السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي جعل للعلم اصولا وسهل بها اليه وصولا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ما بينت اصول العلوم. وسلم عليه وعليهم ما ابرز المنطوق منها هو المفهوم. اما بعد فهذا المجلس الاول. في شرح الكتاب الاول من المستوى الثالث من برنامج اصول العلم في سنته السابعة تسع وثلاثين واربعمائة والف واربعون واربعمائة والف. وهو كتاب منهج السالكين. وتوضيح الفقه في دين للعلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. المتوفى سنة ستين وسبعين وثلاثمائة والف. وينبغي قبل الشروع في اقرائه ذكر تنبيهين احدهما ان هذا الكتاب معدود في كتب فقه الحنابلة. لامرين احدهما ان المصنف صرح بهذا. فانه ذكره في رسالة ان بعثها الى تلميذه عبدالله بن عقيل. في الثالث من جمادى الاولى سنة الستين ثلاثمئة والف وهي مثبتة في كتاب الاجوبة النافعة. فقال عند ذكره جمعت من كتب الاصحاب اي من كتب الحنابلة. فهذه النبذة التي اشار اليها في تلك الرسالة في وضعها على كتب الحنابلة. فالكتاب من جملة كتب المذهب الحنبلي ان اصحابه الاخرين عنه عقلوا هذا منه. وعرفوه عنه فلم يعدوه كتابا خارجا عن المذهب. ومن ابين كلامهم في هذا قول تلميذه عبد الله ابن عبد الرحمن البسام رحمه الله في كلام الله عند ذكر هذا الكتاب لذا صنف شيخنا رحمه الله هذا المختصر المفيد على قول واحد في المذهب سواء وافق المشهور من المذهب او وافق القول الاخر. مما يمتاز عن غيره من الاقوال بصحة الدليل وجودة التعليم. وهو لا يخرج عن قول احد مذاهب الائمة الثلاثة انتهى كلامه. وهو يبين ان هذا الكتاب مبني على مذهب الحنابلة قد يخالف المشهور منه. لكنه لا يخرج عن القول الاخر في المذهب. سواء كان ذلك القول رواية او وجها فمثلا مما ذكره المصنف تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة. واطلقه فيشمل البنيان وغيره والقول المشهور في المذهب ان هذا ممنوع منه في الفضاء. اما في البنيان فلا وذلك القول الاخر الذي هو خلاف مشهور المذهب هو رواية اخرى في المذهب فمن الغلط توهم ان هذا الكتاب خارج عن دائرة فقه الحنابلة. بل هو معدود منها على النحو الذي ذكرناه. والتنبيه الثاني ان المعتمد من طبعا هذا الكتاب وعول عليه منها هو طبعة المصنف رحمه الله في حياته. او ما اخذ عنها قريبا بعد وفاته اذ نشره المصنف في حياته مرتضيا له ثم نشره بعده بسنتين من وفاته ابنه عبد الله ثم تلميذه سليمان البسام رحمهما الله. فتلك الطبعات الثلاث هي المعتمدة. لان المصنف رحمه الله كان اذا بعث كتابه للطبع ثم اعيد اليه صار يصحح تجارب الطباعة. فيقدم ويؤخر ويزيد وينقص فلا يعول بعد ذلك على اي نسخة خطية. لان تلك النسخ الخطية منسوخة بالطبعات التي نشرت في حياته. وهذه قاعدة في كتب العلماء الذين طبعت تصانيفهم في حياتهم. ان المعتمد فيما ينسب اليهم من نص الكتاب هو تلك النسخة التي نشرت في حياتهم. ولا يعول على نسخ خطية حينئذ. والنسخة المنشورة اليوم المشتهرة بالطباعة على خلاف هذا. فهي من جهة اثبات نص الكتاب فيها خلل كبير فالعمدة النسخة التي طبعها المصنف في حياته سنة ثلاث وسبعين ثلاثمائة والف وما اخذ عنها قريبا من وفاته. فهو اعلم بكتابه وتلاميذه به وقد قرؤوه عليه رحمه الله قبل وفاته. وسنعتمد القراءة من نسخة المصنف المطبوعة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة والف. ويقرب منها فرعها الذي صور وهو نشرة ابنه عبد الله. اذ بينهما فروق يسيرة واما ما عداها من النشرات فهي لا تنفع فيه الدرس. فمن الدرس المقبل لا يحضر احد سوى صورة من نسخة المصنف ان وجدها او من نسخة تلاميذه كابنه عبد الله وهي التي صورها احد الاخوان ووزعها او من نسخة تلميذه الاخر سليمان البسام رحمة الله على الجميع. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله باللاقط منه. صلى الله وسلم على نبينا محمد. قال المصنف رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئاتنا اعمالنا من يهده من يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فهذا كتاب مختصر في الفقه. جمعت فيه بين المسائل والدلائل. لان العلم معرفة الحق بدليل اليه والفقه معرفة الاحكام الشرعية الفرعية بادلتها من الكتاب. من الكتاب والسنة والاجماع والقياس الصحيح واقتصرت على الادلة المشهورة خوفا من التطوير. واذا كانت المسألة خلافية اقتصرت على القول الذي ترجح عندي تبعا للادلة الشرعية الاحكام خمسة الواجب وهو ما اثيب فاعله وعوقب تاركه والحرام ضده والمسنون وهو ما اثيب فاعله ولم يعاقب تاركه. والمكروه ضده. والمباح وهو الذي فعله وتركه على حد سواء ويجب على المكلف ان يتعلم منه كل ما يحتاج اليه في عباداته ومعاملاته. قال صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. متفق عليه. ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة ثم قال وبه نستعين. مفصحا عن مقصد جليل من مقاصد مصاحبة اسم الله. وهو حصول اعانته ثم ثنى بالحمدلة ثم ثلث بالشهادتين. الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة. وهؤلاء الثلاث من اداب التصنيف اتفاقا فمن صنف كتابا استحب له ان يستفتحه بهن ثم ذكر نعت كتابه فقال فهذا كتاب مختصر في الفقه. جمعت فيه بين المسائل والدلائل. لان العلم معرفة الحق بدليله. وهذه الجملة من القول مشتملة على امور اولها في قوله فهذا كتاب مختصر في الفقه فالمختصر هو ما قل مبناه وجل معناه. فيكون اللفظ قليلا والمعنى جليلا. ووضع المختصرات هو المناسب للمبتدئين فالمختصر وسيلة الوصول الى الانتهاء. وهذا المختصر موضوع في علم الفقه وسيأتي بيان معناه في كلامه. وتقدم ان الكتاب معدود في كتب فقه الحنابلة. فتكون ال في قوله الفقه عهدية فيراد به الفقه الحنبلي. وهو الفقه المنسوج على مذهب الامام ابي عبدالله احمد ابن محمد ابن حنبل. رحمه الله متوفى سنة احدى واربعين ومئتين. وثانيها في قوله جمعت فيه بين المسائل والدلائل. فالكتاب الموصوف بكونه مختصرا في الفقه جامعا بين جهتين يتعلق بهما الفقه. احداهما جهة مسائل والاخرى جهة الدلائل. فاما الجهة الاولى وهي جهة المسائل فالمسائل جمع مسألة. وهي الخبر المدلول على صدقه وهي الخبر المدلول على صدقه. فاسم المسألة يجمع وصف الخبرية فليست انشاء وكونها مشهودا بصدقها اي قام الدليل عليها. فشهد بصدقها وصحتها. واما الجهة الثانية وهي جهة الدلائل فالدلائل جمع دليل والدليل هو ما يتوصل بصحيح النظر فيه الى تصديق خبري. ما يتوصل في صحيح النظر فيه الى تصديق خبري. والمثال الجامع للجملة المذكورة قولنا الاصل في الماء الطهارة. لقوله صلى الله عليه وسلم ان الماء لا ينجسه شيء. فالجملة الاولى من القول الاصل في الماء الطهارة هي مسألة وقولنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الماء طهور لا ينجسه شيء هي ايش هي دليل وسلك المصنف رحمه الله في المسائل الاقتصار على وفي الدلائل الاقتصار على اصولها. وهذان اسمان في صناعة الفقه. احدهما رؤوس البسائل. والاخر اصول الدلائل فاما الاسم الاول وهو رؤوس المسائل فالمراد به امهاتها من المسائل التي يكثر ذكرها ويحتاج اليها. ويستعمل هذا الاصطلاح غالبا في مسائل الخلاف بين المذاهب المتبوعة كالحنفية والشافعية او الحنابلة والشافعية فتجد كتابا اسمه رؤوس المسائل يختص بالخلاف مذهبين وتارة يكون هذا اسما لكتاب يشتمل على المسائل وربما استعمل هذا الاصطلاح في غير علم الفقه. فمن المصنفين في النحو من صنف كتابا سماه رؤوس المسائل. اي في صناعة النحو. واما الاسم الثاني وهو اصول الدلائل فالمراد به اكثر الادلة ذكرا واوسعها دلالة اكثر الادلة ذكرا واوسعها دلالة. كالواقع من مختصرات المشهورة في احاديث الاحكام كعمدة الاحكام وبلوغ المرامي هذان الكتابان لم يستوعبا احاديث الاحكام. واقتصر على اصولها ومن انفع الكتب التي جمعت اصول الدلائل من القرآن والسنة في تابوا اصول الاحكام. للعلامة عبدالرحمن ابن قاسم رحمه الله. فانه عمد الى جمع اصول الدلائل من القرآن والسنة في الكتاب المذكور ثم شرحه في كتاب بالمعروف باسم الاحكام. والجملة الثالثة في قوله لان العلم معرفة الحق بدليله. اي ان المعرفة التي يحكم بكونها علما هي المعرفة المصحوبة بالدليل. فمتى اقترن الدليل بتلك المعرفة صارت علما. وقد نقل ابو عمر بن عبدالبر في جامع بيان العلم بفضله وابو عبدالله ابن القيم في اعلام الموقعين الاجماع على ان العلم هو معرفة الحق بدليله. واشار الثاني الى هذا المعنى بقوله في الشافية والعلم معرفة الهدى بدليله ما ذاك والتقليد يستويان وهذا الوصف الذي ذكره المصنف في الجمل الثلاث المذكورة لكتابه بكونه مختصرا في الفقه جامعا بين المسائل والدلائل لان العلم معرفة الحق دليل كاف في حصول ابتداء تصور الفقه للمتفقه. فان تفقه عند الابتداء يؤخذ شيئا فشيئا. ولا يثقل كاهله بما عليه علم الفقه. ووفق هذا النعت فالكتاب المذكور كالمفتاح للفقه فلا يترشح الاخذ به لحصول ملكة تامة. لكنه يحبب اليهم اقرأ وهذا مقصود المصنف فانه وضعه للمبتدئين من الطلبة لتحبيبهم في علم الفقه وتعليمهم ما يلزم من مهمات مسائله في في اكثر ابوابه. ومتى كان هذا هو وضع الكتاب فالمناسب حين اذ ان يسير الشرح وفق ما يساوي هذا النعت. فلا يتوسع في ذكر اقوال والادلة ويكتفى بما ذكره من دليل او قول فمن اهم مهمات عند ابتداء التفقه الحرص على تصور المسائل مع معرفة ما يحتاج اليه من مهمات الدلائل دون استيعاب لها. ووقع في كلام المصنف في نسخة قديمة زيادة بيان توضح وصف هذا الكتاب ثم حذفها بعد لعدم احتياج المبتدئين اليه. فانه قال في نسخة قديمة كما سلف واقتصرت فيه على اهم الامور واعظمها نفعا لشدة الضرورة الى هذا وكثيرا ما اقتصر على النص اذا كان الحكم فيه واضحا لسهولة حفظه وفهم على المبتدئين. انتهى كلامه. ونظيره ايظا قوله في رسالة بعث بها الى تلميذه ابن قيل في الثالث من جمادى الاولى سنة الستين وثلاثمائة والف قال وحرصت على باوضح ما يقدر عليه من العبارات. واذا كان الحديث مشتملا على حكم واحكام اقتصرت على ايراده لان عبارات الشارع اوضح من كل العبارات. انتهاك وقال ايضا في رسالة قبلها بعثها في الثالث عشر من شهر المحرم سنة ستين وثلاث مئة والف لما ذكر ترتيب قراءة المبتدئين عند كبار طلابه وما يتلقونه من علوم قال والفقه بكتاب اختصرناه فصار اقل من جميع المختصرات اللي تعرفون اي التي تعرفونها من مختصر المقنع ومن العمدة وافصل المختصرات اصغر منها كله هكذا ولعله كلها. ثم قال ليس ذلك لكثرة مسائل وتمكنا من تقليل لفظ انما هو اقتصار على ما يحتاج اليه في كل باب. ولهذا على اختصاره فهو واضح ايضا مشتمل على الدليل وقد تكون المسائل هي الدليل من غير ان نأتي بكلام غير كلام الشارع انتهى كلامه. وفيه من زيادة البيان المحتاج اليها في فهم الكتاب ان المصنف ربما ساق الدليل مكتفيا به عن ذكر المسائل. لما بينه من ان الشارع اوفى من عبارة غيره. فمتى امكن الاتيان باللفظ الوارد في الشرع فهو المقدم اشار الى هذا ابن القيم في اعلام الموقعين والشاطبي في الموافقة واسم الشارع يراد به واضع الشرع وهو يصح خبرا عن الله سبحانه وتعالى. اما النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمى شارعا. في اصح قولي اهل العلم وهذه الرسائل وغيرها تفيد ان المصنف الف هذا الكتاب اخر سنة تسع وخمسين وثلاث مائة والف. في شهر ذي القعدة او شهر ذي الحجة. فانه ذكر في رسالة لتلميذه ابن عقيل مؤرخة في التاسع من ذي القعدة سنة تسع وخمسين وثلاثمائة والف انه يرغب ان يضع للمبتدئين من اصحابه انتصرا في الفقه يأخذونه عن كبارهم. ثم ذكر له في رسالة اخرى مؤرخة في الثالثة عشر من شهر المحرم سنة ستين وثلاث مئة والف انه صنف هذا الكتاب وهو رحمه الله كان في يوم الرابع من المحرم سنة ستين وثلاث مئة والف في مكة مكرمة فيكون قبلها باربعة ايام في الطريق فلا يكون في شهر المحرم في بلده عنيزة فيكون تصنيف هذا الكتاب قطعا سنة تسع وخمسين وثلاث مئة والف في شهر ذي القعدة او شهر ذي الحجة. ويكون قد مضى عليه منذ صنفه ثمانين سنة ومدة يسيرة. تكون شهرا او ازيد بقليل. ثم ذكر المصنف حقيقة الفقه الذي جعل هذا المختصر فيه فقال فقه معرفة الاحكام الشرعية الفرعية بادلتها. وهذا للفقه يجمع ثلاثة امور. اولها انه معرفة اولها انه معرفة اي ملكة قائمة في نفس المتلقي. اي ملكة قائمة في نفس المتلقي. والملكة هي الهيئة الراسخة في النفس. والملكة هي الهيئة الراسخة في النفس. وتانيها ان هذه المعرفة تتعلق بالاحكام الشرعية شرعية فرعية. والمختار كما تقدم في شرح الورقات تسميتها الاحكام الشرعية الطلبية وثالثها ان هذه المعرفة مقرونة بادلتها باءوا في قوله بادلتها للانصاف. والمعنى المناسب هنا من الالصاق هو المصاحبة فتكون تلك الاحكام الشرعية الطلبية مصحوبة ادلتها والمشتغلون بالفقه باعتبار علمهم بالدليل احدهما من يعلم كونه دالا على مسألة فقهية. من يعلم كونه دالا على مسألة فقهية. والاخر من يعلم كونه مستدل به على مسألة فقهية. من يعلم كونه مستدلا به على مسألة فقهية والفرق بين المقامين ان الاول مستنبط للحكم من الدليل الاول مستنبط للحكم من الدليل. وهذا وصف المجتهد. والاخر عنده علم بكون الدليل مستدلا به على تلك المسألة. عنده علم بكون الدليل مستدلا به على تلك المسألة. وتقدم في شرح الورقات ان المختار في حد الفقه عند الفقهاء انه ايش؟ يعني الاحكام الشرعية الطلبية. الاحكام الشرعية الطلبية. فاذا اطلق اسم عندهم دل على هذا. فتندرج فيه المسائل الاجتهادية وغير الاجتهادية للاصوليين الذين يخصونه بالمسائل الاجتهادية. ثم ذكر امهات الادلة عند الاصوليين والفقهاء فقال من الكتاب والسنة والاجماع والقياس الصحيح. فالثلاثة الاولى مجمع عليها. فهي حجة واما جعل القياس دليلا فهو قول الجمهور وهو الصحيح. وقيد المصنف القياس قوله القياس الصحيح ليش؟ الجواب لاخراج القياس الفاسد لاخراج القياس الفاسد. اذ لا يعد دليلا. قال الله تعالى الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان. فالميزان منه القياس الصحيح ذكره ابن تيمية الحفيد في مواضع من كتبه وابن القيم في اعلام الموقعين والمصنف في القواعد والاصول الجامعة. وقال الاول منهم وهو ابن تيمية الحفيد في اقامة الدليل لما ذكر الاية فالكتاب هو النص والميزان هو العدل. ومنه القياس الصحيح. فالكتاب هو النص والميزان هو ومنه القياس الصحيح انتهى كلامه. ثم ذكر جادته فيما ينتخب من الادلة فقال واقتصرت على الادلة المشهورة خوفا من التطويل فالحامل له على ذكر بعض الادلة دون بعض ارادته الاعلام الادلة المشهورة فانها كما تقدم اكثر دورانا واوسع استدلالا فيكثر ذكرها في كلام المتكلمين في الفقه ويكون الواحد من تلك الادلة مشتملا على مسائل كثيرة. ويمنع هذا الاقتصار من التطويل لعدم مناسبته المبتدئين فالتطويل للمبتدئ يفسد علمه تصنيفا او تدريسا. فمن اراد نفع مبتدأ حمله على صلاة ولقنه مسائلها شيئا فشيئا بما يناسب قواه في الفهم والادراك ثم اشار الى طريقته في المسائل الخلافية. والمراد بها في كلامه المسائل الاجتهادية. فان اسم الخلاف اوسع من اسم الاجتهاد فالمسائل الخلافية كل ما اختلف فيه. والسائغ الاختلاف فيه هو المسائل الاجتهادية فقط اشار الى هذا ابن تيمية الحفيد وصاحبه ابو عبد الله ابن القيم وامام الدعوة في رسالة القواعد الاربع التي تدور عليها الادلة وهي رسالة في الفقه غير الرسالة المعروفة باسم القواعد الاربع. فهذه في العقيدة. فاذا وقع في كلام الراسخين قولهم المسائل الخلافية فان عندهم عهدية يريدون بها الاجتهادية لان الخلاف المقبول هو ما تعلق بها. اما المسائل التي ليست اجتهادية فان الخلاف فيها غير مقبول. وقال المصنف في بيان بطريقته في تلك المسائل الخلافية الاجتهادية. واذا كانت المسائل خلافية اقتصرت على القول الذي ترجح عندي تبعا للادلة الشرعية. انتهى كلامه. وهذا القول الذي اثبته وان كان في تلك المواضع خلافا للمشهور في المذهب فهو قول مذكور في المذهب. فترجيحه غير خارج عن الترجيح في المذهب واسم الترجيح يراد به اصلا تقديم شيء على شيء. ومورده في الفقه شيئان. احدهما ترجيح دليل على دليل. وهذا مبحوث عند من الاصوليين في باب التعارض والترجيح. والاخر ترجيح قول على قول وهذا مبحوث عند الفقهاء وهذا مبحوث عند الفقهاء وهو متعلق كلام المصنف. وترجيح قول على قول في الفقه نوعان احدهما ترجيح مطلق. اي غير مقيد بشيء. فلا مذهب ولا زمان ولا مكان ولا فتيا وهذا مجتهدين وهذا للمجتهدين اجتهادا مطلقا. والاخر ترجيح مقيد ترجيح مقيد. وهو نوعان ايضا. الاول ترجيح مقيد بمذهب. كان يقال الراجح في مذهب الحنابلة وكذا والاخر ترجيح مقيد بفتيا ترجيح مقيد بفتيا. فلا ينسبه مرجحه. الى ترجيح مطلق لانه ليس من المجتهدين اجتهادا مطلقا ولا يجعله من ترجيح المذهب وان ترجيح فتيا باعتبار حال او زمان او مكان ومنه الترجيح في النوازل اليوم كالتلقيح الصناعي او اللبن او غيرها من المسائل الطبية او المالية المتعلقة باحوال الناس فالترجيح هنا غالبا يكون ترجيح فتيا فالمتكلمون فيه لا يصلون الى مرتبة الاجتهاد المطلق ولا هم ايضا يجعلونه راجحا باعتبار مذهب اب وانما باعتبار فتيا احتياج اليها في زمان او مكان او والترجيح بين الاقوال مركب صعب. لا يسوغ شرعا الا للقادر عليه المتأهل فيه. واهله اليوم وسط بين طائفتين طائفة تتجرأ على الترجيح مع فقد الته وطائفة تمنع عمن ملك اهليته. وفي كتاب البحر المحيط للزركشي والفروق للقرافي واعلام الموقعين لابن القيم مسألة كلام بعضهم يشبه فيها بعضا وكان بعضهم اخذ عن بعض في ذكر من يصح له الاجتهاد من اهل الاجتهاد المطلق. ولا من اهل الاجتهاد المقيد من اصحاب الوجوه. والاقوال ولا دون بل من دون ذلك. يفهم الواقف فيها ان هذه المسألة ثبت على نحو يبقيه في الناس محفوظا دون تهور فيه ركوب الاجتهاد ولا تقعر وجمود في المنع منه. ويعرف به معيار اهل العلم فيما يجتهدون فيه وما لا يجتهدون. ثم ذكر المصنف رحمه الله قسمة الاحكام والمراد بها هنا الاحكام الطلبية التي يسميها عامة الاصوليين بالتكليفية واقتصر عليها المصنف لان الحاجة اليها اشد. والحكم بها اكثر دوران الفاظ هذه الاحكام الخمسة اكثر من غيرها. اذ تقدم ان الحكم الشرعي الطلبية نوعان احدهما الحكم التكليفي والاخر الحكم الوضعي وذكرنا حينئذ في شرح الورقات ان اسم الحكم التكليفي معدول عنه فانه مبني على اعتقاد خلاف اعتقاد اهل السنة والجماعة. فينظر من الموضع المذكور وهذه الاحكام الخمسة يعبر عنها بالفاظ من جملتها المذكور في كلام المصنف وهو الواجب والحرام والمسنون والمكروه والمباح. فهذه الصيغ هي اسم للحكم الشرعي باعتبار تعلقه بالعبد. اسم للحكم الشرعي ادبار تعلقه بالعبد. وتقدم ان المقدم هو التعبير عنها باعتبار تعلقها بمن بالله الذي هو الحاكم سبحانه وتعالى. فيقال الايجاب والنفل والكراهة والتحريم والاباحة او التحليل. واختار المصنف وغيره وهم عامة الفقهاء الالفاظ المذكورة هنا للتعبير بها انها اوضح وابين في الدلالة على حكم العبد. لانها اوضح وابين في الدلالة على حكم فعل العبد. فالمراد في الفقه بيان احكام افعال العباد والمراد بالافعال هنا ما يقع منهم ويصدر عنه. فالفعل هو الايجاد الفعل هو الايجاد سواء كان اعتقادا او قولا او عملا. وسلك الله في بيان هذه الاحكام الخمسة مسلكا قريب المأخذ للمبتدئين. بعبارة تقرب لافهامهم حقائق هذه الاحكام. فهي مناسبة للابتداء. واما من جهة تحقيق القول فيها فقد سبق بيانه في شرح الورقات فالحكم الاول هو الواجب. وقال فيه وهو ما اثيب فاعله وعوقب تاركه. اي باعتبار اصل ذلك. فكل واجب توجد فيه اثابة فاعله ومعاقبة تاركه. اما من جهة التحقيق فان فاعله يكون موعودا بالثواب ويكون تاركه متوعدا بايش؟ بالعقاب. ثم لابد من وجود الامتثال فيه بان يفعله عن نية بارادة التقرب من الله سبحانه وتعالى ثم بين الحكم الثاني وهو الحرام فقال والحرام ضده اي ما اثيب تاركه وعوقب فاعله. ثم بين الحكم الثالث فقال والمسنون ما اثيب فاعله ولم يعاقب تاركه. فالفرق بينهم وبين الواجب هو تخلف عقاب تاركه. فتارك المسنون لا يعاقب خلاف تارك الواجب فانه يعاقب. والمراد بعقابه هنا توعده بذلك اذ قد يقوم مانع يمنع من عقوبته. ثم بين الحكم الرابع فقال والمكروه ضده اي ضد المسنون فهو ما اثيب ايش؟ تاركه وايش ولم يعاقب فاعله. ثم بين الحكم الخامس فقال والمباح وهو الذي فعله وترك على حد سواء. اي ان العبد مخير بين الفعل والترك. وهذه من معاني هذه الاسماء هي كما تقدم بما يناسب حال المبتدئين في الفقه ويقربهم من فهم الاحكام تذكر فيها هذه الالفاظ بانه اذا قيل ويجب او ويحرم او ويسن او او ويباع فالمراد به هذه المعاني القريبة المأخذ. وتقدم بيان انواع الاحكام الشرعية واسمائها ومعانيها في شرح الورقات ثم ذكر المصنف حكم تعلم الفقه فقال ويجب على المكلف ان يتعلم منه كل ما يحتاج اليه في عباداته ومعاملاته. قال صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. والمكلف هو من هو البالغ العاقل. فالجامع وصف العقل والبلوغ يسمى عند الاصوليين والفقهاء مكلفا. والاسم الموضوع له شرعا هو ايش؟ هو العبد والاسم الموظوع له شرعا هو العبد. اذ اسم التكليف لم يرد في والسنة على المعنى الذي اصطلح عليه الاصوليون والفقهاء وفيهما فيه من اعتقاد مخالف لقادة اهل السنة كما تقدم. والمقصود انه يجب على العبد ان يتعلم الفقه ومقدار ما يجب منه هو المذكور في قوله. كلما يحتاج اليه في عباداته ومعاملاته فتعلق الوجوب بالعبد مناط بايش؟ بعمله به مناط بعمله به. فاذا اراد ان يعمل بشيء في عباداته او فان تعلمه احكام ذلك يكون واجبا. وهذا احسن الاقوال فيما يجب من العلم. وهو ان كل ما وجب العمل به فانه يجب تقدم العلم عليه ان كل ما يجب العمل به فانه يجب التقدم العلمي عليه جماعة منهم الاجري في فرض طلب العلم وابن القيم في اعلام والقرافي في الفروق. وهذا الايجاب له نوعان احدهما ما يجب ابتداء ما يجب ابتداء كطهارة العبد وصلاته. والاخر ما يجب لملابسته ما يجب لملابسته والاشتغال به. كعلم احكام البيوع. لمن اشتغل ايش؟ بالتجارة. فان لم يكن تاجرا فلا تجب عليه احكام البيوع وذكر المصنف الدليل وهو حديث معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. متفق عليه اي رواه البخاري ومسلم الذي هو علم من مشمولات اسم الفقه شرعا. فان اسم الفقه شرعا او اوسع من اسم الفقه اصطلاحا. فالفقه شرعا وايش؟ يعني بعبارة ادق احسنت هو ادراك خطاب الشرع مع العمل به. هو ادراك خطاب الشرع مع العمل به. من ذكره ايش؟ ذكره ابن القيم في مفتاح دار السعادة وابن سعدي في مجموع الفوائد ونقل الاول اجماع السلف على ان اسم الفقه لا يكون الا باجتماع العلم والعمل. ونقل الاول السلف على ان اسم الفقه لا يكون الا باجتماع العلم والعمل. اما الفقه اصطلاحا تونا ذكرناها الاحكام الشرعية الطلبية. اما الفقه اصطلاحا فالاحكام الشرعية الطلبية فقوله صلى الله عليه وسلم يفقهه في الدين ان يرزقه العلم والعمل به. ومن افراد ذلك كاسم الفقه اصطلاحا. وهو الاحكام الشرعية الطلبية. نعم. قال رحمه الله تعالى فصل قال النبي صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله اقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه. فشهادة ان لا اله الا الله علم العبد واعتقاده التزامه انه لا يستحق الالوهية والعبودية الا الله الا الله وحده لا شريك له. فيوجب ذلك للعبد اخلاص جميع الدين لله تعالى وان تكون عباداته الظاهرة والباطنة كلها لله وحده. وان لا يشرك به شيئا في جميع امور الدين وهذا اصل دين جميع المرسلين واتباعهم كما قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا الا انا فاعبدون. وشهادة ان محمدا رسول الله ان يعتقد العبد ان الله ارسل محمدا صلى الله عليه وسلم الى جميع الانس والجن بشيرا ونذيرا يدعوهم الى توحيد الله وطاعته بتصديق خبره وامتثال امره. وانه لا سعادة ولا صلاح في الدنيا والاخرة الا بالايمان به وطاعته. وانه يجب تقديم محبته على النفس والناس اجمعين. وان الله ايده بالمعجزات الدالة على رسالته. وما جبله الله عليه من العلوم الكاملة والاخلاق العالية. وما اشتمل عليه دينه من الهدى والرحمة والحق والمصالح الدينية والدنيوية. وايته الكبرى هذا القرآن العظيم بما فيه من الحق في الاخبار والامر والنهي والله اعلم. جعل المصنف رحمه الله فاتحة تراجم كتابه قوله فصل وكان اثبتها اولا قائلا كتاب الطهارة ثم عدل عن ذلك. ورأى ان المناسب الترجمة بقوله فصل فهو اوفق في الدلالة على المقصود من ذكر كتاب الطهارة ها هنا اذ انه يقصد كون المذكور في هذا الفصل شعبة من الكلام المتقدم يرجع اليه ويتعلق به. والتراجم جمع ترجمة وهي في اصطلاح المصنفين ما يجعل عنوانا لجملة من الكلام ما يجعل عنوانا لجملة من الكلام. سميت ترجمة لانه يترجم عما بعده. سمي ترجمة لانه يترجم عما بعده. فهو يعبر عن هو يدل عليه وتراجم منهج السالكين نوعان احدهما تراجم كلية تراجم كلية وهي المعقودة بقوله كتاب ككتاب الطهارة وكتاب الزكاة. وعدتها خمس عشرة ترجمة. وعدتها خمس عشرة ترجمة اولها كتاب ايش؟ الصلاة. اولها كتاب الصلاة واخرها كتاب القضاء. واخرها كتاب القضاء. والاخر تفصيلية. تراجم تفصيلية. وهي نوعان ايضا. الاول ما عقد بقوله باب. ما عقد بقوله باب. كباب فنجان وباب صفة الوضوء. وعدتها سبع واربعون ترجمة معدتها سبع واربعون ترجمة. اولها باب الاستنجاء واداب قضاء الحاجة. اولها وباب الاستنجاء واداب قضاء الحاجة. واخرها باب الاقرار. واخرها باب باقرار والثاني ما عقد بقوله فصل. ما عقد بقوله فصل دون اضافة. فلا يضيف اليه ما يبين ما تحته من المعاني. وعدتها تراجم وعدتها ثلاث تراجم اثنتان منها في كتاب الطهارة وواحدة في كتاب الطلاق اثنتان منها في كتاب الطهارة وواحدة اثنتان منها في ابواب الطهارة اذا هو لم يترجم كتاب وانما ترجم بباب باب فيقال في ابواب الطهارة في صدر الكتاب وواحدة في كتاب الطلاق. ولم يقيد المصنف قوله هنا فصل باضافة ترجموا عما بعده من الكلام. فقال بعدها قال النبي صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان رواه البخاري ومسلم. ذاكرا حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البخاري ومسلم واللفظ للبخاري مريدا جعله اصلا يدور عليه كتابه مريدا جعله اصلا يدور عليه كتابه. ففيه مباني الاسلام واركانه العظام الشهادتان والصلاة والزكاة والحج والصيام. فاما هذا ثاني فبينها المصنف بما ذكره موجزا. واما بقية الاركان الخمس فافاض في بيان احكامها فيما يستقبل من الكلام. لانها اهم المهمات في الاحكام الشرعية الطلبية التي وضع الكتاب لاجلها. وقدم المصنف الصيام على الحج. تبعا للمشهور عند الفقهاء. فجعل كتاب الصيام بين يدي كتاب الحج خلافا لرواية الحديث التي ذكره. خلافا لرواية الحديث التي ذكرها. ففيها تقديم الحج الصيام. وما فعله موافق رواية اخرى للحديث عند مسلم فيها تقديم الصيام. وما بعد هذه الاركان الخمسة فهو تابع لها احكام الدين كله نوعان. احدهما احكام الاركان احكام الاركان وهي الاحكام المتعلقة بهذه الاركان الخمسة المذكورة في الحديث. والاخر احكام ما ليس ركنا من الدين. احكام ما ليس ركنا من الدين. ومنها بقية الاحكام الشرعية الطلبية المذكورة بعد العبادات. المذكورة بعد العبادات وما يقع في كلام بعض اهل العلم من عدهم شيئا انه ركن سادس الاسلام كمن يقول الجهاد هو الركن السادس للاسلام او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الركن السادس للاسلام فمراده تعظيمه. والحث عليه لا انه ركن حقيقي ومن اشهر احكام الدين التي ليست اركانا كما تقدم ابواب الفقه. ومن اشهر احكام ام الدين التي ليست اركان كما تقدم؟ ابواب الفقه التي تعد ثلاثة ارباعه الاخيرة فان الفقه اربعة ارباع. فان الفقه اربعة ارباع. الربع الاول ربع العبادات. والربع الثاني ربع المعاملات. والربع الثالث ربع النكاح وتوابعه. والربع الرابع ربع الجنايات حدودي والمخاصمات. فهذه الارباع الاربعة هي بنيان الفقه تارة يكون المبحوث عنه من الفقه من ربع العبادات وتارة من ربع المعاملات وتارة من ربع النكاح وتارة من ربع الجنايات والحدود والمخاصمات والاحاطة بهذه القسمة الرباعية نظير الاحاطة بالصورة التامة ذكرناها للكتاب من كتب وابواب وفصول. فان الاحاطة بشيء تعين على فهمه. فصورة الفقه تكون كاملة اذا استحضرت كونه عبادات ومعاملات وانكحة وجنايات وما يتبعها. كما ان سورة الكتاب تكون كاملة اذا احطت علما بانه يدور على خمس عشرة ترجمة باسم كتاب سبع واربعين ترجمة باسم باب وثلاثة تراجم باسم قصر. وهذه الاحاطة هي التي تجعل صورة العلم فقرة في النفس ومما يعين عليها الاختصار في مقامين. احدهما الاختصار في الكتاب الذي يتلقى منه. الاختصار في الكتاب الذي يتلقى منه الاخر الاختصار من الشيخ الذي يتلقى عنه. الاختصار من الشيخ الذي تلقى عني. فمن رزق في اخذ العلم. معلما يحمله على اخذ مختصرات حفظا وفهما مع شرحه لها شرحا يقلل فيه العبارات انتفع انتفاعا عظيما في رسوخ صورة العلم في نفسه كاملة في مدة يسيرة وهكذا كان الناس قبله. فكانوا يحيطون بمهمات العلوم من مختصراتها في قليلات وقد كان شيخ شيوخنا ابن قاسم العاصم رحمه الله يذكر ان طالب العلم في هذا القطر يطلبه سبع سنين ثم يترشح للقضاء وذلك لحسن التعلم والتعليم. فلما تغيرت الاحوال ودخل الخلل في التعلم تعليم صار المرء يبقى مدة طويلة لا يفقه من العلم قدرا يوازن هذه المدة. وتقدم ان المصنف رحمه الله اقتصر في بيان الشهادتين على جملة القول التي ذكره. فقال فشهادة ان لا اله الا الله علم العبد واعتقاده والتزامه انه لا يستحق الالوهية والعبودية الا الله وحده لا شريك له. ومدار اسم الشهادة على علم واعلام وحضور. ومدارس الشهادة على علم واعلام وحضور. ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة. ومما يندرج في هذا العلم بلا اله الا الله واعتقادها والتزامها فيعلم العبد انه لا اله الا الله ويعلم بذلك اي يقر اعترف ثم يلتزم. فمتى وجد هذا المعنى عنده حصلت له الشهادة بانه لا اله الا الله. ومعنى لا اله الا الله لا معبود حق الا الله وهذا يجمع امرين احدهما اثبات العبادة لله اثبات ذات العبادة لله والاخر نفي استحقاقها عن غيره. نفي استحقاقها عن غيره وهو معنى قول المصنف لا يستحق الالوهية والعبودية الا الله وحده لا شريك له ثم ذكر ما تقتضيه هذه الشهادة فقال فيوجب ذلك للعبد اخلاص جميع الدين لله تعالى وان تكون عباداته الظاهرة والباطنة كلها لله وحده والا يشرك به شيئا في في جميع امور الدين اي ان من شهد لله بانه المعبود الحق فلا معبود حق سواه فانه يجب عليه ان يخلص دينه لله فتكون اداته كلها لله وحده. متبرئا من الاشراك به فان من اخلص لله برئ من الشرك. فالمطلوب اصلا هو الاخلاص. لله وحدة ولازمه ترك الاشراك به. ولذلك قال الله فاعبد الله مخلصا وقال وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. وتقدم ان الاخلاص شرعا وايش؟ تصفية القلب من ارادة غير الله. تصفية القلب من ارادة غير الله. اي لا في القلب ارادة سواه. فمن حصل له هذا المقام برئ من صولة الشرك فلم يجعل لله شريكا في شيء من عمله الظاهر او الباطن. ثم بين المصنف مرتبة هذه الشهادة لله بالوحدانية وما تقتضيه من اخلاص الدين فقال وهذا اصل الدين جميع المرسلين واتباعهم. كما قال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. فكل رسول بعثه الله في امة دعاهم الى توحيد الله بافراد العبادة لله وحده والبراءة من الشرك. فدين الانبياء جميعا هو الاسلام. اي اسلام الدين لله. ويقع ذلك بالاستسلام له وتعالى بالتوحيد والبراءة من الشرك واهله. ثم قال المصنف في بيان شهادة ان محمدا رسول الله وشهادة ان محمدا رسول الله ان يعتقد العبد ان الله ارسل محمدا صلى الله عليه وسلم الى جميع الثقلين. حتى قال ايته الكبرى هذا القرآن العظيم بما فيه من الحق في الاخبار والامر والنهي والله اعلم انتهى كلامه فحقيقة شهادة ان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله هو اعتقاد العبد انه لا رسول من الله في هذه الامة الا يا محمد انه لا رسول من الله في هذه الامة الا محمد. فكما يكون معنى لا اله الا الله هو لا معبود حق الا الله يكون معنى اشهد انه محمدا رسول الله انه لا رسول من الله في هذه الامة الا محمد صلى الله عليه وسلم. فان قيل دلت الادلة ان عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ينزل في اخر الزمان في مدة امة محمد صلى الله عليه وسلم وهو رسول ما الجواب؟ وجوابه انه حال نزوله يكون معدودا في هذه الامة تابعا نبيا. انه حال نزوله يكون معدودا في هذه الامة. تابعا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف بكم اذا نزل فيكم عيسى ابن مريم وامكم منكم. ومعنى قوله وامكم منكم اي فيكم بكتاب الله الذي هو القرآن وسنة محمد صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر المصنف رحمه الله ستة امور تتعلق بالشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة اما تعلقا اصليا واما تعلقا تابعا فالاول في قوله ان يعتقد العبد ان الله ارسل محمدا صلى الله عليه وسلم الى جميع الانس والجن. اي انه صلى الله عليه وسلم رسول من الله في هذه الامة الى الجن والانس معا. ويسمى الانس والجن ثقلين لماذا؟ لكثرتهم وان الارض تثقل بهم. لكثرتهم وان الارض تثقل بهم والثاني في قوله بشيرا ونذيرا. فهو يبشر من اطاعه. بالفلاح وينذر من عصاه الخسارة. فاسم البشارة متعلقه الخير. واسم النذارة متعلقه الشر. وما وقع في القرآن من جعل البشارة في الشرع. كقوله تعالى فبشرهم بعذاب اليم. فاحسن ما قيل فيه انه واقع على وجه تبكيت اي التقريع واللوم والتوبيخ. ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة. فيكون نظير قوله تعالى ذو انك انت العزيز الكريم. والثالث في قوله يدعوهم الى الله وطاعته بتصديق خبره وامتثال امره. لانه صلى الله عليه وسلم الينا داعيا الى توحيد الله عز وجل وطاعته سبحانه بتصديق خبره وامتثال امره. والمراد بالامر هنا الطلب الذي يتعلق به الفعل والترك. ورابعها في قوله وانه لا سعادة ولا صلاح في والاخرة الا بالايمان به وطاعته. فلا يحصل للخلق سعادة او وصلاح عاجل او اجل في الدنيا والاخرة الا اذا تحققوا بالايمان بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم واطاعوه. وخامسها في قوله وانه يجب تقديم محبته على النفس والناس اجمعين. فيجب على العبد ان يقدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم فمحبته من اصل الدين. وسادسها في قوله وان الله ايده بالمعجزات الدالة على رسالته وما جبله الله عليه من العلوم الكاملة والاخلاق العالية وما اشتمل عليه دينه من الهدى والرحمة والحق والمصالح الدينية والدنيوية فمحمد صلى الله عليه وسلم مؤيد اي منصور من ربه بانواع من تأييدي ذكر منها المصنف ثلاثة الاول المعجزات الدالة على رسالته. والثاني جبلته صلى الله عليه وسلم بما له من العلوم الكاملة والاخلاق العالية. والثالث ما اشتمل عليه دينه من الخير. ما اشتمل عليه دينه من الخير فاما الاول وهو التأييد بالمعجزات الدالة على رسالته فتقدم ان اسم اجنبي عن الكتاب والسنة. وان مبتدأ وضعه على يد المعتزلة. وجعلوه لمعنى رتبوا. واما في الكتاب والسنة فانه يسمى ايش اية وايش ايضا؟ برهانا يعني ها قربت. بعد الاية دايم اذكر معه بينة بينة. وثالثها برهانا وبرهانا. وبرهانا. فهذه الالفاظ الثلاثة هي التي تذكر عند الخبر عما ايد به الانبياء وتسمى المعجزات الدالة على النبوة باسم اخص من الاية والبينة والبرهان وهو اسم ايش؟ الشرع قل لهم باسمي الايات الكبرى باسم الايات الكبرى. قال تعالى لنريك من اياتنا كبرى وقال تعالى لقد رأى من ايات ربه ايش؟ كبرا. وقال لما ذكر موسى مع فرعون فاراه الاية الكبرى. فاسم الايات الكبرى اخص بالمعجزات العظيمة التي يؤيد بها الانبياء. اسم الايات واسع يندرج فيه هذا وما دونه. لكن الذي جعل فاصلا بين الانبياء وغيرهم هو الايات الكبرى. وصنف المصنفون من متقدمين فيه باسم دلائل النبوة. او اعلام النبوة. والاول اشهر واكثر كدلائل النبوة لابي نعيم الاصبهاني ودلائل النبوة لابي بكر البيهقي. واما الثاني وهو الجبلة التي جعلت له من العلوم الكاملة والاخلاق العالية فالمراد بها الخلقة التي خلق عليها النبي صلى الله عليه وسلم. الخلقة التي خلق عليها النبي صلى الله عليه وسلم فخلقه الله خلقا كاملا وهبه فيه انواعا من العلوم والمعارف والاخلاق لم يجعلها لغيره من بني جنسه. واما الثالث فهو ما اشتمل عليه دينه من الخير هدى ورحمة وحق ومصالح دينية ودنيوية عاجلة واجلة ثم ذكر ما يتعلق باعظم ما اؤيد به صلى الله عليه وسلم فقال ايته الكبرى هذا القرآن العظيم. بما فيه من الحق في الاخبار والامر والنهي. والله اعلم قال الله تعالى ولقد اتيناك سبعا من المثاني ايش؟ والقرآن العظيم. وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من الانبياء نبي الا اوتي من الايات ما امن على مثله البشر. وانما كان الذي اوتيته وحيا او اوحاه الله اليه يعني القرآن واني ارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة. الحديث المذكور يبين ان اعظم الايات التي دلت على صدق النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن العظيم. لما فيه من الحق في الاخبار والامر النهي الذي اشار الله عز وجل اليه بقوله وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. فالقرآن المنزل عن النبي صلى الله عليه وسلم مشتمل على الصدق والعدل. فهو صدق في خبره وعدل في طلبه. فهو صدق في خبره. وعدل في طلبه. فكل ما اخبر به الله عز وجل في كتابه فهو صدق. وكل ما طلبه سواء كان طلب فعل او طلب ترك فهو عدل ولم يضارع هذا الكتاب كتاب سواه. لا من الكتب المنزلة على النبيين قبله ولا من كتب احد من البشر ابدا. ومن اعظم الخير الذي جعله الله عز وجل فينا ان ابقى القرآن بعد محمد صلى الله عليه وسلم فان اعظم وحي الله الذي اوحي اليه هو القرآن. فمن اخذه اخذ بخير عظيم فهو اصل العلم وما ينفع من العمل وهو اولى ما ينبغي ان يشتغل به حملة والمقتبسون له. فلا ينبغي ان يزهد طالب العلم في الاقبال على القرآن قراءة وحفظا وتفهما وعلما وعملا. وهذا اخر البيان على هذه الجملة من الكتاب ونشرع ان شاء الله تعالى فيما يتعلق بصناعة الفقه منه في الاسبوع المقبل واختم هذا الدرس بتنبيهات اولها انه بقي من المستوى الثاني صبابة قليلة في ايام علمية نستوفيها. ونستمر ان شاء الله تعالى في تتميم المستوى الثالث كتبه وثانيها يعقد وفق العادة بعد صلاة المغرب من يوم الاربعاء في كل اسبوع مجلس مدارسة للدرس السابع. فاهيب بكم جميعا ان تشتركوا فيه حرصا على حصول المنفعة التامة. فالمنفعة التامة من الدرس لا تقتصر على حضوره فقط بل ينبغي ان يتقدمها اولا النظر في معاني ام الذي سيشرح دون نظر في شرحه؟ فتتفهم الكلام وتنظر فيما يثمر من المعاني في نفسك حتى ان تفرح بصوابها اذا كان موافقا لشرح معلمك وتصحح خطأها فتتمرن على الفهم. ويحتاج ايضا الى مراجعة هذا الدرس بعد الانفصال عن مجلسه. مع مدارسته في الوقت الذي ذكرناه فكل ذلك مما تتم به منفعة الدرس. وثالثها اذكر نفسي اياكم بالحرص على شهود نياتنا النافعة في هذه المجالس. ومن اعظمها ان من التعاون على الخير وصدق الولاية بين المؤمنين. قال تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. قال يحيى ابن ابي كثير هي مجالس الفقه والعلم. وشعار الولاية بالتعاون. قال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف المعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة الى تمام الاية. وفي الصحيحين من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم فقال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. اي يقوي بعضه بعضا. والخير الذي نجده في اذا لم نحرص على تنميته وتثمينه وتقويته فانه يزول. او يضعف ضعفا شديدا. ومن اما ينميه ويبقيه ويثمره حرصنا على مجالس العلم وشهود النيات الصالحة فيها فانه ينتج لنا من الخير العاجل والاجل ما لا تحيط به عباراتنا ولا تجمعه لحظاتنا فان الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين الثواب الحسن وهو سبحانه وتعالى رب رؤوف رحيم وما يؤمنه العبد فيه فمقام الله فيه ارفع اذ هو اكرم الاكرمين. واعظم الواهبين من المعطيين نسأل الله سبحانه وتعالى الا يحرمنا فضله وان يرزقنا خيره وشكره وبره. وهذا اخر وهذا المجلس والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين