بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. فهذا بعون الله وفضله وتوفيقه ومجلسنا الثاني عشر في سلسلة دروس شرح متن جمع الجوامع للامام تاج الدين ابن السبكي رحمه الله تعالى. وما يزال حديثنا متصلا في مباحث ومسائل وفصول الكتاب الاول من بهذا المتن الذي خصه المصنف رحمه الله تعالى لدليل القرآن او الكتاب ومباحث الاقوال. وما زلنا منذ درسين ماضيين نستعرض المسائل المتعلقة بدلالات الالفاظ او الاقوال او مباحث الاقوال كما سماها المصنف رحمه الله مضت جملة من المسائل كنا وقفنا عند مبتدأ درسنا الليلة وهو الحديث عن وضع اللغات او ما يسميه بعضهم اللغات ولا يخفاكم ما مر معنا في المجلس الماضي الذي كانت جل مسائله ان لم تكن كلها كما مر بكم مسائل لغوية محضة لا صلة لها بعلم الاصول ولا اثر لها ولا ثمرة. لكنها كانت كالمداخل التي تهيئ لما بعدها من المباحث والمسائل. ذات المسألة احيانا لا يكون لها اثر. لكنها معينة في تصور ما سيبنى من مسائل بعدها هي ذات اثر فيكون الالمام بهذه المسائل جزءا لايضاح المعنى وبيان مسألة التي يعرض لها المصنف وتصور موقعها من الخلاف اللغوي بعض الاصوليين يطيلوا في هذه المسائل. بعض الاصوليين يفيضوا في هذه المسائل ويستطرد ويتوسع. ربما الى الذي يخرج به عن ما يراد لاتي لاجله الاتيان بهذه المسائل. وبعضهم يغفلها تماما. وتكرر معنا كثيرا مقولة الامام الشاطبي رحمه الله في الموافقات وهي التي تمثل منهجا لعدد من الاصوليين وهو الاقتصار في تناول المسائل على اهو مهم منها وذو صلة مباشرة بعلم الاصول في بناء الفقه عليها او في بناء مسألة اصولية اخرى تبنى عليها على كل فما يمر بنا من مسائل الليلة ولا يزال في مباحث الاقوال ومسائل اللغات هي من هذا القبيل اعني فيها المسائل اللغوية لكنها ذات دلالات لطيفة ومباحث فقهية متعلقة بها لا بمسائل الاصول قولوا ذلك الحديث عن وضع اللغات او مبدأ اللغات. ومقصودهم في هذا الفصل وهو فصل يتناوله الاصوليون ويتناوله اللغوي كذلك ما هو مبدأ اللغة؟ ما منشأها؟ ما قصة البداية؟ اول مسألة مرت معنا في مجلس الاسبوع المنصرم قول المصنف رحمه الله من الالطاف احداث هذه اللغات. فيعد الناس وجود لغة تكون وسيلة للتفاهم والتخاطب هو لطف الهي. هذا اللطف الالهي كيف سرى بين البشر؟ كيف كيف كان ابتداؤه؟ ما منشأه هذه اللغات سواء كانت عربية او غيرها. كيف جيء بالالفاظ التي تدل على المعاني كيف جعلت هذه التراكيب؟ كيف جعلت تلك الدلالات؟ هل هي الهام الهي؟ ام هي اصطلاح بشري؟ هذا خلاف يعرظ له الاصوليون واللغويون على حد سواء فيأتون به ها هنا. ويستمرون في عرض المسائل تباعا. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وبعد. قال المصنف رحمه الله مسألة قال ابن فورك والجمهور قال ابن فورك قال ابن فورك والجمهور اللغات توقيفية علمها نهى الله تعالى بالوحي او خلق الاصوات او العلم الضروري وعزي الى الاشعري. واكثر المعتزلة اصطلاحية حصل عرفان فلاحية واكثر المعتزلة اصطلاحية حصل عرفانها بالاشارة والقرينة كالطفل والاستاذ القدر المحتاج في التعريف توقيفي وغيره محتمل. وقيل عكسه. وتوقف كثير والمختار وقفه عند والمختار الوقف عن القطع وان التوقيف مظنون. هكذا اوجز المصنف رحمه الله تعالى الخلاف في هذه مسألة لما قال مسألة قال ابن فورك والجمهور اللغات توقيفية علمها الله تعالى بالوحي او خلق اللغات او العلم الضروري. هذا اول الاقوال وينسب الى الجمهور جمهور الفقهاء جمهور الاصول وكثير ايضا من اللغويين ان اللغات توقيفية والمقصود بتوقيفية انها مأخوذة بالوحي الالهي او ببعض التفسيرات الاتية لكن المقصود انها ربانية لا دخل فيها للبشر وضع عن واصطلاحا انما هي من الله سبحانه وتعالى. ولهم في ذلك استدلالات اقواها واجلاها قول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة وعلم ادم الاسماء كلها. ثم عرضهم على الملائكة. فهذه الصيغة التي تدل على العموم وعلم ادم الاسماء كلها واثر ابن عباس رضي الله عنهما كما تعرفون قال علمه اسم كل شيء حتى القدر والماعون واشباه ذلك فهذا من اقوى الادلة على ان التعليم الهي وعلم ادم الاسماء كلها. والقول الاخر الذي سيأتيكم الان انها اصطلاحية يعني ان البشر هم الذين اصطلحوا على تسمية الاشياء واتفقوا عليها. من هم اوائل البشر الذين وجدوا واحتاجوا الى اسلوب ولغة وخطاب يتفاهمون به. فاتفقوا على ان يسموا هذا جبل وهذه سماء وهذا ارض وهذه شجرة وهذا بحر فتواظعوا يعني اتفقوا على وظع مسميات ووظع اسماء لتلك المسميات فصارت تواظعا واصطلاحا. قال هنا المصنف رحمه الله قال ابن فورك والجمهور. اللغات توقيفية علمها الله تعالى بالوحي او خلق اللغات او العلم الضروري. فاذا كانت توقيفية من قبل الله كيف وصلت الى البشر؟ فسر بثلاث تفسيرات اولها علمها الله بالوحي ولا يقصدون وحي النبوة بالضرورة لكن المقصود الالهام يعني احدث الله سبحانه وتعالى في نفوس البشر هذه اللغة وتلك الاسماء وتلك العبارات فوجدوا انفسهم يعبرون عن تلك الاشياء بهذه الاسماء. فكانت وحيا الهيا. قال او خلق اللغات يعني خلق الله تعالى ثم استدل عليها او دل عليها الانسان قال او العلم الضروري. العلم الضروري الذي تعرفونه ما لا يحتاج الى نظر واستدلال ولا يتوقف على مقدمات للوصول الى النتائج بمعنى ان يخلق الله تعالى في ذات النفس البشرية علما بهذه الاشياء فتكون مطلعة عليها قادة اليها مستخدمة لها من غير ما مقدمات سابقة. هذا كله يعود الى القول الاول انها لغة ان اللغات توقيفية القول الثاني قال واكثر المعتزلة اصطلاحية اكثر المعتزلة فيما ينسبه اليهم كثير من الاصوليين يقولون بان مبدأ اللغات اصطلاحي ومعنى اصطلاحي كما اشرت قبل قليل ان البشر اجتمعوا وتكلموا واتفقوا على تسمية هذا بكذا وهذا بكذا قال حصل عرفانها بالاشارة والقرائن كالطفل. فاذا قيل اصطلاحية يبقى السؤال كيف انتشر اذا كانت اصطلاحية فمن غير المعقول ان البشر كلهم اجتمعوا واصطلحوا على تسمية اشياء. خذ مثلا بالعربية وبلغة اخرى اي لغة اخرى؟ فاذا قلت كيف اتفق اهل اللغة على تسمية هذا بقدر وهذا بنهر وهذا بجبل؟ كيف اطلعوا اصطلحوا على هذه تسميات فيقال اصطلح اوائلهم عليها ثم يحصل انتشارها كما قال بالاشارة او بالتلقين تماما كما يحصل للاطفال في تعليمهم اللغات فان الطفل اول ما ينشأ فانه يقال له هذا كذا او يسمع ويشار اليه الى شيء ما فيلفظ اسمه فيتعلم ذهنه بتسمية هذا الشيء بذلك الاسم. فعلى كل هذا ليس مستبعدا في التصور ولا بعيدا في قضية اذا كان اصطلاحا كيف يعم تداوله واستعماله وانتشاره. هذا القول الثاني في المسألة قال والاستاذ يعني هذا القول الثالث قال به الاستاذ والاستاذ حيث يطلق هو ابو اسحاق الاسرائيلي رحمه الله قال القدر المحتاج في التعريف توقيفي وغيره محتمل يقسم هذا القول مبدأ اللغات ويفصل فيه الى قسمين. يقول اللغات قدر منها ضروري لا يستغنى عنه يحتاج اليه في التعريف في تعريف الانسان بنفسه او بشيء مهم ضروري من حوله فيقول هذا القدر المحتاج اليه توقيفي ويتأولون قوله تعالى وعلم ادم الاسماء كلها يعني على كل ما يحتاجه ابن ادم للتعريف والوفاء بحاجات الضرورية طيب وما زاد على ذلك؟ ما زاد يعني التوسع في اللغة وتسمية الاشياء التي ربما كان حاجة الانسان اليها درجة ثانية وثالثة وعاشرة وليست من مهمات الحياة يقول هذا القدر اصطلاحي. فاذا هو قول مزيج بين القولين الاولين وحاول ان يقسم اللغة وهو ايضا عقلا ومنطقا مقبول في تقسيم اللغة الى مرتبتين مرتبة ضرورية فهذه توقيفية لانها وجدت قبل ان يوجد البشر فلما وجد البشر انفسهم في الحياة وجدوا اللغة التي يتخاطبون بها ويتفاهمون بها ويعبرون بها عن حوائجهم قال رحمه الله وغيره محتمل غير هذه المرتبة محتمل ان يكون ايضا توقيفا ومحتمل ان يكون اصطلاحا القول الرابع وقيل عكسه قول الرابع ما ينسب هنا في المتن الى احد بعينه انما هو عكس مقولة الاستاذ بمعنى ان تقول القدر المحتاج في التعريف لا محتمل ويكون غيره توقيفي وهذا بعيد شيئا ما لكنه قول ذكر فاوتي به هنا. قال رحمه الله والمختار الوقف عن القطع ان التوقيف مظنون. هذا التوقف عن القطع بمعنى عدم الصيرورة الى قول يقطع به ما مآل هذا المذهب بعضهم يجعل التوقف في المسألة مذهبا مغايرا لهذا القول. التوقف يعني انه لا يقول بقول في المسألة. فاذا قيل ما مذهبك؟ قال اتوقف. وربما صرح بعضهم بالتوقف كما يصنع الامدي كثيرا في كثير من المسائل. فاذا توقف صار التوقف ومذهبا هنا من السبكي يقول رحمه الله والمختار الوقف عن القطع وان التوقيف مظنون. ان يعني يقف عن ان يقطع بشيء من هذه المذاهب ويكون هذا الذي صار له هو الذي رجحه ابن الحاجب تبعا للامدي. ومقصودهم ان التوقف هون عن القطع نظرا لاحتمال المسألة للاقوال كلها. وان الادلة فيها متجاذبة ومتقاربة. فلم يتمكن من الصيرورة الى شيء يقطع به يبقى السؤال المهم مثل هذا ما اثره؟ يعني هل لهذا من اثر ان كان من يقول بان اللغة هل سيبنى على هذا مسألة فقهية او اصولية؟ او من يقول ان اللغة اصطلاحية؟ يعني هل يترتب على هذا الخلاف ثمرة في في تلك المسائل كثير من الاصوليين يرى ان هذا مما لا اثر له. وصرح بهذا بعضهم وانها لا فائدة من الخلاف فيها. وفي وحصل فان الله تعالى امرنا بتنزيل الاحكام وفق ما نفهم من اللغة بغض النظر ها عن مبدأ اللغة يعني في النهاية هذه لغة العرب. وسمت هذا ماء وهذا خمرا وسمت هذا عسلا وهذا لبنا. وسمت هذا نكاحا وهذا طلاقا وسمت هذا بيعا وهذا فسخا. فالمقصود في الشريعة تنزيل الاحكام وفق مقتضيات هذه المصطلحات والالفاظ وما يفهم منها بغض النظر عن هل لفظة نكاح وطلاق وبيع وفسخ وصلاة وايمان وكفر؟ هل هي لغة توقيفية او اصطلاحية هذا لا ينظر اليه وبالتالي فلا اثر لمثل ذلك في خلاف الفقهاء بعض الفقهاء يرى ان من الاثر الخلافي لهذه المسألة فيما لو جئنا نستعمل لفظا في غير ما هو متبادر باستعماله فلو هل كل لفظ مثلا يتكلم به الرجل ينوي به الطلاق يقع او ينوي به عتقا عبده يقع ويلزمه ذلك بعظهم يعوز الا ان هذا مرجعه الى هذه المسألة فان قلت ان اللغات اصطلاحية ستحكم الاصطلاح هل اصطلح الناس على استخدام هذا اللفظ في الطلاق؟ فان قلت نعم اذا زوجته طالق. وبعضهم يقول اذا كانت توقيفية فيرجع ايضا الى ما تفاهم الناس عليه لكن حقيقة ليس هذا هو اثر الخلاف لانك سواء كان مذهبك ان اللغة توقيفية او اصطلاحية وجئت تحكم في في قضية كهذه في رجل استخدم لفظا يزعم به الطلاق فانت ترجع في النهاية الى العرف والعرف هو ما يتعارف الناس باستعماله ايضا سواء كان مبدأه التوقيف والاصطلاح فهذا مما لا يتعلق به كبير اثر