بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له والحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فهذا هو مجلسنا العشرون بفضل الله تعالى ومنته وتوفيقه ايه؟ من مجالس شرح متن تنقيح الفصول في علم الاصول للامام شهاب الدين القرفي رحمة الله عليه منعقدي هذا اليوم الثاني من شهر رجب الحرام سنة احدى واربعين واربعمئة للهجرة في بيت الله الحرام. وهذا المجلس تأتي تكملة لما ابتدأناه في المجلس السابق في الباب الرابع في الاوامر. ومضى في المجلس السابق بعض من الفصل الاول في سماه ما هو وتولون في ذلك المجلس لفظ الامر وانه اسم لمطلق الصيغة الدالة على الطلب وان موضوعه او مدلول الامر موضوع للوجوب عن الراجح مع اقوال اخر. ومن حيث الزمن فان انه يقتضي الفورية ايضا عند الحنفية والمالكية كما رجح الامام القرافي رحمه الله ويقتضي التكرار على مقتضى ما اورده ابن القصار وخالفه اصحابه من المالكية ثم وقفنا عند تتمة هذا الفصل الاول من الباب الرابع في الحديث عن دلالة الامر على الاجزاء ودلالته على النهي عن ضد المأمور به وعن العلو والاستعلاء واشتراط الارادة في الامر هذه تتمة للفصل الاول نكملها لنشرع فيما بعدها مستعينين بالله جل جلاله ونسأله التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح نعم بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم صلي وسلم وعلى اله وصحبه ومن والاه. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين والمسلمين اجمعين. يقول الامام القرفي رحمه الله تعالى وهو يدل على الإجزاء وهو يدل على الإجزاء عند اصحابه. خلافا لأبي هاشم. لأنه لو بقيت الذمة مشغولة بعد الفعل لم يكن اتيا بما امر به. والمقدر خلافه هذا خلف كل الامر على الاجزاء. المقصود من ذلك ان المكلف لو اتى بالمأمور به يسقط تكليف ويكون فعل المكلف او امتثاله دلالة على الاجزاء يعني اجزاء فعله في الاتيان بما كلف به؟ قال خلافا لابي هاشم. قد يفهم من هذا الخلاف ان ابا هاشم لا يقول ان الاتيان فعل المأمور به يجزئ. وان المكلف عليه ان يبحث في الاجزاء عن امر اخر. لكن سيأتي الان كلام رحمه الله مناقشة نورد ما اورده الان على وجهه قال وهو اي الامر. يدل على الاجزاء عند اصحابه قلنا المقصود من الاجزاء ان يكون فعل المكلف في الاتيان ما امر به كافيا في اي شيء في سقوط الامر وابراء الذمة اؤمر بالصلاة فصلى امر بالصوم فصام امر بالحج فحج. ان اتى بما كلف به كان هذا مجزئا يعني كافيا في سقوط التكليف وابراء ذمته قال رحمه الله عند اصحابه يعني عند اصحاب من مالك رحمه الله والضمير يعود اليه في كل المسائل الواردة سابقا. بل هو عند جمهور الفقهاء ورجحه ايضا الامدي ابن الحاجب قال رحمه الله خلافا لابي هاشم فان ابا هاشم لا يقول بذلك وهو ايضا قول عبدالجبار من المعتزلة وينسبه بعض الاصوليين الى الجمهور من الاصوليين هذا القول المنسوب هنا في كلام القرافي رحمه الله لابي هاشم يعزوه بعضهم الى جمهور الاصوليين ان اتيان فعلي من المكلف لا يعد اجزاء. قال رحمه الله لانه لو بقيت الذمة مشغولة. حجة ابي هاشم وعبد الجبار ومن اختار هذا القول المسألة المشهورة ان من صلى معتقدا الطهارة ثم تبين له انه على حدث هل يحصل له الاجزاء بصلاته تلك؟ الجواب لا. بل يجب عليه القضاء مع انه اتى بالفعل المأمور به على الوجه المأمور به فها هنا وجد امتثال من المكلف وفعل للمأمور به ولم يوجد اجزاء. فدل على ان الفعل لا يكون كافيا في الاجزاء بدلالة مثل هذه الامثلة وكذلك فساد الحج. فانه يؤمر بالمضي فيه مع امره بالقضاء فدل على ان مجرد الفعل ليس كافيا في الاجزاء. اجاب الجمهور بان الكلام انما هو في الفعل استجمعي لشروطه في نفس الامر في الشريعة وليس في اعتقاد المكلف من صلى يظن صحة طهارته اتى بفعل مستجمع لشروطه في ظنه هو لكنه في نفس الامر ليس كذلك ومسألتنا فيما لو امتثل المكلف فعل المأمور به على الوجه المأمور به فهذا الذي يقع فيه الخلاف ونحن نقول انه يقع به الاجزاء وابو هاشم يقول ليس الفعل هو الكافي في سقوط الامر او الاجزاء. قال المصنف لانه هذا التعليل هو لما رجحه القرفي رحمه الله ونسبه لاصحاب الامام مالك خلافا لابي هاشم لماذا نعد الفعل اذا اتى به المكلف كافيا؟ ومجزئا قال لانه لو بقيت الذمة مشغولة بعد الفعل لم يكن اتيا بما امر به الان. طالما امتثل المكلف فاتى بالفعل. هل يقال انه اتى بالمأمور او لا يقال فتقول عندئذ برئت ذمته. هو يقول دعنا نفترض كلام ابي هاشم ان ذمته لا زالت مشغولة بعد الفعل كون ذمته مشغولة ماذا يعني؟ يعني انه لم يأتي بما امر به. والمقدر خلافه المقدر انه اتى بالمأمور به. فكأنك تقول اتى بالمأمور به لكنه لم يأتي به. قال وهذا تناقض هذا خلف. خلف كما شرحه بعض اللغويين بفتح اللام واسكان الخاء يعني الرديء والمقصود هنا به الرديء من القول. ولهذا يقولون في المثل سكت الفا ونطق خلفه يعني سكت عن الف كلمة ثم تكلم فلما تكلم اخطأ يقولون سكت الفا ونطق خلفا قال هذا خلف من القول يعني هذا فساد. وهو لازم على قول ابي هاشم ومن وافقه انه عندما نقول ان الاتيان بالفعل لا يدل على الاجزاء. فانه يقتضي هذا التناقض المذكور في هذا الدليل الذي اشار اليه الامام القرافي رحمه الله تعالى بيان هذا التناقض اذا ان الاتيان بالمأمور به يقتضي انه برئت ذمته والا لم يكن اتى بما امر به. وكونك تقول ان ذمته لا زالت مشغولة يناقض هذا التقرير. فهو في الصورة اتى بالفعل. لكنك تقول ذمته لا زالت مشغولة. وهذا يقتضي المشار اليه. لما اورد القرفي رحمه الله هذا الدليل ذكره تبعا للامام الرازي في المحصول. رحم الله الجميع ثم ثم تعقب هو القرفي هذا الدليل في الشرح. واورد انه لا يستقيم وانه بل لا يرد على محل النزاع لانه كما يقول القرار في هذا الدليل ليس بشيء. قال في شرحه ما اسوقه لكم الان ثم اورد لكم خلاصته. يقول ان الامر لو لم يدل على الاجزاء فسيكون امامك احد احتمالين اذا افترضنا كلام ابي هاشم ان الامر لا يدل على الاجزاء. يقول فامامك احد احتمالين اما ان يبقى الامر متعلقا بذلك الفعل للواقع او بغيره قال والاول محال لان لا يلزم تحصيل الحاصد لانه قد فعل فكيف يتعلق الامر بما فعل؟ والثاني يقتضي انه ما اتى بما امر به لو قلت تعلق الامر بغيره فسيكون اتيا بغير ما امر به. قال والمقدر خلافه فلا يبقى الامر متعلقا بعد الاتيان بالمأمور به. لا يبقى متعلقا لا بما فعل ولا بغيره. لم؟ لانه قد فعل. فان قلت وقد فعل فهل يبقى الامر متعلقا اذا افترظت تعلق الامر واشتغال الذمة سيكون معناه ان المكلف اتى لكن الامر لا يزال باقيا لم يسقط عن عهدة المكلف. فالسؤال اين بقي الامر معلقا؟ ستقول اما بالفعل الذي فعله او بغيره. وعلى كليهما التقدير باطل. لانك فلو قلت بقي الامر معلقا بالفعل الذي فعل فهذا تحصيل حاصل لان الفعل قد وقع فكيف يبقى الامر معلقا؟ وان قلت بل تعلق بغيره فيكون المكلف اتى بشيء غير الذي امر به وهذا ايضا خلاف الواقع هذا طريق لافساد حجة ابي هاشم. يقول المكلف اتى لكن فعله الذي اتى به ليس كافيا في ماذا؟ في سقوط الامر وابراء الذمة. سنقول له سنقبل هذا تنزلا فعلى المكلف الفعل لكن الذمة لا زالت مشغولة بماذا؟ بالامر. طيب الامر الذي لا زالت ذمته مشغولة ومعلق بماذا اما ان تقول معلق بالفعل الذي فعل او بغيره. قال وعلى كليه ما لا يصح. فهذا افساد لحجة ابي هاشم. ومن في القول بان الامر لا يقتضي الاجزاء. ليس كافيا في سقوط التكليف وفعل المكلف للامر لا يقتضي ذلك. هذا تقدير الدليل يقول القرفي رحمه الله هذا قول الامام في المحصول. غير انه هذا مناقشة الدليل غير انه جعل عدم الدلالة نفس الدلالة على العدم جعل عدم الدلالة نفس الدلالة على العدم وفرق عند الاصوليين بين عدم الدلالة او الدلالة على العدم. ايهما الاثبات الدلالة على العدم انت تدل على عدم الشيء. اما عدم الدلالة فليس دليلا قال فانه جعل عدم الدلالة دلالة على العدم. وعدم الدلالة نفي ليس فيها شيء يثبت. فكيف تستخدمها لاثبات امر هي ليست دليلا في ذاتها. قال رحمه الله تعالى فانه انما بين انتبه. انما بين ان الامر لم يبق متعلقا صح قلنا اما يتعلق بهذا او يتعلق بهذا ولا يصح. فانه اثبت على حجة ابي هاشم ان الامر لم يبقى متعلقا. طيب عفوا ما معنى ان الامر لم يبق متعلقا عدم الدلالة وعدم الدلالة ليس دليلا قال فانه انما يبين ان الامر لم يبقى متعلقا. وعدم تعلقه عدم دلالته. ومقصود هذه المسألة الدلالة على البراءة وهي الدلالة على العدم اي عدم انشغال الذمة واين احدهما من الاخر؟ ظرب مثالا فقال فسورة الاخلاص فيها عدم الدلالة على وجوب الزكاة صح فيها ايش عدم الدلالة وليس فيها دلالة على عدم وجوب الزكاة فلا تستدل باحدهما على الاخر. حتى اسهل لك خلاصة القول ان من فعل ما امر به على الوجه المأمور به فقد حصل له الاجزاء تدري اين الخلاف بين ابي هاشم وغيره الخلاف ان الاجزاء من اين استفيد فيقول الجمهور هو من امتثال الامر حصل الاجزاء. ويقول ابو هاشم بل بالبراءة الاصلية واما الفعل فليس هو الدليل على الاجزاء وبراءة الذمة. واضح؟ هذا خلاصة القول وتقريب المسألة حتى تتصور قول ابي هاشم من وافقه نعم وعلى النهي عن اضداد المأمور به عند اكثر اصحابه من المعنى لا من اللفظ خلافا لجمهور المعتزلة وكثير من اهل السنة. هذه مسألة مستقلة. هل يدل الامر على النهي عن ضده هذه المسألة المفروضة هنا تذكرها كتب الاصول غالبا في احد وجوه الافادة من دلالات الامر فاننا نستفيد من منطوق الامر صراحة الدلالات التي مرت معنا في المجلس السابق ما هي على الوجوب في الحكم وعلى التكرار في العدد وعلى الفور في الزمن. هذه دلالات من منطوق الامر او من صريحه وبعض يجعلها من لوازمه كما مر بكم في الخلاف. ان المرة او التكرار لا علاقة لها على قول المحققين بلفظ الامر ومنطوقه لكن المرة الواحدة من لوازم الامتثال في ايجاد الفعل او اخراجه الى الوجود لا انها من دلالات لفظ الامر. انتهينا من هذا مما يهتم له الاصوليون في دلالات الامر او دعنا نقول مما يستفاد من الامر النهي عن ضده فيرجعون الى تقعيد هذا الاصل هل الامر بالشيء نهي عن ظده؟ فلما يقول لك القائل اجلس في البيت هو ينهاك عن الجلوس في الشارع ينهاك عن الجلوس في السوق ينهاك عن الجلوس في المجامع في المسجد في غيره من الاماكن لما قال لك اجلس في البيت هذا امر او لما يقول لك اجلس اذا هو ينهاك عن الوقوف او عن الاضطجاع او عن المشي والحركة فهو لما امرك بامر كان الامر دلالة على النهي عن ظده او عن اظداده. هذه المسألة المشهورة بهذا المعنى فيها خلاف اصولي اشار اليه المصنف هنا. لكن لتعلم ان تحريرها من مهمات مسائل الامر ليس فقط على مستوى تحرير الخلاف بل حتى في توسعة دلالات الاستنباط عند الفقهاء فانك يسعك ان تقول ان الحكم في الشيء كذا واجب او حرام وانت تأتي بالادلة اذا قلت ان الشيء حرام لك ان تأتي بدلالات النهي الصريحة على النهي عن ذلك الفعل ولك ان تأتي بالامر لضده مستنبطا منه تحريم هذا الضد. لان الامر بالشيء نهي عن ضده. فهي توسعة لدلالات الامر والاستفادة منها في استنباط الاحكام. فهنا تأصل المسألة بهذا العنوان هل الامر بالشيء نهي عن ضده؟ اوجز القرفي الله الخلاف بقوله وعلى النهي والكلام معطوف على يدل الامر على النهي عن اضداد المأمور به. لاحظ ما قال عن ضد المأمور بل قال عن اضداد فاذا كان للامر ضد واحد كان كان منهيا عنه واذا كان له اكثر من ضد كانت الاضداد كلها منهيا عنها. مثل ما قلنا قبل قليل اجلس فانها نهي عن اضدادها يعني لا تقف لا تضطجع لا تتحرك لا تمشي لا تجري فهي نهي عن جميع اضدادها قال وعلى النهي اي ويدل الامر على النهي عن جميع اضداد المأمور به. ثم قال عند اكثر اصحاب به اصحاب من اصحاب الامام مالك بل هو عند اكثر عند الجمهور من المذاهب الاربعة عند الجمهور من المذاهب الاربع الامر بالشيء نهي عن ارداد المأمور به. قال من المعنى لا من اللفظ وهذا اشارة الى آآ مأخذ الخلاف في المسألة ان الدلالة هنا ليست لفظية بل معنوية ومعنى الدلالة المعنوية انها دلالة التزام وليست مطابقة هذه الدلالة المعنوية دلالة عقلية. فمثلا قولك اجلس اللفظ هنا عند العرب اجلس من الفعل جلس لفظا على ماذا دلت على على الامر بهيئة الجلوس ليس في لغة العرب ان جلس معناها لا تقف في اللغة ما تدل عليه فكيف فهمناها؟ من حيث المعنى ان الامر بشيء لا يتحقق امتثال ما امر به الا ابي تركي ظده والا لن يتحقق الامتثال هذه الدلالة لفظية لا معنوية يعني المعنى لا يتم الا كذلك ولهذا قال لا من اللفظ فاذا هذا المذهب الاول الذي عزاه رحمه الله لاكثر اصحاب الامام ما لك رحمه الله وهو كما اسلفت لك هو مذهب جمهوري فقهاء المذاهب الاربعة واختاره من الاصوليين الكبار القاضي ابو بكر الباقلاني والقاضي عبدالجبار فانه وايضا يرون ان الامر بالشيء نهي عن اضضاده من حيث المعنى لا من اللفظ. طيب سافهم ان المذهب الثاني ما هو ان الامر بالشيء نهي عن ضده من حيث اللفظ. فان اللفظ دل عليه كيف دل عليه؟ قالوا اجلس يعني لا تقف لا تضطجع لا تتحرك فاللفظ دل عليه قال خلافا لجمهور المعتزلة وكثير من اهل السنة الجويني الغزالي ابن الحاجب هؤلاء يرون مذهبا غير الذي ذكره المصنف هنا ان الامر بالشيء ليس نهيا عن ضده لا لفظا ولا معنى ان الامر بالشيء امر بالشيء نقطة انتهى الكلام. لا علاقة له لا علاقة له بالنهي عن ضده وهذا المذهب الذي قال هنا خلافا لجمهور المعتزلة وكثير من اهل السنة. فان الاصل في القضية هنا هو ناشئ عن يتبناه المعتزلة وهو سيأتي بعد قليل يشترطون في الامر الارادة ارادة الطلب فاذا كانوا يشترطون في الامر ارادة دلالته فمن باب اولى الا يشترطون شيئا في دلالة النهي عن ضده هم في دلالة الامر التي يتضمنها الامر صراحة وهي الطلب يقول ما يدل على الطلب الا بارادة فمن باب اولى انهم لا يفعلونها لا يفعلون هذا في دلالة الامر عن النهي عن ضده. فالمعتزلة يرون ان الامر لا يدل على النهي عن ظده لفظا ولا معنى. ووافقهم كما قال هنا كثير من اهل السنة. وقصد بذلك الاشاعرة فانهم ينتسبون الى مذهب اهل السنة في مقابل المعتزلة وهذا اصطلاح دارج. فان كمن سميت لك امام الحرمين الامام الجويني والغزالي وابن الحاجب يرون هذا الرأي ان الامر بالشيء لا يدل على النهي عن ضده لفظا ولا معنى وهذه المسألة التي هي اصل عقدي سيأتي الكلام ايضا الى طرفها المتعلق بالكلام النفسي بعد قليل هي تفريع عن ذلك الاصل العقلي المذهب الثالث الذي طوى المصنف ذكره واورده الشراح نقلا عما تضمنته كتب الاصول التفريق التفريق بين النهي عن ضده المفوت للمقصود وغيره. رجحه بعض الحنفية كالبزدوي والصرخي وتابعهم متأخر الحنفية ان الامر بالشيء نهي عن ضده المفوت للمقصود نهي عن ضده المفوت للمقصود. فان لم يكن ضده مفوتا للمقصود فيكون الامر محمولا على اكراهة الضد وليس على التحريم فيجعلون الضابط فيه تفويت المقصود من تحصيل المأمور به. فان ترتب عليه التفويت فيكون الضد حراما والا كان فهذه جملة ثلاثة مذاهب طوى المصنف فيها الخلاف فقال خلافا لجمهور المعتزلة وكثير من اهل السنة فانه كما قلت لك ان الامر بالشيء ليس نهيا عن ضده لفظا ولا معنى. هذا الخلاف الاصولي هنا الامر بالشيء يدل على الوجوب. اليس كذلك ها طيب ومن لوازم هذا الوجوب ترك جميع اضضاده من لوازمه. والدال على الشيء دال على لوازمه تبعا له نحن نقول الامر يدل على الوجوب. من لوازم الوجوب ترك جميع ما يخالفه ما يضاده والدال على الشيء يدل عليه وعلى لوازمه. فلهذا قلنا الامر بالشيء دال على النهي عن اضضاده لزوما. لان الدلالة على الشيء كما قلنا دلالة عليه وعلى لازمه. فلذلك قالوا دل بالالتزام على ترك جميع الاضداد لما يقول جمهور المعتزلة كثير من الشاعرة كما اشار المصنف ان الامر بالشيء ليس نهيا عن ضده لفظا ولا اعلى يعودون الى اصلهم ان الامر بالشيء قد يكون غافلا عن ظده. قلت لك هم يشترطون ارادة المأمور فمن باب اولى ان يشترطوا ارادة ترك ضد المأمور. قالوا فقد يكون غافلا يعني ربما قال لك القائل اجلس ولم يخطر بباله لا تقم ولا تقعد انما قال لك اجلس طلبا لاكرامك ولم يخطر بباله الا تقف او لا تنصرف ما اراد شيئا من هذا فكيف يكون الغافل عن الشيء او ينسب الى الغافل؟ ارادة معنى هو غافل عنه قالوا قد يكون غافلا فلا يكون منهيا. الجواب ان هذا القصد الذي نقول فيه ان يقصد الامر ترك ضد المأمور به هذا القصد هو في الدلالة باللفظ. وحديثنا عن دلالة اللفظ هم يتكلمون عن الامر قد يكون غافلا صح نقول لهم لا بأس انتم تتكلمون عن الامر وقصده في الامر اذا تلفظ به سيكون من نوع الدلالة باللفظ. ومر بكم التفريق بين دلالة اللفظ والدلالة باللفظ دلالة دلالة اللفظ صفة لللفظ نفسه. والدلالة باللفظ صفة لللافظ. نحن نتكلم عن دلالة الامر دلالة لفظ وانتم تقولون الغافل الامر قد يكون غافلا. فتكلمتم عن دلالة باللفظ ولم يكن استدلالهم في محل النزاع. فلهذا ما سلموا لهم بهذا الاحتجاج هذا الخلاف كما اسلفت لك وفيه ثلاثة مذاهب هو ما يتعلق كما يقول الاشاعرة بالكلام تاني الذي هو الالفاظ الواردة في الكتاب والسنة وكيف يتعامل معها اما الكلام النفساني عند من يثبته وهم جمهور الاشاعرة والماتوريدية والكلابية ونحوهم فانهم ايضا تكلموا عن القضية لان المعنى القائم بالنفس وفيه امر ونهي هل يقال فيه كذلك ان الامر بالشيء نهي عن ضده يوردون هناك ثلاثة اقوال هذا على قول لمن يثبت الكلام النفسي ان الامر بالشيء هو عين النهي عن ضده. فقوله افعل هو في معناه الصريح لا تفعل ضده وهذا غلو عند غلاة الاشاعرة الذين يجعلون الامر بالشيء نهيا عن ضده او عين النهي عن ضده من حيث اللفظ فان العرب ما تكلمت بهذا ولا اوردته. المذهب الثاني عندهم ان الامر بالشيء نهي عن ظده من حيث المعنى لا من حيث الفهم والمذهب السادس انه ليس نهيا عن ضده لفظا ولا معنى. وبعض الاصوليين اورد هذه الثلاثة الاقوال في مطلق مسألة الامر بالشيء نهي عن ضده. والصواب ان تلك الاقوال الثلاثة التي هي طرفان ووسط. الامر بالشيء عين النهي عن ضده الامر بالشيء ليس نهيا عن ضده لفظا ولا معنى. والقول الوسط الامر بالشيء نهو عن ضده من حيث المعنى. لا من حيث اللفظ فهذا مذهب وسط يفصل يوردونه في التفصيل هناك في الكلام النفسي عند من يثبته والا فمسألة الاستدلال بالالفاظ في النصوص الشرعية التي وردت بها الاوامر على النهي عن اضدادها انما تأتي على هذا الخلاف الوارد في كلام المصنف هنا فجمهور واصحاب الائمة الاربعة المذاهب الاربعة يثبتون الاستدلال بالامر بالشيء على النهي عن ضده من حيث المعنى ويخرجون على ذلك صورا كثيرة من فروع الفقه فتراهم مثلا يقولون ان النهي عن بعض المحرمات هي امر آآ او ان الامر بالشيء من الواجبات هو تحريم او نهي عن اضدادها. فمثلا امره بالجهاد هو تحريم عن الفرار يوم زحف امره ببر الوالدين هو تحريم للعقوق امره بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم هو نهي عن مخالفة ومشاقة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. الامر بالمحافظة على الصلاة وادائها هو نهي عن تركها والتهاون فيها. وهكذا ستقول في سائر الواجبات الشرعية لما جاء الامر بها كان متظمنا للنهي وكذلك يقال في العكس وسيأتينا ان شاء الله يا ايها الذين امنوا اذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار. جاء بالنهي والمعنى الامر بالثبات عند اللقاء قال عليه الصلاة والسلام اعفوا اعفوا اللحى حفوا الشوارب واعفوا اللحى. الامر باعفاء اللحى نهي عن حلقه فترى الفقيه لما يقول يحرم حلق اللحية او يكره على الخلاف الذي بينهم. من اين جاءوا بتحريم او بكراهة؟ وليس في اللفظ نهي ما في لفظ في السنة فيما اعلم يقول لا تحلقوا الالفاظ النبوية وقد اورد النووي منها خمسة الفاظ على اختلاف طرق الحديث اعفوا ارخوا وفروا. كلها اوامر. فمن اين قال الفقيه يحرم او يكره من القاعدة الامر بالشيء نهي عن ضده من حيث المعنى. فالقاعدة توسع دائرة الاستدلال عند الفقهاء. في اثبات احكام قد لا يكون النص الصريح متضمنا لها وان كان متضمنا لها فسيكون من تكثير الادلة وتوسعة الاستدلال بها على الشيء من خلال القاعدة الشرعية الكبيرة الامر بالشيء نهي عن اضداد المأمور به. وقد نبه القرفي رحمه الله في شرحه ايه بقوله من محاسن العبارة في هذه المسألة ان يقال ان الامر بالشيء نهي عن جميع اظداده. والنهي عن الشيء امر باحد اضداده وان يقلن لك المثال اجلس معناها لا تتوجع لا تتحرك لا تقف لا تمشي لا تجري. لكن لو قلت لك لا تقف فما معناها اجلس او امشي او اضطجع فهو امر باحد وليس بجميع وهذا الادق في التعبير عن القاعدة بشقيها الامر بالشيء نهي عن جميع اضضاده والنهي عن الشيء امر باحد اضداده. ولهذا خطأ الطوفي كما مر بكم في شرح البلبل من استدل على وجوب النكاح بتحريم الزنا. قال فان الله قال ولا تقربوا الزنا. والنهي عن الشيء بضده اذا فالنكاح واجب قال هذا يستقيم لو كان النهي عن الشيء ليس له الا ضد واحد او كان نقيدا فيستقيم ان النهي عن الشيء امر بنقيضه اما ان كان للمنهي عنه اكثر من ضد فانه لا يكون امرا الا بواحد من اضداده. فقوله لا تقربوا الزنا تحريم للزنا لكنه له اضداد فمن اضداده النكاح ومن اضداده التسري ومن اضداده التعفف يعني عدم النكاح مع العفة فلا يلزم ان تحمله على ايجاب احد اضداده فتقول هو دليل على وجوب النكاح لهذا التفريق في القاعدة. قال رحمه الله فاذا قال له اجلس البيت فقد نهاه عن الجلوس في السوق والحمام والمسجد والطريق وجميع المواضع. واذا قال لا تجلس في البيت فقد امره بالجلوس في احد المواضيع ولم يأمره بالجلوس في كلها. نعم ولا يشترط فيه علو الامر خلافا للمعتزلة واختار الباجي من المالكية والامام فخر الدين وابو الحسين من المعتزلة الاستعلاء ولم يشترط غيرهم الاستعلاء ولا العلو والاستعلاء هيئة في نفس الامر من الترفع واظهار القهر في الامر والغلبة والعلو يرجع الى هيئة الامر من شرفه وعلو منزلته بالنسبة الى المأمور. هذه مسألة اخرى اشتراط العلو او الاستعلاء او كليهما او لا شيء منهما في الامر ويحسن ان نبدأ بما ختم به المصنف المسألة بتعريف العلو والاستعلاء. العلو صفة في الامر والاستعلاء صفة في اللفظ العلو صفة للامر للمتكلم والاستعلاء صفة لللفظ لفظ الامر ما العلو؟ ان يكون الامر اعلى رتبة من المأمور كمثل امر الله جل جلاله مع خلقه. وامر نبيه صلى الله عليه وسلم مع المكلفين امر الملك مع رعيته امر السيد مع عبده امر الوالد مع اولاده امر الاستاذ مع طلابه فهذا ماذا نسميه لا نسميه علوا هذه صفة في الامر ان يكون اعلى رتبة من المأمور فنقول علو رتبة الامر طب اما الاستعلاء فهو استفعال يعني قد لا يكون عاليا في رتبته فيريد ان يستعلي كيف باللفظ فيجعل في اللفظ ما يدل على الغلبة والقهر اذا الاستعلاء صفة في اللفظ والعلو صفة للامر اذا فهمت هذا هاك الاقوال قال مبتدأ المصنف رحمه الله بما رجحه قال ولا يشترط فيه علو الامر خلافا للمعتزلة. خذه اذا قولا للمعتزلة الاقوال ما هو يشترطون العلو في الامر. فلا يسمى الامر امرا الا اذا كان الامر اعلى رتبة من المأمور. واستدلوا لذلك بان اللغة تقتضي هذا فانه لا يصح ان يقال في الامر امر الا اذا كان اعلى رتبة من المأمور وجعلوا هذا يعني كما يقول القاضي عبد الوهاب من المالكية عبد الوهاب بن نصرة البغدادي وهو يرجح هذا القول المنسوب الى التجربة هنا يقول هذا القول الذي عليه اهل اللغة وجمهور اهل العلم ما هو لا لا يشترطون العلو ان يكون الامر اعلى رتبة من المأمور. يقول القاضي عبد الوهاب ولما نسمي اه فقهاء واصولي المالكية المتقدمين المؤثرين مهم ايضا في ترتيب الاقوال في المسألة لانه سيأتي الان اختيار الباجي ويأتي ترجيح القرافي فاذا عرفت مراتب اختيار المالكية امكنك ان تتصور المسألة عندهم داخل المذهب المالكي. قال لا يشترط فيه علو الامر خلافا للمعتزلة. وافق المعتزلة كما قلت لك القاضي عبد الوهاب من المالكية ومن الشافعية وافقهم ابو اسحاق الشيرازي وابو المظفر السمعاني صاحب قواطع الادلة. فانهم مالوا الى هذا المذهب مستندهم فيه لغوي كيف يعني؟ قالوا الست ترى اننا لا نسمي الامر امرا الا اذا كان من اعلى الى ادنى فان كان من مساو الى من مثله كان التماسا وان كان من ادنى الى اعلى كان سؤالا او دعاء يعني فلما يقول العباد وفي دعائه ربنا اغفر لنا وتب علينا هب لنا اعطنا اتنا اليست صيغة امر ولا يسمى هذا امرا في اللغة والسبب انه لا علو فيه اذا نشترط في الامر العلو وهكذا ستقول في النهي ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا ولم يقل احد ان هذه نواهي هي دعاء والسبب عدم وجود العلو فالعلو عندهم شرط في الامر وفي النهي ومن هنا تقول ان الادعية اغفر لنا وارحمنا وتب علينا وانصرنا على القوم الكافرين. كل هذا لا يسمى امرا لافتقاده العلو. فيستندون الى ماخذ اللغة ان اهل اللغة يفرقون بين الامر والسؤال والالتماس. وضابط التفريق عندهم علو المرتبة هذا قول من المعتزلة ووافقهم القاضي عبد الوهاب من المالكية وابو اسحاق الشيرازي والسمعاني من الشافعية. قول وجيه لو استقام لهم في الفاظ اللغة ونصوص الشريعة هذا الاطلاق لكننا وجدنا بعض الاستعمالات للامر لا يجدون فيها صفة العلو. فرعون قال لقومه في شأن موسى وهارون عليهما السلام فماذا تأمرون؟ يخاطب من يخاطب قومه وهل لقومه عليه امر اذا ها هنا سمي امرا وليس فيه علو رتبة قال فماذا تأمرون وهم لا يمتلكون علوا ومع هذا فلو قالوا قولا سيكون امرا بمقتضى الاية فماذا تأمرون؟ مع انه اعلى منهم رتبة ومنه ايضا قول عمرو بن العاص لمعاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما ومعاوية خليفة امرتك امرا جازما فعصيتني وهذا يريد الاصوليون شاهدا على الامر الجازم وان تركه يعد معصية صريحة. قال امرتك امرا جازما فعصيتني وكان من التوفيق قتل ابن هاشم من ابن هاشم ايوه الخطأ ليس المقصود ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهما المقصود احد بني هاشم كان قد ثار على معاوية ولما استشار عمرو بن العاص اشار عليه عمرو رضي الله عنهما بقتله لكن معاوية حلمه فاطلقه فعاد مرة اخرى وكرة ثانية فجمع عليه جيشا وقاتله فقال له عمرو منشدا امرتك امرا جازما فعصيتني وكان من التوفيق وابن هاشم موضع الشاهد يقول عمرو لمعاوية امرتك امرا جازما. وايهما الخليفة معاوية فمثل هذه الشواهد دلت على ان الامر يسمى في اللغة امرا وليس فيه وعلو رتبة اجاب المعتزلة ومن وافقهم بل لا زالت الرتبة هنا عالية فان فرعون لما قال لقومه فماذا تأمرون ومعاوية لما قال له عمرو امرتك امرا كان من باب المشورة. والمستشير يعتقد علو رتبة المستشار فتحق العلو ايضا من هذه الصفة فبقي قولهم قائما انهم يشترطون العلو. ومن هنا ترجح القول عند من اختاره كالقاضي عبدالوهاب ومن سميت لك ممن وافقهم قال رحمه الله في ثاني اقوال الاصوليين في المسألة. اذا الشرط القول الاول اشتراط العلو المعتزلة وعبد الوهاب والسمعاني القول الثاني قال اختار الباجي من المالكية والامام فخر الدين يعني الرازي من الشافعية صاحب المحصول وابو حسين البصري من المعتزلة الاستعلاء نص على الرازي باعتباره اصله في الكتاب والا فغيره من الشافعية يقول كذلك به ونص على ابي الحسين لانه معتزلي وجمهور المعتزلة عن القول الاول اشتراط العلو فاراد ان يبين لك ان من المعتزلات لمن يقول بالقول الثاني ونص على البهجي لانه مالكي. وقد آآ اراد ان المصنف ان يبين اصول مذهب ما لك واصحابه قال واختار الباجي من المالكية وممن قال به ايضا ابن الحاجب وهو مالك ايضا فانه رجح اشتراط الاستعلاء اختاروا هذا القول وقد علمت ان معنى الاستعلاء ما هو؟ صفة في الله في اللفظ تحمل معنى القهر والغلبة. قالوا لان اعلاء يأتي بمعنى القهر والغلبة لما قال آآ وقد افلح اليوم من استعلى. ايش يعني من استعلى يعني من غلب وقهر فالاستعلاء ما هو؟ هو طلب العلو بالغلبة والقهر فاذا يقولون الاستعلاء يقولون لان من قال افعل اتى بصيغة الامر على جهة التضرع لا يقال له امر ولا يسمى لفظه امرا ولو كان اعلى رتبة لكن من قالها استعلاء كيف يقولها استعلاء؟ يقولها بصيغة افعل. يوجه فيها امرا ولو كان ادنى رتبة يقال له امر ولهذا يحسن ان يقال للتلميذ مثلا اذا تجاوز حد الادب مع استاذه او العبد مع سيده او الولد مع ابيه توجه صيغة فيها امر ان يقبح قوله. ما وجه التقبيح في العرف انه امر ان لفظه احتمل معنى الامر وليس من علو رتبته بل من استعلائه فيقولون انظر كيف تحولت الصيغة ليست بلفظها. وفي المقابل لو كان الامر اعلى رتبة فوجه الخطاب او اللفظ بصيغة لا تحمل الاستعلاء فلن يسمى امرا. ورد ذلك بان القرآن من الاوامر الشرعية ما فيها لين الخطاب من غير استعلاء وهي اوامر مثل قوله فاتقوا الله ما استطعتم فيها من التخفيف على العباد والتيسير عليهم ما لا يحملوا الاستعلاء. وامثلته كثيرة في النصوص الشرعية فدل على ان اشتراط الاستعلاء ايضا ليس مضطردا. قال المصنف رحمه الله ولم يشترط غيرهم الاستعلاء ولا العلو ويعني غير من سمى من اصحاب القولين الاولين وهذا القول نسبه الرازي في المحصول الى الشافعية وهو بعظ قول بعض الاشاعرة اختاره ايضا البيضاوي في مختصره وابن السبكي وشراح المنهاج عموما كالاسناوي اه لم يشترطوا علوا ولا استعلاء. ودليل هذا هو ما اورد على القولين الاولين من الامثلة والشواهد. فمن قال العلو شرط اورد عليه من الالفاظ والشواهد والامثلة ما سمي به الامر امرا من غير علو. ومن اشترط الاستعلاء عليه من الشواهد والامثلة ما سمي به الامر امرا وليس فيه استعلاء. فقالوا اذا لا يشترط علو ولا استعلاء وكما قلت لك ترجيح وشراحه كابن السبكي والاسناوي ما للقرافي في شرحه الى هذا القول اي قول انه لا يشترط علو ولا استعلاء. طيب ارجع بي الى الفصل السادس من الباب الاول في الاصطلاحات. افتحه الان الباب الاول الفصل السادس في تعريف الامر صفحة مئة وثلاثة وعشرين قال والامر هو اللفظ الموضوع لطلب الفعل طلبا جازما ها على سبيل الاستعلاء فقد رجح هناك او اختار هناك او مال الى ان الاستعلاء شرط على طريقة لا المعتزلة علو على طريقة الباجي من المالكي وابن الحاجب لكن هنا رحمه الله في شرحه رجح ومال الى هذا القول وهو انه لا يشترط فيه علو ولا استعلاء. ثم شرح والعلو بقوله هيئة في نفس الامر من الترفع واظهار القهر في الامر والغلبة. وهذا مثل قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبه فتنة او يصيبهم عذاب اليم. هذا استعلاء والعلو يرجع الى هيئة الامر من شرفه وعلو منزلته بالنسبة الى المأمور وهو كما قلنا ان يكون الامر اعلى رتبة من المأمور نعم ولا يشترط فيه ارادة المأمور به ولا ارادة الطلب خلافا لابي علي وابي هاشم من المعتزلة لنا انها معنى خفي يتوقف العلم به على اللفظ. فلو توقف اللفظ عليها لزم الدور هذه اخر المسائل في هذا الفصل الاول من الباب الرابع. اشتراط الارادة. ارادة المأمور وارادة الطلب هذه المسألة ايضا مسألة عقدية بحتة ما كان لها موضع في هذا السياق ولا وجه الى الاتيان بها في كتب الاصول. وهي حلقة من حلقات النزاع بين المعتزلة والاشاعرة في ساحة علم العقيدة. جر كغيرها من المسائل الى ساحة علم الاصول. وطال فيها الخوظ والصول والجور واظهار كل مذهب حجته والانتصار لقوله على حساب المذهب الاخر ولا علاقة للمسألة ولا اثر لها في ساحة الفقه فما لا يعد مؤثرا في الفقه ليس اصلا من اصوله كما صرح الشاطبي رحمه الله في مقدماته في الموافقات. لكن مقصود المصنف ايضا ايراد ما اورده والاصوليون وتتابعوا عليه فان المعتزلة تقول بين الامر والارادة صلة وتلازم فلا امر الا بارادة ولا يسمى الامر امرا الا بثلاثة ايرادات. ارادة المتكلم وارادة الفعل وارادة الدلالة باللفظ. وبعضهم توسعوا ايضا في تعداد الايرادات يقولون الا ترى ان المتكلم ان النائم يتكلم وهو نائم وربما قال مخاطبا ابنه في النوم في الحلم او زوجته اسقني ماء اعطني كذا افعل كذا ولا يعد هذا امر امرا ولن يمتثل ابنه الذي يسمع كلامه وهو نائم ولا زوجته فلا يسمى هذا امرا. قالوا الا ترى مع ان اللفظ لفظ امر والصيغة صيغة امر ما عدت امرا لافتقارها الارادة فيقولون او اورد القرافي هنا رحمه الله ارادتين ارادة المأمور به وارادة الطلب. ارادة الطلب يعني ان يريد استعمال لفظ الامر للوجوب فاذا لم يرد استعمالها لن تكون للوجوب قال الا ترى ان الامر يحتمل معاني كثيرة؟ اوصل بعضهم الى عشرين معنى الوجوب الندب الاباحة التهديد التسخير التكوين وامثلة كثيرة جدا في معاني الاباحة ولها شواهد في القرآن. قالوا فاذا لم يرد المتكلم من امره او لفظه معنى الطلب الجازم لن يكون امرا. فيقولون اذا من اشتراطه ان يكون مريدا للطلب هذا قول المعتزلة ولهذا قال خلافا لابي علي وابي هاشم من المعتزلة فان الارادة شرط عندهم وبين الامر والارادة ملازمة لا تنفك عنها فلهذا قرروا هذا الاصل ان الامر ملازم للارادة. فاذا غابت الارادة او فقدت لا يبقى الامر امرا ولن يحمل شيئا من احكامه لا دلالته ولا حكمه ولا شيء مما يترتب على الامر باعتباره امرا قال رحمه الله هنا لا يشترط فيه يعني في الامر ارادة المأمور به ولا ارادة الطلب قرر القرفي هنا طريقة الاشاعرة التي تخالف طريقة المعتزلة باطلاق فيجعلون الامر منفكا عن الارادة تماما فيقولون لا علاقة للامر بالارادة فانه يأمر وقد لا يكون مريدا لما يأمر به. فيقولون وفي آآ في الشريعة يأمر الله بما ايد في حق الطائع ويأمر بما لا يريد في حق العاصي امر ابا لهب بالايمان ولم يرد منه الايمان ليش يقولون ما اراد منه الايمان؟ يقول لانه لو قلت انه لم يرد منه الكفر فكان كفر ابي لهب مخالف فن لارادة الله وامر ابليس بالسجود ولم يرد منه السجود. لانه لو سجد لكان واقعا بخلاف ما اراد الله لو اراده لوقع لو اراد الله من ابليس ان يسجد لوقع منه السجود كل هذا التقرير الذي تراه يعني متشابكا في تقرير لا يسلم من اشكال هو بسبب خلطه بين الامر والارادة وربطهما اثباتا او نفيا فربطت المعتزلة بين الامر والارادة اثباتا. وفرقت شاعرة بينهما نفيا فلو جاء السؤال المشكل عندهم على هذا التقرير هل اراد الله من ابي لهب ان يؤمن وهو القائل في القرآن تبت يدا ابي لهب؟ وتب ثم يقول سيصلى نارا ذات لهب وتقرأ السورة وهو حي وتنزل السورة وهو على قيد الحياة. فما تبقى من عمر ابي لهب وهو يسمع الوحي والنذارة والبشارة والدعوة الى الاسلام. فما الذي كان مطلوبا منه ما الذي كان مرادا من ابي لهب؟ ان قلت انه اريد منه الايمان او كان مأمورا بالايمان فمعنى مأمور بالايمان ان الله اراد منه الايمان. فاما ان تقول ان الله اراد منه الايمان اراد ابو لهب الكفر فغلبت ارادته ارادة الله وهذا قول باطل واما ان تقول ان الله ما اراد منه الايمان فوقع مراد الله فيأتي سؤال المعتزل فكيف يعذبه الله على امر لم يريده له سبحانه فاين العدل الالهي فهذا الاشكال العقدي اورث هذا التقرير فافضى بالمعتزلة الى اشتراط الارادة في الامر وبالاشاعرة الى نفيه بالكلية. والصواب الذي تقرر في كلام المحققين من اهل السنة في التفصيل بين الامر والارادة على التقسيم المعروف في كتب العقائد ان الارادة عندما يأتي السؤال عنها انما هي ارادتان كونية قدرية وشرعية. فالكونية هي التي لا يخرج عنها شيء ويكون المراد بالارادة في الكونية علم الله المطلق الذي لا يتخلف عنه شيء معلوم. فهل اراد الله من ابي لهب ليؤمن نقول نعم ارادة كونية بمعنى علم منه سبحانه ما سيكون منه. واما ارادة شرعية امره الله ان يؤمن اما ارادة كونية فعلم الله انه لن يكون منه ذلك. ولن يقع منه ومن اي مخلوق خلقه الله شيء سوى ما سبق في علم الله انه يكون فهذا التقرير هنا هو على طريقة المزج بين الامر والارادة. فقالت المعتزلة يشترط في الامر ارادة المأمور به. يعني ارادة حصوله وان يقع والا لا يكون امرا واشترطوا ايضا ارادة الطلب كما قلت لك ان يريد المتكلم استعمال لفظ الامر للوجوب والا لن يكون امرا لتعدد دلالات لفظة على معانيها التي تبلغ العشرين ونحوها. فهذا الذي حملهم على القول بالاشتراط. وقال المصنف لا يشترط استدل المصنف بدليل عقلي لطيف. يقول الكلام على الارادة من حيث اشتراطها في الامر اشتراط لامر خفي فان الارادة قصد والقصد امر باطن يتعلق بالمتكلم معنى خفي يتوقف العلم به على اللفظ تلفظ بحثنا ان كان لفظه مشتملا على ارادة او عدم مشتمل عليها. فاذا كانت الارادة امرا فيا متوقف علمها على اللفظ ثم انت تقول ان اللفظ نشترط فيه الارادة لزم الدور فانت تجعل اللفظ على الارادة ونحن نقول الارادة لا تعرف الا باللفظ فيلزم الدور فيكون هذا مطالبة او آآ استلزام لامر يقع به الدور وهو عند الاصوليين يفضي الى بطلان القول طالما ترتب على هذا النحو. نعم الفصل الثاني اذا ورد بعد الحظر اقتضى الوجوب عند الباجي ومتقدم اصحاب مالك واصحاب الشافعي والامام فخر الدين خلافا لبعض اصحابنا واصحاب الشافعي في قولهم بالاباحة لقوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا. بعد قوله لا تقتلوا الصيد وانتم حرم. لان الاصل استعمال الصيغة في مسماها الامر الوارد بعد حظر. المسألة الاصولية المشهورة. والمراد بها ان نهيا يكون في الشريعة يعقبه امر بعد تقدم النهي عن الشيء ذاته. فمثلا نهى الله عز وجل عن البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة. يا ايها الذين منو اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع فهذا نهي عن البيع ثم قال فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله هذا امر ابتغوا من فضل الله يعني بطلب البيع والشراء. فهذا امر بعد نهي وكذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن النظر الى المرأة الاجنبية وامره بذلك للخاطب في حديث المغيرة ابن شعبة لما خطب امرأة من الانصار قال اذهب فانظر اليها فان في اعين الانصار شيئا كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فانها تذكركم الاخرة فنهي سابق يعقبه امر. فالصورة اذا في المسألة امر تقدمه حظر او نهي سابق عن الشيء السؤال هو هل سيبقى الامر على دلالته في الاصل من حيث الوجوب؟ عند من يقول بالوجوب او الاستحباب عند من يقول بالاستحباب ولا يكون للحظر او النهي السابق تأثير في الدلالة هذا اتجاه ومذهب وقول الاتجاه الثاني يرى ان الحظر المتقدم يؤثر في دلالة الامر فلا يجعله محمولا على الوجوب بل على اباحته ان ليس فيها الا رفع مقتضى الحظر السابق وتشبيها لذلك في التعامل والاستعمال اللغوي لو انك قلت لابنك الصغير او تلميذك على سبيل النهي لن تخرج من الفصل او من البيت او من الحجرة واردت الزامه باتمام درسه وحفظ ما طلبته منه فقلت له لا تخرج نهيته. ثم جئته بعد مدة اما لانه اتم المطلوب او شفقة منك عليه فقلت له اخرج قولك له الان اخرج وهي صيغة امر هل هي الزام له بان يفعل والا عاقبته؟ ام انت تريد اشعاره بان المنع السابق قد ازيل لا غير طيب هذا التقرير في الاستعمال اللغوي واثره هو المنسحب على خلاف النصوص الشرعية. فان القرآن نزل بلغة العرب والشريعة والفاظها جاءت على منحى اساليب العرب في الاستعمال فهل لهذا اثر؟ اورد المصنف ها هنا قولين الوجوب والاباحة واقتصر عليهما وهي في كتب الاصول تبلغ نحوا من ستة او سبعة اقوال القول الاول بالوجوب ونسبه المصنف الى الباجي من المالكية ومتقدمي اصحاب ما لك قوله متقدم اصحاب مالك على اعتبار ان الباجي معدود في متأخريهم في القرن الخامس ومتقدم اصحاب مالك من كان قبل ذلك واصحاب في علم والامام فخر الدين. هذا قول المعتزلة ايضا وقول الحنفية كما مر بكم في درس المنار ان الامر بعد الحظر يبقى على وجوبه وان الحظر السابق لا اثر له. تقرير المعتزلة والحنفية ويعتمدون في ذلك على اصل دلالة افعل في اللغة تدل على الطلب والطلب يبقى على مقتضاه في الوجوب والالزام هو اختيار ايضا ابي الحسين البصري والبيضاوي من الشافعية قال خلافا لبعض اصحابنا من المالكية يعني من المتأخرين واصحاب الشافعي وقصد بهم بعض مشاهير مذهب بالامام مالك والمراد به ابو الفرج وابن الحاجب وابن خويز من داد وغيرهم. وايضا هو مذهب الشافعي احمد الاباحة الامر بعد الحظر يقتضي الاباحة وهو ايضا ظاهر الرواية عند الحنابلة في المذهب مع وجود رواية الوجوب رواية اخرى مال هؤلاء الى ان الامر بعد الحظ يقتضي الاباحة لاكثر من دليل تشهرها ما اشرت به اليك قبل قليل في الاستعمال اللغوي. وان العربية اذا تكلم بامر بعد حظر فانما اريد بالامر رفع الحظر واباحة الفعل الذي كان محظورا لا غير واستدلوا ايضا بغلبة استعمال هذا في عرف الشارع فان الامر بعد الحظر جاء كثيرا في القرآن وفي السنة صحيح ان بعضه حمل على الاباحة وبعضه على غير ذلك لكن الاكثر كان على الإباحة قال لقوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا بعد قوله لا تقتلوا الصيد وانتم حرم طيب لا تقتلوا الصيد وانتم حرم هذا اهين عن ماذا عن الصيد حال الاحرام لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ثم قال واذا حللتم فاصطادوا. طيب الامر بالاصطياد والصيغة صيغة طلب فاصطادوا هل قال احد ان من واجبات الاحرام بعد التحلل؟ الحلق او التقصير والاصطياد. ما قال احد من الفقهاء انه من واجبات الاحرام بعد التحلل مع صريح الامر به فما الذي صرف هذا الامر عن دلالته ومقتضاه قالوا تقدم الحظر السابق. قول المصنف لقوله يعني ليس اقتصارا على هذا الدليل. انما اراد لغلبة وروده في الشريعة في مثل قوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا ومثل فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله بعد قوله وذروا البيع في مثل قوله تعالى فاذا تطهرنا فاتوهن والصيغة امر بعد قوله قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن وهكذا ستجد امثلة كثيرة تدل على ان الغالب في نصوص الشريعة ان الامر بعد الحظر يحمل على الاباحة. قال لان قوله لان هنا ليست تتمة لتعليل القائلين بالاباحة بل هو ترجيح للقول الاول واستدلال له ان الامر يبقى على الوجوب. قال خلافا لبعض اصحابنا واصحاب في قولهم بالاباحة لقوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا بعد قوله لا تقتلوا الصيد وانتم حرم لان يعني انما كان قولنا بالوجوب خلافا لهؤلاء بدليلهم لان الاصل استعمال الصيغة في مسماها والصيغة صيغة امر فما مسماها الوجوب او مدلولها كما تقدم في الدرس السابق. اذا نظروا الى ابقاء دلالة الامر على اصله وهو الوجوب وتقرر وهذا في كلام الرازي رحمه الله في المحصول وكلام الحنفية ايضا فانهم يقررون هذا المذهب في الوجوب ويستطردون في تقرير الوجوب في هذا الباب بقي من المذاهب غير الوجوب وغير الاباحة وهما اشهر القولين في هذه المسألة لكن مع وجود غيرهما بقي منها المذاهب التي يذكرها والاصوليون في غير هذا انه من انه يقتضي الوجوب كما لو لم يتقدمه حظر. القول الثاني الثالث انه على الاستحباب فهو قول ثالث لا وجوب ولا اباحة. وذكره ايضا بعض الشافعية في ذكر الخلاف في المسألة القول الخامس ان حكمه ما حكم ما كان قبل الحظر فان كان قبل الحظر على الاباحة رجع الى الاباحة وان كان مستحبا فكذلك وان كان واجبا فكذلك. هذا القول هو تقرير بعض الاصوليين وترجيح مثل شيخ الاسلام ابن تيمية وهو كما يقول شيخ الاسلام هو المعروف عن المتقدمين وسلف الامة في تقرير هذا وهو ايضا في معنى كلام المزني من اصحاب الشافعية فقال في مثل النصوص التي ذكرنا انما رجعت الى الاباحة فلانة الاصل قبل الحظر يعني ما حكم البيع قبل النهي عنه بعد النداء الثاني يوم الجمعة فرجع الى الاباحة ما حكم الاصطياد قبل ان يكون محظورا حال الاحرام الاباحة فرجع الى الاباحة لكنك لما تأتي الى شيء من الواجبات الشرعية فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين. وقد امر الله عز وجل بالهدى هدنة التي سبقت في صدر السورة والكف عن القتال فكان حظرا ثم قال فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين الامر بالقتال بعد النهي والحظر لا يحمل على الاباحة بل تعيده الى ما كان عليه الحكم قبل الحظر وهو مشروعية الوجوب فيه فعاد الى الوجوب. يقولون ان هذا القول هو الذي تستقيم به الادلة ويجمع به مواضع الامر بعد الحظر في نصوص الكتاب والسنة وتبقى هكذا سليمة مؤدية لدلالتها ومعناها واطال من اقرر هذا القول كشيخ الاسلام ابن تيمية وبعض تلاميذه كابن القيم وابن كثير في تقرير هذا الاصل وهو منقول ايضا عن بعض الشافعية كالمزني وغيرها القول الخامس ايضا في المسألة او السادس ان كان بعد الحظر امر صريح بلفظه مثل قوله امرتكم بك كذا يقتضي الوجوب. بخلاف صيغة افعل. هذا القول يفرق بين ان تكون الصيغة افعل. وبين ان يقول امرتكم فان صيغة الامر بصريح لفظه تختلف في الدلالة. افعل ترفع الحظر اما امرتكم فتحمل على الوجوب فجمعت بين القولين المذكورين هنا في كلام المصنف ورجح هذا آآ ابو محمد المقدسي صاحب الموفق صاحب الروضة وهو ايضا ابي البركات المجد ابن تيمية وذكره شيخ الاسلام ابن تيمية ايضا كلاما يحمل عليه تصرف الامام القاضي ابي يعلى القول السادس في المسألة قول القاضي ابي بكر الباقلاني. وهو قول لطيف في تفصيله. يقول فرق بين الامر بعد الحظر بتفصيل ان الحظر السابق على الامر ان كان حظرا ابتدائيا لا لعلة عارضة فالامر كالامر المبتدأ الذي لم يسبقه حظر وان كان الحظر لعلة عارظة بعد تقدم اطلاقه واباحته فيحمل الامر على الاذن ورفع الحظ. يقول ان كان الحظر فالامر بعده فقط لرفع الحظر وان كان الحظر السابق ابتدائيا لم يسبقه شيء من اجله طرأ التحريم فيكون الامر امرا ابتدائيا كذلك فيحمل على الوجوب وقول سابع بالتوقف فبعض الاصوليين لم يرجح شيئا في المسألة اردت بذكر هذا الخلاف والاقوال في المسألة ان تعرف ان القضية لا تحمل على التصور القاصر وان المسألة ذات قولين اما وجوب واما اباح وتعدد المذاهب فيها والاقوال من باب دقة المسألة واثرها فمثلا من يقول ان الامر بعد الحظر يقتضي الاباحة يطرد اصله يقتضي الاباحة يطرد اصله. فربما اشكلت بعض المسائل مثل قوله صلى الله عليه وسلم اذهب فانظر اليها. هذا امر بعد حظر وهم يقررون فقها ان النظر الى المخطوبة حال الخطبة مستحب وليس مباحا فكيف يقولون فقها مستحب وهم اصوليا يقولون الامر بعد الحظر يقتضي الاباحة فلا بد من جواب فيلتفتون الى موجب ابن للاستحباب غير الصيغة وهو مثلا تحقيق مقصود للشارع او علة كمثل زيارة المقابر وينصون على استحبابها. طيب كنت نهيتكم هذا تقدم نهي صريح فزوروها جاء امرا بعد حظ. فعلى الاصل في القاعدة ان نقول زيارة المقابر مباحة. لكن قالوا لما اقترن بعلة فانها تذكر الاخرة كانت العلة هي الموجبة للاستحباب وليس الامر بصيغته بعد الحظر ومن يقول الامر بعد الحظر يقتضي الاستحباب مطلقا؟ او يقتضي الوجوب مطلقا فيطرد اصله فاذا جاء لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون. ثم جاء الامر فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون هذا اذا كان بصيغة الامر فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله من الفقهاء من يقول ان هذا الامر على بابه وبعض فقهاء السلف كان يرى الاستحباب ويفتي به وانه اذا انصرف من صلاة الجمعة استحب له ان ينزل السوق ويشتري امتثالا لقول الله تعالى انتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله. تريد ان تقف على هذا الخلاف الذي ترى فيه اثر الاصوليين في تقريرهم للمسألة وهو امثلة متعددة في مثل قوله تعالى من النصوص التي مر بك ذكرها ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في ادخار لحوم الاضاحي كنت نهيتكم من اجل الدافة فكلوا وتصدقوا وادخروا. نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ادخار لحوم الاضاحي اكثر من ثلاثة ايام والمأمور هنا يقتضي الا يبقي احد من اللحم في يده شيئا بعد ثلاثة ايام. وهو ايجاب للتصدق ثم قال بعدها كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الاضاحي فوق ثلاث. كنت نهيتكم ثم قال فكلوا وتصدقوا وادخروا فامر فهذا الامر لرفع الحظر السابق وصرح فقال كنت نهيتكم من اجل الدافة. والمقصود به قوم من الاعراف ان الاعراب دفوا او دفت بهم القافلة الى المدينة اتوا ذات سنة على شدة وجوع وحاجة. فامر النبي عليه الصلاة والسلام في لمواساتهم الا يبقي احد اه من ذوي الاضاحي شيئا من اجل مواساتهم. اه اتيانهم بما هذه اللحوم من اطعامهم من جوع قبل ان نتجاوز المسألة اشير فقط الى آآ تنبيه ذكره بعض الشراح في قوله تعالى لا تقتلوا الصيد وانتم حرم المثال الذي اورده دليلا او شاهدا لمن يقول ان الامر بعد الحظر يقتضي الاباحة قال لقوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا بعد قوله ها لا تقتلوا الصيد وانتم حرم بعد قوله هل هي بعدية التلاوة في السورة؟ ام بعدية النزول اجب بعدية التلاوة واذا حللتم فاصطادوا بعد لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ليست بعده التلاوة فماذا بقي؟ بعدية نزول ولا دليل عليها يعني اثبت لي ان هذه الاية نزلت بعد تلك يعني يريد ان يقول لا يستقيم هذا شاهدا صحيحا لمسألتنا. ما مسألتنا؟ الامر اذا ورد بعد فانت تقول لي واذا حللتم فاصطادوا بعد قوله لا تقتلوا الصيد وانتم حرم. لا تقتلوا الصيد وانتم حرم في اول اية في سورة المائدة وفي ايضا في جزء من الاية الخامسة والتسعين. واذا حللتم فاصطادوا جاء متقدما في الاية الثانية فكيف تقول بعد قوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا هو الامر يقول بعد وهي في بداية سورة المائدة وقوله لا تقتلوا الصيد وانتم حرم جاء في اواخرها فاذا قلت لي هي بعدها في النزول فما الدليل ما الدليل على ان هذه الاية في اول السورة لا تقتل الصيد وانتم حرم انها نزلت بعد قوله تعالى انه واذا حللتم نزلت بعد قولي لا تقتلوا الصيد هذا مناقشة في الاية وقال بعضهم بل الاية لا تصلح مثالا لمسألتنا من بابها لان المعنى كالتالي لا تقتل الصيد وانتم حرم. قالوا المراد به معناه لا لفظه لفظه نهي عن الصيد قال لكن المعنى اشارة الى الاية التي قبل قوله واذا حللتم فاصطادوا وهي اول اية في المائدة يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم غير محل للصيد وانتم حرم. فقوله غير محل الصيد وانتم حرم لا تقتلوا الصيد وانتم حرم من باب ذكر المعنى او ذكر الحكم بالمعنى فليس هنا نهي اصلا عن الصيد حتى تقول جاء امر بعد حظر لكنه في معنى لا تستحل الصيد. واذا حللتم فاصطادوا فيكون ليس واردا على صورة المسألة هذا الايراد والمناقشة للدليل لتجد ان كثيرا من الامثلة التي تقال تخرجها عن القاعدة قد يكون فيها نقاش في تقريرها على اصل مسألة ثم تنزيله على الخلاف الوارد فيها على كل حال الامثلة في هذا الباب فقها وتخريج الفروع عليها ايضا مسائل متعددة مر بكم طرف من الخلاف في وبه تم الفصل الثاني من فصول الباب الرابع في الاوامر نقف عنده لنشرع المجلس المقبل من الفصل الثالث ان شاء الله تعالى اسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والهدى والرشاد والعلم النافع والعمل الصالح والله تعالى اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين يقول هل يمكن ان يكون الامر بالشيء نهيا عما كان متلبسا به المأمور قبل الامر لانه قد يأمره الامر وهو لا يتذكر اضداده الاخرى مع انه بدلالة التزام يلزمه تركها لا هذا اولا قول لم يقل به احد وثانية ثانيا يعني هو حاصر للمسألة في صورة ضيقة جدا ان يكون نهيا عما كان متلبسا به المأمور ليس بالضرورة فقد لا يكون متلبسا بشيء من اضداده في الوقت نفسه المسألة هنا في تقرير المعنى على الاصل ولا علاقة لها بالحال التي يتلبس بها المأمور قبل توجيه الامر اليه يقول ما العلاقة بين قاعدة الامر بالشيء نهي عن ضده وبين مفهوم المخالفة بانواعه الفوارق من جهات شتى اهمها ان مفهوم المخالفة لا يختص بصيغة من الصيغ التي يتعلق بها استنباط مفهوم المخالفة. بل هي بادوات تأتي مصاحبة في اللفظ شرطا او صفة او عددا ونحوها من قيود او انواع مفاهيم المخالفة خلاف دلالة الامر بالنهي عن ضده فانها منحصرة في صيغة الامر خاصة. والامر الثاني او الناحية الثانية من الفوارق ان الخلاف في دلالة الامر من حيث النهي عن ضده دائر في خلافه بين الاصوليين كما سمعت ان هنا التزاما دلالة معنوية او الا يكون اصلا او ان يكون دلالة لفظية. واما الخلاف في مفهوم المخالفة فهو من حيث المعنى عناء ولم يقل احد ان اللفظ يدل عليه. ولذلك فانهم يجعلون دلالة المخالفة هو من مفاهيم اللفظ والمفهوم معنى وليس منطوقا يقول هل اضداد الامر تتساوى في النهي رغم ما يكون بينها من تفاوت غير مقابلة الامر من جميع الوجوه او غير مقابلة الامر من فهل حينها تكون جميع اعداد الامرياء على وجه متساو في النهي السؤال الاهم يعني نحن نقول الامر بالشيء نهي عن ضده. فاذا قلت هو نهي عنها وكانت اكثر من ضد. ما المقصود بالتساوي في الوجوه لن يقول نهي كراهة ونهي تحريم. لا هو النهي للتحريم او المنع مطلقا. وهذا يتساوى فيه اضداد المأمور به. ولم يكون احد اوجه الضد التي تخالف المأمور باولى من غيرها الا بقرينة. قرينة لفظية معنوية من نصوص اخرى تدل عليها والا الاصل انها سواء ولا سبيل الى ان تقول ان بعض وجوه المنهي عنه اولى بالنهي ولا افهم ما معنى هنا عدم التساوي الا ان يكون تحريما وكراهة وهذا لا يستقيم لان القاعدة واحدة هل يقال العلو وصف للامر والاستعلاء وصف للامر؟ نعم هو كذلك هذه هيئة للفظ وتلك للافظي يقول قلتم بان الامر بعد الحظر عند الحنفية للوجوب وان مستنده في ذلك اللغة وذكر قوم بان اهل اللغة معناه عندهم على الاباحة. الذي نقله غير واحد ممن ذهب الى القول بالوجوب استند في القول الامر بعد الحظر مستند القائلين بانه للوجوب ليس مستند اللغة. لكن المستند في ان اصل دلالة الامر من حيث هي لغة وليس اللغة ان الامر اذا ورد بعد حظ لا هم جعلوا الحظر السابق غير مؤثر فابقوا دلالة الامر مجردة. وعندئذ سيكون المقصود باستدلال لغة على دلالة الامر من حيث هو امر لا من حيث سبقه بدلالة حظ ما الفرق بين الواجب المخير والمطلق؟ المطلق الذي هو نقيض المقيد هذا ليس في مسألتنا الان وعلى كل حال الواجب المخير الذي وقع فيه التخيير والواجب المطلق غير المقيد فقد يكون واجبا قيرا وقد يكون واجبا معينا وقد يكون واجبا موسعا وقد يكون واجبا مضيقا فيشمل مطلق صور الواجب غير المقيدة بقيد فهو اوسع لكن المخير مصطلح يراد به تخيير المكلف في احد الواجبات بين مجموعة مأمورات جاءت في ذلك الواجب دون غيره ما ضابط الفرق بين دلالة اللفظ من حيث المعنى ومن حيث اللفظ الفرق بينهما اخي الكريم ان تقول ان صيغة الامر افعل دلالة على النهي لغة يعني بصريح لفظ اللغة. ان افعل في اللغة تساوي فعل المأمور وتساوي ترك ضده هذا معنى دلالتها لفظا ان العرب عندما تقول لك اجلس هي تقول لك لا تقف واما من حيث المعنى فالرجوع الى مقتضى اللغة افتح اي معجم للغة وابحث عن معنى اقعد او اسكت او اي امر من الاوامر فانهم لا لا يريدون الا تحقيق الفعل المأمور به في صيغة افعل لكنه من حيث المعنى بمعنى انه لا يتحقق للمخاطب امتثال ما امر به الا بترك ضده فيكون نهيا عنه من حيث المعنى لا من حيث اللفظ هل يدخل قول مؤلف على النهي عن مضاد المأمور به في اسلوب مفهوم المخالفة تقدم الجواب عنه في الدرس الماضي عند قول القرافي ان الامر اسم لمطلق الصيغة الدالة على الامر لانه المتبادر الى الذهن فهل يقصد انه المتبادر الى ذهنه هو وكيف يقرر معنى لغويا بانه المتبادر الى ذهنه لا ليس الى ذهن القرار في نفسه رحمك الله لكنه المتبادر الى الذهن لغة فان السامع اذا سمع الطلب بصيغة افعل فانه المتبادر الى الذهن ذهن السامع مطلقا في لغة العرب طلب الامتثال على وجه الالزام مع امكان احتمال اللفظ لمعاني الاخر. لكن المعنى الذي يتبادر ويقفز الى الذهن ويكون حاضرا هو الطلب فيكون ما عداه من المعاني ليس هو المتبادل ويقولون ان التبادر الى الذهن امارة الحقيقة ولهذا قدم يقول هل يصح الاستدلال بالايات الواردة على الامر بعد الحظر على مسائل النسخ اه ليس نسخا الا ان قلت انه نسخ احوال او نسخ يعني بعظ الصور والحالات لان من صور النسخ تطابق الناسخ مع المنسوخ. والحاصل في صور الامر بعد الحظر ان الامر جاء في حال وصورة غير صورة الحظ. ويسألونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن. فكان حالة طول مانعي غير حالة الامر فاذا تطهرن فاتوهن. البيع بعد النداء الثاني يوم الجمعة. كان وقت الصلاة والامر كان بعد الفراغ من الصلاة ولهذا لا يصلح ان يكون مثالا للنسخ والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى واله وصحبه اجمعين