اما النهي بعد الوجوب فالجمهور للتحريم. وقيل للكراهة وقيل للاباحة وقيل لاسقاط الوجوب. وامام الحرمين على وقفه. هذه عكس المسألة السابقة. فهي بنت عمها. الاولى الامر بعد حظر وهذه النهي بعد الوجوب. والنهي بعد الوجوب يعني يعني في امثلتها ان امر في الشريعة محمول على الوجوب جاء بعده نهي في النصوص الشرعية عنه. قال الله عز وجل كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين وكتب او كتب يدل على الوجوب كما تقدم معكم. فكانت الوصية للوالدين والاقربين واجبة. ثم جاء النهي بعد كما في سنن الترمذي وقال حسن الصحيح ان الله اعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. هذا نهي لا وصية نفي ودلالته يعني لا توصوا لاحد الورثة والوالدان وارثان فلا يصح الوصية لهما هذا نهي بعد بعد وجوب هذا نهي بعد امر وجوب سابق مثله ايضا حديث ابي هريرة رضي الله عنه في البخاري قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال ان وجدتم فلانا وفلانا فاحرقوهما بالنار. ثم قال حين اردنا الخروج اني امرتكم ان فلانا وفلانا وان النار لا يعذب بها الا الله فان وجدتموهما فاقتلوهما. قد تقول هذا امر بعد امر قال اولا احرقوهما ثم قال في الاخرى فاقتلوهما لكنه جاء في رواية اخرى عن ابن عباس قال لا تعذبوا بعذاب الله. هذا نهي بعد امر في قوله فاحرقوهما. فالذي عليه عامة الفقهاء ان النهي اذا جاء بعد امر ناسخا له ومعنى النسخ كما تعلم هو ابطال دلالة السابق تماما وبالتالي زالت دلالة الامر زالت الوجوه فاذا زالت دلالة الوجوب بقي النهل النهي على حاله كحاله ابتداء والنهي اذا جاء ابتداء محمول على تحريم فهكذا قال المصنف رحمه الله اما النهي بعد الوجوب فالجمهور للتحريم. وهذا قول كافتهم فلماذا قال الجمهور ها هنا انه للتحريم ولم يقولوا في الامر الوارد بعد حظر كذلك. هذه احدى الجهات التي يفترق فيها الامر عن النهي في قوة الدلالة. النهي اقوى. واذا تعارض حاضر ومبيح قدم حاضر عند كثير منهم والنهي في دلالته يستلزم الاستدامة والفورية ويقتضي في الامتثال دوام الكف بخلاف الامر في كل ذلك يحصل الامتثال بمرة في الفورية في الامتثال خلاف في الاستدامة عليه والتكرار كل ذلك ليس في قوة النهي. ومن قوة النهي انه اذا جاء بعد امر طغى عليه. والامر اذا جاء بعده فغاية ما يقوى عليه الامر عند كثير منهم ان يفيد الايمان اباحة عند بعضهم الاستحباب عند بعضهم للوجوب. فليس قوة الخلاف في الامر بعد حظر كما هو في الحظر بعد امر او النهي بعد وجوب كما قال المصنف رحمه الله. قال فالجمهور للتحريم وهم يفرقون وان النهي اكد كما ترى. الجمهور ها هنا سواء ممن قال هناك ان الامر بعد الحظر للوجوب او من قال هناك ان الامر بعد الحظر للاباحة. كثير منهم اشترك ها هنا في هذا القول قال رحمه الله وقيل للكراهة هذا القول الثاني. وانت تفهم الان لما يقول للكراهة يعتبرون الذي جاء بعد نهي عفوا يعتبرون النهي او التحريم الذي يأتي بعد الوجوب فانه تضعف دلالته عن التحريم الى الكراهة وكانهم يرون قوة الامر واثره في اضعاف دلالة النهي. وقيل للاباحة هذا القول الثالث وها هنا عند القول بالاباحة فانهم يجعلونه في مثابة الامر الوارد بعد حظر. فيسوون بين المسألتين الامر بعد حظر حظر بعد امر ويعتبرون كلاهما او يعتبرون كليهما يقتضي الاباحة. والكراهة ايضا قياسا على ان الامر بعد الحظر يقتضي استحباب فكذلك الحظر بعد امر يقتضي الكراهة على ان النهي يرفع الطلب. قال رحمه الله وقيل اعطي الوجوب. فاذا سقط الوجوب ماذا يكون؟ اذا سقط الوجوب يعني ما الفرق بين قوله لاسقاط الوجوب وبين قوله هناك الجمهور للتحريم ها مستحب هذا الان في في القول الاخير وقيل لاسقاط الوجوب عن النهي في تأثيره يظعف دلالة الامر السابق فيدفعه عن الوجوب قد يبقى للاستحباب وقد يبقى للاباحة وقد يقوى النهي فيكون حاملا على التحريم وفي الامثلة التي ذكرت لك في في هذين المثالين في قوله كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت وفي قوله آآ لا تعذبوا بعذاب الله حمل فيها على التحريم عند عامة الفقهاء فكان الاقوى هو تطبيقا عمليا كما قال المصنف رحمه الله في مذهب الجمهور. قال اخيرا وامام الحرمين على وقفه. يعني كما توقف تتوقف هنا والمأخذ عنده واحد ومقتضى الاضطراب في التقعيد ان يستوي عنده المذهب في المسألتين. فهو هكذا مضطرد في تقريره وهذا يعتبر سدادا في المنهجية بغض النظر عن الموافقة في النتيجة. لكن تعتبر صاحب المذهب ها هنا منهجيا. يسير على بصيرة وتقعيد واضح مضطرد يختلف لا يختلف باختلاف الصور. الغزالي رحمه الله في المنخول قال عبارة قد يفهم ومنها رفع الخلاف في هذه الصورة في النهي الوارد بعد الوجوب. قال اجمع القائلون بان صيغة النهي للتحريم على انه ان تقدمت صيغة الامر عليه لا تغيره. المذهب الذي حكاه هنا السك يعني الجمهور حكاه الغزالي معا فحكاه اجماعا مع وجود الخلاف فيه لكن القول ها هنا محكي في المنخول. وانت تعلم ان اقوال الغزالي انما يعتبر فيها في مذاهب الاصول وترجيحه ورأيه المختار على ما قرره في المستصفى لا على ما قرره في المنخول لما لان المستصفى هو عصارة اجتهاده ورأيه. واما المنخول فكتبه في ابتداء الطلب لما كان تلميذا جالسا عند شيخه بالمعالي. وكان غالب ما يقرره في المنخول هي اراء شيخه امام الحرمين وتقريراته وينتصر ويرجح كعادة الطلبة في التأثر بما يقرره اساتذتهم وشيوخهم. لكنه لما استقل ونضج فكره الا في المستصفى فهو الذي يعبر عن شخصيته واختياراته وترجيحاته. الا ان المنخول فيه فوائد جمة لا يعني هذا التقليل من شأنه لكن عندما يتعارض تقرير الغزالي في الكتابين في مسألة واحدة فان المعول في ترجيح رأي الغزالي هو ما قرره اخيرا في المستشفى بل يذكر انه رحمه الله لما اتم المنخول وهو جهد طالب يتتلمذ على يدي شيخه دفع او الى شيخه لينظر فيه وليقيمه ويعطيه رأيه فيه. فابصر فيه امام الحرمين وقلب ثم عاده اليه قائلا يا هذا دفنت وانا حي يعني انه حوى تقريرات شيخه ورأيه فقال دفنتني وانا حي يعني كاني لا حاجة لي لا حاجة الى الناس وهذا الكتاب قد حوى ما يريد تقريره الامام الجويني رحم الله الجميع