بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهده الله لا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله رسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو المجلس الاول من المجالس الثلاثة في المدخل الى الاداب الشرعية. ضمن دورة الاداب والاخلاق التي تقيمها موفقة مشكورة الادارة العامة للتوجيه والارشاد بالمسجد الحرام. والحق يقال ان هذا النوع من الدورات في هذا الباب من العلم نفيس وقليل وعزيز تداوله واهتمام طلبة العلم ومجالس العلم وحلق العلم بتناوله وعرضه والاشتغال وعزة هذا الباب من العلم يأتي لامور كثيرة اهمها نفاسته في ذاته وقدره وثقله في الشريعة اعني الاخلاق والاداب. وثانيا لعزته وندرته وقلته في العصور المتأخرة بين العلم واهله على وجه الخصوص وعامة الناس على وجه العموم. واقصد بذلك انه عز في الامة اليوم الحديث عن العناية بالخلق وتأصيله وتحصيله والعناية بالادب وتوفيره والاجتهاد في طلبه والتربية والتنشئة على الاخذ به وعلى تلقينه وتشبعه وتربية الناس والجيل والامة عليه. ويأتي ثالثا لان من حاز الادب اعتنى بالخلق فقد اعتلى في الاسلام والشريعة مرتبة عظيمة وطلبة العلم هم اول الناس بهذا الباب وتحصيله. على كل فالمجلس الذي سيكون معنا بعد العشاء الليلة ان شاء الله والليلتين المقبلتين هو في الحديث عن مدخل الى الاداب الشرعية وبين ايديكم ورقات فيها بعض العناصر التي ستكون دليلا لنا نسير عليه ونتحدث حوله ونحوم في حماه قبل ذلك اعلموا وفقني الله واياكم انه نقصد بالمدخل الى الاداب الشرعية ان نتحدث عن نقاط تعتبر وبوابات لمن يريد الشروع في علم الادب الشرعي والعناية به وتحصيله. علماء الشريعة وائمة الاسلام علوا وايما عناية بجمع وتصنيف وتبويب الاداب الشرعية. وكانوا في ذلك حريصين غاية الحرص على ان يورثوا قمة هذا الباب الجليل الشريف من العلم. فاضحى علما واسعا كثير ابوابه بحر متلاطم عارية امواجه وما على من يخوضه الا ان يتأهب له. وان يستعد وينشط له. فهذا علم الجليل العظيم متسع الابواب. متعدد الفروع كثير الجوانب. وهذه الليالي الثلاث انما نقضيها في سيسي مدخل يعينك على ان تعرف حدود هذا الطريق ومعالم هذا العلم. وان تعرف حدوده ورسمه وكيفية تأسيسه وماذا يصنع من اراد الشروع فيه من اين يبدأ وكيف يسير والى اين يتجه. اذا هي لا تعدو ان تعريفات وبيانا للمراتب وحديثا عن مظانه والمصنفات فيه ثم طرفا من كلام اهل العلم ومن عبارات السلف المشرقة التي جاءت في هذا الباب الجليل. معشر طلاب العلم خاصة والامة عامة. عندما يكون الحديث عن ادابنا في شريعة الاسلام فانا نتحدث عن وجه من وجوه السمو والشرف والتقدم رقي الذي اعتلته امة الاسلام بدينها وشريعتها بوحي ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم. اي والله نحن امة وادب نشأنا عليه وربانا الوحي عليه وهذبنا النبي صلى الله عليه وسلم به نحن امة انما اين عرش الامم في الريادة والسبق والحضارة باخلاقنا قبل اي شيء اخر؟ بادابنا التي ادبنا بها الاسلام لاننا امة ربانية في مصدر شريعتها في وحي ربها في الهداية والدلالة على كل ما اراد الله لنا من ابواب الخير وسبله وطرقه. الحديث عن المدخل الى الاداب الشرعية. يأخذ بنا نحو بحر واسع لا ساحل له ونحو افق بعيد لا انتهاء لامتداده البعيد هناك. لكننا سنشير الى معالم اساس في هذا الطريق ينبغي ان تكون واضحة لكل ذي عينين. والحديث عنها هو حديث عن امور باتت يفتقر الى جوانب كثيرة منها في انفسنا اولا. وفي مجتمعاتنا ثانيا وفي الامة جمعاء ثالثا. نحن بحاجة الى العودة من جديد نحو منابع الادب الشرعي ونحو الاخذ منه والارتواء ونحو سقاء الامة جميعا وان تكون معاهد العلم وحلقه ومدارسه ومواطنه وان تكون ايضا ركائب طلاب العلم هي اعظم المواطن وفرة من هذا العلم الجليل. فستسمع عما قليل. عبارات تنبيك عن ان السلف عاشوا وفي ذروة عزهم بالاسلام واهتمامهم بالعلم والامامة في الدين عاشوا قمة عود في سماء هذا الادب العظيم والارتقاء به. والتأكيد الشديد على الاخذ به والعناية. في الوقت الذي تكاد تتلفت فيه اليوم يمنة ويسرة فلا تحس له صوتا ولا تسمع له ركزا ولا تسمع من ينادي به هو يشتغل به الا لماما. اننا بحاجة الى ان نجعلها صيحة عظيمة في اذن الجيل. لان نقول لهم ان ادب ليس كمالا يدعى الناس اليه. وليس شيئا من الترف ولا المثاليات التي يوجه اليها بل هي صلب اساس في طبع المسلم في شخصيته فيما اراده الله عز وجل لبني الاسلام وان يكون في طريق طلب العلم العتبة الاساس والمدخل الاهم الذي يلج منه طالب العلم نحو الطلب مخطئ من ظن ان العلم هو العناية بالمسائل والاحكام وادلتها ومعرفة الحلال والحرام والعناية بابواب من الطهارة والصلاة وانتهاء بالحدود والجنايات. وفي العقيدة من اركان الايمان وما يتفرع عنها. والمسائل التي يمتاز بها اهل السنة عن غيرهم من اهل الاهواء والفرق. كل هذا من صلب العلم. لكن اطاره الاكبر ومحيطه اعظم ومدخله الاهم هو الادب الذي يتحلى به طالب العلم. فمن ظنه كمالا فقد ازرى بالادب. ومن ظنه فضلة وندبا ليس صلبا في حياة طالب العلم فما ادرك ما هو الادب. هذا المدخل ايها الكرام هو فرصة لان بعناية وادراك تام جيد يليق بنا طلبة العلم. واهل العلم نحو السلوك فيه ومعرفة مكانته وقدره ها هنا سنبدأ بمقدمات فيها تعريفات وفيها شيء من عبارات السلف وتعريفهم للادب الشرعي الذي سيكون منه الانطلاقة نحو ما وراءها من المسائل التي تأتينا تباعا في مجالس هذا المدخل الى الاداب الشرعية. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين مدخل الى الاداب الشرعية العناصر تعريف الادب واهميته والحاجة اليه وماهيته وحدوده ومراتبه ومظانه والمصنفات فيه ومعالم في طريق تحصيله واكتسابه اولا تعريف الادب لغة الدعاء ومنه ومنه المأدبة لدعاء الناس اليها. قال ابن فارس الهمزة والدال والباء اصل واحد تتفرع مسائله وترجع اليه. فالادب ان تجمع الناس الى طعامك وهي المأدبة والمأدبة. والادب الداعي. ثم قال ومن هذا القياس الادب ايضا لانه مجمع استحسانه. المنطلق اللغوي للفظة الادب التي تتكون من حروف ثلاثة كما قال ابن فارس. الهمزة والدال والباء الف دال باء كل ما يشتق من هذا الثلاثي في الحروف في اللغة يدور حول معنى الدعوة والاجتماع منه سميت المأدبة لانه يدعى الناس فيها الى الطعام ويجتمعون عليه قال رحمه الله اصل واحد تتفرع مسائله وترجع اليه. فالادب وهو المصدر ان تجمع الناس الى طعامك يقال ادب الناس الى طعامه. فالفعل ادب. ادبهم ادبا. يعني دعاهم الى طعامه اذ يجتمعوا عليه. فلما ادبهم الى طعامه فاسم الفاعل منه ادبهم فهو ادب ولهذا قال والادب الداعي اذا المأدبة او المأدبة بفتح الدال وضمها هي الطعام الذي يدعى اليه الناس ويجتمعون اليه قال ومن هذا القياس جاءت لفظة الادب لم؟ قال لانه مجمع على استحسانه. فعاد الى معنى الاجتماع وان الناس مهما اختلفت الثقافات والعادات والاعراف والتقاليد ومهما اختلفت بينهم الاذواق والمطاعم والمشارب والملابس لكن شيئا في حياة البشر على في الاجناس والثقافات لا يختلفون عليه وهو الادب. تعال الى البشر في حضارة الصين او في حضارة الهند او في حضارة التركي او في حضارة مصر او في حضارة الافارقة او في حضارة الاغريق. العرب والعجم الكل. مهما اختلفت الحضارات يتفقون على حسن الادب ويجمعون على كونه مطلبا تسمو به الحياة فهذا القدر به سمي الادب ادبا. اخذا من هذا الاصل اللغوي الذي اشار اليه الامام ابن فارس رحمه الله تعالى سيأتيك الان عما قريب تعريفات اصطلاحية بتعريف الادب اخذا من هذا المعنى وتقريبا له. نعم يقول ابن القيم وهذه اللفظة مؤذنة بالاجتماع اي لفظة يقصد لفظة الادب نعم. فالادب اجتماع خصال الخير في العبد. ومنه المهدبة وهي الطعام الذي يجتمع عليه الناس. طيب وهذا تأكيد الى ان الادب المأدبة الاجتماع اخذ معنى الادب لاجتماع خصال الخير فيه لاجماع الناس على فعاد معنى الجمع في لفظة الادب موجودا. لانه مجمع على حسنه. وعلى كونه مطلبا تسمو به الحياة وعلى كونه يجمع خصال الخير في صاحبه فالادب مجمع الخير. لو سألته الان قبل الخوظ في التعريفات التي ساقها في كثير من مواظعها وبعظ العبارات الواردة امام ناظريك الان ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري في مطلع كتاب الادب ساقها الامام عز الدين ابن جماعة رحمه الله في مقدمة تذكرة السامع والمتكلم قبل هذا لو سألتك قبل ان ندخل في التعريفات الاصطلاحية. نحن نستعمل لفظة الادب وهي من الالفاظ الدارجة. وليست من العربية من فصيحة المهجورة او التي عز استعمالها نتكلم نقول ادب واداب ويؤدب الولد والطلاب ونحو ذلك. ما الفرق وبين الاداب والاخلاق واحسب انها ربما مرت بكم في مجلس المغرب او مجلس العصر الدورة التي نحن فيها تجمع بين عنصرين اثنين الاخلاق والاداب. ولهذا جعل فيها مجلسان احدهما مدخل الى الاخلاق والثاني مدخل الى الاداب فلو سألتك ابتداء هل من فرق بين الادب والخلق؟ هل هما مترادفان او بينهما عموما وخصوص او هما متباينان مختلفان تماما. ها اسمع منكم نعم عموم خصوص ايهما اعم؟ ها ما الفرق بين الخلق والادب نعم الادب اعم ها مترادفان طيب جواب ثالث ها الخلق هو الطبع طيب انا اساعدكم في الجواب. لو قلت لك التواضع الصدق الامانة هذي اخلاق او اداب شفت باتفاق يعني في شيء متقرر جيد في معنى واضح طيب لو سألتك الاكل باليمين؟ ادب هذا ادب ها اذا فهمنا ان الخلق ينصرف الى شيء والادب ينصرف الى شيء. باختصار يا احبة وبعيدا عن التعريفات والحدود والاصطلاحات الاخلاق عبارة عن قيم ومبادئ تكون داخل النفوس تتربى عليها الخلق ليس موقفا تتصرفه ولا سلوكا تعمله. هذا الادب. اقول لك كل بيمينك سلم على الكبير قبل الصغير. احترم من هو اكبر منك. هذه القضايا في الممارسات هي اداب ولهذا نقول اداب الطعام اداب الشراب اداب اللباس اداب النوم اداب الاستيقاظ تنام على جنبك الايمن تنفظ فراش بداخلة ازارك تفعل كذا هذه اداب. لكن عندما نتكلم عن القيم والمبادئ على التواضع الحلم الاناة الصدق الرفق الكرم هذه اخلاق اذا ايهما هو الاساس والمنطلق والاعظم؟ الاخلاق. الاخلاق يا احبة هي جزء من الدين ليست شيئا منفصلا عنه. وهي ابدا لا يمكن ان تختلف باختلاف الزمان. ولا باختلاف الاعراف والعادات والتقاليد لا يمكن ان يكون الخلق في جيل من الاجيال خلقا حميدا ثم يكون ذميما في جيل اخر. ما زال الصدق منذ عرفة البشرية الحياة ما زال خلقا كريما. ولم يذمه احد. وكذلك الامانة الوفاء البر الاحسان العدل هذه اخلاق في الاسلام. لا يمكن ان تكون قبيحة في زمان ما او مكان ما يمكن القبول بتجاوزها. يقول صلى الله عليه وسلم انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق. وفي رواية مكارم الاخلاق فاتى عليه الصلاة والسلام للتأكيد على هذا المعنى والخلق الخلق جزء لا يستقل عن الدين يقول صلى الله عليه وسلم الايمان والحياء قرناء جميعا الايمان والحياء قرناء جميعا فاذا ارتفع احدهما ارتفع الاخر هذا ليس جزءا منفصلا هو من صميم الدين والعقيدة وبعثته صلى الله عليه وسلم جاء ليعلمنا الصلوات الخمس وصيام رمضان واداء الزكاة وحج البيت الحرام بمعزل عن تعليمنا منظومة الاخلاق والمبادئ والقيم التي يحتكم اليها الناس في الاسلام. وتكون ميزانا عادلا في الشرائع كلها بلا استثناء. عذب قوم شعيب على خلق خسروه في مجتمعاتهم التطفيف في الكيل لما فقدوا العدل والانصاف والامانة وقوم لوط في الاخلاق كذلك ابتلوا حتى ابتلوا بفقدان العفة والاستقلال بالحلال. فعزفوا الى الفواحش والحرام وهكذا. ستجد ان بعثة الانبياء والرسل عليهم السلام جاءت في صميم الاخلاق التي يعتنى بها وعندئذ ستفهم ان الادام هي تلك الحزمة من الممارسات السلوكيات الاقوال والافعال التي نمارسها لتكشف عن بواطن اخلاقنا انت كريم لكن لا يرى الكرم منك الا في مواقف تبذل. وكذلك الحليم والمتواضع والوفي والامين والصدوق وقس على ذلك. اذا فالحديث عن الاداب بمختلف ابوابها جاءت عظيمة في الشريعة وجاءت العناية بها للتأكيد على انها جزء مهم. اما الاخلاق فباب اخر لكنهما مترابطان وبينهما اتصال وثيق لا ينفك احدهما عن الاخر انما لبيان اختصاص هذا المجلس بالاداب فتعلم الطريق الذي نسير فيه. نعم قال اصطلاحا له عدة تعريفات منها استعمال ما يحمد قولا وفعلا الاخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات. وتعظيم من فوقك والرفق بمن دونك. وعبارة عن معرفة ما يحتز به عن جميع انواع الخطأ. هذه اصطلاحات متعددة قلت لك اورد بعضها الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري في مطلع شرحه كتاب الادب من الصحيح واتى بها كذلك عز الدني ابن جماعة رحمه الله في مطلع ومقدمة كتابه تذكرة السامع والمتكلم في بادب العالم والمتعلم. وهم يحرصون قبل البدء ان يعرفوك ما الذي كان يقوله سادتنا من السلف في تعريف الادب منهم من قال هو استعمال ما يحمد قولا وفعلا. كل قول محمود فهو ادب. وكل فعل حميد اصبر عنك وتستعمله فهو ادب. وبالتالي فاقل تلك الاقوال والافعال التي تحمد منك ولو كنت انت ولو كنت تمسك بنعالك اكرمك الله بيدك اليسرى فتمشي بها بين الصفوف تحرص على الا تظايق بها احدا او يتسخ بها ثوبه فهذا من الادب. بل عد ابن جماعة رحمه الله وهو يتكلم عن الطالب مع شيخه في المجلس ذكر بعض المواقف التي قد لا يلتفت اليها كثير من طلبة العلم. الى درجة ان انه تناول كيف يفعل اذا اصابه التثاؤب وهو بحضرة شيخه؟ كيف يكظم فاه؟ كيف يفعل؟ واذا تربع هكذا يقول انه يغطي قدمه بطرف ثوبه ادبا مع استاذه. اذا جلس امامه هذه الدقائق هي من جملة الادب. اذا هي ما يستعمل ويحمد من القول والفعل. كذلك علمنا الاسلام ادابا في ابواب شتى. عذبها علمنا للطعام ادابا ترى باداب وعلمنا في السلام ادابا علمنا في الدخول والخروج ادابا في اللباس في الهيئة في الاغتسال في بكل شئون الحياة علمنا الاسلام ادابا عظيمة جمة هي فعلا سلوك الحياة. في كل شأن في الحياة عندنا ادب في الاسلام. يا رجل اذا علمنا الاسلام اداب الخلاء اكرمك الله. وماذا نفعل اذا دخل احدنا الحمام اجلك الله حتى في تلك المنطقة وهي خصوصية جدا ولا يطلع عليها احد ويستحيا من ذكر ما يكون فيها علمنا الاسلام الادب تسمي الله قبل ان تدخل. تحرص على عدم انكشاف عورتك واطلاع الناس عليها. تدخل برجلك كاليسرى تحرص قدر المستطاع على الاستتار والبعد عن اعين الناس. فاذا قضيت حاجتك لا تمكث طويلا لا تذكر الله في مكان كهذا تستنجي تستجبر تتأكد من الاستنزاه من البول والغائط اكرمك الله. فاذا فارقت المكان خرجت برجلك اليمنى ذكرت الله حمدته قلت غفرانك. يا هذا اذا كانت الاداب في الاسلام تشمل تلك القضايا الجزئية الصغيرة في الحياة ايغيب عن الاسلام ان يعلمنا الادب اذا خرجنا فقابلنا الناس وتعاملنا مع الوالدين واتينا حلق العلم ودخلنا المساجد واتجهنا في السوق للبيع والشراء حاشا والله الاسلام ادب من اوله الى اخره. ونحن يحفنا في الاسلام ادب جم في كل شأن من شؤون الحياة يا احبة بين الاديان والحضارات والامم والشعوب التي تستقي ادابها من حضارتها. ومن ومن تربية العوائل والاسر فيها فيعدون ما اتفقوا عليه وتواطؤوا عليه واجتمعوا عليه والفوه دونه ادبا ولو كان قبيحا فيتفقون على ذلك فرق بين هذا وبين ان يكون مصدرنا امة الاسلام في اداب والتأدب بها هو شريعة الله عز وجل. وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نحن عندئذ نملك والله ميراث من الادب ودستورا عظيما جليلا هو لؤلؤ يفخر اصحابه بالتحلي به. وعندئذ سيكون الادب هو ارقى ما نسمو به بين البشر. ومتى اعتنى المسلم باداب الاسلام في كل شؤون الحياة؟ وجده كريما عزيزا ابيا حسن القول حسن الفعل محمود الصفات والاقوال والافعال لانها كما قال في تعريفها بعض استعمال ما يحمد قولا وفعلا. ومنهم من قال الاخذ بمكارم الاخلاق. فانظر كيف جعل الادب هو انتزاع شعب الاخلاق والتحلي بها لان الاخلاق هي المنظومة كما قلت في القيم والمبادئ التي جاء بها الاسلام. ومنهم من قال في الادب هو الوقوف مع المستحسنات ما استحسنه الشرع او سكت عنه وحمده الناس وتعارفوا على استحسانه وقبوله فالوقوف معه والاخذ به ايضا ادب شرعي. ومنهم من قال في بعض تعريف الادب تعظيم من فوقك والرفق من دونك ومنهم من قال عبارة عما او عن معرفة ما يحترف به عن جميع انواع الخطأ هل بين هذه التعريفات اختلافات ومفارقات؟ الجواب لا. لكن كل منهم نزع في تعريف الادب الى بعض صوره الى بعض اشكاله واصنافه فهذا عرفه بجانب وذاك عرفه بجانب والادب مجموع كل ذلك على ان بعض التعريفات فيها شمول يعم تلك الصور وغيرها وثمة تعريفات اخر تم الاعراض عنها اختصارا للمجموعة الذي بين يديك. نعم. قال الامام عبد الله بن عبد الله عبد الله بن المبارك قد اكثر الناس القول في الادب. ونحن نقول انه معرفة النفس ورعوناتها وتجنب تلك الرعونات. هذه من العبارات الجامعة لامام من ائمة السلف الامام المبارك عبد ابن المبارك رحمه الله يقول قد اكثر الناس القول في الادب. يعني رأى ان تعريفات العلماء وعناية الناس بالادب تكاثرت فيها اقاويل والالفاظ والعبارات والتعريفات. يقول ونحن نقول في اختصار وعبارة جامعة ان الادب هو النفس ورعوناتها وتجنب تلك الرعونات ما الرعونات ما معنى رعونة النفس التصرف بلا مبالاة ما الرعونة النقائص طيب ها الطيش الشطط الافعال المذمومة التمرد طيب افات النفوس العيوب جميل الرعونات هي تلك الافات والعيوب التي يحف بها حماقة وطيش وخفة وجهل. فالرعون يقال فلان ارعن. يعني فيه من الحماقة والجهل وما يصدر هو من ما يسيء الى نفسه والى الناس من حوله. فليست مجرد حماقة فحسب. ربما كان بعض الناس مع حماقته لكنه مؤدب. يعني لا يسيء الى الاخرين. فاذا جمع مع الحماقة شيئا من الطيش الجهل والاذى والاعتداء على الناس بسبب فقده للادب قيل عنه ارعن والمصدر منه رعون. يقول ابن المبارك الادب ايجاز شديد ان تعرف نفسك وتعرف رعونتها. يعني كل منا ادرى بعيب نفسه قاتها وسلبياتها وقصورها. فالادب خطوتان. اولا ان تعرف عيب نفسك. وثانيا ان تجتنب ليس المطلوب اكثر من هذا. صدقني اكثرنا ادبا هو الذي استطاع ان يمسك بزمام نفسه هذا مؤدب عندما لا يأخذه الطيش في موقف ولا الغضب ولا الحماقة ولا السفه بل ولا حتى مجاراة السفهاء استطاع ان يمسك بزمام نفسه فقد اخذ بتلابيب الادب. ومن تجاوزها فقد فاته من الادب بقدر ما فاته من معرفة الرعونات واجتنابها. هذه ليست تعريفات ما كان المقصود منها الوقوف عندها من اجل اخذ التعريفات والحدود بقدر ما هو اضاءة تعين على معرفة عناية السلف بهذا الباب. وسننتقل الى العنصر الثاني وفي فيها عبارات اكثر وضوحا لبيان حال السلف وعنايتهم بباب الادب الذي حفلت به الشريعة. نعم ثانيا اهميته والحاجة اليه. قال حبيب الجلاب سألت ابن المبارك ما خير ما اعطي الانسان؟ قال غريزة العقل. قلت فان لم يكن قال حسن الادب قلت فان لم يكن قال اخ شفيق يستشيره. قلت فان لم يكن قال صمت طويل قلت فان لم يكن قال موت عاجل موت هذا نهاية من لا يوجد فيه اي خصلة من خصال الخير. موته والاستراحة منه خير له وللامة. سئل ابن المبارك كما نقل حبيبنا الجلاب قال سألته ما خير ما اعطي الانسان؟ يعني ما هو اعظم ما يهب الله عز وجل عبدا من عباده؟ قال غريزة العقل ان يكون له عقل فاذا رزق العقل اوتي الحكمة واذا رزق الحكمة عرف كيف يتصرف في الحياة؟ قال ان لم يكن قال حسن الادب. يعني قد لا يكون مع المرء عقل ولا يد له في اكتساب العقل لانه رزق من الله كما رزق سبحانه وتعالى المال والطعام والشراب. والله قسم العقول كما قسم الارزاق قال قلت له فان لم يكن يعني ليس معه ذاك العقل الوافر. قال فحسن ادب. يعني قد تكون معذورا لانك ما اوتيت عقلا عظيما كبيرا واسعا لكن لا عذر لك ان لم تعتني بحسن الادب فإن لم يكن يعني شخص ما هدي الى الادب ولو رزق في حياته من يدله على الادب ولا تهيأ له في مرحلة من مراحل تربية وتنشأته الدلالة على الادب. قال رحمه الله اخ شفيق يستشيره. طالما ليس معه عقل يحكمه ولا ادب يزينه فلا اقل من ان يكون له اخ رفيق فاذا اخطأ قال له اخطأت واذا اراد ان يصنع استشاره قبل ان يفعل قلت فان لم يكن قال صمت طويل. الصمت سلاما ونجاة. الا يكثر الكلام ولا قال ولا التصرفات التي ربما جنى بها على نفسه. وهذا اضعف الايمان. ان لم يكن له اخ يستشيره ولا ادب يتحلى به ولا عقله يستطيع الاتزان به فيصمت خير له. قلت فان لم يكن قال موت عاجل. هذا خير له لانه لو فقد ذلك كله فلن الا طيش وحماقة ورعونة وكثير من الامور التي تكون بؤسا على صاحبها. نعم قال الشافعي رحمه الله من احب ان يفتح الله قلبه او ينوره فعليه بالخلوة وقلة الاكل وترك مخالطة السفهاء او اغظي اهل العلم الذين ليس معهم انصاف ولا ادب. نقل النووي رحمه الله هذه العبارة عن الشافعي في مقدمة المجموع ونقلها غيره ايضا قال الشافعي من احب ان يفتح الله قلبه او ينوره فعليه بالخلوة. يعني بالعزلة وقلة للاختلاط بالناس وقلة الاكل وترك مخالطة السفهاء. قالوا لان فضول الصحبة وفضول الاكل وفضول الخلقة كل ذلك يؤثر على صفاء العقل وخشوع القلب. فكلما استقل الانسان من هذه نور الله قلبه ورزق الفتوحات. من احب ان يفتح الله قلبه او ينوره فعليه بالخلوة وقلة الاكل وترك مخالطة السفهاء في بعض النسخ قال الشافعي وترك مخالطة السفهاء وبعض اهل العلم يعني ان يترك ايضا مخالطة بعض اهل العلم الذين ليس معهم انصاف ولا ادب. قد يكون صاحب علم يعلم الناس فاذا قل انصافه وقل ادبه يرى الشافعي رحمه الله ان ترك مخالطة هؤلاء مع ما مع بعضهم من العلم فانه ايضا مما يستجلب به فتح الله للقلب وتنويره اياه وفي بعض نسخ نسخ المجموع العبارة منقولة هكذا وترك مخالطة السفهاء وبغض اهل العلم الذين ليس معهم انصاف ولا ادب وكلتا العبارتين تدل على امر عظيم. وهي ان بعض من ينتسب الى العلم او يؤتى شيئا من العلم قد يفوته حظه من هذا الرزق العظيم. وهذا الباب الجليل وهو باب الادب. فيرى الشافعي ان الابتعاد عن لهؤلاء انفع للقلب وانفع واعون على استنارته وشرح الله عز وجل له. نعم قال ابن سيرين رحمه الله كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم نعم. قال الحسن البصري رحمه الله ان كان الرجل ليخرج في ادب نفسه السنتين ثم السنتين. نعم. قال حبيب ابن الشهيد يا بني اصحب الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من ادبهم فان ذلك احب الي من كثير من الحديث. نعم. قال بعض السلف يا بني لان تتعلم بابا من الادب احب الي من ان تتعلم سبعين بابا من ابواب العلم. نعم. قال مخلد بن الحسين ابن المبارك نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من الحديث قال ابن المبارك تعلمت الادب ثلاثين سنة وتعلمت العلم عشرين سنة وكانوا يتعلمون الادب ثم العلم. بالله عليكم هل تجدون لعبارات السلف هذه وهي ليست واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثا بل لو احصيتها لوجدت امثال عشرات مضاعفة اقول بالله عليكم هل نجد هذا القدر من العناية بالادب في ازمنتنا المعاصرة في اوساط طلبة العلم فظلا عن غيرهم. هل نجدها حاضرة كما هي في عبارات القوم حاضرة؟ يقول ابن سيرين كانوا الهدي كما يتعلمون العلم. ماذا يقصد بالهدي والسمت طالب العلم وهيئته كيف يبدو كيف يتحرك؟ كيف يمشي؟ كيف يجلس هذا يتعلم يا شباب يتعلم يا طلبة العلم. اذا نحتاج الى معلم مؤدب ان يقول لنا ونحن اتي اليه لدرس فقه وحديث وتفسير وعقيدة ولغة ان يقال لي اجلس بادب كل بادب اشرب بادب افعل كذا لا تفعل كذا تماما كما تؤدبك امك في البيت ويؤدبك ابوك. فمعلمك اب ثان لك. فلا يستنكف طالب علم اذا ما ادبه استاذه وقال له عليك بكذا ولا تلتفت ولا تفعل فما بال طلبة العلم اليوم يصيبهم كثير من الضجر والتذمر اذا ما ادب احدهم في مجلس علم. واذا ما وجه استاذه وشيخه لباب من ابواب الادب. والله افتقدنا كثيرا من ابواب الادب في مجالس العلم فيما نسمع الان ان يقول بعضهم كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم. يقول الحسن ان كان الرجل ليخرج في ادب نفسه السنتين ثم السنتين. ارأيت كاف كيف كانوا يرتحلون في طلب العلم؟ وسماع الحديث واخذ الاجازة والاذن بالرواية ويرون ذلك اعذب ما يكون ويستطعمون التعب والنصب والمشقة في السفر والارتحان لانها تستلذ بها المطالب ويسمعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تماما قال هم كانوا كذلك يخرجون في الادب يخرجوا في ادب نفسه السنتين ثم السنتين ولا يستقلون ولا يرون ذلك شيئا تهدر به الاوقات او تضيع به الاعمار. يرون ان هذا هو صلب طلب العلم. وان الدعامة الاساس لطالب العلم في طريقه لطلب العلم ان يبني صرحا شامخا اسمه الادب يقول حبيب ابن الشهيد يوصي ولده يا بني اصحب الفقهاء والعلماء وتعلم منهم المسائل والاحكام وشرح العبارات وحفظ المتون وتحصيل الاجازات والروايات تعلم. قال وخذ من ادبهم فان ذلك احب الي من كثير من الحديث ادب العالم وسمت العالم وخلق العالم وخشية العالم. كل ذلك انت لا تقرأه في العبارة التي يشرحها لك ولا في المتن الذي تحفظه على يديه لكنها الصحبة التي يستقى منها الادب بصحبة العلماء الربانيين. قال بعض سلف يا بني لان تتعلم بابا من الادب احب الي من ان تتعلم سبعين بابا من ابواب العلم. اتظنون هذه مبالغات لا والله بل كانت تحكي واقعا يعيشه السلف في ازمنتهم في العناية بالادب وتوجيه طلبة العلم اليه وتربيتهم على هذا الاصل العظيم في الوقت الذي اتجه فيه كثير منا معشر طلاب العلم الى الاستكثار من المسائل والدراسة وتحصيل الاحكام وحفظ المتون وكذا وكذا وتجاوز السنوات فالسنوات في طلب العلم والترقي في مدارجه مع زهد كثير في العناية بطلب العلم ومجلس العلم وكتابا يشرح فيه اداب طالب العلم لو سألت واحدا منكم كم درسا حظرت منذ ان بدأت تطلب العلم؟ كم درسا حضرت في الفقه؟ في التفسير في العقيدة في المصطلح في النحو والصرف ستعد اشياء كثيرة. وانا اسأل طالب علم وهو طالب علم. كم متنا حفظت؟ كم مسألة؟ كم سنة درست في مقابل ذلك كله ساعيد السؤال كالتالي. كم كتابا قرأت في اداب طالب العلم من اوله لاخره؟ كم درسا حضرت تثني فيها ركبتيك لا تتعلم فيها احكاما ولا مسائل في عقيدة ولا فقه ولا تفسير ولا لغة. لكن تتعلم اجل من ذلك واهم تتعلم جوانب الادب. كم درسا حضرت؟ كم كتابا قرأت؟ كم دورة شاركت فيها كم مرة شعرت انك امضيت في دارك كما تمضي في سائر العلوم ان نسيت فلا تنسى يا بني لان تتعلم بابا من الادب احب الي من ان تتعلم سبعين بابا من ابواب العلم قال مخلد بن الحسين بن المبارك نحن الى كثير من الادب احوج منا الى كثير من الحديث. يقول ابن مبارك تعلمت الادب ثلاثين سنة وتعلمت العلم عشرين سنة ايهما كان اكثر الادب اتظن ان اماما كابن المبارك كان ينقصه من الادب اكثر مما ينقصنا نحن اليوم. لا والله ان والله لاحوج لكن تدري لماذا اتجهوا هذا المنهج لعلمهم بمكانة الادب واهميته في حياة طالب العلم ثم يقول وكانوا يتعلمون الادب ثم العلم. ويربون الناس على هذا. وينشئون طلبة العلم على هذه التنشئة فمن تجاوز ذلك فقد اخطأ وهذا يفسر لك ما تراه اليوم على سيما عدد ليس بالقليل من طلبة العلم ولن اعمم. لكن ما ترى عليهم مما حصلوه من العلم لا ترى عليهم مظاهر الادب اقصد الادب الشرعي بمفهومه الواسع ولا ترى لذلك من العلم الذي حصلوه لا ترى ما في حجم ما طلبوا من العلم وحصلوا من المسائل لا ترى ما يوازيه في حياتهم وانماط تصرفاتهم ما يوازيه من الادب والاخلاق لماذا اصبح طالب العلم ربما يحفظ القرآن باكمله وتعلم من السنة ابوابا ودرس في العقيدة والفقه كتبا ومتونا. وحفظ ما شاء الله له ان يحفظ ودرس واختبر ونجح وتجاوز السنوات تلو السنوات لكنك ربما تراه لا يبالي بالحضور المبكر لصلاة الجماعة لا يحافظ على السنن الرواتب. ربما تراه تشفوا اخلاقه مع بعض الناس في التعامل ربما اساء الادب وتلفظ بما لا تحب ان تسمعه من فم طالب علم ربما كان في تعامله مع اخوته في منزل واخواته وزوجته واولاده ليس كما كان ينبغي لطالب العلم الذي تشرب العلم وتشبع به. كل تلك مظاهر قصور ليست من قلة العلم ولكنها من قلة العناية بتحصيل الادب. نعم قيل للشافعي رحمه الله كيف شهوتك للادب؟ قال اسمع بالحرف مما لم اسمع فتود اعضائي ان لها اسماعا تنعم به قيل وكيف طلبك له؟ قال طلب المرأة المضلة ولدها وليس لها غيره هذا امام الشافعي وهو يرى ان شوقه وشهوته وحبه للادب بمفهومه العام كحب ما تتلذذ به الاعضاء اذا سمعت الجملة منه. قيل كيف طلبوك له؟ قال طلب المرأة المضلة ولدها اوليس لها غيره رأيت امرأة لها ولد وحيد فقدته في زحام في الحرم في المسعى في المطاف في السوق كيف ستكون كالمجنونة تبحث عنه بلهف لا تلوي على شيء ولا تلتفت الى شيء ولا تعبأ بشيء قد فقدت ولدها الوحيد كيف تجري ملهوفة يطير عقلها وتفقد صوابها ثم لا يلومها احد. يقول انا كذلك في بحثي للادب وحرصي عليه وطلبي اياه. نعم قال القرافي رحمه الله واعلم ان قليل الادب خير من كثير من العلم. هذه العبارات يا اخوة والله لو قالها بعضنا اليوم لقلت بلاغات هذه عبارات السلف هذه كلماتهم هذه الفاظهم بحروفها. يقول الامام القرافي وهو من اهل القرن السابع قل اعلم ان قليل الادب خير من كثير من العمل. يعني ان تعمل بلا ادب فقد فقدت خيرا كبيرا. بينما لو اعتنيت بكثير من الادب بقليل من الادب لكان خيرا لك من ذلك. نعم. ولذلك قال رويم العالم الصالح لولده يا بني اجعل عملك ملحا وادبك دقيقا. يا بني اجعل عملك ملحا وادبك دقيقا. احد منكم عجل عجينا انت اذا عجنت الدقيق ووضعت عليه الماء تضع عليه قليلا من الملح. السؤال عندما تأتي بالدقيق لتعجنه وتضع عليه الماء ثم ترش عليه الملح ايهما سيكون اكثر؟ مقدار الملح او مقدار الدقيق؟ الدقيق الملح يعني ترش عليه رشاش خفيف يقول اجعل عملك ملحا وادبك دقيقا. يعني يعني عجينتك ينبغي ان يكون معظمها الادب. والعمل خل ملح وعندئذ سيكون خبزا الذ ما يكون طب لو عكست واجتهدت في العمل كما افعل انا ويفعل بعظي المساكين مثلي ويجتهد في العمل زاهدا في الادب مستقلا منه ويراه شيئا يعني من الكماليات وليس من المهمات. ويرى ان العناية بالعمل والسعي والطلب والتحصيل. مع جفوة في الادب وقلة حظ منهم هذا ماذا صنع؟ هذا اكثر الملح واقل الدقيق. فاذا عجنه لك بالله ماذا ستجد؟ شيئا ما تستطيع ان تنظر اليه فضلا عن ان تضعه في فمك لا زلت اقول هذه تشبيهات وعبارات لو قلناها اليوم في زماننا لقلت هذه مبالغات هذا كلام السلف نعم ولذلك قال رويم ولذلك قال رويمن العالم الصالح لولده يا بني اجعل عملك ملحا وادبك دقيقا اي استكثر من الادب حتى تكون نسبته في الكثرة نسبة الدقيق الى الملح في العجين وكثير الادب مع قليل من العمل الصالح خير من العمل مع قلة الادب. كثير الادب مع قليل من العمل الصالح خير من العمل مع قلة الادب. والله يا شباب هذا كلام يكتب بماء الذهب. ونحتاج ان ننصبه مرآة ننظر اليها كل حين. وهذا ميزان الشريعة وهذا هديها وتلك نصوصها دالة على هذا الاصل العظيم نعم قال ابن القيم رحمه الله والادب هو الدين كله. هذه عبارة جامعة. يقول الادب هو الدين كله. وما الصواب رحمه الله لان الادب هي هي ان تعرف كيف تستيقظ صباحا الى كيف تنام ليلا وما بينهما كل خطوة كل حركة كل سكنة ما تقوله وما تفعله وما تأخذه وما لا تتركه كل ذلك غير خارج عن حدود الادب. قال هو الدين كله. نعم. قال الشيخ بكر ابي بكر ابو زيد رحمه الله انه مجموعة اداب نواقضها مجموعة اخر. الشيخ بكر رحمه الله عرف الادب في مقدمته او في ثنايا كتابه حلية طالب العلم في مقدمته قال انه مجموعة اداب. نعم. قال انه مجموعة اداب نواقضها مجموعة افات فاذا فات ادب منها اقترف المفرط افة اه افة من افاته فمقل ومستكثر. وكما ان هذه الاداب درجات صاعدة الى السنة فالوجوب فنواقضها هابطة الى الكراهة في التحريم ومنها ما يشمل عموم الخلق من كل مكلف ومنها ما يختص به طالب العلم ومنها ما يدرك ما يدرك بضرورة بضرورة الشرع ومن ما يعرف بالطبع ويدل عليه عموم الشرع من الحمل على محاسن الاداب ومكارم الاخلاق. هذا كلام جليل فيه بيان لاهمية العناية به ويقول وهو يتحدث عن اداب طالب العلم في كتابه الموسوم بحلية طالب العلم يقول انها مجموعة اداب ونواقض مجموعة افات جمع افة يقول فكلما فات ادب اصيب الشخص بافة يبتلى بها حتى يقل عنده هذا ويكثر ذاك. فاذا كثر ادبه قلت افاته وبالعكس فاذا قل ادبه كثرت الافات ونحن نحتاج الى مجاهدة ليكثر الادب في حياتنا. يقول وكما ان الاداب درجات صاعدة الى السنة ثم الى الوجوب يعني من الاداب ما هو واجب. ومنها ما هو سنة. قال فكذلك الافات دركات هابطة. الى الكرامة التحريم فبعض الافات بخلاف الادب حرام. وبعضها مكروه. قال ومنها ما يشمل عموم الخلق ومنها ما يخص به طالب العلم والمقصود ان هذه العبارات التي اخذنا فيها قطرة من بحر من كلام ساداتنا وعلمائنا واسلافنا في بيان مكانة الادب والله ما اردنا بها الا ان نفتح الاعين والاذان جيدا اننا في الحديث عن مدخل الا الاداب نتكلم عن باب عظيم عاشه السلف بكل حفاوة واهتموا به غاية له اهتمام ما يليق بنا والله في هذا القرن الخامس عشر من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام. ونحن نشمر في طلب العلم ونرى انفسنا معشر طلاب العلم والعلماء والدعاة نرى انفسنا ورثة الانبياء والرسل عليهم السلام. لا يليق بنا ان نزهد في هذا الباب وهو جو العلم وهو صلبه وهو مدخله الاساس. فهذه المداخل هي فتح للاعين كما قلت. وتشنيف بما نحن بصدد الحديث عنه. نقف في مجلس الليلة عند هذا ليكون حديثنا في الغد ان شاء الله عند حدود الادب ومراتبه تقسيماته التي تعين على معرفة متعلقات هذا الباب العظيم رزقني الله واياكم علما نافعا وعملا صالحا وخلقا كن كريما وادبا حسنا وجعلني واياكم من الموفقين المباركين اينما كنا. اللهم انا نسألك من الخير كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. ونعوذ بك من الشر كله عاجله واجله ما علمنا منه وما لم نعلم. اللهم نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها. اللهم اهدنا لاحسن الاخلاق والاعمال لا يهدي لاحسنها الا انت. واصرف عنا سيئها. لا يصرف عنا سيئها الا انت يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم على النبي المصطفى والنبي الرسول المجتبى محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين