بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا ونبينا وشفيعنا وامامنا وقدوتنا وهادينا محمد رسول الله لا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعض اخوة الاسلام فمن هذه البقعة الطاهرة من رحاب بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس الاسبوعي السابع والثلاث من مجالس مدارستنا لهذا السفر المبارك كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام شمس الدين ابي عبدالله بن القيم رحمه الله تعالى. في هذا اليوم الخميس ليلة الجمعة الثامن من شهر صفر سنة خمس واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. مستكثرين في ليلتنا المباركة هذه من صلاتنا وسلامنا على نبي الامة وشفيعها رسول الله. صلى الله عليه وسلم راجين بذلك الظفر بشفاعته. ومضاعفة صلاتي من ربنا سبحانه وتعالى عشرة اضعاف من صلى على نبيه صلى الله عليه وسلم وهو الجزاء الموعود في قوله عليه الصلاة والسلام فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. يا رب صلي على المختار سجعت اطيار طيبة في الاصال والغلس والان والصحب والاتباع قاطبة عد الخلائق في بحر وفي يبس وهذا المجلس ايها الكرام يعمر بذكر الله وبالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلب صفحات من فصول في هديه الكريم المبارك عليه الصلاة والسلام استفتحنا ليلة الجمعة الماضية فصلا جعله الامام ابن القيم رحمه الله لتعاملات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ذكر فيه اتخاذه للغنم وللرقيق والاماء. وكثرة اعتاقه في سبيل الله من ذلك انه ايضا باع واشترى وكان شراؤه بعد النبوة اكثر من البيع. ووقف بنا الحديث ان شراءه واستئجاره واجارته كان ذلك ايضا ثابتا في حياته عليه الصلاة والسلام. ويحفظ انه اجر نفسه قبل النبوة في رعي الغنم واجر نفسه من ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها قبل زواجه منها. لما سافر بمالها الى الشام في تجارة اعقب ذلك رغبتها رضي الله عنها في الزواج منه صلى الله عليه واله وسلم. ومجلس الليلة تتمة لبقية هذا الفصل سائلين الله التوفيق والسداد والهداية والرشاد بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله وقد اخرج الحاكم في صحيحه من حديث الربيع ابن بدر عن ابي الزبير عن جابر رضي الله عنه انه قال اجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه من خديجة بنت خويلد سفرتين الى جرش كل سفرة كل سفرة بقلوص وقال صحيح الاسناد قال في النهاية جرش بضم الجيم وفتح الراء من مخاليط اليمن وهو بفتحهما بلد بالشام قلت ان صح الحديث فانما هو المفتوح الذي بالشام. ولا يصح فان الربيع ابن بدر هذا هو عليلة ظعفه ائمة الحديث قال النسائي والدار قطني والازدي متروك. وكأن الحاكم ظنه الربيع ابن بدر مولى طلحة بن عبيد الله. هذا تتمة لما وقف الحديث عنده من كلام المصنف رحمه الله في اثبات اجارة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه هل اجر النبي صلى الله عليه وسلم نفسه والجواب ان المصنف رحمه الله ذكر موضعين في ذلك وكلاهما كان قبل الهجرة الاول اجارته لنفسه في رعاية الغنم لاهل مكة. ولهذا ثبت ايضا ان النبي عليه الصلاة والسلام لما قال ما بعث الله نبيا الا رعى الغنم قالوا وانت؟ قال نعم كنت ارعاها على قراريط لاهل مكة. وان ذهب بعض اهل العلم علم الى تغليطة هذا الحديث في تفسيره وان القراريط ليست اجرة لرعاية الغنم بل هو موضع بمكة وان النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يرعى الا غنم اهله ولم يؤجر نفسه في رعاية الغنم. وصحح جملة اهل العلم الحديث على ظاهره وانه لا يعرف بمكة مكان يسمى القراريط وانما هي الاجرة وانه رعى الغنم وذلك ليس بقدح في في نبوته صلى الله عليه وسلم ولا في كمالاته التي سبقت النبوة فلما ذكر موظوع الاجارة استطرد بفائدة توقف عندها مجلس ليلة الجمعة الماضية ان عقد المضاربة يكون فيه والمقصود بالمضاربة في الفقه ان يشترك اثنان احدهما بالمال والاخر بالعمل فالمشارك بالعمل شريك بالمضاربة. فانه يأخذ المال من صاحبه ويعمل فيه ويتجر. فهذا المضارب له اوصاف اربعة تختلف احكامها. فهو امين على المال. واجير في العمل اذا قام به ووكيل عن صاحب المال فيما يتصرف فيه وشريك في الربح اذا ظهر اخر البيع قال المصنف رحمه الله عطفا على ما سبق اخرج الحاكم في مستدركه من حديث الربيع ابن بدر عن ابي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال اجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. والمقصود كما تقدم قبل النبوة قال اجر نفسه سفرتين الى جرش بفتح الجيم والراء. كل سفرة بقالوص والقلوص الناقة من الابل. وقال صحيح الاسناد. قال ابن الاثير في النهاية جرش اسم مكان يضبط بنوعين من الضبط فان ضبط بضم الجيم وفتح الراء جرش فهو موضع باليمن وان ضبط بالفتح جرش فهو موضع بالشام وهو في الاردن وهو الاصح ان يكون الموضع الذي قصده صلى الله عليه وسلم للتجارة في مال خديجة انما هو جهة الشام لا جهة اليمن قوله رحمه الله جرش بضم الجيم وفتح الراء من مخاليف اليمن وهو بفتحهما يعني جرش بلد بالشام المخاليف جمع مخلاف ومخلاف هذا مصطلح في التقسيم الاداري مستعمل قديما في اليمن خاصة. مثل ما يقال اليوم في التقسيمات الادارية للبلدان محافظة ومركز تقسيمات ادارية لكن كلمة مخلاف لم يستعملها الا اهل اليمن فهي المقصود بها ناحية من بلاد اليمن ذات قطاع محدد او منطقة محددة تنسب عادة الى اسم القبيلة فيقال مخلاف كذا فينسب الى القبائل او الى اسم شيخ القبيلة او الى المكان فهذا مصطلح خاص بارض اليمن. يقول ابن القيم رحمه الله ان صح الحديث فانما هي جرش بالفتح لانها بالشام قال ولكن الحديث لا يصح ثم بين علته ان الربيع بن بدر راوي الحديث في السند هو المعروف عند المحدثين بعليلة ضعيف عندهم بل حكم بعض الائمة الكبار كالنسائي والدار القطني والازدي بانه متروك. والمتروك عندهم اشد الرواة ضعفا في الاسناد. لانه اما متهم بالكذب او الوضع في عرض عن حديثه جملة واما الحاكم رحمه الله الامام صاحب المستدرك فوهم وظنه الربيع ابن بدر مولى طلحة بن عبيد الله ولاجل ذلك صححه الحديث فعد هذا من اوهام الامام الحاكم ومما استدرك عليه وانكر عليه تصحيحه للحديث والله اعلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وشارك صلى الله عليه وسلم ايش يعني شارك دخل في شراكة تجارية هل شارك بالتجارة عليه الصلاة والسلام؟ الجواب نعم قال وشارك صلى الله عليه وسلم ولما قدم عليه شريكه قال اما تعرفني؟ قال كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تدارئ ولا تماري تدارئ بالهمز من المدارأة وهي وهي مدافعة الحق فان ترك همزها صارت من المداراة وهي المدافعة بالتي هي احسن. شارك صلى الله عليه وسلم ولما قدم عليه شريكه يعني اتاه بعد الهجرة وبعد الاسلام فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث من رواية السائب ابن ابي السائب المخزومي رضي الله عنه. كما عند ابي داوود والحديث صحيح وعند احمد ايضا في المسند. قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون علي ويذكروني. يعني جعل الصحابة في مجلس النبي عليه الصلاة والسلام يثنون على السائب ويذكرونه بخير فقال النبي صلى الله عليه وسلم انا اعلمكم يعني به فقال السائب قلت صدقت بابي انت وامي يا رسول الله كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري من الذي يقول للاخر كنت نعم الشريك لا تداري ولا تماري الحديث هذا مختلف جدا في اسناده ومتنه من المقصود؟ من راوي الحديث؟ السائب بن ابي السائب صاحب الحديث مختلف فيه كثيرا. قيل هو السائب ابن ابي السائب وقيل راوي الحديث ابنه عبد الله وقيل بل اخو السائب وهو ايضا يسمى قيس بن السائب وصالحوا عندهم ان المقصود بالحديث هو السائب ابن ابي السائب المخزوم اما قوله كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري لم يسم المصنف قال وشارك ولما قدم عليه شريكه كانه نظر رحمه الله الى اختلاف المحدثين في تسمية صاحب الحديث فاثر الاشارة اليه دون الخوض في الجزم في الخلاف الذي وقع بينهم. لكن لما قال كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري لا تداري يعني لا تخالف ولا تمانع. يقصد الموافقة ولا تماري يعني لا تجادل ولا تباطل. فكان شريكا واضحا نزيها سديدا في الرأي. يقول الكلمة ويفي بها ويلتزم بالوعد ويعطي ولا يخلف ويصدق ولا يكذب فهي اوصاف مدح وثناء. الظاهر من الحديث في رواية ابي داوود لما قال قال السائب صدقت بابي انت وامي كنت شريكي. فنعم الشريك كنت فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري. ظاهره وان السائب رضي الله عنه يصف بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية اخرى عند احمد لما قدم فقال اما تعرفوني قال كنت شريكي فنعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري ان القائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني لذلك على شريكه السائب ابن ابي السائب رضي الله عنه. وكلا الامرين قيل به والله تعالى اعلم احسن الله اليكم قال رحمه الله ووكل وتوكل وكان توكيله اكثر من توكله. الوكالة ان يوكل الشخص اخر للقيام عنه بعمل فيما تدخله الوكالة النبي عليه الصلاة والسلام وكل غيره وتوكل عن غيره. لكن كما تقدم في البيع وفي الاجارة كان توكيله لغيره اكثر من اخذه للوكالة عن غيره. فكان توكيله اكثر من توكله ايضا لشغله بالنبوة عليه الصلاة والسلام وكل صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام رضي الله عنه بشراء الاضحية. وكذا ثبت عن عروة البارقي رضي الله عنه وكل عمر بن ابي سلمة في التزويج وكل خالد بن سعيد بن العاص في تزويجه ام حبيبة بارض الحبشة رضي الله عنهم جميعا انت هذا ثبت في مرات متكررة فاذا توكيله ثبت عليه عنه صلى الله عليه وسلم لكن كما قال المصنف كان توكيله بغيره اكثر من توكله عن غيره صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله واهدى وقبل الهدية واثاب عليها. اهدى وقبل الهدية. دائما تجدون في هذا الفصل من التعاملات ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يعيش بين اصحابه واحدا منهم ولم يمنعه شرف النبوة ولا مقامها العظيم ومنصبها الجليل من الترفع عنهم عليهم رضي الله عنهم. كان يبيع ويشتري يوكل ويتوكل يهدي ويقبل الهدية. اهدى اليه الكبار اهدى اليه الملوك والرؤساء. اهدى اليه النجاشي ملك الحبشة. اهدى اليه المقوقس حاكم مصر في الاسكندرية. اهدى اليه الكبراء واهدى اليه اصحابه وهو يقول عليه الصلاة والسلام ولو اهدي الي ذراع او قراع لاجبت او لقبلت. يقبل عليه الصلاة والسلام في قبول الهدية فرح للمهدي وجبر لخاطره ورفعة لقدره في نفس المهدى اليه واهداؤه صلى الله عليه وسلم يكون ابتداء تارة ويكون ردا لهدية قبلها تارة. يعني اما ان يبتدأ بالهدية فيبعث بها صلى الله عليه وسلم لمن يحبه او لمن يتألف قلبه او لمن يرجو خيره واما ان تأتيه هدية فيقبلها ويرد مثلها هدية. هذا هدي نبوي عظيم يا كرام. قبول الهدية سنة وهي من من مثل ما يقولون من رسائل المحبة بين الناس في المجتمع لكنه اذا قبل هدية حرص عليه الصلاة والسلام ان يرد هدية لصاحبها مثلها. ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها قولها يثيب عليها ليس المقصود الثواب دفع الاجرة لا. لكن مقابلة الهدية بهدية ولو بعد حين اهدى اليه النجاشي فاهدى الى النجاشي لكنه بلغه انه مات قبل ان تصله الهدية فعادت اليه صلى الله عليه وسلم وهكذا في مواضع عدة اهدى وقبل الهدية عليه الصلاة والسلام واثاب عليها كما قال المصنف رحمه الله تعالى احسن الله اليكم قال رحمه الله ووهب واتهم فقال لسلمة بن الاكوع وقد وقع في سهمه جارية هبها لي. فوهبها له ففادى بها من اهل مكة اسارى من المسلمين. قال وهب واتهم وهب اعطى هبة وهي بمعنى الهدية ان يعطي الهبة يعطي الشيء بلا مقابل ولا عوض وهب ووهب كثيرا عليه الصلاة والسلام. كان يقسم الغنائم ويعطي الصدقات ويعطي من ما له. هبة وهدية ويهب ويتصدق ايضا صلى الله عليه وسلم. قال واتهم اتهم يعني طلب الهبة من غيره طلب من غيره ان يهبه هبة وذكر لذلك شاهدا قال لسلمة بن الاكوع رضي الله عنه وقد وقع في سهمه جارية هبها لي فوهبها له ففادى بها من اهل مكة اسارى من المسلمين. اشار رحمه الله الى الحديث الطويل الذي اخرجه الامام مسلم في الصحيح من حديث سلمة بن الاكوع رضي الله عنه قال غزونا فزارة وعلينا ابو بكر يعني كان اميرا نعلهم امره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا. فلما كان بيننا وبين الماء ساعة امرنا ابو بكر فعرسنا. قلنا تعريس الكتيبة او الجيش او القافلة استراحتهم في طريق السفر قبل الفجر في اخر الليل قال فعرسنا ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل عليه وسبى. قال سلمة وانظر الى عنق من الناس فيهم الذراري عنق يعني مجموعة منهم على شكل مجموعة تسير تصعد الجبل تفر من غزوة ابي بكر رضي الله عنه قال فخشيت ان يسبقوني الى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم اسوقهم وفيه من امرأة من بني فزارة عليها قشع من ادم. قال القشع النطع. النطع القطعة من الجلد قال معها ابنة لها من احسن العرب فسقتهم لمدينة فسقتهم حتى اتيت بهم ابا بكر فنفذني ابو بكر ابنتها النفل ما يعطيه القائد لاحد افراد الجيش فوق نصيبه من الغنيمة فوق سهمه الذي يستحق. فاذا قسم الغنائم اعطى لكل واحد نصيبه. فاذا زاد الامام او القائد بعض افراد جيشي زيادة في النصيب يسمى هذا نفلا وتنفيلا فاعطاه ابو بكر رضي الله عنه سهمه في الغنيمة وزاده نافلة تلك الابنة التي وصفها سنة ما قال من احسن العرب قال فنفلني ابو بكر ابنتها فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبا يعني لم يطأها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق. فقال يا سلمة هب لي المرأة فقلت يا رسول الله والله لقد اعجبتني وما كشفت لها ثوبا قال ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله ابوك فقال ابو سلمة هي لك يا رسول الله. فوالله ما كشفت لها ثوبا قال فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اهل مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا اسروا بمكة فما طلبها لنفسه عليه الصلاة والسلام انما طلبها لتكون فدية لبعض المسلمين المأسورين في مكة بين يدي كفار قريش انذاك. فهذا المقصود بقوله اتهم يعني حتى طلبوا الهبة لم يكن يطلبه صلى الله عليه وسلم لنفسه او لحظه او لذاته بل لما كان فيه مصلحة اعظم وانما طلبها لان بل الاسير عادة او المغنم من الاسارى يقع موقع احدهم من حيث الثمن والقدر والنفاسة اما في الفداء وفي المقابل او في الدفع في شيء من ذلك بحسب ما له من القدر والقيمة فرجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يكون لا لها وقع يفتدي بها اسرى المسلمين بمكة هذا ما اخرجه مسلم في الصحيح احسن الله اليكم قال رحمه الله واستدان برهن وبغير رهن واستعار واشترى بالثمن الحال والمؤجل. كل ذلك ثبت في سيرته عليه الصلاة والسلام. استدان برهن غير رهن. والرهن توثقة للدين. بان يرهن شيئا سواء ان يرهن لباسا او سلاحا او يرهن شيئا من متاعه للحصول على ما يريد شراءه في صفقة البيع. وهي من احكام الفقه المشروعة في الاسلام قال واستعار واشترى بالثمن الحال والمؤجل اشترى بالثمن الحال ان يدفع الثمن لصاحبه وينقده اياه عينا. والمؤجل اما ان يؤجل كله او يؤجل بعضه اذا اجل بعظه اما ان يؤجل دفعة واحدة او يؤجل اقساطا او نجوما متفرقة بحسب الاتفاق. وكل ذلك تشريع ما ثبت من الاحكام في البيع للاسلام ثبت ايضا من تطبيقه وفعله عليه الصلاة والسلام ولذلك فان الثابت ايضا شراؤه صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي يقال له ابو الشحم ورهنه درعه التي بقية رهنا عند اليهودي عند موت النبي صلى الله عليه واله وسلم. واستعار كما ثبت في بعد فتح اكد انه استعار اذراعا من صفوان بن امية حتى ردها عليه بعد ما انتهى عليه الصلاة والسلام. وشراعه ايضا واقع كثيرا في مواضع عدة من سيرته عليه الصلاة والسلام. اراد المصنف رحمه الله الاصل العظيم الذي ثبت في تعاملاته المرونة واليسر وتعدد الاوجه فحيثما تيسر له وجه فعله عليه الصلاة والسلام استأجر واجر باع واشترى واستدان برهن وبغير رهن واستعار واشترى بثمن حال واشترى بثمن مؤجل كل ذلك تشريع للامة في جوازه وتوسعة لها فيما ثبت من فعله وقوله صلى الله عليه وسلم. ومن تلك مواضع استقيت احكام الفقه. واستنبط منها الفقهاء ما يزكر عادة في كتب البيوع. لان ما اظن لان مناط الاحكام هي ادلة الشريعة سواء كانت ايات في كتاب الله او احاديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الله اليكم قال رحمه الله وضمن ضمان وضمن ضمانا خاصا على ربه على اعمال من عملها كان مضمونا له وضمانا عاما لديون من توفي من المسلمين ولم يدع وفاء. انها عليه وهو يوفيها. انتقل الى الضمان وهي ايضا احدى صيغ العقود او التعاملات في الفقه الاسلامي. ما الضمان الضمان الذي نفهمه عادة في العقود والبيوع والتعاملات ان يضمن انسان اخر فاذا اراد شخص ان يستدين او كان عليه حق او تهمة او دعوة فان شخصا اخر يضمنه عند القاضي والحاكم والشرطة ونحو ذلك. والضمان واما ان يكون بدنا او مالا. يضمنه بالبدن او بالمال بالسداد عنه ان عجز المظمون عن السداد. هذا ايضا ثبت ضمن النبي عليه الصلاة والسلام فلما تطرق المصنف رحمه الله الى الضمان ابدع فاورد معنيين للضمان. ضمان خاص للنبي عليه الصلاة والسلام على ربه عز وجل في اعمال من عملها كان مضمونا له. هذا ان شئت سمه ضمانا معنويا او ظمانا اخرويا ضمان في الجزاء يوم القيامة في الجنة لما اعد الله لاهلها. كل حديث يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم وعدا او ضمانا بان من فعل كذا فله كذا هذا ضمان. والضامن فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم اما قال انا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا وببيت في اعلى الجنة لمن حسن خلقه. يقول انا زعيم هذا ضمان منه عليه الصلاة والسلام لكل من ترك المراء المجادلة والملاسنة وان كان على حق تركه وكان عفا في الكلام قليلا لا يهذي ولا يتكلم ولا يجادل فمن ترك هذا في الدنيا كان له وعد بان ينال منزلا في ربظ الجنة وهو اسفلها في سهل من سهول الجنة والضامن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام وضمن ايضا صلى الله عليه وسلم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا. حتى اذا كان في مزاح لا يجري الكذب على لسانه وببيت في اعلى الجنة لاصحاب الخلق الكريم بلغنا الله واياكم هذا الفضل العظيم هذا ضمان من الضامن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام هل يضمن فيه شيئا عن احد؟ الجواب لا هو يضمن لاحد وليس عنه يضمن له منزلة في الجنة او جزاء او كرامة او ثوابا. ولذلك قلت لك هو ضمان معنوي لا علاقة له بالضمان المقصود في التعاملات المالية. ولهذا ايضا يدخل فيه يعني جملة كثيرة من الاحاديث كوعده صلى الله عليه وسلم وبيانه في حديث الثلاثة قال ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل. وهنا وان لم يكن هو الضامن عليه الصلاة والسلام لكنه اخبر بهذه الضمانة. قال رجل خرج غازيا في سبيل الله. فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة او يرده بما نال من غنيمة واجر ورجل راح الى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة او يرده بما نال من اجر وغنيمة. ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل والحديث صحيح اخرجه ابو داوود وغيره. هذا الضمان الخاص الذي هو ضمان النبي صلى الله عليه وسلم لامته تلك المراتب العالية والكرامات والاجور والدرجات العلى في الجنة ضمان على رب على ربه عز وجل لمن يعمل تلك الاعمال ان ينال تلك الكرامات والاجور الموعودة فيها نعم وضمانا عاما قال وظمانا عاما لديون من توفي من المسلمين ولم يدع وفاء انها عليه وهو يوفيها وقد قيل ان هذا الحكم عام للائمة بعده فالسلطان ضامن لديون المسلمين اذا لم يخلفوا وفاء فانها عليه يوفيها من بيت المال قالوا كما يرثه اذا مات ولم يدع وارثا. فكذلك يقضي عنه دينه اذا مات ولم يدع وفاء. وكذلك ينفق عليه في اذا لم يكن له ما ينفق عليه. اما الضمان في الدنيا فكان نبينا صلى الله عليه وسلم ضامنا ليس لاحاد باعيانهم وليس لبعض الصحابة باشخاصهم بل ضمان لكل من مات من المسلمين وعليه دين لا يجد سداده ولا الوفاء به. فما ضمانه عليه الصلاة والسلام ما ضمانه اداء هذا الدين عن الميت اداء هذا الدين عن الميت. يقول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي اخرج البخاري في الصحيح ما من مؤمن الا وانا اولى به في الدنيا والاخرة اقرأوا ان شئتم النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم. ثم قال فايما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ومن ترك دينا او ضياعا فليأتني فانا مولاه هذا الحديث العظيم الكريم والذي ورد بروايات متقاربة من ترك مالا فليرثه عصابته. ومن ترك دينا او ضياعا فليأتني فانا مولاه فليأتني فانا مولاه اسد دينه فليأتني فانا مولاه اكفي اولاده واهله النفقة فليأتني فانا مولاه اسد مسده فيما لو كان حيا هذه الضمانة التي بذلها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يبين لهم فيه عليه الصلاة والسلام ان الذي يموت وله وله ورثة يأخذون نصيبهم في الميراث عصبة كانوا او ورثة. ومن مات وعليه دين او ضياع وهم الاولاد الصغار والزوجة وكل من لا يستطيع القيام بامر نفسه فانه صلى الله عليه وسلم يعولهم ويقوم بامرهم هذا الامر جاء في اخر حياته عليه الصلاة والسلام. وسبق ذلك انه كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي على الجنازة ان ثبت ان على صاحبها دينا لم يوفه فكان يسأل عليه الصلاة والسلام اذا قدمت الجنازة اعليه دين؟ فان قالوا لا صلى عليه وان قالوا نعم قال صلوا على صاحبكم وفي حديث ابي قتادة لما سأل ذات يوم عن رجل وعليه دين قال صلوا على صاحبكم. قال كم عليه؟ قالوا دينار او ديناران قال صلوا على صاحبكم فتقدم ابو قتادة قال يا رسول الله الديناران علي انا اتكفل بها فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال ابو قتادة فلم يزل يسألني بعد ما فعل الدينار؟ سددت او ما سددت حرصا منه صلى الله عليه وسلم على اداء الديون. والنصوص في هذا كثيرة وشديدة في مماطلة اصحاب الديون سداد ديونهم وانه من المطل الذي يوصف صاحبه بالظلم. الظلم الذي يحل عرظه وعقوبته. وان المماطلة في سداد الديون ايظا نوع من تعليق ورهن الميت في قبره بدينه. حتى يسد عنه الدين في بعض روايات حديث ابي قتادة. رضي الله عنه لما فاستمر يسأله ما فعل الديناران حتى قال ابو قتادة اديتهما يا رسول الله؟ قال الان بردت عليه جلدته فسداد الدين مطلب عظيم. ومن الاصل فان الاسلام لا يرغب في الاقبال على الديون. والغرق فيها فانها اذا دخل فيه صاحبه ما كاد يخرج منه. واذا كان هذا الدين في امور ليست من المهمات في حياة العبد كانت اشد وقعا عليه وجناية على نفسه في دينه ودنياه. فكان صلى الله عليه وسلم في بادئ الامر لا يصلي على من مات وعليه دين الا اذا قضاه عنه احد او ترك ما يمكن ان يسد به هذا الدين لانه من حقوق العباد. ثم كان بعد ذلك صلى الله عليه وسلم لما فتح الله عليه الفتوح وكثر المال وجاءت الغنائم واستقر تعظيم امر الدين في نفوس اصحابه كان يقضي الدين وتكفل بهذه الكفالة العامة من مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا. ومن ترك دينا او ضياعا فليأتني. فليأتني فانا مولاه. عندما كان يقول قبل ذلك والحديث ايضا في رواية الترمذي بين هذا الامر في في شأنه عليه الصلاة والسلام باختلاف الحالين. قال كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين. فيقول هل ترك لدينه من قضاء فان حدث انه ترك وفاء صلى عليه. والا قال للمسلمين صلوا على صاحبكم. فلما فتح الله عليه فتوح قام فقال انا اولى بالمؤمنين من انفسهم. فمن توفي من المؤمنين وترك دينا فعلي قضاؤه من ترك مالا فهو لورثته صلى الله عليه واله وسلم قال رحمه الله ووقف صلى الله عليه وسلم ارضا كانت له جعلها صدقة في سبيل الله. هذا ايضا من التعاملات العظيمة وقف وهو من اعظم القربات في الاسلام. ولم يكن احد من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم له مقدرة الا وقف وقف يعني بذل من ماله وقفا في سبيل الله ايا كان وجه هذا الوقف ومصرفه ومنفعته ان يوقف على المساكين على الايتام على الارامل ان يوقف على اهل العلم على حفاظ القرآن ان يوقف على بناء المساجد على الدعوة على كخدمة الاسلام الى اخره. فكل باب فيه خير يجري عليه الوقف. وحتى لو كان الوقف ذريا ان يقف الرجل على من بعده فالوقف يبقى وقفا لا يباع ولا يوهب ولا يورث انما يتصرف فيه بشرط الواقف وهي من الاجر الجاري على صاحبه بعد مماته. من وقف وقفا استمر له اجره. وما زال في الاسلام شواهد عظيمة لتلك الاوقاف التي خلدت قرونا مات اصحابها وما ماتت حسناتهم. بل قيض الله لها وسخر لها بعد مماتهم بمئات السنين اناسا يقومون على تلك الاوقاف. ويخدمونها ويأخذون الاجرة على اعمالهم تلك من غلال تلك الاوقاف. ومن ريعها من عوائدها والنبي عليه الصلاة والسلام وقف ارضا كانت له جعلها صدقة في سبيل الله صلوات الله وسلامه عليه الله اليكم قال رحمه الله وشفع وشفع اليه وردت بريرة شفاعته في في مراجعة مغيث فلم يغضب عليها ولا عتب. وهو الاسوة والقدوة صلى الله عليه وسلم بذل الجاه والمنصب والكلمة الطيبة والمعروف والاحسان الى من يظن انه يقبل الشفاعة والمقصود بالشفاعة استرضاء المشفوع عنده لحصول المطلوب فيأتيك شخص عليه دين حل اجله فيريد تأخيره او يريد التنازل والابراء بذمته من حق ما ماديا كان او معنويا. وقعت خصومة تم بين اثنين اخطأ فيه احدهما على صاحبه فلجأوا اليك بعد الله عز وجل يطلبون منك الشفاعة عند صاحب الحق ان يتنازل عن حقهم. تلك شفاعة. وهي ايضا من التعاملات الرفيعة التي تحمل طرفا من اخلاق الاسلام. وهديه في التعامل بين ابنائه. شفع النبي عليه الصلاة وشفع اليه. اما ان يشفع اليه فهذا وارد. لانه صلى الله عليه واله وسلم صاحب المقام العظيم. صاحب صاحب الامر والنهي صاحب الكلمة المطاعة. فيأتي الناس اليه يستشفعون به صلى الله عليه وسلم او يشفعون عنده. بل هو الذي حث على الشفاعة. فندب الامة فقال اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء يعني شفاعتك لن تقدم ولن تؤخر امرا قدره الله لكنك مأجور ببذل شفاعتك سواء قبلت شفاعتك او ما قبلت حققت المراد او لم تحقق قال اشفعوا تؤجروا. فان علمت سبيلا فيه شفاعة حسنة فلك الاجر من اشفع شفاعة حسنة هذا هذا الحث في القرآن وفي السنة جاء من فعله صلى الله عليه وسلم. اما انه يشفع اليه فانه يطلب منه صلى الله عليه وسلم القبول والرضا كما حصل يوم فتح مكة شفع اليه صلى الله عليه وسلم في قبول اسلام بعض من لم تكن راضيا عنهم صلوات الله وسلامه عليه. جاء العباس بابي سفيان فقبل النبي عليه الصلاة والسلام وطلب منه ان يهب له شيئا في مكة لان ابا سفيان رجل يحب الفخر فقال ومن دخل دار ابي سفيان وامن وجيء اليه صلى الله عليه وسلم ببعض اولئك فقبل اسلامهم ومن لم يقبلهم اعلن عن طلب اراقة دمائهم كما حدث في عبدالله بن خطل واما شفاعته صلى الله عليه وسلم للاخرين فاشار اليه المصنف رحمه الله بقوله وردت بريرة في مراجعة مغيث فلم يغضب عليها ولا عاتب صلى الله عليه وسلم. الحديث في صحيح البخاري ان زوج بريرة كان عبدا وبريرة كانت جارية بريرة جارية وزوجها مغيث عبد فعبد تزوج امة. وهذا من العقود الجائزة في الشريعة ومن الاحكام الشرعية المتقررة في نكاح العبيد ان احد الزوجين العبدين لو عتق فانهم في تاكل من عقد النكاح فلما عتقت بريرة نالت الحرية كان لها الخيار في فراقها من عقد زوجها مغيث فاختارت الفراق فحزن عليها زوجها مغيث فاتى يتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم عند زوجته بريرة الا تفارقه. فجاء قال ان بريرة كان عبدا يقال له مغيث يقول ابن عباس كأني انظر اليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته حزنا عليها. الرجل محب لها جدا فلما عتقت فارقته فجلس يبكي يمشي خلفها في الطرقات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس يا عباس عمه الا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبريرا لو راجعته يعني ما رأيك لو قبلت اشفق صلى الله عليه وسلم؟ فذهب يشفع لمغيث عند بريرة. فقال لو راجعتيه؟ قالت يا رسول الله تأمرني قال لا انما انا اشفع قالت لا حاجة لي فيه ومن ادبها رضي الله عنها انها سألت تأمرني فان كان امرا استجابت رضي الله عنها وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. الحديث فيه فوائد عظام جم ما والله فيها اولا عظمة رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يتدخل فيشفع في قضية بين عبد وامة تلك القضايا التي ربما لا يكترث لها ولا يبالي يعني اقل الناس قدرا في المجتمع. فما بالك باعلاهم باشرفهم رسول الله عليه الصلاة والسلام عندما يشعر اصحابه ان الصغير والكبير والقريب والبعيد عنده سواء صلى الله عليه وسلم فلا تعجب كيف احبوه بملئ افئدتهم عليه الصلاة والسلام هذا هذا ملمح عظيم. الثاني انه صلى الله عليه وسلم ذهب وشفع وتكلم وما قال ما لي ولهم رجل وامرأته وعبد وامة. فما عساه ان ان يصيب او يظفر بعض الناس اليوم اذا طلبت اليه الشفاعة وهو ذو جاه او منصب او له كلمة يجعل في حساباته حظه وصية من تلك الشفاعة. الشفاعة تكون بين طرفين فيذهب ويشفع لاحدهما عند الاخر لكن بعض الناس اليوم طغت عليهم الانانية وحب الذات حتى في ابواب الشفاعة يبحث فيها عن حظ نفسه فان كان له فيها مكسب عند الشافعي او المشفوع عنده اقدم والا زهد في ذلك وانصرف ولم يبالي هذا النبي عليه الصلاة والسلام ولا حظ له في موقف بين بريرة ومغيث الموقف الثالث ادب بريرة رضي الله عنها لما سألت تأمرني فقال انما انا شافع تعلمنا ايضا شأن الصحابة رضي الله عنهم في ادبهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الوقت ذاته فانها استقلت برأيها واختارت بارادتها ومبدأ النكاح يقوم على شرط الرضا بين الطرفين فان لم يتحقق فلا احد يجبر طرفا على اخر قال انما انا شافع فقالت لا حاجة لي فيه واما الفائدة العظيمة الكبرى في اخر الرواية التي ذكرها المصنف فقال فلم يغضب عليها ولا اعتبا وهو الاسوة والقدوة صلى الله عليه وسلم هب نفسك ذهبت عند في شفاعة لسائق عندك او لخادمة عندك ها وهم احرار ليسوا عبيدا ولا اماء فذهبت تشفع او في قضية بينهم فرد القوم شفاعتك وانت لا تراهم الا خدما وعمالا فجئت وانت صاحب العمل وصاحب المال وانت صاحب الفضل عليهم بعد الله وتظن انهم سيقبلون رأسك ويدك ويقبلون شفاعتك فاذا بك خرجت بخفي حنين. قالوا ليس لك في هذا امر شأن توكل على الله سيقع في نفسك قدر كبير من الشعور بالاذى والضيق انهم حطوا من قدرك وانهم اساءوا اليك. وغالبا ما يقع في ردة الفعل شيء من الثأر والانتقام وان هؤلاء لا ادب فيهم ولا حياء ولا مروءة ولا كذا ولا كذا ردت بريظة شفاعته في مراجعة مغيث فلم يغظب عليها صلى الله عليه وسلم ولا عتب ارساء للحقوق وتأسيس لمسألة حق له جاء يشفع ومبدأ الشفاعة ان قبلت فهو اكرام اكرام من المشفوع عنده للشافي وان لم تقبل فهو حق له يحتفظ به. ولا احد يجبر احدا على التنازل عن حقه او اجباره على ما لا يريد. وهو القسوة والقدوة صلى الله عليه واله وسلم كما يقول المصنف رحمه الله تعالى الله اليكم قال رحمه الله وحلف في اكثر من ثمانين موضعا وامره الله سبحانه بالحلف في ثلاثة مواضع فقط. حلف في ترى من ثمانين موضعا هكذا عدها المصنف رحمه الله ولم يسردها وسيأتينا في الكتاب قال في موضع اخر قال وهي موجودة في كنحيو المسانيد وهي كثيرة من بحث عنها اما بلفظ القسم بالذات الالهية والله او تالله او القسم بغير ذلك مثل قوله والذي نفسي بيده والذي نفس محمد بيده. وهذا كثير مثل قوله في مدح مكة في الهجرة. والله انك لخير ارض لله واحب ارض الله الى الله. مثل قوله لاصحاب القرآن تعاهدوا هذا القرآن. فوالذي نفسي بيده لهو اشد تفلتا من الابل في بعقولها مثل قوله في حديث ابي داود والله لاغزون قريشا قالها ثلاثا ثم قال ان شاء الله مثل قوله والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن. قالوا من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه يعني شره واذاه. والحديث في قاري. ومثل قوله اما والله اني لاتقاكم لله واخشاكم له. كما في صحيح مسلم. مثل قوله والذي نفسي بيده يهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا او معتمرا او ليثنينهما. يعني في ذكر نزول عيسى عليه السلام اخر الزمان محرما نحو مكة بالحج او العمرة او بهما معا. قال المصنف في اكثر من ثمانين موضعا السؤال هل الحلف بالله جائز؟ الجواب نعم. لكن يشترط ان يكون على حق وصدق ومن حلف على امر ماض وجب ان يكون صادقا والا فقد فجر في يمينه ومن حلف بالله على امر مستقبل ان يفعل او لا يفعل وجب عليه الالتزام باليمين التي حلف والا كان حادثا تلزمه الكفار. كان يقول والله لافعلن كذا. او والله لن افعل فيجب عليه الالتزام بما حلف عليه. والا كان حلفا يستوجب الكفارة. حلف في اكثر من ثمانين موضعا صلى الله عليه وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وحلف في اكثر من ثمانين موضعا وامره الله سبحانه بالحلف في ثلاثة مواضع. فقال تعالى ويستنبئونك احق هو قل اي وربي انه لحق وقال تعالى وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم. وقال تعالى زعم الذين كفروا وان لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير. هذه ثلاث ايات في القرآن في سورة تيونس وسبأ والتغابن امره الله فيها بالحليف بقوله قل اي وربي قل بلى وربي. فامره الله ان يحلف والحلف تأكيد للكلام وتوثيقة له. كيف؟ لانك تذكر اسم الله مقسما به. فالناس لا تصدق ما قلت بعد القسم الا تعظيما لله ذكرت اسم الله في سياق الكلام فالقت لك الناس بالقبول دون تفتيش او سؤال لانك ذكرت اسم الله عز وجل فوجب تعظيم تكلمي بما حلف عليه باسم الله تعالى احسن الله اليكم قال وكان اسماعيل ابن اسحاق القاضي يذاكر ابا بكر محمد ابن داوود الظاهري ولا يسميه بالفقيه فتحاكم اليه يوما هو وخصم له فتوجهت اليمين على ابي بكر فتهيأ للحلف فقال له القاضي اسماعيل ومثلك يحلف يا ابا بكر فقال وما يمنعني من الحلف وقد امر الله تعالى نبيه بالحلف في ثلاث مواضع من كتابه قال اين ذلك؟ فسردها له ابو بكر فاستحسن ذلك منه جدا. ودعاه بالفقيه من ذلك اليوم. هذه فائدة لطيفة اتى عليها رحمه الله وان من فقه الامام ابي بكر وهو ابن داوود الظاهري الامام صاحب المذهبي انه كان يستحضر تلك المواضع فلما جاء في مجلس القضاء واراد ان يحلف وهو من هو في الفقه والامامة تهيب القاضي قال ومثلك يحلف؟ قال ولم لا احلف؟ والنبي عليه الصلاة والسلام امره الله ان يحلف فليس ذلك تهمة في حق من امر بالحلف فقد امر النبي صلى الله عليه وسلم به احسن الله اليكم قال وكان صلى الله عليه وسلم يستثني في يمينه تارة ويكفرها تارة ويمضي فيها تارة والاستثناء يمنع عقد اليمين والكفارة تحلها بعد عقدها. ولهذا سماها الله تعالى تحلة. مضت الامثلة قبل قليل في حليفه ومنها قوله والله لاغزون قريش والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريش ثم قال ان شاء الله. هذا يسمى الاستثناء. قولك بعد اليمين ان شاء الله استثناء. قال فائدته يمنع اليمين بمعنى اخر يجعل لك بعد الحلف مخرجا لو اردت التراجع عما حلفت عليه تقول لضيف لك والله تتعشى معي الليل فتحلف عليه وانت تراه مصرا على سفر او معتذرا باشد العذر. وما اردت من يمينك الا اظهار واثبات صدقك في رغبتك اكرامه لكنك تخشى من ان تقع في مأزق بان يكون على موعد سفر ولا يستطيع اجابة دعوته. فقولك والله ستتعشى اليوم ان شاء الله يجعل لك مخرجا فان لم يجب الدعوة او اعتذر كان ذلك منعا من عقد اليمين. قال كان النبي عليه الصلاة والسلام يستثني في يمينه تارة مثل الحديث السابق. ويكفرها تارة يعني يحلف ولا يستثني فيحتاج عندئذ الى الكفار ويمضي فيها تارة يحلف فيجعل حليفه ماضيا على ما حلف عليه. وهي ثلاثة احوال لا يخرج عنها صاحب اليمين. اما ان احلف فيمضي على ما حلف او يحلف ويستثني فيخرج مما حلف او يحلف ولا يستثني فيحتاج الى الخروج فتلزمه الكفارة. قال والاستثناء يمنع عقد اليمين. والكفارة تحلها بعد عقدها. ولهذا سماها الله تعالى قلة يعني في سورة التحريم قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم وهي الكفارة احسن الله اليكم قال وكان صلى الله عليه وسلم يمازح ويقول في ويقول في مزاحه الحق ويوري ولا يقول في توريته الا الحق مثل مثل ان يريد مثل ان يريد وجهة يقصدها فيسأل عن غيرها كيف طريقها وكيف مياهها ومسلكها ونحو ذلك. هذا ايضا من التعاملات المزح يمزح عليه الصلاة والسلام لكنه لا يقول الا حقا كمثل قوله للمرأة ان الجنة لا يدخلها عجوز فولت باكية واراد ان اهل الجنة كلهم في سن الشباب وقوله لذلك الذي استحمله على ناقة ان حاملوك على ولد الناقة. فظن انه سيحمله على قعود صغير. فقال وهل تجد الابل الا النور وامثلة هذا يمزح لكن مزاحه حق ولما جاء واخذ ببعض اصحابه من خلفه فقال من يشتري العبد مني اراد عليه الصلاة والسلام انه عبد لله. قال المصنف رحمه الله تعالى وكان صلى الله عليه وسلم يوري ولا يقول في توريته الا الحق. المقصود بالتورية ان يتكلم المتكلم بكلام يحتمل معنيين وهو يريد احدهما وان لم يكن الاظهر في سياق الكلام. لكنه ليس كذبا بل مدلول كلامه صدق يوهم السامع خلاف ما يريد قال مثل ان يريد وجهة يقصدها فيسأل عن غيرها كيف طريقها؟ وكيف مياهها ومسلكها ونحو ذلك بحديث كعب بن مالك رضي الله عنه في البخاري في قصة خروجه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك يقول ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة الا ورى بغيرها بحيث يتناقل الناس في المدينة انه ربما قصد جهة الشرق وهو يريد الشمال او قصد الغرب وهو يريد الجنوب لاجل ان الحرب خدعة ولو تفشى الكلام وانتشر بلغ ربما بعض المنافقين او بعض اليهود في المدينة فسرب الخبر الى وجهته عليه الصلاة والسلام افسد عليه مراده يقول لم يكن يريد غزوة الا والرا بغيرها حتى كانت تلك الغزوة. غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد بل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا فجلى للمسلمين امره. في تبوك قال لهم انا نقصد تبوك دون غيرها ولم لم يكن على شأنه المعتاد. نعم الله اليكم قال وكان يشير ويستشير وكان يعود المريض ويشهد الجنازة ويجيب الدعوة ويمشي مع الارملة والمسكين والضعيف في حوائجهم. جملة من وجوه تعاملاتهم بدل الاستشارة لمن طلب ويستشير غيره استشار الصحابة في بدر يوم الاسارى بل في منزله في العريش يوم بدر واستشار وهم في احد في الخروج الى قريش مستشارهم في الخندق واستشارهم يوم الحديبية وفي مواضع عدة لم يزل كما قال الله عز وجل له وشاوره في الامر وكان ايضا يبذل المشورة لاصحابه عليه الصلاة والسلام. اما عيادته للمرضى وشهوده للجنائز واجابته للدعوة ومشيه مع الارملة والمسكين والضعيف في الحوائج فشيء عظيم يفوق الوصف نبي يقوم باعباء النبوة عليه الصلاة والسلام. لا يحجبه ذلك ولا يمنعه عن تلك القضايا التي يراها بعض الناس صغيرة او مزاحمة للاوقات والاعمال والاعباء يشهد جنازة امواتهم ويعود مرضاهم ويجيب دعوة داعيهم ولو دعي الى اقل الطعام وايسره فان اجابة دعوته عليه الصلاة والسلام كانت عظيمة عندهم. فضلا عن قضائه الحوائج تأتي الامة من اماء المدينة فتأخذ بيده فتنطلق ويأتي اصحاب الحوائج اليه فيمكث يسمع لهم ويقضي حوائجهم