بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله وخليله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم اما بعد ايها الاخوة المباركون فهذا بفضل الله تعالى وتوفيقه مجلسنا السابع عشر في شرح متن جمع الجوامع للامام تاج الدين ابن السبكي رحمة الله عليه. وقد وقف بنا الحديث في مجلس ليلة الاسبوع الماضي عند بدايات الامر بعد ان انتهينا من تعريفه. والحديث عن صيغه ومعانيه الدالة عليه. وتقدم بكم ان الذي عليه جمهور اهل العلم من مختلف المذاهب ان صيغة افعل اذا جاءت يراد بها الامر فان حقيقته لتنصرفوا اليه في نصوص الشريعة كتابا وسنة هو معنى الوجوب. ويستفيد اهل العلم حكم الواجبات من مثل هذا الصيغة في نصوص الكتاب والسنة. واليوم معنا بعون الله تعالى تفريعا على هذا الاصل الكبير. جملة من المسائل لعله يسع مجلسنا الليلة ان نأخذ منها ثلاثة او اربعة بقدر ما يتسع له الوقت والمقام باذن الله تعالى. حديثنا اليوم عن جملة من دلالات الامر ومر بكم في مجلس الاسبوع الماضي ان دلالة الامر يهتم بها الاصوليون من نواح متعددة جماعها ثلاثة. اولها دلالة الامر من حيث الحكم. وثانيها دلالة الامر من حيث الزمن فورا او تراخيا وثالثها دلالة الامر من حيث العدد مرة او تكرارا. هذه اصول مسائل الامر ودلالات عند الاصوليين لانها هي المؤثرة في الاحكام. وشغل الاصوليين كما تعلمون هو النظر في نصوص الشريعة للوصول الى الاحكام. فالاحكام ثمرة. وهذه العلوم الة يستخدمها الفقيه والمجتهد والناظر في الادلة بغية الوصول الى هذه الثمرات. فالاحكام الشرعية من نصوص الشريعة ثمرة. ويسعى المجتهد مستخدما هذه الوسائل للوصول اليها. فاذا كانت اولى الثمرات هي ان الامر بصيغة افعل يستنبط منها الوجوب في كل ما توجه اليه من مقتضيات فان هذا الباب وهذا الاصل ايضا يتطرق اليه بعض ما يؤثر عليه. سنأخذ دلالة الامر في مجلسنا الليلة ان شاء الله من حيث الزمن ودلالته ايضا من حيث العدد. لكن قبل ذلك سنمر على المسألة المشهورة التي يعرفها عامة طلبة العلم وهي قولهم دلالة الامر بعد الحظر. وهذه المسألة هي فرع عن دلالة الامر في الاصل انهم كما مر بكم فان كافتهم على انه للوجوب. اما اذا جاء الامر اذا جاء الامر مسبوقا بحظر في ذات الفعل الذي توجه اليه الامر اي متعلقه فان هذا السبق بالنهي مؤثر على دلالة يعني فرق في نصوص الشريعة بين ان يكون الامر ابتداء يأمرنا الله جل جلاله فيقول اقيموا الصلاة. يأمرنا فيقول اتوا الزكاة يأمرنا فيقول وبالوالدين احسانا. يأمرنا فيقول كتب عليكم الصيام كما كتب ما على الذين من قبلكم وامثال هذا فالامر ابتداء في نصوص الشريعة له حكمه الذي تقرر معنا سابقا وهو افادة الوجوب لكن هذا الامر اذا جاء مسبوقا بنهي بمنع بحظر بتحريم فان مجيء الامر بعده يتأثر بسبق النهي عليه. وهذا ات يا كرام من جهة اسلوب العرب ولسانها. فانك مثلا لو خاطبت ابن ابنائك او طالبا من طلابك تنهاه عن شيء ما. فتقول له لا تخرج. تقول له لا تجلس. تقول له لا ثم اعقبت هذا النهي بامر في ذات المنهي عنه. فانت قبل مدة قلت له لا تخرج. ثم قلت له اخرج اخرج وهي على صيغة افعل. هل هي امر له تريد منه الامتثال؟ بحيث يترتب عليه العقاب او او المذمة ان خالف اذا قولك افعل ها هنا ليس كقولك ابتداء ان تأتي اليه فتقول له افعل اذا هذا الاسلوب الذي يفهمه العرب في مخاطبة الامر للمأمور الاب لولده المعلم لتلميذه السيد لعبده وهكذا كل امر ومأمور يفهمون منها بمقتضى اللسان العربي ان الامر ان جاء بعد نهي ليس له في قوة الامر ما للامر الذي يأتي ابتداء. ولان نصوص الشريعة بلسان العرب فانه يجري عليها في الفهم ما يجري على اسلوب العرب في خطابها وحوارها وتفاهماتها. كما قرر ذلك الشافعي رحمه الله كثيرا في كتابه العظيم الرسالة واكد على ان تعامل المجتهد مع النصوص ينبغي ان ينطلق من وفق اللسان العربي في طريقته واسلوبه واستعماله ومخاطباته. من هنا جاءت هذه المسألة ويتعلق بطرف منها ايضا مسألة الامر اذا جاء بعد اذن. اذا جاء بعد طلب بعد استئذان اذا جاء بعد سؤال تعليم فكل هذا لا يحمل فيه الامر بصيغة افعل من القوة في الدلالة ما الذي يأتي ابتداء ولهذا فان الاصوليين لما يتكلمون عن الامر في دلالته من حيث الاصل يصرحون فيقولون الامر المطلق يعني الذي لا يؤثر عليه شيء من الدلالات. الذي لا يرتبط به شيء من المؤثرات. واذا ارادوا غيره فقالوا الامر الوارد بعد الحظ قالوا الامر الوارد بعد سؤال تعليم وارشاد الامر الوارد بعد استئذان. فهذه كلها يعتبرونها مؤثرات في دلالة الامر وتعتبر في السياق لها اثرها الذي يخرج بالامر من الوجوب الى دلالات اخر وقع فيها الخلاف. فهذه اولى مسائل الليلة ان شاء الله تعالى مسألة امر الوالد بعد حظر. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله وغفر له شيخنا وللسامعين فان ورد الامر بعد بعد حظر قال الامام او استئذان فللاباحة. وقال ابو الطيب والشيرازي والسمعاني والامام للوجوب. وتوقف امام الحرمين. طيب. هذي مسألة اوجزها ابن السبكي رحمه الله تعالى في الجملتين ان سمعتموها قبل قليل. لكن قبل هذا وقبل ذكر المذاهب والاقوال التي اوردها السبكي رحمه الله كعادته في هذا المتن المختصر يوجز الاقوال وقائليها ويطوي احيانا في ضمن الخلاف ذكر الادلة. يطويه اختصارا بحكم ان عليها راجع الى الشروح ويعود اليها الباحث عنها هناك. وكذلك الامثلة وما اشبه. فهو يعمد رحمه الله في هذا المتن المختصر الى ذكر المسألة عنوانا والمذاهب اختصارا ويمضي كذلك وينتقل الى مسألة فقضى حديثه في المسألة في هذين من سطرين. قال فان ورد الامر بعد حظر قال الامام او استئذان هذه جملة اعتراضية. فان ورد الامر بعد حظر وعند الرازي يقول بعد حظن او استئذان فجعل المسألتين مسألة واحدة. فللاباحة هذا المذهب الذي صدر به المصنف. وقال ابو والشيرازي والسمعاني والامام للوجوب. هذا المذهب الثاني الذي حكاه. قال وتوقف امام الحرمين فهذا ثالث المذاهب. التي عليها المصنف رحمه الله ها هنا. اعلم حفظك الله ان سورة المسألة في امثلة شرعية كثيرة جاءت في نصوص الكتاب والسنة امر ورد بعد حظر كما قال هنا. قال الله عز وجل واذا حللتم فاصطادوا بعد نهيه سبحانه وتعالى المحرم عن الصيد. قال وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما فيحرم على المحرم يحرم على المحرم الصيد. حال احرامه وهذا معدود في محظورات الاحرام كما تعلمون. ثم قوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا والاحلال يكون بعد الاحرام. فهذا امر وقع بعد في قوله اصطادوا ولم يقل احد من الفقهاء ان من واجبات الاحرام بعد التحلل منه ان يذهب المحرم ليصطاد لان الله به بقوله واذا حللتم فاصطادوا. مثل ذلك ايضا قول الله سبحانه وتعالى ويسألونك عن المحيض قل هو اذى فاعتزلوا النساء في المحيض فهذا نهي وهو للتحريم فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن قال فاذا فأتوهن فهذا امر ايضا. وهو صريح في صيغة افعل. ولم يقل احد من الفقهاء انه من الواجبات بين الزوجين اذا طهرت المرأة من حيضها ان يأتيها زوجها. لانه امر بعد حظر. مثله قوله سبحانه وتعالى فاذا اخا الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين. الامر ها هنا واقع بعد حظر وهو الامساك عنهم حال المدة التي وقعت فيها المهاداة قوله عليه الصلاة والسلام فاذا اقبلت الحيضة فاترك الصلاة. هذا منع ثم قال فاذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي هذا امر جاء بعد نهي مثله ايضا قوله عليه الصلاة والسلام كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فنهى ثم امر قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي اراد ان يخطب امرأة وقد سأله هلا نظرت اليها؟ قال لا. قال اذهب فانظر اليها. والامر ها هنا واقع بعد حظر هو اصل في الشريعة وهو منع الرجل عن اطلاق البصر الى المرأة التي لا تحل له ممن لا تعد في محارمه. فهذه امثلة كثيرة. انت ترى الاحكام ايضا فيها مختلفة. فبعضها امر يحمل على الوجوب مثل قول فاغسلي عنك الدم وصلي وبعضها يأتي للاستحباب مثل قوله كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها. استحباب زيارة المقابر ومنها ما يأتي الى الاباحة مثل فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض عن الجمعة يعني وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون فترى الان فقهيا فقهيا بعض الاوامر التي جاءت بعد حظر حملت على الوجوب وبعضها على الاستحباب وبعضها على الاباحة. هذه الفروع الفقهية تحتاج الى ان نضبط فيها الاصل الذي يبني عليها الفقهاء هذا الصنيع فهذا مذهب تتعدد فيه الاحكام في اصل واحد وباب واحد. فما القاعدة؟ القاعدة ها هنا هي التي يراد الاشارة بمسألة الامر الوارد بعد حظ وهو كما اسلفت لون لون من دقيق تعامل الفقهاء مع نصوص الشريعة ومن جليل تعظيمهم لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ان يحملوه على اوفى المحام فهما ودقة واستنباطا. وان يكون لهم نظر واف وعناية بالغة في فهم مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ثم قعدت هذه القواعد واصلت هذه الاصول. فقوله ما الامر الوارد بعد حظر دلالة على تأثير السياق اذا فهذه مذاهب حكاها المصنف رحمه الله تعالى هنا بقوله فان ورد الامر بعد حظر فللاباحة. هذا المذهب الذي صدر به المصنف ورجحه وابتدأ به المذاهب قوله للاباحة. هذا المذهب الذي رجحه السبكي المحكي عن شافعي وينسب اليه وينسب كذلك الى احمد وانه مذهبه وعزاه كثير من الاصولين الى انه مذهب كثير من الفقهاء جحو كذلك ابن الحاجب من الاصوليين. ينسب الى الشافعي في بعض الكتب فيما ليس منصوصا في الرسالة ولا في صريح مصنفاته التي خطها بقلمه رحمه الله قوله واوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تحتمل معاني منها الاباحة كالامر الوارد او كالاوامر الواردة بعد الحظر. كقوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا. حكى هذه الجملة مثل البيهقي في احكام القرآن وغيره من فقهاء الشافعية. فينسب الى الامام الشافعي صراحة ان هذا مذهبه وينسب الى احمد وهو مذهبه المتقرر فقهيا وهو مذهب كثير من الفقهاء ان الامر الوارد بعد الحظر محمول على الاباحة. ما مأخذ هذا القول؟ اليس يقولون ان الامر دلالته الوجوب فما الذي حمله ها هنا على الاباحة؟ نعم ورود الحظر قبله قرونه قرينه صارفة للامر عن دلالته في الوجوب الى الاباحة. ويستدلون بامر اخر. وهو غلبة وقوع هذه الصيغة في نصوص الشريعة دالة على الاباحة. ذكرت لكم جملة من الامثلة. قالوا لو تأملت لوجدت ان غالبها حمل فيه الامر الوارد بعد حظر على الاباحة فلنجعله اصلا. فاذا قيل لهم طيب وكيف تفعلون في مثل قوله؟ فاغسلي الدم وصل لي قالوا كل ما خرج عن هذه القاعدة فالاستثناء ولقرينة دلت عليه ولابد لكن الاصل ينبغي ان يكون قاعدة مطردة. الدليل الاول عندهم وهو كونه قرينة محل نقاش. فمن لا يقول بهذا المذهب لا يسلم به لا يعتبر ورود النهي السابق قرينا. بل يقول القرينة هي ما تأتي مقارنة للامر او معقبة به وليس قبله من لا يقول بالاباحة يقول ان القرينة انما تكون مؤثرة اذا جاءت مع الامر او جاءت بعده. اما ان يكون قبل فكيف يكون قرينة يؤثر فيما سيأتي بعده؟ هذا جواب. وايضا لم يسلموا بان الغالب في المسائل التي جاءت فيها امر بعد حظر انها انصرفت الى الاباحة. وهذا ايضا صحيح. دعوى الغلبة ها هنا غير مسلمة لان النصوص متفاوتة. وضربت لكم امثلة بما حمل على الوجوب وعلى الاباحة وعلى الاستحباب. فلا يسلم هذا اطلاقا. اذا هذا مذهب رجحه المصنف وذكرت لك من قال به من الاصول والفقهاء قال رحمه الله تعالى هنا وقال ابو الطيب الطبري من فقهاء الشافعية والشيرازي ابو اسحاق صاحب اللمع وشرح اللمع تبصرة والسمعاني صاحب قواطع الادلة والامام يعني الرازي للوجوب. هذا المذهب الثاني ان الامر الوارد بعد حظر يحمل على الوجوب يعني يعني على الاصل يعني لا اثر لتقدم الحظر الوارد قبله وهؤلاء هم الذين لا يسلمون للمذهب الاول بان الحظر السابق قرينا. يقولون انما تكون قرينا اذا جاء معه او بعده اما قبله فلا فهؤلاء على الاصل واذا طولبوا بالدليل قالوا نحن على الاصل انما يطالب بالدليل من يزعم انصراف الامر عن غير الوجوب من يقول انه للاباحة من يقول بغير مذهب الوجوب هو الذي يطالب بالدليل فاما من بقي على الاصل فلا لا يطالب ولا يثبت قوله فيحتجون بانهم على الاصل. وان ما عداه ينبغي ان يطالب بالدليل وليس العكس. هذا المذهب الذي ذكره ها هنا الامام السبكي رحمه الله عن ابي الطيب والشيرازي والسمعاني والامام الرازي هو مذهب كثير من الشافعية. وعامة متأخر الحنفية كذلك والامام الطبري المفسر والامام الباجي ومتقدم المالكي كما يقول القرافي والمعتزلة. كل هؤلاء يرجحون ان دلالة الامر بعد الحظر باقية على ما هي عليه قبل الحظر. ويبقى اصل الوجوب مطردا هؤلاء دلالة الامر عندهم في غاية القوة. لا يؤثر فيها سبقه بحظر ونحوه. اذا ما جوابهم عن المسائل التي ورد فيها الامر بعد حظر محمولا على الاباحة. يقولون هذا مجاز هذا لقرينة خرج لقرينه فاذا جاء واذا حللتم فاصطادوا يقول لك لا ثبت ان النبي عليه الصلاة والسلام اصطاد ولا امر احد اصحابه بعد حجة الوداع يصطاد ففهمنا من هذا الصنيع ان الامر ليس للوجوب. والا لو لم تكن هذه القرينة كاجماع مثلا او كدلالة من فعله عليه الصلاة والسلام لكان ذلك دلالة قوية لكن لما لم يوجد فانهم لا يحتاجون الى صرفه ويقطع على ما هو عليه. وهكذا ماذا سيجيبون في كل مثال؟ يقول الاصل للوجوب فاذا وجدت قرينة صرفته للاستحباب صرفته للاباحة ونحو هذا. المذهب الثالث كما هنا السبكي رحمه الله قال وتوقف امام الحرمين. امام الحرمين ابو المعالي الجويني رحمه الله لما ساق الخلافة ففي هذه المسألة قال في برهان ما نصه الرأي الحق عندي الوقف في هذه الصيغة. اي صيغة صيغة افعل اذا جاءت بعد حظر. قال الرأي الحق عندي الوقف في هذه الصيغة. فلا يمكن القضاء وعلى مطلقها وقد تقدم الحظر لا بالايجاب ولا بالاباحة. فان كانت الصيغة في الاطلاق موظوعة للاقتظاء فهي مع الحظر المتقدم مشكلة. فيتعين الوقوف الى البيان. وورث هذا التوقف تلميذه الغزالي فقال بالوقف وبالتالي ما معنى الوقف عند امام الحرمين وعند الغزالي؟ ان الامر بعد حظر يحتاج الى قرينة فلا اقول بالوجوب مطلقا ولا اقول قل بالاباحة مطلقة ولا اقول بالاستحباب بل كل مسألة بحسبها. فانظروا في كل مسألة. فبالتالي يقول في هذه بالوجوب ويقول في بالاباحة ويقول في هذه بالاستحباب. لان هذا مذهبه. ان الامر بعد حظر ليس له صيغة تضطرد. وانما ينظر في كل مسألة وبالتالي هو يتوقف الى بيان وهو كما سمعت في كلامه لا يقضي باحدى الدلالتين لتكون اصلا مضطردا كما يقول على مطلقها ولا يقرر هذا مذهبه بهذه الطريقة اسلم من المذهبين الاخرين فيما؟ فانه لا يحتاج الى اجابات عن خلاف اصله. من قال للوجوب يحتاج الى جواب عما حمل على الاستحباب والاباحة. من قال للاباحة يحتاج الى جواب عما بقي على الوجوب او الاستحباب اما هو فلا يحتاج لانه لا يزعم اصلا مطردا. فكل مسألة يقول فيها بقول فاذا قيل له لا اصل لك قال انا متوقف. ليس عندي قاعدة المطردة فيما كانت هذه صيغته في الامر الوارد بعد افعل اذا كانت للحظر. اذا هذا هو صنيع المصنف رحمه الله في المذاهب الثلاثة التي حكاها اولها انها للاباحة وهو ما رجحه ثانيها انها للوجوب وهي ما عليه كثير من الاصولين والفقهاء ثالثها انها على التوقف كما حكاه عن امام الحرمين والغزالي كذلك آآ قائل به. هذه ثلاثة مذاهب من بين سبعة مذاهب محكية في كتب الاصول. فيها توسع عما ذكره المصنف ها هنا. فهو كما سمعت ذكر الوجوب والاستحباب ومن الاصوليين من قال بالاباحة. وقوله للاباحة آآ هو الاباحة مذكور هنا من الاصوليين من قال بالاستحباب فهذا قول الرابع. وقول الخامس بالتفريق بين صيغة افعل وبين صريح الامر بقوله امرتكم او امركم فان كان صريحا بلفظ الامر نحو امرتك او امرك انه يحمل على الوجوب واذا كان بصيغة افعل فانه يحمل على الاباحة فيفرقون بين الصيغتين. مذهب سادس وهو المشهور شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه في دلالة الامر بعد الحظر ان غاية ما في الامر ان يرفع السابقة فاذا رفع الحظر عاد الامر الى ما كان عليه قبل الحظر فما كان قبل الحظر على الاباحة رجع الى الامام اباحة وما كان على الوجوب رجع الى الوجوب وما كان على الاستحباب رجع اليه كذلك. فيجعل هذا اصلا هذا المذهب نصره شيخ الاسلام جدا في في مواضع من كلامه قال وهو المعروف عن السلف والائمة. وانه لا يصح ان تضطرد عندك القاعدة بانه يحمل على الوجوب او الاستحباب. طريقة شيخ الاسلام مآلها في التطبيق الى طريقة امام الحرمين غير انه جعل اصلا وامام الحرمين توقف فيه. فكان اسد مسلكا في تقريرها قاعدة. وهو يعني في تصور كره ايضا التخيلي واضحة عندك نهي سابق. فلما جاء الامر غاية ما يفعل الامر ان يرفع الحظر. فاذا رفع الحظر الامر لا يقرر الامر ينهي دلالة الحظر السابق في المنع والتحريم. ثم يعود الامر الى ما كان عليه. فما كان مباحا عاد اليه يسلم به تطبيق الامثلة فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض. وابتغوا من فضل الله. ما حكم البيع والشراء في الاصل؟ الاباحة فلما جاء النهي وذروا البيع جاء الامر بعده ليرفع النهي فقط فعاد البيع والشراء الى الاباحة. الاباح على قول الجمهور وان كان يؤثر عن مثل سعيد ابن جبير سيد التابعين رحمه الله انه يقول اذا انصرفت عن الجمعة فساوم بشيء وان لم تشتره. يرى يعني هذا اقرب الى تطبيق قوله تعالى فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله وفيها اثار عن بعض السلف بالندب الى مثل هذا الصنيع قل اه فانتشروا في الارض يقول يعود الى اصله. فاتوهن من حيث امركم الله يعود الى اصله. اه فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين عد الى اصله فحمل هذا على الوجوب هذا على الاباحة هذا على الاستحباب. كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها. ما حكمها كانت مباحة؟ فلماذا فيها بالاستحباب قالوا لقرينة فانها تذكركم الاخرة. النظر الى المخطوبة الاصل فيه المنع كنت بالامر غض البصر. جاء قوله فاذهب فانظر اليها. ويقولون اذا رفع الحظر عاد الى الاباحة فلماذا قيل بالاستحباب؟ قالوا ايضا لقرينة التعليم فانه احرى ان يؤدم بينكما وهكذا. فتبقى القرائن ايضا مؤثرة في الدلالة هنا فيقررها على هذا النحو. هذا مذهب سادس منسوب لبعض اهل العلم كشيخ الاسلام ابن تيمية المذهب السابع محكي عن القاضي ابي بكر الباقلاني وهو تقسيم لطيف ايضا لا يبعد كثيرا عن هذا يقول يفرق في الامر الوارد بعد حظر بالنظر الى الحظر ونوعه. والحظر نوعان فان كان حظرا لعلة عارظة فان الامر الوارد بعده يرفع الحظر يرفع الحظر ويثبت الاباحة. وان كان الامر الوارد ابتداء ان كان الحظر واردا ابتداء لا لعلة عارضة. فان الامر يرفع الحظر ويؤدي دلالة الامر الابتدائي يعني الوجوب. هذا التفصيل ذكره القاضي ابو بكر الباقلاني في التقريب والارشاد وحكاه وكثير من الاصوليين من جاء بعدهم فهذه سبعة مذاهب. اقتصر فيها المصنف رحمه الله تعالى هنا كما سمعت على الثلاثة هنا في آآ الاباحة والوجوب وتوقف امام الحرمين. يبقى ان تعلم وفقك الله ان هذه المذاهب الثلاثة هي في الامر الوارد بعد حظر. في الجملة الاعتراظية التي قال فيها السبكي قال الامام او استئذان هذه مسألة يجعلها بعض الاصوليين مستقلة ما حكم الامر الوارد بعد استئذان؟ وقريب منه الامر الوارد بعد سؤال تعليم. بعد استئذان ان يستأذن احد النبي صلى الله عليه وسلم في شيء فيقول له افعل. او ان يسأله سؤال متعلم مسترشد فيقول له افعل. فهذا دلالة الوجوب عند كل من لا يقول ها هنا بالوجوب. لكن المذاهب لا تمتد فيها الى سبعة كما هي ها هنا. وابن السبكي اجا المسألتين مع بعضهما قال وقال الامام او استئذان. مثال ذلك حديث الصحيحين من رواية ابي بكر رضي الله عنه فقال للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي. فقال قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك. وارحمني انك انت الغفور الرحيم. الان هذا صريح امر. قال قل السائل ابو بكر والمسؤول رسول الله صلى الله عليه وسلم والقضية صلاة. فكل القضايا في هذه في هذه الحادثة عظيمة الشأن ومع هذا لم يقل احد من الفقهاء ان هذا الدعاء من واجبات الصلاة. مع صريح الامر به. ايضا قريب منه من يقول من الفقهاء بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الاخير. مستندا الى قوله عليه الصلاة والسلام لما سئل قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. قالوا فلما امر والامر للوجوب اذا الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة واجب التقرير وهذا الاستبدال ضعيف. لان امره عليه الصلاة والسلام جاء بعد سؤال. والامر بعد سؤال ليس كالامر المبتدأ. فتضعف دلالات فمن يقول بالوجوب عليه بدلالة اخرى غير هذا الحديث. او بسياق او بقرينة اخرى. وهكذا تفهم ان الامر ان جاء بعد سؤال فلا يقوى في دلالته على الوجوب كالامر الذي يأتي ابتداء. مثله ايضا في هذا السياق لما سئل عليه الصلاة والسلام انتوضأ من لحوم الابل؟ قال نعم. وكما يقولون السؤال معاد في الجواب. يعني نعم توضأ لحم الابل او توضأوا من لحوم الابل وهي كذلك بلفظها في بعض الروايات. هذا حمله الحنابلة كما تعلمون على الوجوب في وضوء من اكل لحم الابل واعتبروا اكل لحم الابل ناقضا. وعمدتهم هذا الدليل. فيقول الجمهور في مناقشة الحنابلة في الاستدلال دينكم لا يستقيم لان الامر ها هنا وان كان امرا الا انه جاء بعد سؤال والامر بعد سؤال لا يفيد الوجوب فان حمل على الاباحة وعلى الاستحباب لكنه لا يقوى على الوجوب عند كثير من الفقهاء ومحمول على الاباحة عند عامتهم. فلا يستقيم بهذا فوجهوه بتوجيه اخر. فقالوا صحيح لو كان القدر في الحديث المروي على هذا ما استقامت دلالة الوجوب فيه لكن استقام الاستدلال بتتمة الحديث لما سئل عن لحم الغنم انا توضأ قال ان شئت فلما فرق صلى الله عليه وسلم في جوابه بين لحم الابل ولحم الغنم. تبين ان مقصود التفرقة يقتضي بعدم التسوية بينهما. فان كان الوضوء من لحم غنمي مباحا وعبر في الجواب بقوله ان شئت فهمنا ان قوله نعم هناك توظأ لا يدل ابدا على التسوية ولا على الاباحة بل هي على درجة اعلى فهي والوجوب. وهكذا فسيكون من دقة النظر اذا ما وقفت على دليل فيه صيغة امر لكنه وجاء بعد سؤال او استئذان او سؤال تعليم كما يقولون فانه لا يقوى الحمل فيه على الوجوب ويحتاج الى قرينة اخرى او سيبقى دلالته اقل من الوجوب ومحلا منازعة عند الفقهاء في استقامة الاستدلال به على الوجوب. هذه مسألتان جعل المصنف رحمه الله الكلام فيهما واحدا وحكى فيها ثلاثة مذاهب وعرفت باقي المذاهب الاخرى فيها