اما شعرت لما تقول لبيك اللهم لبيك ان الدعوة التي نادى بها ابراهيم الخليل عليه السلام قبل الاف السنين والتي انفذها الله في اصلاب الاباء وارحام الامهات بلغتك في الازل في تلك الازمنة الغابرة وها انت اليوم تأتي فتجيب وتقول لبيك اللهم لبيك بالله شعرت بهذا المعنى وشعرت انه تشريف الهي كبير عظيم اكرمك الله به فشعرت انك احتقر كل ما يمكن ان تكون قد قدمته لربك عندما رضيك واذن لك ان تأتي حاجا هذا العام. استشعر هذا المعنى. والله يا اخوة احج الحجيج صغيرهم وكبيرهم غنيهم وفقيرهم ابيضهم واسودهم عربيهم واعجميهم والله ما حج واحد من هؤلاء ما حج بجهده ولا بقدرته ولا بغناه ولا بشيء من تدبير نفسه. والله ما هو الا فضل الله ليعلم العباد ان المسألة ليست متوقفة على قدرة بدنية او مالية او وسائط او علاقات او اسباب يبذلها الانسان لاننا نعرف يقينا انه يوجد من المسلمين. من هو اغنى الف مرة من كثير من الحجيج الذين حجوا وهو لم يحج ونرى من خلق الله من المسلمين الالوف ممن هو اكثر صحة وعافية واوسع رزقا واكثر فرصة للاسباب واكثر امكانا للوصول الى الحج ومع هذا لم يحج. اما سألت نفسك يوما لم ايا كانت الاسباب في النهاية لان الله ما اذن له. فكرت في هذا المعنى يا اخي حتى المكي الذي يرى انه في مكة وان الحج لا يكلفه سوى الخروج من بيته ولباس الاحرام وقدومه على المناسك وانه لا يكلفه شيء. لا تظن اخي الكريم ان المسألة ايضا عائدة الى اجتهادك والى شاطئ الى رغبتك والله لو ما اذن الله لك ما حججت ولو كنت يوم عرفة داخل عرفة. اعلم رعاك الله ان المسألة ما تعود الى جدي الواحد ولا حرصه ولا اجتهاده ولا اسبابه التي يبذلها. والله هو كرم الله وفضل الله عز وجل حج سفيان الثوري اربعين حجة وحج عطاء سبعين حجة وعطاء يذكر عنه انه كلما وقف بعرفة في حجه يقول اللهم لا تجعله اخر العهد بحج بيتك الحرام. وهو في مكة فقيه المناسك عطاء. كان ابن عمر اذا جاء مكة في الحج وهو صحابي ويأتيه الناس يستفتونه. يقول اليس فيكم عطاء؟ تسألوني وفيكم عطاء فكان يحيل اليه في فقه المناسك وفتوى الحج. هذا عطاء حج سبعين سنة. وفي كل سنة يشعر انه لا غنى له ان يسأل ربه ان يعيد له الحج مرة اخرى. ما ركن يا احبة والله لا الى سكناه في مكة ولا الى امامته ولا الى علمه ولا الى صلاحه. هو ركن الى فضل الله فطرق الباب يحج في كل سنة يقول يا رب امنحني عاما اخر. يقولون ويذكر هذا في سيرته. فلما كانت اخر حجة حجها قال استحييت من ربي ان اسأله. فمات من عامه المسألة متوقفة على فضل الله. يا اخي ما انت وما اسبابك ومالك؟ وما وساطاتك؟ وما علاقاتك؟ والله لولا فضل الله عليكم ورحمتهم ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء. يراد في الحج ان نعيش هذا المعنى. ابتداء من التلبية. ان تعلم ان الله اذن لك. استشعر هذا الفضل والله لتستحي ان تؤدي اي خطوة في المناسك الا على اكمل وجه واتمه. تريد ان تثبت لربك ان كعبد شكور انك قدرت النعمة وانك عرفت فضل الله عليك. فما تحب ان يراك الله بعد هذا مقصرا في شيء من المناسك؟ ولا متخففا ولا مترخصا ولا مستهينا حاشا لانك تريد ان تقابل فضل ربك وعطاءه وكرمه عليك بمزيد من اجتهادك في العبادة وسبقك الى خيرات وحرصك على اتمام المناسك قدر المستطاع. وعندئذ سيكون في الخطوة التالية من تعظيمك لله تعظيم النفقة. كما قلت من الحرام والمشتبه وما لا تطيب به النفوس. وتجعل نفقتك حلالا خالصا تعظم الله. لان الله اذن لك بحج بيته الحرام تستمتعوا تتلذذ تعظموا المواقف العظيمة كيوم عرفة والطواف والسعي. وعندئذ سيكون يغلب عليك ما كان يذكر عن السلف. رجاء العظيم الشديد في قبول الله في حجهم مع الخوف من الحرمان. هذا الميزان الدقيق بحاجة الى ان تعيشه بقدرة كافية في ايام الحج ترجو الله ان يقبلك. وتتعلق في المواقف العظيمة باذيال الرجاء. تسأل ربك طامعا وملؤك الرجاء الصادق وحسن الظن بالله ومع هذا يحفك من الجانب الاخر خوف الحرمان. خوف الرد خوف عدم القبول. زين العابدين سيد الناس في زمانه امام وعلما وصلاحا وتقى كان اذا احرم واستوى على راحلته اصفر وارتعد لسانه وانعقد وما استطاع ان يلبي فلما يسأل يقول اخشى ان يقول لي لا لبيك ولا سعديك يستشعرون هذا المعنى وانهم مهما بلغوا وبذلوا واتوا من الاسباب الا ان المسألة موقوفة على فضل الله هذا التوازن والله يجعلك تتقلب بين طمع في فضل الله ورحمته وبين تعلق بالرجاء وحسن الظن والخوف من عدم القبول او من الحرمان من تعظيم الله عز وجل في الحج ايها الاحبة الكرام تعظيم الهدي