اشرف الانبياء وخاتم المرسلين سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو المجلس الخامس والخمسون بعون الله تعالى وتوفيقه من مجالس شرح متن تنقيح الفصول في علم الاصول للامام بشهاب الدين القرافي رحمه الله تعالى المنعقد في هذا في البيت الحرام في هذا اليوم الاربعاء الثاني عشر من شهر سنة اربع واربعين واربعمئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وهذا هو المجلس الثاني من مجالس الباب العشرين وهو اخر وهو اخر ابواب الكتاب. وقد عنون له المصنف رحمه الله تعالى كما مر بكم في ليلة الاسبوع المنصرم الباب العشرون في جميع ادلة المجتهدين وتصرفات المكلفين. وقد ذكر رحمه الله تعالى ان ادلة مشروعية الاحكام منحصرة في تسعة عشر دليلا. اما الخمسة الاولى منها فقد تقدمت وهو حديثه عن الكتاب والسنة والاجماع واجماع اهل المدينة والقياس. ثم اخذنا في الدرس المنصرم اربعا من الادلة المسرودة في الباب وهي قول الصحابي والمصلحة المرسلة والاستصحاب والبراءة الاصلية وسنتناول في مجلس الليلة ان شاء الله تعالى ثلاثا من الادلة ايضا في هذا الباب. وهي العوائد والاستقراء وسد الذرائع سائلين الله التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله الامين نبينا محمد اشرف الخلق اجمعين وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللسامعين قال المصنف رحمه الله العوائد والعادة غلبة معنى من المعاني على الناس. وهذا الدليل العاشر في الباب وهو كما تقدم بترقيم المصنف رحمه الله الله تعالى وهي تسعة عشر دليلا بالاستقراء كما قال رحمه الله. قال العوائد العوائد جمع عادة والمراد بالعادة ما عاد عليه الناس وداوموا عليه فصار معتادا عندهم. وهوى مما لم تجري العادة بذكره عند الاصوليين دليلا مستقلا. لكن يذكر الاصوليون في مخصصات العموم عند من يرى تخصيصه بالعرف والعادة يذكرون العادة هناك مخصصا للعموم كما ذكره المصنف رحمه الله هناك ايضا لكن ما جرت العادة ان يذكر الاصوليون دليل الى العادة مستقلا. نعم يذكرونه في القواعد الفقهية عند قاعدة العادة محكمة. وهي احدى القواعد الخمس الكبرى والتفريق بين العادة والعرف ايضا مما يعتنون به هناك في كتب القواعد الفقهية. وعدوا هذه قاعدة ضمن القواعد الفقهية انسب لها واليقوا بها من عدها في القواعد الاصولية. وذلك ان بناء الفروع الفقهية عليها بناء مباشر لا بواسطة الدليل الجزئي كما هو الشأن في القواعد الاصولية. ولانها من ادلة مشروعية الاحكام بقيدها الذي جاء في الشريعة كما سيأتي بعد قليل جعلها المصنف رحمه الله هنا في سياق واعداد الادلة التي تبنى عليها احكام الشريعة قال العوائد. ثم قال والعادة غلبة معنى من المعاني على الناس. والمراد ما عاد عليه ناس وداوموا عليه وسيذكر انها تنقسم الى عوائد عامة واخرى خاصة. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله وقد والعادة غلبة معنى من المعاني على الناس. وقد تكون هذه الغلبة في سائر الاقاليم. كالحاجة الغذاء والتنفس في الهواء. وقد تكون خاصة ببعض البلاد كالنقود والعيوب. وقد تكون خاصة ببعض الفرق كالاذان للاسلام والناقوس للنصارى. العادة والعرف اما ان يكون عاما او يكون خاصة والمراد بالعامي هنا ما استوى فيه الناس بعمومهم من غير فرق باي اعتبار من الاعتبارات. يشترك في فيه الناس من حيث هم بشر تشتركون في هذه العوائد والاعراف. قال وقد تكون هذه الغلبة في سائر الاقاليم هذه العادة العامة قال كالحاجة للغذاء والتنفس في الهواء. هذه عادات عامة لا فرق فيها بين بلد وبلد او زمان وزمان ولا بين جنس وجنس ولا دين او دين. فالبشر كلهم يحتاجون الغذاء ويحتاجون الى التنفس في الهواء فحاجتهم هي من العادات العامة التي يشترك فيها الجميع النوع الثاني من العوائد العوائد الخاصة. والخاصة اصناف ذكر منها المصنف رحمه الله نوعين عوائد خاصة مكانا او خاصة دينا وشرعا فمن العوائد الخاصة مكانا قال قد تكون خاصة ببعض البلاد. كالنقود والعيوب المقصود بالنقود اما المراد بها النقدان الذهب والفضة فانها تستعمل نقدا للاثمان والثمانية في البيع والشراء في بعض البلدان دون بعضها وقد يكون المراد بها سك النقود التي تستخدم عملة يباع بها ويشترى فانها ايضا تتفاوت. واذا قلنا ان يقابلها المعاصرة اليوم الاوراق النقدية فانها ايضا متفاوتة. فما يكون نقدا في بلد لا يكون نقدا في غيره. الا اذا اصطلح الناس على التبادل به وجرى العرف ايضا. والعيوب كذلك والمراد بها عيوب المبيع عيوب النكاح عيوب كل شيء يترتب عليه في العقد اثبات او فسخ يؤثر فيه العيب يدخل فيه. فان كان نكاحا فثمة عيوب او وكان بيعا في سلعة او في رقيق كما كان في اه تلك الاوقات فان بعض العيوب تتفاوت بتفاوت البلدان وهذا من اختلاف العرف بحسب البلاد. قال وقد تكون خاصة ببعض الفرق. هذا وجه اخر من الخصوصية في العوائد والاعراف ما تعلق بالعقائد والاديان قال كالاذان للاسلام والناقوس للنصارى. يعني في النداء الى اوقات الصلاة والعبادة لاجل الاجتماع لها. وتعلمون قصة الرؤيا التي رآها الصحابي في مشروعية الاذان ولما عرض الناقوس قيل هو للنصارى فتركوه واستبدلوا بما ابدلنا الله به خيرا وهو الاذان الذي يدعى فيه اهل الاسلام الى الصلاة في المساجد. قال كالاذان للاسلام والناقوس للنصارى وثمة عوائد خاصة كأن تقول عوائد خاصة ببعض الاجناس او ببعض الثقافات او ببعض او خاصة بالذكور دون الاناث او العكس فكل ذلك مما يجري في العوائد الخاصة وهي مما تتنوع وعن كثيرا الله اليكم. قال رحمه الله فهذه العادة يقضى بها عندنا لما تقدم في الاستصحاب. قوله عندنا يقصد في مذهب مالك ان رحمه الله تعالى وهو كذلك في سائر المذاهب. فان العرف والعادة محكم في الشريعة فيما جاءت به الشريعة وقيدته يعني بما قيد برده الى العرف او العادة وبما لا يعارض حكما شرعيا لنخرج العرف الفاسد والعادة الباطلة فكل شيء ردت فيه الشريعة الامر واعتباره الى العرف والعادة حكم فيه ما لم يخالفنا شرعيا او حكما متقررا. وذلك كثير في نصوص الشريعة في اعتبار الحكم بالعرف او العادة. قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم خذ العفو وامر العرف واعرض عن الجاهلين فامره الشرع بان يعتبر العرف الذي يتقرر بين الناس ويكون مما لا يخالف حكما شرعيا. ومنه قوله تعالى في كثير من النصوص الشرعية ولا جناح عليكم فيما اتيتموهن اذا سلمتم ما اتيتم بالمعروف في الرضاعة اذا سلمتم ما اتيتم بالمعروف وقوله سبحانه وتعالى وللمطلقات متاع بالمعروف. حقا على المتقين. فمتعة بما جرى عليه العرف ومنه قوله تعالى وائتمروا بينكم بمعروف. وقوله سبحانه وتعالى على الموسع قدره وعلى المقتدر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين. وفي غيرها من نصوص الشريعة التي ردت في المقادير وفي النفقات وفي بعض الاحكام الى العرف. فكان العرف محكما. فنفقة المرأة او متاع المطلقة او نفقة المرضعة رد فيه الى العرف. وكذلك الكسوة للزوجة والاولاد واهل البيت والحق المترتب على ولي الامر مرده الى العرف. فذلك مما ردت فيه الشريعة الامر الى العرف فاذا هي مما اعتبر شرعا ولهذا كان من القواعد الخمس الفقهية الكبرى قاعدة العادة محكمة قال فهذه القاعدة يقضى بها عندنا. وهو ايضا كما في سائر المذاهب كما علمت. قال رحمه الله لما تقدم في اصحاب يعني في تعليل الاحتجاج بالاستصحاب لما قال انه قضاء بالطرف الراجح فيصح كؤروش الجنايات واتباع الشهادات. يعني انت في العرف بين امرين ان تعتبره او تلغيه لكن اعتباره طرف راجح لغلبة الظن على ان ما يتعارف الناس عليه في الجملة مما لا يخالف حكما شرعيا مما تقره الشريعة وتأتي به ولا تنكره او ترفضه. جاء الاسلام والنبي صلى الله عليه وسلم بين ظهر قوم مشركين يعبدون الاوثان وعندهم من العوائد والاعراف الصحيح والفاسد. فما كان فاسدا رفضته الشريعة ومنعته كوأد البنات وشرب الخمور وكثير من العوائد الباطلة والفاسدة وما سكت عنه الشرع فهو من العوائد التي اقرتها الشريعة كالكرم وقير الضيف والاحسان وفك العاني والسعي في الحوائج والبذل وسائر خلال العرب وخصالها وعوائدها واعرافها الكريمة النبيلة التي اقرها الاسلام فما ازدادت بالاسلام الا سموا ورفعة. فهذا اصل ينبيك عن ان ما وجدناه في بلد وما وجدناه في قوم من عرف قرر وعادت انجرت فهي مما لا يختص به اهل بلد دون بلد ولا مذهب دون مذهب بل هو مما يتقرر في عامة مذاهبي والله اعلم احسن الله اليكم قال رحمه الله الاستقراء وهو تتبع الحكم في جزئياته على حالة يغلب على الظن انه في صورة النزاع على تلك الحالة كاستقرائنا الفرض في جزئياته لا يؤدى على الراحلة. فيغلب على الظن ان الوتر لو كان فرضا لما اؤدي على الراحم وهذا الظن حجة عندنا وعند الفقهاء. هذا الدليل الحادي عشر وهو دليل الاستقراء الاستقراء تتبع الشيء وتصفح جزئياته للخروج من الاحكام الجزئية المتكررة بحكم كلي يشملها ويشمل غيرها قال تتبع الحكم في جزئياته على حالة يغلب على الظن انه في صورة النزاع على كالحال استقرأنا وتقرر عندنا بالتتبع ان صلاة الفريضة لا تؤدى على الراحل والنبي صلى الله عليه وسلم ما صلى فرضا على الراحلة قط وانما صلى النوافل فاذا كانت الفريضة نزل في سفره صلى الله عليه وسلم وصلى الفرظ على الارض فلما اختلف الجمهور مع الحنفية في حكم صلاة الوتر وقالت الحنفية هو واجب وقال الجمهور بل سنة وكانت بينهما الادلة فاستدل الحنفية بقوله عليه الصلاة والسلام اوتروا يا اهل القرآن الوتر حق على كل مسلم تدلى الجمهور بادلة اخرى تدل على عدم وجوب الوتر مثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الاعرابي هل فرظ الله علي شيئا من الصلوات الخمس سوى الصلوات الخمس؟ قال لا الا ان تطوع فهذا صريح في عدم وجوب ما عدا الصلوات الخمس وهكذا فمما استدل به في عدم وجوب صلاة الوتر ما ذكره القرافي هنا اننا وجدنا بالاستقراء يعني بالتتبع ان النبي عليه الصلاة والسلام في اسفاره التي كانت بعد الهجرة على مدى عشر سنوات في سفر الغزو والجهاد والحج والعمرة ونحوها ما ثبت انه صلى فرضا قط وهو راكب على الراحلة ولما رأيناه صلى الوتر على الراحلة علمنا انه ليس فرضا ليس واجبا قال رحمه الله كاستقراءنا الفرض في جزئياته الفرض المراد به هنا في المثال صلاة الفريضة في جزئيات الفرض يعني في حالاته ويشمل حالات الفريضة في الصلاة الاداء والقضاء. ويشمل في حالاتها الاتمام والقصر. قال تصفحنا مواضع الصلاة في الشريعة السفر ما كان فيه قصر والحظر وما فيه الاتمام. الاداء والقضاء. قال لما استقرأنا الفرظ في جزئياته لا يؤدى على الراحلة فيغلب على الظن ان الوتر لو كان فرضا لما اؤدي على الراحلة وان شئت فقل لما صلى الفرظ على الراحلة دل ذلك على انه ليس فرضا ولو كان فرضا لشمله ما وجدناه بالاستقراء في جزئيات الصلاة وهو عدم اداء الفرض على الراحلة قال رحمه الله تعالى وهذا الظن حجة عندنا وعند الفقهاء قال الامام الرازي الاظهر انه لا يفيد الظن الا بدليل منفصل والمراد به الاستقراء غير التام الاستقراء الناقص فان الاستقراء عند العلماء نوعان استقراء تام واستقراء غير تام والفرق بينهما ان الاستقراء التام اثبات الحكم في جزئياته لثبوته في جميع الجزئيات. فهو استقراء تام بمعنى انه اتى على جميع مواضع ذلك الحكم ولم يأخذه بالاغلبية بل اخذه بالاستغراق والتمام ولهذا سمي استقراء تاما فانت تقول في اللغة مثلا ثبت بالاستقراء ان الفاعل دائما مرفوع وان المفعول به دائما منصوب فهذا باستقراء لغة العرب وبالتالي من الاستقراء التام لو وجدت بيتا في قصيدة او تكلم امامي متكلم فنصب الفاعل خطأته لان الاستقراء التام اثبت عندي ان الفاعل لا يكون الا مرفوعا ومثله ستقول في الشريعة الاستقراء التام دل على حجية خبر واحد عند الامام مالك في مذهبه وعند ابي حنيفة وعند الشافعي وعند احمد رحمه الله الجميع هم يحتجون بخبر واحد فهذا باستقراء تام فانهم لا يستثنون من ذلك شيئا ولم يرفظوا من الاحتجاج به ما صح سنده وثبت نسبته الى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قد يعارض بغيره من الادلة في سلك به مسلك دفع المعارضة لكن المعارضة فرع عن الاحتجاج به. اذا وحجة وهكذا ستقول الاحتجاج بالقياس ثبت بالاستقراء في المذاهب الاربعة ان القياس عندهم حجة ولا يرفضونه ولا يعتبرونه دليلا باطلا هذا مثال للاستقراء التام الاحتجاج بهذه الادلة مما لم يختلف فيه الفقهاء اما الاستقراء الناقص فهو الحاق الفرد بالاعم الاغلب وهذا تعبير ربما ذكروه في بعض المواطن في كتب الفقه والاصول. فالحاق الفرد بالغالب هو من الاستقراء الناقص وانما يستعمل الاستقراء الناقص اما لتعذر الاستقراء التام او لعدم اتساع الوقت له فلا يسع الفقيه او المجتهد دعوى الاستقراء التام فلكنه يذكر صورا يرى فيها جزئيات الحكم نحو استقرار معين. فيلحق الفرد ذلك محل النزاع بما غلب على جزئيات ذلك الحكم ومثله تقول مثلا في قواعد الشريعة ثبت بالاستقراء بين قوسين غير التام ان الامر يقتضي الفور في وجوب الامتثال لانه ربما وجدنا بعض المسائل دل فيها الامر على جواز التراخي فحتى لا يقدح في الدليل يقال استقراء غير صحيح ويمكن ان يعترض عليه بمثال او مثالين فيقال انما اردنا الاستقراء الاعم. والاغلب وليس التام وهذا الذي يسمونه بالاستقراء الناقص. الاستقراء الناقص او غيره التام هو الذي جاء الخلاف في حجيته. قال المصنف رحمه الله تعالى فيغلب على الظن ان الوتر كذا. قال وهذا الظن حجة. اذا هو ليس طبعا هو دليل ظني وربما تفاوت الظن فيه بتفاوت استقراء الجزئيات. فكلما كان استقراء افراد محل الحكم اكثر انا الظن اقوى وكلما ضعف ضعف ومتى يبلغ هذا الاستقراء القطع اذا كان تاما فلم يثبت شذوذ فرد من افراده. وثبت الاستقراء التام كان دليلا قاطعا. ولهذا قال وهو حجة عندنا وعند الفقهاء المراد به الاستقراء غير التام واما التام فهو مما يقطع بالاحتجاج به نعم الله اليكم قال رحمه الله سد الذرائع والذريعة هي الوسيلة للشيء فمعنى ذلك حسم مادة وسائل الفساد دفعا اسمه مادة وسائل الفساد دفعا له فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلة الى المفسدة منعنا من ذلك الفعل وهو مذهب مالك رحمة الله عليه. سد الذرائع يتكون من كلمتين هذا الدليل وهو الثاني عشر في هذا الباب يتكون من كلمتين السد والذرائع السد معروف وهو اقول ولمنعوا اما الذرائع فجمع ذريعة وهي بمعنى الطريق المفضي الى الشيء. يقال هذا ذريعة يعني طريق كما يقال في الطريق شريعة ويقال له ذريعة ويقال له مسلك ويقال له محجة والى اخره فالذريعة الطريق والوسيلة الى الشيء مأخوذ من الذرع وهو القوة قال فمعنى ذلك يعني معنى سد الذرائع حسم مادة وسائل الفساد دفعا له دفعا له والضمير يعود الى ماذا الى الفساد حسم مادة وسائل الفساد والمراد بالحسم المنع فيمنع طريق الفساد دفعا للفساد يعني لان لا يقع فيه اذا الذريعة هي التوصل بمباح الى ما فيه جناح فيقال في سد الذريعة هو منع هذا التوصل لك ان تقول اذا الذريعة لو جردت من حيث هي لكان النظر اليها يفضي بإباحتها لأنها طريق ووسيلة كأن تقول شرب الماء وركوب السيارة والمشي في الطرقات وعبور البحار هذه لو جردت من حيث هي هي مباحاة في الاصل لكن اذا كان شرب الماء وسيلة الى افطار عمد حرام في نهار رمضان لغير عذر اصبح هذا ذريعة الى امر فاسد. ممنوع او حرام شرعا فيكون ممنوعا لاجل ما يفضي اليه ويوصل اليه. وركوب السيارة وقطع البحر وعبور النهر اذا كان مقصودا به طولوا الى امر حرام كزنا وفساد وسرقة وسطو وحرامة واعتداء على الحرمات وهتك للاعراض ذلك حراما اذا كما قالوا التوصل بمباح الى ما فيه جناح. فاذا كان هذا المباح موصلا الى ما فيه جناح اصبح طاحوا ممنوعا ما الذي منعه سد الذرائع هذا دليل هذا احد الادلة. قال المصنف رحمه الله فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة؟ وسيلة الى المفسدة. فانظر اذا الاصل في الفعل ان يكون مباحا لانه سالم عن المفسدة لكنه وسيلة الى المفسدة. ما النتيجة منعنا ذلك الفعل. اذا سد اسباب الفساد المؤدية اليه وان كانت مباحة لذاتها فاذا كانت مباحة لذاتها ابيحت. فمتى ترتب عليها ان تكون طريقا وسيلة سببا الى امر محرم فان الشريعة تراعي وتعتبر المآل. وما الذي يؤول اليه الامر فتفضي بالحكم الى البداية وهو الطريق والسبب والوسيلة مثل حفر البئر في طريق الناس حفر البئر مباح واحتاج الناس الى الماء فيحفرون الابار ويستخرجون المياه وينتفعون بها. للاغتسال والوضوء والشرب والطبخ وسائر وجوه لاستعمال المباح. اما ان يحفر بئر في وسط طريق الناس فيكون مفضيا الى مضايقتهم في طريقهم او سقوطهم وتضررهم منع فيكون ذلك منعا لامر الاصل فيه الاباحة لكنه لما كان موصلا او سببا في شيء ممنوع منع قال الله تعالى في سورة الانعام ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسب الله عدوا بغير علم ما حكم سب الهة الكفار؟ وهي اوثى واصناع ومعبودات باطلة. هي باطلة وسبها صحيح شرعا لانها مستوجبة لذلك لكن اذا كان سبوا الهة الكفار مفضيا الى تطاولهم جهلا وعدوا بغير علم الى سب الله تعالى الله منعن من ذلك. ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله يسب الله عدوا بغير علم وهذا اصل شرعي متقرر قال المصنف رحمه الله وهو مذهب مالك رحمة الله عليه والصحيح كما ستقرأ بعد قليل ان هذا لا يقتصر على مذهب الامام مالك رحمه الله بل هو في المذاهب الاربعة كلها. لكن الامر يتوقف على النظر الى تلك الوسائل ودرجات الظن في افضائها الى المفاسد لم نختلف الان ان الوسيلة الى المحرم ستكون محرمة وان كانت في اصلها صحيحة مباحة. فاذا كانت صحيحة فلماذا منعت شرعا سدا للذريعة هذا هو الدليل وهذا استعماله يبقى الخلاف بين الفقهاء اين ومتى؟ هو في النظر الى تلك الوسائل هل هي مفضية الى تلك المفاسد قطعا او ظنا او وهما واحتمالا مرجوحا كلما كان النظر الفقهي والاصولي يقرر ان تلك الامور وسائل الى المفاسد بطريقة يغلب فيها على الظن او يجزم فيها غلب تطبيق قاعدة سد الذراع وكلما ضعفت ضعفت وهكذا. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تنبيه ينقل عن مذهبنا ان من خواصه اعتبار العوائد والمصلحة المرسلة وسد الذرائع وليس كذلك المقصود بهذا التنبيه عند المصنف رحمه الله التعليق على الادلة الثلاثة السابقة المصلحة المرسلة التي اخذناها في نهاية المجلس المنصرم والعوائد التي مرت قبل قليل وسد الذرائع قال المنقول عن مذهبنا اي مذهب مذهب الامام مالك رحمه الله قال المنقول عن مذهبنا ان هذه الادلة الثلاثة ممن فرد بها مذهب الامام مالك رحمه الله واختص به كيف هم يقرروا ان مذهب ما لك اه منفرد بالاحتجاج بالمصلحة المرسلة والاستدلال بسد الذرائع والاستدلال بحجية العوائد والعرف قال رحمه الله وليس كذلك ما هو الذي ليس كذلك عدم الاحتجاج بها في مذهب مالك لا ليس كذلك انفراد مذهب ما لك رحمه الله بها ليس كذلك بل ايش بل هي مقررة في سائر المذاهب كذلك. وسيأتيك على التفصيل فيها تباعا واحدة واحدة. نعم الله اليكم قال رحمه الله اما العرف فمشترك بين المذاهب ومن استقراها وجدهم يصرحون بذلك فيها. تقدم قبل قليل ان ادلة الشريعة ربطت الامر بالعرف والمعروف. خذ العفو وامر بالعرف وللمطلقات متاع بالمعروف. اذا سلمتم ما بالمعروف فانكحون باذنه واتوهن اجورهن بالمعروف. في نصوص كثيرة المهر والعدة عفوا ومتاع المطلقة والنفقات كل ذلك رد الشرع رد الشرع فيه الى العرف فهذا مستقر في جميع المذاهب قال رحمه الله ومن استقراها استقرأ المذاهب ووجدهم في احكامهم الشافعية والحنفية والحنابلة قال وجدهم يصرحون بذلك فيها فمثلا مما استقر به العرف وهو في كل المذاهب ان عقود الاجارة اجارة الاجير عند من يعمل عنده ست ساعات في اليوم او عشر ساعات او كانت المدة باليوم او بالاسبوع او بالشهر فانها تخرج منها اوقات الصلوات وان لم ينص عليها في العقد فاذا جاء وقت الصلاة فهذا خارج عن مطالبة الاجير بالعمل في وقت الصلاة قالوا هذا مما استقر به العرف ولا حاجة الى التنصيص عليه او كتابته او ذكره في العقد. مما استقر بالعرف مقدار الضرب في الحد والتعزير وهو ايضا محمول كذلك على العرف. تقدم اين النفقات ايضا والكسوة وسائر المقادير التي رد فيها الامر الى العرف فهو في جميع المذاهب. ولهذا فان المالكية يحرصون على التنويه بذلك في غير ما كتاب عند غير ما مصنف وامام ان المسألة ليست خاصة بمذهب المالكية. يقول ابن العربي المالكي رحمه الله تعالى في شرحه للموطأ في القبس قال العادة اذا جرت اكسبت علما ورفعت جهلا وهونت صعبا وهي اصل من اصول مالك واباها سائر العلماء لفظا ويرجعون اليها معنى يعني ربما لا يقررونها آآ في اللفظ والتقرير النظري لكنه في التطبيق العملي يرجعون اليها ويطبقونها جميعا. نعم احسن الله اليكم واما المصلحة المرسلة فغيرنا يصرح بانكارها ولكنهم عند التفريع تجدهم يعللون بمطلق المصلحة. ولا يطالبون انفسهم عند الفروق والجوامع بابداء الشاهد لها بالاعتبار بل يعتمدون على مجرد المناسبة وهذا هو المصلحة المرسلة. نعم. وتقدم هذا في مجلس الدرس المنصرم. وان الامام القرافي رحمه الله هنا في التنقيح وفي شرحه للتنقيح وفي شرحه للمحصول في نفائس الاصول نبه على ذلك وقرره رحمه الله تقريرا بديعا وكذلك فعل الشاطبي في الاعتصام وغيرهم رحمهم الله ان الاستدلال بالمصالح المرسلة ابدا لا تستقل بمذهب مالك رحمه الله. كما قال هنا هم عند التفريع يعللون بمطلق المصلحة ولا يفرقون او يجمعون الا بابداء الشاهد بالاعتبار ولا يعتمدون على شيء ويكتفون بمجرد المناسبة قالوا هو المصلحة المرسلة وتقدم قوله رحمه الله في نفائس الاصول قال حكي ويحكى ان المصالح المرسلة من خصائص مذهب بمالك وليس كذلك. بل اشتركت فيها جميع المذاهب فانهم يعللون ويفرقون في صور النقوظ وغير ولا يطالبون انفس لهم باصل يشهد لذلك الفارق بالاعتبار. بل يعتمدون على مجرد المصلحة قال ثم ان الشافعي يدعون انهم ابعد الناس عنها. وهم قد اخذوا منها باوفر نصيب. حتى تجاوزوا هذا امام الحرمين قيم مذهبهم. وضع كتابه الغيافي ضمنه كثيرا من المصالح التي لم يوجد لها في الشرع اصل يشهد لخصوصها. وكذا فعل الماوردي في الاحكام السلطانية فانه توسع في ذلك توسعا كثيرا لم يوجد للمالكية منه الا اليسير. ثم ذكر مسائل مما قرره امام الحرمين في الغياث والمواردي في الاحكام السلطانية ثم قال يعني القرار في فلو قيل ان الشافعي هم اهل المصالح المرسلة دون غيرهم لكان ذلك هو الصواب يريد ان يقول اننا وان سلمنا بعدم استعماله دليلا في التقرير النظري لكن الواقع العملي لذلك وان المصلحة المرسلة دليل معتبر في المذاهب كلها. يبقى التفاوت بين المذاهب هو في سعة استعمال هذا الدليل او ظيقه او التوسط بينهما. فربما كان مذهب المالكية اوسع. من حيث التطبيق والاستعمال. وكان مذهب غيره اضيق او دونهم بقليل. اما اعتباره في الاصل دليلا فهو مما تشترك فيه المذاهب والله اعلم الله اليكم قال المصنف رحمه الله واما الذرائع فقد اجمعت الامة على انها على ثلاثة اقسام احدها معتبر اجماعا كحفر الابار في طرق المسلمين والقاء السم في اطعمتهم وسب الاصنام عند من يعلم من حال يعلم عند من يعلم من حاله انه يسب الله تعالى حينئذ وثانيها ملغا اجماعا كزراعة العنب فانه لا يمنع خشية الخمر. والشركة في سكنى الدور خشية الزنا وثالثها مختلف فيه كبيوع الاجال اعتبرنا نحن الذريعة فيها وخالفنا غيرنا. قال واما الذرائع وهي الدليل الذي نحن فيه سد الذريعة قال فقد اجمعت الامة على انها على ثلاثة اقسام. قسم معتبر شرعا وقسم ملغي شرعا وقسم مختلف فيه فاما المعتبر اجماعا فكما مثلنا قبل قليل سبوا الاصنام عند من يظن من يظن او يعلم من حاله انه سيسب الله. فيجب علينا الكف والامتناع عن سب الهتهم واصنامهم لئلا ها لئلا يسب الله تعالى الله وحفر الابار في طرق المسلمين هو ايضا ممتنع. والقاء السم في اطعمتهم. قال هذا مبيد حشري نريد طرد الحيوانات والحشرات والافات فالقى السم في الفواكه والاطعمة ويغلب على الظن انه سيأكل منه ادمي مسلم فيمنع من ذلك. لمن سيترتب عليه من الفساد فيمنع وان كان في اصله مباحا النوع الثاني من الذرائع الملغى شرعا ولم يعتبره الشرع ولذلك هو في كل المذاهب ملغي اجماعا. قال كزراعة العنب اليس مصدر صراعة الخمر زراعة العنب فلو قال قائل فلنمنع زراعة العنب سدا للفساد. العنب يؤكل ويشرب عصيرا مباحا. ويتخذ خمرا حراما فما كل زراعة للعنب يترتب عليها صناعة الخمر فلو قال قائل لا نحن نحتاط اليوم كثر الفساد واشتهرت صناعة الخمر فلو منعنا او لو كان احدنا مسؤولا او صاحب قرار يصدر قرارا في البلد بمنع زراعة العنب وقال هذا انا اعتبره حكما شرعيا فلو قيل له ما الدليل؟ قال سدا للذريعة العنب زرع زمن التنزيل والوحي والشرع ينزل ولو كان ممنوعا شرعا لمنعت منه الشريعة في وقته فلو قال لكنه وسيلة الى صنع الخمر قلنا كان في زمن التشريع ايضا وسيلة لصنع الخمر ولم يمنع منه الشرع فهذه الذريعة ملغية شرعا. ولهذا لم يأتي احد من فقهاء الاسلام الى اليوم عبر اربعة عشر قرنا فافتى بتحريم العنب خشية ان يصنع منه الخمر. مع انه وسيلة اليه ومظنونة لكنها في الاصل ليست كذلك نعم هي محتملة فهذا من الذرائع الباطلة شرعا التي لا يجوز تطبيقها. ومثله ايضا الشركة في سكن الدور خشية الزنا لو قال انسان هذه بناية فلو سكن فيها اكثر من عائلة او اصناف واجناس ورجال ونساء كان ذلك ذريعة الى وقوع الفاحشة لربما الرجال على النساء وتسلط بعضهما فوقعت الفاحشة اذا نمنع من الاشتراك في المباني في السكنى ونفرد كل اهل بيت وحدهم ولا نشرك بيتا مع بيت في دار واحدة للسكنة. خشية الوقوع في الزنا. هذه الذريعة توهم ممنوعة شرعا. لان لو كانت كذلك لمنع منها الشرع زمن التنزيل. وقد كانوا يشتركون في الدور اكثر من اهل بيت فلو كان ممتنعا لمنعت منه الشريعة. فهذه امثلة لذرائع ملغاة شرعا وغير معتبرة اجماعا. اذا عندنا قسمان معتبر اجماعا وغير معتبر اجماعا بقي القسم الثالث الذي يقع فيه اختلاف الفقهاء الذي هو المختلف فيه فمن نظر الى كونه ذريعة يغلب على الظن وقوع الفساد بها منع. ومن رآه مقصودا لذاته اباح ضرب يصنف رحمه الله مثالا ببيوع الاجال جمع بيع والآجال جمع اجل والمراد به البيع بثمن مؤجل بيع التقسيط البيع بثمن مؤجل وصورته ان يشتري شخص سلعة بثمن مؤجل ثم يعود فيبيعها على البائع نفسه بثمن اقل منه حالا او باجل اكثر من اجله او دون اجله والفقهاء لهم فيها مذهبان وهي في احدى صورها بيع العينة التي فسرت بهذا ان يشتري السلعة بثمن مؤجل ثم يبيعها منه باقل حالا هذا مما اختلف فيه الفقهاء في تجويزه او منعه وسبب ذلك النظر الى تكييف هذا العقد وما الذي يؤول اليه؟ قال المانعون ومنهم مذهب مالك واحمد والذي يقرره القرافي رحمه الله بناء على مذهبه المالكي المنع من بيع الاجال وتحريمه. باعتباره الى الربا يعني وسيلة اليه والربا حرام فما كان وسيلة الى الحرام سيكون حراما فمنعوا منه وسبب ذلك ان هذا الذي اشترى السيارة او الدار اشتراها بثمن مؤجل بمائة الف. ثم يعود فيبيعها بثمانين الفا دفعة في بيع حال كاش يعني. فاشترى مؤجلا بمئة فعاد وباعها بثمانين حالة. فاستلم ثمانين فكأنه اقترض ثمانين الفا ليردها مئة الف فهي ذريعة الى الربا واحتيال عليه. والسلعة في النهاية اصبحت صورية شكلية. السيارة او البيت او العقار او مبيعي الذي حصل عليه العقد لم يكن مقصودا لذاته فتفاوتت الانظار فمن قائل العقد صحيح العقد الاول فيه بائع ومشتري وسلعة وثمن. مكتمل الاركان والشروط فهو عقد صحيح والبيع الثاني الذي حصل حصل مكتمل الاركان والشروط فهو بيع صحيح فما المانع نظروا الى انه بيع مقصود لذاته اكتملت اركانه وشروطه فصح والاخرون نظروا الى انه وسيلة وليس مقصودا لذاته. ولما كان وسيلة الى ما هو ربا في حقيقته منع منه وان السلعة ليست مقصودة لذاتها في ذلك البيع وذاك الشراء. فمنع منهم. قال المصنف رحمه الله كبيوع الاجال اعتبرنا نحن الذريعة فيها يعني اعتبرنا كونه وسيلة الى الربا. فلما اعتبروه وسيلة الى الربا حكموا بمنعه ليش اعتبرنا نحن الذريعة؟ قال اعتبرنا التهمة في بيوع الاجال لكثرة قصد الناس لذلك فعامة او اكثر من يشتري بثمن مؤجل ويبيع بثمن اقل حالا يكون غرضه الحصول على المال مع فارق الثمنين في البيعين ليحصل على المال حالا في يده وكثرة الوقوع مظنة للقصد. فعاملوه بذلك قال وخالف غيرونا يعني الشافعية فجوزوا البيعة لانه عقدان صحيح ان كل منهما مكتمل الاركان والشروط. نعم الله اليكم قال رحمه الله فحاصل القضية انا قلنا بسد الذرائع اكثر من غيرنا لا انها خاصة بنا. هذه خلاصة المسألة في اه موقع دليل سد الذرائع بين المذاهب. لا ان تقول انها من مفردات وخصائص مذهب الامام مالك رحمه الله. بل ستقول هي عامة في جميع المذاهب ومذهب ما لك اكثر توسعا في استعماله من غيره من المذاهب لا انها خاصة بنا. نعم الله اليكم قال رحمه الله واعلم ان الذريعة كما يجب سدها فيجب فتحها ويكره ويندب ويباح ويكره ويندب ويباح واعلم ان الذريعة كما يجب سدها فيجب فتحها ويكره ويندب ويباح. فاذا يجب سدها او يجب فتحها او او يكره او يندب او يباح بحسب ايش يقول الذريعة قلنا ما معنى ذريعة؟ الوسيلة الى الشيء. كما يجب سدها متى يجب سدها اذا كانت وسيلة الى فساد يجب سدها. قال كما يجب سدها يجب فتحها. متى يجب فتحها ستكون الوسيلة واجبة متى اذا كانت وسيلة الى واجب يجب فتحها ويكره ويندب ويباح متى يجب فتح الذريعة اذا كانت سبيلا الى واجب. متى يندب اذا كان وسيلة الى مندوب متى يكره لكان وسيلة الى مكروه وهكذا اذا الوسائل لها احكام المقاصد وهذه قاعدة ايضا كلية وسيأتي اشارة المصنف اليها. قال واعلم ان الذريعة يعني الوسيلة الى الشيء كما يجب سدها فقلنا قاعدة سد الذرائع انتبه تقابلها قاعدة بالعكس ونقول لها فتح الذرائع وفتح الذرائع ممكن يكون واجب ممكن يكون مستحب مندوب ممكن يكون مباح فكله يعتبر من فتح الذرائع. قال فيجب ويكره ويندب ويباح. نعم فان الذريعة فان الذريعة هي الوسيلة فكما ان وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للجمعة والحج وسيلة المحرم محرمة ووسيلة الواجب ووسيلة المندوب مندوبة مثل فقال وسيلة المحرم محرم السعي الى الزنا والسعي الى السرقة. الزنا وحده ذنب وكبيرة ومعصية. السعي اليه لارتكابه واتخاذ الخطوات وان كانت مباحة لكنها ستصبح حراما. بمعنى بمعنى ان مرتكب المعصية اجاركم الله يبدأ تعداد الاثم والوزر في حقه ليس من لحظة الوقوع في المعصية بل من السعي اليها والاسباب التي يسلكها للوقوع في المعصية هو مأزور عليها. فان رأيته راكبا او ذاهبا او ماشيا هو مأزور على تلك المساعي وان كان المشي ذاته ليس حراما لكن السعي او الوسيلة الى الحرام حرام فالسعي الى المعاصي الجهود والطرقات كل ما يبذل ويفعله المكلف في طريقه للوقوع في المعصية هو اثم به طالما نوى ذلك ابتداء وسعى وعزم على الوقوع في الحرام فهو محاسب عليه. ووسيلة الواجب واجبة. قال كالسعي للجمعة. اقامة صلاة الجمعة واجبة السعي اليها بمعنى المشي الى المسجد او ركوب السيارة للوصول الى المسجد او الاحتياج الى ركوب حافلة او عبارة يقطع بها النهر ليصل الى الجامع في القرية في الضفة الاخرى اصبحت واجبة وان كانت في اصلها ليست واجبة على المكلف ان يركب عبارة او سيارة او يمشي مئات الامتار لكن اصبح واجبا لتوقف الواجب وهو اداء صلاة الجمعة. الحج واجب. السعي الى الحج واتمام الاجراءات المتعلقة بتمكينه للحج تصبح واجبة في حقه اذا اصبح مستطيعا اليه سبيلا. وجب عليه. فاذا قصر فهو اثم لانه ترك شيئا يوصله الى الوجوب ما حكم شراء الطيب الذي تتطيب به الشراء الشراء اصله مباح لكنه طالما نوى بهذا الطيب ان يطبق به سنة فيتطيب يوم جمعته وفي خروجه الى المسجد هو مأجور على شرائه الطيب وان كان يشتريه حبا فيه واستمتاعا برائحته فيصبح مأجورا عليه لانه سلك سبيلا الى مندوب ومستحب فيكون السعي اليه والوسيلة ايضا في حكمه نعم الله اليكم. قال رحمه الله وموارد الاحكام على قسمين مقاصد وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في انفسها ووسائل وهي الطرق المفضية اليها. موارد الاحكام على قسمين اما مقاصد واما وسائل فمقصد الحكم هو المقصود لذاته. صلاة الجمعة واداء الحج وصوم رمضان وبر الوالدين. وكفالة اليتيم والاحسان الجار وصلة الرحم هذه مقاصد طيب والوسائل كل شيء يكون سببا لبرك بوالديك ولصلة رحمك والاحسان الى جيرانك ارأيت؟ فلو قلت الاتصال او ارسال الهدية او ادخال السرور او اي وجه يحصل به البر فهو وسيلة اليه. يحصل به صلة الرحم فهو وسيلة اذا الاحكام نوعان مقصودة لذاتها والاخرى وسيلة الى تلك المقاصد. الفرق بينهما ان المقصودة لذات ان المقصودة لذاتها هي المتضمنة للمصالح والمفاسد التي جاءت بها الشريعة. اما الوسائل فهي الطرق الموصلة اليها. نعم وموارد الاحكام على قسمين مقاصد وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في انفسها. ووسائل وهي الطرق المفضية اليها اليها الى ماذا المقاصد. الى المقاصد وسائل طرق مفضية الى المقاصد. نعم ووسائل وهي الطرق المفضية اليها وحكمها حكم ما افضت اليه من تحريم او تحليل حكمها الضمير يعود الى الوسائل حكمها حكم ما افضت اليه من تحريم او تحليل. ولهذا قلنا القاعدة الوسائل لها احكام المقاصد. نعم غير انها اخفض رتبة من المقاصد في حكمها هذا لا شك فيه المقصد واجب اذا وسيلته واجبة لكن الوجوب الوجوب هنا درجتان فدرجة وجوب المقصد اعلى درجة من وجوب الوسيلة قال رحمه الله غير انها يعني الوسائل اخفض رتبة من المقاصد في حكمها. نعم كلاهما الوسيلة والمقصد يقول مستحب او كلاهما واجب. لكن وجوب المقصد او استحباب المقصد اعلى درجة من وجوب الوسيلة واستحبابها. كذلك المحرم الزنا والعياذ بالله وقطع الطريق والظلم والبغي واكل مال الغير وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم ونحوها من المحرمات محرمات ذاتها مقصودة فما كان وسيلة اليها سيكون محرما كذلك لكنه اخفض رتبة من المقاصد لانه وسيلة اليه. نعم الله اليكم. قال رحمه الله فالوسيلة فالوسيلة الى افضل المقاصد افضل الوسائل. والى اقبح المقاصد اقبح الوسائل. والى ما يتوسط ومتوسطة الوسيلة الى افضل المقاصد كالسعي الى اداء الفرائض كالسعي الى صلاة الجمعة كالسعي الى صلاة الجماعة كالسعي الى بر الوالدين كالسعي لاداء الحج. السعي الى افضل المقاصد معدود في افضل الوسائل وبالعكس الوسائل الى اقبح المقاصد هي اقبح الوسائل. كالسعي لفعل المحرمات. كالحراب وقطع الطريق والزنا والسرقة والقتل والمخدرات والاثام والفواحش العدوان على الحرمات هذا من اقبح المقاصد فوسيلته ايضا من اقبح والمتوسط في المقاصد تكون وسائله متوسطة كالسعي الى السنن فانها مسنونة والسعي الى المكروه مكروه والسعي للمباحات مباح فهذه الثلاثة وسط بين افضل المقاصد والوسائل وبين اقبح المقاصد والوسائل. نعم احسن الله اليكم. قال المصنف رحمه الله وينبه على اعتبار الوسيلة. وينبه وينبه على اعتبار الوسائل قوله تعالى ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصبوا ولا مخمصة في سبيل الله. ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا من عدو ميلا الا كتب لهم به عمل صالح فاثابهم الله تعالى على الظمأ والنصب وان وان لم يكونا من فعلهم هل الظمأ العطش والنصب وهو التعب شيء انت تفعله بنفسك فتعطش او تتعب كيف حصل الظمأ والنصب بالمسير والسعي والخروج في الجهاد. فلما قطعوا المسافات وطال بهم المسير وكان الوقت صيفا في غزوة تبوك. والرواحل قليلة اصابهم الظمأ والنصب لاحظ حتى الفعل الذي لا ينسب اليهم تحصيله قال الله كتب لهم به عمل صالح من اين هذا قال لانه اصبح وسيلة الى اداء العمل الصالح الذي يحبه الله وهو الخروج للجهاد فهذا يقول من الادلة في الشريعة على اعتبار الوسائل. وعلى انها تأخذ حكم المقاصد نعم فاثابهم الله فاثابهم الله تعالى على الظمأ والنصب وان لم يكونا من فعلهم. لانه ما حصل لهم بسبب التوسل الى الجهاد الذي هو وسيلة لاعزاز الدين وصون المسلمين فالاستعداد وسيلة الى الوسيلة فالاستعداد وسيلة الى الوسيلة وهي الجهاد والجهاد وسيلة لايش؟ لاعزاز الدين ونصرته. اذا المقصود الاكبر هو نصرة الدين. والجهاد وسيلة اليه وخروجهم في الجهاد وما لحقهم به من التعب والظمأ والنصب كان وسيلة الى الجهاد الذي هو وسيلة الى عزاز الدين فانظر كيف جاءت الشريعة باعتبار وسيلة الوسيلة عملا صالحا كتب لهم به عمل صالح ومثله ايضا قوله تعالى كما تقدم ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم. هذا من الادلة على اعتبار الوسائل ومثله ايضا قوله تعالى عن اليهود في سورة الاعراف. واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر. اذ يعدون في السبت اذ تأتيهم ايتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم. اليوم الذي يخرجون فيه الصيد يوم السبت تأتيهم حيتانهم شراعة وش يعني شرع بادية ظاهرة قريبة التناول ويوم لا يسبتون لا تأتيهم اذا ما خرجوا للصيد يوم السبت والله عز وجل حرم عليهم فماذا فعلوا نصبوا شراكهم يوم السبت ويأخذونها يوم الاحد قالوا ما صدنا يوم السبت كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. فكانت حيلة فعد هذا من قبائح فعلهم. هم ما اصطادوا يوم السبت ولكن جعلوا الشباك ونصبوها يوم السبت فتوسلوا بالمقصود المحرم في يومه المحرم وان كان وسيلة الى الصيد فاذا هم ما صانوا لكن اتخذوا الوسيلة فعوقبوا وذموا على الوسيلة وان لم يصلوا الى المقصد ذاته وهو الصيد. نعم احسن الله اليكم قاعدة كلما سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة فانها تبع. والتابع يسقط بسقوط متبوعه التابع تابع فاذا بقي المتبوع ثابتا ثبت التابع واذا سقط المتبوع سقط التابع اذا سقط اعتبار المقصد شرعا سقط اعتبار وسيلة مثال سقط وجوب الجمعة عليه لانه مسافر مسافر فلا تجب الجمعة عليه فهل يجب عليه السعي الى الجمعة لا السعي وسينا فلما سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة او سقط عنه وجوب الحج لعدم الاستطاعة لفقره او لمرضه فلم يجب عليه الحج هل يجب عليه السعي الى الحج؟ الجواب لا وهكذا. نعم وقد خولفت هذه القاعدة في الحج في امرار الموسى على رأس من لا شعر له مع انه وسيلة الى ازالة الشعر فيحتاج الى ما يدل فيحتاج فيحتاج الى ما يدل على انه مقصود في نفسه والا فهو مشكل. هذا موضع اشكال عند الفقهاء الذين يرون ان الاقرع والاصلع الذي لا شعر له اذا اعتمر او حج فان من واجبات النسك حلق الرأس وهو لا شعر له اما لانه اقرع او لانه قد حلق قبل اداء النسك فلا شعر له. قالوا يجب امرار الموسى على رأسه وان لم يكن له شعر طيب على القاعدة اذا سقط اعتبار المقصد سقط اعتباره الوسيلة اصلا ما في شعر فلماذا يمر الموسى قال هذا موضع اشكال هذا الاشكال هو على مذهب من يقول ان امرار الموسى على الرأس واجب وان لم يكن ثمة شعر واما الشافعي فلا يرى وجوب امران الموسى. قال يسقط عنه امرار الموسى لان المقصد سقط فيسقط الوسيلة فلا يحتاج الى ذلك. قالوا تماما كمثل من سقط عنه طهارة يده او رجله المقطوعة شخص مقطوع اليد او الرجل لو قلت انه مقطوع اليد من فوق المرفق فهل يجب ان يغسل العضد؟ قال لا ما يحتاج لان موضع الفرض سقط وكذلك في الرجل. قالوا فكذلك شعر الرأس هو الواجب حلقه فلما سقط وعدم عدمت الوسيلة فلا حاجة الى امرار الموسى عليه قال القرفي رحمه الله خولفت هذه القاعدة في الحج في امرار موسى على رأس من لا شعر له. مع انه يعني امرار الموسى وسيلة الى لازالة الشعر وعلى القاعدة اذا سقط اعتبار المقصد يجب ان يكون امرار الموسى ساقطا ايضا. قال فيحتاج الى ما يدل على انه مقصود في نفسه الا ان قلت لي ان امرار الموس هو مقصود لذاته قال والا فهو مشكل اذا هذا الخلاف فمن جعل امرار الموسى مقصودا في نفسه قال يجب ان يمر الموسى ولو زال الشعر. ومن جعله وسيلة اسقطه هذا هو وجه الخلاف بين الفقهاء. ومثله في المسائل من ولد مختونا فهل يجب اجراء الموسى على حشفته وان لم يحتج الى ختان الخلاف ذاته من يعتبر امرار الموسى على الحشفة الذكر مقصودا لذاته قال يجب لو كان مختونا ومن قال لا المقصود هو ازالة القلفة فانه لا يحتاج الى ذلك لتحقق المقصود من غيره. والله اعلم ارسل الله اليكم قال رحمه الله تنبيه قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة اذا افضت الى مصلحة راجحة هذا تنبيه يفهم به مما سبق لما قال رحمه الله ان وسيلة المحرم محرمة ووسيلة الواجب واجبة فكان يكفي في تقريرها هناك ان تقول ان وسيلة الشيء تأخذ حكمه فقال ربما تردد عندنا في النظر ان الوسيلة الواحدة ستفظي الى شيئين احدهما حرام ممنوع والثاني جائز مطلوب. السؤال ستعطي الوسيلة حكم اي المقصدين وسيلة واحدة اذا فعلتها سيترتب عليها امران احدهما مطلوب شرعا والثاني ممنوع شرعا. وسيترتب الاثران معا على تلك الوسيلة هل ستعتبرها وسيلة مشروعة؟ لانها تفضي الى مشروع او ممنوعة لانها تفضي الى ممنوع ستنظر الى اي الامرين ارجح فتعطيه حكمه قال ربما كانت وسيلة المحرم غير محرمة كيف تكون غير محرمة؟ لانها ستفضي الى مصلحة راجحة اذا حتى تفهم هي عبارة عن وسيلة الى شيء محرم واخر غير محرم فيه مصلحة متى كان الحرام راجحا لم نعتبر تلك المصلحة وقلنا وسيلة الحرام حرام ومتى كانت المصلحة ارجح اصبحت هذه الوسيلة محققة لتلك المصلحة الراجحة ولم التفت الى المحرم الذي اصبح مرجوحا وضرب لنا المصنف رحمه الله ثلاثة امثلة. نعم كالتوسل الى فداء الاسرى بدفع المال الى العدو. والذي حرم عليهم الانتفاع به لكونهم مخاطبين بفروع الشريعة عند في قتال وجهاد وقع بعض المسلمين اسارى في يد العدو الكافر وطالبوا بالفدية وان يدفع لهم مال المال الذي سيدفع سيكون عونا لهم على مزيد من القوة على حرب المسلمين صح وان لم يستعملوه في حربهم على المسلمين سيكون المال عونا لهم على ما هم فيه من كفر بالله وجرم ومحرمات وكبائر هي في دينهم او في شريعتهم او في استحلالهم يعصون بها الله. فانت مهما دفعت المال اليهم كان ذلك عونا على شيء حرام ومع ذلك فان دفع المال لفك اسر المسلمين الذين بايديهم مصلحة راجحة فاصبحت الوسيلة هنا ليست ممنوعة بل مطلوبة شرعا. قال كالتوسل الى فداء الاسرى بدفع المال الى العدو الذي حرم عليه الدفاع به يعني بالمال لكونهم مخاطبين بفروع الشريعة عندنا على المسألة الخلافية هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وما قرره المصنف انه نعم اذا دفعوا المال اليهم سيعصى به الله عز وجل. لا تقل هم كفار ولا ذنب بعد الكفر. قال هم مخاطبون بفروع الشريعة وان لم تقل ذلك فقل المال المستعمل في حربهم على الاسلام هو حرام بكل الوجوه. هذا المثال الاول احسن الله اليكم. قال رحمه الله وكدفع مال لرجل يأكله حراما حتى لا يزني بامرأة. اذا عجز عن ذلك الا به رجل والعياذ بالله يدفع اليه المال يأكله حراما مال لا حق له فيه وانما اعطيناه عن غير طيب نفس اخرجنا المال واعطيناه فقط لنكفه عن الزنا بامرأة اذا عجز عن ذلك الا به يعني لو لم يعطى ذلك المال لافضى الى وقوعه في الحرام لانه كذلك والعياذ بالله فالاصل دفع المال سيعصي به الله ويقع به في الحرام لكن المصلحة الراجحة وهو كفه عن المعصية وصون المرأة التي يمكن ان تفعل بها فاحشة كانت مصلحة راجحة الله اليكم قال رحمه الله وكدفع المال للمحارب حتى لا يقتتل هو وصاحب المال. المحارب قاطعوا الطريق الذي تصدى للناس بسلاحه فهدد بالسلاح ليأخذ المال. شرعا ما يعطى المال لانه اخذ مال بغير حق لكنك ستفتدي نفسك وتأمن من قتاله بدفع المال. فدفع المال هنا غدا مصلحة راجحة او وسيلة الى مصلحة راجحة وهو كف الاقتتال فيعطى ويكون هذا مما غلبت فيه المصلحة على مفسدة دفع المال اليه. ومن هذا الباب في غير هذه الامثلة ما يعطى ولاة الجور وقطاع الطريق فقط للامن على الانفس والعرض والاموال. فانك تدفع وانت لا تقر بجواز ذلك لا لكنك تفتدي به لصون العرض او المال او النفس فهذا مصلحة راجحة جعلت الوسيلة التي كانت محرمة في اصل امرها مباحة بل مطلوبة شرعا احسن الله اليكم قال رحمه الله واشترط مالك فيه اليسار. في هذه الامثلة وجواز دفعي ما لي فيها اشترط الامام ما لك رحمه الله ان يكون المال المطلوب يسيرا. فان كان كثيرا فالمذهب عنده فيه قولان اذا كان مالا يسيرا فيعطى لفداء اسرى المسلمين وللرجل الزاني حتى يكف عن فاحشته. وللمحارب حتى يكف عن قتاله. فاذا كان المال كثيرا اصبح فيه قولان في المسألة. نعم قال رحمه الله ومما يشنع على مالك رحمة الله عليه مخالفته لحديث بيع الخيار مع مع روايته له وهو وهو مهيع وممهيع وهو ما هي عين متسع ومسلك غير ممتنع. ومما يشنع على مالك اتى بمسألة قد لا يبدو في السياق مناسبتها لما نحن فيه والحديث عن الادلة المختلف فيها. وقد ذكر سد الذرائع والمصلحة المرسلة والعوائد لكنه لما قال قبل قليل ينقل عن مذهبنا ان من خواصه اعتبار العوائد والمصلحة المرسلة وسد الذرائع وجد مناسبة ان يقال ايضا ومما يزعم انه تفرد به الامام ما لك رحمه الله ان يروي الحديث وهو صحيح عنده ثم لا يعمل به هل هذه جرأة على النص واعتداء عليه ورفض للسنة حاشا وانما كان مالك رحمه الله امام مذهب اهل السنة. وراوي الحديث ومن يرتحل اليه للفتية وهو عالم بدينة رحمه الله لكن يقول اذا كان هذا موطن اشكال فربما استشكل بعض الناس كيف يروي الامام مالك رحمه الله حديثا ثم يعمل بخلافه فاعلم ان هذا ليس خاصا بمذهب مالك ايضا فكل العلماء ربما ثبت عند احدهم الدليل فلا يعمل به ليش بدليل اقوى لمعارض راجح العذر الذي ستقول هناك ستقوله هنا فهذا ايضا مما لم يتفرد به مذهب الامام مالك رحمه الله نعم مما يشنع ومما يشنع على ما لك رحمة الله عليه مخالفته لحديث بيع الخيار مع روايته له. المقصود ببيع الخيار حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا هذا الحديث رواه الامام مالك في الموطأ يعني عرفه ورواه وصح عنده. بل هو مما يرويه بسنده الذهبي مالك عن نافع عن ابن عمر. فهذه من اصح الاسانيد في الدنيا الحديث صحيح والامام مالك رحمه الله ما يجهله ومع ذلك فان مالكا رحمه الله لا يرى لا يرى انقطاع الخيار بالتفرق بالابدان ولا يرى خيار المجلس اصلا بل خيار المجلس عنده التفرق بالاقوال يعني اذا قال بعت وقال قبلت او قال بعني فقال رضيت اذا تقا بايع وحصل الايجاب والقبول فقد تم البيع. قال هذا هو التفرق حمله الجمهور على التفرق بالابدان وحمله الامام مالك على التفرق بالاقوال فاذا قال تفرق في المجلس او ما تفرقا فقد وجب البيع فبعض فقهاء المذاهب قالوا هذا مخالف. والامام مالك رحمه الله يروي الحديث في موطئه وكان ينبغي عليه ان يعمل به. فربما وقع من بعضهم سطوة في العبارة وشدة على موقف الامام مالك رحمه الله في هذه المسألة تحديدا لوضوحها وشهرتها لانك كلما جئت الى مسألة خلافية ووجدت فيها دليلا او حديثا مرويا وجدت احد الائمة يخالفه من اقرب الاعذار التي تلتمسها لاهل العلم تقول لعله ما بلغه الحديث او ما اطلعا عليه تقول لا اطلع عليه وهو يرويه في الموطأ فمبتدئ من صغار طلبة العلم يستبشعوا ذلك ويستكبرون. قال كيف كيف يرد الامام مالك رحمه الله حديثا وقد وقف عليه وعلمه اذا لا عذر له قال رحمه الله مما يشنع مما يشنع على ما لك رحمة الله عليه مخالفته لحديث بيع الخيار مع روايته له وهو ماهيع متسع ومسلك غير ممتنع يقول هذا طريق واضح واسع ومسلك سلك فيه العلماء قديما وحديثا. ما هو ثبوت الدليل وصحته مع عدم العمل به ليس رفضا حاشا وليس اعراضا عن الدليل حاشاهم رحمه الله وليس تقديما للهوى ولا اعمالا للرأي المجرد حاشاهم رحمة الله عليهم. نعم قال رحمه الله فلا يوجد عالم الا وقد خالف من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ادلة كثيرة ولكن لمعارض راجح عليها عند مخالفها وكذلك ترك مالك هذا الحديث لمعارض راجح وهو عمل اهل المدينة. فليس هذا بابا اخترعه ولا ولا بدعا ابتدعه نعم الامام مالك كما يقول حلول وفي شرحه حمل الحديث على انه ما لم يتفرقا يعني بالالفاظ. الايجاب والقبول والجمهور حمله على التفرق بالابدان لماذا لم يحمل الامام ما لك الحديث على التفرق بالابدان؟ قال لانه وجد عمل اهل المدينة على خلافه. مع ان ابن عمر رضي الله عنهما راوي الحديث كان يفسره بالتفرق بالابدان والامام مالك رحمه الله يعرف ذلك لكن تعارض عند الامام مالك عمل صحابي مع عمل باقي الصحابة وابناء الصحابة من اهل المدينة مما تتابع العمل عليه فرأى هذا اقوى من هذا فرجحه فعمل به نعم قال فليس هذا بابا اخترعه ولا بدعا ابتدعه يعني ترك الدليل الصحيح الثابت لمعارض راجح عند من يخالفه الله اليك. قال المصنف رحمه الله ومن هذا الباب ما يروى عن الشافعي رضي الله عنه انه قال اذا صح الحديث عن اذا صح الحديث فهو مذهبي. او فاضربوا بمذهبي عرض الحائط. ما عرض الحائط جهة الحائط او جانب الحائض اذا صح الحديث فهو مذهبي هذه قاعدة عند الامام الشافعي رحمه الله وهي مضمون كلام الائمة الاربعة ما لك وابي حنيفة والشافعي واحمد رحمهم الله وكلهم قد صح عنه مثل هذه العبارة او نحوها وهي ايضا مذهب الائمة كلهم اسلاف هذه الامة وعلماؤها الكبار تقديس النص والوحي وتعظيم السنة والاحتكام اليها قال اذا صح الحديث وهو مذهبي او اذا صح الحديث فاضربوا بمذهب عرض الحائط. السؤال نضرب بمذهبه عرض الحائط لمجرد ثبوت مع عدم المعارض او مع وجود المعارض ان كان من غير معارظ فهذا مذهب الائمة جميعا. متى وجدت كلامي يخالف النص فاترك كلامي وارمه في البحر وخذ بالدليل. اذا لم يكن ثمة ما يعارضه. وهذا باتفاق لكن ان كنت وجدت كلامي يخالف الدليل لمعارض راجح فما يطلب الامام الشافعي اضطرح المذهب بل ينظر في الدليل لانك لو تركته تركت ادلة اخرى سوى هذا الدليل فانت توازن عبارته رحمه الله. نعم ومن هذا الباب ما يروى عن الشافعي رضي الله عنه انه قال اذا صح الحديث فهو مذهبي او فاضربوا بمذهبي عرض الحائط فان كان مراده مع عدم المعارض في فهذا مذهب العلماء كافة وليس خاصا به وان كان مع وجود المعارض فهو خلاف الاجماع فليس هذا القول خاصا بمذهبه كما ظنه بعضهم. ولذلك صنف التاج تبكي رحمه الله رسالة التقي السبكي والده. صنف رسالة لطيفة رحمه الله سماها معنى قول الامام المطلب اذا صح الحديث فهو مذهبي شرح فيه معنى العبارة وبيان انها موقف اهل العلم كافة في هذا الباب نقف على هذا الدليل وثمة فائدة في قول المصنف رحمه الله في صدر التنبيه ينقل عن مذهبنا ان من خواصه اعتبار العوائد والمصلحة المرسلة وسد الذرائع وليس كذلك. واجاب عن الثلاثة وقال بعضهم بعض المالكية انفرد مذهب مالك بخمسة اشياء وذكروا هذه الثلاثة وزادوا عليها مراعاة الخلاف والحكم بين حكمين فاما الثلاثة فقد اجابك المصنف انها ليست مما يستقل به مذهب الامام ما لك رحمه الله بل هي في مذاهب الائمة كافة رحمة الله عليهم جميعا واما الامران الاخران وهو مراعاة الخلاف والحكم بين حكمين فهما ممن فرد بهما مذهب الامام مالك رحمه الله تعالى حقيقة ومعناهما باختصار كما يلي. مراعاة الخلاف معناه ان يعتبر المذهب المخالف في اثر الحكم في تقريره مثال ذلك السجود لسههو الزيادة في الصلاة عند الامام مالك يكون بعد يكون بعد السلام السجود لسههو الزيادة يكون بعد السلام من الصلاة. فيفترض ان من تعمد فسجد للسهو قبل السلام ان تبطل صلاته. وهذه رواية في مذهب مالك لكن الرواية المشهورة عنده في المذهب عدم ابطال الصلاة ليش؟ قال مراعاة لخلاف الشافعي واحمد فانهم في وجه عند مذهب احمد يرون جواز سجود السهو في كل كل انواعه قبل السلام فمراعاة للخلاف لم يقولوا بابطال الصلاة. ومثال اخر من قام بعد الركعة الثانية ولم يجلس التشهد وقام فان استتم قائما فان استتم قائما عند الامام مالك حرم عليه الرجوع فاذا رجع عمدا بطلت صلاته لكنه في الرواية المشهورة لم يقولوا ببطلان صلاة من عاد بعدما استتم قائما مراعاة لخلاف احمد في المسألة فانه يجوز العودة مع الكراهة تنظر كيف يراعي خلاف مذهب غيره وهذا مما استقل به مذهب الامام مالك رحمه الله. اما الاخير وهو الحكم بين حكمين مثاله المسبوق في صلاته فيما يقضيه بعد سلام امامه ايفعل ما فاته من الصلاة خلف الامام اداء او قضاء ادرك ركعتين في المغرب وبقيت ركعة هل الركعة التي يصليها اداء او قضاء يعني يعتبرها الاولى التي فاتته فيجهر ويقرأ سورة بعد الفاتحة او يعتبرها اداء فهو قد صلى ركعتين فهذه الثالثة في حقه فيصليها سرا ويقرأ بالفاتحة فقط خلاف بين الفقهاء في مسألة المسبوق في صلاته او يسميه المالكية المدرك في صلاته فهو عند ابي حنيفة قضاء في الاقوال والافعال المسبوق قاض في صلاته في الاقوال والافعال وعند الامام الشافعي اداء يقول هو بان في الاقوال والافعال فمذهب الامام مالك حكم بين الحكمين. قال قضاء في الاقوال اداء في الافعال فهو حكم بين الحكمين في المسألة. ومثله في كتير من المسائل التي يتوسط فيها المذهب بين قولين في المسألة كضمان الرهن وظمان العارية فمنهم من يقول يضمن مطلقا كما هو مذهب الشافعي ومنهم من يقول لا يضمن العارية ولا يضمن الرهن مطلقا كما هو مذهب ابي حنيفة. وعند الامام مالك يضمن فيما يغاب عليه ولا يضمن فيما ما لا يغاب عليه انتفاء الظن في ذلك وهذا مما يظرب به المثال ايظا في الحكم بين حكمين. فتتمة فائدة فيما استقل به مذهب الامام مالك رحمه الله تذكر هذه الانواع نقف عند دليل الاستدلال الذي نشرع فيه درسنا القادم ان شاء الله تعالى نسأل الله لنا ولكم علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين