السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل مهمات الديانة في جمل والصلاة والسلام على من قدوة العلم والعمل وعلى اله وصحبه ومن دينه حمد. اما بعد فهذا شرح الكتاب العاجل من برنامج جمل العلم في سنته الثالثة سبع وثلاثين واربعمائة والف. في جولته الثالثة في مملكة البحرين وهو كتاب مختصر في اصول العقائد الدينية. في علامة عبد الرحمن ابن ناصر ابن سعدي رحمه الله احسن الله اليكم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اما بعد اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين ولجميع المسلمين. في مختصر في اصول العقائد الدينية. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه واتباعه الى يوم الدين. اما بعد فهذا مختصر جدا في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة اقتصرنا فيها على مجرد الاشارة والتنبيه من غير بسط من الكلام ولا ذكر ادلتها اقرب ما يكون لها انها من نوع لتعرف اصولها ومقامها ومحلها من الدين. ثم من له رغبة في العلم يطلب بسطها وبراهينها من اماكنها. وان يسر الله وفتح في الاجل بسطت هذه المطالب وضحتها بادلتها. ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة ثم ثنى بالحنبلة ثم ثلث بالصلاة والسلام على محمد واصحابه صلى الله عليه وعليهم وسلم تسليما كثيرا ثم ذكر ان هذه الرسالة تضم مختصرا جدا. والمختصر ما قل من المباني ان من المعاني ما صلى من اللذان وزل من المعاني. فتكون الالفاظ قليلة والمعاني جليلة والمختصر المذكور هو في اصول العقائد الدينية والاصول الكبيرة المهمة فهو مخصوص بوصفين احدهما انه يتعلق بالعقائد والآخر انه يقتصر منها على الأصول الكبيرة المهمة. فلم يستوف رحمه الله بتفاصيل تلك الجمل ثم ذكر رحمه الله انه سلك فيه منهج الاختصاص. اذ قال اقتصرنا فيها على مجرد والتنبيه من غير بست للكلام ولا ذكر ادلتها. لان الاختصار اوثق في علوق المعاني في القلوب فان الكلام يختصر ليحفظ ويبسط يفهم فان الكلام يخطئ يحفظ ويبسط ليفهم. ثم ذكر ان الموافق في وصفها المذكور في قوله اقرب ما يكون لها انها من نوع للمسائل. اي هي بمنزلة الكشاف المسائل اسم اعجمي ثم عرب معناه الكشاف فالمدون في هذا المختصر هو بمنزلة الكشاف المطلع على جملة من مسائل الاعتقاد الكبيرة. ودعاه الى ذلك امران احدهما لتعرف اصولها فان ابواب الاعتقاد في كل باب منها تفاصيل كثيرة من الجمل. وكل باب له اصول ترجع اليه. فاراد به ان يبرز اصول الابواب في الاعتقاد. والاخر ليعلم مقامها ومحلها من الدين. لان لها رتبة مقدمة بما اقتصر عليه منها في كل باب من تلك الابواب. ثم قال ثم من له رغبة في العلم يقوم بسطها وبراهينها من اما فيها اي من الكتب المطولة في علم الاعتقاد. فانها مقام البسط المعتاد عند اهل هذا الفن. ثم قال وان يسر الله وفسح للاجل بسط هذه المطالب ووضحتها بادلتها. ثم اقتربته المنية رحمه الله ولم يعرف انه وكتب شرحا موضحا تفاصيل الجمل في هذه الرسالة المختصرة لكن له تأليف متنوعة في ابواب اعتقاد كالتنبيهات اللطيفة في شرح الواسطية وغيرها ينتفع بها في معرفة الاعتقاد السني الذي ذكر زملاؤه المختصرة في هذه الرسالة. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى الاصل الاول التوحيد. حد التوحيد الجامع لانواعه هو اعتقاد العبد وايمانه بتفرد لاجئ بصفة الكمال وافراده بانواع العبادة. فدخل في هذا توحيد الربوبية الذي هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه بالخلق والرزق وانواع التدبير وتوحيد الاسماء والصفات فهو اثبات ما اثبته لنفسه واثبته له رسوله من الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا من غير تشبيه ولا تمثيل من غير تحريف ولا تعظيم وتوحيد الالوهية والعبادة وهو افراده وحده باجناس العبادة وانواعها وافراجها من غير اشراك به في شيء منها اعتقادي كامل الوهيته. فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر. وانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وانه على كل شيء قدير وانه الغني الحميد. وما سواه فقير اليه من كل وجه. ودخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى الله تعالى الواردة في الكتاب والسنة. والايمان بها ثلاث درجات. ايمان بالاسماء وايمان بالصفات وايمان باحكام صفاته العلم بانه عليم ذو علم ويعلم كل شيء وقدير ذو قدرة ويقدر على كل شيء والى اخر ما له من الاسماء المقدسة. ودخل في بذلك اثبات علوه على خلقه واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته. ودخل في ذلك اثبات صفات الذاتية التي لا ينفك عنها كالسمع والبصر والعلم والعلو ونحوها والصفات الفعلية وهي الصفات المتعلقة بمشيئته وقدرته كالكلام والخلق والرزق والرحمة والاستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا كما يشاء. وان جميعها تثبت لله من غير تمثيل ولا تعظيل وانها كلها موصوف بها وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد. ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء. لم يزل بالتلاميذ موصوفة بالرحمة والاحسان معروفا. ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا واليه يعود. وانه به حقا وان كلامه لا ينفد ولا يبيد. ودخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب وانه مع ذلك علي اعلى وانه منافسة بين كمال علوه وكمال قربه. لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته وصفاته. ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل ما جاء الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامه على وجه يليق بعظمة الدار ويعلم انه كما انه لا يماثله احد في ذاته فلا يماثله احد في صفاته من ظن انه في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف. فقد ظل ضلالا مبينا. ولا يتم توحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تابعة لمشيئة الله وان لهم افعالا وارادة تقع بها افعال وهي متعلقة بالامر والنهي وانه لا الامران اثبات مشيئة الله العامة الشاملة للذواة والافعال والصفات واثبات قدرة العبد على افعاله واقواله. ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في ارادته واقواله وافعاله. وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد كل المنافى وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى مال ذلك ان يدع الشرك الاصغر وهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك الاكبر. كالحديث بغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك. والناس في توحيد ويجعل درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته. فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والائه معانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها دهنا صحيحا فامتلأ قلبه من معرفة ما وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه وجذاب جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض يرفع سيديه فاطمئن الى الله معرفة وانابة وفعلا وتركا وتكميلا لنفسي وتكميلا لغيري بالدعوة الى هذا الاصل العظيم. فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك رتب المصنف رحمه الله هذا المختصر في خمسة اصول عظيمة من اصول اهل السنة والجماعة ابتدأها بالاصل الاول وهو التوحيد. لجلالة قدره وعظم شأنه وانما يقدم قدم وابتدأ بيان هذا الاصل بقوله حج التوحيد الجامع لانواعه واعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله من صفات الكمال وافراده بانواع العبادة. وحقيقة التوحيد في الشرع تدور على معنيين احدهما عام وهو افراد الله بحقه فما ثبت كونه لله حقا كان اخراجه به توحيدا والاخر معنى خاص وهو افراد الله بالعبادة. وهو افراد الله بالعبادة والمعنى الذي ذكره رحمه الله في حد التوحيد يرجع الى تقرير هذين المعنيين المذكورين. فان اعتقاد العبد وايمانه بتفرد الله بصفات الكمال يرجع الى افراده سبحانه وتعالى تجد مما يتعلق بربوبيته او باسمائه وصفاته. وما ذكره تتميما بقوله وافراده بانواع العبادات يرجع الى المعنى الخاص بالتوحيد وهو افراد الله بالعبادة. ثم ذكر رحمه الله ما يندرج في التوحيد وهو ثلاثة انواع احدها توحيد الربوبية وثانيها توحيد الاسماء والصفات وثالثها توحيد الالوهية ووجه انجراجها في التوحيد هو ما تقدم ان حقيقة التوحيد بالمعنى العام افراد الله بحقه والذي دل عليه القرآن والسنة ان الله له ثلاثة حقوق. اولها حق الربوبية. قال تعالى وهو رب كل شيء وقال تعالى الحمد لله رب العالمين. وثانيها حق الاسماء والصفات قال تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وقال تعالى وله الاسماء الحسنى وقال تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون وثالثها حق العبادة. قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. وقال تعالى فاعبد الله مخلصا له الدين. فاذا تقرر ان سياق الدلائل الشرعية في القرآن والسنة النبوية ابرزت ان حقوق الله ترجع الى هذه الانواع الثلاثة كان توحيده افراده بكل واحد منها فلذلك قال المصنف فدخل هذا توحيد الربوبية ثم قال وتوحيد الاسماء والصفات ثم قال وتوحيد الالوهية والعبادة ثم ذكر رحمه الله تعالى جملا من القول مما يرجع الى معاني هذه الانواع الثلاثة من التوحيد. فاما اولها وهو توحيد الربوبية فهو افراد الله بذاته وافعاله. فهو افراد الله بذاته وافعاله ان تعتقد وحدانية ذات الله عز وجل. وان افعاله له وحدك الاحياء والخلق والاماتة والملك والتدبير وغيرها من الافعال. واما توحيد الاسماء والصفات فهو افراده سبحانه باسمائه الحسنى وصفاته العلى. اخراجه سبحانه باسمائه الحسنى وصفاته العلى واما توحيد الالوهية فهو افراد الله بالعبادة. فهو افراد الله بالعبادة وهي الافعال التي يتقرب بها الناس اي التي يفعلونها طلبا للقرب حبا وخضوعا. ومدار هذه معانيه هو كما سمعت على الافراد. فكل واحد من هذه الانواع كان مبتدأ القول فيه افراده. فالربوبية في الذات والافعال والاسماء والصفات افراط في الاسماء والصفات والالوهية افراز في العبادة فمدار توحيدنا الله سبحانه وتعالى الا هو ان نفرده بما يجب له سبحانه وتعالى من حقه. وما ذكره المصنف رحمه الله في حقائق هذه الانواع الثلاثة هو مما يرجع الى جملة القول التي ذكرناه. فمثلا ما ذكره في توحيد الربوبية فقال هو اعتقاد انفراد الرب سبحانه خلقي والرزق وانواع التدبير يرجع الى ما يتعلق بافراد الله بافعاله. لان المذكورات هي من جملة افعال الله فوراء هذا افراده سبحانه وتعالى لذاته. فالمذكور من القول الذي سبق امنعه تندرج فيه جمل القول التي رحمه الله تعالى ثم شرع يذكر شيئا من التفخيم المتعلق بهذه الانواع الثلاثة فقال فدخل في توحيد الربوبية اثبات القضاء والقدر وانه ما شاء الله كان الى اخر ما ذكر فان من مشاهد ربوبية الله عز وجل نفوذ قدره. فقدره نافذ في الخلق وهو ومن افعال ربوبيته. وكان الامام احمد يقول القدر قدرة الله واستحسنه من اصحابه ابو الوفاء ابن عقيل وابن تيمية الحديث لانه يتجلى في مشهد القدر ظهور قدرة الله عز وجل فهو يقدر الاقدار ويقلب الاشياء وصف ما يريد سبحانه وتعالى فما شاء كان وما شاء لم يكن كما قال المصنف رحمه الله. ثم ذكر ان مما يدخل في توحيد الاسماء والصفات اثبات جميع معاني الاسماء الحسنى لله تعالى. وذكر ان الايمان بالاسماء الحسنى له ثلاث درجات الدرجة الاولى الايمان بالاسم والدرجة الثانية الايمان بالصفة والدرجة الثالثة الايمان بحكم الصفة. فاما الدرجة الاولى وهي الايمان باسم يعني الاسم الالهية فحقيقة لاهله هو ما دل على ذات الله. هو ما دل على ذات الله مما سمى الله به نفسه او سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم. ما دل على ذات الله مما سمى الله به نفسه او سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم. وحقيقة الصفة الالهية ما دل على كمال متعلق بذات الله دل على كمال متعلق بذات الله. وهي الدرجة الثانية. واما الدرجة الثالثة وهي حكم الصفة ان حكم الصفة يطلق على معنيين احدهما الثمرة الناشئة منها. الثمرة الناشئة منها والاثر المترتب عنها. والاثر المترتب عنها والاخر النسبة المعقولة بين الصفة ومتعلقها. النسبة المعقولة بين الصفة تعلقها وايضاح القول فيما سلف بالمثال ان من اسماء الله سبحانه وتعالى العليم فاذا اريد تلمس درجات الايمان بهذا الاسم وجدناها ثلاثة. فالدرجة الاولى اننا نؤمن بان من اسباب الله ايش اسم علي والدرجة الثانية اننا نؤمن بان من صفات الله صفة العلم والدرجة الثالثة ينتظم فيها المعنيان المتقدمان. فاما الذكر المترتب عن الصفة والثمرة الناشئة عنها فهو ايماننا بان ما لنا من علم هو من جملة علم الله. فان الذي علمك يعلم ما علمك واما المعنى الثاني وهو النسبة المعقولة بين الصفة ومتعلقها فان صفة العلم متعلقها المعلومة فان صفة العلم متعلقها المعلومات. فالنسبة بين هذه الصفة وهي صفة العلم وبين متعلقها تسمى في احد المعنيين حكم الصفة. فيكون ايماننا بالاسماء الالهية هو وفق هذه الدرجات الثلاث ومحل هذه الدرجات اذا كان الاسم متعديا. اي يكون اصل فعله متعديا فعلم الذي تقدم. واما اذا كان اصل فعله لازما فانه يقتصر على درجتين او الاوليين. فمثلا من اسماء الحي فاذا طلبت فيه درجات الايمان وجدت ان الدرجة الاولى هو ايماننا بان من اسمائه اسماء الحي ثم اذا طلبت الدرجة الثانية وجدت ان من صفاته سبحانه وتعالى صفة الحياء لكن حكم هنا لا يوجد لتعلق هذه الصلة بذاته. فهذا الاسم يعد اسما لازما باعتبار فعله باختلاف الاسم العليم فانه يتعدى الى مفعول في كلام العرب. ثم ذكر رحمه الله انه يدخل في ذلك اي في توحيد الاسماء والصفات اثبات علو الله عليه خلقه واستوائه على عرشه ونزوله كل ليلة الى سماء الدنيا على الوجه اللائق بجلاله وعظمته ومن الخطر الشائع عن الله عز وجل في تفسير صفاته ان يقال عند الخبر عنه على الوجه اللائق بجلاله. بخلاف المخلوق فان المخلوق يكون الخبر عنه بما يناسب حاله فالخالق هو المخلوق يقع بينهم اشتراك في اسم الصفة قال الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال تعالى انا خلقنا الانسان من نطفة امجاد نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. فللإنسان سمع ولله سمع وللانسان بصر ولله سبحانه وتعالى بصر. لكن السمع والبصر المضافين الى الله يليقان ايش؟ بجلاله واما السمع والبصر المضافان الى الانسان فيناسبان حاله فيناسبان حاله لان لله وللمخلوق نقص يكون في حاله التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها. ثم ذكر رحمه الله انه يدخل في ذلك اثبات الصفات الذاتية وحدها بقوله التي لا ينفك عنها اي يكون الله موصوفا بها. قال تستمع والبصر والعلم والعلو. ثم قال والصفات الفعلية وقال في حجها المميز لها وهي صفات متعلقة بمشيئته وقدرته كالكلام والخلقي والرزق والرحمة والاستواء فهي ترجع الى مشيئة الله سبحانه وتعالى واختياره. فالصفات الذاتية عن الله بحاله واما الصفات الفعلية فهي تتعلق باختيار الله ومشيئته سبحانه وتعالى ثم قال في تفسير تعلقها بالاختيار والمشيئة قال وانه تعالى لم يزل ولا يزال يقول ويفعل وانه فعال لما يريد ويتكلم بما شاء اذا شاء كيف شاء لم يزل بالكلام موصوفا وبالرحمة والاحسان معروفا. هذا تفسير تعلقها بالمشيئة والاختيار. ثم قال ودخل في ذلك الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود. وقوله منه بدأ فيها لغتان الاولى بدون همز منه بدا من البدو وهو الظهور من البدو وهو الظهور والثانية منه بدأ بالهمزة واحسن ما قيل فيها اي تكلم به حقيقة. اي تكلم به حقيقة وكلاهما يرجعان الى معنى واحد ما الذي يذكر البدو يريد به ابتداء التكلم فاللغة الاولى توفر الثانية واللغة الثانية تفسر الاولى. ثم قال واليه ليعود واحسن ما قيل في تفسيرها ان المراد بعوده رفع القرآن في اخر الزمان من السطور والصدور. فلا يبقى منه اية في مصحف ولا حرف في صدر فان الله اذا قضى لقيام الساعة كان من علاماتها اليسرى بالقرآن يرفع من المصاحف ومن صدور الناس ثم قال وانه المتكلم به حقا وان كلامه لا ينفد ولا يبيد. اي لا ينقضي ولا لا ينتهي ومحل عدم انقضاء الكلام هو الكلام المتعلق بالامر القدري الكوني او الكلام المتعلق بالامر القدري الكوني واما الكلام المتعلق بالامر الشرعي الديني فانه انتهى الى اي كتاب الى القرآن الكريم فانه انتهى الى القرآن الكريم. فلا ينزل بعد القرآن كتاب هو كلام الله عز وجل مما يتعلق بشرعه وامره بالدين واما الكلام الذي يتعلق بامره القدري الكوني فانما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن ثم ذكر انه دخل في ذلك الايمان بانه قريب مجيب وانه مع ذلك علي اعلى وانه لا منافاة بين الكمال علوه وكمال قربه لانه ليس كمثله شيء في جميع نعوثه وصفاته. فالله سبحانه وتعالى يوصف بوصفات لا يتنافيان هما العلو والقرب فهو قريب في علوه عالي في قوة عالم في دنوه سبحانه وتعالى. قال ولا يتم توحيد الاسماء والصفات حتى يؤمن بكل بما جاء به الكتاب والسنة من الاسماء والصفات والافعال واحكامها على وجه يليق بعظمة الباري الى اخر ما ذكر لان طريق علمنا بالاسماء والصفات الالهية هو الوحي. فما اخبر به الله في كتابه او صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم في خبره عن ربه اسما او صفة او فعلا وجب علينا الايمان به على الوجه الذي يليق بعظمة الله بان يعتقد العبد ان الله لا يماثله احد في ذاته ولا يماثله احد في صفاته ثم قال ومن ظن ان في بعض العقليات ما يوجب تأويل بعض الصفات على غير معناها المعروف فقد ضل ضلالا مبينا لان العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح. فاذا جاء النقل باثبات شيء لله عز وجل من اسمائه وصفاته فان العقل المستقيم يقضي بثبوت هذا الكمال لله عز وجل. ولهذا كانت دعوة الانبياء اتية بمحارات العقول لا بمحالاتها اي تأتي بما يحير العقول ويقطعها دون بلوغ كمال حقائقها. كتحيل الانسان فيما لو اراد ان يطلع على صفات الله فانه لا يعقل من الحقائق شيئا وانما يعقد المعاني التي تعرفها العرب فيه لسانها اما حقائقها التي هي الكيفيات فان العقول تقصر عنها. لكن لا يأتي الانبياء بمحالات العقول اي بما تمنع العقول المستقيمة القويمة كونه خبرا صادقا عن الله سبحانه وتعالى. ثم قال ولا يتم وتوحيد الربوبية حتى يعتقد العبد ان افعال العباد مخلوقة لله وان مشيئتهم تابعة بمشيئة الله. فمن جملة ما يندرج في توحيد الربوبية اعتقادنا بان افعالنا مخلوقة. فالافعال التي تصدر منها هي من خلق الله عز عز وجل وقد جعل الله عز وجل لنا فيها مشيئة واختيار. فمن شاء اطاع ومن شاء عصى. وهذا مندرج في كمال توحيدنا لربوبيته سبحانه وتعالى. فلا يخرج شيء من افعالنا عن كونه مما يرجع الى تقدير الله عز وجل وانه كتب علينا ذلك لكن تقدير الله عز وجل هذا علينا لم يجعلنا بمنزلة التي لا اختيار لها ولا مشيئة. بل جعل الله عز وجل لنا مشيئة واختيارا هو تابع لمشيئة الله واختياره. قال تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله. فلنا مشيئة واختيار نستقل بها فيما نريد من افعالنا طاعة او معصية لكن تلك المشيئة لا تخرج عن كونها تقديرا لله سبحانه وتعالى وانها مندرجة في جملة توحيد اياه بالربوبية ثم قال ولا يتم توحيد العبد حتى يخلص العبد لله تعالى في بارادته واقواله وافعاله وحتى يدع الشرك الاكبر الى اخر ما ذكر. فلا يتم توحيد احدنا في افراد الله عز وجل بالعبادة والالوهية حتى يكون على هذه الحال بان يخلص لله في ارادته واقواله وافعاله وتقدم ان الاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله هو تصفية القلب من ارادة غير الله. فيخرج العبد من قلبه كل ارادة سوى ارادة الله سبحانه وتعالى قال وحتى يدع الشرك الاكبر المنافي للتوحيد ثم قال وكمال ذلك ان يدع الشرك الاصغر. وتقدم ان الشرك باعتباره له نوعان ان الشرك باعتبار قديه له نوعان احدهما الشرك الاكبر والاخر الشرك الاصغر. والفرق بينهما ان الشرك الاكبر يخرج به العبد من الاسلام واما الشرك الاصغر فلا يخرج العبد به من الاسلام وحذر رحمه الله الاول بقوله وهو ان يصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله تعالى فمثلا من انواع العبادة لله الدعاء قال تعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم فعلم ان امره لنا يجعل هذا عبادة وقال تعالى فصلي لربك وانحر. فعلم ان الذبح هو عبادة لله عز وجل. فمن جعل شيئا من العبادات التي هي لله قربة لغيره. فدعا غير الله او ذبح لغير الله او استغاث بغير الله. فانه يكون عند الشرك الاكبر. واما الشرك الاصغر فحته بقوله وهو كل وسيلة قريبة يتوصل بها الى الشرك اكبر فجعل رحمه الله محل كون شيء شرك الاصغر اذا تعلق بالوسائل ولم يتعلق بالمقاصد اذا تعلق ولم يتعلق بالمقاصد. قال كالحلف لغير الله ويسير الرياء ونحو ذلك. وهذا مما قيل في بيان حقيقة الشرك الاصغر لكن المفرق بينه وبين الاكبر هو ان الاكبر يكون فيه جعل عبادة لغير الله فهذا يخرج به من اسلامي بالكلية. واما الشرك الاصغر فلا يتمحض فيه جعل العبادة لغير الله سبحانه وتعالى. وانما يكون فيه نوع وسيلة كالحلف بغير الله فهو نوع وسيلة الى تعظيم غير الله سبحانه وتعالى فان من يدين بدين الاسلام ان حلف لغير الله فانه لا ينزل حلفه بغير الله منزلة الله في تعظيمه وتأليبه. لكنه يكون وسيلة الى ذلك. فان حلف على اعتقاده ان هذا المحلوف به بمنزلة الله عز وجل في العظمة والجلال والتصرف والقدرة كان هذا شركا اكبر لكن الاصل في حديث ابي غير الله ممن ينتسبون الى الاسلام انهم لا يريدون هذا المعنى يكونون واقعين في الشرك الاصغر لا في الشرك الاكبر. ثم قال بعد ذلك والناس في التوحيد على درجات متفاوتة بحسب ما قاموا به من معرفة الله والقيام بعبوديته. فالمرء يتقلب قدر ما في قلبه من التوحيد في اليوم والليلة فتارة يقوى الجداب روحه الى الله وتوكله عليه وتعلقه به. فيكون قلبه دائرا مع تعظيم الله واجداره ومحبته والخضوع له. وتارة يغفل فينقص حظه من الوثوق بالله والتفويض اليه. فالواحد من المنتسبين الى التوحيد ينقص توحيده ويزيد بحسب ما يوجد في قلبه من كمال اقبال على الله عز وجل. وكما يكون في المرء بالنظر الى نفسه يكون في احاد المنتسبين الى التوحيد. فيتباينون في حضور فيما لهم من توحيد الله سبحانه وتعالى. ومدار الامن كما قال بحسب ما قاموا به من معرفة الله. والقيام بعبوديته فمن ثملت معرفته بالله وتمت عبوديته لله عظم حظه من التوحيد. ومن ضعفت معرفته بالله في عبوديته لله قل حظه من توحيد الله سبحانه وتعالى. ثم قال فاكملهم في هذا الباب من عرف فمن تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله والاء ومعانيها الثابتة في الكتاب والسنة وفهمها فهما صحيحا. قال امتلأ قلبه من معرفة الله وتعظيمه واجلاله ومحبته والانابة اليه وامتداد جميع دواعي قلبه الى الله تعالى متوجها اليه وحده لا شريك له ووقعت جميع حركاته وسكناته في كمال الايمان والاخلاص التام الذي لا يشوبه شيء من الاغراض الفاسدة فاطمئن الى الله معرفة وانابة وفعلا وتركا وتكميلا لنفسه وتكميلا لغيره بالدعوة الى هذا الاصل العظيم فامتلاء القلب بهذه المعاني يبلغ العبد مرتبة الكمال في عبودية الله سبحانه وتعالى وبلوغ الغاية في توحيده. فاذا وقرت معرفة الله في قلب العبد وكمل تفويضه امره الى الله سبحانه وتعالى فلم تكن له استعانة الا بالله واستغاثة الا بالله ولا توكل الا على الله ولا دعاء الا لله ولا الا لله وفي الله اذا ارتسم قلبه هذه المعاني صار في الحالة التي ذكرها في قوله فاكملهم في هذا الباب من عرف من تفاصيل اسماء الله وصفاته وافعاله الى اخر ما ذكر. واذا عقلت هذا المعنى عرفت ان ما يكرر من ايات القرآن المتعلقة بتوحيده. او مجالس تعليم التوحيد لا يزال احدنا محتاجا اليها حتى يموت. لانه يتذكر فيها تقرير هذا المعنى في قلبه. وان الغاية التي خلقه الله عز وجل لها هو توحيده سبحانه وتعالى. وقد هل يغفل احدنا اذا عافس الدنيا وخالقها وصار بين تقلبات احوالها ربما ذبلت زهرة التوحيد في قلبه فمما يقوي نبتة التوحيد في قلبه ويبرز ثمارها دوام تكرار معاني التوحيد. وكل واحد منا يقرأ في كل اعظم سورة في توحيد الله عز وجل وهي سورة الفاتحة. فكلما نظر في معانيها التوحيدية تجلى له في كل قراءته يقرأها من وثوق التوحيد في قلبه ما يفقده في مقام اخر. ولذلك ختم المصنف رحمه الله تعالى كلام بدعاء لطيف مناسب لمقام فقال فنسأل الله من فضله وكرمه ان يتفضل علينا بذلك. لان الحالة التي ذكرها الى شهود هذا المعنى وانه قد يخفى احيانا في قلوبنا. فلذلك فان مما يلقاه قويا في نفوسنا دوام دعاء الله سبحانه وتعالى به فينبغي ان يديم الانسان دعاء ربه عز وجل ان يحييه على التوحيد وان يميته على التوحيد وان يحرص على ان يضيء في قلبه نور التوحيد بين الفينة والفينة بما يجدد له توحيده. ولهذا جاء في بعض الاثار ان الايمان ليبلى في قلوبكم فقالوا كيف؟ فقال صلى الله عليه وسلم قولوا لا اله الا الله. والمعنى بقولها تجديد الاعتقاد الجازي بها لان يعلم العبد ان حقيقة صلته بالله هو اعتقاده انه لا اله الا الله. فاذا وقر معنى كونه معتقدا ان المعبود الحق هو الله سبحانه وتعالى لم يرى احدا من الخد شيئا. فالموحد انما يلاحظ بعين بصره وبصيرته الله سبحانه وتعالى في علم ان رزقه من الله وحياته من الله وقوته من الله وصحته من الله وذريته من الله فليس ينظر الى الخلق بشيء. لانه يعلم ان هؤلاء مهما بلغت احوالهم فانهم اسبابه ان شاء الله امضاها وان لم يشأ الله سبحانه وتعالى لم يمضيها. فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يمنع قلوبنا جميعا بتوحيده. وان يحيينا على التوحيد وان يميتنا التوفيق. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى الاصل الثاني الايمان بالنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة صلى الله عليه وسلم خصوصا. وهذا الاصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله. وجعلهم وسائط بينه وبين في تبليغ شرعه ودينه. وان الله ايدهم بالبراهين الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به وانهم اكملوا الخلق علما وعمل واصدقهم وابرهم منهم اخلاقا واعمالا وان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقون فيها احد وان الله برأهم من كل خلق غنيم. وانه معصومون فيما يبلغون عن انه لا يستقر في خبرهم وتبليغهم الا الحق والصواب. وانه يجب الايمان بهم وبكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم وان هذه الامور لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على اكمل الوجوه. وانه يجب معرفة جميع ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا. والايمان بذلك هو التزام طاعته كل شيء بتصديق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه. من ذلك انه خاتم النبيين وقد نسخت شريعته جميع الشرائع. وان نبوته وشريعة وباقية الى قيام الساعة ان النبي بعده ولا شريعة غير شريعة في اصول الدين وفروعه. ويدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب وانت الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة الفاظها ومعانيها. فلا يتم الايمان به الا بذلك. وكل من كان اعظم علما بذلك وتصديق واعتراف وعملا كان اكمل ايمانا. والايمان بالملائكة والقدر داخل في هذا الاصل العظيم. ومن تمام الايمان به ان يعلم ان فجاء لي حق لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه. كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه فالامور العقلية او الحسية النافعة تجد الكتاب وسنة مثبتة لها حاسة على تعلمها وعملها. وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما ينفي وجودها. وان كان الدليل الشرعي ينهى ويذم الامور الضارة منها. ويدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. بل وسائر الرسل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى الاصل الثاني من الاصول الخمسة المذكورة في هذا المختصر. فقال الاصل الثاني الايمان بنبوة جميع الانبياء عموما ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا. ثم شرع يفسر المراد في هذا العصر فقال وهذا الاصل مبناه على ان يعتقد ويؤمن بان جميع الانبياء قد اختصهم الله بوحيه وارساله وجعلهم وسائق بينه وبين خلقه في تبليغ شرعه ودينه. فالنبوة ثبتت لهم بوحي من الله عز وهذا معنى قوله قد اختصهم الله بوحيه وارساله. والمراد من تلك النبوة جعل اولئك وسائل بين الله وبين خلقه. وهذه الواسطة متعلقها شيء واحد. وهو التبليغ. فهم بلغونا عن الله سبحانه وتعالى امره الشرعية ودينه. ثم ذكر ان الله عز وجل ابرز صدق واولئك الانبياء بما ايدهم به. فقال وان الله ايدهم بالبراهين. الدالة على صدقهم وصحة ما جاءوا به اي جعل لهم من الاعلام الدالة على نبوتهم ما يتميز به صدقهم وانهم لا يقولون على الله الا الحق. قال وانهم اكملوا الخلق علما وعملا واصدقهم وابرهم واكملهم اخلاقا واعمالا فجعل الله عز وجل له من كمالات الاحوال ما ليس لغيره. ثم قال وان الله خصهم بخصائص وفضائل لا يلحقهم فيها احد. وان الله اظوأهم من كل خلق ربيع فلهم من كمالات الحال كما تقدم من الخصائص والفضائل ما لا يشاركهم فيه احد هم مبرأون من كل خلق ردين منزهون عنه ثم قال وانهم معصومون فيما يبلغون عن الله تعالى اي محفوظون في البلاغ عن الله عز وجل فلا يكون في بلاغهم عنه ما ليس حقا. فكل ما يبلغه نبي عن الله عز وجل فهو حق امره الله عز وجل بتبليغه. قال وانه لا يستقر في قدره وتفريغ الا الحق والصواب. ثم قال وانه يجب الايمان بهم وبكل ما اوتوه من الله ومحبتهم وتعظيمهم. فالواجب على العبد في الانبياء ان يؤمن بان الله بعث الينا انبياؤه وانما جاءوا به من الله عز وجل هو حق وصدق. وانه يجب علينا ان نحبهم ونعظمهم. ثم قال وان هذه الامور ثابتة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم على اكمل الوجوه. لانه هو النبي الذي ارسل الينا من انبياء الله ورسله فشهود هذه المعاني في حقه بالنسبة لنا او لا من غيره. فنحن ارسل الينا هذا الرسول وامرنا ان نؤمن به وان نحبه وان نعظمه فما له صلى الله عليه وسلم على امته من الحق فوق ما عليهم بالنسبة لغيره من الانبياء لاختصاصهم قال وانه يجب معرفة ما جاء به من الشرع جملة وتفصيلا. والايمان بذلك والتزام طاعته في كل شيء تطبيق خبره وامتثال امره واجتناب نهيه. لان المذكور هو مما يندرج في جملة التصديق بنبوته. فاذا صدقت بكونه صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا بعثه الله عز وجل الينا وجب علينا ان نعرف جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الشرع جملة فصيلة وان نؤمن بذلك وان نلتزم طاعته وان نصدق خبره ونمتثل امره ونجتنب نهيه والمعرفة التي تتعلق بالخلق مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم نوعان. والمعرفة التي تتعلق بالخلق مما جاء به النبي النبي صلى الله عليه وسلم نوعان احدهما المعرفة الاجمالية المعرفة الاجمالية. وهي معرفة اصول ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معرفة اصول ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. مما لا يصح اسلام العبد الا به. مما لا يصح اسلام عبدي الا به والآخر المعرفة التفصيلية وهي معرفة تفصيل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. وهي معرفة تفاصيل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فالمعرفة الاولى تتعلق بالخلق جميعا والمعرفة الثانية تتعلق بمن قام فيه سبب يقتضيها كالحكم والقضاء والعلم والافتاء والتدليس فمن يكون قد قام به شيء من هذه الاسباب فما يجب عليه من معرفة تفصيل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو فوق ما يكون على عموم الخلق. فعموم الخلق فيهم معرفة اصول ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من توحيد الله وعبادته واركان الاسلام الكلية وغير ذلك من جوامع الدين. واما افراد من الخلق فتكون عليهم تلك المعرفة على وجه التفصيل واجبة. فالقاضي لا يجوز له ان يقضي وهو لا يعلمه ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من احكام القضاء. وكذا المفتي او الحاكم او المعلم او غير ذلك ممن يبين وشيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فانه يتعلق بذمته وجوب معرفة ما تعلق بها تفصيلا لا اجمالا. ثم قال يدخل في الايمان بالرسل الايمان بالكتب. لان الكتب هي كلام الله الذي انزله على رسله فلا ينزل كتاب على غير نبي. فصار الايمان بالكتب تابعا للايمان بالانبياء والرسل. كما قال المصنف فالايمان صلى الله عليه وسلم يقتضي الايمان بكل ما جاء به من الكتاب والسنة الفاظها ومعانيها فلا يتم الايمان به الا بذلك لان كل ما يرجع الى الكتاب والسنة هو وحي من الله عز وجل. فيجب علينا ان نؤمن بالوحي الذي اخبر عنه النبي صلى الله عليه انما اما تبليغا لكلام الله عز وجل او بيانا منه صلى الله عليه وسلم بكلامه. قال وكل من كان اعظم علما لذلك هو تصفيط معترافا وعملا كان اكمل ايمانا فمن عظمت معرفته بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ايمانه ولهذا جعل للعلم من الفضل ما ليس لغيره. ففضيلة العلم ترجع الى كون العلم يصلح العبد على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا كملت معرفته به مع عمله صار بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما في هذه الامة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال العلماء ورثة الانبياء فهم صاروا بمنزلة الانبياء لانه اجتهدوا في معرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فصار لهم من المقام الحميد في مسلمين ما ليس لغيرهم. ثم قال والايمان بالملائكة داخل في هذا الاصل. اي داخل في التصديق بالانبياء لان الملائكة هم رسل الله الى اولئك الانبياء. ورأسهم جبريل عليه الصلاة والسلام. ثم سائر الملائكة تبع جبريل عليه الصلاة والسلام. فالمصدق بالملك الذي ينزل على الانبياء يتبع التصديق وهذا تصديقه لان لله عز وجل خلقا من خلقه هم الملائكة جعل الله عز وجل لهم احوالا واحكاما. قال والقدر في الايمان بالانبياء والرسل الايمان بالقدر لانهم يخبرون عن امر الله سبحانه وتعالى القوانين القدرية فان خبر الانبياء عن الله تارة يرجع الى الكون والقدر والقضاء وتارة يرجع الى الشرع الديني والامر الشرعي ثم قال ومن تمام الايمان به ان يعلم ان ما جاء به حق اي ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لها حق فكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق. لا يمكن ان يقوم دليل عقلي او حسي على خلافه. كما لا يقوم دليل نقلي على خلافه فالامور العقلية او الحسية النافعة تجد دلالة الكتاب والسنة مثبتة لها حاسة تعلمها وغير النافع من المذكورات ليس فيها ما هي في وجودها وان كان الدليل الشرعي ينهى ويذم الامور الضارة فكل شيء هو من جملة الحق النافع فان اصله يوجد في دلائل القرآن والسنة. ولا يمكن ان يوجد شيء هو من جملة الحق لا يكون راجعا الى الشرع. فكل ما ينفع الناس في مصالح دينهم ودنياهم ومن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم اما اجمالا او تفصيلا لكن الناس يتباينون في معرفة الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم على قدر ما لهم من العلم الذي على اجنة رجال به النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يمكن ان يقوم حسي او عقلي على ان شيئا مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليس حقا. فليس شيء جاء للنبي صلى الله عليه وسلم الا وهو حق لان الذي جاء به مبناه الوحي. والوحي محفوظ لا يدخله الخطأ. فمهما خيل المرأة ان شيئا من الاشياء لا يكون موافقا للحق فمن المجزوم به عند المؤمنين ان قوله باطل وخطأ وقد برهة من الزمن المتقدم ان بعض الناس تكلموا في حديث الذبابة وهو قوله صلى الله عليه وسلم اذا وقع الذباب وفي اناء احدكم فليغمسه ثم ليزداد فانه يتقي بجناحه الذي فيه ثم بعد خمس عشرة سنة ظهرت بعض الدراسات الطبية التي تصدق هذا الحديث. فاولئك المتشبكون لا عبرة لشكهم كما ان اولئك المصدرون تلك الدراسات نحن لسنا بحاجة اليها. فان المؤمنين يؤمنون بان كل كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو حق على حقيقته. وصدق لا يدخله كذب. فالواجب على العبد ان يسلم لذلك لا يثبت الاسلام الا بالاستسلام. وما سمي الدين اسلاما الا لما فيه من الاستسلام. فالواجب على العبد ان يوصل نفسه عن الاستسلام لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من ربه. قال ابن خديج نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء كان لنا نافعا وهو مخابرة الاراضي قال لهانا عن شيء نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء كان لنا نافعا. وطواعية الله ورسوله انفع ذلك هذا الايمان طواعية الله ورسوله انفع لنا مهما بدا لنا ان هذا الشيء نافع ومنعنا منه فان طواعية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تنفع للخلق وعلى قدر ما يكون في قلوب الناس افرادا وجماعات من التسليم والاتباع لامر الله وامر رسوله صلى الله عليه تستقيم لهم احوالهم. وعلى قدر ما يكون في قلوبهم من المنازعة تتخلف عنهم احوال الكمالات. ثم ذكر انه يدخل في الايمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل وسائل الرسل اصل اخر هو الاصل المذكور فيما نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى الاصل الثالث الايمان باليوم الآخر. فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون وبعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر. كاحوال البرزخ واحوال يوم القيامة. وما فيها من الحساب والثواب والعقاب. والشفاعة والميزان والصحف مأخوذة باليمين والشمال والصراط واحوال الجنة والنار واحوال اهلها وانواع ما اعد الله في غير اهلها اجمالا وتفصيلا. فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر. ذكر المصنف رحمه الله الاصل الثالث من اصول كتابه وهو الايمان باليوم الاخر. ثم اشار الى ضبطه بقوله فكل ما جاء به الكتاب والسنة مما يكون بعد الموت فانه من الايمان باليوم الاخر فاليوم الاخر اسم لكل ما يكون بعد الموت. فاليوم الاخر قسم لكل ما يكون بعد الموت ومنه ما يكون مختصا باحد كسؤاله في قبره. فيسأل كل واحد في قبره. ومنه ما يشترك فيه الخلق جميعا عن كبعثهم من قبورهم ثم محاسبتهم وجزائهم. فذكر رحمه الله تعالى انواعا مختلفة مما يرجع اليه قال احوال البرزخ واحوال يوم القيامة وما فيها من الحساب والثواب والعقاب. ثم قال فكل ذلك داخل في الايمان باليوم الاخر. فيما يكون بعد الموت. وطريق العلم بتفاصيل اليوم الآخر مقصور على فلله وقدر رسوله صلى الله عليه وسلم لانه غيب محجوب عنه. فلا وصول الى العلم بذلك الغيب الا بطريق الوحي الصادق فما اخبر عنه الله في كتابه او اخبر عنه صلى الله عليه وسلم في سنته من تفاصيل اليوم الآخر وجب علينا ان نؤمن به وما لم يرد في الكتاب ولا في السنة فلا يتعلق بنا ايمان به بل يرد على قائل سائلا من كان لان علم اليوم الاخر غيب لا يطلع عليه الا بوحي صادق مما جاء في كلام الله او في رسوله صلى الله عليه وسلم. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى الاصل الرابع مسألة الايمان فاهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة. من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان وان من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان. من انتقص شيئا منها فقد انتقص من ايمانه. وهذه الامور بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق. والحياء شعبة من الايمان. ويرتبون على هذا الاصل ان الناس في الايمان درجات. مقربون واصحاب وظالمون لانفسهم بحسب مقاماتهم من الدين والايمان. وانه يزيد وينقص فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله ويرتبون على هذا الاصل ان الناس ثلاثة اقسام. منهم من قام بحقوق الايمان كلها فهو المؤمن حقا. ومنهم من تركها كلها فهذا كافر بالله تعالى ومنهم من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر فبه من ولاية الله واستحقاقه بكرامته بحسب ما معه من الايمان وبه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الايمان. ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائرها التي لا تصل لصاحبها اليكم تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام ولا يخرج في نار جهنم ولا يطلقون عليه الكفر كما تقول الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقول المعتزلة بل يقولون ومؤمن بايمانه فاسق لكبيرته فمعه مطلق واما الايمان المطلق فينفى عنه. وبهذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. ويترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله ان التوبة تجب ما قبله وان من ومات على ذلك فقد حبط عمله. ومن تاب تاب الله عليه. ويرتبون ايضا على هذا الاصل في صحة الايمان فيصح ان يقول انا مؤمن ان شاء الله. لانه يرجو من الله تعالى تكميل ايمانه فيستثني بذلك. ويرجو الثبات على ذلك الى ما مات من غير شك منه بحصول اصل الايمان ويرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله مقداره تابع للايمان. وجودا وعدلا وتكميلا ونقصا ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة ولهذا من الايمان الحب في الله والبغض لله والولاية لله والعداوة لله. ويترتب على الايمان انه يحب لاخيه ما يحب لنفسه ولا يتم الايمان الا به. ويترتب على ذلك ايضا محبة اجتماع المؤمنين والحث على التآلف والتحابب وعدم التقاطع. ويبرأ واهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض ويرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد الايمان. ولا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى الكفر او بدعة موجبة للتفرق. ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب مراتبهم وعملهم. وان لهم من الفضل والثواب والمناقل ما يتفضل به على سائر الامة. ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم وانهم اولى الامة بكل خصلة حميدة. واسباب الى كل خير وابعدهم عن كل شر. يعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها ودنياها. ويدفع عنها عالية المعتدين. ولا تتم الا بطاعته في غير معصية الله تعالى ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر بيد او والا باللسان والا في بالقلم حسب مراتبه الشرعية وطرقه المرعية. وبالجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرعي من تمام الايمان والدين ومن تمام هذا الاصل ذكر المصنف رحمه الله الاصلى الرابع من الاصول الخمسة الكبار في عقيدة اهل السنة والجماعة وهو مسألة الايمان فقال فاهل السنة يعتقدون ما جاء به الكتاب والسنة. اي في هذه المسألة من ان الايمان هو تصديق القلب المتضمن لاعمال الجوارح. فيقولون الايمان اعتقادات القلوب واعمال مالها واعمال الجوارح واقوال اللسان وانها كلها من الايمان فيرون حقيقة الايمان مقسومة على ثلاثة اركان. اولها القلب وثانيها اللسان وثالثها الجوارح ويجعلون مدار الايمان على القول والعمل فيقولون الايمان قول وعمل وينفذ من هذا حال تعلقه في تلك الاجزاء الثلاثة ان الايمان يقوم على خمسة امور اولها قول القلب اولها قول القلب وهو اعتقاده وتصديقه قول القلب وهو اعتقاده وتصديقه وثانيها عمل القلب وهو حركته وارادته. وهو حركته وارادته وثالثها قول اللسان قول اللسان وهو اقراره بالشهادتين وهو اقراره بالشهادتين ورابعها عمل اللسان وهو ما لا يؤدى من العمل الا به كقراءة القرآن وخامسها عمل الجوارح من الفعل والترك. عمل الجوارح من الفعل والترك الايمان مقسوم على هذه الموارد الخمسة. اولها قول القلب وهو كما تقدم تصديقه واعتقاده. كايمان بالملاعب فايماننا بالملائكة من جملة ما يندرج في قول القلب ومن جملته ايضا عمل القلب وهو كما قال حركته وارادته. اي توجه القلب الى معنى من المعاني فمثلا التوكل هو من عمل القلب لان حقيقة التوكل هو اظهار العبد عجزه لله وتفويظه امره اليه. وهذا العجز والتفويض يكون فيه حركة للقلب. فيكون عملا للقلب واما المولد الثالث فهو قول اللسان فحقيقته نطقه بالشهادتين بشهادة ان لا اله الا الله وان محمدا صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله اقوله واما المورد الرابع فهو ما لا يؤدى من العمل الا باللسان كقراءة القرآن والدعاء والذكر فهذه اعمال الانسانية ثم الخامس هو ما يرجع الى الجواز من فعل او ترك في اداء الصلاة وترك الربا والزنا فهذا مما ارجعوا الى عمل الجوارح فالايمان مقسوم على هذه الموارد. قال وان من اكملها ظاهرا وباطنا فقد اكمل الايمان من استكمل ما يتعلق بهذه الموارد استكمل الايمان. ومن انتقص شيئا منها فقد انتقص من ايمانه. قال وهذه الامور بضع وسبعون هنا شعبة اي تلك الامور التي يتألف منها الايمان هي بضع وسبعون شعبة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال هل الايمان بضع وسبعون شعبة. ومراده بيان خصاله واجزائه التي يتألف منها. بيان واجزائه التي يتألف منها. فشعب الايمان خصاله واجزاءه. فشعب الايمان خصاله واجزاءه. ووقع في حديث ابي هريرة عبدها بضع وسبعون عند مسلم وعند البخاري الايمان بضع وستون والمحفوظ لفظ البخاري ان الايمان بضع وستون شعبة اي خصلة وجاء في حديث ابي هريرة عند مسلم زيادة هي المذكورة في قوله اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق حياء شعبة من الايمان فشعب الايمان متفاوتة في المراتب فمنها من له درجة العلو فيها كقول لا اله الا الله ومنها من يقصر عن تلك المرتبة العالية فاماطة الاذى اي ازالة الاذى وتحويله عن الطريق. ثم قال ويرتبون على هذا الاصل ان الناس في الايمان درجات اي متفاوتون قال مقربون واصحاب يمين وظالمون لانفسهم وموجب تباين مراتبهم هو المذكور في قوله بحسب مقاماتهم من الدين والايمان. فعلى قدر ما يكون للعبد من تحققي بمقامات الدين والايمان تكون درجته. فاما ان يكون مقربا واما ان يكون من اصحاب اليمين واما ان يكون ظالما لنفسه بقدر ما يقيم ويهمل من مقامات الدين والايمان. ثم قال وانه يعني الايمان يزيد وينقص اي يقوى ويضعف. فمن فعل محرما او ترك واجبا نقص ايمانه الواجب ما لم يتب الى الله. كما ان من ترك محرما وفعل واجبا يزيده ايمانه. فيجد احدنا في نفسه قوة كايمانه اذا صلى فرضه في مسجده. فان صلى فرضه في بيته وجد نفسه فان فاته الوقت ولم يصلي فرضه في وقته وجد من نقص حاله في الايمان ما يميز به نفسه. وهو على قدر ما يكون في قلبه من قوة الايمان يحصل له تمييز هذه الاحوال فالذي يكمل نفسه بالطاعات اذا وقع منه شيء يسير وجد اثره في نفسه وفي اهله والامر كما ذكر في اخبار ابي عثمان النيسابوري انه خرج الى يوم الجمعة مبكرا فانقطع شسع نعله شسع نعله يعني الحبل الواصل بين الاصبع الكبير وسائل الاصابع في الحذاء فقال اعلم من اين اوتيت يعني انا اعرف ليش انقطع شمسنا علي؟ قال ذلك اني لم اغتسل ليوم الجمعة يعني وجد انه ترك شعبة من شعب الايمان وهي الاغتسال بيوم الجمعة كما تقدم معنا حديث ابي سعيد الخدري غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. فالذي يتدين لله متعبدا بالمبادرة الى غسل يوم الجمعة. يجد له اثرا في ايمانه اذا كان محافظا على شرائع الدين بهذه المنزلة ففقد شيئا منها انسه وان لم يكن كذلك ربما وقع في اشياء يهتك بها حرمات الله ولا يؤنس فيها اثرا في ايمانه وذلك لشدة ضعف ايمانه فالمتفضل رطب لايمانه الحافظ له يجد نقصا اذا فاته شيء يسير. واما المتهتك فيه غير المبال به انه ربما فاتته امور عظيمة فلا يجد في نفسه اثرا وهذا رسول شر ينبغي ان يتنبه له العبد وان الله سبحانه وتعالى في حفظ ايمانه. ومن صدق الله سبحانه وتعالى في حفظ ايمانه اعانه الله عز وجل على حفظ دينه وتقواه فلم يزل يزدد من مراتب الايمان حتى يكمله الله سبحانه وتعالى ببلوغ مراتبها العالية في الدنيا ثم يجعل الله عز ودل له من المقامات العالية في الجنة ما لا يكون لغيره من اهل الايمان. ثم قال ويرتبون على هذا الاصل يعني معرفة الايمان ان الناس ثلاثة اقسام منهم من قام بحقوق الايمان كلها فهو المؤمن حقا. ومنهم من تركها كلها فهذا كافر تعالى ومنهم من فيه ايمان وكفر او ايمان ونفاق او خير وشر. فيجتمع فيه سبب ايمان وسبب كفران وسبب ايمان وسبقه انفاق وسبب خيره وسببه شر. الا ان ما يذكر فيه من اسباب الكفر او النفاق او الشرع لا تخرجه من الاسلام فهو باق على اسلامه ولذلك اثبت له حال ذلك ما يوجد له من الايمان او ما يوجد له من طيب قال ففيه من ولاية الله واستحقاقه لكرامته اي فيه من محبة الله واستحقاقه لكرامته بحسب ما معه من الايمان وفيه من عداوة الله واستحقاقه لعقوبة الله بحسب ما ضيعه من الايمان. فيجتمع فيه كمال ونقص كحال من يأكل الربا وهو يحافظ على الصلوات الخمس. فهذا فيه معصية عظيمة وكبيرة من كبائر الذنوب وهي اكل وفيه سبب عظيم من اسباب الايمان. وهي الصلوات الخمس. فيجتمع فيه سبب ايمان وسبب كفران بمعنى الكفر الاصل ويكون فيه من كمال الحال اذا صلى ما لا يجده في حاله اذا راض فتكون فيها اسباب متنوعة فيكون فيه سبب محبة وسبب بغض قال ويرتبون على هذا الاصل وهو وجود هذه المعاني من اجتماع الايمان والايماني والنفاق والخير والشر والمعصية والطاعة قال ويرتبون على هذا الاصل العظيم ان كبائر الذنوب وصغائر طائرها التي لا تصل بصاحبها الى الكفر تنقص ايمان العبد من غير ان تخرجه من دائرة الاسلام ولا في نار جهنم. فيكون المواقع للمعاصي والذنوب كبائرها وصغائرها منقصا للايمان لكن لا يخرج به العبد من الاسلام هذا الذي تقدم بذكر حاله من كونه يأكل الربا يبقى عليه اسم الايمان لكنه في حال نقص لما يأكله مما حرمه الله عز وجل قال ولا يطلقون عليه الكفر اي لا يطلقون عليه اسم الكفر بسبب الذنوب ولو كانت كبائر كما تقول الخوارج او ينفون عنه الايمان كما تقول المعتزلة. فان الخوارج والمعتزلة يجعلون فاعل الكبيرة عند الاولين كافرا في الدنيا والاخرة. فالخوارج اذا رأوا المرابي او الزاني جعلوه كافرا بهذه الكبيرة. واما المعتزلة فانهم يجعلونه في الدنيا خارجا عن الايمان. غير داخل في الكفر ولكنهم في الاخرة يحكمون بكفره وانه مخلد في النار. والحال التي جعلوها عليه سموها المنزلة بين المنزلتين. فهو ليس في منزلة الايمان ولا في منزلة الكفران. فهو اخرج من دائرة في الايمان فلا يعد عندهم بالمؤمنين لكنه لا يعد عندهم في الكافرين هذا في الدنيا واما في الاخرة فهم يوافقون الخوارج في كونه خالد في ناري جهنم. واما اهل السنة فالامر كما قال رحمه الله تعالى لا يطلقون عليه الكفر. اي لاجل كبيرة قال بل يقولون هو مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته. فمعه سبب ايمان وهو الطاعة ومعه سبب فسق وهو الكبيرة. قال فمعه مطلق الايمان اي مسمى الايمان وحقيقته. واما الايمان المطلق اي الكامل فينفى فالمرابي والزاني لا يصح بان يقال انه مؤمن كامل الايمان. كما لا يقال انه كافر بين الكفران. لكن يقال هو مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته او يقال هو مسلم ليس بمؤمن اي لا يبلغ مرتبة الايمان المطلق الكامل حتى يستحق الايمان لكنه يبقى في دائرة المسلمين. قال وبهذه الاصول يحصل الايمان بجميع نصوص الكتاب والسنة. قال ويترتب على هذا الاصل ان الاسلام يجب ما قبله وان التوبة تجب ما قبلها. والمقصود بالجب الهدم والازالة. والمقصود بالجب الهدم والازالة فاذا اسلم العبد او تاب هدم اسلامه وتوبته ما تقدم منه من ذنوب ومعاصي ولو كانت كفرا. قال وان من ارتد مات على ذلك اي على الكفر فقد حبط عمله. فاذا مات العبد على الكفر والشرك فان عمله الذي عمله مهما بلغ من النفقة والاحسان فانه يحبط ولا يكتب له به اجر. قال ومن تاب تاب الله عليه اذا اذا تاب العبد مهما فعل من الافعال من كفر او نفاق او معصية فان الله سبحانه وتعالى يتوب عليه. قال ويرتبون ايضا على هذا الاصل اي في معرفة الايمان صحة الاستثناء في الايمان وفسره بقوله فيصح ان يقول انا مؤمن ان شاء الله. فالاستثناء في الايمان هو تعليق الايمان بالمشيئة الاستثناء في الايمان هو تعليق الايمان في المشيئة وله مواقع من المنع والجواز ومن مواقعه في الجواز ما ذكره بقوله انه يرجو من الله تعالى الا تكميل ايمانه فيستثني لذلك فهو لا يجزم بانه اذا سئل عن ايمانه انه بلغ الايمان الكامل فاذا قيل له انت مؤمن مؤمن قال انا مؤمن ان شاء الله. يعني ارجو ان اكون محققا للايمان لكنه لا يقطع بانه قد بلغ كما لا. قال وينجو الثبات على ذلك الى الممات. اي يسأل الله عز وجل باستثنائه ان يحفظ الله عز وجل عليه ايمانه حتى يلقى الله سبحانه وتعالى. قال فيستثني من غير شك منه بحصول اصل الايمان. فالقائلون من المؤمنين انا مؤمن ان شاء الله عند اهل السنة لا يريدون بذلك انهم يشكون في ايمانهم فليس المراد بتعليقه وجود الشك وانما من معانيه الصحيحة ما ذكره رحمه الله بان احدهم اذا اخبر بذلك انما لا يجزم لنفسه بتكميل الامام ويرجو من الله عز وجل ان يثبته عليه حتى يلقاه. قال ويرتبون ايضا على هذا الاصل ان الحب والبغض اصله ومقداره تابع للايمان. وجودا تمام وتكميدا ونقصا فهو يحب احدا من المسلمين لقوة ايمانه ويبغض احدا من المسلمين لما يخالفه من المعاصي والسيئات فمدار المحبة والبغض على وجود معاني الايمان فيه وهي الطاعات او على عدم وجود تلك المعاني وهو ما يقترفه من الذنوب والمعاصي. قال ثم يتبع ذلك الولاية والعداوة اي المحبة والنصرة مع المنافرة والمفارقة قال ولهذا من الايمان الحب في الله والبغض لله والولاية لله والعداوة لله فمدار ما تخذله من حبه وبغضه وولايته وعداوته يجب ان تقع وفق ما يحبه الله من انه يعلقها بالتزام امر الله فاذا كان مؤمنا احبه ولو كان بعيدا واذا كان فاسقا ابغضه ولو كان قريبا لان اعظم الايمان في القلب ان يجعل العبد معياره في معاملة الناس وموافقتهم لامر الله سبحانه وتعالى. قال ويترتب على الايمان ان يحب لاخيه ما يحب لنفسه. ولا يتم الايمان الا به. يعني لا يكمل ايمان احدنا حتى يحب لاخيه ما يحب فمن كمال الايمان محبة العبد لاخيه المسلم ما يحبه لنفسه من الخير وهذا مما يبين لك ان مدار الأمر عند المسلمين في هذا الدين هو بحسب ما يكون عند الناس من الخير فهو من محبته الخير للناس اذا احب شيئا لنفسه احبه للناس وجعل هذا من الايمان كما قال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. اي لا يكمل ايمان احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. قال ويترتب وعلى ذلك محبة اجتماع المؤمنين والحث على التآلف والتحابب وعدم التخاطب. فمما يترتب على حقيقة الايمان الصادق ان يحب اجتماع المؤمنين ويحث على الالفة بينهم. ويحبب بعضهم لبعض. وينفرهم ويحذرهم من اسباب بالمصارمة والقطيعة. لان حقيقة كونه منتسبا الى الايمان ان يحب ظهور هذا الايمان فيهم. ويكون ظهوره باجتماعهم لا بالاشتراط وبائتلافهم لا بابتعادهم وبنشوء اسباب المحبة بينهم لا ببذل اسباب الفرقة قال ويبرأ اهل السنة والجماعة من التعصبات والتفرق والتباغض. لان هذا يخالف ما به من المحبة للمؤمنين. فان شيوع اسباب البغظ والفرقة والتعصب والتحيز بعظهم عن مما يخصم عروة الايمان بينهم في جعل محبة بعضهم لبعضهم دائرة على الايمان. فينشأ بينهم انه يحبه لعصبيته او يحبه لفرقته او يحبه لطريقته. فيكون الحامل له على المحبة هو ذلك الامر ما انه يكون الحامل له على بغضه انه ليس على طريقته او ليس على جماعته او ليس على حزبه. واما اهل الايمان الصادق فهم يرون ان الواجب على المؤمنين ان يجتمعوا ولهذا صار من اصولهم كما ذكر رحمه الله تعالى لزوم الجماعة كما قال يرون ان هذه القاعدة من اهم قواعد الايمان اي وجود الالفة والاجتماع التي هي حقيقة لزوم الجماعة ولا يرون الاختلاف في المسائل التي لا تصل الى كفر او بدعة موجبة للتفرق. فهم لا ينظرون الى المسائل التي تختلف فيها انظار الناس بنظر واحد بل ينظرون الى ركبة تلك المسألة فان كانت تلك المسألة كفرا او بدعة موجبة للتفرق فحين اذ يبرؤون الى الله منها ومن اهلها. واما ان لم تكن كذلك فانهم لا يرتبون عليها المنافرة والمفارقة كما قال ابن تيمية الحفيد بالعقيدة الواسطية قال ولهذا لا يضلل من فضل عليا على عثمان وانما قللوا من خالف في مسألة الخلافة. يعني من اعتقد ان عليا اولى بالخلافة من عثمان هذا يضلل. لكن الذي يرى ان عين له من الفضائل ما ليس لعثمان فهذا لا يضلل. فمن اهل العلم من يرى ان لعلي من الفضائل ما ليس لعثمان رضي الله عنه ثم اجتمع امر اهل السنة على تقديم عثمان ايضا في الفضل على علي. والمقصود ان المسائل ليست على واحدة فقد تكون المسألة لها عند قوم دليل وغيرها عند قوم اخرين لا دليل كما ذكرنا في مسألة رفع اليدين فالذين لا يرفعون اليدين في صلاتهم الا في موضع وحدهم الحنفية في في التكبيرة الاولى عندهم دليل وكذلك غيرهم عندهم دليل فاذا نزع هؤلاء واولئك الى دليل معتد به في رتبته الشرعية لم يكن ذلك موجبا للتفرق والاختلاف وان رجح هذا هذا ورجح ذاك ذاك. قال ويترتب على الايمان محبة اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحسب مراتبهم. وعملهم وان لهم من الفضل والثوابق والمناقب ما فضلوا به عن سائر الامة. لان هؤلاء هم رؤوس اهل الايمان في هذه الامة. فمن صدق الايمان محبة مقدميهم وهم من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ولاجل هذا ذكرها المصنف رحمه الله تعالى في مسألة نعم لانها تابعة لايمان العبد ومحبته لاهل الايمان. واعظم اهل الايمان قدرا ثم من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ومن اهل العلم من يجعل مسألة الصحابة تابعة للايمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. لان اولئك هم الذين صحبوه فشهدوا التنزيل وعلموا التأويل وقاموا في نصرته صلى الله عليه وسلم فمن الايمان به تعظيم جنابهم وحفظ اقدارهم وتمييز مناقبهم وفضائلهم. ثم قال ويدينون بمحبتهم ونشر فضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم. اي ما وقع بينهم من الاختلاف وانهم اولى الامة بكل خصلة حميدة واسبقهم الى كل خير وابعدهم عن كل شر ويعتقدون ان الامة لا تستغني عن امام يقيم لها دينها. اي احد تقتدي به في جمع امر دينها ودنياها وهو المتولي تدبير السلطنة والحكم مما يسمى اميرا او ولي امر او حاكما او رئيسا او غير ذلك. فاهل السنة يعتقدون ان انتظام احوال الناس في دينهم ودنياهم لا يتحقق الا بامام يجمع عليه الناس في هذا الامر. قال لها دينها ودنياها ويدفع عنها عادية المعتدين. يعني يدفع عنها شر المعتدين عليها. ثم قال ولا تتم وامامته الا بطاعته في غير معصية الله تعالى. اي لا يتم المقصود من جعله اماما يؤتم به في جمع الامر في حفظ الدين والدنيا الا بان يطاع لكن شرط هذه الطاعة ان يكون في غير معصية الله سبحانه وتعالى. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما الطاعة بالمعروف فاذا امرت بمعصية فلا طاعة اي فلا طاعة في تلك المعصية مع بقاء الاصل العام وهو طاعته قال ويرون انه لا يتم الايمان الا بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد والا باللسان والا فبالقلب على حسب الشرعية وطرقه المرعية. فهم يرون ان المعاصي التي تكون في المسلمين يجب على المؤمن ان يسعى في ازالتها وتغييرها امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فلسانه فان لم يستطع فبقلبه فمن الايمان السعي في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولهذا ذكره جماعة من اهل العلم فيما يتبع عقائد اهل السنة والجماعة لان ما يذكرونه من مسألة الايمان في ابواب الاعتقاد يتعلق به الامر والنهي بالامر في المعروف والنهي عن المنكر ثم قال ما ذكره قال على حسب مراتبه الشرعية وطرقه المرعية اي لا بحسب الاهواء والاراء. فانه ليس المقصود من اقامة بالمعروف فيهم ولا طلب ازالة المنكر بينهم هو الانتصار لهوى النفس وحظها. وانما المقصود هو اقامة شرع الله سبحانه وتعالى. فالواجب على العبد ان يكون حامله على ذلك ملاحظة المرتبة الشرعية والطريقة المرعية فالمرتبة الشرعية مردها الى حكم الشرع. والطريقة المرعية مردها الى ما تعارف عليه الناس في زمان او مكان. فمن اراد ان يقيم هذه الشعيرة في المؤمنين لابد ان يراقب الحكم الشرعي ويراقب الحكم العرفي. لانه لا يتحقق هذا الا بهذا. فقد يكون في الانسان قوة في الحق. لكنه يسلك بذلك طريقا ينفر منها الناس اجمعونا لانها تخالف الطريقة التي عرفوها بينهم. كتعظيم اكابرهم فان الناس ولاسيما في هذه البلدان في بلدان الخليج قد جبروا على ان من كان منهم اكبر سنا على اي حال كان يبقى له قدر من ايش؟ توقير والاحترام. الانسان الذي يرى واحد اكبر منه وعنده معصية ثم يستخف بجنابه. هذا خالف الطريقة المرعية. لا بد ان جنابه ثم يأمره وينهاه. واما الاستخفاف بجنابه فهذا مما يخالف الطريقة المرئية التي اعتدت بها الشريعة. فالشريعة جاءت بما تعارف عليه الناس في احوالهم. لان اقامة ما يحفظ دينهم ودنياهم انما يكون بذلك. والشرع يراعي المقاصد. فمن جملة تلك المناخ قاصد ملاحظة عرف الناس في احوالهم. ثم قال رحمه الله وفي الجملة فيرون القيام بكل الاصول الشرعية على الوجه الشرعي من تمام الايمان والدين. فهم يرون ان الدين الكامل يتحقق في احدهم اذا قام بالاصول الشرعية على الوجوه الشرعية. فاذا اقيمت الاصول الشرعية على غير الوجوه الشرعية لم يكن هذا ايمانا. بل قد يكونوا من اسباب نقص الايمان. مثلا انسان رأى اخر على معصية فعدا عليه فضربه. ليش ضربه؟ يقول عنده منكر. طيب هذه الطريقة الشرعية ام ليست طريقة شرعية؟ ليست طريقة شرعية ان لم تكن له ولاية كسلطان او نائب عن السلطة قال وفق ما يعين من احكام السياسة الشرعية. هذا لا يتحقق به ايمان بل هذا يظعف ايمان العبد. لان التعدي والجور قل وان البس ثوب الشرع يعود على صاحبه بالعقوبة. فما جار احد وتعدى على الناس وظلمهم الا انصفهم الله عز وجل منه العبد اذا اوتي ايمانا فلا ينبغي له ان يغتر به ويستعري به على الناس. بل ينبغي ان ينظر الى نفسه دائما بعين المخ. ولذلك سئل عبد الله مبارك عن التواضع فقال اذا خرجت من بيتك فرأيت احدا فلا تظن نفسك افضل منه هذا التواضع. يقول انت اذا تبي تصير متواضع اذا طلعت من البيت وشفت اي واحد لا تقول انا افضل منه. فانه مهما ساء ظاهره فانك لا تعلم باطلة فقد يكون في باطنه من الخوف من الله والاقبال على الله ما لا يكون ظاهرا على صورته التي تراها. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى الاصل الخامس طريقه في العلم والعمل. وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويلتزمون ان لا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح. فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيجتهدون في معرفة معانيها والتفقه فيها اصولا وفروعا ويسلكون جميع طرق الدلالة التي فيها دلالة المطابقة ودلالة تضمن ودلالة الالتزام ويبذلون قواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله. ويعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة وكذلك ما تفرع من قياسات صحيحة ومناسبات حكيمة. وكل علم اعان على ذلك وازره او ترتب عليه فانه علم شرعي علم باطل فهذا طريق في العلم. واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق. والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل عبادة واساسها ثم يتقربون له باداء فرائض الله المتعلقة بحقه وحقوق عباده. مع الاكثار من النوافل وبترك المحرمات والمنهي يأتي تعبدا لله تعالى ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الا كل عمل خالص لوجهه الكريم مسلوكا فيه طريق النبي الكريم لله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عاجلة واجلة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا قتل المصنف رحمه الله بذكر الاصل الخامس من الاصول الخمسة التي اعتنى ببيانها في هذا المختصر وهو بيان اي طريق اهل السنة والجماعة في العلم والعمل وبينه بقوله وذلك ان اهل السنة والجماعة يعتقدون ويلتزمون الا طريق الى الله والى كرامته الا بالعلم النافع والعمل الصالح. فمطلوبهم في العلم ما نفع ومطلوبهم في العمل ما صلح. قال فالعلم النافع هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيجتهدون في معرفة معانيها والتفقه فيها اصولا وفروعا. فمرد جميع العلم النافع الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. والعلوم المستمدة منهما كعلوم التفسير والحديث والفقه. والاعتقاد وغيرها هي من جملة ذلك العلم النافع. قال ويسلكون جميع طرق الدلالات فيها اي جميع طرق الدلالات اللفظية اي ما يفهم من اللفظ ويدل عليه. قال دلالة المطابقة وهي دلالة اللفظ على جميع معناه. دلالة المطابقة وهي ازالة اللفظ على جميع معناه ودلالة التظمن وهي دلالة اللفظ على بعظ معناه دلالة اللفظ على بعض معناه. ودلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على خارج عنه لازم دلالة اللفظ على خارج عنه لازم له. قال ويبذلون اقواهم في ادراك ذلك بحسب ما اعطاهم الله اه اي يبذلون قواهم في استخراج ما تتضمنه الالفاظ من المعاني. وفق ما يتبين من انواع الدلالات اللفظية قال ويعتقدون ان هذه هي العلوم النافعة. وكذلك ما تفرع عنها من اقيسة صحيحة ومناسبات حكيمة وكل علم اعان على ذلك او ازره اي يعني قواه وساعده او ترتب عليه فانه علم شرعي كما ان عظمى ضادة وناقضه فهو علم باطن فهذا طريقهم في العلم. فالعلوم الخارجة عن علم الكتاب والسنة اما ان تكون الة لفهمهما فتكون حينئذ نافعة او غير نافعة نافعة واما ان تكون اجنبية عنهما فحين اذ لا تكون نافعة وقد تكون ضارة فمثلا علم السحر علم ضار لا خير فيه فليس علما نافعا ابدا. قال واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله بالتصديق والاعتراف التامي بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها. فيملئون قلوبهم بتوحيد الله سبحانه وتعالى والايمان به. قال ثم فيتقربون له اي يطلبون القرب منه سبحانه وتعالى. ويكون ذلك كما قال باداء فرائض الله المتعلقة بحق وحقوق عباده مع الاحسان من النوافل وبترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله تعالى فهم فيما يتعلق بالامر يحرصون على فرائضه ونوافله فعلا. وفيما يتعلق بالنهي يحرصون على ترك ما يتعلق بمحرمه ومكروهيه. قال ويعلمون ان الله تعالى لا يقبل الاكل عمل خالص لوجهه الكريم فيه طريق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لان حقيقة العمل الصالح ان يكون جامعا امرين احدهما الاخلاص لله احدهما الاخلاص لله. والاخر الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم واذا خلا العمل من احدهما او منهما لم يقبله الله سبحانه وتعالى ولذلك فهم كما قال يعلمون ان الله لا يقبله الا كل عمل خالص مسلوكا فيه طريق النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال ويستعينون بالله تعالى في سلوك هذه الطرق التي هي العلم النافع والعمل الصالح الموصل الى كل خير وسعادة عاجلة واجلة. فهم يجردون انفسهم من قدرها ولا يرون ان لهم قدرة على ما احب الله الا بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى كما قال ويستعينون بالله تعالى سلوك هذه الطرق النابعة. فالعلم النافع مهما اوتيت من قوة حفظ او جودة فهم. اذا لم تستعن بالله لم ينفعك حفظك ولا فهمك. والعمل الصالح مهما ظننت في نفسك قوة وجلدا في بدنك فانه ان لم يجعل الله عز وجل لك عونا عليه فانك لا تستطيعه وها هم الناس اجمعون. يعرفون القراءة. لكنهم يتفاضلون تفاضلا شديدا في قراءة القرآن. فمن الناس من تمر سنة كاملة لا يختم القرآن. ومن الناس من يختم القرآن كل يوم لان الله عز وجل يجعل له من العون والمدد وكمال الصدق والاقبال على الله عز وجل ما ليس عند غيره. فيكون له من الالة على هذا العمل صالح ما ليس لغيره ولذلك الناس محجوبون بالقوى المادية عن المدد الالهي تجد بعض الناس وكيف يقرأ يا اخي القرآن كل يوم ختمة هو ما يكره بقوته يكره بعون الله سبحانه وتعالى. والمسكين الذي ينظر الى مقدار القوى ان الانسان يصبر في الجلسة وعنده وقت وعنده اشغال كيف يقضي هذا؟ كيف يقرأ القرآن؟ هذا يحجب. واما ذاك لان لسانه بقراءة القرآن الكريم حتى صار ملازما له. الان الاطباء لو تأتي الى انسان طبيب تقول واحد مغمى عليه يقرأ القرآن يقول كيف يقرأ القرآن؟ هذا يمكن يخربط لا في اناس اصيبوا بجلطة واصلوا ختمتهم التي كانوا يقرأونها هو في جلطة في غيبوبة كان يقرأ القرآن الكريم. لماذا؟ لانه كان عنده استمداد من الله عز وجل استعانة بالله عز وجل في ملازمة العبادة حتى صارت طبعا له فحفظها الله سبحانه وتعالى عليه. ولذلك هذا الذي ذكره اخرا في قولك ويستعين ان بالله تعالى في سلوك هذه الطرق النافعة من اهمية بمكان ليعلم العبد انه لا سبيل له الى حفظ عقيدته وايمانه الا بعون الله عز وجل لن تبقى مسلم لان اباك مسلم لن تبقى مسلما لان بلدك مسلم. تبقى مسلم اذا لاحظت امر الله سبحانه وتعالى ونهيه وسألت الله سبحانه وتعالى ان يحفظ عليك وكان من اكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. هذا وهو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم واجعل لقلبك مقلتين كلاهما من خشية الرحمن باكيتان. لو شاء ربك كنت ايضا مثلهم فالقلب بين اصابع الرحمن فما شاء الله سبحانه وتعالى ازاغ وما شاء الله اقامه. ولذلك مهما بذلنا يا اخوان في طلب العلم وفي الاعمال الصالحة ينبغي ان يقوى في قلوبنا الاستعانة لله سبحانه وتعالى فانك اذا استعنت بالله فتح الله لك من انواع المدد والعون والخير والبركة ما لا يكون لغيرك فعند ذلك لا اتغتر بالقوة المادية وتصير محجوب بهذه القوة المادية تلتمسها تقول انا اجلس ساعتين اقرا او انا اجلس احفظ في اليوم كذا وكذا لا تنظر يا هذا انظر دائما اذا انك تسأل الله العلم النافع والعمل الصالح نسأل الله ان يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح. وهذا اخر هذا البيان على هذه الجملة من الكتاب. اكتبوا طبقة السماع سمع علي جميع لمن سمع الجميع مختصر بالعقائد الدينية بقراءة غيره. صاحبنا يكتب اسمه تاما فتم له وذلك في مجلس واحد لميعاد مثبت محله من نسخته واجزت له روايته يعني اجازة خاصة معين معين في معين باسناد مذكور في الفوارق الامل في اجازة طلاب الجمع والحمد لله رب العالمين صالح بن عبدالله بن حمد بن عصيمي يوم السبت الحادية عشر من شوال سنة سبعين وثلاثين واربع مئة والف في مسجد حمد بن علي كانو رحمه الله في مدينة المحرم. وهذا اخر هذا المجلس الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين