فننتقل الى قراءة الكتاب الثاني عشر في المجموع وهو اخره في الصفحة السابعة والتسعين بعد الاربع مئة نعم قال شيخنا ابو عمر صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي حفظه الله تعالى خلاصة مقدمة اصول التفسير الرحيم الحمد لله الذي خلص بالاخلاص اهله ويسر لهم في كتابه فهمه واشهد ان لا اله الا الله وكفى واشهد ان محمدا عبده ورسوله المصطفى صلاة الله وسلامه عليه دائما وعلى اله وصحبه ومن بعدهم من اهل الايمان. اما بعد فهذه خلاصة وافية شافية اجتميتها من مقدمة اصول التفسير وابقيت مادتها دون ادنى تغيير. فالكلام كلام مصنفها ابي العباس ابن تيمية الحفيد والاختصار لمنشئ هذا التقييد فالحمد لله المبدئ المعيد برحمتك الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما ما بعد يجب ان يعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم بين لاصحابه معاني القرآن كما بين لهم الفاظه فقوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم يتناول هذا وهذا. ومن المعلوم ان كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد بالفاظه فالقرآن اولى بذلك. وايضا فالعادة تمنع ان يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه اذا بك الى بك فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم؟ وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم. ولهذا كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا وهو وان كان في التابعين اكثر منه في الصحابة فهو قليل بالنسبة الى من بعدهم وكلما كان العصر اشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه اكثر. والمقصود ان التابعين تلقوا التفسير عن الصحابة كما تلقوا عنهم علم السنة. وان كانوا قد يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال كما يتكلمون في بعض السنن بالاستنباط والاستدلال. فصل في اختلاف السلف في التفسير وانه اختلاف تنوع والخلاف بين السلف في التفسير قليل وخلافهم في الاحكام اكثر من خلافهم في التفسير. وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع الى اختلاف تنوع الاختلاف كضاد وذلك صفان. احدهما يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه. تدل على معنى في المسمى غير المعنى الاخر مع اتحاد المسمى بمنزلة الاسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة وذلك مثل اسماء الله الحسنى واسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم واسماء القرآن فان اسماء الله كلها تدل على مسمى واحد. الصنف الثاني ان يذكر كل منهم من الاسم العام بعض انواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطامق للمحدود في عمومه وخصوصه وقد يجد كثيرا من هذا الباب قولهم هذه الاية نزلت في كذا لا سيما ان كان المذكور شخصا كاسباب النزول المذكورة في التفسير ومعرفة سبب النزول تعين على فهم الاية فان العلم السبب يورث العلم بالمسبب وقولهم نزلت هذه الاية في كذا يراد به تارة انه سبب النزول ويراد به تارة ان هذا داخل في الاية ان لم يكن السبب كما تقول انا بهذه الاية كذا واذا عرف هذا فقول احدهم نزلت في كذا لا ينافي قول الاخر نزلت في كذا اذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال. واذا ذكر احدهم لها سببا نزلت لاجله وذكر الاخر سببا فقد يمكن صدقهما بيان بان تكون نزلت عاقبة تلك الاسباب او تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب. وهذان صنفان اللذان ذكرناهما في تنوع تفسيرهما الغالب في تفسير سلف الامة الذي يظن انه مختلف. ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للامرين اما لكونه مشاركا في اللغة كلفظ قسورة الذي يراد به الظاء ويراد به الاسد ولفظ عسعس الذي يراد به اقبال الليل وادبار واما لكونه متواطئا في الاصل لكن المراد به احد النوعين هو احد الشيئين كالضمائر في قوله وكلفظ والفجر وليال عشر والشفع والوتر وما اشبه ذلك فمثل هذا قد يراد به كل المعاني التي قالها السلف وقد لا يجوز ذلك. ومن الاقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلاف من يعبر عن المعاني بالفاظ متقاربة احبة لا مترادفة فان الترادف في اللغة قليل واما فيها الفاظ القرآن فاما نادر واما معدوم. وقد لا يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من اسباب اعجاز القرآن. ومن هنا غلط ما جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض والتحقيق ما قاله نحات البصرة من وجمع عبارات السلف في مثل هذا نافع جدا. لان مجموع عباراتهم ادل على المقصود من عبارة او عبارتين. ومع هذا لابد من اختلاف محقق بينهم كما يوجد مثل ذلك في الاحكام. فصل في نوعين اختلاف في التفسير المستند الى النقل والى الاستدلال. الاختلاف في تفسير على نوعين منهما مستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك. اذ العلم اما نقل مصدق واما استقلال واما استدلاء محقق والمنقول اما عن المعصوم واما عن غير المعصوم. والمقصود بان جنس المنقول سواء كان عن المعصوم او غير المعصوم وهذا النوع الاول فمنه ما معرفة هذا هو النوع الاول. احسن الله اليكم والمقصود من ان جنس المنقول سواء كان عن المعصوم او غير المعصوم وهذا هو النوع الاول فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس اليه اسكن مما نقل عن بعض التابعين لان احتمال ان يكون سمعه من النبي الله عليه وسلم ومن بعض ما سمعه منه اقوى. ولان نقل الصحابة عن اهل الكتاب اقل من نقل التابعين. ومع جزم الصاحب بما يقوله كيف يقال انه اخذه عن اهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم. واما النوع الثاني من مستاندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل. فهذا اكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم باحسان احداهما قوم اعتقدوا معاني ثم ارادوا حمل الفاظ القرآن عليها قوم فسروا والثانية قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ ان يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر الى المتكلم بالقرآن المنزل عليه والمخاطب به. فالاولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر الى ما تستحقه الفاظ القرآن من الدلالة والبيان. والاخرون راعوا مجرد اللفظ وما يجوز عندهم ان يريد به العربي من غير نظر الى ما يصلح للمتكلم به وسياق الكلام. ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم. كما ان الاولين كثيرا ما يغلقون في صحة المعنى على الذي فسروا به القرآن. كما يغلط في ذلك الاخرون وان كان نظر الاولين الى المعنى اسبق ونظر الاخرين الى اللفظ اسبق. والاولون صنفان تارة يسلبون لفظ القرآن وما دل عليه واريد به وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به. وفي كلا وفي كلا الامرين قد يكون ما قصدوا نفيا او اثباته من المعنى باطلا فيكون خطأهم في الدليل والمدلول وقد يكون حقا فيكون خطأهم في الدليل لا في المدلول. فصل في احسن طرق التفسير. فان قال قائل فما احسن طرق التفسير ان اصح الطرق في ذلك ان يفسر القرآن بالقرآن فما اجمل في مكانه فانه قد فسر في موضع اخر. وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع اخر فان كذلك فعليك بالسنة فانها شارحة للقرآن وموضحة له. واذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعت في ذلك الى اقوال الصحابة ولكن في بعض الاحيان ينقل عنهم ما يحكونه من اقاويل اهل الكتاب التي اباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال بلغوا عني ولو اية وحدثوا بني اسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار رواه البخاري عن عبد الله ابن عمرو ولكن هذه الاحاديث الاسرائيلية تذكر لاستشهاد لا للاعتقاد فانها على ثلاثة اقسام. احدها ما علمنا صحته مما بايدينا مما يشهد له بالصدق فذاك صحيح. والثاني ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه وثالث ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل فلا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته لما تقدم وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود الى منزلي. ولهذا يختلف علماء اهل الكتاب في مثل هذا كثيرا ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك. مما لا فائدة في تعيينه نعود على المكلفين في دنياهم ولا في دينهم ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز واذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الائمة في ذلك الى اقوال التابعين. فتذكر اقوالهم في الاية فيقع في عباراتهم تباين في الالفاظ يحسبها من لا علم عند تلافا فيحكيها اقوالا وليس كذلك فان منهم من يعبر عن الشيء بلازمه او نظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل بمعنى واحد في كثير من اماكن فليتفطن اللبيب لذلك والله الهادي. وقال شعبة ابن الحجاج وغيره اقوال التابعين في الفروع ليست حجة فكيف تكون وحجة في التفسير يعني انها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم وهذا صحيح. اما اذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة فان تلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض. ولا على من بعدهم ويرجع في ذلك الى لغة القرآن يوم السنة وعموم لغة العربية واقوال الصحابة في ذلك. فاما تفسير القرآن بمجرد رأيك حرام. واما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من اهل العلم انهم فسروا القرآن فليس الظن بهم انهم قالوا في القرآن او فسروه بغير علم او من قبل بانفسهم وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا انهم لم يقولوا من قبل انفسهم بغير علم ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به فهذه الاثار الصحيحة وما شكلها عن ائمة السلف محمولة على تخرجهما للكلام في التفسير بما لا علم لهم به. فاما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرف لا حرج عليه ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم اقوال في التفسير. ولا منافاة لانهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه وهذا هو الواجب على كل احد فانه كما يجب السكوت عما لا علم له به. فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالى لا تبيننه للناس ولا تكتمونه ولما جاء في الحديث المروي من طرق من سئل عن علم فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار والله اعلم هذه الخلاصة مختارة كما سبق للحفظ لانها جميعا كلام ابي العباس ابن تيمية والاشارة بالعلامة في بداية المقاطع اشارة الى عدم الى عدم تتابعها بل بينها كلام من الاستطراد قد حذف فلما جرد هذا كتاب من الاستطرادات التي وقعت للمصنف صار خلاصة صافية يحسن حفظها لتكون اصلا في علم اصول التفسير. وكذلك هي من احسن ما يقدم به تلقين علم اصول تفسير تفهيما وتعليما لخلوها من الاستطرادات فيستحسن شرحها قبل شرح الاصل لتكون مرقاة موصلة اليه