سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل الدين مراتب ودرجات وسير للعلم به اصولا واشهد ان لا اله الا الله حقا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صدقا. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فحدثني جماعة من الشيوخ وهو اول اذ سمعته منهم باسناد كل الى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن اموا ما في الارض يرحمكم من في السماء. ومن اكد الرحمة رحمة المعلمين بالمتعلمين. في تلقينهم احكام الدين وترقيتهم في منازل اليقين. ومن طرائق رحمتهم ايقافهم على مهمات العلم. باقراء اصول المتون مقاصدها الكلية ومعانيها الاجمالية. ليستفتح بذلك المبتدئون تلقيهم. ويجد فيه المتوسطون ما يذكرهم ويطلع منه المنتهون الى تحقيق مسائل العلم. وهذا المجلس الثاني في شرح الكتاب الاول منبر مهمات العلم في سنته التاسعة تسع وثلاثين واربع مئة والف. وهو كتاب تعظيم العلم لمعد البرنامج صالح بن عبدالله بن حمد بن عصيمي وقد انتهى بنا البيان الى قوله المعقد الثاني عشر. نعم. الحمد لله رب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين اجمعين قلتم وفقكم الله تعالى في مصنفكم تعظيم العلم المعقد الثاني عشر انتخاب الصحبة الصالحة له. فالانسان مدني بالطبع واتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق. فيحتاج طالب العلم الى معاشرة غيره من الطلاب لتعينه هذه المعاشرة على تحصيل العلم والاجتهاد في طلبه. والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائد نافعة في الوصول الى المقصود ولا يحسن بقاصد العلا الا انتخاب صحبة صالحة تعينه فان للخليل في خليله اثرا. قال ابو داوود والترمذي وسياق لابي داوود حدثنا ابن بشار قال حدثنا ابو عامر وابو داوود قال حدثنا زهير بن محمد قال حدثني موسى ابن وردان عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله وعليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل. يقول الراغب الاصفهاني رحمه الله ليس اعداء الجليس لجليسه بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر اليه. لا تصحب الكسلان في حالاته كم صالح بفساد اخر يفسد. عدوى البليد الى الجليد سريعة كالجمع وضعف الرماد فيخمد. والجليد هو الجاد الحازم. وانما يختار للصحبة من يعاشر للفضيلة لا المنفعة ولا للذة فان عقد المعاشرة يبرم على هذه المطالب الثلاثة الفضيلة والمنفعة واللذة. كما ذكره شيخ شيوخنا محمد الخضر حسين في رسائل الاصلاح فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به. قال ابن مسعود رضي الله عنه يعتبر الرجل بمن يصاحب فانما يصاحب الرجل من هو مثله وانشد ابو الفتح وانشد ابو الفتح البستي رحمه الله لنفسه. اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريفا زكي الحسب فنزل الرجال كنذل النبات فلا للثمار ولا للحطب. ويقول ابن مانع رحمه الله في ارشاد الطلاب وهو يوصي طالب العلم ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة وسيء السمعة والاغبياء والبلداء. فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة وكأن هذا عين قول سفيان ابن عيينة رحمه الله اني اني لاحرم جلساء الحديث الغريب لموضع رجل واحد ثقيل فقد يحرم المتعلم العلم لاجل صاحبه. فاحذر هذا الصنف وان تزيى بزي العلم. فانه يفسدك من حيث لا تحس ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو انتخاب الصالحة له. اي اختيار صفوة الخلق لمصاحبتهم في اخذ العلم. فالانتخاب الاب هو الاختيار. والداعي الى اختيار تلك الصفوة في صحبة في صحبة العلم ان الانسان مدني بالطبع اي مفتقر الى غيره في شد ازره وتقوية نفسه في تحصيل مصالحه العالية اجلتي والاجلة واصله قوله تعالى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا اي لتقع بينكم المعرفة التي تحصل بها منفعة بعضكم بعضا. ثم قال اتخاذ الزميل ضرورة لازمة في نفوس الخلق. فالمرء مفتقر الى غيره. ممن يؤانسه ويشاركه في به ثم قال والزمالة في العلم ان سلمت من الغوائل نافعة في الوصول الى المقصود اي ان من انفع شيء يكون بملتمس العلم في تحصيل مطلوبه منه ان يتخذ في العلم زميلا فمتى انعقدت هذه الزمالة وسلمت من الغوائل كانت عظيمة النفع. فان اجتالتها الغوائل افسدتها والغوائل هي العواد المفسدة. والغوائل هي العوائد المفسدة. فاذا صارت زمالة بعضهم بعضا في العلم مقرونة بتزين بعضهم لبعض او محاباة بعضهم بعضا او ترك بعضهم امرا بعض بما ينفعهم من المعروف ونهيه عن المنكر فان ذلك يعود عليهم بالشر. ثم قال ولا يحسن العلا اي المطالب العالية الا انتخاب صحبة صالحة تعينه. وعلله بقوله فان للخليل في الخليل اي ان للزميل في زميله اترى. ثم ذكر اصل هذا من السنة وهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه عند ابي داوود والترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل اي ان الرجل اذا اتخذ من الناس خلا يركن اليه ويترك به فانه ينطبع بصورته الدينية التي هو عليها فيكون له في صاحبه اثرا. فمن انفع ما يكون للعبد من الاخلاء في دينه ان اذا منهم من يكون معينا على الخير موحدا لله متابعا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر من المنقول عن الاوائل نثرا ونظما ما يبين اثر الخليل في خليله. ثم ذكر ان الاوان قصر في الزمالة تنعقد بواحدة من التلاك المذكورة في كلامه. فان الناس يطلب بعضهم صحبة بعض لاجل واحد من هذه الانواع الثلاثة. واولها صحبة فضيلة. وثانيها صحبة منفعة وثالثها صحبة اللذة. فالناس يعاشر بعضهم بعضا مع ملاحظة واحدة من هذه الاواصر فتارة تنعقد اصرة الزمالة لاجل فضيلة جامعة بين المتزامنين المتعاشرين وتارة تكون تلك الاصرة لاجل منفعة تصل لاحدهما من الاخر وتارة اخرى تكون تلك الاصرة بداعي اللذة التي يحصلها هذا من هذا. وانفع هذه الاواصل الثلاث هي الاصلة الاولى. بان يعاشر العبد غيره طلبا للفضيلة واعانة عليها. فان زمالتهما تبقى وتدوم ما بقيت هذه واما من يزامل لاجل المنفعة او اللذة فانه اذا احرز مأموله من منفعة او لذة قلبه ظهر المجن والقاه وراءه ظهريا وتخلى عن صحبته. ثم قال فانتخب صديق الفضيلة زميلا فانك تعرف به وذكر من المنقول عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله اعتبروا الرجل بمن يصاحب اي استدلوا على الرجل واعرفوا بمن يتخذه من الاصحاب. قال فانما يصاحب الرجل من هو مثله اي اذا صحب اصحاب الفضائل الكاملة من اهل التوحيد والسنة والطاعة فهو منهم ومعهم. ومتى صاحب المتلطخين بالشرك او البدعة او المعاصي فانه معهم ومنهم ثم انشد بيتين سيارين لابي الفتح البستي انه كان يقول اذا ما اصطنعت امرأ فليكن شريفا النجار زكي الحسب. فندل الرجال كندل النبات فلا للائتمال ولا للحطب والنجار هو الاصل بكسر النون وضمها وهو حث على ان يتخير المرء من اصحابه من يكون الشريف الاصلي زكي الحسب. لان الانساب مؤثرة في الطبائع. ذكره ابن تيمية الحفيد في اقتضاء الصراط المستقيم ولا تلموا خوارم المروءة الا بساقط الاصل فاذا انتخب المرء زكي النسب حسنا العمل معاشرا له على الفاضيلة انتفع به وان عدل عنه الى غيره صار متخيرا من الصحبة من هو نذل كنجل النبات لا يصلح ان يكون حطبا توقد به النار ولا يرجى منه ثمر. ثم ذكر كلاما من كلام العلامة ابن مانع رحمه الله يوصي طلاب العلم قال فيه ويحذر ويحذر كل الحذر من مخالطة السفهاء واهل المجون والوقاحة سيء السمعة والاغبياء والبلداء فان مخالطتهم سبب الحرمان وشقاوة الانسان. لان المرء اذا صحب من توثن بسفه او جنون او مجون او وقاحة او قلة ادب ان جذب اليه من حاله ما تنطبع به نفسه فيتسلل اليه ذلك الخلق الرذيل الذي يتصف به صاحبه. فاذا دامت بينهما الصحبة انتقلت تلك الاخلاق المرذولة التي كانت في صاحبه الى نفسه. فكان ذلك سبب حرمانه وشقاوته. ثم ذكر قوله سفيان ابن عيينة رحمه الله اني لاحرم جلسائي الحديث الغريب. يعني الحديث الذي يستفاد لعلوه او حل معناه يعني الحديث الذي يستفاد لعلوه او محل معناه فان اسم الغريب عند المحدثين يطلق على معان منها ما تطلب استفادته لاجل علوه او جلالة معناه. ومنه قول سفيان ابن عيينة اني لاحرم الرجل الغريب لموضع رجل واحد ثقيل. اي انه يمنع اصحابه من ان يبذل لهم حديثا يلتمسونه وينتفعون به لاجل ملاحظته واحدا من الثقلاء الذين يصحبونهم ويجتمعون بهم يجلسون معهم اليه فاراد ان يؤدبهم بحرمانهم من العلم ليعلموا ان مؤاخاة مثل هذا لا ترجع عليهم بالخير ذكي فطن يتنبه الى مثل هذه الانواع من التأديب من شيوخه. فيترك مثل هؤلاء ليحصل بركة تعليمهم واما من نبه مرة بعد المرأة المرة في مثل هذه الاحوال من صحبة الناقصين ثم لم ينتبه فانه تؤول به الى ان يكون ناقصا مثلهم فمن صاحب كمل الخلق كمل. ومن صاحب الناقصين منهم نقص. نعم الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الثالث عشر بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه. اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ الله ومذاكرة به وسؤال عنه فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به. فالحفظ خلوة من نفس والمذاكرة جلوس الى القرين والسؤال اقبال على العالم. فبالحفظ يقرر العلم في القلب وينبغي ان يكون جله همة الطالب مصروفا الى الحفظ كما يقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ولم يزل العلماء الاعلام يحضون على الحفظ ويأمرون به قال عبيد الله بن الحسن رحمه الله وجدت احضر العلم منفعة ما وعيته بقلبي ولكته بلساني. وسمعت شيخنا ابن عثيمين رحمه الله يقول حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا. ليس بعلم ما حولت مطر وما العلم الا ما حواه الصدر التلمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخيئ نفسه منه واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات فليأخذ به فقد كان لا يترك كل يوم اذا اصبح ان يحفظ شيئا وينقل ومن عقل هذا المعنى لم يزل من الحفظ في ازدياد فلا ينقطع عنه حتى الموت كما اتفق ذلك لابن مالك صاحب الالفية النحمية فان حفظ في يوم موته خمسة شواهد. وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس ويقوى تعلقه بها والمراد بالمذاكرة مدارسة وقد امرنا بتعاهد القرآن الذي هو ايسر العلوم. قال البخاري رحمه الله حدثنا عبد الله بن يوسف فقال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة ان عاهد عليها امسكها وان وها ذهبت ورواه مسلم من حديث مالك به فذكر نحوه. قال ابن عبد البري رحمه الله في كتابه التمهيد عند هذا الحديث. واذا كان القرآن الميسر الذكر كالابل المعقلة من تعاهدها امسكها فكيف بسائر العلوم؟ وكان الزهري رحمه الله يقول انما يذهب العلم النسيان وترك وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه. قال الزهري انما هذا العلم خزائن وتفتتحها المسألة. وحسن المسألة نصف العلم. والسؤالات كمسائل احمد المروية عنه برهان جلي على عظيم منفعة السؤال. وقلة الاقبال على العالم بالسؤال اذا ورد على بلد تكشف مبلغ العلم فيه فهذا سفيان الثوري رحمه الله يقدم عسقلان فيمكث ثلاثا لا يسأله انسان عن شيء فيقول لرواد ابن الجراح احد اصحابه اخرج من هذا البلد هذا بلد يموت فيه العلم. فمن لقي شيخا فليغتنم لقاءه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه. لا انا متعنت ممتحن وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع افته حفظ غرس العلم والمذاكرة سقيه والسؤال عنه تنميته. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث عشر مما تعظيم العلم وهو بذل الجهد في تحفظ العلم والمذاكرة به والسؤال عنه. مبينا اصول في اخذ العلم. اولها تحفظ العلم. وهو حفظه ببذل وكلفة وهو حفظه ببذل وكلفة. فان المرء اذا تعلم صار متعلما. واذا الما صار متحلما واذا تحفظ صار متحفظا. فهذا الباب عند علماء الصرف يراد فيما يكون فيه بذل للجهد في تحصيل المطلوب. وثانيها مذاكرته اي مدارسته مع الاقران ثالثها السؤال عنه اي الاستفهام عنه من اهله. اي الاستفهام عنه من اهله. ثم بين منزلة هؤلاء الثلاث فقال اذ تلقيه عن الشيوخ لا ينفع بلا حفظ له ومذاكرة به وسؤال عنه. فهؤلاء تحقق في قلب طالب العلم تعظيمه بكمال الالتفات اليه والاشتغال به. ثم ذكر منفعة الحفظ فقال فبالحفظ يقرر العلم في القلب اي يثبت فيه ويكون راسخا. وذكر مما ذكره في مدحه قولا عبيد الله بن الحسن وجدت احظر العلم منفعة اي اسرعه حضورا في النفع ما وعيته بقلبي اي اتقنته وضبطته بقلبي ولقته بلساني. اي حركت لساني به متحفظا له فاذا عانى الم تعلم تحفظ العلم بتحريك لسانه واقبال قلبه عليه ثبت هذا علم في قلبه وكمل وعي قلبه له. فيكون حفظ العلم بجمع القلب على المحفوظ اجراء اللسان به بصوت مرتفع فان هذه الحال هي اكمل احوال التحفظ فمن اراد ان يحفظ شيئا رفع صوته به فيجتمع على حفظه الشيء التان احداهما الة الاذن بما يقع فيها من سماع المحفوظ. والاخر الة العين بامضاء البصر في محفوظه فيمسك محفوظه بين يديه ويتحفظه رافعا صوته به ويكرره فيكون ذلك ادعى في ثبوت المحفوظ في قلبه ثم ذكر قول ابن عثيمين رحمه الله حفظنا قليلا وقرأنا كثيرا فانتفع فانتفعنا بما حفظنا اكثر من انتفاعنا بما قرأنا ثم قول الخليل ابن احمد ليس بعلم ما حوى القمط ما العلم الا ما حواه الصدر والقمطر وعاء تحفظ فيه كتب العلم والقماطر وعاء تحفظ في فيه كتب العلم بمنزلة الحقيبة التي نجعل فيها كتبنا فاعظم العلم ما كان في الصدر لا ما يكون محفوظا في اوراق وتصانيف يحملها المرء في بطن يكون معه. ثم ذكر ان الملتمس للعلم لا يستغني عن الحفظ ولا يجمل به ان يخلي نفسه منه. واذا قدر على ما كان يصنع ابن الفرات فليأخذ به فانه كان لا يترك كل يوم ان يحفظ شيئا وان قل. فدوام تعاطي المحفوظ وان كان قليلا تبقى به الة الحفظ قوية فان الة المطلوبات ومن جملتها الة حفظ العلم اذا اديم اشغالها قويت كما ان احدنا اذا اراد تقوية ذراعه حركها صباح مساء مدة طويلة حتى يشتد ساعده. فكذلك من اراد ان يقوى قلبه في حمل العلم حفظا فلا ينبغي ان يخلي يومه من حفظ شيء ولو كان يسيرا. ومتى كانت هذه عادة المرء لم يزل قادرا على الحفظ ما بقي عقله فان العاجز عن الحفظ هو الذي لا عقل له. واما من له عقل فله قدرة لكنها تقوى وتضعف بحسب رعايته رياضة قلبه في حفظه. وذكر من شواهد الاحوال ما اتفق لابن مالك صاحب الالفية انه حفظ في يوم موته خمسة شواهد من الشعر اي مع قرب اجله وضعف حاله ودنو صحته قدر على ان يحفظ شيئا من العلم مما يبين ان المرء اذا ادام ملازمة الحفظ بقي قادرا عليه حتى يتوفاه الله سبحانه وتعالى. ومما يحول بين ملتمس الحفظ وبغيته منهم افتان عظيمتان. فالافة الاولى ترك رياضة القلب في الحفظ. ترك رياضة القلب في الحفظ فان من سمع ترغيبا في الحفظ يبادر عادة الى الهجوم عليه فيثقله على قلبه وهو لا فيسمع مثلا احدا يحدث بما ينبغي حفظه من العلم ثم يقع بيده حفظ كتاب كالاربعين فيريد ان يحفظ هذا الكتاب في مدة يسيرة ولم يعتد قلبه ذلك فيرجع ذلك عليه بالانقطاع فالمرء مهما قوي حفظه الغريز اي الذي جعله الله في جبلته فانه اذا لم يرقيه شيئا فشيئا لم يستطع ان يبلغ بغيته من الحفظ ولو قدر عليه يوما او يومين فانه ينقطع بعد ذلك بخلاف من درج نفسه في او في الحفظ شيئا فشيئا فحفظ شيئا يسيرا ثم بعد ان تمكن من صنعة المحفوظ مدة بحفظ هذا اليسير رقى نفسه الى شيء فوق ذلك حتى قوي قلبه على حفظ العلم. والافة الثانية استطالة الطريق والاستعجال استطالة الطريق والاستعجال. فالمتعاطون صناعة الحفظ يظنون ان منتهى الحفظ يكون الى قدر من به فيحدث نفسه انه يحفظ حتى ان يكون حتى يبلغ سن الاربعين وهذا غلط فان المرء ينبغي ان يحدث نفسه انه لا يزال يتعاطى الحفظ حتى يتوفاه الله سبحانه وتعالى. ويحمله ذلك على الرشد في المحفوظ بالتأني وترك الاستعجال فان الذي يستعجل ويرى كثرة المحفوظات يستطيل الطريق فاذا الطريق انقطع وضعف سيره. قال ابن القيم رحمه الله تعالى من استطال الطريق ضعف مشيه. من استطال الطريق ضعف مشيه. ثم ذكر المصنف منفعة المذاكرة فقال وبالمذاكرة تدوم حياة العلم في النفس. ويقوى تعلقه بها وبين معنى المذاكرة بقوله والمراد بالمذاكرة مدارسة الاقران. اي ان يجتمع مع قرين له يتدارسان ما تلقياه من العلوم حفظا وفهما. ثم ذكر ان اصل المدارسة هو الامر بتعاهد القرآن الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم انما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الابل المعقلة اي المقيدة ان عاهد امسكها اي ان راقبها ولاحظ قوة قيودها بقيت ممسكة محفوظة. وان اطلقها اي باهمالها عنها ذهبت واذا كان هذا في اصل العلوم وايسرها وهو القرآن الكريم فكيف بسائر العلوم ثم ذكر منفعة السؤال فقال وبالسؤال عن العلم تفتتح خزائنه فان خزائن العلم العلماء ومما تفتتح به صدور العلماء سؤالهم عن العلم فيتهيأ للمرء بسؤاله ان يقف على شيء من ذخائر العلم محفوظ في صدر شيخه فيستخرجه بحسن سؤاله. ثم ذكر قول الزهري وهو احد التابعين انما هذا العلم خزائن وتفتتحها المسألة. فاذا سأل المتعلم شيوخه مسائل العلم كان هذا طريقا من طرق حيازته العلم ثم قال وحسن المسألة نصف العلم اي ان من كان حسن السؤال ادرك بحسن مسألته نصف العلم. ثم بين ان قلة الاقبال على عالم ما بسؤاله عند وروده على بلد يكشف مبلغ العلم فيه فان من طرائق اقتباس العلم من الاشياخ سؤالهم فانه قد يقدر لك لقي عالم قد لا تبقى معه الا ساعة من الزمان ويضيق وقته او وقتك او قوتك او قوته عن سرد كتاب فمن طرائق الانتفاع به ان تعمد الى سؤالات تسأله اياها. ثم تحفظ اجوبته فتنتفع بعد ذلك انت ومن يقف على نقلك هذه الاجوبة واعتبر هذا في المسائل المنقولة عن الامام احمد فان فيها علما كثيرا كمسائل ابنه صالح او مسائل ابن هانئ او مسائل ابنه عبد الله او مسائل الاكرم او غير ذلك من سؤالاتهم الامامة احمد فقد حفظ فيها علم كثير. كان الطريق حفظه السؤال. وهذا يدعو طالب العلم الى دوام تقييده السؤالات المشكلة التي تمر عليه. فيكون له كناش يحفظ فيه السؤالات حتى اذا لقي احدا من اهل العلم سأله هذه الاسئلة. وكان ممن يلتمس العلم فيما مضى من الزمن ربما رصد اسئلة هو في بلد ثم يذهب الى كالرياض ثم يذهب الى عنيزة فيبقى مدة يسيرة عند عالمها ابن عثيمين رحمه الله عليه هذه السؤلات ويسجل اجوبته صوتا ثم يفرغها. فكان بهذا حافظا لكثير من علم هذا الرجل ربما لم يذكر في شروحه التي تلقاها عنه الناس. فينبغي ان يحرص طالب العلم على معرفة هذا الباب من ابواب العلم الذي يغفل عنه كثير من الناس ثم قال فمن لقي شيخا فليغتنم لقاءه بالسؤال عما يشكل عليه ويحتاج اليه سؤال لا سؤال لا سؤال متعنت ممتحن. اي يتخير الاسئلة التي يقصد بها التعلم لا الامتحان. ثم هذا المعقد بقوله وهذه المعاني الثلاثة للعلم بمنزلة الغرس للشجر وسقيه وتنميته بما يحفظ قوته ويدفع ابدا. قال فالحفظ غرس العلم. فاذا حفظت العلم غرزته في قلبك. قال والمذاكرة سقيه اي بمنزلة الماء الذي تجريه سقيا للعلم الذي غرسته في قلبك بالحفظ ثم قال والسؤال عنه تنميته اي تزكيته وتقويته وتكثيره في النفس. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الرابع عشر اكرام اهل العلم وتوقيرهم ان فضل العلماء عظيم ومنصبهم منصب جليل لانهم اباء الروح فالشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد وفي قراءة ابي ابن كعب رضي الله عنه النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وهو اب لهم الابوة المذكورة في هذه القراءة ليس النسب اجماعا وانما هي الابوة الدينية الروحية فالاعتراف بفضل المعلمين حق واجب. قال شعبة ابن الحجاج رحمه الله كل من سمعت منه حديثا فانا له عبد. واستنبط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي الاجفوي رحمه الله فقال اذا تعلم الانسان من العالم منهم فوائد فهو له عبد. قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون. ولم يكن مملوكا له وانما كان متلمذا له متبعا له فجعله الله فتاه لذلك. وقد امر الشرع برعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. قال احمد في المسند حدثنا هارون قال حدثنا ابن وهب قال حدثني مالك ابن الخير الزيادي وعن ابي قبيل المعافري عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من امتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه. امسك ابن عباس رضي الله عنهما يوما بركاب زيد ابن ثابت رضي الله عنه فقال زيد اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن عباس انا هكذا نصنع بالعلماء. ونقل ابن حزم الاجماع على توقير العلماء واكرامهم والبصير بالاحوال السلفية يقف على حميد احوالهم في توقيع علمائهم. فقد كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا جلسوا اليه كان على رؤوسهم الطير لا يتحركون. وقال محمد ابن سيرين رأيت عبدالرحمن بن ابي ليلى واصحابه يعظمونه ويسودونه ويشرفونه مثل الامير وقال احد الموصلين رحمه الله رأيت ما لك بن انس غير مرة وكان باصحابه من عظام له والتوقير له واذا رفع احد صوته صاحوا به فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم مما يدخل تحت هذا الاصل. التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه واذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لان لا يشينه من حيث من حيث اراد ان يمدحه وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا يؤذيه بقول او فعل ولا يتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة. ومما تناسب الاشارة اليه هنا باختصار وجيز معرفة الواجب ازاء زلة العالم وهو ستة امور. الاول التثبت في صدور الزلة منه. والثاني التثبت في كونها خطأ وهذه وظيفة العلماء الراسخين فيسألون عنها والثالث ترك اتباعه فيها والرابع التماس العذر له بتأويل سائغ. والخامس بذل النصح له بلطف وسر لا بعنف وتشهير. والسادس حفظ جنابه فلا تهدر كرامته في قلوب المسلمين. ومما يحذر منه مما يتصل بتوقير العلماء ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقير كالازدحام على العالم والتضييق عليه. والجاءه الى اعسر السبل فما مات هشيم ابن بشير الواسطي احدث الثقة الا بهذا فقد ازدحم اصحاب الحديث عليه فطرحوه عن حماره فكان سبب موته رحمه الله. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الرابع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو اكرام اهل العلم وتوقيرهم اي اجلالهم واكبارهم لما لهم من المقام العظيم والمنصب الجليل. فهم اباء للروح. فالمعلم والشيخ اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. فالابوة الروحية هي الابوة في تلقي العلم علم قال ابن تيمية الحفيد الشيخ والمعلم والمؤدب اب للروح الشيخ والمعلم والمؤدب اب للروح كما ان الوالد اب للجسد. كما ان الوالد اب للجسد. ذكره عنه تلميذه ابن القيم في مدارس ومقصوده هو وغيره ممن يثبت الابوة الروحية اعظام قدر المعلم. لا جعل طاعته بمنزلة طاعة الوالدين وطاعة الوالدين اعظم لما جاء فيها من الادلة الشرعية الا ان للعالم المعلم حقا عظيما تنبغي رعايته فان له من الابوة حظا اعظم وهو قوة الروح باسداء الخير وتعليم العلم. ثم ذكر عن شعبة ابن الحجاج قوله كل من سمعت منه حديثا فانا له وعبد اي اني اكون ممتنا له حتى اصير بمنزلة مملوكه. اي اني اكون ممتنا له حتى اصير بمنزلة مملوكيه فانه ملكه بما اسدى اليه من العلم والخير. فانه ملكه بما اسدى اليه من والخير. وذكر استنباط هذا المعنى من القرآن محمد بن علي لجفوي. رحمه الله اذ قال اذا تعلم الانسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد. قال الله تعالى واذا قال موسى لفتاه وهو يوشع ابن نون ولم يكن من مملوكا له وانما كان متلمدا له متبعا له فجعله الله فتاه لذلك. ثم بين ان الشرع امر رعاية حق العلماء اكراما لهم وتوقيرا واعزازا. وذكر حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه مرفوعا ليس من امتي وذكر من افراد ذلك من لم يعرف للعالم حقه فالعالم له حق اثبتته الشريعة منشأه علم الشريعة الذي في صدره. فلما ثبت له هذا العلم ثبت له في الشريعة حق. ثم ذكر من اتولي عن الصدر الاول ما فعله ابن عباس رضي الله عنهما انه امسك بركاب زيد ابن ثابت. وركاب الابل الرواحل التي تتخذ للركوب. وركاب الابل الرواحل التي تتخذ للركوب. فلما اراد زيد ان يركب واحدة منها امسك ابن عباس رضي الله عنه خطامها لتثبت فيعتريها زيد فاستعظم زيد ذلك وقال اتمسك لي وانت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن عباس انا هكذا نصنع بالعلماء. ثم نقرأ اجماع اهل العلم على توقير العلماء واكرامهم عن ابن حزم الاندلسي. ثم بين ان من كان بصيرا بما كان عليه السلف من الصحابة والتابعين واتباعهم وقف على ما لهم من الاحوال الحميدة في اجلال علمائهم واكرامهم ثم قال فمن الادب اللازم للشيخ على المتعلم التواضع له والاقبال عليه وعدم الالتفات عنه ومراعاة ادب الحديث معه واذا حدث واذا حدث عنه عظمه من غير غلو بل ينزله منزلته لان لا يشينه اي من حيث اراد ان يمدحه وليشكر تعليمه ويدعو له ولا يظهر الاستغناء عنه ولا يؤذيه بقول او فعل وليتلطف في تنبيهه على خطأه اذا وقعت منه زلة. ثم ذكر نبذة مستطرفة في معرفة الواجب تجاه زلة العالم فان زلة العالم من طبع العالم فان الله خلق الخلق وجعل من جبلة الادمي والسيئة فبدور زلة من عالم ما هي من جملة جبلته الادمية وخلقته الطبعية التي جعل الله سبحانه وتعالى الناس عليها. فاذا صدر من احد من العلماء زلة لوحظت اقامة ستة اصول عظيمة اولها التثبت في صدور الزلة منه. اي التحقق من كون المنقول ثابتا عنه. اي التحقق اي التحقق من كون المنقول ثابتا عنه فكم من زلة تنسب قديما وحديثا الى احد من اهل العلم هو منها براء وثانيها التثبت في كون تلك الزلة خطأ. فان من الناس من يهجم على شيء من العلم يجهله فيزيفه ويدعي انه قول مطرح لجهله به. ولا يكون الامر على نحو ما ذكر فلجهله زعم ان ذلك زلت ولاجل هذا خص برد زلات العلماء العلماء الراسخون فان الراسخين من العلماء هم اقدر على تمييز الزلات التي يقع فيها اهل العلم. ذكره الشاطبي في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم ثم ذكر الامر الثالث وهو ترك اتباعه فيها. فمن زل لم يكن خطؤه سلما يعتذر به عنه ويتابع وعليه فيه بل تترك زلته ولا يتابع عليها. ورابعها التماس العذر له بتأويل سائغ. اي تطلب ما يحمل عليه كلامه مما يكون له وجه محتمل. طلبا لاحسان الظن به. فان المتصدرين الناس من العلماء لا يقصدون الوقوع في الخطأ. فاذا اتفقا لاحد منهم انزل طلب له من محامل وجوه العلم ما يحمل عليه تحسينا للظن به. وخامسها بذل النصح له بلطف وسر لا عنف ولا لا تشهير لان المقصود من بيان زلته رد خطأه. وحصول هذا المقصود يتحقق مع اللطف والسر اما التعنيف والتشهير فانه ربما اورث المخطئ تكبرا واصرارا على خطئه فيابى الرجوع جوع عن خطئه الذي اخطأ فيه انتصارا لنفسه مقابلة للخطأ بالخطأ. فالراد عليه اخطأ اذ هجم عليه بتعنيف وتشهير فقابله بخطأ الاصرار على خطأه. ثم ذكر سادسها فقال وهو حفظ جناب فقال حفظ جنابه والجناب هو الجانب. في حفظ له قدره ومقامه ولا تهدر كرامته في نفوس المسلمين. بل تبقى ما له من حسنة فيهم مع رد زلته. ثم ذكر ختما مما يحذر منه ما يتصل بتوقير العلماء ما صورته التوقير ومآله الاهانة والتحقير فيكون مبتغيه قاصدا توقير صاحب العلم ثم يوقعه ذلك في اهانته والتضييق عليه كالذي اتفق لاصحاب هشيم ابن بشير الواسطي فانهم اجتمعوا عليه وهو على حماره اكراما له يشيعونه ويستقبلونه. فلما ازدحموا عليه اسقطوه من على ظهر حماره فوقع على الارض فمات رحمه الله من سقطته. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الخامس عشر. رد مشكله الى اهله للعلم يعول على دهاقنته والجهابذة من اهله لحل مشكلاته. ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء على الدين فهو يخاف سخطة الرحمن قبل ان يخاف سخط السلطان. فان العلماء بعلم تكلموا ببصر نافذ سكتوا فان تكلموا في مشكل فتكلم بكلامهم وان سكتوا عنه فليسعك ما وسعهم. ومن اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي يتكاثر مع امتداد الزمن والناس في هذا الباب طرفان ووسط. فقوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها وفزعوا الى الاهواء والاراء. يستمدون دونها من هيجان الخطباء ما رقة الشعراء وتحليلات السياسيين وارجافات المنافقين. وقوم يعرضونها على العلماء لكنهم لا يرتدون قاله ولا يرضون مقالهم فكأنهم طلبوا جوابا يوافق هوى في نفوسهم. فلما لم يجدوه ما لعنهم. والناجون من نار الفتن سالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم. فطرح قوله واخذ بقوله فالتجربة والخبرة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها. واذا اختلفت اقوالهم لزم قول جمهورهم وسوادهم. ايثارا للسلامة السلامة لا يعدلها شيء وما احسن قول ابن عاصم رحمه الله في ملتقى الوصول وواجب في مشكلات الفهم تحسيننا الظن باهل العلم ومن جملة المشكلات رد زلات العلماء والمقالات الباطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون بينه في الموافقات وابن رجب في جامع العلوم والحكم. واذا تعرضت الناشئة والدهماء للدخول في هذا الباب تولدت فتن وبلايا. كما هو مشاهد في عصرنا فانما نشأت كثير من الفتن حين تعرض للرد على زلات العلماء والمقالات المخالفة للشريعة بعض الناشئة الاغمار والجادة السالمة عرضها على العلماء الراسخين والاستمساك بقولهم فيها. ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامس عشر مما لتعظيم العلم وهو رد مشكله الى اهله. ومشكل العلم ما غمض وتعارضت فيه البينات لعلمي ما غمض وتعارضت فيه البينات. فمن تعظيم العلم رد ما كان على هذه الصفة اهل العلم الراسخين كما قال فالمعظم للعلم يعول على دهاطنته والجهابدة من اهله لحل مشكلاته والدهاكنة والجهابدة وصفان معظمان لاهل العلم وصفان معظمان لاهل العلم الدهاقنة جمع دهقان بكسر الدال وتضم وذكر الفتح ايضا وهو قول اي التصرف في حدة وهو قوي التصرف في حدة اصله اعجمي ثم عرب جمع جهد بكسر الجيم وهو الناقد الخبير ببواطن الامور. وهو الناقد الخبير ببواطن الامور. فالمرء يود ما يشكل عليه من العلم ويضبط الى من كان متصفا الرسوخ من اهل العلم ولا يعرض نفسه لما لا تطيق خوفا من القول على الله بلا علم والافتراء عليه في دينه المرء وان خاطر لا ينبغي له ان يخاطر بدينه بالدخول في مثل هذه المتاهات التي تضيع بها الاديان وتذهل بها العقول. فمن اكرم نفسه وحفظها معظما للعلم رده هؤلاء اهله ثم قال ذاكرا الضاد الى اهل العلم مادحا له فهو يخاف سخطة الرحمن قبل ان يخاف صوت السلطان. فالحامل له على احجامه هو تعظيم الله سبحانه وتعالى واجلاله. ان لا يتكلم في دين الله سبحانه وتعالى بشيء تعظم عليه تبعته في الدنيا والاخرة. ثم ذكر حال العلماء فقال فان العلماء بعلم تكلموا وببصر نافذ سكتوا. فانهم اذا صدر منهم شيء من كلام او سكوت فمنشأه العلم العلم تارة يكون بالكلام ويكون تارة اخرى بالسكوت. فاذا تكلموا فتكلم بكلامهم فانهم بعلم تكلم واذا سكتوا فاسكت كما سكتوا. فانهم لبصر نافذ سكتوا. والمرء في وصوله الى الحق لا يفتقر الى العلم وحده بل يفتقر الى بصيرة نافذة وهداية كاملة لا يكتسبها المرء الا بمكانة دينه وصحة اقباله على الله سبحانه وتعالى مع طول تجربته. وهذه الالة لا تتيسر الا لمن طال عمره في اخذ العلم وتحصيله وبذله وبثه وهي حال العلماء الراسخين. ثم قال من اشق ان من اشق المشكلات الفتن الواقعة والنوازل الحادثة التي تتكاثر مع امتداد الزمن. ثم بين اقسام الناس فيها وانهم ثلاثة اقسام. فالقسم الاول قوم اعرضوا عن استفتاء العلماء فيها. وفزعوا الى غيرهم ممن اعدهم فتجد المرء يغمض عينه ويصم اذنه عن كلام العلماء ويطلب كلام غيرهم لانه يوافق رغبته وهواه. والقسم الثاني قوم يعرضونها على العلماء. ليطلبوا منهم كلاما يوافق نفوسهم فان تكلم العالم بكلام وافق رغباتهم اشاعوه واظهروه. وان كان كلامه مباينا مراداتهم دفنوه ووأدوه فهم يطلبون من كلام العالم ما يوافق هواهم. ثم ذكر القسم الثالث فقال والناجون هنا من نار الفتن السالمون من وهج المحن هم من فزع الى العلماء ولزم قولهم وان اشتبه عليه شيء من قولهم احسن الظن بهم فطرح قوله واخذ بقولهم فالتجربة والخبرة هم كانوا احق بها واهلها. واذا اختلفت اقوالهم لزم جمهورهم وسوادهم ايثارا للسلامة فالسلامة لا يعدلها شيء ايثارا للسلامة الدينية من تبعات الخطأ في دين فالسلامة بين يدي الله سبحانه وتعالى لا يعدلها شيء. ثم ذكر ان من جملة المشكلات رد زلات العلماء مقالات باطلة لاهل البدع والمخالفين. فانما يتكلم فيها العلماء الراسخون. بينه الشاطبي في الموافقات اعتصام وابن رجب في جامع العلوم. لان البدع وزلات العلماء من جنس المشتبه. الذي يتنازع فيه الحق والباطل ولا يتمكن من فصل حقه عن باطله الا العالم الراسخ. فاذا دخل فيه من ليس راسخا اضر بنفسه فربما اراد رد زلة فوقع في زلة وربما اراد ابطال بدعة فوقع في في بدعة فلا يتهيأ نزع هذا عن هذا وفصل الحق عن الباطل الا من يميز المحكم عن المتشابه وهذه الصفة العلماء الراسخين فالمأخذ الكلي لهذا الاصل عند اهل العلم هو ملاحظة وجود اشتباه الحق بالباطل في باب زلة العالم ومقالة المخالفين واهل البدع فلا يتهيأ لمعرفة حقائقها الا العالم اسواد اصل كلي قامت عليه دلائل الكتاب والسنة. وشواهده الاثرية كثيرة. ومن اشهرها ما رواه الدارمي باسناد بقصة اصحاب الحلق ان ابا موسى الاشعري رضي الله عنه لما رأى الحلق التي كانت في مسجد لم يقوى على ابطالها. فانه قال لابن مسعود لما سأله قال رأيت شيئا انكرته ما رأيت الا خيرا فهو رأى الخيرية في ذكر الله وصوت التسبيح والتكبير والتهليل واشتبه عليه ذلك بحالهم من التحلق حلقا وتقسمهم اوزاعا. فلم يبادر بالانكار عليهم ورجع الى من هو عنده وعند بقية اهل في الكوفة ارسخ علما وهو ابن مسعود رضي الله عنه فكان مقام ابن مسعود في الفصل بين الحق والباطل والمحكم والمتشابه ما ايبين خطورة هذا المقام وجلالته. فمن الاصول النافعة للمتعلمين ولا سيما في هذه الازمان رد هذا الامر الجليل الى العلماء الراسخين فاذا تكلم المرء تكلم بكلامهم فاذا كانت زلة قديمة او حديثة او بدعة قديمة او حديثة انا المتعلم ناقلا كلام العلماء مبلغا له. ولا يبتدأ بالهجوم للرد على مقالات استجدت وهو لا مآخذ القول فيها وقد رأينا من اراد ان يطب زكاما فاحدث جزاما فانه اراد ان يداوي الناس من مرض مما وقعوا فيه من مخالفة او بدعة فجرهم الى امر اعظم من ذلك من الوقوع في خطأ اعظم او وقوع التناحر التنازع والخصومة بالباطل والتعدي وعظم الجرم في اعراض المسلمين واموالهم بل ودمائهم ومنشأ وذلك هو اعتداد كثير من المتعلمين بانفسهم واغترارهم بما انتهوا اليه من العلم. وعدم رد هذا الى الراسخين فاصبح كل واحد منهم يرى نفسه صدرا فهو مقدم في هذا البلد وذاك مقدم في ذلك البلد والثالث مقدم في ذلك ويرون ان رجوعهم الى عالم اعلى منهم علما واكبر سنا انه نقص بهم وانهم موكلون في رد هذه المقالات فيقول يقعون في اشياء ترجع بالشر على المسلمين. ومن اراد ان يسلم له دينه فليمسك طريقة اهل الاثر على الحق المقتدون باهل العلم الماضين. ممن لا يزيف قولهم زخرف الاعداد او اصواتهم او غير ذلك من طلب الرئاسات الزعامات والتنافس في الدنيا فان هذا يرجع على العبد بالشر. وان سلم من شر الدنيا فامامه حساب عظيم يوم القيامة. وقد رأيت احد علمائنا الكبار رحمه الله من اعضاء هيئة كبار العلماء وقد سئل عن مسألة عظيمة فقال بصوت مرتفع للسائل مثل هذه المسائل اذا كان الشيخ ابن باز حيا فلا تسألني انا ولا بقية اعضاء الهيئة عنها وهذا لعمري هو صوت العارفين بالله المعظمين شرعه الذين يرون ان دين الاسلام دين خير وحق يجمع المسلمين فمن لزوم الجماعة رد الناس الى الاكابر من علمائهم ليكون الفصل اليهم والبيان معهم فيجتمع الناس على قدم العلماء كما يجتمعون على مقدم الحكام والامراء. نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله قلتم الله المعقد السادس عشر توقير مجالس العلم واجلال اوعيته فمجالس العلماء كمجالس الانبياء. قال سهل بن عبدالله رحمه الله من اراد ان ينظر الى مجالس الانبياء فلينظر الى مجالس العلماء. يجيء الرجل فيقول يا فلان اي شيء تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا قولوا طلقت امرأته ويجيء اخر فيقول ما تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا. فيقول ليس يحنث بهذا القول وليس هذا الا او نعال فاعرفوا لهم ذلك. وقال ما لك بن انس رحمه الله ان مجالس العلماء تحتضن بالخشوع والسكينة والوقار. وقد كان مالك رحمه الله اذا اراد ان يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث. وكان عبد رحمة بن مهدي لا يتحدث في مجلسه ولا يبرأ فيه قلم ولا يتبسم فيه احد وكان وكيع ابن الجراح في مجلسه كأنهم في صلاة فعلى طالب العلم ان يعرف مجالس العلم حقها فيجلس فيها جلسة الادب ويصغي الى الشيخ ناظرا اليهم فلا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها ولا يعبث بيديه او رجليه ولا يستند بحضرة شيخه ولا يتكئ على يده. ولا يكثر التنحنح والحركة ولا يتكلم مع جاره. واذا عطس خفض صوته واذا تثائب فمه بعد رده جادا وينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب. فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشم في ودائعه ولا يجعله بوقا واذا وضعه وضعه بلطف وعناية. رمى اسحاق ابن راهويه يوما بكتابه ان كان في يده فرآه ابو عبدالله احمد ابن حنبل فغضب فقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ ولا يتكئ على الكتاب او يضعوه بين عند قدميه كان يقرأ فيه على شيخ رفعه عن الارض وحمله بيديه. ذكر المصنف وفقه الله المعقد السادس عشر من معاقد تعظيم العلم وهو توقير مجالس العلم اي اجلالها واكبارها واعظامها. واجلال اوعيته. والاوعية هي ما يحفظ في العلم من كتاب ونحوه. والداعي الى هذا المعقد هو ان مجالس العلماء كمجالس الانبياء فان العلم ميراث النبوة. وتعظيم مجالسهم لا لسواد اعينهم. وانما هو قربة يتقرب بها العبد الى الله فان القائمين ببث العلم من هذه الامة نواب عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة فهم قائمون على ايصال ميراثه من العلم للناس. ومن حسن الادب معه صلى الله عليه وسلم الادب في المجالس التي يقسم فيها ميراثه من العلم النافع. ثم ذكر من الاثار السلفية ما يبين هذا وقال فعلى طالب العلم ان يعرف لمجالس علمي حقها اي مما ثبت بالشرع. وذكر من انحاء ذلك ووجوه ان يجلس فيها جلسة الادب. ويصغي الى الشيخ ناظرا اليه لا يلتفت عنه من غير ضرورة ولا يضطرب لضجة يسمعها اي صوت صاخب يسمعه وقد ادركت مجلسا لاحد العلماء فيما مضى فلما دخلته وحركت الباب على موعد اوعدني اياه بعد الساعة الثانية عشرة ليلا وجدت وجدت عنده حلقة درس لجمع يقرأون عليه. فلم يرفع احد منهم رأسه لا الشيخ ولا التلاميذ. لان ان هذا من ادب العلم واما اليوم فانت ما ان تسمع صوتا ولو كان يسيرا يا ابنة او يسرة حتى ترى الاعناق قد وابت ممتدة الى ذلك الصوت وهذا من اساءة الادب مع المتكلم اليك فان المتكلم الجالس بين يديك لا يخاطب مجموعكم بل يخاطب جميعكم. فكل واحد الخطاب مسوق اليه. والعين وان لم ترمقه ناظرة اليه فله حقه من الاعتناء به وان قصر المتكلم في ايصال ما ينفعه اليه وجب عليه شرعا ان يمده به. فمن حق المتكلم سواء كان انا ام غيري ان يقبل عليه المتعلم. والا ينصرف بوجهه عنه. فكما انك تزري بامرئ يقف بين يديك وانت مهتما به ثم انصرف عنك يمنة او يسرة فانه ازراء بك ان تنصرف عن معلمك الذي اليك ولو عظمت الضجة التي تسمعها فانك مشغول بعبادة. ومن اقبل على هذه العبادة بقلبه اقبلت عليه. ومن كان قلبه ضعيف الاقبال فهو يقلب رأسه ويلقي سمعه الى كل صوت يسمعه ضعف ما يحصله من العلم. وملاحظة هذه الدقائق ترجع على العبد بانتفاع قلبه بالعلم. وعدم رعايتها يصيره بعد ذلك من سقط المتاع. فتجد كثيرا من الطلبة اشكو اليك انه ينفق وقتا وجهدا ومالا في طلب العلم ولا يحصله. وينسى انه يغفل في علل من علل ترجع اليه بالمرض فانى له الصحة وهو مع هذه الامراض كالتي ذكرنا او تتمة ما ينبغي من الاداب التي ذكرها في كلامه ثم قال وينضم الى توقير مجالس العلم اجلال اوعيته التي يحفظ فيها وعمادها الكتب فاللائق بطالب العلم صون كتابه وحفظه واجلاله والاعتناء به فلا يجعله صندوقا يحشوه بودائعه. اي يملؤه باشياء يودعها فيه ولا بوقا بان يلفه حتى يكون في صورة بوق الذي ينفق فيه ينفق فيه كهذه الهيئة فان من الناس من يعمد الى كتابه ويشد طول وقته جالسا او ماشيا على هذه الصورة بمنزلة البوق وهذا من سوء الادب مع الكتاب. وذكر ما اتفق ولاسحاق بن راهوين وهو من هو؟ انه دخل يوما فرمى كتابا كان في يده فغضب ابو عبدالله احمد بن حنبل وقال اهكذا يفعل بكلام الابرار؟ اي اهكذا يلقى كتاب فيه كلام من كلام الابرار فكيف فاذا كان الكلام الذي في الكتاب كلام رب الابرار او سيد الابرار صلى الله عليه وسلم. فلعمري ان الامر اعظم ومن استحضر هذا المقام من اجلال ما بين يديه من الكتب لان فيها كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم من الخلق من الصحابة والتابعين واتباع التابعين عظمت عنايته بالعلم. وحصل له الخير بتعظيمه. وقد في ترجمة بعض من مضى انه رؤي بعد موته وقد دخل الجنة. فقيل يا فلان ما فعل الله بك؟ فقال قال غفر الله لي فقيل بما؟ فقال لانني وجدت ورقة يوما فيها اسم الله فرفعتها فغفر الله لي بذلك ورقة فيها اسم الله عز وجل رآها ملقاة فرأى ان من تعظيم ربه ومولاه ان يرفع هذه ان يرفع هذه الورقة عن الارض لئلا يطأها احد بقدمه. فانى هذا المعنى وحال كثير من الطلبة الذين يلقون كتبهم على الارض ويمدون اليها ايدي ارجلهم. وربما رأيت احدهم وقد رفع كتابه الذي يطالع فيه بين قدميه فرؤي من رؤي من الطلبة من يحضر يحضر الدرس ويسند الكتاب بقدميه فجعل نادى الكتاب الذي يرفعه سناد الكتاب الذي يرفعه قدمه اليمنى وقدمه اليسرى. فانى لهذا وللعلم فان من لم عظمة العلم في قلبه ان يعظم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن قدمه التي يطأ بها الارظ فان العلم الذي في الكتاب لا يحن في قلبه نعم. احسن الله اليكم قلتم حفظكم الله المعقد السابع عشر الذب عن العلم والذود عن حياضه. ان للعلم حرمة تنوافرة توجب الانتصار له اذا تعرض لجلابه بما لا يصلح. وقد ظهر هذا الانتصار عند اهل العلم في مظاهر منها الرد على المخالف من استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين. ولم يزل الناس يرد بعضهم على بعض قاله الامام احمد لكن المرشح لذلك هم العلماء لا الدهماء مع لزوم الادب وترك الجور والظلم ومنها هجر المبتدع ذكر ابواب يعلى الفراء اجماعا فلا يؤخذ العلم عن اهل البدع لكن اذا اضطر اليه فلا بأس كما في الرواية عنهم لدى المحدثين وفي ذلك يقول شيخ الاسلام ابن تيمية الحفيد مقررا اصلا كبيرا تعظم الحاجة اليه في ازمنة الجاهلية والفتن. فاذا تعذر اقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك الا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ذلك الواجب كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة خيرا من العكس. ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه او سوء ادب. كان عبدالرحمن بن مهدي ان تحدث احد في مجلسه او بري قلم صاح ولبس نعليه ودخل. وكان وكيع اذا انكر من من جلسائه شيئا امتعه ودخل وشهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد ابن ابراهيم ال الشيخ. فكم مرة رؤي منصرفا لما سمع طالبا يتشدق في مقاره فاخذ انصرف وحضر شاب مجلس سفيان الثوري رحمه الله فجعل يترأس ويتكلم ويتكبر بالعلم فغضب سفيان وقال لم يكن السلف هكذا لم يكن السلف هكذا كان احدهم لا يدعي الامامة ولا يجلس في الصدر حتى يضرب هذا حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة وانت تتكبر على من هو اسن منك قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي وكان يقول اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ وان كان قد بلغ من العلم مبلغا فايس من خيره انه قليل الحياء. وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل. كما فعل سفيان رحمه الله وكما كان يفعله شعبة مع عفان ابن في درسه وقد يزجر المتعلم بعدم الاقبال عليه وترك اجابته فالسكوت جواب قاله الاعمش ورأينا هذا كثيرا من جماعة من الشيوخ منهم العلامة ابن رحمه الله فربما سأله سائل عما لا ينفعه فترك الشيخ اجابته وامر القارئ ان يواصل قراءته او اجابه بخلاف قصده ذكر المصنف وفقه الله المعقد السابع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو الذب عن العلم اي الدفاع عنه والذود عن حياضه اي الحيلولة دون موارده من العلماء والتصانيف فان للعلم حرمة وافرة توجب الانتصار له. وذكر جملة من مظاهر انتصار اهل العلم له. منها الرد على المخالف. فمن استبانت مخالفته للشريعة رد عليه كائنا من كان حمية للدين ونصيحة للمسلمين. قال الامام احمد لم يزل الناس يرد بعضهم على بعض. فرد القول المخالف للدليل ليس من هجر القول بل هو من العبادة التي جعلها الله سبحانه وتعالى على العلماء في حفظ الشرع فهم الذين يوكل اليهم حفظ الشريعة بالرد على المخالفين واما الدهماء وهم العامة فلا شغل لهم بذلك. وسمي العامة دهماء اخذا من الدهن وهو التغطية وسمي العامة دهماء اخذا من الدهم. وهو التغطية. فان جمهور الناس الذين يغطون الارض هم العوام. ومنها هجر المبتدع ذكره ابو يعلى الفراء اجماعا فمما احفظ به العلم هجر اهل البدع فلا يؤخذ العلم عنهم فالاصل تركهم والاعراض عنهم ما لم اضطر المتعلم ككونه في دراسة نظامية او غير ذلك من الاحوال الموجبة الضرورة له. ومنها زجر المتعلم اذا تعدى في بحثه او ظهر منه لدد اي خصومة شديدة او سوء ادب فاذا ظهر منه تعد او خصومة شديدة او سوء ادب فانه يزجر عن غيه حفظا للعلم وذكر من احوال السلف ما كانوا عليه تصديقا لهذا الاصل واخذا به كالمذكور عن عبدالرحمن بن مهدي ووكيع ابن الجراح ثم قال وشوهد هذا وشهد هذا مرارا من شيخ شيوخنا محمد ابن ابراهيم ال الشيخ فكم مرة فكم مرة رؤي منصرفا لما سمع عالما يتشدق لما سمع طالبا يتشدق في مقاله فاخذ نعليه وانصرف فكان من عادته رحمه الله انه اذا ابتلي في مجلسه من بعض المتعلمين المتعالمين العهد بحلقته انه يؤدبهم بمثل هذا فينصرف عن عموم الطلبة. فيرجع بقيتهم من حكمائهم الى ذلك كالمتعلم بما ينبهه ويرده عن خطأه فيعتذر الى الشيخ فيعرف هو وغيره ان مثل هذا مما لا يليق في ثم ذكر قول سفيان لما بدر من شاب طلب الرئاسة بالكلام والتكبر في العلم قال لم يكن السلف هكذا لم يكن السلف هكذا كان احدهم لا يدعي الامامة اي لا يعد نفسه عالما ولا يجلس في الصدر اي المقدم من المجلس حتى يطلب هذا العلم ثلاثين سنة. قال وانت تتكبر على من هو اسن منك. قم عني ولا اراك تدنو من مجلسي ثم قال اذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ اي عند اهل العلم الكبار وان كان قد بلغ من العلم مبلغا اي قدرا حسنا فايس من خيره فانه قليل الحياء. انتهى كلامه. ومن قل حياؤه قل ورعه. ومن قل ورعه سلب العلم والدين. فينبغي ان يحتاط ملتمس العلم في حال شبابه انه وان ادرك ما ادرك من العلم فاذا اجتمع مع غيره ممن هو اكبر سنا واوسع علما ويشار اليه بين الناس فانه ينبغي ان ينجمع والا يظهر نفسه وكان من مضى من اهل العلم اذا كانوا على تلك الحال منزلة الصخور الصماء بين ايدي اهل العلم. وان اشار اليهم احد من شيوخهم بالكلام اعتذروا. ليقر في قلوب ان من تعظيم العلم هو الاقبال على اكابر اهله. وان من دونهم من طلائع الشباب يوقفون على قدر يسير حتى لا تتطلع نفوسهم الى ما هو اعظم من ذلك. وكان من مضى من اهل العلم لا يخاطبون باسم الشيخ لاحد عدد من تلاميذهم الا لمن بلغ من العلم مبلغا عظيما. وكان يقال في قدرنا انه ليس في هذا القطر طالب علم الا فلان وفلان ويعنون بذلك ان اعلى الناس مبلغا للعلم هم فلان وفلان فكانوا لا يجاوزون به استم طالب العلم واليوم يجلس احدهم على كرسيه ويقول ما تقول يا شيخ فلان لواحد من تلاميذه ثم يقول وانت يا شيخ فلان ماذا تقول والثالث ماذا تقول يا شيخ فلان؟ ثم ينقلب اليهم ويقول واما رابعكم تلميذنا العلامة فلان فانه غائب. هذا من اغترار الذي يغر هو به نفسه فيظن انه خرج الشيوخ والعلماء والذي يكون العلماء ويخرجهم هو الله سبحانه وتعالى واذا كان من بين يديه من هو عالم فلا يعني ان يكون هو عالم. فكم من انسان تردد الى احد من الشيوخ هو اقل منه علما ثم نبغ هذا وصار اعلم منه فلا يلزم ان يكون المعلم اذا تخرج على ايديه العلماء ان يكون هو من العلماء المقدمين. لكن ان ناس ارغموا بطلب هذه الالقاب ومحبتها حتى صاروا يصرفون هذا اللقب لاي احد. واما كمل الخلق فانهم يتحفظون في هذا حماية للطلبة. فان من الطلبة من يقول له شيخه يا شيخ فاذا هو في اليوم الثاني قد غاب عنه لانه رأى انه قد صار شيخا ولا يجتمع في المجلس شيخان. فما هي الا ايام يسيرة حتى يوحي تخرج من القول الى اصحاب شيخه بان شيخكم الذي تجلسون اليه لا يصلح ان يكون شيخا لكم فهلموا الى شيخ العلم يدعو الى نفسه وهذه اشياء يضحك منها العقلاء تارة ويبكون تارة اخرى ولكن اهل الغيرة على العلم ينبهون اليها ويحذرون منها لان شررها العاجل والاجل عظيم فينبغي ان يتحفظ صاحب العلم من مثل هذه الاحوال. ثم قال وان احتاج المعلم الى اخراج المتعلم من مجلسه زجرا له فليفعل. فاذا رأى ان الم تعلم ينتفع باخراجه من مجلسه فليفعل فان من الناس من يكون اخر الدواء فيه الكي فينتفع بكيه ويتداوى بطرده وكان من مضى ممن ذكر وغيره يفعلون هذا ثم ذكر ان الم تعلم قد يزجر تارة بترك الاقبال عليه عن سؤاله فالسكوت جواب قاله الاعمش فمن الناس من اسئل ويكون جوابه ان يسكت عن سؤاله. ورؤي هذا من مرارا كثيرة من شيخنا ابن باز رحمه الله فانه ربما سأله السائل عن شيء لا ينتفع به او لغير ذلك من الدواعي فاقبل على الدرس ونال عن سؤاله. وربما اجابه بغير مراده فنقله الى جواب اخر. لا اثقوا مراده تنبيها له على المراد الاكبر الذي ينبغي ان ينشغل به. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد الثامن عشر التحفظ في مسألة العالم فرارا من مسائل الشغب وحفظا لهيبة العالم فان من السؤال ما يراد به التشغيب ايقاظ الفتنة واشاعة السوء. ومن انس منه العلماء هذه المسائل لقي منهم ما لا يعجبه. كما مر معك في سجن المتعلم. فلا بد فلا لابد من التحفظ في مسألة العالم ولا يفلح في تحفظه فيها الا من اعمل اربعة اصول. اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ فيكون قصده من سؤالي التفقه والتعلم لا التعنت والتهكم فان من ساء قصده في سؤاله يحرم بركة العلم ويمنع منفعته وفي الناس من يسأل وله في لسؤاله قصد باطل يريد التوصل به الى مقصود له. فاذا غفل عنه المفتي وافتاه بما يريد فرح به واشاعه. واذا تنبه الى قصده حال بينه وبين مراده وزجره عن غيه. قال القرافي رحمه الله تعالى في كتابه الاحكام. سئلت مرة عن عقد النكاح بالقاهرة هل يجوز ام لا وقلت له اين السائل ما افتيك حتى تبين لي ما المقصود بهذا الكلام؟ فان كل احد يعلم ان عقد النكاح بالقاهرة جائز فلم ازل به حتى قال انا اردنا ان نعقده خارج القاهرة فمنعنا لانه استحلال يعني نكاح تحليل وهو نوع من الانكحة المحرمة فجئنا للقاهرة فقلت له لا يجوز لا بالقاهرة ولا بغيرها ووقع مثل هذا لابن عباس ابن تيمية حفيد في فتوى تتعلق باهل الذمة ذكر تلميذه البار ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام الموقعين ردت عليه غير مرة في وجه غير الوجه السابق لها فكان يقول لا يجوز. حتى قال في اخر مرة هي المسألة المعينة وان خرج في عدة قوارب. اما الاصل الثاني فالتفطن الى ما يسأل عنه. فلا تسأل عما لا نفع فيه اما بالنظر الى حالك او بالنظر الى المسألة نفسها سأل رجل احمد بن حنبل رحمه الله عن يأجوج ومأجوج امسلم لهم؟ فقال له احكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟ ومثله السؤال عما لم يقع او ما لا يحدث به كل احد وانما يخص به قوم دون قوم. اما الاصل الثالث فالانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤال سؤاله فلا يسأله في حال تمنعه ككونه مهموما او متفكرا او ماشيا في طريق او راكبا سيارته بل يتحين طيب نفسه. قال قتادة رحمه الله سألت ابا الطفيل مسألة فقال ان لكل مقام مقالا. وسأل رجل ابن المبارك رحمه الله عن حديث وهو يمشي فقال ليس هذا من توقير العلم. وكان عبدالرحمن بن ابي ليلى يكره ان يسأل وهو يمشي. اما الاصل الرابع فتيقظ السائل الى كيفية سؤاله باخراجه في كسورة حسنة متأدبة فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه. ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته ال السوق واخلاق العوام. قال جعفر بن ابي عثمان كنا عند يحيى بن معين فجاءه رجل مستعجل فقال يا ابا زكريا حدثني بشيء اذكرك به فقال يحيى اذكرني انك ان احدثك فلم افعل. واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وزفساف الادب. فترى من يسأل حاكما او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع لا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون في عرض المطالب فسؤالاتهم الفتن واسباب المحن وويل لهم مما يصنعون. وما احوج هؤلاء الى مقالة زيد بن اسلم لما سأله رجل عن شيء فخلط عليه فقال اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل. وكم هم المحتاجون اليوم الى مثل مقالة زيد ابن اسلم؟ ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثامن عشر من معاقد تعظيم العلم. وهو التحفظ في مسألة العالم. اي حفظ النفس عن الخطأ فيها بالتوقي والاحتراز في القول. وموجبه هو المذكور في قوله فرارا من مسائل الشغب وحفظ الظن بهيبة العالم اي طلبا للخلاص من المسائل التي يشغب بها والشغب بسكون الغين وهو وتهييج الشر وتحريكه. ثم ذكر ان المفلح في السؤال المتحفظ فيه هو من اعمل اربعة اصول اولها الفكر في سؤاله لماذا يسأل؟ اي شيء يحمله على السؤال؟ فيكون قصده من سؤاله التفقه والتعلم لا التعنت والتكهن والتهكم. فان من ساء قصده في سؤاله حرم بركة العلم. ثم ذكر من احوال الناس ان منهم من يسأل وله في سؤاله قصد باطن. يريد التوصل به الى مقصود له اي من الامور الباطلة التي يكنها في صدره ويخفيها. كالمذكور في المسألتين اللتين عرضتا على القرافي وابن تيمية الحفيد فان السائلين كانوا يصرون في انفسهم على امر عظيم ويريدون ان يروجوا بظاهر القول ما يصلون به الى باطن يزكونه بهاتين الفتوين. ثم ذكر الاصل الثاني فقال وهو التفطن الى ما يسأل عنه فلا عن شيء الا شيئا ينفعه واما ما لا ينفعه فلا يسأل عنه. كالسائل الذي سأل الامام احمد عن يأجوج ومأجوج مسلمون هم فقال له احكمت العلم حتى تسأل عن ذا انكارا لسؤاله فهذا العلم لا يحتاج اليه الا لمن احكم العلم واتقنه فاراد ان يطالع ما وراء ذلك من شذور العلم وفروعه. ثم ذكر الاصل الثالث وهو الانتباه الى صلاحية حال الشيخ للاجابة عن سؤاله اي تهيؤه للجواب فربما كان مهموما او مغموما او مريضا او او مشغولا فلا يحسن عرض السؤال عليه حينئذ. ثم ذكر الاصل الرابع وهو تيقظ السائل الى كيفية سؤاله بان اخرجه في صورة حسنة متأدبة. فيقدم الدعاء للشيخ ويبجله في خطابه اي يعظمه في خطابه. ثم يعرض عليه ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته احلى السوق واخلاق العوام. فيخاطب العالم باللفظ الا يكون ثم ذكر الداهية المدهية في سؤالات اهل العصر فقال واذا تأملت السؤالات الواردة على اهل العلم اليوم رأيت في كثير منها سلب التحفظ وسفساف الادب والسفساف من كل شيء الردي. فتجد في اسئلة جماعة ممن يسألون اهل العلم ما يدل على سوء ادبهم وعدم تحفظهم في سؤالاتهم. ثم ذكر من احوالهم ما جاء في قوله فترى من يسأل متهكما او يسأل محتقرا يسألون عما لم يقع او ما وقع ولا ينفع ولا يتخيرون وقت الايراد المناسب ولا يتلطفون في عرض المطالب فسؤالاتهم مفاتيح الفتن واسباب المحن وويل لهم من ما يصنعون فان من اطلع على حقائق سؤالات جماعة من الخلق عرف قدر ما وصل اليه كثير من الناس من سوء الحال في سؤالاتهم بفساد مقاصدهم فتجد لهم اغراظا سيئة يريدون التوصل اليها فتكون اسئلته صلتهم مهيجة للفتن محركة لها. وقد عرظ على شيخنا صالح بن فوزان امد الله في عمره سؤال سائل يطلبه العفو والمسامحة. ذاكرا حالا كان عليها هو وجماعة من المنتسبين الى طلب العلم. انهم كانوا يجتمعون ثم يتصلون على جماعة من اهل العلم منهم الشيخ المذكور فيسألونهم عن شيء دون ضرب اقوال بعضهم ببعض. فانظر مبلغ ما وصل اليه السوء من حال اناس ينتسبون الى العلم سؤالاتهم مفاتيح للفتن ومواقد للنيران. ثم ذكر قول زيد ابن اسلمة لما خلط له سائل اذهب فتعلم كيف تسأل ثم تعال فسل فما احوج كثير من الناس اليوم الى الادب في سؤالاتهم وان يحملوا على ذلك. وكان شيخ محمد ابن ابراهيم ال الشيخ رحمه الله لا يقبل بعد قيامه من درسه سؤالا. وانما يكتب له ثم يجيب عنه بعد ذلك اجابة استفتاء. وكان في الدرس يجيب اسئلة الطلاب مشافهة بما يصلح لاحوالهم. وكل ذلك تحفظا من الاسئلة التي تراد بها المقاصد السيئة وحفظا لهيبة العلم والا يتعدى على عالم او بشيء من الاسئلة التي تكون سببا للشر. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد التاسع عشر شغف القلب بالعلم وغلبته عليه فصدق الطلب له يوجب محبته وتعلق القلب به ولا ينال العبد درجة العلم حتى تكون لذته الكبرى فيه. قال ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة ومن لم يغلب لذة ادراكه وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه لم ينل درجة العلم ابدا انما تنال لذة العلم بثلاثة امور ذكرها ابو عبد الله ابن القيم رحمه الله في كتابه السالف احدها بذل الوسع والجهل وثانيها صدق الطلب وثالث صحة النية والاخلاص ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع دفع كل ما يشغل عن القلب. ومن سبر هذه اللذة في احوال السابقين من الامة رأى عجبا فلسان احدهم ما لذتي الا رواية مسند قد قيدت بفصاحة الالفاظ ومجالس فيها سكينة ومذاكرات معاشر الحفاظ. ان لذة العلم فوق لذة السلطان والحكم التي تتطلع اليها نفوس كثيرة. وتبذل لاجلها اموال وفيرة وتسفك دماء غزيرة. بات ابو جعفر النسفي مهموما من ضيق البال وسوء الحال وكثرة العيال. فوقع في خاطره فرع من فروعه مذهبه وكان حنفيا فاعجب به فقام يرقص في داره ويقول اين اين الملوك وابناء الملوك؟ اين الملوك هو ابناء الملوك؟ اذا خاض في بحر تفكر خاطري على درة من معضلات المطالب حقرت ملوك الارض في نيل ما حووا ونلت المنى بالكتب لا بالكتائب. ولهذا كانت تتوق الى لذة العلم وتحس فقدها وتطلب تحصيلها. قيل لابي جعفر ابن المنصور الخليفة العباسي المشهور. الذي كانت ممالكه تملأ الشرق والغرب هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله؟ فقال وهو مستو على كرسيه وسرير ملكه. بقيت خصلة ان اقعد على مصطبة وحولي الحديث اي طلاب العلم فيقول المستملي من ذكرت رحمك الله يعني فيقول حدثنا فلان قال حدثنا فلان ويسوق الاحاديث المسندة فانظروا والى جدة افتقار هذا الخريف الى لذة العلم وطلبه تحصيلها وجمعته اليها. ومتى عمر القلب بلذة العلم سقطت لذات العادات وذهلت النفس عنها فالنظر بن شهيد يقول لا يجد المرء لذة العلم حتى يجوع وينسى جوعه. بل تستحيل الالام لذة هذه اللذة ومحمد بن هارون الدمشقي رحمه الله يقول لمحبرة تجالسني نهاري احب الي من انس الصديق ورزمة كاغة غد في البيت عندي احب الي من عدل الدقيق ولطمة عالم في الخد مني الذ لدي من شرب الرحيق ولا تعجب فما هذه الاحوال الا مس عشق العلم. فابن القيم رحمه الله يقول في روضة المحبين. واما عشاق العلم فاعظم شغفا به وعشقا له من لكل عاشق بمعشوقه وكثير منهم لا يشغله عنه اجمل صورة من البشر. فاين هذا الشغف يا طلاب العلم ممن يقدم من عرسه على حظه من درسه. ويكون جلوسه الى السمار وشيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء. وتقوى عزيمته في الفلوات ولا تقوى على السير في نقل المعلومات وينهض نشيطا لقنص الطير ويرقد كسلا عن صيد الخيل. فما حظ هؤلاء وكثير هم ما حظهم من تعظيم العلم وقلوبهم مأسورة بمحبة غيره. ذكر المصنف وفقه الله المعقد التاسع عشر من معاقد تعظيم العلم وهو شغف القلب بالعلم وغلبته عليه اي محبة العلم حتى يبلغ شغاف القلب وشغاف القلب هو غشاؤه فيبلغ حب العلم باطن قلبه. ثم ذكر ان المرء يحظى بلذة العلم باحراز ثلاثة امور ذكرها ابن القيم في مفتاح دار السعادة احدها بذل الوسع وهو الطاقة جهدي فيه وتانيها صدق الطلب وثالثها صحة النية والاخلاص. ثم قال ولا تتم هذه الامور الثلاثة الا مع كل ما يشغل عن القلب. ثم ذكر من اخبار الاوائل الماظين ما يدل على ايناس هذه اللذة ومحبتها الشغف بالعلم حتى وجد فقده الملوك الذين تبوأوا صدر مجالس الخلق فانهم لا يزالون يرون في انفسهم نقصا لما فاتهم من لذة العلم. وذكر فيه خبر ابي جعفر المنصور وانه كان يقول بقي خصلة يعني من اللذات ان اقعد على مصطبة وحولي اصحاب الحديد اي على مكان مرتفع ويجتمعا اي على مكان مرتفع ويجتمع حوله طلاب الحديث ليحدثهم ثم يستجيس اي يستخرج المستملي حديثه فيقول من جدتك رحمك الله فيحدث باسانيده ويكتب عنه الجالسون بين يديه. ثم ذكر ان هذه الاحوال التي سردها الداعي اليها والحامل عليها هو عشق العلم وغلبته على القلب فانه متى تم عشق القلب في عشق العلم في القلب صار للعبد احوال عظيمة يفارق بها الخلق. فربما غفل عن لذتهما من مأكوله ومشروبه او غير ذلك من انواع اللذات لاشتغاله بالعلم. ثم ذكر احوالا مذمومة لبعض المنتسبين الى العلم تدل على ضعف محبتهم له كان منها قوله ويكون جلوسهم الى السماري اي اصحاب السمر شيوخ القمراء احب اليه من الجلوس الى العلماء. وشيوخ القمراء هم شيوخ دهريون. اي اعماره شيوخ دهريون يجتمعون في الليالي المقمرة. يجتمعون في الليالي المقبرة حدثونا باخبار الخلفاء ولا يحسن احدهم الوضوء. ولا يحسن احدهم الوضوء. ذكره محمد بن عقبة الشيباني رواه عنه الرام هرمزي في المحدث الفاصل. فهذه حال جماعة من الناس يجتمعون ويتذاكرون الاخبار والتواريخ والسير ولا يعرفون شيئا من العلم. فتجد من المنتسبين الى العلم من يلتد بالجلوس الى هؤلاء من اهل القصص ويتقل عليه ان يجلس الى العلماء الذين يعلمونه الحلال والحرام. نعم احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله المعقد العشرون حفظ الوقت في العلم اذا كان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجليد فعين العقل حفظ الوقت فيه والخوف من تقضيه بلا فائدة. والسؤال عنه يوم القيامة يحملني واياك على المبالغة في رعايته قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد خاطره ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ويقدم فيه افضل فالافضل من القول والعمل. ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت حتى قال محمد بن عبدالباقي البزاز ما ضيعت ساعة من عمري في او لعب وقال ابو الوفاء بن عقيد الذي صنف كتاب الفنون في في ثمان مئة مجلد. اني لا يحل لي ان اضيع ساعة من عمري. وبلغ بهم الحال ان يقرأ عليهم حال الاكل. فلقد كان احمد بن سليمان البوقاسي والمتوفى عن ثمانية وعشرين سنة. يقرأ القراءات في حال اكله خوفا من وقته في غيرها فكان اصحابه يقرأون عليه وهو يتناول مأكله ومشربه. بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء. فكان ابن تيمية الجد اذا دخل الخلاء لقضاء حاجة قال لبعض من حوله اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك وتجلت هذه الرعاية للوقت عند القوم رحمهم الله في معالم عدة لم الحضارات الانسانية قاطبة. منها كثرة دروسهم فقد كان النووي رحمه الله يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على مشايخه والشوكاني صاحب الاوطان تبلغ دروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسا. منها ما يأخذه عن مشايخه ومنها ما يأخذه عنه تلامذته. واربى محمود الانوسي صاحب عليهم جميعا فقد كان يدرس في اليوم اربعة وعشرين درسا. ولما اشتغل بالتفسير والافتاء نقصت الى ثلاثة عشر درسا. ثم رأيت في ترجمة محمد ابن ابي بكر ابن ان دروسه تبلغ في اليوم والليلة نحو خمسين درسا ومنها كثرة مدروساتهم فقد درس ابن الجبار المدونة نحو الف مرة وربما وجد في بعض كتب ابن الفارسي بخطه درسته الف مرة وكرر غالب ابن عبد الرحمن المعروف ابن عطية والد صاحب التفسير المشهور صحيح البخاري سبع مئة مرة ومنها كثرة مكتوباتهم فاحمد بن عبد الدائم المقدسي احد شيوخ العلم من الحنابلة كتب بيده الفي مجلد ووقع مثله لابن الجوزي ومنها كثرة مقروءاتهم فابن جوزي طالع وهو بعد في الطلب عشرين الف مجلد ومنها كثرة شيوخهم. فالذين جاوز عدد شيوخهم الالف كثير في هذه امة واعجب ما ذكر ان ابا سعد السمعاني بلغ عدد شيوخه سبعة الاف شيخ. قال ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد وهذا شيء لم يبلغه احد ومنها كثرة مسموعاتهم ومقروءاتهم على شيوخهم من التصانيف المطولة والاجزاء الصغيرة فقد تعد بالالاف المؤلفة كما وقع لابن السمعاني المذكور وصاحبه ابن عساكر في جماعة اخرين ومنها كثرة مصنفاتهم حتى عدت الف مصنف لجماعة من علماء هذه الامة منهم عبدالملك بن حبيب عالم الاندلس وابو الفرج ابن الجوزي فاحفظ ايها الطالب وقتك فلقد ابلغ الوزير الصالح ابن هبيرة في نصحك بقوله والوقت انفس ما عنيت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع. ذكر المصنف وفقه الله المعقد المتمم العشرين وهو حفظ الوقت في العلم لان العلم اشرف مطلوب والعمر يطوى كجليد يدوب. فلا يمكن احرازه الا بحفظ الوقت فيه. ومن هنا عظمت رعاية العلماء للوقت فابلغ الناس حظا في حفظ اوقاتهم هم المنتسبون للعلم. وقد بلغت من ان يقرأ عليهم حال الاكل حفظا للوقت في انفاق العلم فيه بل كان يقرأ عليهم وهم في دار الخلاء مذكور هنا عن ابن تيمية الجد ومثله قراءة ابن ابي حاتم كثيرا على ابيه. وما وقع منهم لا خالفوا تعظيم العلم فان القارئ كان يكون خارج الكنيف ويقرأ على من هو في داخله وانما اريد حفظ الوقت للانتفاع به. ولذلك صارت مقروءات هؤلاء على شيوخهم كثيرة. ثم ذكر جملة من المعالم التي برز فيها حفظ الوقت عند العلماء حتى صارت اعلاما شهيرة في احوالهم ككثرة دروسهم او كثرة ذاتهم او كثرة شيوخهم او كثرة مقروءاتهم ومسموعاتهم او كثرة مصنفاتهم مما لا ينال مثله الا بحفظ الوقت ثم ختم ببيت ابن هبيرة الوزير الشهير والوقت انفس ما عنيت بحفظه اي شغلت بحفظه واراه اسهل ما عليك يضيع اي اظن انه اسهل ما عليك يضيع فاراه بضم الهمزة بمعنى اظن وايضا بالفتح واراه بمعنى اعلم. والبيت يروى بالظبطين. نعم. احسن الله اليكم قلتم وفقكم الله الخاتمة. الى هنا بلغ القول التمام وحسن قطع الكلام بالختام. فيا سداة العلم وطلابه ويا قصاد الفقه واربابه امتثلوا معاقل التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم. تجدوا نفعه وتحمدوا عاقبته. واياكم والتهاون والعزوف عنها فانها مفتاح العلم وملقاة الفهم. فبها تجمع العلوم وتؤصل وبها تيسر الفنون وتحصل. فشمروا عن الجد ولا تشغلوا بميعة الجد. واحفظوا رحمكم الله قول ابي عبد الله ابن القيم. طالب النفوذ الى الله والدار الاخرة. بل الى كل علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به فيه يحتاج ان يكون شجاعا مقداما حاكما على وهمه غير مقهور تحت ولتخيله زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه اليه عارفا بطريق الوصول اليه والطرق القواطع عنه مقدام الهمة الجأش لا يثنيه عن مطلوبه لو ملائم ولا عزل عادل كثير السكون دائم الفكر غير مائل مع لذة المدح ولا الم الذنب قائما بما يحتاج اليه من اسباب معونته لا تستفزه المعارضات. شعاره الصبر وراحته التعب. محبا لمكارم الاخلاق حافظا لوقته لا يخالط الناس الا على حذر كالطائر الذي يلتقط الحب بينهم قائما على نفسه بالرغبة والرهبة طامعا في نتائج الاختصاص على بني جنسه غير مرسل شيئا من حواسه عبثا ولا مسرحا خواطره في مراتب الكون. وملاك ذلك هجر العوائد وقطع على عائق الحائلات بينك وبين المطلوب. انتهك فما اجمله ذكرى وتبصرة؟ اللهم يسر لنا تعظيم العلم واجلاله واجعلنا ممن سعى له كذلك فناله اللهم انا نسألك علما نافعا ونعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وعملا. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك. ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك. ومن اليقين ما به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا. واجعله الوارث منا. اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا الى النار مصيرنا ولا تسلط علينا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا ختم المصنف وفقه الله كتابه بنداء شداة العلم. وهم من اخذ طرفا حسنا منه في العلم هو المصيب قدرا حسنا منه. فالشادي في العلم هو المصيب قدرا حسنا منه. وقال في امتثلوا معاقد التعظيم وانتم تقبلون على مقاعد التعليم تجدوا نفعه وتحمدوا عاقبته. ثم ذكر من كلام ابن طيب ما يبين الخصال التي ينبغي ان يتحلى بها من يطلب الامامة في الدين. فذكر اثنتين وعشرين اصلة فذكر اثنتين وعشرين خصلة ردها بعد الى امرين فقال وملاك ذلك هجر العوائد وقطع العلاء وملاك الامر هو قوامه ونظامه وعماده. وملاك الامر هو قوامه ونظامه وعماده. فالخصال كلها تنتظم في ردها الى هجر العوائد وقطع العلائق. والمراد بهجر العوائد ترك ما جرت عليه عادة الناس ترك ما جرت عليه عادة الناس. والمراد بقطع العلائق قطع الصلات الحائلة بين العبد ومطلوبه قطع الصلات الحائلة بين العبد ومطلوبه. وزاد ابن القيم في موضع اخر رفض وزاد ابن القيم في موضع اخر رفظ العوائق. وفرق بينها وبين العلائق بان العوائق هي الموانع الخارجية بان العوائق هي الموانع الخارجية. وان العلائق هي التعلقات النفسية الداخلية وان العلائق هي التعلقات النفسية الداخلية. فتحصيل المطلوبات يرجع الى ثلاثة اصول. فتحصيل المطلوبات يرجع الى ثلاثة اصول. اولها هجر العوائد. هجر العوائد. وثانيها قطع العلائق قطع العلائق وثالثها رفض العوائق. رفض العوائق. فمتى تحرى الانسان هؤلاء في طلب مقصوده ادركه واليهن اشرت بقول اهجر عوائدهم واقطع علائقهم وارفض عوائقهم ان انت ذا طلبي اهجر عوائدهم واقطع على عائقهم وارفض عوائقهم ان كنت ذا وبهذا نكون بحمد الله قد فرغنا من بيان معاني الكتاب الاول على ما يناسب المقام. اكتبوا طبقة السماع سمع علي جميع كتاب تعظيم العلم لمن سمعه تاما سمع لي جميع كتاب تعظيم العلم وفي البياض الثاني بقراءة غيره بقراءة غيره. صاحبنا ويكتب اسمه تاما. صاحبنا ويكتب اسمه تاما فتم له ذلك في مجلسين. فتم له ذلك في مجلسين بالميعاد المثبت في محله من نسخته. واجزت له روايته عني اجازة خاصة من معين لمعين في معين الحمد لله رب العالمين صحيح ذلك وكتبه صالح ابن عبد الله ابن حمد العصيمي يوم الجمعة اضرب على كلمة ليلة يوم الجمعة كم التاريخ اليوم؟ الرابع والعشرين. الخامس والعشرين من شهر ربيع ايش ثاني من شهر ربيع الثاني سنة تسع وثلاثين واربع مئة والف في المسجد النبوي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. لقاؤنا بعد صلاة المغرب في كتاب ثلاثة اصول. والله اعلى واعظم. الاصول الله اعلى واعظم