بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد. فهذا مجلس ايها الاخوة الكرام حجاج بيت الله الحرام نعقده ابتداء من اليوم بمشيئة الله تعالى. وحتى ينطلق الحجيج باذن الله جل وعلا لاداء مناسك الحج يوم الثامن من شهر ذي الحجة ان شاء الله تعالى. هذا المجلس نعقده تباعا في مثل هذا الوقت من كل يوم في قرابة الساعة الخامسة والنصف بمشيئة الله نتناول فيه واياكم ما نحن بصدده هذه الايام. حيث توافدوا هذه الجموع من حجاج بيت الله الحرام. تؤم البيت العتيق والمشاعر العظام. تبحث عن الاجر والمغفرة واتمام اركان الاسلام باداء حج بيت الله الحرام. الحج هذه الفريضة التي حانت ايامها. واقبلت جموع المسلمين من شرق الارض وغربها تؤمها. هذا الفرظ ركن الاسلام الخامس الذي حانت ايامه واقبلت ساعاته وتوافدت جموع المسلمين تتربصه وترقبه وهي تتحين هذا الموعد. حج بيت بالله الحرام عبادة عظيمة. ونحن في هذه المجالس بمشيئة الله سنتناول بابا من فقه حج بيت الله الحرام وفهم مراده ومحاولة التماس روح الحج ومقاصده واستشعار معانيه العظام التي تضمنها هذا الفرض العظيم احبتي الكرام الحج فريضة عظيمة وركن جليل في اركان ديننا. احتوى بين جنباته من ذات الوانا والوانا واشتمل كذلك في طياته على حكم واسرار ايضا متنوعة انواعا وانواعا. ومن من تمام عناية المسلم الذي اكرمه الله سبحانه. فجاء يحج بيت الله الحرام. من تمام عنايته بفقه العبادة التي اقبل اليها ان يفقه معانيها. فان عباداتنا في الاسلام معشر المسلمين ليست رسوما جوفاء. ولا طقوسا خالية لكنها عبادات ذات معان واسرار ذات حكم ومقاصد. عبادات لها اثرها في قلب المؤمن وفؤاده وفي سلوكه وتصرفاته وفي صلاح قلبه وحاله وفي مسيره الى الله جل وعلا تمسك به في صراط الله المستقيم. عباداتنا كلها معشر المسلمين هي بهذا المعنى الكبير. وبهذا الوزن في شريعة الاسلام التي لها اثرها ولها قصدها ولها مغزاها. ولها معناها الكبير. حج بيت الله الحرام احبتي الكرام فريضة عظيمة فيها من الحكم والاسرار. فيها من المعاني العظام. ما جلسنا لاجله في هذه المجالس من اجل تقريب نظر فيها ومن اجل الوصول الى استشعار معانيها. نحن مقبلون على فرض عظيم. ونحن منتظرون عبادة جليلة في اسلام ومن تمام عنايتنا ومن حق ربنا جل وعلا علينا في اداء هذه العبادات. فقه هذه المعاني ولهذا كان المجلس الذي نبتدئه من الليلة ان شاء الله فما بعده تباعا كل يوم بحول الله وقوته هو تقليب في هذه المعاني العظام التي اشتمل عليها حج بيت الله الحرام. فترانا نجلس ليلة نتحدث فيها عن معنى التلبية. وما فيها من حكم واسرار ويوم عن معاني يوم عرفة. ويوم عن ذكر الله في الحج. ويوم عن طاعتنا واتباعنا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجنا ويوم اخر نعقده للحديث عن تعظيم الله وتعظيم شعائره ونحن نحج بيت الله الحرام وهكذا نمعن النظر ونقلب الفكر في معاني حج بيت الله الحرام وهذا المجلس احبتي الكرام نشرع فيه ابتداء هذا المعنى الكبير. ومجلس اليوم سنخصه للحديث عن معنى الحج من حيث فرضه ومن حيث ما شرع الله عز وجل لهذه العبادة وهيأ لها من المكانة الجليلة العظيمة في ديننا ايها المسلمون وهذا مفتاح البداية. وتلك ايضا خطوة الانطلاق والذي ينبغي ان نبتدأ به هو الحديث عن ان نفهم ما المراد من عبادة الحج جملة. واما تفاصيلها تأتي تباعا ان شاء الله تعالى. ان الحج ايها الكرام كما تعلمون جميعا فريضة الله المكملة لاركان اسلام فرض الحج ايها المسلمون سنة تسع للهجرة وحج نبينا صلى الله عليه وسلم حجته اليتيمة الفريدة سنة عشر للهجرة ومات عليه الصلاة والسلام مطلع سنة احدى عشرة للهجرة. فوقعت حجته عليه الصلاة والسلام قبل وفاته بنحو مائة يوم فكانت حجة الوداع كما سماها المسلمون جيلا بعد جيل حجت العرب قبل الاسلام ولم تزل هذه البلدة وفيها بيت الله الحرام تشهد جموع الحجيج ولم يقف الحج منذ زمن الخليل ابراهيم عليه السلام لكنه حرف وصرفت فيه العبادة لغير الله ايام الجاهلية. فلما حج نبينا صلى الله عليه وسلم اعاد الحج الى صفاء توحيده ورونق العبادة الصرفة الخالصة لله عاد للحج عليه الصلاة والسلام بهاء التوحيد وصفاء العقيدة واعادها الى القاعدة الاولى التي بني عليها بيت والله الحرام هذه الكعبة يا كرام التي تجلسون بالقرب منها. والتي طوفتم حولها وصرفتم الانظار اليها وتعلقتم بها واتجهت اليها قلوبكم وابصاركم وها انتم تلتفون حولها في كل فرض. هذه الكعبة بيت الله العتيق بنيت في بنائها الاساس على معنى التوحيد. اوما سمعتم قول الله سبحانه وتعالى بني الخليل ابراهيم عليه السلام. وهو يأمره ببناء هذه الكعبة المعظمة والبيت العتيق. واذ بوأنا لابراهيم مكانا البيت الا تشرك بي شيئا. وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود. فهذا المكان بوأبراهيم عليه السلام وهيئ له وامر عند البناء على هذا المعنى العظيم الا تشرك بي شيئا وطهر بيتي والقائمين والركع السجود فلما حصل ما حصل في الجاهلية واوتي بالاصنام وعبد غير الله واحيطت الكعبة المعظمة بتلك الاوثان التي كان يصرف لها الالتماس والتقرب واعتقاد النفع والضر. ابطل المصطفى عليه الصلاة والسلام كل ذلك لما فتح مكة فاخرج الاصنام وكسرها وامر بازالتها واخرج ما في جوف الكعبة وما كان على الصفا والمروة وهو يقرأ قول الله سبحانه وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا. فتحت مكة سنة ثمان للهجرة ولما فرض الحج سنة تسع للهجرة لم يحج عليه الصلاة والسلام. بل ارسل ابا بكر الصديق رضي الله عنه اميرا على الحج وامره ان ينادي في جموع الحجيج ذلك العام الا يطوف الا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بعد ولا يطوف بالبيت عريان. فلما حج عليه الصلاة والسلام سنة عشر لم يحج مشرك قط. كما يقول جابر رضي الله عنه بصفة حجة الوداع في حديث صحيح مسلم. والمقصود يا كرام ان الحج بهذا المعنى العظيم جاء خاتمة اركان الاسلام في الاسلام ولهذا نزل قول الله سبحانه وتعالى على نبينا صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وهو في حجة الوداع نزل قول الحق سبحانه اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام مدينة. فالمراد قوله حجاج بيت الله الحرام. ان الله كمل بحج بيته الحرام اركان الدين وامتن سبحانه وتعالى علينا وعلى كل مسلم ومسلمة الى يوم القيامة بهذه النعمة العظيمة في اية نزلت عشية عرفة في ذلك الموقف العظيم واليوم العظيم وعلى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. فجاء الاعلان بكمال الدين واتمام النعمة وارتضاء الله سبحانه وتعالى جل جلاله من فوق سبع سماوات بارتضائه لنا هذا الاسلام دينا فالحمد بالله على التمام والحمد لله على الكمال. في معاني الحج في مجلس اليوم يا كرام سنعرض نقاطا متتابعة عدادها نحو من ست او سبع كالتالي اولا الحج واجب من واجبات الاسلام وركن من اركانه العظام. جاءت الدلالة على ذلك في نصوص الكتاب والسنة كثيرة. وجاء الاجماع في الاسلام مؤكدا هذا الوجوب العظيم الكبير. قول الله سبحانه وتعالى ولله على الناس حج لبيت من استطاع اليه سبيلا. ومن كفر فان الله غني عن العالمين وهذه صيغة وجوب كما يقول الفقهاء والاصوليون ذلك ان قول الله سبحانه ولله على الناس حج البيت هو في تعلق للجار والمجرور بمتعلق محذوف تقديره الوجوب ولله واجب على الناس حق واجب. هذا الوجوب الذي جاء في سورة ال عمران ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا جاء مؤكدا بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح مسلم يقول نبينا عليه الصلاة والسلام قاطبا ليس اصحابه فقط. مخاطبا المؤمنين من امته الى قيام الساعة. ماذا يقول؟ قال عليه الصلاة والسلام ايها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. فقال رجل اكل عام يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام بعد ان سكت عنه ثلاثا والرجل يكرر السؤال فقال بعدها في المرة الثالثة لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم. ثم قال صلى الله عليه وسلم ذروني ما تركتكم فانما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم. فاذا امرتكم بشيء منه ما استطعتم والحديث في صحيح مسلم. هذا وجوب الحج في كتاب الله. وهذا وجوب الحج في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا اضفت اليه النصوص الاخر تأكد ذلك وجوبا. في مثل قوله سبحانه وتعالى واتموا الحج والعمرة عمرة لله وامره سبحانه الخليل ابراهيم عليه السلام واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل يأتين من كل فج عميق. هذه النصوص وغيرها في مثل قوله عليه الصلاة والسلام بني الاسلام على خمس ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان هذا وغيره من النصوص. وكم سئل عليه الصلاة والسلام عن الاسلام؟ فاجاب بحج بيت الله الحرام ضمن اركان الدين جنب الى جنب مع الصلاة والصيام والزكاة. فتأكدت بنصوص الشريعة هذه الفريضة العظيمة حج بيت الله الحرام اذا فالحج واجب ولا ينكره مسلم ولا يجحده رجل يبقى في في عنقه ذرة من ايمان. هذا الوجوب لحج بيت الله الحرام تأكد بالاجماع ايضا في في اجيال الامة قرنا بعد قرن بوجوب حج بيت الله الحرام ذلك الوجوب كله يا كرام. تأكد بجملة من الاثار في الزام القادر على حج بيت الله الحرام فيما ثبت عن الفقهاء من الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم اجمعين. في الاثر عن عمر امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال من اطاق الحج فلم يحج. من اطاق يعني من قدر على الحج من استطاع. قال من اطاق الحج فلم حجة فسواء عليه يهوديا مات او نصرانيا. في تأكيد لوجوب حج بيت الله الحرام. والحديث اخرجه بعض اصحاب السنن وفي اثر اخر عن عمر ابن الخطاب وفيه ضعف يقول رضي الله عنه لقد هممت ان ابعث رجالا الى هذه الامصار. ويقصد بها اقطار بلاد الاسلام قل لقد هممت ان ابعث رجالا الى هذه الامصار فينظر الى كل من كان عنده زاد وراحلة فلم يحج يضرب عليهم الجزية ما هم بمسلمين. وان كان فيه ظعف فيعظده الاثر الاخر عن امير المؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وفي اثره ايضا ضعف في الاسناد قال من ملك زادا وراحلا تبلغه الى بيت الله فلم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا او نصرانيا. وذلك ان الله عز وجل يقول ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين. وفي شيء من دلالة الاية بالتظمين ان من لم يحج فهو في عداد الخارج عن الاسلام للاشارة في قوله تعالى ومن كفر فان الله غني عن العالمين. هذا اذا منطلق فهمنا لمعاني الحج هو ادراك جلالة هذه الفريضة وعظمة وجوبها في الاسلام انها ارتقت لتكون ركنا من اركان الدين. اذا فحجنا عبادة اصبح ركنا في الاسلام به يكمل اسلام المسلم وبه امتن الله عز وجل على العباد في امة الاسلام. المعنى الثاني المرتبط بمعالي الحج يا كرام. معنى الاستطاعة الحج والاستطاعة. في قول الله سبحانه ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. فتقيد هذا الوجوب في حج بيت الله الحرام بالاستطاعة المذكورة في الاية. ولهذا كان من المقرر عند الفقهاء رحمهم الله ان وجوب الحج لا ينعقد الا بهذا الشرط وهو الاستطاعة ودلالة ذلك جملة امور اولها لا يجب الحج الا على مستطيع. وغير المستطيع فلا يجب عليه الحج وثانيها ان الاستطاعة المذكورة في الاية فسرت بجملة من المعاني اظهرها عند الفقهاء الزاد والراحلة. والمقصود وبالزات نفقة تبلغ الحاج حج بيت الله الحرام. والمقصود بالراحلة الظهر الذي يركبه. وقد كانوا قديما يحجون على ظهور الابل وعلى الدوام التي تبلغهم بلد الله الحرام ويقوم مقامها اليوم وسائل المواصلات. فامتلاك قيمة الاسفار وثمن المواصلات التي تبلغ الى حج بيت الله الحرام في عداد الراحلة المصطلح المذكور في السنة الفقهاء قديما. كل ما يتعلق به امكان الحج الى بيت الله الحرام قام فهو من شروط الاستطاعة. اليوم نتحدث عن تهيؤ الاسباب. وان كان المسلم ان يحج بيت الله الحرام. اليوم جدد في حياة الناس جملة من الامور التنظيمية والقضايا التي لا ينفك عنها الانسان بحال. اختلفت الاحوال تنظمت امور الحياة وكل بلد له ظروفه له شروطه وله تنظيماته التي تنظم حياة الناس وتيسر لهم اسباب المعاش. كل ما يمكن ان يكون سببا يجعل الحاج قادرا على الوصول الى بيت الله الحرام فانه داخل في عداد الاستطاعة. مثل ذلك مثلا امتلاك جواز السفر للتنقل به. وامكانية عبور الحدود به بين الدول. فمن لا يملك جواز سفر لن على الارتحال ولا ركوب الطائرات ولا مغادرة الموانئ ومحطات الوصول. فهذا اصبح اليوم من شروط الاستطاعة فلو قال انسان اريد ان احج ولا املك جواز سفر. فنقول له لن تستطيع الا اذا امتلكته واستخرجته هذا احد القضايا التنظيمية وضربت بها مثالا. وبعض الدول اليوم تهيئ للحج جملة من الترتيبات. كأن يكون مثلا مرتبطا اعمار وسنوات محددة او بانتظار لسنوات فيها اولوية باعتبار السن والعمر او باعتبار انتظار الدور والاقدمية في طلب كل ذلك يدخل اليوم في عداد التنظيمات. ووجه ذلك يا كرام ان عداد المسلمين اليوم يبلغ قرابة الملياري مسلم نتكلم على الفي مليون. ولو فتح الباب للجميع ما وسعتهم الطرقات ولا وسائل المواصلات. ولا البقاع والاماكن التي يتنقلون فيها من بلدانهم الى بيت الله الحرام ثم في المشاعر العظام فكان لابد من ترتيب الامور على نحو معين محدد. فكل ذلك يدخل في عداد الاستطاعة. ومنه ايضا واؤكد عليه ما يتعلق بالتنظيمات التي تهيئ للحاج ان يحج. نحو الاشتراط بالانتظام ضمن مجموعات مصرحة. وقوافل الى يؤذن لها بترتيبات تظمن للحاج وجود سكن ينزل فيه وسيارة يركبها وطعام يقدم فاصبح هذا مرتبطا بجملة من التنظيمات لها صلتها التنظيمية والزاماتها التي يمكن متابعتها وظبطها. ومنه وايضا تصريح الحاج لمن هم في داخل البلاد فانها داخلة في عداد هذه الترتيبات. فهذه وامثالها من القضايا التي في عداد التنظيمات التي جرى عليها العرف والعمل في بلاد المسلمين اليوم داخلة في عداد الاستطاعة. فمن تهيأت له هذه الاسباب وامتلكها واصبحت في حوزته اصبح قادرا مستطيعا. ومن فقد شيئا من ذلك فقد الاستطاعة كل هذا اريد ان اصل به الى قضية مهمة ما حكم من ادركه الحج وهو غير مستطيع اجيبوا ما حكم من ادركه الحج وهو غير مستطيع ليس واجبا عليه حج بيت الله الحرام. انتظر عاما وعامين وثلاثة وهو ايضا غير مستطيع ايضا لم يجب عليه حج بيت الله الحرام. لاحظ معي قد يملك بعض الاسباب لكن لا يملكها كلها. قد يكون تابا قوي البدن صحيحا لكنه لا يملك مالا ينفقه في حجه او يشتري به تذكرة او ينضم به الى قوافل الحجيج والشركات والحملات التي تسير الحجاج من بلدانهم الى بلد الله الحرام كونه شابا صحيح البدن بعافية هذا جزء من الاستطاعة. ولا يعني انه قادر اذا ما تهيأت له باقي الاسباب. قد يملك المال وعنده القدرة وصاحب نعمة وثراء. لكن عافيته لا تسمح له وصحته لا تهيئ له السفر والارتحال تحتاج الى عناية طبية لا يستطيع مفارقتها. هذا ايضا غير مستطيع ببدنه وان كان مستطيعا بماله. اخر مستطيع بالبدن مستطيع بالمال لكنه لا يزال ينتظر بعض الاجراءات والتنظيمات التي ما فتح له فيها الباب. هو ايضا غير مستطيع النتيجة يا كرام ولنفهمها جيدا من بذل وحاول وحرص وهو عازم تماما على الحج لكن سببا من اسباب الاستطاعة ما امتلكه ولا تهيأ له فانه لم يجب عليه حج بيت الله الحرام. ومن حال الموت بينه وبين بين بلوغ الحج الى بيت الله الحرام لشيء من اسباب عدم الاستطاعة ايا كان وجهها في بدنه او ماله او في البلدان وتنظيمات الدول ولم يستطع فمات فلم يجب عليه الحج وليس باثم. اذا كان قد ادركه الاجل وما استطاع تدري من الذي يأثم وهو محل للعقاب ومتعرض لسخط الله ذاك القادر المستطيع الذي تهيأت له الاسباب وفتحت له الابواب لكنه ما زال يؤجل عاما بعد عام. ويقول ليس الان وامتلك مالا فقيل له حج ويستطيع وبيده كل الاسباب لكنه فضل ان يؤخر ويتريث ولم يزل يتمادى به الامر حتى ادركته المنية والعياذ بالله ولم يبلغ بعد حج بيت الله الحرام. اذا هذه قضية نحتاج الى فهمها جيدا في معالي الحج وهو ما يتعلق بالاستطاعة في حج بيت الله الحرام انتقل الى معنى ثالث من معاني الحج. وهو ارتباط الحج في جانب من جوانب فضله بما احاط به من شرف الزمان مكان اما المكان فحسبكم انه بلد الله الحرام هذا البلد الذي احبه الله واحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله عليكم الا يحق لمسلم ان يحب بلدا احبه الله الا يحق لمسلم ان يحب بلدا احبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلالة ذلك الحديث الصحيح لما خرج نبينا عليه الصلاة والسلام مهاجرا من مكة الى المدينة وهو خارج وقف على مشارف مكة فالتفت اليها ونظر وهو يقول والله انك لاحب البلاد الى الله اه ولولا ان قومك اخرجوني منك ما سكنت غيرك. خرج عليه الصلاة والسلام ليس رغبة عن مكة وفيها ولد وفيها نشأ وفيها بعث عليه الصلاة والسلام لكنها امكانية الدعوة وتبليغ دين الله سبحانه وتعالى فهذا شرف المكان بلد الله الحرام. ولكل مسلم يا احبة ان يحب البلد الذي ولد فيه من الفطرة التي لا ينازع فيها انسان. ولكل منا ان يحب البلد التي نشأ فيها. وعاش على ارضها وتربى فوق ثراه وهذا حق لكل انسان لا ينازعه فيه الا جاهل. لكننا مع ذلك نحب مكة ولو لم يكن لاحد منا بها صلة نحب مكة ولو لم تكن مولدا لاحدنا. ولا مكانا لتنشئتنا. نحب مكة ولو لم اقم فيها الا اياما معدودات. وها انتم تعيشون وتدركون وسترون بام اعينكم بل ستعيشون بنبض بقلوبكم وخفق افئدتكم هذا الشعور. ما انت حين ساعة الوداع ويطوف الحجاج بعد اتمام حج بيت الله الحرام. الا وعاصفة من الشوق الحزين تعصف بقلوبهم حزنا على فراق الله الحرام والله وكان احدهم مكث بها سنين عددا. وكأن احدهم سيفارق اهله ووطنه واسرته واولاده في حين انه حقيقة راجع الى اسرته. والى موطنه والى ازواجه والى اولاده. لكنه هذا الهوى لبيت الله الحرام. الذي دعا به الخليل عليه السلام لما قال فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم والله عز وجل يقول حكاية عن هذه النعمة واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا. تدري ما معنى مثابة يعني يتوبون اليه ولا يغادر احد منهم مكة الا ويتمنى العودة اليها مرة بعد مرة. ابدا والله لا يشبع مسلم من بيت الله الحرام ولا يزال قلبه يمتلئ شوقا وعاطفة يحب هذا البلد لانه بيت الله. يحب هذا البلد وليس له فيه مسكن ولا زوجة ولا ولد ولا تجارة ولا مصلحة. يحب هذا البلد وليس من بلدان السياحة ولا الاجواء الممطرة ولا الشلالات ولا الاودية الخضرة ولا الانهار يحب هذا البلد فقط لان به بيت الله الحرام هذا نوع من الفضل الذي احاط بحج بيت الله الحرام ارتباطه بفضل هذا المكان. والحديث ها هنا يطول لو استطردنا في فضائل لمكة وشرفها ولعل لنا فيها مجلسا مستقلا ان شاء الله. هذه مكة وليست وحدها يؤدى على ارضها المناسك بل اننا ننتقل الى عرفة ومزدلفة ومنى وكل تلك مشاعر عظام. كل تلك مواضع عظمها الله فهي من شعائر الله امرنا معشر المسلمين ان نعظم ما عظم الله وان نحب ما احب الله ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. هذا بلد احبه المصطفى عليه الصلاة والسلام. وتعلق به قلبه وفؤاده. كيف لا وهو بلد فيه ونشأ عليه وعاش فوق ارضه طفولته وصباه عليه الصلاة والسلام. هذا بلد ادرك فيه شرف النبوة فاشرقت شمس الرسالة في مكة هذا بلد تنزل فيه الوحي والقرآن لاول مرة في صدر الاسلام. هذا بلد كم مرة نزل من سمائها جبريل عليه السلام بالوحي. كم تشعر ان بين جنبات هذا البلد وفي هوائه عبق الوحي الذي ترددت بين جبال مكة وفي طرقاتها. هذا بلد عاش فيه ساداتنا الكرام من الصحب الاوائل ابو بكر وعمر وعثمان وعلي عبدالرحمن بن عوف وسعد والزبير وابو عبيدة هذا بلد يعيش فيه المسلم اصله في الدين وانتسابه لهذه العريقة هذا بلد مهما تفرقت بنا البلدان ها نحن نجتمع في اصل بلد الاسلام مكة بيت الله الحرام. هذا مهما تنوعت جنسياتنا واختلفت لغاتنا وتباعدت اقطارنا يجمعنا بيت الله الحرام. ليس يجمعنا فقط في الحج لاننا اتينا الان لا يجمعنا ونحن في شرق الارض وغربها. السنا جميعا نستقبل هذه الكعبة في صلواتنا؟ اما شعرتم اننا تباعد الديار واختلاف البلدان بل وتباعد القارات التي نسكنها تجمعنا هذه القبلة كل يوم خمس مرات شيء عجيب هذا يا اخوة جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد. هذا البيت الحرام قوام للدين وبقاؤه بقاء للملة. ولن يأذن الله عز وجل للدنيا هذه بالفناء والزوال الا بعد ان يرفع العتيق لا تقوم الساعة حتى تزول الكعبة. لا تقوم الساعة حتى لا يبقى في الارض من يقول الله الله. ابدا طالما بقيت الكعبة بقي الدين وطالما بقي الدين بقيت الحياة الى ان يرث الله الارض ومن عليها. ارتبط الحج يا كرام بالقدوم الى بلد الله الحرام فيشبع قلب المؤمن وفؤاده برؤية البيت العتيق بالطواف باستلام الحجر بالصلاة خلف المقام بالشرب من زمزم بالسعي بين الصفا والمروة بالاستمتاع بهذا البيت العتيق كما اشار النبي عليه الصلاة والسلام. هذا فضل المكان انجازا واختصارا واما فضل الزمان فاننا في حجنا ندرك فضيلتين في الزمان. احداهما فضيلة الاشهر الحرم التي تبتدأ من اول شهر ذي القعدة ويمتد معنا الى تمام حجنا في ذي الحجة. فان الاشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ثم رجب هذا نوع من شرف الزمان الذي يحيط بنا. الشهر الحرام شهر فضيل عظيم عند الله. فنحن نعظم ما عظم الله من تمام ايضا تعظيمنا ادراك شرف ما نحن فيه من الايام. هذا يوم اخي الكريم ليس كايام العام انت في شهر حرام. وايضا يدركنا في شرف الزمان نوع اخر ان صلب اعمال الحج انما تقع في اعظم ايام الدنيا في عشر ذي الحجة ننطلق يوم الثامن من تروية نقف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة. ثم ايام حجنا واعمال حجنا الاكبر تقع يوم العيد. رمي جمرة العقبة طواف الافاضة والسعي وحلق الرؤوس ونحر الهدي. يقع يوم العيد وهو عاشر ايام ذي الحجة. هذه العشر المباركات التي ستظلنا بظلالها ربما مساء الغد اذا كان رؤيا هلال ذي الحجة فنحن نقبل على ايام هي من اعظم في ايام الدنيا على الاطلاق. اعظم الايام عند الله يوم النحر ثم يوم القر. يوم عرفة اعظم ايام الدنيا. خير يوم طلعت عليه شمس يوم عرفة فحجنا ايضا محاط بشرف الزمان. فاذا باختصار مما نريد ان نفقهه في معاني حجنا ايها الحجاج ان ندرك ان حجنا محاط بفضل الزمان والمكان. فمن مثلنا على وجه الارض اليوم؟ يحج ويتشرف بفضل الزمان وفضل المكان. حرمة الزمان وحرمة المكان حرمة البلد. وحرمة الشهر والايام. هذا فظل ينبغي ان نستشعره. وهذا معنى ينبغي ان نتلمحه فيما يتعلق بادراكنا بمعنى الحج حجاج بيت الله الحرام العنصر الثالث في هذا السياق فيما يتعلق بمعاد الحج الحج عبادة بدن ومال في الحج انت يلزمك ان تكون قادرا ببدنك قادرا بمالك كما اسلفت قبل قليل وربما قدر بعض المسلمين على احد هذين ولم يقدر على الاخر فما استطاع الحج ثبت في الصحيح ان امرأة قالت يا رسول الله ان ابي ادركته فريضة الحج لا يقوى الركوب على الراحلة. افاحج عنه؟ قال حجي عنه فثمة اناس مع قدرتهم بالمال لكن صحة ابدانهم لا تسمح واخرون بالعكس لما اجتمع في الحج ايها الاخوة الكرام عبادة البدن وعبادة المال عظم في الحج معناه وعظم فيه العبادة التي تؤدى فيه في الحج وتأملوا معي تقوم في الحج عبادات وتجتمع فيهما لا تجتمع في غيره. ولهذا قال بعض اهل العلم تجتمع في الحج امهات العباد اما الصلاة فموجودة واما الصيام فيستحب للمسلم ان يصوم من عشر ذي الحجة ما تيسر له. غير يوم عرفة للحاج وما بعده يوم العيد وايام تشريق وايضا فان الصيام يقع احيانا في بعض اعمال الحج لمن لم يجد هدي التمتع قال الله فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا راجعتم تلك عشرة كاملة. ويقع الحج ويقع الصوم ايضا في كفارات بعض الاحرام ففدية من صيام او صدقة او نسك. لمن حلق رأسه او غطى لمن حلق رأسه او غطاه او لبس شيئا من المخيط او قلم اظفاره لاحظ كيف دخل الصيام في اعمال الحج وهو موجود فيها بصورة ما وكيف اجتمع فيها الصلاة وهي رأس سنام الاسلام وذروة قوت سنامه كما قال عليه الصلاة والسلام وكيف يجتمع فيه ايضا الانفاق؟ كيف؟ لانك في حجك ما زلت تنفق. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ومن بر الحج الصدقة والاطعام وانفاق المال. فاجتمعت ايضا الصدقة ونفقة المال بل نفقتك في حجك نوع من التصدق بالمال الذي تتقرب به الى الله. انت يلزمك المال في حجك فتنفق به لشراء تذكرة للوصول وتنفقه لشراء طعامك ولباسك وتنفقه في شراء الهدي ولحلق رأسك وجميع ما تحتاج ليه؟ في اعمال حجه فاجتمع في الحج الصلاة والصيام وانفاق المال واما الحج وهو الطواف والسعي والوقوف بعرفة فانت ما تعمله في حجك. هل فهمت الان لما فرض الحج ما وجه نزول الاية يوم عرفة تحديدا والله عز وجل يخاطب نبيه من فوق سبع سماوات اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. ماذا اريد ان اقول؟ اريد ان اقول ان كانت هذه حجة الفريضة لك عبد الله واكرمك الله وجئت الان تحج بيته الحرام فعليك ان تملأ قلبك فرحة وبهجة وسرورا. وان تعيش بنبض قلبك ومشاعرك واحاسيسك. وبصدق توجهك الى الله وبامتلاء كل ما يحويه بدنك بكل ذرة فيه ان تستشعر عظيم النعمة التي انت فيها. وانت تؤدي حج بيت الله الحرام. وانت تستشعر انك تضع اللبنة لكي تكمل لك دينك في الاسلام. وقد صمت سنينا وصليت الوفا وزكيت وفعلت ما بقي لك الا الحج. وان كانت حجة تطوع ونافلة تستكثر منها فانت احوج الى مزيد حمد وشكر لله. ان الله هيأ لك وفتح لك كالابواب وما زلت تتابع بين حج وحج بين الحين والحين. في الوقت الذي لا تزال فيه ملايين المسلمين تنتظر الفرصة في حياتها وتتمنى بشوق وشغف وتعلق قلب صادق بالله ان يكتب لها الحج قبل الممات ولو مرة في الحياة علينا ان نستشعر هذا الفضل في الحج وقد اجتمعت فيه امهات العبادة. ويشعر فيه العبد انه يتربع على عرش العبودية ويستكمل دينه بهذا المعنى الكبير اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. المعنى رابع من معاني الحج في فهمه ومحاولة استشعار ما يحتويه من حكم واسرار ومعان عظام. الحج رحلة فريدة في عالم الاسفار، نعم تفرد الحج يختلف تماما عن كل شيء. ربما كان لبعضنا ان يسافروا في ايام العام بين بلدان الدنيا لاغراض شتى. ربما سافر احدنا لتجارة. واخر لدراسة. وثالث لعلاج. ورابع سياحة وخامس وسادس وعاشر. تختلف المقاصد في اسفار البشر على وجه الارض. يأتي الحج ليثبت ان في الم الدنيا نوع من السفر يختلف عن كل الاسفار وان رحلة يتوجه اليها بشر تختلف عن كل الرحلات في الحياة. هي رحلة الحج الى بيت الله الحرام. رحلة فريدة والله بدنا وروحا اما البدن فما يستشعره العبد في سفره انه ينفق مالا وقد جمع فيه وحصله وتعب في جمعه وتحصيله فينفقه اطيب ما عليه واشهى ما الى قلبه ان يبلغه هذا المال الذي ظل يجمع فيه ويتربص به موعد الحج وانه ينفقه اليوم ليبلغ به بيت الله الحرام. كون الحج في رحلة فريدة في معنى من معانيها نظهر تظهر من خلال ما يؤديه العبد من العبادة تحديدا في هذا المكان. لاحظ معي كل عباداتنا بلا استثناء تؤدى في كل مكان. الصلاة تؤدى في كل بقعة في الدنيا. والصيام مثله والزكاة كذلك وبر الوالدين وصلة الارحام والاحسان الى الجيران واداء الحقوق والوفاء بالامانات كل ذلك يفعله المسلم في اي مكان لا فرق فيه بين مسلم ومسلم. والواجب الذي يقوم بحق احدنا يؤديه كيفما كان. حتى تتسع له امكانات يأتي الحج فيكون وحده الذي لا يصح فيه لعبد ان يحج الا ها هنا. ولا يمكن ان يؤدي مناسك الحج الا ها هنا بين مكة وعرفة ومنى والمزدلفة. اما تأملت في هذا المعنى حج يوجبه الله عز وجل على العباد مرة واحدة في العمر فقط ثم يشترط له ان يترك اهله وان يفارق وطنه وان ينفق ماله من اجل ان يأتي ها هنا هل هذا اشقاق على العباد هل هذا تعسير للعبادة في حياة الاسلام والمسلمين؟ ابدا والله. كيف يمكن ان تفهم؟ والله عز وجل قد يسر الدين قال وما جعل عليكم في الدين من حرج ويقول عليه الصلاة والسلام ان هذا الدين يسر كيف يمكن ان تفهم يسر الشريعة وسماحة الاسلام مع اشتراط مع اشتراط اداء الحج بسفر واغتراب وارتحال. وتعرض للاخطاء ومفارقة للاهل والاوطان. وانفاق اموال وربما خرج الحاج ولم يعد الى بلده. ادركته المنية في الطريق او في مكة او في المدينة. هذا يجب ان تفهمه معنى واحد فقط ان الله عز وجل جلت حكمته وتعاظمت قدرته اوجب على عباده مثل هذا الامر عظيم لقصد عظيم اي والله. هذا القصد العظيم لا يمكن ان تدركه الا اذا توجهت اليه. الا اذا جعلته نصب عينيك لما فرض الله عليك الصيام قبله منك في اي مكان ولما فرض الله عليك الصلاة يقبلها منك ايضا في اي مكان. لكن لما فرض عليك الحج لا يريدك الا ان تأتي الى ها هنا الى بيته حرام ولا يقبل منك ان تقف الا بعرفة. وان تبيت الا في منى وان ترمي الجمرات هناك. ادركت ان هذا هو نوع من كون الحج رحلة فريدة في عالم الابدان. فهو كذلك في عالم الارواح يرتحل احدنا للحج والشوق يقوده والحنين الى بيت الله الحرام وهوى الافئدة كما سماه الله سبحانه وتعالى. يقدم ها هنا وملؤه رغبة صادقة في ان يكون احد الفائزين يوم عرفة بالفضل العظيم ان ينطلقوا مغفورا لهم. يتعلق باذيال الرجاء وسماء عرفة تمطر مات وتمطر العفو والعتق من النار. ولا يرى ابليس في يوم اخزى منه ولا ادحر من يوم عرفة. والسبب ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة الحج رحلة فريدة صدقوني ويعيش فيه القلب قلب المسلم الحاج اياما متتابعة يخفق قلبه بجملة من المشاعر لا يكاد يفصح عنها رغبة فيما عند الله وحسن ظن وشوق وحنين. بكاء فرح وبكاء خوف وحزن ورجاء بالله مشاعره تمتزج فتظهر في صورة نهائية يعيش فيها العبد تذللا واخباتا. وافتقارا ودعاء وفرحا بنعمة الله عليه يهلل ويكبر ويحمد الله ويلبي ويعلن العبودية الخالصة لله. معان تمتزج في حياة العبد ايام الحج هي اروع ما يكون. ولهذا قلت الحج رحلة فريدة في عالم الاسفار. تشتمل رحلة الحج على الا تشتمل عليه غيرها من الرحلات والاسفاء. نعم انت تركب الطائرة وتستقل السيارات وتركب الحافلات وربما ركب بعضنا البحر وامتطأ السفن واتى الموانئ. لكن والله لا يمكن ان تجد في قلب بشر يطوف الارض اسفارا وترحالا لا يمكن ان تجد في قلبه من المشاعر مثلما تجد في قلبه وهو حج بيت الله الحرام المعنى الخامس في هذا السياق ولعلنا نختم بها مجلس اليوم الحج رحلة الميلاد الجديد وليس هذا يا احبة نوعا من التعلق باوصاف ومبالغة في تعبير عن مشاعر بمثل ما نطق به الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام وهو يقول كما في صحيح مسلم من اتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته امه والحديث في لفظ البخاري في صحيحه من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولد امه رجع كما ولدته امه. اذا هو ميلاد جديد في واحد من المعاني التي نريد ان نستوعبها في الحج ونحن بين يدي فريضة الحج حجاج بيت الله الحرام ان ندرك تماما اننا ندخل عند احرامنا في الحج ندخل في رحلة مخاض في هذه الدنيا. نعم نشهد مخاضا جديدا غير المخاض الذي خرجنا به من بطون امهاتنا اطفالا. المخاض الاول الذي عانته امهاتنا رفع الله اقدارهن وزادهن في الدرجات والحسنات كان مخاضا حسيا ما شهدناه بل عاشته الامهات كان مخاضا ادركنا به خروجا من عالم الى عالم من ارحام الامهات الى بطن الارض كان مخاضا ادركنا فيها لونا جديدا من الحياة. خرجنا من ظلمات ثلاث الى شمس تشرق. الى كون فسيح ان من لقمة برزق يأتينا في جوف الامهات وبطونهن الى ارزاقنا الفسيحة في هذه الدنيا نسيح فيها ونضرب ونبتغي من فضل الله الهي ورزقه مخاضنا الاول مخاض حسي نقلنا الى حياة نعيش فيها صنوف الحياة وانماطا بكل وجوهها لكن الحج له مخاض جديد. مخاض نعيشه نحن لا امهاتنا. مخاض يدركه كل حاج منا وهو يشهد رحلة الحج بكل خطواتها ومناسكها ليشهد ميلادا جديدا يعود به الى الحياة امرأ غير الذي اتى به قبل الحج ويرجع به الى اهله وزوجه وولده الى وطنه غير الحاج الذي قدم منه عندما شرع في الحج واتى متوجها الى بيت الله الحرام. ما الذي تفهمه عبد الله من قول رسول الله عليه الصلاة والسلام رجع كما ولدته امه هل تأمل احدكم يوما ما وجوه التشبيه في قوله عليه الصلاة والسلام رجع كما ولدته امه اما انه لن يرجع طفلا يحمل على الايدي لن يرجع رضيعا يلتقم ثدي امه لم يرجع جاهلا لا ينطق بكلمة فما الذي شبه به النبي عليه الصلاة والسلام. المعنى المتبادر الذي يفهمه كلنا هو الرجوع بمعنى الطهر والنقاء وصفاء صحائف وبياضها فكما ان الذي خرج من بطن امه لا يزال لا يزال ابيض الصفح صافي السجل ما كتب عليه شيء. فكذلك شأن العائد من رحلة حجه. يولد او يعود كما ولدته امه ابيض الصفحة نقي السجل خاليا لم يكتب عليه شيء هذا معنى عظيم هذا الغفران الكبير ان يتحلل احدنا وان يتنقى وان يتطهر من ذنوب الامس ومن سيئات الماضي ومن معاصي حياته السابقة. ومن كل ما تلطخت به جوارحه في الحياة. يأتي ليحج بيت الله الحرام فيشهد معنى عجيبا عظيما وهو يحج بيت الله الحرام في الحديث وجوه اخر للتشبيه يمكن ان تدركها. رجع كما ولدته امه المولود من جديد اذا خرج من بطن امه وتتلقفه الايدي وتتخطفه الابصار. وجه غير مألوف ويحاول ابواه واقاربه ومن يزوره النظر اليه لتشبيهه باحد من والديه او اقاربه. المولود من جديد ليس له اسم فيسمى اسما يعرف به بين اسرته والناس من حوله. العائد من حجه فيه وجه من الشبه بهذا المعنى. اما شعرت ان انه يراد لي ولك اذا حججنا فظفرنا بمعاني الحج العظام واستطاع احدنا ان يجاهد نفسه في حجه فلا يرفث ولا يفسق من اجل الفوز بهذا الموعود الكبير انه اذا رجع بعفو الله ومغفرة الله رجع فاذا هو فاذا هو تتلقفه الابصار عند زوجته واولاده واسرته واقاربه. اول ما يعود الى البلد فيرون وجها مضيئا مشرقا يرون وجها فيه علامات الطهر والبراءة يرون وجها فيه اثار الرحمة الالهية عفو الرباني والمغفرة يرون انسانا ليس كالذي ذهب من عندهم قبل الحج هذا معنى اريد ان نعيشه يا كرام وان يجاهد احدنا نفسه في حجه يظفر بهذا الموعود الكبير. فالحج حقيقة رحلة الميلاد الجديد التي ابتدأها احدكم منذ ان قال في الميقات لبيك اللهم لبيك. منذ ان دخل في عمرته متمتعا بها الى الحج. او منذ ان يحرم بالحج يوم الثامن او يوم تاسع منطلقا الى منى وعرفة ومزدلفة. عليك ان تدرك انك منذ ان ترتدي الاحرام. وتقول لبيك اللهم حجا وتقف عرفة وتبيت في منى وانت في مزدلفة وترمي الجمرات وتطوف وتسعى عليك ان تشعر انك في ذلك كله انت فعلا خذوا مراحل المخاض. وانت تنتظر بشغف ان يحين عليك اليوم الذي تغادر فيه اعمال الحج. وتنتهي وتغلق وفيه هذا السفر المضيء المشرق من ايام حجك وقد عدت فعلا مولودا من جديد الامل في الله كبير والظن يحدونا بحسن مع ربنا الكريم المتعال ان يكون احدنا فائزا. لكنه فوز وثواب موعود معلق بادراك هذا المعنى. وبقصده في حجنا وباستشعارنا اياه اثناء المناسك في لادائها وفقنا الله واياكم لكل خير وسداد وهدى ورشاد. اختم احبتي الكرام بخاطرة لاقول ها انتم في رحاب بيت الله الحرام قدمتم معززين مكرمين واعلموا تماما رعاكم الله اننا في بلد انا الله عز وجل بولاة وقادة يشرفون بخدمة الحرمين الشريفين ويبذلون وينفقون ويسخرون. كلما يهيئ للحجاج وقاصدي بيت الله الحرام ان يهيئ لهم النسك وتحقيق المقاصد وبلوغ المنى في اتم وجه واحسن حال وان ها هنا فريقا من البشر يعملون لاجلكم ليل نهار. وهم يتناوبون على العمل ليلا ونهارا وصبحا ومساء من اجل ان يكون كل حاج قدم بيت الله الحرام واتى يدرك حظه من الاستمتاع ببيت الله الحرام. وينال رؤيته من تحصيل الهداية التي جعلها الله عز وجل في رحاب بيته العتيق وكعبته المعظمة. فحق علينا يا كرام ان نبذل الدعوات لهم بالسداد والتوفيق وبالاجر والثواب وبالتيسير وببلوغ المنى وتحقيق المقاصد فنسألك اللهم باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان ترزقنا علما نافعا وعملا صالحا يقربنا اليك. اللهم يا حي يا قيوم قيوم هؤلاء حجاج بيتك الحرام قد اتوا اليك ووفدوا عليك من كل فج عميق يرجون ما عندك يطمعون في عفوك ورضاك يا اكرم الاكرمين. اللهم فيسر للحجيج حجهم. وتمم لهم بخير مناسكهم يا حي يا قيوم اللهم اعدهم الى اهليهم وبلادهم بعد حجهم سالمين غانمين. واخلفهم في اولادهم واهليهم واوطانهم بخير انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. اللهم وفق عبدك خادم الحرمين بكل خير وهدى وسداد ورشاد واصلح يا ربي له النية والبطانة والقول والعمل. اللهم اعن كل من هيأت له خدمة بيتك الحرام. وقاصديهم من