بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد اخوة الاسلام حجاج بيت الله الحرام فمن رحاب البيت العتيق وفي هذه الليلة الكريمة الشريفة المباركة من ليالي العشر في اليوم الرابع من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ينعقد هذا المجلس المبارك لمواصلة الحديث عما امتدأناه في ليال سابقة عن مقاصد حج بيت الله الحرام تقدم ايها المباركون ليلة البارحة ان مقصد المقاصد واعظمها في الاطلاق توحيد الله سبحانه والعبادات التي شرع الله كلها تدور على هذا المقصد العظيم. فهو ام لمقاصد ورأسها فما خلق الله الخلق الا لعبادته وحده ولا ارسل سبحانه الرسل عليهم السلام. ولا انزل عليهم الكتب ولا اقام الحجج ولا كانت المدافعة بين الحق والباطل وسنة الخليقة الى يوم القيامة. الا لاقامة هذا الاصل الكبير توحيد الله جل جلاله. وتعليق القلوب قلوب به وحده سبحانه وافراده بالربوبية والالوهية والاسماء الحسنى والصفات العلى. فتعالى الله وتقدست اسماؤه جل جلاله سبحانه وبحمده لا نشرك به شيئا في رحلة الحج يتجلى هذا المقصد العظيم ايما تجلي وقد مر بنا البارحة بداية عرض المواضع التي يتلقن فيها الحاج هذا الاصل العظيم ويقرر فيها هذا المقصد الجليل بدءا من الاحرام في الميقات. وليس الاحرام هو الدخول في النسك بالنية فقط بل بكل جوارحه ومشاعره عندما يقف تلك اللحظة معلنا دخوله في النسك متوجها الى بيت الله الحرام فان اولى معاني التوحيد لا تبرزها هنا عندما يترك وراء ظهره ويطرح من صدره كل شيء سوى الله. فما جاء الا لحج بيته الحرام او العمرة ولا خذ الا بيت الله معينا ذلك بثاني المظاهر وهي التلبية وقد مر في مجلس البارحة معناها وصيغتها وفضلها وحرص السلف عليها والمعاني العظيمة التي تتضمنها عبارات وهي تقطر توحيدا. اما تأملتم كيف شرع لنا في الاسلام تكرار التلبية ورفع الصوت بها والجهر والاعلان حتى ان الصحابة رضوان الله عليهم كانت تبح اصواتهم وحناجرهم من شدة رفع صوتهم بالتلبية. وقد قال عليه الصلاة والسلام ان جبريل امرني ان امر اصحابي ان يرفعوا اصواتهم بالتلبية. هذا التكرار للتلبية وهذا الاعلام بها بكل معانيها التي مضى ذكرها في مجلس البارحة اما شعرتم انها تلقين للحاج لنفسه بنفسه فعندما يقولها في اليوم عشرات ومئات والوف المرات وهو يقول لا شريك لك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. لبيك اللهم لبيك. يكررها مرارا وتكرارا. هو والله يذكر نفسه بنفسه فكيف اذا اصطكت باذنه امواج الملبين التي تموج من حوله اصواتهم باعذب نشيد واروع كلمات تسمعها اذن من اجساد احرمت وقلوب توجهت وافواه بدأت تلبي تلك التلبية العظيمة. انها والله والله تقرير لمعنى التوحيد نمر في حياتنا بمراحل فيها ضعف وقصور وخلل وزلل ومجانبة عن الطريق فيأتي الحج ويأتي النسك وتأتي الخطوات ومن بينها التلبية لتعيد من جديد اعادة المسار في حياتنا نحو طريق الاخلاص لله عز وجل. فهذه التلبية بفضائلها ومعانيها التي تقدمت في مجلس البارحة تقرير وتأكيد على مضمون التوحيد الذي يراد للمحرم ان يقصده في حجه ورغبة في تلقين الحاج نفسه لنفسه. هذا المعنى العظيم ليعيش في مناسك حجه طالما كان محرما هذا المعنى العظيم في اصل التوحيد ومعناه في مكة عند الكعبة في الصفا والمروة في المشاعر في منى ومزدلفة في كل وقت وان يرفع صوته ليسمع نفسه والدنيا من حوله والنبي صلى الله عليه وسلم لما سئل اي الحج افضل؟ قال العج والثج قال وكيع يعني بالعج العجيج والثج نحر البدن. فضلا عن الاجر الكريم والموعود العظيم الذي جاء في التلبية ترغيبا فيها ورغبة في اقبال الحجيج عليها. فالله الله ايها الحجيج متى احرم احدكم بعمرة او احرم بالحج يوم الثامن ان شاء الله او يوم التاسع وتوجه نحو المناسك الله الله في التلبية. فانها زينة الحج كما قال السلف هي شعاره العظيم هي رونقه هي بهاؤه هي النشيد الذي يتغنى به المحرم طيلة رحلة احرامه حتى يتحلل. وهو يعلم انها كلمات يحب ان يسمعها الله من فيه وهو محرم. فينطق بها قلبه ويرتجف بها فؤاده ويعيش بدنه نفضة الاجلال والتوقير مستصحبا في سياق ذلك انه عبد وافد كريم على رب عظيم. والله عز وجل يكرم وفده فانت في بذلك الموكب الذي اقبل وافدا على الله. فاكثر من التلبية لان الله يحبها. ويحب ان يسمعها تع الصوت بها فان الاجر عظيم. ما من مسلم يلبي الا لبى من عن يمينه وشماله من حجر او شجر او ومدر حتى تنقطع الارض من ها هنا وها هنا ومعنى الحديث اي تتابعه المخلوقات في تلبيته عن يمينه وشماله ايمانا وتوحيدا لله حتى يكون انتهاء ومن ها هنا ومن ها هنا يعني من جهة المشرق والمغرب وهذا الفضل للتلبية لا يحصل الا لمن وجد معنى التوحيد الذي ضمنته. هذان امران يتجلى فيهما مقصد التوحيد لله في رحلة الحج. الاحرام والتلبية. ولا يزال يلبي المحرم حتى يأتي بيت الله وتكتحل عينه برؤية الكعبة المعظمة فيمتلئ بدنه اجلالا ورهبة وتعظيما للبيت العتيق ورب البيت سبحانه وتعالى. فاول ما يفعله المحرم من اداء المناسك اذا وصل بيت الله الحرام الطواف بالكعبة وهو في الحج يقع ركنا وواجبا ومستحبا اما الركن ففي العمرة وفي الحج واما الوجوب فيقع في طواف الوداع على قول طائفة من اهل العلم. واما الاستحباب فاي طواف في اي وقت واي ساعة من ليل او لها لمحرم ولغير محرم الطواف بالبيت عبادة عظيمة وله منزلة في ميزان الشريعة لانه توحيد خالص قل لي لا انظر معي رعاك الله. كم مرة طوفت بالكعبة ما الذي قام بقلبك وانت تطوف بهذه الكعبة المعظمة ما على وجه الارض مكان يشرع الطواف به. تعبدا لله سوى هذا البيت الحرام. فهذا التفرد توحيد وتعظيم لرب هذا البيت الذي بني على اساس التوحيد كما تقدم. مع ما في الطواف من دعاء وذكر وتسبيح وتحميد وتمجيد وسؤال وفقر ومسكنة وثناء على الله عز وجل. هذا رب البيت الذي قصده الحجيج وهم يطوفون بالبيت يلتمسون البركة والهداية. اي بركة ليست بركة التمسح باحجار الكعبة ولا باستارها بل بما شرعت العبادة له عند البيت العتيق. الطواف واستلام الحجر الاسود ان تيسر ومسح الركن اليماني ان تيسر هذا هو موطن البركة. ليش نقول بركة؟ لان الله قال بركة قال ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة ايش مباركة وهدى للعالمين فكل عبد يأتي البيت يطوفه يطوف به ويدعو حوله انما يلتمس البركة اي بركة تريدها في حياتك عبد الله بركة الرزق والمال بركة الوظيفة والعمل بركة الزوجة والاولاد بركة الحياة بركة الوقت بركة الانجاز بركة القليل الذي في يدك هذا موضع تغترف منه البركات مباركا وهدى للعالمين. اراد الله ان يكون بيته الحرام بهذه المثابة. فيأتي الطواف ليجد فيه العبد حظه من البركة. وحظه من الهداية. تدري متى اذا قام بقلبه هذا المقصد العظيم توحيدا لله عز وجل. يطوف وهو يشعر انه الان في ساحة بيت اكرم اكرم الاكرمين وانا اقرب لك الصورة. لو وفدت على كريم من الكرماء وعظيم من الاثرياء عرف عنه انه يعطي الكثير ولا وما من شخص فقير او محتاج او سائل طرق بابه او دخل داره الا خرج قانعا بما طلب ولا يسأل شيئا الا اعطي. لو ان حاتما الطائي او غيره من كرماء البشر عرف بهذه المثابة فاقبلت الناس نحو داره تريد المساعدة والنوال والعطاء وكريم الهبة فانهم يفعلون شيئا يظنونه مظنة ذلك الشيء بما اعتقدوه وما عرف عن ذلك الكريم بالله عليكم ما الذي يجده عبد يدخل بيت اكرم الاكرمين سبحانه ما الذي علق قلبه به؟ ما الذي ظنه بربه وهو القائل عز وجل؟ انا عند ظن عبدي بي والله ما دخل احد بيت الله الا وفي قلبه سؤال بل مسائل وعنده حاجة بل حاجات ايقنت وانت تطوف بالكعبة داخلا بيت الله. انك تطلب الغني الحميد سبحانه الذي بيده خزائن السماوات والارض القائل جل جلاله في الحديث القدسي يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي الا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر فاذا غمست ابرة في ماء بحر ثم اخرجتها فما الذي اخذته الابرة في تلك الغمسة من ماء البحر ولا قطرة لما تسأل ربك وانت موقن بالاجابة. وانت تحسن الظن بان الله كريم. لا وانت وافد وقد وصفك النبي عليه الصلاة والسلام بقوله الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فاجابوه وسألوه فاعطاهم للحاج والمعتمر دعوة مجابة. اذا قصد بيت الله الحرام بهذه النية الصادقة الخالصة في ابتغاء ما عند الله يا اخوة هذا توحيد عندما تطلب طلبك وتسأل مسألتك معتقدا اعتقادا جازما انه لا يملكها الا الله ولا يدبر حاجتك الا الله ولا يقضي طلبك الا الله ولا يكشف ضرك الا الله ولا يعطيك ما تريد الا الله. هذا التوحيد تعليق القلب بالله لتنزع من قلبك ورقبتك وعنقك وذراعك وعضدك كل شيء علقته حسا او معنى بغير الله تنزع كل شيء وتعتقد يقينا انك جئت عند الواحد القهار عند مدبر الكون عند خالق الخلق عند من اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون تدعو وانت تسأل الله في طوافك في الطواف ايها الحجيج تتزاحم الحسنات تتسابق امام خطواتك وانت تطوف بهذا البيت الحرام ليقبل الحاج على الطواف مستكثرا منه محققا مقصد التوحيد لله عز وجل. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في بيان ثواب طواف الطائفين وخطواتهم في الطواف وما لهم من الاجر والحسنات. اسمعوا رعاكم الله. يقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. من طاف بهذا البيت اسبوعا يعني سبعة اشواط فاحصاه كان كعتق رقبة يقول صلى الله عليه وسلم لا يضع قدما ولا يرفع اخرى الا حط الله عنه بطيئة وكتب له بها حسنة الحديث صحيح اخرجه الترمذي كم خطوة خطوت في طوافك واذا وجدت فرصة لان تطوف لكن من الدور العلوي او من السطح فوجدت ان الشوط يطول بك في الخطوات ويستغرق الطواف منك ساعة او نحوها. لا تستكثر فانه والله مزيد بكل خطوة ترفع لك درجة وتحط عنك خطيئة. هنيئا والله لتلك الخطوات التي يخطوها العبد طائفا بالبيت الحرام معلقا قلبه بكرم اكرم الاكرمين هكذا يقول عليه الصلاة والسلام يقول لا يضع قدما ولا يرفع اخرى الا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة. فاذا اتممت الطواف عبدالله سن لك ان تصلي ركعتي الطواف خلف المقام او في اي مكان السنة ان تقرأ في تلك الركعتين بعد الفاتحة في الركعة الاولى سورة الكافرون. وفي الركعة الثانية سورة الاخلاص قل هو الله احد. والسورتان يسميهما السلف سورتي الاخلاص سورة الكافرون براءة من الشرك لا اعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما اعبد. وفي الاخير لكم دينكم ولي دين. اعتزاز بالدين ولاء لله ودينه براء من الكفر واهله. هذا اخلاص في الدين وفي السورة الثانية تقرأ سورة الاخلاص توحيد لله سورة تكتب سطرا في المصحف لكنها تعدل ثلث القرآن صلى بها رجل من اصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. فكلما صلى باصحابه ختم بقل هو الله احد فاخبروا النبي عليه الصلاة والسلام بصنيعه ذلك. كلما صلى بهم صلاة ختم بقل هو الله احد فقال سلوه لاي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لانها صفة الرحمن عز وجل. وانا احب ان اقرأ بها قال النبي صلى الله عليه وسلم اخبروه اخبروه ان الله يحبه وفي حديث صحيح اخر قال حبك اياها ادخلك الجنة هذه صورة وانت تقرأها في ركعتي الطواف. اما رأيت انه في الحج هو مقصد بان نكرر معاني التوحيد لله فتقرأ سورة الكافرون وسورة الاخلاص وقد اتممت الطواف تأكيدا على معنى التوحيد لله عز وجل. رابعا من الخطوات التي يتجلى فيها توحيد الله ويبرز فيها هذا المقصد في رحلة الحج. الركن الذي تؤديه بعد الطواف وهو السعي. بين الصفا والمروة هو من اركان الحج والعمرة وهو مظهر عظيم والله من مظاهر التوحيد. عبودية تنطق بالتوحيد في السعي. وكثير من اخوتنا اجي لا يبصر في السعي الا مراكضة بين الجبلين في الصفا والمروة وسرعة في الانتهاء والخلاص والبحث عن الرفقة والاصحاب ومن معه ومن تاه وكيف يجتمعون يا يا كرام السعي بين الصفا والمروة عبادة تنطق بتوحيدك لله عز وجل ولو طبقت السنة فيها لادركت معنى التوحيد لله. تصعد الصفا تستقبل الكعبة تقول كما قال نبيك وحبيبك عليه الصلاة والسلام ابدأ بما بدأ الله به ان الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم قرأ الاية عليه الصلاة والسلام ثم التفت وكبر وقال تلك العبارة الناطقة بالتوحيد التي يشرع للمعتمر والحاج كلما سعى بين الصفا والمروة ان يقولها على رأس كل شوط عند الصفا وعند المروة. لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ماذا في الجملة سوى التوحيد والنطق به مع التأكيد؟ لا اله الا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده تقول هذا الدعاء ثلاث مرات على رأس كل شوط بين الصفا والمروة. كلما انتهيت من شوط واقبلت على شوط قلت ذلك. وتدعو بينها هذا التأكيد ما هو؟ هو اعلان للتوحيد وهي عبارة التوحيد الجلية الواضحة الصريحة تعلنها على رأس كل شوط اما انك تقولها تعلنها لنفسك وتثبتها تدين بها لربك وتتعبد بها في سعيك. فتقولها مرات ومرات. تكررها على رأس كل شوط. اما رأيت انه خطوات يخطو بها الحاج في طريق التوحيد لله في كل نسك من اداء المناسك في رحلة الحج والعمرة وما بين الصفا والمروة يحفه ذكر ودعاء وتسبيح وتمجيد بين الصفا والمروة ابتداء من التكبير والتهليل مطلع كل مع الدعاء للمشروع فيه مشتملا على كلمة التوحيد الخالصة. ولا يزال يدعو بين الصفا والمروة او يذكر الله او يقرأ القرآن او يرفع مطالبه ومسائله وهو في كل مرة يقول يا رب اللهم اني اسألك يا كريم يا منان يا ذا الجلال والاكرام. والله انها صورة مشرقة من التعلق الصادق بالله في اشواط السعي بين الصفا والمروة. يتقلب فيها الحاج. مدركا ان سعيه بين الصفا والمروة تقوده بخطوات واثقة لتحقيق المطلوب ونيل المراد والله عز وجل في ذلك المكان اكرم امنا الاولى هاجر التي سعت في ذلك المكان. فكان مبتدأ السعي سعيها رحمة الله عليها. ورضي عنها. لما سعت في مقدم ابراهيم الخليل عليه السلام بهاجر وابنه الرضيع اسماعيل عليه السلام تاركا اياهما في هذه البقعة في ليس فيه انس ولا ماء ولا شيء. وتركهما في دوحة عند الكعبة قبل ان تبنى الكعبة. ولم يكن بهذا الوادي شيء قط تركهما وترك عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم ولى عنهما وانصرف فجعلت تناديه هاجر يا ابراهيم اين تتركنا بهذا الوادي؟ الذي ليس فيه انس ولا شيء وابراهيم عليه السلام لا يجيبها فنادته ثانية وهو ماض في طريقه قد ولاهما ظهره في المرة الثالثة لما امتنع عن اجابتها التفتت بسؤال صادق تريد ايقاف هذا السؤال التائه في تلك الصحراء. يا ابراهيم االله امرك بهذا قال نعم قالت اذا لا يضيعنا ومضى عليه السلام فلما كان عند البيت على رابية التفت فقال ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم تلك اللحظة قال فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم. وها هي ذي افئدتنا اليوم هوت هذا المكان فاتت بدعوة الخليل ابراهيم عليه السلام ولى وانصرف فجعلت تطعم ابنها وتطعم هي من ذلك التمر وترضعه وتشرب من ذلك الماء. حتى نفذ ما في السقاء من الماء ونفذ ما في الجراب من طب وجعل الطفل الصغير يجوع ويتلوى من الجوع وهي لا تقوى على النظر اليه. فانطلقت تبحث عن نجدة وغوث شيئا تنقذ به حياتها وحياة رضيعها. فصعدت على جبل الصفا وتبصر عن يمينها وعن شمالها علها ترى شيئا في تلك الصحراء القاحلة والوادي الايبس الذي ليس فيه شيء. ثم طفقت تنزل من جبل الصفا تحث الخطى صاعدة نحو المروة. مرة واثنين وثلاثا وسبعة. حتى اذا كانت على المروة في الشوط اذا بجبريل عليه السلام يحفر بجناحه الارض عند الكعبة وهي تسمع صوتا ثم تقول لنفسها صه تتسمع ثم تقول لقد اسمعت ان كان عندك غواث فانطلقت واذا بزمزم عين تفور من تحت الارض عند قدم اسماعيل عليه السلام فاتت واذا بجبريل عليه السلام يطمئنها ويقول لها ان بيت الله هنا يبنيه هذا الغلام وابوه فلا تخشوا الضيعة وانصرف يقول الحافظ ابن كثير رحمة الله عليه معلقا اعجب تعليق واروعه على هذه القصة عند قوله تعالى ان الصفا والمروة. اتلوه على مسامعكم رجاء ليكون حاضرا في ذهن كل من اكرمه الله فحج او اعتمر وجاء يسعى بين الصفا والمروة. يقول رحمه الله تعالى تقدم في حديث ابن عباس ان اصل ذلك مأخوذ من تطواف هاجر وتردادها بين الصفا والمروة في طلب الماء لولدها لما نفي دماؤها وزادها حين تركهما ابراهيم عليه السلام هنالك ليس عندهما احد من الناس. فلما خافت الضيعة على ولدها هناك ونفذ ما عندها قامت تطلب الغوث من الله عز وجل. فلم تزل تتردد في هذه البقعة المشرفة بين الصفا والمروة متذللة خائفة وجلة مضطرة فقيرة الى الله عز وجل حتى كشف الله كربتها وانس غربتها وفرج شدتها وانبع لها زمزم التي ماؤها طعام طعم وشفاء سقم يقول فالساعي بينهما ينبغي له ان يستحضر فقره وذله وحاجته الى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه وان يلتجئ الى الله ان يلتجأ الى الله عز وجل ليزيح ما هو به. من النقائص والعيوب وان يهديه الى الصراط المستقيم وان يثبته عليه الى مماته. وان يحوله من حاله الذي هو عليه. من الذنوب والمعاصي الى حال الكمال. والغفران السداد والاستقامة كما فعل سبحانه وتعالى بهاجر عليها السلام يا كرام لطيف قول بعضهم هاجر لما قامت تسعى بين الصفا والمروة قامت تنشد شربة من ماء تنقذ حياتها وحياة رضيعها. لكن عطاء الكريم لما ادركها سقاها بماء الخليقة الى يوم القيامة احسنوا الظن بالله وادعوه ضارعين خاشعين وانتم تطوفون بالبيت الحرام وانتم تسعون بين الصفا والمروة فوالله ان رب هذا بيت كريم وعطاؤه عظيم ولو اعطاك لادهشك. ويعطيك مناك وفوق مناك. لكن علق القلب بالله. واحسن الظن بالله. واصدق في توكلك على الله واجعل في اداء المناسك تحقيق هذا المقصد الجليل الكبير بارزا واجعله شعارك ودثارك لا اينال هذا الكرم والعطاء الا عبد صدق في توحيده لله وتعليق القلب به وحده سبحانه لنزيح كما قلت كل تعلق ربما تعلقت به قلوبنا او اعناقنا او ايادينا سواعدنا وعضدنا وربما علقنا بها خيطا او سلسالا او قلادة نظن انها تدفع العين وتكشف الظر وانها ترفع البأس وتجذب العافية الذي ينفع ويضر هو الخالق سبحانه والله قد قال لنبيه ومصطفاه عليه الصلاة والسلام. ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. فان فعلت فانك اذا من الظالمين. وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يردك بخير فلا راد لفضله. يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم. والله ما طاف عبد بهذا البيت ولا سعى ساع بين الصفا والمروة. وفي قلب به اي مصيبة وكربة وفي نفسه اي حاجة ما زال ينتظر قضاءها وطلبا وموعودا ما زال يتربص به عبر السنين ما طاف احد ولا سعى. محسنا الظن بربه صادقا في سؤاله وطلبه الا اعطاه الله يقينا والله هذا عطاء رب البيت وكرم اكرم الاكرمين سبحانه لكل من سأل وطرق الباب ودعا وتضرع والتجأ فكيف بوافد كريم يأتي عند بيت ربه سبحانه وهو يقول لبيك اللهم لبيك. خامسا يأتي في خطوات الحج في اعظم مظاهر التوحيد لله ركن الحج الاعظم الوقوف بعرفة. وقد قال عليه الصلاة والسلام الحج عرفة. وظيفة الحاج يوم عرف ما هي الدعاء لا شيء يصنعه الحاج يوم عرفة بعد ان يصلي الظهر والعصر جمعا وقصرا الا الدعاء التفرغ لذلك. الدعاء والتضرر والاخبات. اظهار الافتقار والذل للكريم الوهاب. هذا هو التوحيد يراد لك يوم عرفة ان تنقطع عن كل شيء في الكون ولا تتعلق الا بالله ولا تتوجه الا الى الله. ولا تدعو سوى الله ولا تطلب الا الله. في ذلك اليوم العظيم انت تترك كل شيء من حولك حج النبي عليه الصلاة والسلام ولما وقف بعرفة ترك زوجته بل زوجاته اللاتي صحبنه جميعا رضي الله عنهن بل وترك الصحابة الذين صحبوه وهم كل الامة انذاك مائة الف وعشرون الفا كلهم يريد رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكلهم يحب ان يكون بقربه. وكلهم يحتاج ان يسأله. ويحتاج ان فهم منه وان يكون بمقربته لكنه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ترك كل ذلك جانبا ولما قضى الصلاة توجه الى القبلة على ظهر ناقته القصوى فلم يزل واقفا متضرعا داعيا يسأل والله حتى غربت الشمس. ساعات متصلة ولولا ان بعثوا اليه بقدح فيه لبن فشرب منه صلى الله عليه وسلم لظنوا انه صائم. انت متخيل ان تمضي الساعات والامة من حوله كلهم يفرح به يريده يحتاج اليه فيترك كل ذلك عليه الصلاة والسلام ليعلم الا كيف يحقق العبد عبوديته لربه يوم عرفة فاذا اكرمك الله وكنت من الواقفين على صعيد عرفات في ذلك اليوم العظيم. فالله الله فان وظيفة ذلك اليوم الدعاء. واذا قلنا الدعاء فهو التوحيد الصادق لله. الدعاء ما هو؟ انك اما ان تحمد الله وتثني عليه فهذا توحيد له سبحانه او ترفع مسألتك وتقول يا رب بيتي زوجي ديني وظيفتي مرضي احيائي وامواتي تطلب اي شيء. انت في هذا في صميم التوحيد لانك ما علقت قلبك الا بالله ولا سألت الا الله. ولا طلبت الا منه سبحانه. هذا موقف جليل عظيم امة الاسلام قبو الحجيج كل عام الوقوف بعرفات. تدري لما؟ لانه ليس دعاء فحسب وليس تضرعا وبكاء فحسب لا بل هو موقف شريف واي شرف جليل واي جلالة؟ موقف يباهي فيه الخالق سبحانه بعباده المخلوقين الضعفاء وان الله عز وجل ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما اراد هؤلاء. وفي رواية انظروا الى عبادي شعثا غبرا اشهدكم اني قد غفرت لهم. والله ان الموقف ليستحق ان يفرح فيه العبد بربه وان يفخر بملاقاته له في ذلك اليوم العظيم. تدركون ما معنى ان تكون المباهاة من الخالق بالخلق من سبحانه الحميد عن خلقه اجمعين فيباهي بهم رغم ضعفهم وذنوبهم وخطاياهم وتقصيرهم. موقف في غاية التجلي والعظمة التي من رزق الوقوف بها وادرك ساعتها فذاك يوم السعد والله. تلك سعادة الحياة ان تقف موقفا يباهي بك ربك عز وجل ملائكة السماء عليهم السلام. ذلك الخلق الكريم الذين لا يعصون الله ما امره ويفعلون ما يؤمرون تأتي عليك ساعة يباهي بك ربك جل جلاله اولئك الخلق الكرام عليهم السلام ليس لعظمتك لكن لعظمة العبادة التي جئت محرما بها. كاشفا رأسك مجردا جسدك ناطقا قلبك بتوحيدك لله ذاك موقف عظيم. ما رؤي الشيطان اصغر ولا ادحر منه في يوم عرفة وذلك لكثرة ما يرى من عتق الله لعباده. موقف عظيم ويوم جليل كريم. هذا الموقف العظيم لبه التوحيد لله وقوامه اظهار الفقر امام الله. والطلب والسؤال والطمع فيما عند الله. هو التوحيد الخالص لله. بل دع عنك هذا كله واسمع الى قول المصطفى عليه الصلاة والسلام في فضل دعاء يوم عرفة وهو خير الدعاء وكلمة التوحيد هي اعظم الدعاء افضله في ذلك اليوم العظيم. خير الدعاء دعاء يوم عرفة. وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي. لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. والحديث حسن اخرجه الترمذي ارأيت خير كلمة ترفعها الى السماء في صعيد عرفات كلمة التوحيد مع انك ما قلت يا رب بيتي وزوجتي واولادي ووظيفتي وامراضي وديوني. ما سألت لكن حسبك ان تصعد كلمة التوحيد من فيك بل من قلبك الى السماء تشق العنان فتصعد عند اكرم الاكرمين. ليجد عبده الموحد واقفا في ذلك الموقف العظيم فلك والله من الكرم والعطاء ما لا يخطر لك على بال. ان لقيت الله عز وجل بهذا التوحيد الخالص واليقين فيما عند ربك جل جلاله هذا خامس المواقف التي يتجلى فيها في اداء المناسك مقصد التوحيد. واما سادسها فنحر الهدي وهو من مناسك الحج كما تعلمون ينحر الحاج المتمتع والقارن هدي الحج وجوبا وغيرهما ينحر استحبابا نعم ليس على المفرد ليس على الحاج المفرد هدي واجب لكنه لو تطوع فهو حسن بل حتى المتمتع والقارئ الذين يجب عليهما الهدي انما الواجب شاة او سبع بقرة او سبع بدنة فماذا لو اراد ان يزيد عمل عظيم وسنة كريمة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم حج النبي عليه الصلاة والسلام فنحر مائة بدنة وكان يكفيه سبع واحدة عليه الصلاة والسلام نحر ليعلمنا ان النحر عبادة امر الله بها جنبا الى جنب مع الصلاة. فصلي لربك وانحر واقترنت مع الصلاة قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له. اذا هو توحيد عندما تضع شاتك او يضع الجزار سكينته على رقبتها ويسمي الله عليها ويذبحها اما علمت انها عبادة عظيمة يحبها الله ويقع دماؤها في الميزان قبل ان تقع على ارض اما شعرت ان تلك الاضاحي والهدي قربان يقربك الى الله وفي النهاية اللحم لك وانت المستفيد من جلدها وعظمها ولحمها تأكل وتتصدق وتهدي. لن ينال الله لحومها ولا دماؤها. ولكن ينال الذي بقلبك التقوى عندما اشتريت اضحيتك ودفعت ثمنها وذبحتها وانت متقرب بها الى الله عز وجل ما قام بقلبك الا ارظاء الله الذي امرك بذبحها فالذبح عبادة عظيمة ونحر الهدي مظهر من مظاهر التوحيد تسمي الله عليها وتذكر الله وتتبع في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ولكل امة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام وقال سبحانه وتعالى في هذه الاية الكريمة كما يقول ابن كثير يخبر سبحانه انه لم يزل ذبح المناسك واراقة الدماء على اسم الله مشروع في جميع الملل وقال القرطبي رحمه الله امر الله تعالى عند الذبح بذكره وان يكون الذبح له لانه رازق ذلك ثم رجع اللفظ من الخبر عن الامم الى اخبار الحاضرين بما معناه فالاله واحد لجميعكم فكذلك الامر في الذبيحة انما ينبغي ان تخلص له هذا الحي احرام وتلبية وطواف والسعي ووقوف بعرفة ونحر للهدي ماذا بقي في خطوات المناسك بقي عبادة تتخلل كل ذلك اقامة ذكر الله عز وجل واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق لم ليشهدوا منافع لهم ويذكر اسم الله هذا مقصد لاجله بنيت الكعبة ولاجله اذن الخليل عليه السلام بالحج ولاجله جئت تحج لم لاقامة ذكر الله ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات. سيأتينا تفصيلا بعد غد ان شاء الله الحديث عن مقصد اقامة ذكر الله تفصيلا ففيه حديث لا يستغني عنه حاج ولا معتمر. وكل من قدم هذه البقاع الطاهرة ووقف في المشاعر المعظمة وخطت خطواته في تلك البقاع العظام حق عليه ان يملأ خطواته ولحظاته بذكر الله عز وجل لانها الشاهد ولانها روح الحج وهو عنوانه الكبير. ذكر الله عز وجل هو من صميم توحيد الله كيف تذكر الله حال الإحرام افضل ما تذكر الله به تلبيتك وقد تقدم ما فيها من معاني التوحيد والإخلاص لله رب العالمين عالمين. وبعد التحلل من الاحرام يوم العيد فما بعده من ايام التشريق اعظم ما يشغل به الحاج وقته والوقت وقت عيد وايام تشريق كثرة التهليل والتكبير والتحميد وهذا من ذكر الله عز وجل وسيأتي حديثنا عن ذكر الله سواء كان ذكرا مطلقا كما يذكر الله في عرفات ومنى ومزدلفة. ذكرك لله الان هذه الايام اخي الحاج وانت تنتظر الاحرام بالحج بعد فراغك من عمرتك. انت تذكر الله بقراءة القرآن. تذكر الله بالصلاة. تذكر الله بكل عمل صالح تتقرب به اليه وتذكر الله في كل لحظة مستشعرا ان مقدمك انما جاء لامور عظام جاء من بينها اقامة ذكر الله وهو مظهر عظيم من مظاهر تحقيق مقصد التوحيد لله عز وجل. هذه المعاني التي يتنقل فيها الحاج بخطواته بدءا من الاحرام. ثم لا يزال ينتقل بين تلك المناسك عرفة ومزدلفة ومنى الحرم والطواف والسعي فاذا انتهى من منى ورجع ينتظر طواف الوداع والطواف طواف كما تقدم. فاذا فرغ فانما يختم حجه ورحلته بدعاء صادق يتقرب فيه الى ربه الذي اكرمه واوفده واتى به ان يمن عليه بقلب صادق وتوبة نصوح وقبول لنسكه الذي قدم به. مظهر عظيم يعيش فيه الحاج في كل خطوة من خطوات في المناسك معنى التعظيم لله وافراده سبحانه. بل حتى حلق شعر الرأس وهو من اداء المناسك في العمرة والحج فاذا جئت تحلق او حلق لك الحلاق يسن له ان يذكر اسم الله ترمي الجمرات وكل حصاة ترميها تذكر الله معها قائلا الله اكبر صدقني ليس يخلو خطوة من خطوات الحج الا وفيها لذكر الله موضع وهذا يربط الحال بقلبه وقالبه بذكره لربه وخالقه في كل شأن من شئون الحج. هذا اعظم مقاصد الحج توحيد الله وتعليق القلوب به لنقول معشر الحجيج بكل صراحة وقل لصدق ومكاشفة ان بعضنا ربما زلت به القدم في بعض مراحل الحياة وبلغت به مواطن الضعف التي اعترضته في الحياة بمرض اصابه او ضيق الم به او كربة اغلق قد عليه ابواب الفرج او مصيبة حلت بساحته او مطلب طال انتظاره اقول ربما ظعفت النفوس نحن بشر ضعفاء فاوقعها الشيطان في بعض المواقع التي يختل فيها معنى التوحيد لله كمثلي اتيان السحرة والكهان وتصديقهم فيما يقولون واعتقاد اعتقاد ان احدهم يملك تحقيق المطالب وكشف المكاره ودفع المضار وتحقيق المطلوب من ولد وزوجة ورزق ومال او يأتي كاهنا ليبحث عن شيء من علم الغيب الذي استأثر الله تعالى به. فقال وعنده مفاتح الغيب وقال ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وعندما يظن ان كذابا ودجالا يستعين بجد يسترقون السمع في خط له الخط او يقرأ الكف او الفنجان او يخط في الرمل او ينظر في النجوم ليقول له انك كذا وحصل لك كذا وسيكون من شأنك كذا فينصرف مصدقا فحذاري فانها واحدة من حفر الوقوع في منافات التوحيد. يقول النبي صلى الله عليه وسلم من اتى ساحرا او كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم وقال في الحديث الاخر من اتى كاهنا او عرافا لم تقبل له صلاة اربعين يوما. يا قوم المسألة ليست بالسهولة هي خطيرة غاية الخطورة وسر ذلك انها منازعة لله في توحيد استأثر به الله سبحانه وتعالى وربما زلت القدم ووقعت في ظعف فظنت ان بعظ المخلوقين من الاموات او الاحياء يملك شيئا من امر الكون وتدبير الرزق وتعجيل المنافع. فيأتي بعضهم الى المقابر والاضرحة. ليقدم النذور والصدقات والقرابين ويدفع الاموال يظن ان صاحب هذا القبر نبيا او وليا او صالحا او اماما يظن انه يحقق له المطلوب. ثم يقول انا لا ادعوه ان ادعو الله فادعو الله وحده ولا تنتظر من مخلوق مثلك فقير الى الله كمثلك. الا انك تلتمس الرضا والرحمة والعفو ونيل المراد من ربك الخالق سبحانه وربما زلت القدم فظن بعض الضعفاء ان مخلوقا ممن يزين لهم الباطل ويدعي الولاية كذبا وزورا فيدعون عنده حوائجهم ويقربون له القرابين ويسوقون له الاموال والهدايا من اجل ان يشفي مريضهم وان يحقق مرادهم وان يرزق العقيم الولد والعاطل الوظيفة والاعزب الزوجة وهكذا يظنون انهم لاولئك الدجاجلة يحصلون على المراد. فيقدمون ذلك ويعلقون قلوبهم بمخلوق مثلهم. يا كرام باب الله واسع وكرمه عظيم ولم يرد احدا عن بابه انما العبد الذي يصدق في اقباله على الله محققا توحيده لله ذاك اذ امتثل مراد الله فعسى ان ينال ما وعد الله سبحانه في رحلة الحج يتجلى مقصد التوحيد اعظم المقاصد واجلاها في كل خطوة تخطوها في المناسك يدعوك الداعي الى انها هنا موضعا يراد لك فيه ان تعلق قلبك بالله في الطواف والسعي في عرفة ومنى ومزدلفة عند الجمرات وعند ذبح الهدي ونحر الاضاحي في كل مكان يراد لك ان يقال لك افق عبد الله ولا تعلق قلبك الا بالله ولا تسأله الا اياه. واعلم علم اليقين ان الله عز وجل خالق الخلق ومدبر كون ويعطي من يشاء بلا حساب. يعطي من يشاء ولو تعذرت الاسباب. ولو اغلقت الابواب لانه اذا اراد شيئا انما يقول له كن فيكون. دعا زكريا عليه السلام وطلب الولد قال وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا الولد لا يأتي لا منه ولا منها اما هو فقد بلغ من الكبر ما لا يأتي بمنه بالولد. واما هي فعقيد بالله عليكم في عالم الطب اليوم او مثل هذا يمكن ان يرزق الولد لكنه لما علم علم اليقين ان الله الوهاب ولما سأل مريم وقد وجد عندها رزقا قال يا مريم انى لك هذا؟ قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب. انظر الى سرعة ذي التفات واقتناص المعاني. هنالك زكريا في تلك اللحظة وقعت الكلمة موقعا. هنالك دعا زكريا ربه. قال ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة. انك سميع الدعاء هو يعلم ذكر رحمة ربك عبده زكريا اذ نادى ربه نداء خفيا. قال ربي اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولكن ايش ولم اكن بدعائك ربي شقيا. هذه الذي اذا تحققت تحققت المستحيلات ولم اكن بدعائك ربي شقيا. واني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا. وقد بلغت من الكبر عتيا. لما دعا وسأل الله بصدق قال ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء. انظر الى سرعة الاجابة فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب ما فرغ من صلاته ان الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين. طلب الولد فانظر ماذا اعطاه الله اعطاه الولد والنبوة والسيادة والصلاح والنبوة من بعده احسنوا الظن بالله في رحلة الحج يعلمنا كل شيء فيه. وكل خطوة من المناسك كيف تعلق القلوب برب عظيم وعد وعطاؤه حق سبحانه وتعالى فاذا اقبلت الحجيج في رحلة الحج حققت هذا المعنى العظيم ليكون اعظم ما يمكن ان يرجع به الحاج من حجه تحقيقه لمقصد توحيد حيده لرب العالمين سبحانه وتعالى. هذا اذا اعظم المقاصد ورأسها واجلها. الذي استفتحنا به حديثنا عن مقاصد الحج ولنا في الحديث عن مقاصد الحج تباع في مجالس مقبلة في الغد وبعده ان شاء الله فيما يمكن ان نستلهمه من النصوص وما يبرز في خطوات اداء المناسك ينبغي ان يحظر في رحلة الحج عند كل حاج ليحقق بحجه الهيئة الظاهرة بالعبادة بادتي بالبدن والهيئة الباطنة بما يقوم بقلبه من حظه من عبوديته لله في الحج كما تخطو قدماك وترمي يداك رأسك فان قلبك له حظ من رحلتك في حجك. وفي ختام مجلس الليلة معشر الحجيج رحلة الحج رحلة قصيرة وايامها معدودة لكنها والله كفيلة متى رعاها العبد واعتنى بها واجتهد في تحقيق مراد الله فيها هي والله كفيلة بان تعيد لك السعادة في حياتك من اوسع ابوابها وانت عيش سعادة الدارين في دنياك واخراك فحذاري ان تفوت عليك هذه الايام بحلاوتها ومتعة التعبد فيها لله وصدق الالتجاء اليه ومتعة التلذذ بمناجاته والانكسار بين يديه فانها والله غاية السعادة وتمام المتعة والتلذذ بعبودية رب البيت في رحاب البيت وان تترك بيتك الى بيته الحرام وبلدك الى بلده الامين. جئت تطلب ما عنده ما حملك ذلك على شيء سوى الطمع فيما عند الله. ما جئت ها هنا شيئا من مصالح دنياك مقدما على كل شيء. ولا اردت شيئا تحوزه لمصالحك وحظوظك الفانية. انما اردت ما عند الله. فاذا صدقت في اقبالك على ما عند الله. ولا حملك على ذلك الا خطاك الصادقة. فاكرم وانعم بك رافدا كريما على الله فاحسن الظن به واصدق في تعلقك به واستثمر هذه الايام. وصيتي معشر الحجيج الساعات الدقائق التي تمر بكم في رحاب هذا البيت الحرام. هي والله انفاس نفيسة فلا تذهب عليكم سدى ولا تتفلت عليكم الاوقات وتتصرم عليكم الايام في شيء يمكن ان يقضى في كل مكان سوى هذا المكان المعظم من عظم الزمان وعظم المكان ادرك ان لهذه العظمة ثمنا ينبغي ان يبذل. وان من وراء ذلك التعظيم مقام مقام كريم يبلغه العباد. ما كل من رغب في الحج استطاع الوصول. ولا كل من بذل الاسباب وتهيأت له استطاع القدوم. لكن انك اليوم ها هنا في رحاب بيت الله قد وصلت فهنيئا لمن وصل الى الباب اذا طرقه ان يفتح له. انت اليوم في رحاب بيت الله فاستثمروا ايامكم فانها معدودة واجعلوا رحلة حجكم حافلة عامرة بتلك المقاصد الجليلة العظيمة ورأسها توحيد الله. فانها رحلة قصيرة وسرعان ما اتعود القوافل الى ديارها وتعود جموع الحجيج الى مواطنها وملء قلوبها الفرح والسرور والبهجة بان الله اله وحقق مولاها وقبل حجها ورجعت وقد غفر الله ذنبها. اللهم فانا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام يا من تعلقت به القلوب وتوجهت اليه الوجوه واتسعت اليه الايادي وانتصبت له الاقدام نسألك يا حي يا قيوم كما اكرمتنا بالقدوم الى بيتك الحرام وبلغتنا هذه المواضع العظام ان تيسر لنا حج بيتك الحرام في يسر وامان وسهولة وطمأنينة يا ذا الجلال والاكرام. اللهم املأ قلوبنا بحبك وتعظيمك واجلالك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلنا من اقرب من تقرب اليك. ومن اوجه من توجه اليك. واجعلنا من اخصهم زلفى يا رب العالمين. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية. وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر اله الحق يا سميع الدعاء تعلقت بك القلوب واتجهت اليك الابصار وارتفعت اليك الايادي. اللهم قد علمت ان لكل منا حاجته اللهم فاتي كل سائل سؤله واعط كل مؤمل فيك ما امله ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار عذاب النار. نسألك يا رب من كل خير خزائنه بيدك. ونعوذ بك من شر كل ذي شر. انت اخذ بناصيته. اللهم بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ان الفضل فضلك والخير خير والبيت بيتك والعبد عبدك ولا حول لنا ولا قوة الا بك. فاملأ قلوبنا يا رب ايمانا بك وتصديقا بوعدك وحبا لك يا حي يا قيوم اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى نسألك من كل خير سألك منه نبينا صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك من كل شر استعاذك منه نبينا صلى الله عليه وسلم. واكتب لنا ولجميع الحجيج حجا مبرورا. وسعيا مشكورا وذنبا فورا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انت المستعان وعليك التكلان. اللهم انت المفوض وعليك المعول يا يا قيوم اللهم انت ربنا لا اله الا انت سبحانك وبحمدك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والنبي المجتبى رسولنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين