السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل للعلم اصولا. وسهل بها اليه وصولا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله الله عليه وعلى اله وصحبه ما بينت اصول العلوم. وسلم عليه وعليهم ما ابرز المنطوق منها اما بعد فهذا شرح الكتاب الاول من برنامج اصول العلم في سنته الثالثة خمس وثلاثين بعد الاربعمائة والالف وست وثلاثين بعد الاربعمائة والالف. وهو كتاب خلاصة تعظيم العلم لمصنفه صالح بن عبدالله بن حمد العصيمي وفقه الله. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المعظم التوحيد وصلى الله وسلم على عبده ورسوله اما بعد والفوز ابتدأ المصنف وفقه الله كتابه بالبسملة. ثم اردفها بحمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم وهؤلاء الثلاث من الاداب المتفق عليها من اداب التصنيف. فان من صنف كتابا استحسن له ادبا ان يلتزم جملة من الاداب. منها ها هنا ثلاثة اداب. احدها ابتداؤه بالبسملة. وثانيها ارداف البسملة بالحمدلة. وثالثها تضمين ديباجة كتابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى اله وصحبه ذكر هذا جماعة منهم ابن عبد البر والعين في اخرين. والمح المصنف الى مقصوده من هذا الكتاب وهو ابتغاء تعظيم مطلوب شرعا في قوله الحمد لله الهي المعظم بالتوحيد. فالمراد ايقاف المتلقي عليه تعظيم شيء من الشرع وهذا المعظم هو العلم كما قال بعد فهذه من كتاب تعظيم العلم. ومن التراجم المشيرة الى هذا الاصل ان ابا محمد الدارمي الحافظ جعل في كتابه السنن كتابا ترجمه بقوله باب اعظام العلم وهذه المدونة المسماة بالخلاصة هي كما قال خلاصة اللفظ اي من الكتاب الاصل خلاصة هي النقاوة. فخلاصة الشيء نقاوته. والحامل على جمع هذه النقاوة على حدة هو المذكور في قوله اعدت بالتقاطها لمقصد الحفظ لان الحفظ يبتغى فيه تقليل المباني مع تكثير المعاني. فالمحمود هو ما قل مبناه وجل معناه. ثم قال فاستخرج منه للمنفعة المذكورة يعني الحفظ اللباب ولباب الشيء خالصه. فهذه الاوراق تشتمل على وباب كتاب تعظيم العلم. ثم قال وجعل فيه الانموذج من كل باب. اي المثال المحتذى فالانموذج بضم الواو هو المثال المحتدى. فالتراجم التي عقدها المصنف في هذا الكتاب تشتمل في كل باب منها على انموذج يحتذى يشير الى ما وراءه مما ما يحاديه مما هو مذكور في اصله تعظيم العلم. ثم قال ليكون في نفوس الطلبة النهار اي واضحا جليا فان العرب تضرب مثلا في وضوح الشيء فتقول انه بين كشمس النهار فان شمس النهار لا تخفى على ذي بصر. ثم قال ويترشح بعده اي يتهيأوا الى العمل والادكار. اي الاتعاظ والاعتبار. اصله الذكار. بدل ثم واو ثم قلبت الدال دالا وادغمت في اختها فصار الادكار والمراد الاتعاظ والاعتبار. فانه اذا قلت المعاني امكن للنفس ان تجول فيها فكرا ونظرا وتتعظ وبها حقيقة وخبرا. ثم تصعد بعد ذلك الى امتثالها واقعا وعملا بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اما بعده وبقدر الحافظ رحمه الله وفي اصول الجامعة المحققة ومن ضيعها هذه المقدمة الثانية مقدمة بعد المقدمة الاولى فان المقدمة الاولى هي مقدمة والخلاصة وهذه المقدمة الثانية هي مقدمة الاصل وهو تعظيم العلم. والمقدمات في ابواب العلم نوعان احدهما مقدمة علم وهي المبادئ العشرة له والاخر مقدمة كتاب وهي الديباجة التي تجعل بين يديه والعادة الجارية غالبا الاكتفاء بمقدمة واحدة. الا اذا اقتضت الحال ارداف المقدمة الاولى بمقدمة ثانية كالحال الواقعة هنا. من كون الكتاب مختصرا لاصل. فتكون فيه مقدمة احداهما مقدمة الاصل والاخرى مقدمة المختصر. وذكر المصنف وفقه الله هذه الديباجة ان حظ العبد من العلم موقوف اي مرتهن على حظ قلبه من تعظيمه واجلاله فما يحوزه ملتمس العلم من العلم هو مرتهن بما يكون في قلبه من تعظيم علمي واجلاله فانه اذا عظمه صلح ان يكون قلبه محلا له. وان لم يعظمه لم يصلح ان يكون قلبه محلا للعلم. ثم قال فمن عظم العلم لاحت انواره عليه اي ظهرت ووفدت رسل فنونه اليه اي قدمت ولم يكن لهمته غاية الا التلقي ولا لنفسه لذة الا الفكر فيه. لان من ولع قلبه بشيء عظم اشتغاله به فان من احب المال كثر اشتغاله بتحصيله. ومن احب العلم عظم اشتغاله بتحصيله وصوله الى هذه الرتبة لا يكون دفعة واحدة. بل يكون بقدر امتلاء القلب بتعظيم العلم. وهذا الاصل كان من الحقائق الثابتة في احوال السلف. واذا اردت ان تستخرج الاصول التي عظمت علم السلف رصدت جملة منها من افرادها ما ترجم له ابو محمد الدارم بقوله باب في اعظام العلم. فان علوم السلف زكت ومعارفهم نمت لما كان في قلوبهم من اعظام للعلم. ولو عمد واحد الى جمع احوال السلف واقوالهم في العلم ومسالك ذلك لحشد كما هائلا يطلع به ملتمس العلم على انه لا لا سبيل الى نيل العلم الا باعظامه. ولا نريد بهذا النيل مجرد ما يقع عند الناس من سورة العلم وما يتباهون به من اوعيته ككثرة اقتناء الكتب او نيل الشهادات او كثرة المشايخ كلا ولكن المراد هو ما وصل اليه السلف من العلم وهو العلم النافع المنور للبصائر ينال به المقامات العالية في احوالهم وعلومهم واعمالهم في الدنيا ويرجى لهم به نيل الدرجات الرفيعة في الاخرة. ثم لما قرر المصنف ثبوت هذا الاصل في التماس العلم ترى ان اعون شيء اي اكثر شيء عونا لك لتصل الى اعظام العلم واجلاله هو معرفة معاقل تعظيمه. وبين المراد بمعاقد التعظيم بقوله وهي الاصول الجامعة المحققة لعظمة العلم في القلب. فان الوصول الى تعظيم العلم لا ينبغي ان يكون خفيا. بل يجب وان يكون واضحا جليا اذ رعته الشريعة في ادلتها واعمله السلف في احوالهم واقوالهم فلابد ان يكون ظاهرا بينا. وذلك الاعظام جاء منحصرا في جملة من الاصول الحقيقة بان تسمى معاقد تعظيم العلم. فكل معقد من المعاقد المستقبلة هو لمن اخذ مؤد الى تعظيم العلم. فلو قدر انك نظرت الى المعقد الاول وهو تطهير وعاء العلم اي القلب. فان تعلم ان من السبل الموصلة الى اعظام العلم حرصك على طهارة قلبك. فان الذي يبتغي تعظيم العلم يجتهد في ان يكون الوعاء الذي يجعل فيه العلم طاهرا. فالاخذ بهذه المعاقد هو سالك سبيل تعظيم العلم. ولا ينحصر تعظيم العلم في هذه المعاقل. لكن المقصود ابانة مستكثرة من الاصول التي تؤدي الى اعظام العلم وهي السبيل الامن للوصول الى العلم فان التيه الذي يتقلب فيه ملتمس العلم في الاعصار الاخيرة من اعظم اسبابه ضعف لا للعلم واعظامه في قلوبهم. واذا كانت هذه حالهم فمن المحال لمن عقل خطاب الشرع وعى احوال السلف ان يقال ان هؤلاء ولو كثرت الاسباب التي تؤدي الى العلم كطباعة الكتب وعقد الدروس وغيرها من هذه السبل محال ان ينالوا العلم. وهذا جواب سؤال كبير يطرحه بعضنا على نفسه وهو انه يشتغل في طلب العلم مدة مديدة ثم لا يؤنس من نفسه رشدا فيه ولو انه بصر علته وخبر مرضه ثم سعى في مداواته لتسارع اصول العلم اليه. ومن جرب سيعرف حقيقة هذا. ثم قال بعد فمن اخذ بها اي التعظيم كان معظما للعلم مجلا له. ومن ضيعها فلنفسه اضاع. ولهواه اطاع فلا يلومن ان فتر عنه الا نفسه. اي اذا انقطع عن العلم فاعلم ان الافة التي علقت بقلبك فاودت به بعيدا عن العلم كان مبتدأها في عدم رعايتك هذا الاصل الجليل وهو اعظام العلم ثم ذكر مثلا عربيا مشهورا وهو يداك اوكتا وفوك نفخ هذا مثل تضربه العرب لمن اهلك نفسه. وهذا مثل تضربه العرب لمن اهلك نفسه واصله ان رجلا اراد ان يقطع نهرا فعمد الى قربة فنفخ فيها حتى امتلأت بالهواء ليركبها فتطفو به على فلما استتم نفخها او عقدها اي شد عليها لئلا يخرج منها فلما القى بنفسه ملتمسا ان تحمله هذه القربة في النهر لم تقدر تلك القربة على حمله وغرق في الماء. فقيل مثلا يداك اوكتا اي هي التي حبل هذه القربة وفوك اي فمك نفخ الهواء فيها. ثم قال ومن لا يكرم والعلم لا يكرمه العلم اي من لا يسعى في اكرام العلم واجلاله واعظامه فان العلم لا يكرمه لان العلم عزيز اللي هو ميراث النبوة. والله سبحانه وتعالى يغار. ومن غيرته عز وجل الا يصطفي لما اصطفاه الا المصطفى. فكما اصطفى النبي صلى الله عليه وسلم للرسالة فلم تكن لاحد غيره في عهد ولا لاحد بعده فان العلم وهو ميراث النبوة لا يكون الا اصطفاء. وهذا العلم الذي نذكره هو العلم المطلوب شرعا. اما العلم الذي يدعيه الناس بالرئاسات او الشهادات او كثرة المعلومات فانه لا يعكر على هذا الاصل. اذ يرى بعض الناظرين فلانا او علانا عنده علم وهو لا يتمثل اكرام العلم وجواب هذا الاشكال وبيان هذه الحال ان العلم الذي عنده ليس هو العلم المطلوب شرعا. فليس هو العلم الذي يرفعه الدرجات ويقربه من رب الارض والسماوات ولكنه علم يحصل به حطاما في الدنيا او ذكرا وجاها فيها او منصبا ورئاسة حتى اذا لقي الله سبحانه وتعالى وجد له ما عنده يدخله لا يصلح احدهما وذنوب وخطايا وفي صحيح مسلم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله ينظر الى الصالح ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم ومن لم يرفع منه فجأة. قال سلم ابنائي رحمه الله حرام على قلب ان يكون وفيه شيء مما ذكر المصنف وفقه الله المعقد الاول من معاقد تعظيم العلم. وهو تطهير وعاء العلم والمراد به الوعاء المتعلق بالجسد فان اوعية العلم نوعان احدهما او عيد اوعية داخلية. والاخر اوعية خارجية. فالاوعية الداخلية هي دعاء واحد هو القلب فهو محل العلم من الانسان. فانما يكون في الانسان من مواد احية او جسدية لها مهان منه. والعلم واحد مما يكون فيه ومحله منه هو القلب وشواهد ذلك بالقرآن والسنة كثيرة. والاخر اوعية خارجية وهي كثيرة اشهرها ذكرا واكثرها دورانا هو الكتاب والمراد من هذه الاوعية هنا هو الوعاء الداخلي الذي يتعلق بالانسان وهو والقلب. قال المصنف وبحسب طهارة القلب يدخله العلم. واذا ازدادت طهارته ازداد قابليته للعلم لان قبول وعاء ما لما يوضع فيه هو بحسب صلاحية ذلك الوعاء لما يلاقيه فان من جاء بماء عذب صاف زلال فاراد ان يبقى على عذوبته وصفائه جعله في كأس من زجاج نظيف. فاذا جعله في كأس فيه ملح او في كأس فيه وسخ فانه تسلب هذه الخصائص منه. فبعد ان كان عجبا يصير ملحا اجاجا وبعد ان كان صافيا زلالا يكون وسخا مستقذرا. فكذلك العلم هو منا في القلب. فاذا طهرت قلوبنا صار العلم الواصل اليها الثابت فيها مع طهارتها علما صحيحا نافعا. واذا اكان هذا العلم ملاقيا محلا مستقذرا مشتملا على خبث في القلب فان هذا العلم اما ان يمتنع دخوله واما ان يكون دخوله عسرا واما ان يكون بعد دخوله ضعيفا اثري في النفس ثم قال فمن اراد حيازة العلم فليزين باطنه وذلك بقوله ويطهر من نجاسته فتزينه الظاهر بالحلية التي يجعلها الانسان لنفسه من ثياب او غيرها. والحلية الباطنة تكون بامر واحد وهو تطهير القلب من النجاسات. ثم قال فالعلم جوهر لطيف. لا يصلح الا للقلب النظيف والعلم المراد هنا ليس جنس العلم بل الفي قوله فالعلم عهدية اي العلم المعهود المراد وهذا العلم المعهود المراد يجمع صفتين الاولى الصحيح في الصحيح في نفسه. والاخر النافع لصاحبه. فاذا قيل في بيان هذه العبارة باعتبار معنى ان فالعلم الصحيح في نفسه النافع لصاحبه جوهر لطيف لا الا لقلب نظيف صار هذا الامر واضحا بينا جليا. لا يعكر عليه ان تلقى رجل سوء عند له علم لان هذا العلم الذي عنده اما ان يكون غير صحيح في نفسه او ان يكون غير نافع له فالذي يقال فيه العلم جوهر لطيف لا يصلح الا للقلب النظيف هو العلم الجامع للصفتين السابقتين وما يندرج فيه من المعاني ثم بين المصنف طهارة القلب في اصولها التي تقوم عليها وترجع اليها فقال وطهارة القلب لترجعوا الى اصلين عظيمين احدهما طهارته من نجاسة الشبهات والاخر طهارته من نجاسة الشهوات. لان الامراظ التي تعتور القلب لا تخرج عن ان تكون مرض شهوة او مرض شبهة. فاذا طهر القلب من هذه الامراض صار طاهرا. واذا تسللت هذه الامراض الى القلب ثم انعقد عليها تولى منها شرور عظيمة في الدنيا والاخرة. وهذان المرضان جعل الله عز وجل لكل واحد منهما دواء عظيما فالشبهات دواؤها اليقين. والشهوات دواؤها الصبر. فالشبهات دواؤها اليقين والشهوات دواؤها الصبر. ذكره جماعة منهم ابن تيمية الحبيب وتلميذه ابو عبد الله ابن القيم وحفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب رحمهم الله تعالى. ومن بدائع مقولات هؤلاء فيها قول ابن القيم رحمه الله تعالى في خارج السالكين اذا تزوج اذا تزوج الصبر باليقين تولد منهما الامامة بالدين. اذا زوج الصبر باليقين تولد منهما الامامة في الدين. اي اذا اقترن في حال العبد وجود الصبر واليقين فانه ينال الامامة في الدين وشاهده قوله تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون ثم ذكر رحمه الله تعالى حال العبد في استحيائه من نظر مخلوق مثله اليه في وجود وسخ في ثوبه واعظم من ذلك ان يستحي من الله عز وجل ان ينظر الى قلبه وفيه احن وبلايا وذنوب وخطايا ثم ذكر حديثا في بيان جلالة ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم فمحل نظر الله من العبد شيئان احدهما القلب والاخر العمل وانت في ظاهر بدنك لبسا وحلية تتجمل لغيرك وتخاف ان ينظر اليك شذرا اذا رأى وسخا عالقا بثوبك او ببدنك. واعظم من هذا حالا واجل مطلبا ان تخاف نظر الله الى قلبك وهو مشتمل على ما يكرهه الله سبحانه وتعالى ويأبى ولهذا فان شأن القلب في الاحوال عظيم. فمتى صلح القلب صلحت حال العبد في الدنيا والاخرة ومتى فسد القلب فسدت حال العبد في الدنيا والاخرة. والراعون احوال قلوبهم هم الناجون والغافلون عنها هم الهالكون. فان هذه العلل اذا تسللت الى القلب فصارت اوساخا فيه واستحكمت امراضا جاثية في جنباته قادة العبد الى ظلمات. واذا كان احدنا يهوله ان يدخل غرفة مظلمة لا يجد فيها نورا. فكيف اذا كان قلبه مظلما لا يجد فيه نورا؟ كيف اذا كان قلبه مملوءا غش والحسد والحقد والغل والخيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين هو واسوأ حالا واقبح ممن نراه جميعا في ثوب دنس ورائحة منتنة ثم نتباعد عنه ونرحم حاله التي هو عليها. واذا كانت هذه الحال تعترينا عند رؤية من كانت هذه صورته في الظاهر فاينا يرعى هذا الامر خوفا في صورته في الباطن. ولذلك قال بعض السلف لو كان للذنوب رائحة لما جلس بعضنا الى بعض ولكننا جميعا تحت ستر الله سبحانه وتعالى. ثم قال من طهر قلبه فيه العلم حل. ومن لم يرفع منه نجاسته ودعاه العلم وارتحل اي تركه العلم وارتحل الودع الترك وودع ترك. ثم ذكر كلمة عظيمة لسهل ابن عبد الله التستري رحمه الله انه وقال حرام على قلب اي ممنوع على قلب ان يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله عز دل ان يمتنعوا ان يجد النور النافع للقلب وهو نور البصيرة سبيلا اليه وفي ذلك القلب شيء مما يكرهه الله عز وجل. ولذلك فان معشر ملتمس العلم تجري انفسهم كثيرا في ابتغاء الحفظ والفهم وجمع الكتب. ومجالسة الشيوخ ومجالسة الاقران لكنهم يغفلون عن امر عظيم. وهو ان العلم الصحيح في نفسه النافع صاحبه هو الله سبحانه وتعالى. لا يناله العبد بقوة حفظه ولا جودة فهمه. ولا كثرة اشياخه ولا جمعه الكتب ولكنه يناله اذا رضيه الله سبحانه وتعالى ان يكون محلا للعلم. فاذا عامل العبد ربه وهذه المعاملة فتح الله عز وجل له ابواب العلم بما لا يفصح عنه لسانه. واذا رأيت معارف فالسلف من الصحابة والتابعين واتباع التابعين ثم من رظع لبان اولئك وكرع من وصارت حاله كحالهم كابي عبدالله ما لك بن انس وابي عبدالله محمد ادريس الشافعي وابي عبدالله احمد ابن حنبل فمن بعدهم كابن تيمية الحفيد وابي عبدالله ابن القيم وابي الفرج ابن رجب ومن بعدهم في قرون الامة وجدت ان هؤلاء لم ينالوا العلم بمجرد الاسباب الظاهرة التي نجري فيها صباح مساء. ولكنهم نالوه بما تؤنسه من عباراتهم وتلاحظه من اشاراتهم من شدة اتصال قلوبهم بالله سبحانه تعالى خوفا ورهبة وخشية ورجاء واخباتا حتى انه لتمر بالمرء احوال لهم يظن ان مثل هذا لا يقع من بشر. ولذلك صار المتأخرون اذا طالعوا احوال السلف عظموها وقالوا ان هذه الاحوال تذكر على وجه المبالغة. فاذا رأيت في احوالهم من يصلي في اليوم مئة ركعة ومن يصوم يوما ويفطر يوما ومن يسبح في اليوم اثنا عشر الف تسبيحة. ومن يذكر له عدوه فينهى عن ذكره في مجلسه. فان هذه الاحوال التي وصلوا اليها لم يصلوا اليها بالجبلة البشرية وانما وصلوا اليها بالتوفيق من الله سبحانه وتعالى. قال ابو عبد الله ابن القيم جئت يوما مبشرا شيخنا يعني ابا العباس ابن تيمية بموت رجل من اعدائه. فزجرنا شف قال فزجرني ونهاني عن ذلك وقام الى اهله فعزاهم وقال لهم انا لكم من بعدي فاي شيء من حوائج الدنيا تحتاجونها؟ فانا لكم بها كثير. هذا كيف الانسان هذا؟ عدوه ويقوم ويزجر تلميذه لما جاءه بشر بموته ثم يعزي اهله ثم يقول لاهل هذا اذا احتجتم شيء انا لكم كفيل بحوائج الدنيا هؤلاء ما وصلوا اليها الا بانهم كانوا مع الله سبحانه وتعالى. تمثلوا ما اوجزه ابن القيم بقوله فلواحد كن واحدا في واحد اعني طريق الحق والايمان. فهم كانوا لله فكان الله سبحانه وتعالى لهم. فلا تغفل يا طالب العلم عن تقوية صلتك بالله سبحانه وتعالى. واعلم ان ما بلغته من اسباب في حفظ او فهم او جودة شيخ المعلم او كثرة كتب ان هذه اسباب ظاهرة. وان الامر الباهر هو توفيق الله سبحانه وتعالى لك قال تعالى وفي صحيح رضي الله عنه رسول الله صلى الله وسلم قال الاعمال بالنيات ولكل ما نوى وما سبقه من سبق ولا وصل لمن وصل من الصالحين اخلاص لله رب العالمين. قال ابن حنبل والاخلاص الاول وايقافها بتعليمه صلاح دنيا رحمه الله فقال وينبغي كلها قال سفيان الثوري رحمه الله لانها تتقلب عليه فاذا اتيت ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثاني من معاقد تعظيم العلم وهو اخلاص نية فيه والاخلاص شرعا هو تصفية القلب من ارادة غير الله هو تصفية القلب من ارادة غير الله. والى ذلك اشرت بقول اخلاصنا لله صف القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن. اخلاصنا لله صف القلب من ارادة سواه فاحذر يا فطن. وذكر المصنف وفقه الله في مبتدأ بيانه من الدلائل الشرعية ما يوضح رتبة الاخلاص. فقال ان اخلاص الاعمال اساس قبولها وسلم اصولها مردفا ذلك باية وحديث يبين عن هذه الرتبة ثم قال وما سبق من سبق ولا وصل من وصل من الصالحين الا بالاخلاص لله رب العالمين. فالسبق الى الله يحصل باسباب من اعظمها الاخلاص وقرنه الامام احمد رحمه الله تعالى لما ذكر له الصدق والاخلاص قرن الاخلاص بالصدق في اقوال عدة منها ها هنا المذكور نقلا عن ابي بكر المروذي رحمه الله انه قال سمعت رجلا يقول لابي عبد الله يعني احمد بن حنبل ذكر له الصدق الصدق والاخلاص فقال ابو عبد الله او وذكر له الصدق والاخلاص فقال ابو عبد الله بهذا ارتفع القوم يعني بحصول هذين الامرين في نفوسهم كان ارتفاعهم. فهم بصدقهم واخلاصهم نالوا المراتب العالية والفرق بين الصدق والاخلاص ان الاخلاص هو توحيد الارادة ان الاخلاص هو توحيد قادة والصدق هو توحيد المراد. والصدق هو توحيد المراد. ذكره ابو عبد الله ابن القيم في مدارج السالكين وفي الكافية الشافية. وغيرهما. ثم قال وانما ينال المرء العلم على قدر اخلاصه اي بحسب اخلاصه. ثم بين حقيقة الاخلاص في العلم. لان كل كل عمل له نية يوجد فيها المعنى المطلوب شرعا. فالوضوء له نية والصلاة او دهانية والصدقة لها نية وبر الوالدين له نية الى اخر الاعمال والعلم واحد منها فمن اراد ان يصيب نية العلم التي يتحقق معها الاخلاص فيه فان ذلك يرجع الى اربعة اصول بها تتحقق نية العلم للمتعلم اذا قصدها. الاول رفع الجهل عن نفسه. وبين المراد منه بقوله بتعريفها ما عليها من العبوديات وايقافها على مقاصد الامر والنهي. فهو يلتمس العلم ابتغاء ان الف نفسه بما كتب الله عز وجل عليه من انواع العبودية وان يوقفها على مقاصد الامر والنهي. قال تعالى ايحسب الانسان ان يترك سدى؟ فالانسان غير متروك هملا لا يؤمر ولا ينهى. بل هو مأمور منهي والسبيل الموصل الى معرفة الامر والنهي هو طلب العلم. ثم ذكر الثاني فقال رفع الجهل عن الخلق اي عن غيره وبينه بقوله بتعليمهم وارشادهم لما فيه صلاح دنياهم واخرتهم فالنافع للخلق بالعلم هو الذي يسعى في تعليمهم وارشادهم بما يتحقق به صلاح الدنيا والاخرة فليس المقصود من بث العلم بين الناس سوى هذا الامر وهو ان تهدي الناس الى ما اراده الله عز وجل منهم مرشدا ومعلما. فاذا خرجت عن هذا القصد فقد اذيت نفسك. فان الذي يستشرف ولهداية الناس بالتعليم يلتمس له ذكرا او رئاسة او جاها او مالا او حالا او غير ذلك من مطالب النفس فانه يؤذيها ابلغ الايذاء بصرفها عن المراد الاكبر المراد منه شرعا وهو ان في هداية الخلق ولذلك فان الصادقين الذين امتلأت قلوبهم بهذا الاصل لا يبالون بالخلق في ابتغاء العلم. قلوا ام كثروا. قبلوا ام ردوا. اقبلوا ام ادبروا. فهو يعلم المئة كالواحد. وهو ويبين الحق بدليله. قبل الناس منه امر الدوه. رعاة او رعية. لانه يعلم ان هذا العلم الذي اوتيه لم يأخذه بحسبه ونسبه. وانما اخذه هبة من الله سبحانه وتعالى. فالذي يعرف ان العلم محض فضل الله عليك لا يرى في العلم غير الله سبحانه وتعالى. ولذلك يمده الله بانواع الثبات الرسوخ والهداية والنور ما لا يكون عند غيره. فاذا حجب احد من الخلق بالعلم عن العلم فان الصادقين لا يحجبون به وهم يعلمون ان هذا العلم قربة موصلة الى الله. فيمتثلون ما امر الله سبحانه وتعالى به ثم قال ذاكرا الثالث احياء العلم وحفظه من الضياع. فان العلم يموت في الخلق. ويضيع فيهم بما يستجد لهم من الحوادث وتقلبات القدر التي يمضيها الله سبحانه وتعالى. فمقتبس العلم وملتمسه ينبغي ان كون من نيته ان يحيي العلم في قطره وبلده خاصة وفي بلاد المسلمين عامة وان يحفظ العلم من الظياع لان العلم ينقص بالامة ويذهب. فاذا قام به قائم واعمل هذه النية كان مأجورا على هذه النية العظيمة وتتأكد هذه النية فيما ذكره القرافي في الفروق فيمن انس من نفسه قدرة على العلم. فالذي يؤنس من قدرة على العلم يفوق بها يفوق بها غيره فانه ينبغي له ان يجتهد في امتثال هذا القصد وهو ان يكون معينا على احياء العلم وبقائه في الناس وان يحفظه من الضياع. ثم ذكر الاصل الرابع فقال العمل بالعلم لان من مقاصد التماس العلم ان يوصلك الى العمل به فتعمل بهذا العلم في سر وجهرك ثم ذكر حال السلف رحمهم الله تعالى ومبالغتهم في ابتغاء النية وانهم كانوا يخافون فوات الاخلاص في طلبهم العلم فيتورعون عن ادعائه لا انهم لم يحققوه في قلوبهم فهم قد اجتهدوا في دعمه في قلوبهم لكنهم اذا ذكر لهم الاخلاص خافوا ان يكونوا لم يحققوه. سئل الامام احمد هل طلبت العلم لله اي نية خالصة لله فقال لله عزيز اي يعز علي ويشتد ان اقول انه لله ثم قال مبينا ذلك ولكنه شيء حبب الي فطلبته. اي مبتدأ امري في العلم ان العلم حبب الي طلبته ولهذا ذكر ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في قاعدة له ان لذة العلم من اللذات التي ربما يدخل فيها المرء لا يقصد خيرا ولا شرا وانما يقصد بلوغ هذه اللذة وكثير من الخلق يبتدئون التماس العلم لاجل هذه اللذة فانها تحملهم على ذلك. فاذا قويت قلوبهم في معرفة العلم صار امرهم فيه لله سبحانه وتعالى. ثم قال ومن ضيع العلم ومن ضيع الاخلاص فاته علم كثير وخير وفير ثم ذكر انه ينبغي لقاصد السلامة ان يتفقد الاخلاص في اموره كلها. وعلل موجب التفقد بقوله ويحمل على هذا التفقد شدة معالجة النية اي صعوبة معاناة النية فان معاناة النية باقامتها على ما يريد الله سبحانه وتعالى امر شاق على النفوس. قال سفيان الثوري ما عالجت شيئا اشد علي من نية لانها تتقلب عليه اي تتحول وتتغير فالنية معرضة للتحول لان محلها القلب ولم يسمى القلب قلب بل الا لما يعتريه من تغير وتحول. قال الشاعر قد سمي القلب قلبا من تحوله. فاحذر على القلب من قلب وتحويل فاذا كان وعاء النية وهو القلب يتقلب فان هذه النية تتقلب بتغيرها من قصد الى اخر. ثم ذكر ما هو اشد من ذلك؟ قال بل قال سليمان الهاشمي ربما احدث بحديث واحد ولي نية ان على ذكر هذا الحديث نية ابتغيها. فاذا اتيت على بعضه اي ذكرت شيئا منه تغيرت اي اختلفت تلك النية فاذا الحديث الواحد يحتاج الى نيات فالمرء لا يزال في جزء من العلم وهو ذكر حديث مسند لاجل قصد ابتدأه على وجه حسن يحتاج الى استصحاب هذه النية الحسنة والمجاهدة فيها حتى يستقيم للمرء امر نيته. فامر مجاهدة النفس في ابتغاء النية الصالحة في العلم وفي غيرها من الاعمال امر يحتاج الى دوام لزوم ولا يظنن احدنا ان يستقيم امره في يوم وليلة. بل من طالع احوال السلف في المجاهدات رأى عجبا قال محمد بن منكدر جاهدت نفسي عشرين سنة على قيام الليل حتى استقامت لي. وقال اياس العجلي جاهد نفسي في الصمت عشر سنوات. في الصمت عشر سنوات حتى صار مالكا زمام لسانه فاذا كانت هذه احوالهم مع صفاء زمانهم وكثرة المعين على الخير وارتفاع اعلام الهدى والسنة ان الحالة التي نكون فيها نحن اشد وابلغ. فيحتاج احدنا الى دوام المجاهدة. واقامة نفسه وتذكيرها وتبصيرها بهذا. واذا حصل له حيدة عن الصراط المستقيم فانه ينبغي له ان يعاود في حاله وان يبادر الى التوبة ومجاهدته نفسه في ردها الى الطريق التي كانت عليه. ولا ينقضي العبد من هذا حتى يفضي الى الله سبحانه وتعالى. قيل لابي عبد الله احمد ابن حنبل يا ابا عبد الله متى الراحة فقال الراحة في الجنة. اي لا يزال العبد يكابد في امور شاقة عظيمة حتى يصل الى الله سبحانه وتعالى في جنته وليست هذه المكابدة في لقمة تدفعها الى جوفك ولا زوجة تضمك الى جناحك ولا اولاد يتزكون في كنفك. ولكن المشقة العظمى في هداية نفسك الى الصراط المستقيم هذه هي المشقة العظمى لا تزال في مكابدة. فالشيطان يغويك والنفس تطغيك والاحوال التي تتجدد للناس تغريك فلا تزال متقلبا بين اعداء كثار لا تسلم منهم حتى تستمسك بهذا الاصل وهو دوام المجاهدة. ولك البشرى. قال تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فالذي يجاهد فيما يحبه الله عز وجل يهديه الله سبحانه وتعالى سبل الخيرات. ولهذا نرى احدنا يهدى الى عمل نافع في حفظ القرآن. او في طلب العلم. او في صلاة الليل. او في صيام النفل. او في غيرها من ابواب الخير وان هذا المرء لم يهدي نفسه بنفسه. وانما من الله عز وجل عليه بالهداية. فاذا عرف العبد ان غيره من الناس نالوا هذه المقامات بهداية الله لم يلتمسها من غيره. فهو يسأل الله سبحانه وتعالى دائما الهداية ويقول في كل صلاة اهدنا الصراط المستقيم لكن العالم بالله عز وجل لا يجعل هذه الاحرف كلمة تجري على لسانه اهدنا الصراط المستقيم. بل يعلم ان قوله اهدنا الصراط المستقيم حقيقة مشرقة تحركه في كل احيانه. سرها وجهرها ويعلم انه مفتقر الى هداية الله عز وجل في كل تحريكة وتسكينة من امره. فاذا هداه الله عز وجل حصلت له الهداية التامة والنعمة العامة في الدنيا والاخرة. نعم ثلاثة ثانيا وقد جمعت هذه الامور ثبتت في الحديث الذي رواه مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعد. قال رحمه الله ما قتل احد في الدنيا صدق الا وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه فوائد كتابا قال فتأخذه حتى يؤكد الناس وقال الخطيب البغدادي رحمه الله صحيح البخاري كله على اسماعيل اثنان واليوم الثالث ومن المغرب فاذا ما شاء ذكر المصنف وفقه الله المعقد الثالث من تعظيم العلم وهو جمع همة النفس عليه. فان النفس لا تترشح الى نيل العلم مع وجود همة مستحكمة مستحكمة فيها فمن ابتغى العلم لزمه ان يجمع همته عليه متى جمعها صار معظما له فناله. والهمة هي نهاية الارادة. كما ان الهم مبتدأ ذكره ابن القيم رحمه الله تعالى فان الانسان اذا التمس شيئا اهمه اي لامسه الهم في مبتدأه فاذا استقام فيه غلبته همته في طلبه. فالهم مبتدأ النية مبتدأ الارادة والهمة نهايتها ثم ذكر ان الهمة تجمع على مطلوب ما بتفقد ثلاثة امور اي بالتماسها اولها الحرص على ما ينفع. فان النفس طباعة لامور كثيرة. وابلغ ما يكون به اتباعها هو ما ينفعها فلتحرص عليه لتنتفع به. ثم ذكر ثانيها فقال الاستعانة بالله عز وجل في تحصيله. لانه لا مكنة للعبد بقواه على الوصول الى مبتغاه. لانه لا مكنة للعبد بقواه للوصول الى مبتغاه. فانه مهما بلغت قوى احد منا قدرا ما فان الامر بقدر الله سبحانه وتعالى. ومن هنا قال الامام احمد القدر قدرة الله وكان ابو الوفاء ابن عقيل من الحنابلة يستعظم هذا القول عجبا ويراه حسنا في ابانة حقيقة القدر انه قدرة الله سبحانه وتعالى فلا سبيل الى وصولك الى مطلوب ما الا بان يعينك الله سبحانه وتعالى عليه. قال ابن القيم رحمه الله تعالى سر الطريق كله في كلمتين اياك نعبد واياك نستعين. يعني كل الامر في اياك نعبد واياك نستعين اياك نعبد مراد الله منك ان تكون له عبدا واياك نستعين هي الالة الموصلة لك كي تعبد الله سبحانه وتعالى. فان الله اذا اعانك على مطلوباته امكنك ان تكون عبدا له. فان لم تكن لك منه خذلت ثم قال ثالثها عدم العجز عن بلوغ البغية منه اي المراد منه. ثم ذكر ان هذه الامور انتظمت في حديث نبوي عند مسلم هو قوله صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعدل وجيمه يجوز فيها الكسر والفتح ولا تعجز ولا تعجز. فهذا الحديث جامع للاصول الثلاثة المتقدمة التي تجمع بها الهمة على مطلوب ما. ثم ذكر كلاما حسنا لاهل العلم في بيان اثر الهمة في الوصول الى المطلوب. ثم قال وان مما يعلي الهمة يسمو اعتبار حال من سبق وتعرف همم القوم الماضين. اي مما يجعلك عالي الهمة ساميا النفس حريصا على ابتغاء ما ينفعه. مستعينا بالله فيه غير متقاعد متقاعد عاجز عنه هو ان تنظر في حال السابقين وان تتعرف الى همم الماضين. لان سوق النفس الى مراداتها يكون بمسالك من جملتها هذا الحادي من سير الماظين. فاذا نظر المرء في سير الماظين فوجد احوالهم من الكمالات في الوصول الى العلم وجد ان هذا الامر يسوق نفسه سوقا الى محاداتهم لان الذي خلق هو الذي خلقنا والذي اعطاهم هو الذي يعطينا. لكن الشأن في صدق ما بين بين من الاقبال على الله سبحانه وتعالى. ثم ذكر احوالا لجماعة منهم كحال ابي عبد الله احمد ابن حنبل وانه كان ربما اراد الخروج وهو صغير الى حلق الشيوخ فتمسك امه بثيابه وتقول حتى يؤذن الناس او يصبحوا اي اصبر عن الخروج الى اشياخك حتى يؤذن الناس الفجر او يصبحوا ان يستبين الصبح. ثم ذكر قراءة الخطيب صحيح البخاري في ثلاثة مجالس ثم ذكر عن ابي محمد ابن التبان انه كان يدرس الليل كله. كله يدرس الليل كله لماذا؟ ما في بكرة اختبار في الجامعة. ما فيه يسهر الليل كله. لانه ان هذه عبادة لله سبحانه وتعالى. ولذلك تصبره نفسه على ذلك. فكانت امه ترحمه وتنهاه عن القراءة بالليل فكان يأخذ المصباح ويجعله تحت الجفنة شيء من الانية العظيمة ويتظاهر بالنوم فاذا رقدت اخرج المصباح واقبل على الدرس. فكان من بليغ علو همته انه يبقى الليل كله يدرس في العلم ويجاهد نفسه ويخفي عن امه المصباح الذي تشفق لاجلها ان يكون بين يديه. هذا حال من عنده مصباح. فكيف حال جماعة منهم كانوا لا يجدون مصابيح كانوا يطلبون العلم ويقرأون دروسهم يستعينون بنور القمر. نور القمر قال لي الشيخ جعفر العتمي رحمه الله عضو هيئة كبار العلماء قال لي ان اكثر ما درست اثناء قراءتي على المشايخ في المدرسة الحفظية برجال المع برجال المع اكثر ما درست على ضوء القمر. يقول لان الزيت كان عندنا قليلا. ومات رحمه الله وهو من فقهاء المذهبين. فكان شافعيا حنبليا. ويحفظ متون هذا المذهب متون هذا المذهب مع ما كان عندهم كهرب مثل هذه مثل هذه الكهرباء وهذا من زماننا يعني ليس ليس بعيدا هو مات من سنيات قريبة. فالمقصود ان من اجتهد فانه يحصل ومثل هؤلاء اذا اعتبرت احوالهم علت همتك ثم قال فكن رجلا رجله وعلى الثرى ثابتة اي على الارض وهامة همته اي اعلى همته فالهامة اعلى الرأس فوق الثريا سامقة ثريا نجم في السماء ولا تكن شاب البدن اي قويا موصوفا بكونك في حال الشباب في بدنك اشيب الهمة اي موصوفا بالكبر والعجز في همتك فان الاشيب اسم للشيخ الكبير ولا يسمى شايبا في اصح قولي اهل العلم. قال فان همة الصادق لا تشيب اي من كان صادقا في ابتغاء مطلوبه لا تشيب همته. ولو علاه الشيب ولو ضعف بدنه ولو كلت يده وضعفت رجله فانه لا تزال همته تحركه وربما حركته اعظم مما تحرك الابدان اصحابها. فترى فينا معشر الشباب من هو قوي البدن من هو قوي البدن لكن لا ترى من احواله ما يرى من احوال اناس هم اكبر منا سنا اعتبروا احوالهم في طلب العلم واعتبروا احوالهم في العمل بالعلم واعتبروا احوالهم في الصلاة واعتبروا احوالهم في الصدقة واعتبروا احوالهم في الصيام ان لهم من تحصيل الكمالات مع كبر سنهم ما ليس عندنا مع وجود النشاط فينا في سن الشباب. ثم ذكر بيتين لطيفين في ذلك عن ابي لوفاء ابن عقيل رحمه الله. نعم. القرآن والسنة. ان كل علم نافع صلى الله عليه وسلم العلم في نصره علم الكتاب عليه رحمة الله والكلام العيد الكلام يوم عرفة والعلم فيما كان. وفقه الله المعقد الرابعة من معاقد تعظيم العلم. وهو صرف الهمة فيه اي توجيه الهمة فيه الى علم القرآن والسنة. فالهمة التي ابتغي جمع النفس فيها ينبغي ان تتوجه الى طلب علم القرآن والسنة وعلله بقوله ان كل علم من نافع مرده الى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. فالعلم الذي يرجى نفعه في الدنيا والاخرة هو العلم الذي يرد الى اصله في كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر ان باقي العلوم لا يخرج عن احد هذي نوعين الاول ان يكون خادما للكتاب والسنة. والاخر ان يكون اجنبيا عنهما فاما الخادم لهما فالحال معه هو هي المذكورة في قوله فيؤخذ منه ما تتحقق به الخدمة بما يكون معينا على فهم الكتاب والسنة. واما النوع الاخر وهو الاجنبي عنهما اي البعيد عنهما فلا يضر الجهل به فمثلا علم النحو او اصول الفقه هما علمان خادمان لفهم والسنة فيؤخذ منهما ما تتحقق بالخدمة اي ما يحصل به فهم الكتاب والسنة دون فضولهما من شذور المسائل والفروع التي لا ينتفع بها في فهم الكتاب والسنة. ومن العلوم ما يكون اجنبيا كلية عن الكتاب والسنة فلا يضر الجهل به كعلم المنطق او الفلسفة او الانساب او علم الارض او غيرها من العلوم. ثم ذكر بيتين للقاضي عياض الي يحصو بفقهاء المالكية في كتابه الالماع انه قال العلم في اصلين لا يعدوهما الا المضل عن الطريق اللاعم اي الواضح اللاحم هو الواضح. علم الكتاب وعلم الاثار التي قد اسندت عن تابع عن صاحب. ثم قال وقد كان هذا هو علم السلف عليهم رحمة الله. ثم كثر الكلام بعدهم فيما لا ينفع. اي كان علم الكتاب السنة هو العلم الشائع الذائع عند السلف. والكلام في من بعدهم اكثر. اي توسيع البيان فيما لا لا يحتاج اليه هو في من بعدهم اكتر. قال حماد بن زيد قلت لايوب السختياني العلم اليوم اكثر او فيما تقدم اي في زمان اتباع التابعين فقال الكلام اليوم اكثر. والعلم فيما تقدم اكثر فكانت معارف السلف مع قلة الفاظها تشتمل على جليل المعاني ما لا يكون في كلام المتأخرين. واشار والى هذا ابن القيم في مدارج السالكين وابن ابي العز في شرح الطحاوية بما لخصه ثانيهما بقوله كلام السلف قليل كثير البركة. وكلام المتأخرين كثير قليل البركة فالكلام الذي كان للسلف قليل لكنه كثير البركة. والكلام الذي للخلف هو كثير لكنه قليل البركة. واقرأ في هذا كتابا يحسن بطالب العلم ان يقرأه مرة بعد مرة. وهو كتاب فضل علم السلف على علم الخلف. للحافظ ابي فرج ابن رجب رحمه الله تعالى فانه كتاب نافع في بيان هذا الاصل الذي اذا تغرغرت به الروح وامتلأت به النفس علمت ان ام عانى النظر وتقليب الفكر في معاني الكتاب والسنة هي المطلوبة من العبد. فالعلوم التي نسعى فيها ينبغي ان تكون الغاية منها ان توصلنا الى فهم الكتاب والسنة. لان من فهم الكتاب والسنة فهما بعد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم منا ولهذا ذكر ابن القيم في الفوائد ان اعلى همم طلب العلم فهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم فانت تلتمس العلم كي يوصلك الى ان تفهم الكتاب والسنة. فاذا ظمقت علوم الكتاب والسنة تأسفت على كثير من زمانك الذي فات وانت لا بعلم الكتاب والسنة. واذا رأيت ما في دواوينهم رحمهم الله تعالى مما كانوا يستنبطونه من علم الكتاب والسنة ثم حالنا ذكرت بصدق قول ابن المبارك لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح اذا مشى كالمقعد. ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى ان ابن المنذر صنف كتابا في فوائد حديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم فذكر فيه الف فائدة. وفي كتابه احكام القرآن لابي بكر ابن عربي عند اية الوضوء انه تذاكر هو واصحابه ويعني من المالكية في بغداد المسائل المستنبطة من اية الوضوء فبلغوا بها اكثر من ثمانمائة مسألة. وذكر ابن القيم في الجواب الكافي ان في قصة يوسف اكثر من الف فائدة. وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه في الرد على الجهمية ان في القرآن والسنة اكثر من الف دليل على علو الله عز وجل. وذكر في روضة المحبين ان في القرآن اكثر من مئة اية تدل على ان الله سبحانه وتعالى يحب ويحب. فاذا رأيت هذه المعارف المستنبطة من الكتاب والسنة ثم رأيت حالنا فهمت بصدق قول ابن المبارك لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح اذا مشى كالمقعد. وحملك ذلك على ان تجمع نفسك في ان تسير بسيل القوم. وان تطلب فهم الكتاب والسنة وان تعلم ان اعظم العلم هو علم الكتاب والسنة. وان ما دون ذلك من البيان الذي يشتغل به الناس في العقائد او في الاحكام او في غيرها ليس شيئا لمن ذاق لذة الاستنباط من الكتاب والسنة. ولهذا تأسف كمل العلماء فوات زمانهم في غير الكتاب والسنة. وفي اخبار ابي العباس ابن تيمية انه لما كان في السجن تأسف على فوات اكثر عمره في غير تفسير القرآن الكريم وفي اخر عمر حياة شيخ شيوخنا محمد الامين الشنقيطي رحمه الله تعالى تكلم معه بعض اصحابه في مسائل في الحج في صحيح مسلم فافاض في الجواب عنها. ثم قال كم ضيعنا من الزمان في غير فهم السنة النبوية. وكان رحمه الله عقد العزم على ان يبتدأ بعد ذلك الكلام على معاني الاحاديث النبوية في صحيح البخاري ومسلم خاصة ثم مات رحمه الله تعالى قبل ان يصيب ما رامه من هذا لكنه يبين لك بصدق التأسب والاسى الذي يجده من كملت حاله على تضييعه لما مضى من زمانه في الكتاب والسنة وهذا لا ينشئ في نفوسنا اليأس ولكنه يسوقنا بشدة ان نجتهد في الوصول الى المطلب الاعظم وهو فهم الكتاب والسنة وان العلم الاعظم الذي تنفق فيه الاعمار وتدفع فيه الاموال هو علم الكتاب والسنة وان نظرك في معاني اية مرة بعد مرة بعد مرة بعد مرة خير لك من ان تقرأ مئة كتاب من غير كتاب الله سبحانه وتعالى قليلة مع تعب كثير وقد ذكر هذا صاحب تاج العروس في منظومة يقول فيها ترفضه على مفيد الناصحين. فدخل فيهما كان لانه اي الناصح باسناد رضي الله عنهما النبي صلى الله تسمعون وتسمعوا منكم ويشفع لمن يسمع منكم والعبرة في عموم اما الابتدائي ذكر المصنف وفقه الله المعقد الخامسة من عقد تعظيم العلم وهو سلوك الجادة الموصلة اليه. اي الاخذ في الطريق الذي يؤدي اليه وعلله بقوله لكل مطلوب طريق يوصل اليه اي من رام الوصول الى شيء يلتمس فانه يجب عليه ان ينظر في الطريق التي تدفع به للوصول الى ذلك المطلوب. فمن سلك ادت مطلوبه اوقفته عليه. ومن عدل عنها لم يظفر بمطلوبه. والعلم واحد من تلك المطلوبات. فله طريق لابد من سلوكها قطعا. قال وان للعلم طريقا من اخطأها ضل ولم ينل المقصود. وربما اصاب فائدة قليلة مع تعب كثيرة. فالذي يتيه عن طريق العلم فان له حالين. الحال الاولى الا ينال مقصوده من العلم. والحال الثانية ان يصيب فائدة قليلة مع تعب كثير وهذا امر مشاهد فينا. فتجد ان الضلال الفاشي في طريق العلم وما احدثه الناس من اشياء يظنون انها توصل الى العلم لم تكن من طريق شذاة العلم واهله وواصفيه من قبل ان ها انتجت في الناس ضعف العلم. فصاروا يمضون مدة طويلة في ابتغاء العلم. فاما ان لا ينالوا منه شيئا واما ان يكون نولهم منه قليلا مع تعب كثير انفقوه من ازمانهم وقواهم واموالهم ثم قال وقد ذكر هذا الطريق بلفظ جامع مانع محمد مرتضى بن محمد الزبيدي في منظومة الله تسمى الفية السند اذ قال فما حوى في الف سنة شخص فخذ من كل فن احسنه بحفظ متن جامع للراجح تأخذه على مفيد ناصحه فطريق العلم كله مدخر في هذين البيتين. فمن اخذ هذه الطريق نال العلم وعظمه. ومن عدل عنه الى غيرها فانه لا يصل الى العلم. وهذه الطريق مؤسسة على امرين. احدهما حفظ قتل جامع للراجح. فلابد من حفظ. ومن ظن انه ينال العلم بلا حفظ فانه محالا قال شيخ شيوخنا محمد بن مانع في ارشاد الطلاب لا شك عند العقلاء ان العلم لا ينال الا بحفظ هذا امر دل عليه الكتاب والسنة والاجماع والعقل والفطرة على ما بين في مقام اخر. ثم ذكر ما ينبغي ان عليه من الحفظ فقال والمحفوظ المعول عليه هو المتن الجامع للراجح. وفسر الراجح بقوله اي المعتمد عند اهل الفن. فان المتون المعتمدة عند ارباب العلوم هي الحاوية للمستقر عندهم في هذا العلم فاذا قصدت الى متن جامع للراجح في النحو وجدت مبتدأه في المقدمة الاجرامية ومنتهاه في الفية ابن مالك. لا يستنيب نحوي ان النحو لا ينال الا بهذين المتنين مبتدأ ومنتهى. او ما كان في معناهما فاذا عمد مبتغي العلم الى متن مفترع اخر مما افترعه الناس ممن تقدم او تأخر لم يعتمد عند اهل العلم فانه ينفق فيه زمنا يخرج منه خالي الوفاظ قليل الغنيمة من هذا العلم ولهذا يجب على طالب العلم ان يأخذ فيما يدرسه من العلوم واصولها بما كان عليه اهل الفنون. فاذا اراد ان يزيد فوق ما هم عليه شيئا فلا بأس ذلك. اما ان يأتي الطالب فيقول انا لا ابتدأ الفقه بكتاب الورقات. ولا ادرس هذا ولا ذاك ولا ذاك. ولكني اقرأ كتاب الرسالة. فان كتاب الرسالة هو اول كتاب صنف في علم اصول الفقه. قال في المرق اول من اول من صنفه في الكتب محمد بن شافع ويأتي في النحو فيقول انا لا اطلبه من الاجر الرامية والالفية ولكني اطلبه من الكتاب لسيباويه وهلم جرا. فمثل هذا يغر نفسه. لان هذا العلم الذي تريد ان توغل فيه لست انت اول طارق بابه فالعاقل لا يدخل الدور الا من البيوت التي جعلت لها والعلم دار عظيمة لها من هو اعظم منك ومن ابيك. فحقيق بك ان تسلك السبيل التي سلكوها. وان تنظر فيما اخذوا به من العلم التي اختاروها من اصوله ودواوينه فتتمسك بهذا الاصل. فاذا زدت شيئا عليهم فان الزيادة من الخير خير لكن العدول عن طريقهم واستحسان طريق اخرى طريق اخرى يضر طالب العلم ضررا كثيرا ثم ذكر رحمه الله تعالى الامر الثاني وهو اخذه يعني العلم على مفيد ناصح لان العلم لا يؤخذ من الكتب. ولكنه يؤخذ من اهله وهذه خصيصة جعلها الله عز وجل لعلم هذه الامة وشاهده في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم والعبرة بعموم الخطاب لا بخصوص المخاطب. اي الذين كانوا وهم الصحابة رضي الله عنهم. فمن معالم العلم في هذه الامة ان يأخذه خالفوا عن السالف. ومن ظن انه يأخذ العلم من كتاب وما في معناه كالاجهزة المعاصرة. فهذا يخدعونه فان الله جعل سنة ثابتة ان العلم في هذه الامة يتلقى عن الرجال فمن اراد ان يهدى فاذا العلم فلا بد ان يأخذه عنهم. فاذا ظن انه يأخذه عن غيرهم كالدواوين المصنفة فان علمه يكون ناقصا وربما اوقعه في الضلال. وهذا امر رأيته وسترونه. لمن عقل هذا الاصل قل سترونه في تقلبات الايام في من عرفتموه فاني اذكر رجلا كان يقرأ في مكتبته اربع عشرة ساعة ولكنه لم يكن يحضر درسا لاحد من العلماء. وكان قريبا من بيتي تعقد لجماعة من الاكابر فما هي الا سنين تقلبت ثم تقلبت ثم تقلبت فاذا هو يكتب الضلال في جرائدي واخواتها. هذا الرجل الذي اتاه الله الجلد في قراءة العلم وتحصيله من الكتب. اظل بما سار عليه ولو هدي الى سواء السبيل لعلم انه مهما اوتي من ذكاء وفطنة وحفظ وفهم الا ان الله سبحانه وتعالى جعل سنة جارية لا تتخلف. وهو ان العلم النافع الذي تنال به النور الهادي الى الصراط مستقيم هو ان تسمع العلم ممن اخذه من احد سمعه عنه. العلم في هذه الامة ليس ابتر. العلم في هذه الامة لا يأتي من الجدران العلم في هذه الامة لا يؤخذ ممن لم يعرف بالطلب. لان الغائلة التي تنتج من ذلك اثرها وخيم على احدنا وعلى الناس من بعده. فمن اراد ان يحصل العلم فلا بد ان يأخذ العلم عن اهله. ومن خصائص اوصاف المذكور ها هنا في قوله يتصف بهذين الوصفين واولهما الافادة. وثانيهما النصيحة. فاما الافادة فقال وهي الاهلية في العلم يعني ان تكون له قدرة في هذا العلم ومعرفة له. وملكة قائمة في نفس في تحصيله فيكون موصوفا بهذا العلم الذي يراد ان ينال عنه فلا يؤخذ علم ما عن رجل غير غير معروف بانه من اهله ثم قال واما الوصف الثاني وهو النصيحة وتجمع معنيين احدهما صلاحية الشيخ للاقتداء به والاهتداء بهديه ودله وسمته. اي كونه ممن عرف بغلبة طاعاته على معاصيه وحسناته على سيئاته. لا انه لا يعصي الله ولا يصدر منه خطأ. فان الخطأ مقسوم على كل ابن ادم. اذ الادمية لا تتحقق الا بوجود الخطأ قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد في التدمرية من اذنب فندم فتاب فقد اشبه اباه ومن اشبه اباه فما ظلم. انتهى كلامه. يعني اشبه اباه الاول وهو ادم عليه الصلاة والسلام. وفي صحيح مسلم في الحديث الالهي حديث ابي يا ايها الناس انكم تذنبون متى؟ بالليل والنهار. فالذنب مقسوم على ابن ادم. وفي حديث انس عند الترمذي وفيه ضعف حسنه جماعة كل بني ادم خطاء فالخطيئة مقسومة على العبد والعالم كغيره يخطئ ويتقع منه الزلة ولكن الحالة المطلوبة عند الاقتداء هو ان تكون حاله صالحة بكثرة حسناته وغلبة طاعاته. والاشارة اليه بذلك. فاذا وقعت منه زلة فهي زلة عالم قد كتبها الله سبحانه وتعالى على كل حال وهذه الزلة قد تكون في العلم وقد تكون في العمل. بعض الاخوان يقول رأيت واحد من المشايخ يفعل كذا وكذا فكان ماذا؟ هو بشر يخطئ ليس معصوما وبعض المشايخ يقول الشيخ فلان قال كذا وكذا كيف يقول الكلام هذا وهو يخالف قول الله تعالى والاية الفلانية الحديث الفلاني عن النبي صلى الله عليه وسلم. هو بشر يخطئ. ولذلك تجد من سنن العلماء في معاملة العلماء في اخطائهم ما الا تراه اليوم فينا؟ فتجد احدنا اذا وجد عالما من العلماء اخطأ اكله بلسانه وكأن حاله اعتقاد عصمة العلماء وهذا لم يقل به احد من اهل السنة ان العلماء معصومين ان العلماء امعصومون. فالعلماء يخطئون واذا بدر منهم شيء فانهم يعاملون بحقهم الذي جعله الله سبحانه وتعالى علينا ثم قال ذاكرا المعنى الاخر قال والاخر معرفته بطرائق التعليم اي كيفية ايصال العلم الى الخلق بحيث يحسن تعليم المتعلم ويعرف ما يصلح له وما يضره وفق التربية العلمية التي ذكرها الشاطبي في الموافقات. فان العلم شيء ومعرفة كيفية ايصاله الى الخلق شيء اخر. والناس يتفاضلون في هذا. فمن لمس منه انه يحسن ايصال العلم الى المتعلمين فهذه من خصائص اخذ العلم عنه مرجحة له على غيره. وهذا واقع في حال جماعة تجد انك تأتي فتقرأ عليه في النحو لك او تقرأ على هذا في الفرائض فيفتح لك او تقرأ على هذا في القراءات فيفتح لك ولا يكون هذا عند غيره. لان كل واحد من هؤلاء يحسن ايصال العلم الى المتعلم. وغيره ممن يوصف بالعلم والافادة في هذا او ذاك ليس له من المهارة في ايصال العلم كمال ذاك. فيوجد الانتفاع في الناس بهؤلاء ربما اكثر من الانتفاع بمن هم اعلى كعبا منهم في العلم. فان الله عز وجل قسم هذه الامور بين الخلق. قال تعالى نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا. فالمعيشة الظاهرة والباطنة مقسومة بين الناس. بما يهيئ الله عز وجل له من الاسباب فاذا اردت ان تبتغي العلم بالطريقة التي توصلك فلابد من حفظ للعلم ولابد من من اخذ عن معلم والذي يكون محلا للحفظ هو المحفوظ المعتمد عند ارباب الفنون. والذي يكون اهلا لاخذ العلم عنده هو الجامع للوصفين الافادة والنصيحة قال ابن الجوزي رحمه الله في جمع العلوم الممنوح من كل فرد وما تجعل به فالحكم مطلع على محمد ابن مالح رحمه الله ولا ينبغي للبعض التي نعين عليها بالكتاب والسنة. اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه ولا ينسب فان هذا واذا ولكن احدهما والاخرة التوأم ذكر المصنف وفقه الله المعبد السادس من معاقد تعظيم العلم وهو رعاية فنونه في الاخذ. اي الاعتناء بفنون العلم في اخذها او جمعها وتحصيلها. مع ملاحظة تقديم الاهم اي الاهمية على ما هو دونه فيها. ثم ذكر المصنف جملا من القول عن جماعة من العلماء في بيان ذلك وتأييده وكان مما ذكر قول ابن مانع ولا ينبغي للفاضل ان يترك علما من العلوم النافعة التي تعين على فهم الكتاب والسنة اذا كان يعلم من نفسه قوة على تعلمه. فمن محاسن المسالك في جمع العلم حرصك على الاعتناء بفنونه ثم نبه على آبدة سيئة وهي عيب العلوم التي لا يدريها متعاطي العلم اذ قال ولا يسوغ له ان يعيب العلم الذي يجهله ويذري بعالمه فان هذا نقص ورذيلة فان من ارباب الفنون من يبرع في فن دون اخر. فتجد في قوله الحط من العلوم التي لا يحسنها. وهذه ابدة في نفسه وتضره من حوله ممن يلتمس العلم عنه. واذا سمع الانسان شيئا من هذا انه ينبغي ان ينظر الى حال من سبق فاذا رأيت رجلا يتقن اصول الفقه ثم يعيب النحو فاحمد له عنايته باصول الفقه. لكن لا تأخذ منه عيبه النحو. فان عيبه النحو رأي له خالف به جمهور امة في اخذهم العلم وكذا في غيره من العلوم. وهذه من الخطيئات التي يؤذي بها بعض المشايخ الاخذين عنهم فتجدهم يحطون في نفوسهم من علم لا يعرفونه او لا يحسنونه ثم يدعون امورا لتبعيد نفوس الطلبة واذا وقع لك مثل هذا فاعتبر فيما يشكل عليك من العلم ما كان عليه من مضى. فاذا رأيت نجديا يقول لك ان القراءات علم لا ينبغي اضاعة الوقت فيه فلا تأبه بقوله انه قد ترك ما كان عليه اجداده فان اجدادنا في هذا القطر كانوا عندهم القراءات العشر من ائمة الدعوة النجدية فضلا عن من كان دونهم فكان الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ممن قرأ القراءات العشر وكان الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن سلطان بن خميس رحمه الله ممن قرأ السبع وكان يصلي كل ليلة صلاة العشاء برواية من تلك الروايات. فالضعف الذي يكون في علم ما في قطر في حال من الاحوال وجود الدعوة اليه لا يعني انه صوابا. كما لو رأيت غيره يقول لا ينبغي الاعتناء بعلم الحديث لان الاحاديث قد عليها الحفاظ فلا تجعل نفسك نهبا لكل من يتكلم في العلم لكن استرشد بمن مضى فان من مضى باجتماع احوالهم ما يهديك الى العلم. ثم ذكر المصنف انه انما تنفع رعاية فنون العلم باعتماد اصلين احدهما تقديم الاهم مهم وبين كيفية ترتيب المهمات بقوله مما يفتقر اليه الم تعلم في القيام بوظائف العبودية لله. فالاهم في حقك ما يتعلق بالعبودية التي كتب الله سبحانه وتعالى عليك. وبيان ذلك واضحا جليا في حال من يقصد الى درس في النحو وهو لم يتعلم بعد ما يصحح به وضوءه وصلاته. فان هذا فيما تتعلق به ذمته من العلوم بعدوله عن الاهم في حقه الى ما هو دونه في الاهمية اذا اردت ان تعرف مرتبة ما تلتمسه من العلم بخصوص نفسك فانظر للعبودية المطلوبة منك. فاذا رأيت ان هذه العبودية التي تطلب منك قد قصرت فيها في امر ما فالتمس سداد هذا الثغر. واذا عقد ملتمس العلم هذا الاصل عرف مراتب ما يطلب. ولم يستهون بشيء منها. واذكر مثالا اخر ان كثيرا من طلبة طلبة العلم تجدهم لا يرفعون رأسا الى الاذكار والادعية. فتجد احدهم فتجد احدهم يحفظ الاجر الرامية ويحفظ نخبة الفكر والورقات وغيرها من المتون. فاذا سألته هل حفظت مختصرا في الاذكار والدعاء يشيل الرد يجيك يقول ما عرفنا المشايخ يقولون فيه متن في اذكية اذكار الادعية. واذا لماذا انا اصنف الحفاظ اليوم والليلة عمل يوم والليلة للنسائي وعمل يوم والليلة لابن السني وكتاب الاذكار للنووي وغيرها. لان هذا مطلوب من العبد. وهذا من اولى المطالب كيف يطلب العلم عبد لا يعرف كيفية ذكر الله سبحانه وتعالى. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث ابي موسى الصحيحين مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت. الامام مالك رحمه الله سأله رجل عن مسألة قال تعرف ما تقول اذا اصبحت؟ قال لا. قال تعرف ما تقول اذا امسيت؟ قال لا. قال اذهب فتعلم هذا. ونحن الطلبة يأتي ما يعرف اذكار الصباح والمساء ثم يدخل في هذه العلوم التي لم يترشح لها بعد. فاذا اردت ان تعرف منزلتك من العلم فيما تطلبه فانظر ما يبتغى فيك من العبودية وكانت الطبقة المتقدمة من الاسياخ يلاحظون هذا في الطلبة فيلقونهم شيئا فشيئا فيما يلزمهم من العبوديات. ثم ذكر الامر الاخر فقال ان يكون قصده في اول طلبه تحصيل مختصر في كل فن. فان سبيل جمع العلم ان تعمد الى مختصرات في كل فن من من الفنون فتأخذها حفظا وفهما وتتقنها ثم بعد ذلك تنظر الى ما يوافق طبعك وما تؤنس قدرة عليه فتتبحر فيه فالانسان اذا تلقى في كل فن من الفنون شيئا مختصرا حصل له تصور عام كما يقال للعلم. ثم بعد ذلك لاحظ نفسه في اي علم تجد لذتها وقوتها فعند ذلك جمع نفسه عليك كما لو قدر ان احدنا تلقى والمتون الدارجة في هذا القطر في علم الاعتقاد والفقه والتفسير والحديث والنحو والاصول والقواعد الفقهية ومصطلح الحديث ثم بعد ذلك وجد في نفسه ميلا الى علم الاعتقاد او وجد في نفسه ميلا الى اصول الفقه فحين اذ لا يعاب اذا جمع قوته وكرس عدته بابتغاء هذا العلم الذي انسه لكن العيب ان يأتي اشتغال بواحد من هذه الفنون لا يدري غيره. فاذا سئل عما يلزم من العلوم. عما يلزم من العلوم قال ليس هذا تخصصي. فتسأله مثلا احسن الله اليك لو ان واحدا توظأ ثم نسي انهما مضمض هل وضوء صحيح او لا؟ سكت يقول يشكل عليه انه غسل وجهه ولا الفرض في الصلاة يعني في اية الوضوء ذكر الوجه ما جاء في ذكر المضمضة والاستنشاق. هذه المسألة التي تلزمه هو قبل ان تلزم الخلق تجده لا يحط بها علما ثم بعد ذلك ربما اعتذر اليك قال انا تخصصي عقيدة. هذا تخصصك تقوله عقيدة اذا قلت لك كرجل طلق امرأته وعلق طلاقها على شيء ثم بان له ان هذا الشيء لم يوجد. تقول تخصصي عقيدة هذا من العلم الذي قد لا يترشح الا له فقيه اختص بالفقه لكن العلم العام الذي يلزمك في العقيدة في الفقه في الحديث في التفسير في اصول الفقه في المصطلح في النحو لن تنبل في علم من العلوم تعد نفسك فيه متخصصا حتى تصيب اصلا حسنا من كل فن من هذا شيء لا يتخلف عند الاوائل ابدا. والنقص الذي حصل عند المتأخرين هو بسبب مباعدة هذا الاصل وتركه. ثم ذكر مرشدا بيتين مشهورين لبعض اهل شنقيط ويقطون من ابطال المغرب قال ومن طيار شعر الشناقطة والطيار من الابيات هو الذي لا يعلم قائله. طيار من الابيات هو البيت الذي لا يعلم قائله مما شاع بين الناس احد يذكر البيت اللي في ظبطه؟ احسنت. شائع ان لم يعلمي قائله الطيار بين الامم. شائع الابيات ان لم يعلم. قائله الطيار بين الاممي. يعني هو الموصوف بذلك والطائر يعني السائر بطيرانه. قال وان تريد تحصيل فن تممه. اي استكمله. وعن سواه قبل الانتهاء مهب اي انزجر. فكلمة مه كلمة تقال للزجر ابتغاء الانتهاء. وفي ترادف العلوم المنعجة يعني وفي الجمع بين العلوم بجعل بعضها ردفا لبعض جاء منعوه ان توأم ان استبقا لن يخرجا يعني مثاله كامرأة حامل استبق في بطنها توأمان ليخرج فضاق خروج احدهما عن الاخر بسبب مضايقة الاخر له. فكذلك العلوم ربما تضيق على ملتمسها بالجمع بينها. قال ومن عرف عن من نفسه قدرة على الجمع جمع. وكانت حاله استثناء من العموم. فالاصل ان ملتمس العلم يبتدأ بمختصرات الفنون فيأخذ المختصر حتى اذا فرغ منه انتقل الى غيره فاذا فرغ منه انتقل الى طيب فاذا فرغ منه انتقل الى غيره. فاذا احكم المختصرات ساغ له بعد ذلك امكان الجمع. لان القلب في مبتدأ الامر لا يقوى على حمل علو مختلفة. فاذا ان صارت فيه شعب في الاعتقاد شعبة وفي الفقه شعبة وفي الحديث شعبة وفي التفسير شعبة وفي النحو شعبة وفي المصطلح شعبة وفي اصول الفقه شعبة قوي القلب. فامكن حينئذ ان يجمع ملتمس العلم بين علمين في ما هو في درجة فوق هذه الدرجة من الابتداء قال شباب ولا يتوهم مما سبق هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا الكبار. ذكره البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح المتعلم كثر المسلم وفقه الله المعقد السابعة من معاقل تعظيم العلم وهو المبادرة الى تحصيله اي المسارعة الى اخذه وجمعه واغتنام سن الصبا والشباب اي جعل غنيمة المرء من العلم في الوقت الذي يسع لاهتبال سعته وفرصته وهو سن الشباب لان المرء اذا تقدمت عمره كثرت اشغاله فاذا كثرت اشغاله عظمت اثقاله فاذا عظمت اثقاله ضعف سيره فلا يستطيع السير مع تقدم العمر الا من كان في مبتدأ امره قويا في اخذه التقوى بعد ذلك على قطع الطريق والترقي في منازله. ثم ذكر من كلام الامام احمد في بيان حال شباب قال ما شبهت الشباب اي السن التي كنت فيها من الشباب الا بشيء كان في كمي. يعني في طرفي ثوبي الذي تخرج منه اليد كان فيها ثم سقط. اي كانه لم يكن فهو كان لبرهة من الزمن عالقا بطرف ثوبه في اعلاه من جهة اليد ثم سقط منها ثم قال والعلم في سن الشباب اسرع الى النفس واقوى تعلقا ولصوقا فان سن الشباب تكون فيها النفس افرغ والقلب انقى وعلاائقه اقل. فيكون العلم موضوع فيه اثبت قال الحسن البصري العلم في الصغر كالنقش في الحجر اي في ثباته وبقائه فانك اذا نقشت على حجر طالت مدة بقاء نقشك. قال فمن اغتنم شبابه نال اذ به وحمد عند مشيبه سراه. قال اغتنم سن الشباب يا فتى عند المشيب يحمد القوم السورى والسوى هو السير بالليل. ثم قال ولا يتوهوا مما سبق ان الكبير لا علم بل هؤلاء اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كبارا. ذكره البخاري رحمه الله في كتاب العلم من صحيحه. فالكبير قابل لعلمي قادر عليه. وكان في الامة قديما وحديثا من نال العلم مع كبره. وقد على حفظ ما يعجز عنه قوم في صغرهم. فتجد اليوم في زماننا هذا من حفظ العلم الرجال والنساء وهو قد جاوز الثمانين. ابتدأ في الحفظ بعد الثمانين ثم اتم حفظ الكتاب. بل قبل ذلك اللؤلؤ من اصحاب ابي حنيفة ذكر في ترجمته انه لم يطلب العلم وهو بالقرآن فقط لم يطلب العلم الا بعد ثمانين فما مات حتى استقضي يعني حتى صار قاضيا فطالب العلم لا يوقفه السن ولكن الكبر يتخوف فيه من كثرة الاشغال. قال وانما يعسر التعلم في الكبر كما بينه الماوردي في ادب الدنيا والدين لكثرة الشواغل وغلبة القواطع وتكاثر العلائق فمن قدر على على دفعها عن نفسه ادرك العلم اي اذا قدر الكبير على ان يزيح عن نفسه ما يعتورها من اشغال متكاثرة وقواطع غالبة وعلائق ساحبة فانه يمكن له ان يدرك العلم مع الكبر. وهذه الالماعة فيها تخويف للمشتغل في العلم في سن مما يستقبله في الايام القادمة من كثرة اشغاله. ولتعلموا ان اكبر كذبة تجري في الناس انه هم اذا صاروا اكبر سنا صاروا اكثر فراغا. فالطالب الذي يدرس في الجامعة ثم يقلل اخذ العلم بالحفظ والفهم ويقول اذا فرغت من الجامعة ادرس يعلم ان ما بعد الجامعة اشغله مما في الجامعة ثم اذا جاء بعد الجامعة فقال اذا تزوجت افرغ للعلم فليعلم انه بعد الزواج سيكون اكثر شغلا. فاذا قال نقضي سنتين مع الزوجة ثم بعد ذلك نطلب العلم فليعلم ان ما بعد ذلك هو اشد شغلا يغتنم ملتمس العلم الوقت الذي هو فيه الان. ان كان لا زال صغيرا فليبدأ. وان كان ارتفع عن الصغر فليبدأ وان كان في سن الجامعة فليبدأ ولا يؤخر الى ما بعده لان ما بعده اشغلوا قطعا اي القرآن واذا كان هذا نصف القرآن كما قال تعالى قال تعالى رحمه الله حكمة ذكر المصنف ووفقه الله المعقد الثامن من معاقد تعظيم العلم. وهو لزوم التأني في طلبه. وترك العجل بان يعقده شيئا فشيئا وعلله بقوله اذ القلب يضعف عن ذلك. وان للعلم فيه ثقلا كثقل الحجر في يد حامله. فمن رام ان يحمل حجرا ثقيلا مع ضعف قواه لم تساعده قواه على رفع في هذا الحجر وكذلك حال القلب مع العلم فان العلم اذا هجم به على القلب دفعة واحدة دون ترق حسن فيه فانه يودي صاحبه وربما استثقله فانصرف عنه. وهذا من وجوه اسباب الانصراف عن طلب العلم ان ملتمس العلم يسعى اليه ثم يلقي بقوة العلم على قلبه. فلا تناسب هذا القلب فيستثقله ويتركه ثم ذكر من شواهد ذلك ان القرآن وقع تنزيله منجما مفرقا باعتبار والنوازل تحقيقا لهذا الاصل في قوله تعالى كذلك لنثبت وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة اي مرة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك اي يرقي به هذا الفؤاد الى الثبات بملئه به شيئا شيئا ورتلناه ترتيلا. قال وهذه الاية حجة في لزوم التأني في طلب العلم والتدرج فيه وترك العجلة ذكره الخطيب البغدادي والراغب الاصبهاني ثم ذكر بيتين حسنين لابن النحاس اوردهما السيوطي في بغيت الوعاة في تراجم النحاة في ترجمة النحاسي هذا اليوم شيء وغدا مثله من نخب العلم التي تلتقط يحصل المرء بها حكمة وانما السيل اجتماع النقط اي لا يكون الماء ليلا دافقا الا وقد كان مبتدأه قطرة قطرة. ثم ذكر مقتضى لزوم التأني والتدرج وهو البداءة المتون القصار المصنفة بفنون العلم حفظا واستشراحا. فمن اراد ان يتدرج في العلم متأنيا لزمه الابتداء بالمتون القصار اي الموجزة. المصنفة في فنون العلم على اختلافها. بالحفظ والاستسراع فهو يحفظ مبانيها ويفهم معانيها اخذا عن شيخ ثم قال والميل عن مطالعة المطولات اي العزوف عنها التي لم يرتفع الطالب بعد اليها اي لم يترشح للقراءة فيها لانه اذا اوقف نفسه على هذه المطولات فاما ان يهلك نفسه واما ان يقل نفعه منها. اذ المطولات في العلم بمنزلة الدرجات الرفيعة من المنازل فانه لا يوصل اليها الا بان تترقى بدرج يفضي بك اليها فكذلك هذه الدواوين المطولة لا تصل اليها الا بان تأخذ العلم شيئا فشيئا من متونه المختصرة حتى تكون لك قوة ثم تنظر في المطولات ثم قال ومن تعرض للنظر المطولات فقد يجني على دينه وتجاوز الاعتدال في العلم ربما ادى الى تضييعه. ثم ذكر كلمة عبد الكريم الرفاعي من علماء الشام انه قال الطعام الكبار سم الصغار اي ما يطعم به الكبار يكون سما للصغار فانك اذا قصدت الى تقديم طعام يتناوله الكبار من لحم وشحم فاطعمت به رضيعا قتلته. فكذلك العلم اذا عمدت الى علم من العلوم او كتاب من الكتب ثم تعاطيته ولم تكن لك الة في قراءته فانك تعجز عنه لدقة مباحثه وافتقارها الى الة سابقة. وكان شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى ابتدأ درء تعارض العقل والنقل. فلما قرئ منه نحو مئة صفحة اوقف بعد ذلك الدرس. لعجز اكثر عقول الحاضرين عن ادراك معانيه فصار تعاطي مثل هذا الكتاب غير نافع لعمومهم. فمن عقل هذا الاصل عرف ان من ابتغى العلم لا بد ان ترقى شيئا فشيئا حتى يصل الى العلم. وهذه الكلمة المراد بها حسن الترقي. فاذا قيل طعام الكبار سم الصغار المراد به احسان الترقي في الوصول الى العلم. واما من يذكر هذه لمنع التلقي فهذا اصل مخالف لطريقة اهل العلم. فان من الناس من لا يريد ان يؤخذ العلم عن العلماء الكبار فاذا قيل له هل نذهب الى درس فلان؟ قال فلان من العلماء الكبار لكن طعام الكبار سم الصغار اي العلوم والكتب التي تدرس عنده تضر بكم وقد لا يكون الامر كذلك. فهذه الكلمة طعام الكبار سم الصغار لها مأخذان احدهما حسن الترقي والاخر منع التلقي. فاما الاخر ماخذ الاول وهو حسن الترقي اي التدرج في العلم للوصول الى ما يراد منه فهذا امر ايدته دلائل الكتاب والسنة وكان عليه طريق السلف. واما منع التلقي بان يجعل هذا حاجزا دون الوصول الى العلماء ارتباط بدعوى انك لا تفهم كلامهم او لا تستفيد من المسائل التي يذكرونها فان هذا من العوائق التي يمنع العبد من الانتفاع بهؤلاء وسيعلم المفرطون في الاخذ عن العلماء الكبار قدر الحسرات التي تكون في نفوسهم اذا ماتوا وتقدم هؤلاء في العلم فان من الشبيبة الناشئة من تكون حاله في العلم ضعيفة عن الكمال عند وجود الكبار فتقوى نفسه بعد ذلك فيندم على تفريطه في اخذ العلم. فالعاقل هو الذي لا يضيع الاقصى عن الكبار ما استطاع الى ذلك سبيلا. واقل ذلك ان يتردد الى مجالسهم اذا لم يلتزمها. وكان اهل هذا القطر يحرصون على اخذ ابنائهم الصغار الى العلماء الكبار في مجالسهم وكان اولئك الصغار لا يعون اكثر ما يقال ان لم يكن كل ما يقال لكنهم كانوا يتشرفون برؤية اولئك فتجد من هو في اسنان ليست كبيرة قد رأى فلانا وفلانا وفلانا من العلماء فاذا سألته كيف رأيته وقد كنت حينئذ صغيرا فيقول انا كنت مع ابي وعمري خمس سنوات احضر درس فلان. لان الاباء كانوا يحرصون على ان يربطوا ناشئة البلد على العلماء الكبار وانه مهما انتفع بغيرهم فان الامر في البركة والنفع هو مع هؤلاء الكبار فلا يعزل المرء نفسه عن الانتفاع بهم بكل سبيل تؤدي الى ذلك واعظم شيء تتحمل به نفسك قال تعالى يا ايها الذين امنوا اصبروا وصبروا وقال تعالى واصفد نفسك مع الذين يدعون ربهم بضلالهم هي مدارس ان الله والنوع الثاني واحتمال المصنف هو وفقه الله المعقد التاسع من معاقد تعظيم العلم وهو الصبر في العلم تحملا واداء اي حبس النفس بالتماس العلم بالتحمل اي باخذه اولا وبادائه ثانيا لان المقامات العالية لا تدرك الا بالصبر وشواهد ذلك في بالتنزيل وسائر انواع الدليل كثيرة ووافرة ومنها الايتان المذكورتان هنا ثم قال ولن ولن يحصل احد العلم الا بالصبر. ثم ذكر الصبر المطلوب في العلم فقال وصبر العلم نوعان. احدهما في تحمله واخذه يعني في جمعه وتحصيله. وبين وجوه ذلك طالبا المثل فقال فالحفظ يحتاج الى صبر والفهم يحتاج الى صبر وحضور مجالس العلم يحتاج الى صبر ورعاية حق الشيخ تحتاج الى صبر فكل واحد من هذه المسائل وهي المقارنة حال العبد عند اخذه العلم تحتاج الى صبر فانت محتاج للصبر كي تحفظ ومحتاج صبري كي تفهم ومحتاج للصبر كي تجلس. ومحتاج للصبر كي ترعى حق شيخك. ثم ذكر نوعا اخر فقال النوع الثاني صبر في ادائه وبتنه وتبليغه الى اهله. فالجلوس للمتعلمين يحتاج الى صبر. اي امضاء الوقت في التعليم يحتاج الى صبر وافهامهم يحتاج الى صبر واحتمال زلاتهم يحتاج الى صبر. فليس التعليم لذة تؤنس يقدر معها صاحبها على الجلوس على العلم فان هذا يكون في منتدى الامر فان من حصل العلم يحب الجلوس للتعليم لذة ويسعى في افهام الناس لذة ثم اذا مضت سنون من بذله العلم جاء وقت المجاهدة فهو يجد مشقة في الجلوس للمعلمين. ويجد مشقة في افهام المتعلمين. ويجد مشقة في زلات المتعلمين تجد مشقة في سوء ادب المتعلمين. فلا بد ان يصبر على ذلك. لان التعليم مقام ينوب فيه العبد عن النبي صلى الله عليه وسلم. فالذي يستحضر شهود هذا المقام وانه نائب عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ العلم يقوي ذلك نفسه على الصبر. ولهذا تجد ممن عقل هذا الاصل لا ينفك عن التعليم مهما بلغت حاله. فلو سافر علم ولو مرض علم ولو كان عزاء لبعض اقاربه علم. وهذه الامور لا يصل اليها بيوم وليلة ولكنه وطن نفسه على الصبر في هداية الناس فلما جاءت هذه الاحوال كان فيها صابرا ثم قال وفوق هذين النوعين من صبر العلم الصبر على فيهما اي ان تصبر على تصوير نفسك في هذا وهذا والثبات عليهما لكل الى شاوي العلا وثباته يعني قفزات ولكن عزيز في الرجال ثباته خير الدنيا ولست قال ومن هنا رحمه الله اللهم قال وكان تعلمني وتقول لي عبدالرحمن تعني بابي عبد الرحمن فلنتعلم من هذا الدين قبل علمه. وانما كتب كثيرا من طلبة عصر الحجة. اشرف ابن شعب رحمه الله الله على اصحابه المصنف وفقه الله المعقد العاشر من معاقد تعظيم العلم هو ملازمة اداب العلم. وذكر فاتحة القول فيه كلاما عظيما عن ابن القيم رحمه الله تعالى يكشف عن الادب واثره في صلاح العبد وفساده اذ قال ادب المرء عنوان سعادته وفلاحه وقلة ادبه عنوان شقاوته وبوارئ يعني هلاكه ودماره. فما استجلب خير الدنيا والاخرة بمثل الادب ولاستجلب حرمانهما بمثل قلة الادب وقد جمع فاوعى واوجز فابان. ثم قال وانما يصلح للعلم من تأدب بآدابه في نفسه مع شيخه وقرينه. فمن لم يكن متأدبا لم يكن للعلم متأهلا. قال يوسف بن الحسين بالادب تفهم العلم ووجهه المبين عن علته في قوله لان المتأدب يرى اهلا للعلم فيبدل له وقليل الادب يعز العلم ان يضيع عنده. لان العلوم عند اهلها العارفين بها اعز على نفوسهم من بناتهم الابكار فكما ينتقون لبناتهم ازواجا يضمونهم اليهم فكذلك ينتقون للعلم من هم اهلا لحمله من بعدهم؟ فاذا رأوا احدا يلتمس العلم مع الادب حرصوا على افادته. واذا او احدا يلتمس العلم مع قلة الادب عاملوه بالحرمان من العلم. قال ومن هنا كان السلف رحمهم الله يعتنون بتعلم الادب كما يعتنون بتعلم العلم. ثم قال بل ان طائفة منهم يقدمون تعلمه على تعلم العلم قال ما لك يا ابن اخي تعلم الادب قبل ان تتعلم العلم وكانوا يظهرون حاجتهم اليه. قال مخرج ابن الحسين نحن الى كثير من الى الادب احوج منا الى كثير من العلم. هذا في زمانهم فكيف في زماننا؟ وكانوا يوصون به ويرشدون اليه. قال مالك كانت امي تعممني اي تلبسني العمامة مع صغري وتقول لي اذهب الى ربيعة تعني ابن ابي عبد الرحمن فقيه اهل المدينة فتعلم من ادبه قبل علمه اي كن بصيرا بالاحوال التي يتأدب فيها في مشيه واكله وشربه جوابه وبيانه فاحرص على هذه الاداب ان تمتثلها. فطالب العلم اذا حضر الى حلقة شيخه ينبغي ان يحرص فوق حرصه على مسائل العلم على ادب الشيخ في كلامه وبيانه ووعده ووعيده وزجره وثناءه فانك اذا فهمت هذا فهمت عنه كيفية ايصال العلم. فاذكر مثلا ان اشياخنا في الطبقة الماضية رحمهم الله تعالى كانوا في ادبهم في الثناء على طلابهم النابهين انهم كانوا لا يميزونه عن اصحابه. فلا يقولون الشيخ فلان والشيخ فلان والشيخ فلان. تجد ان هؤلاء الطلبة عنده سواسية وانه يقدم من يحرص على العلم. لا يقدم احدا لاجل نسبه. والا لاجل انه جار من الجيران وانه ولا ولانه من بلد من بلده ربما خصه لمعنى من هذه المعاني في شيء اخر. اما في العلم فانه لا يخصه فيه بمن غيره اولى منه واحق بان يقدم في العلم فهو يقدم الاحق ولا يقدم من له سبب من الاسباب التي تستوجب التقديم عند الناس. لانه يعلم ان هذا العلم وانه يراعي حق الله سبحانه وتعالى فيه. فالذي يرى ادب هؤلاء في العلم يتأدب بطريقتهم. فهو يعرف انه اذا يراعي هذا في المتعلمين وانه اذا اجاب عن سؤال عرف كيف يجيب وانه اذا كان السؤال لا يستحق الاجابة لم يلزمه ان يجيب. ولذلك تجد ان من تأدب بادياب باداب الاشياخ الماضيين ربما سئل سؤالا فقال له اسأل عما ينفعك فيجد بعض الاخوان يقول كيف يا اخي يقول اسأل عما يرضاك هذا ينفعني هذا ينفعك في ظنك انت لكن هذا معلم للخير وهو اعرف بما ينفعك فهو يقول اسأل عما ينفعك هذا لا ينفعك. وقد تكون المسألة عندك انت كبيرة وتعقلها وتدركها لكن هو يريد ان ينقلك الى اصل اخر. وهو ان هذه المسائل له من يتولاها. وان سئلت انت عنه فهب انك سئلت عن امر عظيم ممن يثق في في علمك. ثم اردت ان تستوثق من عالم من العلماء الكبار. فربما قال لك قل لهم هم يسألون ليش يقول لك خلهم وهم يسألون؟ لا للغض من حالك انت ولكن ليتأدب هؤلاء ان مثل هذه المسائل تذهب الى الشيوخ العظام ما تذهب الى من لا زال شابا طريرا صغيرا في السن يسألونه عن ذلك. فالذي يعرف طريقة تأديب العلماء لاصحابهم في احوالهم في كلامهم في سؤالهم في جوابهم في قراءتهم ينتفع الناس به. والذي لا يعرف يظل الناس تجده يتعامل مع الناس باشياء ينقلها بعد بعده الناس يظنون انها دينا فيقعون فيما يثلب الدين تجد بعض الناس مثلا في كل ما يسأل عنه يجيب ولا يبالي هذا الذي يجيبه يعرف مقدار عقله مقدار علمه مقدار عنايته بما يسأل عنه لا يجيبه اما المشايخ القدامى لا ما يجيب كل واحد عما يسأل عنه ينظر الى حاله تجد انت طالب تقرا عنده ومع ذلك اذا جيت تقرا عنده وقلت يا شيخ احسن الله اليك كذا وكذا قال هذي بعدين بعدين ان شاء الله. الحين ما تسمعها ما تسمع بعدين ان شاء الله. لا مباشرة اي واحد يسأل يجاب اي واحد يأتي بكتاب نعم يلا اقرا تبي تقرأ هالكتاب ما كان هذا عند المشايخ يؤدبون طلبتهم ينقلون طلبتهم انا اذكر لكم مما كان عليه ولا اريد طين لكن اذكر لمسيس الحاجة لهذه الاشياء من لم يكن عندنا في قطرنا ان يأتي الطالب اول مرة ويقرأ على الشيخ ابدا كان الطالب يأتي الى الشيخ ويجلس في حلقته ويسلم عليه ثم يقول الشيخ انا اريد اقرأ عندك. يقول من الاخ؟ يقول فلان ابن فلان الفلاني. قال حياك الله يحظر عندنا ويصير خير ان شاء الله احظر عندنا فيجعله يحظر يوم ويومين وثلاثة واربعة وخمسة وستة حتى ربما بلغت عشرة ايام وهو يتردد له لا يقرأ شيئا لماذا؟ ليش يفعل هذا منه؟ وش رايكم انتم؟ ليش نسويها؟ حتى يعرف انه جاد او غير جاد هل هو جاي يطلب العلم ولا بس نزوة فقط فانه اذا كان نجمه يستحق التأديب. شيخنا الشيخ عبد الله بن عقيل رحمه الله تعالى جاءه رجل في مجلسه ليقرأ عليه كتابا فقال احسن الله اليك انا ودي اقرا عليك. قال وش تبي تقرا؟ قال يا شيخ معي اخصائي مختصرات. وكان رحمه الله لين الجانب فقال يلا اقر قال ذاك بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف رحمه الله كتاب الطهارة قال ما في شي يا ولدي قبله قال لي يا شيخ لا اول شي كتاب الطهارة باب المياه. قال لا في ما في شي عندك. قال الشيخ تقصد المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم. قال ايه هذي المقدمة قال شيخ هذي واظحة قال اجل ان شا الله تعالى تجينا وقت ثاني تقراه ان شا الله تعالى ومنعه من القراءة فما قرأ عليه ابدا. لماذا لأنه لا يصلح هؤلاء الا بتأديبهم حتى يعرفون العلم فتجده يحظر مدة بعد ذلك اذا ثبت له حرصه قال سم قال بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد هو قول الله تعالى وما خلقت الجن الا والانس الا ليعبدون قال حسبك. ابتدأ المصنف رحمه الله بقول كتاب التوحيد ثم شرح له الترجمة وشرح له قال والله اعلم وصلى الله وسلم على نبيه محمد يجعل مدة طويلة وهو لا يقرئه الا شيئا ليعلم ثباته على العلم ثم بعد ذلك يبدأ يزيده فيزيد يزيد حتى ربما اذا كان جاد بلغ ان يقرأ اربعين صفحة وكان يقرأ سطر واحد. لماذا؟ يؤدبون بهذا. وهم يريدون ممن يؤدب بهذا ان ينقل من بعده هذا التأديب كي يحفظ العلم يصير الحلم الشريف عزيز وليس حمل مستباحا يدخل فيه كل احد فانه اذا الناس باداب العلم ادركوه. واما اذا لم يتأدب الناس باداب العلم فانه لا يدركه. ولهذا من اعظم اسباب حرمان العلم عندنا التأدب باداب العلم ومن اعظم الاسباب التي ستنالون بها العلم باذن الله سبحانه وتعالى اذا حرص الانسان على الادب وهذا اخر هذا المجلس ونستكمل الكتاب باذن الله تعالى في المجلس القادم. وفي ختام هذا المجلس اود ان اذكر تنبيها وشكرا. فاما التنبيه فان الدرس يكون يوم الثلاثاء بعد صلاة العشاء وينتظر بين الاذان والاقامة في هذا المسجد في ذلك اليوم ثلاثون دقيقة. فمن كانت له في غيره من درس ونحوه فانه يقضيها ثم يأتي بعد ذلك ثم نبتدأ بالصلاة بعده باذن الله تعالى ثم الدرس واما الشكر فاني اشكر ابناء شيخنا الشيخ عبد الله بن عقيل رحمه الله تعالى حرصهم على اقامة هذا الدرس في هذا المسجد واسأل الله ان يكون عملهم وعملي برا به واجرا له رحمه والله تعالى والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين