واعتبر ابو علي وابنه ارادة الدلالة باللفظ على الطلب. والطلب بديهي. والامر غير الارادة خلاف للمعتزلة. هذه مسألة اخرى تأتي ايضا تبعا لخلاف عقدي انسحب ها هنا في مسائل الاصول في تعريف الامر. وتقدم بكم غير ما مرة ان جملة من مسائل الخلاف العقدي انسحبت اثارها وامتدت ذيولها لمسائل اصول الفقه. وهي لا علاقة لها اطلاقا ولا ثمرة لها البتة والاشتغال بها هدر لجهد ووقت طالب العلم اولى بصرفه في تحصيل شيء انتفعوا به وامر له علاقة بالعلم الذي يشتغل به. لو كان الدرس في عقيدة لو كان الكتاب في مسائل تحرير هذه المآخذ العقائدية فايرادها مهم والحديث عن تحرير الصواب فيها مطلب وتبديد الشبهات او نفي الاشكالات فيها ايضا من جملة العلم وتحصيله لكن لا يعني هذا ان ما هو مهم في علم ما بالضرورة ان يكون مهما في علم اخر والا انسحبت العلوم الى بعضها واشتغل طالب العلم في كل مسألة بكل العلوم. ومثل هذا لا تناهي له. ولا سبيل الى الاحاطة بكل العلوم في كل مسألة من المسائل. والسبيل الاقوى في هذا ان تحال كل مسألة الى فنها وتطلب في مظنتها وتحرر ايضا على ايدي علمائها. اما ان تحشر المسائل وهذا وقع كثيرا في علم الاصول لسبب اوردناه واشرنا اليه مرارا. وهو الحديث عن نشأة التدوين في هذا العلم. وطريقته التي من بعد الزمن الذي اسس فيه الامام الشافعي رحمه الله ووضع كتاب الرسالة الذي هو اللبنة الاولى في التصنيف الاصولي. ثم توالى التأليف والتصنيف في الاصول مختصرا موجزا على شكل رسائل. وكانت بعيدة الى حد كبير عن تلك الايرادات جاءت الكتب التي اسست لعلم الكلام ومسائل العقيدة على تقرير المعتزلة في طيات وفي فصول وفي مباحث علم الاصول وكان ذلك على ايدي الاوائل كالقاضي عبدالجبار المعتزلي والقاضي ابو الحسين البصري المعتزلي. ثم جاءت الاشاعرة فالفت في الاصول وكان في مباحث الاصول مجال ومتسع للردود على مذاهب المعتزلة ومنطلقاتهم العقدية فيما اوردوه في كل مسألة حسبها وفي كل فصل اوردوا فيه تلك المسائل. وكان من اوائل من صنع ذلك الامام القاضي ابو بكر الباقلاني في التقريب والارشاد. ثم جاء من بعده تتابعوا على هذا المنحى فجاءت تلك الكتب التي عدت اصولا وعمدا في التأليف الاصولي في في علم الاصول الفقهية كبرهان الجويني مثلا ومستصفى الغزالي ومحصول الرازي واحكام الاامدي فاصبحت هذه المسائل تأتي على انها جزء من هذا العلم ويحرر فيها ويثار فيها النقاش ويطول فيها الكلام فيما يتعلق بهذا. وهذا واحد منها هل يشترط في الامر الارادة او لا لا علاقة لها هنا اطلاقا هي مسألة عقدية بحتة. والخلاف فيها راجع الى قضية الايمان بالقدر. ومذاهب اهل الاسلام فيه ما القدر الذي يجب الايمان به؟ وما مذهب الطوائف المنتسبة للاسلام في القدر؟ هل العبد مجبور؟ ام هو حر مختار متصرف بافعال نفسه ولا شيء سابق عليه في القدر المحتوم السابق على خلقه. هذه المذاهب بين قول وبين قول بنفي القدر جاءت اثارها في مذاهب هؤلاء. المعتزلة مفاة قدر. والاشاعرة وسط بين القول الجبر وبين القول بخلق العبد فعل نفسه فقالوا بما يسمى بالكسب عند كثير من متأخريهم. فظهرت هذه المسألة. هل هل الارادة شرط في الامر؟ يعني هل يشترط في الامر حتى يكون امرا ان يكون مريدا للامر؟ تقول المعتزلة نعم ولا يسمى الامر امرا الا اذا اردت منه ان يكون امرا. ودليل ذلك انه ربما تكلم النائم وهو نائم ولا يسمى كلامه امرا وهو يقول لزوجته هاتي كذا واصنعي كذا ويتكلم في منامه فيقول افعلوا وافعلوا. فيلفظ بصيغة الامر وليس امرا. وعلة ذلك عندهم ان الارادة غير متحققة فيه. والاصل عندهم بناء هذا على مسائل العقيدة. وان الله عز وجل لو اراد كثيرا مما جاء في نصوص الكتاب والسنة لتبين ان الواقع في الكون على خلاف مراد الله. فالاسلم اذا بين الامرين فتقول لا الله عز وجل ما اراد هذه الاشياء مع امره بها. والاصل ان الامر لا يكون امرا حتى ينضاف اليه الارادة الامر. فاذا انفكت الارادة عن الامر فلا يسمى امرا. ورأوا ان هذا تخلصا من اشكال كبير. امر الله ابا لهب وعلم انه لم يؤمن فكيف اراد الله؟ هل تقول اراد الله شيئا واراد ابو لهب شيئا؟ فغلبت ارادة البشر ارادة رب البشر هذا اشكال اورثهم جملة من الشبهات والاشكالات. ورأوا ان الانفكاك عن ذلك الاتيان بهذا اشتراط الارادة في الامر ولانها ايضا مرتبطة ارتباطا وثيقا بقضية الكلام. والله عز وجل عندهم لا يوصف بكلام. ولهذا قالوا القرآن مخلوق وهكذا قال الاشاعرة في مذهب توسطوا فيه بين اهل السنة والمعتزلة. فقالوا بالكلام النفسي دون اللسان او اللفظي كما يقولون. فنشأ عن هذا ان اوامر الشريعة ما هي؟ وسيأتينا الان في مسألة القائلون بالنفس. هذا انشأ خلافا كبيرا في قضية الامر فاعتزل فاشترط المعتزلة الامر ولذلك يحدون الامر عندهم بارادة الامر. فلا يعرفون الامر الا اذا اشترطوا فيه ارادة الامر. الاشاعرة قالت لا الله عز وجل امر ابليس بالسجود ولم يسجد. والله عز وجل امر ابا لهب بالايمان ولم يؤمن. وامر ابراهيم عليه السلام بذبح ولده اسماعيل ولم يذبحه. فالاشاعرة كذلك يرون ان الارادة ليست شرطا في الامر الطائفتان انطلقوا من خطأ وخلط واحد هو جعلهم الارادة مرادفة للمحبة والرضا. فاورث عندهم هذا الاشكال. وتعلمون تقرير اهل السنة الموجز في هذا وتقسيم الارادة الى نوعين. ارادة كونية قدرية. وهذه لا تستلزم محبة اتى الله ورضاه ويقع فيها ما يقع وفقا لخلق الله المعبر عنها بارادة الله في النصوص الشرعية وهذا لا تنافي فيه فاذا قيل هل اراد الله عز وجل من ابي لهب ان يؤمن؟ ستقول ان كان المراد الارادة الكونية او الارادة الشرعية اما الارادة الشرعية فنعم. احب الله من ابي لهب ان يؤمن. لكنه ما امن. فهل خالفته ابي لهب ارادة الله؟ الجواب لا. لان ارادة الله الكونية اقتضت ان يعيش الرجل كافرا ويموت كافرا. فان فارق موقف وابي لهب ارادة الله عز وجل باحد معانيها فانها لم تخرج عن المعنى الاخر. وبالتالي سلمنا من الاشكال. فاهل السنة لا ينفون اطلاق اشتراط الارادة ولا يقولون باشتراطه باطلاق بل يفرقون بين الامر الكوني والامر الشرعي او الارادة الكونية والارادة الشرعية الارادة الكونية قدرية مرادفة للخلق. الارادة الشرعية مرادفة للامر. تستلزم المحبة والرضا والاولى ليست كذلك. وهكذا للاشكال. قال المصنف رحمه الله هنا واعتبر ابو علي يعني الجبائي وابنه ابو هاشم. ارادة الدلالة باللفظ على الطلب. وهذي طريقة المعتزلة. اعتبروا ارادة الامر في الامر حتى يسمى امرا. فاذا لم تتحقق الارادة فلا يسمى امرا. والصيغة عندهم لا تسمى ما امرا واحد شبهاتهم في هذا ان الامر جاء في اللغة مشتملا على معان متعددة وسيأتينا بعد قليل يأتي الامر للوجوب للاستحباب قبل التهديد للتسخير للتكوين للتعجيز. ما هذا؟ يقول هذا دليل. لان المتكلم لما لم يرد معنى الامر بان امره ما تحقق فيه الامر. وهذه اشكالات. الجواب عنها متعدد. ان هذه حقائق ومجازات. والخروج عنها ليس من باب ارادة وعدم ارادة كلهم اصلوا اصلا ثم نزلوا عليه القواعد وبنوا عليه كثيرا من هذه القضايا. عمليا نحن لا حاجة الينا في مثل المسائل امر الله عز وجل في الكتاب وامر نبيه عليه الصلاة والسلام في السنة هو محل امتثال العبد وهو مناط التكليف. ولا داعي الى ان اقول مراد وغير مراد. الالتزام بامر الله عز وجل على مقتضى اتبع ما يوحى اليك. ان اتبع الا ما يوحى الي. فما جاءنا من امر في كتاب الله وفي سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام فمحله الامتثال. والسمع والطاعة انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا. قال واعتبر ابو علي وابنه ارادة الدلالة باللفظ على الطلب. ايش قال السبكي؟ قال طلب بديهي يعني يعني ما يحتاج الى ارادة. ادراك معنى الطلب اذا قال لك العربي وطلبك ان تفعل شيئا. قال اسقني ماء قال اسكت قال اخرج قال اقبل قال اجلس هذا طلب. قال الطلب بديهي. قال والامر غير الارادة خلافا للمعتزلة الصواب ايضا ان تقرير الاشاعرة على الاطلاق بالمفارقة بين الامر والارادة مطلقا ايضا لا يستقيم وسيورث اشكالات وهي كذلك والصواب عدم نفيه باطلاق وعدم اثباته باطلاق