بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فهذا بعون الله عز وجل وتوفيقه شروع في درس جديد نستفتح به لقاءات في درس علم اصول طول الفقه لهذا العام الف واربعمائة واحدى واربعين من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وقبل الشروع ها هنا مقام حمد وشكر لربنا جل جلاله على فضله وجوده واحسانه. وعلى توفيقه ونعمته فقد وفق الكريم بمنه وفضله سبحانه وتعالى في اتمام دروس مضت في بيته الحرام. في هذا العلم الجليل المبارك علم اصول الفقه فقد اتم الله لنا بفضله وكرمه دراسة متن اصول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله اولا ثم مختصر الروضة البلبل للامام الطوفي رحمه الله ثانيا ثم دراسة متن جمع الجوامع للامام تاج الدين السبكي رحمة الله عليه ثالثا ثم مدارسة متن منار الانوار للامام ابي البركات النسفي رحمة الله عليه هذا شروع في درس جديد يأتي وصفه وشرحه في كتاب تنقيح الفصول للامام القرافي رحمة الله عليه. فالحمد لربنا جل جلاله على التوفيق والفضل والاحسان وعن الامتنان والنعمة الكريمة التي جمع الله لنا بها بين هذا المقام الكريم في طلب العلم وبين المكان الكريم في رحاب بيته الحرام ونحن عاجزون عن حمده جل جلاله طامعون في مزيد فضله تبارك وتعالى اياه ان يوزعنا شكر نعمه التي انعم بها علينا وعلى والدينا. وان نعمل صالحا يرضاه وان يدخلنا واياكم جميعا رحمته في عباده الصالحين ثم الشكر والدعاء بالتوفيق والسداد لهذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية وولاة امرها وفقهم الله تعالى على هذا الحرص وهذه العناية في نشر العلم ودعمه ورفع رايته وبسط ارجائه وتمكين ادواته وفتح حلق ودروسه في رحاب الحرمين الشريفين. هذه العناية المتمثلة في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي التوجيه والارشاد على وجه الخصوص في ترتيب هذه اللقاءات والاعتناء بها وتنظيمها حتى اصبحت مقصدا لطلبة العلم في القاصي والداني من القريب ومن البعيد حضورا ومتابعة عن بعد في تيسير للعلم وتسهيل لبذله وتقريب نواله لكل طلبة العلم الذين يجدون في رحاب بيت الله الحرام قبسا من نور الهداية التي جعلها الله تعالى في هذا البيت العتيق ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. فالمقام مقام شكر واعتراف بالفضل عائن بالاجر والخير والتوفيق والسداد لكل من كان سببا وبذل واعان ويسر حتى كانت هذه المجالس المباركة وهذه الحلق نافعة في طلب العلم وتحصيله ودرسه وتدريسه وتذاكره والعناية به ورفع رايته ليبقى هذا الحرم المكي الشريف منارة في سلسلة تاريخ الامة لحلقات علم تثنى فيها الركب وتقرأ فيها الدروس وتختم فيها المتون يتوارث فيها علم السلف فيرثه اجيال الامة جيلا بعد جيل كلما مضى جيل خلفه جيل وها نحن نقرأ كلام الائمة في خلت القرافي والنسفي والطوفي وغيرهم من علماء الامة رحم الله احيائهم وامواتهم والحقنا بهم بنا سبيلهم. ايها الكرام هذا الدرس المنعقد في هذه الليلة اليوم الاربعاء السادس والعشرين من شهر الله المحرم. لسنة الف واربعمائة واحدى واربعين من الهجرة النبوية هو مفتتح لدرس جديد اسبوعي ان شاء الله تعالى في كتاب تنقيح اصول في علم الاصول للامام شهاب الدين القرافي رحمة الله عليه. وكما جرت العادة فان اول مجالس الدرس الذي يفتتح في هذا المسجد الحرام يكون لقاء تعريفيا تمهيد فيه مداخل تتعلق بالتعريف بالكتاب وبمؤلفه لبيان ما يكون بين يدينا في الضرس خلال الاسابيع المقبلة لهذا العام وما يتلوه ان شاء الله. حتى يتم الله لنا دراسة الكتاب جاء من مدارسته فحديثنا سينقسم في الجملة في هذا المجلس الى قسمين كبيرين احدهما الحديث عن المؤلف الامام القرافي رحمه الله والثاني الحديث عن كتابه مزاياه وخصائصه ومكانته بين كتب اصول المالكية رحمة الله عليهم اما العنصر الاول فالحديث عن الامام القرافي في جملة من المعالم لانه يعرف طلبة العلم ان علم احدهم بمنزلة مؤلف الكتاب الذي يدرسه يضيء له كثيرا من معالم الطريق في سبيل درسه. فشخصية المؤلف العالم ومنزلته ومكانته كلها معالم مهمة لمن يدرس كتابا ومن يقرأ فيه ومن يشرحه فظلا عن من سيعتني به في مجالس متتابعة ليحصل فيه علما ويخرج منه بحصيلة يجعلها في بنائه في مسيرته لطلب العلم الامام القرفي ايها الكرام عالم من علماء الامة الكرام من علماء القرن السابع الهجري هو ابو العباس احمد بن ادريس ابن عبدالرحمن ابن عبد الله الصنهاجي البهفشيمي القرافي. رحمة الله عليه يلقب بشهاب الدين وكنيته ابو العباس هاجي نسبة الى صنهاجة. وهي قبيلة مشهورة من حمير. اشتهر بها جماعة كثيرة من المغاربة ويقول القرفي رحمه الله تعالى عن نفسه كما ذكر ذلك في العقد المنظوم قال وانما انا من صنهاجة الكائنة في قطر مراكش بارض المغرب. فهذا يدل على اصله العربي من قبيلة حمير رحمة الله عليه. وايضا دلالة على اصل من بلاد المغرب وان ولد بمصر ونشأ بها وعاش بها وتوفي ودفن بها. رحمه الله تعالى. وفي نسبه مر معكم والمراد بها نسبة الى منطقة في مصر وهي قرية من قرى بوش من صعيد مصر القرية التي اذا فيها رحمه الله تعالى والنسبة المشهورة لهذا الامام هي القرافي. نسبة الى القرافة والقرافة على ما هي مشهورة الى اليوم لقبائل تنسب اليها وعوائل تنتسب اليها القرافي وموجود منها في الديار السعودية وفي المصرية على حد سواء. القرافة موضع بمصر ايضا. ومحل بمصر القديمة. وسمي بالقرافة في مصر نسبة لقبيلة سكنتها. والقرافة اسم لجد تلك القبيلة. واشتهر بها. واما الامام القرافي فليس من هذه القبيلة التي ينسب اليها المكان هذا بمصر. وليس لانه ايضا من قاطنيها لكنه سكن في تلك المحلة بمصر يعني القرافة مدة يسيرة زمن اقامته بمصر فنسب اليها يقول هو ايضا رحمه الله عن نفسه كما في العقد المنظوم. قال واشتهاري بالقرافي ليس لاجل اني من سلالة هذه القبيلة. بل للسكن بالبقعة خاصة مدة يسيرة. فاتفق الاشتهار بذلك وذكر ابن فرحون رحمه الله في ترجمته سببا اخر لشهرته بالقرافي وهو انه لما اراد الكاتب في المدرسة ان يثبت اسمه في بيت الدرس وكانت المدارس انذاك بمصر والشام وبكثير من محاضرات وعواصم الاسلام كانت المدارس يجتمع فيها الطلاب ويأوون اليها ويسكنون بها فيعتني التجار والولاة والخلفاء والحكام بتسيير الارزاق عليها وايقاف الاوقاف عليها وصرف النفقات تعريها فكان يعتنى بحصر اسماء الطلبة وتسجيلهم حتى يعرف من فيها ومتى دخل وحصيلته من العلم. قال فلما اراد الكاتب ان يثبت اسمه في بيت الدرس كان حينئذ غائبا فلم يعرف اسمه. وكان اذا جاء للدرس يقبل من جهة القرافة فكتب الكاتب القرافي ما عرف اسمه وما اراد ان يسقطه من التعداد فكتب القرافي اشارة الى شخصه لمعرفته بقدومه من تلك الجهة قال فجرت عليه هذه النسبة. ويقال ايضا في قصة قريبة منها ذكرها الصفدي وغيره. انه لما سئل عنه عند تفريق الارزاق في المدرسة التي كان يدرس فيها قيل عنه توجه الى القرافة. فقال بعض من حضر اكتبوا القرافي فلزمه ذلك اللقب واصبح شهرة به. والا فهو لم يسكن بها كما قال عن نفسه الا مدة يسيرة. ولد رحمه الله كما قال عن نفسه قال ونشأتي ومولدي بمصر. سنة ست وعشرين وست مئة للهجرة يعني قبل ثلاثين سنة بالظبط من ايش نعم من سقوط بغداد وسقوط الخلافة العباسية يعني لما سقطت بغداد كان عمره ثلاثون سنة فهو مصري رحمه الله وبقي في مصر نشأ بها وطلب العلم بها والتحق بمجالس العلم حتى كتب الله له الايمان متى من اجل شيوخ الامام القرافي اعلام مشهورة عند عامة طلبة العلم وخواصهم. ومن اشهرهم الامام جمال الدين ابن حاجب ابو عمرو عثمان ابن عمرو ابن ابي بكر المالكي رحمه الله صاحب المختصر الاصولي الشهير وصاحب الامامة ايضا في مذهب المالكية اصولا وفروعا. وقد تتلمذ عليه القرافي واخذ عنه ودرس على يديه. ايضا من شيوخ الامام وفيه ثانيا شمس الدين الخصر شاهي. عبد الحميد ابن عمويه ابن يونس الشافعي وشمس الدين الخصر وشاهي هو من تلاميذ الامام الرازي فقط لاربط لك نسب القرافي بكتاب المحصول فهو في طبقة تلامذة تلامذة الامام الرازي. الرازي رحمه الله توفي سنة ست مئة وستة للهجرة. والقرار فيه كما سيأتيك وفاة سنة ستمائة واربعة وثمانين فهو بهذا في طبقة طلاب طلاب الامام الرازي فقرب عهده بالمحصول واخذه للمحصول عن تلامذة الامام الرازي اورثه عناية كبيرة بهذا السفر الجليل محصول الامام الرازي. وكان القرافي رحمه الله يشيد بشيخه شمس الدين يبدي اعجابه في تقريره للمسائل وفي بيانه لبعض المواضع التي يبدع فيها المحققون عادة. من شيوخ الامام القرفية ايضا ثالثا الامام المنذري زكي الدين ابو محمد عبدالعظيم بن عبدالقوي. الامام الجليل المحدث رحمه الله تعالى وقد تتلمذ عليه القرافي واخذ عنه وله منه افادات وهو يشير اليه في بعض المواضع ايضا من كتبه شيوخ الامام القرافي ممن افاد عنه وتتلمذ على يديه سلطان العلماء العز بن عبدالسلام. ابو محمد عبدالعزيز بن عبد السلام السلمي الشافعي اخذ عنه القرافي ولازمه وكان شديد الاعجاب به. يقول القرفي رحمه الله تعالى في طرق لقد حضرت يوما عند الشيخ عز الدين ابن عبد السلام وكان من اعيان العلماء واولي الجد في الدين والقيام بمصالح خاصة وعامة والثبات على الكتاب والسنة غير مكترث بالملوك فضلا عن غيرهم لا تأخذه في الله لومة وقال في موضع اخر يصفه كان سديد التحرير لمواضع كثيرة في الشريعة معقولها ومنقولها وكان تفتح عليه باشياء لا توجد لغيره رحمه الله رحمة واسعة. وكذلك القرفي كما سيأتي بك ان شاء الله تعالى في وصف مكانته علميا هذه اسماء بعض من تتلمذ عليهم القرافي. وقوفك على شيوخ الامام او العالم او المؤلف ايضا يبين لك حظه من العلم في تحصيله ما ظنك بعالم وامام تتلمذ على العز ابن عبد السلام وعلى الامام المنذر وعلى ابن الحاجب وعلى غيره من هؤلاء اساطيل العلم والفقه والحديث والاصول ومثل القرافي رحمه الله ممن اوتي جدا في التحصيل ونباهة وحزقا سيكون له في ذلك ايضا قدح في زناد التعلم والامامة والدقة في التحرير كما هو شأنه رحمه الله. مما يتعلق بترجمة الامام القرافي رحمه الله ذكر ثناء العلماء عليه اشادتهم بمكانتهم وابن فرحون له فيه ترجمة حافلة يتكلم فيها في الديباج المذهب عن الامام القرافي رحمه الله ووصف في اشياء كثيرة ذكر عنه انه حرر احد عشر علما في ثمانية اشهر او ثمانية علوم في احد عشر شهرا. هذا يدل على نصب ويدل على تفرغ واقبال شديد. تحريره يعني تأليف لكتب او اتقان احد عشر علما في ثمانية اشهر. من عجيب ما يذكره القرافي عن نفسه ولعله مما يتبادروا الى اذهان طلبة العلم عندما يقرأ احدهم في ترجمة امام محدث او فقيه او مفسر او اصولي غلبة هذا العلم الذي عرف به لاشتغاله به. لكن الامام القرفي رحمه الله له مشاركات عجيبة في علوم عدة. له مشاركات في وفي الهندسة وفي الطب والف كتابا في وصف العين طبي وذكر مادة الابصار وذكر القرنية والشبكية ومادة البصر واسباب الضعف. في كلام طبي دقيق وهو ايضا يذكر عن نفسه رحمه الله كلاما لطيفا ذكره في الذخيرة آآ يقول رحمه الله وقد ذكر قصة جرت لبعض الملوك قال وكذلك بلغني ان الملك الكامل وضع له شمعدان كلما مضى من الليل ساعة انفتح منه باب وخرج انه شخص يقف في خدمة السلطان فاذا انقضت عشر ساعات طلع شخص على اعلى الشمعدان وقال صبح الله السلطان بالسعادة اعلم ان الفجر قد طلع هذه صنعة في ذاك القرن قبل ان تكون التقنية والتطور والادوات الكهربائية والحواسيم فكانت صنعة في غاية العجب يقول القرافي وعملت انا هذا الشمعدان وزدت فيه ان الشمعة يتغير لونها في كل ساعة وفيه اسد تتغير عيناه من السواد الشديد الى البياض الشديد. ثم الى الحمرة الشديدة في كل ساعة لهما لون فيعرف التنبيه في كل ساعة وتسقط حصاتان من طائرين ويدخل شخص ويخرج شخص غيره ويغلق باب ويفتح باب واذا طلع الفجر طلع شخص على اعلى الشمعدان واصبعه في اذنه يشير الى الاذان غير اني عجزت عن صنعة الكلام. لكن يقول ما استطعت ان نخرج منه صوتا ينطق به. هذا القرافي الذي لا تعرفه الا فقيها. او لا تعرفه الا اصوليا او لا تعرفه الا معتنيا بهذا التقرير الفقهي بل قال ايضا وصنعت ايضا صورة حيوان يمشي ويلتفت يمينا وشمالا ويصفر ولا يتكلم رحمة الله عليه له كتاب سماه الاستبصار فيما تدركه الابصار في تشريح العين والقرنية والشبكية وكذلك استعماله لبعض العلوم يدل على تفنن وتوسع في دراية العلوم معقولها ومنقولها. يقول الذهبي رحمه الله العالم الشهير الاصولي شيخ الامام الى ان قال كان اماما في اصول الدين واصول الفقه عالما بمذهب مالك وبالتفسير وعلوم اخر يقول ابن فرحون جد في طلب العلوم فبلغ الغاية القصوى فهو الامام الحافظ والبحر اللافظ المفوه المنطيق والاخذ بانواع الترصيع والتطبيق. وقال كان اماما بارعا في الفقه والاصول والعلوم العقلية. وله معرفة بالتفسير وقال ايضا كان احسن من القى الدروس وحلي من بديع كلامه نحور الطروش ان عرضت حادثة فبحسن توضيحه تزول وبعزمته تحول. وقال ايضا اجمع الشافعية والمالكية على ان افضل اهل عصرهم بالديار المصرية ثلاثة في ذلك القرن يقول افضل اهل عصرهم بالديار المصرية ثلاثة القرفي بمصر القديمة والشيخ ناصر الدين ابن المنير بالاسكندرية والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد بالقاهرة المعزية. وقال السيوطي انتهت اليه رئاسة المالكية في عصره وبرع في الفقه واصوله والعلوم العقلية. صنف القرفي رحمه الله تعالى جملة من المؤلفات معروفة عند كثير من طلبة العلم. يقول ابن فرحون سارت بمصنفاته او سارت مصنفاته مسير الشمس. ورزق فيها هل حظ السامي عن اللمس مباحثه كالرياض المغنيقة والحدائق المعرقة تتنزه فيها الاسماع دون الابصار ويجني الفكر ما من ازهار واثمار كم حرر مناط الاشكال وفاق اضرابه النظراء والاشكال الف كتبا مفيدة انعقد على لسان الاجماع وتشنفت بسماعها الاسماع كتبوا رحم الله كثيرة متنوعة غير ان من اشهرها ما يلي. الاجوبة الفاخرة عن الاسئلة الفاجرة. رد فيها على جمل الاشكالات وشبهات اليهود والنصارى اسئلة اثاروها طعنا في الاسلام والقرآن والكتاب مطبوع ومحقق ايضا في رسائل علمية. كتاب الاحتمالات المرجوحة رسالة الفها في نفي القطعية عن الادلة اللفظية المستفادة من القانون الكلي الذي قرره امام الرازي رحمه الله في المحصول ومطبوع ايضا بعنوان اخر اسمه الاحتمالات او تعارض الاحتمالات العشرة المخلة بالفهم في تخاطب المذكورة في كتاب المحصول من علم الاصول. من اشهر كتبه ايضا كتاب الاحكام في تمييز الفتاوى عن الاحكام وفاة القاضي والامام او يقال اختصارا الاحكام في الفرق بين الفتاوى والاحكام اجل ما كتب في التفريق بين الفتيا وحكم القاضي واجمع واوسع وكذلك ادق ما كتبه اهل العلم في التفريق بين الفتوى والقضاء. وذكر فيه تحريرا نفيسا في جملة من سائل فيها فوائد لا توجد عند غيره وهو مرجع لكل من جاء بعده ممن ينقل في هذه المسألة على وجه التحديد. له كتاب الاستغناء في احكام الاستثناء. استقصى فيها احكام الاستثناء في اللغة العربية. حقيقته انواعه احواله. وتطبيقاته الفقهية في الايمان ام في الطلاق في الاقارير وجمع ايات الاستثناء في القرآن على سبيل الحصر وشرحها. احال اليه القرافي ايضا في كثير من كتبه كتاب انوار البروق في انواع الفروق المشهور بالفروق للقرافي. هو ايضا من اجل كتب الفروق الفقهية. غالب ما فيه فروق فقهية وبعضها فروق اصولية اعتنى بها العلماء واصبح مرجعا لكل من اراد التفريق بين مسائل اصولية بينها تشابه وتجانس او مسائل فقهية وهي القدر الاكبر وحقق ايضا في رسائل علمية وطبع غير ما طبع كتابنا الذي سنتدارسه وسنرجئ الحديث عنه تنقيح الفصول من علم الاصول هو مقدمة لكتاب فقهي شهير لا يستغني عنه المالكية في الفقه وهو كتاب الذخيرة. فالحاصل ان كتاب التنقيح الذي نتدارسه هو مقدمة لكتاب الذخيرة في الفقه وهذه كانت طريقة دارجة عند بعض اهل العلم ابن القصار الامام ابو الحسن المالكي الذي صنف كتاب عيون الادلة قدم له بمقدمة اصولية التي طبعت بعنوان المقدمة الاصولية. الجصاص لما الف احكام القرآن الرازي الحنفي صنف مقدمة اصولية طبعت استقلالا الفصول من علم الاصول. فكانت الفقهاء يرون ان ظرورة الترابط بين الاصول والفقه مطلب لا يستغني عنه المتفقه وطالب العلم ولذلك كانوا يربطون بينهما ربطا شديدا فيؤلف احدهم في احكام القرآن ويجعل بين يدي هذا دراسة اصولية تفهم بها التقرير الفقهي والاستنباط ويؤلف الذخيرة في الفقه القرافي رحمه الله ويقدم له بمقدمة اصولية تعينك على فهم ما ستقرأ من كلامه في تبويب وتقسيم وتنويع يتعلق بمسائل الفقه وابوابه. كتاب الذخيرة مطبوع بدار الغرب طبعة كبيرة لكنه غير كامل ووجدت جهود متفرقة قامت بطبع بعض اجزاء من الكتاب ومحقق اجزاء منه في رسائل علمية وطبعة دار الغرب بقي فيه القسم الاخير من الكتاب من كتاب النكاح وكتاب الطلاق باكمله. وصدر كتاب البيوع ونتف من ابواب اخرى. هذه مفقودة الكتاب المطبوع الذي يتوفر في المكتبات هو للموجود منه والباقي قد يوقف عليه والعلم عند الله كتاب الرائد في الفرائض هو في الاصل كتاب الفرائض المواريث من كتاب الذخيرة. لكن الامام القرافي آآ اجتهد في تصنيفه وتحريره قال سميته كتاب الرائد في الفرائض. فمن اراد ان يفرده افرده. فانه حسن في نفسه ينتفع به في المواريث نفع جليلا ان شاء الله تعالى اه ايضا من كتب القرافي وساقتصر على المهم منها المرتبط بدرسنا واهتمامنا في هذا المسار. كتاب العقد المنظوم في الخصوص والعموم حقق فيه القرافي مباحث العموم والخصوص. ومباحث العموم والخصوص من اكبر ابواب دلالات الالفاظ في اصول الفقه. وهو كما يقال العنق الزجاجة للادلة الشرعية. لا يخلو نص في الشريعة فيه تكليف لا يخلو من امر او نهي. ولا يخلو الامر والنهي في متعلقاتهما من العموم والخصوص اطلاقا. فلا يفهم التكليف ولا الخطاب ولا الامر ولا النهي من لا تفهم العموم والخصوص ولهذا العبارة المأثورة عن الامام احمد رحمه الله يقول كنا نروي الحديث ونجمعه ولا ندري ما العموم وما الخصوص حتى اتانا شافعي فبينوا ان عناية الاصولي بهذا الباب مطلب كبير صنف فيه القرافي مفردا كتاب العقد المنظوم في الخصوص والعموم عد فيه من صيغ العموم حتى اوصلها مئتين وخمسين صيغة على سبيل التفريع والاستقصاء وعد كل جزء منفرد او مشابه او دلالة مستقلة نوعا على حدة تابوا ايضا مطبوع متوفر في المكتبات من اجل كتب القرافي الاصولية شرحه لمحصول الرازي وسماه نفائس الاصول في شرح المحصول وكتاب المحصول للرازي كتاب كبير. مطبوع محققا في الستة اجزاء فوضع القرفي شرحا على اصل الكتاب وهو المحصول. وقلت لك للامام القرافي عناية بالمحصول تمثلت في ثلاثة بيعة علمية المشروع الاول شرحه للمحصول في كتاب نفائس الاصول والكتاب مطبوع طبعة تجارية وهو محقق ايضا في رسائل علمية في جامعة الامام منذ اكثر من ثلاثين سنة. آآ والعناية الثانية او المشروع الثاني اختصاره للمحصول في كتابنا الذي نتدارسه ويأتي عليه كلام تنقيح الفصول فهو احد المشاريع التي بنيت على كتاب المحصول. والمشروع الثالث شرحه لتنقيح الفصول فانه قد اختصر اولا في التنقيح ثم شرع في شرح التنقيح فثلاثة كتب وظعها الامام القرافي رحمه الله تعالى على كتاب الامام الرازي المشهور المحصول هذه اشارة موجزة مختصرة لبعض كتب الامام القرافي رحمه الله تعالى. ويمكن ان نشير ايضا في اشارة سريعة قبل الانتقال الى ما يتعلق بالكتاب والتعريف به لان القرافي رحمه الله تعالى عاش حياته في مصر ولا يعرف له خروج منها او رحلة في اه الطلب والتحصيل والانتقال الى بلاد الشام مثلا او الى الحجاز. اه وان كان له خروج فليس يعرف على انه على سبيل البقاء مدة او الانتقال او الاغتراب مدة طويلة كما كان يحصل لبعض اهل العلم. وفاته رحمه الله تعالى كانت يوم الاحد اخر يوم في جمادى الاخرة سنة اربعة وثمانين وست مئة للهجرة في ست مئة واربع وثمانين على ما هو الراجح والمشهور عند اه اهل العلم في الطبقات وفي التواريخ هي سنة وفاة الامام القرافي اما يترجم له عامة كتب طبقات المالكية وهو الذي عولوا عليه والقول الاخر انه سنة ستمائة واثنتين للهجرة لقيل القولين ترجيح وبعض المحققين يرجح هذا وبعضهم يرجح ذاك والقولان ليسان ببعيدين عن بعضهما كانت هذه اشارة اه موجزة للتعريف بالامام القرافي. بقي ان نقول يا كرام. الامام القرافي اه الذي سمعت بعض مصنفاته وسمعت طرفا من اسماء الاعلام من الشيوخ الذين تتلمذ عليهم. عرف القرفي رحمه الله في فنه الذي برع فيه فقها واصولا واصبح حقيقة رغم كونه من علماء الامة في القرن السابع وهو القرن الذي غلبت فيه على العلوم الشرعية جملة غلبت فيه مسالك التكرار والنظم والاختصار والشرح والاستدراك والتحشية كما هو السائر في هذه العلوم الشرعية التفسير والفقه والعقيدة والاصول وفيك سائر العلوم الشرعية لكن القرافي رحمه الله كان من النوادر الذين كان في مسيرتهم اثراء علمي واضافات علمية ولا يزال اهل العلم يعرفون للقرافي في الاصول خاصة اضافات ما سبقه اليها احد وتحريرات ونفائس وتعليقات واشكالات يريدها او يجيب عنها لا يعرف لاحد قبله كلام عليها. كما ستأتي الامثلة. وهذه تدلك على امامة عجيبة. وعلى تحرير دقيق وعلى عمق وصل اليه الامام القرفي رحمه الله في عنايته بهذه العلوم. والقرفي عند المالكية اشبه ما يكون بالطوفي عند الحنابلة. فكلاهما امتاز بهذا جانب انه جاء في قرون متأخرة لكنه عرف عنه التحقيقات والتحريرات النفيسة والاظافات العلمية التي تدل على عقلية متميزة لا تكتفي بالنقل والتكرار واعادة المعلومات او درس المسائل العلمية كما يفعل عامة اهل العلم وتبقى هذه فتوحات وتوفيقات ربانية يهبها من يشاء من اهل العلم الذين يبذلون جهدهم هم وغاية وسعهم. اما الكتاب الذي ندرسه ان شاء الله تعالى فهو متن تنقيح الفصول في علم الاصول ولما نقول تنقيح الفصول احترازا عن الكتاب به الاخر شرح تنقيح الفصول. فان تنقيح الفصول هو المتن. قال في مقدمته وسميته بتنقيح الفصول في علم الاصول قلت لك هو مقدمة للذخيرة في الذخيرة لو فتحت اولها قال في المقدمة الثانية لانه جعل المقدمة الاولى في اداب الطلب في الذخيرة جعل المقدمة الاولى اداب لطالب العلم. قال في المقدمة الثانية وسميتها تنقيح الفصول في علم الاصول لمن اراد ان يكتبها وحدها خارجة عن هذا الكتاب وسمى الكتاب هذا ايضا في غير ما موضع في شرحه للتنقيح. قال في اوله فان كتاب تنقيح الفصول في اختصار المحصول كان الله يسره علي ان يكون مقدمة اول كتاب الذخيرة في الفقه فلذلك تجد تنقيح الفصول في تسميات بين اهل العلم تتداول على انها تنقيح الفصول في اختصار المحصول وهي تسمية مأخوذة منه في شرحه للتنقيح وتارة تجدها تنقيح الفصول من علم الاصول او في علم الاصول. والتسميتان جاءت على لسان المؤلف رحمه الله تعالى في كتبه وليس بينهما تعارض. يبقى السؤال هل تنقيح الفصول هذا الذي سيكون عليه درسنا هو اختصار بمعنى الاختصار للمحصول الجواب هو ليس اختصارا بمعنى المختصرات تماما فانه قد صرح رحمه الله انه بنى كتابه تنقيح الفصول على اربعة كتب. سيأتي ذكرها بعد قليل. هذه اربعة كتب استقاها القرافي لبناء كتابه تنقيح الفصول غير ان المحصول هو اساسها فاذا اردت الاختصار من المحصول فليس على معنى الاختصار الذي فعله صاحب الحاصل تاج الدين الارموي او التحصيل سراج الدين الارنوي فان اولئك اختصروه بمعنى الاختصار يعني جاءوا الى كلام الامام الرازي فاختصروا في الادلة في الاعتراض في الايرادات فاللفظ لفظ الرازي والترتيب والتقسيم والتبويب والفصول كلها صنعة الرازي. ليس لهم فيه اظافة فلا يرجحون ولا يعلقون ولا يشيرون فهو فعلا اختصار ليس تنقيح الفصول بهذا المعنى ابدا لانك تجد فيه نعم طريقة الرازي وتبويبه لكن تجد فيه اضافات كثيرة فان الامام القرافي ماذا اراد؟ اراد ان يبني كتابه وهذه ميزة الكتاب الحقيقة التي كان من اجلها اختياره ليكون درسنا هذا العام ان الامام القرافي لما اختار المحصول والمحصول هو المحصول. حسبك ان كتب الاصول منذ نشأتها على يد الامام الشافعي رحمه الله في القرن الثاني الهجري الى الثالث الى الرابع الى الخامس فانها قد الت كتب الاصول الى كتابين اثنين اصبحت من القرن الخامس فما بعدها تدور حولها وتنبثق عنها وتؤلف في مجالاتها ومساراتها. المحصول لفخر الدين الرازي والاحكام لسيف الدين الاميدي وجرت كتب الاصول على هذين القطبين في كتب الاصول. فجاء ابن الحاجب فاختصر احكام الامدي فكانت شروح ابن الحاج والكتب المشروعة عليه مدرسة مستقلة مدرسة الامدي والرازي اصبح مدرسة مستقلة. جاءت مختصراته الحاصل والتحصيل. وجاء البيضاوي في مختصر منهاج الاصول من علم الاصول. فبناها على محصول الرازي فجرت مدرسة مختصرة البيظاوي واصله محصول الرازي. ومختصر ابن الحاجب واصله احكام الامدي. فالة المشاريع العلمية تأليفات الاصولية الى هذين المختصرين. فعكف عليهما العلماء. مختصر منهاج البيضاوي وشروحه قد كثرت جدا ومختصر ابن الحاجب وشروحه اكثر. فصارت كتب الاصول تدور حول هذين الكتابين واصلهما المحصول والاحكام حتى جاء السبكي كما علمت في جمع الجوامع فمزج ما عند البيضاوي في مختصره مع ما عند ابن الحاجب في مختصره ومزجهما ثم اخرج كتابه جمع الجوامع ليجمع ما سبق فكانت تلك مرحلة متأخرة. اريد ان اقول ان المحصول بهذه المثابة اختاره طرف يكون بناء كتابه عليه. فبنى عليه ومشى على ترتيبه غير انه اضاف اشياء مهمة. واهمها مذهب الامام مالك في كل مسائل الكتاب فيصح لك ان تعتبر تنقيح الفصول احد مراجع اصول المالكية وان كان اصله المحصول لكن القرافي كان يعتني بالنقل عن متقدمي ائمة المذهب. فاعتمد ابن القصار مرجعا واعتمد مرجعا واعتمد القاضي عبد الوهاب مرجعا. وهؤلاء لا تخرج عنهم في تحرير اصول الامام ما لك رحمه الله. لان عمدة كتب الاصول تدور على هؤلاء الثلاثة فظمن كتبهم داخل كتابه تنقيح الفصول فهو اصول مالكية وزعها ونثرها على كتابي المحصول فاختصر المحصول وحذف بعض ما لا يحتاج اليه واضاف تحريرات واضاف له تعريفات واضاف تقسيمات بل حتى في نقله عن المالكية لم يكن مجرد ناقل فكان يستدرك على المالكية انفسهم. وكان يضيف ويزيد ويرجح ويستدرك وهذا الذي اضفى على تنقيح الفصول هذه القيمة العلمية المتينة. عرف الائمة بعد القرار في ما لكتابه هذا تنقيح الفصول من ميم فاذا اقبل عليه مالكية بشرح فلانه يحرر مذهب المالكية. ولانه لن يجعله كتابا يقتصر على المالكية انفسهم قط لانه مبني على المحصول والمحصول شافعي ولا يخلو من ذكر الحنفية فغدا كتابا جامعا لكن يجد المالكية فيه بغيتهم في تحرير مذهب امامهم بجانب ما يذكره في نقله عن المحصول عن الكتب التي بنى عليها كتابه. ولذلك فان لا يصح ان تقول ان تنقيح الفصول هو اختصار بمعنى المختصرات من كتاب المحصول. لكن بمعنى الترتيب عليه ان خالف المحصول ايضا في ترتيب بعض المسائل. وخالفه في ترجمة الابواب في الاختيارات في الحدود. والتعريفات لكنه لم يخرج في الجملة عن كتاب المحصول الذي بنى كتابه عليه رحمة الله عليهم جميعا اه يقول القرافي رحمه الله وقلت لك ان جعله في مقدمة الذخيرة قال واقدم بين يديه مقدمتين احداهما في بيان العلم وادابه ليكون ذلك معدنا وتقوية لطلابه. والمقدمة الاخرى في قواعد الفقه واصوله وما يحتاج اليه من العلم مما يكون حلية للفقيه وجنة للمناظر وعونا على التحصيل الى ان قال حتى تخرج الفروع على القواعد والاصول واسمع يقول فان كل فقه لم يخرج على القواعد فليس بشيء وهذا تنبيه مهم يقول فان كل فقه لم يخرج على القواعد فليس بشيء. وقال ايضا في مقدمة التنقيح وبينت فيه مذهب ما لك رحمه والله في الاصول لينتفع به المالكية خصوصا وغيرهم عموما قلت لك انه بنى كتابه على اربعة كتب اساس. هي المصادر الصريحة التي اعتمد عليها القرافي وهي اربعة اولها محصول الامام الرازي المحصول في علم الاصول وهو اهم مصدر اتكأ عليه المؤلف وبنى كتابه عليه. الكتاب الثاني كتاب المقدمة في الاصول او مقدمة ابن القصار. وقلت لك ان ابا الحسن علي ابن احمد البغدادي المعروف بابن القصار ووفاة سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة للهجرة الف كتابه عيون الادلة في الفقه الخلافي وهو من عمدة كتب فقه الخلاف التي لم تحظى الامة بوفرته كاملا وهو من اجل ما كتبه فقهاء الامة في فقه الخلاف في هذا الزمن المبكر. كتاب عيون الادلة مطبوع منه جزء من الموجود جعل ابن القصار المقدمة الاصولية مقدمة لكتابه عيون الادلة قلت لك كما صنع الجصاص في كتاب احكام القرآن مع الفصول في الاصول وكما صنع القرفي في الذخيرة مع هذه المقدمة تنقيح الفصول يعتبر آآ مقدمة ابن القصار الاصولية من اقدم النصوص الاصولية بعد رسالة الشافعي. وحسبك بها ميزة وقدرا. المقدمة مطبوع جزء منها. مع جملة من رسائل الائمة المالكية في الاصول طبعتها ايضا دار الغرب وهي مطبوعة ايضا في دار المعلمة طبعة اخرى وهذه المقدمة نفاستها تقدم زمانها اولا وامامة مؤلفها ابو الحسن ابن القصار ثانيا والتحرير والذي يسعك في مذهب مالك ان تعزو اليه بثقة لان تنقل مذهبه ورأيه في مسائل اصولية لا تعرف قبل ابن القصار مالكيا يعتني بتحرير المذهب ودقة النقل عنه. وكتاب ابن القصار الحقيقة من اجود واجمل كتب الاصول لا في به الخالي الى حد كبير من الاصطلاحات المنطقية الحادثة. والذي هو اقرب زمانا الى عهد الائمة في القرون المفضلة وفي الحقيقة اثر من آآ نهج العلماء في تلك المرحلة وفيها لفتات وعناية ببيان اصول تلك المسائل التي بني عليها العلم هذا اول او هذا ثاني الكتب. اما ثالثها فكتاب الافادة في اصول الفقه للقاضي عبدالوهاب بن نصر البغدادي شيخ المالكية في عصره. القاضي عبد الوهاب وفاته سنة اثنتين وعشرين واربعمئة للهجرة الكتاب في عداد المفقود ولا تعلم له نسخ خطية فنقلوا القرافي رحمه الله عن الافادة للقاضي عبدالوهاب نفيس وثمن هذا الكتاب بنقوله عنه في جمل من المواضع وصرح بالنقل عنه في غير ما موضع في تنقيح الفصول. والقاضي عبد الوهاب امام والمالكية بلا منازع في عصره واليه المرجع والمنتهى في امامة مذهب مالك رحمه الله بالعراق. اما رابع الكتب فكتاب الاشارة في معرفة الاصول والوجازة في معنى الدليل لابي الوليد الباجي. رحمة الله عليه. صاحب كتاب احكام الفصول والباجي رحمه الله اختصر احكام الفصول في كتابه هذا الاشارة وكلا الكتابين مطبوع. وكتاب الاحكام اكبر حجما. اما الاشارة فهو تغيروا الحجم مستوعب لجملة مسائل الاصول ورؤوس مسائلها الكبار استفاد منه المؤلف واكثر عنه نقل لا سيما في الابواب الاخيرة من الكتاب. اذا هذه كتب اربع المحصول للرازي المقدمة لابن القصار الافادة للقاضي عبدالوهاب الاشارة للقاضي ابي الوليد الباجي. ثلاثة من علماء المالكية اثروا وبهم مذهب مالك في الكتاب وقد نص على اسماءه الاربعة في مقدمة الكتاب كما سيأتي. واما الرابع فهو اصل الكتاب الذي بني عليه وهو المحصول للرازي ليس معنى هذا ان القرافي لم يعتمد على غيرها من الكتب لكنه جعل هذه هي الاربعة الاساس في مصادره في الكتاب لكنه نقل عن كثير من غيرها من الكتب صرح باسمها في الكتاب ككتاب الرسالة للشافعي وشرح المدونة لابي علي سند ابن عناء المصري الازدي والنوادر والزيادات لابن ابي زيد القيرواني. نقل عن احياء علوم الدين للغزالي. نقل عن قواعد العز بن عبدالسلام القواعد الكبرى وغيرها من الكتب واحيانا ينقل بواسطة وهذا كثير. نقل عن امهات الكتب المعتمدة بالحسين البصري. البرهان للامام الجويني التقريب والارشاد للباقلان المستصفر الغزالي والمنخول وشفاء الغليل واصول ابي الحسن الكرخي وغيرها كثيرا ينقل عنها بواسطة لكنها ترجع الى الكتب الاربعة التي بينت لك سابقا. يبقى ان نكرر ان القرافي رحمه الله لم يكن مجرد ناقل ولا بين تلك الكتب لكنه كان مولعا بظبط الحدود كان معتنيا رحمه الله بالتحرير في المسائل حتى انه خالف ائمة المالكية الذين نقل عنهم ابن القصار الباجي خالفهم في مسائل كما في جواز التعديل بالاسم مطلقا. واحيانا يخالف مرجحا ما ظهر له كما في مسألة افادة الامر للتكرار. ذهب الباجي واصحابه من المالكية لافادة التكرار المرة الواحدة. والرازي في المحصول ذهب الى ان الامر لطلب الماهية واختار القرافي انه يفيد التكرار فرغم الاصول التي اعتمد عليها لكن ربما خرج عنها مرجح ما يراه رحمة الله عليه. من اهم مزايا القرافي في تنقيح الفصول عنايته بالحدود يعتني بها تماما يضبطها يناقشها وهذا آآ بسبب ما كانت به عناية الكتب المتأخرة خصوصا في الطبقة التي وليها القرافي كما عند الاحكام للامدي رحمه الله يعتني جدا بتحرير محل النزاع ويبين ماخذ الخلاف فيها. اه يعزو في الاقوال احيانا يختصر في الاستدلال ايختم المسائل بذكر بعض الفوائد والقواعد او تنبيهات وفروع بحسب ما يناسب المقام القرفي رحمه الله الف التنقيح اولا ثم الف الشرح وبعض الباحثين يرى ان بينهما نحوا من عشر سنوات بين تأليفه للمتن تنقيح الفصول وبين شرحه له شرح تنقيح الفصول. وكان هذا سببا في غير ما موضع تراجع فيه المؤلف عن مسألة اثبتها في التنقيح وتراجع عنها في الشرح فهي مواضع بلغت نحوا من ثلاثين موضعا والنسخة المحققة هذه اثبت فيها المحقق المواضع من خلال ما اورده الامام القرافي رحمه الله في الشرح وهي مسائل متعددة وهذا يعني بيان لبعض طريقة الائمة رحمه الله في قيح العلم وتهذيبه وبيان ما يتبدى لهم من تراجع او تغيير في الاجتهاد في بعض المسائل آآ مما يتعلق ايضا بالحديث عن آآ طريقة الامام القرافي قلت لك انه انفرد في بعض المباحث الاصولية التي لا تعرف لاحد قبله من اشهر ذلك تفريقه رحمه الله بين الوضع والحمل والاستعمال في دلالات الالفاظ. كان تفريقا نفيسا وفي غاية اللطافة. وعامة ثمن جاء بعده ينقله عنه ولا يعرف لغيره من الاصوليين فيما سبق من كتب. تفريقه ايضا بين الدلالة باللفظ ودلالة اللفظ ولما جاء يحررها يقول فانه لا يوجد عند كثير من اهل العلم التفريق بينهما وهذه كلها وغيرها من مفردات الامام القرافي رحمه الله. وانا اعطيك امثلة لاوقفك على ان علما كالاصول يظن انه بعد الاحكام وبعد المحصول لم يبقى فيه اضافة ولا استدراكا لمستدرك حتى عكفوا العلماء عليهما نظما واختصارا وشرحا او بناء على هذين الكتابين الا ان ارى في رحمه الله كان يبدي كثيرا من المسائل التي ربما لا يبدو لك وقوف عليها في غيرها من الكتب اه شروحات المتن تنقيح الفصول الذي ندرسه ليست كثيرة جدا المطبوعة منها خاصة لكن عندما نتكلم عن شروحات تنقيح الفصول فاولها ما هو شرح المؤلف نفسه الامام القرافي رحمه الله ولم يعتني بتسميته تسمية خاصة بل هو شرح تنقيح الفصول هو اول شروح الكتاب لا شك هو اكثرها شهرة اكثرها اهمية لان المؤلف نفسه هو صاحب الشرح وهو ادرى بمقاصده من غيره. يقول رحمه الله في المقدمة كما سيمر بك في الدرس القادم ان شاء الله فلما كثر المشتغلون به رأيت ان اضع له شرحا يكون عونا لهم على فهمه وتحصيله وابين فيه مقاصد لا تكاد تعلم الا من جهتي. لاني لم انقلها عن غيري. وفيها غموض فاشار رحمه الله انه ابتكر مسائل وابداها ليست لغيره وقد تحتاج الى شرح فتولاها رحمه والله بالشرح. على شرح القرافي نفسه حاشيتان مطبوعتان احداهما منهج التحقيق والتوضيح لحل غوامض التنقيح لمفتي الديار التونسية الشيخ محمد بن حمودة بن احمد جعيط والكتاب مطبوع في احدى طبعاته السابقة بحاشية آآ المفتي محمد جوعيط رحمه الله تعالى مفتي تونس فاتوا سنة الف وثلاثمائة وسبعة وثلاثين للهجرة الحاشية الثانية حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات كتاب التنقيح للامام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمة الله عليه ايظا الامام الفقيه آآ المتوفى سنة الف وثلاثمائة واربعة وتسعين للهجرة. هذا شرح القرافي وهاتان حاشيتان عليه. الشرح الثاني شرح ابي العباس احمد بن عبدالرحمن القروي الشهير بحلوله اصولي المالكية المتأخرين وامامهم المتوفى سنة ثمانمائة وثمانية وتسعين. والذي اعتنى كثيرا بشروحات اصولية كان السمت فيها في السعة والاستيعاب والاستطراد واحتواء ما تتعلق به المسائل في عامة شروح ابي حلوله رحمه الله وضع شرحا على تنقيح القرافي سماه التوضيح في شرح التنقيح اه حقق في رسائل علمية في جامعة ام القرى الشرح الثالث وهو شرح مطبوع متوفر في المكتبات ومن اجود وانفع شروح تنقيح الفصول رفع النقاب عن تنقيح الشهاب للشوشاوي ابي علي حسين ابن علي المالكي رفع النقاب حوى زبدة شرح القرار في نفسه وكمل نقص الكتاب القرافي في شرحه لم يعتمد شرح الجمل والالفاظ كلمة كلمة هو اشبه بتعليق يأتي برأس الفصل او ربما اتى بالفصل او بقطعة منه فيريده اختصارا ثم يعلق على بعض مواضع اشكالات او بيان او لكنه لم يكن ده سبيل الشرح والتفصيل والاستقصاء اما الشوشاوي في رفع النقاب فانه اعتنى بترتيب مسائل الفصول اضاف فوائد واستدرقات شرح الكتاب لفظة اللفظة واعتنى ايضا لذكر بعض المسائل وتفقيره وترتيبه فكان من اجود شروح تنقيح الفصول وهو مرجع مهم لمن اراد التوسع في شرح تنقيح الفصول القرافي رحمه الله تعالى ثمة شروح اخرى بعضها مخطوط وبعضها مفقود حسبك منها التي اشرت اليها شرح القرار في نفسه وشرح الشوشاوي وشرح حلوله ايضا وان كان غير متوفر كثيرا سوى ما كان من الرسائل العلمية. اه كتاب الامام القرافي رحمه الله تعالى وقد علمت شروحه وبعض مزاياه وما يتعلق به يهمك ايضا ان تدرك انه رحمه الله تعالى لما اعتنى بكتابه واحكمه وجوده اعتنى به العلماء ووجدوا فيه ثراء علميا وجدوا فيه خلاصة للمحصول. وجدوا فيه تحريرا لمذهب كان يدرس لطلاب العلم وكثر الاشتغال به في حياة مؤلفه الامام القرافي. وهذه ميزة قلما تجدوها لمؤلف تبوا له القبول والانتشار في حياة مؤلفه رحمه الله تعالى. وهذا يبين سبب كثرة النسخ الخطية المحفوظة لهذا الكتاب حتى اليوم فظلا عن التالف منها فلما اقبل الناس عليه كثرت نسخه وانتشرت وتداولها. الناس من مزاياه كما قلت لك حفظ شيئا من اراء كبار الاصوليين المالكية خصوصا والكتب التي اندثرت مثل الافادة للقاضي عبدالوهاب. فكان كتاب طرافي من اجل كتب الاصولية اه الكتب الاصولية عند المالكية. ولهذا قال اه ابو علي الشوشاوي صاحب رفع النقاب قال ده التأليف من اجل التأليفات وافضل المختصرات لاشتماله على قواعد الاصول ومبانيها واحتوائه على ما لابد الفقيه منه آآ نختم فقط ببيان مكانة تنقيح الفصول بين كتب المالكية اجمالا. وهذا يستدعيك الى محاولة لحصر اسماء كتب الاصول على مذهب المالكية حتى تقف على مكانة تنقيح الفصول منها. عندما تمرر النظر على ما هو وجود بين ايدينا وقد يكون في تراث الامة المفقود شيء لم يصلنا بعد. الا انك تقف على الكتب التي مرت بك قبل قليل. المقدمة لابن القصار ابي الحسن علي ابن احمد ابن القصار وهي مقدمة لكتابه عيون الادلة. ثلاث مئة وثمانية وتسعين للهجرة. تنتقل الى الافادة للقاضي عبدالوهاب بالنصر البغدادي اربع مئة واثنين وعشرين للهجرة تنتقل الى احكام الفصول للباجي ابي الوليد والاشارة في معرفة الاصول والوجازة في معنى الدليل اربع مئة واربعة وسبعين ليس بعد هذه الكتب كتاب اصولي معتبر يحوي اصول المالكية ويرجع اليه سوى تنقيح الفصول القرافي فكانت نقلة من جهة وضمن لاصول المالكية مع محصول الرازي الذي اصبح ركنا ركينا في علم الاصول من جهة واضافات القرافي وتحريراته النفيسة من جهة اخرى فهذه ثلاثية اجتمعت في تنقيح الفصول جعلته في ثبت الاصول المالكية ليس مجرد سلسلة في التأليف المذهبي للاصول عند المالكية بقدر ما هو تحرير وجمع تنقيح وربط لاصول المذهب بكتاب هو ام وركن وعمدة في كتب الاصول وهو محصول الامام الرازي فضلا عن امامة قرأ في نفسه رحمه الله ثم تأتي بعد القرافي فتجد ابا القاسم محمد ابن احمد ابن جزي الكلبي وفاته سبع مئة وواحد واربعين في تقريب الوصول الى كعلم الاصول ثم جاءت الكتب المتأخرة في النظم والكتب المتوسعة ونشر البنود ومراقي الصعود ونحوها التي جاءت فيما بعد محاولة للم شتات اصول المالكية. حقيقة يبدو لك ان المكتبة الاصولية في مذهب الامام مالك رحمه الله تكاد تكون اقل كتب الاصول بين المذاهب الاربعة. فان كتب الاصول في مذهب الحنفية اكثر عددا. انا لا زلت اقول ايضا على الاقل نتكلم في حدود المطبوع والموجود او المعروف في مكتبات الاصول وما اشتغل عليه الناس وخدموه بتراث علمي وتحقيق واخراج ونحوه بينما تجد كتب الحنابلة ايضا اكثر عددا ووفرة. اما كتب الشافعية فهي اكثر المذاهب الاربعة وفرة في المكتبة الاصولية فيها اه اخيرا اه من الجهود التي اشتغل عليها اهل العلم في تنقيح الفصول القرافي اختصاره وهو مختصر لكنه وجد عليه اختصاران احدهما اقليد الاصول للقاضي ابن فرحون اليعمر ابراهيم ابن علي الذي ترجم للقرافي واشاد به كثيرا وفاته سبع مئة وتسعة وتسعين اراد اختصار تنقيح الفصول الذي هو محل درسنا لم يكمله رحمه الله بل وصل فيه الى النسخ ولم يتم الكتاب المختصر الثاني لمؤلف مجهول وقد طبع هذا المختصر الثاني هو مختصر لتنقيح الفصول. طبع ضمن مجموعة كتب بعنوان ان متون اصولية مهمة في المذاهب الاربعة نشرتها قديما مكتبة ابن تيمية بالقاهرة سنة الف واربع مئة وثلاثة عشر للهجرة ضمت اربع متون اصولية مختصرة المنار ليس المنار مختصر المنار لزين الدين الحلبي الحنفي والورقات لابي المعالي الجويني الشافعي ومختصر تنقيح الفصول للقرافي المالكي وقواعد الاصول لصفي الدين الحنبلي. فاتى بكتاب مختصر في الاصول لكل مذهب من المذاهب اربعة قد يبدو لك ان مختصر تنقيح الفصول هو متن تنقيح الفصول لكنه ليس كذلك هو اختصار له ولم يبين مؤلفه من هو وظن بعض الناس ان المختصر للقرافي نفسه لكن ليس له. لا الاسلوب ولا العبارات ولا الجمل وقال في اخره قال مقيده ومحرره مختصره فرغت منه سنة كذا بدمشق ولم يكن للقرافي رحمه الله خروج الى الشام ولا معرفة له في حياته باتيان منه الى دمشق. رحمة الله عليهم هذا المختصر المطبوع عليه تعليقات للامام جمال الدين القاسمي علمت الشام رحمه الله تعالى لكن ايضا ليس فيه دلالة على صاحب مختصر ولا يعرف عند الباحثين من صاحبه على وجه التحديد وقد يبدو بدراسة او بحث اكثر سعة. فهذان مختصران احدهما لم يتمه بن فرحون والثاني مختصر لجملة مسائل تنقيح الفصول اورد فيه موجزها واهمها. هذا يا كرام جملة ما يتعلق بكتابنا الذي سنشرع فيه بشرح ودرس من الاسبوع القادم ان شاء الله في لقاء اسبوعي يكون كل اربعاء. اشارة اختم بها الى ان الكتاب اعني تنقيح الفصول محل درسنا طبع طبعاات عدة وكان اخرها طبعتان محققتان آآ بشرت بهما المطابع قبل اسابيع يسيرة اه احدهما طبعة دار النفائس بالكويت او دار اسفار عفوا بالكويت ومحققها الشيخ سعد ابن عدنان ابن سعد الخضاري ورسالته في الاصل هي رسالة علمية لنيل درجة الماجستير في قسم الاصول من جامعة القصيم. والرسالة الثانية ايضا تم الاعلان عنها غير ان الكتاب لم يخرج بعد وثمة طبعة ثالثة محققة موجودة بالمكتبات لكنها ليست رسالة علمية في ختام هذا المجلس نسأل الله عز وجل جلت قدرته باسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يكون هذا مجلسا مباركا يمن الله علينا في بفضله اولا وباخلاص نياتنا له ثانيا وبسداد وفهم وتوفيق نرزق فيه في مجالسنا هذه لشرح هذا كتاب وفيه من الاثر ما نرجو الوصول اليه وبلوغه بعون الله تعالى وتوفيقه. الفضل لله وحده والعون منه وحده والاخلاص ينبغي ان يكون لوجهه والسؤال والدعاء والضراعة اليه جل جلاله ان ييسر لنا وان يفتح علينا وان يوفقنا ويهدينا ويسددنا. اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا سبحانك انك انت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا حي يا قيوم قيوم ربنا اغفر لنا وارحمنا واغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين