الله وبركاته الحمد لله الذي جعل الدين مراتب ودرجات وسير للعلم به اصولا ومهمات ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول حديث سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قاموس مولى عبدالله بن عمر عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحم يرحمهم الرحمن ارحموا من في الارض. يرحمكم من في السماء. ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين. ومن طرائق رحمتهم على مهمات العلم باقراء اصول المتون. وتبين مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية. يستفتي ذلك المبتدئون تلاقيهم ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم فيطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم وهذا المجلس الاول في شرح الكتاب الاول من برنامج مهمات العلم في سنته العاشرة اربعين مئة والف وهو كتاب تعظيم العلم لمعد البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي. نعم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين اجمعين قلتم وفقكم الله تعالى في مصنفكم تعظيم العلم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله ما عظمه معظم وسار اليه راغب الم تعلم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة نبرأ بها من شرك اشراك فتوجب لنا النجاة من نار الهلاك اشهد ان محمدا عبده ورسوله وارسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. فبلغ رسالته اداها واسلم امانته وابداها. انتصبت بدعوته اظهر الحجج. واندفعت ببيناته الشبهات واللجج. فورثنا المحجة بيضاء والسنة الخضراء لا يتيه فيها ملتمس ولا يرد عنها مقتبس. صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه عدد من تعلم وعلم. اما بعد فلم يزل العلم ارثا جليلا تتعاقب عليه الاماثل جيلا جيلا. ليس لطلاب المعالي سواه ولا رغبة لهم في مطلوب عداه. وكيف لا وبه تنال سعادة الدارين وطيب العيشين. هو شرف الوجود هو شرف الوجود ونور الاغوار والنجود. حلية الاكابر ونزهة النواضل. من مال اليه نعيم ومن جال به غنم. ومن قال له سلم لو كان سلعة تباع لبذلت فيه الاموال العظام او صعد في السماء نسمت اليه نفوس كرام هو من المتاجر يربحها وفي وفي المفاخر اشرفها اكرم المآثر مآثره واحمد الموارد موارده روحه اليه والشقي من زهد فيه او زهد وابعد عنه او بعد انفه باريج العلم مزكوم وختم القفا هذا عبد محروم والعلم يدخل قلب كل موفق من غير بواب ولا استئذان ويرده المحروم من خذلانه لا تشقن اللهم وان مما يملأ النفس سرورا ويشرح الصدر ويمده نورا. اقبال الخلق على مقاعد التعليم وتلمسهم صراطه مستقيم واجل دليل واصدقه تكاثر الدروس العلمية وتوالي الدورات التعليمية حلاوة في قلوب المؤمنين وشجن في حلوق الكفرة والمنافقين فالدروس معقودة والركب معكوفة والفوائد شارقة والنفوس فائقة الاشياخ يمثلون درر العلم التلامذة ينظمون عقده وان من الاحسان الى هذه الجموع الصاعدة والاجيال الواعدة ارشادها الى سر حيازة العلم الذي يظفرها ويبلغها مأمنها رحمة بهم من الضياع في صحراء الاراء وظلماء الاهواء واعمالا لهذا الاصل جمل الحديث ايها المؤمنون عن العلم فان حظ العبد من العلم موقوف على حظ قلبه من تعظيمه واجلاله فمن امتلأ قلبه بتعظيم العلم اجلاله صلح ان يكون محلا له. وبقدر نقصان هيبة العلم في القلب ينقص حظ العبد منه. حتى يكون من القلوب قلب ليس فيه شيء من العلم. فمن عظم العلم لاحت انواره عليه. ووفدت رسل فنونه اليه. ولم يكن لهمته في غاية الا تلقيه ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. وكأن ابا محمد الدارمي رحمه الله الحافظ لمح هذا المعنى فختم وكتاب العلم من سننه المسماة بالمسند الجامع بباب في اعظام العلم. واعون شيء على الوصول الى اعظام العلم واجلاله معرفة معاقد تعظيمه وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب. فمن اخذ بها كان معظما للعلم مجلا له ومن ضيع فلنفسه اضاع ولهواه اطاع فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه يداك اوكتا وفوك نفخ ومن لا يكرم لا يكرمه العلم وسنأتي بالقول باذن الله على عشرين معقدا يعظم بها العلم من غير بسط لمباحثها فان المقام لا يحتمل اتيان على غاية كل معقد يحتاج الى زمن مديد. والمراد هنا التفسيرات والتذكير وقليل يبقى فينفع. خير من كثير يلقى يرفع فخذ من هذه المعاقل بالنصب الاكبر تنل الحظ الاوفر من رياض الفنون وحدائق العلوم واياك والاخلاد الى مقالة قوم حجبت قلوبهم وضعفت نفوسهم فزعموا ان هذه الاحوال غلو وتنطع وتشدد غير مقنع فقد ضرب بينهم وبينها بسور له بطنوا فيه الرحمة وظاهره من قبلهم عذاب. فليس مع هؤلاء على دعواهم من ادلة الشرع ما يصدقها ولا من شواهد الاقدار بما يوثقها وانما هي عذر البليد وحجة العاجز. فاين الغلو والتنطع من شيء الوحي شاهده؟ والرعيد الاول سالكه. فكل منها ثابت باية محكمة او سنة مصدقة او اثار عن خير القرون الماضية. فاذا وثقت بصدقها وعقلت خبرها وخبرها فلا تقعد همتك بخطبة الكسل والتواني تتسلل اليها وهي تجلجل. هذه احوال من مضى من سلف الامة وخير الورى فاين الثرى من الثريا؟ بل من سمت نفسه الى مقاماتهم ادركها فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم ان التشبه بالكرام فلاح فاشهد قلبك هذه المعاقد وتدبر من قولها ومعقولها واستنبط منطوقها ومفهومها فالمباني خزائن المعاني ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة ثم ثنى بالحمدلة ثم ثلت بالشهادة لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة. مقرونة بالصلاة والسلام عليه وعلى اله وصحبه وهؤلاء الاربع من اداب التصنيف اتفاقا فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه بهن وقوله في خطبة كتابه وسار اليه راغب متعلم اي سار الى الله راغب متعلم. والسير الى الله هو لزوم طريقه والسير الى الله هو لزوم طريقه. بسلوك الصراط المستقيم بسلوك الصراط المستقيم ذكره ابو الفرج ابن رجب في كتاب المحجة في سير الدلجة. والسلوك فيه يكون بتنقيل العبد قلبه في منازل عبادة الله والسير فيه يكون بتنقيل العبد قلبه في منازل العبادة لله قال ابن القيم رحمه الله فاعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا ببدنه قال ابن القيم رحمه الله فاعلم ان العبد انما يقطع منازل السير الى الله بقلبه وهمته لا بدنه انتهى كلامه فسير العبد الى الله هو تنقيل قلبه في منازل عبادته فانه يقطع بقلبه الطريق الى الله فيصل الى مرضاة الله سبحانه وتعالى وقوله فيها شهادة نبرأ بها من شرك الاشراك اي من حبالته اي من حبالته بشركوا بفتح الشين والراء وتسكن الراء ايضا فيقال شرك وشرك وهو حبالة الصائد التي ينصبها وهو حبالة الصائد التي ينصبها لاقتناص صيده والشرك من حبائل الشيطان التي ينصبها للخلق ليصدهم عن الله ودينه والشرك من حبائل الشيطان التي ينصبها للخلق ليصدهم عن الله وعن دينه وقوله فيها واندفعت ببيناته الشبهات واللجج اي انزاحت بها الشبهات واللجج. الشبهات واللجج. والشبهات جمع شبهة. وهي المأخذ الملبس شبهات جمع شبهة وهي المأخذ الملبس اي الذي يختلط فيه الحق بالباطل اي الذي يختلط فيه الحق بالباطل. واللجج بفتح اللام هو التمادي في الخصومة هو التمادي في الخصومة واما اللجج بضم اللام فهي جمع لجة واللجة الماء الذي لا يرى طرفاه لاتساعه واللجة الماء الذي لا يرى طرفاه لاتساعه. ثم ذكر المصنف فضل العلم بمقال جامع وكان مما ذكره فيه قوله هو شرف الوجود ونور الاغوار والنجود اي منورهما والاغوار جمع غور والنجود جمع نجد والغور من الارض من خفض واطمئن منها والغور من الارض منخفض واطمأن منها والنجد ما علا وارتفع منها. والنجد ما علا وارتفع منها فمن فضل العلم انه نور للارض كلها لما يكون بسببه من الخير. فمن فضل العلم انه نور للارض كلها سافلها ومرتفعيها لانه سبب ما يكون فيها من الخير وقال ايضا في فضل العلم حلية الاكابر اي زينتهم فالحلية اسم لما يتزين به وحلية الانسان نوعان وحلية الانسان نوعان احدهما حلية باطنة محلها القلب كلية باطنة محلها القلب وحقيقتها تزيين القلب بانواع الكمالات الايمانية. وحقيقتها تزيين القلب بانواع الكمالات الايمانية ومن اعظمها العلم والاخر حلية ظاهرة ومحلها البدن ومحلها البدن وحقيقتها تزيين البدن بكل ما عد زينة في زمان او مكان. تزيين البدن بكل ما عد زينة في زمان او مكان وقال ايضا في اثناء ذلك الدروس معقودة والركب معكوفة اي محبوسة فالعكوف الاقامة واللبث والحبس فالعكوف الاقامة واللبس والحبس وقال ايضا الاشياخ يمثلون درر العلم اي يستخرجونها ان يستخرجونها فالنسل الاستخراج فالنسل الاستخراج فالشيوخ يستخرجون من العلم فوائده وينتفع بذلك من يأخذ عنهم ثم ذكر ان من الاحسان الى ملتمس العلم ارشادهم الى سر حيازته اي السبب الاعظم في نيله اي السبب الاعظم في نيله وهو تعظيم العلم واجلاله. فمن عظم العلم حصله وانتفع به. ومن لم يعظمه لم يحصل منه شيئا ولو قدر انه ادرك منه صورة ظاهرة فهو لا يدرك الحقيقة الباطنة من الانتفاع اي بالعلم فقدر حظ العبد من العلم مرهون بحظه من تعظيمه واجلاله. فاذا عظمت العلم حصلته باطنا وظاهرا واذا لم تعظمه لم تحصل منه شيئا على الحقيقة. واعون شيء على الوصول الى تعظيم العلم هو معرفة معاقد تعظيمه. وهي الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب وهي الاصول الجامعة المحققة عظمة العلم في القلب. فمن اخذ بها حصل تعظيم العلم في قلبه فادرك منيته ونال بغيته. ومن لم يمتلئ قلبه بهذه الاصول علما ولا تحركت بها جوارحه ولسانه عملا فانه لا يحقق تعظيم العلم فيتأخر عنه العلم ويتخلف بقدر ما تأخر عن قلبه وتخلف من تعظيم وفي هذه الرسالة ذكر عشرين معقدا من معاقد تعظيم العلم. مؤسسة على دلائل الى منى القرآن والسنة ومصدقة بشواهد الاحوال مما كان عليه السلف رحمهم الله فمن اراد ان يعظم العلم ليناله فعليه ان يمتثل ما ذكر في هذه المعاقد العشرين وجهل الناس بها اليوم والترك كثير منهم العمل بها لا يقضي على العبد بتركها وانكارها وتجافيها فان هذا من ضعف اخذهم العلم فما تراه من عدم المبالاة باعمال باعمال مظمن هذه المعاقد العشرين منشأه الجهل بحقيقة العلم الذي ال بالخلق الى اهمال هذه المعاقل وترك العمل بها فصار النهوض بها والدعوة اليها غريبا في الخلق ومن اراد العلم فانه لا سبيل الى ادراكه الا بتعظيم العلم. ولا سبيل الى تعظيم العلم الا باعمال هذه المعاقد العشرين ولاجل هذا ابتدأ هذا البرنامج باقراء كتاب تعظيم العلم رجاء ان يفتح لكم قوة من الفهم في ادراك طريق العلم ويبصركم بالسبيل الاوفق الى نيله وهو ان العلم موقوف على تعظيمه وان تعظيمه موقوف على اعمال هذه الاصول العشرين وما كان في معناها. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى المعقد الاول تطهير وعاء العلم وهو القلب. فان لكل مطلوب وعاء وان وعاء علم القلب ووسخ وعاء ويغير ما فيه وبحسب طهارة القلب يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازدادت قابليته للعلم. ومثل العلم في القلب كنور مصباح صفا زجاجه شعت انواره. وان لطخته الاوساخ كسفت انواره. فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلبه ومن نجاسته فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف. وطهارة القلب ترجع الى اصلين عظيمين. احدهما طهارتهم من نجاسة الشبهات والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. ولما لطهارة القلب من شأن عظيم امر بها النبي صلى الله عليه وسلم في اول ما امر في قوله تعالى في سورة المدثر وثيابك فطهر. في قول من يفسر الثياب بالباطن وهو قول حسن له مأخذ صحيح واذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك فاستحي من نظر الله عز وجل الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا قال مسلم ابن الحجاج حدثنا عمرو الناقد قال حدثنا كثير ابن هشام قال حدثنا جعفر ابن مطان عن يزيد الاصم عن ابي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم. واحذركم الى نفسك كاللاتي متى خرجت عليك كسرت كسر مهان. من طهر قلبه فيه العلم حد. ومن لم يرفع منه نجاسته ودعاه العلم وارتحل واذا تصفحت احوال طائفة من طلاب العلم في هذا المعقد رأيت خللا بينا. فاين تعظيم العلم من امرء تغدو الشهوات والشبهات في قلبه وتروح تدعوه صورة محرمة وتستهويه مقالة مجرمة حشوه المنكرات والتلذذ بالمحرمات فيه غل وفساد وحسد وعناد ونفاق وشقاق. انى لهؤلاء وللعلم ما هم منه ولا هو اليهم. قال سهل بن عبدالله حرام قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الاول من معاقد تعظيم العلم وهو تطهير وعاء العلم والمراد به المحل الذي يحفظ فيه العلم. والمراد به المحل الذي يحفظ فيه العلم. ثم ابان بقوله وهو القلب فان لكل مطلوب وعاء. وان وعاء العلم القلب. ثم ذكر ان القلب مع العلم حالان احداهما ان يكون القلب طاهرا فيدخله العلم وينتفع به احداهما ان يكون القلب طاهرا فيدخله العلم وينتفع به والاخرى ان يكون القلب متلطخا بالاوساخ من انواع النجاسات القلبية. فيحصل له من ضعف دخول العلم ونقصه وعدم استقراره بقدر ما في قلبه من هذه النجاسات المذهبة نور العلم. وشبهه بنور المصباح فقال ومثل العلم في القلب كنور المصباح ان صفا زجاجه شعت انواره والا لطخته الاوساخ انواره اي ذهبت فالكسوف هو ذهاب النور. ثم ارشد ملتمس العلم الى الحال التي ينبغي ان يكون عليها فقال من اراد حيازة العلم فليزين باطنه ويطهر قلب من نجاسته لانه اذا كان وعاء العلم وهو القلب صالحا استقبل العلم واستقر فيه. واذا كان غير صالح لقذارته ونجاسته فانه يضعف ادراكه العلم ولا يستقر فيه شيء. ثم علله بقوله فالعلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف. اي ان ذخيرة العلم مكرمة مرفوعة فهي بمنزلة الجوهر اللطيف الذي يخدش فيه كل شيء. فلا يصلح لحفظها الا القلب النضيف اي الطاهر من انواع النجاسات. ثم ذكر ان طهارة القلب ترجع الى اصلين عظيم من احدهما طهارته من نجاسة الشبهات والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. فان هاتين النجاستين تحفان بالقلب وتعتورانه فلا يزال العبد يرد عليه من واردات هاتين النجاستين ما يكدر قلبه ويذهب طهارته ولا سبيل الى تطهير قلبه الا بدفع انواع هذه النجاسات من الشهوات والشبهات. فاذا تفطن العبد الى ذلك واعتنى بقلبه وحفظه من ورود هذه النجاسات عليه صار القلب طاهرا واذا دخله شيء منها في غفلة بادر الى نفيه وتطهير قلبه منه فيكون القلب نظيفا صالحا للعلم. ثم ذكر ما لطهارة القلب من شأن عظيم. بان النبي صلى الله عليه وسلم بودر بالامر بها فيما انزل عليه في صدر ما نزل من القرآن في قوله تعالى وثيابك فطهر في قول من يفسر الثياب بالباطن وهو قول حسن له اخذ صحيح فكان من اول ما انزل على النبي صلى الله عليه وسلم اية فيها التنويه بتطهير القلب. والامر بالاعتناء به وهي قوله تعالى وثيابك فطهره. فان معنى الاية طهر اعمالك. وقد ذكر ابو جعفر ابن جرير ان هذا هو قول اكثر السلف. فيفسرون الاية المذكورة بانها نزلت في تطهير الاعمال. وتطهير الاعمال مداره على تطهير القلب. فان اصل العمل ينشأ من القلب. فالقلب هو محرك اللسان والجوارح. فاذا طهر القلب طهرت الاعمال التي يأتي بها العبد والاقوال. وذكر المصنف ان هذا قول قول حسن له مأخذ صحيح. والمأخذ الذي انتزع منه هو سياق الايات. فان الاية مذكورة وقعت في سياق ايات تدل على المعنى السابق فان الله امر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوحيد في قوله وربك فكبر ونهاه عن في قوله والرز تهجر وجعل بينهما الامر بتطهير الثياب مما يدل على ان المراد بالتطهير للثياب هنا هو تطهير الاعمال. الموقوف على تطهير القلب كما تقدم وتطهير القلب يكون بنزع النجاسات منه واصول نجاسات القلب ثلاث واصول نجاسات القلب ثلاث اولها نجاسة الشرك نجاسة الشرك وتانيها نجاسة البدعة نجاسة البدعة وثالثها نجاسة المعصية ذكره ابن القيم في كتاب الفوائد ثم قال المصنف اذا كنت تستحي من نظر مخلوق مثلك الى وسخ ثوبك فاستحي من نظر الله الى قلبك وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا والاحن جمع احنه وهي حقد القلب والايحان جمع احن وهي حقد القلب. ثم ذكر حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم. وفيه بيان محل نظر الله من العبد فان الله ينظر من عبده الى شيئين احدهما قلبه. والاخر فالتقوى مؤلفة من قلب طاهر. وعمل صالح ظاهر. فالتقوى مؤلفة من ابن طاهر وعمل صالح ظاهر ويكون كمال حال العبد باعتبار كمال هذين الامرين فيه. ثم ذكر ما انشده ابن القيم في نونيته انه قال واحذر كمائن في جلاته متى خرجت عليك كسرت كسر مهان اي احذر دفائن نفسك المخبوءة فيها من انواع النجاسات القلبية من الشهوات والشبهات فانها اذا خرجت على العبد اي ظهرت عليه واستولت على لسانه وجوارحه صار ذليل اذا مهانا ثم ذكر احوال طائفة من طلاب العلم تباين هذا المعقد وتناقضه ممن تغدو في قلوبهم وتروح انواع الشهوات والشبهات. محذرا من هذه الاحوال الرديئة التي تدل على اشتمال القلب على نجاسة من شهوة او شبهة وختم بقول سهل بن عبدالله التستري رحمه الله حرام على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز وجل ان يمتنع على القلب ان يمتنعوا على القلب ان يدخله النور النافع من العلم بكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفيه شيء يكرهه الله عز وجل ويحصل له من حجم نور العلم بقدر ما في قلبه مما يكرهه الله عز وجل واصله في التنزيل قوله تعالى ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق قال سفيان بن عيينة احرمهم تفسير القرآن احرمهم تفسير القرآن. وقال محمد بن يوسف الفريابي امنع قلوبهم من التدبر في امري امنع قلوبهم من التدبر في امري. فيحصل للعبد هذه النجاسات منع نور العلم فيه والمقصود بمنع نور العلم فيه منع انتفاعه به. وان وجد معه شيء في الصورة الظاهرة فان من الناس من يكون قلبه مشتملا على فساد ويحصل شيئا من العلم وهذا الذي حصله يدرك بالظاهر واما استيلاؤه على الباطن وانتفاعه به فان العبد محجوب عنه فنور العلم في قلوبنا دخولا واستقرارا وحفظا وفهما وعملا وارشادا وهداية جاية وانتفاعا بحسب خلوص قلوبنا مما يكرهه الله سبحانه وتعالى. فلا يجتمع هذا النور في قلب فيه ما يكره الله عز وجل. فمن خلص قلبه من مكروهات الله سبحانه وتعالى ومباغضه فان العلم يستقر به ويحصل له الانتفاع بالعلم في العاجل والاجل. نعم. احسن الله اليكم قلت وفقكم الله المعقد الثاني اخلاص النية فيه. ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم اصولها. قال تعالى وما امروا الا احمدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. وقال البخاري في الجامع المسند الصحيح ومسلم في المسند الصحيح واللفظ للبخاري. حدثنا عبد الله ابن قال اخبرنا مالك عن يحيى ابن سعيد عن محمد ابن ابراهيم عن القمة عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الاعمال بالنية من كل امرئ ما نوى وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا الا بالاخلاص لله رب العالمين. قال ابو بكر سمعت رجلا يقول ابي عبدالله يعني احمد بن حنبل وذكر له الصدق والاخلاص فقال ابو عبدالله بهذا ارتفع القوم وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه والاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم للمتعلم اذا قصدها الاول رفع الجهل عن نفسه بتعريفها عليها من العبوديات وايقافها على مقاصد الامر والنهي. الثاني رفع الجهل عن الخلق بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. الرابع العمل بالعلم. فالعلم شجرة والعمل ثمرة. وانما يراد العلم للعمل. لقد كان السلف رحمهم الله يخافون فوات الاخلاص في طلبهم العلم فيتبرعون عن ادعائه. لا انهم لم يحققوا في قلوبهم. فهشام يقول والله ما استطيع ان اقول اني ذهبت يوما اطلب الحديث اريد به وجه الله عز وجل. وسئل الامام احمد هل طلبت العلم لله فقال لله عزيز ولكنه شيء حبب الي فطلبته. ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير. وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل وهو الاخلاص في اموره كلها دقيقها وجرينها سرها وعلنها. ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية. قال سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي لانها تتقلب علي. اذ قال سليمان الهاشمي ربما احدث بحديث واحد ولينية فاذا اتيت على بعضه تغيرت نيتي فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني من معاقل تعظيم العلم. وهو اخلاص النية فيه وحقيقة الاخلاص شرعا تصفية القلب من ارادة غير الله. وحقيقة الاخلاص شرعا تصفية القلب من ارادة غير الله فمدار الاخلاص على امرين احدهما تصفية القلب وهو تخليصه من كل شائبة تكدره احدهما تصفية القلب وهو تخليصه من كل شائبة تكدره. والاخر تعلق تلك التصفية بارادة الله فلا يزاحمها العبد بشيء. تعلق تلك التصفية بارادة الله فلا يزاحمها العبد بشيء كمحبة مدح الخلق او ثنائهم او ابتغاء اصابة حظ من الدنيا. واشرت الى حقيقة نعصي نظما بقول اخلاصنا لله صفي القلب منه ارادة سواه فاحذر يا فطن. اخلاصنا الله صف القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن. وعلل المصنف طلب الاخلاص في اخذ العلم بقوله ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم اصولها. فالسبيل الاعظم لقبول الاعمال ووصولها الى الله عز وجل متقبلة وقوعها على حال الاخلاص. ثم قال ومن سبق من سبق ولا وصل من وصل من السلف الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين. وذكر من شواهد احوالهم ما يدل على ما كانوا عليه من تعظيم هذا الاصل والاعتداد به. ثم قال وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه اذا عظم اخلاص العبد لله عظم حظه من العلم. واذا ضعف اخلاصه ضعف حظه من العلم وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال انما يحفظ المرء على قدر نيته وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال انما يحفظ المرء على قدر نيته رواه ابن عساكر وغيره. فاذا قوي اخلاص العبد لله اكسبه هذا اخلاص قوة في اخذ العلم فحصل ما اراده منه. ثم ذكر المصنف ان الاخلاص في العلم يقوم على اربعة اصول بها تتحقق نية العلم للمتعلم. فمن اراد ان يكون مخلصا في العلم فعليه ان يرعى اقامة هذه الاصول الاربعة في قلبه. فالاصل الاول ان يقصد بالتعلم رفع الجهل عن نفسه فهو يقبل على العلم ويعتني باخذه ليرفع الجهل عن نفسه في عرف نفسه ما عليها من العبودية لله ويوقفها على مقاصد الامر والنهي الواردة في الشرع. والاصل الثاني رفع الجهل عن الخلق. فيقصد رفع الجهل عن غيره بتعريفهم طريق العبودية ودلالتهم عليه ويجتهد في ذلك قدر وسعه. والاصل الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. فيسعى الى نعشي العلم وبقائه حيا في اهل بلده وزمانه لان لا ينسى يطبى ويطوى والاصل الرابع العمل بالعلم. فينوي عند اخذه العلم ان يتحرى العمل به. فمن اراد ان احقق النية الخالصة في طلب العلم فليمتثل هذه الاصول الاربعة فيشهدها قلبه وجمعت هذه الاصول الاربعة في بيتين فقلت ونية للعلم رفع الجهل عم ونية للعلم رفع الجهل عن عن نفسه فغيره من النسم. عن نفسه كغيره من النسم. وبعده التحصين للعلوم من وبعده التحصين للعلوم من ضياعها وعمل به زكن ضياعها وعمل به زكن. وقوله النسم اي الخلق وقوله النسم اي الخلق وقوله زكن اي ثبت ثم ذكر ما كان عليه السلف من تخوفهم فوات الاخلاص في اعمالهم وانهم كانوا يجتهدون في تحريه. ثم يعظم خوف احدهم على نفسه الا يكون مخلصا في عمله. وذكر من اثارهم ما يدل على احوالهم. ثم قال ومن ضيع الاخلاص فاته او علم كثير وخير وفير. وينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد هذا الاصل. وهو الاخلاص في اموره كلها دقيقها وجلينها سرها وعلنها. ثم ذكر الداعية الى طلب تفقد الاخلاص في الاعمال فقال ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية. اي يعظم ابتغاء اخلاص النية على العبد لما يجده من شدة معالجة النية اي مكابدتها. اي مكابدتها ومشقة اقامتها على محبوب الله سبحانه وتعالى. وذكر قول سفيان الثوري رحمه الله ما عالجت شيئا اي ما كابت شيئا في المشقة اي ما كابدت شيئا في المشقة ما عالجت شيئا اشد علي من نيتي بانها تتقلب علي فمن احوال النية انها تتقلب اي تتغير من حال الى حال لان محلها ووعاءها هو القلب والقلب متقلب ولما كان متقلبا فانما فيه يتقلب. فالنية تتقلب على العبد لان محلها القلب المتقلب فالنية تتقلب على العبد لان محلها القلب المتقلب قال الاول قد سمي القلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل. قد سمي القلب قلبا من تقلبه فاحذر على القلب من قلب وتحويل. ثم ذكر قول سليمان الهاشمي رحمه الله ربما احدث حديث واحد ولينية اي لي قصد حسن. فاذا اتيت على بعضه تغيرت. اي تحولت نيتي. فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات اي ان العبد يحتاج في العمل الواحد الى دوام ملاحظته نيته انها تتقلب عليه تقلبا سريعا. ويبلغ من تقلبها ان المرء يحدث بحديث واحد ذكره وله نية حسنة في تبليغ العلم وحفظه. ثم اذا تمادى في ذكر هذا تغيرت نيته وتحولت الى غير الحسن كأن يحب ارتفاع ابصار الناس اليه او ذكره بينهم او اقبالهم عليه او غير ذلك من النيات الفاسدة. فالمرء يجد هذا التقلب وفي الشيء اليسير واعتبر هذا في احوالنا نحن فان احدنا ربما ابتدأ هذا البرنامج وله نية حسنة سواء كان معلما او متعلما. فاذا غفل عن نفسه ترى الى قلبه شيء من النيات الفاسدة. فيحتاج الى ايقاظ قلبه بنفي هذه النية الفاسدة واعادة قلبه الى ما يصلح له شرعا. وهذا الامر الذي ذكره سليمان الهاشمي من اصلاح نية القلب يسمى تصحيح النية. يسمى تصحيح النية. والمراد به رد نيتي الى المأمول به فرد النية الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها. رد النية الى المأمور به اذا عرض لها ما يغيرها او يفسدها وقولنا اذا المأمور به اي الى وفق الامر الشرعي. وقولنا الى المأمور به اي الى وفق الامر الشرعي. وقولنا اذا عرض لها ما يغيرها اي يحولها من قصد القربة الى الاباحة المجردة. اي يحولها من قصد القربة الى الاباحة المجردة. وقولنا او يفسدها اي يخرجها من الصلاح الى ضده اي يخرجها من الصلاح الى ضده. وهي الارادة المحرمة فان العبد تارة تكون له نية حسنة ثم يفقد هذه النية ويحصل لها تغير فتفرغ من قصد العبادة فتكون من جنس المباحات. وتارة يطرأ عليه من فساد نيته ما يوقعه في الارادة المحرمة. كطلب العلم فان النية المحركة العبد بطلب العلم جعله ذلك عبادة وفق الاصول الاربعة المتقدمة وربما تفقد هذه النية من القلب فيصير المرء يطلب العلم محبة له وطلب العلم محبة له فقط من جنس المباحات. وطلب العلم محبة له فقط من جنس المباحين فتخرج نيته من القصد الحسن الى المباح. وتارة يعرض لنيته ما يفسد باخراجها من القصد الحسن الى نية فاسدة محرمة شرعا كارادة العلو وفي الارض او محبة الذكر او الاشارة اليه بالاصابع او غير ذلك. فيخرج من نية حسنة اذا نية فاسدة والحالان المتقدمتان كلاهما مما يفتقر فيه العبد الى تصحيح النية. فتصحيح النية حال تتعلق بالنية بعد فسادها. فتصحيح النية حال تتعلق بالنية بعد فسادها. او تغيرها الى المباح. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الثالث جمع همة النفس عليه. فان شعث النفس اذا جمع للعلم التأم واجتمع واذا شغل به وبغيره ازداد تفرقا وشتاتا. وانما تجمع الهمة على المطلوب بتفقد ثلاثة امور. اولها الحرص على ما ينفع فمتى وفق العبد الى ما ينفعه حرص عليه الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله اذا لم يكن عون من الله الفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. ثالثها عدم العجز عن بلوغ بغية منه. وقد جمعت هذه الامور الثلاثة من حديث الذي رواه مسلم ابن الحجاج قال حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة وابن نمير قال حدثنا عبد الله بن ادريس عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فمن اراد جمع همته على العلم فليشعل في نفسه شعلة الحرص عليه لانه ينفعه بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم. وليستعن بالله عليه ولا يعجز عن شيء منه فانه حين اذ يدرك بغيته ويفوز بما امله. قال الجنيد ما طلب احد شيئا بجد وصدق الا ناله. فان لم ينله كله نال بعضه. الجد من والحرمان بالكسل فانصب تصب عن قريب غاية الامل. فانهض بهمتك واستيقظ من الغفلة. فان العبد اذا رزق همة عالية فتحت له ابواب الخيرات وتسابقت اليه المسرات. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد اذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة وردفه قمر العزيمة اشرقت ارض القلب بنور ربها. ومن تعلقت همته بمطعم او ملبس او مأكل او مشرب لم يشم رائحته العلم. واعلم بان العلم ليس يناله من همه في مطعم او ملبس. فاحرص لتبلغ فيه حظا وافرا واهجر له طيب المنام وان مما يعني الهمة ويسمو بالنفس اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضين فابو عبدالله احمد بن حنبل رحمه الله كان وهو في الصبا ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حنق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه وتقول رحمة به حتى ليؤذن الناس او يصبحوا وقرأ الخطيب البغدادي صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس اثنان منها في ليلتين من وقت صلاة المغرب صلاة الفجر واليوم الثالث من ضحوة النهار الى صلاة المغرب ومن المغرب الى طلوع الفجر. قال الذهبي رحمه الله في تاريخ الاسلام وهذا شيء لا اعلم احدا في زماننا يستطيعه رحم الله ابا عبدالله كيف لو رأى همم اهل هذا الزمان ماذا يقول؟ وكان ابو محمد اول ابتدائي يدرس الليل كله فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل. فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الآنية عظيمة ويتظاهر بالنوم فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس فقد رأيت في بعض المجموعات الخطية في مكتبة نجدية خاصة مما ينسب الى عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ صاحب فتح المجيد قوله شمر الى من علوم ذيولا وانهض لذلك بكرة واصيلا. وصل السؤال وكن هديت مباحثا فالعيب عندي ان تكون جهولا. فكن رجلا رجله على الثرى ثابتة وهامة همته فوق الثريا سامقة ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة فان همة الصادق لا تشيب كان ابو الوفاء ابن عقيل رحمه الله احد اذكياء العالم من فقار الحنابلة ينشد وهو في الثمانين ما شا بعزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما اعتاض شعري غير صبغته والشيب في الشعر غير الشيب في الهمم ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث من معاقد تعظيم العلم. وهو جمع همة النفس عليه. اي جمع مهمة النفس على العلم اي جمع همة النفس على العلم بان يتوجه اليه بارادته فلا بغيره بان يتوجه اليه بارادته فلا يشتغل بغيره. وذكر فيه ان شعث النفس اي فرقها فذكر فيه ان شعث النفس اي تفرقها اذا جمع على العلم التئم واجتمع. فاذا اقبل العبد على العلم بقلبه وجمع نفسه عليه نال مراده منه بجمع النفس على العلم. واذا شغلت العلم به وبغيره ازداد تفرقا وشتاتا. ثم ذكر ان جمع الهمة على المطلوب يكون بتطلب ثلاثة امور اولها الحرص على ما ينفع. وثانيها الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله. اي في لتحصيل ذلك النافع اي في تحصيل ذلك النافع. وثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه اي بان لا يتقاعد العبد عن مطلوبه مستسلما ضعفا ووهنا فيعجز عن ادراكه. وذكر في ثانيها وهو الاستعانة بالله عز وجل قول الاول اذا لم يكن عون من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده فان من اوائل ما يفتح على العبد ابواب الشرور اجتهاده واستقلاله بنفسه. فيعظم نظره الى نفسه واغتراره بقواها ويغفله ذلك عن الاستعانة بالله عز وجل فيوكل الى نفسه ومن وكل الى نفسه هلك. ثم ذكر ان هذه الامور الثلاثة مجموعة في حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز قوله تعجز بكسر الجيم وتفتح ايضا فجمل الحديث الثلاث دالة على تلك الامور الثلاثة واحدا فواحدة. ثم ذكر ان من اراد جمع همته العلم فليشعل في نفسه شعلة الحرص عليه لانه ينفعه. فالمرء اذا علم عظيم فضل العلم اقبل بكليته عليه. وبين عظم منفعته بقوله بل كل خير في الدنيا والاخرة انما هو ثمرة من ثمرات العلم. فاصل الخير كله هو العلم ثم قال في الحث عليه وليستعن بالله عليه ولا يعجز عن شيء منه فانه حينئذ يدرك بغيته ويفوز بما امله وذكر من قول الجنيد رحمه الله والشيعي الحسن ما يحرك النفس في هذا ثم قال فانهض بهمتك واستيقظ من الغفلة فان العبد اذا رزق همة عالية فتحت له ابواب الخيرات وتسابقت اليه المسرات ثم ذكر كلام ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد في هذا المعنى. ثم ذكر من احوال الاوائل وهمم القوم الماضين ما يحرك العبد الى محاذاتهم والاقتداء بهم فان مما يحرك النفوس ويقويها نظر العبد الى من تقدمه. فان الناس يطلب بعضهم الاقتداء ببعض فيشبه بعضهم بعضا في سيره ومطلوبه. قال مالك بن دينار الناس كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض الناس كاثراب القطا وهو نوع من الطير. كاسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض رواه ابن بطة في الابانة الكبرى فمن منافع ذكر احوال من مضى وسيرهم ان النفس تتحرك الى الاقتداء بهم لان العبد يطلب تشبه بغيره من ابناء جنسه. وكان مما ذكره في ذلك ما كان عليه الامام احمد بن حنبل رحمه الله الله في الصبا انه ربما اراد الخروج قبل الفجر الى حلق الشيوخ فتأخذ امه بثيابه اي تمسك بثياب هذه رحمة به وشفقة عليه. وتقول حتى يؤذن الناس او يصبحوا. اي تأمره بالصبر عن الخروج الى حلق الشيوخ حتى يؤذن الناس لصلاة الفجر او يستبين الصبح وتخرج فيخرج حينئذ خوفا عليه من ان يخرج في الظلام في عرض له ما تكره ثم ذكر الحالة التي اتفقت لابي بكر الخطيب من قراءة صحيح البخاري كله على اسماعيل الحيري في ثلاثة مجالس على النعت المذكور بوصفها وربما استبعد هذا حتى عد غلطا كما وقع لمحمد ابن ابي بكر الشلي في المشرع الروي فانه ذكر ان هذه الحكاية غلط وان الخطيب قرأه في خمسة ايام. ودعوى الغلط هي الغلط فان الخطيب قرأ البخاري مرتين على حالين عجيبتين. احداهما او قرأه في ثلاثة ايام. وهي قراءته على اسماعيل الحيدي. وذكر هو هذا في كتابه تاريخ بغداد. والاخرى انه قرأه في خمسة ايام على كلمة المروازية وهاتان القصتان من احوال الخطيب البغدادي في العلم تخبر عما كان عليه هو خاصة من علوهم وجمع نفسه على العلم حتى قدر على ما قدر عليه من قراءة البخاري في هاتين المدتين اليسيرتين وتدل على علو همم السابقين من الاوائل في طلب العلم وجمع النفس عليه حتى يمضي احدهم اياما في ملازمة شيخ والقراءة عليه وهذه الحال التي اتفقت للخطيب البغدادي من قراءته البخارية في ثلاثة ايام على اسماعيلي امر عظيم ولاجل هذا قال الذهبي ما قال ولم يرد الذهبي القطع بانه لا يقع لاحد سواه لكنه اراد استعظام الامر. وهذا يقع في كلام اهل العلم انهم ربما ارادوا التعظيم في سورة النفي هم لا يريدون نفيا على الحقيقة. وانما يريدون تعظيم الامر الذي وقع. وقراءة البخاري في ثلاثة ايام امر عظيم لا يكاد يقدر عليه الا الواحد بعد الواحد. وقد ذكر ابن وهو من علماء القرن العاشر انه ابتغى محاذاة الخطيب البغدادي فقرأ البخاري على شيخ له في ثلاثة ايام ايضا فهذا مما وقع للخطيب البغدادي ثم وقع بعده بقرون لابن طولون وذكر هذا في كتابه الفيهستا الاوسط. وهذه الكمالات في جمع نفسي على العلم لا تختص باحد دون احد او زمان دون زمان او مكان دون مكان. فالله سبحانه وتعالى يمنح ما شاء من خلقه ما شاء من القدرة على الخير والتوفيق اليه. وذكر هذه حكايات المراد منه بعث النفوس الى ابتغاء محاذاتها والسير بسيلها. ثم ذكر من احوال الاوائل ايضا حال ابي محمد ابن التبان انه كان يفعل ما يفعل من دراسته الليلة كله. وكانت امه تشفق عليه وتنهاه يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة. وهي انية عظيمة ويتظاهر بالنوم اي يظهر لها انه نام ان يظهر لها انه نام فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس ثم ذكر بيتين مليحين للشيخ عبدالرحمن ابن حسن ال الشيخ انه قال شمر الى طلب العلوم ذيول وانهض بكرة واصيلا. وصل السؤال وكن هديت مباحثا فالعيب عندي ان تكون جهولا. ثم قال فكن رجلا رجله على الثرى اي في الارض. وهامة همته فوق الثريا. وهي نجم معروف عند العرب ولشهرته بينهم فانهم اذا اطلقوا اسم النجم فانهم يريدون الثريا. ولشهرته بينهم فانهم اذا اطلقوا اسم النجم فانه دونه ثم قال ولا تكن شاب البدن اشيب الهمة اي لا يكون من هو في سن اي لا يكن من هو في سن شباب بدنا في سن الشيبوبة همة فتجده باعتبار بدنه معدودا في الشباب وباعتبار همته وروحه معتدا ومعدودا في حال اهل المشيب. ونهى عن هذه الحال بقوله فان همة الصادق لا تشيب لان العبد اذا كان صادقا في ابتغاء مطلوبه فانه لا تضعف همته عنه كالضعف الذي يعتني البدن اذا شاخ العبد وشان. وشاب. فهمم الصادقين لا تشيب فتبقى حية نشيطة قوية ثم ذكر بيتين مريحين لابي الوفاء ابن عقيل انه كان ينشد وهو ابن ثمانين سنة ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي وانما اعتاض شعري غير صبغته بالشعر غير الشيب في الهمم. لان شيبة الهمة مظنة ضعف الروح وشيب الشعر مظنة ضعف البدن. وقد يعتري العبد شيب في بدنه فيرى شعره ابيضا وتكون همته عالية فروحه في سن الشباب. وقد ترى من الخلق من هو في سن الشباب الا ان همته ضعيفة فهو كسل عن ادراك الخير فيكون في حقيقة شاب بدنا اشيب همة وهذه الحال تفارق حال الصدق. فحال الصدق تحمل صاحبها على المبادرة الى الخير والحرص عليه مع تقدم السن وكبره. نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الرابع صرف الهمة فيه الى علم القرآن والسنة ان كل علم نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وباقي العلوم اما خادم لهما فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة او اجنبي عنهما فلا يضر الجهل به. فالى القرآن والسنة يرجع العلم كله وبه ما امر النبي صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى فاستمسك بالذي اوحي اليك انك على صراط مستقيم وهل اوحي الى ابي القاسم صلى الله عليه وسلم شيء سوى والسنة ومن جعل علمه القرآن والسنة كان متبعا غير مبتدع ونال من العلم اوفره. قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فلنثور القرآن فان فيه علم الاولين والاخرين. وقال مسروق ما نسأل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علمه في قرآن الا ان علمنا يقصر عنه وينسب لابن عباس رضي الله عنهما انه كان ينشد جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه الرجال وما احسن قول عياض يحسو به في كتابه الالماع العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق اللاحب علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبه اعلى الهمم في طلب العلم كما قال ابن القيم في كتابه الفوائد طلب علم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نفسا وعلم حدود المنزل وقد كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر قال حماد بن زيد قلت لايوب السختياني العلم اليوم اكثر واوفي ما تقدم. فقال الكلام اليوم اكثر والعلم فيما تقدم اكثر ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابعة من معاقد تعظيم العلم وهو صرف الهمة فيه لعلم القرآن والسنة. اي انفاق همة النفس في العلم الى طلب علم القرآن والسنة ان العلوم النافعة ترد اليهما فكل علم نافع فاصله في كلام الله وكلام رسوله الله عليه وسلم ثم ذكر ان باقي العلوم لها حالان الحال الاولى العلوم الخادمة كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. العلوم الخادمة كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. وهي الات فهمهما. وهي الات فهمهما اي ما يعين على فهمهما كمتن اللغة او النحو او اصول الفقه. والحال الاخرى العلوم الاجنبية عنهما والامر فيها ما ذكره بقوله فلا يضر الجهل بها. اي لا يضر الجهل بالاجنبي عن الكتاب والسنة وعن ثم ذكر قول ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليثور القرآن اي ليبحث في فهمه بازالة القلب للنظر في معانيه وعلل ابن مسعود ذلك بقوله فان فيه علم الاولين والاخرين. اي فيه العلم الجامع النافع فمن اراده فليبحث في فهم القرآن تحريك قلبه بالنظر في اياته ثم ذكر قول مسروق وهو ابن الاجدع احد التابعين من اهل الكوفة انه قال ما نسأل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء الا علم في القرآن الا ان علمنا يقصر عنه. وتصديقه في التنزيل قول الله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تابت تبيانا لكل شيء وتصديقه في التنزيل قول الله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء اي مبينا موضحا كل شيء يحتاج اليه الخلق. ثم ذكر ما ينسب لابن عباس انه كان يقول جميع العلم في لكن تقاصروا عنه افهام الرجال اي تتقاعد عنه افهام الرجال فلا يدركه كله احد ثم ذكر بيتي القاضي عياض المالكي انه قال العلم في اصلين لا يعدهما الا المضل عن الطريق صاحبي علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحبه. والطريق اللاحب هو الطريق الواضح فالزائغ عن الطريق الواضح لا يوفق الى اصل العلم وهو علم الكتاب والسنة. فمن فمن اصابه مس الهوى مال عن الهدى فماته العلم النافع من القرآن والسنة بقدر ما في قلبه من نجاسة الهوى والبدعة واذا زكى العبد قلبه بالتوحيد والسنة حصل له من فهم الكتاب والسنة ومعرفة مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم ما لا يكون لغيره. ثم ذكر المصنف ان اعلى الهمم في العلم هي همة العبد الذي يكون طلابا لعلم الكتاب والسنة والفهم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نفس المراد اي ما يريده الشرع في القرآن والسنة. اي ما يريده الشرع في القرآن والسنة بان يكون غدا له في الامر والنهي فيهدى العبد اليه. قال وعلم حدود المنزل اي ما انزل من الاحكام في القرآن والسنة. ثم ذكر ان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله. ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع فالعلم في السلف اكثر والكلام في من بعدهم اكثر فان علم السلف كان من القرآن والسنة. واما من تخلف عنهم فانهم اغربوا اغرموا بتوسيع العبارات. وتطويل الاشارات وحجبوا عن العلوم الخادمة تارة بالعلوم الاجنبية عن الكتاب والسنة. ثم ذكر قول حماد بن زيد انه قال قلت ايوب السختياني علم اليوم اكثر او في من او فيما تقدم يعني فيما كان عليه الصحابة والتابعون فقال الكلام اليوم ما اكثر اي تفريع الناس الكلام في العلم اكثر. اي تفريع الناس الكلام في العلم اكثر فهم وسعوا القول في العلم فصار كلام الناس في من تأخر اكثر واما العلم فانه فيما فيمن تقدم اكثر. واما العلم فهو فيمن تقدم اكثر فيكون لهم من تقليل العبارات واشتمال الجمل والاشارات على معاني الكثيرة ما لا يكون لكلام من تأخر فتجد كلام الصحابة والتابعين قليل الالفاظ كثير معاني واما كلام من تأخر فانه صار كثيرا وربما قلت فيه البركة فالامر كما ذكر ابن القيم ثم ابن ابي العز في شرع الطحاوية ان كلام المتقدمين قليل كثير البركة واما كلام المتأخرين فانه كثير قليل البركة. ومنشأ هذا هو رسوخ العلم النافع في القلوب فكانت علوم الاوائل نافعة راسخة فكانوا يعبرون عنها بالالفاظ القليلة الجامعة واما المتأخرون فقل رسوخ العلم فيهم مع ما خالط النيات من الفساد فصار الكلام اذا قليل الفائدة. ومنه يعلم العبد ان الانتفاع بالعلم لا يرد الى كثرة الكلام. وان يرد الى جمعه ما يجمع من الامور النافعة. فاذا كان الكلام قليلا جامعا للمعاني النافعة فهو انفع من الكلام الكثير احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الخامس سلوك جادة الموصلة اليه لكل مطلوب طريق يوصل اليه فمن سلك جادة مطلوبه اوقفته عليه ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. وان للعلم طريقا من اخطأها ضل ولم ينل المقصود. وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثير. يقول الزرنجي في كتابه تعليم متعلم. وكل من اخطأ الطريق ضل ولا ينال المقصود قل اوجل. وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد الجهل بالطريق وافاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة. وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد مرتضى ابن محمد الزبيدي صاحب تاج العروس في منظومة له تسمى الفية السند يقول فيها فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسن بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصح. فطريق العلم وجادته مبنية على امرين. من اخذ بهما كان معظما العلم لانه يطلبه من حيث يمكن الوصول اليه. فاما الامر الاول فحفظ متن جامع للراجح فلابد من حفظ ومن ظن انه ينال العلم بلا حفظ فانه يطلب محالا. والمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع للراجح اي المعتمد عند اهل الفن. فلا ينتفع طالب يحفظ المغمور في فن ويترك مشهورة كمن يحفظ الفية اثاره في النحو ويترك الفية ابن مالك. واما الامر الثاني فاخذه على مفيد ناصح فتفزع الى شيخ تتفهم وعنه معانيه يتصف بهذين الوصفين. واولهما الافادة وهي الاهلية في العلم. فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك ما صارت له ملكة قوية فيه والاصل في هذا ما اخرجه ابو داوود في سننه قال حدثنا زوير بن حرب وعثمان بن ابي شيبة قال حدثنا جرير عن الاعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم واسناده قوي والعبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب. فلا يزال من معالم العلم في هذه الامة ان يأخذه الخالق عن السالف. اما الوصف الثاني فهو النصيحة وتجمع او معنيين اثنين احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته. والاخر معرفته بطرائق التعليم بحيث يحسن الم تعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي رحمه الله في الموافقات ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس من معاقد تعظيم العلم وهو سلوك الجادة الموصلة اليه والجادة هي الطريق ثم ذكر ان لكل مطلوب طريقا من سلكه وقف عليه اي وصل اليه. ومن عدل عنها لم فرض مطلوبه. ومن جملة ذلك ان للعلم طريقا. فمن سلكها وصل الى ما اراد ومن اخطأها فان منتهى امره الى حالين. ومن اخطأها فان منتهى امره الى حالين الحال الاولى ان يضل فلا ينال مقصوده الحالة الاولى ان يضل فلا ينال مقصوده. والحالة الاخرى ان يصيب فائدة قليلة مع تعب كثيرة يصيب فائدة قليلة مع تعب كثير. ثم ذكر من الكلام المنقول عن اهل العلم ما يدل على ذلك ومن جملة فيما ذكره عن ابن القيم انه قال الجهل بالطريق وافاتها والمقصود يوجب التعب الكثير مع الفائدة القليلة فالتعب الكثير الذي يلحق طلاب العلم ولا يحرزون معه الا فائدة قليلة منشأه من احد ثلاثة امور ذكرها ابن القيم. اولها الجهل بالطريق فيلتمس العلم جاهلا طريق الوصول اليه فهو يخبط فيه خبط عشواء. وثانيها الجهل بافات الطريق وهي الشرور التي تعرض فيه. وهي الشرور التي تعرض فيه. فان الشيطان يقعد في طرق الخير فيصده عنها بانواع من الحبائب. هي افات ذلك الطريق. ومن جملة فيها الافات التي تكون في طريق طلب العلم. وثالثها الجهل بالمقصود اي بالمراد الاعظم من طلب العلم وهو الرفعة عند الله بعبوديته. ففساد حال المتعلمين بوقوع التعب الكثير مع الفائدة القليلة يرجع الى واحد من هذه الامور الثلاثة. فتجد الطالب تارة يطلب العلم مع اهله طريقه فهو لا يميز ما يحفظ او ما يقرأ وتارة ينشأ هذا من جهل بافات الطريق اي من العوارض التي تعرض فيه فتقطع عليه طريق العلم. وتارة هذا من غفلته عن المقصود الاعظم من اخذ العلم وهو طلب الرفعة عند الله سبحانه وتعالى اقامة عبوديته ثم ذكر قولا جامعا في نعت طريق العلم نقلا عن الزبيدي نضمن في الفية السند انه قال فما حوى الغاية في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع الراجحي تأخذه على مفيد ناصح. فطريق العلم وجادته مبنية على امرين. فاما الامر الاول حفظ متن جامع للراجح فلا بد من حفظ والمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع للراجح والمراد به المتن المعتمد عند اهل الفن. والمراد به المتن المعتمد عند اهل الفن. فالرجحان هنا اعتماد ذلك المتن بكونه متلقن بالقبول عند ارباب فنه. فلا انتفعوا طالب بحفظ المغمور في فن وترك مشهوره. كمن يحفظ الفية الاثار في النحو ويترك الفية ابن مالك فان الفية ابن مالك هي معتمد النحويين في مطولات المحفوظات من المتون فلا يعدل المرء عنها الى غيرها لتلقي هذا المتن بالقبول واقبال المعلمين والمتعلمين عليه في مدد طويلة في الامة. وصرف النظر عليه الى متن اخر قليل الفائدة اذ لو كان ذلك المتن الاخر مما يعظم نفعه لم يقع في الامة تركه. فانه من المعيب المحالي ان تتابع الامة في فن على اعتماد متن ثم يكون غيره اولى منه فان هذا لا يوجد وان وجد فانه يكون قليلا باعتبار زمان او مكان. ثم ذكر الامر الثاني وهو اخذ المتن على مفيد الناصح. فيفزع الى شيخ يتفهم عنه معاني ذلك المتن. يتصف بوصفين. اولهما الافادة وهي الاهلية في العلم. فيكون ممن عرف بطلب العلم وتلقيه حتى ادرك فصارت له ملكة قوية فيه وذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم اي تتلقون العلم بالاخذ عنه صلى الله عليه وسلم ثم يتلقاه عن الصحابة من بعدهم وهكذا في قرون الامة فان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المخاطب اي ان هذا الحديث لا يتعلق بالصحابة فقط فانه اصل مضطرد في الامة. ان العلم فيها يؤخذ بالتلقي عن الشيوخ. فلا يفتح الم تعلم باب العلم الا بشيخ يدل عليه ويوصل اليه. واما الوصف الثاني فهو النصيحة بان يكون المعلم ناصحا ويجمع هذا الوصف معنيين. احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به والاهتداء بهديه وذله وسمته والاخر معرفته بطرائق التعليم فاما الامر الاول وهو صلاحيته للاقتداء به فالمراد به ان يكون على حال حسنة من امتثال الشريعة فيصلح ان يكون فيصلح ان يكون مقتدى به بامتثالها واما الامر الثاني وهو معرفته بطرائق التعليم فالمراد بها معرفته بمسالك ايصال العلم علميه فالمراد بها معرفته بمسالك ايصال العلم للمتعلمين وهي التي ارادها بقوله بحيث يحسن تعليم المتعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطئ في الموافقات فمن نفع المعلم للمتعلمين ان يكون بصيرا كيفية ايصال العلم اليهم فان الناس وان تشاركوا في العلم بشيء فانهم يختلفون في في ايصال هذا العلم للمتعلمين. فمن كان محسنا نفع المتعلمين بايصال العلم اليهم فان انفع للمتعلم من غيره ومن واجب المعلم ان يراعي هذا في المتعلمين وان فاوت بينهم فيما يعلمهم. فان من مضى من الشيوخ كان اذا اخذ جمهور الطلبة لشيء ثم رأى ان واحدا او طائفة منهم تقصر عن ادراك معانيه ارشدهم الى شيء اخر يقارنه لانه انفع لهم في وصول العلم اليهم. فترى من المعلمين من يشرح النحو ثم يلحظ ان في المتعلمين من يقصر عن ادراك قواعده بما يذكره من الامثلة فيزيد في الامثلة ويزيد في اعراضها ابتغاء افهام المتعلمين. بل منهم من اذا وجد هذه الحال في بعض طلاب امرهم بان يزيدوا شيئا اخر بان يتلقوا شرحا اخر مدارسة بينهم فتكون له بصيرة في ايصال العلم للمتعلمين. فينتفعون بذلك. وهذه هي حقيقة التربية العلمية التي ذكرها الشاطئ في الموافقات فان معلم الخير ينبغي ان يجتهد في ايصاله الى الخلق صبه في قلوبهم فيحمله ذلك على مراعاة الطرائق التي توصل هذا الخير اليهم فلا يوقف نفسه على مسلك دون مسلك. وتجد هذا في تصانيف اهل العلم التي نوعوها. فانك تجد المتن الواحد تارة تجده منثورا. وتارة تجده منظوما. وتارة تجده مقسما على تهيئة السؤال والجواب وتارة تجده مقسما على هيئة مجالس ودروس وكلها تدور بمعنى واحد والحامل عليها هو التنويع في طرائق التعليم لايصال الخير الى الناس. نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد السادس رعاية فنونه في الاخذ وتقديم الاهم فالمهم. ان الصورة المستحسنة يزيد حسن بتمتع البصر بجميع اجزائها ويفوت من حسنها عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من اجزائها. والعلم هكذا طاب من كل فن حظا كملت الته في العلم. قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره جمع العلوم ممدوح من كل فن خذ ولا تجهل به ويقول شيخ شيوخنا محمد بن مانع في ارشاد الطلاب ولا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي على فهم الكتاب والسنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه ولا يصوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويزري بعالمه فان هذا نقص فضيلة فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم والا دخل تحت قول القائل اتاني ادنى سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفه قلنا سهل علوما لو قرأها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل. انتهى كلامه. وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد قصدين وانما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصله احدهما تقديم الاهم فالمهم مما يفتقر اليه المتعلم في القيام بوظائف العبودية لله عز وجل سئل مالك بن انس رحمه الله امام دار الهجرة عن طلب العلم فقال حسن جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح الى حين تمسي فالزم قال ابو عبيدة معمر ابن المثنى من شغل نفسه بغير المهم اضر بالمهم ان العلم جم العمر طيف زار او ضيف الم يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن حتى اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليه فتبحر فيه سواء كان فدنا واحدا ام اكثر. اما بلوغ الغاية في كل فن والتحقق بملكته فانما يهيأ له الواحد بعد الواحد في ازمنة متطاولة ثم ينظر المتعلم فيما يمكنه من تحصيلها افرادا للفنون ومختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها والافراد هو لعموم الطلبة ومن طيار شأن الشناقطة قول احدهم وان تريد التحصيل فن تممه وعن سواه قبل الانتهاء مه. وفي ترادف منعج ان توى من استبق لن يخرج. ومن عرف من نفسه قدرة على الجمع جمع. وكانت حاله استثناء من العموم. ومن نواقض هذا المشاهدة الاحجام عن تنوع العلوم والاستخفاف ببعض المعارف والاشتغال بما لا ينفع مع الورع بالغرائب وكان مالك رحمه الله يقول شر العلم الغريب وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس. ذكر المصنف وفقه الله المعقد السادس من معاقد تعظيم العلم وهو رعاية فنونه في الاخذ اي في الاقبال على تلقيها. اي في الاقبال على تلقي فيها وتقديم الاهم فالمهم اي تقديم ما تشتد اليه حاجته وتتأكد في حقه طلبته ثم ذكر ان الصورة المستحسنة يزيد حسنها بتمتع البصر بجميع اجزائها. ويفوت من حسن عند الناظر بقدر ما يحتجب عنه من اجزائها والعلم هكذا فان من شاهد صورة حسنة يحصل له من لذة النظر اليها بقدر ما يحيط من تفاصيلها واجزائها. وكذلك يكون في العلم فان حصول لذة العلم والانتفاع به مناط بقدر ما يحصل المرء من انواع فنونه فانه اذا استوعبها حصلت له صورة تامة يتلذذ وينتفع بها ثم قال ومن رعى فنونه اخذ واصاب من كل فن حظا كملت الته في العلم. لان العلم يرجع الى اصل واحد وهو كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. واذا ضمت بعض افراده الى بعض حصل للمرء الاحاطة به. واذا اقتصر على شيء دون شيء صار له نظر الى بعضه. ثم ذكر قول ابن الجوزي جمع العلوم ممدوح اي مما يمدح عليه العبد اعتناؤه بجمع انواع العلوم. ثم ذكر بيتا ابن الورد انه قال من كل فن خذ ولا تجهل به فالحر مطلع على الاسرار اي ان حر النفس يأبى عليها ان يكون جاهلا بانواع من العلم فمن كانت نفسه طماحة مستشرفة المعاني راغبة فيها لم يرضى بالدون فان من الدون الجهل ببعض افراد العلم فحر النفس العلم هو الذي يرغب في الاطلاع على انواعه ثم ذكر وصيتين عظيمتين من وصايا العلامة محمد بن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب الاولى انه لا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة والثانية انه لا يسوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويذري بعالم. فاما الوصية الاولى فالمراد وبها الحث على الاشتغال بالعلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة. وذكر شرط ذلك بقوله اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه فيقبل على تلك الانواع باعتبار قوة النفس وقدرتها عليه واما الوصية الثانية فانه لا ينبغي للمشتغل العلم ان يعيب شيئا من العلم او يزري على عالمه وعلله بقوله فان هذا نقص ورذيلة اي نقص في حق وهي حال مرزولة. فمن الحماقة ما يقع من بعض الناس اذا اشتغل في علم او علمين انه يتعلق بهما ثم يزري على غيرهما من العلوم فاذا بز في الفقه ازرى على التفسير والحديث والاعتقاد بان الناس يسألون عن الاحكام اكثر مما يسألون عن هذه العلوم. فيرى تلك العلوم محفوظة الجناب عند علم الفقه. وتجد من الناس من ينبل في علم النحو تجده يرى بعين النقص العلوم الاخرى ولا يرى شيئا منها نافعا اذا فسد اللسان في رفع علم النحو فوق منزلته التي ينبغي ان يكون عليها وهذا من الجهل والحماقة فان العلوم والمعارف الاسلامية كلها بمنزلة رفيعة والخلق محتاجون اليها ثم قال بعد فالعاقل ينبغي له ان يتكلم بعلم او يسكت بحلم فان الكلام يمدح اذا كان بعلم والسكوت يمدح اذا كان بحلم ثم قال والا دخل تحت قول القائل اتاني ان سهلا ذم جهلا علوما ليس يعرفهن سهل علوما او قرأها ما قلاها ولكن الرضا بالجهل سهل. ومعنى قوله ما قلاها اي ما ابغضها. فالقلى والبغض فلو ان هذا الذامة تلك العلوم اشتغل بها وقرأها على شيوخه لما ابغض تلك العلوم وازرى بها ثم ذكر ان رعاية العلم ان رعاية فنون العلم تنفع باعتماد اصلين. احدهما تقديم الاهم فالمهم. وبين تدريجه بقوله مما يفتقر اليه الم تعلم في القيام بوظائف العبودية لله. فالمراد من اخذ العلم ان ان تعرف ما تعبد به الله سبحانه وتعالى. فالمقدم في حقك ما تمس حاجتك اليه. فالعلوم المقدمة في الاخذ هي العلوم التي تحتاجها في عبودية الله سبحانه وتعالى. فتستحق التقديم على غيرها لافتقارك لها في اقامة العبادة لله عز وجل. وذكر قول مالك ابن انس لما سئل عن طلب العلم فقال حسن جميل ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح الى حين تمسي فالزمه اي ان هذا هو المقدم من العلم فاللازم الذي يكون معك في نهارك كله اذا اصبحت حتى تمسي هو المقدم فيما تطلب فيطلب والعبد ما يصحح به اعتقاده وما يتعلم به صفة الوضوء والصلاة وما يذكر به الله سبحانه وتعالى وما يليق من الادب به الى غير ذلك من العلوم التي يفتقر اليها العبد اولا في اقامة نيته لله سبحانه وتعالى. ثم ذكر الاصل الاخر فقال ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن ان يأخذ في كل فن مختصرا ليكون له اطلاع على انواع العلوم الاسلامية على اختلافها. فمن حسن اخذ العلم فتح العبد نافذة موصلة الى انواع الفنون فيه باخذ مختصر منها يتلقاه عن اهله ثم قال اذا استكمل انواع العلوم النافعة نظر الى ما وافق طبعه منها وانس من نفسه قدرة عليه ارى فيه سواء كان فنا واحدا ام اكثر؟ فاذا حصل للعبد المشاركة في كل فن بالاحاطة بقدر حسن منه يكون متلقن في مختصر من مختصراته فانه بعد ذلك ينظر الى قوة نفسه وقدرتها ورغبتها على واحد من تلك العلوم او اكثر. ويستأنس برأي اشياخه فيما يصلح له من العلم فهو يأخذ بحظ حسن من علم الاعتقاد وبحظ حسن من علم الفقه وبحظ حسن من علم التفسير حظ حسن من علم اصول الفقه وبحظ حسن من علم النحو وبحظ حسن من علم مصطلح الحديث الى اخر المختصرات المهمة بانواع العلوم ثم ما زاد عن ذلك من التفحر والتوسع في شيء من تلك العلوم ينظر فيه الى قوة نفسه وقدرته في الناس من اذا حصل هذه الاصول وجد رغبة اكثر في علم الاعتقاد او في علم التفسير او في علم الحديث فانه حينئذ يشرع فيه ويتوسع في اخذه ثم قال اما بلوغ الغاية في كل فن والتحقق بملكته فانما يهيأ له الواحد بعد الواحد في ازمنة متطاولة. اي ان اصول المتعلم الى النهاية في كل فن من الفنون المستعملة في العلوم الاسلامية والتحقق بملكتها اي بان تصير تلك العلوم راسخة في النفس فهذا لا يقع الا للواحد بعد الواحد في ازمنة متطاولة ممن يهيئ الله سبحانه وتعالى لهم من انواع القدرة والتوفيق ما يكون لهم به افضل تلك العلوم مع بلوغ الغاية فيها. واما جمهور الخلق فانهم يصيبون اصول العلوم الاسلامية ثم ينبل الواحد منهم في علم او علمين ثم ذكر بعد ذلك ان الم تعلم ينظر فيما يمكنه من تحصيل العلوم افرادا للفنون ومختصراتها واحدا بعد واحد او جمعا لها. والافراد هو المناسب لعموم الطلبة اي ان اخذ العلم يكون تارة بالافراد وتارة بالجمع. فيفرد اخذ مختصر او اخذ علم ولا يجوز اليه غيره ومن الناس من تكون له قدرة في الجمع فيجمع مع متن او مع فن متنا وفنا اخر. فهذا يختلف باختلاف الخلق. والمناسب جمهور الخلق ان يجمعوا قواهم ومداركهم على متن واحد حفظا وفهما فاذا فرغ احدهم منه انتقل الى غيره فان هذا اوفق في الاخذ واقدروا على اصابة البغية منه فقوة المتعلمين غالبا لا تطيق الا ذلك. واذا لم يدري العبد هذا وجمع على نفسه ما لا يقدر عليه اضر بنفسه. ثم ذكر بيتين في الارشاد الى ان من صعب عليه الجمع لا ينبغي له ان يجمع وهما قول القائل وان تريد تحصيل فن تميمة وعن سواه قبل انتهاء مهد وفي ترادف العلوم المنعجاء من توأمان استبقا لن يخرجا. ومعنى التميمة اي اتمه وقوله مه كلمة زجر اي انتهي عن ذلك ومعنى مه كلمة زجر اي انتهي عن ذلك فلا تدخل في غير هذا الفن حتى تتمه فلا يجمع بين علمين او اكثر بان يكون احدهما رديفا للاخر. وشبهه بحال تدفق من من رحمها توأم فانهما اذا ارادا ان يخرجا معا صعب خروجهما وازدحما عند المخرج فلا يخرج واحد منهما. واما ان سبق واحد ثم لحقه اخر سهل ذلك. وكذلك العلم فانه يصعب غالبا الجمع بينما اثنين او فنين في عموم الخلق لكن اذا اخذ فنا ثم اتبعه اخر او درس متنا ثم اتبعه اخر فانه يسهل وعليه. وهذا كما تقدم مختلف باختلاف قدر الخلق. فمن عرف من نفسه قدرة على الجمع جماعة وكانت حاله استثناء. ومن لم يقدر على ذلك فانه يفردها ثم ذكر ثلاثة امور من نواقض هذا المعقد اي ما يباين هذا المعقد ويخالفه اولها الاحجام عن تنوع العلوم اي الامتناع من دراسة انواع الفنون اي الامتناع من دراسة انواع الفنون فيقتصر المرء على علم واحد واحد ويرجع عليه هذا بالضعف. وثانيها الاستخفاف ببعض المعارف اي عدم المبالاة بها. والازراء على عالمها وثالثها الاشتغال بما لا ينفع مع الولع بالغرائب اي الاقبال على شيء لا ينفع العبد من العلم مع غرامه بالمسائل الغرائم فهذه الامور الثلاثة مما يناقض هذا المعقل ويخالفه. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد السابع. المبادرة الى تحصيله واغتنام سن الصبا والشباب. فان العمر واما ان تصير بسلوك المعاني ثمرة واما ان تذبل وان مما تثمر به زهرة العمر. المبادرة الى تحصيل العلم وترك الكسل والعجز واغتنام سن الصبا والشباب امتثالا للامر باستباق الخيرات كما قال تعالى فاستبقوا الخيرات. وايام الحداثة فاغتنمها الا ان الحداثة لا تدوم قال احمد رحمه الله ما شبهت الشباب الا بشيء كان في كمي فسقط. والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوى تعلقا ولصوقا. قال الحسن البصري رحمه الله العلم في الصغر كالنقش في الحجر. فقوة بقاء العلم في الصغر كقوة بقاء النقش في الحجر. فمن اغتنم شبابه نال اذ به وحمد عنده به سرى الاغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرى واضر شيء على الشباب التسويف وطول الامل فيسوف احدهم ويركب وبحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة ويحدث نفسه ان الايام المستقبلة ستفرغ له من الشواغل وتصفو من المكدرات والعوائق. والحال المنظورة ان من كبرت سنه ان من كبرت سنه كثرت شواغله وعظمت قواطعه مع ضعف الجسم ووهن القوى ولن تدرك الغايات العظمى والترجي والتمني ولست بمدرك ما فات مني بلهفة ولا بليت ولا ولا لون ولا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا. ذكره البخاري في كتاب العلم من صحيحه. وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه ما اردي في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع وتكاثر العلائق. فمن قدر على دفعها عن نفسه ادرك العلم فقد وقع هذا لجماعة من النبلاء طلبوا العلم كبارا فادركوا منه قدرا عظيما منهم القفال الشافعي رحمه الله ذكر المصنف وفقه الله المعقد السابع من معاقد تعظيم العلم وهو المبادرة الى تحصيله. اي المسارعة الى تلقيه. ويكون ذلك بما ارشد اليه في قوله واغتنام سن الصبا والشباب لان العمرة زهرته في الصبا والشباب. فاذا اغتنم المرء زهرة عمره اثمرت واذا لم يغتنمها ذبلت. وذكر ان مما تتمر به زهرة العمر المبادرة الى تحصيل العلم بان يسابق اليه هو يعاجله في ايام الفتوة والحداثة. وذكر قول الشاعر وايام الحداثة فاغتنمها. الا ان الحداثة لا تدوموا اي لا تستمروا بالعبد فانها تنقطع واتبعه بقول احمد ما شبهت الشباب الا بشيء كان في امي فسقط اي هو اي فهو سريع التقضي بمنزلة شيء كان في كم ثوب احدنا ثم سقط منه ثم ذكر ان العلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوى تعلقا ولصوقا. فمن بادر العلم في شبابه قوي العلم في نفسه وثبت في قلبه كقوة بقاء النقش في الحجر. فمن اغتنم الشباب نال ارباه اي بغيته وحاجته. وحمد عند مشيبه سراه. اي حمد عند كبره في اجتهاده بالسير في الليل في هو السير في الليل وهو كناية عن الاجتهاد. واشرت الى هذا المعنى بقول الغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السرع. ثم ذكر مما يضر بالشباب كثيرا في اخذهم العلم التسويف والتأميد. اي التأجيل يرجو احدهم ان يقع له فيما يستقبل فسحة في وقته وسعة في رزقه فيؤجل مطلوباته من العلم وانه اذا بلغ كيد وكيف سيفعل كذا وكذا حتى يمضي عليه زمانه وتتقضى ايامه والامر كما قال فيسوف ويركب بحر الاماني ويشتغل باحلام اليقظة. واحلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له واحلام اليقظة تركيب يراد به ما لا حقيقة له. ثم ذكر ما عليه الخلق في الحال المنظورة اي في الحال المشاهدة في واقعهم ان من كبرت سنه كثرت مشاغله وعظمت قواطعه فيعجز عن العلم لاجل غلبة تلك الشواغل وكثرة تلك القواطع. ثم ذكر انه لا يتوهم مما سبق ان الكبير لا يتعلم بل التعلم في الكبر ممكن. اذا قدر العبد على ترتيب اخذه العلم مع كثرة شواغله ودافع القواطع مدافعة حسنة. واتفق هذا لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فانهم تعلموا العلم كبارا فنبلوا فيه وصاروا من رؤوس اهله. فاخذ العلم في الكبر ممكن اذا قدر طالب العلم على ترتيب اخذه مع اشغاله ونفي القواطع والعواد التي تعترض في طريقه. فان غلبته تلك الشواغل واستولت عليه تلك القواطع فانه يعجز عن خلقه. فطلب العلم في الكبر له حالان. فطلب العلم في الكبر له الان احداهما طلبه مع التقلل من الشواغل. طلبه مع التقلل من الشواغل ومدافعة ومدافعة العوائق وقطع علائق وقطع العلائق فيرجى للعبد ان يدركه ويبلغ بغيته منه فيرجى للعبد ان يدركه ويبلغ بغيته منه. والاخرى طلبه مع الاستسلام للواردات من الاشغال. طلبوه مع الاستسلام للواردات من الاشغال. والعوائق العلائق فيعسر عليه ادراكه ولا يحرز امله منه نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله تعالى المعقد الثامن لزوم التأني في طلبه وترك العجلة ان تحصيل العلم لا يكون جملة واحدة اذ القلب يضعف اعفوا عن ذلك وان للعلم فيه ثقلا كثقل الحجر في يد حامله قال تعالى انا سنلقي عليك قولا ثقيلا اي القرآن واذا فكان هذا وصف القرآن الميسر كما قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فما الظن بغيره من العلوم وقد وقع تنزيل القرآن رعاية لهذا الامر منجما مفرقا باعتبار الحوادث والنوازل كما قال تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليهم القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادا ورتلناه ترتيلا. وهذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه. وترك العجلة كما ذكره الخطيب البغدادي الفقيه فقه والراغب الاصفهاني في مقدمة جامع التفسير. ومن شعر ابن النحاس الحلبي قوله اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط. قال شعبة ابن الحجاج رحمه الله اختلفت الى عمرو ابن دينار خمسمائة مرة. وما سمعت منه الا كحديث في كل خمسة مجالس حديث. وقال حماد وابن سليمان تلميذ له تعلم كل يوم ثلاث مسائل ولا تزل عليها شيئا. ومقتضى لزوم والتدرج البدالة بالمتون القصار المصنفة في فنون العلم حفظا واستشراحا. والميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. ومن تعرظ للنظر في المطولات فقد يجني على دينه. وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. ومن بدائع الحكم قول عبد الكريم الرفاعي احد شيوخ العلم بدمشم الشام في القرن الماضي طعام كبار سم الصغار. وصدق فان الرضيع اذا تناول طعام الكبار مهما لذ وطاب اهلكه واعطبه ومثله ان يتناولوا المسائل الكبار من المطولات ويوقف نفسه مع ضعف الالة على خلاف العلماء وتعدد مذاهبهم في المنقول والمعقول ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثامن من معقد تعظيم العلم وهو لزوم التأني في طلبه وترك العجب بالتدرج فيه والترقي شيئا فشيئا. وعلله بان العلم لا يحصل جملة واحدة لان القلب يضعف عن ذلك فان للعلم ثقلا في القلب كثقل الحجر في حامله فاذا ابتغى ملتمس العلم ان يأخذ العلم جملة اثقل على قلبه فعجز قلبه وعن حمل العلم ومن له وتركه كعجزه عن حمل الحجر اذا كان ثقيلا لا يقدر عليه فانه يترك واتفق ذلك في القرآن الكريم فانه نزل منجما اي مفرقا باعتبار والنوازل ليعقل ويدرك مراد الله سبحانه وتعالى فيه. ثم ذكر قول الله تعالى وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا وان هذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه وترك العجلة ذكره الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه والراغب الاصفهاني في مقدمة جامع التفسير. فكما وقع القرآن في نزوله مفرقا ليعقل ويدرك مراد الله سبحانه وتعالى. فكذلك يكون في العلم يأخذه ملتمسه شيئا فشيئا ليقدر قلبه على عقله وفهمه وادراكه. ثم ذكر من الشعر والنثر ما يبين هذا معنى ثم اتبعه ببيان مقتضى لزوم التأني والتدرج وانه يكون بامرين. احدهما البداءة بالمتون القصار المصنفة في فنون العلم. البداءة بالمتون القصار المصنفة في فنون العلم حفظا واستشراحا فيجمع نفسه عليها. ومن اخذ بالقصار بلغته الطريق مختار ومن الناس من يزهد في هذه المختصرات ويأنف عنها استكبارا ويرى نفسه فوق هذه الركبة فوق هذه الرتبة فيحصل له النقص بهذه الحال التي جعل نفسه فيها والموفق من وفقه الله عز وجل الى تقديم اخذه العلم بهذه المتون القصار التي تحتملها القلوب حفظا وفهما قرأ الميل عن مطالعة المطولات التي لم يرتفع الطالب بعد اليها. لان فهم يحتاج الى الة ولا يمكن بلوغ هذه الالة الا باخذ العلم في المختصرات شيئا فشيئا حتى تكون له ملكة في الفهم في قدر على المطولات وهذه الجملة من القول يقصد منها تعبيد الطريق في الوصول الى فهم المطولات. لا عيب قراءتها فمن الناس من يظن ان مثل هذا جعل حجاب كثيف بين الخلق وبين تلك الاصول وهذا في الفهم فان المراد هو تقصير طريق الوصول الى فهم المطولات. فليس الطريق القصير الى فهم من مطولات ان تشتريها وتبادر الى قراءتها. فان هذه الطريق يشاركك فيها كل احد يقدر على القراءة لكن كل من اخذ بها لا يصل الى فهم المطولات. واما من اخذ بالطريق المتقدم نعتها من دراسة المتون القصار حفظا وفهما فانه تكون له الة تجتمع مع الايام والليالي فترسخ ملكته في الفهم في قدر على فهم تلك المطولات وينتفع بها. ثم ذكر كلمة نافعة تنسب الى عبدالكريم الرفاعي احد شيوخ العلم في الشام في القرن الماضي انه كان يقول طعام الكبان سم الصغار اي ان ما قوة به الكبار في العلم من مطالعة المطولات هي سم بالنسبة الى الصغار. بمنزلة الطعام الذي يؤكل فان اكل اللحم وما كان في معناه طعام للكبار. فاذا اعطي للرظيع قتله. وكذلك يكون في العلم فان المطولات نافعة يطلع منها المرء على انواع العلوم. لكن اذا ابتغى الوصول اليها ومطالعتها مع فراغ قلبه من ملكة تعين على فهمها فانه حينئذ يفسد علمه وقلبه لانه رفع نفسه الى مقام لم يحسنه بعد فيكون بمنزلة السم الذي اي يقتله فلا يصيب بغيته من العلم. وربما حصل له فساد في العلم بسبب فساد فهمه لما ذكر في المطولات. فان من الناس ممن لم يعرف باخذ العلم عن اهله ثم تلقى دراسته في المدارس وصار يجمع الكتب في بيته فتجد في جدران بيته كتبا كثيرة من المطولات. ثم يشرع فيها قراءة ويجد في مسألة من اقوالا كثيرة ثم يتوهم ان اقتصار اهل العلم في الفتيا على قول واحد جهل بهذه الاقوال وخيانة للعلم كما زعم. وهذا جهل منه. فان العلماء الذين يذكرون في الفتوى قولا واحدا هم يعرفون تلك الكتب ويعرفون تلك الاقوال. الا ان مقام الفتوى غير مقام والتدريس فمقام التعليم والتدريس يكون لاهله ممن يعقلون العلم عن المعلم فيعرض الاقوال ويذكر دلائل ويبين مأخذ كل قول ويزيف ما يزيف ويرجح ما يرجح. واما الفتوى فمثل ذلك لا فان مدارك الناس تعجز عن ذلك. فيجيبهم المفتي بما يراه حكم الله عز وجل او حكم صلى الله عليه وسلم في تلك المسألة دون ذكر اقوال اخرى. ثم صار من اهل الجهل مطلعين الى المطولات اذا سمعوا عالما يقتصر في مسألة على قول يسمونه احادي الرأي وغير عارف بالاختلاف وهذا من الجهل من الجهل بمكان فانه عارف بالخلاف مطلع عليه لكنه يعرف ان للخلاف مقام فليس كل ما يعرف يقال لكل احد فالمستفتين لا يريدون منك ان تذكر اقوال اهل العلم وادلتهم وانما يريدون ان تذكر لهم القول الذي يعملون به. واعتبر هذا في فتاوى من سبق فان من كان يوجز في الجواب بما ينفع العوام ويقتصر على ذلك وربما لم يذكر دليلا. واما من تأخر فتجده يذكر اقوالا ثم يبقى العامي في ظلماء لا يعرف ما يعمل به فهو لا ينتفع بهذا القول بل ربما فسد. فمثل هذا هو من السم الذي اشربه قلوب جملة من الخلق يظنون ان الاطلاع على المطولات والوقوف عليها يوسع مدارك العبد وهذا لا يكون الا اذا وسع قلبه المتون القصار. فمن وسع قلبه المتون القصار وسعت ولاة مداركه ومن لم يسع قلبه المتون القصار ضيقت مطولات مداركه فصار لا يفهم في فتسمع منه اقوالا شاذة لانه اغتر بهذه المطولات ولم ينزلها منزلتها فصارت سما اصاب في مقتل نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد التاسع الصبر في العلم تحملا واداء اذ كل جليل من الامور لا يدرك الا بالصبر واعظم شيء تتحمل به النفس طلب المعالي تصويرها عليه. ولهذا كان الصبر والمصابرة مأمورا بهما لتحصيل اصل الايمان تارة من تحصيل كماله اخرى قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا وقال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه قال يحيى ابن ابي كثير في تفسير هذه الاية هي مجالس الفقه ولن يحصل احد العلم الا بالصبر. قال كثير ايضا لا يستطاع العلم براحة فبالصبر يخرج من معرة الجهل. قال الاصمعي من لم يحتمل ذل التعليم ساعة بقي في ذل الجهل ابدا. وبه تدرك لذة العلم. قال بعض من لم يحتمل الم التعليمي لم يذق لذة العلم ولابد دون الشهد من سم نسعى وكان يقال من لم يركب المصاعب لم ينل الرغائب وصبر نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر. ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر والنوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر واحتمال زلات يحتاج الى صبر وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما لكل الى شأن لكل الى شئ وثباته ولكن عزيز في الرجال ثبات. ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد. قال ابويا على الموصلي المحدث اني رأيت وفي الايام تجربة عاقبة محمودة الاثر وقل من جد في امر تطلبه واستصحب الصبر الا فاز بالظفر. ذكر المصنف وفقه الله والمعقد التاسع من معاقد تعظيم العلم. وهو الصبر على وهو الصبر في العلم تحملا واداء. والمراد التحمل الاخذ والتلقي. والمراد بالتحمل الاخذ والتلقي. والمراد بالاداء البث والبذل والمراد بالاداء البذل والبث. فالمرء مفتقر الى الصبر في العلم في طرفيه اخذا وجمعا له ثم بثا ونشرا. لان كل جليل من الامور لا ينال الا بالصبر ولهذا امر في اية كثيرة بالصبر والمصابرة لتحصيل اصل الايمان تارة ولتحصيل كماله تارة اخرى قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا فامر بالصبر ثم امر بالمصابرة والمصابرة هي الامر بالصبر مع المغالبة. والمصابرة هي الامر بالصبر مع المغالبة فيكون العبد منازعا منازعا فيكون العبد منازعا في الصبر فيجاهد نفسه في تصبيح بها ويغالبها ثم ذكر قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وان يحيى ابن ابي كتين رحمه الله قال في تفسيرها هي مجالس الفقه. فيحتاج المرء الى وقف نفسه وحبسها عليها وان يصبرها على المكث واللبث فيها. ثم ذكر ان العلم لا يحصل الا بالصبر. وذكر ممن منفعته في العلم امران احدهما انه يخرج به مما عرة الجهل. فالجهل ثقل على القلب لا يتمكن العبد من نزعه عنه الا بالصبر في رفع الجهل عن نفسه بالصبر على اخذ العلم والاخر انه يدرك بالصبر لذة العلم. فحلاوة العلم وحسن طعمه ومذاقه لا الا بالصبر. قال ولابد من دون ولابد دون الشهد من سم لسعة. اي لابد من دون الحصول على العسل من لسعات النحل. فالشهد اسم من اسماء العسل وهو اسمه حال كونه في الشمع فالشاهد اسم من اسماء العسل. وهو اسمه حال كونه في الشمع. فاذا اراد المرء ان يحصل من الشمع وان يجمعه اصابته لسعات النحل بالدب دونه. فكذلك المطالب العظيمة يقع للمرء دونها من وخزات الالم ما يحتاج فيه الى الصبر للحصول عليها. ثم ذكر ان صبر العلم نوعان احدهما صبر في تحمله واخذه اي في تلقيه. قال فالحفظ يحتاج الى صبر. والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر. فهذه من جملة المتعلقات العظيمة في الصبر المناط باخذ العلم. فالطالب يحتاج الى صبر في الحفظ ويحتاج الى صبر في الفهم. ويحتاج الى الصبر في حضور مجالس العلم ويحتاج الى صبر في رعاية حق الشيخ وعدم الاخلال به. والنوع الثاني صبر في ادائه وبثه وتبليغه الى اهله. اي نشره في الناس. قال فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر. واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر. فالمعلم محتاج الى نفسه على الجلوس للمتعلمين فان الجلوس فان الجلوس تكون له لذة في مبادئ الامر ثم يكون له ثقل ويحتاج صاحبه للمجاهدة بالجلوس المتعلمين. فكثير من الناس يأخذ بقلبه في مبتدأ تعليمه للخلق ما يأخذ من محبة الذكر والثناء او غير ذلك ثم يثقل عليه الجلوس المتعلمين لان الاشغال تنازعه والقواطع تعارضه فيحتاج الى تصبيل نفسه للجلوس لهم يحتاج ايضا الى تصبيل نفسه في افهامهم. فالناس متفاوتون في مقادير فهمهم. فمنهم من يفهم سريعا ومنهم من يحتاج الى تكرار الامر له حتى يفهم فيحتاج الى ان يصبر نفسه لمن عرضت له هذه الحال ويحتاج ايضا الى تصبيل نفسه على زلات المتعلمين. فان الزلة ملازمة جنسا الادمي فان الله سبحانه وتعالى كتب على كل احد ما كتب عليه من الذنوب. ومن جملة الذنوب ما يقع من زلات المتعلمين ان من اساءتهم الى اشياخهم فيحتاج المعلم ان يغوظ نفسه بتصبيرها على زلات المتعلمين ويقتدي بخير الخلق صلى الله عليه وسلم فانه كان عظيم الصبر على الناس واعتبر هذا في حال الذي عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فجبذه وشد عليه رداءه حتى احمرت عنق النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يغضب منه وهذا احتمال عظيم فينبغي للمعلم الا يطلبوا حظوظ انفسهم من الانتصار لها وان كان حقا لهم. وانما يطلب الاجر من الله سبحانه وتعالى بالصبر على ما يبدر من زلات المتعلمين وخطأهم ويحتسب الاجر عند الله سبحانه وتعالى في تعليم واصلاحهم فانه بمنزلة الوالد لهم. ثم قال وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على الصبر فيهما والثبات عليهما وانشد بكل اذا شاوي العلا وثبات ولكن عزيز في الرجال ثبات اي لكل الى اية العلا وثبات اي قفزات فالشاو فالشاؤ هو الغاية والوتبات جمع وثبة وهي القفزة والمعنى ان كل احد له الى غايات العلا قفزات في قلابها ولكن يقل في الرجال الثبات على مطلوباتهم والى ذلك اشرت بقولي في منظومة الهداية ان الثبات في الرجال عزا ويغنم الرجال منه العزة ان الثبات في الرجال عزا ويغنم الرجال منه العز. وذكر الرجال خرج مخرج الغالب في الخطاب اتباعا للقرآن والسنة والا فان النساء مخاطبات بذلك ايضا. ثم قال ومن يلزم الصبر يظفر بالرشد اي يظهر بالخير الذي يكون به من اهل الرشد. وذكر بيتين لابي يعلى الموصلي وتذكر غيره انه قال اني رأيت وفي الايام تجربة للصبر عاقبة محمودة محمودة الاثر وقل من جلد في امر تطلبه واستصحب الصبر الا فاز من ظفره. ومعنى قوله وقل من جد في امر تطلبه اي قل ان من اجتهد في امر يطلبه واستصحب الصبر اي جعله مقارنا له الا فاز بمطلوبه وظفر به وان مما يحصل به تصبير العبد نفسه فيما ذكر انفا احتساب الاجر عند الله وتعالى فان المعلم والمتعلم اذا شهدا بقلبهما عظم الثواب والفضل الذي الله سبحانه وتعالى للعلم واهله قويت نفوسهم على الصبر. فنحن عندما نجلس هذا المجلس الطويل مع بقية المجالس ان شاء الله فيما يستقبل من الايام يستحضر فيها العبد انه ينقذ ثقوا اوقاتا كثيرة وقوة من بدنه وشيئا من ماله في حضور هذه المجالس والانتفاع بالعلم ويرابط ساعات طويلة معتكفا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في طلب العلم. فاذا لاح هذا بين وما اعده الله سبحانه وتعالى لاهل الصبر من عظيم الاجر ولاهل العلم منهم خاصة من عظيم الثواب هان عليه كل ما يلقاه في سبيل ذلك. حتى لو قدر ان المرء لم يتيسر له موضع يسكن فيه اخذ المسجد دارا وسكنا فان هذا مما يعظم به اجره عند الله سبحانه وتعالى. فهو يحتسب ثوابه او عند الله سبحانه وتعالى انه تخلى عما اعتاده الناس والفوه من المساكن والمجالس واقام معتكفا اذا ملازما هذه المجالس فيرجى له من عظيم الثواب عند الله سبحانه وتعالى ما يفرح به اذا رآه. وود انه يجد مثل هذا في كل شيء فعله في العلم. فلا ينبغي ان يغيب عن قلوبنا مشهد احتساب الاجر الثواب عند الله في انفاق هذه الساعات الطويلة اعتكافا في طلب العلم ورباطا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا غنمها وان يعيذنا من غرمها ويجعلها من صالح عملنا المدخر عنده. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد العاشر ملازمة اداب العلم. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه قلة ادبه عنوان شقاوته وبواره. فما استجلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب. ولاستجلب حرمانهما بمثل قلة الادب. والمرء لا وبغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب. وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه. قال يوسف بن الحسين ادب تفهم العلم لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده. سأل رجل البقاعي ان يقرأ عليه اذن له البقاعي فجلس الرجل متربعا فامتنع البقاعي من ايقاعه وقال له انت احوج للادب منك الى العلم الذي جئت تطلبه. ومن هنا كان السلف رحمهم الله والله يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم. قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم. بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم. قال مالك ابن انس رحمه الله لفتى من قريش. يا ابن اخي لتعلم الادب قبل ان تتعلم العلم. وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. قال مخرج ابن الحسين ابن المبارك يوما نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم وكانوا يوصون به ويفسدون اليه. قال مالك رحمه الله كانت امي تعممني وتقول لي اذهب الى ربيعة تعني ابن ابي عبدالرحمن فقيه اهل المدينة في زمنه فتعلم من ادبه قبل علمه وانما حرم كثير من طلبة العصر العلم بتضييع الادب فترى احدهم متكئا بحضرة شيخه بل يمد اليه رجليه يرفع صوته عنده ولا يمتنع عن اجابة هاتفه الجوال او غيره. فاي ادب عند هؤلاء ينالون به العلم؟ اشرف الليث ابن سعد رحمه الله على اصحاب من حديث فرى منهم شيئا كأنه كره فقال ما هذا؟ انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم. فماذا يقول الليث لو رأى حال من طلاب العلم في هذا العصر ذكر المصنف ووفقه الله المعقد العاشر من معاقد تعظيم العلم وهو ملازمة اداب العلم. واستفتحه بكلام ابن القيم في مدارج السالكين المبين ان ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه. ووجه ذلك ما ذكره بعده انه يستجلب به خير الدنيا والاخرة فاذا تأدب المرء استجلب خير الدنيا والاخرة فصار ذلك سببا لسعادته فيهما. وذكر ايضا ان قلة ادب المرء عنوان شقاوته وبواره وبين وجهه بان حرمان الخير في الدنيا والاخرة لم يستجلب بشيء مثل قلة الادب اذا فات خير الدنيا والاخرة صار العبد شقيا بائرا والبوار هو الفساد. ثم ذكر قول الاول المرء لا يسمو بغير الادب وان يكن ذا حسب ونسب. ثم قال وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه في نفسه ودرسه ومع شيخه وقرينه اي لا يكون صالحا العلم سوى المتأدب بالاداب على اختلاف متعلق في النفس والدرس ومع الشيخ والقرين. ثم ذكر قول يوسف ابن الحسين بالادب تفهم العلم وبين وجهه فقال لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبذل له وقليل الادب يعز ان يضيع ان يضيع عنده. اي فان المعلم اذا رأى المتعلم متأدبا اجتهد في تفييمه وحرص على تعليمه وبدل له ما يقدر عليه في الافهام والارشاد. واذا رآه قليل الادب زوى العلم عنده ولم يجتهد في تعليمه. ويراد بها ايضا ان الله سبحانه وتعالى يجعل للمتأدب من فهم العلم وادراكه ما لا يكون لغير المتأدب فان العلم النبوة وكما كانت النبوة اصطفاء لمن يصلح لها فكذلك فان العلم يكون فيه اصطفاء ان يصلح له ومن اعظم دلائل الصلاحية ان يكون العبد متأدبا. فيجعل الله عز وجل له من قوة الفهم والادراك بقدر ما حصل له من التأدب. واما سيء الادب فانه يفوته من حصول العلم وفهمه بقدر ما فاته من ادبه ثم ذكر ان السلف كانوا يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم. بل طائفة بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. وهذه المشاهد الثلاثة تدل على عنايتهم بالادب فهم تارة يقدمون تعلمه على تعلم العلم وتارة يعتنون به كما يعتنون بالعلم وتارة يظهرون شدة الحاجة والافتقار اليه. كما قال مخلد بن الحسين رحمه الله لابن المبارك يوم نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من العلم اي ان العبد يحتاج الى الادب اكثر من حاجته الى العلم فان انتفاعه بالعلم موقوف على قدر ما له من الادب. فمن عظم ادب عظم ما يناله من العلم. ومن قل ادبه ادبه قل ما يناله من العلم. ثم ذكر المصنف ان هذه الابدة وهي تضيع الادب هي السبب الاعظم في حرمان كثير من من طلبة العصر العلم فتجد من الناس من له رغبة في العلم وسعي في تحصيله. وتمضي عليه مدة مديدة لم يدرك منه الا شيئا يسيرا ويغفل عن اصل الخلل وهو عدم ملازمته اداب العلم فيحجب عنه العلم بقدر ما يفوته من ادابه كما ذكر عن احوالهم فقال فترى احدهم متكئا بحضرة شيخه. بل يمد اليه رجليه ويرفع صوته عنده. ولا يمتنع عن اجابة هاتفه الجوال وغيره او غيره. فاي ادب عند هؤلاء ينالون به العلم. اي ان تلك احوال المذكورة احوال مرزولة يحجب عن عن العبد باسبابها العلم. ثم ذكر حالا فيمن تقدمنا وهي فينا اكدوا اذ قال اشرف الليث ابن سعد على اصحاب الحديث اي طلاب العلم فان العلم في السلف هو الحديث. فرأى منهم شيئا كأنه كره. فقال ما هذا؟ اي ما هذا؟ الامر انتم فيه منكرا له ثم قال انتم الى يسير من الادب احوج منكم الى كثير من العلم اي انكم تفتقرون الى قليل الادب الذي ينفعكم اكثر من افتقاركم الى العلم الذي تلتمسونه ثم قال فماذا يقول الليث لو رأى حال كثير من طلاب العلم في هذا العصر؟ اي للمباينة بين حالنا الهم فينبغي ان يجتهد طالب العلم في لزوم الاداب لان العلم عبادة ومن كمال اداءها هذه العبادة التأدب فيها بالاداب التي درج عليها اهل العلم وكان بعض من مضى لا يشرع في اقراء الطلبة حتى يقرئهم كتابا في ادب العلم. ليعقلوه عنه ويمتثلوا ثم يأخذ عليهم تلك الاداب عند تلقينهم بقية العلوم. واليوم صار المرء يدخل في العلم ويخرج منه وهو لم يقرأ كتابا في ادب العلم. ولذلك ترى الاخلال باداب العلم لجهل اكثر الطلبة بها لا لسوء نفوسهم فان من رغب في العلم تطيب نفسه غالبا ان لم يعرض لها ما يفسدها ومما الاعراض عن ادب العلم. ومن اعظم اسبابه الجهل بتلك الاداب. فينبغي ان يجتهد طالب العلم في نهي في نفي الجهل عن نفسه بتلك الاداب في تعلم اداب العلم في ادبه في نفسه وفي مجلس درس ومع شيخه وقرينه وكتابه الى غير ذلك من متعلقات الادب فاذا انه اذا نبل في ادب العلم فتح الله سبحانه وتعالى له باب الفهم كما تقدم في قول يوسف بن الحسين بالادب تفهم العلم ومعنى قولنا عند ذكر اصحاب الحديث ان العلم في السلف هو الحديث المقصود به الرواية سواء كان في علم التفسير او علم الحديث او علم الفقه او علم الاعتقاد او علم اللغة او علم اصول الفقه او علم النحو فان هذه العلوم كانت منقولة عند عند هم بالرواية فكانت هي اصل العلم فيهم. نعم احسن الله اليكم قلت وفقكم الله المعقد الحادي عشر صيانة العلم عما يشين مما يخالف المروءة ويخرمها من لم يصن العلم لم يصنه العلم قال الشافعي رحمه الله ومن اخل بالمروءة ومن اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم فلم يعظمه وقع في البطالة طبي الحال الى زوال اسم العلم عنه. قال وهب ابن منبه رحمه الله لا يكون البطال من الحكماء. لا يدرك العلم بطال ولا كسل ولا ملول ولا يألف البشر وجماع المروءة كما قالهم ابن تيمية الجد في المحرم وتبعه حفيدهم في بعض فتاويه استعمال ما يجمله ويزنه وتجنب ما يدنسه ويشينه قيل لابي محمد سفيان ابن عيينة رحمه الله قد استنبطت من القرآن كل شيء فاين المروءة فيه؟ فقال في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. ففيه المروءة وحسن الادب ومكارم الاخلاق. ومن الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة وما يجبرو. وما عليها وتنكبه قواربها التي تخل بها كحلق لحيته فقد عده في خوارم المروءة ابن حجر الهيتمي من الشافعية وابن عابدين من الحنفية او الالتفات في الطريق وعده من خوارمها ابن شهاب الزهري وابراهيم النخعي من المتقدمين او مد الرجلين في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية وعده من الخوارج جماعة منهم ابو بكر الطرطوشي من المالكية وابو محمد ابن قدامة وابو الوفاء ابن عقيل من الحنابلة او صحبة الاراذل والفساق والنجار والبطالين وعدوا ومن خوارج المروءة جماعة منهم ابو حامد الغزالي وابو بكر الطيب من الشافعية والقاضي عياض الي من المالكية او مصارعة الاحداث والصغار من الخوارج ابن الهمام وابن نجيم من الحنفية ومن اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام ولم ينل من شرف العلم الا ذكر المصنف وفقه الله المعقد الحادي عشر من معقد تعظيم العلم وهو صيانة العلم عما اي حفظه وحمايته عما يقبح اي حفظه وحمايته عما يقبح. ثم بين المشين يقبح فقال مما يخالف المروءة ويخدمها؟ فكل شيء كان مخالفا المروءة خالما لها فان العلم يحفظ ويحمى عنه. واستفتح بيان هذا المعقد بالكلمة المأثورة عن الشافعي انه قال من لم يصن العلم لم يصنه العلم اي من لم يحفظ العلم مكرما له فان العلم لا يحفظه فلا يصب حظه منه ثم ذكر ان من اخل بالمروءة بالوقوع فيما يشين فقد استخف بالعلم فلم يعظمه ووقع في قال فتفضي به الحال الى زوال اسم العلم عنه. اي فيخرج من اسم العلم والحكمة الى اسم البطالة والمجانة وذكر قول وهب ابن منبه وهو احد التابعين انه قال لا يكون البطال من الحكماء اي لا يكون الماجد المشتغل بالباطل من اهل الحكمة والعلم. ثم ذكر بيتا في ذلك واتبعه ببيان حقيقة المروءة نقلا عن ابن تيمية الجد وحفيده ابي العباس احمد ابن عبد الحليم انه ما ذكر حدها فقال استعمال ما يجمله وتجنب ما يدنسه ويشينه. فمدار المروءة على امرين. فمدار المروءة على امرين. احدهما استعمال المجمل المزين استعمال المجمل المزين. والاخر اجتناب المدنس المشين. اجتناب المدنس ثم ذكر استنباط ابي محمد سفيان ابن عيينة المروءة من القرآن في قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين فقوله خذ العفو فقوله وامر بالعرف اي ما تعارف عليه الناس من انواع الكمالات في احوالهم وهي المروءة. ثم ذكر ان من الزم ادب النفس للطالب تحليه بالمروءة. يعني اتصافه بها وما يحمل عليها وتنكبه خوارمها التي تخل بها اي بعده عن خوارم المروءة. والخوارم جمع خرم وهو الشق والخوارم جمع خرم وهو الشر. وخوارم المروءة مفسداتها. وخوارم المروءة مفسداتها لانها تشقها حتى تقطعها اربا اربا فتنفي عن صاحبها اسم المروءة ثم ذكر جملا مما يخل بالمروءة مأثورا عن اهل العلم السابقين كحلق اللحية او كثرة التفات في الطريق او مد الرجال في مجمع الناس من غير حاجة ولا ضرورة داعية او صحبة الاراذل والفساق والمجان والبطالين او مصارعة الاحداث والصغار فكل هذه المذكورات مما يتجافاه ملتمس العلم لاخلاله بالمروءة. لان اسم العلم يزول عن متعاطيه وهذه المذكورات منها ما هو محرم ومنها ما ليس محرما. وكلاهما مذهب للمروءة ناف لها ثم قال بعد ومن اخل بمروءته وهو ينتسب الى العلم فقد افتضح عند الخاص والعام. اي انا عواره وظهر ما يقبح منه عند الناس. ثم قال ولم ينل من شرف العلم الا الحطام اي لا الى ما يريده من العلم وانما يدرك منه شيئا قليلا بمنزلة الفتات المتساقط من الطعام ولا يكون له حظ منه لانه امتهن نفسه باضعاف مروءته. فينبغي ان يعظم طالب العلم المرور ومن اكدها الاعراف المرعية عند اهل بلده. فان هذا من تمام العقل وحسن اخذ العلم فمن تزيى بالمروءة وكسي ثوبها فانه يصير له حظ من الانتساب علم والكون من اهله. واما ضعيف المروءة الذي هتك ستارها بخوارمها فان اسم العلم يزول عن وهذا اخر البيان هذا القدر من الكتاب ونستكمل بقيته بعد العصر وبقيت بقية تتعلق بقراءة مقدمة مختصر لهذا الكتاب اسمه خلاصة تعظيم العلم. مثبت في المجلد الثاني من المجلدين الذين بايديكم جعل لحفظها وفي حفظها اعانة على تعظيم العلم. فنقرأ مقدمته للتعريف به. نعم احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله تعالى في مصنفكم خلاصة تعظيم العلم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله المعظم بالتوحيد وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد المخصوص باجل المزيد. وعلى اله وصحبه اولي الفضل والرأي السديد. اما بعد فهذه من كتاب تعظيم العلم اللفظ اعدت بالتقاطها لمقصد الحفظ. فاستخرج منه للمنفعة المذكورة النباب. وجعل فيه الانموذج من كل باب ليكون في نفوس شمس النهار ويترشح بعده الى العمل والابتكار. فاسأل الله لي ولهم لزوم معاقد التعظيم والفوز بجوامع فضله العظيم ما بعد هذا في الخلاصة هو نص كتاب تعظيم العلم لكن اختصر بقدر ما يحصل به الاعانة على حفظها. وقبل انصرافكم انبه الى امور اولها ان من احتاج الى الاستعانة بحامل للكتاب فجعله بين يديه فانه اذا اراد ان يقوم فينبغي ان ينحيه ومن المكان لان الناس يحتاجون الى هذا الموضع في الصلاة وخاصة في يوم الجمعة. وثانيها من افتقر الى كرسي اجلسوا عليه لاجل علة فلا بأس لكن ليأخذ يمنة او يسرة ولا يتوسط الحلقة بحيث يمنع من وراءه من المتعلمين من النظر. وثالثها من كان له سؤال فيما ذكر في الدرس او غيره فانه يكتبه في ورقة ثم نجيب عنه في حينه لا اجيب على الاسئلة التي تكون شفاها عند ذهابي. ورابعها انه لا ينبغي لاحد ان يتبعني الا احد عليه من كتاب فيقرأه فلا بأس ان يتبعني ليقرأه وما عدا ذلك فارجو الا يتبعني احد لقاؤنا ان شاء الله تعالى بعد صلاة العصر الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين