بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد معشر يمين. اما وقد انتصف شهرنا وشرعنا في نصفه الثاني فانه سيمضي تباعا. والموفق من اغتنم من خيرات هذا الشهر وبركاته ما كتب له ان يغتنم. والمغبون والمحروم حاشاكم هو ذاك الذي ستمر به الليالي والايام المباركة وهو لا يقدم فيها شيئا لاخرته. ولا يحوز منها شيئا لصحائفه. ايها المباركون ما زال حديثنا في هذا المجلس عن نفحات رمضان. وما اودع الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر المبارك من الهبات والاعطيات كرامة لامة الاسلام. ومنة ربانية وعطاء الهيا يختص به اهل الاسلام بان الله عز وجل قد خصهم بهذا الشهر المبارك وما اودع فيه من الهبات والكرامات. نفحات رمضان هبات ونسائم خير وبركة يتعرض الصالحون لها. فيصيبون من تلك النفحات ما تغفر به ذنوبهم. وتكفر به سيئات ويتسابقون به في طريق الصلاح والتقوى عبادا لله عز وجل. يصيبون من هذه الخيرات حتى يبلغوا فيها رضوان الله عز وجل وعتقه من النار. تقدم في مجلسين السابقين من تلك النفحات اربع. وها نحن في هذا نتناول ثنتين اخريين منها. احداهما نفحة هي معنى عظيم واصل كبير في شريعتنا معشر مسلمين يتربى المسلم فيه على معنى الاخلاص بالعبادة لله. واحتساب الاجر عند الله فلا يعبد الله بعبادة ولا يتقرب الى الله بقربى الا وقصد ابتغاء وجه الله حاضر في قلبه. قد جاهد نفسه ان تكون نيته خالصة ليس فيها لغير الله حظ ولا نصيب. يجاهد اهواء النفس. يجاهد نزعات النفوس التي تتطلع الى والثناء والسمعة والرياء. الله عز وجل خلقنا لاجل العبادة الخالصة. قال الله سبحانه وما امروا الا يعبد الله مخلصين له الدين. وقال عز اسمه الا لله الدين الخالص. خلقنا من اجل الاجتهاد في اقامة كل عبادة من اصغرها الى اكبرها. ان تكون خالصة لوجه الله الكريم. هناك يوم القيامة لا يرجو العمل الا ما كان من عملهم خالصا لوجه الله. وكلكم يقرأ في سورة الكهف فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. هذا هو اخلاص العمل الذي يتربى عليه المسلم في كله وكل عباداته تقوم على هذا الاساس الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا ولم يقل ايكم اكثر عملا احسنوا عملا وهو في قول طائفة من السلف كما قال الفضيل ابن عياض رحمه الله احسن عملا؟ قال اي اخلصوه واصوبه. والعمل لا يكون خالصا الا اذا كان لوجه الله. ولا يكون صوابا الا الا اذا كان على سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. اذا كان هذا شأن العمل في الاسلام عامة ايها الصائمون فان الصيام ورمضان يأتي بعباداته ليوطن النفوس على ان تألف هذا العمل ان تتوطن على الاخلاص لوجه الله الكريم. نعم نحن في رمضان وفي غير رمضان نجاهد النفوس لاقامة النيات خالصة لوجه الله والشيطان يقعد لاحدنا بالمرصاد. فتأتيه المداخل عن يمنة وعن شمال. والشيطان يرصد احدنا اولا في القعود به عن العبادة. فان غلبه وانتهض للعبادة ووقف بين يدي الله اتاه الشيطان ثانية ليزهده في اجرها فان عجز واقدم العبد ومضى قدما اتاه فعبث في نيته وجعل يدخل فيها بحظوظ للرياء والسمعة من اجل ان يفقده من ثواب العمل ما خلص الشيطان اليه بقدر المستطاع. يأتي رمضان ايها الصائمون فيوطن النفوس على معنى مجاهدة النفس للاخلاص من بوابتين كبيرتين في رمضان. احداهما تلك النصوص التي علقت الاجر لنا في رمضان ايها الصائمون بالصيام نهارا وبالقيام ليلا على تحقيق معنى الاخلاص والاحتساب او ما سمعتم وقرأتم وتأملتم كثيرا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم والحديث صحيح من صام ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وفي الحديث الاخر من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ولما كان الحديث عن العشر الاواخر تحري ليلة القدر جاء اللفظ ايضا من قام من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا. اما ان نبينا عليه الصلاة سلام فصيح بليغ اوتي جوامع الكلم عليه الصلاة والسلام. ولو اراد تعليق الثواب والمغفرة على مجرد للصيام والقيام لقال من صام رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه. اليس كذلك؟ ول قال من قام رمضان غفر له وما تقدم من ذنبه او ما انتبهتم الى ان قوله ايمانا واحتسابا قيد مهم لحصول ذلك الموعود ثم ما الجزاء؟ الجزاء؟ غفر له ما تقدم من ذنبه. كل ذنوب الامس. وسيئات الماضي. كل المعاصي التي مضت والذنوب التي خلت كلها تقع على بوابة المغفرة في رمضان بالصيام في النهار وبالقيام في الليل ولكن بهذا القيد ايمانا واحتسابا. تدري ما معناه؟ ان تصوم ايمانا وان تقوم ايمانا معناه انك ستقوم لله اذا قمت في التراويح. وتصوم لله اذا صمت في النهار وملئ قلبك الايمان بان الله عز وجل هو الذي شرع تلك العبادة وامرك ايها العبد بادائها فانت تصوم ايمانا لله الذي افترض هذه العبادة عليك وتقوم ايمانا بالله الذي شرع لك القيام واذن لك بالقيام والوقوف بين يديه. فانت تقوم ايمانا وتصوم ايمانا وهذا جزء من عقيدتك فتصوم على معنى التعبد لله انها عبادة ترجو ان تدخرها في ميزان حسناتك فان كانت عبادة عدنا الى الاصل. الا يقبل الله من العبادات الا ما عبد فيه سبحانه بنية خالصة لوجهه الكريم في الحديث القدسي يقول رب العزة والجلال انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه. يوم القيامة لا ينظر الله عز وجل الى تلك اعمالي التي قد تملأ الصحائف والاعمال التي اجتهد فيها اصحابها وتعبوا في جمعها واحصائها. فاذا هي يوم القيامة تقف على المحك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه واعظم ما يحبط العمل من الشرك الشرك الخفي. الرياء الذي يصرف فيه العبد العمل. وقد داخلت النية فيه ياء اخر سوى وجه الله الكريم. قام يراه الناس وصام ليكون في عدادهم. وتصدق ليقال كريم وبنى مسجد يكتب اسمه على الباب وطبع المصحف ليكتب على الغلاف وليتحدث الناس عنه وليقصدوا بابه سخيا كريما المحسن والمتفضل والمتبرع وهكذا سائر العمل. في صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم اول من بهم النار يوم القيامة ثلاثة وذكر عليه الصلاة والسلام ثلاثة اعمال هي في ميزان الدنيا عند الناس من اجل الاعمال واعظمها قربة لله. ذكر قارئ القرآن عليه الصلاة والسلام. وذكر المتصدق المنفق الجواد بماله. وذكر صلى الله عليه وسلم المجاهد الذي يضرب عنقه في سبيل الله فذكر الاعمال الثلاثة وذكر مصير اصحابها بين يدي الله عندما عندما يحصل ما في الصدور ولا تخفى على الله خافية يوم تبلى السرائر يوم يطلع على خائنة الاعين وما تخفي الصدور. فعلم الله بتلك الاعمال ماذا دوى اصحابها؟ فيؤتى بالاول قال يا رب القرآن فيقال كذبت انما قرأت القرآن ليقال عنك قارئ فقد قيل فيؤمر به فيسحب على وجهه فيلقى في النار. ويقال للاخر انما انفقت ليقال عنك جواد فقد قيل. ويقال ثالث انما قاتلت ليقال عنك جريء فقد قيل. فمن كان يبحث في شيء من اعمال العبادات عن وقع ذلك في حديث الناس وثنائهم ومدحهم والاشهار والاعلان وان يعرف بين الانام بانه ذلك العبد الذي فعل الوفاعل وفعل هذا قد اخذ حظه في الدنيا. ليس له شيء عند الله يوم يلقاه. فحذاري اولئك عياذا بالله ليسوا ممن يدخلوا النار فحسب بل هم ممن تسعر بهم النار اجاركم الله. يعني سيكونون وقودا لحطب نم ذلك انهم اتوا العبادات العظيمة التي شأنها الا تقام الا لله. فامتهنوها وابتذلوها لاجل مصالح الدنيا وثناء الناس والرياء والسمعة. فقدموا اجل العمل باذل وارذل والمقاصد فكان ذلك الجزاء والوعد عياذا بالله هذا اذا كان شأن المسلم في عمله كله فيأتي الصيام في رمضان يا كرام ويأتي هذا الشهر المبارك ليربي في النفوس كيف تجاهد لتنال الموعود الكريم. لما قال عليه الصلاة والسلام من صام رمضان قال ايمانا واحتسابا احتسابا ابتغاء لذلك الاجر من الله خالصا لوجهه الكريم. تقصد الصوم لا من اجل ان تكون في عداد الصائمين ولا من اجل الحرج الا يقال عنه مفطر او هتك حرمة الشهر. وما صام الا لله. وكذلك في القيام ان مقام لا مشاركة لاهل الحي ولا حضورا مع اهل المسجد ولا ليقال انه ما فاتته ليلة لكنه قام من اجل ان يبحث عن ذلك الموعود الكريم احتسابا لوجه الله. فهمنا اذا من قوله عليه الصلاة والسلام من صام رمضان ايمانا واحتسابا من قام رمضان ايمانا واحتسابا من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا فهمنا من ذلك كله ان ما كل من صام وقام يدرك مغفرة ما تقدم من الذنوب. بدلالة مفهوم المخالفة من صام رمضان ايمانا واحتسابا فان لم يصم ايمانا واحتسابا ما حصل له ذلك الجزاء. فرب صائم قائم يصوم مع الصائمين ويقوم مع القائمين لكنه لا ينال ذلك الموعود الكريم فانتبهوا عباد الله. وفي هذا تربية للنفوس المؤمنة التي تشهد رمظان اذا ما اقبلت على تلك العبادات بالصيام نهارا وبالقيام ليلا ان تجاهد النفوس في البحث عما في الصدور تفقد نيتك عبد الله. ولا تظن ان ما امر الاخلاص شيء يسير. وانه شيء تنتهي منه في لحظة وانها نية تحضرها مرة من اول الشهر ويكفيك ذاك. بل الشيطان حريص. وسيأتيك من المداخل المختلفة ليفسد عليك نيتك ويحرص على ادخال العجب والمدح والرياء والثناء من اجل ان يحبط العمل. فحذاري حذاري من اجل ان تجاهد النفس في بقاء النية الخالصة. واجعل نصب عينيك هذا الوعد الكريم من صام من قام من قام ليلة القدر كل ذلك يعلقه المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا القيد المهم ايمانا واحتسابا. هذا اول الامرين الذي يربي في النفوس المؤمنة في رمضان معنى الاحتساب واخلاص النيات. حث الشريعة واغراؤها الكريم بالموعود العظيم بذلك القيد المهم ايمانا واحتسابا. اما البوابة الاخرى التي من خلالها يجد المؤمن في رمضان تجديدا لمعنى الاخلاص وتعاهدا للنية ان تكون خالصة لوجه الله الكريم وتحقيق معنى الاحتساب فهو عبادة الصيام ذات هي من انفس العبادات التي قل ان يظفر الشيطان فيها من ابن ادم بحظ من رياء او سمعة تدري لم؟ لانه العبادة التي لا يطلع عليها صدقا الا الله اذ بوسع العبد ان يصوم ممسكا امام الناس فاذا خلا بنفسه اكل وشرب ما شاء لكنه طالما حافظ على صيامه في الخلوة والجلوة وحده وامام الناس دل ذلك على ان معه من الايمان وعنده من الوازع في قلبه ما يحجبه عن هتك حرمة الصوم والافطار عمدا بلا عذر. بالله عليكم صائم وقد قطع العطش جوفه وانهكه الجوع في يوم صائف طويل النهار شديد الحر وقد تعب ونصب يومه ذاك بحثا عن لقمة العيش وكدا في في مسالك الحياة ولما رجع متعبا في منتصف الظهيرة يبحث عن ظل اذا بماء بين يديه او اغلق باب غرفته والماء البارد في ثلاجته. بالله ما الذي يمنعه ان يبلل ظمأه ويروي حرقة العطش الذي يشتكي منه. الا تقوى الله عز وجل ما منعه من ذلك وانتظار الاذان بغروب الشمس حتى يفطر متعبدا لله الا معنى التقوى لله هذا معنى يجده الصائم بصومه ان صدق في صومه مع الله عز وجل وهي تربية عظيمة والله يا كرام. ارأيت يريد ان يقول لك الصوم كما كنت مجاهدا لله عز وجل في تنقية نيتك واخلاص عملك حتى صمت لا تريد الا الجزاء من الله. ولا يطلع على صدق صومك وصحتك الا الله وامتنعت ان تمد يدك الى الشراب البارد والطعام اللذيذ المشبع وانت بامس الحاجة اليه. ما منعك من الا ابتغاء ما عند الله والتماس الاجر واحتساب الثواب عند الله عز وجل فانت قد نجحت اذا في جولة عظيمة اثبت فيها عبد الله انه لا يزال عندك من رصيد الايمان ما تقوى معه على ان تؤدي العبادة خالصة لوجه الله الكريم. ومن اجل ذلك جاء في الحديث القدسي كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي وانا اجزي به الا الصوم لانه لا حظ فيه برياء او سمعة الا الصوم فان الله استأثر سبحانه بجزاء اهله الصائمين عليه فوق ميزان الحسنات الذي هو الحسنات بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف. لكن جزاء الصوم فوق ذلك بكثير قال الله عز وجل ترك شهوته وطعامه من اجلي. هذا معنى الصوم الذي يحققه في نفوس الصائمين. هذا المعنى ايا كرام هو حقيقة التقوى. هذا حال الاتقياء وقد قلنا في مجلس سابق. ان الصوم الذي يورث التقوى بنص قول الله يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. يراد للصائمين في في رمضان ان يبلغوا مسالك التقوى وان يحققوا مراتبها وان يتنافسوا في درجاتها. الاتقياء فئة كريمة من العباد من الصالحين الذين جاهدوا انفسهم في تقليل الذنوب والمعاصي والخطايا. جاهدوا انفسهم في الاستكثار من الطاعات واخلاص النيات لا في رمضان احدنا بوسعه ان يعيش معنى التقوى ولو في فترة من حياته ولو في شهر من عامه ولو في جزء من سنته يستطيع ان يعيش معنى التقوى عندما صام وهو صائم ولا يريد بصومه الا وجه الله. وعندما امكنه ان يعصي الله ممتنعا فوقف وعندما خلا بنفسه وقد كان بوسعه ان يتناول الطعام والشراب وان يهتك حرمة الصيام. فقال في لذاته اني اخاف الله. والله ما منعه من المعصية ولا حجبه عن الذنب الا تقواه لله عز وجل. هذا حال الاتقياء وهم في سائر شؤونهم على هذا المبدأ العظيم يعيشون. هم يجاهدون انفسهم في دروب المعاصي. والا فيعيشون حياة البشرية مثلي ومثلك سواء بسواء والشيطان يزين لهم المعاصي. ويفتح لهم ابواب الشهوات. الفرق الذي بيننا وبين الاتقياء والاولياء اننا سرعان ما ننجرف في المعصية واقدامنا اسهل ما تزل في الذنوب. واذا زين لنا الشيطان شهوة او شبهة سرنا في طريقها. لكن الاتقياء والاولياء ارسخ قدما منا في الثبات. واقدر على مواجهة تلك النزغات. فكانوا عبادا اتقياء وانت عبد الله تجد معنى التقوى بصيامك وانت صائم. فهلا جعلت من تجربة التقوى التي وجدتها في الصيام. مبدأ ان تعيشوا عليه في سائر الحياة وفي كل ابواب الحياة بوسعك ان تقف امام الشهوات المحرمة. وان تقف امام المعاصي التي تنجرف لها النفوس لتقول لها ان تقوى الله عز وجل يحجب العبد عن الزلل. نعم لن يعيش احدنا معصوما لابد لنا من الوقوع في الذنوب والمعاصي والخطايا لان كل ابن ادم خطاء. لكنه لابد ان ندرك ان شأن التقوى الاجر عند الله عز وجل معناه معناه مجاهدة النفس بتقليل الذنوب والخطايا اولا. ثم بسرعة العودة والاستغفار والفئة الى الله عز وجل سرعان ما يقع العبد في ذنب او خطيئة او تزل به القدم. فالمقصود يا كرام ان معنى الاخلاص والاحتساب لوجه الله الكريم نعيش في رمضان تجربة عملية ونحن نصوم نهاره ايمانا واحتسابا ونقوم ليله ايمانا واحتسابا ونصوم لله ثلاثين يوما او تسعة وعشرين يوما في السنة صوم فرض نؤدي به ركنا من اركان الدين والصوم الذي نصومه من طلوع الفجر الى غروب الشمس. يعلم الله اننا لا نخرم صومنا لله عز وجل بشيء من المفطرات تطوعا ولا كرها، واننا نتصبر رغم الجوع والعطش والظمأ والنصب لا نريد الا ما عند الله عز وجل. ويرضى احدنا ان يسقط وما هو ذاك مغشيا عليه من التعب والاجهاد والارهاق. صائما لله عز وجل يرجو ما عند الله عز وجل على ان يقدم ما على خطوة حرام يزين له الشيطان فيأكل او يشرب عمدا بلا عذر. هذا المعنى الكريم يتحقق في هذا الشهر المبارك وهي عظيمة والله من اصابها وتعلم منها معنى الاخلاص وروض نفسه ووطنها في العبادات في غير رمضان ان يجاهد نفسه في الاخلاص فهنيئا له والله. هنيئا لان شأن رمضان ان يبلغ العباد تلك المراتب. وقد قال الله لعلكم تتقون. وفي طيات الاية الكريمة وفي ثناياها من الحكم والاسرار. وعميق المعاني الموجز في تلك الكلمتين لعل لكم تتقون ما يكشف كنهه ما اكتنفته الاية من الاسرار والحكم بالمعنى العظيم الذي يعيشه الصائمون بصومهم لله عز وجل فيا صائما لله في رمضان. ويا قائما لله في رمضان حذاري ان يسرق الشيطان شيئا من نيتك واحتسابك تذكر دوما قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ووعد الشريعة الكريم غفر له ما تقدم من ذنبه. اما ان والله لينتظر رمضان من عام الى عام. فيفرح اذا اقبل وهو بين الاحياء. ويسر ويبتهج. وتعيش نفسه المؤمنة فرحة وسرورا بالعبادة التي يعيشها ايام رمضان. فلتكتم الفرحتك عبدالله. بصيام لا ترجو فيه الا ما عند الله الله وقيام ما ترجو فيه الا الايمان والاحتساب لما عند الله عز وجل. اكمل فرحتك بنيل ذلك الموعود الكريم. وانتبه الشيطان لي ولك بالمرصاد. وهو حريص على تفويت تلك الاجور ووعود المغفرة من بين الصائمين. فلا تكن فريسة سهلة للشيطان وانت بما معك من الايمان وما رزقت من فقه قول الله سبحانه لعلكم تتقون انت اهدى سبيلا واقوم وانت ارجى بما عند الله عز وجل بثباتك واخلاصك واحتسابك لوجه الله الكريم. خلاصة القول معشر الصائمين ان احتساب الاجر عند تالله درس عظيم عظيم والله نتعلمه في رمضان فاجعلوا فرصة رمظان لتعلم هذا المعنى وتوطين النفوس عليه نفحة تتعرضون لها. تصيبون من خيراتها فان صبتموها فتلك والله منازل عالية يبلغها الاتقياء اصحاب الاخلاص لوجه الله الكريم. عندئذ ستشعرون بمعنى السمو الذي يعيشه المؤمن بايمانه يسمو عاليا يحلق بعيدا بعيدا يترفع والله عن حظوظ الدنيا التافهة وعن كل متعلقاتها الزائلة الفانية. ماذا ارجو بما عند الناس؟ مدحا وثناء سينتهي بعد ايام او في لحظات مدحا يدخل النفوس فينفخ الرؤوس مدحا تعيش معه النفوس فرحة مؤقتة وانتفاخا عارضا سيزول عما ثم ماذا؟ ثم لا هو باق ولا هو اجر مدخر بل هو غبن وحسرة بل وعيد تقدم ذكره ان نسأل الله السلامة. هذه نفحة من نفحات رمضان معشر الصائمين. اما النفحة الاخرى التي نتعرض لها في هذا المجلس المبارك فنفحة عظيمة من نفحات ربنا الكريم واعطية جليلة ارتبطت بهذا الشهر المبارك هي نفحة القرآن كلام ربنا الكبير المتعال كثيرة هي نعم الله وكثيرة هي الهبات والمنن الا ان نعمة القرآن وتنزيله على امة الاسلام نعمة عظيمة تستحق ولفت الانظار اليها في غير ما اية يذكر الله تنزيل القرآن نعمة جليلة وقسما ومقسما يقول الله سبحانه في غير ما اية تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. ويقول سبحانه وتعالى وانه تنزيل رب العالمين. ويقول سبحانه انا نحن نزلنا الذكر. ويقول سبحانه فلا اقسم بمواقع وانه لقسم لو تعلمون عظيم انه لقرآن كريم في كتاب مكنون. لا يمسه الا يطهرون تنزيل من رب العالمين. في مواضع جمة يذكر الله نعمة التنزيل للقرآن على انها نعمة عظيمة قيمة تستحق ان تعيشها امة الاسلام حمدا وثناء لله ارأيتم تلك النعمة الجليلة تنزيل القرآن فانها ارتبطت بشهركم هذا ايها الصائمون لتدركوا معنى هذه النعمة في ايامكم اتم الادراك فتعيشوا معناها اتم العيش واوفى في شهر رمضان كان انزال القرآن بنص الاية الكريمة. شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. لما ذكر الله شهر رمضان وما سماه الا مرة واحدة في القرآن في هذا الموضع. وذكره باخص اوصافه بالرغم مما في رمضان من الخيرات والبركات عن العظام لكن الله لما وصف رمظان مبينا عظمته وفظيلته ومكانته ما ذكره الا بهذا الوصف فقال شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. ارأيتم انزال القرآن حدث جليل وكونه كان في رمضان وفي ليلة القدر منه على وجه الخصوص كما قال سبحانه وتعالى والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا. انا كنا هذه الليلة المباركة هي ليلة القدر. كما قال الله سبحانه انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر فكان انزال القرآن في هذه الليلة. فلو قال قائل كيف يكون نزول القرآن في شهر او في ليلة من شهر وكل هنا يعلم ان بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم ظلت على مدى ثلاث وعشرين سنة يتنزل فيها القرآن مفرقا عن منجما على الحوادث والوقائع. فشيء كان بمكة وشيء بالمدينة وشيء في الغزوات والاسفار وبينها في الطرقات وبمختلف المواقع والجواب ما حكي عن ترجمان القرآن وحبر الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انه قال ان انزال القرآن نوعان احدهما تنزيل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا وهذا الذي كان في ليلة القدر في شهر رمضان وهو المقصود بالايات في سورة البقرة والدخان والقدر والتنزيل الثاني الذي نزل مفرقا على الوقائع والاحداث وهو الذي نزل على قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم على مدى سنين بعثته ثلاث وعشرين سنة. فلا تناقض بين الامرين وهما تنزيلان. الحديث ها هنا في فضيلة رمضان ومنقبته في انزال القرآن جملة الذي كان في ليلة القدر في شهر رمضان. عودا الى نفحة القرآن امة القرآن الحديث عن كتاب الله في هذا الشهر المبارك خاصة ينبيك عن اننا نقف على معلم عظيم من معالم رمضان حق لاهل الاسلام ان يعيشوا متعته وروعته وبهاءه بابلغ ما يستطيعون العيش معه وهم يعيشون هذه الايام الفاضلة. اي والله معشر الصائمين حق قبل صائم بلغه الله هذا الشهر. فانست روحه بالصيام والقيام. حق له والله ان يعيش متعة القرآن في شهر القرآن يطيب الحديث عن القرآن في شهر القرآن. واطيب منه العيش مع القرآن ذاته. وان نتقلب في نعيم سوره واياته عيش مع القرآن ان نعيشه بهجة القلوب وانس الارواح ومتعة الافئدة. القرآن كلام الله الذي انزله فجعله شفاء وجعله هدى وجعله رحمة وجعله نورا وجعله روحا وجعله مباركا وقل ما شئت. من الاوصاف التي وصف الله بها القرآن في القرآن. القرآن نور يبدد لك الظلمات التي يمكن ان تتيه فيها في حياتك عبد الله. واذا بالقرآن نور تبصر به الطريق. كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد. يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم انزلنا اليكم نورا مبينا. نور وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا. فالقرآن نور ومهما تتابعت الظلمات ومهما ما اظلمت من حولك الحياء ظلمات كفر وجاهلية. ظلمات بدع ومحدثات. ظلمات شهوات ومعاصي ماتوا اهواء ومنكرات وشبهات مهما اجتمعت الظلمات في حياة العباد فانها والله تتبدد بنور القرآن الذي جعله الله عز وجل نورا كما سمعتم في قول الحق سبحانه. القرآن رح وما الروح؟ الروح اداة الحياة نحن يا بني ادم بلا ارواح جثث هامدة. فاذا فارقت الروح الجسد فانت ميت. توارى التراب وتكفن وتدفن في المقابر. الله يقول عندي القرآن وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا. القرآن رح ولا روح للعبد الا بكتاب الله عز وجل. وسر ذلك ان ابن ادم خلق من عنصرين من قبضة الطين ومن دفخة الروح فقبضة الطين تكون منها الجسد فسواك ربك في احسن تقويم. ونفخة الروح التي نفخت في ابينا ادم عليه السلام. قال فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فانت يا ابن ادم غدوت بالروح ذلك المخلوق المكرم لا بالطين الذي خلق منه البدن. ثم يتغذى ابن ادم على ما يحتاج اليه خلقه. فاما قبضة الطين المخلوقة من تراب وهي بدنك يا ابن ادم انما تتغذى على ما يخرج من التراب فتأكل من الطعام وتشرب من الشراب. واما نفخة الروح التي بداخلي فلا غذاء لها الا من الروح الالهية بالوحي الذي انزل الله على انبيائه ورسله وهذا القرآن الكريم كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا. فيعيش العبد بنور الوحي وكلام الله جل جلاله معنى التغذية للايمان ومعنى الاصطفاء الذي يسمو به فهذا القرآن غذاء الارواح. وبالجملة فاذا انقطع ابن ادم عن الطعام والشراب هزل وضعف بدنه وتصيبه الامراض والافات. واذا طال امتناعه عن الطعام والشراب فمآله الموت لا محالة. او ما شعرتم ان ارواحنا هي الاخرى تجوع وتعطش ولا غذاء لها الا الوحي الروح الذي جعله الله عز وجل روحا لنا امة الاسلام. فاذا ابتعدت عن روحها ذبلت ومرظت وربما ماتت اجاركم الله فعندئذ نوقن انه لا حياة لارواحنا امة الاسلام الا بهذا القرآن العظيم. هذا الكلام يا كرام يقال عن القرآن والنهوض بالعيش معه والتوجه الى سبيل الحياة مع القرآن على الدوام وفي سائر ايام العام. اما انه في رمضان اكد والله لانه الشهر الذي انزل فيه القرآن فوالله للقرآن في رمضان من الروعة والمعاني العظام والاثر في قلوب العباد ما ليس لغيره في سائر ايام العام. ومن اجل ذلك كان هدي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم مع القرآن في رمضان يختلف عنه في في سائر العام. اما انه كان يعيش مع القرآن تاليا وقائما ومتهجدا طيلة العام عليه الصلاة والسلام. وقد ثبت في السنة من شأنه مع القرآن تلك المواقف عجيبة المدهشة يقوم في ليلة فيقرأ بالبقرة فالنساء في ال عمران في ركعة. ويقوم في ليلة باية يرددها حتى اصبح عليه الصلاة والسلام ان تعذبهم فانهم عبادك. وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم. واذا فاته ورده من الليل الي مرض او طارئ قضاه بالنهار فلا يفوته ورده من القرآن عليه الصلاة والسلام. عاش على ذلك ومات على ذلك بابي وامي عليه الصلاة والسلام. لكنه في رمظان يعيش مع القرآن ارتباطا اوثق وصحبة اكمل. وتعلقا والله تعلموا منه كيف يكون احدنا او كيف ينبغي لاحدنا ان يعيش مع القرآن في شهر القرآن. صح عن صح في في سيرته عليه الصلاة والسلام انه يعيش مع القرآن في رمضان حدثا عظيما جليلا حكاه الصحابة رضي الله عنهم فقالوا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان وذلك حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن وذلك كل ليلة في رمضان. فلرسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة. ارأيتم ربط الصحابة بين جوده المضاعف في رمضان عليه الصلاة والسلام وبين ارتباطه بالقرآن من جهة. ثم وصفوا ذلك لقاء العظيم هو لقاء العظيمين كما يقول بعض اهل العلم يلتقي فيه عظيم اهل السماء جبريل عليه السلام. بعظيم اهل الارض محمد صلى الله عليه وسلم. والله ولا يلتقي العظيمان الا على امر عظيم يرسل الله امنين الوحي جبريل عليه السلام ليلقى خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم كل ليلة في رمضان من اجل مدارسة القرآن. تدري كيف يدارسه؟ يقرأ هذا ويسمع ثم يقرأ الثاني ويسمع الاول مدارسة تلاوة بين طرفين يتدارسان كتاب الله عز وجل. وما فيه من المعاني والعبر والحكم والمواعظ والايات تدارس القرآن امر عظيم يلتقي عليه جبريل عليه السلام بنبينا صلى الله عليه وسلم يقول وذلك كل ليلة هذا المعنى في الالتقاء بجبريل عليه السلام من اجل مدارسة القرآن انما كان في رمضان. اوما رأيتم انه مخصوص بهذا الشهر لكونه الشهر الذي انزل فيه القرآن. الان حدثني عبد الله عن شأنك مع القرآن في رمضان ما الذي انت فيه مع القرآن في رمضان عبد الله ان لم يكن لك مع القرآن شأن يختلف عما كان عليه مع القرآن طيلة العام فما صنعت شيئا ولم تدرك حقيقة خصوصية الشهر بهذا القرآن المبارك في هذه الليالي المباركة وبعض الصائمين بعض الصائمين يجتهد في قراءة القرآن نهارا فيكون ورده الذي يريد قراءته الجزء او الجزئين او الثلاثة او الخمسة او العشرة يقضيها بالنهار. فاذا جاء الليل انشغل طاري وصلى مع الناس صلاة التراويح وامضى بقية ليله انسا وسرورا واجتماعا بالاسرة والاصدقاء والاقارب ويجعل قراءة القرآن مرتبطة بصيامه نهارا. وقد فاته حظ عظيم من السنة النبوية بان يكون ورد القرآن والاشتغال به ليلا. والمراد بالقرآن ليلا صفتان. قراءته وردا ومتابعته والامر الاخر القيام به في الصلاة بان يقرأ منه ما تيسر. فاذا صلى مأموما خلف امامه واستمع الى القرآن كلام الله عز وجل فانه لا يفوت حظه من قيام الليل ولو بركعتين. يقرأ فيهما ما تيسر له ومن كتاب الله وان قل حتى يكون له مع القرآن ورد يقرأ به في قيام ليله ولو بسورة. قال النبي عليه الصلاة سلام. من قام من قام بعشر ايات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة اية كتب من القانطين. ومن قام بالف اية كتب من المقنطرين. فهيا يا عباد الله هذا القرآن وهذا رمضان. وهذا شهره الذي انزل فيه. فشدوا الهمم واستحثوا العزائم على ان تعيش النفوس انسها وروعة معانيها مع القرآن في رمضان ثم انظروا يا كرام كيف ارتبط الصيام والقرآن وفي رمضان ارتباطا وثيقا؟ انه ارتباط عجيب والله. ربط بينهما في اكثر من وجهه في رمظان احدهما ارتباط العبادتين فهما كالوجهين لعبادة واحدة في رمضان. الصيام نهارا والقيام ليلا. والقيام انما يكون بالقرآن كما سلف والامر الاخر الذي يبين ارتباط هاتين العبادتين. اثرهما العظيم في النفوس. الصيام يهذبها وينقيها ويزرع فيها معنى الاخلاص. فجاعت النفس لما جاعت تاقت وارتقت وقد تقللت من الذنوب المعاصي وهي صائمة وضاقت فيها مجاري الشيطان بابن ادم فلم ينفذ الى ما ينفذ اليه من تزيين المعاصي والوسوسة بالذنوب والخطايا فارتقت وتهذبت فلما اقبل الليل اقبلت مع القرآن فوجد القرآن ارضا قد حرثها الصوم في القلب. فسقاها القرآن بمائه فانبتت واينعت وازهرت تلك القلوب المعاني البديعة التي تعيشها انسا بالقرآن. هذا والله يا قوم احد اسوار انس القلوب بالقرآن في رمضان. وان تعيش معنى الخشوع والتدبر لما تسمع وتقرأ من كتاب الله في الصلاة خلف ائمة في التراويح والمصاحف في حجر الواحد يقرأ فيقف مع الاية. يجد القرآن الى القلوب طريقا في رمضان اسهل مما يجده في غيره وسر ذلك والله اعلم هو ما تعيشه النفوس من اجتماع العبادات والتقلل من الذنوب والسيئات وجدت القلوب رقة واشراقا فنور فيها القلب بنوره واضاءت بما اودع الله عز وجل فيه من المعاني والحكم والاسرار فوالله نفحة نفحة طوبى لمن تعرض لها فاقبل. والقرآن وفي رمظان تالله انه لمن اعظم النفحات. من تعرض قرآن فقرأه صائما وصلى به قائما واستمعه وقرأه وعاش معه وكان له ورد مع القرآن ثم هيأ المجالس لمدارسة القرآن كان اقرب الى هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولتمام الارتباط بين هذين الامرين. صيام النهار في رمضان وقيامه بالقرآن في الليل في رمضان جاء الحديث الكريم الصيام والقرآن يشفعان للعبد يقول الصوم اي ربي منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن اي ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال فيشفعان. والحديث صحيح اخرجه احمد براني والحاكم. هذا اذا من المعاني العظيمة التي تعيشها النفوس المسلمة في رمضان بالقرآن يا امة القرآن. نحن امة اكرمنا الله بهذا الكتاب العظيم. وقال عنه سبحانه وانه لذكر لك ولقومك. ذكر هذا القرآن لنا وفي احد معنيي الذكر في الاية الكريمة انه شرف. وفخر لنا امة الاسلام. والله لن يدرك معنى الشرف بالقرآن الفخر به الا من اخذه ماخذ الافتخار والاعتزاز فعاش مع القرآن مفتخرا متشرفا بالانتساب اليه والاقتراب منه. والمقصود بالعيش مع القرآن خطوات جمة ايها الصائمون. اولها اقبالوا على قراءته وتلاوته وان يكون لاحدنا منه ورد لا ينخرم. في رمضان خاصة وان يجعل له من ختم هدفا يعيش عليه ولو تيسر له ان يختمه اكثر من مرة فهذا طريق قد تسابق فيه الصالحون في الامة من قبلنا فمنهم من كان يختم القرآن طيلة العام في كل سبعة ايام. فاذا حل رمضان كان الختم له في كل ثلاثة ايام فاذا اقبلت العشر الاواخر كان الختم له كل ليلة في رمضان. ومنهم من كان يختم القرآن في اقل من ذلك وهو باب تنافس فيه الصالحون ادراكا منهم ان لرمضان من حظ القرآن ما ينبغي ان تبذل له الاوقات. وان تفرغ له الجهود حسرة والله يا قوم ان ننشغل باشياء كثيرة في رمضان. ثم هي مقضية في غير رمضان. ولن يفوتها شيء ان في رمضان اما القرآن فان فات في رمضان فوالله لقد فاتت نفحة ما تدري لعلك لا تعود لها عاما اخر. هي نفحة من ادركها؟ اغتنمها قدر المستطاع فتهيأ لها واجتهد وتفرغ. هذا اولا اذا ان يكون لاحدنا ورد من القرآن ينصب له يتفرغ له يجتهد من اجله. ثانيا ان يكون له مع ورده الذي يقرأ به القرآن عيش للقلب مع معاني ما يقرأ من كتاب الله او يسمع. يتدبر الايات التي يقرأها الامام. وان يكون له مع ورده من وقفات ينظر في معاني ما استمع وما قرأ من كتاب الله الكريم. فاذا عجز عن معنى اية فتش عنها. واذا غاب عنه معنى قريب من الكلمات سأل عنه حتى يقف على طرف من المعاني العظيمة التي تتحرك لها القلوب. وصدقوني والله ان في القرآن من الروعة والاسرار والحكم ما يمكن ان يحرك القلوب الساكنة بل الجامدة بل المتحجرة الله يقول لو انزلنا هذا القرآن على جبل جبل وليس على قلب هو مضغة لحم. على جبل لرأيته خاشعا من خشية الله. ويقول سبحانه ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى. بل الامر جميعا. والتقدير لو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى لكان هذا القرآن. يعني ان للقرآن اثرا ما لو اراد الله ان تسير به الجبال الراسية تلك الاوتاد الشامخة لتسيرت لو اراد الله ان يكلم به الاموات وهم اموات في قبورهم لكلموا به. ولو اراد الله عز وجل ان تقطع به الارض الصلبة جامدة التي تدب فوقها الحياة لتقطعت الارض بهذا القرآن. فبالله عليكم قرآن جعل الله من اثره لو اراد سبحانه ان يسير الجبال ويقطع الارض ويكلم الموتى. بالله عليكم ما اثر هذا القرآن في قلب حي مضغة لحم تسكن خلف الصدور عند مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويحب الله ويحب كلامه فقط افتحوا نوافذ قلوبكم لانوار القرآن واذا جلس احدكم وامسك بالمصحف قبل ان يفتح المصحف بين يديه ليفتح ابواب قلبه حتى ينفذ ما في القرآن من الانوار والحكم والاسرار حتى تتدفق تلك الينابيع فتجد لها المسالك المشرعة في ابواب قلوبكم. لكن من اغلق بابه واقتصر على تلاوة مجردة للقرآن باللسان مستكثرا من ذلك فقد حرم نفسه والله خيرا كثيرا كثيرا يقول الله عز وجل كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا. هذا احد مقاصد انزال القرآن. ان تتدبره القلوب المؤمنة ليدبر اياته وليتذكر اولو الالباب. ثالثا من العيش الكريم مع القرآن في شهر القرآن. امة القرآن ان نزل به احوالنا. اجعلوا القرآن مرآة ينصبها احدكم امامه وهو يقرأ كلام الله. وهو يسمع كلام الله خلف الائمة في صلاة التراويح اجعل كل اية تقرأها او تسمعها مرآة تنظر فيها حالة فتهذب به شيئا من شأنك الذي قد تشعبت به الاهواء وابتعد به عن صراط الله اجعل القرآن ميزانا تقف لتعرف وزنك عند الله حقيقة ما هو ارأيت الى المرآة عندما تبصر فيها فتهذب شعرك وهيئتك ومظهرك ولباسك. اجعل القرآن كذلك. هذب به عقيدتك واخلاقك وعبادتك ومعاملتك لله ولخلق الله. والله من جعل القرآن كذلك وجد اثره العظيم في حياته لا يقبل لنفسه بالدنية ولا يرضى بالدون ولا يقبل بانصاف الحلول. وقد ارتقى القرآن به مرتقا عظيما. هكذا كانت العرب قبل الاسلام امة همجية تعيش في بادية وهمها امور دنيوية منحطة فلما انزل الله عليها القرآن علت وسمت فصارت اشرف الامم وانه لذكر لك ولقومك. الله يقول والقرآن لمجيد. مجيد هذا القرآن عظيم مبارك ومن بركاته ما يجده العبد في ثناياه. اجعل رابعا من نصيبك مع القرآن والعيش معه. ان تداوي به اسقامك امراضك وكل ما تشتكي منه عبد الله من هموم الحياة في هذا القرآن شفاء كما سماه الله عز وجل وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. هذا القرآن شفاء ورحمة اجعل منه استشفاء لادوائك الحسية والمعنوية. وهذا القرآن من اخذه بهذا المعنى وجد اثره. خامسا اجعل من كل دقيقة تجلسها مع كتاب الله قارئا او مستمعا ومع كل ساعة وكل يوم وكل شهر وكل سنة تقضيها مع صحبة القرآن. قل الوقت او كثر اجعل منها ساعة فرج احل قلبك وانس وسرور وبهجة عش هذا فرحك بالقرآن وحده عبادة عبادة ان تفرح وانت تجلس لتقرأ اية من كتاب الله يقول الله عز وجل يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. افرح عندما تجلس مع اية من كتاب الله تقرؤها وسورة علموها وموضع من القرآن في وصف جنة او نار تحرك له قلبك وذرفت له عينك. والله حق لك ان تفرح لان الله يقول فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمع والله خير مما يجمع اهل الدنيا في دنياهم. ان عاد ذاك التاجر من سوقه وقد بح في صفقة عظيمة فسر بمبلغ مالي كبير وهدية واعطية وترقية ومنصب وزواج وولد وسائر مبهجة الحياة وافراحها تفرح انت بالقرآن اعظم من تلك الفرحة جمعا جلس النبي عليه الصلاة والسلام يوما مع اصحابه في المسجد فقال لهم ايكم يحب ان يغدو الى بطحان فيرجع من هناك بناقة كوما في غير اثم ولا قطيعة رحم. وبطحان اسم في المدينة قريب من مسجده عليه الصلاة والسلام بينهما مسافة قال ايكم يحب ان يغدو الى بطحان فيرجع من هناك بناقة كومة ناقكوا ماء يعني من انفس انواع الابل واغلاها واثمنها. هي اشبه ما تكون اليوم باغلى انواع السيارات الفاخرة التي تسوى مئات الالوف قال ايكم يحب ان يغدو الى بطحان فيرجع من هناك بناقة كومة. حتى لا يذهب ظنك بعيدا. لن تكون سرقة ولا غشا ولا مالا حراما قال في غير اثم ولا قطيعة رحم. سؤال قال الصحابة كلنا يحب ذلك يا رسول الله؟ في احد ما يحب المال الحلال الذي يأتي غنيمة باردة من غير تعب ولا نصب. قال كلنا يحب ذلك يا رسول الله قال لان يقعد احدكم في بيت من بيوت الله فيقرأ اية من كتاب الله خير له من ناقة كوما وايتين خير من ناقتين وثلاث خير من ثلاث ومن اعدادهن من الابل. بالله عليك كم مرة جلست في بيت من بيوت الله فتحت المصحف فقرأت اية وايتين وثلاثا وخمسا وحزبا وجزءا وسورة وختمت ختمة. اسألك بالله فرحت دخل في قلبك الفرح انك في جلستك تلك حزت ما لم يحزه التجار في تجاراتهم واهل الدنيا في دنياهم هل امتلأ قلبك فرحا يا رجل قراءتك للقرآن عبادة الاجر والحسنات فيه عبادة. وفرحك بالقرآن الذي قرأت وحفظت وتلوت فرحك كوحده عبادة فلا يفوت حظك منه افرح كلما سمعت اية او قرأتها افرح لان الله اراد بك خيرا ولو اراد ان يحرمك لما اذن لك ان تتكلم بكلامه. ولا ان تقرأ ما اودع سبحانه في كتابه العظيم. افرح لان في الامة محرومين اغلقت دونهم تلك الابواب. افرح لان القرآن كلام الله وهو عظيم. واذا اجراه على لسانك واذا ادخله على قلبك واذا خشع له بدنك واذا ذرفت له عينك فحق لك والله ان تفرح. اي والله افرح بالقرآن. الله يقول فليفرحوا هو خير مما يجمعون يا قوم والله كم نحن مقصرون مع كتاب الله؟ وكم نحن نعيش شيئا من جفوة القلب ومن الابتعاد عن القرآن؟ اما ان رمضان موسم عظيم بنفحاته واعظم نفحاته القرآن هو فرصة للعودة الحميدة مع كتاب الله في هذا الشهر المبارك فان الشهر شهره وهذا الظرف ظرفه وهذا الوقت وقته فان لم يكن لك عناية بالقرآن في شهر القرآن فمتى تكون اقبل عبد الله لا لاجل ان يكون رمضان وقتا مستقطعا نعيشه مع القرآن ثم نرجع بعد ما كان الى ما كان ابدا بل يكون رمضان منعطف خير. نعود به الى علاقة وثيقة مع القرآن. وصحبة جليلة مع القرآن. تريد ان تكون صاحبا للقرآن انشئ صحبتك معه في هذه الايام المباركة. في هذه الليالي العظيمة ليكن القرآن جليسك انيسك صاحب في الحديث الصحيح جاء الوعد الكريم باجور القرآن على مصاحبة القرآن. اقرأوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه من الاصحاب الصاحب الذي يظل مع صاحبه لا يفارقه. الصاحب الذي تراه معه اذا دخل واذا خرج واذا قام واذا قعد. هذا الصاحب انت هل القرآن هل تعيش مع القرآن صحبة؟ يا قوم صحبة القرآن تقتضي الملازمة الاستمرار الديمومة صحبة القرآن تعني ان تعيش مع القرآن قربا وانسا وفرحة. صحبة القرآن لا ان تدركه اياما وتهجره فيما بعد ذلك. هذا المعنى الكريم يقال لصاحب يوم القيامة اقرأ وارقأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلتك عند اخر اية تقرأها. فالامر يا كرام بصحبة القرآن وها نحن في شهر القرآن. فاذا جعل احدنا نصب عينيه ذلك المعنى الكبير بصحبة القرآن في شهر رمضان عاش انسا واستمتاعا ثم هي معان جليلة وهبات كريمة يتعرض لها من اصاب نفحة القرآن في شهر القرآن فادرك معنى كون القرآن ربيعا للقلوب. في دعاء المصطفى عليه الصلاة والسلام اللهم اجعل القرآن العظيم دماء ربيع قلبي وصفه بالربيع لما في معنى الربيع من الخضرة والازهار المتفتحة والامطار والانهار الجارية هو فصول السنة وامتعها. كذلك مجلس القرآن وحياة القرآن وصحبة القرآن ينبغي ان تكون ربيعا لقلوب اهل اهل الايمان. اللهم فانا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا. ونور صدورنا وجلاء احزاننا وذهاب همومنا وغمومنا يا رب العالمين اللهم اجعلنا من اهل القرآن الذين هم اهلك وخاصتك يا حي يا قيوم. اللهم اجعلنا ممن يقرأ القرآن فيشقى. اللهم اجعلنا ممن يقرأ القرآن فيرقى ولا تجعلنا ممن يقرأه فيشقى. اللهم البسنا به الحلل واسكنا به الظلل. واسبغ علينا به النعم وادفع به عنا النقم يا حي يا قيوم. اللهم انا نسألك بركة القرآن وسعادة القرآن ورحمة القرآن وشفاء القرآن وثواب القرآن وشفاعة القرآن. اللهم اكرمنا بكرامته واحشرنا في زمرة اصحابه وارزقنا شفاعته يوم نلقاك يا ذا الجلال الاكرام. اللهم انا نسألك نية خالصة وعملا صالحا ترضى به عنا. اجعل يا رب صيامنا ايمانا واحتسابا. واجعل يا رب قيامنا ايمانا واحتسابا واغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انت الغني ونحن الفقراء وانت القوي ونحن الضعفاء نسألك يا رب من كل خير خزائنه بيدك ونعوذ بك من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته فقه يا ربي شر الاشرار واحفظنا يا رب من كيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين اللهم عز جارك وجل ثناؤك وتقدست اسماؤك نسألك يا قوي يا عزيز وانت الجبار المنتقم ان تثأر من بني صهيون فانهم قد تغوا وبغوا وامعنوا في العداء. ودنسوا حرمة مسرى نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم انهم لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة. اللهم فانا نسألك ان تقذف الرعب في قلوبهم. وزلزل الارض من تحت اقدامهم. وصب العذاب من فوق رؤوسهم وانزل عليهم عذابك ورجسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين. اللهم انا بك نحول وبك نصول وبك نجول عليك يا ربي فانهم لا يعجزونك. اللهم انت مولانا فنعم المولى ونعم النصير. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين