ننتقل الى التعريفات الشرعية للاحكام الخمسة الاصولية للعلامة عبد الله بن عبد الرحمن ابا بطين رحمه الله في الصفحة الثالثة والخمسين بعد ثلاث مئة من المجموع الذي بايديكم نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا ونفعنا بعلومهما بسم الله الرحمن الرحيم. القواعد جمع قاعدة وهي حكم كلي ينطبق على جزئيات لتعرف احكامها الواجب ما يستحق الثواب بفعله والعقاب بتركه. والحرام بالعكس اي ما يستحق العقاب بفعله والثواب بتركه والمندوب ما يستحق الثواب بفعله ولا عقاب بتركه. والمكروه بالعكس اي ما يستحق الثواب بتركه ولا عقاب فعله والمباح ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه. ابتدأ المصنف رحمه الله تعالى رسالته الوجيزة بتعريف القواعد تنبيها الى ان اصول الفقه له قواعد شيد عليها وهذا احد مآخذ بيان حقائق العلوم فان العلوم تبين تارة بذكر قواعدها وتبين تارة اخرى بذكر الملكة التي تقع لمتلقيه وتبين تارة ثالثة بذكر النسبة بين تلك القواعد والملكة التي تستقر في نفسي فيها واصح الطرائق في تعريف العلوم هو عدها قواعد فيقال في علم مصطلح الحديث مثلا هو قواعد تعرف بها احوال الراوي والمروي من حيث القبول والرد ويقال في تعريف النحو اصطلاحا هو قواعد تعرف بها احوال احوال الكلمة اعرابا وبناء. واذا اريد تعريف اصول الفقه عرف باعتبار انه قواعد فقيل هو قواعد تعرف بها الاحكام الشرعية الطلبية هو قواعد تعرف بها الاحكام الشرعية الطلبية المستنبطة من ادلتها التفصيلية هذا حده وفق قواعد الاصوليين. اما على قواعد الفقهاء فانهم لا يذكرون استنباطها من الادلة التفصيلية لان علم الفقه عند الاصوليين مختص بالمسائل الاجتهادية. اما الفقهاء فعلم الفقه عند هم يشمل المسائل الاجتهادية وغير الاجتهادية فلاجل توقف علم اصول الفقه على كونه قواعد تعرف بها احكام الاحكام تعرف بها الاحكام الشرعية الطلبية ابتدأ المصنف رسالته هذه بذكر معنى القاعدة مبينا معناها الاصطلاحي فقال القواعد جمع قاعدة وهي حكم كلي ينطبق على جزئية لتعرف احكامها فالقاعدة حكم كلي لا جزئي والكلي هو الذي تندرج فيه افراد كثيرة وتخلف بعض الافراد لا يقدح في الكلية ذكره الشاطبي في الموافقات وذلك الحكم الكلي ينطبق على جزئيات كثيرة من ابواب مختلفة لتعرف احكامها برعاية هذه القاعدة فيها وهذا حد القاعدة في كل فن فاذا اريدت القاعدة النحوية قيدت بالنحو واذا اريدت القاعدة الفقهية قيدت بالفقه واذا اريدت القاعدة قيدت باصول الفقه فيقال في القاعدة الاصولية اصطلاحا هي حكم كلي اصولي ينطبق على جميع جزئياته هي حكم كلي اصولي ينطبق على كل جزئياته ومنهم من يختار التعبير بالقضية عن التعبير بالحكم فيقول القاعدة الاصولية هي قضية كلية اصولية تنطبق على جميع جزئياتها لان القضية عندهم يدل بها على ما يدل به على الخبر عند علماء المعاني وفي ذلك قال الافضل ما احتمل الصدق لذاته جرى بينهم قضية وخبرا والغالب في العلوم العقلية تسميتها بالقضية والغالب في العلوم اللغوية تسميتها بالخبر والغالب في العلوم الشرعية تسميتها بالحكم وهذا من قبيل ما قال فيه التفتزان اختلاف عبارات لاختلاف الاعتبارات اختلاف عبارات لاختلاف الاعتبارات. اي ان مؤداها واحد لكن الالفاظ التي عبر بها عن المقصود تباينت لاختلاف المعتبر الذي انيط به مقصود المتكلم. فكل اصحاب فن يعبرون بالعبارة التي تؤدي عن المراد في في فنهم ثم ذكر المصنف رحمه الله زمرة من الاحكام الاصولية هي المتعلقة بالواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح وهي المعروفة عندهم بانواع الحكم التكليفي والحكم التكليفي عند الاصوليين مرده الى الامر والنهي ومنهم من جعل الامر والنهي مفرغا من علته فليس ناشئا عن حكمة او علة وذلك مشيد على قاعدة الاشاعرة وغيرهم في نفي الحكمة والتعليل عن افعال الله عز وجل واذا افرغ الامر والنهي من الحكمة والتعليل فانه يصير مشقة عند المتكلمين بهذا المعنى ولكينونته كذلك سموه تكليفا وتبيين المسألة ان من اعتقاد اهل السنة والجماعة ان افعال الله سبحانه وتعالى مقترنة بالحكمة والتعليل فما امرنا بصيام بصلوات خمس في اوقات معينة ولا بصيام شهر معين من السنة ولا تأخير اداء الحج الى وقت محدود منها الا لحكمة ان عقلها العباد فبها ونعمة والا وكلوها الى الله عز وجل وقابلهم طوائف من اهل القبلة على مقالات متنوعة في هذا الباب من اشهرها نفي الحكمة والتعليل عن افعال الله عز وجل لتوهم ان القول بها يفضي الى نسبة الله الى الاحتياج فاذا قيل ان الخلق مخلوقون للعبادة توهم عند بعض الناس انه مفتقر اليها وترجموا لذلك في كتبهم بباب سموه نفي الاغراض والحاجات عن الله مشيد على القاعدة المتقدمة من نفي الحكمة والتعليم. وحينئذ يكون العبد لم يؤمر بشيء لحكمة ولا نهي عن شيء لحكمة فلما جرد الامر والنهي عن الحكمة احتاجوا الى عبارة يدلون بها على الخطاب بالامر والنهي فولدوا عبارة التكليف وجعلوه بمعنى ما فيه مشقة وليست هذه العبارة من خطاب الشرع ولا توجد فيه الا على معنى لغوي لا يراد به المعنى الاصطلاحي مولد واشار الى ابطال هذا الاصل في كلام متفرق ابو العباس ابن تيمية الحفيد وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى وارتضى ابن القيم في موضع في كتاب مدارج السالكين تسمية الاحكام التكليفية الخمسة بقواعد العبودية فقال قواعد العبودية خمسة الواجب والحرام الى تمام عد الخمسة فتسميتها بالحكم التعبدي اولى من تسميتها بالحكم التكليفي وبسط هذا له مقام اخر. والمقصود الارشاد سئل منزع المسألة وقد ذكر المصنف تعريف هذه الاحكام الخمسة بمعاني شاعت عند المتأخرين راعوا فيها بيانها بايسر عبارة على المتلقي وهو بيان حقيقة الشيء بذكر ثمرته فثمرة الواجب هو استحقاق الثواب بفعله واستحقاق العقاب بتركه وهكذا في بقية الاحكام وهذا يسمى في العلوم العقلية تعريفا بالرسم والى اشار الاخظري بقوله معرف الى ثلاثة قسم حد ورسمي ولفظي علم. والمقدم عند علماء العقليات التعريف بالحد وهو المناسب للوضع اللغوي والشرعي ولكن الحد عندهم مصور فيما يزعمون للحقيقة والصحيح ان الحد لا يصور الحقيقة اي لا يبينها بيانا يفي بصورتها. وانما يكون للحقيقة بين هذا ابو سعيد السيرافي في مناظرة له مع بعض المتكلمين بعده ابو العباس ابن تيمية الحفيد في رده على المنطقيين والحاصل ان ما نقله المصنف اريد به تقريب المعاني لا تحقيقها على الوجه الاتم. والعبارات المذكورة لا تخلو من اعتراضات فكل حد من هذه الحدود يرد عليه اعتراض ليس هذا محل بسطه كما ان العبارات المذكورة لوحظ فيها اعتبار فعل العبد فسمي واجبا ومحرما ومندوبا الى اخر ما ذكر المصنف والصحيح عند محقق الاصوليين ان الاحكام يراعى فيها حكم الحاكم لا فعل المحكوم عليه وهو العبد. فتضاف الى واضع الشرع الشرع وهو ربنا عز وجل ببيانه او ببلاغ النبي صلى الله عليه وسلم عنه يقال الايجاب ولا يقال الواجب. والفرق بينهما ان الايجاب اسم للحكم الشرعي بالنظر الى صدوره من الحاكم به. وان الواجب اسم للحكم الشرعي باعتبار تعلقه بالعبد والاحكام يراقب فيها نسبتها الى الحاكم بها وهو الله سبحانه وتعالى وعلى هذا لا يقال الواجب بل يقال الايجاب ولا يقال الحرام بل يقال التحريم. ولا يقال المندوب بل يقال الندب ولا يقال المكروه بل يقال الكراهة. ولا يقال المباح بل يقال الاباحة فترتيبها على ما ذكرنا الايجاب والندب والكراهة والتحريم والاباحة هو باعتبار لقها بحكم الله عز وجل لا باعتبار تعلقها بفعل العبد ثم ان هذه الفاظ الالفاظ التي تواطأ عليها المتأخرون قد دل على حقائقها في الشرع بالفاظ انتخبت لها فان الفرض سمي واجبا وان الندب سمي نفلا وان انتهى بنا البيان الى القول بان هذه الالفاظ المشهورة في لسان الاصوليين جعل عوضا عن بعضها في الشرع ما يدل عليه فهو اوفى فان الواجب سمي في الشرع فوضى وان الندب سمي في الشرع نفلا وان المباح سمي في الشرع حلالا واما التحريم والكراهة فانهما واقعان شرعا على المعنى الذي اراده الاصوليون قدم هو ما ورد به الخطاب الشرعي. ومن دلائله في الاولين الحديث الالهي عند البخاري من حديث ابي هريرة وفيه قوله تعالى وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فجعل المتقرب به من الامر فرض ونفلا والمحقق في معاني هذه الاحكام الخمسة الفرض والنفل والتحريم والكراهة والتحليل وفق ما يدل عليه الوضع الشرعي واللغوي ان يقال ان الايجاب هو الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للفعل اقتضاء لازما. الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للفعل اقتضاء لازما. والنفل هو الخطاب الشرعي المقتضي ليش معاني انتم معانا للفعل اقتضاء غير لازم. والتحريم الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للترك اقتضاء لازما والكراهة الخطاب الشرعي الطلبي المقتضي للترك اقتضاء غير لازم والتحليل الخطاب الشرعي الطلبي المخير بين الفعل والترك فهذه الحدود هي المعبرة عن الحقائق الشرعية فالفرد والنفل صنوان والتحريم والكراهة صنوان لكنهما يفترقان في اقتضاء اللزوم وعدمه في الطلب بالفعل او الطلب بالكف واما التحليل فانه مشتمل على التخيير بينهما وقولنا الخطاب الشرعي الطلبي مخرج للخطاب الشرعي الخبري فان الخطاب الشرعي الخبري متعلقه التصديق وبابه الاعتقاد اما الخطاب الشرعي الطلبي فمتعلقه الامر والنهي وبابه الحلال والحرام وبقية الاحكام ونستوفي شرح بقية الكتاب بعد صلاة العشاء باذن الله تعالى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين