بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على توفيقه وامتنانه والشكر له على عظيم فضله واحسانه الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات الحمد لله اولا واخرا وظاهرا وباطنا الحمدلله الذي حجت له جموع الحجيج ولبت له ووقفت بعرفات وادت المناسك وهي ترجو رحمة ربها الكريم الوهاب واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له جل جلاله وعم نواله. وتتابع فضله لسانه سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى. وسيد الورى صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد معشر الحجيج حجاج بيت الله الحرام هنيئا وبشراكم ما كتب الله لكم من اداء المناسك والوقوف بالمشاعر العظام واداء حج هذا العام. نسأل الله جل جلاله باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يكتبه لنا ولكم حجا مبرورا. وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا الا تلهجوا بحمد ربكم الذي انعم عليكم. وتفضل عليكم واوفدكم الى بيته الحرام. واذن لكم ان تكونوا في قافلة الحجيج هذا العام فاحمدوه واشكروا له عظيم فضله سبحانه وتعالى حجاج بيت الله الحرام تقدم في المجالس التي عقدت قبل صعودكم الى منى وعرفات ان العبادة الحج ان عبادة الحج وهي ركن من اركان الاسلام العظام قد جاءت في شريعة الاسلام محفوفة بما قاصدة جليلة ورأس ذلك واعظمه مقصد التعلق بالله سبحانه وتعظيمه وملئ القلوب بتقواه وذكره وربط حياة العبد به اينما كان وقد تقدم ايضا ان العبادة العظيمة التي تؤدى مقصودة بما شرعت من اجله من حكم واسرار فانها تثمر في حياة العبد ثلاثة امور اولها التعلق بالعبادة والشوق لها قبل ادائها وثانيها الاستمتاع بالعبادة واللذة بها اثناء ادائها. وثالثها اثر العبادة بعد الفراغ منها هذه الثلاثة ولابد ان تكون موجودة في حياتك عبد الله في كل عبادة تعبد بها الله اذا امتلأ قلبك بها وتحققت في حياتك مقاصدها اما وقد حج الحجيج بيت الله الحرام وقد رجعتم ايها الكرام من تلك المشاعر فوقفتم وبتم وطفتم ورميتم وحلقتم ونحرتم فانكم اديتم مناسك الحج وهي فاعلة فعلها ومؤدية اثرها ولا بد واذا كان من اعظم المقاصد التي ينشدها الحاج في رحلة حجه لبيت الله الحرام. ان يمتلئ القلب تعظيما لربه واجلالا وتعلقا صادقا به وتوحيدا وافرادا له جل جلاله بمنفرد به. وما استحق سبحانه وتعالى من الربوبية والالوهية والاسماء والصفات فان هذا اعظم ما ينبغي ان يرجع به الحاج الى بيته بعد عودته من بيت الله وان يعود به الى بلده عائدا من بلد الله الحرام. فلا شيء اعظم ولا اتم ولا اجل من ان يعود قلب الحاج ممتلئا بتعظيم ربه واجلاله والتلذذ بتوحيده ومناداته ومناجاته والتعلق باذيال الرجاء بين يدي الله عز وجل يعود وليس في قلبه احب اليه من ربه سبحانه. يعود ولا يملأ قلبه شيء اخوف عنده من الله جل جلاله يعود وليس شيء في قلبه ارجى. ولا اصدق في التعلق به من الكريم سبحانه وتعالى يعود ولا شيء يملأ قلبه تعظيما اكثر من الذي لبى له وكبر وهلل ودعا ورجا في تلك المشاعر العظام ان تعظيم الله معشر الحجيج مرتبط تمام الارتباط بهذا البيت العظيم الذي جئتم فطفتم وحججتم احرمتم ولبيتم لاجل رحلتكم الى هذا البيت العتيق ويعود ذلك الى مبدأ بناء هذا البيت الحرام وقصة بناء الكعبة التي ارتبطت بهذا المعنى العظيم وهو توحيد الله. وقد مر بكم قول ربكم سبحانه في سورة الحج اذ بوأنا لابراهيم مكان البيت الا تشرك بي شيئا فان على التوحيد بني هذا البيت وعلى نفي الشرك وتطهيره من كل دنس اقيمت قواعد هذا البناء العظيم ليبقى توحيد الله عز وجل مرتبطا بهذه الكعبة. ويبقى كل عبادة تؤديها امة الاسلام. طوافا وصلاة ودعاء حجا وعمرة كلما توجهت الى البيت العتيق واتت اليه وطافت حوله واصطفت ترص الصفوف تتعلق بهذا المعنى العظيم الذي بنيت عليه الكعبة بيت الله العتيق. وقد اخرج الائمة في دواوين السنة. ما حدث به المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في قصة مبدأ بناء الكعبة. يحسن بنا ونحن بين يدي حديثنا عن تعلق القلوب برب هذا البيت العتيق ان نعود فنقف على تلك القصة بروايتها التي اخرجها الامام البخاري رحمه الله في صحيحه وغيره من ائمة الاسلام في دواوين السنة العظام كيف حكى رسولنا نبي الهدى صلى الله عليه وسلم ذلك المبدأ العظيم لقصة بناء الكعبة. ولنستلهم منها المعاني والعبر. فان فيها والله ما يشد قواعد القلب ايمانا بالله ويشد اوتاده تعظيما لله عز وجل. وحق على كل مسلم تعلق قلبه بهذه الكعبة. وطاف حولها وطالما اشتاقت عينه لرؤيتها وتوجه في القبلة اليها من كل حدب وصوب. حق عليه ان يقف على هذا الامر العظيم. وما حكاه لنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الا ليوقفنا على تلك المعاني العظام. فاسمعوا رعاكم الله. في الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبدأ امر الكعبة وقصة بنائها فيما اخرج البخاري في الصحيح عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى قال قال ابن عباس رضي الله عنهما اول ما اتخذ النساء للمنطقة من قبل ام اسماعيل اتخذت منطقا تعفي اثرها على سارة والمقصود هنا بهاجر ام اسماعيل لما اتى بها الخليل ابراهيم عليه السلام من شمال الجزيرة العربية. وقد اتى بها وهي للتو قد ولدت ووضعت ابنها اسماعيل عليه السلام. فاتى بها امتثالا لامر ربه مهاجرا بها الى هذا المكان قبل بناء الكعبة قال ابن عباس رضي الله عنهما اول ما اتخذ النساء المنطق والمقصود بالمنطق ما تشد به المرأة طه قطعة قماش ما نسميه اليوم حزاما يشد به وسط المرأة في اللباس. تفعل المرأة ذلك لتمام صيانتها وحشمتها وعدم انكشاف ثيابها قالت اول ما اتخذ النساء المنطقة من قبل ام اسماعيل يقصد هاجر. اتخذت منطقا لتعفي اثرها على سارة وكان القصد لما خرجت بصحبة الخليل ابراهيم عليه السلام وقد بلغ بسارة من الغيرة عليها ما يخشى ان تتبع اثرها. فاتخذت المنطقة تشد بها وسطها ويتدلى طرفه خلفها فاذا مشت محى اثر القدم فلا يبقى لمتتبع للاثر طريق يتتبعه فكان قاعد القصد الذي اتخذت به المنطقة. قال قال رضي الله عنهما ثم جاء بها ابراهيم وبابنها اسماعيل وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة فوق زمزم في اعلى المسجد فوق البيت ولم يكن ثمة البيت. ولا بني بعد لكن يقصد موضع البيت الذي بنيت فيه الكعبة فوضعها حيث ترون الكعبة اليوم قال فوضعها عند دوحة فوق زمزم في اعلى المسجد. وليس بمكة يومئذ احد وليس بها ماء فوضعها هناك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى ابراهيم منطلقا فتبعته ام اسماعيل فقالت يا ابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه انس ولا شيء فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت اليها فقالت له الله امرك بهذا قال نعم قالت اذا لا يضيعنا هذا المشهد الاول لاول مقدم حياة الانس في هذه البقعة التي لم يكن فيها انس ولا ماء ولا شيء ولا حياة كانت تلك البداية حتى غدت هذه البقعة نبض الحياة على وجه الارض ببناء بيت الله الحرام فلك ان تتخيل امرأة يأتي بها زوجها خليل الله ابراهيم عليه السلام ليضعها في هذا المكان وهو واد اقفر لا نبات ولا ماء ولا حركة ولا حياء ولا يضع عندها الا كيسا فيه تمر وسقاء قربة فيها ماء ثم يولي منطلقا ممتثلا وحيا اتاه من ربه جل في علاه. فلما سألته اين تتركنا يا ابراهيم لم يجبها وهي تعيد السؤال وهو لا يلتفت اليها فطنت رحمة الله عليها انه خليل الله الذي يفعل ما يوحى به اليه. فانتهت الى النهاية سائلة هذا السؤال. االله امرك بهذا ولسان حالها ان كان وحيا يا ابراهيم فاني والله لا على احب ما على قلبي امتثالا لامر الله الذي امرك به وان كان دون ذلك فمن حقي ان اساءلك وانشدك واتعلق بك الا تتركنا في هذا المكان. بين قوسين اخذا بالاسباب وهي ترى انه لا سبيل الى بقاء الحياة بهذا المكان هي ورظيعها الصغير اسماعيل عليه السلام هو سؤال وما زاد في الجواب خليل الله عليه السلام على قوله نعم لما سألته االله امرك بهذا فان شئت ان تعجب فلا تعجب من قوة قلب الخليل ابراهيم عليه السلام الذي يترك زوجته وطفله الرضيع في هذا المكان وهي في نظر العين مظنة هلاك لا محالة لو هو ممتثل امر الله فيتجاوز في تلك الحسابات المادية المحسوسة الى ما وراء ذلك ايمانا بالله وتعلقا بالله ما زلت اقول في قصة بناء الكعبة في كل خطوة وقطعة من قصتها عظمة تتجلى في صدق تعليق القلوب بهذا البيت ورب البيت الحرام فلما قال ذلك امتثالا لامر الله. اقول ان شئت ان تعجب فلا تعجب من صنيع الخليل فهو خليل الله وهو نبيه الذي يأتيه الوحي عليه السلام. لكن اعجب من صنيع هاجر التي لا وحي ينزل على قلبها ولا شيء يربط على فؤادها كمثل ما يؤتاه الانبياء والرسل عليهم السلام. لكن جذوة التي ارتكزت في قلبها جعلتها تكتفي بجملة واحدة. االله امرك بهذا فلما قال نعم قالت على الفور اذا لا يضيعنا من امرك وهو الله عز وجل من امرك بهذا الامر فجئت ممتثلا امره سبحانه. فاذا نحن في تنفيذنا لامر الله لا والله والله لن يضيعنا الله يا كرام متى امتلأ قلب العبد انه اذا كان على الطريق الذي يحبه الله ويسلك مرضاة الله فلا والله لا يخاف على نفسه ضيعة ولا لحياته تلفا ولا لمن حوله ممن ويتولى امانة مسؤوليتهم. من كان على طريق الله ممتثلا امر الله فهو على نجاة وسعادة في الدنيا في الاخرة االله امرك بهذا؟ قال نعم. قالت اذا لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق ابراهيم عليه السلام. حتى اذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم هم من الثمرات لعلهم يشكرون قال وجعلت ام اسماعيل ترضع اسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى اذا نفذ ما في السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر اليه يتلوى او قال يتلبط فانطلقت كراهية ان تنظر اليه هذا هو قلب الام الذي لا يحتمل ان يرى في طفله فضلا عن ان يكون رضيعا جوعا وعطشا فضلا عن ان يكون بداية هلاك تخشى فيه عليه من التلف وزهوق روحه وهي تنظر اليه فانطلقت كراهية ان تنظر اليه. السؤال اين ذهب الذي في قلبها لما قالت اذا لا يضيعنا الجواب ما يزال باقيا وقد ايقنت رحمة الله عليها ان الله لن يضيعها لكنها الفطرة الانسانية وفطرة الامومة التي لا يخلو منها قلب ام. رحمة وعطفا وشفقة على طفلها الرضيع قال فانطلقت كراهية ان تنظر اليه. فوجدت الصفا اقرب جبل في الارض يليها. فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى احدا فلم ترى احدا؟ قال فهبطت من الصفا حتى اذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الانسان المجهود حتى جاوزت الوادي. ثم اتت المروة عليها فنظرت هل ترى احدا؟ فلم ترى احدا. ففعلت ذلك سبع مرات قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم فذلك سعي الناس بينهما. يعني هذه قصة السعي بين الصفا والمروة سبعة اشواط كان مبدأه سعي هاجر ام اسماعيل عليه السلام التي سعت في تلك الواقعة باحثة عن الماء والنجدة والغوث لها ولرضيعها الذي يكاد يموت عطش كان لما نفد السقاء وانتهى الماء الذي كان بحوزتها. قال فذلك سعي الناس بينهما قال فلما اشرفت على المروة يعني في الشوط السابع سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها لا احد حولها تكلمه انما تصمت نفسها لتزداد سمعا لما سمعت من صوت. قال ثم تسمعت ايضا فقالت قد اسمعت ان كان عندك في وقف فاذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه او قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تحوظه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها في القربة التي نفذ فيها الماء فلما فاض الماء جعلت تغرف بيدها وتملأ في السقاء خشية الا يفوت منه قطرا. فجعلت تحوظه وهي تغرف بيدها من الماء في سقائها وهو يفور بعدما يعني كلما غرفت غرفة فار الماء نبعة وهكذا. قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم يرحم الله ام اسماعيل لو تركت زمزم او قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا. لكانت عينا جارية تجري على وجه الارض لكنها حوضته يعني جعلت تحوله حوضا حتى يجتمع وكلما اجتمع غرفت منه في سقائها قال النبي صلى الله عليه وسلم فشربت وارضعت ولدها فقال لها الملك لا تخاف الضيعة هي الكلمة التي قالتها قبل مدة لما اجابت زوجها الخليل ابراهيم عليه السلام اذا لا يضيعنا ارأيتم يا كرام كيف ان اليقين بالله الذي يصدق فيه القلب مع الله تساق له الاسباب من فوق سبع سماوات حيث لا يدري ويجعل الله له من المخرج والرزق من حيث ولا يحتسب فتساق له ما وقع في قلبه من اليقين. قالت اذا لا يضيعنا فيبعث الله لها ملكا ليؤكد لها العقيدة التي استقرت في قلبها رحمة الله عليها وتغشاها رضوان الله جل جلاله. قال لها الملك لا تخافوا الضيعة فانها هنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وابوه وان الله لا يضيع اهله ليت شعري في تلك اللحظة ما الذي ملأ قلبها رحمة الله عليها؟ لما رأت بام عينها يقينا ما عقدت عليه قلبها من صدق التوكل على الله والايمان بالله وحسن الظن بالله واليقين بان معية الله تفوق كل الاسباب ولو انتهى من حولها كل شيء في حسابات الحياة. قال وان الله لا يضيع اهله. فلما وقع في قلبها ذلك اليقين رزقها الله عز وجل من اسباب الفرج بل والتمكين بل وبلوغ المجد فوق ما كانت تأمل او ترجو رحمة الله عليها قال لا تخافوا الضيعة فانها هنا بيت الله يبني هذا الغلام وابوه. وان الله لا يضيع اهله. قال وكان البيت مرتفع من الارض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله. فكانت كذلك وها هنا مرحلة اخرى من حياة ام اسماعيل بابنها الرضيع اسماعيل عليه السلام. لكنه يحسن بنا قبل تجاوز هذا الى كما يليه ونحن قد تقدم بنا قول النبي صلى الله عليه وسلم فذلك سعي الناس بينهما يعني بين الصفا والمروة رعاكم الله ان العبد اذا احرم فقدم بيت الله الحرام بحج او عمرة يطوف ويسعى يحسن به ان يستشعر هذا المعنى العظيم في سعيه بين الصفا والمروة. ونحن انما نسعى عبادة نتقرب بها الى الله واتباعا لسنة سنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد بين لنا بازالة ما سنه لنا في صفة هذه العبادة وهيئتها بين لنا حكمة ذلك. وسر ذلك وقصة ذلك ومبدأه فرحم الله عبدا سعى بين الصفا والمروءة وملء قلبه ما في قلبي هاجر. رحمة الله عليها من صدق التعلق بالله اليقين بما عند الله والطلب والسؤال بانتظار الفرج الذي يتعلق به القلب بانه بيد الله عز وجل. طفت وسعيت عبد الله والله وحده يعلم ما في قلبك من الحوائج ويعلم ما الذي اصابك في دنياك من المصائب والمتاعب وحده سبحانه يعلم ما الذي يحمله قلبك من الهموم وما الذي ترجوه في دنياك من الامنيات وما الذي تأمله يوم تلقى الله في الاخرة من الهبات والاعطيات اذا سعيت فاجعل سعيك كما سعت هاجر ام اسماعيل عليه السلام عليه السلام. وهي قد طافت وسعت وهي تدرك معنى الفرج الذي يأتيها من الله. يقول الحافظ ابن كثير رحمة الله عليه معلقا على الرواية التي سمعت في قصة ابن عباس رضي الله عنه قال رحمة الله عليه في تفسيره للاية قال وقد تقدم في حديث ابن عباس ان اصل ذلك مأخوذ من تطواف هاجر وتردادها بين الصفا والمروة في طلب الماء لولدها ما نفذ ماؤها وزادها حين تركهما ابراهيم عليه السلام هنالك ليس عندهما احد من الناس. فلما خافت الضيعة على ولديها ونفذ ما عندها قامت تطلب الغوث من الله عز وجل. فلم تزل تتردد في هذه البقعة المشرفة بين صفا والمروة متذللة خائفة وجلة مضطرة فقيرة الى الله عز وجل. حتى كشف الله كربتها. وانس غربتها وفرج شدتها وانبع لها زمزم التي ماؤها طعام طعم وشفاء سقم قال واسمع الى ما قال رحمه الله. قال فالساعي بينهما ينبغي له ان يستحضر فقره وذله وحاجته الى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه وان يلتجئ الى الله عز وجل ليزيح ما هو به من النقائص عيوب وان يهديه الى الصراط المستقيم. وان يثبته عليه الى مماته. وان يحوله من حاله الذي هو عليه. من القلوب والمعاصي الى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة كما فعل بها جر عليها السلام انتهى كلامه رحمه الله الله يا كرام سعة هاجر بين الصفا والمروة تطلب شربة ماء تنقذ نفسها ورظيعها اسماعيل عليه السلام. لكن كرم الكريم لما ادركها وعطاء الوهاب لما اتاها سقاها بزمزم عينا معينا ونبعا متدفقا سقاها وسقى الخليقة بعدها ولا يزال ويسقيهم الى يوم القيامة. فاذا طلبت الله الفرج واذا سألت الله عز وجل حاجة من حاجاتك فارفع عبد الله سقف نياتك واعلم انك تطلب الغني الحميد الذي بيده خزائن السماوات والارض. لا تستبعد في دعائك شيئا اطلبه من الملك المقتدر سبحانه وتعالى. واعلم ان الله اذا اعطى عبدا اعطاه حتى ارضاه. واذا رضي عن رزقه ما يبلغ خياله وما لا يبلغ له بحال. لكن الله سبحانه وتعالى كريم وكرمه ينال من يصدق في التوكل كولي عليه ويفرده في السؤال ويلتجأ اليه سبحانه عودا الى سياق قصتي هاجر ورضيعها اسماعيل عليه السلام. قال ابن عباس رضي الله عنهما فيما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وكان البيت مرتفعا من الارض كالرابية. تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله. فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقا من جرهم او اهل بيت من جرهم مقبلين من طريقك دا جرهم قبيلة من اليمن. يعني اتت بطريقهم قافلة جاءت من جهة كداء وهو موضع في اعلى مكة من شمالها عند المحصب قال حتى برت بهم رفقة من جرهم او اهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء. فنزلوا في اسفل مكة. فرأوا طائرا عائفا اي حائما ولا يحوم الطير الا على موضع فيهما فرأوا طيرا عائفا فقالوا ان هذا الطائر ليدور على ماء ولعهدنا بهذا الوادي وما فيهما فارسلوا اليه جريا او جريين. يعني رسولا او رسولين يتفقدان الامر ما الذي يحوم حوله الطائر في تلك البقعة في اعلى مكة فارسلوا جريا او جريين فاذا هم بالماء فرجعوا فاخبروهم بالماء فاقبلوا. قال وام اسماعيل عند الماء قالوا اتأذنين لنا ان ننزل عندك قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء الماء هذا لي تنزلون عندي لكن الماء لي اعطيكم باذني واختياري واشترطت عليهم قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء. قالوا نعم. فاتفقوا قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم فالف ذلك ام اسماعيل وهي تحب الانس يعني وافق شيئا في خاطرها وطبيعتها انها تحب الاجتماع والمؤانسة. فوجدت من البشر من يمكن ان يسكن بجوارها وينزل عندها. قال فنزلوا وارسلوا الى اهليهم يعني فاستقدموهم ونزلوا معهم حتى اذا كان بها اهل ابيات منهم وشب الغلام من اسماعيل عليه السلام قال وشب الغلام وتعلم العربية منهم اذا ماذا كان يتكلم اسماعيل وامه هاجر ليسوا عربا ابراهيم عليه السلام ليس عربيا قال فتعلم العربية منهم من قبيلة جرهم العربية اليمانية. قال فتعلم العربية منهم وانفسهم واعجبهم يعني اصبح بينهم شابا نفيسا مليحا متميزا عليه السلام قال واعجبهم حين شب فلما ادرك زوجوه امرأة منهم وماتت ام اسماعيل هنا مشهد اخر ماتت ام اسماعيل وهرأت الكعبة قد بنيت؟ الجواب لا هل رأت ابنها اسماعيل وقد بلغ النبوة وذلك الكمال البشري؟ الجواب لا هل ادركت الوعد الذي سمعته من فم زوجها الخليل عليه السلام ان الله لا يضيعهم. والبشارة التي بشرها بها الملك ان بهذا الوادي يبنيه هذا الغلام وابوه؟ هل بلغت بحياتها ان ترى تلك البشارة؟ الجواب لا لنتعلم درسا بليغا انك مهما كنت مع الله وصدقت في مسيرك الى الله وبذلت ما تملك نصرة لله وخدمة لدينه ووفاء ببعض ما اوجب الله عليك فليس المطلوب منك قطف الثمرة ولا ان ترى النتيجة المبهرة ولا ان تشهد النصر ولا افتتاح البشائر كل ذلك ليس موكولا الي ولا اليك لكنه امر الله وتدبيره الذي يسخر له من يشاء من عباده. حسبك عبد الله ان تبذل ما وجب عليك. وان تضع لك بصمة وان تترك لك اثرا في طريق خير وبر واحسان ومعروف ونصرة لدين الله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تمر بك الحياة ويكون غاية ما اذلت بدينك وامتك ان ترعى الله في نفسك وان ترعى الله في اسرتك في زوجتك واولادك. وان تحرص على الحلال وان تجتذب الحرام. هذا درس عظيم. ماتت ام اسماعيل. وان شئت قل صانعة المجد رحمة الله عليها. صادقة الايمان رحمة الله عليها. عظيمة التوكل على الله رحمة الله عليها. ارضعت غير اسماعيل عليه السلام وارضعته قبل لبنها معاني الايمان وصدق التوكل والتعلق بالله وتعظيم الله واليقين بما عند الله وتركته بعدما ادت مهمتها التي كتبها الله لها في الحياة وكانما جيء بها من تلك البلاد الى بلد الله الحرام لتكون اول انس يضع قدميه في هذا البلد حين تغدو بعد مدة ليست ببعيدة في عمر البشرية فتصبح مكة موضعا تهوى اليه افئدة جميعا وتستقبلونها في القبلة ويكون هذا الموضع منشأ الحياة ومنبع العقيدة وموئل التوحيد ومأرز الايمان قال وماتت ام اسماعيل. فجاء ابراهيم بعدما تزوج اسماعيل عليه السلام يطالع تركته. قدم اسماعيل قدم ابراهيم عليه السلام في زيارة بعد ما ماتت هاجر قال فلم يجد اسماعيل فسأل امرأته عنه فقالت خرج يبتغي لنا يبتغي ايش الرزق ويبحث عن طعام ومعاش. قالت خرج يبتغي لنا ثم سأل عن عيشتهم وهيئتهم فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة فشكت اليه قال فاذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه فلما جاء اسماعيل عليه السلام كأنه انس شيئا فقال هل جاءكم من احد كيف عرف اسماعيل عليه السلام كيف عرف ليس وحيا هو ما اوتي النبوة حينئذ عليه السلام لكنها ربما كانت مشاعر البنوة وتوارد الخواطر انس شيئا شعر بشيء فسألها هل جاءكم من احد؟ قالت نعم جاءنا شيخ كذا وكذا وصفته فسألنا عنك فاخبرته وسألني كيف عيشنا فاخبرته اننا في جهد وشدة قال فهل اوصاك بشيء قالت نعم امرني ان اقرأ عليك السلام ويقول غير عتبة بابك قال ذاك ابي وقد امرني ان افارقك فالحقي باهلك فطلقها قال اهل العلم مرجع ذلك الى ان ابراهيم عليه السلام وهو خليل الله الموحى اليه عليه وعلى نبينا افضل الصلاة واتم السلام. انما كان يتفقد في زوجة ابنه لما سألها عن العيش والحال انما كان يتفقد صلتهم بالله وصدق تعلقهم بالله لما ترك وليس عندهم الا جراب فيه تمر وسقاء فيه ماء. ما جاء يسأل عن طعامها وشرابها وما تأكل وما تشرب فلما وجد العيشة صفرا يعني من التعلق بالله. ولذلك قال فجعلت تشكو اليه. وقالت نحن بشر وفي وضيق واسوأ عيش وقف عليه السلام على ان امرأة كهذه لا تصلح ان تكون زوجة لنبي ستبلغه البشارة فيه بان من يوحى اليه وقال له غير عتبة بابك. قال فطلقها وتزوج منهم اخرى. فلبث عنهم ابراهيم ما شاء الله. ثم اتاهم بعد. هذه الزيارة الثانية. قال فلم يجده. فدخل على امرأته. فسألها عنه فقالت خرج يبتغي لنا. قال كيف انتم وسألها عن عيشهم وهيئتهم قالت نحن بخير وسعة واثنت على الله بينما العيش هو العيش والطعام هو الطعام والحياة هي الحياة لكن الفرق بين القلب القانع الراضي عن الله بما قسمه الله والذي يجد في القليل مع الجوع والعطش رضا وحمدا لله. اي والله العبد يحمد الله ليس لان معدته امتلأت وليس لان خزانته فاضت وليس لان رصيده في البنك تضاعف. لا القلب يرضى عن الله فيحمده لانه عبد لله وان الله ما يزال يحوطه بالطافه وارزاقه سبحانه وتعالى حتى لحظته تلك فلا يزال القلب العابد الشاكر الحامد لله يحمد الله يبيت النبي عليه الصلاة والسلام على حصير فيؤثر في جنبه ويبيت الليالي المتتابعة طاويا لا يجد واهل بيته عشاء عليه الصلاة والسلام وربما ما وجد في بيته الشريف بيت النبوة الا خبز من شعير عليه الصلاة والسلام فمقام العبودية والحمد لا يقاس بسعة الرزق ولا بكثرة الطعام والشراب واللباس والمال بل بما يملأ من القناعة والرضا بما قسم الله. وهذا الذي كان ينشده الخليل ابراهيم عليه السلام في المرتين اللتين سأل فيهما زوجتي ابنه اسماعيل عليه السلام. فاما الاولى فشكت واما الثانية فشكرت تلك اشتكت وهذه شكرت تلك عانت هذه اثنت على الله عز وجل بما هو اهله. قال فاثنت على الله. قال ما طعامكم قالت اللحم قال فما شرابكم قالت الماء قال اللهم بارك لهم في اللحم والماء قال النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم دعا لهم فيه لم يكن اهل مكة اهل زراعة ولا يزرعون ولو كان لهم حب فذكرته لدعا لهم بالبركة كما دعا لهم في اللحم والماء. قال عليه الصلاة والسلام فهما يعني اللحم والماء لا يخلو عليهما احد الا لم يوافقاه. والمقصود ان اقتصار المرء في طعامه على اللحم والماء والمداومة على ذلك بغير مكة يسبب تعبا والما في المعدة ولا توافق الطبيعة الا بمكة فلو اقتصر على اللحم والماء لم يظره ذلك ولا وافق طبيعته بركة دعاء الخليل ابراهيم عليه السلام لما قال اللهم بارك لهم في المحرم والماء قال فاذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وامريه يثبت عتبة بابه قال فلما جاء اسماعيل عليه السلام قال هل اتاكم من احد؟ قالت نعم. اتانا شيخ حسن الهيئة واثنت عليه فسألني عنك فاخبرته. فسألني كيف عيشنا فاخبرته انا بخير. قال فاوصاك بشيء. قالت نعم. هو يقرأ عليك السلام ويأمرك ان تثبت عتبة بابك قال اسماعيل عليه السلام ذاك ابي وانت العتبة امرني ان امسكك قال ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك هذه المرة الكم الثالثة في الزيارة. قال واسماعيل عليه السلام يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم بري النبل اخذ السكين. وان يبرى النبل وهو رأس النصل او السهم. ليحدد فيكون صالحا للاستعمال. في الرمي الصيد والقتال ونحوه قال فوجد اسواء ثم جاء بعد ذلك واسماعيل عليه السلام يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم زم فلما رآه قام اليه فصنع كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد يعني من الشوق والعناق وطول الملازمة واسماعيل عليه السلام ما رأى ابراهيم الخليل اباه عليه السلام منذ ان كان رضيعا لكنه الامر الذي تتوافق عليه القلوب بين الاب وابنه قال فصنعا كما يصنع الوالد بالولد. والولد بالوالد ثم قال يا اسماعيل ان الله امرني بامر قال فاصنع ما امرك ربك. قال وتعينني؟ قال اعينك. قال ان الله امرني ان ابني ها هنا بيتا هذه البشارة التي ما ادركتها هاجر ولا طال بها العمر لترى تلك اللحظة فيأنس قلبها وينشرح صدرها وتفرح غاية الفرح ان ترى ابنها غدا شابا نبيا في رفقة ابيه الخليل ابراهيم عليه السلام يبني الكعبة اذا حملت قلوبكم الامال وصدقت في تعلقها بالله فلا تستعجلوا شيئا وكيل الامر الى الله الغني الحميد ثقة بما عنده وحسن ظن ان الله كريم. ولا يخلف الوعد وان احدنا اذا كان في طريقه ومسيره صادقا مع الله مخلصا في نيته فحسبه والله تلك الخطوات التي يبذلها. ثم ما عليك ان ترى النتائج ولا ان تشهدها بقي اسماعيل عليه السلام ثمرة لامه هاجر الصادقة الرظية المتوكلة التي اعتنت به وربته حتى شب فودعت الحياة وقد ادت ما عليها رحمة الله عليها قال ان الله امرني ان ابني ها هنا بيتا واشار الى اكمة مرتفعة على ما حولها. قال فعند ذلك رفع القواعد من البيت جعل اسماعيل عليه السلام يأتي بالحجارة وابراهيم يبني حتى اذا ارتفع البناء. جاء بهذا الحجر فوضعه له اي حجر مقام ابراهيم لما ارتفع البناء اصبح لا يبلغان المكان المرتفع من صف البناء لوضع الحجارة. فلابد من شيء يقوم عليه ليرتفع ويتطاول مع تطاول للبنيان. قال جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني. واسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت. وهما يقولان ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم وفي هذا ايضا موضع عجيب يسألان الله القبول في امر هو تنفيذ لما امر الله تعالى به وتكليف لما جاء به الوحي من بناء الكعبة. وقربة يتقربون بها الى الله. ببناء بيته كما امر الله فانظر كيف يعلن العبد افتقاره الى ربه فاذا ادى الطاعة وبلغ ما يبلغ من الجهد في التقرب الى ربه سأل الله القبول. ابدا عبد الله لا تعوي على عظيم مال انفقته او جهد في حج بذلته او طول في صلاة قمتها او مشروع من الخير بحفظ قرآن ونشر علم واذان وخدمة للاسلام لا تعول على شيء. فمهما عملت من عمل فالموفق هو الله. واذا بذلت ما بذلت في قربة ترجو قبولها فسل ربك القبول سبحانه. هذا خليل الله ابراهيم عليه السلام. يمتثل امر الله فيبني الكعبة وما زال يتضرع ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. هذا الصنيع من ابراهيم الخليل عليه السلام. وابنه اسماعيل عليه السلام فيه درس الله يعلم القاصدين لهذا البيت الحرام لي ولكم معشر الحجيج وكل من اتى الى هذا البيت الحرام فطاف واعتمر وسعى وحج ان يتعلم انه اذا وفقه الله لاداء عبادة اجتهد فيها اولا وحمد الله على توفيقه اياه ثانيا ثم التجأ الى الله منكسرا يسأله القبول فوالله لولا قبول الله لك ما اغنت عنك عبادتك عند الله شيئا فالقبول هو الذي عليه المعول. والله وقد قال في سورة المائدة انما يتقبل الله من المتقين واحدنا لا يزكي نفسه ويحسب انه ما بلغ تلك الدرجة فلا يعول الا على فضل الله فيلتجأ اليه منكسرا متضرعا ان يجعل عبادته عنده مقبولة. قال وهما يقولان ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. فكان هذا البيت بعد بنائه اول بيت بني في الارض للعبادة وذلكم قول ربكم سبحانه ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. روى البخاري في الصحيح ايضا عن ابي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي مسجد وضع في في الارض اول. قال عليه الصلاة والسلام المسجد الحرام قال ابو ذر رضي الله عنه ثم اي يا رسول الله؟ قال المسجد الاقصى قلت كم كان بينهما؟ قال اربعون سنة قال عليه الصلاة والسلام ثم اينما ادركتك الصلاة بعد فصله فان الفضل فيه. هذا بناء البيت ارى معشر حجاج بيت الله الحرام. وقد اختلف اهل العلم هل كان الذي صنعه ابراهيم عليه السلام وابنه اعيلوا عليه السلام تأسيسا لبناء الكعبة ام هو تجديد لبنائها؟ ورفع لقواعدها التي تأسست من قبلهما عليهما السلام. هما وقولان لاهل العلم وربما كان في قوله سبحانه واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل اشارة الى ان القواعد كانت موضوعة في ذلك المكان. وانما رفع هذه القواعد باتمام البناء فوقها. وفي ذلك كاثار عدة في صحتها كثير من النظر. وان كان بعض المحققين يرى ان الذي صنعه الخليل ابراهيم عليه السلام هو تأسيس وبناء ورفع. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله فان ظاهر القرآن يقتضي ان ابراهيم عليه السلام اول من بناه مبتدأ. واول من اسسه. وان كانت النصوص في ذلك كما اسلفت لا في احتمال وجوده مبنيا قبل ذلك والاثار في هذا ليست صريحة قاطعة والعلم عند الله هذه قصة بناء الكعبة وقصة السعي بين الصفا والمروة معشر الحجيج. اما وقد حججتم ووقفتم طائفين بالكعبة وسعيتم بين الصفا والمروة وما من شك ان كل حاج في خطوات حجه قد عاش معنى ارتباطه وتعلقه بربه الذي اعلن منذ لحظة تعلقه به واعترافه بفضله لما قال لبيك اللهم لبيك اعلنت استجابتك لنداء الله فجئت واحرمت اعلنت اعترافك بالفضل والحمد والنعمة لربك وحده. ان الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك. وقفت عرفات فاظهرت الذل والافتقار. دعوت واجتهدت ان يقبلك الله. سألت الله من عفوه. من صرفت من عرفات بعد ما سكبت عبرات وخشعت منك الجوارح وصدقت فيما تحسب في اقبالك على الله ما انصرفت الا وملئ قلبك صادق الشعور ان الله لكرمه كتبك من المقبولين. وان الله لعظمته في ذلك اليوم العظيم تفضل عليك فاعتق رقبتك. وان الله اذن لك ذلك اليوم ان تنصرف من عرفات فتنفر مع الجموع فرحا. مبتهجا ان الله قد اذن لك بان تولد من جديد بت بمزدلفة فكانت ليلة عيد ابهج عيد عشته في حياتك. يفرح المسلمون في عيد الاضحى ويذبحون الاضاحي ويتبادلون التهاني ويفرحون بالتوسعة على العيال والاهل والطعام والشراب والتزاور والتهاني يفرح الحجيج وهم بين مزدلفة ومنى بين مبيت ودعاء بين رمي وتكبير وحلق للرؤوس وطواف الافاضة يفرحون اعظم من فرحة كل مسلم على وجه الارض فتنطلق التكبيرات من صدورهم فرحة بعيدهم. اي عيد ليس عيد اضحى فقط بل عيد ميلاد من جديد ان الله قبلهم فاعتق رقابهم فانصرفوا وقد تبيضت صحائفهم وكتبوا مولودين من جديد رجعوا الى حياة ملؤها الطهر والصفاء والنقاء والصفحة البيضاء التي يستأنفون فيها عهدا جديدا من علاقتهم بربهم حج الحجيج وقد تعلموا في حجهم ايام منى ومزدلفة وعرفات ان ذكر الله اعظم ما تعلقت به القلوب وافضل ما اشتغلت الاوقات ذكروا الله وهم يرمون ويحلقون ويبيتون ويأكلون ويشربون. ذكروا الله في كل احوالهم وكانوا بين دعاء عند الجمرات وفي الصفا والمروة وعند الكعبة وفي مزدلفة وفي عرفات قد جعلوا في كل موضع خطت اليه اقدامهم اثرا وبذروا فيها وتلطاعة يحسبون ان تكون شاهدة لهم يوم القيامة. هنيئا لكم شواهد تركتموها في تلك البقاع تشهد لكم ان انكم اتيتم تلك البقاع العظيمة معظمين لله الذي جئتم لاجله. يا كرام كل تلك المعاني عاشها الحجيج في خطوات الا فحق علينا جميعا والله الذي اكرمنا بالحج فحججنا وبأداء المناسك فأتممنا حق علينا ان ان نرجع بعد حجنا واعظم اثر تحمله قلوبنا وتضيء به صدورنا وتشرق به حياتنا حتى نلقى الله هو ما امتلأ به من حسن تعلق بالله وعظيم تعظيم لله وحسن رجاء فيما عنده. ومزيد حب له جل جلاله ابحث عن قلبك عبد الله ولا ترجعن من بيت الله الحرام. ولا تغادرن البقعة الطاهرة ولا تستقبل اهلك ولادك وعودتك الى ديارك الا وقد تأكدت ان تقوى الله قد عمرت قلبك عبد الله والمراد بذلك جملة امور رعاكم الله. اولها انكم عشتم في حجكم جهدا كثيفا واستجماعا لالوان والوان من الطاعات جمعتم فيه بين صلاة وذكر وقرآن وبين رمي ومبيت وطواف وسعي بين تلبية محرمين وتكبير وتهليل متحللين. جمعتم في حجكم الوانا من الطاعة قل ما اجتمعت لكم في في ايام حياتكم كمثلها. ولو احصى احدكم ما الذي قدر ان يجتمع له من الحسنات في تلك الايام المعدودات لربما فاقت باضعاف اضعافها ما يفعله ومثل ذلك من الطاعات في غيرها من الايام. وهكذا هو الحج انغماس في طاعة وتلذذ بالعبادة. فمن اعظم معاني التقوى التي ينبغي ان تبقى اثارها في قلبي وقلبك عبد الله وقد حججت بيت الله الحرام ان تبقى لذة العبادة في قلبك ان تبقى لذة العبادة في قلبك جذوة لا تنطفئ ابدا والله وينبغي ان يكون مشتعلا يوقد سراج قلبه بمعنى ان تبقى الطاعة في حياتك بعد حجك متعة وانسا ليس مشقة وتكريفا تبحث عن ادائه لابراء ذمتك والخلاص منه كيفما اتفق. ابدا اجعل من طاعة الله حبا وانسى اجعل من قيامك للصلاة اذا حان وقتها وللصيام اذا جاء رمضان وللزكاة اذا حال الحول ولبر والديك اذا مررت بهما ولكل معروف وخير واحسان تفعله اجعل دافع ذلك ومنطلقه في حياتك حبا لله تعظيما لانك قد غمست قلبك في ايام حجك في ذلك الحوض المبارك من انسك بطاعة الله عز وجل حق والله على كل من اكرمه الله بالحج فحج وشهد تلك المواقف والمشاعر العظام وهاجت في قلبه تلك المعاني الجليلة والاسرار النبيلة الا يقبل على الطاعة بعدئذ الا حبا واشتياقا. الا انسا وتلذذا بذكر الله عز وجل اما وجدت عبد الله في حجك صدق اللذة بدمعة تنسكب من عينك وبخشية ملأت قلبك هذا من اعظم ما يجده العبد من الانس بالله. فعلام تحرم نفسك بعد ذلك مدة حياتك وطيلة ايام سنواتك على اما تحرم نفسك من مثل هذا النعيم اما انه باب والله ما اغلقه الله على احد من عباده. لكن العبد هو الذي يغلق الباب ويولي ظهره وينصرف مدبرا منهمكا في حياته تائها في مهامه الحياة وصخبها وضجيجها الذي لا ينتهي لكن العاقل الموفق الذي يلتفت الى هذا المعنى. واذا بتقوى الله التي صحبته في حجه منذ تزوده في رحلته للقدوم. والله قال تزودوا فان خير الزاد التقوى. الى اخر انصرافه من منى وقد بات بها ليلتين او ثلاثا تعجل او تأخر ولا زال قالت ايات القرآن توصي في اخر ما يفعله الحجيج في الحج بمنى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى. فكانت الايات صريحة واضحة جلية ان المعول عليه في الحج معشر الحاجين تحصيل تقوى الله فان وجدتها فانصرف في يومين ان شئت. او ابقى للثالث ان شئت. ثم ختمت الايات ايات الحج في سياقها الطويل في سورة البقرة بقول الحكيم سبحانه واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون قد لا ترجع للحج عبد الله مرة اخرى في حياتك اما لان الاجل سيكون اقرب من حج عامك المقبل فتكون في عداد الاموات لا بين الاحياء او لانه ربما وان امتد بك عمر فقد لا يكتب لك الحج. والله اعلم بمن يحج بيته الحرام كل عام اما ادركت عبد الله ان الله انما اوجب على العباد الحج مرة في العمر لان المرة الواحدة كافية وكفيلة بان تعيد صياغة قلبك وحياتك وانس راحتك وقد عرفت طريقك الى الله فاجعل هذا من اعظم ما ترجع به بعد حجك عبد الله تقوى الله عز وجل. اذا هو الاستمرار في الطاعة تلذذا بها. ثانيا من معاني التقوى التي تملأ بها القلوب لتبقى اثرا عظيما في حياة العباد ان يملأ القلب ان يملأ العبد حياته طاعة واقبالا على الله ليس المقصود التبتل والاعتكاف في المساجد والزهد والعودة الى الصوامع كالرهبان ابدا. نحن امة ربانية نعبد الله ونعمر الحياة ونمشي في دروب مسالكها نختط لانفسنا مستقبلا مشرقا. لكننا لا نجعل ذلك على حساب الاخرة. العامرة في قلوبنا حياة بذكر الله. انما المراد عبد الله وقد الفت ذكر الله عز وجل في حجك. فاكثرت منه وربما تلوت القرآن فرحم الله عبدا اكرمه الله فحج فعاد بعد حجه واذا من اثار تقوى الله في حياته لزوم ذكره والاكثار منه اجعل وردك كل يوم عبد الله من اذكار الصباح والمساء وادبار الصلوات ومن قراءتك للقرآن ما تشعر انه يربطك بحبل عنوانه الحب لله قال سهل للتستر رحمة الله عليه علامة حب الله حب القرآن علامة حب الله حب القرآن وعلامة حب الله وحب القرآن حب النبي صلى الله عليه وسلم وعلامة حب النبي صلى الله عليه وسلم حب سنته واتباعها فاجعل هذا عبد الله ميزانا لك يقودك الى ان تتفقد في حياتك مقدار حبك لله. وفق الله كثيرا من الحجيج فاقبلوا على لزوم ذكره وقراءته كتابه العظيم في رحلة حجهم. ومنهم من لم يغادر المشاعر حتى اتم ختمة للقرآن او اكثر فاذا كان قد انس قلبه وعمر وقته بذكر الله وتلاوة كتابه. فجعل بعد ذلك في طيلة ايام حياته ارتباط وحسن صحبة بينه وبين كتاب الله. كتاب الله الكريم المبين الحكيم العظيم المجيد هل تخيلت ان تكون بينك وبين كتاب الله صحبة لتجد من بركة القرآن ومجده وبيانه وعظمته ما يملأ وحياتك عبد الله وقد جعل الله عز وجل كتابه العظيم شفاء ونورا ورحمة وهداية وموعظة وذكرا بالله عليكم اي عبد ذاك الذي يعيش حياته بين البشر يمشي ويأكل ويشرب بينهم لكنه قد ملأ وقته ويومه وليلته انسا بكتاب الله واشتغالا به ومحافظة على ورده لا يمل ولا يفتر لتكون حياته من بين البشر وان اكلوا وشرب ونام وجلس ودخل وخرج بينهم الا انه والله احراهم بان يكون اعظمهم بركة في حياته. وضياء واشراقا ورحمة لانه قد احسن صحبته لكتاب الله العظيم. والله قد جعل كتابه بتلك المثابة من معادي تقوى الله التي تملأ القلوب بعد عودة الحجيج من رحلة حجهم الى بيت الله الحرام. الانكفاف عن المعاصي ومجاهدة النفس في سبل الهوى والشيطان والنفس الامارة بالسوء. اما ان الشيطان حريص ووالله ليقعدن لك بالمرصاد عبدالله. تدري لانك ارغمته فحججت بيت الله الحرام. ارغمته فظفرت بعتق رقبتك من النار. ارغمته لما نلت عفو الكريم سبحانه في تلك المشاعر العظام فوالله ليأخذن عليك اخذا شديدا. ان يعيدك بعد حجك كما كنت او اسوأ مما كنت ان عبد الله لعدوك عدو الله. واعلم ان جولات الظفر والانتصار التي خضتها ايام حجك. فجاهدت نفسك الانكفاف عن المعاصي والتقليل من الذنوب والسيئات اثبتت انك بايمانك بالله وبصدق توكلك على الله انت اقوى منه اي والله انت بايمانك اقوى من ابليس وجنده اجمعين. لو احسنت في اعتصامك بالله فمن معاني تقوى الله عز وجل التي تملأ القلوب ويحق ولنا العود بها بعد رحلة حجنا معشر الحجيج مجاهدة النفس في الذنوب والمعاصي. اما اننا لن نرجع بعد حجنا معصومين. فلسنا ملائكة ولا انبياء ورسلا كراما عليهم السلام. لكننا عباد خاضوا معنى التقوى لله في الحج فرجعوا بها وحق لنا ذلك فنجاهد انفسنا لن نعصم لكننا سنكف ما استطعنا انفسنا عن الذنوب والخطايا سنحوظها بعون الله عز وجل سنحوطها ونحفظها من الوقوع في الكبائر والمآثم والفجور. وان زلت بنا القدم في ذنوب وصغائر طائرة ولمم اسرعنا بالتوبة والاوبة والاستغفار. تلك هي حياة التقوى يا كرام. مسارعة في الخيرات واقبال على الله وتلذذ بطاعته ولزوم مناجاته وذكره وكتابه الكريم. ثم مجاهدة للنفس عن المعاصي ومسارعة والاستغفار. تلكم والله هي حياة التقوى التي تنشد. وتلك هي حياة السعداء على وجه الارض. تقوى الله وطاعته. الا وان مما معاني تقوى الله في حج في حياتنا بعد رحلة حجنا معشر الحاجين. التي ينبغي ان نرجع بها وان تمتلئ بها حياتنا تعظيم الله سبحانه وتعظيم شعائره وحرماته وقد عشنا ذلك ايام حجنا فعظمنا الكعبة والصفا والمروة وعرفات ومنى ومزدلفة عظمنا الشهر الحرام وايام عشر ذي الحجة الايام المعلومات والايام المعدودات. الا فان لله اياما طيلة العام. الا فان لله عز وجل ذنوبا وحدودا معظمة طيلة العمر. الا فان لله اركان واحكاما وواجبات عظاما عظمها الله فاجعلوا من تعظيمكم لله تعظيم دينه سبحانه وتعالى عظمت الصلاة في حياتك عبدالله؟ ما عظمها من تراخى في شأنها ما عظمها من اخرها عن وقتها ما عظمها من تساهل في ادائها. لا والله لا يليق بعبد مسلم اكرمه الله فحج ويرجو ان يكون من اعظم ما يرجع به بعد حجه امتلاء قلبه. من تقوى الله حق عليه ان تكون الصلاة شعاره الكبير لانها ركن دينه الاعظم ان يكون من المسابقين اليها المحافظين على صفوفها الاول. لا يكتفي بالفرائض فيلحقها بالنوافل. يحافظ على سننها الرواتب لا ينام قبل ان يوتر يحرص على ان يلقى ربه في الليل ولو بركعتين ينجو بها من الغفلة اسوته في ذلك حبيب قلبه ونبيه وهاديه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. الصلاة الصلاة معشر الحجيج. هي ركن الاسلام الاعظم اه واكبر اركانه العظام والواجب الكبير الذي عليه يقوم دين الاسلام. فعظموا الصلاة في حياتكم. ومن تعظيمكم للصلاة اقامة اهل البيت على الصلاة. وحثهما عليها. الزوجات الابناء والبنات. اسمع ما الذي دعا ابراهيم عليه السلام الذي بنى الكعبة وانتم تطوفون حولها ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي هل دعوت الله في صلاتك لاولادك بشأن الصلاة؟ هل دعوت الله لهم كثيرا ان يملأ الله قلوبهم تعلقا بالصلاة اذا كان خليل الله وهو النبي يدعو لاولاده بالحفاظ على الصلاة فانا وانت اولى والله والله قال لنبيه عليه الصلاة والسلام وامر اهلك بالصلاة ثم قال واصطبر عليها. قال اهل العلم لان فيها مشقة عليك ايها الاب فلا تمل ولا تهن لكن اجعل هذا واحدة من اثر عودتك بعد حجك. اسأل الله جلت قدرته باسمائه الحسنى وصفاته العلا