شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم. دروس من الحرم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله امام انبيائه وخاتم رسله. اللهم فصل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فها هو ذا ثاني ايام الدورة فيما يتعلق بمقاصد الحج الشرعية. اوجز ما تقدم في مجلس البارحة لنستأنف على بينة ما سنتناوله في لقاء الليلة بعون الله. تقدم بكم ايها الكرام في مجلس البارحة معنى مصطلح المقاصد الشرعية. وانها الغايات والحكم والاسرار من وراء التشريع. فان الشريعة فلما كلفت العباد باحكام من عبادات ومعاملات جاءت هذه الاحكام من ورائها مقاصد يراه الوصول اليها وتحقيقها. ولهذا سميت مقاصد يعني ان الشريعة قصدت الوصول اليها وتحقيقها في عبادات المكلفين ومعاملاتهم. وتقدم بكم ايضا البارحة اهمية هذا المقعد. المقاصد اهمية هذا المعنى وبيان انه جزء مهم في الشريعة. وان التفقه فيه ودرايته والعلم به نقل ملح تقدم بكم ثالثا ان لكل عبادة في الشريعة مقاصد من ورائها وان العبادة الشرعية تشتمل على هيئة ظاهرة المتمثلة في احكامها الفقهية من اركان وواجبات وشروط وسنن. وان العبادة تشتمل في شطرها الاخر على المعنى الباقي وهو المقاصد والحكم والغايات والاسرار. تقدم بكم ايضا اهمية المقاصد. وضرورة العناية بها. وان في الدين لا يكمل الا بالجمع والمزاوجة بين الفقه في هيئة العبادة الظاهرة وبين الفقه في باطنها وحقيقتها واسرارها وهذان جزئان مكملان للعبادة. ومن اجل ذلك فهما البارحة ايضا ان الاقتصار على هيئة الظاهرة للعبادة لا يحقق مقصودها. نعم تبرأ به الذمة ويسقط به التكليف. فمن صلى بلا خشوع اجزأته ومن صام لم يحقق التقوى اجزاءه صيامه. ومن حج ولم يحقق المقاصد. ايضا سقط وجوب الحج عنه قن فوات هذا المقصد في العبادة يفضي الى جملة من المحاذير منها انه اخلال بالعبادة. واتيان بشيء منها لا بكلها كما اراد الله. ومنها ايضا انه يفوت على العبد حلاوة التعبد لله بهذه العبادات. ويفوت عليه فان لكل عبادة لذة ولا شك. ولما تجتمع لذائذ العبادات تحقق للعبد لذة الايمان. هنا تفهم قوله عليه الصلاة والسلام ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الايمان. فله حلاوة تتذوق. وحلاوة الايمان بحلاوة عباداته وطاعاته واعماله التي يؤديها العبد. فاذا ما فات هذا المعنى فات التلذذ بالعبادة. يفوت اخيرا بغياب المقاصد في العبادات كما بكم ايضا البارحة يفوت تحقيق اثر العبادات في حياة العباد. فلا الصلاة تؤدي اثرها في حياة العبد. ولا الصيام ولا الحج وستعود عباداتنا عبارة عن رسوم جوفاء ومظاهر خالية من المعاني التي يمكن ان تفعل فعلها في العبادة تقدم البارحة ايضا انه ما من عبادة في الشريعة الا ولها هيئتها واحكامها الظاهرة ولها ايضا مقاصدها وانه بحجم العبادات تكون المقاصد بازائها. فكلما عظم شأن العبادة في ميزان الاسلام عظمت المقاصد المتعلقة بهذه العبادة. تقدم اخيرا ان من السبيل الى المعرفة مقاصد العبادات او الوصول اليها يتحقق بامرين. الاول صريح النصوص فتجد النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تؤكد هذا المعنى فليس في الشريعة امور وليس فيها اسرار ولا الغاز فهي واضحة. والطريق الاخر هو تأمل النصوص واستقراؤها وتقليب جزيئاتها وصفحاتها فتستخرج معاني اخر قد لا تنص عليه الادلة لكن يمكن ان تستنبط منها وتفهم. اخيرا تقدم بكم ان التعبد لله بالاقتصار على مقاصد العبادات واهمال هيئات العبادة عبث سريعا وسخف وان زعم صاحبه انه يتعبد لله. فاذا قال اذا كان مقصود العبادة التقرب فانا قريب فلا احتاج الى العبادة. واذا كان المقصود من الاستغفار تطهير الذنوب وانا لا ذنب لي فلا حاجة ان استغفر وهذا من الهراء والعبث في دين الله. فكذلك هو ايضا الاقتصاد على هيئة العبادة الظاهرة واهمال مقاصدها سيكون اخلالا بينا بجانب العبادة لله رب العالمين. احبتي الكرام الليلة نستأنف ونكمل الجزء المتبقي من المقدمات المتعلقة بمقاصد الحج لنبدأ اليوم بإذن الله تعالى في عرض اول مقاصد الحج ونبين كيف اشتملت عليه النصوص واهمية العناية بها. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وللمسلمين والمسلمات اجمعين احكام الحج بين جانبيها الفقهي والمقاصدي. يهتم علم الفقه باحكام الحج الفقهية من شروط واركان وواجبات وسنن. وما يتصل بها من محظورات وكفارات وما الى ذلك. ولم يجد الناظر في احكام الحج الفقهية تقوى الله عز وجل وذكره تعالى مثلا ضمن اركان الحج او واجباته مع عظيم تأكيد النصوص الشرعية عليهما تصريحا او استنباطا كما قدم وذلك لانهما في عداد مقاصد الحج لا في احكامه الفقهية. وكذلك الحال في مقاصد الحج الاخر. نعم ايها الاخوة انا نريد التأكيد على قضية مهمة انه حيث حيث لم يتجلى في كلام الفقهاء الفقه لم يأت ايراد المقاصد وابرازها فليس هذا خللا علميا لدى الفقهاء. وليس هو غفلة حاشاهم لكنه تركيز على المسار الذي اتجه اليه الفقهاء. وهو الحديث عن الاحكام الفقهية. تتحدث عما تصدوا لاجله واحسن رحمة الله عليهم. اذا اين الخلل؟ الخلل هو في الا نستكمل هذا الجانب وننتقل الى الشطر الاخر. ونقيم المقاصد الشرعية في العبادات وزنها كما اقيم لاحكامها الفقهية وزنها. فينبغي ان يتكافئ الجانبان في تناول العبادات في فقهها في تطبيقها في نشرها وتعليمها هذا لابد ان يتوازى فيه الجانبان معا فصنيع الفقهاء عندما يتكلم عن اركان فيذكر الاحرام ويذكر طواف الافاضة والسعي ويذكر الوقوف بعرفة ويذكرون الواجبات فيريدون المبيت ورمي الجمرات والنحل وحلق الرأس وما الى ذلك ثم لا تجد من بين هذه المذكورات ذكر الامر بذكر الله او تحقيق التقوى او تعظيم شعائر الله وهذه من المقاصد فعندما لم تذكر هنا فليس تقصيرا ولا غفلة لكنه اتمام لجانب من جانبي العبادة وهو احكامها الفقهية. وعلينا ان ننظر ايضا بتكامله الى الجانب الاخر وهو ما يتعلق بالمقاصد. نعم. وكذلك الحال في مقاصد الاخر مثل تحقيق التوحيد لله والطاعة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم. وتعظيم شعائر الله ونحوها فانها لا ذكر لها في الاحكام الفقهية باعتبارها في جانب احكام الحج المقاصدية. وهذا مقبول على مستوى الترتيب العلمي والتقسيم لكنه مرفوض تماما اذا بلغ درجة الاهمال والغفلة كما هو الواقع غالبا حين غلب الاهتمام بالاحكام الفقهية الى حد الاتصال عليها تعليما واستفتاء واداء. فربما لا يولي الحاج اهمية بالغة بشأن ذكر الله في حجه. لانه ليس ركنا ولا واجبا ولا تجب فيه كفارة. مع انه اعظم من ذلك رتبة حين اصبح مقصدا من مقاصد الحج. وربما تعب الحاج جدا في اداء نسكه لكنه لم يلق بالا لقضية التوحيد. او الاتباع التام للنبي صلى الله عليه وسلم. وهما من اعظم مقاصد الحج التي يراد للحجاج ان يبلغوها من خلال مناسك الحج. فيعود من حجه ولم تزل بقايا من لوثات الشرك والبدعة عالقا بها قلبه. لانه لم يرعى تحقيق مقاصد الحج. وانهمك في اداء الهيئة الظاهرة للمناسك بمعزل عن عن غاياتها. هذا ارجو ان يكون بينا في غاية الوضوح. عندما يتم الاقتصار على جانب الهيئة الظاهرة للعبادة تماما كما لو جئنا نعلم مسلما حديث العهد بالاسلام جئنا نعلمه الصلاة. فقلنا له قف واستقبل القبلة بعدما تتطهر تحقق باقي الشروط ارفع يديك وكبر ثم قل كذا واقرأ الفاتحة ثم اركع وقل كذا ثم ارفع فاذا افهمناه ان فهذا هو فقط لا غير هو معنى الصلاة في الاسلام فقد اخطأنا. اذا ظن او فهم من خلال ما افهمناه واياه ان الصلاة هي حركات الية تؤديها بين الركوع ورفع وسجود واعتدال وان هذا هو كل شيء يربط المسلم بربه في الصلاة فقد اخطأنا. لان المعنى لا بد ان يكتمل بشطره الاخر ان نقول له هذا هو المعنى. لكن لابد ان نفهمه ان الصلاة في حقيقتها اتصال بالله وانقطاع عن عالم الدنيا واقبال بالقلب وخشوع بالجوارح والبدن مع القلب عندما نقف بين يدي الله عز وجل ونفهمه ما معنى اما الركوع فعظموا فيه الرب؟ ما معنى واما السجود فاكثروا فيه من الدعاء فقبيل ان يستجاب لكم. ما معنى ان يقول الامام لما يرفع رأسه من الركوع سمع الله لمن حمده. وانها لحظة يقال لك يريد ربك ان يسمع منك وانت تتحدث بحمده فتكلم. سمع الله هذا او ان يسمع الله منك كيف تحمده. هذا المعنى لابد ان يعيشه هي كما ترى هي حقيقة الصلاة هو لبها وجوهرها هو روحها. فكذلك سائر العبادات اقول فاذا كنا قد اخطأنا في افهام هذا المسلم الجديد معنى الصلاة بهذه التضحية المجردة فنحن نخطئ ايضا عندما نفهم الحج او نفهمه للحجيج انه وقوف بعرفة مبيت في منى مبيت في مزدلفة رمي جمرات حلق رأسه نحر هدي وهذا كل شيء عندما نعزل تماما هذه الهيئات عن حقائقها. وان الحج يتعلق به امور عظيمة شديدة في الاسلام تريد ان تربط قلب الحاج بربه وان تعيد صياغة فكره وعقله وكل شيء في حياته. هذه هي مقاصد الحج فاذا كان هذا يتحقق في الصلاة بالمثال الذي ذكر فهو كذلك تماما في الحج وفي سائر العبادات. اذا نحن نقول الان عدم ذكري هذا يعني لا نريد ان نصل الى ان الحاج يصل عنده تصليح المسألة الى ان تقول له هذه القضية مهمة. لا نريد ان يتبادر سؤال طيب هل يترتب على شيء هل هو من الواجبات؟ هل فيه كفارة؟ تلاحظون معي كثيرا ان الحاج اصبح يعني يهتم بحجه خشية ان ترتب عليه ما يلزم الكفارة مثلا او الفدية فيخاف من هذا الجاري نحن نريد ان نرتقي به الى اعلى من هذا ليس خوفا من الوقوع في الكفارة بل حرصا على الوصول الى رضا الله. وخوفا من ان ينصرف من حجه وما نال موعود الله اكبر لتحقيق مقعد له في الجنة. هذا المعنى لابد ان يعيشه الحال. لابد ان نفهمه ونفهمه للناس من ورائنا. للحج مقاصد عظيمة. عندما يتركز كلامه فقط اذا كان هذا لا يلزم فيه شيء فكأنك انزلت من على ظهره جبلا. وطالما هذه المقاصد ما يترتب عليها لا كفارات يصح الحج من غيرها فالحمد لله. تسطيح المسألة بهذه القضية ليست هي مراد الفقهاء. لما ذكروا احكام الحج اركانا وواجبات شروط ولم يذكروا المقاصد. تدري لم؟ ليس تهوينا بل تعظيما لشأن المقاصد. المقصد في العبادة اعظم من ان يكفره بكفارة الالافات. الكفارات يا اخوة جبر لنقص يمكن ان يسدد بالكفارة. لكن المقصد اعظم من ذلك لاحظ معي في الصلاة متى تسجد للسهو؟ اذا فاتك شيء من الواجبات او فاتك ركن ثم استدركته فتسجد للسهو لكن من فاته الخشوع في الصلاة وهو حقيقتها وروحه هلسوا بالسهو؟ جواب لا. والا لسجدنا للسهو في كل صلاة. لاننا قدر كبير من الخشوع فاذا ما كنا نسجد للسهو لفوات الخشوع وهو روح الصلاة. نقول ولا يجد فيه سجود سهو. لما يقول لا يجب في ترك الخشوع في الصلاة سجود سهو. هل هو تهويم واستخفاف بالخشوع؟ لا والله. هو تعظيم وانه اكبر من ان يجبر بسجود سهم. كذلك هي مقاصد الحج. عندما يفوتك شيء من المقاصد فعزي نفسك. لانه فاتك اعظم من ان يكفر بفدية او ذبح شاة او صدقة لا هو اكبر. عز نفسك فاتك تحقيق معنى الحل الاكبر من ورائي هكذا ينبغي ان تفهم القضية يا اخوة في المقاصد. فعدم ذكرها في الاحكام الفقهية وترتيب الكفارات على فواتها لا ينبغي ان نفهم على وجه التهويل والاستخفاف بشأنه بل على وجه التعظيم والتهويل لمقامها. وانها اكبر اجل واعظم من ان تجبر بكفارات. اقول في الصلاة مثالا حتى يقرب الفهم ويتضع. فكذلك الشأن في الحج والحديث لا يزال متصلا. نعم. والمتأمل في الهدي النبوي في الحج يجده قائما على الجانبين. سواء في الثابت من فعله صلى الله عليه وسلم او من تعليمه وافتائه لمن حج معه. وبسط ذلك وبسط ذلك يقول. وحسب الناظر وحسب الناظر ان يقف على حجه صلى الله عليه وسلم الممتلئ تعظيما لربه سبحانه وتوحيده وكثرة ذكره والافتقار والتقلب في لذيذ التعبد بين يديه في الحج. مما رصده الصحابة رضي الله عنهم ونقلوه كما نقلوا صفة الهيئة الظاهرة لاحكام الحج تماما. ولم يفرقوا في الوصف والرواية بين الاحكام الفقهية والمقاصدية. كما لم يفرقوا في الاحكام الفقهية ذاتها بين الاركان والواجبات. وتمييز ذلك وتقسيمه في صنيع اهل العلم. وتمييز ذلك وتقسيمه في صنيع اهل اهل العلم انما كان لغرض التوضيح والبيان وما كان ينبغي ان ان يتجاوز ذلك الى الاقتصار على بعضها واهمال بعض نعم سنختم هذه المقدمات بذكر اثر غياب هذه المقاصد في الحج وكيف افرز صورا سلبية نحن نحاول من خلال المقاصد ان نستدرك ذلك وان ان ننأى عن الوقوع في مثل هذه المآخذ. نعم. غياب المقاصد في الحج اثار ونماذج. غياب المقاصد في الحج كان خللا في اتجاهين. احدهما متعلق باداء الحج باداء الحجاج في مناسكهم والاخر متعلق بدور التوجيه والتعليم والافتاء من قبل اهل العلم والدعاة والمرشدين للحجاج. فالاول عملي والثاني خلل علمي ولكل منهما اثار بينة على عدة مستويات. اعرض طرفا منها بعد بيان فمن ذلك على المستوى العلمي ما نراه من غالب الحجيج الذين لا يبالون بتحقيق مقاصد الحج من انهماك في الهيئة الظاهرة فالذكر مثلا وهو من اعظم مقاصد الحج. رغم كثرة وروده والتأكيد عليه والاكثار منه. ربما كان اقل كان اقل شيء يفعله الحاج في حجه وما ينتج عن ذلك من فوات تحقيق اثاره. ومثل ذلك مقصد تعظيم شعائر الحج حين فلا تؤدى العبادة الا برغبة الانتهاء منها. والفراغ كيفما اتفق. ولو صحب ذلك عجلة ومزاحمة واذية اخرين. كل هذا يا اخوة سيأتي تفصيله عندما نعرض لمقاصد الحج واحدا واحدا الليلة والليالي المقبلة ان شاء الله. سنبين كيف انه مقصد عظيم ودلت عليه النصوص وبينت اهميته وكيف ان غياب ذلك انتج صورا نلحقها في انفسنا وفي الناس من حولنا عندما يغلب علينا الاهتمام بالهيئة الظاهرة اترى ان الحج ليس الا مسارعة في الخطوات ومراقبة ومزاحمة ومحاولة انتهاء ومدافعة الضعف والنساء والاطفال وصور والله تجزم ان الله عز وجل لا يريدها من عباده الحجيج. وهم يأتون بيته الحرام مشاعر العظام لكن غابت المقاصد غاب الجوهر غابت الحقائق للعبادات فانهمكنا في الظواهر ثم نتجت تلك الصور التي لا تحب ان تراها في مجمع عام. فضلا عن ان يكون مجمع عبادة. فضلا عن ان يكون في ركن من اركان الدين العظيم. يجتمع له المسلمون صوبا من كل حدب وصوب شرق الارض وغربها. كل هذا ينبغي ان يلتفت اليه بعناية. نعم. وعلى المستوى العملي الفقر الشديد في المادة العلمية المقدمة للحجاج ذات العناية بجانب مقاصد الحج. في كل اشكالها المحاضرات المطبوعات والخطب والفتاوى وتوجيهات المرشدين المرافقين للحجاج. وتبعه تعليمات الجهات التنظيمية المختصة ذات العلاقة وانحصر التركيز تماما على جانب الاحكام الفقهية للمناسك وواجباتها واركانها وشروطها ومحظوراتها وكفاراتها حتى الفتاوى والنصح لا يكاد يطرق جانب مقاصد الحج الا يسيرا. فربما ترسخ في مفاهيم الحجيج عدم اهمية ذلك بالنظر الى عدم ترتب كفارة او حكم فقهي اخر يستوجب الاداء على غياب المقاصد. ولم يدركوا بعد ان ولم يدركوا بعد ان غياب المقاصد طريق لتفويت اعظم هدفين من ورائها وهما التلذذ بالعبادة حال ادائها وتحقيق اثرها المنشود في حياة العباد بعد ادائها. نعم. ويمكن ايجاز تلك الاثار في الجوانب التالية اولا فقدان ذينك فقدان ذينك الاثرين العظيمين لتحقيق مقاصد الحج. التلذذ بالعبادة وتحقيق اثره بها في الحياة فيعود لعبادة يا اخوة. اذا وفق العبد في الاتيان بهيئتها مع تحقيق مقاصدها يصيب لذة العبادة اثناء ادائها واثرها في حياته بعد ادائه. كل العبادات كذلك. فاذا غابت غابت هاتين غابت هاتان الثمرتان العظيمتان. فلا يتلذذ حال الاداء ولا يجد اثرها في حياته بعد الاذان. هذا هذا حكمة الهية جاءت ببيان اثر هذا المعنى العظيم في العبادات. نعم. اولا فقدان ذينك الاثرين العظيمين لتحقيق مقاصد الحج التلذذ بالعبادة وتحقيق اثرها في الحياة فيعود الحاج من حجه الذي شرع له السفر وبذل المال ومذل المال ومفارقة الاوطان والتعرض للاخطاء. كما اتى اليه. ثانيا غلبة التعجل في الحج والرغبة في الخلاص من اداء المنام والعبث في سورة التماس الترخص على حساب الاجتهاد. والحرص على التمام وتحصيل الافضل والاكمل. ثالثا ضياع فرصة عظيمة في الحياة من شأنها ان تعيد صياغة قلب المسلم وفكره ايمانا واخلاقيا وتهذيب سلوكه واستكمال جوانب البناء في شخصيته. رابعا تعطيل شطر عظيم من العبادة بالاقتصار على هيئتها الظاهرة دون تحصيل معانيها الباطنة حكما واسرارا. خامسا غياب الرسالة الحضارية التي يحملها الحاج للبشرية بمظهره العظيم في حشده البشري نظامه الشرعي واجرائه التنظيمي بسبب بعض الانماط السلبية من فوضى وعشوائية وذاتية. يقودها الاداء الظاهر اجوف للعبادة اذا اذا ما اردنا المصارحة سنقول يا اخوة ان اجتماع المسلمين في الحج كل عام في مكة شاعر يمثل مؤتمرا عظيما للاسلام والمسلمين قاطبا كل عام. هذا الحشد العظيم هذا المؤتمر الجامع للمسلمين قاطبة يحمل رسالة حضارية للامم من حولنا. ينبغي ان نفهم هذا وان نقوله بكل صراحة. عندما تزدحم الملايين في مكة ومنى وعرفة ومزدلفة أيام الحج والله فإن العالم كله يرقض هذا الاجتماع والحشد البشري. العالم ومؤمنه وكافره ينقض هذا الحشد البشري ويتابعوه باستغراب وتعجب ودهشة وحيرة ما هذه الامة ما الذي تتمنى ان ينقله هذا الاجتماع البشري للامة من رسالة الى الامم الاخرى وهي ترقب وترصد تتبع شديد ونظر ما هذا؟ اننا بحاجة الى ان يكون اجتماعنا هذا اجتماعا ايمانيا روحانيا تشع منه مع اهل الايمان والطاعة والاخمان لله. نريد ان نقول للامم من حولنا هدانا الله الى الحق الذي غاب عنكم. نريد ان يكون حجنا بمظهر هيئته وما يراه الناس والمتتبعون لاحوال الامة في هذا الاجتماع ان يكون محققا لمعانيه. ان يروا هذا الاجتماع فلا يرون الا تراحما ولا يرون الا تماسكا ولا يرون الا ائتلافا ولا يرون الا وجوها خاشعة وقلوبا خاضعة وعيونا دامعة واكف مرتفعة ويرون بشرا تمشي على الارض لكنهم ملائكة اطهار. نريد هذا المعنى ان يتحقق ولن يتم ذلك الا بان ننجح في احياء مقاصد الحج في اداء الحجيج لمناسكهم. فلما غاب هذا اصبحت الصورة التي يمكن ان يراها المتتبع والتزاحم هو التوافق هو الاندفاع هو شيء كثير مما يمكن ان يحصل في اي حشد بشري. اي حشد بشري لما يكون في ملاعب كرة في اوساط بشرية نجتمع لها الملايين في مكان ما في الدنيا. لكن الفرق الكبير اننا نجتمع عبادة لا لهوا وعبثا. انا لا ليس في عبادة فحسب بل في ركن عظيم. نحن نقبل به ديننا وتسمو بها ارواحنا. ونهذب بها قيمنا واخلاقنا معا كبيرة هذه المقاصد هي التي تعمل على احياء هذه المعاني في اداء الحجيج لحجهم. ايضا اذا كان الحج بهذا المقصد العظيم فغيابه والله يفوت فرصة عظيمة للحاج. الذي بذل المال وسافر واغترب وقطع المسافات. فجاء هنا لاجل ان ليحقق معنى لا يجده في بلده ولا في مجتمعه من حوله لانه اقبل ها هنا وهو يقول لبيك اللهم لبيك. فاقبل وهو منقاد تماما. اما ترى التزم بالمحظورات فتركها وبالواجبات ففعلها. وعنده استعداد تام ان كل شيء فاذا قال له المفتي والفقيه يلزمك كذا استجاب وفعل. واذا ارتكب خطأ كثر. هذا الانقياد العجيب الذي يجده الحاج النفس هو نفسه لا يجد من نفسه عادة في غير الحي. فالذي حصل ان انقيادا عجيبا تقبل عليه النفوس في موسم الحج هي فرصة عظيمة مواتية لان تعيد القلوب المسلمة تهديد نفسها. وان تعيد ايضا العقول المسلمة صياغة افكارها في ضوء نصوص الشريعة كما اراد الله الحج موسم عظيم وفرصة كبيرة وتفصيل ذلك سيأتي ان شاء الله في ذكر المقاصد تفصيلا. نعم. سادسا طيوع بعض الصور القاتمة في الحج الفوضوية والتدافع والزحام والاذية وسوء النظافة ورفض التنظيم. والاحتيال على النظام والاستغلال البشع الى اخره من خلال اندفاع غاب عنه رؤية مقاصد الحج واستيعابها. سابعا تحجيم دور الحج التي هي في حياة الحجيج الى تلك الخطوات المعدودة الظاهرة دون اعتناء دون الاعتناء الكافي بالجوانب الباطنة وما في ذلك من للتشريع وعدم ايفائه حقه. ثامنا تفويت مناسبة عظمى للاصلاح المجتمعي بل الاممي. يمكن توظيفها على اكمل نحو في ظرف كالحج اجتمعت فيه عوامل الزمان والمكان وتهيؤ الانسان. تاسعا بقاء جملة من العوائق والاشكالات في موسم الحج مستعصية او بطيئة التجاوب مع كثير من الحلول رغم جودتها وتطورها وحداثتها لانها لم تعتني بعد بها هذا الجانب عاشرا تنامي الاشكالات والسلبيات مع تزايد الاعداد وتراكم الاثار التي لم تجد طريقها للحل. وبعد وبعد تلك المقدمات فانه يمكن الوقوف على مقاصد الحج كما جاءت في النصوص الشرعية تصريحا او استنباطا. وهي متعددة متفاوتة المراتب وسيتم الاقتصار على الكبرى منها في هذا المقام. نعم. هكذا تمت المقدمات التي اردنا من خلالها توطئة تمهيد لذكر مقاصد الحج تفصيلا. العناصر السبعة المذكورة امامكم هي التي سنتناولها بتفصيل في بقية لقاء الليلة واللقاءات المقبلة ان شاء الله. كل مقصد ايها الكرام شأن عظيم. وقضية شرعية كبرى متعلقة بالحج. سنة تناولها على النحو التالي. سنعرض بهذا المقصد واحدا واحدا ببيان معناه وحقيقته. ثم سنبين ارتباطه الحج وكيف ظهر من خلال النصوص التي جاءت في احكام الحج كتابا وسنة. ومن خلال هدي النبي عليه الصلاة والسلام وتطبيقات السلف واخبارهم واحوالهم في هذا الباب نختم بغياب هذه المقاصد وكيف اثمر سلبا في اداء الحجيج لمناسك الحج على قيد النحو الذي يراد للحجيج ان يعيشوه في حجهم وهم يطبقون المناسك كل عام. نبدأ الليلة باول مقاصد الحج واعظمها هي القضية الكبرى في حياة العباد مقصد تحقيق التوحيد لله رب العالمين. وستناول كل مقصد بهذه عناصر الثلاثة بيان معناه واهميته بيان موقعه في اداء الحج واين يمكن ان يبرز هذا المقصد؟ واخيرا بيان الاثر يترتب على غفلتنا عنه او غيابه عن اداء الحج في مناسكنا كل عام. احبتي الكرام التوحيد لله رب العالمين اعظم قضية في حياة العباد لان ربك الذي خلقك هو الذي قال. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ان تكون طبيبا او مهندسا او معلما او تاهرا او صانعا لا بأس. لكن ليس لهذا خلقت انما خلقت لتحقيق هذا المعنى العظيم وهذه القضية الكبرى لله رب العالمين. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. باقي مناحي الحياة التي ننخرط فيها هي مسالك نسعى فيها ونحن نختلف فيها اختلافا كبيرا واسلك اي طريق تشاه لكن لابد ان يكون قائدا لك الى هذه الرسالة الكبرى التي من اجلها خلقت العبودية لله رب العالمين. لهذا بعث الله تعالى الرسل عليهم السلام. لهذا انزل الله تعالى الكتب لهذا اقام الله تعالى الحجج لهذا قامت سوق الجهاد وارتفعت راية الاسلام. لهذا قامت الملاوئة بين حزب الله وحزب الشيطان. من اجل هذا تعيش الحياة اليوم تقلباتها منذ اول التاريخ والى اليوم والى قيام الساعة فنقول هذه القضية الكبرى هي التوحيد بالله رب العالمين. سامهي في بيان الاهمية بمقدمات ثلاثة. اولها ان التوحيد لا اساس الشرائع وصلب رسالة الانبياء وركيزة دعوة المرسلين عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة واتم التسليم. يقول ربك سبحانه وتعالى على لسان قل نبي كما جاء في اكثر من موضع في القرآن. نوح هود صالح لوط شعيب وموسى وغيرهم الانبياء عليهم السلام الكل يقول لقومي اعبدوا الله ما لكم من اله غيره. افلا تتقون؟ فيدعون الى عبادة الله وحده فافراد الله بالعبادة هو حقيقة التوحيد. اذا هذه قضية كبرى يقول ربك ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. اذا راية التوحيد هي صلب دعوة الانبياء والرسل عليهم السلام. ولاهمية توحيد تأتي المفاصلة يوم القيامة. والقضية الكبرى في فرز العباد بين الجنة والنار قول الله سبحانه ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. قضية الجنة والنار التي هي مصير العباد. لا خيار ثالث يوم القيامة مبني على هذا الاساس انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة. ومأواه النار وما للظالمين من انصار. بسطوا هذا يقول وشرح اهمية التوحيد في حياة العباد قضية تسعت فيها التصانيف وكلام العلماء وبيان الائمة. نحن نقول هذه مقدمة اولى ان التوحيد قضية اساس. وان توحيد الله عز وجل هو مدار الحياة البشرية. هو قطب الرحى في الحياة الانسانية على وجه الارض ان تعبد الله وحده وان ينقاد قلبك وظاهرك وباطنك لله رب العالمين. التوحيد الا تتعلق الا بالله حبا خوفا رجاءا توكلا استعانة استغاثة الا يكون في حياتك شيء يربط قلبك سوى الله عز وجل. فتتوجه اليه تتوكل عليه تلجأ اليه كل هذا هو مما يحقق معنى التوحيد شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم