بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى. احمد الله تعالى واشكره. واستعينه واستغفره. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى صلى الله ربي وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وابعدوا اخوة الاسلام. فمن رحاب البيت الحرام ومن جوار الكعبة المشرفة في الرف ينعقد هذا المجلس الاسبوعي الحادي والاربعون بفضل الله تعالى ومنته وتوفيقه من مجالس مدارستنا كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام شمس الدين ابي عبدالله ابن القيم رحمه الله الله تعالى بهذا اليوم السادس ليلة السابع من شهر ربيع الاول سنة خمس واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله وعليه وسلم مستكثرين في ليلتنا هذه في بقعتنا المباركة هذه وفي هذا المجلس المبارك من صلاتنا وسلامنا على حبيب القلوب وانسها وبهجة الارواح وسعدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. وهو القائل صلى الله عليه وسلم فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا عليك صلاة الله ما هل وابل وما سكبت عين وسالت دموعها وما كثرت وما كثرت في طيب وما كبرت في الخافقين مآذن وما هب للذكر الجميل جموعها. صلى الله عليه واله وسلم نستأنف الليلة في مجلسنا فصلا عقده المصنف رحمه الله تعالى. لبيان باب عظيم من ابواب الهدي النبوي. وهو المتعلق بخصال الفطرة. ولعلنا نتدارس فيه المجالس ذوات العدد ان شاء الله تعالى. لما تضمنه الفصل من امور عظيمة من خصال الفطرة التي جاء بها الاسلام وقررها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه النبوي قولا وفعلا. ابواب عظيمة من الحياة لا يستغني عنها عبد. كيف لا وهي من اصول الفطرة التي خلق الادمي عليها فاجعلوا مجلسكم يا كرام عامرا بالبركة والخير بكثرة ذكركم بالله. وصلاتكم وسلامكم على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الفطرة وتوابعها. الفطرة والجبلة بمعنى واحد هي اصل الخلقة التي خلق الانسان عليها. لما خلقنا الله يا بني ادم خلقنا على اصل عظيم يستوي فيه كل البشر من حيث انهم بشر فهي اصول الخلقة الادمية التي خلق الله تعالى الانسان عليها وتسمى الفطرة. وتسمى الجبلة وهي ذات اصل وفروع الا انتهاء لها. اما اصل الفطرة فتوحيد الله والاقرار له بالعبودية والاعتراف له بالحق العظيم. افراده وتوحيده لا شريك له عبادة وقصدا وطلبا. هي الفطرة التي هدي اليها النبي عليه الصلاة والسلام الفطرة النقية هي اخص خصائص الامة المحمدية في حديث الترمذي الذي اخرجه رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اسري بي لقيت موسى قال فنعته فاذا رجل حسبته قال مضطرب رجل الرأس كانه من رجال شنوءة. قال ولقيت عيسى الى ان قال واوتيت باناءين احدهما لبن والاخر خمر فقيل لي خذ ايهما شئت قال فاخذت اللبن فشربته فقيل لي هديت ذي الفطرة او اصبت الفطرة. اما انك لو اخذت الخمر طوت امتك صلى الله عليه واله وسلم فاصل الفطرة توحيد الله ولهذا قال الحق سبحانه فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله. التي فطر الناس عليها. ارأيت امم الكفر والشرك والضلال والبشرية التائهة وتلك الجموع المنحرفة عن التوحيد الكافرة بالله عز وجل على اي ملة ودين به عن الحق كل اولئك اصل فطرتهم توحيد الله عز وجل التي خلق الله الناس عليها. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كل مولود يولد على الفطرة. فابواه يهودانه او يقصرانه او يمجسانه. اما اصل التوحيد ففي قلب كل ابن ادم عربي وعجمي ابيض او اسود بكل دين وجنس ولون مختلف خلقوا اصلا على الفطرة. ان من بهم الشياطين وموروث الاباء وتربيتهم وانحرافهم باولادهم. هذا اصل الفطرة وهذه الايات والاحاديث التي بينت اصل الفطرة بينت ان الطبع السوي والجبلة المستقيمة التي خلق الله الناس عليها تقتضي الاستقامة على تلك الفطرة. ثم ماذا؟ جاء الاسلام. فاكمل هذا الاصل العظيم في الفطرة السوية المستقيمة بكثير من الخصال والاخلاق والاداب التي تستوي مع فطرة الانسان خصال الفطرة او اداب الفطرة التي جاءت في عدد من الاحاديث منها حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الفطرة خمس الختان والاستحداد وتقليم الاظافر وقص الشارب ونتف الابط والحديث في الصحيحين فخمسة امور خمس خصال هي من الفطرة بمعنى ان الله خلق الادمي في طبيعته السوية وخلقته على هذه الخصال فان حافظ عليها فهو على الفطرة وان لم يحافظ عليها فانتبهوا انه منتكس الفطرة. مخالف لما خلق الله الانسان عليه. وحديث عائشة رضي الله عنها باوسع من هذا العدد كما اخرج الامام مسلم في الصحيح ان النبي عليه الصلاة والسلام قال عشر من الفطرة قص الشارب واعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الاظافر وغسل البراجم والمقصود بغسل البراجم العقد التي تأتي في ظهر الاصابع فانها تسمى براجم ويقصدها المسلم كل يوم في وضوءه مرات ومرات وغسل البراجم ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء يعني الاستنجاء بالماء. قال مصعب احد رواة الحديث عند مسلم في السند ونسيت العاشرة الا ان تكون المضمضة هذه الخصال يا كرام خصال فطرة. والعناية بها من سنن الفطرة وادابها. فاذا اعتنى بها الانسان من حيث هو انسان مسلما كان او كافرا. فهو على الفطرة وان اخل بها فهو مخل بالفطرة مسلما كان او كافرا. وانما الاليق بالمسلم الذي هداه الله لاصل الفطرة العظيم وهو توحيد الله الذي اعتنى باصل الفطرة ان يكون بفروعها اولى من حيث الاعتناء فمن هداه الله الى الدين الحق والى العقيدة السوية والى توحيد الله هو اولى البشرية بان يكون بخصال الفطرة معتنيا. وان يكون بادابها امام وان يكون على سننها محافظا. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يدلنا فقط بقوله الفطرة خمس او عشر من الفطرة لا بل فعلها ورويت عنه وحثنا عليها كل خصلة من هذه الخصال جاءت فيها المناقب وجاء الحث عليها لا ولا اعفاء اللحية ولا الوضوء ولا العناية ايضا بالنظافة نتف الاباط وحلق العانة وكل الخصال. جاء الحث على والترغيب فيه. هذا الفصل الذي عقده المصنف رحمه الله لبيان ما يتعلق بهذه الخصال من الفطرة مما تصل منها بصنيع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وما حفظ عنه فيها من روايات ذكرت في سيرته العطرة صلوات الله وسلامه عليه الله اليكم قال رحمه الله قد سبق الخلاف هل ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختونا او ختنته الملائكة يوم شق صدره الاول او ختنه جده عبدالمطلب. تقدم هذا في صدر الكتاب في فصل عقده المصنف رحمه الله بقوله فصل في ختانه صلى الله عليه وسلم. لما ذكر الختان بانه من خصال طال الفطرة والسؤال اكان نبينا عليه الصلاة والسلام مختونا؟ الجواب نعم وانما الخلاف في كيفية ختمه على ثلاثة اقوال اوردها المصنف رحمه الله هناك فاستغنى عن ذكر الخلاف هنا واحال اليه فمن شاء رجع الى موضعه في مطلع الكتاب. وثلاثة الاقوال اولها ان النبي عليه الصلاة والسلام ولد مختونا وهذا كما قال المصنف رحمه الله ليس فيه حديث ثابت يصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ثم ان ثبت صحة رواية بهذا الامر فليس فيه خصوصية قال رحمه الله لان كثيرا من الناس يولد مختونا فلا يعد هذا امرا عجيبا او فريدا او معجزة اتصلت الله صلى الله عليه وسلم. ثاني الاقوال ان الملائكة ختنته يوم شق صدره الاول وحادثة شق الصدر في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ثابتة في اكثر من رواية. والجمع بينها يقتضي انها حادثة تكررت قيل مرتين وقيل ثلاث مرات. اما اشهرها فحادثة شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم يوم كان طفلا مسترضعا في ديار بني سعد. اذ اتاه ملكان فاخذاه فاضجعاه وكانت حادثة شق الصدر وغسله بماء زمزم واعادته فالتأم حتى عاد الى امه حليمة فخافت عليه فردته الى امه امنة والحادثة الاخرى التي كانت قبيل حادثة الاسراء اذ اتاه ملكان ففرج عن سقف بيته فجلسا اليه وهو نائم عليه الصلاة والسلام. وحدثت ايضا حادثة شق الصدر وغسله بماء زمزم وانتزاع مضغة او حفظ الشيطان منه واعادته فالتأم. ثم كانت حادثة الاسراء والمعراج قيل كانت حادثة الشق الثانية تمهيدا وارهاصا لما سيلقاه من امر عظيم في حادثة الاسراء والمعراج والبلوغ الى تلك المراتب العلى واراد المصنف رحمه الله تحديد الحادثة بقوله يوم شق صدره الاول يعني لما كان في بني سعد عند امه حليمة السعدية قيل ان الملائكة عليها السلام لما نزلت بشق صدره وغسله بماء زمزم تولت ختانه في ذلك اليوم ولا يثبت ايظا رواية صحيحة. ثالث الاقوال ان الذي ختنه جده عبدالمطلب لماذا جده وليس ابوه نعم لانه ولد يتيما عليه الصلاة والسلام والذي تولى امره جده عبدالمطلب منذ ولادته. يعني انه فعل به كما تفعل العرب باولادها فاذا جاءهم الولد اعتنوا به فتولى ابوه او جده او من يقوم مقامهم العناية به ومن جملة العناية بختان الذكور. فالذي ختنه جده عبدالمطلب. والمصنف رحمه الله مال الى هذا باعتبار عدم ما يدل على القولين الاولين وانه مما استنت به العرب وجرت على عادتها. وفي الجملة فليس على واحد من الاقوال الثلاثة دليل على صنعة المحدثين برواية ذات سند يمكن ان يكون التعويل عليها. واكتفى بالاصل انه ما جرت به عادة العرب العناية بالختام فهذا موضوع الختان وهو من اوائل خصال الفطرة صدر به المصنف الفصل رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره واخذه وعطائه وكانت يمينه لطعامه وشرابه وطهوره وكانت يمينه لطعامه وشرابه وطهوره ويساره لخلائه ونحوه من ازالة الاذى. هذا ايضا من الفطرة التيمن والمقصود به استعمال اليمنى يدا او رجلا فيما هو من باب المكارم والمروءات والعناية بالفضائل. في حديث عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم التيمن في تنعله يعني التنعم استعمال النعال. فهل المقصود لبسه او خلعه لا اللبس فاذا لبس ابتدأ بالقدم اليمنى واذا خلع ابتدأ باليسرى اذا لبس القميص او الثوب ذي الاكمام فاذا ابتدأ ابتدأ باليمنى فادخل يده اليمنى واذا خلع ابتدأ باليسرى وقل مثل ذلك في هذا الباب. كان يعجبه التيمن في تنعله يعني في لبسه النعل. وفي ترجله والمقصود بالترجل تسريح الشعر فما المقصود بالتيمم فيه البدء بالشق الايمن من الرأس في تسريح الشعر ثم الانتقال الى الشق الايسر قالت وفي طهوره والمقصود به الوضوء والغسل. فان الوضوء السنة فيه البدء بالميامن يدا او رجلا. فاذا غسل كفيه وانتقل الى الوجه واليدين ابتدأ باليمنى قبل اليسرى وفي الرجلين كذلك والغسل كذلك فانه عليه الصلاة والسلام كان اذا افاض على رأسه الماء بدأ بشقه الايمن فاعتنى به فغسله ثم انتقل الى بالشق الايسر واليوم كلنا يسعه هذا حتى مع وجود الادوات والحمامات اكرمكم الله. واذا كانوا سابقا يغسلون او يغتسلون بالماعون او المغراف او المد او بالاغتراف باليد فيبدأ بشقه الايمن. واليوم قامت الادوات الحديثة في الحمامات المراوش والمغاسل الصنابير ومضخات المياه فاذا اردت ان تطبق السنة وانت عليها حريص فبوسعك ان تفعل فتجعل جانبك الايمن تحت الماء فاذا غسلته وانتهيت جعلت جانبك الايسر تحته وان استخدمت الابريق امكنك ذلك هي السنة يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره. قالت وفي شأنه كله. قال المصنف واخذه وعطائه اذا اخذ اخذ باليمين واذا اعطى اعطى باليمين عليه الصلاة والسلام. قال وكانت يمينه لطعامه وشرابه وطهوره. فاذا اكل او شرب كانت اليمنى مستعملة والعكس باليسرى. قال ويساره لخلائه. يستعمل اليسرى في الخلاء اكرمكم الله. في الاستنجاء فيغسل بيده اليسرى مكان النجاسة او يتولى العورة بيده اليسرى وكذا ما يتعلق ايضا بامور ازالة الاذى. يزيل نجاسة او يغسلها او يستنجي او يستجمر. كل ذلك يجعلها يسراه صلى الله عليه وسلم وهو من جملة خصال الفطرة. يعني ان العناية بها فوق انها سنة وفاعلها يؤجر اجر السنة وثواب اتباعها فانها استقامة على الفطرة التي خلق الانسان عليها وبعث نبينا عليه الصلاة والسلام لبيانها. اما اليسرى فتكون لدخول الخلاء مثلا. ولخلع خلع اللباس والحذاء وعكسها ستكون بالميامن كما ذكر رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان هديه في حلق الرأس تركه كله او اخذه كله ولم ولم يكن يحلق بعضه ويدع بعضه. ولم يحفظ عنه حلقه الا في نسك هذا ما يتعلق بحلق الرأس وهو ايضا من جملة الفطرة حلق الرأس اما ان يحلق كله او يترك كله فما الثابت عنه صلى الله عليه وسلم الثابت عنه كما هو الشأن ايضا من عادات العرب التي جرت بها هيئاتها ومناظرها والعناية بشعورها ارسال الشعر وتوفيره في عدة احاديث ان نبينا عليه الصلاة والسلام كان له شعر وفير يبلغ الوفرة او اللمة او الجمة. فربما ضرب شعره صلى الله عليه وسلم الى شحمة اذنيه. وربما جاوز الى منكبيه. وهذا الطول في الشعر كان ايضا مستعملا من عادات العرب. ومما تفعله الرجال مألوفا عندهم ادم فكان لشعره وفرة صلى الله عليه وسلم. وكانت فيه كثرة واذا حلق حلق رأسه كله. قال المصنف رحمه الله لم يحفظ عنه حلقه الا في نسك حلق الرأس بالموسى انما يكون في نسك عمرة او حجا. هذا الثابت عنه صلى الله عليه وسلم ولا يحفظ عنه انه كان في المدينة فدعا بالحلاق فحلق رأسه لاجل الحلاقة. والامر جرى كما تقدم علامات تقرر عند العرب من توفير الشعر وارساله. قال ولم يكن يحلق بعضه ويدع بعضه بل نهى عليه الصلاة والسلام عن القزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع قال عبيد الله احد رواة الحديث قلت وما القزع قال فاشار لنا عبيد الله قال اذا حلق الصبي وترك ها هنا شعرة وها هنا وها هنا. قال فاشار لنا عبيد الله الى ناصيته وجانبي رأسه. قال حلق وترك كشعرة ها هنا وها هنا وها هنا قال لعبيد الله قيل لعبيد الله فالجارية والغلام يعني هذا النهي هو للبالغين ويرخص فيه للصبيان وللجواري الفتيات عن الصغار. والعناية بشعورهم واستلطاف مظاهرهم يعني والعناية تجميد هيئاتهم بحلق بعض الرأس وترك بعضه. قيل فالجارية والغلام قال لا ادري هكذا قال الصبي لانه لما فسر قال اذا حلق الصبي قيل له فالجارية مثله قال لا ادري. انما قال لنا الصبي قال عبيد الله وعاودته قال اما القصة والقفى للغلام فلا بأس بهما اما القصوة يعني مقدم الرأس والقفى للغلام فلا بأس بهما. ولكن القزع ان يترك ان يترك بنا وصيته شعر وليس في رأسه غيره. وكذلك شق رأسه هذا وهذا كانه يصف اليوم ما تراه من حلق الرؤوس على هيئة القزع التي يترك فيها مقدم شعر الرأس وناصيته تحلقوا جوانبه او يحلق القفا او يترك وسط الرأس وحده. واي هيئة يحلق فيها بعض الرأس ويترك بعض فهو القزع الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسنة اذا كما في سنن ابي داوود ان يحلق الشعر كله او يترك كله لان الحلق على صورة القزع اولا فيه تشويه للهيئة. وقيل لانه زي الشيطان وقيل لانه زي اليهود كما في سنن ابي داود داود وعلى كل حال اما وقد ثبت في شريعتنا امة الاسلام النهي عن القزع فان الوقوع فيه مخالفة لما دلت عليه شريعتنا. هذا اولا فاذا اجتمع مع هذه المخالفة بهذه السنة كونها مخالفة للفطرة فهذا ابشع فيما وقع فيه الناس اليوم فان الواقع في القزع مخالف لامرين اولهما الفطرة التي خلق الله الناس عليها. وثانيهما نهي النبي عليه الصلاة والسلام فانه نهى عن القزع. فقولوا لكل شباب المسلمين او حتى لابائهم ممن تساهلوا اليوم في مسألة الحلاقة والجريان في التشبه كل ذلك مخالف اما للفطرة واما لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهيه الصريح الذي نهى فيه عن فاذا اجتمع مع هذه المخالفة تشبه ذميم لمشهورين من الفساق والمشهورين بالكفر ومحاربة الله او الصد عن دينه او الوقوع في المحرمات والكبائر كان هذا اقبح واشد واشأم فرويدا شباب الاسلام ورويدا معشر الاباء والامهات في التساهل والترخص مع الابناء في مسألة حلاقة شعري والوقوع في القزع فانها ليست مجرد مظهر وهيئة. هيئة المسلم هويته. واعتزازه بدينه مطلب وان يكون المسلم حتى في منظره وشكله وهيئته فيه ما يدل على صفاء دينه وسلامة عقيدته واستقامة هذا اصل عظيم والاسلام دين يرفع ذويه ويرفع من شأنهم ويعلي مكانتهم والعناية بخصال الفطرة احد المسالك التي رفع بها الاسلام شأن ابنائه واعزهم ورفع قدرهم فلا يليق والله بمسلم ان ينزع عنه هذا اللباس الذي اكرمه به الاسلام وان يتخلى عن كرامة رفعه اليها الاسلام بالعناية بخصال الفطرة. والعناية بها استقامة على الفطرة من جهة تقرير للهدي النبوي والتزام بشأنه من جهة وعناية بهوية المسلم واعتزازه بدينه الذي اكرمه الله تعالى به قال رحمه الله ولم يكن يحرق بعضه ويدع بعضه. ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم حلقه الا في نسك ولا يعني هذا المنع من حلاقة رأس الانسان الا اذا كان في نسك. فمن طال شعره واراد ان يحلقه ولم يتيسر له اداء النسك فلا حرج عليه ان يحلق لكن على جهده اما بحلقه كله او تركه كله احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان يحب السواك وكان يستاق مفطرا وصائما ويستاق عند الانتباه من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة وعند دخول المنزل وكان يستاك بعود الاراك وكان يكثر التطيب ويحب الطيب. قال رحمه الله في رابع الامور التي ذكرها في هذا الفصل في الفطرة كان يحب السواك تقدم معكم ان السواك من خصال الفطرة في حديثي ابي هريرة وعائشة رضي الله عنهما. السواك واستعماله من خصال الفطرة لم يكن نبينا عليه الصلاة والسلام يستاك فحسب بل كان يحب السواك وهذه مزية فالعناية بالسواك تنظيفا للفم والاسنان واللثة واللسان من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. يكمل به صلى الله عليه وسلم ما اعتنى به من جمال مظهره. وحسن هيئته جمال باطن كما اعتنى بجمال وجهه الشريف عليه الصلاة والسلام. والعناية بترجيل شعره ونظافة ثوبه. كانت العناية ايضا بباطن فمه باستعمال السواك. كان يحب السواك. كيف عرفنا انه يحب السواك؟ من ادلة كثيرة متعددة اشهرها استعماله للسواك في عامة الاوقات. وقد قال شريح سألت عائشة رضي الله عنها باي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ اذا دخل بيته قالت بالسواك طيب هو متى يدخل بيته في عامة الاوقات في الصبح وفي الضحى وقبل الظهر وبعده وبعد العصر وبين المغرب والعشاء وبعد العشاء فلما سئلت باي شيء كان يبدأ؟ قالت بالسواك والحديث في مسلم. فدل على انه كان يتعاهد فمه الشريف بالسواك عليه الصلاة والسلام في كل الاوقات. ولا يفعل هذا الا حبا في السواك وعناية به. كان يستاك مفطرا وصائما وهو تنبيه على ما يذكره بعض الفقهاء من كراهية استعمال السواك للصائم بعد الزوال قالوا فيمسك عن السواك حتى يفطر بعد المغرب وهذا مرجوح بالنظر الى عموم الادلة في استعماله صلى الله عليه وسلم للسواك في عامة الاوقات وما عللوا به من كراهية استعمال السواك بعد الزوال. لانه يذهب رائحة خلوف فم الصائم. تعليل ضعيف لان رائحة خلوف فم الصائم التي جاء فضيلتها انها احب الى احب عند الله من ريح المسك او اطيب عند الله من ريح المسك لا يزيلها السواك فانه اثر رائحة من خلاء المعدة لا من الفم. فالمستاك لا يذهب بسواكه رائحة الخلوف. ولو ثبتت العلة في سنة الصحيحة الثابتة اولى بالعناية والاعتبار. وايضا مما يدل على حبه عليه الصلاة والسلام للسواك انه ختم حياته باستعمال السواك في دليل صريح على حبه للسواك صلى الله عليه واله وسلم. وهذا الحب للسواك دل عليه صنيعه لما حكت بما حكت عائشة رضي الله عنها في الصحيح قالت ان من نعم الله علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وان الله جمع بين ريقي وريقه عند موته صلى الله عليه وسلم ماذا تقصد باجتماع ريقه بريقها قصدت السواك بينت فقالت دخل علي عبد الرحمن يعني اخوها وبيده السواك. قالت وانا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسند ظهره الشريف الى صدرها وهو في اخر سويعاته في وقت الاحتضار وانا مسندته فدخل عبد الرحمن اخوها وفي يده السواك قالت فرأيته ينظر اليه وعرفت انه يحب السواك عائشة رضي الله عنها تعرف هذا فلما رأته ينظر الى عبدالرحمن اخيها والسواك في يده قالت وعرفت انه يحب السواك. فقلت اخذه لك فاشار برأسه النعم اشار برأسه لما اصابه عليه الصلاة والسلام من الكرب الذي تغشاه قبيل ساعات الاحتضار. فان الكرب عظيم. فاشار النعم قالت فتناولته فاشتد عليه يعني وجد السواك شديدا فقلت الينه لك فاشار برأسه قال نعم قال فلينته فامره. وفي بعض الروايات قالت فاخذته فقضمته وطيبته فدفعته الى النبي عليه الصلاة والسلام به قالت فما رأيته استنى استنانا قط احسن منه فما عدا ان فرغ عليه الصلاة والسلام حتى رفع يده او اصبعه الى السماء ثم قال في الرفيق الاعلى ثلاثا ثم قضى. صلى الله عليه وسلم فان تكون عناية نبينا صلى الله عليه وسلم بالسواك اذا اخر لحظات حياته وحتى ساعات الاحتضار يكفيك هذا دلالة بينة على عظيم حبه للسواك اميت يحتضر في ساعات الاحتضار يهتم لشيء لا يكون له العناية العظيمة والحب الشديد لا والله لا يعتني في تلك الساعة او يهتم الا بشيء عظيم. تعلق به قلبه صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة رضي الله عنها لفطانتها ولمعرفتها ولقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف ذلك فعرضت عليه وهيأت له السواك. قال رحمه الله وكان يستاك عند الانتباه من النوم. يعني عند الاستيقاظ سواء قام لصلاة الليل في اخره او قام من نومة الظهر او القيلولة فانه يبدأ بالسواك. دل على ذلك حديث حذيفة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا قام من الليل يشو صفاه بالسواك يعني يغسل فمه او ينظف اسنانه صلى الله عليه وسلم بالسواك. قالت وعند الوضوء وعند الصلاة. ودل على ذلك ايضا حديث الصحيحين لولا ان اشق على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة. في بعض الفاظ الحديث مع كل وضوء. فالسنة يا كرام استعمال السواك في كل تلك المواضع عند القيام من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة وعند قراءة القرآن وعند دخول المنازل وعند الخروج وفي عامة اوقات فان ذلك من سنن رسول الله عليه الصلاة والسلام. كما قالت عائشة كان اذا دخل بيته بدأ بالسواك وتقدمت الرواية لما سألها شريح رحمه الله قال المصنف رحمه الله وكان يستاك بعود الاراك يحصل السواك بكل عود من الخشب يمكن تنظيف الفم به مما يتحقق واشهر ذلك عود الاراك. المستعمل اليوم في عامة فيما يستعمله الناس من السواك فانه اطيب لتنظيف الفم وانقى. وله ايضا كثير من الفوائد التي اثبت الطب اليوم اثره طه في عناية صحة الفم والاسنان. الاسنان واللثة واللسان وسائر باطن الفم وغشاوته. فان عود الاراك نافلة جدا فيه والنبي عليه الصلاة والسلام استعمله رطبا ويابسا والرطب اطيب وانفع لمستعمله. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله وكان يكثر التطيب ويحب الطيب. لانه طيب صلى الله عليه وسلم طيب الظاهر والباطن احب الطيب وعلمنا كيف نحب الطيب باستعماله والعناية باقتنائه وبقبوله عند اهدائه كان عليه الصلاة والسلام لا يرد الطيب كما لا يرد اللبن ولا الوسادة وقال ثلاث لا ترد. وذكر من هديه عليه الصلاة والسلام حبه للطيب صراحة فقال كما ثبت عند احمد والنسائي والحاكم قال حبب الي من الدنيا او في لفظ من دنياكم النساء طيب وجعلت قرة عيني في الصلاة. فصرح بحبه للطيب وللنساء مما هو من امور الدنيا. اما قرة عينه التي لا يبلغها شيء من المحبوبات فالصلاة وهي صلته بربه وخالقه جل وعلا. يكثر التطيب ويحب الطيب. يكثر من استعماله حتى اذا اتى للاحرام ومن محظورات الاحرام استعمال الطيب يتطيب قبل احرامه حتى يرى وبيص المسك في مفرق رأسه صلى الله عليه وسلم. وهذا يعني استعمالا كثيرا. فان المسك اذا جعل على وجهي او على الرأس يبدو له اثر لكن لا يلمع لمعانا فيبدو وبيص المسك في مفارقه الا اذا استعمل قدرا كبيرا فبقي في منه بقية لانه محرم وسيمضي الى مكة اياما فيستطيب صلى الله عليه وسلم بقاء رائحة الطيب مدة اطول هو لا يتطيب عند الاحرام لكنه يستكثر من الطيب قبيل الاحرام. واذا تحلل من احرامه واتى البيت الحرام كانت عائشة رضي الله عنها تحرص على تطييبه عليه الصلاة والسلام كما قالت كنت اطيبه لاحرامه قبل ان يحرم ولحله قبل ان يطوف بالبيت فينزل البيت الحرام متطيبا صلى الله عليه وسلم. ثم علمنا ان من اتى الجمعة وتنظف واغتسل ومس من طيب بيته فان هذه من مجامع الاجر لمن يأتي الجمعة ويبكر اليها فذكر الطيب صلى الله عليه واله وسلم والجملة كلها تدل على عناية المصطفى الحبيب عليه الصلاة والسلام بامر الطيب واستعماله وحث الامة عليه. فانظروا يا كم اكرمنا الله بشريعة الاسلام التي تؤدبنا وتهذب طباعنا واخلاقنا وعاداتنا. فلو لم يكن في هذه الشريعة الا هذه الكمالات الظاهرة العناية بمظهر احدنا بلباسه بشعره بلحيته بطيبه بفمه واسنانه. ماذا بقي اهذا دين يجمع بين هيئة الانسان وحياته وطيب نفسه وبين عبادته وعقيدته واتصاله بخالقه ليس الا دينا عظيما ربانيا اراد الله عز وجل به ان يكون لاهله كمالا وعزا في الدنيا. وشرفا ونجاة وسعادة في الدنيا وفي الاخرة فالحمد لله الذي هدانا للاسلام احسن الله اليكم قال وذكر عنه انه كان يطلي بالنورة اورد هذه الجملة اختصارا لانه سيأتي اليها رحمه الله تعالى لاحقا في كتابه. كان يطلي بالنور طلاء الجسد او بعض اجزاء الجسد بمادة النورة المزيلة للشعر وهي كما يقول المعاصرون اليوم هذه المادة هي مركبات كيميائية من الكالسيوم والزرنيخ او بعض المركبات التي من اثرها اسقاط الشعر فيدهن بهذه المادة المكان الذي يراد ازالة الشعر منه. كالابط مثلا او العانة او شعر الذراعين والساقين بالنسبة للنساء مثلا. فاذا دهن به المكان يترك قليلا ثم يغسل بالماء فينزل الشعر معه واليوم في كثير من المستحضرات الطبية والصيدلانية لها بدائل عدة تفعل ذلك الفعل. كان في ذلك الزمن معروفا نورة واستعمالها يكون لاجل ازالة الشعر. فاذا ذكر في السنة والروايات او في كلام الفقهاء الاوائل ذكر واستعمالها فانهم يتكلمون عنها عادة في حلق العانة ونتف الابط وان استعمال النورة فيه ايضا مما يصح شرعا لانه يتحقق به المقصود من ازالة الشعر. وهذه المادة مع ازالتها للشعر فيها اثر طيب للجلد خصوصا مع حساسيته في تلك المناطق التي جاءت الشريعة بالحث على ازالة الشعر كما تقدم ونتف الابط وحلق العانة في خصال الفطرة. قول المصنف وذكر انه صلى الله عليه وسلم كان يطلي بالنور. هل ثبت ان نبينا عليه الصلاة والسلام استعمل النورة في ازالة الشعر في باهي بعض الروايات التي ستأتي لاحقا واشار اليها اختصارا بصيغة البناء للمجهول المشعر بالتضعيف. وذكر وقد اخرج ابن ماجة وغيره هذا الحديث كان عليه الصلاة والسلام اذا اطلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة وسائر جسده اهله. يعني كان اذا استعمل النورة لازالة بدأ فبدأ بالعانة بازالة شعر العورة بنفسه عليه الصلاة والسلام. واما بقية جسده كالابط وغيره كان يأذن لاهله بان يتولوا هذا الامر بان يعينوه في ازالة شعره وهذا معنى قوله وسائر جسده اهله يعني اهله وزوجه يتولى طلاء جسده بالنورة في غير العورة التي كان يختص صلى الله عليه وسلم. والحديث فيه كلام وعامة عهر اهل العلم على تضعيف امور سيأتي ذكرها في موضعها ان شاء الله تعالى احسن الله اليكم قال وكان اولا يسدل شعره وكان اولا يسدل شعره ثم فرقه والفرق ان يجعل شعره فرقتين وكل فرقة ذؤابة والسدل ان يسدله من ورائه ولا يجعله ولا يجعله فرقتين كان عليه الصلاة والسلام وفير الشعر كما تقدم. ووفرة الشعر تحتاج الى عناية ولهذا فان مما ثبت في سنته العادية والجبلية وفرة شعره عليه الصلاة والسلام فلو قيل هل اطالة الشعر اليوم من السنة؟ الجواب انه ليس من السنن العبادية التي يقال ان في فعلها ثواب كالسواك مثلا لا بل هو مما اتفق من صنيعه عليه الصلاة والسلام موافقة لما جرت عليه عادة العرب في توفير الشعر واطالته فاطال عليه الصلاة والسلام شعره حتى كان وفرة ولمة وجمة عليه الصلاة والسلام. فاذا طال الشعر احتاج الى عناية. ومن العناية به تسريحه وتسريحه اذا كثر مع قلة ادوات النظافة ولم تكن هناك المنظفات كالصابون وغسول الرأس ونحوه لم يكن متوفرا فكانوا يستعيظون عن ذلك بالدهن والزيت. فاستعمال الدهن يرطب الشعر ويلينه ايفكك تعقده وتداخله كذلك؟ فكان يعتني بترجيل شعره عليه الصلاة والسلام وبتسريحه ليس على سبيل الاشتغال لكن غبا يوما بعد يوم. فاذا طال الشعر احتاج ايضا الى عناية وتسريح. ولهذا قيل للامام احمد رحمه الله هل اطالة الشعر قال هو سنة لو نقوى عليه لاتخذناه يعني لو نقوى على العناية بالهدي النبوي وتطبيقه لفعلناه لما عرف من الامام احمد رحمه الله من شدة عنايته بتطبيق السنن ولو في غير ابواب العبادات وقد ثبت عنه رحمه الله انه اشترى جارية وسماها ريحانة رغبة في ان يكون له في بيته جارية كجارية رسول الله عليه الصلاة والسلام وسماها ريحانة ليتوافق مع اسم جارية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقول تعالي يا ريحانة خذي يا ريحانة فيعيش يوما من حياته فيه شبه بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال هنا كيف كان يسرح شعره عليه الصلاة والسلام؟ مع ما تصورت من طول شعره الذي يبلغ منكب احيانا او شحمة الاذن هذه الوفرة تحتاج الى عناية. فالشعر يطول. وربما كان من جوانبه ومن مقدمة رأسه. قال كان يسدل شعره ثم فارقه. السدل ان يجعل الشعر كله من ورائه فيكون مسدودا خلفه يجمعه فاذا مشطه الى الخلف واما الفرق فان يفرق شعره فرقتين من المنتصف فيجعل كل جهة مجموعة ذئابة تجمع الى بعضها فتكون ذآبة ذات اليمين وذؤاب ذات اليسار فعل هذا رسول الله عليه الصلاة والسلام وفعل هذا. لكنه في وقتين مختلفين. في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه يعني في بداية الاسلام اي شيء لم ينزل عليه فيه وحي كان يحب فيه موافقة اهل الكتاب. يعني يوافق اهل الكتاب اخالف الوثنيين العرب لم لان اهل الكتاب اهل دين سماوي فهم اقرب الى الاسلام من الوثنية. ولعل ما يكون عندهم فيه بقايا من الوحي ومن فهم اقرب الى الحق. يقول رضي الله عنه وكان اهل الكتاب يستدلون اشعارهم. يعني يجعلونه ورائهم ولا يفرقون له فكان يحب مشابهته فسدني. قال وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فسدل النبي عليه الصلاة والسلام ناصيته يعني وافق وافق اهل الكتاب فاستعمل السد لاولا. قال ثم فرقه فلماذا عاد الى الفرق لماذا عاد الى الفرق وهو يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه اختار موافقة اهل الكتاب كما قلنا لانهم على من دين سماوي. وبعض ما عندهم قد يكون فيه اثارة من وحي ودين. لا لكنه لم يفعل عليه الصلاة والسلام ذلك يعني انما عمل استدل موافقة لاهل الكتاب. فلعله كان مما وافق فيه بقايا دينهم لكنه في اخر حياته لما دخل العرب في الاسلام فرق شعره لانه لم يعد تشبه بالوثنيين. فقد اسلموا ودخلوا في الاسلام. فعاد ففرق صلى الله عليه وسلم رأسه يعني على طريقة العرب التي كانت تعملها. فوافق عادة القوم التي تخلى عنها اولا لاجل عدم التشبه ملمح مهم يا كرام. تقدم ذكره قبل قليل في مسألة القزع العناية بالهيئة والمظهر هو اعتزاز بهوية المسلم. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يختلف في شأنه كثيرا ان رأسه او يسدو له لكنها لما جاءت الى مسألة ان ينظر الى هيئة الانسان فيرى فيه للوهلة الاولى ان شعره وهيئته اشبه باهل الكتاب او بالوثنيين قرر عليه الصلاة والسلام ان يكون باهل الكتاب اشبه به من الوثنيين هي هوية يا كرام. واليوم اذا لبس ابناؤنا وبناتنا فتياننا وفتياتنا بل كبارنا وصغارنا. اذا لبسوا لباسا او بهيئة او تزيى احدهم بزي فيه للوهلة الاولى من النظرة شيء ما يدل على غير عقيدة المسلم وغير اخلاق المسلمين خصوصا اذا اتصل الامر بشذاذ البشر باصحاب الانحراف عن الفطر بالمنتكسين. فطريا واخلاقيا بالبعيدين اصلا عن باب الديانة جملة وتفصيلا. الذين ليس لهم في هذه الدنيا شيء يعرفون به الا الفسق والفجور والالحاد والانحراف وكل الفواحش والاثام. فاذا اصبحت تلك سمة وعلامة وامارة بان يرى هيئة ما او لون ما او شكل ما فانها اذا اضحت عما امارة وعلى امة يعرف بها طائفة او فئة او شخص ما فيه كل ذلك السوء فلا والله لا تردد في شريعة الاسلام ان تشبه به منهي عنه شرعا وهو الذي جاءت الشريعة بذنبه والنهي عنه لا مطلق التشبه مع القوم في الطعام والشراب وعموم الهيئات لا انما التشبه الذي فيه انتساب الذي فيه تميز الذي فيه شيء من الظهور والبروز يرمز الى عقيدة او انحراف او سلوك يرفضه الاسلام ويحرمه واليوم عمت البلوى بهذا الشذوذ والانحراف الذي اصبح كالطوفان الجارف دخل البيوت والمجتمعات المسلمة فما سلم منه بلد. واصبح الشباب في وفتيات لهم تعلق كبير بذلك. وتعلقت به الابصار وما تعلقت به البصر تعلق بالقلب ولابد. فاذا تعلق القلب اثمر شيئا من الانقياد اليه والتشبه به والسلوك في مسالكه واتيانه خطواته. وها هنا نتعلم كيف اننا نبينا عليه الصلاة والسلام كان في مسألة تسريح الشعر لاحظ معي هذا ليس دينا ولا عبادة تؤدى بمفرق الشعر او سدله. لكنها كما قلت لك هوية ومظهر واعتزاز من انت؟ والى اي دين تنتمي؟ وما الخلق الكريم الذي رباك عليه دينك؟ وما السلوك الذي وجهك اليه هو الذي يظهر من هيئتك ومخبرك كما يظهر من الفاظك ومنطقك وعباراتك الست تعرف الرجل المرأة بلسانه اذا تكلم وانت لم تخبره ولم تجاوره ولم تصاهره لكن جلسة في خمس دقائق تكلم فيها معك فسمعت من الفاظه وعباراته ما يسعك ان قول انه مهذب كريم الخلق مثقف عالي الادب الى اخره او تقول العكس تماما اذا كان لسان الانسان يخبر عن رصيده من الخلق والكرامة والادب فان مظهره وهيئته ادل على ذلك من لسانه اذا تكلم فلما التساهل في شأن اللباس والهيئات؟ هذه خصال الفطرة التي تكلمنا في حديث ابي هريرة وحديث عائشة رضي الله عنهما هي امور من من الفطر امورا يعني من البديهيات هل يوجد انسان لا يعتني بنظافة جسمه يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله ناقلا عن الامام ابن العربي المالكي في مسألة حكم خصال الفطرة. يقول ذهب ابن العربي الى القول بجميع خصال الفطرة التي سمعت الختان والاستحداد وتقديم الاظافر ونتف الابط وقص الشارب واعفاء اللحية والسواك قال ذهب الى وجوب خصال الفطرة قال يقول ابن العربي والذي عندي ان الخصال الخمس المذكورة في هذا الحديث كلها واجبة فان المرء اسمع قل فان المرء لو تركها لم تبقى صورته على صورة الادميين فكيف من جملة المسلمين؟ يقول هو ما عاد هو ادمي فكيف تعتبره مسلما اذا كان لا يعتني بخصال الفطرة كذا قال في شرح الموطأ وتعقبه ابو شامة بان الاشياء التي مقصودها مطلوب لتحسين الخلق وهي النظافة وتحتاج الى ورود لا تحتاج الى امر لا تحتاج الى ورود امر ايجاب للشارع فيها اكتفاء بدواعي الانفس فمجرد ندب اليها كاف يعني الخلاف بين العلماء هل يتعلق الوجوب بهذه الخصال ام هي على الاستحباب ام اصلها الاستحباب ومرتقى الى الوجوب فبدليل خارجي كل ذلك محل لكلام الفقهاء. والمقصود ان خصال الفطرة والعناية بها ليس ليس من فضول القول وليس من الكمالات التي يندب اليها الناس هي فطرة يعني هذا اقوى من ان تقول هي مستحبة او واجبة. اذا قلت لك ان فعل هذا سنة تؤجر عليه. فان هذا ينزعك الى الحرص عليه فكيف اذا قلت لك ان كنت اداميا فافعل هذا يقول عشر من الفطرة يقول ان كنتم بشر ان كنتم ادميين فهذه من الفطرة التي خلقتم عليها. فلا والله لا يتنكب عنها الا من في فطرته انحراف او نقص او خلل. واليوم تجاوزنا انحراف الفطر في المظاهر والهيئات الى ما هو اشأم واشد انتكاس الفطر في البعد عن الاستواء عن عن العفة الى الانغماس في وحل الرذيلة الى الشذوذ الى ان يتزاوج الرجال بالرجال والنسوان بالنسوان. هل انتكاس للفطر اشد مسخا من هذا؟ هي خطوات للشيطان. فلما جنح بهم في خصال الفطرة المعنية بالهيئة والمظهر تدرج بهم حتى وقعوا فيما وصلوا اليه. اما انه ليس بعد الكفر ذنب. ومن انتكست في في توحيد الله فكفر به ومن جحد حق الله فلم يؤمن به هو على سبيل الغواية والضلالة انهم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا. اذا كان ليس من ملامة ولا عتب على ملل الكفر على اختلاف انواعها. اذا انغمست في تلك المستنقعات وغرقت في اوحال الرذيلة فان الشأن كله في امة الاسلام التي باتت تتلقف كل شيء يأتيها واصبح كل ما هب ودب وما يفد اليها وما يدخل الى اعلامها او تعليمها او مجتمعاتها او ما يفيد اليها لا تميز فيه بين ما يقبل وما لا يقبل. بينما هو من امور الحياة العامة وتطوراتها ومواكبة العصر. والافادة مما سبق فيه القوم. فذاك مطلب وبين ما يقدح في هوية المسلم او يخدش في فطرته او يأخذها نحو الانحراف الى الهاوية. فحذاري هذه القضايا ليست شكلية. لا يقولن احد الاسلام قشر وباب والحديث عن اللحية وقص الشارب وحلق الرأس والقزع كل ذلك من القشور لا قشور في الاسلام. الاسلام دين واحد لكنه مراتب يرتقي فيها الاسلام باهله من الاصل وهو التوحيد الى منتهى الكماليات وهو العناية بالهيئة والمظهر واللباس فهذه ليست فضلة ليست قشورا ليست امورا جانبية ولا هامشية هي من صلب الاسلام لكنه اجزاء ومراتب. والعناية بها جزء تقوم من عنايتنا بديننا فحرصنا عليها يا كرام وتواصينا بها ودعوتنا اليها ورفع اصواتنا في اذان الاباء والامهات المربين والمعلمين وسائر القائمين على شأن تربية الجيل ان العناية بهذا المسلك تأصيل للفطر السوية في النفوس الناشئة بحيث يستنكف احدهم ان يرى شيئا من مظاهر الانحراف الفطري. حتى لو كانت هيئة في الشعر ينقبض منها قلبه فلا يحبه حتى اذا كانت لباسا فيه شيء من مظاهر الخلاعة والمجون والقحة ينقبض منها فؤاده ينصرف عنها بصره متى ابصرت اطفالا وفتيانا وشبابا من ابناء المسلمين وبناتهم تألف نفوسهم تلك المظاهر المقززة من الانحراف بدءا من الشكل والهيئة والشعر وانتهاء بذلك الفجور والفسق والاثام. فاذا انقبضت قلوب ناشئة فاعلم انها قلوب نشأت والله على فطر سوية. تأصلت فيها واعتنى بها الاباء والامهات حتى اصبحت تلك النفوس على الفطرة لا تقبل الا النقي الا الصافي الا الابيظ العفيف وما عدا ذلك مما تكدر او انحرف او تمزقت فيه صورة الفطرة البشرية وبدأت تميل نحو البهيمية والخروج عن الادمي الى الحيوانية فلا والله. كل ذلك ممن حرف فيه القوم جراء استجابتهم لما اخذهم اليه الشيطان من الانحراف في عدد الفطرة في اصلها الى فروعها ومظاهرها نسأل الله السلامة والعافية احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله ولم يدخل حماما قط ولعله ما رآه بعينه ولم يصح في الحمام حديث. لم يدخل حماما قط. اذا فاين كان يقضي حاجته صلى الله عليه وسلم لا ليس المقصود بالحمام قضاء الحاجة المقصود بالحمام المغتسل الذي يغسل فيه الجسد بالماء المسخن الذي يسمى اليوم حمام البخار ونحوها من الاسماء التي يقصدها صاحبها تنظيف جسمه فحمامات الاغتسال بالماء الساخن او ببخار الماء المتصاعد من الماء بعد غليانه لم تكن معروفة عند العرب وليست بارضهم انما عرفت بعد الفتوحات في بلاد الشام. وما والاها فعرفها الصحابة وحصل فيها بعض ما قرره بعضهم اقرارا او انكارا. ذلك انها مغتسلات يدخلها الداخل لقصد الاغتسال. وربما تساهل بعض العوام في شأن اللباس وكشف العورات فوقع ذم بعض السلف لها فليس يثبت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث بشأن دخول الحمامات وما يروى فيها من انكار او وعيد او ذم كمثل قوله من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر. حديث لا يصح ولا يثبت وامثاله من الاحاديث ان الحمامات لم تكن معروفة. قال ولم يدخل حماما قط بل قال ولعله ما رآه بعينه ما ادركه عليه الصلاة والسلام. بل ائمة الاسلام الاوائل المتقدمون لم يكن لهم كلام في شأن لانهم ايضا ما ادركوها ولا عرفوها وبعضهم ما وقفا عليه. وما يتعلق بشأنها فاذا سلمت من المحذورات الاشكالات الشرعية فهي من المباحات التي يستعملوها الناس احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان له مكحلة وكان له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثا في كل عين. يقول عليه الصلاة والسلام وخير ما اكتحلتم به اثمد فانه يجلو البصر وينبت الشعر. قال ابن عباس رضي الله عنهما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم له مكحلا يعني الاناء الصغير الذي يجمع فيه الكحل هو من الادوات والانية الصغيرة يكتحل بها عند النوم ثلاثا في كل عين. يعني في اليمنى ثلاثا وفي اليسرى ثلاثا. والحديث آآ اخرجه الترمذي في سنن وفي الشمائل واشار الى ضعفه قال حديث حسن غريب وضعفه كثير من المحدثين فلا يثبت الاكتحال كل ليلة بل ثبت اكتحاله في الجملة صلى الله عليه وسلم. ذكر الاتحال انه جزء ايضا من العناية بالمظهر. والعناية بالجمال ان الاكتحال نوع من التزين المباح للرجال كما هو للنساء. وسواء استعمل فيه الاثمدة او غيره من انواع الكحل لكن ان الاثم دا اطيب للعين وانقى لها واطيب لها من ناحية موافقتها لماء العين وعدم تضررها او تأذيها به. ذكر الاكتحال كما ذكر آآ رحمه الله الطيبة وتسريح الشعر وباقي الخصال. التي ما يزال في الفصل منها نأتي عليها تباعا في مجالسنا المقبلة ان شاء الله تعالى. هذا دينكم يا كرام عظمة وكمال وسمو وشرف كن لاصحابه ولاهله هذا دينكم الذي حبانا الله تعالى به يدعونا الى المكارم والى الكمالات التمسك به شرف وعز واستقامة ومحافظة على الفطر التي خلق الانسان عليها. وهذا نبينا عليه الصلاة والسلام الذي اكرمنا الله ببعثته وهدانا برسالته وجعلنا من امته اذ يفرح كل مسلم ويعتز ويشرف بالانتساب الى فان امارة ذلك الحب والشرف والكرامة الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. لاكرم الاخلاق جاء بما يدعو لاحسنها ويمحو المنكر صلى عليه الله في ملكوته. ما قام عبد في الصلاة وكبر. فاستكثروا من بصلاتكم وسلامكم على امام الهدى ونبي الرحمة صلى الله عليه واله وسلم. اللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون وصلي يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا رب العالمين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا حي يا قيوم. ربنا اغفر لنا ولجميع المسلمين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا. من كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم فرج عن اخوتنا المسلمين في كل مكان. وارحم ضعفائهم يا حي يا قيوم رحمة واسعة. اللهم ارحم المنكوبين والمظلومين والمضطهدين. اللهم ارحم اخوتنا المصابين بالبراكن والفيضانات والزلازل يا حي يا قيوم. اللهم ارحم موتاهم وتقبل بل شهدائهم واجبر كسرهم واعلي قدرهم وارفع درجاتهم وعوضهم خيرا واخلف عليهم بخير يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والنبي المجتبى محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين