بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئاتنا اتي اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد امة الاسلام حجاج بيت الله الحرام. فمن رحاب البيت المعظم ومن جوار الكعبة في هذه الايام المباركة ينعقد هذا المجلس المبارك في هذه الايام العظيمة المعظمة عند رب العزة والجلال سبحانه وتعالى. وهذا نحن نقعد في مجلس من مجالس الذكر نتفيأ في ظلاله غشيان الرحمة وتنزل سكينة وان تحفنا الملائكة عليهم السلام وان يذكرنا الله جل جلاله في الملكوت الاعلى فنسأل الله ان يجعله مجلسا مباركا عامرا بطاعته وذكره سبحانه. مقربا اليه جل جلاله مثقلا لنا في موازين الحسنات ايها الكرام اظلتنا ايام عظيمة كريمة مباركة. وهذا المجلس مفتتح مجالس كتابعة ان شاء الله تعالى للحديث عما جئتم لاجله وفد الله حجاج بيت الله الحرام. في اداء هذا النسك العبادة العظيمة حج بيت الله الحرام. فان لهذه العبادة الجليلة مقاصد شرعية كبيرة عظيمة عند الله. والحديث في هذه المجالس سيتناولها على اتباع تفصيل بعون الله سبحانه وسيكون بين يدي حديثنا عن هذه المقاصد الشرعية لحج بيت الله الحرام. مقدمة في مجلس الليلة فيها مدخل للحديث هذا الظرف الزماني الذي اظلنا وجاءت عبادة الحج في بين طيات هذه الايام العظام. فان الحديث عن الحج حديث عن روحه وصلبه وهدفه السامي. حديث عن الغاية التي لاجلها شرع الله حج الحرام. فقالوا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. ايجاب الحج في شريعة الاسلام حكم شرعي غدا ركنا من اركان الدين. ولانه ركن عظيم فان من ورائه حكما جليلة. ومقاصد عظيمة الحديث عنها في هذه المجالس يتناولها بالتفصيل تباعا ان شاء الله تعالى. مما دلت عليه ايات الكتاب الحكيم وارشدت اليه احاديث النبي المصطفى الكريم صلى الله عليه واله وسلم. وبين يدي حديثنا عن هذه المقاصد هذا المدخل في الحديث عما يحف هذه العبادة من ايام عظيمة مباركة ولهذا فاننا نتناول في مجلس الليلة طرفا من الحديث عن بركة الايام التي تغشانا امة الاسلام. انها ايام عظيمة وليال مباركة اقسم الله سبحانه وتعالى بها في كتابه الكريم. فقال عز اسمه في سورة الفجر الفجر وليال عشر. هي الليالي هذه التي نعيشها. ونحن في ثاني لياليها الليلة ايها الكرام. في بقول جمهور المفسرين ان الليالي العشر التي اقسم الله تعالى بها هي ايام عشر ذي الحجة كما اخرج الامام الطبري رحمه الله تعالى بسنده عن زرارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ان الليالي العشر التي قسم الله بها هي ليالي العشر الاول من ذي الحجة. وكذا اخرج عن عدد من السلف قال ابن عباس في رواية ابن اوفى ان ليالي العشر اللائي اقسم الله بهن هن الليالي الاول من ذي الحجة. وقال مسروق عشر ذي الحجة وهي التي وعد الله موسى عليه السلام. وهذا قول جل ائمة المفسرين من السلف فمن تبعهم رحمة الله عليهم جميعا كما هو قول مجاهد وقتادة والضحاك وعدد كبير من ائمة المفسرين سلفا وخلفا هذا ماذا يعني لنا ايها المسلمون ان يقسم الله عز وجل بايام فتكون موضعا لقسمه الجليل وهو هو الرب العظيم سبحانه اما ان لله ان يقسم بما شاء من خلقه سبحانه وتعالى لكنه جل وعلا اذا اقسم بشيء من خلقه كان ذلك دلالة على عظمة شأنه عنده سبحانه وتنويها بجلالة قدره كما اقسم الله ببعض اجزاء الزمان اقسم بالعصر سبحانه وبالظحى وبالفجر وبالليل وبالنهار اقسامه سبحانه باي شيء من خلقه دلالة على عظمته وتنويه بشأنه فما العظمة في هذه الليالي وما التنويه بشأنها الذي جاء في هذا القسم العظيم. بل ان الله لما اقسم بتلك الايات في سورة الفجر فقال والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل اذا يسر. هذه خمسة امور. اقسم الله بها كلها عظيمة. قال بعدها هل في ذلك قسم في حجر ما معنى لي ذي حجر لذي عقل يسمى العقل عند العرب حجرا لانه يحجر صاحبه ان يمنعه عما لا ينبغي له ان يفعله فمن كان ذا عقل حصيف وحكمة نأى بنفسه عما لا يليق به. من الاخطاء والتجاوزات وما لا يحسن ان ينسب اليه العاقل يقول الله هل يا عبادي فيما اقسمت لكم به قسم كاف لمن كان له عقل اما انها والله اشارة الى ان العقل الحصيف والقلب المسلم ينقاد الى بيان عظمة تلك الامور التي اقسم الله تعالى بها. ومن بينها هذا القسم بالليالي العشر التي ذكرها الله عز وجل في قوله وليال عشر. هل في ذلك قسم لذي حجر؟ ان يقول ذكره كما يقول الطبري رحمه الله هل فيما اقسمت به من هذه الامور مقنع لذي حجر وانما عني بذلك ان في هذا القسم مكتفى لمن عقل عن ربه مما هو اغلظ منه في الاقسام واقسم الله تعالى بها وجعلها دلالة على تنبيه شرفها وفيها المعاني العظام والبركات الكرام التي يأتي ذكرها والاشارة اليها والتنويه بها تباعا. فجعل الله عز وجل القسم بها مقنعا وكفاية لكل ذي عقل يدرك معنى كلام ربه الكبير المتعال جل جلاله. هل في ذلك قسم لذي حجر بلى يا رب فيه الكفاية والمقنع لنا امة الاسلام. وكلام ربنا على الغاية من التعظيم والاجلال. هي ليالي العشر اذا التي اقسم الله تعالى بها وهي ذاتها التي تتناول الايام المعلومات وتلك من ثانية للايام التي نعيشها اليوم امة الاسلام. قال الله عز وجل في سورة البقرة الحج اشهر معلومات وفي قول كافة اهل العلم ان الاشهر المعلومات للحج هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فقوله سبحانه الحج اشهر معلومات يتناول الشهرين وعشرة ايام. فتقع هذه العشر الاول من بحجة خاتمة الايام المعلومات الايام في الاشهر المعلومات. وهي الايام المعلومات التي ذكرها الله في سورة الحج في قوله تعالى ليشهدوا ما نافع لهم ويذكر اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام وهي الايام العشر من ذي الحجة ايضا في قول جمهوري اهل العلم. اذا هذه العشر الليالي التي اقسم الله بها وهي خاتمة الاشهر المعلومات في اشهر الحج. وهي الايام المعلومات التي جعلها الله عز وجل مناطا لاقامة ذكره سبحانه وتعالى في مقصد عظيم جليل من مقاصد الحج التي ستأتينا تباعا. ايها المؤمنون ربنا وانه سبحانه وتعالى فضل ما شاء من خلقه على ما شاء سبحانه. وهو القائل وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون. فضل سبحانه بعض خلقه وفضل بعض الاماكن وبعض الازمنة فمما فضل الله من الزمان شهر رمضان ومما فضله سبحانه العشر الاول من ذي الحجة. وفضل يوم عاشوراء واياما عدة في العام هذه حكمة لله وقدر يختار به ربنا سبحانه وتعالى ما يشاء. ولان لله نفحات وهبات فانها اي الايام الفاضلة هي موئل وموطن ومظنة تلك الهبات والنفحات. في رمضان وفي العشر الاخيرة منه على وجه الخصوص هي موضع عظيم لهبات ونفحات وكرامات يمنح الله بها ما شاء لمن شاء من عباده وكذلك الامر في هذه الايام التي تغشانا ايها المسلمون. ولانها مواسم عظيمة فان القلوب المؤمنة ترتقب بشغف هي تدرك ان الرب كريم سبحانه. وان الهبات من الكريم عظيمة. وان الايام الفاضلة والليالي مباركة هي اقرب لان تنال فيها النفحات وتكتسب فيها البركات. ولذلك يعد المسلمون هذه المواسم وهي ايام يرتقبونها بشغف وحب لانهم يتعلقون بخالقهم لا غير وهم قد علقوا قلوبهم وحياتهم ومماتهم بربهم مالك الملك. فاذا علموا ان له سبحانه نفحات. وان له هبات واعطيت وانه يختار بعض الزمان فيمنح فيه من الكرامة والاعطية والرزق ما لا يمنح في غيره كان ذلك دافعا لهم على مزيد من الطمع والتعلق بما وهبهم ربهم سبحانه وتعالى لم هذه الايام؟ ايام عشر ذي الحجة بتلك المثابة والمنزلة الكريمة هي افضل ايام الدنيا على الاطلاق والعمل فيها احب العمل عند الله عز وجل ايضا على الاطلاق. وهذان امران منفكان الايام ايام فاضلة هي مفضلة في سائر ايام العام. والعمل فيها عمل عظيم مبارك محبوب عند الله عز وجل. في في حين قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله من هذه ايام العشر. قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله فقال ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. وفي رواية ما العمل في ايام افضل وفي رواية ارجى وفي رواية ازكى كما عند الترمذي. تأملوا هذه الالفاظ الخارجة من فم المصطفى صلى الله عليه وسلم. لا عمل افضل لا عمل ارجى لا عمل ازكى. لا عمل احب الى الله بالله عليكم ايزهد مسلم في قربة وحسنة ومثقال ذرة من خير في موضع يعلم انه لا ارجى له منه عند الله ولا ازكى في صحيفته يوم يلقى الله ولا احب عند ربه الذي يحب عمله الصالح في هذه الايام ارأيت تسبيحتك وتكبيرك واستغفارك؟ ارأيت صدقتك وصلاتك وركعتك وسجدتك؟ ارأيت ايتك التي قرأت؟ وحزبك كمن القرآن الذي تلوت ارأيت كل شيء فعلته في هذه الايام والله لا افضل منه عند الله ولا احب منه عند الله ولا ارجى لك عند الله ولا ازكى في صحيفتك يوم تلقى الله مما ستفعله هذه الايام فمسكين والله ذلك العبد الذي يفوته هذا الرجاء وهذا الزكاء هذا الفضل هذه المحبة التي يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها في هذه الايام فتمر عليه هذه الايام مرور الكرام ويصبح لا فرق عنده بين اليوم وامس وبين هذا الاسبوع والاسبوع الماضي هذه والله من اعظم مواطن الغفلة التي يمكن ان يوقع فيها الشيطان بعض عباد الله ان تمر عليه هذه الايام العظيمة كسائر ايام العام. تدري ليش نقول انها غفلة؟ لانها عند الله ليست كسائر ايام العام هي عند الله ليست مثلها فكيف تكون عندي وعندك مثل باقي ايام العام من ادرك ان ربه سبحانه وتعالى اصطفى هذه الايام كان له فيها مع ربه سبحانه وتعالى شأن وعمل وقربة يفعله في غير ما يفعله سائر ايام العام. وانا وانت سائر ايام العام اما محسن واما مسيء فمن كان منا محسنا فليزدد احسانا ومن كان منا مسيئا فليكف عن اساءته وليقلب صفحة يتقرب فيها الى الله عز وجل في هذه الايام العظيمة سمعتم فضلها ومكانتها عند ربنا عز وجل. هذه الايام التي اخبر انها افضل ايام الدنيا والعمل فيها افضل من غيرها دل على ان اداء الفريضة في هذه الايام خير من اداء الفرائض فيما سواها وان فعل النوافل والمستحبات فيها ايضا خير واعظم اجرا من النوافل والمستحبات في غيرها. وليس سمعنا هذا ان النافلة في هذه الايام خير من الفريضة في غيرها. ابدا فان الفريضة لا يعدلها شيء وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترظته عليه هذه العشر يا كرام يفاضل اهل العلم فيها بينها وبين العشر الاخيرة من رمضان وقد قال ابو عثمان النهدي رحمه الله تعالى كانوا يعظمون ثلاث عشرات يعني السلف كانوا يعظمون من العام ثلاث عشرات. العشر الاخيرة من رمضان والعشرة الاولى من ذي الحجة والعشرة الاولى من شهر الله المحرم هذه عند السلف كانت عشرات معظمة ولان العشر الاخيرة من رمضان عشر مباركة عظيمة فان الراجح من قول اهل العلم ان ايام عشر ذي الحجة التي انتم فيها ايها المسلمون. خير من غيرها وفضلها يعم الليل والنهار لكن ليالي العشر الاخيرة من رمضان افضل من ليالي العشر الاول من ذي الحجة لاشتمالها على ليلة القدر واما النهار فايام عشر ذي الحجة افضل من ايام العشر الاخيرة من رمضان لاشتمالها على يوم النحر يوم عرفة ويوم القر. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان افضل الايام ان اعظم الايام عند الله يوم النحر ثم يوم القرن هذه الايام العشرة اكتنفت بين جنباتها اياما الواحد منها له من الفضل ما يعدل ايام العام ومن ذلك يوم عرفة تاسع ايام هذه العشر. يوم يقف فيه الحجيج بصعيد عرفات. يتقربون الى الله ويلتمسون العفو المغفرة والعتق من النار ويرقبون الميلاد من جديد في ذلك اليوم العظيم يوم عرفة يوم عظيم. وفي الحديث الصحيح قول المصطفى صلى الله عليه وسلم. ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة يوم عرفة هو في قول بعض اهل العلم المقصود بالقسم في قوله تعالى وشاهد ومشهود يوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس. يوم عرفة ذاك اليوم الذي لا يوجد فيه دعاء وطلب وسؤال عند الله من يوم عرفة. خير الدعاء دعاء يوم عرفة. يوم عرفة يستوي في فضله ونيل كرم الله. الحاج غير الحاج. اما الحجاج فبالوقوف في صعيد عرفات. وبأداء النسك وركنه الأعظم في الحج الوقوف بعرفة. كما قال عليه الصلاة والسلام الحج عرفة. وغير الحجيج يلتمسون القربة بصوم يوم عرفة. ويحتسبون عند الله ان يكفر سنة سنة قبله وسنة بعده كما صح ذلك عن المعصوم صلى الله عليه واله وسلم. فهو يوم عام البركة عظيم الفضل عميم المغفرة والرحمة والعتق من النار. هذا يوم ثقيل في الميزان عند الله بين ايامنا دنيا. اذا نظرت الى يوم عرفة فقلت لو لم يكن في ايام العشر الا يوم عرفة لكان كافيا ان ترجح كفة عشر ذي الحجة على سائر ايام العام. فكيف وقد اضيف اليها ما تقدم من المناقب قبل قليل هي خاتمة الاشهر المعلومات هي الايام المعلومات التي امر الله الحج واقام للحجيج اداء النسك لاجل اقامة ذكره وشهود المنافع في هذه الايام المعلومات واما يوم النحر الذي هو عاشر الايام العشرة. يوم الاضحى المبارك عيد المسلمين شرقا وغربا في امة الاسلام. حيث تعمهم الفرحة بهذا اليوم العظيم. هو ايضا من الايام العظيمة عند الله. وقد قال قال عليه الصلاة والسلام ان اعظم الايام عند الله يوم النحر وهذا يا كرام تفضيل مطلق لا يقابله شيء. ان اعظم الايام وهذا التفظيل المطلق من فم المصطفى صلى الله عليه وسلم يجعل يوم النحر نصب عينيك يوما عظيما ترتقبه تتسارع دقات القلوب في انتظار هذا اليوم العظيم. اذا كان هذا اعظم يوم عند ربك العظيم فبالله عليك ما انت صانع فيه ما الذي ستفعله في اعظم يوم عند ربك العظيم سبحانه. شرع الله لك تكبيره. شرع الله لك صلاة في العيد شرع الله لك اضحية تذبحها فيه. شرع الله لامة الاسلام حجاجا وغير حجاج. ان يجأروا اجهروا وتصعد اصواتهم وتبح حناجرهم تكبيرا لله. وتهليلا وتحميدا. فتجتمع امة الاسلام حجاجا وغير حجاج على صوت واحد من الشرق الى الغرب لتجأر امة الاسلام ويضج كوكب الارض بالتكبير والتهليل والتحميد لربنا الكبير سبحانه. وفعلا تظهر امة الاسلام عظمة هذا اليوم في شعيرتها في شريعتها في عقيدتها في ثقافتها. فاذا امة الاسلام عربا وعجما صغارا وكبارا رجالا ونساء كلهم على قلب رجل واحد. الله اكبر الله اكبر الله اكبر لا لا اله الا الله الله اكبر الله اكبر ولله الحمد يفرح الحجيج وقد افاضوا من عرفات. واذا بهم يوم العيد اصبحوا في المزدلفة فيتجهون الى منى لرمي جمرة العقبة فيتم حجهم ويؤدون نسكهم فتعظم الفرحة التي لا تحملها صدورهم وقد اتم الله لهم النسك وادوا الحج وغير الحجيج هم كذلك يوم العيد تعمهم الفرحة والبهجة والسرور والتوسعة على الاهل والاولاد والعيال تبادل التهاني وتوزيع الحلوى واكل اللحم والتزاور والانبساط والفرحة والابتهاج. يوم عظيم ومن مظاهر العظمة فيه ان تفرح امة الاسلام بعظيم فضل الله عليها هذه ايام عظيمة يوم عرفة تاسع العشرة. ويوم النحر عاشر الايام العشرة. فاذا اضفت اليها تتمة ايام الحج التي تلحقها. في ايام التشريق يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ادركت رعاك الله انها ايام اتصل فيها من العبادات النسك ما تثقل به موازين العباد. ويرجعون به بعد الحج كما ولدتهم امهاتهم. قد غفرت ذنوبهم وسترت وعادوا بيض الصحائف بيض الوجوه. وقد املوا في ربهم واعظموا الثناء. وطرقوا في الدعاء كل الابواب اذا بهم لا تحسهم البهجة ولا تحمل اقدامهم الاجساد وهم يطيرون فرحا وشوقا بعطاء كريم ونوال تبتهج به الصدور وهم يعودون في تلك الايام التي يعلمون عظمتها عند الله. هذه الايام بهذه العظمة وما اكتنفته من الايام هي ايضا تجتمع فيها امهات العبادات تجتمع فيها الصلاة ويؤدي المسلمون صلواتهم كل يوم وليلة. ويودون فيها الصدقات ومن صدقات الحجيج. اهداء النسك وذبح الهدي والاضاحي وايضا يؤدون فيه النسك. وهو الحج بيت الله الحرام. فاجتمعت امهات العبادة في هذه الايام بما لا يجتمع في غيرها. واركان الاسلام الخمسة تجتمع حصرا في هذه الايام المعلومات. الصلاة والصدقة والصيام لمن يتطوع به تنفلا وحج بيت الله الحرام. فاجتمعت اركان الاسلام فثقلت بذلك هذه الايام التي ترجحها على سائر ايام العام. اسمع رعاك الله كان سعيد بن جبير سيد التابعين رحمه الله تعالى كان يجتهد اذا دخلت العشر اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه ولما يقال شأن رجل في الامة مثل سعيد رضي الله عنه ورحمه فلتعلم انه احد قدوات الامة وائمتها الكبار وهو في سائر ايام العام مضرب المثل في العبادة والصلاح والزهد والتقى فمن كان هذا كيف يقال عنه اذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا لا يكاد يقدر عليه؟ انه باختصار انتقال بالنفس الى مرتبة يبحث عنها العاقل الحصيف. يبحث عن مرتقى اعظم مما هو فيه. ولو كان في قمة السلم صلاحا وزهدا وتقى لله عز وجل. لكنه المبدأ الذي عاش عليه سلفنا رحمة الله عليهم. وكان يقول لا تطفئوا سروجكم ليالي العشر يريد رحمه الله احياء. هذه الليالي بالقيام والذكر والمناجاة والدعاء بين يدي الكريم سبحانه الذي يحب العمل الصالح في هذه الايام فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. لما ذكر عظمة هذه ودلنا على عظمة وفضيلة العمل الصالح فيها. قال عليه الصلاة والسلام فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير احمي ولذلك صيغ عدة اشهرها عند اهل العلم ما يقوله المسلمون في مساجدهم وجوامعهم وطرقاتهم وبيوتهم الله اكبر الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله. الله اكبر الله اكبر ولله الحمد وقد صح ايضا في الصيغ الله اكبر كبيرا والحمدلله كثيرا وسبحان الله بكرة واصيلا. التكبير الذي امرنا بالاكثار منه هذه الايام المباركة. امة الاسلام. حق علينا ان نمتثل. وصية المصطفى صلى الله عليه واله وسلم بقوله فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد. ان الكثرة والاكثار ايها الكرام اعني ان لا يقتصر احدنا على مرات معدودات يقولها في يومه وليلته انت الان عبد الله. انت هذه الليلة بل منذ البارحة ومن سيأتيك من ايام ارقب انفاسك. ولو استطعت ان تجعل في كل نفس منها تهليلا وتكبيرا وتحميدا فافعل واذا بلغت بتهليلك وتكبيرك وتحميدك الالوف وعشرات الالوف ومئات الالوف فانك والله مسابق الى ثاني وصية نبيك عليه الصلاة والسلام. ونعم ما يفعل المرء في مثل هذه الايام المباركة ان يسابق الى نيل كرم وعطاء ووعد كريم دل عليه النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوله فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد يا كرام العمل الصالح فيها محبوب والتقرب فيها الى الله عز وجل واسع الابواب واغتنام هذه العشر يقع بكل عمل صالح. ان تصدقت ولو بالقليل ان صليت نافلة ولو بركعتين. وان فتحت المصحف وقرأت ولو ايتين. وان فقلت عن كل ذلك وتوسدت الفراش فقلت على فراشك الله اكبر الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله الله اكبر الله اكبر ولله الحمد. وتنقلت بين تكبير واستغفار وتهليل وتسبيح. فوالله لا تدري كم تحصي في ميزان حسناتك ولا تعلم ما الذي يراد لك من الاجر والخير وانت تتقلب في هذه الايام الفاضلة بين هذه العبادات العظيمة عجيب والله ان نجد في انفسنا النشاط والجد والاجتهاد والعمل في ايام معدودة في العام هنا وهناك نتسابق فيها ثم او نثقل او نغفل عنها في هذه الايام المباركة. يا كرام ان العزائم التي شمرت عنها القلوب المؤمنة في رمضان واجتهدت في العشر الاواخر فاعتكفت وختمت وبكت وخشعت هي ذاتها التي يراد لها ان تكون في هذه الايام اشد حرصا مما كانت عليه في رمضان. اي والله. والنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي دل فقال ما من ايام العمل الصالح فيهن احب الى الله من هذه العشر ولا اعتكافك ليالي العشر الاواخر من رمضان ولا اعتكاف. ولا ختماتك للقرآن التي فعلت في رمضان ولا تلك الختمات. ما من شيء بل الصحابة سألوا عن ما هو اكبر من الاعتكاف وختم القرآن وعمرة رمضان قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله جاؤوا من الاخر فسألوا عن ذروة سنام الاسلام الذي لا شيء فوقه قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله يعني من يعمل عملا صالحا هذه الايام هو اعظم حتى من الجهاد في غير هذه الايام واستثنى صلى الله عليه وسلم شيئا واحدا فقال الا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. المجاهد الذي ضحى بنفسه وماله. فقبله الله شهيدا وقبل جهاده بنفسه وماله ذاك الذي لا يعدله شيء ولا يمكن ان يفوقه في ثواب عمل صالح سواه اي باب من الابواب هذه الاعمال الصالحة التي نحث النفوس عليها ونتواصى بها ويذكر بها بعضنا بعضا. ونحاول قدر المستطاع ان نجتهد بانفسنا واهل بيوتنا من الزوجات والاولاد حرصا والله على ان نستبق ما بقي من اعمارنا في ادخار عمل صالح لعلها تكون الحسنة التي تنجينا يوم نلقى الله كل هذا في كفة وما جئتم لاجله معشر الحجيج من بلدانكم الى بلد الله الحرام لاداء النسك في كفة اخرى فان من افضل الاعمال التي يتقرب بها الى الله في هذه العشر هو اداء حج بيت الله الحرام. خصوصا ان كان حج فريضة وقد قال الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. وقال من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته امه. وقال عليه الصلاة والسلام تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة هذه العبادات والنسك خاصة لمن جاء معتمرا وحاجا حج تمتع او حج افراد او حج قران هذا من اعظم الاعمال التي يتقرب بها العباد الى الله. بل ان الحال وحده في الامة الذي بوسعه ان يؤدي عبادة لا يشاركه فيها الا الحجاج ويبقى في الامة قرابة اثنين مليار يغبطونكم على ما انتم عليه واحدهم ربما يزاحمكم في الصلاة والذكر والصدقة والاستغفار وقراءة القرآن وبر الوالدين وصلة الرحم والاحسان وكفالة الايتام. يسابقونكم في كل ابواب الخير وربما باضعاف اضعاف فاذا جاؤوا لباب النسك واداء الحج فاذا انتم وحدكم على الباب يغبطونكم والله انكم تعملون عملا صالحا في هذا الموسم في هذه الايام لو كان بوسع احدهم ان يبذل ما ملكت يداه ليشارك يوما معكم بل ساعة من ساعاتكم في صعيد عرفات لفعل لكنها الاستطاعة لكنها قسمة ارادها الله عز وجل لمن اراد ان يأتي ليقف معه ويكون في ديوان الحج هذا العام فحج بيت الله الحرام من افضل الاعمال واجل القربات التي يتقرب بها العباد الى ربهم عز وجل في هذه الايام العظيمة المباركة وهم يعلمون انهم يتقربون الى الله بعمل صالح يحبه جل جلاله. يشارك الحجيج امة الاسلام في كل اعمال الصالحات وينفردون عنهم باداء النسك فهم يطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة ويبيتون في منى والمزدلفة ويقفون بعرفات ويرفعون الدعوات كشفوا رؤوسهم تجردوا من ارتدوا الازار والرداء اضحوا ملبين وانطلقوا بين تلك المشاعر تقودهم القلوب قبل الاقدام يبحثون عن مواطن رحمة فاذا هم يستظلون بظلالها في منى ثم في عرفات ثم في المزدلفة ثم يعودون فيذكرون الله ذكرا كثيرا وهم الرضا والرحمة والعفو والمغفرة. هذا الفضل الكبير الذي خص به من اكرمه الله فجاء فقال لبيك اللهم لبيك ايها الكرام الحديث طويل وذو شجون. لكنا اردنا منه في هذا المقام وفي هذا المجلس ان يكون مدخلا سنتحدث عنه بدءا من ليلة الغد ان شاء الله؟ في الحديث عن مقاصد الحج العظام التي جعلها الله عز وجل بين يدي كل لمن قصد هذا النسك في ادائه قاصدا بيت الله الحرام والمشاعر العظام. كل ما قيل فيما سبق من فضل الزمان والمكان. يشارككم فيه اهل الاسلام وتنفردون عنهم بان جمع الله لكم مع فضل الزمان في هذه العشر المباركة. وما سيكون في ثناياها من خصوص بعض الايام كيوم عرفة ويوم العيد ان خصكم الله بامرين اثنين احدهما اداء النسك الذي انفردتم به عن سائر الامة. يحج هذا العام مليون مسلم فقط من بين قرابة الفين مليون مسلم. عرفت كم نسبتك اليوم كم تعدادك بالنسبة الى الامة انت والله قطرة في بحر اسألك بالله ادركت عظيم فضل الله عليك ان اذن لك واتى بك من بيتك الى بيته ومن بلدك الى بلده الحرام لا تظن لا تظن ان المسألة تعلقت بقدرة واسباب بذلتها ومال ملكته وجاه وعلاقات اوصلتك اليوم الى حج بيت الله الحرام. لا والله ففي الامة من هو اصح بدنا مني ومنك ولم يحج وفي الامة من هو اغنى مني ومنك ولم يحج وفي الامة من هو اوجه مني ومنك ولم يحج وفي الامة من هو اقدر بكل الاسباب مني ومنك ولم يحج لكن لما اذن الله لك ان تأتي فتحج ولم يأذن لغيرك فحري بك الا يفتر لسانك عن حمده والثناء عليه وذكره سبحانه بما هو اهل له فلما قلت لبيك اللهم لبيك مؤكدا هذا المعنى ان الحمد والنعمة لك والملك. لا تعول على شيء في مجيئك لهذا النسك انت فقط عالة على فضل الله عليك وكرمه سبحانه وتعالى لك ومنته وعطائه التي حباك بها. من بين سائر خلقه. لست لانك المصطفى المختار من بين خلقه ولا لانك التقي الزكي النقي من بين عباده ولا لانك صاحب السر الخفي من بين خلقه لكن الله اراد بك خيرا فاقدر ربك حق قدره واذكر نعمته عليك واجعلها حاضرة بين عينيك كلما قمت وقعت واصبحت وامسيت ونمت واستيقظت تمضي اياما عظيمة مباركة خصك الله بها. هذه اولى الخصلتين التي تنفردون بها معشر الحجيج. عن سائر خلق الله في الامة هذا العام واما الخصلة الاخرى فانفردتم عنهم بفضل المكان وشرفه. هذا البلد الحرام البلد الامين الكعبة البيت المعظم. ما عظم الله من الارض بقعة كما عظم بيته الحرام. فانتم في خيرة خلق خيرة ما خلق الله من البلاد. ولما خرج المصطفى عليه الصلاة والسلام مهاجرا من مكة الى المدينة قال والله اني لاعلم انك احب البلاد الى الله. وفي رواية احب ارض الى الله فانت عبد الله تعيش اياما وتمر بك ليال وانت على اطهر بقعة على وجه الارض واشرف مكان واعظم بلدة هي المصطفاة والمختارة التي اصطفاها الله واختارها من بين البلاد. ففظيلة المكان المحفوفة طيلة الزمان المضافة اليها فضيلة العبادة والانفراد بالنسك الذي انفردتم به عن سائر العباد في الامة هذا العام احمل احدنا حملا على ان يعيش ايامه العشرة هذه غير عيشته سائر ايام العام حقا والله عليك ان تبحث لنفسك في كل يوم وليلة تمر بك عن شيء تختلف فيه عن نفسك انت سائر ايام العام لا ينبغي ان تمر بك الايام والليالي وانت كما انت دع عنك التفريط والتسويفة وضياع الاوقات. اترك رعاك الله كل ما لا ينبغي لك ان تنشغل به. واجل كل ما يمكن تأجيله وتفرغ للمعالي للعظائم. اقبل على رب كريم اعطاك واتاك واصطفاك واجتباك وجعلك من بين خلقه اليوم في رحاب بيته الحرام. فعظم هذه المعاني واقبل على رب كريم خصك من بين خلقه وليرى الله منك شكر هذه النعمة عملا قبل القول باللسان. وليرى الله من حالك وفعالك وصمتك وقيامك وقعودك ما يدل على انك عبد عبد فطن. ادركت عظيم فضل الله عليك فاذا بك تلهج باعضائك وحواسك وكل جوارحك قبل لسانك تلهج حمدا وثناء وتكبيرا وتسبيحا وذكرا له سبحانه وتعالى هذه الايام التي قد مضت ليلتها الاولى ونحن نخط الاقدام في ليلتها الثانية ستمضي تباعا واردت بهذا المدخل ايها الكرام ان يكون حديثنا عن الحج وما يحف به من المعاني العظام محفوفا باطاره الزمني المبارك العظيم الذي القينا عليه اطلالة عاجلة هذه الايام عظيمة ولعظمتها فرض الله فيها حج بيته الحرام ولذلك فان عبادة كالحج يشرع لها السفر والارتحال والاغتراب ودفع المال والمكث في هذه البلاد اياما واسابيع عدة ابدا لن تكون في ميزان الشريعة عبادة جوفاء لا قلب لها لا روح لا لب في داخلها ابدا يحال ان يكون كذلك. والله عز وجل حكيم. وشريعته حكيمة وكتابه حكيم سبحانه وتعالى. فمن كانت له الحكمة البالغة جل جلاله تنزه شريعته ان يكون فيها من الاحكام والتكاليف ما يخلو عن المقاصد العظيمة الجمة البالغة التي من وقف عليها ادرك سر التشريع واصاب المقصود الاكبر من العبودية. خلقنا الله لنكون عبادا له. فقال وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وطرق عبوديتي تؤتى من ابوابها وابوابها في هذه العبادات الامهات كالصلاة والصيام والزكاة والحج انما تلتمس من تلك الابواب العظيمة وهي مقاصد العبادات. للحج مقاصد جليلة وله اهداف عظيمة سامية. وحسبك ان تدرك انه لجلالة مكانته. اعني الحج وعظيم منزلته بين جعله الله تعالى في هذا الظرف الزماني الذي فظل على سائر ايام العام. فعبادة عظيمة ليس لها ثقل في ميزان الاسلام يوازي غيره من العبادات. جعلها الله تعالى في ايام عظيمة ليس لها في ميزان الايام عند الله ايضا ما يثاقلها في الميزان. كل ما حولك عظيم عبد الله الزمان عظيم والمكان عظيم والبيت عظيم والعبادة عظيمة وربك سبحانه وتعالى عظيم جليل جل في علاه بقي في سلسلة العظمة هذه ان تكون عظيما انت وعظمتك هي في كل ما يمكن ان تبلغه بعبوديتك لله اعظم الخلق عند الله اشدهم عبودية وافتقارا اليه سبحانه اما رأيت الى معجزة الاسراء والمعراج التي جعلها الله لنبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم اية عظيمة ومعجزة خارقة وهي اية كونية يؤخذ من هنا من رحاب البيت الحرام الى المسجد الاقصى فيؤم الانبياء عليهم السلام. ثم يعرج بالبراق بصحبة جبريل عليه السلام الى السماوات السبع حتى يبلغ سدرة المنتهى ويدرك منزلة ما بلغها قبله ملك مقرب ولا نبي مرسل فتفرظ عليه الصلوات ويعود صلى الله عليه وسلم ليلته تلك في معجزة عظيمة غاية العظمة. لما ذكرت هذه المعجزة الكريمة في القرآن الكريم في سياق الثناء على النبي عليه الصلاة والسلام ومدحه والتفضل عليه تمنن بهذه النعمة العظيمة. قال سبحانه سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الاية ما وصفه بشيء في تلك المنزلة من العظمة بشيء اعظم من وصف العبودية اسراب عبده كلما كنت عظيما عند الله كنت اشد عبودية لله. اعود فاقول اجتمعت لك عبد الله العظمة من جميع جوانبها وما بقي الا خانتك انت فاملأها عظمة رعاك الله بعظمة ما تؤديه عبودية لله. فان احسنت فهنيئا لك والله اوتيت العظمة من جميع ابوابها. ونلت شرف الزمان والمكان والعبادة والقبول ان شاء الله تعالى فترجع وقد تحققت لك المنى. واديت الواجب وابرأت ذمتك وبيضت صحيفتك وثقلت ميزانك وعدت لست كما انت الذي جئت قبل حجك لبيت الله الحرام ايها المسلمون ايام عظيمة تتنافس فيها الانفاس ويتسابق فيها الصالحون بحثا عن رضا ربهم وخالقهم ولان لا يظن العبد او يزين له الشيطان ان المسألة عبادات كثيفة تحتاج الى جهود وهمم عظيمة هي من ذلك بكثير. كل حسنة وعمل صالح وقربة تتقرب بها الى الله في هذه الايام انت مأجور عليها احرص نيتك لله واستشعر عظمة الايام وادي القربات التي وسعتك واجتهد فيما يمكن لك فيه مسابقة عباد الله الصالحين العبادات لا حد لها. ورب عبد يفتح له في باب دون باب والناس في هذا مسالك شتى. فمنا الذي يفتح عليه في الصلاة واخر في قراءة القرآن وثالث في الذكر ورابع في الاحسان الى المساكين. وخامس في بره بوالديه سادس في صلته بجيرانه وسابع في السبق الى المساجد والصفوف الاول. وثامن وتاسع وعاشر قلب قلبك بين تلك العبادات. وتقرب الى الله بما استطعت. ومن فتح له في باب من الخير والقربة والعمل الصالح فلا يزهد فيه وليقبل على الله واجعل على لسانك قائما وقاعدا هذا الذكر الذي اوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد وانظر الى انها غراس لك في الجنة بكل مرة تلفظها. غراس الجنة التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد الباقيات الصالحات كما قال الله عز وجل خير عند ربك ثوابا وخير املا وخير مردا ما تؤمله يوم تلقى الله خير من هذه الكلمات. ولا ثواب ترجوه عند الله يوم تلقاه خير من هذه الكلمات. ولا شيء يوم يردك المرد الى الله فتبتهج بان تلقاه في صحيفتك خير من هذه الكلمات. سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم كان ابن عمر وابو هريرة رضي الله عنهما يخرجان الى السوق في ايام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبير تدري ما هذا هذه اشاعة الذكر واعلانه ورفع الاصوات به لتضج الشوارع والطرقات والاسواق والمساجد البيوت بتكبير الله ضجيج يملأ الكون انسا وطمأنينة كل ضجيج له صخب وازعاج واذى في الاذان وفي الاسماع وفي القلوب. الا ذكر الله سبحانه وتعالى. فان رفع الصوت به انس. والاشتغال به طمأنينة الا بذكر الله تطمئن القلوب. قال ميمون ابن مهران رحمه الله وهو سيد من سادات التابعين. قال الناس وانهم ليكبرون في العشر حتى كنت اشبهه بالامواج من كثرتها كأنما يموج به المكان من كثرة ما يسمع من ارتفاع الاصوات بالتكبير والتهليل والتحميد. فرحم الله عبدا احيانا به السنة. واعلن في الامة هذا التكبير. فربما مشى في طريق فكبر فسمع الناس تكبيره فكبروا لاجله فنال اجره واوصى اهله وذكر اولاده وشغل اوقاتهم. التكبير في هذه الايام مطلق في كل وقت وان. صبحا ومساء اقبالا وادبارا لكنه يقيد على وجه اخص بعد فجر يوم عرفة لغير الحاج وبعد ظهر يوم العيد للحاج الى اخر مغرب ايام التشريق فانه تكبير مقيد يكون عقب هذه الايام الصالحة العظيمة المباركة. ومن اراد ان يصوم شيئا من هذه الايام يصومها تطوعا وتنفلا. فانها من جملة العمل الصالح الذي يدخل في فضيلة العمل هذه الايام وقد اثر عن بعض السلف استحبابهم صيامها واستباقهم اليها من غير حصر الله وغير الحاج يصوم عرفة على وجه الخصوص والحاج الافضل له الفطر اقتداء برسول الله صلى الله عليه واله وسلم لقوله في الحديث الصحيح صيام يوم عرفة احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده كما في صحيح مسلم تعهد اهل البيت ايها المباركون. حتى من كان منكم حاجا وقد خلف في داره وبلده الاهل والاولاد والعيال فانه من حسن الرعاية والامانة لمن تحت ايدينا ان نتعاهده بالتذكير والوصية والاخذ بهم. يقول سعيد بن جبير رحمه الله ايقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة يقول حتى الخدم لا تتركوا تذكيره فكيف اذا بالزوجة والاولاد؟ كيف بالاخوة والاخوات؟ نحن احرى بان نكون اكثر خصوصا على الاخذ بايديهم نحو مواطن الرحمة ومواطن الفضل والبركة والثواب العظيم. من التجارة الرابحة في هذه العشر الاشتغال بكتاب الله ايها الكرام حجاج بيت الله الحرام. ختمة مع كتاب الله يعيشها الحال الله اكبر وان محمدا رسول الله حيانا الصلاة لا اله الا الله فان الاقبال على كتاب الله الكريم والاشتغال به في هذه الايام المباركة من جليل العمل الصالح. قد كان السلف رحمة الله عليهم يستحبون للحاج اذا دخل مكة موسم الحج الا يخرج منها الا وقد ختم القرآن وهذا الصنيع من الاقبال على كتاب الله هو التماس لمرضات الله من باب عظيم فهو كلامه سبحانه. ومن احب الله احبه كلامه ولو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم كما قال ذو النورين رضي الله عنه وارضاه. ايام عظيمة في حديث البزار وابن حبان عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل ايام ايام العشر يعني عشر ذي الحجة. قيل ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال ولا مثلهن في سبيل الله الا رجل عفر وجهه تراب. هي ايام كريمة. فليقبل عليها العبد بما يرجو ان يفرح بان يلقاه في صحيفته يوم يلقى الله. ومن استشعر تلك العظمة بجوانبها التي اجتمعت والفضائل التي احيط به في هذه الايام المباركة ادرك انه امام كبير ومنجم من الحسنات والاجور. بحر يغترف منه ما شاء. فليستقل العبد من ذلك او ليستكثر. ايها والمباركون انها ليلة الجمعة ومن عملكم الصالح الذي تتقربون ومن عملكم الصالح الذي تتقربون به الى الله كثرة الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فان الله احبه وامرنا بحبه. وصلى عليه وامرنا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وعظم شأنه وامرنا بتعظيم قدره صلى الله عليه واله وسلم فاجعلوا من جليل عملكم الصالح الذي تثقلون به الميزان وتملؤون به الاوقات كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم يا رب صل على نبيك ما بدا نور الصباح واشرقت افاق يا رب صل على نبيك ما هفى قلب المحب وحنت الاشواق. اللهم صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصلي وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من اشد امته له حبا. ومن اكثرهم منه يوم القيامة قربى اللهم احشرنا في زمرته واكثر منا بشفاعته نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا يا رب العالمين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا رب العالمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار ولحديثنا بقية في الليالي المتتابعة ان شاء الله تعالى. والله اعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق. ومن ذلك دروس الحرم العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك كهذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك. على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تستطيع ان تكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة. حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة واخذ العلم عن اهله وكانك هناك. للمتابعة اشترك الان