بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى. احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فمن رحاب بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس الاسبوعي الثاني والاربعون من مجالس مدارستنا لكتاب زاد المعاد. في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام شمسي دين ابي عبد الله ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الاول سنة خمس واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام الليلة ليلة الجمعة ايها الكرام وعسى ان يكون مجلسنا هذا عامرا في رحاب بيت الله. بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقلب صفحات من سيرته العطرة وشمائله النضرة رجاء ان يكون حظنا في هذه الليلة المباركة من صلاتنا وسلامنا على الحبيب المصطفى رسول الله. صلى الله عليه وسلم ما يضاعف لنا به عشرة اضعاف فيه من صلاة ربنا علينا قال الامام الشافعي رحمه الله واحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال. وانا في يوم الجمعة وليلتها اشد استحبابا قال واحب قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها لما جاء فيها املأ مساءك بالصلاة على الرسول. وكذا نهارك في غد حتى الافول. فبها يصلي الله جل جلاله عشرا عليك بكل واحدة تقول. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وعدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون صلى الله عليه واله وسلم وقف بنا الحديث ايها الكرام ليلة الجمعة الماضية في بداية فصل عنون له المصنف الامام ابن القيم رحمه الله بقوله في هديه صلى الله عليه وسلم في الفطرة وتوابعها فالحديث ذو صلة بما تقدم ليلة الجمعة الماضية. من ان الفطرة التي خلق الله عز وجل ابن ادم عليها هي التي جاء بها الاسلام عقيدة واحكاما اصولا وفروعا واصل الفطرة واعظمها واجلها توحيد الله. وباتساق هذه الفطرة السوية تأتي الاخلاق واداب الفطرة وخصالها التي حث عليها الاسلام. تقدم من خصال الفطرة الثابتة في هدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الختان والتيامن وحلق الرأس والسواك والتطيب وسدل الشعر والعناية بترجيله والاكتحال. ومجلس الليلة صلة للحديث بذلك المجلس في الاسبوع المنصرم. نسأل الله تعالى لنا ولكم جميعا التوفيق والسداد والهداية بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين. نبينا محمد وعلى واله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله واختلف الصحابة في خطابه فقال انس لم يخضب. وقال ابو هريرة غضب. هل غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرة هذا السؤال هو الذي وجهه بعض التابعين لبعض الصحابة رضي الله عنهم بصحيح مسلم هذا سؤال قتادة لانس رضي الله عنه هل خضب كانت اجابات الصحابة على ثلاثة انحاء ساقها المصنف تباعا فقال قال انس لم يخضب وقال ابو هريرة غضب. هذان قولان فما الثالث واما غضب واما لم يخضب فما الثالث؟ قال الثالث انه ليس خضابا لكنه يبدو خطابا انه كان يستعمل الطيب صلى الله عليه وسلم حتى يدهن به رأسه فربما وارى ذلك الطيب الشعرات البيض في شعره صلى الله عليه وسلم فظن خطابا وليس بخضاب. هذه الثلاثة الاجابات هي التي تعددت عليها اقوال الصحابة رضي الله عنهم يسوقها المصنف رحمه الله ثم نعرج على ما قرره اهل العلم في الاجابة على هذا السؤال واختلف الصحابة في خطابه فقال انس لم يخضب. وقال ابو هريرة انه خضب وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن انس رضي الله عنه انه قال رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبوبا قال حماد واخبرني عبد الله بن محمد بن عقيل انه قال رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انس ابن مالك كن مخضوبا. هذا من اقوى الاقوال التي ثبت فيها نفي خطاب رسول الله عليه الصلاة والسلام. جواب انس رضي الله عنه لما سأله قتادة هل غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لم يبلغ ذلك انما كان شيبا او قال شيئا في صدغيه. ولكن ابو بكر غضب بالحناء والكتم. هذه رواية مسلم وعند الترمذي سئل انس رضي الله عنه فقال رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوبا فرواية انس في صحيح مسلم وغيره ينفي ان يكون شعر رسولنا عليه الصلاة والسلام قد غضب. وعلل ذلك بقلة قاتل بيض وهذا امر اخر ما حجم البياض او شعر الشيب في رأس رسول الله عليه الصلاة والسلام ولحيته كان يسيرا جدا بلغ الثالثة والستين بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. والتحق بالرفيق الاعلى. ولم تكن الشعرات البيض في شعره ولحيته تتجاوز عشرين شعرة بيضاء قيل اربع عشرة وقيل خمس عشرة وسبعة عشرة. وعامة ذلك لا يتجاوز العشرين في الروايات التي ذكرت عدد الشعرات البيض. وانها كانت مجتمعة في مفرق رأسه صلى الله عليه وسلم وشيئا في صدغيه وفي عنفقته وهو الشعر التي يأتي تحت الشفة السفلى بينها وبين اللحية وما عدا ذلك فلم يكن من البياض شيء في شعره عليه الصلاة والسلام. فلقلة الشعرات بيبقى لانس رضي الله عنه لم يبلغ ذلك. يعني ما بلغ الشيب في شعره عليه الصلاة والسلام ان يحتاج الى صبغ او خضاب ما احتاج الى ذلك لقلته. هذا اشهر الاقوال. قال ابو هريرة رضي الله عنه نعم خضب وقال ابو رمثة رضي الله عنه رأيت الشيب احمر. سئل ابو هريرة هل غضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم فاثبت عامة الصحابة ما رأوه من صبغ شعره عليه الصلاة والسلام. وسيسوق المصنف رحمه الله ايضا. ثالث الاقوال في هذا فالباب احسن الله اليكم قال رحمه الله وقال الطائفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر الطيب قد احمر شعره فكان يظن مخظوبا ولم يخظب قال ابو رمثة اتيت النبي صلى الله عليه وسلم اتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن لي فقال ابنك؟ فقلت نعم اشهد به. قال لا تجني عليه ولا يجني عليك. قال ورأيت الشيب احمر. قال الترمذي هذا احسن شيء روي في هذا الباب وافسره. لان الروايات الصحيحة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الشيب قال حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قيل لجابر بن سمرة اكان في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم شيب قال لم يكن في رأسه شيب الا شعرات في مفرق رأسه اذا ادهن واراهن الدهن. نعم. هذا ما ذكره من الصحابة وهو ثالث الاقوال انه لم يخضب لكن استعماله صلى الله عليه وسلم للطيب في شعره يجعله يبدو مخظوبا لكنه لم يخضب. فيتفق هذا القول مع قول انس رضي الله عنه في نفي خطابه صلى الله عليه وسلم. وذكر وفي رواية ابي رمشة ورواية جابر بن سمرة رضي الله عنهم جميعا هذه ثلاثة اقوال نظر اليها اهل العلم فاذا برواتها كلهم من الصحابة ولهذا قال الامام احمد رحمه الله في الاجابة عن ذلك. بعدما نظرتم في الروايات نفاه انس كما في صحيح مسلم وهو من اقرب الى النبي صلى الله عليه وسلم ومن اعرفهم به انس رضي الله عنه واثبته ابو هريرة وابو رمثة ابو رمثة وام سلمة رضي الله عنهم جميعا اثبتوا خطاب النبي عليه الصلاة والسلام وحمله بعضهم كما سمعتم كجابر ابن سمرة على الدهن. قال الامام احمد رحمه الله قد شهد به غير انس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه غضب وليس من شهد بمنزلة من لم يشهد انتهى كلامه رحمه الله يريد ان يقول ان ما اثبته الصحابة ونفاه انس اولى بالقبول فان من شهد مقدم على من لم يشهد والاصوليون يقولون المثبت مقدم على النافي لان معه زيادة علم. قال الامام ابن كثير رحمه الله ونفي انس رضي الله عنه للخضاب معارض بما تقدم عن غيره من اثباته. والقاعدة المقررة ان الاثبات مقدم على النفي. لان المثبت معه زيادة او زيادة علم ليست عند النافي واما الامام النووي رحمه الله فقال والمختار انه صلى الله عليه وسلم صبغ في وقت وتركه في معظم الاوقات فاخبر كل بما رأى وهو صادق هل صبغ او لم يصبر؟ غضب او لم يغضب عليه الصلاة والسلام؟ الجواب ليس نعم باطلاق وليس لا باطلاق لم يخضب على الدوام بل كان الغالب عليه عدم الخضاب حتى قال الصحابة قال انس لكن ابو بكر خطب وعمر ايضا خطب بالحناء والكتم وهم يثبتون ايضا ما ثبت عندهم مما رأوه من الصحابة والكتم نبات يستعمل في الصبغ قيل لونه اصفر وقيل اسود يميل الى الحمرة. فاذا خلط مع الحناء جعل اللون احمر مائلا الى السواد او اسود مائل الى الحمرة وقولهم غضب بالحناء والكتم ليس يثبت في رواية صحيحة عنه صلى الله عليه وسلم الا عامة اثبات الخطاب الحناء معروف والكتم تقدم بيانه فقولهم يخضب بالحناء والكتم يحتمل انه لكل منهما على حدة يعني يغضب احيانا بالحناء واحيانا بالكتم. ويحتمل ايضا انه خلط هذا بذاك يخرج اللون الاسود المائل الى الحمرة في الصحيحين عن انس رضي الله عنه قال اختضب ابو بكر بالحناء والكتم واختضب عمر بالحناء بحتا. فاثبت هذا واثبت ذاك عن صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهما احسن الله اليكم قال رحمه الله قال انس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه ولحيته ويكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيات. هاتان جملتان الاولى ان النبي عليه الصلاة والسلام يدهن رأسه ولحيته. والمقصود بالدهن هنا استعمال الزيت الذي يرطب به شعر الرأس واللحية لان الجفاف الذي يصيب الشعر يجعله يابسا ولو علمتم ما بارض الحجاز من شدة الحرارة وسمومها وجفاف هوائها يعلم اهلها وساكنوها ما يتعرض له اهل هذه البلاد من اشتداد الحر ودوام الجفاف وتتابعه. فلا يستغني المرء في العناية بمظهره وهيئته عن استعماله لشيء يرطب جفاف البشرة والشعر معا ولم يكن لهم انذاك ما يستعمله الناس اليوم من وسائل ترطيب البشرة من الصابون والانواع الدهان الذي يستعمله الناس فكان عامة استعمالهم للزيت سواء كان الزيت حيوانيا او نباتيا يعني زيت بعض الاطعمة او زيت الدهن المستخرج من الحيوان والمراد به ترطيب الجفاف فكان استعمال الدهن في الشعر وفي الرأس وفي اللحية نوع مما يستعمله الناس للعناية بالمظهر والهيئة. كان النبي عليه الصلاة والسلام يستعمل ذلك كما تستعمله العرب لكنه ليس على الدوام بل يوما بعد يوم يدهن غبا ويرجل رأسه يعني يسرح شعره غبا يوما بعد يوم. لئلا يكون الانشغال الغالب بالمظهر والهيئة مستهلكا للوقت والجهد فهذا من الكماليات ولا يجفو عنه تماما حتى يهمل المرء منظره وشعره وهيئته فليس هذا ايضا من شأن المسلم والاسلام دين وسط. قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه ولحيته والمراد بالاكثار ما ثبت في الرواية الاخرى انه كان غبا دوما بعد يوم في الجملة الثانية قال ويكثر القناع. كأن ثوبه ثوب زيات هذه الجملة ثبتت عند الترمذي في الشمائل لكنها ضعيفة. سندا ومتنا. اما سندا فلضعف بعض رواتها. واما متنا في المتن يخالف ما ثبت في غيرها من الروايات في صفة هيئة وثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يكثر يعني يضع غطاء على رأسه بسبب الزيت الذي يضع هو الدهن فلان لا يتلطخ الثوب او الشيء الذي يمسه او يباشره يحتاج الى غطاء رأسه بعد الادهان. فقال يكثر القناع كأن ثوبه ثوب زيات كيف ثوب الزيات مليء ببقع الزيت من كثرة ما يستعمل في ظرف الزيت وبيعه وشرائه فيبدو في الثوب بقع هذه الجملة هي المضاعفة حديثا سندا ومتنا اما سندا فلضعف بعض رواة الحديث وهو يزيد ابن ابان الرقاشي والربيع بن صبيح واما اما متنا فانه يخالف عامة ما روى الصحابة من جمال هيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمال منظره ما لي ثيابه التي كان يلبسها عليه الصلاة والسلام. فلهذا اعل الحديث بهذه الجملة لما فيها سندا ومتنا كما تقدم والله الله اعلم احسن الله اليكم. قال المصنف رحمه الله وكان يغب الترجل وكان يرجل نفسه تارة وترجله عائشة تارة. كان يغب الترجل واشار المحقق الى ان في بعض النسخ المطبوعة يحب الترجل لكن المقصود بالغب هنا ان يكون يوما بعد يوم. وترجيل الشعر كما تقدم تمشيطه وتسريحه والعناية به فكان عليه الصلاة والسلام يعتني بشعره. بل كان يكرمه وامر باكرامه. قال من كان له شعر فليكرمه كما في حديث ابي داود اكرام الشعر العناية به لئلا يكون على هيئة تصيب الناظر في كثرته واتساخه وعدم العناية به. كان عليه الصلاة والسلام يغب الترجل. يعني يرجل شعره غبا يوما بعد يوم وهذا كما قلنا الهدي الوسط فليست العناية في الاسلام بالمظهر والهيئة على الدوام واشتغال المرء عامة وقته بهيئته ولباسه وان يقف كثيرا في هذه القضية فهذا ليس شأن الرجال. اما النساء فيستحب لهن الترجل مطلقا. لانهن ذوات زينة قال الله تعالى اومن ينشأ في الحدية فشأن النساء العناية بذلك اما الرجال فاسوتهم رسول الله عليه الصلاة والسلام العناية المظهر والهيئة والشعر واللباس على الوسط الذي هو احيانا واحيانا يوما بعد يوم. فان يزاحم الشباب اخواتهم على المرآة وادوات الزينة. وتستهلك الاوقات ويكون هذا ديدنا فليس هذا من هدي رسول الله. صلى الله عليه وسلم. وايضا فليس الشأن الاهمال التام. حتى يبدو الانسان وهيئته لا تسر الناظرين. قال كان يغب الترجل وكان يرجل نفسه تارة وترجله عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين كنت ارجل شعر رسول الله عليه الصلاة والسلام وتقول كان يضع رأسه في حجري وانا حائض فكانت تعتني كما تعتني المرأة المحبة اللطيفة بزوجها وزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام فمن اكرم منه زوجا واي امرأة يمكن ان تحسن تبعلها اكثر من زوجات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان شعره فوق الجمة ودون الوفرة وكانت جمته تضرب شحمة اذنيه. واذا طال جعله غدائر اربعا. قالت ام هانئ قدم علينا رسول الله الله عليه وسلم مكة قدمة وله اربع غدائر والغدائر الظفائر وهذا حديث صحيح صحيح اخرجه احمد وابو داود والترمذي وابن ماجة في اثبات حديث ام هانيء رضي الله عنها. هذا صفة شعر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والصفة العامة في شعره الطول. طول شعره كان سمة في هيئته عليه الصلاة والسلام. ونحتاج الى معرفة معاني الجمة والوفرة والغدائر واللمة. هذا وصف لحجم الشعر جاء في بعض الروايات في وصف شعر رسول الله صلى صلى الله عليه واله وسلم روى البخاري ومسلم عن البراء رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين منكبين مربوعا يعني رجلا وسطا لا طويلا ولا قصيرا. بعيدا ما بين المنكبين عريض الكتفين عليه الصلاة والسلام. قال عظيم امتي الى شحمة اذنيه. عظيم الجمة الى شحمة اذنيه. فاذا الجمة ما وصل من شعري الى الشحمة وقيل الى الكتف وفي رواية مسلم قال ما رأيت من ذي لمة احسن في حلة حمراء من رسول الله. صلى الله عليه وسلم شعره يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين. قال ما رأيت من ذي اللمة اللمة من الشعر ما نزل لا عن الاذنين ولم يصل المنكبين. فكأنه الم بالم بالمنكبين ولم يبلغهما. فيسمى الشعر بهذا الحجم لمة وفي صحيح البخاري ومسلم ايضا عن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعره منكبيه فهذه ثلاثة اوصاف بلوغ الشعر الى شحمة الاذن وبلوغه الى المنكب وبلوغه الى ما بينهما يتجاوز شحمة الاذن ولا يبلغ العاتق او المنكب. روى ابو داوود ايضا عن عائشة رضي الله عنها قالت كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة. الوفرة اذا توفر الى شحمة الاذن. قالت فوق الوفرة ودون الجمة. فايهما سيكون اكثر الجمة فهي ما يصل الى المنكبين والوفرة ما وصل الى شحمة الاذن. قالت فوق الوفرة ودون الجمة قال ابو شامة رحمه الله وقد دلت صحاح الاخبار على ان شعره صلى الله عليه وسلم الى انصاف باذنيه وفي رواية يبلغ شحمة اذنيه. وفي اخرى بين اذنيه وعاتقه. وفي اخرى يضرب منكبيه. قال ولم يبلغوا هنا في طوله اكثر من هذا قال وهذا الاختلاف باعتبار اختلاف احواله. فروى في فروي في هذه الاحوال المتعددة بعدما كان حلقه في حج او عمرة في سنن ابي داوود ايضا عن ابي هريرة رضي الله عنه ما تقدم واخرج ابو داوود ايضا حديث انبياء ام هانئ الذي اخرجه المصنف واورده قالت رضي الله عنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم الى مكة وله اربع غدائر. جمع غديرة وهي الضفيرة الشعر اذا عقص بعضه الى بعض سمي ظفيرا. فيمكن للشعر المجتمع ان يكون ظفيرة واحدة او غديرة. ويمكن ان يقسم قسمين او ثلاثا او اربعا قسم النبي عليه الصلاة والسلام شعره يوم دخوله مكة اربع غدائر فكانت غديرتان عن يمينه وغديرتان عن يساره. يخرج الاذن اليمنى بين غديرتين تكتنفهما ويخرج اذنه الاسرة بين غديرتين ايضا تكتنفهما. فيبدو بياض اذنيه صلى الله عليه وسلم من بين ثائرين كأنها توقد الكواكب الذرية جمالا وبياضا واشراقا في وجه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهل يجعل الرجل شعره ظفيرة او غديرة كالنساء؟ الجواب ان هذا عائد الى الاعراف والعادات وقد كان من عادة العرب انذاك ان يطول شعر الرجال احيانا واذا طال الشعر احتاج الى عناية ومن وجوه العناية في خصوصا في مظنة عدم حصول فرصة الاعتناء كالسفر والغزو والجهاد ان يجعل ظفائر. فانه اعوم على العناية بالشعر فجمعه في ظفيرة يساعد في ايام السفر اذ ليس هناك فرصة للاغتسال كما في حال الاقامة او الدهان والتطيب والعناية بالنظافة والهيئة والمظهر كما هو في حال الاقامة. والنبي عليه الصلاة والسلام في حديث ام هانئ كان يوم فتح مكة قدم مكة وله اربع غدائر. فدخوله مكة وقد قدم من سفر عليه الصلاة عليه الصلاة والسلام لم يهيئ له الا ان يجعل شهره شعره على هيئة الغدائر والظفائر. فها هنا يزول الاشكال فكان عادة للعرب وحالة من الحالات التي يحتاج اليها الرجل في تظفير شعره او جعله غدائر وليس هذا من باب التشبه بالنساء فاذا اختلف فالحال وعادت الاعراف والعادات في بعض البلدان الى اختصاص النساء بهذا النحو من العناية بالشعر كاد فعل الرجال تشبها كونوا داخلا في النهي في نهي تشبه الرجال بالنساء فتطوير الشعر يا كرام ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا اولا. ثانيا تطويل الشعر للرجال ليس في نفسه سنة بل هو من العادات كما تقدم بيانه قريبا. اطال النبي عليه الصلاة والسلام شعره وحلقه. فلم يجعل في تطويره اجرا ولا في حلقه اثما ثبت هذا وذا وتقدم ليلة الجمعة الماضية انه عليه الصلاة والسلام لم يثبت انه حلق رأسه كله الا في نسك. في حج او عمرة وذلك ايضا لما جرت به العادة انذاك وليس هذا منعا لحلق الرأس في غير النسك كما تقدم. لكنه مع ذلك امر عليه الصلاة والسلام باكرام الشعر والعناية به لمن كان له شعر ولم يخرج بذلك عن عادات العرب وهيئاتها وما جرت به احوالها في استعمال والهيئات ونحو ذلك. في الحديث الصحيح الذي اخرج ابو داوود والطبراني في الاوسط والبيهقي وفي شعب الايمان. من كان له شعر فليكرمه امه ولما سئل الامام احمد رحمه الله عن تطويل الشعر قال هو سنة لو نقوى عليه لاتخذناه. يقصد انه يطبق السنة بهيئتها والعناية لا بالاقتصار على مجرد طول الشعر الذي يفعله بعض الناس. وها هنا تنبيه لطيف اذا قرر هذا وعلمنا ان اطالة الشعر ليس في نفسه سنة لكن المتبع لذلك والموافق في اطالة شعره ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ان كان منطلقا من صدق محبة ورغبة في تشبه في الهيئة والمظهر بالحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام. فهذا باب واسع سبق اليه الصحابة الاوائل رضي الله عنهم وكانوا مضرب المثل في داره في حرصهم وعنايتهم في التقفي والاقتداء والاهتداء والاستنان بهدى رسول لا صلى الله عليه وسلم تجاوزوا الواجبات والمستحبات الى امور العادات بل الى امور الجبلة والفطرة يوافقون فيه ما استطاعوا ربي الامة عليه الصلاة والسلام. هذا باب من الحب يتنافس فيه الصادقون. لكنه حتما سيكون بشواهد تدل على ان الباعث هو الحب وليس الهوى والتشهي اقصد ان بعض الناس في باب السنن خصوصا في باب المظهر والهيئات يحلو له بعض ما ثبت في السنة موافقة لهوى نفسه في حب لنفسه اطالة الشعر ويحب لنفسه في مظهره كذا وكذا. الاكتحال مثلا او استعمال الشعر واطالته. ثم يجد لنفسه دافعا بانها موافقة لشيء ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعندئذ سيكون صدق دعوة هذه مردها الى صاحبها. عندما تكشف باقي مواقف الحياة في يومه وليلته بعده عن السنن زهده في سنن العبادات الوضوء والصلاة الاذكار والدخول والخروج فاذا فارق في سائر ايامه ولياليه شأن السنن النبوية العبادية فهو ابعد اذا عن سنن العادات حتى تكاشف النفوس بصراحة. ما الباعث لاحدنا في العناية بدقيقة من الدقائق في لون اللباس في هيئة المظهر شعر والرأس واللحية ان كان الباعث صدقا هو المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي ان تكون كذلك في سائر الاحوال فهذا الذي يطيل شعره مؤتسيا ان كان في حجه وعمرته يحلقه اقتداء وتأسيا كذلك. ثم هو ايضا في لحيته يوفرها وفي ثوبه وفي صلاته ووضوئه وسائر احواله حريص على الاقتداء فهنيئا له ذاك الباب العظيم النفوس الى سباق كريم في التأسي بنبي الامة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. يقول يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله ايضا في التعليق على هذه الروايات في صفة شعر رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال وما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان اقرب الى منكبيه كان غالب احواله وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ويتخذ منه عقائص وظفائر. قال هذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهد شعره فيها. وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه. هكذا قال رحمه الله تعالى تعليقا على حديث عائشة وغيرها رضي الله عنهم جميعا الله اليكم قال رحمه الله وكان صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب وثبت عنه في صحيح مسلم انه قال من عرض عليه ريحان فلا يرده فانه طيب الريح خفيف خفيف محمل المحملي. ومن ومن الفوائد يا كرام في مسألة اوصاف الشعر التي تقدمت الجمة والوفرة واللمة. الجمة ما وصل الى المنكبين والوفرة ما وصل الى شحمة الاذنين واللمة ما نزل عن الاذنين ولم يبلغ المنكبين. وآآ نظم ذلك بعض في بيتين فقال الوفرة الشعر لشحمة الاذن. وجمة ان هي لمنكب تكن. وسم ما بينهما باللمة قد قال ذا جمهور اهل اللغة اشارة الى ان بعض اهل اللغة قد يخالف فيجعل وصف الجمة للوفرة والعكس. بناء على ما في بعض الروايات. هذا مذهب ابو الجمهور كما تقدم في وصف الجمة والوفرة واللمة والله اعلم احسن الله اليكم قال وكان صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب وثبت عنه في صحيح مسلم انه قال من عرظ عليه ريحان فلا يرده فانه طيب الريح خفيف المحمل هذا لفظ الحديث والعامة يروونه من عرظ عليه طيب فلا يرده وليس بمعناه. فان الريحان لا تلحق المنة باخذه وقد جردت وقد جرت العادة بالتسامح في بذله بخلاف المسك والعنبر والغالية ونحوها ولكن الذي ثبت عنه في حديث عزرة بن ثابت عن ثمامة انه قال كان انس لا يرد الطيب. وقال انس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب. هذا الهدي الاخر من خصال الفطرة في شأن النبي عليه الصلاة والسلام وهو حبه للطيب وتطيبه صلى الله عليه وسلم. يا امة الاسلام كان نبينا صلى الله عليه وسلم اطيب الناس ريحا من غير تطيب واذا تطيب يشم طيبه من بعيد ويلمس اثره من قريب. صلى الله عليه واله وسلم. فينتشر طيب ريحه ويفوح عبقه فتنشرح له صدور الجالسين. ومن يكون بحضرته عليه الصلاة والسلام. اسمع معي الى قول انس رضي الله عنه قل ما شممت شيئا قط مسكا ولا عنبرا اطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ولا امسست شيئا قط حريرا ولا ديباجا الين مسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية عند قال ما مسست حريرا ولا ديباجا الين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مسكا ولا عنبرا اطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا نبينا الطيب المطيب عليه الصلاة والسلام. طيب الظاهر والباطن طيب باللباس والهيئة والريح عليه الصلاة والسلام. يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه اما انا فمسح خدي حكى مشهدا وموقفا عبر فيه النبي عليه الصلاة والسلام ببعض الصحابة وفيهم بعض الصغار. قال جابر بن سمرة فاما انا فمسح خدي قال فوجدت ليده بردا او ريحا كانما اخرجها من جؤنة عطار جؤنة العطار هي الانية التي يضع فيها العطار الطيب والعطور فيخلطها. فتبدو يده دائما فيها عبق الرائحة الزكية والندية. هذا نبينا عليه الصلاة والسلام. فلا تعجب ان يحب الطيب فان الله طيبه ظاهرا وباطنا. صلوات الله وسلامه عليه سن لنا وعلمنا في كمال الهيئة وجمال المظهر وحسن العناية بان يكون احدنا طيبا في لباسه. جميلا في معتنيا بهيئته يمس من طيبه ان خرج الى الصلاة وان شهد الجمعة وان اتى اهله يجعل ذلك ديدنا فتعيش النفوس الطيبة في اثر ذلك الطيب وتحوم فيه. وتقدم كلام جميل لابن القيم رحمه الله في صدر الكتاب في ارتباط الارواح الطيبة بالارياح الطيبة والخبائث بالخبث كذلك والنتن والقذارة لها اهلها ونفوسها الخبيثة اجلكم الله فانعموا يا اهل الاسلام بدينكم وقروا عينا بهذا الهدي الكريم الذي بعث به المصطفى صلى الله عليه وسلم والله لا اجل دينا ولا اعظم كرامة لمسلم يعيش في دينه الاسلام هذه العظمة والكمال دين يأمره بان يكون من اجمل البشر مظهرا. ومن احسنهم هيئة ومن اعلاهم قدرا فاذا رأته العيون وجلست اليه النفوس سعدت وانشرحت وانست. والنبي صلى الله عليه وسلم كان مضرب المثل في ذلك. يقول المصنف رحمه الله كان لا يرد الطيب وثبت في صحيح مسلم انه قال من عرض عليه ريحان فلا يرده فانه طيب الريح خفيف المحمل وفي لفظ الترمذي قال فانه خرج من الجنة يعني الريحان والمقصود بالريحان من بين النباتات لانه من ازكى الاوراق الشجرية عطرا وغيره من النباتات قد يكون عطري الرائحة كذلك فاستعمال الريحان لما فيه من فوح الرائحة التي تنتشر. فيشمه حامله ويشمه المجاور له. واذا وضع الريحان في او مجلس فاحت الرائحة الطيبة وانست بها النفوس. فيقول من عرض عليه ريحان فلا يرده. لانه من الطيب الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم العناية به. قال المصنف رحمه الله هذا لفظ الحديث. والعامة يروونه بلفظ من عرض عليه طيب فلا يرده. يعني ليس الريحان فقط بل الطيب عامة. يقول ابن القيم رحمه الله وليس بمعناه يعني هذا اللفظ الذي نسبه المصنف رحمه الله الى العامة في حفظ الحديث من عرض عليه طيب فلا يرده قال ليس بمعنى الريحان. لان عموما وخصوصا ولا شك ثم بين وجها يفرق بين الريحان وسائر انواع الطيب. فماذا قال؟ قال فان الريحان لا تلحق المنة باخذه يعني من اعطاك ريحانا لن يمتن به عليك ويقول اعطيتك وفعلت لك وجلبت لك فانما هو ريحان وريحان من اسهل النباتات زراعة وانتشارا وتكاثرا فهو غير مكلف. فاذا اعطاك ريحانا فانه لا يمتن به. قال وقد جرت العادة بالتسامح في بذله بخلاف غيره من انواع الطيب. فلو اعطاك مسكا او عنبرا او غالية ونحوها من انواع العطور والطيب. فانها في الغالب تكون مشتراتا والمشترى تبذل فيه الاثمان وكلما كان الطيب اطيب عطرا ورائحة زكية كان اغلى ثمنا في الغالب. قال لكن الذي ثبت في حديث عزرا وذكر الرواية قبل الانتقال الى تتمة كلامه رحمه الله قوله والعامة يروونه هو في الحقيقة ليس لفظا دارجا على السنة العامة. بل هو الحديث ذاته باللفظ الذي اخرجه الائمة احمد وابو داوود والنسائي فان الحديث عندهم بهذا اللفظ من عرض عليه طيب وليس الريحان خاصة. فاذا ثبت ذلك استغنينا عن التعليل الذي علل به اصنفه رحمه الله فاذا ثبت عندنا قوله صلى الله عليه وسلم من عرض عليه طيب فلا يرده فان الباب واسع. اي طيب كان من المصنوعات او من النباتات ذوات الرائحة الزكية والعطر ونحوها. فكل ذلك باب واسع. اذا السنة يا كرام عدم رد لقوله صلى الله عليه وسلم من عرض عليه طيب فلا يرده. وسيأتي حديث انس بعد قليل عدم رد الطيب سواء كان على سبيل الاهداء او كان على سبيل التطييب بان يعطيك من طيبه. وان يجعل في يدك او في ثوبك شيئا منه. هذا الاصل العام يا كرام ويستثنى من ذلك ما لا يقدر معه المرء على قبول الطيب كان يكون مريضا او عنده تحسس من الروائح او لا يستطيع قبول الطيب لشيء يتعلق به فيصيبه الحرج. فان اعتذر فليترفق في اعتذاره فانها سنة ولا نحب لمسلم ان يبدو في اعراضه عن الطيب ورفضه لقبوله هبة او تطييبا الا يبدو في مظهر كالجافي عن سنته عليه الصلاة والسلام وهو القائل من عرض عليه طيب فلا يرده. ولكن يعتذر برفق وبلطف يحفظ به مقام السنة وهدي النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام في نفسه وامام الاخرين ويحقق لنفسه مصلحته وحاجته التي هو فيها بعدم قبوله للطيب. قال رحم الله تعالى ولكن الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم. في حديث عزرة بن ثابت عن ثمامة قال كان انس ايرد الطيب ثمامة هذا حفيد انس. هو ثمامة ابن عبد الله ابن انس ابن مالك. يحكي عن جده انس رضي الله عنه انه كان لا يرد الطيب وقال انس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد الطيب هكذا عند البخاري قال وزعم انس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب فيحكي ثمامة عن جده انس امتثاله للسنة. اذا عرض عليه طيب قبل وهو يحكي في ذلك السنة الثابتة عنده. يزعم ان النبي عليه الصلاة والسلام كان لا يرد الطيب. فاتفق هذا الثابت عن انس رضي الله عنه كما في صحيح البخاري مع اللفظ الذي نسبه المصنف رحمه الله الى رواية العامة بل هي رواية الائمة احمد واحمد وابي داوود والنسائي فثبت هذا اذا فلا حاجة الى التفريق بين الطيب والريحان. فان قيل فلماذا جاء الريحان مستقلا؟ قيل هذا من تخصيص بعض العام وهذا لا ينافيه. قال من عرض عليه طيب وفي رواية قال من عرض عليه ريحان والريحان من الطيب فذكر بعض انواع الطيب نبينا الطيب المطيب صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله واما حديث ابن عمر يرفعه اذا حديث من عرض عليه ريحان يقابله حديث من عرض عليه طيب وهو من العموم والخصوص والرواية جاءت بهذا وذاك. يقول المباركفوري رحمه الله في شرحه للترمذي قال ورواية الجماعة اثبت فان احمد الامام احمد وسبعة انفس معه رووه عن عبدالله ابن يزيد المقبوري عن سعيد عن ابي ايوب بلفظة من عرض عليه طيب فذكروا لفظ الطيب قال ووافقه ابن وهب عن سعيد عند ابن حبان قال والعدد الكثير اولى الحفظ من الواحد. يريد اثبات صحة الرواية. من عرض عليه طيب. فليست اذا لفظا دارجا على السنة العوام او مما شاع وانتشر بل هو حديث صحيح ثابت رواه هذا العدد من الائمة الكرام رحمة الله عليهم جميعا احسن الله اليكم. قال رحمه الله واما حديث ابن عمر يرفعه ثلاث لا ترد الوسائد والدهن واللبن. فحديث معلول رواه الترمذي وذكر علته. ولا احفظ الان ما قال فيه الا انه من رواية عبدالله بن مسلم بن جندب الا انه من رواية عبد الله بن مسلم بن جندب عن ابيه عن ابن عمر. يقول اما حديث ابن عمر ثلاث لا ترد الوسائد الدهن واللبن الوسائد جمع وسادة يعني من دخل مجلسا فناوله صاحب المجلس او رمى اليه بوسادة يتكئ عليها او يجلس عليها او يسند اليها فانها لا ترد وكذا الدهن والمراد به الزيت كما تقدم الذي يدهن به واللبن. والدهن ايضا محمول على الطيب الذي يدهن به الانسان قال فحديث معلول رواه الترمذي. وذكر علته ولا احفظ الان ما قال فيه. الا انه من رواية لعبدالله بن مسلم بن جندب عن ابيه عن ابن عمر رضي الله عنهما. وفعلا مدار الحديث على عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي فيه لين في رواية الحديث ولم يتابع عليه ولهذا قال ابو حاتم هو حديث منكر. فاشار المصنف الى الحديث قالوا لي الذي اخرجه الترمذي قول ابن القيم رحمه الله ولا احفظ الان ما قال فيه. يعني الامام الترمذي اشارة الى ما تقدم في مطلع مدارستنا للكتاب والحديث عن منهج الامام ابن القيم رحمه الله تعالى فيه وانه الفه في سفر وانشأه بعيدا مغتربا ليس بين يديه الاسفار والكتب مراجع فما تقرأونه وتسمعونه يا كرام من الصفحات والفصول المتتابعة فانما هي من ذهنه السيان رحمه الله. وحكاية الروايات مقولات الائمة وتخريج الروايات والاقوال بعضها كان ينقلها من اجزاء صغيرة لبعض الائمة وعامة ذلك يرويه ومما فتح الله به عليه. ولهذا قال هنا ولا احفظ الان ما قال فيه. يعني ما قاله الامام الترمذي من وجه للعلة في هذا الحديث. فرحم الله تعالى وسائر علماء المسلمين احسن الله اليكم قال رحمه الله ومن مراسيل ابي عثمان النهدي انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا احدكم الريحان فلا يرده فانه خرج من الجنة. الحديث مرسل كما قال هو من مراسيل ابي عثمان النهدي وابو عثمان النهدي من المخضرمين من الكبار تابعي اسلم لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وادرك كبار الصحابة رضي الله عنهم. لكن الحديث فيه فيه وضعف هو مرسل. قال اذا اعطي احدكم الريحان فلا يرده فانه خرج من الجنة. وهو ايضا ما اخرجه الترمذي في الشمائل. وقوله من عرض عليه ريحان فلا يرده وعل له بكونه خرج من الجنة لو صح اسناد الحديث لثبت التعليل بالريحان. اما وقد ثبت ان الريحان كبعض بنعيم الجنة مما هو موجود في الدنيا. فروح وريحان وجنة نعيم. فهو من نباتات الجنة التي يتطيب بها اهل الجنة في اورثنا الله واياكم سكناها احسن الله اليكم قال وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكة يتطيب منها السكة نوع من الطيب للمركب الذي يجمع فيه صاحبه الوانا من الاطياب والعطورات. يعني يركب عطرا وطيبا يخصه وقيل السكة الوعاء الذي يوضع فيه العطر او الطيب ويؤخذ منه عند الحاجة فيوعاء العطر سواء كان من جلد او قارورة ونحوها تسمى سكة فسكت الطيب هي ما يوضع فيه العطر او الطيب الذي يستعمله صاحبه. كان لرسول الله عليه الصلاة والسلام سدة يتطيب منها تدري ما معنى هذا؟ يعني ان الطيب في حياته عليه الصلاة والسلام في بيته في يومه وليلته ليس شيئا عابرا. لا هو شيء يقتنيه ويجعله امرا يعتني به. فللطيب عنده سكة يعتني به فيتعاهده ويستعمله ويحث الامة عليه صلى الله عليه وسلم. كان له سكة يتطيب منها هكذا اخرج ابو داوود والترمذي وفي الشمائل والبزار والحديث وان انفرد به عبدالله بن المختار وهو لا بأس به لكن له في الشواهد رواية عند الامام مسلم في الصحيح. نعم احسن الله اليكم قال وكان احب الطيب اليه المسك وكان يعجبه الفاغية قيل هي نور الحناء. هذه بعض انواع الطيب واسمائه كان احب الطيب اليه صلى الله عليه عليه وسلم المسك وهذا لما كانت انواع الطيب والعطور في كل زمن وبلد بما يستعمله اهل البلد وبما هو معهود عندهم متوفر بين ايديهم. كان المسك مضرب المثل في طيب العطور. واذا ضرب النبي عليه الصلاة والسلام مثلا بطيب الرائحة ذكرا المسك يقول عليه الصلاة والسلام كحامل المسك اما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك. فيضرب مثلا بالمسك في الطيب ويقول ايضا صلى الله عليه وسلم ولخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك. فيذكر المسك في بيان جمال الرائحة يضرب به المثل فكان احب الطيب اليه المسك. هذا الجمال في الطيب وحبه صلى الله عليه وسلم ورد في اثناء رواية يذكر فيها النبي عليه الصلاة والسلام شأن بعض نساء بني اسرائيل فقال في ثنايا ذلك وجعلت فيه طيبا او مسكا قال حب الطيب المسك فاستدلوا بذلك على انه مما اثبته عليه الصلاة والسلام والمسك اطيب الطيب قال رحمه الله وكان يعجبه الفاغية الفاغية فسرها المصنف بقوله هي نور الحنة. وفي كان يعجبه الفاغية هذا لفظ احمد والطبراني. وفي لفظ انا احب الريحان اليه الفاغية. ما الفاغية قال هو دور الحناء ما معنى النور الزهر زهر الحناء له رائحة والريحان الرائحة العطرية في ورقه وفي زهره لكن اي الجزئين ازكى رائحة في الريحان؟ الزهر. قال كان يعجبه الفاغ وفي لفظ كان احب الريحان اليه الفاغية يعني كان زهر الريحاني احب اليه من ورقه وفي كل منهما طيب وعطر قيل هي نور الحناء يعني الزهر الذي ينبت في الحناء فان ايضا له رائحة عطرية طيبة. وقيل نور كلبة ذي رائحة طيبة الفاغية كل نبات له زهر طيب الرائحة يسمى فاغية. فعلى هذا في اللغة فكلمة فاغية تدل على زهر كل نبات طيب وان كان اشهر في الحناء مثلا او في الريحان باعتبار ان الريحان اصلا طيب الرائحة زاكي فما كان في زهره فهو ازكى رائحة واطيب وهذا ايضا مما ثبت عنه صلى الله عليه واله وسلم انه يعجبه الريحان او زهره. لكن الحديث يعجبه الفاغية وقد اخرجه الائمة احمد والطبراني والبيهقي في بعض ما اخرجه عن عن احد الرواة عبدالحميد بن المنذر العبدي لكن في روايته هنا لم يتابع عليها وهو ايضا مما ضاعفه الائمة في اثبات هذه اللفظة كان يعجبه الفاغية فالثابت اذا في جملة ما يتعلق بطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. حبه للطيب واستعماله اياه وحث الامة على خصوصا في المواضع التي يحرص فيها المسلم على التزين وجمال الهيئة كالخروج الى الجمعة والعيدين واتيان المساجد وشهود المحافل. يقول عليه الصلاة والسلام فاذا توضأ في بيته ومس من طيبه ان وجد في ذكر التبكير الى الجمعة فذكر الطيب عليه الصلاة والسلام في سنن صلاة الجمعة للمسلم اذا شهدها. وهو كذلك في جملة ما يدخل في عمومات الحرص على يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. فمن الزينة وضوء المسلم وعناية بثوبه اذا قصد المساجد فانها بيوت الله. واذا تأمل احدنا في حرصه اذا حضر ضيفا عند صاحب دعوة او اكرام او وان يأتي اليه في احسن ما يقدر عليه من الهيئة والمظهر لباسا وريحا وكل شيء. فبيوت الله عز وجل ونحن نأتيها دين ضيوفا كراما في نزل يعده الله عز وجل لاهل المساجد الذين يأتون الى الصلوات جماعة ادركنا ان العناية بهذه الاداب الشرعية هي بلوغ للكمالات التي يرتقي بها الاسلام بابنائه واهله. والحرص على ذلك يشيع سمتا في المجتمعات المسلمة انها امم تعتني بالنظافة والطهارة والطيب وهو كذلك وما سمت امة الاسلام بذلك الا لكمال شريعتنا ظاهرا وباطنا. شريعتنا التي نرفع بها الرؤوس اعتزازا وافتخارا ما اعتنت بطيب القلب وصفاء المعتقد وسلامة التوحيد لله رب العالمين. فجعلت ذلك اصل الطيب الذي تنبت عليه النفوس المسلمة فانها هي التي هذبت تلك النفوس على ان يكون طيب باطنها متصلا بطيب ظاهرها. فذلك الاصل عظيم من التوحيد والصفاء والطهر والنقاء لا يلائمه الا مظاهر طيبة بيضاء نقية صافية. فيها من والنظافة والطهارة حتى نزل قوله تعالى في شأن مدح طائفة من المسلمين في قباء قال فيه رجال يحبون ان تطهروا والله يحب المطهرين. فتقرأ في كتاب الله الى يوم القيامة. اشادة باصل عظيم. كان هذا في ديننا معشر المسلمين صلة بين ظاهر وباطن وكمالا في الشريعة اعتنت فيه باستيفاء حاجات النفس البشرية. فليست رهبانية ادعو الى تقشف وانقطاع عن الدنيا وبهجتها وزينتها وليست اغراقا في الكماليات وعناية بالمظاهر على حساب في الروح وفراغ حاشا لكنه الدين العظيم الذي يستوي فيه الظاهر والباطن والعبادات والاعمال مع الهيئات والمظاهر فطوبى لمسلم فقه من شريعة ربه هذا الكمال والتكامل فاقبل فاخذ به ظاهرا وباطنا وقد تقدم انه متى هذا من خصال الفطرة فان ديننا ايها المسلمون يجعلنا في شريعتنا على اصل سوي اصولا وفروعا في الظاهر والباطن وهو امر يحمد المسلم عليه ربه ليل نهار. ان حباه الله تعالى بشريعة فيها ذلك الكمال والسمو والجلال. فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين في امة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم نقتدي بسنته ونتأسى بهديه ونتتبع المبارك الكريم صلوات الله وسلامه عليه. في شأنه كله وفيما نحن فيه من خصال الفطرة شاهدا على هذا التكامل وشريعتنا العظيمة التي هدانا الله اليها. نعم احسن الله اليكم فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في قص الشارب قال ابو عمر ابن عبد البر روى الحسن ابن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يقص شاربه ويذكر ان ابراهيم كان يقص شاربه ووقفه طائفة عن ابن عباس هذا تتمة لخصال الفطرة وهو الحديث عن قص الشارب وقد تقدم في حديث عائشة وابي هريرة رضي الله عنه هما ذكر ذلك وعده من خصال الفطرة وقص الشارب مستحب باتفاق المذاهب الاربعة. بل حكي فيه الاجماع وبعض الظاهرية يقول بوجوب ذلك وسيأتي بيانه ان شاء الله تعالى في تتمة مدارستنا لهذا الفصل وما بعده وتباعا في المجلس المقبل ان شاء الله تعالى. على ان مجلسنا ليلة الجمعة القادمة سيتوقف ان شاء الله ونعاود في الاسبوع الذي يليه ان مد الله في العمر وفسح في الاجل. وسيكون متابعتنا حيث وقفنا في فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في قصه الشاربي ان شاء الله تعالى. تم مجلسنا ايها الكرام بما تم لنا من الحديث عن هذه الخصال من الفطرة التي تقدمت في مجلس بفضل الله تعالى وهو الحديث عن الخطاب والحديث ايضا عن الايه؟ عن الترجل والطيب واخر ذلك ما يتعلق بشأنه عليه الصلاة والسلام في هذا الطيب طيبه ربه من فوق سبع سماوات سبحان من جمع المحاسن كلها فيه فتم بهاؤه وفخاره جبلت على التشريف طينته فما نشأت على غير العلا اطواره وصفت خلائقه وطهر صدره فزكى وطاب اديمه ونجاره. فلريحه اذكى واطيب مخبأ ترن من ريح مسك فضه عطاره ختم النبوة فهو درة تاجها. وطراز حلتها الثمينة معياره صلى الله عليه واله وسلم. فاستكثروا ليلتكم ايها الكرام وجمعتكم غدا من صلاتكم وسلامكم على الهدى وسيد الورى حبيب القلوب وانسها وبهجة الارواح وسعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم. استكثروا صار من يرجو شفاعته والقرب من منزله يوم يلقى الله فيجتمع به ويشرب من حوضه ويفوز في شفاعته. فيا رب صل وبارك عليه ازكى صلاة واتم سلام واجعلنا يا رب بكثرة الصلاة والسلام عليه من اصدق امته له حبا. ومن اكثرهم منه يوم القيامة قربى. اللهم اكرمنا بشفاعته واوردنا حوضه نحن وازواجنا ووالدينا واولادنا يا رب العالمين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم. اللهم ارحم امواتنا