الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. الله اكبر الله اكبر الله الله اكبر لا اله الا الله. الله اكبر الله اكبر ولله الحمد. وبعد ايها الاخوة الكرام حجاج بيت الله الحرام اخوة الاسلام في كل مكان تمر رحام بيت الله الحرام ينعقد ثاني مجالسنا هذا العام في هذا اليوم الثاني من ايام عشر ذي الحجة في شهر هذا الشهر الحرام سنة الف واربعمائة وثلاثة واربعين من هجرة المصطفى صلى الله عليه عليه وسلم. وقد تقدم المجلس الاول البارحة في الحديث عن مدخل يتناول فضيلة موضوعنا في سياق اطاره الزمني وعشر ذي الحجة وما خصها الله تعالى به من الفضائل والمناقب والاحكام. وهذا المجلس الثاني تجعله مدخلا ايها الكرام ومقدمة للحديث عما نحن بصدد تناوله في الايام المقبلات بشأن الحديث عن مقاصد حج لبيت الله الحرام. ولعظم الموضوع واهميته سنخصص هذا المجلس ليكون مقدمة توضيحية. ماذا نعني المقاصد وما المراد بها وما اهميتها؟ وكيف سنفهم ما سيأتينا في المجالس المقبلة تباعا ان شاء الله تعالى وبين يدي هذا الحديث نقاط لا تخفى على مسلم فيما يتعلق بفرض حج بيت الله الحرام. امة الاسلام. الحج فريضة الله المكملة لاركان الاسلام. فرض في السنة التاسعة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وحج بامته الحجة اليتيمة الفريدة حجة الوداع سنة عشر للهجرة. ومات سنة مطلع سنة احدى عشرة للهجرة عليه الصلاة والسلام. حجت العرب قبل الاسلام. ولم يقف الحج منذ اذن الخليل ابراهيم عليه السلام. لكنه حرف وصرفت العبادة فيه لغير الله في الجاهلية. حتى بعث المصطفى صلى الله عليه وسلم واعاد لهذا البيت رونقه وبهاءه بالتوحيد الذي بني عليه بيت الله الحرام فرض الحج ودلت على فرضيته عدة ادلة في الكتاب والسنة واجمعت عليه امة الاسلام. قال الله عز وجل ولله على الناس حج لبيت من استطاع اليه سبيلا. ومن كفر فان الله غني عن العالمين. وقال ايضا وان عز اسمه واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام. وقال سبحانه وتعالى واتموا الحج والعمرة لله وفي عرفة سنة عشر من الهجرة في اثناء حجة المصطفى عليه الصلاة والسلام في عشية عرفات نزل قول الحق سبحانه اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. وفي الصحيحين من حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما اخرج الامام مسلم ايها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل اكل عام يا رسول الله؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى قالها الرجل ثلاثا ثم قال لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. ثم قال ذروني ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم. فاذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم. هذه جزء من ادلة فرضية الحج وايجابه في ديننا معشر المسلمين. بل جاء التأكيد على فرضية هذا العظيم. اوما تأملتم الدلالة في قوله سبحانه وتعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. ولو كان هذا الجزء من الاية الكريمة مقتصرا على الايجاب لكان كافيا. لكن التأكيد جاء بعده بقوله ومن كفر فان الله غني عن العالمين. فيه دلالة الى عظم وشناعة ترك الحج مع القدرة عليه. ما قال الله ومن ترك الحج قال ومن كفر فان الله غني عن العالمين. ولذلك جاءت الاثار كمثل اثر عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه لما قال كما اخرجه ابن كثير في التفسير وصححه قال من اطاق الحج فلم يحج عليه يهوديا مات او نصرانيا. لمن قدر ولم يحج. اذا فلم يمنعه من الحج الا الاباء والاستكبار والاعراض عن استكمال دين امر الله عز وجل باقامته على هذه الاركان. وفي الاثر الثاني عن عمر بن الخطاب وان كان فيه ضعف يقول رضي الله عنه لقد هممت ان ابعث رجالا الى هذه الامصار فينظر الى كل من كان عنده زاد وراحلة فلم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين. والاثر فيه ضعف كما اسلفت واثر اخر عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه وفيه ضعف ايضا قال من ملك زادا وراحلة تبلغه الى الله فلم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا او نصرانيا. وذلك ان الله يقول ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين. الحج مقرونا في فرضيته بالاستطاعة. بصريح في قوله تعالى في القيد المذكور في الاية ولله على الناس. فكان هذا على العموم في مجراه. ثم قيد بقوله من استطاع اليه سبيلا فجاء التخفيف من رب العزة والجلال على امة الاسلام بايجاب الحج على المستطيع. فسقط الايجاب عن كل مسلم ومسلمة منذ نزلت الاية الكريمة الى قيام الساعة جاء الاذن ورفع الحرج بالتيسير وسقوط الوجوب عمن لم الوصول الى بيت الله الحرام. والاستطاعة فسرت في اقوال اهل العلم كما جاء في بعض الاثار بانها الزاد والراحلة المقصود بالراحلة المركوب الذي يوصل الحاج الى بيت الله الحرام. والزاد يعني النفقة والطعام والشراب. والمعاصرة اليوم الاسباب المعاصرة كلها داخلة في الاستطاعة. تهيئ الاسباب وامكان القدوم. واتاحة الاجراءات التي اليوم في حياة الناس المعاصرة بما فرضتها انماط الحياة وتنظيماتها. فمن لم يستخرج اليوم مثلا جواز سفر. فانه لا السفر ولا يستطيع القدوم ولا ركوب الطائرات ولا وسائل النقل للوصول الى بلد الله الحرام ويقاس على ذلك سائر الاجراءات تنظيمية فمن عجز بعدم قدرته على استيفاء تلك الاجراءات او لم تنطبق في حقه فان الله عثره وذلك في عموم قوله تعالى من استطاع اليه سبيلا. في الحج ايها الحجاج يجتمع فضل الزمان والمكان والعبادة كما في مجلس البارحة فالزمان زمان حرام. اشهر الحج والمكان بلد الله الحرام. والمشاعر المعظمة منى ومزدلفة هو عرفات والعبادة حج بيت الله الحرام هذا الفرض العظيم الذي خص بهذا الزمان وهذا المكان. الحج عبادة اجتمعت فيه عبادة البدن وعبادة المال. ولو تأملت في باقي العبادات لالفيتها على احد نوعين. اما عبادة مالصدقة وزكاة الفطر والزكاة الواجبة او عبادة بدن كالصلاة. وكالصيام لكن الحج اجتمع فيه الامران ففيه عبادة مال بالانفاق وشراء الهدي والاضاحي وبذل المال للركب والركوب والسفر. وفيه عبادة بدن بالطواف والدعاء المبيت الى اخر ما يعمله الحجيج. الحج يجمع امهات العبادة. ووجه ارتباط ذلك باية اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. وجه بين واضح فان الله اوجب الحج. وفيه اجتمعت امهات العبادة فالصلاة والصيام والزكاة او بذل المال والصدقة مع اداء النسك اجتمع في هذا الفرض المبارك. الحج معشر قيل رحلة فريدة في عالم الاسفار. يسافر الناس اليوم في حياتهم اسفارا شتى. ولكل وجهة هو فمسافر للسياحة ومسافر للعلاج ومسافر للتجارة ومسافر للدراسة وطلب العلم ومسافر لبر الوالدين وانحاء شتى تجمع وجهات الناس في سفرهم. يأتي الحج فاذا هو رحلة فريدة. ولو كان المرتحل في الحج من اهل مكة فانها ايضا رحلة فريدة في عالم الاسفار. تقودهم فيها القلوب قبل الاقدام. وتسير فيها الارواح قبل ابدان تطير نحو مواطن تعرف انها متنزل الرحمات. وموطن البركات وتشتاق اي ما اشتياق لان شاء اماكن في زمان فاضل ومكان عظيم مبارك يتجلى فيه الكريم جل جلاله بالعظمة والعطاء والعفو والمغفرة والعتق من النار فلذلك كان الحج يختلف تماما عن كل سفر يرتحل فيه ابن ادم منذ ان عرف البشر السفر والارتحال من بلاد الى بلاد افترض فيه الحج في الحج فرضت فيه العبادة في مكان بعينه وتشتمل على ما لا في غيرها من العبادات. فاذا بعبادة الحج فريدة من كل الانحاء. لاحظ معي كل اركان الاسلام وهي اركان لا يبقى للمسلم اسلام بدونها كالصلاة والزكاة وصيام رمضان. ليس مسلما من يدعي انه مسلم وهو لا يصوم رمضان. ليس مسلما من قال انه مسلم ولو قال ذلك من الارض الى السماء وهو تارك للصلاة. لا اسلام يبقى لصاحبه اذا عنده ركن من اركان الاسلام. ارأيت عظمة الاركان فانها تشغل حياة المسلم. الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة الصيام ثلاثون يوما كل سنة. والزكاة تجب مرة كل عام اذا حال الحول وقد ملك نصابا ان الحج وهو خامس هذه الاركان يختلف عنها تماما. من ناحيتين. الناحية الاولى انه لا يجب مرة في العمر فقط. ليس خمس مرات كالصلاة وليس مرة كل سنة تتكرر كالصيام والزكاة بل مرة واحدة في العمر. اليس هذا عجيبا يدعو الى التأمل والتساؤل؟ والوجه الثاني الفريد في عبادة الحج. لاحظ وهو ركن ليس مجرد عبادة كسائر العبادات هو ركن من اركان الاسلام. الوجه الفريد فيه انه لا يسع للمسلم ان يؤدي هذه العبادة من اي مكان. الصلاة صلي حيثما كنت عبد الله فوق الارض في البحر في الفضاء في الجو في السماء. صلي اينما كنت صوموا رمضان في اي بلاد الدنيا شئت. وتخرج زكاة مالك في اي مكان. لكن الحج لابد ان تأتي هنا الى مكة. لابد ان تطوف بالكعبة لابد ان تسعى بين الصفا والمروة. لا يمكن ان تحج وانت لم تقف بعرفة. ولا تأتي منى او تبيت بمزدلفة لا ايمكن ان يكون الحج الا بالقدوم الى هذا البلد الحرام ايضا اليس هذا عجيبا؟ لماذا يكون ركنا من اركان الدين فلا يجب الا مرة في العمر. ولماذا يجب ان يترك الناس بلادهم واعمالهم وزوجاتهم واولادهم؟ ويتركون كل شيء يأتون هنا فقط لاداء هذه العبادة. حقيقة امر يدعو الى التأمل كثيرا. وهو باختصار يعود الى سر عظيم ليس خيبا ولا خفيا في شريعة الاسلام. الحج انما وجب مرة واحدة في العمر. لان الله جعل له من الاجر والاثر في حياة العبد ما يكفي فيه مرة واحدة في العمر. اذا اوقع العبد فريضة الحج كما اراد الله. وهذا مرتكز حديثنا ايها الحجيج. في الليالي المقبلة عن الوقوف على تفاصيل مقاصد الحج لماذا؟ امرنا الله بالحج. ما مقصد الشريعة من اتيان العباد من كل مكان الى هذه البقعة الطاهرة. ولماذا فرض الحج بهذه الهيئة؟ ولماذا هذه التنقلات بين عدة اماكن في رحلة الحج بين مكة وعرفة مزدلفة ومنى ولماذا تتنوع العبادات ففيها مبيت وحلق ورمي وذبح وطواف وسعي ودعاء وتكبير وتهليل وتلبية. ما هذا التنوع العجيب في عبادة الحج؟ اذا هي رحلة عجيبة كما اسلفت في عالم الاسفى وعبادة فريدة لا تشبهها اي عبادة من عبادات الاسلام. اذا فهمتم هذا رعاكم الله علمتم ان لله عز وجل حكما لا حكمة. حكما جليلة من وراء هذه العبادات العظيمة. وعلى المسلم الذي اكرمه الله ويسر له واذن له فقدم لحج بيته الحرام حق عليه والله ان يفقه تلك المقاصد وان قف عليها تدري لم؟ ليؤدي عبادة الحج مراعيا تلك المقاصد. باحثا عنها حريصا على اغتنامها وهو ويجتهد في ان تكون رحلة الحج ليس رحلة غاب فيها عن اهله عشرين يوما وثلاثة اسابيع وشهرا ثم رجع يحمل وفي حقائبه امتعة وهدايا اتى بها من البلاد المقدسة. لا هو اكبر من هذا. ليكون الحج في حياته رحلة هي رحلة الميلاد من جديد. يعود الى اهله وقد اذن الله عز وجل له بذلك الموعود الكريم. من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته امه. هذا المقصد الكبير والثواب العظيم هو منية كل مسلم. يأتي لحج بيت الله الحرام ولاجل ان تكون رحلتنا ايها الكرام حافلة بايقاعها على المعاني العظيمة والمقاصد الجليلة فاننا نجتهد في البحث عن تلك المعاني العظيمة التي اراد الله عز وجل لنا ان تكون عبادتنا في الاسلام واقعة موقعها. عشر نقاط يا كرام سنسردها في مجلس الليلة لبيان اهمية مقاصد الحج. وما المراد بها؟ فتأملوها معي تباعا ايها الموفقون اولا الحج عبادة عظيمة كما تقرب بل هي ركن من اركان الاسلام وعبادات الاسلام كلها ما شرع الا لاجل حكم جليلة ومقاصد عظيمة. حسبك في العبادات عبد الله انها بمجموعها تحقق لك المقصود الاعظم من وجودك في هذه الحياة. انت انت لماذا انت اليوم موجود على ظهر الارض عبادة الله. ما خلقك الله الا لهذا المقصد الكبير. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ارأيت كل هذه البشرية من حولك وكل الحياة وما فيها من سخط وما فيها من مشاغل ومساعي شتى وطرائق مختلفة كل هذا الخلق من حوله ما خلق الا ليعبد الله. حسبك في عبادات الاسلام انها بمجموعها تقودك نحو تحقيق هذا المقصود عظيم لا يمكن للمكلف ولا يتحقق له امتثال مقتضى التكليف في العبادات التي شرعت له حتى يستوفي اداءها على الهيئة والوصف الذي شرع الله عز وجل مع موافقة المقصود الذي لاجله شرعت تلك العبادات. ما المقصود من العبادات؟ اجلال الله وتعظيمه. افراده وتوحيده. الاذعان له والانكسار الافتقار بين يديه واظهار الذل. تفويض الامر كفى بتلك المقاصد ان يعرف العبد رب وان يستدل بذلك على عظمة خالقه. وان يقف على جليل عظمة صفاته وتقديره في خلقه سبحانه وتعالى كل عبادات الاسلام يا كرام صلاة وصيام وزكاة وحج وبر بالوالدين وصلة رحم والسعي وعلى المسكين وكفالة الايتام كل عبادات الاسلام لا تخلو من المقاصد والمقصود بالمقاصد الاهداف والحكم التي من اجلها شرعت تلك العبادات. لن تعبد الله بعبادة الا وانت تؤديها. على الوجه الذي امر الله مراعيا الحكمة والمقصد الجليل الذي من اجله شرعت تلك العبادات. واعلموا يا كرام ان شريعة الاسلام اجل واعظم من ان تكون عبادات هيئة جوفاء ورسوما خاوية. لا والله. شريعة الاسلام اجل واعظم. اعطيك مثلا. هذه الصلاة تصلي خمس مرات كل يوم وليلة. اهي حركات الية تقف تركع وترفع وتسجد. فلو اتينا بانسان الي روبوت وبرمجناه على صفة الصلاة اي يتحقق فيه معنى الصلاة لانه ادى هيئة الصلاة اترك هذا المثال الافتراضي خذ مثال حقيقيا. اهل النفاق اجارنا الله واياكم. كانوا يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويحضرون معه في ويصفون الصفوف ويؤدون الصلاة. ماذا قال الله عنهم؟ قال ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم. واذا قاموا الى الصلاة قاموا وكسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا. ثم قال بعدها ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار. اما اما صلى؟ صلى ما المشكلة؟ ليست المشكلة في انه لم يصلي المشكلة في انه لم يصلي الصلاة التي اراد الله. فما كل صلاة يصليها العبد تقع موقع القبول عند الله. اذا هذا سؤال كبير يا كرام. العبادة التي نؤديها هي التي يريدها الله ويقبلها مني ومنك حتى تعرف الجواب ابحث عن مقصود الله عز وجل في تلك العبادة لماذا فرضها الله عز وجل؟ فرضها الله لتحقق في حياة العباد مقصودها الكبير. حتى الصيام. من تظن ان الصيام هو مجرد امساك عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات من الفجر الى غروب الشمس؟ هذا ليس صيما هذا امساك اتظن ان الصيام في الاسلام شرع لاختبار العباد على قدرة التحمل على الجوع والعطش؟ واذا كان مجرد تحمل للجوع والعطش فبعض الحيوانات كالجمال اشد صبرا وتحملا للجوع والعطش من ابن ادم. ايتحق في الجمل معنى الصيام ايها المسلمون. ابدا. اذا هناك سر قال الله في الصيام كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبل بكم لعلكم تتقون. امرت ان تترك الطعام والشراب من الفجر الى المغرب ليورث هذا في داخلك تقوى الله. وعندما يصوم بطنك وفرجك وتصوم جوارحك. يصوم سمعك وبصرك ولسانك هنا تحقق معنى التقوى من الصيام تعلم انك جاهدت نفسك في يوم باكمله ونهار اتممته صائما صوم قلب وصوم بدن. فتحق فيك معنى التقوى وما عدا ذلك فاذا انخرم معنى التقوى في الصيام ما تحقق المقصود. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام من لم دع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. لانه ما الفائدة؟ ليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه حتى تفهموا يا كرام النقطة التي نكررها الان كل عبادة في الاسلام شرعت انما شرعت بهيئتين بوصفين اثنين. الاول الهيئة الظاهرة للعبادة الصلاة قيام وركوع وسجود ورفع وجلوس واركان. الصيام امساك عن الطعام والشراب. الحج لباس احرام وسفر وطواف وسعي ومبيت ورمي وحلق الى اخره. هذا النصف الاول في العبادات التي شرعت في الاسلام. نصف الاخر هو مقصودها الذي ينبغي ان يعبد العبد ربه بتلك العبادات محققا تلك المقاصد. ان بصومه لان يكون عبدا تقيا. ان يسعى بصلاته ان تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر في الحج. ان يحقق المقاصد التي يأتي ذكرها تباعا. فماذا لو ترك ذلك؟ ماذا لو اخل فاقتصر في العبادة على هيئتها الظاهرة يعني ادى الصلاة بغير خشوع. صام لكنه اطلق بصره في الحرم ولسانه في الكذب والغيبة والنميمة. حج ولم يراعي تلك المقاصد هل الصلاة باطلة بلا خشوع؟ هل صوم الصائم الذي نظر الى الحرام وتكلم بغيبة ونميمة افطر ذلك اليوم عليه القضاء؟ الجواب لا كل عبادة تصح بهيئتها الظاهرة مستوفية اركانها وشروطها وواجباتها فهي عبادة شرعا يعني مجزئة. مجزئة يعني تبرأ بها الذمة. ويسقط بها التكليف ولا يطالب بالقضاء. انتهيت خلاص انتهينا لكن سيخسر اشياء كبيرة. سيصلي صلاة جسده في المسجد ويتابع الامام ركوعا وسجودا وعقله في البيت مع الزوجة او في السوق او في التجارة او في المشوار الذي سينصرف اليه بعد الصلاة عقده ليس في طلع ولا ولا يتذكر من الصلاة الا تكبيرة الامام والتسليم في اخرها. هو طالما استوفى في صلاته الاركان كاملة والشروط والواجبات فالصلاة صحيحة شرعا. مجزئة لا يطالب بالاعادة ولا بقضاء الصلاة. وقل مثل ذلك في الصوم فانه لا يفطر بغير الطعام والشراب والجماع وما في معناها. فلو وقع ببصره في الحرام لم يفطر. لكنه وسينقص اجره ولا شك ما في الصلاة. اذا ما فائدة الحديث عن مقاصد الصلاة والصوم والحج وسائر العبادات اذا كانت العبادات تصح من غيرها. انا اخبرك. فائدة ذلك يا كرام معشر العباد اذا راعى العبد في عبادته الهيئة الظاهرة مع مراعاة الهيئة الباطنة وهي مقاصد العبادات في كل عبادة مقصودها الذي من اجلها شرعت له فانه يتحقق له بذلك ثلاثة امور عظام لا يمكن تحقيقها لو فاتت او غاب عنها مقصد العبادات عندما يؤديها ثلاثة امور اولها قبل العبادة. وثانيها اثناء العبادة وثالثها بعد العبادة. اما الذي قبل العبادة فان العبد كلما اعتنى بمقاصد العبادة. مثلا الان ستحين صلاة العشاء ويريد ان يصوم غدا وسيأتيه عبادة الصوم. وسيأتيه الحج وهو على مشارف الحج بعد ايام. اذا اعتنى العبد بمقاصد بعبادة التي ينوي اداءها. فان قلبه يشتد تعلقه بتلك العبادة حبا لها. واشتياقا اليها وفرحا بحضور وقتها. فكلما ضعف او غاب استحضار مقاصد العبادة حرم ذلك المعنى. هي هي متعة في العبادة. تطير القلوب شوقا الى العبادة اذا انغمست في معانيها. بينما ان كانت العبارة عبادة مجردة جوفاء مقتصرة على الهيئة الظاهرة فانا والله لا تتجاوز حد الاداء الالي والحركات التي لا معنى لها والرسوم الجوفاء الخاوية من اي روح فيها. انظر الى شخصين احدهما قبل ان يحين وقت الصلاة وهو يستحضر ان الصلاة موعد يلتقي فيه العبد لربه. فيقف بين يديه ادبا واحتراما. ويسمع كلام الله يهز قلبه قبل ان يقع في اذنه. واذا ركع شعر انه يحني صلبه تعظيما لخالقه ومولاه. واذا قال امامه سمع الله لمن حميدة تسابقت اعضاؤه حمدا لله وشكرا على عظيم ما انعم به عليه مولاه. واذا سجد عرف انه في بنقطة يضع فيها جبهته ليصل صوته الى رب السماء. اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. يعيش معنى العبادة بكل لحظة من لحظاتها. عندما يستحضر العبد مقاصد العبادة والله يزداد حبه لها ويشتاق اليها. يحين موعد الصلاة فيقول النبي عليه الصلاة والسلام لبلال وهو في سفر وارتحال وعناء وتعب يقول يا بلال ارحنا بالصلاة ارحنا راحة عندما يتوقف في مسيره لاداء الصلاة هو وقت مستقطع من التعب النصب ليرتاح لا تعجب لانه كان يعيش صلى الله عليه وسلم ذروة الاستمتاع بالعبادة لانه يعلم ان العبادة التي سيؤديها الان فيها راحة قلبه. كيف لا وهو الذي يقول وجعلت قرة عيني في الصلاة عليه الصلاة والسلام هكذا هي العبادات. ضربنا مثالا بالصلاة. ومثلها الحج. وسائر العبادات. عندما يستحضر العبد معاني العبادة ويعرف مقاصدها والله يزداد حبه للعبادة. ويشتاق اليها. فاذا اداها وانتقلنا الى النقطة الثانية وهو اثر العبادة التي يستحضر فيها المقاصد اثناء العبادة. اما اثناء العبادة فشتان شتان والله. بين عبد يؤدي مستحضرا لمعناها متلذذا بها مشتاقا اليها متقلبا في اكناف السعادة وهو يؤدي تلك العبادة وبين اخر يؤديها هيئة ظاهرة مجردة يقف اثنان في الصف في الصلاة. وبين صلاة هذا وهذا كما بين السماء والارض احدهما خشعت جوارحه وقلبه. وادى عبادة يشعر انها صلاة مودع. ويعيش معنى العبادة بكل حركة فيها والاخر قلت لك لا يدرك من الصلاة الا متابعة الامام. ولو سألته عقب الصلاة ماذا قرأ الامام بعد الفاتحة في الركعة الاولى جلس يتذكر عله يتذكر ما سمع وهو سمع. لكن القلوب منصرفة شتان بين عبادتين. في مكان واحد خلف امام واحد في مسجد واحد لكن الفرق حضور القلب والقلب لا يحضر الا اذا تعلق بمعنى العبادة الذ بها يجد العبد باستحضاره لمقاصد العبادة لذة عبادته. ويستمتع بادائها، لا يتضجر ولا يمل. في كل عبادة يتقرب بها الى الله يزداد فرحا وسرورا. بعكس الاخر الذي ستظل عبادته ثقيلة. يشعر فيها بالملل والضجر تأمى ويتحين الانصراف منها ويترخص فيها بادنى سبب والله المستعان. اذا هذا اثر قبل العبادة واثر اثناء ماذا بقي؟ بقي اثر العبادة بعد العبادة. فرغت من الصلاة. فرغت من صوم رمضان وهنأك كالناس بالعيد فرغت من الحج ورجعت وقالوا قبول يا حاج. بعد فراغك من العبادة من استحضر مقاصد العبادة اثمرت العبادة اثرها في حياة العبد ولابد. في الصلاة يقول الله ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر حتما والله من اوقع الصلاة بخشوعها متلذذا بها مستمتعا بمعانيها والله سترتقي صلاته بنفسه وتقواه لربه وتزكيته لفؤاده. وحتما ستنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر من ادى الصيام مراعيا حقيقة التقوى في الصوم سيتخرج من مدرسة الصيام بعد ثلاثين يوما عبدا تقيا حتما سيقوده الصوم الى تقوى الله. من ادى الحج كما اراد الله ان يحج اليه الحجيج. مستشعرا معاني الحج قاصدا هيئته الباطنة وايقاع معانيه العظام سيجد اثر الحج ولا بد. وسيرجع كما ولدته امه وسيكون له جزاء كريم عند الله. لما قال عليه الصلاة والسلام ليس له جزاء الا الجنة. هذا حقا سيقع اذا راعى العبد ذلك المعنى اما اذا خوت القلوب وشغلت الاذهان وانصرفت الجوارح الى اداء الهيئة الظاهرة وانهمكت فيها عز الدين عن مراعاة حقيقة العبادة وهيئتها الباطنة حرم والله. حرم المتعة قبل العبادة. واثناء العبادة وحرم اثر العبادة في صلاحه وتقواه بعد اداء العبادة. يرجع وقد حج واذا هو كما هو بتقصيره وتفريطه وذنوبه خطاياه هو كما هو. صام رمضان وانقضى الشهر وعاد بعد العيد. واذا هو من اول يوم بعد عيد الفطر عاد الى ما كان عليه من ذنوب الامس وسيئات الماضي. هذه ليست دعوة الى العصمة. فليسنا اهلا لها. لسنا معصومين. لكنها دعوة الى ان يكون للعباد اثر في حياة العباد وهذا انما يتحقق اذا فقه العباد مقاصد العبادة. واذا جاء الحجيج في حج بيت الله الحرام حرام وادركوا ان لحجهم مقاصد عظام. يا كرام اي عبادة تؤدى بمعزل عن مقاصدها وحقيقيتها وهيئتها الباطنة مختزلة في هيئتها الظاهرة المجردة فانها تكون مجزئة شرعا كما تقدم. طالما استوفت الهيئة الاركان والشروط والواجبات لكنها والله ستفقد اعظم ما فيها من متعة ولذة اثناء العبادة وشوق اليها لها واثر عظيم في صلاح الحياة واستقامة القلوب ومعرفة العبد طريقه الى ربه وخالقه. في من اثر لها بعد العبادة. هذه كانت النقطة الاولى لبيان اهمية الحديث عن مقاصد العبادات في الاصل ومقاصد الحج جزء من تلك العبادة المشار اليها. النقطة الثانية ان الاصل في العبادات يا كرام تحصيل مقاصدها وليس الاقتصار على رسمها الظاهر مجرد الاصل في كل عبادة تعبدنا الله بها ان نحقق مقصودها لا ان نؤدي هيئتها الظاهرة لكل عبادة بكل عبادة يطلبها العبد يطلبها ربك منك عبد الله لكل عبادة نصيب منها في البدن ونصيب في قلب بمعنى انك تؤدي عبادة بدن وعبادة قلب. في الصلاة عبادة البدن الركوع والسجود والرفع والقيام والجلوس والتكبير والتسليم الى اخر العبادة. وعبادة القلب في الصلاة خشوعه وحضوره والانكسار والافتقار التعظيم لله في الركوع والدعاء والذل والانكسار في السجود. وان تفقه ما تقرأ وتسمع خلف الامام في القيام. هكذا فلكل عبادة نصيب للبدن ونصيب للقلب. فمن اقتصر على الهيئة الظاهرة ادى العبادة بالبدن وغيب عبادة القلب. السؤال ايهما اهم في مقام العبودية عبادة القلب ام عبادة البدن؟ القلب اولا يا كرام القلب اولا. ارأيت ريح الفراش الذي سيصلي مستلقيا كيف سيصلي وهو لا يحرك لا ظهرا ولا يدا ولا صلبا ولا انحناء نعم هو يومئ ايماء لكن القلب هو الذي يقوم مقام العبادة بدوره المناض به. القلب يعبد الله العبادات القلب اجل في الميزان واثقل عند الله. واعظم عبادات القلب تعظيم الله. القائم على معرفته سبحانه والقائم على محبته سبحانه. والقائم على خشيته سبحانه والخوف منه. عبادات القلب فيها الايمان بالله. وهو اعظم واجبات عبادات القلب فيها التوكل على الله عماد الحياة. عبادات القلب فيها اليقين بما عند الله. وحسن الظن به. عبادة القلب شتى يا كرام. ولذلك فان عبادة القلب اكد واذا قلنا ان لكل عبادة هيئة ظاهرة وهيئة باطنة فنصيب بدل الهيئة الظاهرة ونصيب القلب الهيئة الباطنة. فكل عبادة لابد فيها من اجتماع الامرين. ولابد ان تؤدى العبادة باجتماع الجانبين فكل عبادة تختزل بالهيئة الظاهرة فقط فان القلب حرم. حرم من نصيبه من العبادة وبالتالي فما الفرق بين صلاة المنافق وصلاة المؤمن؟ النية والنية اين هي؟ القلب الاخلاص والرياء اين يقع؟ في قلب لا فرق بين صلاة منافق وصلاة مؤمن الا ما في القلب. وكلاهما صلى خلف النبي عليه الصلاة والسلام عبدالله بن ابي بن سلول صلى خلف النبي عليه الصلاة والسلام وابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا صلوا خلف النبي عليه الصلاة والسلام. ولا فرق بين من حيث الهيئة الظاهرة كلاهما ركع بركوعه عليه الصلاة والسلام وسجد بسجوده وكبر بتكبيره وسلم بتسليمه انما الفرق حقيقة كان فيما قام في القلب. فالاصل اذا في كل عبادة تحصيل مقاصدها. وليس الاقتصار على رسمها ظاهر ولهذا لم تكن عبادات المنافقين ذات اثر ولا وزن عند الله عز وجل. وقال ابن القيم رحمه الله في تأكيد هذا المعنى الذي نقرره يقول ان لله على العبد عبوديتين عبودية باطنة وعبودية ظاهرة يقول فله على قلبه عبودية. وله على لسانه وجوارحه عبودية. فقيامه بصورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة مما لا يقربه الى ربه. ولا يوجب له الثواب وقبول عمله فان المقصود امتحان القلوب وابتلاء السرائر. فعمل القلب هو روح العبودية ولبها. فاذا قلا عمل الجوارح منه كان كالجسد الموات بلا رح. انتهى كلامه رحمه الله. وبالتالي فاي اي عبادة غابت مقاصدها واقتصرت في ادائها عند صاحبها على هيئتها الظاهرة فحسب فانها بين قوسين وان اجزأت وبرئت بها ذمته وسقط بها التكليف الا انها عديمة الاثر ناقصة الاجر. هكذا باختصار كل عبادة يقتصر فيها العبد على الهيئة الظاهرة تكون عبادته ناقصة الاجر عديمة الاثر كما دلت على ذلك الشريعة خذ مثالا بالصلاة يقول عليه الصلاة والسلام ان الرجل لينصرف وما كتب له الا عشر صلاته تسع ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها الجواب اين ذهب النصف والثلث والثلاثة ارباع والتسعة اعشار اين ذهب؟ قال ينصرف ما كتب له الا عشرها. وفين راحت تسعة اشعار؟ اعشار نصف واين ذهب النصف؟ ذهبت حيث ذهب القلب وغاب بالله عليكم كم صلاة صلينا ولا ندري كم كتب لنا منها. لما اخرج الامام ابو داوود هذا الحديث رحمه الله في السنن بوب باب ما جاء في نقصان الصلاة. تنقص ليست لان الصلاة نقصت ركعة؟ لا. صلى اربع ركعات العشاء لا لكن ولا نقص سجدة ولا ركوعا ادى صلاة كاملة. لكن السبب يرجع الى غياب القلب عن حضور العبادة الصيام قد مر قبل قليل من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. اذا المقصود من الصيام ليس هو نفس الجوع والعطش بل ما يتجه من كسر الشهوات وتطويع النفس الامارة للنفس المطمئنة. فاذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله اليه نظر القبول كما يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى. هذه ثاني النقاط التي تبين لنا اهمية العناية بما سنتكلم عنه الليالي المقبلة في الحديث عن مقاصد الحج. النقطة الثالثة التي تبين لك اهمية حديثنا عن المقاصد الحب الحج الحج واجب مرة في العمر. وايجابه مرة في العمر على المستطيع كما في قوله ولله على الناس يحج البيت من استطاع اليه سبيلا ولما سئل عليه الصلاة والسلام اكل عام يا رسول الله؟ قال لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ذروني ما تركتم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم. وفي رواية قال لو قلتها لو جبت ولو وجبت تعملوا بها ولم تستطيعوا ان تعملوا بها. الحج مرة فمن زاد فهو تطوع. واثرنا السؤال هذا في مطلع اللقاء اليس هذا فريدا بين العبادات؟ فظلا عن ان يكون ركنا من اركان الاسلام ولا يجب الا مرة واحدة في العمر. بينما اركان الاسلام منها المتكرر كل يوم خمس مرات كالصلوات الخمس. او مرة في الاسبوع كالجمعة او مرة في العام كالصيام والزكاة. وينفرد الحج بها هذا الوجه من الايجاب مرة واحدة في العمر. والله لا شيء يتبادر الى الذهن اقرب من هذا المعنى ان اذا استوفيت هيئته الظاهرة مع الباطنة وتحققت مقاصده كان كفيلا بصلاح عبدي واستقامة حاله واعادة صياغة فكره ومنهجه وحياته وفق شريعة الله وان يرتب حياته من جديد فتكفيه المرة الواحدة في العمر ثم ليعد بعده الى بلده واهله وداره. ويعيش بقية عمره لانه قد عرف الطريق الى الله اليس قد حج يكفي هذا اليس قد وصل وطاف بالكعبة ووقف بعرفة وادى المناسك؟ الم يحصل هذا منه ولو مرة؟ اذا هذا كاف تماما لكن هذا لابد ان يكون مقرونا بالنظر الى مقاصد تلك العبادات التي يؤديها الحاج في نسكه الذي يأتي فيه الى بيت الله الحرام. ولهذا المعنى يكفي ان يحصله العبد مرة واحدة في الحياة. فمثل هذا والله يا كرام لا يحسن ان يأتي العبد اليه في حج وقد تعب وبذل واجتهد ثم اذا جاء الحي يغلب على مشاعره رغبة طارع والمراقبة والمزاحمة ورغبة التخلص من اداء المناسك. همه اذا طاف متى ينتهي؟ همه اذا دخل المسعى متى يخرج؟ همه اذا اتى عرفة متى ينفر؟ همه اذا اتى منى متى يرجع؟ اذا كان الشغل الشاغل ومتى ينتهي؟ وكيف يتخلص؟ ومتى يفرغ من هذا انصراف عجيب والله. انصراف عن معنى الاستمتاع بالعبادة والاستغراق في التلذذ بادائها على الوجه الذي اراد الله. رابعا اشتمل الحج على عبادات وليس عبادة. نعم هو عبادة. لكنه يجمع في في في اكنافه عبادات جمة بدنية تنوى مالية في الحج فيه صلاة وذكر ودعاء وطواف وسعي فيه رمي ومبيت وحلق فيه تكبير وتلبية وتهليل. فيه هنا طقة السفر فيه نفقة الهدي فيه نفقة الكفارات فيه الصوم بدلا عن الهدي للمتمتع والقارن الذي لا يجد الهدي فيه ايضا الصوم احد الخيارات في كفارة الاذى. كل عبادة من تلك العبادات لها مقاصدها في الشريعة. فكيف بها مجتمعة في عبادة الحج اجتمعت فهي حزمة من العبادات الواحد منها له اثره العظيم ومقاصده الجليلة. اتظن انها اذا اجتمعت ستخلو عن المقاصد الشرعية الجليلة خامسا ارتبط الحج بمناطات الهداية الثلاثة التي نص عليها القرآن الكريم ماذا نقصد بمناطات الهداية؟ لما هبط ابونا ادم عليه السلام من الجنة مع حواء بعد قصة ابليس لعنه الله اعلن هذا النداء الالهي قال اهبط منها جميعا بعضكم لبعض عدو من مع من ابونا ادم عليه السلام وذريته وابليس وجنده. بعضكم لبعض عدو. خلاص. هذا حكم الله من تلك اللحظة قال فاما يأتينكم مني هدى. لما هبط ابونا ادم عليه السلام ما تركه رب العزة والجلال فريسة للشيطان ولا تركه لقمة سائغة يصطاده الشيطان في كل فخ. لا اعطاه حبال النجاة وابواب الهداية. قال فاما يأتين انكم مني هدى. عيشوا حياتكم بقيتها في الارض. وسيأتيكم يا بني ادم من ربكم هداية. واعطاك التحذير فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى. فهمت المراد بيتك الاول اين هو يا ابن ادم؟ هناك في الجنة. ونحن نزلنا هنا مؤقتا في رحلة قصيرة عابرة وسنعود الى مساكننا قولوا ان شاء الله. عودتنا الى تلك المساكن مشروطة بالا تظل الطريق. هل تعرف الطريق الى بيتك الذي نزل منه ابوك كادم عليه السلام قال فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى لن تظل الطريق اذا عرفت الهداية التي اعطاك الله. والله اعطانا الهداية في ثلاثة اشياء في كتابه الكريم فقال ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوى. وقال ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. وقال شهر رمظان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس. فكتابه سبحانه اعظم مناطات الهداية. وجعل الهداية ثانيا في بيته الحرام ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. وجعل هدايته سبحانه وتعالى ثالثا في هدي نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم فقال وانك لتهدي الى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض اذا فهمتم هذا نقول الحج مرتبط بمناطات الهداية الثلاثة فانه بالقرآن الذي شرع فيه الحج. وبالبيت الحرام الذي يؤدى فيه الحج. وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي نقتفي اثره في الحج وهو خذوا عني مناسككم. فنحن نرتبط في الحج بمناطات الهداية الثلاثة التي تكفل للعباد هذه النجاة فهي دلالة ظاهرة على اكتناف الحج لمقاصد عظيمة يراد منها الاغتراف فيها من منابع الهداية عودة الحجيج من حجهم باوفر الحظ منها هداة مهتدين. سادسا في الحج يشرع التغرب عن الاوطان والسفر والارتحال لاداء حج بيت الله الحرام. وفي التغرب والسفر والارتحال مشقة وعناء وتعب. نعم اليوم استحدثت سائل النقل والمواصلات طائرات وقطارات وموانئ وسفن لكنه يبقى السفر سفرا. التعب والعناء والمشقة وهو قطعة من العذاب كما قال عليه الصلاة والسلام. يبقى السفر عناء ومشقة خصوصا في الازمنة السابقة لما كان السفر الى مكة هو مظنة الهلاك وعدم العودة. فكان الحاج اذا ارتحل للحج كتب وصيته ونادى اهله وترك ما يدعو الى الوصية به لانه قد لا يعود. وهذا اليوم واقع بشكل اخر. حوادث الطرق والموت الجماعي وما يحصل في والازمات نسأل الله السلامة. فان يأتي في حج بيت الله الحرام مع بذل النفقات والاموال. ونحن نعلم ان من هدي الشريعة في التيسير والتخفيف على العباد ورفع الحرج وعدم تكليفهم بما فيه مشقة وعنت. فكل ذلك يدعوك الى التأمل في دلالة واضحة على عظمة مقاصد الحج حتى غلبت على ذلك التيسير فلم يقل لنا حجوا من دولكم بلدانكم واوطانكم. بل امرنا بالسفر والاغتراب والارتحال لتحقيق شيء اعظم من تلك المشقة. وهو حتما سيكون شأن عظيما يستحق ان تبذل له السفر والمشقة والتعب والنفقات حتى يصل الحجيج الى ها هنا لتحقيق تلك قاصد واذا غلت السلعة غلى ثمنها. واذا ارتفع المهر كانت الحسناء فلا بد ان يبذل العباد من التعب الشقة لادراك المقاصد العظيمة التي من اجلها شرع حج بيت الله الحرام. سابعا حجة النبي عليه الصلاة والسلام اليتيمة الفريدة حجة الوداع كانت مرة واحدة. وهي قبل موته ببضعة اشهر عليه الصلاة سلام. ومع ذلك لما حج حرص اشد الحرص على اعلام الصحابة بخروجه للحج. واستنفارهم لصحبتهم قال جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم اذن في الناس في العاشرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس ان يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله. وفي رواية قال فلم يبق احد يقدر ان يأتي راكبا او رجلا الا قدم فتدارك الناس ليخرجوا معه. والحديث في رواية الاولى عند مسلم وفي الثانية عند النسائي. لا شك ان هذا الحرص النبوي العظيم على ان يستنفر الناس وان يرافقه الصحب الكرام داخل المدينة وخارجها وفي المشاعر وفي مكة كان من اجل اخذهم وتلقيهم عنه مناسك الحج احكاما وحكما. هيئة ظاهرة وهيئة باطنة. وكلاهما داخل في عموم قوله لتأخذوا عني مناسككم فاني لا ادري لعلي لا احج بعد حجتي. هذه هذا دلالة على ان الحج شأن عظيم يستحق ان يستنفر الامة كلها عليه الصلاة والسلام. ليقول لهم ادركوا الحج معي. وتعلموا مني دل ذلك على اكتناف الحج معان عظام يستحق والله ان يتفقه فيها الحجيج. وان يتعلموها قبل الشروع في المناسك. كما يتعلمون صفة رمي الجمرات وعدد الطواف وماذا يفعلون في عرفة وماذا يصنعون بمنى حق عليهم والله ان يتعلموا لم المقصود الوقوف بعرفة وما الهدف من هذا التنقل بين المشاعر؟ ولاي حكمة شرع لنا اداء النسك على هذا النحو تحديدا وما الغرض من ذلك فقه ذلك يا كرام مدعاة الى ايقاع الحج على الهيئة التي اراد الله كما يحب سبحانه وتعالى ان يحج عليه الحجيج بيته الحرام حرام ثامنا عندما شرع الحج شرع مخصوصا باماكن محددة وايام معلومة. اوما رأيتم ايضا هذا وجه من وجوه ايجاب العبادات ينفرد عن باقي عبادات الاسلام. الصلاة لها وقتها ولها اول واخر. لكن الحج انما تحج في مكان بعينه وفي زمان بعينه تقف في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة. لو قال قائل ممكن نساعد الحجيج ثلاثة مليون كل سنة فنتلافى الزحام فنجعل بعضهم مليون يقفون يوم ثمانية في عرفة ومليون يقفون يوم تسعة ومليون يقفون يوم عشرة ونخفف على الناس وهذا من تيسير الله عز وجل هذا لا يقبله مسلم ولا تقبله الشريعة. والسبب ان الحج مرتبط بزمان محدد ومكان محدد فيعود السؤال من جديد اهذا تضييق في الشريعة؟ لا بل هو حكم جليلة يراد فقهها او الوقوف عندها والتأمل في عظمة ما اكتنفته هذه العبادة ان تأتي فتطوف ولا طواف في بقعة على وجه الارض الا بها هذه الكعبة ان تسعى سبعة اشواط ليست ستة ولا ثمانية سبعة اشواط مبتدئا بالصفا منتهيا بالمروة في هذا المكان تحديدا ولو تزاحم الخلق فانهم لا يسعون الا في هذا المكان. ولا يسعهم ان يسعوا في غيره اطلاقا. هذا ايضا لحكم ليلة يراد ان نقف عليها وان نتأمله لان تعمل القلوب عملها مع الابدان. وان تؤدي حظها من العبادة كما تؤديه اقدامه والاجساد. فمن فقه ذلك علم ان الله عز وجل لما شرع الحج مقرونا بتلك البقاع العظام وتلك الاماكن الفريدة هذا الزمان المخصوص الذي تقدم الحديث عنه ليلة البارحة زمان هو اعظم ايام الدنيا عند الله. فجعله ظرفا لحج بيته الحرام حرام لما اصطفى الله من الزمان اياما ينزل فيها كتابه العظيم خص شهر رمضان فاكتسب العظمة بنزول القرآن فيه. ولما اراد الله بيته الحرام زمانا يأتي اليه العباد من كل حدب وصوب من كل فج عميق جعل هذه العشر فاكتسبت العظمة من وقوع الحج فيها. اذا عبادة فيها من ثقل الميزان وعظمة المقاصد ما جعلت هذه الايام الفاضلة من عشر ذي الحجة اثقل من غيرها من سائر ايام العام في الميزان. تاسعا مما يدلك على عظمة الحج عبادة وعظمة مقاصده في الشريعة تعاقب الانبياء عليهم السلام على الحج الى بيت الله الحرام على مر الزمان وتعاقب الامم والاجيال. سؤال احج الانبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حج موسى وعيسى عليهم السلام وادم وزكريا ويحيى عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. الجواب نعم. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال الرسول صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا. ومسجد الخيف منى. وهو مسجد باسمه الى اليوم قرب الجمرات. قال صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا منهم موسى عليه السلام. كأني انظر الى وعليه عباءتان قطوانيتان وهو محرم على بعير من ابل شنوءة مختوم بخطام ريف له ظفران. وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد مر بالروحاء والروحاء موضع قرب المدينة لا اله الا الله محمدا رسول الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا منهم موسى عليه السلام كأني اليه وعليه عباءتان قطوانيتان يعني عباءتان من ليف ابيض. وهو محرم على بعيد من ابل شنوءة نسبة الى بعض قبائل العرب في اليمن مختوم بخطام ليف له ظفران له ظفيرتان في شعره عليه السلام. وعن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد مر بالروحاء سبعون نبيا والروحاء موضع قرب المدينة في طريق الحج القادم من الشمال. قال لقد مر بالروحاء سبعون نبيا فيهم نبي الله موسى عليه السلام. حفاة عليهم العباءة يأمون بيت الله العتيق. هذه الاحاديث ماذا تعني لك؟ تعاقب الانبياء عليهم السلام على اداء هذه العبادة التي افترض الله عليهم يؤكد ذلك نزول عيسى عليه السلام اخر الزمان واهلاله بالحج او بالعمرة او بهما معا. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا او او ليثنيينهما يعني يقرن بينهما وهذا بعد نزوله اخر الزمان وقتله المسيح الدجال هذا التعاقب على بيت الله الحرام حجا منذ الخليل ابراهيم عليه السلام. بل وقيل منذ ادم عليه السلام. حتى حج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم سيحج عيسى عليه السلام اخر الزمان اذا نزل من السماء بعد قتل الدجال يدل على عظم مكانة الحج عند الله. وفي شرائع الانبياء كلهم عليهم السلام. لا تعظم عبادة في الاسلام الا وتعظم مقاصدها. فكيف بعبادة في شرائع الانبياء جميعا عليهم السلام. اخيرا لاهمية الحديث عن المقاصد ما نشهده في حج الحجيج معشر الحجيج كل عام. من صور فيها خلل واضطراب وقصور منبئ عن جهل او غياب لتحقيق المقاصد. عندما يغلب جانب الحرص على الانتهاء من العبادة كيفما اتفق. ورغبة المراقبة المزاحمة يغيب معها شعور التعظيم والخشوع. يطوف متزاحما يقف بعرفات يرمي الجمرات وقلبه ممتلئ ضيقا والما وضجر. اين لذة العبادة؟ عندما يطغى الاداء للهيئة الظاهرة تبدو تلك المعالم التي لا مراد للحاج ان تظهر عليه اثار العبادة الا وهو ممعن في لذة عبادته لربه. وسنقف بتفصيلنا في ذكر المقاصد من مجلس الغد ان شاء الله على صور وانماط وامثلة عجيبة فريدة من حج نبينا عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام رضي الله عنهم وسلف الامة سلك الله بنا سبيلهم كيف كانت حياتهم في الحج تقطر لذة واستمتاعا وشعورا بعظمة العبادة التي يؤدون. اللهم فانا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. للحديث بقية من مجلس الغد ان شاء الله تعالى ولعل موقع الدرس ينتقل الى مقدمة الصفوف امام الباب الحادي والتسعين من مجلس الغد ان شاء الله لانشغال هذا الموقع ببعض الدروس الاخرى. نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية والرشاد والله اعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. كل شيء في الحرم المكي يدعو للشوق ومن ذلك دروس الحرم العلمية وكراسي العلماء. فماذا لو قربنا لك هذه المجالس لتعيش في رحابها وانت في بيتك. على قناة التوجيه والارشاد الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي. تستطيع ان يكون احد حضور مجالس العلم في المسجد الحرام مباشرة ولحظة بلحظة. حيث يمكنك حضور المجلس ومتابعة الدرس واخذ علمي عن اهله وكأنك هناك. للمتابعة اشترك الان