بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. وبعد فهذا هو مجلسنا الثاني بعون الله وتوفيقه في شرح متن جمع الجوامع للامام. السبكي رحمة الله عليه وهو المجلس الثاني بعد ان انقضى المجلس الاول في مقدمات تمهيدية والمجلس الاول في مقدمة المصنف رحمة الله عليه هذا المجلس نستأنف فيه المقدمات التي جعلها السبكي رحمه الله بين يدي مقاصد الكتاب واصوله المتعلقة بالادلة والدلالة وقف بنا الحديث عند قوله رحمة الله عليه ومن ثم لا حكم الا لله تعالى. عطفا على تعريف المصنف رحمه الله اصول الفقه والاصول وتعريف الفقه وانتقاله فيما بعد الى تعريف الحكم حيث وقفنا عند منتهاه لما قال رحمه الله والحكم خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف من حيث انه مكلف. قال ومن ثم لا حكم الا لله. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال الشيخ رحمه الله وغفر له لشيخنا وللسامعين. والحسن والقبح بمعنى ملائمة الطبع ومنافقة بصفتي وصفة الكمال والنقص عقلي. وبمعنى تركت بالذنب عاجلا والعقاب اجلا شرعيا. خلافا للمعتزل نعم هذه مسألة مرت بكم كثيرا في دراسة الاصول ومنها ما تقدم ايضا في شرح مختصر الروضة. المسألة الحسن والقبح او التحسين والتقبيح التحسين والتقبيح العقليان. مسألة من المسائل العقدية التي زج بها المعتزلة في ثنايا مسائل الاصول وهي قضية كلامية بحتة يعني مسألة من مسائل علم الكلام التي يتناولها يتناولها ارباب الحديث عن الاعتقاد في كتب العقيدة واصول الدين. ومن ثم فلا علاقة لها باصول الفقه من قريب ولا بعيد وليست من المسائل التي تؤسس بادلة شرعية ولا حتى لطرق الاستدلال بها. وكل ما خرج عن هذين المعنيين فهو ليس من الاصول التي ينبغي العناية بها في كتب اصول الفقه لانها لا تثمر فقها. لان اصول الفقه كما تقدم هي هي قواعد هذا الفقه. فما لا يكن كذلك فليس اصلا يحتاج الى الاشتغال به في هذه الكتب. لكن هذه المسألة والجملتان الآتيتان بعدها هي كذلك مما يذكر على سبيل التنزل ودعني ها هنا اقول لك مدخلا يساعدك في فهم بعض هذه الادراجات التي دخلت في آآ مسائل علم الاصول ابتداء كان التدوين في علم الاصول على وجه الاستقلال سبق اليه عدد من ائمة الاعتزال كمثل عبد الجبار المعتزل والقاضي ابي الحسين ويعد كتاب كل منهما من الاصول السابقة التي الفت استقلالا في علم الاصول واصبح معلما في كتب علم اصول الفقه العهد للقاضي عبدالجبار او يسمى العمد وشرحه المعتمد للقاضي ابي الحسين البصري فلما سبق المعتزلة الى هذا وهم قد سبقوا ايضا الى التدوين في المسائل الجزئية في الاحتجاج بخبر الاحاد ورده وفي القياس وفي الاجماع وما الى ذلك لما سبقوا اليه وكانت لهم سولة وجولة في هذه المرحلة من القرن الثالث والرابع الهجري. الى حين ظهور بالحسن الاشعري ونقظه لمذهب المعتزلة وكسر شوكته برجوعه عن مذهب الاعتزال وسلوك كثير من العلماء والائمة لطريقة ابي الحسن الاشعري رحمه الله في نصرة مذهبه والتصدي للاعتزال. اصبحت كتب علم الاصول ميدانا وساحة لمعترك في كثير من قضايا الاعتقاد الخلافية بين المعتزلة والاشاعرة. وصارت تدار نقاشات هذه المسائل في ثناء علم الاصول فما شأن التأليف؟ ربما كان له وجه من ناحيتين. الناحية الاولى ما اشرت اليه قبل قليل وهو ان ائمة الاعتزال كانوا ممن سبق الى التأليف في علم الاصول وانت تعرف ان صاحب كل معتقد له اثار المعتقد في مؤلفاته وفي نفسه الذي يكتب لا محالة فحيث ما جاءت مسألة جرت الى شيء من الاصول افصح عن مذهبه فيه. فكانت كتب الاصول على طريقة المعتزلة فيها هذا النفس الذي لا يخلو من تقرير مذهب الاعتزال في بعض القضايا وهذا واضح فهم من سبق في تقرير هذه المسائل ولما جاء الاشاعرة وهم اشد الناس اه شوكة ضد المعتزلة ونقضا لمذاهبهم كانوا هم ايضا لا يألون جهدا ولا يلوون على مسألة ترد على طريقة المعتزلة الا ويباشرون الرد عليها واطالة التقرير في نقضها وبيان خطأ المسلك الذي يقرره المعتزلة. ومن هنا لما جاءت الفئة الاخرى ممن سلك طريقة الامامة بالحسن الاشعري كالجويني في البرهان في المستصفى ومن جاء بعدهم والباقي اللاني وغيرهم كثير كانوا كذلك كلما اتوا الى باب او مسألة وجدوا فيها من سبق من الاصوليين تقريرا لهذه المسائل اصبحوا يبدأون في ردها ونقضها. فصارت الكتب الاولى الكبار التي الفت في الاصول تحتوي على المسائل تقريرا لمذهب المعتزلة او نقضا لها على طريقة الاشاعرة. فاستمر هذا النمط في التأليف في كتب الاصول واصبح اشبه بسمة لازمة لمسائل الوصول فكل من جاء فيما بعد اصبح يدون ويكتب مستصحبا تلك المسائل التي كانت من البداية لا علاقة لها بعلم الاصول لكن فهمت كيف انجر هذا. واما الناحية الاخرى التي ربما كانت سببا في ظهور مثل هذا وهو ان الاعتزال في مسائله كلامية الاعتقادية آآ يحتوي على نظر دقيق للغاية. ومن نظر في تراجم ائمة الاعتزال الاوائل على فساد المعتقد الذي يقررونه في طرائقهم ومؤلفاتهم الا انهم ممن اوتي عقلا وافرا وذكاء متميزا بالنسبة الى اقرانهم وعصرهم ومن كان في طبقتهم. وهذا مما لا ينكر وانت تجد اماما آآ كالذهبي مثلا رحمه الله في سير الاعلام النبلاء اذا اتى الى تراجم الواحد من هؤلاء يثني على ذكائه بل كثير منهم يشير الى ذكائه المفرط وحفظه المتدفق وعقليته التي لا تكاد تجد لها نظيرا. وقد يكون هذا من البلاء للعبد ان يذكر عقلا ان ان يرزق عقلا آآ خارقا متميزا على غيره ولا يرزق توفيقا وسدادا ونور الوحي كما يقول اهل العلم لابد ان يكون قرينا لنور العقل بالذكاء والبصيرة على كل فكان هذا اقول متميزا في طريقة ائمة الاعتزال فكانوا يشغفون كثيرا بهذا اللون من المسائل الدقيقة الغامضة ويجدون فيها متسعا لتقريء مذهب. وعلم الاصول في جزء منه هو كذلك دقيق النظر فيما يتعلق مثلا بالقياس ومسالك العلة وطرق اثباتها او قوادح القياس وابطالها وافساد تلك التعليلات ومثل ذلك دلالات الالفاظ ودقة النظر فيها وتداخل كثير من انواعها هي مسالك دقيقة. وهذا يوافق هوى هذه الطبقة من اصحاب العقوق المتميزة والنظر الدقيق ممن يألف مثل هذا اللون من الخوض في دقائق المسائل. ولذلك استهوى هذا العلم اعني الفقه اقبال ائمة الاعتزال لانهم الفوا مثل هذا النمط من المسائل الدقيقة والغامضة والخفية فوجدوا فيها ايضا متسعا لممارسة كثير مما يجد فيهم فيها احدهم رغبتهم. فهذا وما سيأتي بعده من الجمل هو من هذا اللون. الحسن والقبح العقليان اصبح اصلا من اصول الاعتقاد عند المعتزلة. ومعناه كما سيذكره المصنف هنا ان العقل ان العقل بنفسه على حسن الاشياء وقبحها. فهل هذا منكر ومرفوض؟ ام هو مقبول؟ ام فيه تفصيل؟ يقرر معتزلة في عقائدهم تقريرا طويلا مجمله ان العقل مستقل بالحكم على حسن الاشياء وقبحها. حكما يفضي لا الى تقرير صفة شرعية لهذه الاحكام بمعنى ان العقل يبتدأ من الحكم على الشيء بكونه حسنا او قبيحا فالصدق حسن والكذب قبيح. العدل حسن. والظلم قبيح. فيبتدأ العقل ابتداء بالحكم على هذه الاشياء من كونها حسنة او قبيحة. ثم اه يتدرج ايضا في اثبات صفة شرعية لهذه الاشياء التي حكم عليها فما حكم العقل بحسنه فهو مطلوب شرعا وجوبا. وما حكم الشرع ما حكم العقل بقبحه فهو ممنوع شرعا بحكم العقل عليه. وبالتالي فالنقطة التي يختلف فيها المخالفون للمعتزلة معهم هي هذه الجزئية. طيب هل يصح ابتداء ان نرفض المسألة جملة وتفصيلا فنقول لا مدخل للعقل في اثبات حسن الاشياء وقبحها؟ لا لا يصح. لان النقطة الاولى محل اتفاق وهي صحيحة ان العقل ان العقل يقوى على الحكم على الاشياء حسنا وقبحا. انما الخلاف اين هو؟ في انه يرقى فوق درجة بان يعطيها صفة شرعية فيوجبها شرعا لان العقل حكم بها. ومخالفوهم يقولون انما الذي يجب شرعا ما اوجبه الشرع. ها هنا قال المصنف رحمه الله تعالى مبينا محل النزاع ومحررا صورة المسألة. قال والحسن والقبح بمعنى بمعنى هذه الان هي تحرير محل النزاع وذكر صفة مراتب الحسن والقبح ودرجاتها التي نحكم عليها. وذكر ثلاثة مراتب بمعنى ملائمة الطبع ومناثرته وهذا نوع او اعتبار. والثاني صفة تاتي الكمال والنقص والثالث ترتب الذم عاجلا والعقاب اجلا. هذه ثلاثة اشياء فانظر معي هل يقوى العقل ويستقل بالحكم عليها. المرتبة الاولى ملائمة الطبع ومناثرته. يعني هل يقوى العقل على ان يحكم على الشيء بانه حسن لملائمته لطبع الواحد؟ يعني هذا طعمه حلو لائم طبعك. فهل يستقل العقل بالحكم بحسنه وهذا طعام مر فهل يقوى العقل على الحكم بقبحه لمنافرته لطبعك؟ الجواب نعم. هذا لا يحتاج الى حكم شرعي ولا يحتاج الى خطاب شرعي. انت لما تطعم شيئا تتذوقه فيطيب لك ويلائم طبعك. سواء كان حلوا او حامضا او مرا او اي مذاق من المذاقات. فاذا ناسب طبعك حكم العقل بحسنه لك اذا ما ناسبك ونافر طبعك حكم العقل بقبحه لك. اذا الحسن الحسن والقبح هنا. ما مأخذه العقل وقال بعض اهل العلم بل مأخذه بل مأخذه الطبع والعرف يعني هذا يختلف باختلاف الاعراف فعلى كل اسمه عقلا او عرفا يعني المأخذ هنا ليس مأخذا شرعيا. اذا ها هنا لا خلاف بين المعتزلة ولا غيرهم. ان هذا الا دخل للشرع فيه ليس الشرع هو الذي يقول لك هذا طعام حلو وعليه يجب ان يكون حلوا عندك ولو ما ناسبك. وان هذا مر فيجب ان يكون مرا ولو لم يحقق هذا المعنى اذا هذا المعنى الاول الحسن والقبح بمعنى بمعنى ملائمة الطبع او فهل هذا شرعي؟ ما هو؟ عقلي كما قرر المصنف وعرفي كما قرر غيره. المرتبة الثانية او النوع الثاني صفة الكمال والنقص ان يحكم ان يحكم المرء على ان هذا وصف كمال وهذا وصف نقص ان الصدق مثلا وان الكذب وصف نقص. فهل هذا عقلي ام شرعي؟ قال بمعنى ملائمة الطبع منافرته وصفة الكمال ونقصه. حتى هذا جعله المصنف رحمه الله تعالى مما يحكم به عقلا ان تقول مثلا العلم بنوعه حسن والجهل بنوعه قبيح. فحكمت بحسن العلم وقبح جهل هذا حكم عقلي وهذا مما ايضا لا يختلف فيه مع المعتزلة. بقي لاخي النوع الثالث ما هو؟ الذي قال عنه بمعنى ترتب ذمي عاجلا والعقاب اجلا. هذا الذي وقع فيه الخلاف ان نحكم على الشيء بانه حسن لا بمعنى انه يلائم الطبع ولا معنى انه صفة كمال ان نحكم على الشيء بانه حسن بمعنى انه يترتب على فعله ثواب في اخرة ومدح في الدنيا. هل هل الى العقل سبيل في ذلك؟ هل للعقل ان يحكم بترتب ثواب او عقاب على شيء حكم على حسنه او قبحه؟ نعم. جمهور المسلمين من غير المعتزلة يقولون ها هنا العقل اذا وصلنا الى ترتيب ثواب او عقاب ومدح وذم فهذا مسلك شرعي لا طريق لا طريق للعقل ايه ده؟ اذا هذا النوع الثالث وبمعنى ترتب الذم عاجلا والعقاب اجلا شرعي. قال خلافا للمعتزلة وفهمت بهذه الطريقة ان المعتزلة يقررون في النوع الثالث ايضا انه عقلي. فاذا اضطرد عند المعتزلة القول بالتحسين والتقبيح العقليين في كل الصور. في ملائمة الطبع ومنافرته وفي صفة الكمال والنقص وفي ترتب الذم او المدح والعقاب او الثواب عاجلا واجلا اضطرد عندهم القول بان كل هذا يستقل العقل به ولهذا اصبح من اصول المعتزلة القول بالتحسين والتقبيح العقليين من غير تفصيل لما؟ لان اصلهم في هذا مطرد. اما المرتبتان الاوليان فيوافقهم غيرهم معهم يوافقهم فيها. ان الحكم ملائمة الطبع ومنافرته عقلي او عرفي. وان الحكم بكوني هذا صفة كماله وهذا صفة نقص ايضا هذا عقلي. ان تقول مثلا هل في ايش في صفات البشر؟ هل الطول صفة كمال او نقص والقصر او العكس؟ كل هذا الان تحكيم عقلي وهذا ايضا لا سبيل الى ان تجعله حكرا على ما جاءت به الشريعة فهذه ما جاءت بها بشيء. انما محل الخلاف هو الحكم بترتيب الثواب والعقاب. فما مدخل هذا عند المعتزلة؟ هل يقولون ان العقل يوجب ثوابا او عقابا؟ هم لما جعلوا جوازها ان يحكم بالاستقلال في ترتيب الاحكام جاءوا في القول بالوجوب. يعني يجب ان يجد المكلف ثوابا على طاعة وان يجد عقابا على المعصية فهذا معنى قولهم ان هذا ما اخذه عقلي القول بالتحسين والتقبيح بمعنى ترتب الذم عاجلا والعقاب عاجلا او بمعنى الثواب اذا قلنا في التحسين المدح عاجلا والثواب اجلا. قال شرعي خلافا للمعتزلة. مسألة لا علاقة لها في اصول الفقه ويطيل الاصوليون عادة النقاش في هذه القضية والرد عليهم فيها وذكر الاصول الفاسدة فيها والمأخذ وكل هذا مما لا ثمرة له في الفقه وقد فهمت معناها. نعم