كما تقدم بيانه. وقال ايضا ومضرة تعظيم الاسلاف والاكابر اي حصول الضرر من تعظيم السابقين من الاسلاف والاباء وهو مقيد بقول الشارع اي اذا زاد على المشروع بحيث تجعل اقوالهم حجة يرجع اليها عند التنازع تنبيها منه الى ان الاصل في اخذ الدين هو اتباع السلف في الماضي فان الجيل من المسلمين يأخذ دينه عن الجيل السالف منهم الاصل في الاسلام اتباع الاكابر. والاقتداء بهم ممن تقدمنا وجودا وعلما الا ان يكون ذلك في مقابل قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم معنى قول الشارح اي اذا زاد على المشروع اي اذا كان مخالفا بالزيادة على المأذون به شرعا قال بحيث تجعل اقوالهم حجة يرجع اليها عند التنازع اي مع قطع النظر عن الاحتجاج بالكتاب ابي والسنة ثم قال الشارح قوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاستغفرن لك ما لم انهى عنك زاد الشارع هنا في قرة عيون الموحدين بعد هذه الجملة مباشرة اللام لام القسم اللام لام القسم. فتقرير الكلام اللام لام القسم انتهى كلامه. فتقدير الكلام والله لاستغفرن لك. ثم قال الشارح هنا قال النووي وفيه جواز الحلف من غير استحلاف اي ابتداء دون طلب ثم قال وكأن الحلف وهو القسم هنا لتأكيد العزم على الاستغفار مجيبا لنفس ابي طالب. فذكر النبي صلى الله عليه وسلم اللام الموطئة للقسم للبلاء للدلالة على تأكيده عزمه على ان يستغفر لابي طالب ثم قال الشارح وكانت وفاة ابي طالب بمكة قبل الهجرة بقليل. وذكر تعيين هذا عن ابن فارس والمنقول عن ابن فارس في السيرة يراد به اي كتاب وش اسمه مصنف يراد به كتاب اوجد السير اوجز السير للعلامة ابي الحسين احمد ابن يحيى ابن فارس للعلامة ابي الحسين احمد ابن يحيى ابن فارس. صاحب مقاييس اللغة والمجمل وغيرهما. فان له هذا الكتاب النافع. وهو متن وجيز من احسن ما يبتدأ به في تلقي السير. يقع في وريقات قليلة وكان مشهورا في بلاد المغرب. ولعلماء المغاربة عليه شروح طبع فنقل الشارح عن ابن فارس انه قال مات ابو طالب ولرسول الله صلى الله عليه وسلم تسع اربعون سنة وثمانية اشهر واحد عشر يوما. وتوفيت خديجة ام المؤمنين رضي الله عنها بعد موت ابي طالب بثمانية ايام. هكذا وقع عند الشارع تبعا لما في تيسير العزيز الحميد وعبارة ابن فارس بثلاثة ايام. بثلاثة ايام فكان موتهما متقاربا وشهر عند المتأخرين تسمية العام الذي مات فيه بعام الحزن ولا تصح هذه التسمية فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من الحزن. فان ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من الحزن والحزن حال تغلب ولا تطلب. والحزن حال تغلب ولا تطلب معنى الحزن حال تغلب ولا تطلب يا خالد اي حال تعتري الانسان ولا يطلب منه التماسها. اي حال تعتري انسان ولا يطلب منه تحصيلها فهي تغشاه قدرا ولا تطلب منه شرعا. فهي تغشاه قدرا ولا تطلب منه شرعا فلا تعد من مقامات العبودية فلا تعد من مقامات العبودية. وغلط الهروي فذكرها في منازل السائلين مقاما للعبودية وغلط الهروي في منازل السائلين فعدها مقاما للعبودية. وتعقبه ابن القيم في مدارج السالكين بما تحسن مطالعته. وتعقبه ابن القيم في مدارج السالكين بما تحسن مطالعته. فالحزن حال تعتري العبد. غالبة له. وينبغي له التخلص منها ولا يحسن به ان يطلبها ولا ان يجعل تلك الحال حاكمة عليه نافذة السلطان فيه وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم وانا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون متفق عليه فهو خبر عن حائل اعترته بسبب الحادث الاليم وهو موت ابن ابراهيم فلم يطلبها صلى الله عليه وسلم اصلا ولا بقيت حاكمة عليه متحكمة فيه فتسمية عام الحزن بهذا الاثم يوهم ان الحزن غشي النبي صلى الله عليه وسلم وبقي حاكما عليه متحكما فيه. فالاكمل عدم تسمية عام فقده عمه وزوجه خديجة بعام الحزن ولهذا نفى الله عز وجل عن اهل الجنة الحزن. فقال في جزائهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ثم قال الشارح قوله فانزل الله عز وجل ما كان للنبي امنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى. الاية اي ما ينبغي لهم ذلك. وهو خبر بمعنى النهي فاخبره فاخبره الله عز وجل بذلك ناهيا له ان يستغفر للمشركين ولو كان اولئك المشركون هم من قرابته الاقربين. لشدة البراءة بين الموحدين والمشركين. فان الموحد بريء من المشرك. لشناعة ما اقترفه. في حق الله سبحانه وتعالى فتعظيما لجربه وتقبيحا لذنبه وتنفيرا من عمله يبرأ من الموحد فلا يستغفر الله عز وجل له. لان مغفرة الله تختص بالموحدين ادراك هذا المعنى وتغرغر القلب به على حسب كمال ما يكون فيه من توحيد الله عز وجل ثم قال الشارح والظاهر ان هذه الاية نزلت في ابي طالب يعني اية التوبة فان الاتيان بالفاء المفيد للترتيب اي مجيء شيء بعد شيء في قوله فانزل الله بعد قوله لاستغفرن لك ما لم انهى عنك يفيد ذلك اي يفيد كونها نزلت بعد موت ابي طالب. قال وقد ذكر العلماء لنزول هذه الاية اسبابا اخرا. فلا منافاة لان اسباب النزول قد تتعدد. اي في اصح قولي اهل العلم من ان الاية او السورة من القرآن يتكرر نزولها لاختلاف اسباب تستدعي انزالها عند ذلك ومال الى تعدد نزول هذه الاية سليمان ابن عبدالله في تيسير العزيز الحميد ابن حمدان في الدر النضي. واما الشارع فارتضى قول الحافظ ابن الذي نقله فقال اما نزول الاية الثانية يعني انك لا تهدي من احببت فواضح في قصة ابي طالب. وهذا امر مجمع عليه ذكره اجماعا جماعة منهم الزجاج والنووي. قال واما نزول الاية التي قبلها. يعني قول له ما كان للنبي والذين امنوا ففيه نظر ويظهر ان المراد ان الاية المتعلقة بالاستغفار نزلت بعد ابي طالب بمدة وهي عامة في حقه وحق غيره. وضح ذلك ما يأتي بالتفسير يعني عند قاري فانزل الله بعد ذلك ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا المشركين الاية ونزل في ابي طالب انك لا تهدي من احببت فاية التوبة نزلت بعد موت ابي طالب لمدة ايه ده؟ لان سورة التوبة مدنية. وهي صالحة في حقه وفي حق غيره من المشركين ثم قال الحافظ كله ظاهر لانه مات يعني ابا طالب على غير الاسلام ويضعف ما ذكره السهيلي. صاحب الروض الالف في شرح ابنه الشام. ففيها قوله انه رأى في بعض كتب المسعود انه اسلم لان مثل ذلك لا يعارض ما في الصحيح انتهى كلامه. اي مجرد وقوعه في كتب بعض اهل العلم لا يدل على صحته. ففي الصحيحين بيان انه مات كافرا. هذا لو كان المتكلم بذلك كمن اهل العلم ممن يعولوا عليه. والمسعودي هذا لا يعول عليه. فانه كان معتزل غاليا في التشيع جمهور الشيعة من الاوائل ثم صار مطبقا عليه عندهم انهم يعتقدون اسلام ابي طالب ابن عبد المطلب والحق الصراح انه مات على الكفر البواح. وما روي من الحديث انه مات على الاسلام لا يصح في ذلك شيء. ثم قال الشارح وهو من جملة كلام ابن فانه ذكره ايضا وفيه تحريم الاستغفار للمشركين فلا تطلب لهم مغفرة الله. ولا يقال ذلك في احد مات على الشرك. قال وموالاتهم ومحبتهم. اي وحرمة موالاتهم وهي مناصرتهم محبتهم وعلله بقوله لانه اذا حرم الاستغفار لهم فموالاتهم ومحبتهم اولى انتهى كلامه. فالدعاء لهم بالمغفرة ايسر من نصرتهم ومحبتهم. فاذا كان الدعاء لهم مغفرة محرما ممنوعا منه فان ما هو اعظم منه فموالاتهم ومحبتهم اعظم تحريما واشد قبحا وجرما فينهى المسلم اكد النهي عن محبة المشركين وموالاتهم الاستغفار له تعظيما لحق الله. فان من رضي بالله ربا وايقن ان حقه افراده بالعبادة نظر الى من منع الله حقه من المشركين باسوأ النظر فلم يمل قلبه اليهم محبة ولا موالاة ولا نصرة لانهم شر الخلق والخليقة. فالمتنقصون لله في حق الالوهية حق الربوبية المكذبون بالله ورسله ينفر منهم ويباعدون ويبغضون اشد البغض لجرمهم العظيم في حق رب العالمين وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونستكمل بقيته بعد صلاة العصر باذن الله تعالى الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين