بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله العلي الاعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج المرعى فجعله غثاء احوى احمد الله تعالى واشكره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى سيد الورى صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم اللقاء. اما بعد اخوة الاسلام فمن رحاب بيت الله الحرام. وفي هذه الليلة الكريمة المباركة ليلة الجمعة ينعقد هذا المجلس الاسبوعي الثامن والثلاث من مجالس مدارستنا بكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام شمس الدين ابي عبدالله ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا اليوم الخميس الخامس عشر من شهر صفر سنة خمس واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم راجين ان يكون لنا في مجلسنا هذا من وفرة ذكرنا لله وصلاتنا وسلامنا على نبيه ومصطفاه. صلى الله عليه وسلم ما تضاعف لنا به الصلاة بعشر صلوات من ربنا الكريم جل في علاه. والنبي عليه الصلاة والسلام وعد الامة فقال فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا جاء الى النبي جاء النبي الى الانام بفيضه والكون ازهر بالفؤاد وروضه. صلوا عليه وسلموا لعلنا يوم القيامة نرتوي من حوضه صلى الله عليه واله وسلم. هذه الصفحات التي وقف بنا الحديث وعندها ليلة الجمعة الماضية في فصل يشير فيه المصنف رحمه الله الى جملة من معاملات النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. بقيت لنا فيه بقية يسيرة ضاق الوقت دونها ليلة الجمعة الماضية. نعود اليها صلة بالفصل الذي يليها وهي جمل موجزة اراد بها المصنف رحمه الله اختصارا ما سيأتي تفصيله لاحقا على نحو اكثر اتماما فاجعلوا مجلسكم ايها المباركون عامرا بالسكينة والتماس الرحمة بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الاولين والاخرين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله وكان صلى الله عليه وسلم يمازح ويقول في مزاحه الحق ويوري ولا يقول في توريته الا الحق مثل ان يريد وجهة يقصدها فيسأل فيسأل عن غيرها كيف طريقها؟ وكيف مياهها ومسلكها ونحو ذلك؟ هذه الجملة التي مضت معنا في مزاح الله صلى الله عليه وسلم وهو وصف جليل يجمع بين تواضع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وملاطفته لامته فانه مازح اهل بيته ومازح ومازح حتى بعض الاعراب الذي حين كان يلتقي بهم في تودد وملاطفة. مزاح يثبت التواضع ولا يسقط الهيبة. مزاح فيه جلالة الحق ووقار النبوة التي كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتحلى بها. يقول الامام النووي رحمه الله المزاح المنهي عنه هو الذي فيه افراط ويداوم عليه. فانه يورث الضحك وقسوة القلب عن ذكر الله تعالى ويؤول في كثير من الاوقات الى الايذاء ويورث الاحقاد ويسقط المهابة والوقار هذا المزاح المبالغ فيه بافراط. قال رحمه الله فاما من سلم من هذه الامور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ولهذا لما قيل لسفيان ابن عيينة رحمه الله المزاح هجنة يعني شيء مستنكر مستهجن قال بل هو سنة ولكن لمن يحسنه ويضعه في موضعه ادرك السلف مما استلهموه من هدي النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب المبارك ان المزاح يمكن ان يكون مع غاية وقاري والجلال يثبت لصاحبه التواضع والهيبة ويمكن ان يكون اسفافا واسقاطا للمروءة ودخولا في الا ينبغي بتجاوز حدود المشروع؟ مازح النبي عليه الصلاة والسلام بعض اصحابه كان رجل من اهل البادية يتردد على سوق دينه واسمه زاهر يهدي الى النبي عليه الصلاة والسلام بعض الهدايا التي يأتي بها من البادية. احبه رسول الله عليه الصلاة والسلام وكان دميما رضي الله عنه اتاه النبي عليه الصلاة والسلام يوما في السوق يبيع متاعه. فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال زاهر ارسلني من هذا؟ يعني اتركني من الذي يمسكني من من الخلف؟ من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما الزق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفة وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول ممازحا له من يشتري العبد؟ فقال يا رسول الله اذا والله تجدني كاسدا يعني ساقط القيمة بثمن بخس لا يرغب في مثلي ولا يدفع في ثمن احد. وهو ليس عبدا انما اراد النبي عليه الصلاة السلام انه عبد لله لا عبد بالرق يباع ويشترى. انما هي في سبيل الممازحة. قال اذا تجدوني والله كاسدا فقال عليه الصلاة والسلام لكنك عند والله لست بكاسد وفي رواية انت عند الله رابح وقال الحسن اتت عجوز الى النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله ادع الله ان يدخلني الجنة. فقال يا ام فلان ان الجنة لا يدخلها عجوز. قال فولت تبكي. قال اخبروها انها لا تدخلها وهي عجوز. يتأول الاية الكريمة انا انشأناهن ان فجعلناهن ابكارا عربا اترابا. هذه المواقف وامثالها ليست كثيرة في السيرة النبوية ليست بالمئات ولا بالالوف لكن احدها المفردة التي اضفت على الهدي النبوي تلك المحبة التي اثرت قلوب رضي الله عنهم جميعا. كان مزاحه عليه الصلاة والسلام على غاية من الوقار والصدق. ولهذا لما قالوا يا رسول الله كتداعبنا قال ولكن لا اقول الا حقا وهذا اول ضوابط المزاح المشروع ان يكون حق ان يكون صدقا الا يكون فيه كذب الا يكون فيه شيء من الاشتغال بالباطل فان ذلك في جملة المنهي عنه عموما وادلى ما يكون ذلك في سبيل المزاح. وقد مر بكم ان النبي عليه الصلاة والسلام قد قال انا ازعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقا. وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان ما فالمزاح في اول ضوابطه ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما اخرج الترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه قالوا يا رسول الله انك تداعبنا قال غير اني لا اقول الا حقا صلوات الله وسلامه عليه. هذه اولى الصفتين في هذه الجملة صفة اخرى التورية قال ويوري ولا يقول في توريته الا الحق وضرب مثالا فقال مثل ان يريد وجهة يقصدها فيسأل عن غيرها كيف طريقها؟ وكيف مياهها ومسلكها ونحو ذلك؟ في غزوة تبوك حدث كعب بن مالك رضي الله عنه بهذه الجملة كما في صحيح البخاري. قال ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة الا وراء بغيرها. حتى كانت تلك الغزوة يعني تبوك. غزاها رسول الله صلى الله الله عليه وسلم في حر شديد. واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا فجلى للمسلمين امرهم ليتأهل ابو اهبة غزوهم فاخبره بوجهه الذي يريد معنى التورية ان يقول كلاما يحتمل اكثر من معنى والمعنى المقصود عند المتكلم ليس ظاهرا ولا باديا. فيتحقق له المراد بالا يقع في كذب وان يخبر بعبارة لا يكشف بها عن مقصوده الذي لا يريد للسامع ان يقف عليه حقيقة. فالتورية قد يبدو في ظاهرها اخبار بغير الواقع. لكن انها لا يتجاوز فيها. قال المصنف مثل ان يريد وجهه. يريد مثلا آآ جهة الجنوب فيسأل عن جهة الشرق كيف نمر بتلك الطريق؟ هل يوجد بها ماء؟ ما ما القبائل التي نسلك من خلالها طريقنا؟ فيتوهم السامع من السؤال انه يريد ذلك الطريق وهي تورية ينتشر الخبر ويتسامى الناس انه يسأل عن جهة الشرق وهو يريد الجنوب مثلا. هكذا قال كعب لم يكن يريد غزوة الا والراء الا غزوة تبوك لان الحرب خدعة. كما قال صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان يشير ويستشير بل وذكر ان من حقوق المؤمن اذا استنصحك فانصح له وان يبذل المؤمن مشورته استشار عليه الصلاة والسلام اصحابه في بدر عندما نزل في الموضع الذي هو فيه واستشار في احد في الخروج الى قريش للقتال او البقاء في المدينة. عملا بقول الله تعالى له في سورة ال عمران وشاورهم في الامر. فاذا عزمت فتوكل على الله. شاورهم في غزوة الخندق في اصل الفكرة. حتى اشار سلمان رضي الله عنه بحفر الخندق. فكان يشير ويستشير يشير يبذل الرأي والمشورة ولو في الامور الزوجية ولو في امور الحياة. يأتي الصحابة فيسألون رسول الله عليه الصلاة والسلام. يستشيرونه في امورهم. دخل يعود سعدا رضي الله عنه فقال يا رسول الله اني ذو مال كثير. ولا يرثني الا ابنة تصدقوا بالمال كله فنهاها عليه الصلاة والسلام قال انك ان تذر ورثتك اغنياء خير من ان تذرهم عالة يتكففون الناس لما نزل به من المال كله الى الثلث وهذا من الاستشارة وقال لعلك ان تعيش فينتفع بك اقوام ويظر بك اخرون. هذا مثال وامثلته كثيرة جدا واستشاره بعض الصحابي يأتي فيمن خطبها من الرجال من تقبل به منهم زوجا؟ فاشار عليه الصلاة والسلام قال اما فلان فصعلوك لا مال له واما فلان فانه لا يضع عصاه عن عاتقه. انكحي فلانا لا هذا ولا ذاك واشار اليها بشخص غير التي سألت عنه هذه امثلة كان يبذل المشورة صلى الله عليه وسلم ويطلبها ايضا من اصحابه وهذا من امارات كمال العقل والحصافة لان المستبد برأيه مغرور والموكل عقله للاخرين ايضا مغبون. والوسط بينهما يستقل المرء برأيه وعقله. لكنه لا يستغني عن اراء الاخرين وليس تأثروا بها فليس انانيا ضنينا برأي وحكمة اكسبه الله اياها ولا هو متعال متكبر عن مشورة من العقلاء والحكماء ونبينا عليه الصلاة والسلام البالغ بعقله تمام الكمال ما ضل صاحبكم وما غوى والمبلغ بالوحي من رب الارض والسماء يأمره الله فيقول وشاورهم في الامر ليثبت لنا هديا كريما ان لا احد في الامة اكمل عقلا ان لا احد في الامة اكمل عقلا من رسول الله. صلى الله عليه وسلم فنحن اذا اولى بطلب الرأي والمشورة لسداد القرار وما نتخذه في مواقف الحياة. فكان يشير ويستشير صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان يعود المريض ويشهد الجنازة ويجيب الدعوة ويمشي مع الارملة والمسكين والضعيف في حوائجهم. هذه سيرة نبوية باكملها. تواضع ولين جانب وخفض جناح اقتراب من اصحابه تودد في غير اسفاف واقبال عليهم واحتواء فعاش معهم صلى الله عليه وسلم احدا منهم يمرض احدهم فيذهب يعوده. يموت احدهم فيشهد جنازته يصلي عليها ويمشي معها الى المقبرة عزي اهله يجيب الدعوة من اي احد يبذل له دعوة. ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح الذي اخرج البخاري لو دعيت الى ذراع او كراع لاجبت وهو اقل ما يمكن ان يكون في الطعام من لحم الشاة. اما الذراع فمعروف واما الكراع فقوائم الحيوان واطرافه مما دون الركبة يقول لو دعيت الى ذراع او كراع لاجبت تواضعا في غير تكبر وقبولا لدعوة الداعي. يقول عليه الصلاة والسلام ولو اهدي الي ذراع او قراع لقبلت وفي رواية مسلم يقول اذا دعيتم الى قراع فاجيبوا. يعني افعلوا كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام. فاجابة دعوة البسطاء والفقراء ومستوري الحال فيه جبر للخواطر وفيه احسان اليهم وكسب لقلوبهم ولا احد تمثلها هذا المعنى باتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل انه اجاب دعوة طعام ليهودي على اهالة يعني متغيرة الطعم والرائحة بانه دعي فاجاب عليه الصلاة والسلام على هذا الهدي النبوي الكريم. قال ويمشي مع الارملة والمسكين والضعيف في حوائجهم لاحظوا هذه الفئات الارامل والمساكين والضعفاء. هم اضعف من في المجتمع الشوكة مكسورة والجناح مقصوص والامر في غاية من الضعف. فالارملة مكسورة الجناح والمسكين مسكنته ترده عن طيري من حاجته والضعيف ضعيف فان يكون نبي الامة صلى الله عليه وسلم يبذل وقته ونفسه لهؤلاء فهو لغيرهم من باب اولى والله عز وجل قد قال له من بداية الدعوة في مكة ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدوا عيناك تريد زينة الحياة الدنيا. فتمثل عليه الصلاة والسلام حتى حتى كما اخرج البخاري في الصحيح معلقا بصيغة الجزم ان كانت الامة من اماء اهل المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت تدرون ما الايماء هم اناث العبيد من الرقيق لسنا حرائر فهي امة مملوكة فهي اقل ما يمكن ان يكون ممن يؤبه له ويكترث لشأنه. تأتي ولها حاجة والله اعلم بحاجتها فانما ذكرت في الرواية لكن غالب حاجات هؤلاء ليست بعظائم الامور فان تأتي وتطلب النبي عليه الصلاة والسلام. بل ثبت في الصحيح ايضا من حديث انس قال جاءت امرأة الى النبي صلى الله عليه وسلم وفي عقلها شيء يعني كأن في عقلها خللا او شيئا من من عدم الاستواء في العقل فنظر اليها النبي عليه الصلاة والسلام فقالت اريدك في حاجة قال نعم وواعدها قال اذهبي في مكان كذا وانتظري هناك حتى اتيك. فلما فرغ من امره الذي مع اصحابه ذهب اليها فانطلق ونظر ما تريد اسألكم بالله هل يفعل هذا منا احد ان يكون في مسؤولية ومنصب وعمل يحتاج اليه الناس فيأتي اليه هؤلاء الضعفاء. وان كان احدنا لا تكبر فيه ولا تعالي ولا غطرسة ولا خيلاء. لكن زحمة الاعمال تعطينا اعذارا في عدم الاشتغال بهذه القضايا الصغيرة. كان بامكانه عليه الصلاة والسلام ان يقول يا ابا بكر تعال فانظر ما تريد يا عمر انظر الى حاجتها اذهب معها يا علي ولكانوا اسرع الناس امتثالا له عليه الصلاة والسلام ووفاء بما يريد لكنه يثبت لهم ولنا وللامة كلها ان عظمة العظماء انما تكون بالاقتراب من الضعفاء واعانتهم. واذا رزق الله انسانا شيئا من المنصب والجاه والكلمة والاثر الحسن فان زكاة هذا بذله لكل محتاج اليه. ومن هنا تأتي البركة واتساع الخير وتعظيم الاثر والانتفاع. كان عليه الصلاة والسلام في هذا الباب شيئا عظيما تاتسي به الامة صلوات الله وسلامه عليه احسن الله اليكم قال رحمه الله وسمع مديح الشعراء واثاب عليه ولكن ما قيل فيه من المديح فهو جزء يسير جدا من محامده واثاب على الحق واما مدح غيره من الناس فاكثر ما يكون بالكذب. فلذلك امر ان يحثى في وجوه المداحين التراب شعر الشعراء باب مما اوتيه العرب من فصاحة اللسان ومن اجمل ما تكلم به العرب. وما زالت دواوين واشعارهم تحفظ يرتقي به اللسان ويهذب بها الجنان ومدح الشعراء احد مقاصد الشعر عند العرب. والمدح ان يذكر الممدوح بشيء من خصال الثناء والخير والتزكية. فاما ان ان يكون موافقا للممدوح فيكون صدقا واما ان يكون بخلاف ذلك فيكون كذبا. وعامة مدح المادحين يدخله مبالغة ان كانت صدقا فضلا عن ان تكون كذبا لا يصدق قائله بحال مدح النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليه الشعراء فانشدوا بين يديه الشعر وفي بعض ابياتهم مدح وثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمع يقول ابن القيم رحمه الله ولكن ما قيل فيه من المديح فهو جزء يسير جدا من محامد عليه الصلاة والسلام كقول حسان رضي الله عنه واحسن منك لم ترى قط عيني واجمل منك لم تلد النساء. خلقت مبرأ من كل عيب كانك قد خلقت كما تشاء. صلوات الله وسلامه عليه. وعبدالله بن رواحة ايضا قال في قصيدته يمدح رسول الله صلى الله عليه اله وسلم يا اهل هاشم ان الله فضلكم على البرية فضلا ما له غير ولو سألت او استنصرت بعضهم في جل امرك ما اوى ولا نصروا الى ان قال وهو يذكر نبي الله عليه الصلاة والسلام فينا النبي وفينا تنزل السور. ايضا كعب بن مالك قال في والدته المشهورة التي تغنى فيها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتدأ بقوله بانت سعاد فقلبي اليوم متبول. يقول ان الرسول لسيف يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول في عصبة من قريش. قال قائلهم ببطن مكة لما دموا زولوا. هذه الابيات وغيرها مدح بها المادحون رسول الله. عليه الصلاة والسلام. فاذا تجاوز احدهم شيئا من ارك بينة لما قال قائلهم انت سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا اوقفه عليه الصلاة والسلام فقال قولوا بقولكم او ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان انما انا عبد. فقولوا عبد الله ورسوله ومن هنا كان هذا ضابطا عظيما في مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام. لانه بين امرين اولهما ان كماله البشري لا يبلغه وصف المادحين. فالله قد زكاه ورفع قدره واعلى شأن نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم. فمهما قلت فيه من مدح وثناء فلن تبلغ حقه وتوفيه والاقام الثاني الحذر من الغلو والاطراء وتجاوز الحد الذي يتجاوز به البشرية الى شيء من خصائص الالوهية تداعى علمه الغيب او تدبيره الخلق او شيء مما استأثر الله تعالى به. فذلك ايضا محذور. وكل محب صادق في محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينضبط بهذين الامرين. الا يتجاوز حده ولا يغلو ولا يبالغ باطراء يتجاوز به وهو القائل عليه الصلاة والسلام لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم وفي الوقت ذاته يعلم انه مهما فعل وقال ومدح فلن يبلغ مقام النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. يقول المصنف رحمه الله واما مدح غيره من الناس فاكثر ما يكون بالكذب ما وجه الكذب؟ ان المدح عند الشاعر يستلزم منه ضرورة ان يحشد من الاوصاف العبارات والثناء والمواقف ما يتسع معه في العبارة ويستقيم له نظم القصيد فيوقعه ذلك لا محالة في يعني ان ينسب له صفة هو ليس بصاحب لها ويذكر عبارة او كلمة هو يعلم انها غير منطبقة على ممدوحه. لكنه كذب. قال ولذلك امر ان يحثى في وجوه مداحين التراب اخرج مسلم في الصحيح عن همام ابن الحارثي ان رجلا جعل يمدح عثمان رضي الله عنه عثمان خليفة وذو النورين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقبه جما ومآثره وما ثبت له شيء عظيم حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام ما عثمان ما فعل بعد اليوم لما جهز بماله جيش العسرة رضي الله عنه وارضاه. فلما جاء الرجل قال فجعل يمدح عثمان فعمد المقداد فجثى على ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثو في وجهه الحصباء الحصى التي تكون في الارض فقال له عثمان ما شأنك؟ فقال المقداد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب قال اهل العلم المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم فاحثوا في وجوههم التراب المقصود بالمداحين على صيغة المبالغة الذي هذا من المدح لغيره عادة. فاذا تكلم مدح واذا انشد مدح واذا قال شعرا مدح. فيجري هذا على لسانه من باب مبالغة والاطراء بمناسبة وبغير مناسبة. قال اذا رأيتم المداحين هذا المبالغ في المدح تجاوز عادة لا محالة الصدق وحدود المقبول من المدح بباطل او ما يؤدي الى باطل. فحمل المقداد ورضي الله عنه الحديث على ظاهره ان يأخذ شيئا من التراب ليحثوه في وجه المداحي وهو رأي لبعضها العلم في تفسير معنى الحديث انه على حقيقته. وقالت طائفة من اهل العلم بل المعنى مجازي. فاحثوا في وجوه المداحين التراب معناه خيبوهم فلا تعطوهم شيئا لمدحهم ولا تكرموهم بل اجعلوا حظهم التراب عن الخيبة والرجوع بالخسارة ولا شيء لهم مما رغبوا وطمعوا في الظفر به. لان في مدح تزكية لنفس مسلمة والله يقول فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى. اما المذموم الذي يكون كذبا وباطلا او او اعانة على باطل فذاك والعياذ بالله مسلك ذميم اخر. صاحبه موعود بوعيد اشد من ذلك واعظم النبي عليه الصلاة والسلام قال من كان منكم مادحا اخاه لا محالة فليقل احسبوا فلانا والله حسيبه. ولا ازكي على الله احدا. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله فصل وسابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه على الاقدام وصارع. هذا فصل ايضا في وجوه اخرى من تعاملاته عليه الصلاة والسلام. تعاملاته مع الناس من حوله مع اهل بيته في وجوه متعددة. بدأها بالرياضة. سابق وصارع. قال سابق على الاقدام تقدم معكم ليلة الجمعة الماضية حديث ابي داود في السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت انها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر. قالت فسابقته فسبقته على رجلي. فلما حملت اللحم ايش يعني حملت اللحم يعني سمنت وازداد وزنها قالت فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك السبقة تسابق على قدميه لان لا يظن احد ان هذا من خوارم المروءة وان المهابى واهل العلم وان الدعاة والكبراء والعظماء ان جري احدهم على قدميه مسقط لمروءته او مخل بها سابق على الاقدار. وفي حديث عائشة رضي الله عنها مثال لذلك. قال رحمه الله وصارع. وعامة ما يرويه يا اهل السنن ابو داوود والترمذي وغيرهم حديث ركانة رضي الله عنه انه صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم. قيل ان هذه المصارعة كانت قبل الاسلام. وقيل ان غيره يقال له ابو الاشدين كلدة ابن اسيم ادعى النبي صلى الله عليه وسلم الى المصارعة فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد اشترط انه لو صرع يقبل الاسلام فيسلم الا انه لم يوفي بشرطه. حديث ركانة مختلف فيه جدا بين اهل العلم. بين تصحيح وتضعيف لعدة امور تتعلق بسند الرواية بين جهالة وتضعيف. اما مصارعة الصحابة بين يديه صلى الله عليه وسلم. فانه كان يقرهم على ذلك وذلك انها من اسباب قوة الابدان. والاستعانة بها من وجوه الرياضة على ما يحتاج اليه المسلم في بناء بدنه به وتقوية جسده. اولا ليتقوى على طاعة الله. ثانيا ليتقوى على نصرة دين الله. قال عليه الصلاة والسلام المؤمن قوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف. واعداد المؤمن نفسه للطاعة يستلزم حفاظه على صحته وتقوية بدنه. لان لا عليه المرض او الضعف فيضعف عن الطاعة. ويكسل عنها او تنهكه الامراض. فقوة البدن عون للمسلم على طاعة الله ثم هي عون له على نصرة دين الله. قوة المؤمن في بدنه نصرة لما هو يحمله واعظم ما يحمله المسلم دين ربه عز وجل فاذا تقوى بدنا كان ذلك قوة لنصرته لدين الله كانت قريش تهاب من الصحابة الاقوياء الاشداء مثل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه مثل حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه مثل الزبير ابن العوام رضي الله عنهم جميعا لما عرفوا به من قوة بأس وقوة بدن. فاحدهم كان قويا في رأيه قويا في بدنه قويا في قتاله اذا جاهد في سبيل الله كل ذلك مما ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وخسف نعله بيده ورقع ثوبه بيده ورقع دلوه وحلب شاته وفلا ثوبه وخدم اهله ونفسه وحمل معهم اللبنة في بناء المسجد. ايضا هذه جملة من التصرفات والمواقف والاعمال التي يترفع عنها احدنا احدنا ربما ترفع عن مثل ذلك وظنها ليست الا من شغل الخدم والعمال الذي ينبغي الا يفعله ولا يتنزل هو اليه اما نبيكم عليه الصلاة والسلام فقد خسف نعله بيده. خسف النعل ركعه اذا انقطع او خرزه. اذا انقطع شسع النعل نحتاج الى خرز او غرزة او اصلاح وهو نعل. فكان يفعله بنفسه ويرقع ثوبه بيده. فاذا انقطع الثوب احتاج الى رقعة كذلك اما بقطعة اخرى من ثوب اخر لتسد به الرقعة او ليخيط طرفا من المقطوع بطرف اخر هذا ترقيع للثوب والدلو كذلك لان الدلو من جلد. فربما انقطع فيحتاج الى ترقيع. حلب الشاة قال وفلا ثوبه. الثوب ربما احتاج الى اصلاح ومعالجة واخراج بعض ما علق به تفلية للثوب وخدم اهله ونفسه كل تلك المواقف قالتها ام المؤمنين رضي الله عنها لما سئلت ما كان يعمل النبي عليه الصلاة والسلام في بيته؟ يسألونها لانهم ليسوا معه في بيته فاحبوا ان يقفوا على صنيع نبي الامة صلى الله عليه وسلم في بيته قالت كان رجلا يعمل كما يعمل الرجال تقول رضي الله عنها كما في الحديث الذي اخرجه اصحاب السنن والبخاري في الادب المفرد قالت كان يخسف نعله ويعمل ما يعمله الرجل في في بيته وفي رواية يخسف النعل ويرقع الثوب ويخيط. وفي رواية لاحمد كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه صلى الله عليه واله وسلم قال رضي الله عنه وحمل معهم اللبنة في بناء المسجد. اللبنة القطعة من الطين التي تعد مثل الطوب الذي يبنى لكن الطوب من الاجور الذي يحرق بالنار واللبن من طين يجف فيصلح للبناء لما تقول ام سلمة رضي الله عنها لما كان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه يبنون المسجد جعل اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام يحمل كل واحد لبنة لبنة يبنون ويشاركهم في البناء يحفرون الخندق ويشاركهم في الحفر عليه الصلاة والسلام. فاذا استعصى عليهم الحفر وواجهتهم صخرة او كدية عظيمة ذهبوا فكلموه فقال انا نازل فيأخذ عليه الصلاة والسلام المعول والمسحاة وينزل يشاركهم في العمل عادة ما يكون المسؤول والامير والكبير والوزير يكتفي بالتوجيه والرأي والامر فاما ان ينزل الى العمل والمباشرة ومشاركة العاملين في الميدان فهذا هدي نبوي جليل. قال وحمل معه اللبن كما قالت ام سلمة لما كان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه يبنون المسجد فكان يشاركهم في البناء. وفي الحديث ايضا بعض الفاظ لطيفة كما اخرجها بعض اصحاب السنن. جعل اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحمل كل واحد لبنة اللبنة يعني اذا ذهب وحمل لبنة من المكان الذي صنعت فيه لاتي به الى موضعه من الجدار فيعمله البناء في موضعه. قال وعمار يحمل لبنتين كما في الصحيح. وفي غير الصحيح زيادة عمار بن ياسر. كل الصحابة يحملون لبنة اللبنة الا عمارا. يحمل لبنة في رواية غير الصحيح قال لبنة عنه ولبنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فمسح النبي عليه الصلاة والسلام ظهره وقد علاه التراب فقال ويح عمار تقتله الفئة الباغية فكانت النبوءة بشارة لعمار رضي الله عنه انه يكون مقتولا شهيدا على ايدي فئة باغية. وكان مقتله رضي الله عنه في زمن فتنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله وربط على بطنه الحجر من الجوع تارة وشبع تارة وضاف واضاف. ضعف واضاف كان عليه الصلاة والسلام يستضيف الضيوف وكان ضيفا يقبل الدعوة فيكون ضيفا كريما اكرم ضيف ينزل ببيت احدهم صلوات الله وسلامه عليه كان ضيفا بنفسه كما في حديث ابي التيهان لما استضافه وابا بكر وعمر رضي الله عنهم كما في حديث جابر لما استضافه يوم الخندق اما في حديث ابي طلحة رضي الله عنهم جميعا واضاف يأتي الاعرابي فيضيفوه تأتي الوفود فيضيفهم اخذ بيد جابر ذات يوم فضيفه عنده في بيته صلوات الله وسلامه عليه. الضيافة كرم وقبول الضيافة ود واحسان ومعروف قال وربط على بطنه الحجر من الجوع تارة وشبع تارة. عاش حياته صلى الله عليه وسلم كسائر البشر يجوع احيانا ويشبع احيانا. فاذا جاع حمد الله واذا اكل حمد الله وهو بكل حال راض بما قسمه الله مواضع الجوع في حياته وسيرته عليه الصلاة والسلام التي حكاها الصحابة عجيبة وفيها مواقف ايضا ذات دلالات بالغة منها ما اخرج الامام مسلم في الصحيح من حديث انس رضي الله عنه يقول جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فوجدته جالسا مع اصحابه يحدثهم وقد عصب بطنه بعصابة وقد عصب او عصب تروى تخفيفا وتشديدا. قال اسامة احد رواة الحديث وانا اشك على حجر. يعني ربط على بطنه وتحتها حجر قال انس فقلت لبعض اصحابه لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنا فقالوا من الجوع قال فذهبت الى ابي طلحة وهو زوج ام سليم بنت ملحان. ابو طلحة زوج ام انس رضي الله عنه. فقلت يا ابتاه قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عصب بطنه بعصابة فسألت بعض اصحابه فقالوا من الجوع قال فدخل ابو طلحة على امي قال هل من شيء؟ قالت نعم عندي كسر من خبز وتمرات فان جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده اشبعناه. وان جاء اخر معه قل عنهم ثم ذكر الحديث بقصته وفيه في بعض روايات الحديث عن ابي طلحة نفسه انه قال ذات يوم لزوجه ام سليم ام انس قال لها ذات يوم واتاها قد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا اعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء قالت نعم فاخرجت اقراصا من شعير ثم اخذت خمارا لها. فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت ثوبي. وردتني ببعضه ثم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقصود انس رضي الله عنه. قال فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ومعه الناس فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لانس ارسلك ابو طلحة؟ قال فقلت نعم فقال لطعام؟ فقلت نعم. فقال لمن معه قوموا. قال فانطلق وانطلقت بين ايديهم حتى جئت ابا طلحة فاخبرته فقال ابو طلحة يا ام سولي قد جاء رسول الله بالناس وليس عندنا ما نطعمهم. قالت الله ورسوله اعلم فقالت الله ورسوله اعلم. قال فانطلق ابو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه حتى دخل فقال عليه الصلاة والسلام لام سليم هلمي ما عندك يا ام قالت فاتت بذلك الخبز فامر به النبي صلى الله عليه وسلم ففت قال وعصرت عليه ام سليم عكة لها فادمته. العكة الوعاء من الجلد الذي يكون فيه سمن او زيت او عسل فادمته يعني جعلته ايداما للخبز الذي رسول الله عليه الصلاة والسلام. ثم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم انما ما شاء الله ان يقول ثم قال ائذن لي عشر. فاذن له فاكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال اذن لي عشرة فاذن لهم فاكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا فقال ائذن لي عشرة. قال انس حتى اكل القوم كلهم وشبعوا والقوم سبعون رجلا او ثمانون. والحديث في الصحيحين وهذا لفظ مسلم وللبخاري مثله ايضا لا يختلف عنه في الفاظه. فشبع صلى الله عليه وسلم الامتار وجاع تارا وكل ذلك كان في حياته راضيا عن ربه لا والله ما حفظت عنه كلمة رواية صحيحة ولا ضعيفة. انه تأفف من حياته او ضاق صدره لقلة عيشه او لجوع اصابه وهو الذي لتمر به الليالي ذوات العدد طاويا هو واهل بيته لا يجد عشاء لكن حياته كانت اعظم من ذلك كله. كانت دعوة وبلاغا. كانت نبوة ورسالة. كانت تضحية وفداء لامة تأتي اليوم والى يوم القيامة تصلي وتسلم عليه تعرف حقه العظيم. صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله واحتجم في وسط رأسه وعلى ظهر قدمه واحتجم في الاخدعين والكاهل وهو بين الكتفين. الحجامة من وجوه التداوي المعروفة عند العرب قديما. ولا يزال متوارثا بين البشر باعتباره وجها من وجوه الطب والدواء والتماس العافية. قد قال عليه الصلاة والسلام شفاء امتي في ثلاث شرطة او كي يتم بنار او عسل او او كما قال عليه الصلاة والسلام. فهو من وجوه التداوي التي عرفتها العرب واستمرت وهي من النبوي الذي اشار به عليه الصلاة والسلام، فالحجامة اخراج بعض الدم الفاسد من مواضع هي اولى بها. وهي اما ان تكون دواء او تكون وقاء وكل ذلك فعله عليه الصلاة والسلام. احتجم في وسط رأسه وعلى ظهر قدمه وفي الاخدعين كاهل واصحاب الحجامة الى اليوم يقولون هذه مواضع السنة من الجسد في الحجامة. فالحجامة فيها سنتان اولهما في موضعها من البدن والثاني في توقيتها من الزمن. اما في البدن فهذه المواضع المشارة اليها. وسط الرأس وعلى ظهر القدم والحجامة في الاخدعين والكاهن في صحيح البخاري احتجم وهو محرم بلحي جمل في وسط رأسه. ولحي جمل موضع قرب مكة بينه وبينها ما يقارب اه بين مكة والمدينة اقرب الى المدينة بينها وبين المدينة قرابة اثني عشر كيلو متر نجم من صداع الم به عليه الصلاة والسلام في هذا الموضع وهو كما في صحيح البخاري من شقيقة كانت به والشقيقة نوع من الصداع الذي يعرض في مقدم الرأس او في احد جانبيه. فكان احتجاما للتداوي من صداع كان به كما في البخاري وفي الحديث الاخر ايضا عند النسائي وعند ابي داوود وعند البخاري احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وثأي ان كان به كما في لفظ النسائي وفي لفظ ابي داوود من وجع كان به والوثق هو وجع يصيب اللحم ولا يبلغ او يبلغ العظم لكنه لا يكسره. يعني الم شديد فاحتاج الى الحجامة على ظهر قدمه فاحتجم صلى الله عليه وسلم سلم. فحجامة وسط الرأس كانت تداويا. وحجامة ظهر القدم كانت تداوي. هذا من صداع وذاك ايضا من الم الم به يوم الوجع قال واحتجم في الاخدعين والكاهل. والاخدعان المراد كما قال المصنف الكاهل بين الكتف طيب اما الاخدعان فعرقان في جانبي الرقبة فيحتجم اسفل الرأس من اعلى الرقبة على موضع هذين العرقين المسمين بالاخدعين. واما الكاهل فهو الواقع بين الكتفين من ناحية الظهر يعني وسط الظهر بين الكتفين. فهذه مواضع السنة التي احتجم فيها في صحيح الحديث المروي عند ابي داوود داوود والترمذي والنسائي واحمد وابن ماجه. كان يحتجم في الاخدعين والكاهل واضافت الرواية السنة من حيث الزمن قالت وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين. فهذه الايام الثلاثة من الشهر انفع ما تكون فيها الحجامة اذا كانت وقاية. اما الحجامة للتداوي فانها وقت الحاجة تكون انفع لصاحبها قال عليه الصلاة والسلام آآ قال الصحابة كان يحتجم في الاخدعين والكاهل وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين. احتجم عليه الصلاة والسلام وهو صائم. واحتجم وهو محرم وكل ذلك كان في الغالب لما يحتاج اليه صلى الله عليه وسلم من الم او صداع ونحوه كما تقدم احسن الله اليكم قال رحمه الله وتداوى وكوى ولم يكتوي ورقى ولم يسترق وحمى المريض مما يؤذيه. هذه ابواب من الطب النبوي التي سيأتي كلام المصنف عليها مفصلا تفصيلا طويلا استوعب مجلدا من هذا الكتاب الذي نتدارسه ونأتيه لاحقا ان مد الله في العمر. اوجس هنا المصنف رحمه الله تلك الجمل الجامعة لهذا المعنى الكبير تداوى المقصود بالتداوي طلب الدواء طلب الدواء للاستشفاء. ايا كان نوع الدواء طعاما كان او شرابا او سعودا او شيئا مما تقدم كالحجامة والكي وشرب العسل ونحوه. تداوى عليه الصلاة والسلام ليثبت للامة مشروعية الاخذ بالاسباب مع التوكل على الله. وان العبد مطلوب منه التماس العافية لبدنه لما تقدم. لان المرء مطلوب بان على نفسه عافية بدنه ليتقوى على طاعة الله ليكون اقوى على نصرة دين الله ليقوم بالواجبات التي من اجلها خلقه الله فالتداوي مشروع قال عليه الصلاة والسلام تداووا عباد الله ولا تداووا بمحرم. فامر الامة بالتداوي وشرع هذا الباب شرب العسل عليه الصلاة والسلام والوجوه الاتية بعد قليل. فهذا عنوان عام تداوى. قال وكوى ولم يكتوي ورقى ولم يسترخي هذه الامور مشروعة الكي والرقية. اما الكي فقد تقدم شفاء امتي في ثلاث شربة عسل او شربة محجم او كي بنار قال وانهى امتي عن الكيل محمول هذا النهي على ان يكون الكي اخر ما يحتاج اليه المتداوي في الدواء كما يذكره اهل الطب من عوارض ذلك واسباب اما الاكتواء فلم يكتوي هو عليه الصلاة والسلام وانما ثبت انه كوى بعض اصحابه اخرج الترمذي في السنن ان النبي عليه الصلاة والسلام كوى اسعد بن زرارة من الشوكة. اي من مرض الشوكة قالوا هو مرض يصاحبه حمرة تعلو وجه المريض وجسده يكون معها خشونة شديدة في البشرة وقيل بل هي ذبحة الصدرية التي يسميها اليوم اطباء الصدرية والتنفس. فكوى اسعد بن زرارة من الشوكة. وثبت ايضا انه صلى الله وعليه واله وسلم كوى سعد بن معاذ رضي الله عنه من رميته كوى سعد ابن معاذ في اكحله مرتين. والاكحل المقصود به العرق الذي يكون في نهاية القدم لما اصيب سعد رضي الله تعالى عنه يوم الخندق اصيب بسهم وقع في اكحله كانت به وفاته رضي الله عنه. فلما اصيب انقطع عرقه فجعل ينزف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع من قدمه وهو موضع الاكحل ذلك انه لما رمي في اكحله حسمه اي النبي عليه الصلاة والسلام بمشقص يعني بحديدة حادة جعلها في النار فكواه. قال ثم ورمت فحسمه الثانية. يعني انما كواه مرتين لاحتياجه بعد الكية الاولى اصابه الورم. فحسمه بالثانية وكان سعد رضي الله عنه قد اصيب كما تقدم في غزوة الخندق وكانت بها وفاته واستشهاده رضي الله عنه. فقال كوى ولم يكتوي ورقة ولم يسترقي. الرقية مشروعة والنبي عليه الصلاة والسلام حث الامة عليها رقى احفاده الحسن والحسين. فكان يقول عليه الصلاة والسلام اعيذكما بكلمات الله تامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لام يعوذهم صلوات الله وسلامه عليه ورقى نفسه بنفسه صلى الله عليه وسلم. وقد مر بكم في اذكار نومه انه كان يجمع كفيه فينفث فيهما قل هو الله احد والمعوذات ثم يمسح بهما وجهه وما اقبل رأسه ووجهه وما اقبل من جسده صلى الله عليه وسلم. لكنه لم يكتوي ولم يسترقي لم يكتوي بنفسه ولم يسترق ووجه ذلك ما ذكره صلى الله عليه وسلم صراحة فيما اخبر به الامة من شأن السبعين الفا الذين يدخلون الجنة يوم القيامة بغير حساب قال عليه الصلاة والسلام لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فمن تمام التوكل انه عليه الصلاة والسلام لم يطلب الرقية من احد لكنه رقى نفسه ولم يكتوي وانما كوى غيره لما رآه محتاجا. فهذا اعظم في مقام التوكل فاختاره صلى الله عليه وسلم لنفسه لكنه لم ينه امته وشرع لهم وهم بحاجته من التطبب والتداوي. قال بعد ذلك وحمل المريض مما يؤذيه. المقصود بالحمية امتناع المريض عن بعض ما يكون سببا في زيادة مرضه او في استشرائه في جسده. ذلك ان اهل الطب يقولون الدواء مرده الى اصلين عظيمين حمية وحفظ الصحة فاذا اعتنى العبد والانسان بذلك كان في تمام العافية. والحمية ايضا نوعان حمية عما يجلب المرض حمية عما يزيد المرض فالحمية عما يجلب المرض وقائيا والحمية عما يزيد المرض علاجية. فاذا مرض واصيب فانه يحتمي. واذا خشي ان اصيبه المرض فانه ايضا يحتمي. في سنن ابن ماجة وغيره عن ام المنذر بنت قيس الانصارية. قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وعلي ناقه من مرض ايش يعني ناقه في فترة النقاهة ما النقاهة هي بدايات فترة التعافي من المرض ولم يستتم للبدن تمام عافيته فتسمى فترة نقاهة. قالت دخل علي نبي الله عليه الصلاة والسلام ومعه علي وعلي من مرض قالت ولنا دوال معلقة. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها ما الدوالي نعم جذوع النخل التي فيها الرطب التي يعلقونها في البيوت فيأكل منها الاكل. قالت فجعل يأكل منها وقام علي يأكل منها صلى الله عليه وسلم يقول لعلي انك ناقه انك ناقه حتى كفه يعني منعه هذه حمية ولهذا يقول حمل المريض مما يؤذيه حتى كف رضي الله عنه قالت ووضعت شعيرا وسلقا فجئت به فقال النبي عليه الصلاة والسلام لعلي من هذا اصب فانه انفع وفي لفظ قال فانه اوفق لك ويقاربه ايضا حديث صهيب في سنن ابن ماجة قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر قال ادنوا فكل قال فاخذت تمرا فاقل فاكلت. فقال اتأكل تمرا وبك رمد؟ والرمد الداء الذي يصيب العين وهو ايضا من انواع الحمية في بعض مراحله يحتمى من اكل التمر او بعض انواعه. قال اتأكل التمر وبك فقال صهيب يا رسول الله امضغ من الناحية الاخرى. يعني اذا كان الرمد في العين اليمنى فسامضغ على الجانب الايسر. يقولها ومازحا فتبسم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فاذا اذا كان بين اصحابه يدلهم على هذه الامور في حميتهم مما يزيد المرض او يجلبه وهو في ذلك ناصح بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام لاصحابه ويشرع للامة بابا عظيما في مسألة التداوي والعلاج والعناية بالصحة وما اتى به الاطباء في طبهم الحديث والمعاصر والقديم هو امتداد لما جاءت به الشريعة لتعلموا يا امة الاسلام ان شريعة الله جل وعلا جاءت بحفظ ضرورات الحياة ومنها حفظ الابدان حفظ النفوس حفظها من الاتلاف من الهلاك من القتل من الامراض والادواء ليبقى للعبد هذه القضايا محفوظة حفظ الله فانت عبد الله اذا اعتنيت بصحتك فليست من من رفاهية الحياة التي تبحثها لنفسك لا بل هو مما به الشريعة لتبقى عبد الله في تمام صحة وعافية بدن تتقوى بذلك كما تقدم على طاعة الله وعلى نصرة دين الله جل وعلا احسن الله اليكم. قال رحمه الله واصول الطب ثلاثة الحمية وحفظ الصحة واستفراغ المادة المضرة وقد جمعها الله تعالى له ولامته في في ثلاث مواضع من كتابه. هذا الكلام لابن القيم رحمه الله ايجاز واختصار يأتي تفصيله في آآ مجلد باكمله حتى طبع مستقلا باسم الطب النبوي. الذي تداوله الناس في كلام ابن القيم رحمه الله وهو في الحقيقة جزء من هذا الكتاب من زاد المعاد. افرد فيه فصولا بلغت مجلدا مستقلا باكمله لكل ما جاء في السيرة النبوية من وجوه التداوي والتطبب. ولهذا يقال الطب النبوي. واوجز هنا منها جملة المختصرة لاننا في مبادئ الكتاب سيعود على ذلك بتفصيل. قد اصول الطب ثلاثة عند البشر كل ما يتعلق بالعلاج ومداواة الاطباء لمرضاهم ترجع الى اصول ثلاثة. الحمية وهي كما تقدم حمية مما يجذب المرض او مما يزيده حفظ الصحة الوقاية واستفراغ المادة المظرة اخراج الاذى الذي يتضرر به الجسد. قال الثلاثة الاصول وردت في كتاب الله الكريم قال رحمه الله وقد جمعها الله تعالى له ولامته في ثلاث مواضع من كتابه تحمل مريظة من استعمال الماء خشية الظرر هذا الحمية وهو اولها تحمل المريضة من استعمال الماء خشية الضرر فقال تعالى وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط لاولى مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا فاباح التيمم للمريض حمية له كما اباحه للعادم. حمية المريض لماذا ابيح له التيمم ان كان استعمال الماء يضره بجرح في يده او في وجهه او قدمه او خياطة او عملية فاذا تضرر بالماء ابيح له التيمم هذا حمية فهو نوع من الحمية الطبية التي جاءت في ثنايا تشريع العبادات في اجل العبادات واعظمها وهو شرط الصلاة الطهارة. فهذا اول الاصول الثلاثة الذي ورد في في كتاب الله وهو الحمية. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقال في حفظ الصحة فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر فاباح للمسافر في رمضان الفطرة حفظا لصحته لئلا يجتمع على قوته الصوم ومشقة السفر فتضعف فتضعف القوة وتهن الصحة. ايضا هذا مثال لاصل طبي في القرآن جاء في ثنايا التشريع. شرع للمسافر ان يفطر حفظا لصحته فانه لو صام ومع مشقة السفر يجتمع عليه التعب والارهاق فتضعف القوة. فانظر كيف اقتضت شريعة الحكيم سبحانه حفظ صحة عباده جل ربنا في علاه احسن الله اليكم قال وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمحرم المقصود بالاستفراغ ان يفرغ البدن من الاذى الذي قد اصابه يعني المقصود ان اصل الدواء كله يتعلق بالحمية وحفظ الصحة. فاذا وقع التخليط ولم يبالي العبد ما حفظ صحته ولا اعتنى بطعامه وشرابه ربما اجتمعت الادواء في بدنه فيحتاج الى اخراج لما قد اصيب به البدن فيسمى استفراغا. نعم وقال في الاستفراغ في حلق الرأس للمحرم ومن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك فاباح للمريض او من به اذى من رأسه وهو محرم ان يحلق رأسه فيستفرغ المواد الفاسدة والابخرة الردية التي يتولد عليها القمل. كما حصل لكعب ابن عجرة او تولد عليه المرض وهذه الثلاثة هي قواعد الطب واصوله فذكر من كل جنس منها سببا وصورة منبها بها على نعمته على عباده في امثالها من حميتهم وحفظ صحتهم افراغ مواد اذاهم رحمة بعباده ولطفا بهم ورأفة بهم. وهو الرؤوف الرحيم. فسبحان ربنا الكريم وبحمده لا نحصي ثناء عليه نحمده على نعمة الاسلام والتشريع الحكيم. ونسأله ان يوزعنا شكر نعمته ويجعلنا واياكم من خيرة عباده من الصالحين. تم فصلنا في مجلس الليلة بفضل الله وتوفيقه ولنا في بقية جمعتنا متسع للسباق الكريم في الصلاة السلام على النبي الامين صلى الله عليه واله وسلم. في ليلة بدرية وظياؤها من فك يلبس وفقنا اثوابا نزجي الصلاة على النبي. نداؤها ان ضج هم ممطر او صاب. يا رب صلي على النبي دعاؤها نرجو به عند الكريم ثوابا. فصلوا وسلموا على نبيكم صلى الله عليه وسلم قدر ما ترجون من اضعاف اضعافها صلاة من ربكم عليكم. صلى الله عليه واله وسلم اللهم صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلين واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من اشد امته له حبا ومن اكثرهم منه يوم القيامة قربى. واكرمنا يا رب شفاعته والشرب من حوضه نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا والمسلمين جميعا يا رب العالمين. اللهم انا نسألك علم ما النافع ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعافي مبتلانا واجعل لنا ولامة امة الاسلام من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا. من كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا رب وسلم وبارك على الرسول المصطفى والنبي المجتبى محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين امين