بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على امام الهدى وسيدي الورى نبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه اما بعد فهذا هو المجلس الخامس عشر بعون الله تعالى وتوفيقه من مجالس شرح مختصر التحرير في اصول الفقه الحنبلي المنعقد في هذا اليوم العاشر من شهر ربيع الاول سنة ثلاث واربعين واربعمئة والف من الهجرة في رحاب مسجد المصطفى صلى الله وعليه واله وسلم. وهذا المجلس سنفتتح فيه بعون الله باب الاجماع وقبل الحديث عنه هذا مدخل يبين اهمية العناية بهذا الباب عند علماء الشريعة اعلم وفقني الله واياكم ان الاجماع بتعريفه ووصفه وشروطه الاتي ذكرها في هذا الباب. وفي التناول الاصولي تأصيل لهذا الدليل الشرعي العظيم في شريعة الاسلام فان الله جعل لشريعته في الحلال والحرام مصدرا تستقي منه الامة هذه الاحكام التي تتعبد بها لرب الانام ورأس ذلك الوحي كتابا وسنة ويلحق به اجماع الامة فيما قصدت به الشريعة ان يكون مصدرا من مصادر التشريع في الاسلام. ولاهمية هذا الدليل عني به الفقهاء ويرصدون مواطن اجماع العلماء في مختلف ابواب الفقه. للدلالة على جملة من الامور اهمها بيان مكانة هذا الدليل واثره في استقرار الاحكام في الشريعة فان احكام الشريعة بالنظر اليها في الجملة تنقسم الى قسمين الاول من عقد الاجماع عليه. والمراد به الذي لم تختلف فيه امة الاسلام منذ صدر الاسلام الاول والى اليوم والثاني قسم يقع فيه الخلاف والخلاف عندئذ على مراتب. فمنه الخلاف القوي المعتبر ومنه الخلاف الضعيف والشاذ ومنه ما هو وسط بين ذلك مراتب شتى. فائدة هذا التقسيم هو بيان جملة من الفوائد والثمرات من اهم كان ضبط ما يسوغ فيه الخلاف وما لا يسوغ. فان من اهم ضوابط ومعايير الخلاف السائغ الا يكون من معاقد الاجماع. فمن قضى عليه الاجماع لا يصوغ فيه الخلاف. لان من احكام الاجماع وثمراته عدم تجويز مخالفته. بل فاذا كان قاطعا ولا عذر فيه لمخالفه يبلغ انكاره حد رفض الحكم ثابت بالشريعة الموصل الى الكفر عياذا بالله وما ساغ فيه الخلاف هو مما لم ينعقد فيه الاجماع. فهذا احد ثمراته. وثانيه ايضا غلق باب الاجتهاد المنضبط في المسائل التي انعقد عليها الاجماع. بدعوى اختلاف الزمان واختلاف الاحوال وحاجة العصر الى ما يناسبه من احكام فيراد به رمي جملة من احكام الشريعة او نبذها فيقف الاجماع حصنا يحرس احكام الشريعة من هذا العبث بمسمى تجديد الاحكام فهذا احد وجوه اهمية دراسة الاجماع. وبيان فائدته وثمرته لدارسه جملة ولفقهاء الاسلام خاصة ولذلك تجدهم في كل ابواب الفقه يحرصون على بيان مواطن الاجماع فيه. ولهذا ايضا عدوا من شروط الاجتهاد للمجتهد امامه بمواطن الاجماع والتمييز بينها وبين مواقع النزاع حتى لا يجتهد فيمن عقد فيه الاجماع فيخالفه او يزعم اجتهادا فيما قد انغلق بابه بالاجماع. وهذا التمهيد لبيان اهمية الاجماع ودراسته وضبط الفقيه له والعناية به وعدم تسويغ الاجتهاد لمن لا يتقنه او يلم به جعل هذا الباب من اكد ابواب الاصول عند علماء الاصول. لكنهم على طريقتهم في تقرير الادلة. ليسوا يقصدون بالادلة شرعية دراسة تفاصيلها واحكامها الجزئية المرتبطة بادلتها. لكنهم يوردون الادلة من حيث الاجماع بمعنى انهم لا يبحثون في دراسة الاصول عن مواطن الاجماع لضبطها وتحديدها وسردها. ولكن لاجل تأصيل ايه دليل الاجماع كيف يكون دليلا؟ وما شروطه؟ وما الفرق بين القطعي منه والظني ويفرقون بين الاجماع الصريح قوتي وما ضابط كل وجملة من المسائل المنعقدة بالاجماع مرورا بكيف يثبت الاجماع. والى اي مدى كونوا امكانية انعقاده ثم نقله وحفظه ثم الاحتجاج به ونصبه دليلا معتبرا. هذا المقصود بتناولهم الاجماع من حيث الاجمال اجمالا لا البحث عن مواطن المسائل التي اجمع عليها الفقهاء موطنا موطنا. وقبل آآ ان نغادر هذه المقدمة من المهم ان نسأل سؤالا. قلت في بداية الكلام ان احكام الشريعة تنقسم في الجملة الى احكام متفق عليها مجمع عليها والى احكام مختلف فيها على اختلاف مراتب الاختلاف هذا الذي وقع فيه الاجتهاد. السؤال هو عند تصنيف احكام الشريعة الى هذين القسمين اي القسمين سيكون اكبر واوسع واعظم ما لم يقع فيه الاجماع ها ما وقع فيه الاختلاف ينصرف النظر عند الاجابة عن هذا السؤال الى كتب الفقه الخلافية الكبرى كالمغني مثلا لابن قدامة او المجموع للنووي وتتمته او فتح القدير لابن الهمام او بداية المجتهد لابن رشد ونحوه ثم تحصي فيها عشرات ومئات بل والوف المسائل فيخيل اليك ان ابواب الوضوء مثلا والصلاة والزكاة والصيام كثيرة مسائلها التي اختلف فيها الفقهاء والحق يا كرام ان من عقد عليه الاجماع اجماع الفقهاء في مسائل الفقه في مختلف الابواب ليست اكثر فقط بل اضعاف اضعاف ما وقع فيه الخلاف لكن النظر لا يلتفت اليها لانها لا تحصى ولا تسرد ولا تساق واضرب لك مثالا هذه الصلاة لو اردنا ان نحصي المسائل التي اجمع عليها الفقهاء في الصلاة ما احصيناها في مجلس كهذا فمما اجمعوا عليه وجوب الصلوات الخاصة ومما اجمعوا عليه اوقاتها الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. فلا احد قال ان المغرب وقته بزوال الشمس وقت الظهر ولم يقل احد ان وقت الفجر بعد غروب الشمس ومما اجمعوا عليه ان صلاة الفجر ركعتا وان الظهر اربع والعصر اربع والمغرب ثلاث والعشاء اربع ومما اجمعوا عليه ان صلاة الفجر ركعتان جهريتان وان الصلوات السرية الظهر والعصر ومما اجمعوا عليه ان الركعتين او ما زاد على الركعتين في الثلاثية والرباعية تكون سرا. ومما اجمعوا عليه ان كل ركعة في الصلاة فيها يا قيام فركوع فرفع فسجدتان بينهما جلسة. ومما اجمعوا عليه ولن تحصي مواطن الاجماع في الصلاة لكنك عندما تدرسها فتقول اختلفوا في ركنية قراءة الفاتحة او فرضيتها واختلفوا في رفع اليدين في تكبيرة الاحرام وفي الركوع والرفع من الركوع واختلفوا في النزول للسجود هل هو على اليدين او على الركبتين؟ تدخل في مسائل الخلاف متجاوزا مواضع الاجماع التي هي اضعاف اضعاف مسائل الخلاف. وهذا يعود بك مرة اخرى الى ظبط مسائل الاجماع واهمية الفقيه يهمه حصر مواضع الاجماع وذكرها والاستدلال لها واثباتها. والاصولي يهمه ضبط قوانين الاجماع ونظام وظبط شروطه بحيث اذا مر به في الفقه مسألة اجماع او تنازع فيه من يدعي الاجماع ومن ينفيه حاكمه الى ما يدرس ويقرر في الاصول من ضوابط الاجماع وشروطه او تعارض عنده دليلان فافضى النظر الى ما يتعلق به. فمسائل الاجماع كثيرة. اذا ضربنا مثالا بالصلاة ستجد امثاله في صوم رمضان وفي زكاة المال وفي الحج والعمرة وفي المعاملات كذلك وفي النكاح والطلاق كذلك. فمسائل كثيرة جدا انعقد عليه الاجماع لم يختلف فيها ائمة الاسلام فلو قال قائل هذه المسائل التي تظرب لها الامثلة كلها بلا استثناء كثير من المسائل التي دل عليها دليل الكتاب والسنة فما حاجتنا الى الاجماع؟ والجواب عن هذا كثير اهمه جوابا. الاول انه من باب انضمام الدليل الى دليل اخر ولا شك ان تعدد الادلة على المسألة الواحدة اكدوا واوثقوا واقوى في تقريرها مما قل عنه من الادلة. فما المانع اذا ووجدت دليلا من القرآن على مسألة ما حرمت عليكم امهاتكم دليل نص في تحريم نكاح الامهات. ما المانع ان تجد له دليلا اخر من السنة يؤازره فلن يقول قائل لا يكفينا دليل القرآن ولا حاجة بنا الا دليل السنة فاذا وجدت مع دليل القرآن ودليل السنة دليلا من الاجماع فما المانع من ايراده هذه اذا واحدة. والجواب الاخر ان تقول ان دليل الاجماع احيانا في مسائل كثيرة لا يكون واضحا وصريحا قد لا يكون دليلا قويا ثابتا في السنة بل يعتريه ضعف او قد يكون دليلا غير ظاهر الدلالة. او قد يكون دليلا تتنازعه احتمالات في الفهم فيأتي دليل الاجماع الذي تحسم به احتمالات الدليل الظني في فهمه او الظني في ثبوته فينعقد الاجماع ليكون مؤكدا اذا للحكم الذي يشار اليه بهذا الدليل او ذاك. وهناك اجابات اخرى والمقصود ان وجود المسألة بادلة اخرى لا يعارضها وجود دليل الاجماع بل هو مهم. ولذلك تجد الفقهاء يقول دل على المسألة الكتاب والسنة والاجماع وربما قال دل الشرع والعقل والنقل فاستدلوا بدليل من القرآن وثاني من السنة وبالاجماع ويضيف الى ذلك ايضا دليل قياس هو اذا تعاضد للادلة ومؤازرة لبعضها البعض وتوكيد لها. فاذا وجد الخلاف في المسألة وتجاذبت الانظار انجد بتلك الادلة لترجيح ما يراه الفقيه منها راجحا. كل هذا يقال بين يدي حديثنا عن دليل الاجماع والدرس الاصولي الذي يهتم له الاصوليون في كتبهم لتقرير هذا الدليل وتوكيده وبيان معناه وهذا الذي سنفتتح به مجلس اليوم ان شاء الله تعالى. نعم احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم ربنا علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وجدنا علما. اللهم ربنا اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه. ولمشايخه وللمعلمين وللحاضرين والسامعين ومن بلغ. قال المؤلف رحمه الله تعالى باب الاجماع لغة العزم والاتفاق اقتراحا اتفاق مجتهد الامة في عصر على امر ولو فعلا بعد النبي صلى الله عليه وسلم. اللهم صلي وسلم وبارك عليه. ابتدأ رحمه الله بتعريف الاجماع فقال الاجماع لغة العزم والاتفاق العزم على فعل شيء يسمى اجماعا واتفاق اكثر من واحد على امر يسمى ايضا اجماعا. فيعود اصل الاجماع في معناه اللغوي الى هذين المعنيين ودليل الاجماع الشرعي الذي نتحدث عنه اتفاق المجتهدين. هل هو من العزم ام من الاتفاق هو من الاتفاق لكن مما دل عليه في اللغة وفي نصوص الشريعة دليل العزم معنى العزم مثل قوله تعالى فاجمعوا امركم وشركاءكم في قصة نوح اتلوا عليهم نبأ نوح في سورة يونس. قال فاجمعوا امركم وشركاءكم. اجمعوا يعني اعزموا امركم اذا اذا كان الاجماع لغة بمعنى العزم فانه لا يحتاج الى تعدد فيصح من الواحد لانه يعزم على الشيء فيقال اجمعت امري على كذا يعني عزمت على ان افعل كذا. فهذا لا علاقة له بمعنى تعدد الاطراف لتحقيق الاتفاق. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي اخرجه اصحاب السنن من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له يقصد به النية من لم يجمع الصيام يعني من لم يعزم والمراد به النية عقد النية في الصيام وهو محمول على صوم الفرض كما تعلمون فهذا المعنى في اللغة بالاجماع يعود الى العزم والاتفاق. ومنه اخذ المعنى الشرعي من معنى الاتفاق الاجماع قبل الدخول في التعريف للاصطلاح بقيوده هو ان يتفق فقهاء الاسلام في اي عصر من العصور على حكم ما فاذا انعقد اجماعهم اصبح دليلا شرعيا معتبرا ولو لم نجد فيه دليلا منصوصا من الكتاب او السنة اجمع علماء العصر الحاضر على تحريم مثلا بعض صور العقود عقود انكحة او عقود بيع فاذا اتفقوا على شيء او على تحريم شيء من المطعومات او على حل شيء اخر. اذا انعقد الاجماع اصبح حجة بمعنى ان نقول هذا حرام والدليل الاتفاق والاجماع والمنعقد وسيأتيكم ان الاجماع والاتفاق لا ينعقد الا عن دليل لا يستند الى هوى ولا الى اراء شخصية لان هذا دين الله وهذه شريعته ولا مدخل لاحد من البشر كائنا من كان في ان يحلل او يحرر ما بمحض رأيه وهواه. فاذا يعود الاجماع وينعقد عن دليل ولابد ان يستند الى حجة. اتفاق مجتهد الامة في عصر على امر ولو فعلا بعد النبي صلى الله عليه وسلم. في التعريف هذا قيود اولها الاتفاق والمراد به نفي الاختلاف. فلا يكون اجماعا الا باتفاق والمراد به عدم التخالف. القيد الثاني قيد اتفاق هنا بالمجتهدين ولا يدخل في الاجماع المعتبر الذي ينعقد به فيكون دليلا وحجة الا العلماء المجتهدون فمن لم يبلغ درجة الاجتهاد لا صلة له بدليل الاجماع بمعنى انه لو اتفق العلماء على مسألة ما فخالفهم احد من العوام والمراد بالعامة هنا ليس الاميون الذين لا يقرأون ولا يكتبون. لكن المراد من لا عناية له بعلم الشريعة. ولم يبلغ فيه لدرجة التضلع والاجتهاد فهو عامي بالنسبة الى علوم الشريعة. فلا عبرة بخلاف هؤلاء. وقد يكون مثقفا او قد يكون معلما وبارعا في مجاله وتخصصه. لكنه في علم الشريعة يعتبر عاميا. فالمعتبر قوله في الاتفاق في دليل الاجماع هم مجتهدون خاصة وسيأتينا بعد قليل ماذا عن علماء باقي العلوم؟ فهل اتفاقهم وخلافهم معتبر مؤثر او لا القيد الثالث قال مجتهد الامة امة الاسلام يعني لا عبرة باجتهاد غيرهم وخلافهم. وسيأتيكم ايضا ما حكم اجماع الامم الخالية بعد قليل؟ القيد قال في عصر يعني في اي زمن وقيده في اخر التعريف بقوله بعد النبي صلى الله عليه وسلم. لانه لا حاجة الى الاجماع زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وسبب ذلك ان الوحي ينزل. وما احتاجت فيه الامة الى كحكم جاء به الوحي والقرآن ينزل والنبي صلى الله عليه وسلم بينهم حي حاضر. فلا حاجة الى ان يتفقوا او يختلفوا على امر والوحي موجود فالاجماع المعتبر حجة يبتدأ من بعد وفاة رسول الله. صلى الله عليه وسلم. ولما اختلف الصحابة بعد مماته عليه الصلاة والسلام سلام في بعض الامور حسمها الاجماع والاتفاق كما اختلفوا رضي الله عنهم في تنصيب الخليفة بعد مماته ثم انعقد اجماعهم رضوان الله عليهم على مبايعة ابي بكر رضي الله عنه خليفة واختلفوا في جمع المصحف بعد مماته صلى الله عليه وسلم لما قتل الحفاظ والقراء في حروب اليمامة في حروب وبالردة فانعقد اجماعهم على كتابته وجمعه زمن ابي بكر رضي الله عنه ثم جمع ثانية وكتب زمن الخليفة عثمان رضي الله عنه واجمعوا ايضا وانعقد اتفاقهم على قتال المرتدين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه امثلة وستجد غيرها على مر العصور مثلها فبداية الاجماع وانعقاده دليلا كان بعد ممات رسول الله عليه الصلاة والسلام. لكن قوله في عصر يدل على انه لا ينحصر بجيل وعصر دون غيره اشارة الى خلاف سيأتي ذكره بعد قليل؟ هل الاجماع مخصوص بزمن الصحابة رضي الله عنهم؟ ام هو ممتد يشمل كل عصر وجيل في الامة الى يوم الناس هذا وفيه خلاف سيأتي ذكره بعد قليل. قوله على امر في هذا القيد الخامس في التعريف مطلقا يشمل الامر الديني والدنيوي واللغوية وغير ذلك. يعني لو اجمعوا على امر دنيوي يتعلق مثلا بمسائل الطب او صحة البدن او امور البناء والهندسة. اتفق الناس على صلاحية هذا وعدم صلاحية ذاك. هل يسمى هذا اجماعا في اللغة نعم لكن الخلاف هل يدخل هذا في مصطلح الاجماع الشرعي وكذلك الشأن في الامور العلمية الاخرى غير علوم الشريعة فاذا اردت ان تجعل الاجماع منحصرا بمسائل الفقه الشرعي ستقول في التعريف اتفاق المجتهدين على ايش على حكم شرعي وهذا هو الفرق في التعريف بين من يورده من الاصوليين. فيقول مثلا ابو يعلى في العدة ابو الخطاب في التمهيد يقول الاتفاق الاجماعي اتفاق علماء العصر على حكم حادثة. فيأتي مثلا الروضة في اه مختصر الروضة للطوفي فيقول على امر ديني. فيقيده بهذا القيد وقصدهم بهذا القيد اخراج الامور غير الامور الشرعية فالاتفاق عليها لا يسمى اجماعا شرعيا. والكل متفق على ان الاجماع المعتبر دليلا شرعيا في الشريعة والاتفاق على احكام الشريعة قوله في التعريف ولو فعلا يقصد ان هذا الاتفاق لا فرق بين ان ينعقد على قول او فعل ان يجمعوا على فعل يفعلونه او قول يقولونه الامر في هذا سواء فلو قال اتفاقهم اجماعهم على امر الم يكن يشمل القول والفعل؟ الجواب بلى فلماذا قيد الفعل او ابرزه قال رحمه الله صاحب التحرير نفسه في الشرح قال انما ابرزته وان كان داخلا في قوله على امر للايضاح والبيان والتأكيد لانه ايضا من مواضع الاختلاف هل الاجماع على الفعل يعتبر اجماعا وسيأتي ذكره بعد قليل. هذه اذا قيود التعريف اتفاق وان يكون صادرا عن المجتهدين وتخصيصه بهذه الامة وان يكون بعد ممات النبي صلى الله عليه وسلم وان يشمل اي عصر وزمان وان نقع الاجماع على امر سواء كان قولا او فعلا. هذه قيود متعددة. هذا الاجماع بهذا التعريف هو يعتبر دليلا في الشريعة. قال رحمه الله تعالى بعد هذا التعريف مبينا حجته ثم ذكر المسائل المتعلقة به نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى وهو حجة قاطعة بالشرع وهي حجة اي الدليل. دليل الاجماع قاطعة بالشرع. ها هنا مسألتان. الاول اثبات حجية دليل الاجماع ومعنى حجيته كما قلت لك ان ينصب دليلا لاثبات الاحكام به فقل هذا يجوز وهذا واجب وهذا حرام وهذا كذا والدليل الاجماع. فاذا ابرزت دليل الاجماع وصح لك اثباته اصبح حجة قاطعة. فالمسألة الاولى ان دليل الاجماع حجة وحجيته هو مذهب اهل الاسلام كافة المذاهب الاربع وغيرها كثير ومختلف فقهاء الاسلام لا يصدرون الا عن هذا القول خلافا لفئة شاذة في الامة افرادا او طوائف كما خالف في ذلك النظام فينسب اليه انكار حجية الاجماع وخالف فيه ايضا الرافضة وبعض المعتزلة انكارهم لدليل الاجماع غير معتبر لانهم خالفوا فيه سواد الامة الاعظم فالاجماع بهذا المعنى المتقدم في التعريف انفا حجة معتبرة. تبنى عليه الاحكام ويستدل بها الفقهاء. ويستشهد به في تقرير اثبات الاحكام واغلاق باب الاختلاف لمصير الامة اليه. ثم قال رحمه الله حجة قاطعة. المسألة الثانية هنا هو اثبات درجة دليل الاجماع هل هو درجة القطع ام درجة الظن؟ والفرق بينهما ان ما ثبت حجة قاطعة ثبت الاستبداد به وحرم مخالفته ولا يجوز العدول عنه ويأثم صاحبه بتعمد مخالفته بخلاف ما كان اذا كان حجة ظنية. فان الخلاف فيه يكون سائغا. ومع اعتباره حجة الا انه لا يبقي الباب مغلقا لكونه ظني الدلالة الذي عليه جمهور علماء الاسلام من المذاهب كافة هو هذا ان حجية الاجماع حجة قاطعة. فيما ذهب بعض اصوليين كالرازي والامدي الا ان الاجماع حجة ظنية. ولهم في ذلك تقرير واستدلال خالفوا فيه الجمهور بادلة اجاب عنها العلماء ليس هذا موضع ذكره. وثمة قول ثالث وسط بان الاجماع ليس حجة قاطعة بكل صوره ومراتبه وانواعه وليس حجة ظنية ايضا بمختلف مراتبه وانواعه بل هو يختلف قطعا وظنا باختلاف نوع الاجماع. فمنه ما يكون قطعيا كالاجماع الصريح المنقول بطريق صحيح ومنه ما يكون ظنيا كالاجماع السكوت او الاجماع الذي خالف فيه الواحد او القلة او الاجماع المنعقد بعد خلاف او الاجماع الذي لم ينقرض عصره عند من يشترط العصر امثلة هذا. يعني كل جزئية من مسائل الاجماع وقع فيها الخلاف عدوا الاحتجاج به من باب بالاحتجاج الظني ومن عقد فيه الاتفاق من انواع الاجماع جعلوه حجة قاطعة. المسألة الاخيرة في هذه الجملة هو الاشارة الى مستند الاحتجاج بالاجماع. ما الذي جعلهم يقولون ان الاجماع حجة وقاطعة؟ قال بالشرع يعني الشرع هو الذي اعطى الاجماع هذه المنزلة وجعله حجة قاطعة. ما الشرع ادلة الكتاب والسنة. ليش طالبي الشرع؟ لان من العلماء من يقول ان حجية الاجماع مستفادة بالشرع وبالعقل ايضا نبدأ بالشرع ارادوا به جملة من الادلة يتوسعون في ايرادها عادة في كتب الاصول. لن نستقصيها لكن نشير اليها اجمالا. من اظهر الادلة واشهرها دليل اية التي تنسب الى الامام الشافعي رحمه الله الاستدلال بها على حجية الاجماع ولا يثبت ذلك صريحا من كلامه او كتبه لكن اه تواتر او تتابع العلماء على نسبة هذا الدليل اليه. قوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين غله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. وجه الاستدلال ان الله توعد بامر عظيم هو دخول جهنم عياذا بالله واصلاء صاحبه مرتبا هذا الوعيد الشديد على امر عظيم لن يكون الا امرا حراما. وهو مخالفة سبيل المؤمنين ومشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم. قال ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين قالوا واتباع غير سبيل المؤمنين هو مخالفة اجماعهم. فاذا جاءت الشريعة بالوعيد الشديد دل على اعتباره دليلا وحجة قاطعة وعن هذا الدليل ايضا اعتراضات واجابات يطول تقرير الاصوليين فيها. دليل ثان قول الله سبحانه وتعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. ثناء الله جل جلاله على هذه الامة بمجموعها وجعلها وسطا اي خيارا عدولا كما قال عليه الصلاة والسلام. قال لتكونوا شهداء على الناس. فاذا اثبت لها جل جلاله اثبت للامة منقبة يثبت بها شهادتها على غيرها من الامم فلا ان تكون شهادتها فيما بينها بالاتفاق على حكم شرعي اكد بالقبول واولى. ومن الادلة كذلك في الشر. قول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا الاية في النزاع او في الاتفاق في النسا فكيف يكون دليلا على الاجماع بالمفهوم نعم لانه قال فان تنازعتم ماذا نفعل فردوه الى الله والرسول. طيب واذا ما تنازعتم خلاص فاتفاقكم كاف فان تنازعتم يقولون والمشروط عدم عند عدم شرطه فين المشروط؟ المشروط فردوه الى الله والشرط ان تنازعتم قال المشروط عدم الرد الى الكتاب والسنة سيكون معدوما اذا انعدم شرطه. يعني اي اسلوب شرطي اذا وجد الشرط وجد المشروط طيب واذا انتفى المشروط انتفى الشرط قالوا المشروط عدم عند عدم شرطه. اذا تحقق الشرط تقول من جلس الان في الدرس فاسقه ماء الشرط ان يجلس والمشروط ان يسقى الماء طيب واذا ما جلس لن يسقى فالمشروط عدم عند عدم شرطه. المشروط الذي يغفر الدوه الى الله والرسول. ينتفي اذا انتفى الشرق فاذن نحن مأمورون بالرد الى الكتاب والسنة في مواضع النزاع دل ذلك على ان مواضع الاتفاق حجة بذاتها كافية فيثبت بها الحكم ويستنبط منه الدلالة. هذا من ادلة القرآن ومنه قوله تعالى مثلا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. الامر بالاتفاق وعدم الافتراق والنهي عن الاختلاف. كنتم خير امة اخرجت للناس. ايضا هذه المنقبة والشهادة بالخيرية وامثلة وهذا كثيرة وبعضها اوضح في الدلالة من بعض واظهر مجموعها واعتضاد بعضها يؤكد دلالة حجية الاجماع. اما من السنة حديث الدالة على حجية الاجماع اصرح واظهروا عند الاصوليين. ولهذا يقول الامدي رحمه الله يقول السنة اقرب الطرق الى كون الاجماع حجة قاطعة. الاستدلال بالسنة اكد واظهر واوضح. والاحاديث فيه متعددة الالفاظ لا يخلو واحد منها من نزاع اما في ثبوته او في دلالته. لكنها ايضا بمجموعها تثبت اصل القضية وهو الاحتجاج بالاجماع في مثل قوله صلى الله عليه وسلم فيما اخرج الترمذي ولا تجتمع هذه الامة على ضلالة ابدا هذه منقبة وشهادة من المعصوم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم لا تجتمع هذه الامة على ضلالة ابدا. وربما جاء في بعض الفاظ الحديث باختلاف الروايات على صيغة الدعاء دعوت الله او سألت الله الا تجتمع الامة على ضلالة ابدا. ومنه ايضا حديث ابن ماجة ان امتي لا تجتمع على ضلالة وحديث الامام احمد عليكم بالجماعة وحديث الترمذي ان الله لا يجمع امتي على ضلالة وامثلة وهذا الحديث فظلا عن الاحاديث الامرة بلزوم الجماعة. وهي كثيرة ايظا جدا. مجموعها يدل على ما نريد الوصول اليه. فهذا معنى قوله وهو حجة قاطعة بالشرع. يعني الذي دل على الاحتجاج بالاجماع هو دليل الشريعة كتابا وسنة وبسط هذا يطول وكتب الاصول تطيل التقرير في الاحتجاج بالاجماع لاسباب. اولا اثبات حجية الاجماع وهو المطلب الاساس. وثانيا الرد على من خالف فيه او لم يعتبره حجة. والثالث ايضا ترجيح مذهب الجمهور في اعتباره حجة قاطعة. لا ظنيا كما رجحه الامدي والرازي وغيرهما طيب ومن قال ان دليل الحجية الاجماع دليل عقلي؟ ايش يقصد بالعقلي؟ قال العادة تمنع او تحيل اجتماع هذا العدد الكبير من العلماء على مسألة من غير دليل. يعني لما اقول علماء ومجتهدون اذا بلغوا في درجة العلم بالشريعة والاحاطة بمقاصدها ونصوصها واحكامها درجة عالية فلو اتفق منهم اثنان او ثلاثة او اربعة او خمسة على مسألة ما فانه يتأكد عندك صدق القول وقوته ورجاحته ووجاهته. فكيف اذا اتفقوا جميعا؟ العادة حتى عند غير المتخصص العادة تحيل ان يجتمع كل هؤلاء لا يخالف منهم احد على حكم ما تعين تحيل العادة ان يكون هذا وقع مصادفة من غير دليل انه توافق اراء او توافق اهواء وانماط تفكير. هذا لا يكون الا عن دليل فلذلك جعلوا هذا ايضا من دلالة العقد على حجية الاجماع وكونه حجة قاطعة بالشرع. قبل ان ننتقل الى مسائل الاجماع التي ستأتي الان تباعا. آآ ها هنا مسألة مهمة للغاية في قضية الاجماع المتعلقة بالتعريف ارا بسط القول فيها لان الحديث عن تحرير المذهب في الاحتجاج بالاجماع. وعادة ما يذكر ها هنا مسألة تتعلق بالروايات عن الامام احمد التي تفيد في ظاهرها معاني تحتاج الى وقفات في الاحتجاج بالاجماع فينسب في بعض كتب الاصول الى الامام احمد مخالفته في الاحتجاج بالاجماع على الاطلاق وتقييد لذلك بالاحتجاج باجماع الصحابة خاصة دون غيرهم من باقي الازمنة التي جاءت من بعدهم. وله في ذلك روايات رحمة الله عليه التي نقل فيها العلماء موقفها اذا الذي عليه جماهير العلماء ان الاجماع حجة في كل الاعصار من غير تفريق بين عصر وعصر. لان الادلة واحدة ولان مقتضى ذلك او منطلق الاحتجاج بالاجماع لا يختلف فيه زمن الصحابة عن غيرهم. والذي يذكر رواية عن احمد رحمه الله وهو ايضا ترجيح الظاهرية في مذهبهم اختصاص دليل الاجماع بعصر الصحابة. ومعنى ذلك اننا لا نحتج بالاجماع الا في المسائل التي اجمع عليها الصحابة رضي الله عنهم. وسبب هذا القول من حيث الجملة انه العصر الاوحد في تاريخ الاسلام الذي يمكن فيه ضبط الاجماع وادعاؤه نحن نقول اتفاق المجتهدين العلماء. فقالوا زمن الصحابة رضي الله عنهم هو الزمن الذي يمكن ان نزعم فيه انعقاد حقيقة يعني ستقول لي اجمع على حرب المرتدين اجمعوا على استخلاف ابي بكر اجمعوا على جمع المصحف اجمعوا على كذا وكذا وتسرد ما وقع في خلافة ابي بكر فعمر فعثمان فعلي رضي الله عن الجميع. يقول واما بعد ذلك فقد اتسعت بلاد الاسلام وانتشرت الفتوحات وتفرق الصحابة انفسهم في الامصار ودخل الناس في دين الله افواجا ومع اتساع الاسلام وازدهار علومه واقبال الداخلين في الاسلام على تعلمه برع منهم في بالعلم وعلا كعب كثير منهم في مختلف الامصار فيتعذر مع هذا الاتساع الجغرافي ادعاء انعقاد الاجماع في اي مسألة من المسائل. ليس لتعذره في ذاته بل في طريق اثباته. فلا يرفضون الاجماع لكن يقولون ان الوقوف على ذلك فهذا هو المراد بالجملة. ولهذا يقول شيخ الاسلام ابن تيمية لا يكاد يوجد عن احمد احتجاج باجماع بعد التابعين او بعد القرون الثلاثة. يعني يقصد دليلا تستشهد فيه رحمه الله بذلك. فقد يقول قائل هذا لان الامام احمد رحمه الله من اهل القرون الثلاثة فكيف تريد ان تجد عنده استشهادا بدليل بالاجماع منعقدا بعد القرون الثلاثة وهو من اهلها يقول ابن حزم رحمه الله ذهب داود واصحابنا الى ان الاجماع انما هو اجماع الصحابة فقط وهو قول لا يجوز خلافه لان الاجماع انما يكون عن توقيف والصحابة هم الذين شهدوا التوقيف قال فان قيل فما تقولون في اجماع من بعدهم؟ ايجوز ان يجتمعوا على خطأ؟ قلنا هذا لا يجوز. لامرين. احدهما ان النبي صلى الله عليه وسلم امننا من ذلك بقوله لا تزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق. الثاني ان سعة الاقطار بمين؟ وكثرة العدد لا ولا يمكن احدا ضبط اقوالهم ومن ادعى هذا لم يخفى على احد كذبه اذا هم لا يعترضون على الاحتجاج بالاجماع ولا يمنعونه ولكن يستبعدون العلم به. وان كان احصائه وضبطه كما على ذلك كلام الامام احمد رحمه الله تعالى فالمقصود نقل هذا المذهب عن احمد رحمه الله في روايات اسمع منها طرفا. روي عن احمد رحمه الله عبارات وجبل شتى. قال في رواية ابنه عبد الله من ادعى الاجماع فقد كذب لعل الناس اختلفوا هذه دعوة بشر المريسي والاصم انسى الدعوة الاجماع والاستشهاد به الى رؤوس المعتزلة. وانهم بدايات الضلال والفتنة هم الذين احدثوا هذا القول سيأتيك يعني على ماذا يحمل كلامه؟ وفي رواية المروذي قال كيف يجوز ان يقول اجمع اذا سمعتم يقولون اجمعوا فاتهمهم. وانما هذا لوضع الاخبار. وقالوا الاخبار وانما وضع هذا لوضع الاخبار. قالوا الاخبار لا تجب بها حجة. وقالوا القول بالاجماع وان ذلك قول ضرار التفت الامام احمد رحمه الله الى صنيع ابدته المعتزلة في الزمن الذي عاش فيه رحمه الله محنة الصراع الذي امتحن فيه هو كثير من آآ الائمة الاعلام في تلك المرحلة كما في فتنة القول بخلق القرآن. فرأى ان من جملة ما احدثوه هذه القضية ومسألة القطع والظن والاحتجاج بالاجماع. فلما ارادوا توهين الاحتجاج بالسنة احدثوا قضية انه لا يكون حجة الا اذا انعقد الاجماع عليه. فرآه بابا من ابواب الضلال ومعولا من معول هدم السنة احدثوه فوقف رحمه الله رفضا لهذا الاسلوب في الاستدلال الذي يراد به هدم الدين تحت ذريعة اثبات طريق ومسلك اخر يتم به الاستدلال بالسنة. وقال في رواية ابي الحارث لا ينبغي لاحد ان يدعي الاجماع واول من قال اجمعوا ظرار. هذا الوارد عن الامام احمد رحمه الله في ذلك. واختلف الحنابلة واصحابه في صفة حمل هذه الروايات قال القاضي ابو يعلى ظاهره منع صحة الاجماع. وانما هذا على الورع هذا محمل. يعني ان يتورع في والاجماع ليس رفضا له لكن تورعا من ان ينسب الى الامة شيئا لا يستطاع اثباته بامر سهل قال او في من ليست له معرفة بخلاف يعني ربما ان يكون المحمل هذا من ليس له معرفة بخلاف السلف فيدعي الاجماع آآ مجازفة ويكون هذا خطأ ومن الخطورة مكان وكذلك ذكر ابو الخطاب وابن عقيل ايضا حمله على التورع او من لا يحيط به علما غالبا. يقول الشيخ تقي الدين ابن تيمية يقول هذا نهي عن دعوى الاجماع العام النطق. وايضا مما حمل عليه كلام الامام احمد رحمه الله كما يقول ابن رجب في اخر شرحه للترمذي قال واما ما روي من قول الامام احمد من ادعى الاجماع فقد كذب فهو انما قاله انكارا على فقهاء الذين يدعون اجماع الناس على ما يقولونه وكانوا من اقل الناس معرفة باقوال الصحابة والتابعين. فالتفت الى كان يعيشه رحمه الله ووجد هذا الاسلوب الذي يهدمون به السنة. وشيخ الاسلام ابن تيمية ايضا حمل هذا على اجماع غير الصحابة فاتجهوا الى ان اسلم المحامل في فهم عبارات الامام احمد هو ما فسر به ابن حزم طريقة الظاهرية. ليس انكارا للاجماع ولكن تحريا في اثبات تحققه وان اثبات تحققه على وجه القطع لا يمكن الا في غير في زمن الصحابة دون غيرهم قال لان الصحابة معروفون محصورون. يقول في المسودة الذي انكره احمد دعوى اجماع المخالفين بعد الصحابة. او بعدهم وبعد التابعين او بعد القرون الثلاثة المحمودة ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج باجماع بعد عصر التابعين. وهذا المحمل من كلام الامام احمد رحمه الله وغيره. جاء شيخ الاسلام فاراد ان يحرر المسألة في ضبط الاحتجاج بالاجماع. وكيف يمكن ان نفهمه او هل الاجماع مختص بعصر الصحابة رضي الله عنهم دون غيرهم يقول اختلف العلماء في امكان ثبوته وارجح الاقوال في ذلك ما يرجحه شيخ الاسلام لما قال في الواسطية والاجماع الذي ينضبط يقدروا بهذا القيد يقول والاجماع الذي ينضبط هو ما يمكن تحديده والوقوف عليه وهذا لا يتحقق او قال لا يمكن ان يوجد في غير زمن الصحابة قال في مجموع الفتاوى كذلك الاجماع متفق عليه بين عامة المسلمين من الفقهاء والصوفية واهل الحديث والكلام وغيره بهم في الجملة هذا في الاصل وانكره بعض اهل البدع من المعتزلة والشيعة. لكن المعلوم منه اي من الاجماع لكن المعلوم منه هو ما كان عليه الصحابة. الذي تعلم انه اجماع. فتقول هو اجماع. قال واما ما بعد ذلك فيتعذر العلم به غالبا ولهذا اختلف اهل العلم فيما يذكر من الاجماعات الحادثة بعد الصحابة. واختلف في مسائل منه كاجماع التابعين على احد قوله والاجماع الذي لم ينقرض عصر اهله حتى خالفه بعضهم. والاجماع السكوتي وغير ذلك. قال في موضع اخر في منهاج السنة قال ومذهب اهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل ان يخلق الله ابا حنيفة ومالكا والشافعي واحمد فانه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند اهل السنة والجماعة فانهم متفقون على ان اجماع الصحابة حجة ومتنازعون في اجماع من بعدهم. فاذا فهمت هذا سهل عليك ان تفهم عبارات الانكار التي قد يفهم منها ان اماما كاحمد رحمه الله يرفض الاحتجاج بالاجماع هو ليس رفضا هو اثبات له واستشهاد باليقيني الواقع المتحقق منه وتحرز في غيره. قال شيخ الاسلام ايضا في موضع اخر في مجموع الفتاوى قال والاجماع نوعان. قطعي فهذا لا سبيل الى ان يعلم اجماع قطعي على خلاف النص اما الظن فهو الاجماع الاقرار والاستقراء بان يستقرأ اقوال العلماء فلا يجد في ذلك خلافا. او يشتهر القول في القرآن ولا ايعلم احدا انكره فهذا الاجماع وان جاز الاحتجاج به فلا يجوز ان تدفع النصوص المعلومة به لان هذا حجة لا يجزم الانسان بصحتها فانه لا يجزم بانتفاء المخالف. وحيث قطع بانتفاء المخالف فالاجماع قطعي. واما اذا كان يظن عدمه ولا يقطع به فهو حجة ظنية. والظني لا يدفع به النص المعلوم لكن يحتج به. ويقدم على ما هو ودونه بالظن ويقدم عليه الظن الذي هو اقوى منه. فمتى كان ظنه لدلالة النص اقوى من ظنه بثبوت الاجماع قدم دلالة النص ومتى كان ظنه للاجماع اقوى قدم هذا والمصيب في نفس الامر واحد. تطول الكلام والخلاصة ان الاجماع في غير زمن الصحابة ليس مرفوضا لكنه ان ادعي ثم استقرأ فلم يوجد له اخالف فيثبت عند صاحبه حسب استقرائه حجة ويقررها لكنه لن يكون قاطعا وسيبقى امكان لذلك او اثبات مخالفة والذي عليه الفقهاء اليوم في كتب الفقه سياق الاجماعات في بعض المواطن في مختلف ابواب الفقه يصنع هذا فقهاء الاسلام في غالب كتب الفقه الخلافي. يقول الدليل فيه كذا وكذا والاجماع. ولان ان هذه الاجماعات هي محل تتبع ونقد فقد تتابعت الاعمال بالنقد على دعاوى الاجماع فلما الف ابن حزم رحمه الله كتابه رسالته مراتب الاجماع. فانه بوبها على ابواب الفقه وسرد المواضع التي يحكى فيها اجماع العلماء فجاء ابن تيمية فنقد مراتب الاجماع لابن حزم والكتابان مطبوعان سويا مراتب الاجماع لابن حزم وفي هامشه نقد مراتب الاجماع لابن تيمية. هذا ايش يعني؟ يعني امكانية النقد والتتابع. والى يومنا هذا فان الاجماعات المحكية مثلا في التمهيد لابن عبدالبر او في الاستذكار او في المغني لابن قدامة او في المجموع للنووي اصبحت عليها اليوم في الجامعات في كليات الشريعة اعمال علمية. فيتوزع فيها طلاب الدراسات العليا بابواب هذه الكتب الكبيرة لدراسة المواضع التي يدعي فيها هؤلاء الائمة الكبار الاجماع ووظيفة الباحث هو تتبع المسألة واستقراءها لاستقصاء دعوى الاجماع فتارة يثبتون انعقاد الاجماع بعدم وجود مخالف. وتارة يقفون على مخالفات فقهية لبعض المذاهب في المسألة. فتبين اذا ما كان يقرره الائمة قبل هذا الزمن بالف سنة ان انتشار العلماء وتعددهم في مختلف اقطار الاسلام يحول دون القطع والجزم بان هذه المسألة وهذه القضية اجمعوا عليها قاطبة ولم يختلف فيها احد ولهذا في بعض روايات الامام احمد يقول وما يدريه لعل الناس اختلفوا يعني كيف تقول اجمع؟ يقول وما يدري؟ يقول والاسلم ان يقول اظن كذا او يزعم ان هذا موطن اجماع لا خلاف فيه اما القطع فهذا الذي يتعذر الجزم به. فاذا فهمت هذا آآ ادركت ان ما يقال في هذا السياق اما بعدم فهم لكلام فيحمل على تشغيل وتشويش. وان هذه الروايات مطعون فيها او مدفوع. او يتكلف عنها من الجواب ما يستقيم به اقرار الاصل وهو الحجية للاجماع في كل عصر واوان. السؤال اليوم هل ينعقد الاجماع اليوم في زمان الناس مع اتساع بلاد وانتشار المسلمين ايضا في بلاد الاقليات المسلمة في بلدان غير الاسلامية بهذا القيد والاستقراء الذي تقول فيه ان فقهاء الاسلام في مختلف الاقطار متعذر تماما. لامرين رئيسين. الاول هو حصر العلماء. هل هناك امكانية لضبط علماء الذين بلغوا درجة الاجتهاد في كل بقعة على وجه الارض اليوم ان كان حصرهم ابتداء لدعوى انهم من الالف الى الياء موجودين من شرق الارض الى غربها في هذا البلد وفي هذا القطر هذا في غابة وذاك في قرية وثالث على رأس جبل الرابع في كذا التعذر هذا هو باب يغلق دونه ادعاء ان كان دعوى الاجماع. ويبقى الامر الثاني حتى لو امكن حصرهم فاستقراء ومعرفة ارائهم في مسائل النوازل هي ايضا آآ حيلولة اخرى دون القطع بدعوى الاجماع فلا يمنع هذا ان تفهم آآ المسألة الاخرى وهي ما دور المجامع الفقهية التي يجتمع فيها فقهاء الاسلام وعلماؤه من كل قطر وبلد لمناقشة النوازل والمستجدات المعاصرة وبحثها وفي بعض احيا ان تخرج بيانات المجامع لدراسة المسائل باتفاق واحيانا باختلاف اراء. فهل اتفاقهم في بعض المسائل اخراج البيانات التي تبين مواقفهم في تلك القضايا. هي اجماعات؟ الجواب ايضا ليست اجماعا لان المجمع المتفقين ليسوا كل علماء الامة فلا يمثل علماء البلد في هذه المجامع الا واحد ويكون وراءه من العلماء من هم في رتبته وربما اعلى منه او قريبا منه كثيرون. لكن هذه بتنظيمها تقتضي ان يمثل كل بلد واحد من علمائه فهم لا يمثلون كل الامة بمعنى انه ربما اتفقوا على شيء يخالفهم فيه احاد العلماء سوى هم في مختلف بلاد الاسلام فهذا الذي يجعلنا لا نعتبره اجماعا. ولكن من الضرورة ان نفهم ان هذه الاتفاقات التي تنعقد في هذه المجامع الفقهية اذا كانت محل اتفاق فهي وجيهة جدا وجديرة بالاعتبار لان لها من القوة والرجاحة ما ليست لقول الواحد وفتوى الواحد ورأي العالم الواحد. لان رأي العالمين مجتمعين اقوى من رأي الواحد. فكيف بالثلاثة والعشرة والعشرات هي ولا شك اكد فاذا هي تصلح ان تكون مرجحا قويا ودليلا معتبرا لكن لن يكون حجة قاطعة كما هو الاجماع. فبان لك بذلك ان دعاوى الاجماع في غير زمن الصحابة يعتريها الاحتمال الا المسائل التي هي معلومة من الدين بالضرورة. فان هذا لا اشكال فيه. او ينعقد الاجماع لوضوح ادلته التي يمكن ان تندرج تحت الكلية يعني اجمع اليوم على ان تعاطي المخدرات المعاصرة حرام يرفضها الاسلام الهيروين والكوكايين والافيون وغيرها من المخدرات المعاصرة التي ليست موجودة باسمائها اجمعوا عليه ولا يخالف فيه احد. فاذا قيل لكن هذا يدخل في عمومات المسكرات المخدرة والخمور التي حرمتها الشريعة. قال كل مسكر خمر كل خمر حرام. سمه ما شئت في اسماء الدنيا المعاصرة يوم فاذا كان مسكرا للعقل مذهبا له فهو خمر. والخمر حرام. نعم هذا دليل. لكن قد ينازعك فيه احد في دلالته. قال هذا مسكر لكن هذا لا يعمل عمل المسكرات كالخمر ونحوها واشبه هذا. فيأتي الاجماع وهذا من وظائفه وثمراته ليغلق لك باب الاحتمال الذي يخالف الاجماع فيرفض تماما فتبقى بوابة حصينة. فهذه امثلة لاجماعات معاصرة يمكن ان تنعقد. لكنها في ستكون في المسائل الواضحات التي تشهد لها. الادلة وعموماتها وقواعد الشريعة وكملياتها في الجملة ارى الاكتفاء في مجلس اليوم بهذا القدر من تقرير دليل الاجماع وحجيته. ويكون المجلس في شهرنا المقبل ان شاء الله تعالى شروعا في مسائله بثبوته واعتبار من يوافق فيه ومن يخالف. اسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح. والرزق الواسع والشفاء من كل داء اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين ونسألك يا رب ان ترزقنا جميعا العلم والسداد والهدى والتوفيق والرشاد. والله تعالى اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا ونبينا محمد على اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين