بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه. واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا عيوننا محمدا عبد الله ورسوله وخليله ومصطفاه. اللهم صل وسلم وبارك عليه. وعلى آل وصحابته ومن استن بسنته واهتدى بهداه. وبعد اخوة الاسلام فمن رحاب بيت الله الحرام. وفي هذه في الليلة المباركة ليلة الجمعة ينعقد مجلسنا التاسع والثلاثون من مجالس مدارستنا لكتاب زاد المعاد. في هدي في خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام شمس الدين ابي عبدالله بن القيم رحمه الله تعالى. في هذا اليوم الخميس الثاني والعشرين من شهر صفر سنة خمس واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم رجاء ان يكون لنا في ليلتنا هذه في مكاننا هذا مزيد خير وبركة. وصلاة من ربنا جل وعلا لا نتقلب في اكنافها الرحمة والخير والعطاء الالهي. بصلاتنا وسلامنا على نبينا صلى الله عليه واله وسلم وهو القائل فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. لما تجلى شعت الانوار والكون اهتفى والله ما بين البرايا كالحبيب المصطفى طوبى لمن صلى عليه محبة وبه اقتفى صلى الله عليه واله عليه وسلم وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية في الحديث عن الفصول التي اوردها المصنف رحمه الله موجزة في هدي النبي صلى الله عليه عليه وسلم في جملة من الابواب وها نحن نبدأ مجلس الليلة بفصل في هديه في معاملته للاخرين بيعا شراء وسلفا واقتضاء صلى الله عليه واله وسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في معاملاته كان احسن الناس معاملة وكان اذا استسلف سلفا قضى خيرا منه. هذا العنوان وهو صدر هذا الفصل كان نبينا عليه الصلاة والسلام احسن الناس معاملة كما كان عليه الصلاة والسلام احسن الناس زوجا احسن الناس معلما. احسن الناس عبادة لربه احسن الناس احسانا الى الخلق كان عليه الصلاة والسلام احسن الناس معاملة وهذه الجملة ثبتت مجملة ومفصلة. فاما الاجمال فهذا العنوان الكبير. لا احد احسن منه تعاملا مع صلى الله عليه وسلم بل ان الامة ما زالت تتعلم مواضع الاحسان في التعامل من هديه عليه الصلاة والسلام. يستقون من سيرته ومن احاديث في مواقفه كيف يكون احدهم محسنا في تعامله مع البشر من حوله. واما الروايات المفصلة فجم غفير اورد يصنف رحمه الله هنا في الفصل طرفا منها. قال وكان اذا استسلف سلفا يعني اذا اقترض اذا اقترض دينا قضى خيرا منه. المقرر عند الفقهاء ان الدين يرد بمثله ولا يجوز الزيادة في الرد عليه اذا اشترط المقرض. فانه عندئذ يجر الى الربا لا يجوز لمن اقرض قرضا ان يشترط في رده زيادة. سواء كانت من المال او منفعة يتحصل عليها. فاما اذا رد المقترض القرض او الدين ثم تبرع من عنده بزيادة يردها وفاء وعرفة فانا واحسانا الى المقرض فهذا هدي النبي عليه الصلاة والسلام. كان اذا استسلف سلفا قضى خيرا منهم. ولذلك منها حديث الامام مسلم في الصحيح عن ابي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه استسلف بكرا فقضى جملا خيارا رباعيا. استسلف النبي عليه الصلاة والسلام من رجل بعيرا. ثم لما قضاه قضى له خيرا منه يعني من ناحية السن والعمر. وقال اعطه اياه فان خيار الناس احسنوهم قضاء. وفي حديث في داوود ايضا عن جابر رضي الله عنه قال كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين. قال فقضاني وزادني هذا الاحسان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام يعلم الامة ان مبدأ الاقتراض والدين قائم على المعروف على البدء والاحسان وهو التي يسميها الفقهاء عقود الارتفاق يعني ليس فيه مصلحة للمقرض ولا للدائن فاذا اعطى احدكم اخاه دينا او قرضا فانما هو يحسن اليه. ولهذا يسمى بالقرض الحسن فلا سبيل الى رد معروفه واحسانه الا بمثل ذلك. ومنها ما ذكره في الهدي النبوي هنا انه كان عليه الصلاة والسلام يرد الدين ويزيد صاحبه من عنده اكراما واحسانا. يا كرام هدي النبي عليه الصلاة والسلام في باب المعاملات والتعامل بالاموال والقرض والبيع والشراء قائم دوما على الاحسان والاكرام. هدي ملؤه الكمال والعظمة فيه في التعامل فيه لطف واحسان. فيه بذل كريم وسخاء من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. لان مقام النفس مع المال دائما مقام شح وبحث عن الحوظ والاثرة. فاذا تجاوز العبد هذا الباب مع نفسه يعني من الاثر والبحث عن حظها والشح. وتجاوز ذلك الى البذل والايثار والاعطاء كان ذلك دلالة على الكرم وجود النفس وعفتها ولنبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك القدح المعلى والسهم الاوفر عليه الصلاة والسلام احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان اذا استسلف من رجل سلفا قضاه اياه ودعا له. فقال بارك الله لك وفي اهلك ومالك انما جزاء انما جزاء السلف الحمد والاداء. في حديث عبدالله بن ابي ربيعة قال استقرض من النبي صلى الله عليه وسلم اربعين الفا فجاءه مال فدفعه الي وقال بارك الله لك في اهلك ومالك انما جزاء السلف الحمد والادب ها هنا جملتان الاولى دعاؤه عليه الصلاة والسلام لصاحب المال الذي اقرضه. فاذا هو لما رد الدين زاده دعاء ولا شيء اكرم على العبد من دعاء رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال بارك الله لك في اهلك ومالك والجملة الثانية قاعدة شرعية عامة انما جزاء السلف الحمد والاداء. فمن اقرضك واسلفك فجزاؤه شيئان اداء القرض الذي اعطاك فترده اليه. والثاني ان تحمد له صنيعة وتشكره له. والحمد ها هنا او الشكر تارة يكون باللسان وهو الدعاء تقول له بارك الله لك. جزاك الله خيرا. احسن الله اليك. وتارة يكون هذا الحمد والثناء بالفعل بان ترد له هدية وان تزيده في قرضه الذي اقترضت منه وكل ذلك ثابت في هديه عليه الصلاة والسلام. وفي رواية ابن ماجة قال استلف منه حين غزا حنينا ثلاثين او اربعين الفا. فبينت الرواية ان القر كان في غزوة حنين لما احتاج النبي عليه الصلاة والسلام بعد فتح مكة احتاج الى شيء مما يزود به الجيش ويهيئ به للقتال حين توجه الى حنين فلما قدم من غزوة حنين قضاها اياه ثم قال له الحديث بارك الله لك في اهلك ومالك انما جزاء الحمد والاداء احسن الله اليكم قال رحمه الله واستسلف من رجل اربعين صاعا تحتاج الانصاري فاتاه فقال صلى الله عليه وسلم ما جاءنا من شيء بعد فقال الرجل واراد ان يتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقل الا خيرا فانا خير من تسلف فاعطاه اربعين فضلا واربعين لسلفه فاعطاه ثمانين. ذكره البزار. اخرج الحديث الامام البزار رحمه الله في مسنده وفي صحته مقال وذلك ان الرجل الانصاري اقرض النبي صلى الله عليه وسلم اربعين صاعا فجاء الانصاري يطلب ما له او قرضه ودينه فاعتذر اليه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله ما جاءنا من شيء بعد. يعني ما جاءني شيء استطيع ارد لك به القرض فقال الرجل واراد ان يتكلم يعني كأنه اخذه شيء من الضيق والانزعاج فهم ان يتكلم فبادره النبي عليه الصلاة والسلام بقوله لا تقل الا خيرا يعني لا يستجرينك الشيطان وفي كلمة تقولها ليس لها مقام ونحن في غنى عنها قال فانا خير من تسلف يعني لم يكن امهاله عليه الصلاة والسلام مماطلة في الدين. ولا انكارا ولا من رد الحق وغمطه قال فاعطاه اربعين فضلا واربعين ضاعف له صلى الله عليه وسلم في رد دينه اقترض منه اربعين وزاده اربعين فضلا يعني زيادة منه صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله واقترض بعيرا فجاء صاحبه يتقاضاه فاغلظ للنبي صلى الله عليه وسلم هم به اصحابه فقال دعوه فان لصاحب الحق مقال. في الحديث قصة طويلة اخرجها الائمة البخاري ومسلم مختصرا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وفي غير الصحيحين مزيد تفصيل للحديث ان الرجل كان له على نبينا صلى الله عليه وسلم دين فلما جاء يتقاضى دينه اغلظ للنبي عليه الصلاة والسلام. يعني اساء في العبارة وغلظ وشدد كما في رواية الصحيحين فقال دعوه فان لصاحب الحق مقالا. يعني دعوه وما صنع فان صاحب الحق يرى ان نفسه ان يقول ما شاء ليطلب حقه. وكلنا كذلك في مقام الخصومة او المنازعة او البحث عن الحق دوما يرى صاحب الحق ان له الحق ان يتكلم ان يبدي حجته. واذا ظن ان الذي امامه متساهل في اداء حقه باطل في سداد دينه اغلظ في العبارة وتجاوز ولم يكن نبينا صلى الله عليه وسلم كذلك في الحديث عن ابي من رواية عائشة رضي الله عنها مزيد تفصيل وذلك ان الرجل ابتاع منه النبي عليه الصلاة والسلام جزورا او جزائرة يعني من البعير بوثق من تمر الذخيرة وتمر الذخيرة هو العجوة. ويقال له الذخيرة نسبة الى بعض المواضع يزرع بها فاشترى منه في مقابل ما وعده به وهو ان ان يعطيه وسقا من تمر العجوة. فرجع به رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيته. والتمس له التمر فلم يجده وهي قصة ظاهرها ان غير قصة الاعرابي الذي اقترض منه البعير فلما جاء هذا الاعرابي في حديث عائشة ابتاع منه جزورا بوثق من تمر. ولم يكن هذا دينا كان في السوق واشترى منه ان يكون الثمن وسق من تمر العجوة. فرجع به النبي عليه الصلاة والسلام الى بيته والتمس له التمر فلم يجده خرج اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله انا قد ابتعنا منك جزورا او جزائر بوسق من تمر الذخرة لمسناه فلم نجده. فقال الاعرابي وا غدراه يصيح انه قد غدر به فلما قال ذلك هم الناس به وقالوا قاتلك الله ايغدر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام دعوه فان لصاحب الحق مقالة ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله انا ابتعنا منك جزائرا ونحن نظن ان عندنا ما سمينا لك فالتمسناه فلم نجده. فقال الاعرابي ثانية واغدراه. فهمه الناس وقالوا قاتلك الله ايغدر رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم فقال ثانية دعوه فان لصاحب الحق مقالة. فردد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مرتين او ثلاثة يعيد للرجل عذره يعني لا تظن اني خنتك او غدرت بك لما قلت لك في السوق ساعطيك وسقا من تمر الذخيرة. لاني رجعت البيت فلم اجده. اراد افهامه والاعرابي لا يفهم الا انه غدر به وخداع. اعطاه البعير فلم يجد الثمن فلما رآه النبي عليه الصلاة والسلام لا يفقه عنه قال لرجل من اصحابه اذهب الى خولة بنت حكيم ابن امية فقل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ان كان عندك وصف من تمر الذخيرة فاسلفيناه حتى نؤديه اليك ان شاء يا الله فذهب اليها الرجل ثم رجع فقال قالت نعم هو عندي يا رسول الله فابعث من يقبضه. فقال عليه الصلاة والسلام للرجل اذهب به فاوفه الذي له. قال فذهب به فاوفاه الذي له. قالت فمر الاعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في اصحابه فقال جزاك الله خيرا فقد اوفيت واطيبت. فقال النبي عليه الصلاة والسلام اولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة. الموفون او ووفونا المطيبون. يعني الذين يوفون الحقوق يطيبون نفوس الناس. ويجبرون خواطرهم. في رواية ابن ماجة لما اوفاه حقا اطعمه رسول الله عليه الصلاة والسلام. فقال الاعرابي اوفيت. اوفى الله لك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اولئك خيار الناس انه لا قدست امة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع وفي رواية احمد فمر الاعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في اصحابه. فقال جزاك الله خيرا فقد اوفيت واطيبت فقال النبي عليه الصلاة والسلام اولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة. الموفون المطيبون وقيل كان رجل كافرا ثم اسلم بعد هذا المشهد الذي كان له مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. اما حديث الباب فيما اشار المصنف وقد الشيخان عن ابي هريرة الرجل كان قرظه بعيرا. فلما جاء واراد استرداده اغلظ في العبارة واساء فقال دعوه فان لصاحب الحق مقالة وقال اشتروا له سنا فاعطوها اياه. يعني سنا بعيرا مساويا لبعيره في تن فقالوا انا لا نجد الا سنا هي افضل من سنه. قال اشتروها فاعطوها اياه. فان من خيركم احسنكم قضاء اخلاق ووفاء من رسول الله عليه الصلاة والسلام. احسان ثم التماس عذر جاء فاغلظ في العبارة فيقول دعوه فان لصاحب الحق مقالة وهكذا يعلمنا صلى الله عليه وسلم ان احدنا في مقام العقود والحقوق لابد ان يتخلى وان رفع عن المناصب والجاه مقام الحق لك كذا وعليك كذا ولا علاقة لهذا بمنصب الانسان ومنزلته ومكانته فتلك لها اعتبارات ولا شك لكنها لا تؤثر على حقوق العباد وادائها الى الخلق. احسن الله اليكم. قال رحمه الله مرة شيئا وليس عنده ثمنه. فاربح فيه فباعه وتصدق بالربح على ارامل بني عبد المطلب. وقال لا اشتري بعد هذا شيئا الا وعندي ثمنه. ذكره ابو داوود وهذا لا يناقض شراه في الذمة الى اجل فهذا شيء وهذا شيء. تلك قصة اخرى قدمت عيرني المدينة فاشترى منها النبي صلى الله عليه وسلم متاعا قيل اشترى بعيرا وقيل اشترى غير ذلك. والعير القافلة القادمة بالتجارة فاشترى منها صلى الله عليه وسلم وليس عنده الثمن. فاربح فيما اشترى. ايش يعني اربح نعم وجد فيها ثمنا يجد به ربحا عما اشترى. فباعها بربح ولما باع رد الثمن الذي اشتراه لانه لم يكن عنده. واما الربح فتصدق به على ارامل بني عبد المطلب يعني من نساء قومه عليه الصلاة والسلام وقال لا اشتري بعد هذا شيئا الا وعندي ثمنه لما؟ قالوا لان الشراء بالدين يفضي الى تحمل الدين. ثم يفضي الى الاشتغال بتحصيله لاجل رده وكل تلك مشغلة. ظاهر الحديث ظاهر الحديث يوهم المنع من الشراء بالدين لقوله لا اشتري بعد هذا شيئا الا وعندي ثمنه. لكن الحديث اولا في مقاله في في في ثبوته مقال ان عامة اهل العلم على عدم تصحيحه لاشكال في سنده. فالحديث ضعيف واخرجه ابو داوود رحمه الله واشار الى ضعفه وكذا احمد والبيهقي وغيرهم وفي السند شيء من الاضطراب وظعفه عدد من الائمة كابن حزم وابن القطان رحم الله الجميع ثم على افتراض صحة الحديث قال المصنف وهذا لا يناقض شراه في الذمة الى اجل. فهذا شيء وهذا شيء ولا يبدو من كلام المصنف رحمه الله التفريق بين القصة وبين الشراء في الذمة لانه اشترى بذمة. اشترى وليس عنده الثمن وقد اربح فيه اواقي من فضة ثم باعه وتصدق بالربح على الارامل. لكن الاسد من هذا في الجواب ان يقال ان حديث ابن عباس رضي الله عنه هما الذي اورده المصنف لقوله لا اشتري بعد هذا شيئا الا وعندي ثمنه حديث ضعيف ولضعفه فانه لا يقاوم ما ثبت في صحيح السنة من الشراء بالدين. وقد اشترى النبي عليه الصلاة والسلام بالدين واخر ذلك شراؤه الطعام من اليهود في اخر حياته فرهنه درعا من حديد ومات ودرعه مرهونة صلوات الله وسلامه عليه وهذا كما ترى وقع في اخر حياته. فدل ذلك على انه اخر الامرين ان ثبت خلافه ولم يثبت. ولهذا بوب الامام البخاري الله في الصحيح بقوله باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه او ليس بحضرته يريد اثبات ذلك. يقول الحافظ ابن حجر كأنه يشير الى ضعف ما جاء عن ابن عباس مرفوعا لا اشتري ما ليس عندي ثمنه. يشير الى حديث الباب الذي اورده المصنف فيما اخرج الائمة ابو داوود واحمد وغيرهم رحمهم الله تعالى احسن الله اليكم قال رحمه الله وتقاضاه غريم له دينا واغلظ له فهم به عمر بن الخطاب فقال ما هي عمر كنت احوج الى ان تأمرني بالوفاء وكان احوج الى ان تأمره بالصبر وباعه يهودي بيعا الى اجل فجاءه قبل الاجل يتقاضى ثمنه فقال لم يحل الاجل. فقال اليهودي انكم لمطل يا بني عبد المطلب فهم به اصحابه فنهاهم فلم يزده ذلك الا حلما. فقال اليهودي كل شيء منك قد عرفته من علامات النبوة وبقيت واحدة وهي انه لا يزيده شدة الجهل عليه الا حلما. فاردت ان اعرفها فاسلمت اليهودي القصتان حديث واحد تقاضاه غريم دينا واغلظ له فهم به عمر قال ما هي عمر؟ كنت احوج الى ان بالوفاء وكان احوج الى ان تأمره بالصبر. وهو اليهودي الذي عقب به المصنف وباعه بيعا الى اجل فجاء قبل الاجل يتقاضى فقال لم يحل الاجل فقال اليهودي انكم لمطل يا بني عبد المطلب الى اخر الحديث وهو من الاحاديث الطوال في قصة اسلام زيد ابن سعلة من احبار اليهود بالمدينة. والحديث عامة المحدثين والمحققين على تضعيفه وعدم صحته في الرواية ما يشير ايضا الى ضعفها وعدم ثبوتها. وموجز ذلك فيما ذكره عدد من الائمة كالهيثم في مجمع الزوائد في رواية طويلة قال زيد بن ثابت رضي الله عنه ان الله عز وجل لما اراد هدى زيد ابن سعنة قال زيد ابن سعنة ما من علامات النبوة شيء الا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم. حين نظرت اليه الا اثنتين لم اخبرهما منه. يسبق حلمه جهله ولا شدة الجهل عليه الا حلما قال زيد بن سعنة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الحجرات ومعه علي بن ابي طالب رضي الله عنه رجل على راحلة كالبدوي فقال يا رسول الله لي نفر في قرية بني فلان قد اسلموا. ودخلوا في الاسلام وكنت وحدثتهم انهم اسلموا اتاهم الرزق رغدا. وقد اصابتهم سنة وقد اصابتهم سنة وشدة وقحط من الغيث. فانا اخشى يا رسول الله ان يخرجوا من الاسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا. فان رأيت ان ترسل اليهم بشيء به فعلت فنظر عليه الصلاة والسلام الى رجل الى جانبه قال اراه عليا؟ فقال يا رسول الله ما بقي منه شيء كانه يسأله عن طعام كان عنده فقال ما بقي منه شيء قال زيد ابن سعنة وكان حاضرا للموقف قال فدنوت اليه فقلت يا محمد هل لك ان تبيعني تمرا معلوما في فلان الى اجل معلوم الى كذا وكذا دخل اليهودي في صفقة مباشرة. رأى الموقف بحاجة الى شيء من المال والتموين والطعام. فدخل وجد الفرصة قال ما رأيك نعقد صفقة يبيعني تمرا هذا بيع السلم. اعطيك الثمن الان واخذ منك التمرة في اجل كذا وكذا. وسمى الحائط او بستان الذي يريد شراء التمر منه. فقال له عليه الصلاة والسلام لا لا تسمي حائط بني فلان. يعني اعطيك تمرا من غير تحديد قال قلت نعم فبايعني. قال فاطلقت همياني وهو كالحزام الذي يشد على الوسط ويكون فيه حبل النقود فاعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في مقابل ماذا؟ في تمر معلوم الى اجل كذا وكذا. فاعطى الرجل وقال اعدل عليهم واغثهم بها. انتهى الان من معاملة هذا الذي جاء يطلب الغوث لقريته الذين اصابهم القحط والجدب ويريدوا تعريف قلوبهم على الاسلام فقال قال زيد بن سعنة فلما كان قبل محل الاجل بيومين او ثلاث. يعني جاء قبل الموعد الذي اتفق معه يومين او ثلاث. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابو بكر وعمر وعثمان في نفر من اصحابه. فلما صلى الجنازة ودنا الى الجدار ليجلس اليه اتيته. فاخذت بمجامع قميصه ورداءه. ونظرت اليه بوجه غليظ قلت له يا محمد الا تقضيني حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطلق. ولقد كان بمخالطتكم علم الى عمر قال وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير. ثم رماني ببصره فقال يا عدو الله اتقول لرسول الله فيما اسمع وتصنع به ما ارى. فوالذي نفسي بيده لولا ما احاذر فوته لضربت بسيفي رأسك قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر الي في سكون وتؤدة فقال يا عمر انا وهو كنا احوج الى غير هذا ان تأمرني بحسن الاداء وتأمره بحسن اتباعه. اذهب به يا عمر. فاعطه حقه وزده عشرين صاعا من تمر مكان رعته قال زيد فذهب بي عمر فاعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر. قلت ما هذه الزيادة؟ قال امرني رسول اولو الله صلى الله عليه وسلم ان ازيدك مكان ما رعتك يعني اخفتك قال وتعرفني يا عمر؟ قال لا. قلت انا زيد بن سعلة. قال الحبر. قلت الحبر. قال فما دعاك الى ان فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت وقلت له ما قلت؟ قال يا عمر لم يكن من علامات النبوة شيء الا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت اليه الا اثنتين لم اخبرهما منه. لم يسبق حلمه جهله يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل عليه الا حلما. وقد اختبرتهما فاشهدك يا عمر اني قد رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا صلى الله عليه وسلم. واشهدك ان شطر ما لي فاني اكثرها مالا صدقة على امة محمد صلى الله عليه وسلم. قال عمر او على بعضهم فانك لا تسعهم يعني ما لك لن يسع الامة. فقال قلت او على بعضهم فرجع اعمر وزيد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد عنده الشهادتين وامن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرا ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر رحم الله زيدا. ومن مواضع اه اعلان للرواية بعض ما جاء فيها كما يقول الامام الذهبي في تعليقه على المستدرك عن الحديث قال ما انكره ومن ذلك ما ذكر في اخر الحديث انه توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر. وغزوة تبوك ما وقع فيها قتال. انما غزوة النبي عليه الصلاة والسلام في حر وصيف كانت كاشفة للنفاق والمنافقين. الى اخر ما ذكره العلماء في تضعيف الرواية وشاهدها ما اراد به المصنف احسان النبي عليه الصلاة والسلام في التعامل ووفاءه واكرامه وتحمله الاذى والتجاوز الذي قد يقع في مقام الشح والاثرة الذي فطرت عليه النفوس والله اعلم احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في مشيه وحده ومع اصحابه قال كان اذا مشى تكفى تكفيا هذا فصل مستقل. يذكر فيه صفة مشي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعجيب والله يا قوم الهدي النبوي محفوظ في كل باب هذا عجيب. في كل باب من ابواب الحياة حفظ فيه رسولنا صلى الله عليه وسلم ما نقلته الرواية. كيف كان يجلس؟ كيف يأكل؟ كيف يشرب؟ كيف مشى؟ كيف قام؟ كيف قعد؟ كيف اتكأ كيف كان يفعل في كل الابواب؟ فهذا من عجيب حفظ الله لدينه. لان نبيه صلى الله عليه وسلم مبعوث لبيان الدين والشريعة والاحكام والامة مأمورة بالاتباع والاقتداء والاتساع. فكيف تتأسى الامة بشيء ان لا يثبت فيها عن نبيها فعل ولا قول ولا اثر. اذا كان الله قد قال لنا لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. يأمرنا الله باتباعه ثم لا يكون لنا في بعض ابواب الحياة اثر من هديه نقتبس منه ونتعلم هذا محال. فلاجل ذلك عاش عليه الصلاة والسلام حياته بمقتضى البشرية. في اكله وشرابه في نكاحه وطلاقه في ضحكه وبكائه في فرحه وحزنه في حربه وسلمه في سفره واقامته عاش بشرا عليه الصلاة والسلام فحفظت عنه المواقف في التعامل والبيع والشراء كما في العبادة والعقيدة سواء بسواء. حفظت الرواية نقلت فانت ترى التبويب هكذا في هديه في المشي. سواء مشى وحده او مشى مع اصحابه صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال كان اذا مشى تكفى تكفيا تكفى تكفيا التكفؤ الميل في المشية الى امام كانما ينحدر من مكان مرتفع. فان من ينزل من علو او من منحدر او من جبل في نزوله تراه لشدة الانحدار تتسابق قدماه في الخطو والتسارع وهو يحاول امساك نفسه عن العدو والاسراع. هذا الوصف هو الذي يسمى بالتكافؤ في المشي كان النبي عليه الصلاة والسلام حتى اذا مشى على ارض مستوية وسهل منبسط كان يمشي تكفؤا بالهمز او بغيره. قال اذا مشى تكفى تكفيا. وقولهم كان اذا مشى يدل على تكرار ذلك واستمراره صفة في هديه في المشي عليه الصلاة والسلام. اخرج الترمذي واحمد من حديث علي رضي الله عنه قال كان اذا مشى تكفأ تكفؤا كأن من حط من صبب. الصبب المنحدر القادم من مكان مرتفع. واخرج مسلم من حديث انس رضي الله عنه قال كان اذا مشى تكفأ والتكفؤ ارتفاع القدم مع تسارع الخطى. قال ابن رضي الله عنهما فيما اخرج احمد كان اذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل. يعني ليس في خطوه ومشيه ما يوحي ظاهره بالكسل والخمول والضعف والعجز. بل كان كما يأتيك في الوصف كانت مشيته مشية الحزم ومشية الجلالة والوقار والهيبة على رسولنا صلى الله عليه وسلم. قال وكان اسرع الناس مشية. نعم قال وكان اسرع الناس مشية واحسنها واسكنها. جمع في العبارة بين وصف السرعة في المشي مع الحسن والسكون لان السرعة المفرطة ربما كانت تفارق الهيبة والسكون والوقار فالاسراع والجري ليس من سمات الوقار والسكينة لكنه قال كان اسرع الناس مشيا هو يمشي لا يجري لكن مشيه لا يدركه المماشي له الا باسراع كما سيأتيكم في حديث ابي هريرة. قال كان اسرع الناس واحسنها واسكنها. من السكون وهو الوقار والهيبة. احسن الله اليكم قال رحمه الله. قال ابو هريرة رضي الله عنه ما رأيت شيئا احسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه وما رأيت احدا اسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى انا لنجهد انفسنا وانه لغير مكترث. في حديث ابي هريرة رضي الله عنه وصفان مجملا. الاول وصف الحسن والجمال والثاني وصف الاسراع في المشي. قال في الجملة الاولى رضي الله عنه ما رأيت شيئا احسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا التعميم في قوله ما رأيت شيئا احسن هو على اطلاقه وعمومه وليست مبالغة من ابي هريرة رضي الله عنه ولا اطراء لشدة محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لكنه حقا يا قوم يحكي الواقع انه لم تقع عينه على شيء احسن من رسول الله. صلى الله عليه وسلم. ما قال ما رأيت شخصا او احدا. قال ما رأيت شيئا. يعني اي ان كان موضع الجمال فلم يكن اجمل من وجه رسول الله. صلى الله عليه وسلم. هذه الجملة تتابعت عليها عبارات الصحابة رضي الله عنهم كانما تواصوا بها ولا حاجة بهم الى التواصي فان الجمال المكتمل الذي وقعت عليه انظارهم مجتمعا في وجه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول علي ما رأيت ما رأيت احدا احسن ولا اجمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في ليلة الاضحيان ليلة مقمرة مضيئة. وعليه حلة حمراء قال فجعلت انظر الى وجهه والى القمر فلهو عندي اجمل من القمر صلى الله عليه وسلم. عدة عبارات تتابعت فيها اوصافهم رضي الله عنهم في وصف جمال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا عبارة ابي هريرة في هذه الرواية. ثم بين تشبيه هذا الحسن فقال كأن الشمس تجري في وجهه اشارة الى الضياء والاشراق الذي كان على محيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كأن الشمس تجري في وجهي لمعانا واشراقا وضياء صلوات الله وسلامه عليه. هذا شطر الحديث الاول في وصف ابي هريرة رضي الله عنه شطره الثاني في وصف المشية فقال وما رأيت احدا اسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ايضا وصف وبين هذه السرعة فقال كأنما الارض تطوى له انا لنجهد انفسنا وانه لغير مكترث يمشي فالخطوة بمقام خطوتين كانما الارض تطوى له. فما نقطعه في عشر خطوات كانما يقطعها في خمس خطوات. نجهد انفسنا حاقبه وادراكه في المسير وهو يمشي مشيته بتؤدة وهوان وهو غير مكترث. فهم يجهدون انفسهم اللحاق به وهو لا يزال في مشيته عليه الصلاة والسلام على المشية الهون كما وصف الله تعالى بها عباد الرحمن هذا وصف مجمل لمشية رسول الله عليه الصلاة والسلام. خفة الحركة تقارب الخطوات وتتابعها قوة في المشي وصلابة وحزم ليس عدوا ولا هرولة ولا جريا لكنه قطع للمسافة البعيدة او القريبة من غير جهد ولا مشقة بحيث لا يدركه المماشي له الا بجهد ومشقة. كل ذلك وعليه صلى الله عليه وسلم لم صمت الوقار وامارة العظمة والمهابة. فابو هريرة في هذا الحديث رضي الله عنه تعجب منه كيف جمع وصف المشي بالحسن العام. يعني هو قبل ان يقول كان اسرع الناس او لما رأيت احدا اسرع في مشيته صدر هذا قوله ما رأيت شيئا اجمل او احسن من رسول الله. صلى الله عليه وسلم. كانك تفهم انه لم يرى في الحسن احدا كرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مشيته كانت من احسن ما يراها الناظر. فلا احد اجمل منه وجها ولا احد اجمل منه سيرا كما لا احد اجمل منه منطقا ولا كلاما ولا وفاء او خلقا كريما صلوات الله وسلامه عليه فهكذا جمع بين الحسن العام وبين وصف مشيته الموصوفة ايضا في سياق الحسن بذلك الوصف صلوات الله وسلامه عليه احسن الله اليكم قال رحمه الله وقال علي ابن ابي طالب رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مشى تكفى تكفيا كأنما ينحط من صبب. وقال مرة اذا مشى تقلع قلت والتقلع الارتفاع من الارض بجملته كحال المنحط في الصبب. تقدمت رواية علي رضي الله عنه التي اخرجها احمد والترمذي كان اذا مشى تكفى تكفيا. قلت لك التكفؤ او التكفي ان يسير الماشي كالمنحدر من مكان مرتفع يكون فيه تتابع الخطى اسراع غير مقصود بالاسراع لكنه الانطلاق والتتابع في المشي مع خفة الحركة كأنما ينحط من صبب يعني ينزل من مكان مرتفع فهو ينحدر في نزول. قال في حديث اخر اذا مشى تقلع هو ايضا في لفظ عند احمد والترمذي. قال المصنف التقلع الارتفاع من الارض بجبن التي هي كحال المنحط من الصبأ يفسر التقلع في المشي برفع القدم كلها لا ان يسحب قدمه او تكون ساقاه عند المشي في حال ارتخاء. يعني هي اشبه بالخطوة العسكرية التي يرفع فيها صاحبوا قدمه بالساق جملة في رفع الرجل كلها. قالوا هذا اشارة الى الحزم الذي يبدو فيها على صاحبها من غير ان تعرفه شيء من نمطه وشخصيته التي تدل عليه. ولهذا فان خبراء علم النفس ونحوه ربما قيموا او صنفوا بعض من لا يعرفونه من خلال كلامهم او نظراتهم او مشيتهم. فتلك امارات ولها دلائلها واحدة من العلامات التي تدل على شخصية صاحبها. مشية النبي عليه الصلاة والسلام تقرأ فيها من غير حروف الحزم وعلو والهمة المظاء في معاني الامور. يقول كان اذا مشى تقلع يرتفع بجملته. وهذا تفسير اخر ان ارتفاع الجسم كله يكاد يكون مع الخطوات كحال المنحدر من مكان مرتفع فان جسمه يتسابق الى الامام وهو يحاول التهدئة من الخطو لادراك الثبات في المشي. نعم قال قلت والتقلع الارتفاع من الارض بجملته كحال المنحط في الصبب وهي مشية اولي العزم والهمة والشجاعة. وهي اعدل المشيات واروحها للاعضاء وابعدها من مشية الهوج مهانة والتماوت فان الماشي اما ان يتماوت في مشيته ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة وهي مشية مذمومة قبيحة ام هذا المشي؟ مشي الكسل والتماوت الذي ايضا من غير ان تعرف صاحبه فانت تقرأ فيه ارتخاء الهمة والبطالة واللامبالاة يمشي مشية التماوت التي يجر فيها قدميه جرة. يقول المصنف يمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة فلا تكادوا من شدة تماوته ترى حركة قدميه في المشي. كانه خشبة محمولة. هذه قال مشية مذمومة قبيحة ووجه الذم فيها والقبح هذا التماوت والكسل الذي اباه الاسلام. الاسلام دون عزة وعلوهما ومعالي الامور. واما التماوت والكسل والارتخاء في العزائم فليس من اخلاق الاسلام قال واما ان يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمر الاهوج وهي مشية مذمومة ايضا. وهي علامة على خفة لصاحبها هذه تقابل الاولى. فاذا كانت الاولى في غاية الكسل والتماوج وارتخاء العزيمة فالثانية على عكسها. فيه اضطراب وانزعاج قال مشي الجمل الاهوج. الجمل الاهوج ثائر مندفع فترى يعني اقدامه اذا ارتفعت ارتفعت الى علو شديد وهو يرتفع يمنة ويسرة ثم لا يستقر له وجهة يمشي يمنة ويسرة قال هي ايضا مشية مذمومة تدل على خفة عقل صاحبها وهو كذلك فانك اذا رأيت من يمشي في السوق او بين الطرقات مثل هذه المشية تتحرك يداه مع رجليه كبعير يمشي على اربع تدلك على اخفة عقد صاحبها وشيء من الطيش الذي وان لم تعرفه ولم من قبل لكنها استمات الشخصية التي تقرأ من تصرفات اصحابها. فهاتان مشيتان متقابلتان ضعيفة متماوتة هزيلة والاخرى طائشة هوجاء ذميمة كلتاهما قال واما ان يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمل الاهوج وهي مشية مذمومة ايضا. وهي علامة على خفة عقل صاحبها ولا سيما ان كان يكثر الالتفات حال حال مشيه يمينا وشمالا واما ان يمشي هونا وهي مشية عباد الرحمن كما وصفهم بها في كتابه فقال وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا هذا الوصف وسط بين الوصفين السابقين. بين مشية التماوت والكسل وبين مشية الهوج والانز والاضطراب وكثرة التلفت يمنة ويسرة قال الله عز وجل في صفات عباد الرحمن وابتدأ بها اوصافهم المتعددة. قال وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض بهونا ما مشية الهون هو الوسط المعتدل بين هذا وذاك. نعم. قال غير واحد قال غير واحد من السلف يعني في تفسير الاية ما معنى يمشون على الارض هونا قال غير واحد من السلف سكينة ووقارا من غير كبر ولا تماوت. هذا الوسط من غير كبر ولا تماوت. الكبر ترفع التماوت ضعف وانهزام. فالمشية الهون تأتي وسطا وهي الموصوفة في مشية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والا وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب. وكأنما الارض تطوى له. حتى كان الماشي معه يجهد نفسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم غير مكترث وهذا يدل على امرين ان مشيته لم تكن بتماوت ولا بمهانة. بل اعدل المشاة. نعم. اذا فوصف المشية بانه كانما ينحط من صبب وان الارض تطوى له يدل على مجموع الامرين انه لم يكن مشية المتماوت فان التماوت لا تطوى له الارض بل تطول وتزداد. فما يحتاجه الماشي في دقائق يحتاجه في ساعات وايضا فان قوله كانما ينحط من صبب فيها ايضا اعتدال الوصف لم تكن بتماوت ولا بمهانة بل كانت مشيته ملوها الوقار والسكينة صلوات الله وسلامه عليه ومن يتأمل يا كرام فيما وصف بها النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام. في حال كلامه اذا تكلم او سكوته اذا سكت او ضحكه اذا ضحك او خطبته اذا خطب او سلامه وعيادته وزيارته وانسه مع اصحابه. او معاشرته لاهله يجد يجد في كل تلك الابواب من التعاملات وصف المهابة الذي جلل الله عز وجل به نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم الوقار العظيم والسكينة التي ملئ بها بل حتى كانت تفيض على من حوله. كان المجالس لرسول الله عليه الصلاة والسلام يقتبس من سكينته وهيبة مجلسه ما يجد اثرها في نفسه ولابد. حتى المشية وصفت ايضا بالسكينة والوقار التي كانت عنوانا لشخصي وحياتي وصنيع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم. قال رحمه الله والمشيات عشرة انواع. هذه ثلاثة منها. هذه فائدة ختم بها المصنف رحمه الله هذا الباب او هذا الفصل لانه تكلم عن الان على ثلاثة انواع من المشي. مشية التماوت والكسل وارتخاء العزائم. ويقابلها مشية التبختر او الاضطراب والانزعاج الهوج. ويقابلها التوسط مشية الاعتدال مشية الهون مشية التكفي الذي كأنما ينحط من صبب. فلما ذكر ثلاثة انواع من المشي قال خذوها فائدة. المشي في في تصرفات الانسان وفي مصطلحات اللغة عشرة انواع. نعم. قال والمشيات عشرة انواع هذه ثلاثة منها السعي السعي ركظ وجري يقال له سعي والخامس الرمل وهو اسرع المشي مع تقارب الخطى ويسمى الخبب. يسمى الخبب هو الذي يفعله المسلمون في طوافهم في الثلاثة الاشواط الاول وفي سعيهم بين الصفا والمروة بين الميلين الاخضرين او العلمين الاخبارين. فانهم في ذلك كالموضع في الطواف الثلاثة الاشواط وفي السعي بين العلمين الاخضرين فانهم يمشون الرمل. ما الرمل؟ ليس جريا. لا هو مش ينسى سريع اسرع المشي لانه ليس بعده درجة الا العدو والجري لكنه مشي سريع فيه تقارب للخطى مع اسراع الحركة. قال ويسمى الخبب. فيسمى الخبب حتى في مشي الحيوان. اذا بين يديه ورجليه عند العدو يقال خب البعير. وفي الصحيح نعم قال وفي الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم خب في طوافه ثلاثا ومشى اربعا في حديث الصحيحين ان قال لما قدم فطاف صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة واستلم الركن اول شيء قال ثم ثلاثة اطواف ومشى اربعة. ما معنى خبأ مشى هذه المشية المسرعة مع تقارب الخطى. والباقي الاربع الاشواط مشاها مشيته المعتادة عليه الصلاة والسلام احسن الله اليكم قال والسادس النسلان وهو العدو الخفيف الذي لا يزعج الماشي ولا يكرثه. وفي بعض المساند ان وشاتة شكوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشي في حجة الوداع. فقال استعينوا بالنسلان. النسلان اسراع في المشي بل هو اول درجات الجري واول مراتبه العدو الخفيف. قال الذي لا يزعج الماشي ولا يكرثه يعني لا يلحق به شدة عليه النسلان الجري الخفيف يعني هو اعلى من الهرولة ودون الجري. اسراع في المشي عدو خفيف. قال اه اخرج بعض الائمة كابن خزيمة والبيهقي من حديث جابر رضي الله عنه لما شكى الناس في حجة الوداع الى النبي عليه الصلاة والسلام طول المشي. المشي من مكة الى منى من منى الى عرفة ثم الى مزدلفة ثم الى منى الى جمرة العقبة ثم الرجوع الى الحرم فطول مشي وهم كثير منهم قادم من سفر فما تزال وعثاء السفر وتعبوها باقية. فقال عليكم بالنسلان او قال استعينوا بالنسل فارشدهم الى نوع من المشي ظاهره يوهم انه يتطلب جهدا اكبر. وهم يلتمسون التخفيف. فقال استعينوا بالنسل ان يستعينون به على ماذا على تخفيف التعب هم اشتكوا من طول المشي الذي مشوا فيه كثيرا. فقال استعينوا بالنسلان. وفي لفظ استعينوا النسل قال فانه يقطع عنكم الارض وتخفون له. فبين لهم ما وجه الاستعانة بالنساء؟ قال يقطع عنكم الارض يعني يقرب عنكم المسافة فالاسراع في المشي يجعلك تقطع المسافة في فترة اقرب. قال وتخفون له يعني تخفون للنسل وتسرعون فيه قال جابر رضي الله عنه فنسلنا فوجدناه اخف علينا. فطبقوا ما ارشدهم اليه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم احسن الله اليكم قال والسابع الخوزلا وهي مشية التمايل يقال ان فيها تكسرا وتخنثا. هذه مشية مشية في غاية الذم يوصف بها مخانيث اجلكم الله مشية فيها تثاقل مع تبختر. يعني يجتمع وصفان كلاهما ذميم. نوع من التبختر والتعالي مع ثقل وتكسر وانثناء فهي علامات على من انتكست عندهم الفطر والعياذ بالله. تسمى مشية الخوزلا ولو الثامن القهقر وهي المشي الى الى وراء. المشي الى الخلف بخطوات يرجع فيها الماشي الى الوراء. تسمى القهقرة وذلك ثبت في الحديث ان النبي عليه الصلاة والسلام لما صعد المنبر مرة يعلمهم كيفية الصلاة. قال فصعد المنبر فكبر ثم ركع ثم رفع رأسه ثم نزل ثم رجع القهقرة فنزل فسجد في اصل المنبر. فلما اراد السجود نزل من على المنبر وهو متجه الى القبلة. فرجع الى الوراء خطوات لان المنبر كان ثلاث درجات ثم نزل فسجد في اصل المنبر صلى الله عليه وسلم احسن الله اليكم قال والتاسع الجمز وهي مشية يثب فيها الماشي وثبا. الوثب هو القفز اثناء المشي. فالجمز ضرب من السير اشد من العنق. والعنق الاسراع في المشي كان النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع يسير العنق فاذا وجد فجوة نصا. هذه مراتب للاسراع في المشي. العلق اسراع تخفيف في المشي واذا صاحبه شيء من ليس تسارع للخطى بل هو اقرب الى الوثم. يعني عدو سريع يقفز فيه الماشي بخطوات متباعدة تبدو كأنه يسارع في القفز والوثب. هذا نوع ايضا من العدو السريع يسمى الجمزان قال والعاشر مشية التبختر وهي مشية اولي العجب والتكبر. وهي التي خسف الله سبحانه بصاحبها لما نظر في اكفيه واعجبته نفسه فهو يتجلجل في الارض الى يوم القيامة. هذا كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين نسأل الله العافية التبختر والتكبر تجبر وتعالي اصله مرض في القلب. يصيب صاحبه بالكبر والغرور ورؤية نفسه في اعلى المقامات ثم لا يرى الناس الا كامثال الذر احتقارا واستصغارا واستهانة بهم. ثم لا يزال هذا الصنيع يتمادى بصاحبه في التعاملات فاذا تكلم واذا سلم واذا جلس واذا قام واذا قعد بل حتى اذا مشى كان اثر التبختر والتكبر تجبرا على بادي باديا عليه. والله قد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم في الوصايا ولا تمش في الارض مرحا. انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا. مشيتك هذه التي ملؤها التكبر لا تظن انك اذا خطوت بها خطوة خرقت الارض ولا تظن بتعاليك وشموخ رأسك وارتفاع انفك انك تطاول الجبال؟ انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا. فاعرف قدرك عبد الله والتكبر لا يعود بشيء الا على صاحبه خزيا ونكالا وعذابا في الاخرة واحتقارا وانفظاظا للعباد عنه في الدنيا نسأل الله السلام. فلهذا جاء الوعيد امي انت بختر والتكبر والتعج والعشب والتعالي على الاخرين. ومنه حديث ابي هريرة بينما رجل يمشي متبخترا ينظر في عطفيه اعجبته نفسه فاذا به قد خسف فهو يتجلجل في الارض الى يوم القيامة عياذا بالله احسن الله اليكم. قال واعدل هذه المشايات مشية الهون والتكفي. وهي مشيته عليه الصلاة والسلام. قال واما مشيه مع عن اصحابه فكانوا يمشون بين يديه وهو خلفهم ويقول دعوا ظهري للملائكة. ولهذا في الحديث وكان يسوق اذا مشى مع اصحابه يمشون بين يديه يعني امامه ويكون خلفهم ويقول دعوا ظهري للملائكة. فان الملائكة تحرسه. والله عز وجل قد تكفل بحفظه وعصمته. والله عز وجل سخر له من خلقه من الملائكة ومن جند الارض والسماء ما يحفظ به نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم. وهذا تفسير لما جاء في بعض الروايات سيأتينا في اخر الفصل كان يسوق اصحابه. كيف يعني يسوقهم يعني هم يمشون امامه فاذا كان خلفهم كأنما يسوقهم في مسيرهم قال وكان يمشي حافيا ومنتعلا. هذه ايضا من اوصاف المشي. كان يحتفي احيانا وينتعل احيانا. الانتعال لبس النعال اكرمكم الله واما المشي حافيا فقد ثبت في عدة احاديث. منها حديث عمران ابن حصين كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي حافيا ومنتعلا. اخرجه الهيثمي في المجمع. ومنه حديث فضالة ابن عبيد. قال كان النبي صلى الله الله عليه وسلم يأمرنا ان نحتفي احيانا. وكما ثبت انه كان يمشي حافيا ومنتعلا فكذلك كان يصلي حافيا ومنتعلا صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمران بن حصين عند الهيثمي في المجمع هذا اذا امنت النجاسة في دل على جوازه نعم قال وكان يماشي اصحابه فرادى وجماعة ومشى في بعض غزواته مرة فانقطعت اصبعه وسال منها الدم فقال هل انت الا اصبع دميتي وفي سبيل لله ما لقيتي كان في بعض المشاهد صلى الله عليه وسلم وقيل ذلك كان في غزوة احد كان يمشي فانقطعت اصبعه. والمقصود انه اصابها حجر. وقيل تعثر فاصابت قدمه الارض فاصاب الحجر اصبعه فسال منها الدم. فقال عليه الصلاة والسلام يخاطب اصبعه على سبيل التسلية. هل انت الا اصبع دميتي وفي سبيل الله ما لقيتي صلى الله عليه وسلم. يريد ان يقول مسليا لنفسه ما اصابه في سبيل الله محتسبا الاجر عند هل انت الا اصبع نزل منك الدم وفي سبيل الله لقيت هذا الذي لقيتي واصبع تلفظ بتثليث الحركة في الهمز فتحا وظما وكسرا وبتثريث الباء كذلك. ففيها تسع لغات اصبع واصبع واصبع وكذلك التفريق في الهمس وكلها صحيحة لغة فحيثما نطق الناطق اصبع لن يخطئ فيها نعم احسن الله اليكم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكان في السفر ساق وكان في السفر ساقة اصحابه يسجي الضعيف ويردف ويدعو لهم ذكره ابو داوود عن جابر رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير. ايش يعني يتخلف يبقى في اخرهم وهذا معنى كان في السفر ساقة اصحابه. ساقة الجيش مؤخرته. ساقة القافلة اخرها ساقة الركب ايضا ما يكون اخرهم. ليش؟ قال فيسجي الضعيف ويردف ويدعو له. ما معنى يزجي ربكم الذي يزجي لكم الفلك الم تر ان الله يزجي سحابا يسيره ويسوقه ويجريه. فكان يزجي الضعيف لانه من يبقى في مؤخرة الركب والقافلة والجيش الذي ما عنده له بعير ولا فرس ولا شيء يركبه وضعيف في المشي فدائما يتأخر. فوجوده في المؤخرة يواسي به الضعفاء عليه الصلاة ماذا يفعل؟ يزجيهم يسوقهم يحفزهم لادراك القافلة. ليس هذا فقط ويردف يعني يركب بعضهم معه على بعيره او مركوبه عليه الصلاة والسلام ويدعو لهم صلوات الله وسلامه عليه. تم هذا الفصل في هذا اجلسي بفضل الله وتوفيقه وفي المجالس البقية متابعة لفصول الكتاب نأتي عليها