لبيك يا لبيك لبيك يا كيف غدا الحج؟ الواجب مرة في العمر بهذا المعنى العظيم الموازي في عظمته وثقله ليكون ركنا خامسا من اركان ديننا كالاركان التي تؤدى كل يوم وليلة او كل عام يتكرر وجوبه على العباد المكلفين. لان المرة الواحدة اذا تحققت بمعانيها ومقاصدها واستوفت كل ما ارادته الشريعة من الحجيج فهي كافية وكفيلة بان يرجع الحاج من رحلة حجه وقد عرف طريقه الى الله. رجعوا بيض الصحائف مغفورة ذنوبهم خفيفة اوزانهم لانهم كانما قد حقوا على صعيد عرفات كلما كان على ظهورهم من سالف جارهم والله ما اتى بك الا ليكرمك وما ادخلك بيته الا ليعطيك وما اذن لك ان تقف على صعيد عرفات وتكون في جموع الحجيج الملبين الداعين الباكين الخاشعين الا ليعطيك فاصدق في نيتك كل اركان الاسلام لانها اركان تحفها من العظمة واهتمام الشريعة بها والحث عليها ما هو لائق بمكانتها ركنا من اركان الدين لا عبادة فحسب كسائر العبادات فالصلوات الخمس تتكرر على العباد خمس مرات في كل يوم وليلة يحرص عليها المسلم لاستيفاء هذا الركن لانه ركن. لا يتم اسلامه الا به. فيصليها محافظا عليها في اوقاتها مستوفيا لاركانها وشروطها وواجباتها مجاهدا نفسه في المحافظة عليها صوم رمضان يتكرر كل عام. يصوم فيه المسلم ثلاثون او تسعة وعشرون يوما. فكلما رؤي هلال رمضان اقبل على عبادة الصيام محافظا عليها. مجاهدا نفسه الا ينخرم منها شيء. ليحقق ركنا من اركان دينه كان من اهل الزكاة فانها تجب عليه ايضا كل عام فاذا كان من زكاة النقدين ذهبا وفضة والاموال او من زكاة بهيمة الانعام او عروض التجارة او الزرع والثمار. كل ذلك تتكرر فيه الواجبات التي تؤدى بها تلك الاركان. اما كل يوم وليلة كالصلوات الخمس. او كل اسبوع صلاة الجمعة او كل عام كالزكاة والصيام لكن حج بيت الله الحرام وحده من بين اركان الاسلام ينفرد بصفة عظيمة عجيبة فانه لم توجبه الشريعة على العباد القادرين الا مرة في العمر فلماذا مر وكيف غدا بهذه المرة الوحيدة ركنا من اركان الدين ما زلت اقول ان النظر الى ما يحف بالعبادة من العظمة التي تليق به ركنا من اركان الاسلام هذا يفتح لنا سؤالا كبيرا. كيف غدا الحج؟ الواجب مرة في العمر بهذا المعنى العظيم الموازي في عظمته وثقله ليكون ركنا خامسا من اركان ديننا كالاركان التي تؤدى كل يوم وليلة او كل عام يتكرر وجوب على العباد المكلفين انها رحلة العمر نعم الحج في رحلته التي يقصد بها الحجيج بيت الله الحرام. ويتنقلون بين المشاعر العظام يؤدون رحلة لا تجب في العمر الا مرة واحدة لمن استطاع اليه سبيلا. اوما ادركنا ايها المسلمون معشر الحجيج ان الاسلام لما اوجب الحج مرة واحدة في العمر لان المرة الواحدة اذا تحققت بمعانيها ومقاصدها واستوفت كل ما ارادته الشريعة من الحجيج فهي كافية وكفيلة بان يرجع الحاج من رحلة حجه وقد عرف طريقه الى الله صحح المسار ووضحت له الرؤية وحجز مقعده في الجنة واكمل ما بقي من بقية عمره على بصيرة لا يمضي الا واثق الخطى وقد غفر الله له ما مضى ويعرف كيف يعيش بقية عمره ليلقى الله عز وجل على ما يحب ربه جل وعلا ها هنا نتلفت في هذا المعنى العجيب لندرك ان العناية الفائقة باداء المناسك لا ينبغي ان يكون مقتصرا على الهيئة الظاهرة للعبادة. وهي جليلة وواجبة ومهمة. فاداء الحج التي تستوفى فيها الاركان من الاحرام والطواف والسعي والوقوف بعرفة وسائر الواجبات كالرمي والمبيت حلقي والنحر وبقية الاعمال مع جلالة قدرها ينبغي ان تكون مصحوبة بنصيب القلب من عبادة الحج اما رحلة العمر فان فات على القلب حظه فقد فات له مقعده من رحلة العمر الجليلة هذه تحج القلوب كما حجوا الابدان وحظها من تقوى الله وتعظيمه والاخلاص بوجهه الكريم سبحانه. حظها من حب الله وحب رسول صلى الله عليه وسلم حظ القلوب من اقامتها على معنى العبودية الكامل الذي يعيش فيه العبد معنى رحلة البديعة وبها يصح المسار وترجع القلوب اصفى وانقى واتقى لله عز وجل. اجل ايها الحاج. اما وقد اكرمك الله فجئت تحج بيت الله هاي الحرام او قد عزمت ان تحج ان هيأ الله لك في قابل الايام. فاعلم رعاك الله ان التهيؤ للحج والاستعداد له والشروع فيه واتمام النسك والعودة منه ينبغي ان تكون واضحة المعالم عند كل من يسر الله له هذا السبيل ليعلم ان الحج رحلة يخرج فيها العبد من سالف ايامه الى صفحة اخرى بيضاء مشرقة نقية لا يقصد بها الا المعاني العظام التي جاءت نصوص الشريعة تغري بها العباد لتحقيقها. الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة من ذا الذي جاء الى الحج وليس في ذهنه ان يرجع وقد حجز مقعده في الجنة وعندئذ سيجاهد نفسه في اداء المناسك على استكمالها واستيفائها. عدم كفاف عن كل ما قد يخل بصفاء حجه ونقائه لا يجد في نفسه الا الرغبة الصادقة في ان يكون اوفى واكمل في كل خطوة من خطوات هذا وحده قصد عظيم اذا بلغه العبد في رحلة حجه فانه سيعود به الى حياته اجمع الى عبوديته الكامل الذي يعيش به طريقه فيما بقي من عمره بعد العودة من حجه ايها الحجيج رحلة الحج التي يقول فيها النبي عليه الصلاة والسلام. من حج هذا البيت وفي رواية من طاف وفي رواية من اتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق. رجع كيوم ولدته امه فماذا عساي ان افعل انني والله سائلا من ربي التوفيق لاجتهدن ما بلغه وسعي ان يكون حجي في نقائه وصفائه وخلوه من الرفث والفسوق مجاهد النفس على التجرد عن كل ما من حولي مقبلا على ربي وخالقي وسيدي ومولاي سبحانه وتعالى. مستكثرا من طاعته متقربا اليه بما يحبه سبحانه لارجو ان اكون في عداد هؤلاء الفائزين بهذا الموعود الكريم ان يرجع كما ولدته امه. من الذي نظر الى موقف عرفات والامة مجتمعة هناك على ذاك الصعيد والكل قد بلغ به الرجاء والدعاء والخشوع والاستكانة والافتقار مبلغا عظيما. فمن رآهم علم ذلك الموعود الكريم ان الله يباهي بهم. قال وان الله ليباهي بهم ملائكة السماء. فيقول انظروا الى عبادي ما اراد هؤلاء ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة فما جاءت هذه الجموع الا لتفك الاغلال. الا لتعتق الرقاب الا لترجع حرة ابية في طريق العبودية لله لا سبحانه وتعالى يقف العبد في ذلك الموقف العظيم وصدق رجائه قد سبق لسانه في دعواته التي يرفعها الى ربه الكريم في ذلك المقام الكريم هذا المقام في عرفات المشعر بعظيم العفو والعطاء والكرم الالهي الذي ينال العباد. يجعل العبد في رحلة اليتيمة التي يرجع منها كما ولدته امه يتخيل ان عرفة اشبه بمخاض كبير يولد فيه الالوف المؤلفة من جديد. في نفرتهم كخروجهم من رحم امهاتهم. رجعوا بيض الصحائف مغفورة ذنوبهم خفيفة اوزانهم لانهم كانما قد حطوا على صعيد عرفات كلما كان على ظهورهم من سالف اوزارهم وما تزال هذه المقاصد التي تنهض بالنفس الابية المؤمنة القادمة الى رحلة الحج في بيت الله الحرام وهي تستشعر انها في موكب فريد وركب كريم اجل وصف اطلقه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله الحجاج والعمار وفد الله وفد الله انت في رحلة حجك التي اتيت بها تحث الخطى وافد كريم على الله تأتي اليه لتحقق تتمة ما قاله عليه الصلاة والسلام. دعاهم فاجابوه وسألوه فاعطاهم. والله ما اتى بك الا ليكرمك وما ادخلك بيته الا ليعطيك وما اذن لك ان تقف على صعيد عرفات وتكون في جموع الحجيج الملبين الداعين الخاشعين الا ليعطيك فاصدق في نيتك واصلح من شأنك واقبل فهي رحلة العمر التي قد لا تتكرر. اما من تهيأت له الاسباب واتسعت له المسالك وكتب الله له المتابعة بين الحج والعمرة فانما ينظر الى الكرم الالهي الذي يصيب فيه العباد من رحمات ربهم ما يرجون به ان يكونوا اكثر حظا ورزقا واجرا. تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة. وكلما وجد العبد هذه المعاني انتهض لحجه ان يعيشه بعمق مع انيه قلبا وقالبا ظاهرا وباطنا. ان يعيش في حجه رحلة تحج بها القلوب مع الابدان رجاء ان في عداد اولئك الذين ظفروا في رحلة حجهم بالمقام الاسمى العظيم بلغنا الله واياكم ذلك المقام العظيم